الفصل الثاني: >> كولوسيوم
(إعدادات القراءة)
انتقال بين الأجزاء
- الجزء 1
7 يوليو، 9ص.
「يا زين النوم...」
「موغينو」
لا تزال موغينو شيزوري مستلقية على سريرها الكبير بعد أن بدأ يوم الطلاب والعمال. ولسبب ما كانت تاكيتسوبو معها في السرير.
فركت الفتاة بعباءة النوم عينها.
「........لِمَ أنتِ هنا؟」
「ليس عندنا أسرّة تكفي」
لم يتغير تعبير تاكيتسوبو الفارغ كما لم تتغير ملابسها. دائما ما كانت ترتدي بدلة رياضية وردية في البيت والخارج وحتى في النوم.
「فجأة صار في الآيتم إثنين، وكل واحدة تتشارك الغرفة مع الأخرى. وأموالنا مجمدة. وأنتِ قلتِ إننا لن نستطيع شراء أثاث جديد لبعض الوقت، تذكرين؟」
「.....」
علّها قالت.
لكنه لم يكن سببًا لتصعد هي إلى السرير معها، أمكنها أن تصنع سريرا من الأريكة أو تأخذ بساط يوغا أو مثل هذا.
「وألم تقولي البارحة أنكِ غدًا ستذهبين للعدْو أول الصباح قبل أن يَحترَّ الجو؟ ربما لم تلاحظي، لكن هذه هي ثالث مرة أوقظك فيها. وقد ارتفعت الشمس عاليا في السماء」
لا شك قد سمعت ضوضاء قعقعة من مختلف العناصر الصغيرة التي كانت في جيب سترة تاكيتسوبو الوردية. يؤلم أن تتقلب على هذا النحو، وهذا يُصعّب النوم عليها.
「آغغ، الآن هلكانة (تعب). بنااام انسي اليوم، وأصلا قد فات أوان الركض. وهي ليست نهاية العالم، لذا سأبدأ غدًا」
「البارحة قلتِ، "لو قلتُ شيئا كهذا اصفعي مؤخرتي حتى تخرجيني من السرير". هاك، حتى إني سجّلت لك قولك على مسجل الصوت. فماذا؟ هل أصفعك؟」
「ألعنُ نفسي الماضية أنها لا تفكر في كلامها」
اشتكت فتاة عباءة النوم شكوى جدًا لا علمية وزحفت من السرير. فتحت باب غرفة النوم ودخلت الصالة الكبيرة في الوقت لترى شيئًا أخضر يتمايل أمامها.
كانوا في شقة، لكن لسبب ما فريندا سَيْفِلُن كانت تعبر الصالة وتحمل خيزرانًا عملاقًا على كتفها. لكن ليس لأنها حصلت على حيوان باندا أليف جديد.
「تنّا بتّا ، تنّا بتّا☆」
نباتات الزينة في الشقة وخزان الأسماك الاستوائية وغيرها تدار من قبل شركة تأجير وإنها تُستبدل بين فترة وفترة، وأنّ فريندا قد ألصقت قاع الخيزران في وعاءٍ عملاق من بساتين الفاكهة.
وعليها علقت زخارف حمراء وزرقاء وخضراء بين أوراق الخيزران.
لم تكن هذه مدرسة أو منطقة تسوق، لذا بدا منظرها من غير المحتمل أن أفرادا جاءوا وربطوا كل هذه التانزاكو. يبدو أن فريندا خلطت بين خيزران تاناباتا وشجرة الكرسماس.
كان عدد تانزاكو (أوراق تُكتب فيها الأمنيات) أقل بكثير من الزخارف الأخرى، ومكتوب في أحدهم ما يلي:
أتمنى ألا يتأذى أحد في الآيتم.
وبعد أتمنى المال والمكانة والشهرة والإجازات والشعبية والأصدقاء!! كثر ما يكون!!!
—فُريندا سَيْفِلُن
أمسكت موغينو رأسها النعس بيدها وتنهدت.
「ما هذا؟ يفترض أن نكون في مدينة العلم」
「موغينو، ماذا نفعل بهذا بعد أن نفرغ منه؟ أشك أنّ سلة مهملات عادية ستكفيها」
كيف عرفت الأجنبية خرافات الثقافة المحلية؟
بعد الاستحمام، بدّلت موغينو إلى إتب (قميص بدون أكمام يكشف البطن) وشورت لراكبي الدراجات لتخرج وتعدْوُ. كانت أحذيتها منتجًا باهظ الثمن يمتص الصدمات. وأخذت معها مُشغِّلُها للموسيقى... لا، بل اليوم اختارت كونسل محمول 3D قابل للطي. نصحتها بذلك فريندا. فإن حركة الركض تبدو وكأنها ستخرج سماعات الأذن اللاسلكية، ولذلك قررت أن النوع السلكي أكثر أمانًا. لم تكن طَلّابة الذوق في جودة الصوت، لكنها اشترت نوعا أسلاكه من الذهب الخالص على أي حال.
وتاكتسوبو كانت من النوع البيتوتي ولو أنها ترتدي بدلة رياضية على مدار العام، لذا لم تكن تنوي أن تنضم إلى موغينو. وهي الآن تحدق في روبوتات الجراء الأليفة تصطدم ببعضها البعض وتخوض حربًا على العشب. أما فريندا... ماذا كانت تفعل؟ كانت على المنضدة مع دفتر ملاحظات مفتوح وبدت سعيدة. ربما كان كتاب المالية (لإدارة فريقهم المظلم بالطبع). ومع ذلك كانت هي من تهدر المال على الزينة مثل الخيزران.
وثم ركبت موغينو المصعد نزولاً إلى مستوى الأرضي وحدها.
في الطوابق السفلية مركزُ تسوقٍ مليء بالمحلات التجارية الفاخرة. وما إن خرجت من الباب الأوتوماتيكي وفقدت نعمة مكيف الهواء، صفع وجهها موجة لا تُرى من حرارة تنبعث من الرصيف.
「حرُّ الصيف هذا حقًا يكرهني في ساقي. شيء آخر ألومه على أكل الخبز. يا ربي، ثقافة القمح هي السبب. لم يخلق الجهاز الهضمي الياباني على الطعام الغربي」
كان مجمع [فِفتين بيلز] كالمتنزه الترفيهي الصغير، ومحيطه مناسبٌ للرياضة والركض. قررت موغينو أن توسع المنطقة التي غطتها بمسار أقرب إلى اللولب بعد لفة واحدة.
وضعت سماعاتها.
ما إن بدأت، صار الركض أسهل كثيرا.
موغينو كانت خبيرة في الكسل، لكنها ذات مقدرة على التحمل أكبر.
وأثناء ركضها، أصبح واضحا جدًا لها أن اليوم هو 7 يوليو، يوم التاناباتا. وُضعت إعلانات الحدث على مصابيح الشوارع على جانبي الشارع الرئيسي كما أن توقعات الطقس في الشاشة الكبيرة على بطن المنطاد لها وقت وصول متوقع لزخات شُهبٍ أو غيرها.
وأربع أو خمس فتيات في الثانوية التصقن ببعضهن على الرصيف. وليس بدافع غزل أو شيء بل بدا أن إحداهن ذات قدرة على التبريد. غارت موغينو. بدت تلك الفتاة مثل مطعم على شاطئ البحر — مشهورة في الصيف ومنسية في الشتاء.
مع مرور موغينو بهن، لم تكن سماعات الأذن المتصلة بالكونسل المطوي تشغل إيقاعًا للياقة البدنية أو صوتًا لوضع النصيحة التلقائي.
شل شغّلت بيانات مسجلة كمقاطع فيديو.
"الكُلوسيوم؟ لقد سعينا وراءه أيضًا، لكن لم يحالفنا الحظ حتى الآن. كذا وكذا مرة، فقدنا أحد أفرادنا ثم ظهر بعد بضعة أيام جُثةً هامدة. هؤلاء هم من لا يستطيعون العودة إلى مساكنهم وليس لديهم مكان يلجؤون إليه. فكيف لنا أن نحصل على تأمين حياة قيّم من مثل هؤلاء؟ اسمي كومابا ريتوكو. اتصل بي إذا علمت بأي شيء. سأشتري أي بيانات عندك نقدًا. وأريد تسوية النتيجة بنفسي إن أمكن."
"آسف يا بنت. أُقَدِّرُ حليب الموساشينو، لكنني حقًا لا أعرف شيئا عن الكُلوسيوم. للأفضل أو للأسوأ، سأبقي نفسي بعيدًا عن ذلك. ولقد طلبت من أصحابي كلهم أن يفعلوا المثل، لذا ليس عندي ما أخبرك بما يحدث الآن. همم؟ أحسبتِ أن [العنكبوت الكبير] كان يقودها رجلٌ يدعى كُروزما؟.....أفضل لكِ أن تستمري في تصديق ذلك."
「كيف أرك على هذا وأنا أجري...آهخ من هالحر」
كانت مشكلتها الأساسية هي نومها المفرط.
هي تعلم أن شيئًا لن يأتي من هذا، لكنها مع ذلك أعادت التسجيل عدة مرات، وتُركّز على تنفس المتحدثين واختيارهم للكلمات تحاول أن تعرف ما إذا كانوا يكذبون.
(جودتهم أوطئ ما يكون، ولكن عددهم كبير. على أن أمنهم ضعيف، إلا أنهم يعرفون كيف يسفيدون من موقعهم. وهذا يعني أنهم يراقبون كل زاوية وركن أخير من الأزقة الخلفية. فإذا لم يرى الجانحون من السكيل-آوت أي شيء، فأين عساهم يقيمون الكُلوسيوم ومبارياتهم القاتلة؟ وإذا كان صحيحًا أنهم يأخذون موقعًا مختلفًا كل مرة، فهل لهم نمطٌ معين يتبعونه؟)
اصطدموا بعقبة قوية حتى لموغينو.
أساسًا، مثل هذا النوع من التحقيق والمطاردة ما كانت وظيفة آيتم. لقد فضلوا الوظائف التي تُعطى فيها موقع أهدفاهم على الخريطة.
أخذت موغينو منعطفا بينما تلقي نظرة خاطفة على حقيبة متجر فاخرة متعددة الأقسام مهجورة في الفجوة بين شجرتين على جانب الطريق.
ثم لحق بها أحدٌ من الخلف. لا، جاء يركض معها.
「صباح القوة」
كينوهاتا ساياي.
هذا الصوت الخارجي شَغّل ميزة منع الحوادث في سماعات الأذن فانخفضت فيها مستوى الصوت تلقائيًا.
ما كانت كينوهاتا تتنفس وهي تركض. أرادت موغينو أن تبقى في ظلال الأشجار على جانب الطريق أو تَمُرَّ عبر رذاذ الضباب البارد لتحارب حرارة الصيف لكن كينوهاتا سرقت منها المسار.
قد ركضت كينوهاتا مسبقا عدة دورات أكثر من موغينو وبدا عليها عافية وطاقة باقية. إنّ موغينو وفريندا في الساحات وحوش مقاتلة، ولكن في قتالٍ فردي، تكون الأفضلية لهذه البنت القصيرة. لكن هذا لا يهم حقا. لأنّ الجانب المظلم أعنف وأشد من أن يُسْلِمك بهذه المهارة وحدها.
أزالت موغينو إحدى سماعاتها دون أن تبطئ الوتيرة.
「ماذا، حتى أنتِ تركضين أوّل الصَباح؟」
「أول الصُبْح؟」 فحصت كينوهاتا مدى ارتفاع الشمس في السماء وتنهدت بغضب. 「كِنتْ أطالع الأفلام في الصالة تحت بنايتنا. سبعة أفلام وراء بعض. وبديت بالأمس، لذا أنا حيل تصلبت وفكرت لو أرتاح شوي قبل النوم」
「أفلام، ها؟ أليس عندنا نظام مسرحي في الشقة؟」
「هو ممتاز، أعترف، لكنه حيل ما يشبه السينما الحقيقية. وبعد، شفت أن صالة البناية مثل الصالات الفخمة التي ترضي ذوق العشاق، لكن أيا كان من صممها فهو فنان. خصوصا في آخر الليل وأنا أشاهد الكثير من أفلام الـ B و C الصغيرة واللي لا تجدينها حتى في مواقع البث. بعد أن حررتموني، تمشيت في كامل المبنى أتفرج، وبصراحة نادر ما نلقى سينمات تعرض أفلام الرعب الزومبي من أمريكا الجنوبية. إيه، منشار في الغابة ومولتوف التيكيلا هي أفضل تشكيلة في مدينة استوائية انهارت فيها الحضارة!!」
「ما بك تحبين الأفلام هذا الحد؟」
「بالموت أعطونا ترفيه في ذاك المختبر. وأظنهم كانوا حيل خائفين من أن نقتل أحدًا إن كانت معنا ألعاب. كلّ ما فعلوه أنهم جمعوا فئران التجارب في غرفة بيضاء وعرضوا "فيلم" على شاشة البريزنتيشن (العروض التقديمية)، وظلت فيَّ وصارت عادة... ويعني من يعرف أي نوع من الرسائل اللاشعورية والأصوات ذات الترددات المنخفضة ضمّنوها في تلك "الأفلام"」
هذا يُفسر.
أولئك العلماء سجنوا الأطفال، واختبروا عليهم العقاقير، وأعطوهم أفلام يغسلون بها الدماغ تحت مسمى الشكل الوحيد للترفيه. وحقيقة أنها لم تنزعج من هذا الكلام أثبت أن موغينو حقا جزءًا من الجانب المظلم. وكان تفكيرها الحقيقي الوحيد هو "آه، هكذا يكون". وبعبارات الجانب المظلم، أعطتها 50 نقطة. ذلك بالضبط المتوسط.
حتى أصحاب المشاكل الذين طردوا من المدارس لم يرغبوا في أي شيء يتعلق بالجانب المظلم. ولا تدع كل صغيرة تفاجئك.
「لحظة؟ إذن عندما نزلنا لتلقي البيانات عن هذه الوظيفة...؟」
「نعم. مثلما حيل خمنتِ، تلك كانت أول مرة لي في مسرح سينمائي، وهو شيء دائما ما تمنيت رؤيته. وأنه كان جدًا غريب أن أجلس في كرسي سينما وأتفرج على بيانات نحتاجها لقتل معاتيه」
「آسفة لهذا」
بدت كينوهاتا مُكتئبة، لكن استجابة موغينو لم تحمل أي عاطفة حقيقية.
أوكانت تجربتها تلك مثل أن تحقق حلمك الدائم بزيارة إيطاليا فحصلت بالمقابل على معكرونة مروعة في رحلة الطائرة؟
「وهل وجدت وظيفة جزئية؟」
صمتت كينوهاتا.
لوحت موغينو وجهها بيدها وهي تركز على إيقاع.
「لا أتصيد عليك يا فتاة. مسموح لكِ بالوظائف الجانبية. أتذكر أن فريندا لها وظيفة في التحاليل الجنائية أحيانًا」
「التحاليل الجنائية؟ أوه، هي حيل خبيرة في القنابل، صح؟」
「بل أقرب لخبيرة في الكيمياء من مجرد متفجرات. وبالطبع هي لا تساعد التحقيقات في تعقب الشرير. بل كأنها تساعد الناس على معرفة من قتل رفيقهم لينتقمون」
استمر الحديث وهما تركضان.
「ولكن إذا أردت وظائف توصيل، فلا تتركي الحقيبة في مكانٍ يسهل رصده. سينخفض تقييمك إذا سرق أحدٌ البضاعة. وأعني بكلامي أن العميل سيرسل أحدا يطاردك ليسترد مدفوعاته」
「أظن أن ذاك العميل أرادها تكون مكشوفة.
وكأنهم يريدون تحديث البنية الإجرامية القديمة. ولذا أظنهم حيل يتمنون وقوع "حوادث" معينة ومقنعة تنظف الساحة بقوة」
「ممكن」
للجانب المظلم آدابه.
كانوا جميعًا مجرمين انتهكوا القوانين الوطنية واللوائح المدينة، ولكنهم قد يكونوا طَلّابين (انتقائيين) في مثل هذه الأشياء.
「والمهم، ماذا عن هنانو تشوبي سان؟」
「تحقيقها قريباً سينتهي」
- الجزء 2
المنطقة 7.
في مساحةٍ خارجية كبيرة مبطنة بما يشبه حاويات الشحن الطويلة، لكنها في الواقع غرفٌ نموذجية لمجموعة متنوعة من شقق الاستوديو. وهذه كانت مخصصة لأصحاب العقارات ومديري المباني وليس للسكان. أُنشِئت الغرف كبناء خلية نحل؛ إذ أنّ الغرف نفسها صُنعت في مصنع واحد بطابعة خاصة ثلاثية الأبعاد. ثم يُنشأ أولا إطارُ العوارض الشبيه بصالة الألعاب الرياضية ثم تُدخَلُ الغرف المكعبة كما تدخل الأدراج في الصناديق حتى خُلق مبنى كاملٌ سكني. وإذا حدث في الغرفة قتلٌ أو انتحار يهدد سمعة الدار، فكلُّ الغرفة تستبدل بواحدة جديدة. وهكذا ذاع صيت هذه الشقق الخلية في المدينة الأكاديمية إذ رأوا فيه وسيلة لدفع مخاطر العقار.
لكن.
غرفةٌ من الغرف لم يكن واضحًا أي شركة إنشاء امتلكت مفتاح قفلها.
「سلآااام」
بعدما أدخلت مفتاحين وفتحت الباب الأمامي، وجدت هَنانو تشوبي قليل من الكراسي ومرآة بعرض الحائط ومعدات إضاءة ومجفف صناعي وغيرها في الغرفة. وكأنه صالون تجميل، ولربما سيرى البعض أنه أقرب إلى غرفة تبديل في استوديو التلفزيون. بعبارة أخرى، لك أن تنام هنا إن شئت، لكنه لا يبدو مكانَ معيشة.
كما تكدسَ جبلٌ من حقائب الملابس البلاستيكية بجوار الحائط.
شعر مستعار، وَصْلات شعر، عدسات ملونة، رموش صناعية، جل جفن مزدوج، أحمر شفاه، كريم أساس، إلخ إلخ. وهناك أيضًا مجموعة مختارة من الغرسات والعظام الاصطناعية وأكياس الثدي الاصطناعية من السِلِكون وغيرها من الأشياء التي لا تستفيد منها إلا بالجراحة.
وفي آخر الغرفة آلة تسمير مثل التي في صالونات التسمير، وكبسولات الأكسجين عالية الضغط المستخدمة لمعالجة الأكسجين في الدم لتغيير تورمات وانتفاخات الجلد، لكنها لم تحتج إلى أي منهما هذه المرة.
「نيان، نيان، نيا-نيان، نييااانِنَّ」
علها أرادت أن تتشبه بالقطط حديثا لأن هَنانو غَنيانياةً أغنيةً مشهورة عند دخولها غرفة العينة المزيفة ثم مدت يدها إلى قمة رأسها فأزالت شعرها الطويل بسهولة كما تزيل قبعة.
وبإزالة حواجبها ورموشها، كشفت عن وجهها الأساس. ذكّرَها الوجه الناعم المنعكس في المرآة بدميةٍ قبل معالجتها.
「وها بدأنا」
غطت المرآة جدارًا كاملاً، لكن غالبه لم يكن صالحًا للاستخدام. تغطّى كثيرٌ من سطحه بالملاحظات والصور. كلها تُقدم بياناتٍ عن هدفها.
「العمر: 52. الجنس: ذكر. الشعر: أسودٌ دهني قليلاً. وفي الصورة توزيع الرمادي على شعره. الجلد: آسيوي ذو شحومٍ كثيرةٍ زرقاء. العيون: سوداء بإيحاءٍ بُنّي. أوه، وجِلده مُسمرٌ نوعا ما مع أعراض حساسية طفيفة من عث الغبار. فهل أَعدّل الجلد وأُخشّنَه؟」
تتخصص هنانو في التنكر والتسلل.
وإنّ جودة تمويهها تعتمد على كمِّ من بياناتٍ حازت عن هدفها. وفي هذه المرة، قد أمضت أسبوعًا كاملاً تجمع هذه البيانات من الضحية مباشرة، وبذلك أصبحت واثقة من أنها ستصنع لنفسها بصماته وشكل أسنانه ولون عينيه وفصيلة دمه وحتى رائحته. فما إن تتنكر هنانو، لن يلاحظ حتى أبَوَيّ الضحية أو كلب الشرطة أي غرابة فيها.
وحتى في هذه القضية، الجنس والعمر لم يكونا عقبة.
بعد وضعها المكياج، نظرت في المرآة لترى رجلاً كهلاً ينظر ببدلة فاخرة. لم تكتمل العملية، وظل وجهها منتفخا مشعرا وبالحجم المناسب، لكن كل شيء أدناه ظلّ جسم فتاة.
「وي」
لمست أصابع هنانو تشوبي صندوقًا مستطيلًا على الطاولة، لكنها سرعان ما سحبت يدها. لربما أرادت دون وعي نعناعا تنعش به نفسها على حر الصيف، لكنها هذه سجائر منكّهة. وهذا الهدف لم يكن مدخنا، وستبرز منها رائحة النيكوتين. لو أنها دخنت ولو واحدة بلا مبالاة، لكان عليها أن تبدأ من جديد من البداية. آهخ من قُربها كانت.
(سأشتري جهاز لوحي عديم الرائحة لاحقًا.)
「اللغة: اليابانية العامة مع لكنة آيتشية. جفاف العين وأعراض تصلب الرقبة والكتف. يضع ثقله على يمينه عند الوقوف ويكره وقوف الناس على يساره. يمسك عيدان الطعام كالطفل ويتنفس من فمه عند الغضب. وأيضا... ها هو. خط يده، اممم، ذو زوايا مُهملة. ول، لا أعرف شيئًا عن تعليمه، لكن لا بد أن أبويه دلّعاه. إملاؤه إملاء طالب إبتدائية ولا يفرق بين همزة الوصل والقطع ولا حتى أساسيات الكتابة」
تطور صوتها أعمق فأعمق كلما تحدثت.
ولقد تغيّر وزنها ونوع جسمها.
تخلص من أخلاقك واعتمد على التكنولوجيا وستتحول لأي أحد، لا تحتاج قوى خارقة.
من الرأس إلى أخمص القدمين، صارت الفتاةُ الخجولْ المديرَ العام لشركة التأمين ذو الأكتاف العريضة وتحدثَت بصوتٍ عميق يناسب شكلها.
「إف. يا ليت معي صديقة تلبس معاي كوسبلاي كانامين الفتاة السحرية」
- الجزء 3
المسألة بسيطة.
「سألتُ التافهين الذين يعرفون الأزقة ولم أجد عند أيٍّ منهم معلومة عن الكُلوسيوم. هذا يجعل المدير العام لشركة التأمين هو مصدرنا الوحيد. أخذنا قصته، لكنها لا تكفي. هَنانو، تنكّري في شكله وتسللي إلى مقر شركته ثم تفقدي من الخادم المركزي لتري مَن دفع المبالغ ومَن استلم، تقدرين؟ يبدو أن الاختراق من الخارج جدا صعب」
لن يهددوا المدير العام أكثر حتى يذهب لأجلهم، خصوصا وأن وجهه مليء بالكدمات والضمادات —فقد سبق وأن عُذّب على يد فتاتين. المومياء (العتيقة) ستبرز. ولأنه ليس منهم، لن يتمكن الآيتم أن يتوقع متى سيخاف خوفا شديدا فيخونهم ويهرب. أرسل أحدا مثله إلى قاعدة العدو وسيبدأ يفكر بهروبٍ يُخرب كامل الخطة. ولسوء الحظ، التنظيف بعد ذلك يعني عمومًا استخدام القوة الغاشمة عبر هجوم بعيد المدى.
「هالسيارة ضييييقة. وجسمي كِلّـــٓــهُ متصلب」
اشتكت موغينو في المقعد الخلفي لسيارة الفان الصغيرة.
وقريب منهم تدور عَنَفَة رياح ثلاثية الشفرات، لكنهم لم يشعروا بالبرد ولو قريب. لربما جاء الدوران من المحامل وليس من قوة رياح.
اشتاقت لحافلة الاستوديو. لا يزال بإمكانهم استخدام موارد الآيتم، لكن لا يمكنهم استبدال أي شيء فقدوه. وهم في أمسّ حاجةٍ إلى مصدر جديد للتمويل وبسرعة.
「ألعاب نارية!」
انحنت فريندا من النافذة وحدقت في البعيد.
أوكانت مدرسة تحتفل بالذكرى السنوية؟ أو ربما عَطّلوا اليوم بعد أن اخترب مكيف الهواء وما عاد المدرسون قادرين على إبقاء الأطفال بالداخل في حرارة الصيف. أيا كان، عند بوابة المدرسة مجموعة من الأطفال تحت حرارة الشمس يلعبون بالألعاب النارية المجهزة بالمظلات وبدا كأنهم يتنافسون. إذا أُعطي إشعار مسبق بأن الأطفال سيطلقون الألعاب النارية، فإن روبوت أمان على شكل أسطوانة مع ملحق خاص لمكافحة الحرائق سيراقب الحدث ويحرس، ولكن ما كان للآيتم وسيلة ليرون وهم بعيدون.
والفتيات في الفان يتحدثن.
「فريندا-سان، جدًّا غريب أنك لمحتِ رائحة المتفجرات من هذا البعد. والأغرب أنه حمّسك، لو أقول」
「هيهي☆」
「فريندا، لا أحسبها مَدَحَت. إنما كينوهاتا انزعجت」 قالت تاكيتسوبو.
كنّ في المنطقة 3.
حتى في مدينة الأكاديمية، كانت منطقةً بها الكثير من مباني مكاتب أشهر الشركات.
وبما أنّ الأطفال يلعبون هنا، لربما استولى المتنمرون على حديقتهم.
ومقر شركة التأمين — ناطحة سحاب عملاقة — كان يرى من هنا. وقد أبقى الآيتم مسافة كافية بحيث لا يشك فريق أمان الشركة.
「لذا يا موغينو، أومتأكدة أنّ المبتدئة تقدر على هذا؟ فتلك شركةٌ كلها شيّاب. وفي النهاية، أليس أسهل علينا بكثير لو استفدنا استفادة الكاملة من جاذبيتي وأغويتهم؟」
「نجحتِ مرة من قبل، ولكن الآن صارت معنا خبيرة في التنكر فما الضير لو نستخدمها؟」
「في النهاية، أحان الوقت أن أبكي إحباطا أن وظيفتي سرقت مني؟」
「موغينو قلقة عليك يا فريندا. ولا تحب أن تتولي مثل هذه المهام المحفوفة بالمخاطر」
「نعم نعم أعلم. لكنني ما تركتهم مرة يلمسون شعرة مني وأنا أتحكم بهم! في النهاية، الحِيلة لجذبهم هي أن تتأكدي أنهم بالكاد يرون ما يريدون」
برطمت فريندا. [1] ربما كان ما تعرفه شيئًا لا يسع لغيرها أن يعرفه. وبدا أنها تتجاهل الوافدة الجديدة صفرية المستوى وبدأت تحدق أكثر في فتاة البدلة الرياضية التي شغلت منصب الزوجة التي تعرف كل شيء عن موغينو.
「اغغغ」
بدأ المدير العام الكهل يشعر بالتوتر وحتى ينتحب كحيوان صغير بصوت رجل عميق. وأنّ كلَّ من شاهده قد يهتز دماغه ويشكك في فهمه للعالم.
وضعـ(ـت؟) سماعة أذن صغيرة في الأذن اليمنى.
「س-سواء نجحنا أو لا، سيراني الكثير من الناس. لا أمانع هذا الحد، لكن ألن يُقبض على المدير العام الحقيقي بتهمة أو شيء؟」
「فماذا لو صار؟」
لقد كان بالغًا نجسًا رفض الاتصال بالأنتي-سكِل وهو يعلم أن الناس يموتون وحتى أنه احتال على شركته ليحمي نفسه. لقد كان مثالاً ممتازًا على قذارة المدينة الأكاديمية. لم يقتلوه بما أنه أخبرهم ما يريدون، لكنهم كذلك ليسوا ملزمين بحمايته.
「على طاريه، قال أن عنده عائلة؟」 سألت موغينو. 「ذكّروني أن نخبره لاحقا أن يطلق زوجته إذا كان يهتم بها وأطفاله. إذا تم الطلاق مباشرة بعد القبض، فلربما تشارك عائلته المسؤولية القانونية عن الأضرار التي يدين بها」
「إذا كان هذا ألطف خيار فكرتِ فيه فهذا يكشف الكثير عن ظلام المدينة」 شاكيةً هنانو.
وشزرت موغينو (نظرت بغضب) إلى أشعة شمس الصيف المبهجة.
「إنها 11 صباحًا. الوقت المثالي لظهور مدير تنفيذي في مكتبه!」
أيُّ مسؤول تنفيذي حقيقي سيصل في سيارة فاخرة سوداء بسائق، لكن آيتم دمروا تلك السيارة الأسبوع الماضي. وإن كبار الشخصيات غير المنتجين احتاجوا إلى سيارة ترمز للمكانة ليتفاخروا ويتفختروا أمام الناس، ولذا لن يكون غريبا أن يستقل القطار ويمشي المسافة عندما لا يكون البديل قد وصل بعد.
انبعثت رائحة البخور الطاردة للبعوض الصيفية.
البخور نفسه والسيراميك الخنزيري الذي جاء منه كلاهما من صنع فريندا، لذلك كان فعالًا للغاية.
「هنانو، سوف تتنكرين في شكل المدير العام حتى تدخلي إلى المبنى. تمشين أمام موظف الاستقبال. وبعدها؟」
「أستخدم بطاقة المفتاح التنفيذية على القارئ أمام مصعد الطوابق العليا وأمضي مباشرة إلى غرفة الخادم المركزية التي عادة ما تكون محظورة. هذا يعني أنني سأكون الوحيد الذي يصعد إلى المصعد في الطابق الأول」
「حسن. اتركي علينا الكاميرات」
أخرجت موغينو حاسوبا أصغر من شنطة مكياج ودفعته في يدي هنانو تشوبي.
「وصّلي هذا بالخادم المركزي وسوف يستخرج البرنامج الموجود بداخله كل البيانات الضرورية تلقائيًا. ولا تفعلي أي شيء أكثر من ذلك، وانتبهي حتى لا يراه موظف الاستقبال」
「أكيد. مَن تحسِبِنَنّي؟」
كان لهنانو تشوبي صوت الرجل الكهل وحدبته ولكنته. ودعتها موغينو ثم عادت إلى الفان.
امتلأت سيارة الفان بالشاشات الصغيرة. عرضوا لقطات مخربشة من مجموعة متنوعة من الزوايا. وبديهي القول أن تلك اللقطات جاءت من الكاميرات الأمنية لشركة التأمين.
「في النهاية، كيف اخترقناها؟」
「ما استطعنا الوصول إلى الخادم المركزي الموجود داخل المبنى، ولكن كل لقطات الكاميرا الأمنية تُجَمّعُ وتُرسَلُ إلى شركةٍ أمنية على طول خطٍ سميك واحد من الأسلاك. وكما ترين ليس لشركة التأمين غرفة أمنية خاصة بها. فعبثنا بتلك. والآن بتنا نراقب كل هذه اللقطات دون أن يلاحظها أحد ودون ترك أي أثر. وبالطبع نفذت منظمتنا الداعمة كل ذلك ببدل عمل رسمية، وعن نفسي لا أعرف التفاصيل」
「أوه، جدا تلك هنانو-سان؟」
أشارت كينوهاتا إلى إحدى الشاشات.
وبالطبع، أظهرت الشاشة أحد الأبواب الأوتوماتيكية تُفتح ومشى منها كهلٌ عريض الكتفين يدخل بهو الاستقبال. مثل أي مبنى شركة من الدرجة الأولى، كان الطابق الأول كله تبخترا وتباهي، ولمع المكان وامتلئ بالخضرة وحتى أن به مجرى مائي. لم ينزل المدير العام المتغطرس من سيارته كالمعتاد، لذا بدا موظف الاستقبال وفريق الأمن مرتبكين قليلاً وهم يستقبلونه.
أمالت تاكيتسوبو رأسها تحدق بهدوء.
『لاحظوا؟』
『جدًا لا أدري』
『في النهاية، الرجل أخذ استراحة صباحية من دون إذن، لكنه أيضا رجل يعيش في أحضان الرفاهية. لن يرغبوا في طرح الأسئلة فيكتشفوا مثلا أنه كان خارجا مع عشيقة أو شيء، وأيُّ موظف هذا على استعداد لسؤاله عن مكانه؟ أف، الكاميرات لا تلتقط أصواتهم』
رفعت هنانو المتنكرة يدها تُسَلم ثم مشت عبر إحدى البوابات الأمنية التي تشبه بوابات التذاكر في محطة القطار.
وصلهم صوت دامع من الميكروفون الصغير المخفي في بدلتها بدلاً من الكاميرات الأمنية.
كان الكهل يبتسم بأقصى درجات الثقة، لكن الفتاة في داخله تبكي.
「(توقفوا عن التكهنات! واثقة أن الأمر يبدو ممتعًا وأنتم تشاهدون، لكن حياتي على المحك هنا. أ-أرجوكم لا تتخلوا عني إذا حدث خطأ؟!)」
لا يهم ما إذا أثارت بعض الشك طالما لم يكن كافيا أن يوقفوها. ولو أنها تململ مفضوحة أثناء انتظارها في قاعة مصعد تبدو كقاعة فندق فخم.
「عجّل عجّل عجّل عجّل」
『في النهاية، كلامك العالي هذا إنما يزيد الخطر عليك. ها كأنكِ تصعبين التحدي مثل ربطة الشِباري [2] أيام السَمُراي؟』
「الكلام سهل على من تشاهد!!」
لكنها لم تواجه مشكلةً أمامها.
انفصلت الأبواب المعدنية ثم دخل المديرُ الكهلُ المصعدَ الفارغ مستعجلا ولكن بتأنٍّ حتى لا يشك أحدٌ فيه. بعد إغلاق الباب، حَمَلَ بطاقة إلى لوحة التحكم.
وبكبسة (ضغطة زر)، بدأ المصعد يرتفع. وتحول إلى طورٍ لا يتوقف عند الطوابق المتوسطة.
『مم، موغينو-سان. في أي طابق خيالي موجودة غرفة الخادم المركزي؟』
『28』
『مسكينة هنانو، ما لها مكان تهرب إليه إذا حاصرها فريق الأمن』
「سألعنكم جميعًا... وأصلا، من ذي التي تمضغ الفشار قرب المايك!؟」
ومن غيرها مُحبة السينما، والتي تمنت وابتغت وبحثت دائمًا عن الفشار عند كل شاشة تشاهدها. وغير هاتِن ذوات القلب الميت والثالثة المُشفِقة، كانت فريندا قد فتحت علبة الإسقمري تأكلها بشوكة وبصمت.
توقف المصعد في أحد الطوابق العليا.
انفصلت الأبواب لتكشف جَوًّا نقيضًا لضوء الشمس اللطيف وللمساحات الخضراء الموجودة في الردهة. أول الأمر، لن ترى نوافذ في هذا المكان. تقسمت الأرضية الكبيرة بأسوار سلسلة متصلة وجدران زجاجية سميكة، وشُغل المكان كله بحواسيب كثيرة أكبر من آلات البيع. لم يكن واضحًا ما تشير إليه الانقسامات بين المناطق والآلات، لكن المكان بدا كالمتاهة. ارتجفت هنانو، وسارت على أصابع القدم، وأمسكت كتفيها (كلها بمظهر الرجل الكهل)، ولعله أنّ درجة الحرارة كانت أقل بكثير من حرارة الغرفة العادية.
「هذه... غرفة الخادم المركزية」
وهي ترى أجهزة الخادم. تراهم في كل مكان هنا في الطابق 28. لكنها حقيقةً لم تستطع لمسهم بسبب متاهة الأسوار والجدران الزجاجية السادّة. عليها أن تفتح الباب في السياج لتعبر.
وبالطبع هنانو قد استعدت لذلك.
لكن...
「لم تُفتح؟」
قد بدت متوترة من قبل، لكن نبرة صوتها عَلَت وعلت الآن أكثر.
مع غياب الناس حولها، لم تكلف نفسها عناء إخفاء خوفها ويديها المرتعشتين تضرب كيبورد البوابة.
「مستحيل. تمزح؟ باب السياج لا يفتح!!」
『ما المشكلة؟ ألم تقضي الأسبوع كله تفحصين كل شيء في المدير من بصمات أصابعه حتى قزحية عينه؟ وحتى أخص خصوصياته؟』
「ذلك الأسبوع هو المشكلة! يبدو أنهم يغيرون رمز المرور كل أسبوع، لذا لم تعد معلوماته من 1 يوليو صالحة بعد الآن!」
『فماذا؟』
「آآغغ」 تأوهت هنانو. كررت موغينو الكلمات نفسها، وكان من الصعب أن يفوت عليك استيائها الشديد.
وما تحملوا بقاء صمت هنانو في وسط المهمة، ولذا تنازلت موغينو وتكلمت أولا.
『تشه، هل معك خدع أو أي شيء؟』
「هذا، فرضًا فرضًا لو حدثت حالة طوارئ تهز أركان المبنى، مثل زلزالٍ قوي، ستُضبط جميع الأقفال في وضع التحرير التلقائي حتى لا يحتجز العُمال، أظن」
『تكفى إلا هذا』
كانت فريندا تعرف موغينو لفترة طويلة بما يكفي لتبعد أكلتها الإسقمري ثم تتشبث بتاكيتسوبو الشاردة وتبتعد بخوف عن موغينو. لا تزال كينوهاتا جديدة على هذا، لذا ميّلت رأسها وحوض كبير من الفشار في حجرها.
ومثلها كانت هنانو تشوبي جديدة، فلم تستطع أن تدرك خطورة تعليقها.
「لا تهربي يا فريندا. تعالي بالنظارة」
「اعع. لن تتراجعي، ها؟ طيب، طيب. في النهاية، اتركي علي الدعم」
واكتفت موغينو بهذا القول تبتسم برفق وتحركت.
مدت يدها من نافذة السيارة.
ومنها خرج شعاع ميلتداونر يضرب في وسط ناطحة السحاب البعيد.
- الجزء 4
「غياااه!؟」
نسيت هنانو تشوبي كل شيء عن التمثيل وصرخت من قلب. ولكن لا يعني هذا أن الناس سيجدون صرختها غريبة في هذه الظروف.
هزّ زلزالٌ حاد أساس المبنى العملاق، وتحطم الزجاج، وانطلقت جميع أجهزة إنذار الحريق، وحثّ صوتٌ نسائيٌ مسجلٌ الناسَ على الإخلاء.
لم يصب الانفجار هذا الطابق، لكن حياتها ما تزال في خطر. بُنِيَ المبنى من عشرات آلاف أطنان الخرسانة المسلحة، ولكنه صار الآن مثل جسر معلق مهتز. وأمكن لموغينو أن تسقط ناطحة السحاب بأكملها بسهولة لو أرادت.
「مه مه؟! ماذا فعلتِ؟!」
『قلتِ إن الأقفال ستفتح في الكوارث وحالات الطوارئ، صح؟ فكرتُ أنه سيكون أسرع أن ننشئ واحدة. لا تخافي. كانت فريندا تراقب الكهرومغناطيسية التي تنتجها الأجسام البشرية، لذلك أصبت فقط غرفة اجتماعات كبيرة خالية. عنصرٌ واحد قَلَّت في ميزانيتهم』
(هذا المبنى ليس جزءًا من [الجانب المظلم]. مثل هذه الكارثة بالتأكيد سيلحظها [لعنة الجانب المظلم] الرقم 6 ولسوف يطاردنا ثم سنختفي في إحدى الأزقة دون أثر!!)
تراجعت كَتِفا الفتاة الجرو الصغيرة عندما أدركت متأخرًا أنها صارت من النوع الذي يترك حذره على رؤية بَطَلٍ.
وفي الأثناء، ظهر صوت موغينو شيزوري أكثر هدوءًا.
وهو ما يعني على الأرجح أنها كانت من النوع الذي يذبح الناس في استرخاء تام.
『تحركي يا هنانو. أم أن الأبواب لم تفتح بعد؟ كم مرة علي تفجير هذا المبنى؟ فهل أستهدف أساس المبنى تاليا؟ أم عوازل الزلازل؟ هيا اختاري أيهم أُدمّر☆』
「لا داعي لا داعي! الباب مفتوح! لا بأس الآن وشكرا على دعمك الكريم!!」
(المجنونة!!)
صرخت هنانو باكية وفتحت باب السياج المفتوح. سحبت الحاسوب المُصغر من جيبها، وربطت كابلًا به، وربطت الطرف الآخر بأحد أجهزة الخادم. وعلى الجهاز الباقي.
أصدر أصواتًا هادئة كخدش الأظافر.
سَيُملَئ الشريط الموجود على الشاشة تدريجيًا من اليسار إلى اليمين. وخرج وميض النص الأبجدي الرقمي —أسماء الملفات على الأرجح— ولكن لا جدوى من قراءتها.
إنّ الاتصال السلكي هو الأفضل عند التعامل مع الكثير من البيانات. وكان نسخ الملفات مرهقًا للأعصاب كثيرًا خاصة وأنك لا تعرف أن الاتصال اللاسلكي قد ينقطع في أي لحظة.
「يلا يلا يلا يلا عجّل يلاااا... هـ-هذا سيخبرنا حقًا بمن سيحصل على مدفوعات التأمين بعد موت المشاركين في الكُلوسيوم؟」
『أكيد، وربما استخدموا اسمًا مزيفًا أو بطاقة هوية مزورة. أو استعانوا بوسيطٍ يسحب الأموال في تحويل مصرفي ويحتال. أي شيءٍ من شأنه يترك أثرًا سيتم تزويره』
「إذن ماذا علينا أن نفعل؟ هل هذا كله مضيعة للوقت؟」
『بل يستحق وقتنا』 طمأنتها موغينو شيزوري.
مالت هنانو رأسها (في شكل الرجل الكهل)، لكن...
『الكبارية في القمة سيكونون محميين وبصرامة، ولكن ليس المشاركين الذين ينتهي بهم الأمر جثثا في نهاية اليوم. لكننا نحن لا نهتم بالجثث أو المجرمين الكبار، بل نبحث عن الذين لديهم سياسة عالية القيمة ولا يزالون على قيد الحياة. ربما نحصرههم في الطلاب المراهقين —بسياسة لا تقل عن مِئة مليون— وعَقْدٍ مُعجل مَرَّ عليه أقل من شهر. ما إن نحصل على هويتهم، سنرجع إلى الطريقة القديمة: نتتبعهم إلى أن يقودونا مباشرة إلى الكُلوسيوم』
والآن مُلِءَ الشريط على الشاشة ووصل الرقم أدناه إلى 100٪.
انتزعت هَنانو تشوبي الكابل، ووضعت الحاسوب المصغر في جيبها، وعادت إلى المصعد.
「هَه!؟ لا يستجيب؟! المصعد أغلقوه بسبب الكارثة!」
『آهـ هَهَه. أجل هيّا انزل 28 طابقاً من السلالم. تحتاج تمارين لتخسر دهونك وشحومك يا شايبنا』
(حقًا سألعن إله الدمار تلك تهدم وتخرب كل ما في الأرض!!)
وليس لديها خيار آخر هنا فاستسلمت وفتحت الباب المعدني وغرست رأسها في سلم الطوارئ ثم سمعت خطى متسارعة تتسلق من الأسفل. هذه الشركة هي شركةٌ شفافة، فهل كانوا أولئك ضباط الأمن بهراوات تسمعها تتخلخل في خصورهم؟ فإذا أدركوا من هي وتجمعوا عليها، فإنها متأكدة أنهم سيضربونها حتى الموت.
「تحققوا من كل طابق ولا تنسوا أحدا فيه. تأكدوا من سلامة كل موظف وضيف وبوّاب! الفريقان أ و ب، تابعوني وتفقدوا الدرج!! .....همم؟ أنتَ! هَيه-」
「واه!!」
وفي صرختها، قَلَبَت البدلة الفاخرة من الداخل إلى الخارج كخدعة منديل ساحر المسرح، ومسحت بيديها المكياج من على وجهها، وحولت نفسها من كهلٍ إلى شاب عضلي من فريق الأمن. في ثوان معدودة.
أمكنها إعداد تغيير زي طارئ واحد فقط، فكان خيارها إما حارس أمن أو رجل إطفاء حسب المكان الذي تتسلل إليه.
「حضرة القائد!」
「ن-نعم. لم أتعرف عليك. من أي فريق أنت؟ أيا يكن، أتيت من أعلى، ها؟ استمر في النزول وانضم إلى فريق آخر. أيَّ فريق! الآن نحتاج إلى كل مساعدة ممكنة!!」
「عُلم ويُنفذ!!」
صاحت هنانو تشوبي ذات العضلات والوسامة بقولٍ يبدو صحيحًا ثم ركضت على الدرج.
لم تكن الخطة المحددة مسبقًا وحدها كافية لخداع الناس. يمكن أن يكون السير مع التدفق و الارتجال مفيدًا لا تتصوره. وبالطبع، ستواجه مشكلة إذا اعتمدت كليًا على الارتجال.
ولن يركض أي إنسان طبيعي بنشاط دجاجة محاصرة.
「آغغ، هذه الطوابق الـ 28 ستقتلني... كأنني أنزل من جبل صغير. أتمنى ألا يخرب مكياجي」
『هَنانو، ما زلنا نراقبك عبر الكاميرات بعد أن غيّرتِ وجهك فلا تقلقي. وإذا أردتِ اختصارًا، انظري إلى الحائط يمينك』
لم تملك حتى الوقت لتنظر.
كُسِرت الجدران الخرسانية من الخارج ومنها دخلت يدٌ رفيعة. كينوهاتا ساياي صعدت بسرعة وبقوة 28 طابقًا فوق جدار المبنى والآن أمسكت بحارس الأمن الوسيم (هنانو تشوبي) من ياقته.
「م، مه مهلا، كيف، ماذا تفعلين!؟」
「كنتِ من أخبرنا ألا نتخلى عنكِ إذا حيل ساءت الأوضاع؟」
ثم هبط الاثنان من الطابق العالي.
「غييياااااااااااااااااااااااااااااااااه!؟」
「لا تخافي. بدرعي النيتروجيني لن تموتِ حتى لو اصطدمت بالأرض، ستكون كقفزة على وسادة」
- الجزء 5
「أخيرا. دخلنا الظهر. كيف أخذت منكما كل هذا الوقت للهرب من مبنى صغير؟」
「هففئ هفف. د-دخلت في طور السادية بالكامل」
مدت موغينو يدها تشير "أعطيني". ومسحت هنانو المكياج من على وجهها لتعود إلى شكلها الجرو قبل أن تسلم الحاسوب المصغر إلى موغينو. كانت غاضبة حانقة وأرادت أن تبدو رائعة بأن ترمي الجهاز إليها، ولكن بعد أن مرّت بكل ذلك، خافت أن تسقطها وتكسرها.
وبدت موغينو راضية وهي تستقبل الحاسوب المصغر.
「بعد أن نتغدى، سنتحقق من هذا ثم نبدأ في تتبع أحد المشاركين」
「ألا نهرب أولا؟ فمن هنا أرى المبنى و— أوف، في وسطه حفرة عملاقة」
بعد أن رموا هنانو داخل الشاحنة، غادر الآيتم.
「وييه، لحظة لحظة. أحقًا تطلبين مني أن أبدّل داخل هذه الشاحنة الضيقة؟ أخلع ثيابي والكل تطالع!؟」
「ما تفرق سواء نظرنا أم لا」
「لا تقلقي يا هنانو. مهما كنتِ، أنا أشجعك」
「أنتِ، يا بنت البدلة الكعّوبة![3] إلى أي جزء مني نظرتِ وأنتِ تدلين بهذا التعليق المشفق!!؟」
اشتكت هنانو وهي تبكي، لكن لا بد أنها لم ترغب في البقاء في الزي الأمني الذي تفوح منه رائحة عرق الرجال (ولأنها هكذا صممتها).
ملأ حفيف القماش الشاحنة لفترة.
وعلى أي حال، وقت الغداء هو التالي في الجدول.
ولفريندا ثروة معلوماتية في جوالها المحمول وعرفت مطعما حسنا يرتداده موظفوا المكاتب النخب في المنطقة 3. وبعد القيادة إلى وسط المنطقة، تركوا الشاحنة الفان وراءهم وساروا بقية الطريق.
رصدت فريندا شيئًا في الطريق.
「حلو. في النهاية، أكيد في منطقة الأعمال هذه ولا غيرها [بنات البار] بتنانير صغيرة يتمشين وسط النهار」
「بنات البار . ولِمَ البار؟」
أمالت تاكيتسوبو رأسها محدقة.
يبدو أن [بنات البار] يعلنَّ عن بيرة حرفية موسمية جديدة. لكن لم يستطع أي من الضباط العاملين بالبدلات شرب البيرة في منتصف النهار، لذا بدا وكأنهن سيعانين في بيع كل علبة. فكرت موغينو أن حظهن سيكون أفضل في المنطقة 5 مع استعداد جميع طلاب الكلية للاحتفال بالتاناباتا.
وتساءلت موغينو أيضًا عن أي جوهرة مخفية اكتشفها فريندا هذا المطعم، لكن اتضح أنه مطعمٌ صيني كبير إلى حد ما يتشارك في مبنى عملاق مع متجر إلكترونيات.
「عادي. جدًا عادي لدرجة ودّي أضرب فريندا」
「ل-لا واحدةٌ منا تصبر في طابور طويل، وأي مكان حصل على تصنيف الخمس نجوم سيكون مكانًا به الكثير من المقاعد والطعام الممتاز. هذا المكان كبير كبر مرآب للسيارات」
وجدت الفتيات الخمس مقعدًا على طاولة في الخلف.
وهل كانت عادة [الجانب المظلم] تفضيل المقعد الأقرب إلى مخرج الطوارئ؟ أو إذا لم يكن ذلك متاحًا، واحدًا بجوار النافذة.
「أختار وجبة غيوزا خضار بدون ثوم. أريد أجرب مهارات المحل في الأكلات العادية. وأنتِ، تاكيتسوبو-سان؟」
「ذي」
「أوه! في النهاية، عندهم هياشي تشوكا! سأختارها مع صلصة السمسم!!」
「يعع الصيف، وصلت حدّي」
لم تفوت موغينو أبدًا فرصة الشكوى من أي حديث عن القمح ويبدو أنها أختارت أطباق الأرز نتيجة لذلك. طلبت أرز مقلي بالمأكولات البحرية مع صلصة أنكاكي. بناءً على الصورة في القائمة، تم سكبت شيئا دهنيا في الأعلى. لا شك أن هذه كتلة ضخمة من السعرات الحرارية. ويبدو أن اليوم الذي ستحصل فيه على أرجل رفيعة لا يزال بعيد المنال. ولكن أيُّ إنسان غبي بما يكفي ليقولها عاليا سينخفض وزن جسده فوريا بنسبة 50 ٪.
كان من المفترض أن يستقبل المطعم عمال المكاتب ويخرجون أثناء استراحة الغداء المحدودة، لذا ستكون المضيفة شابة ترتدي ثوبا صينيا مصغرا تأخذ الطلبات في أسرع وقت. وحدقت تاكيتسوبو في الطعام بشرود.
「أوه عندهم غيوزا ولكنها خضراء؟ كينوهاتا، كثّري من اللحوم」
「ها؟ ما بك فجأة؟ صرت حيل مثل جدتي؟」
「إذن كيف تكبرين؟」
「بنت البدلة الكريهة والمملة تخرب كل حديث تدخله جت علي تتكابر؟! أضربك؟!!」
الفتاة الصغيرة التي كانت متصلة بالمصنف 1 كلما تغضب كانت فريندا الودية تُهدئها.
「فويـــــيـــه...」
وكان جسد هنانو يطالب بشيء غير صحي بعد أن استنفدت الوظيفة السابقة طاقتها، ولذا سحبت بقلق وعاء من اللحوم والخضروات المقلية التي بدت شديدة التوابل. في [الجانب المظلم]، يمكنك أن تحصل على مجموعة متنوعة من [الحبوب] أو حتى [طابع] غامض تطبعه على لسانك فيعطيك نكهات مختلفة متنوعة، ولكن بهذا الحد من الأضرار لم تكن الفتاة الصغيرة على استعداد أن تخاطر.
「اليوم يوم التاناباتا؟ آهخ، يا حبي للماء بو صفر يَنّات(مجاني)」
「ما هو التاناباتا؟ نشاهد البانداوات ونرمي المفرقعات النارية؟」
「تاكيتسوبو-سان، أظنك حيل خلطتِ بين هذه والسنة الصينية」
بدت كينوهاتا متعجرفة نوعًا ما، لكنك لن ترى الباندا في شوارع الصين حتى عند الاحتفال بالعام القمري الجديد. ما الفيلم الآسيوي الذي شاهدته؟
「هنانو، جربي على اللحم هذه النكهة، تزكي الأكل」 كما مدت تاكيتسوبو إليها شيتشيمي توغاراشي.
「يبدو شهيا، لكني أخاف على وجهي أن يفسد منه لذا المعذرة. تعرفين تأثير الكابسيسن على الشفاه؟ نفس التأثير تعطيه بعض الأكلات الحارة وهذه لا تنحصر في المانجا فقط」
「هَنانو」
「توصينه لي لأنك تحسبينه مضحكا ها؟!! كُفّي!!」
كل طعامهم كان جيدًا لكن فقط جيد. وسرُّ النكهة لعله من أحواض داشي من مصنع المنطقة 4. وإذا حصل هذا المكان على تصنيف خمس نجوم، فما هو إلا لأن عمال المكاتب رأوها فضيلة ألا تغامر في اختراع الوصفات وتحديثها.
وهذا كان النقيض لعيشة الآيتم.
سحبت موغينو الحاسوب المصغر.
「فريندا」
「لقمة، تكفين لقمة زين!؟ هيّا تاكيتسوبو! في النهاية لقمة من أكلتي هلام اللوز مقابل لقمة من كعكات السمسم حقتك ما هي بخسارة، يلا أ-ر-جـ-ـو-ك! أه، ماذا ماذا يا موغينو؟」
「كنتِ تشاهدين الكُلوسيوم بالإنترنت، ها؟ متى تبدأ مباراة اليوم؟」
「همم؟ أكيد أن حدث الصباح قد انتهى. في النهاية، أقرب وقت أذكره سيبدأ في الثامنة هذا المساء. أتذكر التوقيت لأنني دايما ما فضلت مشاهدة القتل وأنا أتعشى في غرفتي」
「هذا حيل وقت الذروة. المدراء يتعمدون هذا التوقيت وقت ما العوائل تتعشى مع بعضها؟」
「أغغ」 شحبت هنانو وانكمشت في مقعدها، لكن هذا لم يكن شيئًا في الظلام. وما بدا على موغينو الاهتمام البتة.
「أف، الساعة الواحدة بعد الظهر. إذن لا جدوى من ملاحقة المتسابقين الأحياء الآن. لنسترح كلنا ولنبدأ المطاردة في حوالي الساعة الخامسة」
- الجزء 6
بــيــب، بــيــب، بــيــب. رنّ المنبه.
وفريندا ببجامة القطة الفضفاضة مَدّت ذراعها النحيلة من السرير ولم تستطع الوصول فاضطرت أن تمدّ ظهرها بالقوة حتى استولت أخيرًا على جوالها من طاولة السرير.
「آهغ،」 تأوهت فتاةٌ أخرى على نفس السرير. تلك هنانو تشوبي في إتب يوغا وبنطال قصيرٌ قصير. افتقر الآيتم للأسرّة مع دخول جديدتين إليهم فجأة.
「يا ليتني ما غفيت. آهخ، رأسي ثقل...」
「فوااه، وصلنا الثالثة عصرًا. لا داع أن نخرج بعد، ولكن في النهاية، نحتاج أن نستعد قريبًا وإلا سترمينا موغينو قبل أن نقوم」
قالت فريندا، لكنها كذلك لم تنهض. علّه لديهن وقتٌ أطول مما أعلن عنه، أو ربما فعلت ذلك مرات كافية حتى صارت واثقة من أن تجهز وترتدي ثيابها بسرعة كافية.
تبسمت فريندا وهي مستلقية على جانبها.
「صحيح. نسيت أن أهنئك على أدائك أوّل هذا اليوم، هنانو」
「آه」
「بصراحة حسبت أننا دخلنا في مصيبة وقتها. ضد تلك الـ... ما كان اسمها؟ كوزَكو؟ حارسة المدير بنت المعادن الفضية. بغض النظر، عندما تركت موغينو كل الدفاع عن نفسها وهاجمت هجوما شاملا على تلك الفتاة، أراهن أنها فكرت أن الفتاتا الجدد ستموتان إذا لم تنهِ القتال بسرعة. أوه، لكن لا تخبري موغينو أنني قلت. غالبا سوف تمزقك إلى نصفين وتقول أنها لا تهتم والخ والخ. ولكن في النهاية، الحقيقة أنها تخلت عن خيار القتال البطيء من أجلكما. وكان ذلك سيئًا للآيتم كله. علينا أن نعتني بكِ طوال الوقت」
ابتسمت فريندا ابتسامة خبثٍ وضيقت عينيها ببطء.
「ولكنك أثبتِّ فائدتك في القتال وفي التسلل. فلولاكِ، ما كنا لنحصل على البيانات من شركة التأمين. أشك في أن موغينو كانت لتستسلم، لكنها كانت ستعتمد على القوة الغاشمة لتنجز المهمة آخر الأمر، سعيدة أن الأمور انتهت بسلام」
「أه... آه هَهَهَه...」
لم تستطع هنانو إلا أن تضحك بضعف. هل كان تفجير ثقب في وسط ناطحة سحاب يعتبر "سلام"؟
غمزت فريندا وهي لا تزال على السرير مستلقية.
「لذا ندين لكِ بهذا وذاك. فهل تريدين شيء نعطيك؟ اطلبي ما تبتغين」
「ا-مم، أجل اسمعي...」
اقتربت هنانو نحو فريندا وهمست في أذنها.
بدت فريندا مرتبكة.
「أحقا؟ رغم أنها ليست خطرة」
「همم. أنا جديدة في الظلام لذا اعتبريها مثل ملاذي الأخير. وأيضا رأيتُ أنكِ يا فريندا ستكونين أنسب واحدة لأسألها」
「إن كان ما تريدين」
لم تكن الشقراء مقتنعة كثيرًا.
ثم جاءت ثلاث طرقات على الباب. وفُتح باب غرفة النوم قبل أن يجيبوا.
「عذرا. هَنانو-سان هنا؟」
「هَه؟ كينوهاتا-سان؟ ماذا تريديـ- هئ!؟ هـ- هل يعقل!؟ هل أكسبني هذا النجاح صديقتين؟!」
「أي هراء هذا؟」 تنهدت كينوهاتا ساياي بغضب ويديها على وركها 「في هذا الفريق تقليد حيل غريب أنه ثاني أحدث عضو عليها أن تخضع الجديدة لجحيم التلبيس」
「أوغياااههءء!؟」
وهكذا جرّت هنانو رغمًا عنها إلى مركز التسوق الفخم في الطوابق السفلية.
أدركت كينوهاتا أنه ليس لديهم أي مال ليشتروا، لذلك اكتفت بالتصفح وتجربة الملابس.
「هيه، هذه فقط ملابس داخلية!؟ لست خبيرة في الثياب اليابانية لكن أليس هذا لبسًا ترتدينه عند التأمل تحت شلال أو في الينابيع الحارة!؟ هل أجرب هذا هنا؟! لا، لحظة، لا تشدينه، لا يوجد شيء يغطيني، سأموت!! ستبذل هانا حرجا كأي فتاة احمرت خجلا!!」
「لا عليك. هذه فقط نسخة يوكاتا صغيرة للتاناباتا. خلاص رضيت، بدّلي ملابسك حيل سريع وخذي-」
وفي قولها، وصلت رسالة إلى هاتفي كينوهاتا وهنانو.
رسالةً جماعية من موغينو تفيد بأن الوقت قد حان لكي يبدأ الآيتم العمل.
「إلى المنطقة 7؟」
「تقول أن هذا هو المكان الذي يوجد فيه مسكن الهدف」
انضموا إلى موغينو و تاكيتسوبو و فريندا الذين أخذوا المصعد إلى الطابق الأرضي. ثم بالقطار سافروا.
في الخامسة المغرب حيث تلونت السماء بالبرتقالي. وأينما نظروا وجدوا الناس كثرانين، أساسا لأنها كانت ساعة الذروة، ولكن هناك أيضًا الكثير من الذين يتجاهلون حظر التجول ليحتفلوا بالتاناباتا.
「تاكيتسوبو سان، ما هذا الخَضَار الي تأكلينه بقوة؟」
「آيس كريم أوراق الخيزران」
「لونها الأخضر ساطع」 أضافت موغينو. 「كأنها حلوى الباندا」
「موغينو، لا تسرقي أكلتي بلسانك. وأنتم، لا تقلدوها」
سار الآيتم الخمسة في المدينة المسائية.
قد وصلوا إلى المنطقة 7، لكنهم لم يعرفوا وجهتهم بعد.
ولكنهم مع ذلك حددوا موقع هدفهم.
「ها هي، متسابقتنا. لنلحقها حتى توصلنا إلى الموقع السري للكُلوسيوم」
لقد تحققوا في مقر شركة التأمين وحددوا هوية المتسابق الذي لا يزال على قيد الحياة. بتلك المعلومات، كان عليهم فقط أن يتتبعوا خطوات المتسابق كما الطريقة القديمة. وعلى المتسابق بالطبع أن يصل إلى الكُلوسيوم في الوقت المناسب.
الآيتم حاليًا أمام محطة قطار المنطقة 7، والتي كانت مليئة بمزيج من الطلاب والعاملين.
يمكنهم تحديد موقع قاعدة العدو بدءًا من هنا.
「المتسابقون في ناد قتال مميت تحت الأرض، بصراحة كنت حيل أتوقع رجل مفتول العضلات أو شيء. إلا طلعت مجرد بنت جدًا عادية بجديلة تتذبذب مع كل مشية」
「تراكِ مثلها يا كينوهاتا، ما يبان منكِ الشدة」 قالت تاكيتسوبو.
الهدف يبعد عنهم حوالي 15 مترا.
وكانت ساعة الذروة المسائية، لكن تلك الفتيات من الجانب المظلم عرفن كيف يستفدن من الحشود.
تجاذبت خمستهن الأحاديث بينما يتابعون الهدف بوتيرة خفيفة.
「هـ-هل أنت متأكدة من أن هذه فكرة جيدة؟」 سألت هنانو. 「ماذا لو هجمت بطريقة لم نتوقعها أبدًا. أعني، أي شيء ممكن في الجانب المظلم، لا؟ وسمعت قصص لأشخاص رأوا تنينًا عملاقًا في الليل مؤخرًا」
「آه هَهَه. في النهاية، مثل هذا محال أن يصير」
「و-وهل علينا حقًا أن نتتبعها عن كثب؟ أشعر وكأنها سترانا إذا التفّت」
「لا يهم حتى لو رأتنا. كيف سترانا "مشبوهين" وسط هذا الحشد؟ في النهاية، هو أخطر علينا لو تخفينا أو أرسلنا عليها طيارة درون. الأساليب التقليدية أسهل في الترصد... همم، موغينو؟」
لا رد.
متجرٌ صغير بِهِ طاولة بسيطة مُعِدّة بالخارج لبيع البينتو للناس هنا في عيد التاناباتا. وبدا الطعام المعروض في هذه الحرارة مشكوكًا فيه.
ولكن الأدهش كانت موغينو شيزوري.
كتفاها ترتجفان.
「له-لحظة لحظة، بينتو السلمون هذا فيه كل هذا الطعام بأربعمئة سعرة؟!! تمزحين! هذه ثورة!! كنت أعرف أن الأرز هو الخيار الصحيييييييييح!!」
「موغينو........」
「400 سعرة حرارية لوجبة لا تبدو حيل غريبة لي. كم تأكل ذي في العادة؟」
وأفضل ما في البينتو هو القدرة على أكله والتجول. تمامًا مثل استخدام الجوّال أثناء المشي، لم يُنصح به، لكنها فتيات الآيتم من لم تعرفن بأخلاقهن.
「تعالوا تعالوا نأخذ صورة」
「(هيه، لماذا تلتقطين صورة وسط مهمة مطاردة، فريندا-سان؟)」
「لأننا نطارد. قد يبدو غريبًا أن لا تلعب فتاة بجوالها وسط المجموعة」
دخلت فتاة الجديلة (الهدف) إلى زقاق ضيق واستدارت عند زاوية فيها مرآة للمشاة ودخلت مبنى صغيرًا ثم خرجت من مخرج مختلف. وكل مرة كانت تتحقق وتتأكد أن لا أحد يتتبعها. لكن لم يكن من الصعب خداعها إذا علموا بخطواتها القادمة. خاصة بفريق يمكن أن ينقسم أو يعيد تجميع صفوفه حسب الحاجة.
「موغينو」
لاحظت تاكيتسوبو شيئًا ومسحت على كتف موغينو تجذب انتباهها.
نظرت فتاة البدلة الرياضية إلى كتابةٍ على جدار أحد المباني.
「رأيتُ نفسَ رسمة المرساة والسلسلة هذه على جدار آخر قبل قليل. أظنها علامة ترشد الناس إلى الكُلوسيوم لا يلحظها إلا المشاركين」
ما إن عرفوا الحيلة، كان الباقي سهلاً.
حافظ الآيتم على مسافة واستمرت مطاردتهم وفوقهم المنطاد يطير. ومن شاشته الموجودة على الجانب قدَّم معلومات عن موعد للألعاب النارية. ويا له من إزعاج كانَ لكل من تمنى رؤية النجوم بسلام في عيد التاناباتا.
「دخلت فتاة الجديلة من هنا؟」
「اغخ سوق المظلات. حيل وَصَلَت الرموز حتى لهالمكان؟」 تذمرت كينوهاتا كأنها سئمت المشي.
وكما في الاسم، كامل الحديقة الصغيرة، الواقعة بين مبنيين، قد غمرت حتى آخرها بمظلات كبيرة مصفوفة بانتظام وتحتها البُسط البلاستيكية والكراسي الشاطئية ومعها المبردات لحفظ المشروبات ومثلها غيرها المزيد. كأنّها استراحةٌ وُضعت في مكان عملٍ عمراني. ويبدو أن كل مظلة تشير إلى محلٍ يبيع، وبعض المواقع بها عدد قليل من المظلات المرتبطة ببعض.
وإذا نظرتَ تحت المظلّات، ترى أوراقاً ووثائق، وتبغاً مسخَّناً، وأشياء شتّى موضوعة على ألواح لِتُقيها من حرارة الأرض. ولم يكن القائمون على تلك المحلات والمتاجر من الكبار البالغين وحدهم، بل ترى فيهم شبابا صغار شدّوا المرايل أو المآزر على صدورهم.
وكل بقعة هنا عبارة عن متجر.
منهم من يبيع الكتب المستعملة والإلكترونيات وألعاب الفيديو. ومنهم يبيعون الخمور أو يديرون رهنًا بلا ترخيص. ولا قانون يسري هنا. وكل المنتجات المعروضة أصلها مشكوك. فهذا سوقٌ شبه مظلم للسلع الرخيصة والمستعملة حيث يكون أصحابه على استعداد لحزم المتاع والتخلص من كل شيء حال ظهور النور، أي العدالة. هذه كانت مدينة كولون الحديثة المحاطة بالسور التي تظهر في أي مكان كالسراب وتبيع أي شيء وكل شيء فتختفي.
وفيها بار بِهِ العشرات من أصناف الطعام المعبأة بالفراغ مع المشروبات ومتجر حلويات يبيع حلوى قديمةٍ عتيقةٍ ميّتة لدرجة تسأل نفسك كيف عثرت عليها في العصر الحديث، وكان للمكان عدد غير عادي من الابتسامات في مكانٍ ما كنت لتحسبه ظلاما.
ونظرت كينوهاتا إلى قطع لحم تُشوَى على صفيحةٍ حامية، أُدخلت فيها عيدانٌ صغيرة كما يُفعل بعينات الطعام في الأسواق.
「هاه؟ عجيب، عندهم لحم واغيو في ذالمكان؟」
「انتبهي إلى السعر، كينوهاتا. هذا لحم مقلد مصنوع من فول الصويا وشحوم الخنزير」
لكان رخيصا ولذيذا كثيرا لو وُضِّحَ ما كان عليه من البداية. ولكنّ سوء سمعته ما جاءت إلا من إخفاء أصحابه حقيقته.
وكذلك يبيعون تاكوياكي بلا أخطبوط ووعاء الأرز بالتونة مصنوعًا من سمك غامض من أعماق البحر. وأنّ الناس المترنّحين بكؤوس البيرة في هذه الساعة ما كانوا ليبالوا بالمذاق، أيًّا ما كان.
هذا ليس شاطئًا، فكيف ثبتوا المظلات؟ اتضح أنهم استخدموا أداة خاصة لفتح ثقوب بحجم الإبهام في الأرض. الكثيرَ الكثير. ولعلّهم أرادوا بها أن يرسموا شبكةً لمواضع المحلات، أو ربما كانت للمفخرة والزينة.
ولمحت هَنانو بحماسة غريبة إحدى المحلات.
「ول... ظلام المدينة مذهل إذا كان مثل هذا الديماس موجودا في الشوارع...هئ! روعة! عندهم "فن مكياج يُميسونا سَيروه"؟! هَهَه ولكن هذه نسخة حُظِرت من كل المتاجر العادية والرقمية!」
「هنانو」
بدت الوافدة الجديدة راضية كثيرا بعد أن دفعت نقدًا لكتاب ملون بالكامل يبدو كموسوعة مصورة بحجم اليد، فأمسكت تاكيتسوبو يدها وأستعجلتها. وإلا لكانت الفتاة عرضة أن تبدأ بحثا عن جميع مستحضرات التجميل الجديدة التي لن تطرح في الأسواق حتى الخريف.
وسخرت موغينو من المشهد كله.
「ما هذا المستوى إلا ظاهِرُ الجانب المظلم. هو موطن لكل أنواع الجانحين」
وبالنسبة لفتاة الجديلة، كان هذا الطريق ضمانا أن لا أحد يتتبعها. وإذا دخل الأنتي-سْكِل أو الجدجمنت خطوة إلى هذا السوق، فسوف يلاحظهم أصحاب المحلات هنا فورا ويهربون حتى لو أنهم جاءوا بلباس مدني.
لكن هذا لن يفيدهم إذا كان فردٌ آخر من الظلام يترصدهم.
ويبدو أن فتاة الجديلة تتجه مباشرة إلى وجهتها بعد أن خرجت من شارع المظلات. كنا في 7 يوليو، وكانت المدينة كجزيرة حرارية أكثر من أي وقت مضى. لعلها أرادت أن تتجنب لألأت الإسفلت من الحرارة، لكن من الواضح أنها لم تكن مركزة كفاية لأن تصعد الرصيف في مشيتها. بل ركزت أكثر على الثلج المُقشر مع صلصة الشوكولاتة وآيس كريم الفانيليا التي اشترتها من شاحنة طعام ولم تلحظ التهديد المحيط بها.
وتكلمت موغينو وهي تشاهد الفتاة عبر انعكاس الغطاء البلاستيكي الشفاف لآلة بيع المشروبات.
「رتبت شعرها وملابسها قبل الدخول. يعني أنها تريد أن تبدو في أفضل حالاتها لمن يكون في الداخل. أظن أن هناك يكون الكُلوسيوم」
「في مكتبة؟ بقوة ما توقعت」
بناءٌ دائري يقع جِوارَ مبنىً كأنه قَصرٌ، ولعله كان مجمعًا يحتوي عددا قليلا من المرافق الأكاديمية المختلفة.
「هِئّااه، كأننا مشينا ساعة أو أقل للحين」
「غريب. وكأنها تجهّزَتْ ساعتين للإعداد قبل المعركة؟」
「ويقولون لا أحد يعرف مكان الكُلوسيوم. في النهاية، ما هو إلا نادي قتال عبثي تحت الأرض معرض دائما للغارات، ولا نتوقع أن يبقى المكان نفسه نِصفَ يومٍ حتى」
وكذلك، فتاة الجديلة لم تبدو "محاربة" تظهر في نادي قتالي تحت الأرض. بدون المعلومات، سيراها معظم الناس دودةَ كتبٍ ولا أكثر.
「في النهاية، كأننا نترقب إنذار جرس حريق. سئمت من الصمت فماذا لو دمرنا المكان من هنا؟」
「ماذا عن لعنة الظلام الـ#6؟ بقوة نام عنهم أم ماذا؟」
الآن وجدوا الموقع، لكن ما عساهم يتابعوا مطاردة الفتاة داخل المدخل الرئيسي. وعلى الباب الذي دخلت منه لافتة "مغلق".
ضاقت عينا موغينو.
تلك المكتبة الهادئة في الواقع ساحةٌ مميتة. كأنما كانت تجسيدٌ مادي لبذخ المدينة الأكاديمية.
「لن ندخل من الأمام وأنا واثقة أن المداخل الخلفية محروسة. ف- ف- فكيف إذن ندخل؟」
「نحتاج مدخل؟ شعاع ميلتداونر واحد يفتح لنا أي جدار نريد」
「ليأتي أحد بفكرة قبلما تتعب ذي الشيطانة السادية وثم ترمي أشعتهاااااااااا!!」 صرخت فتاة التشيواوا كغلاية شاي.
معارِكُ الفرق كلها تكون عن تعويض أخطاء زملائك في الفريق، وهنا ذهبت كينوهاتا الرشيقة تصعد جدار المكتبة ثم تركل سلم الطوارئ القابل للتمديد الذي بقي بجانب النافذة. ومنها صعدت فتيات أيتم السلم واحدةً واحدة ودخلن المكتبة من خلال نافذة الطابق الثاني. كان الدخول أسهل طالما لم يستخدموا الباب.
وألقت كينوهاتا نظرة حول المكان.
「الغبار بقوة ملأ المكان」
「أُمٌّ أنتِ؟」
「في النهاية، ربما خافوا أن تخرب روبوتات التنظيف الكتب القديمة هنا فلم يسمحوا لأحد بالدخول」
وهل كان هذا عذرا لجعل المكان ساحة سرية؟ ولعل العدد المحدود من الكاميرات ساعد أيضًا. وغالبا أنهم هددوا مدير المكتبة أو أيا كان صاحب المكان، من يعلم.
لاحظت فتاة البدلة شيئًا آخر.
「موغينو」
كان الهواء يعج بالطاقة.
لم يتناسب مع التصميم الداخلي للقصر الكلاسيكي على الإطلاق.
قد تحتوي المكتبة على مُنظّمي الكتب ويؤدون أعمالا أخرى بعد ساعات، ولكن الناس الذين استشعرتهم تاكيتسوبو كانوا كُثُر. تعطي شعور وكأنك في نادي ليلي.
ضجيجٌ كان يحدث أدناهم.
ولموغينو ولفريندا قوةٌ نارية كبيرة قد يلحقا الضرر بسهولة بزملاء الفريق إذا وقفوا أمامهم، لذلك اتخذتا المواقع الأمامية والخلفية لتحميا المجموعة في طريقهم إلى ممر الطابق الثاني الطويل. وأطلَّ الممر على القاعة في نهاية الطريق.
ومن الباب اندلعت ضوضاء.
وارتفعت أصوات الهتاف والموسيقى والصرخات.
قُدّر الجمهور بالمئات على الأقل. وشعر الآيتم بسخافة تعبهم وحذرهم العبث في الترصد والتسلل.
「هَي هَيه يا هلا بأحلى جمهور! في الكلوسيوم نعطي لحياتك المملة لمسة من الدموية ما تنساها وحركة الدراهم اليوم مشتعلة أرهنوا وأرهنوا!! صدقا، المال والرهانات، لن تجد أفضل منها في رهن الحياااااااااااااااااااااااااااااااااااااااة!!!!!!!!!!」
ورأوا أطباقا تطير وتدور.
كان الكُلوسيوم شكلاً من أشكال الترفيه، فلابد أن الموسيقى فيه بالغة الأهمية. ولكن من كانت تلك الكعّوبة ذات قناع الغاز والتي تَشغلُ معدات أقراص الـDJ؟
「فريندا، اشرحي」 قالت موغينو، وقد سئمت من كل هذا.
「في النهاية هذه مجرد خدمة مشاهدة على الانترنت. وإني سمعت أنكِ لو أنفقتِ جما فسوف تدخلين حدثا خاصا وتشاهدين العرض مباشرة، ولكن فقط فاحشي الثراء يدفعون」
وما بدا على فريندا اهتمام. ولم تبدُ حسودة البتة.
قالت إنها دائما ما تشاهد الكُلوسيوم على العشاء. وتحب أن تشاهد من على الإنترنت أثناء قيامها بشيء آخر، فلعلها لا تحب أن تكون أسيرة لساعات في بثٍّ تشاهد نفس الفعالية.
「وهناك الكثير. كيف دخلوا جميعًا المكان؟」
「أشك بقوة أنهم جميعًا تجولوا في الأرجاء لساعة مثل فتاة الجديلة. ذلك سيكون واضحًا للغاية ولربما يلغى الحفل من زحمة المدخل. يمكن دخلوا جميعًا شاحنة ثم خرجوا من مواقف سيارات تحت الأرض؟」
وبالطبع، لو أن لديهم وسيلة نقل مضمونة، فلا اضطرت فتاة الجديلة أن تتجول طويلا في حرارة الصيف. إذا قُبِض على شاحنتهم من خلال فحصٍ من الأنتي-سكِل أثناء حملة من حملات مكافحة الجريمة قبل العطلة الصيفية، لانتهى أمرهم. ولذا احتاجوا إلى طريقة أخرى لجلب المتسابقين (المحكوم عليهم بالموت) لأنهم أكثر أهمية من الجمهور.
كل المكاتب من مساحة القراءة الموجودة على الأرض أدناه أُزيلت ووُضِعَ سياجٌ سلسلي يبلغ ارتفاعه أكثر من 3 أمتار. لم يكن واضحا من أين لهم هذا، لكن تلك كانت حواجز مؤقتة أقيمت في الشوارع لإيقاف مثيري الشغب. ولا بد أن المساحة التي يبلغ قطرها 10 أمتار تكون هي الحلبة.
وهناك أيضًا أضواء مسرح ملونة ومكبرات صوت أكبر من الأرائك. أحضروا معدات النادي الليلي. وكانت حماسة الجمهور مُعدية، لذا انتشرت الصيحات والهتافات كالنار في الهشيم. والمباراة لم تكن قد بدأت بعد.
معداتُ التصوير تُرى في كل مكان حول الحشد الصاخب. والمدهش أن المعدات جميعًا كانت نماذج ضخمة تتحرك على عجلات، تمامًا كما في استوديوهات التلفزيون. مع أحدث المواصفات عالية الدقة، لا شك أن لكل واحدة أن تكلف حوالي 20 مليون ين. ومنهم الكثير والكثير هنا. هذا كله ضروري لخدمتهم عبر الإنترنت، وكذلك أظهر مدى بذخ المدراء بالمال.
إضافة إلى ذلك، لُصِقت أكثر من 100 عدسة صغيرة في جميع أنحاء الجزء الداخلي من الحاجز. كانت تلك على الأرجح لبثوث الواقع الافتراضي (VR). كانت جودة المعدات بمستوى مباريات الكرة العالمية. رويدا رويدا وبمثل هذا الغلو والسرف، يتضح أن المدراء أخذوا أكثر من مجرد أموال الجبال.
نظرت موغينو من السور أسفلها مُشمئزة.
「أهكذا الكُلوسيوم؟」
「اليوم للأمانة أهدئ من قبله. عادة ما يجلبون ألعابا نارية قاتلة ضخمة. فهل يا ترى تركوها من وجع رأس التصريحات الورقية؟ أو لأن المبنى لا يعزل الصوت تماما؟ في النهاية، انسي ذا وشوفي شوفي يا موغينو. مفاجأة القفص! بطل الليلة في القفص ببرٌ أبيض بطول 3 أمتار يُرمى على المتسابقين وسط النزال☆」
「ويييي!」 صارخةً هنانو، فتاة التشيواوا، والتفت في إحدى زوايا الطابق الثاني. ما كانت لتحارب الببر بنفسها، وفكرت موغينو أن للفتاة خيالٌ كبير.
والشاردة تاكيتسوبو والبليدة كينوهاتا كانتا أكثر راحة.
「هووه، وكأنها بطولة حيل دموية يموت فيها الناس في كل جولة」
「مسكين الحيوان يجبرونه على القتال. جعل لكل من يدير المكان الهلاك」
وأكيد ما كانت مهمة آيتم هي القتال في الكُلوسيوم.
إنما عليهم أن يذبحوا إدارتها وينتشلوا المال من الدماء. وما هي إلا 15 مليار، إن لم تكن أكثر.
ابتسمت موغينو.
「والآن الآن. أين يا ترى خبّئ الخَدّاعون ثروتهم؟」
- الجزء 7
إنّ الكُلوسيوم لحدثٌ مهمٌ مهمٌ لهنَّ.
لم يجتمعن عند كل حدث، لكنّ وجودهن وصورتهن مُديراتِ الحدث كانت لازمة.
ولكن لم تكن تلك الفتيات الأربع في الحلبة أو في المدرجات. بل في غرفة مراقبة منفصلة بُنِيَت من غرفة خلفية مكتبية مليئة بمعدات إصلاح الكتب. أخذوا هذه الغرفة لمراقبة الوضع في الساحة وعبر الإنترنت.
وطبعا لم تكنّ من كبار المدينة —أي البالغين— لذلك جئن بكراسي وطاولة تخييم لأنفسهن. وتكدست المائدة بالبطاط والفشار والدجاج وغيرها. وللمشروبات، أخذن كولا وقهوة مثلجة. فضلن إحضار الطعام بدل أن يطلبنها من شركة تموين. فكان المشهد أقربَ إلى [يَمينابه] في حفلة مبيت فتيات منه إلى مجلسٍ رسميّ، وكان ذلك عندهن أبهجَ وأمتع.
「اؤؤ...」
تأوهت بنتٌ كأنها تبلغ الثاني عشرة ذاتُ بشرة شاحبة وشعر أسود تَعَدَّى كَتِفها وهي تحدق في كل الشاشات. اسمها وَنِغوتشي نوبوكا فنانة قتالية مختلطة ترتدي زيًا حَلَقيًا بدا كملابس السباحة للسباقات غير أنه أكشف وأقصر وأفضح. رفعت يدها الصغيرة وأقامت ظهرها دون أن تقوم من الكرسي.
وبها، سحقت كرةً مطاطية كانت تحملها.
「أريد أقاتل!! تعبنا حتى كسبنا الببر الأبيض لهذا اليوم وأريد قتاله!!」
「وَنِغوتشي-تشان أنتِ هي الجلادة التي تقضي على كل من ينتهك القواعد وقت المباريات أو الرهانات، ما دامت الأوضاع مستقرة فلا تخرجي. واستمتعي بالهدوء والسكينة」
تنهدت بغضب إبوتَنُكِكوجي كايدي، فتاةٌ ذاتُ قوامٍ بزيّ إعدادية توكِوَداي الصيفي، بضفائر شقراء مموجة، لكن فتاة الفنون القتالية تجاهلتها.
على مظهرها اليافع، كشّرت وَنِغوتشي أسنانها بسخط وتلفظت. 「خرا، حسبت أنني سأشهد كثير من العصيان، لكن الحمقى الظلام ذولاك كلهم يخافون كسر القواعد. أنتم مجرمين — فكيف يتّبع المجرم القانون ويسميه ظلام؟ يا ليتني دخلت مشاركة بدل هذا」
「عندها ستفوزين في كل المباريات، كيف نربح من القمار وقتها؟」 علّقت فتاة المضمار السمراء هاناياما كاميتسو.
تنهدت إبوتَنُكِكوجي. 「وَنِغوتشي-تشان ما بكِ مُنفعلة اليوم؟」
「من فخذها،」 همست الفتاة فضية الشعر إينوّي لسبزيا.
ومن تمتمتها ردّت وَنِغوتشي بنفسها بدل إبوتنككوجي.
「آء!؟ لدغتني بعوضة ثانية... لا عجب أن مزاجي اخترب اليوم. لهالسبب أكره الغرف السراديب. والحشرات مَلَت المكان. هيه، أين الرذاذ؟!ْ」
「فات الأوان إذا لدغتك. تعالي إلي أضع لكِ كريم للحكة」 تدعوها إبوتَنُكِكوجي.
「عادي؟ مرحـ--!」 ابتهجت وَنِغوتشي وكادت تركض إليها لكن شيئا قاطعها.
فتاة الشعر الفضي تحركت في صمت، والآن جلست في حِجر إبوتَنُكِكوجي.
「....إينوّي لسبزيا」
「إيه؟」
ولا تزال فتاة الشعر الفضي منخرطة في شغلها المعقد الذي تؤديه بيدَيْن قُفّازين، ورَدَّت بكلمةٍ واحدة بلهجة كيوتو. ولم تكلف نفسها عناء النظر.
وباعتبارها الوحيدة هنا المحصنة ضد سحر "الزنبق" البناتي، أبقت فتاة المسار مسافة عن الأخريات.
وغاضبةً من سلب مقعدها، تشبثت الطاغية الصغيرة وَنِغوتشي بكتف إبوتنككوجي، لكنها لاحظت بعد ذلك شيئًا آخر. كان لدى إبوتنككوجي مشغل DVD صغير مفتوح ومعه كل شاشات الإدارة. علّه كان عنصرًا بِيعَ برُخصٍ في محلات التخفيضات.
「يا زعيمة، ما هذا؟ فيلم رعب؟」
「من أعفن ما رأيت، لكن أحد الممثلين البهلوانيين قد مات في حادث أثناء التصوير. تمعني هنا وبالحركة البطيئة وسترينه يُدهس حتى الموت من تحت آلة. هِهِهِه. لو رأت المعلمة هذا لأغمى عليها」
في مثل هذه الحالات، إما سيُحظر الفيلم من متاجر الإنترنت أو تُزال اللقطات في تحديث قريب، فإذا رغبت في إضافته إلى مجموعتك، فستحتاج إلى إحدى النسخ المادية المحدودة من الإصدار الأول. فتلك لن تتغير أبدا.
「ويييع. إذا ابتغيتِ رؤية الجثث، كان عليك أن ترسليني إلى الحلبة. وسأريك الدم كثرما تريدين」
「ربما تفعلين، لكني لا أريد لقطة قريبة لجثة」
ابتسمت إبوتَنُكِكوجي برفق وهي تشغل جَوّالها. وقضمت بلطف أُذُنَ إينوّي على حديثها.
سحبت تطبيقها الخاص للخرائط والمرتبط بألبومها للصور. ولكن هذه عرضت خريطة مواقع انتحار شهيرة في أنحاء المدينة الأكاديمية.
「أن أتزين بموت الناس هو ما أبتغيه. وأن أنام ملتحفة ببطانية مصائبهم. هِهِه. ولكن لا أن تكون مبهرجة أو سافرة. فالملابس الفخمة والعالمية ليس حصرا أن تكون مفخرة، بل تُراها أحسن حين تُلبس على بساطة وعفوية. قد نصنع الماس بضغط الجثث البشرية، ولكن لا داعي أن يعلم العامة بهذه الحقيقة. فالحقيقةُ في الرقيِّ أن تُنجز الأمور بالسرّ حيثُ لا يلتفت الهواة لما لديك. وكذلك المالُ الذي نكسبه من الكُلوسيوم」
「هفف」
هاناياما كاميتسو، الفتاة السمراء ذات الشعر الأسود المموج يصل إلى الكتفين وبإتبٍ وشورت رياضي، لم تحاول أن تنضم إلى الثلاثة. رأت بستان الزهور حلو المنظر، لكنها لم تشأ أن تدخل فيه. في رأيها، علاقات الفتيات حلوةٌ إن كانت حلوة، لكن سرعان ما تمرُّ وتلذعُّ عند أقرب زلّة. وفي الجانب المظلم، لصارت النتيجة أظلم بكثير من خراب فرقة فتيات موسيقية عند انهيار علاقة اثنتين.
ولطالما اعتادت أن ترتدي لبسًا أقل كشفا، ولذا مَرّت يدها من فوق بشرتها التان [4] من أعلى جسدها حتى إلى جيبها الشورت ثم سحبت قطعة بلاستيكية.
أضاء وجه وَنِغوتشي بينما لا تزال متشبثة بكتف إبوتنككوجي.
「هؤ، هذه سيجارة إلكترونية؟ أريد أريد!」
「هذا خزان أكسجين محمول. ماصخ 」[5]
وفتاة المضمار هاناياما أرادت بل احتاجت قدرًا من الأكسجين بداخلها قدرما تستطيع. أي أنها ستصاب بالنمل ما لم تحصل عليه. حملت الجهاز البلاستيكي في زاوية فمها، وخرج وميض LED أزرق في آخره، ونفثت الأكسجين المضغوط من الخرطوشة.
「على أي حال، رأيتن الأخبار؟ قبضوا على ذاك المدير الكهل. وقالوا شيء عن هجوم على شركته. حقا لا يجب عليك أن تنغمسي في مقطع فيديو مدته دقيقة وتنسي العالم من حولك. أخباره انتشرت في كل بودكاست」
「فماذا؟ لا أراها مشكلةً لنا ما دمنا نسحب أموال تأمين المتسابقين. حتى لو ماطلوا فإن مدفوعات اليوم آتية لا محالة. وغيرهم الكثير من شركات التأمين في المدينة. وغير ذاك الكثير المدراء لنبتزهم」
「نن،」كان ردّ الفتاة هاناياما الوحيد.
على الورق كانوا شركاء (من نوع ما)، لكنهم لم يلتقوا به في الواقع. حتى لو غنى المدير العام كالكناري وفضح، فهو لا يعرف أسماء الفتيات أو أشكالهن. أُلقي به، ولم يهتموا بمصيره.
ولتُغيّر الموضوع، تكلمت هاناياما إلى فتاة مختلفة: الفتاة النحيلة ذات الشعر الفضي الجالسة في حِجر إبوتنككوجي وعيناها تنخفضان تركزان على العمل الدقيق في يدها. عموما كان شكلها يوحي بالسنجاب. وستكون أزعجتها إذا قلت إنها تبدو كالراكون، وأخذ كل من عرفها الحذر ألا يقول.
「هيه إينوّي. أي مكيدة كريهة استخدمتِها هذه المرة؟」
「....ولا شِيْ مميز」
ارتدت إينوي لسبزيا مئزرًا وقبعة باريه فوق الزي المدرسي الصيفي. أبقت عينيها على يديها العاملة وردت بلهجة كيوتو.
هوايتها هي في صنع التماثيل، ومهاراتها الخاصة كانت في الحرف اليدوية، وتنتمي إلى نادي الفنون. لم تنظر حتى إلى صوب هاناياما بل مضت تُحرّك حركاتٍ دقيقة لفرشاة ذات رؤوس رفيعة مبللة بمواد حديدية خاصة —والتي كانت دماء إنسان— اختلطت باللون المناسب على لوح ألوانها الورقي.
لم تبدو البتة مهتمة بأي شيء، لكنها رفضت التخلي عن مكانها في حِجر إبوتنككوجي.
「صارت في المنطقة جريمة قتل، وأنا الآن أُزوّر سلاح الجريمة. على وجه التحديد أزوّر شفرة حلاقة عليها بصمات ودماء. وكان معي كل المواد في المخزن وما كلفتني هذه شي」
「وَه. مصممي الأزياء يخوّفون إذا غضبوا」
ابتسمت هاناياما السمراء ابتسامة عريضة.
لن يهم إن كانت الأدلة حقيقية أم لا. وغالبا "لن يتذكر" المدير العام بما هددوه به. لكن ماذا لو صدقها الجمهور ونظام العدالة؟ حتى لو كانت التهم باطلة —بل خصوصا إن كانت التهم باطلة— لا أحد يريد أن يخسر كل شيء بسببها.
ومن سلك هذا الطريق ضاعت عليه.
فهذه قاعدة كونية أنَّ كُلَّ من وطئ حافةَ الهاوية سقطَ فيها، خاصّةً الكبار الذين يظنّون أنفسهم أعزّ من أن يُؤذَوا.
وهي من إبوتنككوجي من جاءت بالخطة وأمرتها بتنفيذها، لكنها بدت غاضبة.
عانقت بإحكام فتاة الشعر الفضي الجالسة في حجرها.
「آه يا إينوّي-تشان، ما تعزمين على أمرٍ حتى بلغتِ غايته. أليس يكون أسهل عليك أن تصطادي أحدا في القطار وتغرينه بما عندك ثم تُلبسينه التهم؟」
「وكِيفْ هذا؟ أهدافنا دايما معهم سايق يوصلهم」
ويبدو أن إينوّي قد أنهت عملها لأنها أغلقت شفرة الحلاقة في كيس بلاستيكي. أكملت عملها بهدوء ودون تعابير. وهذه أعطتهم "ورقةً رابحة" أخرى يستخدمونها لإيقاع شخص ما.
لكل فرد نقاط قوة وضعف. فالإغراء ما كان ليصلح لهذه الفتاة الخافضة الكئيبة إلا عند قلة سُذج يستهويهم طبع الفتاة المطيع.
「ما رأيك بهذه النتيجة؟」 فركت وَنِغوتشي خديها على إبوتنككوجي من الجانب. 「المدير العام المقبوض عليه في التلفزيون ليس بمشكلة لنا. ونحن على استعداد لإيجاد محفظة غيره جديدة. والنظام الذي بنيناه يعمل على أحسن أحواله، خصوصا صمام الأمان. لم نرى خطبا ولذا فلنكمل تشغيل الكلوسيوم كالمعتاد.
「「「تمام!」」」 اتفقت معها الفتيات الثلاث.
لكن أي راصد قرأ الجو كان ليلحظ أنهن لم يقلنها في نفس الوقت بالضبط. انتظرت الثلاث الأخريات ردة فعل إبوتنككوجي كايدي قبل أن يَقُلن.
وكانت مركز الانتباه السري هذه تهمس في الفتاة فضية الشعر التي لا تزال جالسة في حِجرها.
بابتسامة ناعمة على شفتيها.
「ولا تقلقوا. فكل أرباح الموت، ستكون من نصيبنا نحن الآيتم☆」
- الجزء 8
فوق السقف، تبادلت موغينو شيزوري وتاكيتسوبو ريكو النظرات.
「موغينو」
「أوقالت لتوها...آيتم؟」
أولم يكن في تسجيل المدير العام نفس القول؟ لكن هذه المرة جاءت مباشرة من المنظمين أنفسهم.
إنّ آيتم لا شك هو اسم فريق موغينو. فلو كان هؤلاء بديلا في حالة الطوارئ أو مجموعة أخذت الاسم بحثا عن عمل في الجانب المظلم، لكان من المفترض أن يتنكروا ويتصرفوا مثل موغينو والآخريات، لكن لم يفعلوا.
مهما كانت أسبابهم، تلك الفتيات أخذن الاسم آيتم في غرفة خاصة حيث يفترض أنه لا أحد آخر يستمع. وهذا يعني أن هذا لم يكن تمثيلاً. بل هو الحقيقية.
وفي الأثناء، قلقت فريندا بشأن شيء آخر: ملابس الفتاة المركزية.
「هيه، أهذا زيّ توكِوَداي؟ كيف آل الأمر بفتاة ثرية من تلك المدرسة إلى الجانب المظلم؟」
「الثراء بقوة ما منعكم من ارتكاب الإجرام. كلكم في نفس الموقف」
إذا كانت تلك الفتاة حقيقةً طالبة في توكِوَداي، فهي خَطَرٌ خطر.
وواصلت الفتيات على الأرض حديثهن.
「آه نسيت، وَنِغوتشي-تشان، هاك إعانة هذا الشهر」
「هوء، تسلميــۤـن~~!」
ورمت الفتاة المركزية شيئًا بإصبعيها.
دار الجسم في الهواء كذا لفة حتى أمسكته وَنِغوتشي بدقة، كانت بطاقةً تبدو بلاستيكية.
「هذه السابعة. كيف أنفقتِ ما قيمَتُهُ شهرٌ بهذه السرعة؟ أجرك محترم، لذا كُفّي عن إهدار المال」
「إبوتَنُكِكوجي كايدي. كانت لتكون مثالية لو لم تخربي المتعة بهذا الكلام」
برطمت فتاة الفنون القتالية الصغيرة شفتيها وفركت خدها على فتاة توكِوَداي وقبّلت البطاقة قبلة سريعة.
يبدو أنه هكذا يتلقى هذا الآتيم(؟) مدفوعاته.
「(بطاقة نقود سوداء؟)」 تمتمت موغينو من فوق السقف.
「(هذه بطاقة مسبقة الدفع شفتها بقوة تُستخدم مع مشغلات الموسيقى ومتاجر الإنترنت. تشترينها من المتاجر الصغيرة وبقوة تدخلين الرقم في الحاسوب أو الجوّال)」
ثم ردت موغينو على تفسير كينوهاتا تمسح ذقنها بإصبعها.
「(سعة البطاقة لا تتجاوز في العادة 10 آلاف ين، لكن سمعت عن بطاقات مميزة بمبالغ أكبر. مثل 5 أو 10 ملايين. على أنني رأيت أن الغرض منها فقط لشراء حقائب فخمة من الإنترنت أو للتبرعات على مواقع الفيديو)」
لكن هذه حركة ذكية.
بطاقات الدفع المسبق لأخفُّ بكثير من المال أو الذهب. كما لا يمكن أن تُجَمّد دون سابق تحذير كالحساب المصرفي. على عكس الماس، لا يهم ما إذا تضررت أو خدشت. فالمال يتنقل بين البطاقات، وهذا أيضا سَهّل غسيل الأموال. ولهم أن يحولوها مرة أخرى إلى نقود إما عبر الإنترنت أو في محل الرهانات.
「موغينو」
وأشارت تاكيتسوبو إلى مكان آخر.
الفتاة المركزية —إبوتَنُكِكوجي كايدي؟— بالقرب منها حقيبة. بدت رخيصة، لكن تمعن وسترى أن القفل قد استُبدل بقفلٍ أجمل وأحسن. ليس أنّ القفل الجديد أصلب وحسب بل بدا يتضمن مستشعرًا ينقل مَوقِعَهُ عبر الإنترنت إذا فُتح القفل بالقوة.
(إذن تحويل الأموال إلى بطاقات لم يكن فقط لغسلها. هم كذلك لا يثقون في البنوك أن تحفظها).
لن تجد طرق اعتيادية في الجانب المظلم. قد تلمح صورةً عامة وإن لم تكن مثالية عن من يستخدم مثل هذه الأساليب.
فكرت موغينو في الأمر قليلاً.
「إذا كان في الحقيبة بطاقات [10 ملايين ين] + بعض المساحة المتبقية للتبطين، فأتوقع أنها تحتوي قرابة الـ80 مليار ين」
「هبياااه!؟」
عند سماعها المبلغ، صرخت الجبانة هنانو تشوبي دون تفكير.
ولم تكلف فتاة توكِوَداي نفسها عناء البحث.
بل ببساطة رفعت كفها أعلاها وهي جالسة على كرسي التخييم مع إينوّي في حِجرها.
「هناك」
السقف كله انهار.
لم يكن لموغينو الوقت الكافي لتنقر على لسانها.
غرقت مواد البناء كأنما غرقت في حفرة نمل ومعها الفتيات سقطن إلى البلاط بعد أن اختفى موطئ القدم.
تناست موغينو تصحيح وقفتها وركزت على الهبوط خوفا أن تنكسر ساقاها بالحطام. حتى أمام الدخلاء، لم تنهض إبوتَنُكِكوجي.
وإنما أزاحت إينوّي من حِجرها وأوقفتها.
「طاب يومكم يا لصوص المجاري☆」
「مُغترةٌ أنتِ كثيرًا، على ساحرةٍ تحول حياة البشرِ أموال」
「ياه. وألستِ طفحتِ بالثقة، لفل 5-سان☆؟ أما تسائلت مرةً كيف تحققين النصر أينما ذهبتِ؟」
لم تنكسر ثقة إبوتَنُكِكوجي عندما وُصِفت بالساحرة.
فإذا قلنا، بدا وكأنها تعتز بهذه الإهانة.
「لقد اختار رؤسائك مهامًا تنجح فيها حتى مبتدئةٌ مثلكِ لِتَذُوقَ طعمَ النجاح. ومثل هذا في القمار والمخدرات—كُلُّ رَذِيلَةٍ من شَهَواتِ الحَيَاةِ تَسِيرُ على هذا النهج. لكنّ رحلتكم السهلة والمجانية هنا تنتهي. الآن حان الوقت أن نمتص منكن كُلَّ قيمةٍ تسوى. بلغتم عاليا والآن تسقطون」
「ستصيرين فحمًا قريبًا. آمل ألا تمانعي」
「يا مسكينة. يا ليتك تستخدمين عقلك لو مرة. أنتِ مقتنعة أنكِ تقدرين على أي شيء ما دام لديك الميلتداونر، لكنني أقول أن هذه الفكرة بالذات هي لكذبةٌ وضعها كبار المدينة في رأسك」
وقهقهت.
لا تزال على كرسي التخييم جالسة، وأبعدت عنها وَنِغوتشي.
「أتحسبين أنه يمكنك النجاة من أي شيء طالما تحملين هذا الفخر الواهي أَحَدَ سَبعةِ المستوى 5 في المدينة الاكاديمية؟ وأنّ ظلمة هذه المدينة ضحلةٌ ركيكة؟」
وكانت فريندا هي التي حدقت في ابتسامتها الواثقة تُنكر.
تلك الفتاة عرفتهن. ولكن ثقتها لم تتزعزع بينما تتحدى موغينو شيزوري.
وموغينو بالطبع لم تتردد.
أرادوا فقط الحقيبة، وليس إيذاء الأشرار أو الحصول على أي معلومة منهم.
مدت كفّها وأطلقت شعاعًا وحشيًا على العدو مباشرة.....
لكن.
انحنى شعاعُ موغينو شيزوري بزاوية حادة وضرب الحائط منفجرًا.
「مه-؟」 قالت فريندا وشحب وجهها تمامًا.
ولعلها انصدمت أكثر من موغينو.
موغينو نفسها ضاقت عينيها.
「أيا الـ....」
「لا، لم أستخدم الكهرباء」
لم تقف إبوتَنُكِكوجي كايدي من كرسيها.
ضحكت ضحكةَ خُبثٍ وبأناقة قالت.
「فأنا هي سَادِسَةُ المدينة الأكاديمية」
السادسة؟
وصفت نفسها بـ#6 المستوى 5. ولقبها هذا عُرف باسم لعنة الجانب المظلم.
「حان الوقت لتعلمي أن تفوق المستوى 5 قد عفا عليه الزمن وصارَ من الماضي. بل أن مشاكل التوافق قد ظهرت وهي أهم من تصنيفاتكم. وعلى هذا تذكروا، أنا أُعرف بلَعنةِ ظلامِ المدينة」
「مه-مثل هذا محال.......」
آمنت فريندا بقوة اسم آيتم — بقوة موغينو شيزوري.
آمنت بنُدرة السبعة من المستوى 5 في المدينة الاكاديمية.
فما توصلت إلا إلى نتيجةٍ واحدة.
「في النهاية، محال أن يظهر لفل 5 في أي مكان نذهب إليه!! تَدّعين أنكِ لعنة الظلام؟! يمكن لأي أحد أن يأتي ويقول إنه #6! في النهاية ما هو إلا رقم!」
「لا؟ حقًا إنكِ جاهلة بأعماق الظلام. لسنا نادرين وقد تلقيننا في كل مكان، نحن المستوى 5. صدقًا، لكِ أن تقولي أن الجانب المظلم هو موطنهم. وهذا ينطبق على أول اثنين في القمة بالتأكيد، ومثلهما مجنونَةُ الأشعةِ هذه التي تقف أمامنا. أما بالنسبة لمتحكمة الكهرباء والنفسانية.... صعبٌ القول، لا أجزم أنهما تنتميان إلى الظلام لكن لهما قدما فيه لا شك، نظرا إلى مشاريعهما وعلمائهما. هِئهِئ، يبقى عندك أحمقُ الجرأة ذاك السابع. ولكن أتريدين أن تبني معاييرك على مثل ذاك القرد الفالت؟؟؟」
「...................................................................................................................................................................」
تُركت فريندا سَيفِلن عاجزة عن الكلام.
وكان لإبوتَنُكِكوجي وجهة نظر.
ماذا لو أن المستوى 5 المعروف بلعنة الجانب المظلم كان أيضًا ذو باع في الإجرام والأعمال غير المشروعة؟
أليست مثل هذه النتيجة العفنة متوقعة من هذه المدينة؟
ثم أنّ نظام المستويات في المدينة يعتمد بالكامل على مدى فائدة الإسبر في مجالات البحث. فإذا كان المستوى 5 القمة، فمن الطبيعي أن تتصور الكبار الفاسدين من الظلام فوقهم بغض النظر عن أخلاق المستوى 5 أو شخصيته. ولربما خُدع بعضهم للمشاركة.
وكأن ضحكات إبوتَنُكِكوجي حكمت المكان.
وعيناها تنصب على رابعة المستوى 5، موغينو شيزوري.
「تريدين المجادلة، لكن لن تقدري على إنكار الاحتمال، لا؟ وكمّ من قصةٍ مهمة سمعتِ عن #6؟ وما صحة تصورك عن جنسه وعمره في رأسك؟ أتحسبين أن أيَّ معلومةٍ ظننتِ أنك تعرفينها ستساعدك هنا والآن؟ ما هذه شائعة أو قول أو أسطورة سمعتها من بعيد. أنا هنا أمامك المصنفة #6」
「لا تغترّي على وقوفك في نفس المستوى معي يا دودة」
عاد الغضب إلى موغينو، لكنها حافظت أيضًا على عقلانية في أعماق عقلها.
بعبارة أخرى...
(لم أره، لكنها أعوَجَت الشعاع. أي نوع من القوة تمتلك؟)
ثم نادى صوت من السقف المكسور.
على ما يبدو لم يسقط الخمسة كلهم.
「موغينو!」
「ابقي مكانك، تاكيتسوبو! ويا هنانو، أما زلتِ في السقف؟ أخرجي تاكيتسوبو من هنا!! وافعلي كل ما يلزم لحمايتها! مفهوم!؟」
سمعت موغينو تلعثمًا مذعور، لكن صوتها يبتعد أكثر فأكثر. هنانو خائفة لكنها فعلت ما قيل لها. كانت دجاجةً تهرب عند الحصار، لا دجاجةً تتجمد.
ومُتعقب AIM تاكيتسوبو كانت قدرة مفيدة، لكن لا داعي أن تكون في خط المواجهة الأمامي حتى تُفيد. يمكنها قراءة موقع العدو من مكان آمن وترسل المعلومات عبر الجوّال.
وهذا يترك موغينو وفريندا وكينوهاتا.
ويا محاسن الصدف أن المهاجمين وحدهم من سقطوا من السقف. حظٌ منهم أم كان نحسًا من العدو؟ في كلتا الحالتين، مثل هذا الفأل قد يغيّر قواعد القوة في عالم الأشرار.
「نكتة ما تضحك」 بدت كينوهاتا منزعجة. 「هذه #6 اللفل 5 وطالبة من توكِوَداي؟」
「هِئهِئ. أراكِ مندهشة على رؤية نخبوية في الظلام」
وأبدا تعبير إبوتَنُكِكوجي أنها وجدت أنه من المحير لماذا تشكك كينوهاتا في ذلك.
أحضرت إصبعها إلى ذقنها وأمالت رأسها بلطف.
「الفتيات على شاكلتي تتربى في بيئة محمية مدللة منفصلة عن العالم. ممنوع الضوضاء عن المشي أو الأكل أو حتى الضحك. أيُربون نينجا أولئك؟ إذا أُجبِرَت الذات على حالٍ غير طبيعي، فإن النَفْس في الداخل تتشوه. ولذا لزم الأمر أن أفعل شيئا لأعيد عقارب الساعة إلى محلها. وبهذا تعلمت حقيقة العالم، مهما قَبُحَ وشان. بل يجب أن يُتكرَّرَ هذا الفعلُ دَومًا، وإلّا اختلَّت السّاعة وعادَت خارِجَةً عن وفاق الزّمانِ وسائرِ العالَم」
「ألهذا الحد وصلتِ حتى تتعلمي بقوة كيف يكون العالم؟」
「حاولي أن تُدركي كم يَضيقُ العَيشُ الذي يُجبَرُ المرءُ عليه حتّى يحتاجَ إلى هذا كلّه لِئلّا تُمزِّقَه التشوّهاتُ التي في داخله. هذه عِلَّتكم يا أصحاب الساعات الرخيصة الرقميّة: لن تفهموا ألمَ مَن نُشِّئَ على الترف」
تنهدت بخيبة أمل واضحة.
لم تَقتُل خوفا على نفسها في الحرب، ولم تسرق من فقرٍ أو جوع.
لكنها قتلت الناس على كل حال.
وما أشدَّ ما يُظهِرُهُ الناس من قسوةٍ في السّلمِ حيث لا عُذر يُرجع إليه.
「هِهِه」
ضحكت بنت توكِوَداي بهدوء ووجهت يدها الرشيقة نحو السقف.
「بالمناسبة، لم أتوقع أن معكن خامسة. لكن هل تحسبون حقًا أننا سنجلس ونتفرج عليهما تهربان؟」
「وهل حسبتِ أننا نجلس ونراقب؟」
اتخذت كل من فريندا سيفلن و كينوهاتا ساياي خطوة.
سحبت فريندا عدة متفجرات دخانية على شكل بيضة من تنورتها القصيرة ولصقت عليها فتائل أصغر من أعواد السجائر.
「في النهاية، أتظنين أننا سنمنحك الوقت لمهاجمة تاكيتسوبو وهنانو؟ لَتَجَنّبتِ هذا لو أنكِ سلّمتِ المال، لكنني سأعترف أنه من المضحك جدًا كيف تطلبين التفجير!!」
ووسط الدخان وصرخات فريندا لاحظت موغينو شيئًا. سحبت خلسة جوّالها من جيبها ووجدت رسالة: ركزي على الحقيبة. أنتِ أقوانا، فطارديها.
تساءلت موغينو من أين أتت ثقة فريندا وهي من كانت تذعر من إعلان #6 في وقت سابق، لكنها صرخت فقط لتمنع العدو من سماع اهتزاز جوّال موغينو الصامت.
وتالي ما لاحظته موغينو أنَّ الحقيبة المعنية قد اختفت. أخذتها واحدة من الآيتم المزيف... على الأرجح من فتاة نادي الفنون.
لم تعد موغينو والأخريات تهتمّ بالمهمة التي جلبها لهم [صوت الهاتف].
وليس عليهن حتى الفوز بالجائزة المالية في الكُلوسيوم الدموي.
كل شيء هناك في الحقيبة.
باتت سرقة الـ80 مليار من البطاقات المالية على رأس أولوياتهم.
「سحقـ!!」
أطلقت موغينو كذا شعاعِ ميلتداونر مباشرة فوق أكتاف فريندا وكينوهاتا. وقد ثنى العدو إحدى أشعتها. نظرًا لأنها لا تزال تجهل ماهية تلك القوة، لم تعد ترى هذا الهجوم الوحيد هازمًا العدو. بل كان القصد من الشعاع تعمية الآيتم الآخر(؟) بينما يتبادل الآيتم الأصلي الأفكار تحت غطاء الانفجار وسحابة الغبار.
「الحقيبة عليّ!!」
「بقوة مفهوم. بين قدرتك وقدرتها مشكلة توافق، ها؟ سنهزمها هنا إذا قدرنا، وعلى الأقل سنبطئها ونحاول أن نعرف ما هي قوتها」
ضرب موغينو بابًا بكتفها وكادت تتدحرج إلى الردهة.
رأت تنورة بالزي الصيفي ترفرف. وفتاةً تسحب الحقيبة حتى آخر الردهة. وكانت مجرد نقطة من منظور موغينو.
(أبغى أفجرها من هنا، لكن هذا يتطلب خط تفجيري أنحف من المعكرونة. لا أتمنى أن أُبخّر بالخطأ الحقيبة)
「ما لي إلا الاقتراب!!」
وما إن جاءت بخطة، أسرعت في العمل فيها.
انطلقت في ردهة المكتبة.
والفتاة الكئيبة من بعيد نظرت وراءها مرةً ثم سحبت شيئًا مثل ريموت تحكم من جيب تنورتها وكبست الزر بإبهامها. سمعت موغينو زئيرا قادمٌ من الجدار في جانبها. تحطم بابٌ مزدوج من قريب وخرج منه حيوانٌ بري ملطخ بالدماء إلى الردهة.
بلغ 3م ووَزَنَ أكثر من 250 كجم.
لا شك أن الريموت فتحَ قفص الببر الأبيض.
「أكل زق واهجع!!!」
بكَفِّ موغينو ضَرَبَته. لم تستخدم قدرتها حتى. هزّت اهتزازاتُ الهواء نافذة قريبة وانتشر تأثير الضربة من أنفِ الببر الأبيض إلى طرفِ ذَيْله. أسكتت صفعةُ الوجهِ الوحشَ البالغ طوله 3 أمتار.
وعلى الأرض سقطت فتاة تبدو وكأنها من الجدجمنت (فرقة الأمن) والتي انتهى بها الأمر إحدى المتسابقين في الكُلوسيوم.
「أ-أنقذتِني؟ شُكر-」
「انقلعي يا ♂♀〒#!!」
بعد أن شَلّت الفتاة بصرختها، واصلت موغينو الجري في الردهة.
وقد هربت فتاة النادي الفني ذات الشعر الفضي إلى الباب في نهاية الرواق الطويل.
ومن وراء البابِ فضاءٌ مُقبب. غطت مساحة حوالي أربعة متاجر صغيرة. وجهازٌ دائري في الوسط مغطى بأجهزة بصرية، تُحطيه مقاعد مسرحية.
نظرت موغينو إلى هذا الفضاء المظلم الخالي من النوافذ.
(القبة السماوية؟)
أوكان هذا داخل المبنى الدائري الذي رأته بجانب المكتبة؟ هذا لا يهم حقًا.
من مكانها رأت فتاة النادي الفني. لا بد أنها لم تستطع الركض بسرعة أثناء جر الحقيبة. ولم تهتم موغينو إلا بما تحمله الفتاة، لذا كانت على استعداد أن تطلق النار على ظهر الفتاة دون تحذير إذا ضمنت سلامة الحقيبة.
(إذا أستهدفت عمودها الفقري وركزت الشعاع على خطٍّ عُرضه عُرض المعكرونة، سأقتلها على الفور برمية!)
لكن هذا ليس ما حدث.
هربت فتاة النادي الفني القاتمة ذات الشعر الفضي عبر مخرج الطوارئ.
لأنّ...
「آه هاها!! تلعبين الغميضة؟ العبي معاي وانسي إينوّي!!!」
هررر!!! مُتفجرٌ جاءَ من الجدار يسار موغينو. وصلت فجأة لدرجة أن موغينو لم تملك الوقت لتطلق الميلتداونر. نقرت على لسانها وتدحرجت بعيدا.
وخدشتها كتلة ضخمة من المعدن بعد أن هربت من عاصفة رياحية.
المقاعدُ المحيطةُ بجهازِ القبة الفلكية كانت مُرتَّبةً في دوائرَ متراكِمَةٍ متقنة، كأنها مقاعدُ دارِ السينما، ولا بد أنها تثبتت في الأرض بإحكام.
ولكنها كلها تفجرت كدبابيس البولينغ.
وقد قُدّرَ أن الضربَةَ كانت أَشدَّ فتكًا من قطار شحن. وكانت لتخترق جدار القبة السماوية بسهولة.
استمر هديرٌ المركبة يشق الأذن مرارًا وتكرارًا.
جاءت من فتاة المضمار السمراء بشعرها الأسود المتموج حتى الكتفين.
وكانت ساقها على شيءٍ شبيه بلوح التزلج مع مقود على شكل T. أكان اسمه سكوتر الدفع؟
لكن الجزء الخلفي من اللوح، حيث استقرت قدمها الأخرى، كان كبيرًا كبيرًا غَيْرَ عادي. كان طول هذا الجزء وحده يقرب الـ3 أمتار، والعجلة سميكةً للغاية، والأسطوانة المتضخمة تبدو أقرب لمحرك نفاث غير مغلق. وبالطبع، كان لابد أن تحتوي على مجموعة متنوعة من أجهزة الدفع المختلفة غير هذه الواضحة.
لم يعتمد الجانب المظلم دائمًا على قوى الإسبر.
كما استخدموا أسلحة الجيل التالي.
「تشرفنا يا زميلة. أنا هاناياما كاميتسو من الآيتم. لكن أدعيني بالساعية」
「.......」
「أنا الساعية التي توصل الموت. وقد أوّصل العنف أو القنابل، ولكن حتى حين أوصل سبائك الذهب أو الإسعافات الأولية لأنقذ حياةً، فدائما ما يؤول الأمر إلى خراب. هذه أنا. فاحذري من إحسانٍ قَدّمَهُ لكِ شرير. هِهِهِهِه. حتى الطفل يعرف أن الوثوق بإغراءات الشيطان قبيح」
عندها لاحظت أن موغينو لا ترد.
بدا وكأن هاناياما لم تتخيل حتى أن أحدًا قد يهتم بما هو أكثر من لقبها "الساعية".
「همم؟ ألا زلتِ مُنزعجة بموضوع "آيتم"؟ ماذا أحسبتِ أنكِ الوحيدة من له حق الاسم؟ وفكرت أن لاسمكم حقوق نشر مثلا؟ لا تتغابي. لن يحمي ظلام المدينة أبدًا حقوق الأشرار!」
ضحكت السمراء وأثنت وركيها وأمالت الجزء العلوي من جسدها على المقابض T.
ضحكةٌ غير سارة لفتاة تعرف الحقيقة.
「أيُّ فريقٍ أفيد للظلام هو من سيكون آيتم. هكذا يعمل النظام. وأما القتلة الذين لا يفعلون شيئًا سوى هدر الأموال سيخسرون. أنتِ فقط تدمرين —لا تنتجين شيئا. أما نحن فأدَّينا الوظائف وحققنا الربح وشوييييية علونا فوقكم」
أعطى سكوتر الدفع المعدل هديرًا عميقًا.
「فهيّا نلعب يا مُنتحلة. وسيُطيح أيتمنا كل الموجودين في المضمار.
هذا النموذجُ الأولي يُنتج سرعاتٍ تبلغ 1100 كم/س دون أن يغادرَ الأرض. سأسحقكِ مع رفيقي دراغون موتور!!」
هاناياما لم تنتظر ردّ موغينو.
سحبت الدواسة وانصهرت على شكل خطوط انسيابية.
- الجزء 9
فريندا سيفلن وكينوهاتا ساياي، إبوتَنُكِكوجي كايدي ووَنِغوتشي نوبوكا.
اثنين ضد اثنين.
「أوه؟」
وأول من نَطَقَت كانت الفتاة الصغيرة بزيّ الحلبة.
「هربت أقواكم ووقفت هاتين الضعيفة والمستجدة تقاتلان زعيمة الآيتم وأنا؟ أم الثقة」
「وَنِغوتشي-سان، هلّا نبدأ كالمعتاد؟」
「هيّا」
لم يُمنح لهما وقت التجهز.
اِنفَجَرَ شَيءٌ عبر الغرفة مُحطِّمًا الجدران الأربعة. وأولهم الجدار خلف كينوهاتا وفريندا.
هذا يعني أن المساحات التي قد قَسَمَت الجدران قد اتصلت.
وصارت الغرفة الآن جزءًا من ساحة الكُلوسيوم التي كانت تغلي بالإثارة بعد حادث مروع.
صمت الحشد من الذعر، لكن لم يلبثوا حتى انفجر هتافٌ صاخب. اجتمعت أصواتهم مُشكّلةً كتلةً واحدة قوية من الضوضاء. وشدت الفتاة القائدة جبينها تركز بطفيف.
وعفويا أمسكت وَنِغوتشي بميكروفون طار إليها بنفسه.
「إيييهااو!! لا تزعلوا يا جمهور أننا أفسدنا القتال، لأن معنا الآن معركةٌ أشعلُ وأروع. اصرخوا فها هو وقت حدث التطهير. هيه هيه وااااااه! وأشهدوا دخول الجلادة! في هذا البث ستشهدون حلبة تملاها الدمااااااء!!!!」
「ابتعدي يا مستجدة!!」 صاحت فريندا.
سقطت من تنورتها أشياء وانكسرت. أرادت اهتزازًا. واحتوت المكتبات على الكثير من الورق، وهي حساسةٌ كثيرا عند اكتشاف الزلازل والحرائق الكهربائية.
أخرجت إبوتَنُكِكوجي كايدي لسانها قليلاً.
「تشه، تحاولين قطع الطاقة؟ مملة. لكنك على الأقل قطعتِ البث. ولسوء الحظ، منعنا دخول الجوالات حتى نمنعهم من تسجيل وتحميل المباراة في الإنترنت」
「في النهاية، تلك التي هناك كاميرات احترافية بعجلات، لذا لا شك أن اتصالها سلكي. وفي استوديوهات التلفزيون دائما ما يكون فيها صبي يُدير الكابلات!」
أن تُكشف مقاطعٌ عنك وأنت تقتل الناس في كل أنحاء العالم لهو أسوأ سيناريو لمن يعمل تحت الأرض، وبالكاد نجوا من هذه الاحتمالية. ولكنّ ذلك شغّل نظام طوارئ يستجيب إلى علامات الزلازل، ولذا سوف تعود طاقة الغرفة مرة أخرى في غضون 10 دقائق ما لم تظهر مشاكل أخرى.
「لكننا قبلها سنقتلكما」
ضربت وَنِغوتشي قبضتيها معًا أمام صدرها المسطح.
بنت الاثنتي عشرة ابتسمت ابتسامة قتالية على إعلانها موت العدو.
「ليكن حدثًا حصريًا في الموقع الآن، ولنجعله أكثر إثارة تعويضا عن الخسائر!!」
لم تتردد وَنِغوتشي أن تتقدم.
لعل هذا كان دورها في الفريق. بينما تبقي طليعة العدو مشغولاً، تبقى الحارسة الخلفية على مسافة تُجهّز شيئا. ادّعت تلك الحارسة أنها الرقم 6. فأي شيء تفعله لابد أن يكون مميتًا.
(لا أدري ما تستطيعه تلك، لكنّي بقوة لن أمنحها الوقت!!)
كسرت كينوهاتا الأرض خطوةً تقترب.
وانطلقت الفتاتان في ركضةٍ. وإلى أقصر طريق ليقتربوا من بعضهم.
نشرت وَنِغوتشي ذراعيها.
「بلا خدع؟ أعجبتني. لستِ أفضل من لحمة متعفنة في القمامة، لكنكِ على الأقل لحمة تستحق الاحترام!!」
عندها —وبلحظة من الاشتباك— طارت كينوهاتا بشكل غير طبيعي إلى اليمين. ومن حسن حظها أن لديها الأوفينس آرمر. فأي إنسان عادي كانت لتنفجر أحشاءه من الضربة.
لم تكن فعلة وَنِغوتشي ولا من قوة إبوتَنُكِكوجي أيضًا.
في برهةٍ فجّرتها حليفتها فريندا بقنبلة لتقذفها جانبًا.
وبلحظةٍ بعدها، مزقت يد وَنِغوتشي الصغيرة الهواء. كانت أبعد ما يقال عنها لكمة وأقرب إلى حركة لولبية تأخذ فيها كل شيء بيدها. ضيّع الهجوم هدفها واصطدم بخزانة كتب فمزّقها وفتّتها. هي قوة إسبر ولا غيرها. ومن الظاهر، يمكنها تمزيق سيارةٍ إلى قسمين بذراع واحدة.
「أغبية أنتِ!؟ في النهاية، صلّحي تفكيرك هذا وثقتك أنّ درعك سيصد كل شيء ولا تندفعي لتجربي ما يقدر عليه العدو! ستموتين على أتفه الزلات في الجانب المظلم!!」
بدأت فريندا تريد قول المزيد، لكن شكلا كبيرا هبط عليها.
「بقوة انتبهي!!」
كانت كينوهاتا على الأرض ساقطة، لكنها رَمَتْ حامل الإضاءات المعدني وضربت فريندا بقوة كافية لتبعدها عن شيء.
「أنا متأكدة أنني سأبقى على قيد الحياة أطوّل من التي تقف ساكنة تثرثر في وسط المعركة!!」
「أيا الـ، غه. أنقذت حياتك وهكذا تردّين؟ في النهاية، دخلتِ جحيم المرحلة المتمردة يا طفلة؟」
ليس هذا هو وقت الشكوى.
مرّت هزة أرضية.
استهدفَ فريندا دُبٌّ أشمط بلغ أكثر من 3 أمتار عندما يقف على رجليه.
「الكلوسيوم عادة ما يكون للأسابر، ولكن جعلنا هذا تأميننا في حالة لو أنّ الببر الأبيض قتل كل المشاركين وبقي. وكنا نأمل أن ننسي الجمهور وجود فائز بعد أن نؤلب الوحشين على بعضهما ونجعل الناس يراهنون على النتيجة」
أقفلت إبوتَنُكِكوجي فمها بيدها وضحكت أمام دبٍّ أشمط لا يفصل بينهما جدار ولا قفص.
ولم تكن لتستخدم خدع السيرك لترعبه ولم يكن معها سوطٌ ولا نار.
「في النهاية، أيعني هذا أن قوتها تتحكم في الحيوانات!؟」
「لا، هذا بقوة لا يفسر. وإلا كيف هدمت السقف والجدران!؟ وحتى أنها جعلت الميكروفون بقوة يطير من نفسه إلى تلك الجلادة」
هذا صحيح.
وفوق ذلك، أظهرت إبوتَنُكِكوجي العديد من الظواهر الغريبة. رفعت كفها نحو الدب دون أن تنظر إليه فتَوَقّف. فمثل هذا الوحش الشرس الذي لا يمكن التنبؤ به قد يهاجم الناس إذا خرب مزاجه، لكنها الآن تتحكم فيه كما لو كان معها جهاز تحكم.
ثم تحرر الوحش المهتاج من كل قيد ولوّح بقدميه ليس نحو فريندا بل إلى أقرب إنسان له.
تجاهلته وَنِغوتشي ومَشَت.
من بعد ذلك تلا صوت طحنٍ ناعم.
كان للوحش البالغ 3 أمتار عضلاتٌ تَقدِرُ على إيقاف طلقة مسدس عيار 0.45، لكنّ بنت الـ 12 عاما أمسكته بذراعيها النحيفتين وسحقته.
حتى الجمهور المتعطش للدماء صُدِم وأُخرِس.
「............................................................................................................، في النهاية، هل خانتني عيناي؟」
لم تستخدم ضربة جسدية. بل كان أشبه بقفل مفصل.
ابتسمت وَنِغوتشي بلطف وهي غارقة في دم الدب. احتوت تلك الابتسامة على مزيج مثالي من البراءة والتخويف، وهذا أكسبها من البعض شعبية كبيرة.
「آغغ، جديا؟ يا زعيمة، أعرف أن اللعب بالحيوانات ممتع، لكن حاولي ألا تقاطعي معركتي」
「هيهي. اعذريني اعذريني. خرج عن سيطرتي قليلاً」
فوجئت فريندا.
رقصت عدة انفجارات في يدها عبثا بعد أن تجمدت في وضعية تتجهز للرمي.
هل سيؤثر هذا حتى عليها؟
كانت المتفجرات رمزًا لتقدم الإنسان وعنفه، لكنها شعرت أنها لا تكفي أمام تلك الابتسامة.
「شِتِن كيوكي (محورٌ قاتل)」
ابتسمت وَنِغوتشي بعدوانية وسحبت زَرّاديتَيْن سميكتين من جيبها.
وبهما أمسكت الجدار فمزقته بذراع واحدة.
فعليًا كأنها هَدَّامةٌ هدمت مبنى.
「أنا لا أخفي قوتي، بل إني دائما مأ أعرضها في مقاطع فيديو الجَلّادة في كل مرة ينتهك فيها أحدٌ القواعد. المقصات والعتلات والكماشات وأقفال المفاصل — إن كان فيها مِحْوَرٌ، فستكون سلاحًا في يدي. نعم، ولي أن أستولي على عمود خرساني بحجم جذعك وأثنيه بِيَدَيّ. بل حتى أستطيع أن أثني ما هو ضِعف سماكة هذه」
「هالغبية بقوة تمزح؟」
مع رذاذ، أمسكت كينوهاتا دلوًا من زيت الماكينة ورمتها. وكان غريبا أن تجد مثل هذا في مكتبة، لعله مخصصًا لعجلات معدات الكاميرا الثقيلة؟ أو سلاحًا قابلا للاشتعال خصيصا في الكولوسيوم.
「إن كان كل ما تقدرين عليه بقوة هو تضخيم قوة أقفال المفاصل التي لها [محور]، فبقوة لن تقدري على شيء ضد لكمة أو ركلة مستقيمة. ببساطة، لستِ خطيرة طالما لم تمسكيني. لماذا خرّبت تفوقك وأخبرتِنا؟ الآن صارت معنا طرق كثيرة لقتلك」
بعد السماع، تكمش وجه وَنِغوتشي.
حاولت أقصاها أن تكبح دموعها. فجأة، بدت وكأنها فتاة عادية تبلغ من العمر 12 عامًا.
「هيّا عنكِ، وَنِغوتشي-تشان. لا تبكي. لهذا السبب قلت لكِ ألا تكشفي عن شيء أبدا」
「هئ. زعيمة~」 شهقت وَنِغوتشي بعد خروج دمعةٍ منها.
「وحتى لو كانت تتحرك كالحيّة لا يمكنك إمساكها، فلا يزال بوسعك ضربها أو تمزيقها بالزرادية. بل جربي أيضًا شيئا أكثر تعقيدًا مثل أن ترمي مقذوفات بآلة المقلاع. ليس من الذكاء حقا أن تَحُدِّ خياراتك بفقط على أقفال المفصل العارية」
「لا تعاونيهما وتهاجميني أيضاااااااااا!!!」
「هيّني هيّني」
الفتاة السادية (والتي أبكت بنت الـ 12 عامًا) جذبت وَنِغوتشي إلى عناق مريح.
واشتد حاجب كينوهاتا مركّزة.
「واثقة أنتِ. تحسبين أنكِ بقوة تفوزين بينما تحمين هذه البلهاء وتقاتلينا واحدة ضد اثنين؟ بقوة آمل ألّا يكون هَبلُك مثلها」
「يآه. علّ لكِ وجهة نظر」
ضحكت إبوتَنُكِكوجي وكأنها خرجت سهوا.
بضحكة متمتّعة لأمٍّ حصلت أخيرًا على بيت لأهلها بقرض مدته 35 عامًا ثم اكتشفت أن ابنتها —من قصر نظرها— كانت تخطط للهرب من البيت لتعيش باستقلال وحيدة.
「لكنّي مع ذلك سأخرج منتصرة. هلا أقاتل وأحمي الضعيف؟ هل أفوز في مواجهة واحدة ضد اثنين؟ بالطبع أستطيع. إن كان لكِ القوة، فيمكنك أن تقاومي العالم وظلمه. ولا ألومكِ لكونكِ أضعف من أن تعرفي ذلك」
「؟」
وبإصبع على شفتيها، همست الـ #6 بحنّية.
「يا لَحظِّك. فأنتِ ستشهدين على ما تَقدِرُ عَليهِ لَعنةُ الجانبِ المظلم」
وهي لحظةٌ تطلبتها لتنهي القتال.
- الجزء 10
زأر المحرك الاستثنائي. وصار الضجيج كتلةً مادية تندلع عبر القبة السماوية.
هذا هو سكوتر الدفع المُعدل لهاناياما كاميتسو—دراغون موتور.
لكن ميلتداونر موغينو شيزوري كان سلاحًا مقذوفًا استثنائيًا. لا يهم مدى سرعة العدو. ليس لها ما تخشاه ما دامت تصيب العدو فتحوله إلى فحمةٍ قبل أن يصل إليها.
أو هكذا ظنت.
「ها ها ها!!」
هاناياما تخطتها.
حقيقةً، كان سكوتر الدفع العملاق هذا يتحرك على طول سقف القبة السماوية. تَحَدَّت الجاذبية مثل الأفعوانية.
「تشه. كُفّي عنكِ القوة الغاشمة لتتحدي ديناميكيات السوائل!!」
「أنسيتِ أني أتحركُ بسرعة 1100 كم/ساعة؟ لهذا السبب أحتاج إمدادا للأكسجين. آه هـ اها!! واهـ ها ـها!! وهو أصلا أصعب علي أن أثبت بها على الأرض!!」
حتى قهقهة الفتاة السمراء تشوهت من سرعتها. لفّ سكوتر الدفع عِدّة لفّات فوق رأس موغينو وسط الحديث.
لن تستطع البشرة العارية البقاء على قيد الحياة بهذه السرعة، لذا هو محتمل أنها وضعت نوع من الجل على كامل جسدها.
「أيا بنت العنكبوت!!」
「بينقو」
وعلى الإهانة ضحكت هاناياما.
تبع ذلك العديد من القعقعات المعدنية.
بدا شكل سكوتر الدفع الآن منصهرا مندمجًا مع الخطوط الانسيابية من سرعته، وفي الجزء الخلفي الهائل، انتشرت منه عدة أذرع ميكانيكية على الجانبين كالعنكبوت. وعلى طرف كل ذراع شفرةٌ معدنية ثقيلة حادة.
「العدد الذري 92!! هذه السيوف المحترقة من اليورانيوم المنضب يمكن أن تخترق دبابة!! هيهي، لن تلاحظي أنكِ قطعتِ حتى. آه هاها، هيّا لنلعب لعبة داروما أوتشي البشرية☆」
تحرك سكوتر الدفعة من القبة المنحنية إلى الأرض ثم مباشرة نحو موغينو. كان اتّباعُها بالعين خارقًا شبه مستحيل، فما كان لموغينو الوقت لتصوّب. حسبت طول الأذرع النحيلة والسيوف ثم فكرت هل ستراوغ يمينا أم يسار.
「تشه!!」
أطلقت الميلتداونر أسفل قدميها لتقفز.
「أوه، أدركتِ؟ إذن ذَهَبَ وعدي أن أقتلك قبل أن تلاحظي」
وتناثرت شرارات برتقالية بعد لحظة. وتلك قطعت حُطام المقاعد الطائرة مثل التوفو والهلام ودمرت كل ما لمسته.
هي عبارة عن أسلاك.
「لهذا السبب صَدَقتِ في نعتي ببنت العنكبوت」
لا تزال موغينو مُعلقةً في الهواء، لكن هاناياما كانت قد لفّت خمس لفّات من الأرض وإلى السقف المقبب.
لن تستطيع هاناياما الاتصال مباشرة بموغينو الباقية في الجو، لكن...
「لن أدعك تهبطين. سأبني شبكة عنكبوتية من الأسلاك القاتلة. وليكن في علمك أنه ليس سهلا صُنع أسلاك بهذه الرقة من اليورانيوم المنضب. والآن ألعني وزن جسمك وأنتِ تسقطين إلى هلاكٍ يقطعك كمعكرونة توكوروتن!!」
كاد سقوط موغينو نحو الموت يكتمل.
فالتفتت في الجو وأطلقت شعاع ميلتداونر.
لكنها لم تصطدم بسكوتر الدفع.
كان خصمها سريعًا سريعا.
(تبا، شعاعٌ خطٌ واحدٌ لا يكفي. علي بخيارٍ آخر حتى أتعامل مع هدف مستمر الحركة).
「آهـ ها هاهاـهاههاا!!」
حوصرت موغينو داخل دوامة من الضحك.
إذا بذلت قصارى جهدها للمقاومة — كأن تستخدم حطام المقاعد المحمولة جواً أو الدرابزين المعدني مَوْطِئَ قدم — فلعلها تكسب قفزات أكثر بقوة الميلتداونر، لكن هذا كان كل شيء. فما إن تسحبها الجاذبية بعد القفزات، ستعود موغينو تسقط من جديد وستُقطع إلى شرائح بفعل الأسلاك.
استمر دراغون موتور في الدوران حولها.
والأسلاك تعلقت في جميع أنحاء القبة السماوية، وموغينو ستُقطع إلى شرائح ومكعبات إذا لمست إحداها.
「الطلقات العشوائية لن تصيبني ولن تكسر أسلاكي!! ولن تطلقي الأشعة إلى الأبد!! وداعًا، لفل 5-سان. واسم الآيتم صار لنا الآن!!!」
بعدها مباشرة، تمزق جزء من سقف القبة السماوية بصخب. فقدت كتلة تكبر الثلاجة دعمها فسقطت، فكان على هاناياما أن تدير بسرعة المقاود على شكل حرف T. من منظور سكوتر الدفع، كان وكأن الطريق أمامها انهار. نجت دون أذى، لكنها ابتعدت كثيرا عن مسارها المخطط.
「ما الذي...؟」
وجدت فتاة المضمار الجواب قبل أن تنتهي من سؤالها.
رأت ثقوب. ثقوبا كبيرة. فَلَحَت الطلقات العشوائية. إن شعاع ميلتداونر موغينو فَتَحَ عِدَّة فتحات بطول مترين أو أكثر في السقف المقبب. لم تعد القبة نفسها قادرة على دعم نفسها ومرّت عبرها شقوق سميكة. وما إن غطت تلك الشقوق مساحة سطح القبة، هيمنت الجاذبية وتمزقت الجدران فسقط كل شيء.
「لا تهمني سرعتك ما لم أستهدفك مباشرة」
استخدمت موغينو موطئ القدم الأخير المحمول جواً وشعاعًا لتقفز قفزةً أخرى. ابتسمت ووَجَّهت كفها في الهواء.
الفتاة المعروفة باسم الوحش لا تزال تحمل الثقة في جعبتها.
「وخياراتك حُدّت باختفاء مسارك أيتها الساعية. وأما قلتِ منذ لحظة أنه صعبٌ عليك أن تثبتي بهذا الشيء على الأرض؟」
「أيا الكلبة...!!」
انعطفت هاناياما في اتجاهٍ متجنبة "الحُفر" في القبة المنهارة. ولكن نظرًا لأن طرقها حُدَّت، فما وجدت في النهاية إلا مسارًا واحدًا تسلكه، وهذا سهّل على الأخرى التنبؤ بموقعها المستقبلي فتطلق الميلتداونر هناك. لأنه إذا تباطأت هاناياما، لَسَقطت من السقف.
لم تُمنح حتى فرصة الصراخ.
شعاع انطلق من كف موغينو محى الفتاة السمراء والسكوتر المعدل من الوجود.
ولا حتى قطرة دمٍ واحدة أُريقت في المسرح.
- الجزء 11
سمعت موغينو شيئًا يقطع الهواء بحِدّة.
「عذرًا」
مع تدمير السقف المقبب، فقدت الأسلاك المشدودة دعمها. كان أشبه بانقطاع وترٍ حاد كالنصل فجأة. ويا لها من ميتة سخيفة إذا فقدت رأسها أو إحدى أطرافها من هذا.
لكن هذا يعني أيضًا أنها لن تقلق بشأن تقطّعها إلى شرائح عند الهبوط على الأرض المكسورة.
قد هزمت هاناياما كاميتسو، ساعية "آيتم" العدو.
لكن هذا لم يكن سبب مجيء موغينو هنا.
ضيعت أثر فتاة النادي الفني ذات الشعر الفضي ومعها الحقيبة. لقد هربت. وهذه وظيفة عضو أقرب إلى الاستخبارات، وليس متخصصًا في القتال مثل موغينو.
سحبت الجَوّال بينما تتفحص خارج القبة السماوية المنهارة.
وهي تعرف بالضبط بمن تتصل.
(أحتاج منظمة الدعم أن يحيطوا بالمكتبة. آمل أن يلمحوا ظِلّها على الأقل. عندها يكفي أن تُسجّل تاكيتسوبو مجالها الـAIM حتى تتبعها ولو خرجت من النظام الشمسي)
「هَنانو! هل وصلت تاكيتسوبو إلى بر الأمان؟ أريدها أن تستخدم مُتعقب AIM، لذا قولي لها أن تأخذ بِلَّوْر-」
『'ياه هلا هلا. فتاتكم الخامسة في عُهدتي』
「كك」
عبست موغينو.
عرفت صوت من، صوتٌ لم تتصل به.
اتصالٌ على هنانو تشوبي رُدَّ بصوت إبوتَنُكِكوجي كايدي، وهو يعني شيئًا واحدًا فقط.
(تَوْقيتُها ما أسوأه!)
『من فضلك لا تلوميها. فعلَت هَنانو-تشان تمامًا كما طلبتِ. قمعت خوفها وكشرت أسنانها وأظافرها حتى تسمح لتاكيتسوبو-تشان بالفرار. بل أشكريها لجهودها البديعة — وإن كانت عبثا. ولكن إن لم يعد لها مكانٌ في فريقك الآن بعد أن فشلت معك، فأنا على أتم استعداد أن أدعوها إلى فريقي. هيهي. ظريفةٌ مُذنبة، ها؟』
「يا ملعونة」
بقعقعة معدنية باهتة، فتحَ أحدٌ بابَ القبة السماوية نصف المكسور. ظهرت كينوهاتا تبدو مُحطمة، وتحمِلُ فريندا بكتفها، أوكانت فريندا واعية؟
「بقوة آسفة」
وما ردت موغينو حتى انهارت هاتين إلى الأمام.
ولا شك أن إبوتَنُكِكوجي تعرف أن الخيار الأسلم هو عدم قول أي شيء، لكن هذا لم يمنعها.
『ولتعرفي، أدّيا أحسن البلاء وصدماني في الهروب من ذاك الموقف. وإن كان ترددي في الحسم هو السبب حقيقةً. لو ركزت عليهما، لما أكملا ثانيةً حتى』
تسللت ضحكة هادئة عبر الجهاز الإلكتروني.
عادة، هذا وحده سيكلفها حياتها.
『قد قلت وأنذرت أنني لعنة الجانب المظلم. ولا يبدو أنكِ تملكين القدرة العقلية لفهم ما يعنيه هذا، فآمل أن تكون معركتنا هذه قد علمتك درسا يصب في نَفْسك. هذه أرضي وساحة صيدي وما أنتِ إلا فريسة. لن تهزميني طالما بقيتِ في هذا المستوى من الظلام. مهما كان』
「أكلي تراب يا دودة. شهّرتِ نفسك بأسطورة دعائية. أم هل تقولين أنك كنت لتدمرين نفسك لو كنا أبطالًا أو طلابا من العالم المُشرق؟」
『أنتِ تعرفين إجابتي على هذا』
يبدو أن هذه الكلمات سيطرت على الجوّ المحيط.
وكأن قواعد غريبة تتسرب من الشقوق.
『لا أحد منكم أكثر من فريسة، ولو اجتمعم معًا، ستقتتلون وتلتهمون بعضكم يا أهل الظلام. أنا لعنتكم — مفترسكم — لا أنيابكم ولا مخالبكم الهزيلة أن تبلغني. لا مساواة ثلاثية في السلسلة الغذائية، بل هذه هرمية صرفة أكون فيها أعلاكم في القمة』
「......」
『كنا نستخدم شخصًا مختلفًا من الداخل في شركة التأمين لكل مباراة على أي حال، ويمكننا أن نتخلص من ذلك الكهل من البداية. بل ونستبدله في أي وقت شئنا. فَشَلُنا الوحيد هنا هو... إيه، كونكِ ما زلتِ على قيد الحياة يعني أن هاناياما-تشان قد ماتت. على أسفي عليها لكن صارت معنا الآن هنانو-تشان، قد نفاوضها ونجعلها زميلة في الفريق. ما أظرفها الفتاة، وسأكون كاذبة لو قلت أنني لا أريد إضافتها إلى مجموعتي. لن يُكسر هيكلنا المكون من أربع فتيات. هيهي. العنف، التجويع، الحرمان من النوم، الحكة، الاشمئزاز، الذعر — الكثير من الطرق لتُكسر إرادة المرء من جسده. لا أطيق الانتظار لأرى محاولاتها الظريفة للمقاومة』
وواصلت إبوتَنُكِكوجي في كلمة أخيرة. لم تنتهِ من الكلام بعد.
『حياةٌ لحياة. هكذا تساوينا، لا؟』
- الجزء 12
المدينة الأكاديمية مليئةٌ بالحياة في ليلة التاناباتا تلك.
زخرف الضوء الملون سماءَ الليل حيث انطلقت الألعاب النارية.
ويبدو أن وابل الشهب سيُرَىٰ قريبًا.
لكن الآيتم عاد مباشرة إلى مخبأه دون أن ينطق بكلمة.
كانت مجموعة من خمسة أفراد في الأصل.
يعرفن هذا، لكن ما في وسعهن شيء الآن.
「موغينو...」
بدأت تاكيتسوبو تنادي، لكنها كَفّت.
ما كان من داع أن تجهر به.
قد رأت موغينو أنه من الأسلم أن تعطي تلك الفتاة دورًا حتى تهرب مع تاكيتسوبو أولا. وهكذا آل الأمر. فهل كل الخطط تنقلب دائمًا في الجانب المظلم؟
دائمًا تُستهدف الحلقة الأضعف فتُقضَمُ أولاً.
وبغض النظر عن النوايا، فجراحهم وتعبهم كان حقيقي. ولو بقوا في المكتبة، لأُسِروا أيضًا. ولقد فقدوا أيضًا هدفهم الأولي، فأُجبرت موغينو والثلاثة الآخريات على العودة إلى المخبأ.
وكان أثرُ فتاةٍ معينة باقٍ حتى الآن في شقة ففتين بيلز. في خيزران البامبو التي علّقته فريندا بالقوة داخل وعاء زهرة الأوركيد العثة، بها تعلق تانزكو (ورق كتابة الأمنيات) معين ينفخ عليه مكيف الهواء.
أريد أن أكون جزءًا من الآيتم! جزءًا مفيدًا!!
أتمنى أن أجد طريقة لأجعل نفسي جديرة بالاهتمام لهم لأشكرهم على استضافتي.
- هنانو تشوبي
ولا أكثر.
فقط الصمت.
حتى المستوى 5 العنيفة حدقت ببساطة في التانزاكو بعض الوقت، ولم تتكلم بكلمة.
لم تجرؤ كينوهاتا وفريندا على التحدث إلى الطاغية الصامتة. لقد شعرا برفضٍ أكبر بكثير في هذا مما حدث في فورة غضبها السابقة.
「موغينو」
لكن فتاة البدلة الرياضية نادتها بهدوء.
وبقوة حقيقية وراء صوتها.
كانت تاكيتسوبو الأطول عِشرةً مع موغينو، وهي أكثر من فهمت عنف الفتاة من أي شخص آخر. لكن هذا هو بالضبط السبب وراء تمكنها وفقط هي من المرور بأمان بين عدد لا يحصى من الألغام الموضوعة.
وكان قولا لن تقوله موغينو أبدًا.
لكنها ستكافئ الوافدة الجديدة الصادقة واللطيفة التي وصلت لتعزز أعداد الفريق والتي حَمَت تاكيتسوبو بأمانة من هذا العالم المظلم.
「هذا لم ينتهِ بعد. لا زلنا قادرين على إنقاذ هَنانو من ذلك الآيتم المزيف」
اختر اسم وأكتب شيء جميل :)