الفصل الثالث: شَجٰاعَةٌ مُعَيَّنَة، مُكَافَأَةٌ سِرِّيَّة.
(إعدادات القراءة)
- الجزء 1
دون، دون، دون، دووون!! يا هلا ومرحبا بكم في ديماس جحيم التماسيح العملاقة، لعبة الهروب الكبرى!!!
أترى هل تقدر على حل جميع الألغاز في سوق الرعب الغارق تحت الأرض ثم تهرب إلى السطح بنجاح!؟
「أ وَّ ل – شـ ـي ء!」
اخترب المزاج في زمنٍ قياسي.
كانت فريندا سَيفِلُن مغمورة في الماء حتى وركيها وهي ترتدي ملابس سباحة كاشفة نوعا ما ومعها بنت شقراء أخرى تطفو في أنبوب عوّامة بلاستيكية داخلية صغيرة بما يكفي لتُنفَخ بالفم. كانت بِنتُ السابعة والعاشقة لهذه العوامة البلاستيكية هي أخت فريندا. ولكن نظرًا لأن جميع طلاب المدينة الأكاديمية تقريبًا يعيشون في مساكن مدرسية، فلم يكن مستغربا أن يعيش الأهل منفصلين.
14 يوليو، 2 الرّوَاح. [1]
صفعت الأخت الصغرى الماء بسعادة تحت الإضاءة الفلورية الباردة. وأختها فريندا كانت سعيدة لأنها تعافت من مرض الصيف.
حصصُ مدرسةِ بنت السابعة كانت قد انتهت بعد الفترة الرابعة اليوم، ولذا جاءت إلى هنا في ساعة ما بعد الظهر. لكن كان لغزًا لِمَ رافقتها أختها الكبرى لتلعب معها، والذي كان عنوانها ووظيفتها مجهولين.
「مدينة الأكاديمية مكان عجيب. كيف حَوّلوا متاهة كاملة تحت الأرض إلى بركة؟」
「في النهاية، هو لأمرٍ خطير. هذا تدريب لمواجهة الكوارث」
كان برنامج مواجهة الفيضانات الحَضَريّة في الصيف. جعلوه اختبارا على نطاق واسع للطلاب في حالة حَدَثَ فيضانٌ مفاجئ مَلَءَ السوق تحت الأرض، ولكن في نظر معظم الطلاب، علّه كان مسبحًا مؤقتًا. ومن الابتدائية إلى الجامعية، دائما ما يستمتع الطلاب باللعب في الماء. خاصة في فصل الصيف.
وكان هذا الحدث أيضاً سوقاً للتجارة والربح. واللوح الإلكتروني في يد فريندا مثال.
فإنك إذا وجهت كاميرة إلى ما حولك، سترى المشهد وقد زِيدَ فيه تلميحات من ألغاز ورموز كأنه اختبار.
عبرت فُرِندا بالبيكيني المياه التي وصلت حتى فخذيها وقالت:
「أوه، هذا رمز قطع السلك الصحيح. هيه. في النهاية، ماذا يكون إذا خلطنا الأصفر بالأزرق؟」
「أخضر!」
(مهلا؟ في النهاية، أيقصدون ألوان الضوء أم ألوان الصبغ؟)
لقد كان سؤالًا بسيطًا للغاية حتى أن طفلة في السابعة تُجيب، لكن فريندا شككت في خدعٍ في السؤال. كأنها اندمجت نوعا ما في أجواء اللعبة؟
من إحدى مزايا الواقع المعزز (AR) أن تجتمع فيه الخدمات في موقعٍ واحد دون أن يطغى بعضها بعضا. ونظرةٌ على جَوّال ثنائي المايوه المارتين كشفت أنهما تلعبان لعبة جداول الأنهار. وأربعة صبية في سن الابتدائية، كُلٌّ معه جهازٌ لعبة، اجتمعوا في مجموعة لاستكشاف أعماق كهف تحت الماء.
فركت فريندا رأس أختها الصغيرة وشغّلت الجهاز اللوحي بيدها الأخرى.
「لنرى، لن نحصل على الحربة المطاطية السميكة ما لم نفتح القفل الكهربائي، ولا يكون ذلك إلا بِحَلّ لُغز المحوّل ونستعيد التيار. لا، في النهاية، هذا لن ينجح. لو أدخلنا الكهرباء على الماء ونحن فيه لهلكنا، وانتهت اللعبة. فهل نترك هذا الموضع ونبحث عن وسيلة لتصريف المياه؟ أو ربما ثمة بدلة بلاستيكية تحمينا من الكهرباء؟」
「فريندا أونيه-تشان،」 قالت بنت العوامة التي تطفو بجانبها.
من في مثل عمرها لا تستمتع بحل الألغاز وإكمال اللعبة بقدر ما كانت تريد رش الماء على الناس والسباحة.
「أوّل شيء، من أين اشتريتِ ملابس السباحة هذه؟」
「ماذا، هل أخيرا نفدت كربوناتك الذهنية يا أميرتي؟ في النهاية، كنتِ أنتِ من قالت "أونيه-تشان، تعالي نلعب هروب التماسيح في السوق تحت الأرض"」
وكانت فريندا إنما تخوض هذه اللعبة لتجرّب الكُحل الصيفي الجديد الذي زُعم أنّه لن يخرب مع الماء، وكان عليها أن تكتم الأمر لأنه لو علمت به أختها ذات السبع سنين لألحّت أن تضعه مثلها.
على أي حال، عن ملابسها السباحة.
「حقًا، اشتريتُ أول لبس رأيته من متجر في الحي 15 يُسمونه شاطئ الصاعقة، وهو آخر منتجات دار شاطئ الغموض. في النهاية، صارت البكينيّات بدل الأثواب الكاملة هي السائدة هذا العام، بل من أحدث صيحاتهم أن يُلبَس البكيني العادي فوق ثونج مُزخرف」
「مه」
لم تتلق الإجابة الكسولة الرد الذي توقعته فريندا تمامًا.
كانت الأخت الصغرى في السابعة فقط، لذلك كانت ترتدي زيّ سباحة قطعة واحدة على شكل قطة، اشترته من متجرٍ بسيط بألوفٍ معدودة من الينّات. لكنّ الموضة ليست بالسعر، وكانت فريندا تجزم أنّه لا أنسب من هذا لها.
لكن الخدود المنتفخة أشارت إلى أن الأميرة كانت مستاءة.
عبست أظرف أختٍ صغيرة في العالم وشرحت.
「أوَّلُ شيء، ما أحب أن لثوبك اسم فخم ومشهور. تذكّريني بأحذية الصبيان في صفي وأنها تجعلهم أسرع من غيرهم في السباقات」
「ها؟ في النهاية، لا شبه بين هذه وذيك. لباس السباحة لن يسرعك ولن يجعلك لاعبة عالمية. في الحقيقة، مع كل هذه الفجوات فيها، لن أستطيع السباحة البتة. فلو سبحت فيه بجدية قد يسحبه تيار الماء عني. حياة البالغين صعبة. أنا أحسدك」
「همف!! الآن تتكبرين! أريد أن أرتدي لباس سباحة مثل لباسك! أول شيء، أريد أن أكبر أسرع!! 」
「اسكتي. في النهاية، افهمي أنه ما عاد يمكنني ارتداء ملابس القطة مثلك بعد الآن. لبسه طفولي حدّ الموت」
「طفولي!؟ حدّ الموت!! وأنا الّي حسبت أنه لبس للكبار لأنه ليس لباس سباحة المدرسة... أول شيء، منذ متى وأنتِ بالغة!؟」
「هكذا الدنيا. في النهاية، أنتِ المحظوظة لأنكِ تلبسين مثل هذا اللبس وأنا لا」
「همم؟」
「وبما أنكِ حرة في ارتداء أيّ منهما، فركزي على اللبس الحصري لمن في عمرك فقط. كياه! يا أختي، ما أبهى جمالك وأرقّ ملاحتك! لا أستطيع أن أحد بصري فيك!」
「إيييهه~؟ لا تتغني بمدحي وإلا خجلت」
وضعت بنت العوامة الداخلية يديها على خديها وأخذت تهتز فرحة. على هيئة لعبةٍ تُحرَّك بالصوت فتتمايل طربًا. وتذكّرت فريندا حينئذٍ عادة تاكيتسوبو وأنها كانت تتردّد على دكّانٍ قديم في الحي 19، لا تشتري منه إلا ما شَذّ من المنتجات وغرُب.
وكان من خُطط الأخت الكبرى فريندا أن تخلط المدح بالمنع، فهي إن هي مدحت وتساومت، استعلى الصغير واغترّ، وإن هي زجرت وصادرت، ثار وتمرّد. فكان المزج بين الأمرين أرفق السبل لتُري أنها الأخت المثالية التي تستطيع أن تؤكّل البنت العنود البازلاء الخضراء التي تأباها.
「همم. أول شيء، أحس ببرد」
「في النهاية، خرجنا إلى السطح؟ لا شك أن الجو حارٌ جدًا هناك في الثانية بعد الظهر في منتصف الصيف」
كانوا في لعبة الهروب حيث يتنقلون بمفردهم، ولكن لك أيضًا أن تحفظ موقعك الحالي وتوقف اللعبة مؤقتًا وتغادر. بهذا يمكن لعدد أكبر من الناس الاستمتاع باللعبة والعودة إليها. وهذا البرنامج لمواجهة الفيضانات الحضرية في الصيف يستمر لأكثر من يوم واحد.
「معكِ حق. في النهاية، أود مشروبا وسُكّرا على هذا البرد هنا. مشينا نأكل حلويات ساخنة، ما رأيك فطائر أم شكلاطة فوندو؟」
「هف! ما أحب لما تنطقين كلمات بالغين مثل فوندو」
لكنها كلمة فرنسية، لا؟ كما ظنت فريندا في نفسها.
ولعل أختها الطفلة، على سذاجتها الظريفة، ستظلّ تصرخ في وجه كلّ ما له مسحة فرنسيّة وتعدّه من شؤون الكبار.
「أول شيء، لا أحب من يقولون حَلْوَى وهم يقصدون الحَلَى」
「أوه، هذه جديدة لم أتوقعها」
「أونيه-تشان... أأكون طفلة إذا رغبت في أكل هانيتسوكي تاياكي؟」
「في النهاية، هذا يجعلكِ بالغة راقية」
إن كان هذا يكفي لإبهاجها يُظهر كم كانت طفلة.
أُغلِقَت الستائر السميكة المقاومة للماء قبل بدء اللعبة حتى لا تخرب المتاجر، وكانت كلها مغلقة. وأوقف مكائن البيع لمنع حدوث أي قصر في الدائرة الكهربائية، لذا فكان عليهما التوجه إلى السطح حتى يشتروا المشروبات. ربما كان هذا هو العيب الوحيد.
「هفف. أتحرق شوقا لعطلة الصيف، لكن أول شيء، ما أحب الواجب المنزلي ولا أريد أن أتمرن في الحديقة.... تلك التي مع الراديو」
「تحذير لكِ: لن أساعدك هناك يا أختي. لا تأتين إليّ باكية يوم 31 أغسطس」
「مُغياااااه!؟」
ثبتت الجهاز اللوحي بخطّافٍ إلى جانب بكينيها وأمسكت الحبل المزيّن على طرف عوامة أختها الصغير. ثم أخذت تجرّها نحو الدرج المؤدّي إلى السطح، فما كان من الطفلة إلا أن صاحت فرِحةً بصوتٍ يملأ المكان.
(هَنانو تشوبي).
فكرت فريندا في نفسها بينما تسحب أختها بالمايوه في عوامتها الداخلية.
انخفضت برودة الماء إلى مستوى آخر.
(في النهاية، لا أعرف حتى إن كانت لا تزال حيّة، ولكن من يعرف ما ستقوله للعدو بعد أن يعذبوها. نظرًا لخطر الهجوم المفاجئ، التخلي عن مخبأنا والهرب أمرٌ يستحق التفكير)
يستحق التفكير.
هل يعني ذلك وجود خيارات أخرى للإعتبار؟
بعد أن غادرت الأختان الماء وصعدتا السلالم وأيديهما متصلة، نظرت الصغيرة إلى الأعلى وتحدثت إلى أختها.
「أونيه-تشان، شيء يزعجك؟」
「همم؟ في النهاية، لِمَ قُلتِ؟」
「نادر ما ألعب معكِ في الماء، لكن لا أراكِ تستمتعين」
فكرت فريندا في ذلك قليلاً.
وأن جروحها المشفية كانت واضحة كثيرا في ثوب السباحة هذا، لكن هنانو لم تكن محظوظة. لا تزال تعاني. أو في أسوأ الأحوال، ربما قد ودّعت.
أيضًا...
「في النهاية، إليك سؤال. المسبح ممتع. لن أنكر. ولكن إن كان ذهابك يعني التخلي عن صديقة واقعة في مشكلة؟」
「إذن عليكِ حلّ المشكلة حتى تذهبوا جميعًا إلى المسبح معًا!! خلاف ذلك لن تستمعي بالمسبح على أكمل وجه!!」
「إيه」 قالت فريندا قبل أن تصمت مرة أخرى.
فكرت وهي تمسك بيد أختها التي رفضت إزالة العوامة حول وركها حتى بعد مغادرة الماء.
「حتى أنني اشتريت لكِ أحدث ملابس السباحة ومع ذلك ما زال بالي مشغولا. في النهاية، لابد أن يعني هذا أنني أعتبر تلك المبتدئة بالفعل صديقة」
تمكنت فريندا سيفلن من تكوين صداقات مع أي شخص، وهي تعلم أنه من الصعب على أي منهم أن يبرز فوق البقية. بهذا المعنى، كانت عواطفها جلفاء وجافة.
وهذا يعني أن شيئا آخر في الأمر أزعجها.
وفكرت في ذلك وهي تقترب من المخرج المشرق مع أختها.
(فيعني، سلوكها الجرو لا يتناسب حقًا مع الجانب المظلم. في النهاية، أكأنها تعطي شعور الأخت الصغيرة أكثر من زميلة؟)
- الجزء 2
ففتين بيلز، المنطقة 15. المستويات الأدنى.
「بقوة صباح الخير」
「أراكِ نعِسة. الساعة الثالثة العصر. وهو وقت الوجبة الخفيفة كينوهاتا」
ردت تاكيتسوبو ريكو وهي تُعدّل كتف سترتها الوردية التي انزلقت من مكانها.
「هوه، الثالثة؟ بقوة ما كان علي أن أغادر المسرح بعد، تثاؤب*. آخخ الأفلام التي تتعمد تكون في الدرجة C هي من أسوأ الأفلام. ليست مثل الأفلام التي حاولت جهدها حتى خرجت بمنتج من الدرجة C لأن هذه صنعت من قلب لا ترقيع」
إذا لم تكن كينوهاتا ساياي على علم بموضع الشمس هذه الساعة، فالأفضل ألا تسألها عن المدة التي قضتها في السينما التي لا نوافذ لها. سمعت تاكيتسوبو عن حب الفتاة للأفلام، لكن هذا أبداها وكأنها تعيش في المسرح أكثر من غرفتها.
لكن أفكار تاكيتسوبو قُطعت بـ ...
「الشقة الآن تبدو كئيبة. أنا أبقى قريبة من المكان حتى آتي كلما اتصل الهاتف، لكن بصراحة، أسهل علي البقاء في الخارج من هنا. ولا أدري بقوة لماذا كانت موغينو-سان غاضبة」
「بقيتِ في الخارج عن قصد」
「أخجل بقوة أن أعترف. لكن عندهم حمّامات كبيرة في المنتجعات الصحية ومقاهي الإنترنت ولي أن أنام إذا عرفت أن الفيلم عفن」
رمشت تاكيتسوبو عديمة التعابير مرتين.
بغض النظر عما حدث، حافظت دائمًا على روتينها المعتاد منذ استيقاظها في الصباح إلى وقت الفراش ليلا، لذا لم تخطر ببالها فكرة أن تُبعد نفسها في الوقت الحالي.
「مع رحيل هنانو، ألا تضمنين مكانكِ في الآيتم؟」
「أنا بقوة لا أريد الفوز هكذا. وما كنت أمانع إذا انتهى بي المطاف في دكة البدلاء. ليس وأنني سأكسب أي شيء مميز إذا صرت النخبة في عالم الجانحين. لكن طالما أضمن بطاقة الهوية وضروريات الحياة الأساسية فأنا راضية」 تنفست كينوهاتا الصعداء. 「ولكن لا أتمنى أن يكون أساس الفريق متوترا طوال الوقت. إذا لم يكن المكان آمنا فسأفضل أن أغادر وأعثر على مكان أرخص وأضمن」
لم تحتج كينوهاتا أن يكون منزلها في الآيتم. لهذا السبب بدأت وظيفة جزئية غير مشروعة قبل حدوث كل هذا.
「ما عساها،」 أجابت تاكيتسوبو مُتكئـةً على عمود فاخر في سوق للمحلات الفاخرة. 「قد ذهبت هَنانو」
وهذا حيّر محيا كينوهاتا.
عبست وانتقت كلماتها.
「حسبت أن موغينو-سان بقوة لا تقدر حياة الإنسان؟ فكيف تؤثر خسارة أحد زملائها عليها بقوة هذا الحد؟」
ماليًا، خَسِروا خسارة.
الحقيبة المملوءة بـ 80 مليار ين من بطاقات النقود قد هربت عنها ولم يتلقوا مدفوعات للوظيفة من [صوت الهاتف] أيضًا. وفوق كل ذلك فقدوا أحد أعضاء الفريق.
「يعني، أتفهم لو كان من كبريائها أنها ضُرِبت من مجموعة يسمون أنفسهم آيتم」
「لا دخل لهذا. موغينو بطبعها طيّبة تهتم بزملائها」
هذه المرة، توقفت أفكار كينوهاتا تمامًا.
رفض عقلها العمل، وكان فمها يرفرف بصمت. أخذها الأمر ثوانٍ حتى خرجت بعض الكلمات في الأخير.
「إيش؟ نتكلم عن نفس الملكة الطاغية الشيطان؟ أو هل نزلوا إصدار فيلم مختلف؟؟؟」
「أعني موغينو، موغينو الحقيقية..... كينوهاتا، لِمَ برأيك ترين أنني دخلت إلى الجانب المظلم؟」
「آه... مم؟ هذا غريب الآن بعد أن فكرت. تقدرين تلتزمين بجدول عادي دون أن يلاحقك أحد، لا؟ هذا بقوة نادر في الجانب المظلم. ولا تبدين لي من النوع التي دخلت الظلام بعد أن قتلت معلما مثلا」
「اعتُقِلت بتهمة باطلة」
كشفتها بسهولة.
كل من دخل الظلام له سبب.
「إنّ قدرتي مُتعقب AIM هي قوة غير عادية، لذا يبدو أن بعض المختبرات أرادت أن تأخذ وصايتي. علّه كان مشروعًا مرتبطًا [ببلّورة الجسد] الخطيرة وأرادوا إبقائها سرًا. وأظن أن الخطة كانت إيقاعي بالتهم ثم بإلقائي في السجن وجعلي أختفي ما إن يذهب اهتمامهم بي」
「.......」
اختطاف قانوني لتسهيل التجربة.
مثل هذه الظاهرة الغريبة قد تحدث إذا نظر صاحب سلطة إلى قائمة أسماء ذوو مقومات فيختار الاسم الذي يريده.
كينوهاتا نفسها قد سُجِنت وألقيت في تجارب ضد إرادتها في [مشروع مايو المظلم].
حقًا كانت المدينة الأكاديمية قذرة ولا تزال.
「لكنّ موغينو أنقذتني. رُفِضت القضية المرفوعة ضدي، لكن السبب لم يُكشف عنه أبدا. لذا أنا لا أعرف حقيقةً ما فعلته موغينو المهووسة بالنيران」
ابتسمت تاكيتسوبو برفق وهي تشرح ذلك.
كانت ابتسامة فتاة تكشف عن إعجاب ضئيل.
「قالت إنها تريد إسبرة تدعمها لأن قدرتها الميلتداونر قوية جدًا ولا أعتقد أنها كانت تكذب في هذا. ولكنّ إن كان هذا هو حقًا كل ما تريده، لَحَبَستني في قفص صغير في زاوية الغرفة وأعطتني الطعام والماء. أو إذا كانت رعاية الإنسان مرهقة ومحفوفة بالمخاطر، ففي الظلام "جُلّاس حيوانات أليفة" متخصصون تَدفَعُ لهم ليعتنوا بالبشر. فهذه مدينة يفعل الناس فيها حقًا أشياء من هذا القبيل إذا رأوا بضرورتها. لكن موغينو سمحت لي باختيار الملابس التي أرغب بها، وأطعمتني أي طعام اشتهيته، ومنحتني غرفة أنام فيها، والأهم من ذلك، منحتني الحرية والأمان. لا يهمني ما يقال — حتى وإن نَفَت موغينو بنفسها ذلك — أعتقد أن غضبها جاء من لُطفٍ فيها يَتناسى المنطق والكفاءة」
「هل تعتقدين أنها بقوة متوترة على اختفاء هَنانو-سان؟ هذا وبقوة لا يبدو لي موغينو-سان التي أعرفها」
「ألستِ مثلها؟ ما عدت مرتاحة في الشقة بسبب موغينو. فعندما تدخلين الغرفة تشعرين بغياب هنانو يصرخ. أوليس هذا هو ما هربتِ منه؟ وإلا ما كنتِ لتبالغي في مشاهدة الأفلام أو تغفين عنها. أراهن أنكِ لم تكوني مركزة على ما شاهدتِه」
「.......」
الغريب أن كلمات تاكيتسوبو آلمتها.
أيُّ إشارات التقطتها قادمة من كينوهاتا؟ لعلها عرفت عن كينوهاتا أكثر من كينوهاتا نفسها.
ولقد صَدُقَت. لو أن كينوهاتا تَوَلّت أمر العدوين في المكتبة، لما أُمسِكَ بهنانو في المقام الأول.
「هَنانو من الآيتم」 قالت تاكيتسوبو. 「وكذلك أنتِ لأنكِ انزعجتِ من غيابها. يظن الناس الذين لهم رِفقٌ بالآخرين أن كل الناس مثلهم، ولكن الجانب المظلم لا يستقبل إلا أولئك من افتقدوه. لهذا السبب لا ينبغي أن نستخف بما تشعرين به أنتِ وموغينو」
「أهكذا وبقوة ترين؟」 قالت كينوهاتا والتَفَّت عنها.
اقتربت من قاعة المصعد.
「قُبِض على هَنانو-سان حتى تهربين بقوة من الكُلوسيوم، صح؟」
「امم」 أومأت تاكيتسوبو برأسها. 「هذا يعطيني سببًا لإنقاذها」
「لو كنتُ أنا التي لم تسقط من سقف المكتبة، لكنت بقوة في محل هَنانو الآن. كنت لأكون الحارسة الشخصية مثلها ويقبضون عليّ بنفس الطريقة」
نقرت كينوهاتا على لسانها.
في بعض الأحيان، كان للظلام سُبُله لإبراز سخرية القدر.
「اللعنة، هذا يعطيني سببًا أقوى وأقوى للقتال」
「كلنا. لا، لا نحتاج سببًا حتى. إذا قلنا، فالسؤال هو ما إذا كنتِ مستعدة للمخاطرة بحياتك لإنقاذها أم لا. أنا مستعدة. ولذا لن أتخلى عن هنانو」
صعدوا المصعد.
مسحة كف وكبسة على الزر أوصلهم مباشرة إلى مخبأهم في الطابق العلوي.
شعرت كينوهاتا بالصعود وهي تشاهد شاشة رقم الأرضية الـLCD وتوجه سؤالاً للفتاة الأخرى.
「سأقدم لك وبقوة ما تريدينه، تاكيتسوبو-سان. ل-لنقل إنني على استعداد للمضي معك فيها أيا كانت، لمرة واحدة. ولكن ماذا لو كانت موغينو سان ضد محاولة الإنقاذ؟」
「كل قرارات الآيتم من قرارات موغينو، لذا لا أرى أن معارضةً خارجية تكفي للتعبير بما أشعر به」
توقفت تاكيتسوبو للحظة.
حتى...
「لكنني لا أعتقد أنها ستكون مشكلة」
فُتحت أبواب المصعد.
فتحوا مدخل الشقة وراءها ودخلوا.
「آه」
وضعت كينوهاتا يدها على وركها وتحدثت بسخط في صوتها.
وبلمحة من التسلية.
「هي وبقوة جادة، ها؟」
رأوا جدار غرفة المعيشة مغطى بالكامل.
لُصقت المستندات والملاحظات المتعلقة بآيتم العدو في جميع الأنحاء.
عن المكتبة التي كانت تستخدم أساس الكُلوسيوم.
عن الناس القادرين على تأجير المرفق العام سرًا أو أي مدفوعات مشبوهة حصلوا عليها أو أي مادة ابتزاز.
عن الناس المحتمل أنهم حصلوا على تلك المواد وتوريدها.
عن معلوماتهم الشخصية.
وخاصة عن أي شيء يمكن استخدامه لتهديدهم.
ومن هم الأهداف التي كان لها ماضٍ مُتقلّب؟
إلخ، إلخ، إلخ.
كانت غرفة المعيشة كبيرة كفاية للعب التنس، لكن الجدار بأكمله تغطى مثل مسار المشي المغطى بأوراق الخريف. تضمنت معدات الكاميرا الخاصة، والـ DJ الواضح أنه ليس للهواة، وتجهيزات لدخول الدارك ويب، ومعلومات تجمع الجمهور في المكتبة. كل صغيرة مهمة وغير مهمة، وعلى أقل تقدير لابد أنه كان في المكان بضعة آلاف من الأوراق النقدية.
لكن بدا أن هذا لم يكن كافيًا إذ أنّ العمل المنفرد لا يزال قيد التنفيذ.
كل هذه وسيلة لتعقب العدو.
「......」
لم تنظر موغينو شيزوري حتى نحوهم. لم تظهر أي اهتمام بالحرية في منطقة التسوق في عز الصيف بل ظلت تحدق في الجدار تواصل العمل والغيظ بادٍ في محياها. وقد عُرفت موغينو أنّها أنانية، لا تهتمّ إلا بطلاء أظفارها أكثر من صيحات أعدائها طلبًا الرحمة — ولكن الآن عيونها قد أثقلتها الهالات السود، دلالةً على الجدية والعزم الذي أقبلت به. كم مضى منذ نامت؟ لا تعلم كينوهاتا وهي من تجنّبت دخول الشقّة، ولكن لعلّها على هذا الحال منذ فشلهم في 7 من يوليو. أي أسبوعًا تامًّا بلا نومٍ ولا راحة.
امتدّت الخيوط الملوّنة من المعلومات المعروفة —ملعومات المكتبة— في كلّ صوب، كأنّها صارت بيت عنكبوت. أسماء الناس والجماعات، الأموال والمباني، الأخبار والأجهزة، القوى القتالية... كلّ ما له صلة ولو يسيرة طُبع وقُصّ وأُلصق على الجدار. صَوّرت الخيوط الملونة علاقات المصلحة: الأصدقاء والأعداء، الرؤساء والمرؤوسين، الجماعات وتفرّعاتها. كلّ ذلك ليُنسَج شبكة عظيمة تُمسك بالفريسة المستترة. وكانت الحقيبة والثمانون ملياراً مثبتةً هناك أيضًا، لكن يبدو أنها دُفِنت بأوراق معلومات أخرى.
يبدو أنها ما عادت أولوية بعد الآن.
لُصِقت بضع صور لوجوه مألوفة على حافة شبكة العنكبوت.
أترى موغينو وجدتها على الإنترنت؟ كانت صور الآيتم العدو الأربعة. الصور مشوشة إلى حد ما، وبعضها صورٌ لأشخاص آخرين حيث تظهر الفتيات الأربع في الزاوية أو شيء من هذا القبيل.
قد تبدو سهلة الإتيان، لكنها معجزةٌ أن تجدها شبكة العنكبوت أصلا. تعقّب الفتيات المراوغات كان لابد أن يُبذل قدرًا غير صحيًا من الجهد والمثابرة. اشتهرت موغينو أنها تبخر أي شيء يثير سخطها، لكنها تمكنت من كبح جماح ذلك الجزء منها.
و.
وسط الصور أيضًا صورةٌ لوجه هَنانو تشوبي المفقودة.
جاءت من الصورة الشخصية الجماعية التي التقطتها فريندا أثناء ترصدهن ببنت الجديلة المتسابقة في الكُلوسيوم.
نظرًا لأن ذلك لُصِق على الحائط أيضًا، فلن تستخف به موغينو. في الواقع، علّها كانت هي المركز الحقيقي لشبكة العنكبوت، لا المكتبة.
لن تترك موغينو تلك الفتاة تُمسي ذكرى بعيدة.
كانت هي التي أمرت الفتاة بأخذ تاكيتسوبو والهرب.
لاختلفت الحكاية لو أن هنانو فشلت أو هربت من عملها، لكن هذه نتيجة طاعتها أمر موغينو.
وجالت أفكار موغينو وراودت كيف أن هَنانو بقيت وفية حتى النهاية وإن كانت جزءا من الجانب المظلم.
أوفت بوعدها.
فلا يُستغرب أن تخاطر بحايتها لرد الجميل
ضرب كوع تاكيتسوبو جَنْبَ كينوهاتا وغمزت.
「أترين؟ أخبرتك」
「نعم نعم. ربحتِ الرهان وبقوة」
ثم سمعوا الباب الأمامي يفتح دون رنين جرس الباب.
دخلت فتاة الشقة.
「آسفة. في النهاية، أعلم أنني تأخرت كثيرا. أخذت الدهر أشتري كل علب الإسقمري من المتجر」
「أنت الأخيرة يا فريندا؟ لذا اشتري العشاء للجميع」
مضى زمنٌ طويل منذ أن تحدثت موغينو.
لربما نسيت كيف تتحدث خلال الأيام القليلة الماضية، فخرجت بصوتٍ منخفض بينما تحدق في الحائط. اشتكت فريندا بابتسامة مرحة.
「هـــــــيه؟ ألن تسألي حتى لماذا تأخرت؟ جهزت تجهيزاتٍ خاصة」
وصدقت.
حملت فريندا سيفلن الكثير من الحقائب والتي كان لأي أحد أن يظن أنها هربت من البيت. ابتداءًا، حملت حقيبةً كبيرة في كل يد. ثم حقيبة ظهر طويلة لمتسلق الجبال على ظهرها. ويبدو أن هذا لم يكفها لأنها ارتدت حقيبة حبال مائلة على بطنها. كنا في شهر يوليو، قبل فترة وجيزة من العطلة الصيفية، فكانت معجزة أن لم يتم استجوابها من قبل [الأنتي-سْكِل] أو [الجدجمنت] أثناء تجولها في أكبر منطقة تسوق في مدينة الأكاديمية ومعها كل تلك الأمتعة.
وكانت لِتُواجه مشكلة خطيرة إذا أُخِذت للاستجواب.
وضعت إحدى الحقائب وأدخلت مفتاحًا صغيرًا. انفتح كالكتاب كاشفا عن متفجرات في مجموعة متنوعة من الأشكال والألوان. لم تكن كينوهاتا تعرف ما أسمائها جميعًا وشكت في أنها ستفهم لو أوضحت فريندا. نظرًا لأنها خاطرت لإحضارها من خارج المخبأ، فمن المحتمل أنها لم تكن أسلحةً تُخَزّن بأمان هنا.
خاطرت لجمع كل منها من أجل هذا.
غمزت فريندا.
「في النهاية، سنبذل كل شيء، صح؟ إذا أردتُ إنقاذ صديقة، بذلت الجهد حتى أقصاي」
أجل، طلبن المال، ولكن لأجل ماذا؟
ما دمنَ لم ينسين ذلك، فلن يضللن السبيل.
ما تسوى الثمانون مليار؟
إن لم يستطعن أن يبتسمن مع كلّ مَن قَبِلنها رفيقة، فلا تساوي عندهنّ تلك المليارات شيئاً البتّة.
- الجزء 3
كانت إعدادية توكِوَداي ذو موقع بارز حتى في [الحديقة المدرسية]، وهي منطقة خاصة في المنطقة 7 تضم مدارس النخبة.
وفتاةٌ هَيْفاءُ مَيَّاسَة [2] ذات جديلة زخرفية في شعرها الأشقر الناعم جعلت كفّيها معا تُحيي بأدب.
「طاب يومك」
「يا هلا، إبوتَنُكِكوجي-سينباي. مُتأخرة؟ ظننت أن آخر حصصك اليوم كانت السباحة」
تبادلتا التحية كباقي الطالبات، لكن بنت الشعر-القصير التي كانت أمامها هي في الواقع واحدة من السبعة ذي المستوى 5. فمثلها من الناس تراهم يمشون في القاعات يوميًا وكان هذا أحد الأسباب التي جعلت توكِوَداي عبارة عن وكرٍ للوحوش.
إبوتَنُكِكوجي كايدي، قائدة الفريق الظلامي الوحش، قمعت الصعداء.
(حقًا، الغريب هو أن تكون النخب مثل المستوى 5 تختبئ في الأزقة الظلامية العفنة خلال النهار. أو على الأقل فيما يتعلق بالتسلسل الهرمي لمدينة الأكاديمية).
「لا عليكِ. تبديل السريع للملابس هي من إحدى مواهبي」
「كل شيء في توكِوَداي بُطئٌ يبعث على التراخي، حتى إني لا أطمئن على قولكِ "سريع". أولى بكِ أن تُبادري احتياطا」
أقرت إبوتَنُكِكوجي برأيها.
كانت مدرسة توكِوَداي الإعدادية بمثابة حوض مائي حي.
تتحرك المعلمات والطالبات جميعًا ببطء شديد الجنون في مشيتهن أو تغدّيهن.
ولكل طالبة أن تتحرك ببطء وإلا رأى الجميع منها إنحرافا عن الطبيعي.
مثلما فعلوا بفتاة المستوى 5 هذه التي اختارت أن تعيش وفية لنفسها.
「أؤكد لك أنني سأكون بخير. بالمناسبة يا ميساكا-ساما، أوسبق أن قابلت #6 المستوى 5؟」
「لا」 هزت الفتاة كتفيها. 「ليس وأن المستوى 5 به مجتمع خاص حيث نتعاون جميعًا. لكنّ يبدو أن مُجادلاتي مع تلك القصيرة اشتهرت، ها؟ أو ربما لا، لا أدري بصراحة」
المستوى 5 الأخرى، مِنتل آوت، يمكنها إنتاج أي قوة نفسية تقريبًا. لذا، سواء كان عيبا أو ميزة، فهذه الفتاة هنا هي الوحيدة في توكِوَداي من تجرؤ أن تطلق عليها اسم "القصيرة". كأن بين الاثنين علاقة خاصة تفصل البقية.
هزت كتفيها مرة أخرى.
「مِنّا سبعةٌ فقط، ولكن هذا لن يقربنا. لم نصبح أصدقاء ولا تبادلنا أرقام الجَوّال أو أي شيء. أنا لا أعرف حتى أسمائهم وقدراتهم」
「فماذا لو أخبرتك أنني الرقم 6؟」
「آه، صدق؟」
بعد هذا الحديث، افترقا بابتسامة.
انعطفت إبوتَنُكِكوجي في الرواق، و...
「أوفف」
حتى شمس منتصف الصيف الساطعة بدت باردة نوعا ما داخل توكِوَداي. لقد كان عالماً خالياً من الهموم والجريمة حيث بقيت الطيور الصغيرة التي أكّلها أحدٌ مسترخية على حافة النافذة.
عرفت إبوتَنُكِكوجي أنه من الإهمال أن تحضر دروس السباحة خاصة وأن جماعة ظلامية من العدو تسعى وراء عنقها.
كانت توكِوَداي منطقة آمنة بكل الطرق الممكنة. معزولةً عن العالم، ولا تتسرب منها أي معلومات، وكانت متورطة في سياسة المدينة الأكاديمية.
لكنها سلبت كل شيء إلا الأمان، لذا كان البقاء هنا طويلا أمرًا خانقًا.
شعرت كأن البقاء هنا حبسٌ في السجن سعيًا للأمان.
وإنّ قول "كل شيء هنا بُطئٌ يبعث على التراخي" لَوَصفٌ عميق.
وبما أنها من توكِوَداي، فهو واضحٌ أن إبوتنككوجي لم يكن لها نقصٌ في المال. بل أنها أغرقت عنقها عميقا في الظلام خشيةً منها أن تنعزل عن العالم كما عُزل أوراشيما تارو في الأساطير إذ لزم البحر دهرًا، فالظلام كان متنفسا لها. أو بعبارة أخرى، أحَبَّت دائمًا أن تكون على حافةِ حافة العالم، تعاين حقيقته وإن فسدت، لتضبط عقارب ساعتها العتيقة التي شردت كثيرا عن وقتها.
(وللظلام عوائده أنه يرسم بينه وبين سائر المدينة خطًّا غليظًا يفصلهم)
رفعت ذراعيها تُمَدّد ظهرها.
وكانت الفتيات في الرواق يمشين على حذر لكن بعجلة، فلم يبقَ للفسحة إلا قليل. وفجأةً افترقن على جوانب الممرّ يُفسحن لها.
إنّ قوّتها وإن كانت أسهل في القتل، فإنها —بحيلة بسيطة— تَصلُح لمثل هذا.
مَشَتْ في وسط الرواق لا يزامحها أحد.
(إنّ هذين العالَمين متلاصقان، يَعملان عمل وجهَي العملة، هذا مشرقٌ بنوره، وذاك غارقٌ في ظلمته. وهذه البقعة المضيئة ليست منيعة، وليس وأنني ولدتُ في عالمٍ آخر أو أُعيدَ إحيائي)
قد رأى فريق موغينو زيّ توكِوَداي في المكتبة ولا شك أنهن يشددن الجد لتعقبها وإنقاذ الرهينة، لكن لابد وأنهن افترضن أن العدو لن يذهب إلى المدرسة في وقتٍ محددٍ كل يوم.
قد ضَحّت بحريتها وقيّدت نفسها هنا، واحتاجتها لقطع كل سبل مطارديها، جسديًا ونفسيًا.
نظرت عبر باب الفصل لتتفقد الساعة على الحائط، لكنها لم تشق طريقها إلى غرفة تبديل الملابس. فضلت مكانًا مهجورًا، فوجّهت أنظارها إلى مهبط الدرج المؤدي إلى السطح. تُركت هناك بعض مواد التنظيف ولم يُبَلِّغ أحدٌ عنها، فهذا يعني أن الناس بالكاد يجيئون هنا.
أومأت إبوتَنُكِكوجي رأسها.
صوتُ حاد من شطر هواء تناثر عند قدميها. نظرًا لأن الناس بالكاد يأتون إلى السطح، تُركت لافتة "مغلق للتنظيف" ملقاة على الأرض بدل أن توضع بعيدًا في محلها، لكنها طارت عاليا كأنها رُكِلت. التقطتها كايدي بسهولة بيدٍ عندما وصلت إلى مستوى العين.
نصبته على الدرج أدناها وحولت المهبط إلى منطقة محظورة.
(وطبعا، لو اضطررت، فيمكنني أن أجبر الناس أن يتجنبوا السلالم دون وعي)
「والآن」
لا الوقتُ حليفها، لذا استعجلت خلع زيّها واتصلت بالجوّال في نفس الوقت.
هذا كان السبب في أنها لم تستطع استخدام غرفة تبديل الملابس في زحمة فصل السباحة.
أرفقت جهاز تزييف الإشارات بحجم ممحاة محلّ شاحن الجوّال وأدخلت يدويًا رقمًا غير مسجل في سجل الاتصال.
كان عليها أن تكون أذكى من غيرها لأن في توكِوَداي إسبرة كهربائية ونفسية من المستوى 5 وغيرهما الكثير.
「نعم، أستطيع التحدث الآن. لكني أحتاج الوقت لتخزين زيّي الرسمي وملابسي الداخلية وأشياء ثمينة في غرفة التبديل، وأقفّل الخزانة، وأصِلَ إلى المسبح في الوقت المحدد، لذا لديك 5 دقائق لتدلي بالتقرير」
『فعلا يسمحون بالجوّالات في مدرسة الأغنياء هذه؟』
「لا مشكلة طالما لم يتصل بي أحد في منتصف الفصل」
الآن هي على اتصال بفتاة النادي الفني إينوّي لسبزيا.
وكان صوتها الهامس أصعب على الجوال سماعا.
「والكثير من البنات هنا لا يملكن جوال حتى. هل سمعت مرة عن رسائل الحب؟ ما زالوا يكتبونها على الورق هنا. ويُعطّرون القرطاسية ويُجمّلون الخط، إخ」
『في مدرسة بنات؟』
「القواعد لم تذكر أبدًا كلمة عن حظر العلاقات مع الطلاب الآخرين. على أني أشك أن المعلمات تخيلن ذلك أصلا」
『أيا كان. ما لي شَيْ غير أنتظر، وكِنتْ أجرب وصفات جديدة اليوم』
「سامحيني. مدرستنا تطبخ الغداء، لذا لن أكل البينتو معكِ اليوم」
『ما عليكِ. لقيت في الدكان ثعبان بحر طيب، وفكرت أعمل مرق ثعبان البحر』
「هااا؟ لماذا تصُرّين وهو ليس يومك في الطهي؟」
『مآ-مانع』
「مرق ثعبان البحر... لحظة. ستقدمين هذا الطبق على العشاء أيضا؟ كل مرة تصنعين طبق كيوتو، فأنتِ دائمًا ما تغلينه كثيرا حتى يصير كاليخنة. تذكرين لما قلتِ فجأة "بسوي رآامن" حتى حولتِ الشقة كلها لقِدر طوّل ثماني ساعات؟ يومها أجبرت وانيغوتشي ألا تذهب إلى المطعم حتى تأكل من طبخك وكانت على أعصابها طوال الساعات حتى بدت تدحرج على الأرض تترجاك تخلصين حتى لو لم تكن مثالية」
『سأصبر الدهر لو كانت النتيجة حلوة. سأصبر وأصبر حتى لو حرقت وجه الأكلة』
حدقت إبوتَنُكِكوجي في البعيد، تفكر أن العودة إلى المنزل مبكرا كان أفضل لها.
لكن على أي حال. سحبت سَحّاب تنورتها وصارت بملابسها داخلية فقط وأدرجت في ذهنها الأشياء التي أرادت التحقق منها مع زميلتها في الظلام.
(عندي حرية لبس ما أشاء، ولكنّي ها أنا طابقت الأعلى والأسفل بالأبيض كباقي بنات المدرسة. تمنيت الموت ولا أن أصير مثلهن)
「كيف الأحوال معكن؟」
『لا مشاكل حتى الآن، ولكن وانيغوتشي على وشك أن تفقد السيطرة، تمامًا كما كنتِ تخشين. تقول إنها تريد الرد على ما فعلوه لهاناياما، لكن أظنه مجرد عذر. الحقيقة أنها لا تتحمل أن تكبح نفسها حتى لا تقتل الرهينة بالخطأ.... أساسا، معها حق في أن تنتقم لو استطاعت أن تخرج من الرهينة معلومة مكان مخبأ العدو』
واصلت إبوتَنُكِكوجي خلع ملابسها الداخلية على مهبط الدرج دون جدرانٍ تفصلها عن بقية المدرسة.
حملت الجوال بين كتفها وخدها وأمسكت ملابس سباحة توكِوَداي للسباقات ونشرتها بين يديها.
「بدأتن بدوني؟」
『ليس بعد. لا أتمنى أن أغضبك مرة ثانية، كايدي』
「شطورة. لاحقًا سأكافئك. أعلم أن هذا وضع غير عادي، لكننا سنخسر إذا تركنا مشاعرنا تسيطر. تحملي. وسوف "نرحب" بالوافدة الجديدة الظريفة لتكون منا」
『......』
أوجاء هذا الصمت من غيرة؟ لكن ما أظرف إينوّي وهي تُطيع.
واصلت إبوتنككوجي الحديث والجوّال بين كتفها وخدها ورفعت ساق واحدة لترتدي ملابس السباحة. استصعبت الرؤية من زاوية رأسها، وصعب عليها الحفاظ على توازنها.
هنانو تشوبي، اسمها؟ فكرت كايدي.
『ما زلت لا أفهم لِمَ لَمْ نقتلها ساعتها』
「ما أسمع؟ غيرة؟ اخترتها لأنها ظريفة」
『ما سلمنا من طبعك. وفي النهاية إما أنها لن تعجبك أو أنها لن تستطيع الحفاظ على أسرار الجانب المظلم، فنقتلها وننظف فوضاها بعد ذلك』
أبدت إينوّي غضبا مُتفهَّم.
『أتمنى أن تفهمي حقًا أننا الوحيدون الذين نتعايش مع فتاةٍ صعبة المراس مثلك. لأنه في الناس والأشياء أنتِ لا تختارين إلا من يحومُ حولهُ الموت، لا؟』
「هيهي ظريفة. أظهري ردة الفعل هذه أكثر وسأفعل أكثر」
هذه حرب فريقان ومن ينتصر سيملك الاسم [آيتم].
إلى هذا صحيح، لكن لا سبب يدفعهن ليخطارن بالبحث عن معلومات فريق العدو أو مخابئه. إذا أرادوا الضغط على فريق موغينو شيزوري، فعليهم إنما أن يرموا بعض أموال الكلوسيوم في عالم الكبار. لن يكون فوريًا، لكنَّ الضرر سيتراكمُ ببطء وثبات. الحسابُ المصرفيُّ المجمدُ كان مثالا؛ فإذا ظهرت الفقاعات على السطح، كان قعرُ القِدرِ قد صار يغلي.
فعليهم الحفاظ على هذا الوضع.
كان مهمًا أن يحفظوا أنفسهم في موقفٍ يمكنهم فيه شن هجمات من جانب واحد. إذا جشعوا وارتكبوا خطأ، قد يخسرون كل شيء.
『اشتقت لك』
「نعم نعم. اصبري أكثر. أنوي العودة اليوم」
『شكرا. سأجهز لكِ وعاء ساخن لسمك البحر. أولا، أقطّعه أنحفَ من الساشيمي، ثم أسخنه سريعًا ببعض اللفت...』
「طبخة كيوتو وتوابلها تُخوّفني」
عموما، عندما ارتدت الهيفاء لبس السباحة للسباقات وسحبت حزام الكتف إلى مكانه؛ ارتفع كاعبها، فدفعت إبوتنككوجي صدرها داخل الملابس لتصلحه ثم أخذت الجوال أخيرا من على كتفها وخدها.
「سيعود النظام إلى عادته سواءٌ اليوم أو غدًا. سننتظر حتى ذلك الحين ثم نعمل معًا للفوز بهَنانو-تشان. إذا انضمّت إلينا، صارت زميلتنا الجديدة」
『وإن لم تفعل، نقتلها ونمحي وجودها؟』
「آه أنتِ. تتأملين هذه النتيجة، ها؟」
لا رد.
أمَلَت إبوتنككوجي جديًا ألا تحاول الفتاة خدعة "كانت تقاوم وما كان لدي خيار سوى قتلها".
『سأفعل ما تريدينه مني، كايدي. حتى لو كان مَلَلاً 』
「إذا شعرتِ بالملل،
على الأقل اغسلي مخدات الـ 2D عندك」
『بممففف!؟』
كأن إينوّي انصدمت من كَشفِ ما كان يفترض أن يكون سرًا عبر المكالمة.
「وكيف تشعرين بالملل في حياةٍ خِياراتُها لا حصر لها؟」
شدت إبوتَنُكِكوجي حزام الكتف بإبهامها وتركته يستقر في مكانه.
وغمزت.
「وأنتِ في وضع أفضل مني بكثير، لا تختنقين في حوض سمك فاخر」
- الجزء 4
بدأت موغينو بفكرتهم الأساسية.
جِدارُ غرفة المعيشة خلفها مغطى بـ "شبكة عنكبوت" هي وحدها من تستطيع فهمها.
لم يكن العدو هنا، لكن المعركة كانت قد بدأت.
「من شبه المؤكد أن هَنانو تشوبي لا تزال حيّة」
「على أي أساس؟ أود أن أصدق، لكنني لا آمل أن التفاؤل والتمني أفسد حكمك」
「اسمحي لي أن أعيد صياغة كلامي: على الأغلب، يريدون قتلها، لكن لا يقدرون」
「؟」
「هذه مسألة بسيطة تتعلق بتخصيص الوظائف」
بيّنت موغينو الأمر يبدو واضحًا، لكنها لاحظت بعد ذلك تعابير الارتباك على وجوه الثلاثة.
فغيّرت المسار.
「فريندا، لتوّك وصلتِ إلى الشقة مع كومة كبيرة من المتفجرات، أليس كذلك؟」
「ماذا عنها؟ لا أريد أن أسمع كلمة عن كونها مجرد سماد كيماوي. لقد تخطيت كل الخطوط وحتى أنني أخرجت كلورات البوتاسيوم وخماسي الإريثريت هذه المرة. النابالم والفوسفور الأبيض والباريوم — جئتُ بكل شيء. في النهاية، دخلت طور الفتاة الكيميائية تفجر نيران وتنشر الدماء والموت!!」
「لماذا أحضرتها بنفسك بدل أن تطلبي من منظمة الدعم؟」
تجمد وقتُ فريندا سَيفِلُن.
عرفت الجواب الآن.
وتنهدت موغينو.
「أثق أن لديك أسبابًا أخرى، فلن تُأمّني أحدًا بهذه المتفجرات الدقيقة ولن تخبري أحدًا عن مخبأك. ولكن غير هذا، لم تستطيعي الاتصال بهم ها؟」
نظرت تاكيتسوبو إلى شبكة العنكبوت الملونة على الجدار خلف موغينو.
أومأت موغينو برأسها قبل المتابعة.
「كنتُ لأفضل كثيرًا أن أترك كل هذا البحث لهم. كلما كثرت الأعداد سهل جمع المعلومات. لكن هذا لم يكن خيارًا، لذا بحثتُ بنفسي」
وليس وأن أموالهم نفدت أو أن المنظمة الداعمة تركتهم. فإنَّ سمعة موغينو أرعبت كلّ من يفكر أن يفعل. أي شخص استخف بالقواعد ضَمَنَ الموت لسلالته. كلُّ من تعامل معها فهم ذلك حتى النخاع.
لذا...
「قلتِ بقوة إن الأمر يتعلق بتخصيص الوظائف؟ بمعنى، هناك شيء خيالي كبير يحدث، لذا أيُّ من الفريقين لن يجمع الأفراد الداعمين؟」
「كوزَكو ميتوري」
أشارت موغينو مرة أخرى من فوق كتفها إلى صورة معلقة على الجدار.
كانت فتاة الشعر الأسود مع قدرة شادو متل، التي كانت تحرس المدير العام لشركة التأمين.
「قالت إنها كانت تستعد لمهاجمة [المبنى عديم النوافذ]، وقد اتضح أنها لم تكن تخادع. أحترم صراحتها」 أشارت موغينو
لكن تلك كانت قضية جانبية.
「إذن فكلُّ المنظمات الظلامية جَمَعَت المنظمات الداعمة لتُحَقّق وتُجَهّز الدفاع لأيٍّ كان ما تكيده كوزكو. وليس في سوق الظلام الآن أيُّ أفرادٍ داعمين」
「نعم. وفي النهاية، التستر على الرائحة يكون أصعب بعد أن تبدأ تتعفن」 هزت فريندا كتفيها منزعجة. 「أولئك الجانحين من منظمات الدعم لن يكون لديهم الكثير ليفعلوه غير ذلك. وفي مدينةِ الأكاديميَّةِ حصلت سابِقَة قضائية تقضي بأنَّ ذرَّاتِ الرائحةِ المنبعثةِ من موتِ الإنسان تُتّخَذُ دليلاً على الجُرم، فلذا لا يرضى أحد أن يبدأ التعفن في مخبئه」
وكان في المدينة خبراءُ في [التحلل] يَقدِرون على تفتيتِ تلك الذرّاتِ نفسِها، و[مُنظِّفونَ] مَهَرَة يُزيلون الأثر حتى من أرضيّات البيوتِ وجدرانها، ولكنهم قليلون، وهذا ما أبرزهم.
الجثة عبءٌ على أي شخص يريد البقاء مختبئًا.
وبما أن البنية التحتية للتخلص من الجثث المعيارية(؟) في الظلام قد توقفت عن العمل، فإن الخبراء القلائل الموجودين في الخارج ستأتيهم طلبات مستعجلة للتعامل مع الجثث الموجودة سلفا. والأجدر أن نفترض أنهم منشغلون غاية الانشغال ولن يَرُدّوا على الطلبات.
「يعني أنني لستُ قلقة كثيرا أن يقتلوا هَنانو تشوبي حاليا」
إذا كانت المشكلة بهذه الخطورة، فلربما كان عليهم الاتصال بمستوى 5 مثل موغينو أو بمستوى 4 مثل كينوهاتا بدلاً من منظمات الدعم، لكن لم يكلف أحد عناء التساؤل عن سبب عدم حدوث ذلك.
وغني عن القول إذا تم الإعلان عن أن الوضع كان بهذا السوء، فإن فرد الجانب المظلم العادي(؟) كان ليستغل حالة الطوارئ ليطالب بمبالغ زائدة أو حتى لتخطيط انقلاب على الظلام.
بعبارة أخرى، كان الكبار في القمة قلقين كثيرا من فتح إمكانية أن يعضهم كلبهم الأليف.
「موغينو. أترينها قادرة حقًا على تدمير [المبنى عديم النوافذ]؟」
「لو كان بإمكان أي أحدٍ تدمير ذاك الشيء، لرأينا أنقاضه اليوم」 أجابت موغينو كأن الموضوع بديهي.
احترمت العزم، لكنها لم تقل أبدًا أن الفكرة كانت واقعية. إنّ المدينة الأكاديمية مكانٌ عفنٌ حيث مثل كانت هذه الآمال تتحطم في مهدها. كل ذلك باسم العدالة والخير.
نظرًا لأن صورة [كوزكو ميتوري] كانت على الجدار وكان لموغينو فكرة دقيقة عن مدى احتمال هجومها على [المبنى عديم النوافذ]، فلابد أن موغينو تعلم أن [الكبار الأعلى] سيتعرضون للهجوم لكنها لم تكلف نفسها عناء تحذيرهم. وكانت تعرف أيضًا أن خطة كوزكو مآلها الفشل بالتأكيد، لكنها لن تكلف نفسها عناء تحذيرها.
ذلك لأنَّ كلما حَلَّ هذا الهجوم على مجلس الإدارة أسرع، كلما عاد الجانب المظلم إلى عهده أسرع، واستعادت البنية التحتية للتخلص من الجثث عملها أسرع، واقترب خطر قتل هنانو أسرع.
الآيتم يقاتل أشراراً ويخاطر بحياته لإنقاذ صديق.
لكن حتى مع كل ذلك ما زالوا ليسوا أبطالا.
ولا يريدون أن يُعرفوا أبطالا.
بل كان هذا شرًّا يلتهم شرّا.
「حسب توقعي، ستُقمع ثورة كوزكو الليلة على أبعد تقدير. ومع انتهاء الحادثة، سيعود الظلام إلى عهده. لذلك علينا أن نهاجم مخبأ آيتم المزيف العدو ونقتلهم جميعًا أولا」
وكان من طبع موغينو ألا تذكر إنقاذ هنانو.
أمسكوا بذيل العدو في قبضتهم، لكنهم لم يضربوا بعد. إذا أخطئوا، فسوف يلاحظ العدو ويهرب برهينته يخبتئ ولن يعود إلى السطح أبدًا. لذلك ركّزت موغينو على جمع أكبر قدر ممكن من المعلومات لأطول فترة ممكنة لزيادة احتمالات النجاح لفرصتهم الوحيدة.
ابتسمت تاكيتسوبو قليلا.
「ماذا نعرف عن الأربعة؟」
「بل ثلاثة فقط يهمون لأنني قد قتلت واحدة في 7 من يوليو」
أشارت موغينو إلى الصور الأربع التي تعقبتها وألصقتها على الحافة الخارجية لشبكة العنكبوت.
عندما تشتبك مجموعتان، كان من المهم معرفة عدد العدو ومقدار تمويله. وفي المدينة الاكاديمية، كان مهمًا أيضًا أن تعرف أكبر قدر ممكن عن قوى الإسبر وأسلحة الجيل التالي المتوفرة لديهم.
قضت موغينو بالطبع الكثير من الوقت في هذا الجزء.
- إبوتَنُكِكوجي كايدي
「العمر: 14. الجنس: أنثى. مركزُ آيتم العدو. من طبقةٍ عليا مخملية تَرتادُ إعدادية توكِوَداي، لكن صحة ادعائها أنها المصنفة الرقم 6 ما يزال مجهول. كلّ معلوماتها مُؤَمَّنَةٌ ومحجوبة، لكنَّ الشائعات التي سَمِعتُها تقول أنّ في توكِوَداي اثنتين فقط من المستوى 5. بدَت قُوَّتُها كأنَّها تستخدم الرياح أو موجاتِ الصدمة، لكن من السابق لأوانه الحُكمُ بعد؛ فلربما تكونُ قد كتمت قُوَّتَهَا ونحن نُراقِبُها.
「هي ساديَّةٌ كامنة قررت أن تتذوَّقَ ليلَ المدينةِ لِتَتخلَّى عن ضياءِ حياةِ طبقتها العليا الضاغطة عليها. هَوَسُها ببلوغِ ثروةٍ من دونِ عَوْنِ والديها لا يَعدو كونه طورًا مَألوفًا من تمرد المراهقات. وكيف كانت تفرط في التصرف مع قوةٍ هائلة تدل على أنها ليس بعذارء سفاحة.
「وكما قلتُ، فالتفصيل في زعمها أنها "#6" ما يزالُ مجهولا.
「ومع ذلكَ فَلَقَبُ [لعنة الجانب المظلم] قد يعني أنّ مهمَّتَها هي إيقاع العقاب على الأشرار الآخرين.
「هذا بديهي، لكنها من بين الآيتم المزيف الأخطر.
「إن أمكن، فَوَجّهوها نحوي؛ وإن عَسُرَ ذلك فلا تتردَّدوا في الفرار. حاليا سنفترض أنها الـ#6، وأُجيزُ لكم الفرار. وضَعُوا في الحسبان أن الالتقاء بها فرادى قد يعني الهلاك」
- هاناياما كاميتسو
「العمر: 18. الجنس: أنثى. صفرية المستوى، لكنّها أطلقت على نفسها لقب «الساعية» وتُقَسِّم جسم الأعداء بالدراغون موتور — سكوتر دفع مُعِدّ لَيَسْتَخدمَ محرِّكًا خطّيًّا أو محرِّكًا نفّاثًا. ظاهريًا كَانَت ساعية مخلصة، لكنّها بلا ريب كَانَت ناظِرةً شغوفة تُحِبُّ أن تَنظُرَ من بعيد إلى مستلم الطلبية يتدمر من أيا كان ما سلَّمَتْهُ إياه. يبدو أن حادثة المومياء الملتصقة بالجدار في المنطقة 7 كانَ من فعلها.
「أستخدم صيغة الماضي لأنني قتلتها في السابع من الشهر. لن يكونَ لها دور سوى ما قد يُثيرهُ أصدقاؤها أو معارفُها من حقد، فانسوا أمر ذكر معلوماتها الشخصيَّةِ.
「دراغون موتور لا يزالُ غامضًا في أغلبه: هل صُنِعَ جُملةً؟ وإن كان، فهل يمكن لغيرها تشغيلُه؟ لا أحد يعلم. لكن لا نستبعد الاحتمالية، ولنتفرض أن شبحها قد يعودُ ليطاردنا」
- إينوِّي لَسْبِزيا
「العمر: 15. الجنس: أنثى. معروفة باسم [المصممة]. في نادي الفنِّ وتَجني المال بتزوير أنواعٍ شتَّى من الأدلة. كالهاكر، تبدو من المتخصصات الداعِماتِ اللواتي يَستخدمنَ الخدع أكثر من القِتالِ المباشر. إلى جانبِ صُنعِ الأدلةِ المزوّرة فإنها تقبل أيضا الوظائف لتدمير الأدلة الموجودة. هذا مسارٌ حسنٌ لكسب ثِقة النّاسِ إلى جانبِ القتل.
「كادَ يكونُ من الصعبِ العثور على مَذمَّة عن الفتاة سواءً في سجلاتِ [الأنتي-سْكِل] الرسميةِ أو في [الجانب المظلم]. قلّةٌ هم الذين اشتكوا من تزويرها للأدلّة، والغالبيةُ تثني عليها وتقولُ إنّها أنقذتهم. لعلّها من النوعِ الذي انتهى بها المقام هنا لأنَّها تفوَّقت في الكذب إلى حدٍّ رهيب」
- وانيغوتشي نوبوكا.
「العمر: 12. الجنس: أنثى. ويبدو أن هذا ليس اسمها الحقيقي، لكنني لم أتمكن من تعقب اسمها الحقيقي. صغيرةُ الجسم، لكنها تبرع في الفنون القتالية المختلطة وقد قتلت عددا في مباريات غير رسمية في مثل سنها وهو ما أكسبها هتافات الجمهور كلما ظهرت. في الكُلوسيوم كانت [الجلّادة] التي تعاقبُ كلَّ مَن يخرقُ القواعد. باختصار، هي مهووسة بالقتالات. بدا أنها دخلت الظلام بنفسها لأنها وجدت كل القوانين في المباريات الرسمية محدودةً مقيّدة.
「لها ألقابٌ متعدِّدةٌ: الجلّادَة، الكسارة الفولاذية، قاطِعةُ البشر، ملكةُ لعبةِ الموت — أظن وضحت.
「ولأنَّها لا تستعمل أسلحة الجيل التالي، فإن قدرتها على كسر عمود فقر الخصم وتحطيمه إلى شكل كرة لحم عملاقة يبدو أنها جاءت من قدرة إسبرية.
「شِتِن كيوكي (مِحوَرٌ قاتل).
「يبدو أنه يمنحها زيادةً في قوّة الرافعة. محتمل أن تكون من المستوى 3 أو 4. وهي تُركّز على حركات الإقفال والاحتجاز في المصارعة مثل المعاتيه، لكن قد تُستغلّ هذه القدرةُ بطرقٍ أكثرَ إبداعًا لو وُجّهت لها نصائح من زميلاتها」
أطلقت موغينو نفسّا طويلاً بعد أن اجتازت كل ذلك.
ورفعت فريندا كتفيها.
موغينو تعلمت الكثير، لكن ما تزال فقط الخطوط العريضة العامة. وبقي المجهول كثيرا: هل إبوتنككوجي هي الرقم 6 أم لا؟ وهل ستظهر تقنية هاناياما مجددًا بعد أن تخرج من المقبرة؟ لم يعرفوا حتى اسم وانيغوتشي الحقيقي.
وفي مثل هذه الحالات، ما عساهم يشككوا في كل صغيرة من المعلومات تخوفا. فإنّ المحقق الذي يفتش في كل تفصيلٍ ويستعد للأسوأ بلا جزمٍ سيُسحَق تحت وطأة الشبهات المتراكمة في الجانب المظلم حيث تُمزَجُ الحقائق بالأكاذيب مزجًا مُلبِسًا.
「في النهاية، هلّا نخطف عضوًا ضعيفًا من الجدجمنت ونهدده بشيء؟ سمعت أن هاكر مميزة عندهم قد تساعدنا على الهجوم. وقد توفر علينا عناء كل هذا البحث لو اخترقت البنك」
「في الماضي، كان الميلتداونر وحده يكفي مهما كان العدو」
ألم تقل إبوتنككوجي أن [الكبار الأعلى] هم من منحوا فريق موغينو وظائفًا يمكنهم الفوز بها لمنحهم طعم الانتصار؟ وما إن يغوصوا عميقا إلى نقطة اللاعودة، عندها سيبتزهم الكبار ويستخدمونهم كما يشاءون.
نوعا ما صَدُقَت، كما فكرت موغينو مبتسمة.
و...
「إذا سارت كما الخطة، فإن المشكلة الأكبر هي إبوتنككوجي في المركز. ثاني أكبر مشكلة ستكون وانيغوتشي نوبوكا بفنونها القتالية القاتلة. لكن لا نتجاهل إينوي لسبزيا وقدرتها على إيقاع وتأطير أي شخص في أي جريمة تقريبًا. علها تكون ورقتهم الرابحة المخفية... في الأخير، نحن لا نعرف حتى ما هو مستواها. في المستوى 0؟ أم أنها لم تستخدم قوتها لأن وظيفتها هي تزوير الأدلة؟ ربما يحفظونها ملاذًا أخيرًا لهم」
「لو لم يكن معهم رهينة، لَفَجّرتي مخبأهم من الخارج يا موغينو」
عادة ما كانت تاكيتسوبو تحدق في الفراغ، لكنها الآن أعطت فكرة صادمة. ربما كانت غاضبة أيضًا — وإن لم يظهر على محياها. جزئيًا كان من حديث إيقاع وتأطير الناس وتزوير الأدلة، ولكن في الغالب كان لأجل هَنانو التي ضحت بنفسها لتحمي تاكيتسوبو.
طقطقت كينوهاتا رقبتها.
「أجل لنفكر بقوة كيف ننقذ الرهينة. هذه بقوة أولويتنا والهرب بقوة لن يساعد. موغينو-سان، هل تعرفين أين تكون قاعدة آيتم العدو؟」
「في الأساس، لديهم خمس قواعد. لكن أربعة تم التخلي عنها بالتأكيد، فلنتجاهلها. خادمات التنظيف يدخلن ويخرجن من الغرف، لكن لم ألحظ ردًّا. تلك العاهرات لا شك أنهن أخذن هنانو إلى هنا — نفق السكك الحديدية المهجور في المنطقة 11」
「ها؟ في النهاية، تقولين أن الأشرار اتضح أنهم مجموعة ديدان اختاروا العيش في أنقاض خرسانية قذرة تحت الأرض!؟ هذا ولديهم حقيبة مليئة بـ 80 مليار ين!؟」
「لقد اشتروا قطارا فاخرًا قديمًا، ووضعوه سرًا في النفق، وحولوه إلى مخبأ. أنا متأكدة أنه كان مخصصًا للبحث التقني، لكنه ما عاد مفيدًا نظرًا لمحدودية الأراضي في مدينة الأكاديمية. بأي حال، هم الآن هناك يعيشون بترف. وأيُّ عاشقٍ للقطارات في المدينة مستعد لِيَقتل حتى يكون في موقعهم. وكذلك في قطار [جرة الليل] مطعم ثلاث نجوم بشيلين، أي أن عندهم أجمل المطابخ الصناعية طلبا. وكذلك في القطار صالة كوكتيل سيارات فارهة. أزيلت السكة من القسم المهجور، لكن النفق نفسه مزود بالطاقة لأن مدَّ خطوطٍ كهربائية جديدة كان ليكلف ثمنا باهظا」
تأففت موغينو.
「لكنّي أتخيل أن أهم إنجازهم كانت جدران الأنفاق السميكة وخطوط كهرباء القطار. صار لهم مأوى ذكي حيث لن يقلقوا من أن تُكتَشف أمرهم من خلال إشارات الجوالات أو الهاتف أو صور الأقمار الصناعية أو أي شيء ذو موجات. أيضًا، غرفة قيلولةٍ في صالون تجميل فاخر أو غرفة خاصة حلوة في مستشفى جامعي لا تُعَد خيارات موفقة إذا أرادوا الاختباء مع رهينة صاخبة. قد يخرسونها بالعنف، لكن الخوف سيف ذو حدين. فقد تيأس وتخرب مخططاتهم. وتذكّري أن البنية التحتية للتخلص من الجثث معطلة، لذا لن يمكنهم قتلها حتى لو أرادوا. طالما كانوا متمسكين بها، هم باقون في النفق」
معرفة الموقع كانت ذو قيمة عظيمة.
لكن النفق كان موقعًا مزعجًا. له مداخلٌ ومخارج محدودة، وهو سهل على العدو أن ينصب أطنانا من الأفخاخ الخطرة. كان سهلا أن يحدثوا ثقبا في جدار مبنى عادي بالميلتداونر، لكن الحكاية تختلف مع الأنفاق الثخينة.
「لا تقدرين بقوة على اختراق النفق؟」
「أستطيع، لكن أخافُ أن يهدمَ الانفجارُ النفقَ بأكمله」
تمامًا كما في السدود المقوسة، النفق غير المبني بطريقة الدروع ليس مثل ما يبدو عليه من صلابة رغم كثافة الخرسانة. وبالنظر إلى مقدار التراب الهائل الضاغط على السقف، كانت الأعمدة نحيفةً رفيعةً لا تُطيق، فاستلزم الأمر توازنَ أحمالٍ يكاد يكون فنًّا لتثبيتها. وإن خلَّ هذا التوازن لَانهارَ كبيتٍ من ورق. وهذا لم يكن خيارا إذا أردت إنقاذ رهينة لا إبادة الكل.
「إذا كانت كل الأفخاخ حَيل تُعيق، فسأدخل مباشرة بالأوفينس آرمر. هكذا سأزيل كل الفخاخ الثابتة وأصنع الطريق」
「تبدو فكرة، لكن في النهاية، هل ستصمد الجدران نفسها من انفجار الفخاخ؟」 تنفست فريندا الصعداء. 「في النهاية، أود أن أرى خريطة النفق. إذا كان خط النفق مُتخلّى عنه، فيجب أن ينخفض مستوى الأمان لتلك البيانات، صح؟ هل لديك هذا يا موغينو؟」
「بالطبع」
فَرَدَت موغينو ورقتين أكبر من بطانيات النزهة. إحداها خريطة نفق السكة المهجورة. الأخرى رسمًا تخطيطيًا لقطار [جرّة الليل].
「لكن هذه هي المخططات الرسمية. لن تشمل أيّ تعديلات عدّلها آيتم العدو، توخي الحذر」
「في النهاية، هو أفضل من لا شيء」
「هيهي」
رفعت تاكيتسوبو يدها على فمها تضحك.
ورمقتها موغينو مستغربة.
「ما المضحك؟」
「لا شيء. إنما لم أتوقع منكِ أن تخبرينا "توخي الحذر"」
لو أن أي أحدٍ تفوه بمثل هذا إليها، لَتَفَحَّم.
لكن ليس مع تاكيتسوبو.
أمكنها أن تعتمد على غرائزها لتعبر حقل الألغام —أي ما يغضب موغينو شيزوري— بأمان.
「تشه」
واكتفت موغينو بهذا وحده.
حتى أنها نظرت بعيدا مُحرَجة.
وفي الأثناء، انشغلت فريندا بالتحليل. زحفت على الأرض كالجرو تبرز مؤخرتها على تنورتها القصيرة، وحتى أنها لعقت شفتيها.
「في النهاية، أي تعديلات أجروها ستكون فوق الهيكل الأصلي. مهما غيّروا وبدّلوا، فإن الأساس لا يكذب」
「بقوة تعرفين؟」
「كل هذه الملاحظات التي جاءت بها موغينو على الجدار تعطينا ما يكفي لمعرفة شخصيات وعادات كل عضو في الآيتم العدو. ولن يمكنهم خلق الفخاخ من فراغ. على عكس البنادق والسكاكين، المتفجرات لا تغلف وتباع في متاجر الأسلحة. موغينو، كنتِ تتعقبين أفعالهم الماضية، صحيح؟ في النهاية، كمّ من كبرياءك ضحيتِ به من أجل ذلك؟」
「ما بالغت ذاك الحد، فقط جمعت إيصالاتهم من مكب نفايات كبير قرب مخبأهم」
「حقًا أنتِ تحبين أصدقائك، هَه؟ إذن في النهاية، سأبحث في أنواع المصائد التي قد يبنونها بالمواد الموجودة」
- الجزء 5
ملأ الغرفة صوت كشطٍ هادئ.
حيث جلست إينوّي لسبزيا، فتاة نادي الفنون ذات الشعر الفضي، على الأريكة منغمسةٌ في عملها. ومعها نوع من العدسات المكبرة معلقة على جبهتها وفوق زيّها المدرسي الصيفي ارتدت مئزرًا. ولو رأيتها لظننت ربما أنها تبدو كسنجابٍ ظريف صغير، لكن ما كان أحدٌ ليبتسم إذا علم أنها تعمل على صنع منفضة سجائر دموية لتزور دليلا.
(أحتاج أكبر عدد ممكن من البطاقات حتى أساعد كايدي)
ولطالما بَرُعَت في الكذب.
ساعد مظهرها الحلو وصعوبة إلقاءها النكات وصوتها البسيط في كسب ثقة الناس. وكان الكل ينظر إليها بازدراء ويفكرون "يا لها من فتاة مملة، لا تعرف الكذب وسيكون سهلا التلاعب بها". لم تكن "شخصيةً" صنعتها لنفسها متعمدة؛ لكن كل ذلك خلقٌ مزيجٌ معجزة أنقذتها كثيرا.
ثمّ سل نفسك: ماذا لو أنّ الصبي صاحب "انتبهوا، الذئب" قد أتمّ خداعه إلى الآخر ولم يُفتضح في القصة؟ إنّ لسبزيا التجسيد لذلك.
أبويها.
مُعلّموها.
كل بالغٍ عرفها.
كان أمرُها فيهم كالسحر الذي يُحكىٰ في كتب الأطفال، ينقادون على مشيئتها. ولمّا تعلمت البنت سِرَّها، لم يوبخها أحدٌ من بعدها، بل تركوها، فازداد خبثها، وإن كانت في ظاهرها كالعذراء البريئة. فإذا صاحَت "الذئب، الذئب!" انطلق أحدُ أولئك الكبار السُّذّج إلى هلكته.
لم تطلب المال.
ولم تحمل البغضاء.
إنما ببساطة استمتعت إينوّي لسبزيا بوجوه الغدر والخذلان على محيا بالغٍ أقوى وأكبر منها بكثير ينهار كل شيء بناه على مدار حياته.
وما كانت رغباتٍ حديثةِ العالم بل موجودة من حكايات البشر من ألفين سنة.
غير أنها نزعةٌ لئيمة خسيسة، ما كان ينبغي لإنسانٍ أن يذوقها.
(هفف)
لن يتغيّر عالم الرسومات، لا يغضبون من كذبها، ولا يُخدَعون ببهتانها ولن يُجَنّوا مهما فعلت. هناكَ فقط وَجَدَت مُتنفسها، فهي لن تجرؤ أن تُبدي حقيقتها لأحدٍ من البشر. بل لو لم يكن اقتناء وسائد الأنمي الضخمة المرسوم عليها محبوبها المفضل من الانترنت، لربّما بحثت عن جثمانٍ تحفظه في ثلاجة... المشكلة الوحيدة هي مدى ضخامة تلك الأغطية حتى وإن طويتها لُفافة. خاصة وأنها تجد في كل موسم شخصية جديدة تصير حبيبها.
وكمثل من عبث بورقة نقدية وطواها ليلعب بصورة صاحبها، فكذلك الحبيب إذا انثنى وجهه في الوسادة، يهتز حبها له. وإن عُولج بالمكواة ازداد فسادا: يبهت لونه، ويلتويّ شكله، ويتجعّد سطحه. الوسائد كانت أحوج إلى الرعاية من حيوانٍ أليف حساس.
حتى في الوسائد حياةٌ تسري.
(همم. أعرف أن كايدي مَـ’تحب كيف أنهم أخذوا مساحة الشقة، فيمكن أُبَدِّل أخيرًا إلى شخصيات الـ VR. فهناك تكفيني وسادة واحدة مجرّدة وأضمّها كثر مَـ’أريد، وأقدر أحب كل الشخصيات مباشرة بدل الطلب. لن تخرب مع الزمن، ولا تأخذ حَيّز. بس مشكلتها تحتاج جهاز ووصلات ومساحة للحركة، وأشوف أن الإعداد الأولي ثقيل على النفْس)
「هلا هلا」
عادت وانيغوتشي.
اختارت إينوّي ذلك وقتا مناسبا لتزيل العدسة من على جبهتها.
شعرت الجلادة بنت الـ 12 عامًا بالحاجة أن تعيد الإمدادات في البقالة مرة كل ثلاث ساعات. ورأت إينوّي أن ذلك كان نتيجة إفساد إبوتنككوجي للفتاة. ما تهواه يتبدل مع المزاج، وكلما تُغَيّر ما تريده من البقالة فترجع.
كانت وانيغوتشي في الأصل مقاتلة فنون مختلطة ولم تكن راضية بالمباريات الرسمية وهكذا دخلت الظلام يُفترض.... فكان غريبا أن تراها تعتمد على البطاطس والغازيات من البقالة. عادة ما يأكل المعاتيه المهووسين بالمعارك؛ البروتينات الصافية، صدور الدجاج وبياض البيض والخضروات النيئة.
「لا تتركي الثلاجة مفتوحة لفترة طويلة. تْرَكَتْ هِناك مَرَقي الهُلامي」
「أُوه، تقصدين ذيك الأكلة الماصخة؟」
「قولي وسترين كيوتو ترد الهجوم في الأخير」
「مِه؟ تحولت كيوتو أو شيء؟」
سحبت وانيغوتشي كوب حليبٍ مكثفٍ عملاق مُثلج من الكيس. ويبدو أنه يحتاج لتسخين في الميكرويف لعشر ثوان حتى يُذاب بدرجة كافية. ثم أشارت إلى جبين إينوّي.
「على وجهك طَلا (طِلاء)」
وعلى التحذير، لم تمد إينوّي يدها لتلمس وجهها. ما عساها تتخلى عن حذرها فقط لأنها ترتدي قفازات رقيقة. إذا أصابَ أصابعها الطِلاءَ الحديدي الأحمر من نوع AB، فقد يُلطخها كُلّاً. أوقفت العمل وقدمت ملاحظة في عقلها أن تستخدم زجاجتها الصغيرة لزيت التُربِنتَين لاحقا.
ثم ضحكت وانيغوتشي.
「كِلّك فوضى. مُشكلة أنتم يا أصحاب نوادي الفن. لكِ نظرة بديعة للجماليات وهوس مو طبيعي للفنون، لكنك تنسين نفسك وملابسك. ابقي على حالك هذا تَهمسين وتُكئبين وسوف تملُّ منكِ الزعيمة」
「أصحيح، أيوسَي هيوكو-تشان؟」
「ت- توقفي! قد رميت هذا الاسم! اسمي الحالي أروع ألف مرة!! حتى الزعيمة حَبّته (أحبته)!!」
سرعان ما رفعت وانيغوتشي نوبوكا ذراعيها في وضع دفاعي على شكل X.
بدا أن هذا الاسم مؤهل لبدء حرب.
تغيّر مزاج الغرفة كبيرا في غياب إبوتنككوجي. فمن يربط هاتين غير تلك السادية، ولم تريدا علاقة مع بعضهما.
تختلف الطبائع باختلاف الحضور.
「المهم إينوّي، وين الفتّاحة؟ ...... هيه؟ الفَتَّاحَة؟ التي تفتح العلب؟」
「لأي درجة من الغباء تحسبيني؟ أعرف ما هي الفتاحة」
حملت إينوّي المبرد المعدني الصغير في يدها اليمنى، وأخذت أداة أخرى من المنضدة ورمته.
رَمَت سكينًا ضخمًا في غلاف جلدي صناعي. كان لطرف الواقي نتوء يشبه المخلب قد يُستخدم لفتح العلب. وبالطبع، قد يستخدم أيضًا لفتح رأس العدو في قتال متلاحم.
أمسكته وانيغوتشي بيدٍ لكنها لاحظت بعد ذلك شيئًا.
「لحظة. هذه سكين الزعيمة؟」
「...」
「مرة أخرى أخذتِ أغراضها إلى غرفتك؟ لكم مرة صارت الآن؟ كلما أعطتك الفرصة، تختسلين ملابسها أو تسرقين منديلها أو أي شيء」
عالم الرسومات كان الأفضل، لكنها لا تحمل رائحةً أو دفء.
وإذا كانت رائحة الوسادة مثل إبوتنككوجي، فإن أيّاً ما تفعله إينوّي مع الشخصية الرسمة لا يعتبر "خيانة".
「قولي ما تقولين، لكنّي دايمًا أنظف الأدلة، وأتركها كما لو كانت جديدة، وأعيدها قبل وصول كايدي، حتى لو قاضيتني فليس معك دليلل」
「استهبال!؟ وأنا أقصى ما أقْدِرُه أنّي أتسلل لسريرها في غيابها!!ْ」
「...........................................................................................................................، اعترفي لها وإلا اتصلت بالأنتي-سكِل عليك」
واستمر الجدال.
ربما أرادت أن توقف عمل إينوّي حيث وقفت وانيغوتشي تسحب السكين الكبير أحادي الحافة من غمد الجلد الصناعي وضغطت على حافة العلبة وفتحتها بيُسر. لم تكن تُمارس ذلك من باب العادة فحسب، بل كانت تعمل بسرعةِ ماكينة الخياطة.
「ألم تذهبي إلى البقالة؟」 بدت إينوّي غاضبة بعض الشيء. 「وهل ما زالوا يبيعون العلب التي تتطلب فتّاحة؟」
「كل علب الإسقمري الرخيصة تحتاج فتّاحة. وبسرعة يخلص المخزون، وهُوَ غريب أن عليه طلب. وبعد، هذه الفاكهة المعلبة القديمة هي أفضل طبقة للثلج المبشور. قالت لي الزعيمة عن هذا اليوسفي المغمور في شراب كثيف سُمّي!」
لعقت وانيغوتشي شفتيها بتلهف متوحش.
بعد أن فتحت العلبة، قلبتها وهزتها لتضيف إضافتها من البقالة إلى الثلج المبشور. ثم أضافت عصير تفاح عالي الكربونات. كانت إستراتيجية القوة الغاشمة حيث استغلت ووثقت بشبابها أن يحميها من كل السُكّر. وألم يكن من المفترض أن تُذَوّب في الميكرويف؟
بدأت وانيغوتشي تخلط قطع الثلج العملاق بقشةٍ بلاستيكية سميكة وبملعقة جاءت من البقالة.
「إذن، كيف حال الفتاة؟」
「توقفت صيحاتها، لكنّي أظن أنها لا تزال حيّة. وأزلت عنها أي شيء قد تستخدمه لقتل نفسها」
「متأكدة؟ أزلتِ أسنانها؟ فإنها قد تعض لسانها أو تمزق شريانًا سميكًا بها」
「خلاص اتفقنا من قبل. مثل ما قلنا عن أنها ممكن أن تُغرق نفسها في الحوض متعمدا، احتمالات محاولتها ذلك جدًا منخفضة」
ومع ذلك ذهبت إينوّي تَتَحَقَّقُ من "صديقة" إبوتنككوجي الجديدة.
وضعت إينوّي عملها الفني غير المكتمل على صحيفة في الطاولة، وخلعت قفازاتها، وفركت المرطب على أصابعها. وقد عَبَسَت على صوت طحن الجليد، لربما قلقت من أن تصيب بعض قطرات الماء فـنّها.
لكن شزرات إينوي الصامتة إنما حفزت وانيغوتشي على سكب المزيد من عصير التفاح وابتلاع الثلج المبشور نصف السائل. لابد أنها نسيت كل شيء عن إضافة اليوسفي المعلب إذ أنها بدأت في الاختناق، وهذا زاد من الشزرات القادمة من فتاة النادي الفني.
وسارت الاثنتان في الممر الطويل.
تغيّر المزاج لحظة فتح الباب.
عبست إينوّي قليلاً على الهواء الحار الرطب. كأنما دخلتا إلى غرفة غريب. وهذا لم يكن غير دقيق تمامًا. فهناك كمنت فتاةٌ معينة محاصرة لأسبوع حتى الآن، فمن الطبيعي أن تبدأ رائحتها تهيمن.
وجاء تأوّه ضعيف طفيف من الغرفة.
بصوت فتاة.
「أغ...」
من هَنانو تشوبي.
بُنِيَت الغرفة مثل الحمام الجاهز، ولكن لم يكن بها نافذة، وأُزيلَ خرطوم الدش مع أي معدات أخرى قد يُنتحر بها، ولُفَّ الصنبور مُحكَمًا بسلكٍ حتى لا يخرج. والأرضية بلاطٌ رطبٌ وكان مأخذ التيار الكهربائي الذي لم يُستخدم لفترة طويلة مغطى بالغبار. ويد الفتاة مقيدة بالأنبوب المعلق على الحائط.
وضعت وانيغوتشي يدًا على وركها.
「لماذا نتساهل؟ إذا أردنا حقًا أن نضغط عليها، فلنوقف الماء عن المرحاض أيضًا」
「وتُنظفين من بعدها؟ خاصة وأننا الآن نواجه مشكلة في التخلص من الجثث」
لم يكن العنف البطاقة الوحيدة القادرة على هدم نفسية المرء وجعله يطيعك كالروبوت. ما الألم إلا بطاقة من البطاقات التي تجعل ظروف الناس مستحيلة التحمل. إذا ألقيت بهم في بيئة حَوَاسُهُم ترفض قبولها وأزلت عنهم كل سبل الهروب، فإن نَفْسَهُم تنهار بسهولة.
وخذ مثالا...
مر أسبوع منذ 7 يوليو. طوال ذلك الوقت، لم تكن قادرة على الاستحمام أو تغيير ثيابها أو حتى سروالها. ولفتاة مراهقة، هذا وحده عيّشها الجحيم.
ما اضطروا إلى تعذيبها أو حتى وضع إصبعٍ عليها.
في مثل هذه الظروف، ارتداءها الملابس في الواقع زاد من انزعاجها.
وقد جرّبت هاتان من ألوان المعاناة في الظلام ما عَلّمهما أنّ العذاب النفسيَّ أفتكُ من السوط والسيف.
「لا تحسبي أنني لم ألحظ العطر الفاخر منكِ من قبل」 قالت إينوّي.
وعلى هذا تأوهت هنانو وارتجفت.
「لكنه كان واضحا حقا لأنه لم يتناسب مع بساطة مظهرك البتة. فمثل ذاك العطر كبيرٌ مكلفٌ على طفلةٍ مثلك. ولِعلمك، قد حَلّلته حتى الذَرّة باستخدام مذيب بيولوجي، لذا لن يتتبع موقعك كائنٌ ولو كان كلبا مدربا」
「وحتى ألعاب الهاوند دوغ [3] لن ترصدك، كيهيهي」 أضافت وانيغوتشي ضاحكة. وأبْدا تعبيرها أنها تحب تحطيم آمال الناس.
「هذه هي الحيلة الوحيدة التي جَرَّبَتْهَا،」 هامسة إينوّي. 「قالت كايدي إنْها قد تكون زميلةً جوهرة ذات مهارة، لكن مَـ’ رأيك أنتِ؟」
「من يعلم. أراهن أن الزعيمة رأت مظهر الفتاة وحده وعشقت. هي لن تشبع من الخوّافات المرعوبات. لكن ما لي رأي. ولم أقل أبدًا أنني سأطيع كل أمر تفرضه علي الزعيمة」
لم يكن في صوت إينوّي ووانيغوتشي أي ذعر أو انزعاج.
لم تعتقدا بحق أن هَنانو ستكون زميلتهن.
إذا كسبوها قبل عودة منظمة الدعم، فهي معهم. وإذا لم ينجحوا، فيقتلونها. وكان الغالب في نظرهما أنهما سيقتلانها ويذهبا في إجازة إذا حدثت معجزة.
لم يملكا سببا مُلحًّا لإبقاء حياة هَنانو.
ولن يكسبا شيئًا من تعذيبها.
ولم يكونوا بحاجة حتى لمهاجمة موغينو للقضاء على هذا التهديد—فالاختباء في صالحهم. وثم يمكنهم أن يجمدوا حسابات موغينو الجديدة ليحكموا القبضة تدريجيًا على حلقها. إذا أدرك الآخرون في الظلام أن لديهم فرصة للهجوم على موغينو، فإن هؤلاء الآخرين سيعملون العمل القذر نيابةً عنهم. ما احتاجوا حتى إلى إقناع هنانو بالكشف عن أي معلومات شخصية لموغينو أو موقع مخابئها.
حقيقةً، كانوا يأملون في قتلها وطردها في أسرع وقت ممكن، لذا فإن أي إصابات زائدة لجثة المستقبل يمكن أن تتحول إلى أدلةٍ غير مرغوب فيها.
لكن كل ذلك استند إلى تحليل منطقي للوضع.
لا يصلح لمن يغضب سريعا على سجينٍ عدو تسبب في موت رفيق. إضافةً، ماذا لو حرروا هَنانو الآن وخانَتْ كايدي؟
「إذا لم تستمع، فلِمَ لا نخنقها؟」
ارتعشت أكتاف هنانو المقيدة.
ولعل الفتاة ذات الـ 12 عامًا كانت تستمتع بتأثير كلماتها على الفتاة الأكبر سنًا. ابتسمت بعدائية واستمرت.
「نضيّق عليها الشريان السباتي وستوّدع في أقل من 10 ثوانٍ، لكن ضربة على القصبة الهوائية سيجعلها تعاني أطول. أو نُعَيّشها الخوف من الغرق. أو نخرب محتويات بطنها بقنبلة صغيرة لا تقتل」
「لا. بالغي وقد تسحقين عظامها」
「يعني، إيه بس، أنتِ أيضًا غاضبة، صح؟」
「كايدي لا تريد الانتقام」
「مرة ثانية مع الزعيمة」
「تقولين، لكنك في الأخير ستطيعينها، لا؟」
توالت نظرة هنانو بينهما ذهابًا وإيابًا مثل حكم التنس. ربما لأن الموضوع كان حياتها هنا؟ بدت حقا يرثى لها.
ونعيد، ما هذا الحوار في المقام الأول إلا ضغطًا عليها.
كان لهذا الآيتم منظمةً داعمة، ولكن استُدعِيَ أولئك الداعمون في مهمة طارئة تخص كوزكو. هذا يعني أنهم ليسوا موجودين لتولي الجثث، فكان من الأفضل تجنب القتل.
وقد بذلت كايدي قصارى الجهد لتزويد هذا المخبأ السري. فكّر في الأمر وكأنه قطعة ملابس اشتراها لك حبيب. أرادت الفتيات تجنب تلطيخ المكان بجثة.
「برأيك متى سيعودون أولئك الداعمون؟」 سألت وانيغوتشي.
「من يدري」
「يا ربي، الرهينة العالة هي مضيعة للوقت والمساحة. إلى متى نستمر في إطعامها؟ الآن عرفت قيمة منظمات الدعم」
「أنحتاجهم حقا؟」 رفضت إينوّي هذا الاستنتاج وهمست في اتجاه الأرض. 「تقولين إننا لا نستطيع قتلها حتى لا تنتشر الرائحة الكريهة وعصائر الجثة الفاسدة في جميع أنحاء المخبأ، ها؟ لن أستطيع إيقاف التحلل، لكن أقدر على أن أمنع الجسيمات والذرات المسببة للروائح من الخروج بعد أن أجرد جثتها عارية وأغطيها بطبقة سميكة من الورنيش أو الطلاء. كأن نُعبئ الطعام في المطاط أو البلاستيك. لنا أن نترك دمية الطلاء في زاوية من الغرفة وننتظر حتى تعود منظمة الدعم أو ندفع لخبير في تنظيف الجثث المتحللة」
أءأءأءأء، هربت تأتآت قلقة قليلة من فم هنانو. ظنّت أن الإذلال سينتهي على الأقل عندما تموت، لكن على ما يبدو لا.
لكنها لم تستطع التحدث بجمل كاملة.
مهما قالت، فهي تخشى من أن التعبير عن أي نوع من الإرادة الواضحة سيرسلها في اتجاه أكثر تدميرًا.
「تقدرين يا فتاة الفنون؟」
「بإذن من كايدي」
「إذا كانت هذه الفتاة تشكل تهديدا ولو صغيرا للزعيمة، فعلينا أن نفعل ذلك فورا」
「قد تحزن كايدي، لذا اصبري حتى وصولها」
كان هذا هو الخط الفاصل بينهما.
نظرت إينوّي و وانيغوتشي نحو الباب في نفس اللحظة.
ولم تكن هناك إبوتَنُكِكوجي. كانت تتجهز لليلتها. وأنّ تجيهزها ما كان إلا أن تصنع لنفسها جلسة تصوير أمام مرآة عظيمة، وتُلَبّس الفتاة الرهينة كدمية تلبيس. بدا سخيفًا، ولكنّها هربت من قوانين توكِوَداي الصارمة لأجل هذا، وكانت تُخالِص له الجِد. فمن قطع عليها وخرّب، تَعرَّض لغضبها، فكان لا بدّ من الحذر.
أخيرًا، طقطقت وانيغوتشي رقبتها.
「الزعيمة لا تبدو مهتمة بصراحة بما نحن بصدده」
「لا أريد أن أفعل أي شيء دون إذنها. لا أريدها أن تغضب مني」
「إيه إيه، دموع التماسيح لا تنفع عليها أبدًا. ولو أنها كثيرا ما توقف قبضتي من تأثيرها」
「هيهي. هذا ما يجعلها ممتعة. إنها الوحيدة في العالم ثلاثي الأبعاد التي لا يمكنني خداعها」
وطبعا، كان العنف هو عمل وانيغوتشي. تشد قبضتها وتدمر مفاصل الإنسان كمن يمسك بالغبار المتطاير بعد أن نفض السجاد.
غير أن...
(جودة عمل الفنان تعتمد على دوافعه ومزاجه. لكنه أسهل علينا كثيرا نحن الرياضيين لأننا سنفعل ما يقال لنا طالما يُضغط علينا ويُعطى إلينا أمرًا)
「همم،」 تأوهت وانيغوتشي.
وحدقت في هنانو.
قيل أن الابتسام لتليين الصمت المحرج هو تفاعل يمتاز به اليابانيون. ولم تكن هنانو استثناء. ولا علاقة لهذا إن كانت سعيدة أم لا، وفي هذه الحالة، علها آلية نجاة لتجنب إغضاب آسريها.
أومأت جلادة الكُلوسيوم برأسها.
وما كان لإينوّي الوقت حتى لإيقافها.
ضربت الجلادة الصغيرة بقبضتها وسط وجه الرهينة دون داع.
بدا اختناق وبكاء هنانو مبتلّاً إلى حدٍّ ما. ولربما انسد تنفسها بدمائها.
「هل تحاولين إغضابي؟」 سألت إينوّي.
「عذرا. نظرتها التي تقول "أتحداك أن تلمسيني" أغضبتني☆ أتحسب نفسها مهمة فقط لأن الزعيمة تحبها؟」
「أكان من داعي أن تضربي أنفها؟ تناثر الدم على الحائط والأرض. تنظيفها سيكسر ظهري」
「هذه مشكلتك؟ أشعر وكأنكِ غاضبة أكثر مني الآن. لأنها سرقت الوقت الذي كنت لتقضيه مع الزعيمة」
اعتذرت وانيغوتشي عرضًا وهي تغادر الغرفة الزنزانة.
وضعت إينوّي يديها على وركيها.
「عدتِ لتوك من البقالة. فهل فحصتِ حول المدخل؟」
「ألِأنّ المداخل كثيرة لا يمنعهم ذلك من السعي إلى الباب الأمامي. حتى أنا لا أريد أن أكون قريبة من كلّ تلك الفخاخ」
「كايدي هي من وضعت الأفخاخ، لكنني تعبتُ لإخفائها. هيهي. يعني أنه كان جهدًا مشتركًا، صح؟ في حرب قديمة، صبغوا المتفجرات لتشبه الفحم والأنقاض ونثروها في أرض العدو ليثيروا الذعر」
「مهووسة الكماليات」
「أضمن لك أنه لن يفطن أحدٌ بالمزيج العالي والرديء الذي صنعته أنا وكايدي」
「فهل يختارون الباب الخلفي؟ أم يبحثون عن مسار لم نفكر فيه؟ أم ربما يحفرون لأنفسهم ممر؟」
- الجزء 6
「سندخل مباشرة من الباب الأمامي」
ابتسمت فريندا في الظلام وهي تحمل سكينًا متعدد الأدوات على شكل زرادية.
ولم يكن ظلاما من الليل.
كان نفق السكك الحديدية المهجور في المنطقة 11. وبدل أن يَمُرَّ عبر الجبل، انحدر هذا النفق أسفل سطح المدينة. ومدخله النصف كروي مغطى بسياجٍ متصل بسلسلة تمنع الناس من الدخول، ولكنهن تجاوزنه بسهولة.
موغينو شيزوري، تاكيتسوبو ريكو، كينوهاتا ساياي.
وبقيت فريندا سيفلن متقدمة بخطوة عن الثلاثة الآخريات لتقود.
أمالت تاكيتسوبو رأسها الخالي من التعبيرات.
「أتعرفين مكان الفخاخ؟」
「في النهاية، أتعجب من شجاعتك إذا اتبعتني طوال هذا الطريق دون أن تثقي فيَّ」 استخدمت فريندا أداتها لتقطع سلك ملون. 「عمومًا، هناك نوعان من المصائد: الإلكترونية عالية التقنية والأخرى البدائية منخفضة التقنية」
「بدائية مثل الشَرَك؟」
「أجل. ترجع إلى عصور ما قبل الميلاد، ولقد تحسنت التقنية كثيرا في فيتنام. تكفيك فقط مجرفة لصنعها ولا تحتاجين أي متفجرات أو معادن للكشف عنها، لذا فهي تخيف أكثر من الألغام الأرضية」
عَلَّ تاكيتسوبو قصدت مثالها على أنه مزحة، لكن فريندا أخذت الأمر جَدًّا أثناء عملها.
「لكلِّ مزاياه وعيوبه. الفخاخ العالية التقنية التي تعمل بأشعّةٍ لا تُرى وموجاتٍ فوق صوتية قد تبدو للوهلة الأولى أسهل، لكنها تُكتشَف أسرع بكاميراتٍ وحسّاساتٍ خاصة. فلهذا، فإنَّ استعمالَ الكهرباء بطبعه يُنبِّئُ (يُخبِر عن) بحقلٍ مغناطيسيّ ضعيف. أتعرفين كيف أن إرسال إشارات السونار على الدوام سيكون بمثابة انتحار للغواصة؟ نفس الفكرة. ...أما الألغام البدائية المصنوعة من الخشب والزجاج فركيكةٌ بَسيطة، لكنها قد تتسلّل أمام كاشف المعادن، فلا تطمئني. وبالطبع، لها عيوبها أنّها عرضةٌ للرطوبة والصدمة، وإنها تتعطل بسهولة」
「همم. إذن أي نوع هو بقوة الأفضل؟」
「لا أفضل بالمطلق. أحسن الخيارات هي بالتنويع بين هذه وتلك」
أزاحت فريندا قارورةً بلاستيكيةً عليها غِطاءٌ من معدن جانبًا. وفي داخل السائل غمرت قارورةٌ أصغر محكمة الغلق، غالبا أنّها قنبلةُ مُطهِّرة مركّبةٌ من مادّتين إذا امتزجتا صارتا خطيرتين. ولولا أن فريندا حَرَّكتها لبدت كأيّ نُفاية منسيّةٍ مدفونةٍ في ذلك المقام.
「يُسمّى ذلك مَزجَ المستويين — high-low mix — ولو إنّي أظنّ المصطلحَ كان في الأصل كان في شأن الطائرات. لكنّك في النهاية إذا علِمتِ أنهم سيستعملون هذه الخطة، فلا تخشي شيئًا」
「تقولين هذا، ولكن إذا سهوتِ عن واحدة فقط، فإننا سنذهب إلى الحياة الأخرى」 قالت موغينو. 「لا يعني هذا أنه سيكون انفجارًا مضمونًا」
「في النهاية، أستطيع شمّها،」 أجابت فريندا وهي تستخدم شريط لاصق لتسد غطاء قفص حشراتٍ مليء بنَملٍ يُرجح أنه ليس من اليابان.
「أتساءل لو أنهم استعجلوا في العمل؛ فأنا أشمّ طلاءً وتُربِنتَين استُخدما للتّمويه. ولستُ لأضع ثقتي كاملةً في أثرٍ تركه العدو، لكنّي أظنّ أنّهم وثقوا في أنفسهم كثيرًا حتى زَلّوا. وأراهن أنهم لم يلحظوا الرائحة إذ أنها أحاطت بهم طويلاً — وهذه زلّة المحترفين أبدا」
حقول الألغام بسيطة ولكنها فعالة.
على عكس القتال ثنائي الاتجاه، فهي تتيح لك هزيمة العدو دون إلحاق أي ضرر بنفسك.
وكلّ ذلك الجهد في نصب الفخاخ يؤدي إلى افتراضٍ بأنّ العدوّ لن يجاوزها، وأنّ هجومًا مباشرًا لن يلجأ إليه أحد.
وأمّا إن كانت لديك المهارة لعبور تلك الفخاخ، فالهجومُ الأماميّ يتحوّل إلى هجوم مفاجئ.
「تاكيتسوبو. في النهاية، أحتاج بعض الماء،」 قالت فريندا لأن يديها كانتا مشغولتين.
「نعم نعم. تعنين هذه الزجاجة مع شفاط بداخلها؟」
「واحضري لي علبة الإسقمري أيضًا」
「متأكدة أنكِ تحتاجين؟」
بينما تأكل فريندا سمكتها، بدأت تقلل من عملها شيئًا فشيئًا إلى أن فرغت من كلِّ ما عليها. قد عبروا الحقل الكثيف للفخاخ. وزادَ حذرُ فريندا خشيةَ أن تكون هذه خدعةً لتُنزِل حذرها، لكنها لم تَعثُر على شيءٍ آخر.
「اقتربنا من [جرّة الليل]」 قالت موغينو تحدق في الأمام. 「ربما كانوا خائفين من أني يقعوا في فخاخهم، لذلك وضعوها بالقرب من مدخل النفق البعيد」
وبينما كان النفق مهجورًا، كان لا يزال مزودًا بالطاقة وظلت المصابيح الفلورية للعمال مضاءة. وطبعا، كانت هذه هي القاعدة الرئيسية للعدو، فكان من الممكن إطفاء تلك الأضواء في أي لحظة. جهزوا جوّالاتهم في استعداد حالة احتياجهم إلى الضوء، ولكن أمامهم تجلت صورة ظلية كبيرة ومدببة للغاية تُرى حتى من دون أي إضاءة إضافية.
ذلك الظل كان قطار [جرّة الليل] الفاخر.
كان أيضًا الملجأ الذكي الذي استخدمه آيتم العدو في حال كان يُلاحق ويحتاج إلى مخبأ.
سمعوا صوت شد المعدن.
اندفعت كينوهاتا على الفور أمام فريندا وانفجرت من انفجار طيّرها على الوراء. ربضت فريندا بسرعة على الأرض وعيناها واسعتان.
「هِه؟ هِه؟」
「كح كح، بقوة هناك شيء! انتبهوا!!」
شيء بثمانية أرجل كَمَنَ في الظل.
بل العديد.
أجسادهم الشبيهة بالطبل يُرجح أنها اقتُبِسَت من الروبوتات الأمنية التي تقوم بدوريات في المدينة الأكاديمية. فالأرجل الثمانية طويلةٌ غير طبيعية لمثل هذا الجسد، وأُلحِقَ بجانبها رشاشٌ من عيار خمسين. وقد ارتدَّت كينوهاتا إلى الوراء رغم الدرع النيتروجيني الذي تحمله.
نقرت موغينو لسانها وأطلقت الميلتداونر.
تحركت أيضًا لتحمي تاكيتسوبو.
「تشه. ظننت أن النفق السميك يمنع كل الإشارات!」
「بإمكان الإشارات التنقل داخل النفق، حتى يُتحكم في القطار عن بعد」
وعلى هذا القول، كانوا بجوار خط كهرباء عالي الجهد للسكك الحديدية، والذي من شأنه أن يتداخل مع أي إشارات تحكم. كان من الأفضل افتراض أن تلك كانت متخصصة في القتال الذاتي.
لكن...
「لديهم كاميرات، لذلك سيعرف العدو أننا هنا. صارَ هذا الآن سباقا مع الزمن! فريندا، لا تدعي النفق المغلق يخيفك—وقت قنابلك! وأنتِ تاكيتسوبو!!」
همست تاكيتسوبو، 「أعلم،」 وهي تسحب شيئًا من جيب بدلتها الرياضية.
تبدو كعلبة رصاص ميكانيكية، لكنها تحتوي على مسحوق أبيض غير مستقر.
「سأستخدمها اليوم. لو أنني استخدمت [بلورة الجسد] وسجّلت حقل AIM هنانو منذ البداية، فما كان ليحدث أيٌّ من هذا. عرّضت حياتها للخطر لأنني خفتُ من تقصير عمري. لذلك لن أدع آيتم العدو يهرب من هذا النفق مهما حاولوا」
كانت في حقيقتها تُعلن أنّها ستقصرُ عمرها بالكيماويّات.
فالأمر أمرُ معادلةٍ ثابتة؛ واحدٌ مضافٌ إلى واحدٍ لا يُخرج إلّا اثنين، لا ثلاثة ولا أربعة. لا مَعجزةَ هنالك. ولكنها —ضِمنيًّا— رضيت بتلك العاقبة، إذ رأت أنّ حياة هَنانو تشوبي أعظم عندها من عمرها.
نهضت كينوهاتا، وشدّت أسنانها، ورفعت ذراعيها للحراسة، وصدت نيران المدفع الرشاش بالقوة بينما تتقدم، وأسكتت بقبضتها طبلة واحدة ذات 8 أرجل.
「هل قدرة تاكيتسوبو-سان حيل بهذه الروعة؟」
「في النهاية، ليست رائعة بقدر ما هي مخادعة! لا أتمناها أن تكون عدوي لسببٍ مختلف عن موغينو!!」
「لا تدعوني بالمخادعة. أنا دائمًا مخلصة」
وكان كلامُها مائلًا بعيدًا عن الموقف ما بين قذائف الرصاص تتفجّر حولها وهي تَلحسُ المسحوق الذي نثرتْه على ظهر يدها.
والعدوّ ما كان له سببٌ ليُبقي على هَنانو.
وكان الوقت عليهم يَضيقُ ضيقَ الموت؛ فالقطار ذو أكثر من عشر مقطورات، والبحث في كلٍّ منها مع التحسّب للكمائن والفخاخ يكادُ يُعَدّ مُحالًا. لكنّ قوةَ تاكيتسوبو «متعقِّب AIM» جعلت الأمر ممكنًا. فهي بنظرةٍ واحدة تُميّزُ كلَّ مَن يفيضُ منه مجالٌ إسبري —من ذوي المستوى 0 إلى 5 — فإذا "قيّدت" قوة أحدهم في سجلاتها، تتبعه حيثما فرّ ولو خرج من النظام الشمسيّ.
حقيقة أن العدو كان يعتمد على الأفخاخ والأسلحة غير المأهولة يعني أنه قد رُدَّت عنهم منظمتهم الداعمة. وهذا يعني أن الموجودين في هذا القطار الطويل هم الناجون الثلاثة من آيتم العدو والرهينة هَنانو.
لذلك كان على تاكيتسوبو فقط تحديد العربات التي شعرت بوجود ناس بداخلها.
「لم يفت الأوان بعد」
أجبرت تاكيتسوبو الكلمات بينما غطاها عرقٌ مقلق غزير.
إذا نظروا داخل عربة مشغولة ووجدوا هَنانو، سيحمونها. وإذا لم يجدوها، فكل من بداخلها عدو. وإذا كان الأعداء الثلاثة معًا، فإن تفجير تلك العربة سيقضي على التهديد وينقذ الرهينة دفعةً.
「لو كان بإمكاني تحديد مكان الناس هنا، فستهدم موغينو أو فريندا سقف القطار، ومن بعدها ننقذ هَنانو!!」
قوة تاكيتسوبو هي مُحرّكة كل شيء، لذلك لم تتردد في استخدام بلورة الجسد على المخاطر التي تتعرض لها.
لكن . . .
「...؟」
「تاكيتسوبو؟」
فرأت على جبينها تجعيدًا طفيفا جذب انتباهها، كأدنى عبوسٍ في وجهٍ يَخلى من كُلِّ تعبير. وذلك بينما تحرق فريندا أحد الطبول الثمانية الأرجل بشريط ناسف يشبه شريط التصحيح.
تجمدت فتاة البدلة الرياضية في مكانها.
وقالت، 「ليسوا هنا」
「ماذا؟ من؟ من تقصدين!؟」
「أنا لا أستشعر أي إنسان. هذا القطار مهجور!!」
- الجزء 7
「ضغطتِ المفتاح؟」
「ضغطت」
لا تزال هَنانو تشوبي مقيدة بالأنبوب، وشاهدت وانيغوتشي نوبوكا وإينوّي لسبزيا تتحدثان في الحمام حيث أُغلِقَت حنفيات حوض الاستحمام والمغسلة بالأسلاك.
ولاشك أن الارتباك جليٌّ على وجهها. أو لعلّ وانيغوتشي تشعر ببساطة بالراحة عند إنهاء المهمة. في كلتا الحالتين، أجابت على السؤال الذي لم تجهر به هَنانو.
「لقد فشل أصدقاؤك」
「...」
「هذه الشقة ليست أيًا من مخابئنا الخمسة. أولئك الحمقى هاجموا المكان الخطأ، ونحن شاهدناهم عبر كاميرا تنقل الموجات فوق الصوتية ونشّطنا مصيدة عن بعد تملئ النفق بأكمله بالغاز السام」
「نعلم أنهم يبحثون عنا، فلماذا نتعب أنفسنا بالإختباء؟」
「من يدري ما إذا كان هذا يقتلهم، لكنهم لن يلحقوا في إنقاذك」
تقلصت بؤبؤة عين هنانو.
مستمتعةً بردة الفعل هذه، واصلت إينوّي ووانيغوتشي الكلام.
「زيادةً، أيمكن أن يتوقعوا حقًا أن تعيش مجموعة من الفتيات في مكانٍ كذاك؟ بالتأكيد لن نحضر كايدي إلى مكان عفن كذاك. الأنفاق المهجورة هي بؤرة الحشرات والجرذان」
「آهغ، أحس بحكة في فخذي فقط بالتفكير!! أنا لن أعيش إلا على قمة ناطحة سحاب حيث لا يصل أي بعوض أو ذباب. ومع كل البضائع المخزنة في المنطقة 11، لن تجدي بقالة في أي مكان. هذا شبه كابوس بالنسبة لي لأنني أحتاج إلى إعادة الإمداد كل ثلاث ساعات وإلا جُننت」
لاحظت إينوّي شيئًا وسحبت الجوال من جيب تنورتها.
فحصت البريد الإلكتروني وبحثت.
「مكتوب هنا أن منظمة الدعم قد أنهت أعمالها. وسيعودون قريبًا」
「إذن ما كانت هذه الأعمال الأخرى على أي حال؟」
「البطارية ضعيفة،」 غمغمت إينوّي وهي تحدق في الجوال. في الجدار منفذ كهرباء قديم مُترب، لكنها لم تجلب معها كابل طاقة هنا. 「يبدو أنهم لا يهتمون إذا علمنا الآن أن الأمر قد انتهى. اتضح أن حمقاءةً معينة حاولت مهاجمة مبنى مجلس الإدارة الذي لا نوافذ له」
「آهخ، ليتها نجحت. فبدون ذلك اللعين المسيطر في القمة، يمكننا أنا والزعيمة أن ننشأ جنة الحب في المدينة」
「أراه جحيمًا، وسأفعل ما في وسعي لأوقفه」
عودة المنظمات الداعمة تعني عودة البنية التحتية للتخلص من الجثث. الأمر الذي قضى حقًا على كل الأسباب لإبقاء هَنانو على قيد الحياة.
「إذن، بعد أن ذهب هذا القيد، كيف نقتلها؟」
「بليدةٌ أنتِ」 تنهدت إينوي. 「ماذا لو سمعتك كايدي؟」
「نكتة. لو كانت مهتمة، لتوقفت عن ما تفعل وجاءت إلينا. أصلا، ستكون سعيدة طالما تحيط نفسها بالموت. وما إن تشعر بالملل، سنستخدم هذه الفتاة لتأطير عدونا. كنتِ تعلمين أنه منذ البداية علينا قتلها، صح؟ كأنكم جميعا تطلبون الطعام باستمرار لكن ترفضون أكل الفلفل، لذلك سآكلها كلها بنفسي. اعتبريني قديسة العمل التطوعي التي تنجز كل المهام التي لا يُريد أي أحد القيام بها」
ضحكت البنت الصغيرة.
انحنت واتجهت نحو هنانو.
「ما زلت لا أفهم كيف لهذه الضعيفة أن تكون في الجانب المظلم. فقط المعتوه من لا يتبع أجمل القواعد التي عاش بها الإنسان: البقاء للأصلح. لكن حتى هذه لا تنطبق في الظلام. فهذا عالمٌ أبسط وأنقى」
「(تقصدين البقاء للأقوى؟ تعجرف، لكنكِ إنما تحاولين أن تُبدي من نفسك قوية لخشية منكِ أن تتعرضي للتنمر إذا رأى الناس ضعفك، هاه؟ أوه، هيوكو- تشان. لا تحسبي أنني لم ألاحظ أن حمية تمارينك مع تلك الكرات المطاطية لا علاقة لها أبدا بقوتك)」
「سمعت كلَّ كلمة يا فتاة كيوتو التي لا تستطيع اجتياز اختبار التاريخ. ونادِني باسمي المشهور!」
كانت الطريقة التي احمرت بها بنت الـ 12 عامًا ظريفةً للغاية، لكنها كانت أيضًا خبيرة في سحق الناس وتدميرهم. ما كانت لتتساهل مع أي شخص.
(لن تأتي كايدي لإنقاذها. وحتى بعد أن خاطرت لأجل خطفها)
لاحظت إينوّي ذلك، فلم تحاول إيقاف وانيغوتشي.
ذلك لأنّ هذا المعتاد معهن. فسألت إينوّي.
「ليس لدي اهتمام بالعنف، فهلّا أنتظرك في الخارج حتى تنتهي؟」
「هِـــــــــــــــــــــــــــــــــــــه!؟ أنا مؤدية، أنسيتِ!؟ أحتاج جمهورًا لأستعرض!! حتى عندما ألكم كيس الرمل في صالة الرياضية، لا بد أن يراقبني أحدٌ على الأقل! إذا غادرتِ، على الأقل اتصلي بالزعيمة لتأتي هنا」
「تمزحين أكيد. لن أسمح لكايدي أن ترى هذا」
قبل مغادرتها بقليل، ارتعدت حواجب إينوّي. شيءٌ غريبٌ عن هنانو. لا، بل إن عدم وجود أي نوع من ردود الفعل هي ما أغربت. موتها وشيك، فكان عليها أن تكافح بأي طريقة ممكنة. طبعا، يديها مُقيّدة في الأنبوب ولن تستطيع شيئا، لكنها ستُقتل ما لم يحدث شيء. فهل ستستسلم وتقبل هذا المصير؟
شعرت إينوّي "بشيءٍ" من لا مبالاة الفتاة الواضح.
أوّل من اتخذ خطوة إلى الأمام كانت إينوي البسيطة والهامسة، وليس وانيغوتشي الانفعالية. أمسكت فتاة النادي الفني ذات الشعر الفضي بصدر ملابس هَنانو وحركت يدها إلى الأمام. تمزق زي البحارة قصير الأكمام الذي ارتدته هَنانو، وكُشف عن صدرها.
على تواضعه، تغطى بحمّالة عادية.
وعليه تعلَّق: أسطوانة بحجم بطارية AAA.
كان فتيلاً.
استُخدم الجهاز لضمان أن المتفجرات ستنفجر في الوقت المطلوب. ومع ذلك، فإن الفتيل وحده ليس بأقوى من المفرقعات النارية.
لكن بدا مُستَبْعَدًا أنّها ستختبئه دون سبب. لو كانت هذه هي جائزتها السرية، فلا بد أن الأمر يستحق أن تثق بحياتها فيها.
「ها؟」
خرست إينوّي. لكنها لم تشك في الواقع أمام عينيها. فأنفها الصغير شَمَّ رائحة أخرى غير العرق الذي لطخ حمّالة هنانو.
「متفجرات سائلة!!؟؟」
في الأثناء...
「قد منحتموني أسبوعًا كاملاً لِأُجَهِّز」
ابتسمت هَنانو ابتسامةً ضعيفة لكن لا لبس فيها.
عندما طلبت من فريندا أن تخبرها بمكان ألغام موغينو، أخبرتها فريندا أن تجدها بنفسها. قد رأتها قسوة منها في ذلك الوقت، لكنها الآن عرفت أفضل.
لن تكشف أسرار زملائك، ولو على سبيل المزاح. إن لم تستطع ذلك، فلن تكسب أبدًا ثقة فريقك.
وهذا ترك لها استنتاجا واحدا: هذا ما تبقى لها.
فتحدثت الفتاة المنتصرة، من دون أن تمحو خجلَ صدرٍ بانَ من تمزّق زِيّها البحري.
「إن أردتم أن تكونوا أشرارًا، فيا ليتكم خلعتم عني كل ثيابي」
- الجزء 8
طااااااخ!!!
انفجر مخبأ آيتم العدو بعنف حتى بدا للعيان من خارجه.
- الجزء 9
خرجت فريندا سَيفِلُن من نفق السكك الحديدية المهجور.
كان الغاز السام عدوًا سهلاً للآيتم. لموغينو ببساطة أن تستخدم قوتها النارية لحرق الغاز — أي بأن تُأكسِدَهُ بالقوة فتقلب صورته وتُعيد صيغته الكيميائية — وتحْيِيده. ويمكن لفريندا أن تستخدم متفجراتها في النفق المغلق لتطرد كل الهواء الملوث إلى الخارج. وأما كينوهاتا فتحتمي بدرعها الغازي المنيع الأوفينس آرمر.
لكنهم كلهم لم يستشعروا النصر على عدوهم.
「حرّك الشاحنة!! حرّك!!」
صرخت موغينو وصرّت الإطارات.
صرخت بهذا الأمر لسوّاق منظمة الدعم. يعني وجوده أن الوضع قد تقدم إلى المرحلة التالية.
اندمج السائق الجانح أولاً في طريق سريع كبير.
「و-وين بالضبط!؟」
「ألا ترى ذاك الدخان من بعيد، هاااه!؟ اذهب لهناك وعجل!!」
ويأست فريندا لأنها كانت تعرف ما كانت عليه. فهي خبيرة متفجرات، وتلك الضوضاء العميقة تكفي لها أن تحدد نوع المتفجرات المستخدمة.
اتسعت عيون السائق الشاب.
「الإشارة أحمر」
「فماذا؟! لا ترفع قدمك عن الدواسة!! انطلق!!!」
شقوا الطريق مباشرة عبر التقاطع الكبير بأقصى سرعة، وبالكاد تجنبوا سيارة رياضية صفراء. أُطلقت موجة من الأبواق عليهم، لكنهم تجاهلوها.
لكن هذا لن يستمر طِوال.
عبروا حدود المناطق، وأصابتهم ازدحامات عند دخولهم المنطقة 15.
واختلطت صفارات إنذارٍ معًا في البعيد.
「لن نتقدم أكثر!! يبدو أن الأنتي-سكِل أوقفوا حركة المرور أمامنا...」
「تشه!!」
لم تهتم الفتيات بالسماع أكثر فقفزن من الشاحنة.
حتى الآن، كان المنطاد يطفو على مهل فوق رؤوسهن. وتُقرأ شاشته، "قد شبَّ حريق في بناءٍ على طول الطريق الرئيسي في هذه المنطقة، فوقع بسببه تأخير في السير. فمَن كان قريبًا فليحذر ما يتساقط من فوقه. وللاطّلاع على تفاصيل الخريطة المفصلة للموقع، فليُراجع مركز إدارة حركة المرور أو موقع شركة السكك الحديدية على الويب".
ثم أبصروا من بعيد ضياءً برتقاليًّا يتصاعد مع دخان أسود، يشقّان عتمة الليل. واصطفت سيارات الإطفاء والإسعاف عند قاعدة البناء.
وخَطَرَ على الفتيات الأربع نفس الشيء: لماذا حدثت هنا من بين كل الأماكن؟
ومَنَعَ الناسَ شريطٌ أصفر مكتوب عليه "ابقوا بعيدًا"، والصحافة والجوالات الشخصية تصور المشهد.
هذا صَعَّب على أي شخص في [الجانب المظلم] الاقتراب. ومع ذلك فقد كانت تتطاير في الأجواء أشياء كثيرة حتى خارج السياج المضروب: شظايا زجاجٍ حادّة، وفتات متفحّم كان يومًا أثاثًا، وكتاب قد بَدَت عليه آثار الافتراس كأن كلبًا ضارِيًا نهشه.
احتوى الكتاب على تقنيات مكياج يُميسونا سَيروه.
من هي التي احتضنت هذه الجائزة بسعادة بعد أن اكتشفتها في سوق المظلات؟
خيّم الصمت على الأربعة.
فشل إنقاذهم لهَنانو تشوبي. لكن هذا الانفجار كشف موقع آيتم العدو. وأكثر، لربما قتل بعضهم.
لكن ذلك لم يكن يعني شيئًا.
لِمَ لم تفكّر هنانو في عاقبة أفعالها؟
تذكرت فريندا محادثة سابقة مع الفتاة.
「صحيح. نسيت أن أهنئك على أدائك أوّل هذا اليوم، هنانو」
「آه」
نعم.
يفترض أنها كانت هديةً مكافأة على تعبها.
「فلولاكِ، ما كنا لنحصل على البيانات من شركة التأمين. أشك في أن موغينو كانت لتستسلم، لكنها كانت ستعتمد على القوة الغاشمة لتنجز المهمة آخر الأمر، سعيدة أن الأمور انتهت بسلام」
「أه... آه هَهَهَه...」
قد تنكرت على هيئة المدير العام لشركة التأمين واسترجعت البيانات بمهارة.
لذلك أرادت فريندا أن تهديها مكافأة ترحيبًا بها في الآيتم. ظنّت بذلك أنّ الوافدة الجديدة المتوترة قد ترتاح إذا شعرت أنها أفادت شيئًا للمجموعة.
「لذا ندين لكِ بهذا وذاك. فهل تريدين شيء نعطيك؟ اطلبي ما تبتغين」
「أ-مم، أجل اسمعي...」
وكان طلب هنانو خطيرًا: سائلٌ متفجر.
لكن فريندا رأت أن هذا شيءٌ قد تحتاجه لتنسجم في الجانب المظلم.
فهل كان خطأً؟
في ذلك الوقت، بدت هَنانو مرتاحة للغاية وفرحة.
ومع ذلك...
「أحقا؟ رغم أنها ليست خطرة」
「همم. أنا جديدة في الظلام لذا اعتبريها مثل ملاذي الأخير. وأيضا رأيتُ أنكِ يا فريندا ستكونين أنسب واحدة لأسألها」
حدّقت فريندا طويلاً في الرماد والدخان.
تحديقًا يفضحُ حقيقةَ العجز.
حدّقت في ذاك الواقعِ قبلها. في إخفاقها وضعفها.
لها من الأصحاب ما يفوق الكثيرين، وقوائمُ أرقام تمتد في النور والظلام، فما فادها ذلك من شيء؟ أيُّ فراغٍ هذا قد يُداوِيه؟
موتُ أحدٍ بثَّ فيها هذا الكم من البؤس.
ولا شيء يُعوّض هذا. ليس بأمرٍ يُحسب ويُحصى برياضيات محضة.
ما كان ينبغي لهَنانو تشوبي أن تموت.
ولعلّ هذا القول يخرج غريبا من فمِ فردٍ من الآيتم لطالما زهق أرواح البشر لعبا أو سعيا لمكسب. لكن فريندا رفضت قبول هذه الحجة.
استمري قاتلي، كانت دائما تذكر نفسها.
لا يهم مدى حقارتك أو قذارتك.
فأشرار آيتم ما قُدّر لهم أن يموتوا كالأخيار يا حمقاء.
وأخيرا، نطقت البغيضة الشقراء شيئا لن يفهمه أحدٌ آخر.
「في النهاية، كيف صار ذلك هو "ملاذك الأخير"؟ لا شك أنكِ امتلكتِ خيارات أخرى لتحاولي، كأن تصيبي نفسك بجروح خطيرة حتى يصاب العدو بالذعر وينقلك إلى مستشفى عادي」
لا ريب أن تلك الفتاة الخجولة قد دُفعت إلى أقصى ما تطيق.
لم تُرد أن تموت دون أن تنجز أي شيء، فعلى الأقل أرادت أن تأخذهم معها.
ورأت فريندا ذلك قرارًا أحمقًا.
لكن ما عساها تترك شجاعة هَنانو تذهب سدى. قد دفعت تلك الصديقة حياتها مقابل هذا التلميح. ولا يمكن إخفاء هذا الدخان والنار بأي حِيَلٍ ظلامية.
تلك هي نقطة انطلاقتهم الجديدة. إذا أحسنوا استخدامها، فسوف يستأنفون اصطياد العدو حيثما فرّ.
(اللعنة عليها).
عقل فريندا يغلي.
كررت نفس الكلمات، لكنها وجهتها إلى آخر.
(اللعنة على أولئك الفتيات!!)
ما عاد المال يُهمّها.
لم تبقَ رهينة بعد الآن.
وقد تغيّر هدف الفتيات مرّةً أخرى.
وأيْ بمعنى...
فريندا سَيفِلُن عضت شفتها للحظة. وثم...
「أنتم أموات، أيها المزيفوووووووووووووووووووووووون!!!」
من ثوب الخطايا والأنانية لبسوا.
لا يتأمّلون في أفعالهم، ولا يلومون أنفسهم، بل يزعمون القصاص والدَّين وهم أبعدُ الناس عن عهود الحقّ وأهلِه. يُعنِّفون غيرهم ويعاقبونهم، فإذا أصابهم عَثَرةٌ رمَوا بها غيرهم قبل أن ينظروا إلى عيوبهم.
ولكن ذلك كلَّه لم يكن مهمًا هذه الساعة.
فأيّ قيمةٍ لِسادِسِ المدينة الأكاديميّة كان؟
وأيّ وزنٍ لِلَعنَةِ الجانب المظلم حمل؟
إنّهم لَيَنبذون فضائلَهم إن حالت أخلاقهم دون الظَّفر بالعدوّ. فإذا انسدّت السُبل، نزعوا عن أنفسهم كلَّ وازع، وانطلق الذئبُ من وثاقه يعدو في ظلمة الليل ليغرس أنيابه في عنق الخنزير السمين.
اختاروا أن يصيروا وحوشًا ضارية.
وفعلا رنَّ عُواءُ الفتاة المَغِيظة في جنح الليل.
وقد ضاع الدرع الأخير للضحيّة الحمقاء، فما عاد لهم ورقةٌ يساومون بها الآيتم.
ومن هنا، يبدأ الصيد.
- ما بين السطور 3
حدثت فجأة أثناء تغييرها الملابس.
「لهث، لهث」
أوقفت جلستها التصويرية الشخصية التي وصفتها بالتجهيزات.
إبوتنككوجي كايدي، الميّاسة ذات الضفيرة الشقراء الناعمة، أمسكت رأسها واتكأت على الحائط كما لو أن صدمة موجية ضربتها. ولمسها للحائط كان أكثر من كافي لينهار كالورق المقوى المبتل، فكان عليها أن تدارك نفسها بسرعة.
انقطع الكهرباء.
سقط لوح سقف وتدلَّت عدة أسلاك وانسكبت شرارات متقطعة. وذلك أعطاها ضوءا وطريقا في الظلام لتمضي.
「إينوّي-تشان، وانيغوتشي-تشان؟」
ضُرِب رأسها، فشعرت بألمٍ الآن. والصوت الذي انبثق من فمها أجشًا غليظا حتى ما عادت تعرفه.
ماذا حدث؟
انفجار؟
تمايلت قدماها وفتشت جيبها، لكنها لم تعثر على جَوّالها. لم ترغب في أن تنزل وتزحف عبر الظلام تبحث عنه. أولاً، عليها أن تعرف ما حدث.
لا يبدو أنه كان انفجار غاز من الحمام أو المطبخ.
نادت أسماء زملائها في الفريق وهي تبحث.
فأول تخمين لها كانت الغرفة حيث احتُجِزَت الرهينة.
وما اقتربت حتى تسلّل إلى أنفها رائحةُ بارودٍ كالمفرقعات، ومعها رائحة الدخان. ونظرت، وكأن الباب قد انخلع من باطنه إلى خارج، ليس أنّ الباب طُرِح أرضًا، بل شظاياه قد انغرست في الجدار المقابل.
「أرجوكم أجيبوا. إينوّ-...」
خرست.
ما كادت تبصر شيئا في الظلام حتى اصطدمت بشيءٍ ركلته. شيء بحجم كرة القدم، وأثقل منها وزنًا.
رأس إنسان.
رأس إينوّي لسبزيا.
قد اسودّت ملامحها بالنار حتى ما عادت تُعرف، فوضعت إبوتنككوجي يدها على فمها من هول المنظر. ثم التفتت، وعلى الحائط رأت شيئا معلّقًا كأنّه معطف، وليس بمعطف بل ما بقي من جسد بشري مُشَوّه، قد غرزته نبالٌ من شظايا الحديد، وألصقته بالجدار غرسًا. فما تبيّنته حتى عرفت أنّه...جثة محترقة ساكنة.
「وانيغو-」 وانقطع صوتها، إذ غصّ حلقها بقيءٍ هددها.
قد فعلت الرهينة شيئًا أدّى إلى انفجار.
أمّا العاطفة فليكن وقتها لاحقا. الآن عليها أن تفكر فيما يجب. فالانفجار لابدّ أن يكون قد شوهد من الخارج، ولسوف تُسارع إليه قوات الأنتي-سكِل، ومعهم الصحافة، بل وحتى مراسلي الأخبار في الشبكات الفضوليون. وأخطر منهم فريق موغينو سيتبع هذا الدليل الظاهر لا محالة.
فَقَدَ آيتم إبوتنككوجي الآن ثلاثة.
وكانت الوحيدة الباقية.
بهذا المعنى، كان هذا الهجوم الانتحاري الأخير ناجحًا للغاية.
الآن ليس بوقت المفاخرة حول القوة الفردية.
لن يكون بإمكانها تشغيل الكُلوسيوم وأرباحه البالغة 80 مليارًا إذا تركت لعواطفها تسيطر في هذه اللحظة. فليس خصمها هنا مجرد مستوى 5، لكن فريق ظلامي فيه مستوى 5. يغطي بعضهم نقاط ضعفه ويحمي ظهره. وكان عليها أن تتيقّن أنّ لا نصر في مواجهة مباشرة.
إنّما حكم إبوتنككوجي ينحصر في عالم الجريمة.
كما بان في إدارتها للكُلوسيوم، وفي اختطافها هَنانو، فسياسةُ أمرها قائمة على التخفّي بين الناس، والذوبان في الزحام كي تظلّ خفيّة الأثر.
إذن في هذه الحالة...
「عليّ الهرب」
في لمحةٍ اتخذت القرار.
لا يدل هذا على ضعف أو قوة منها. فأن تُواجه مجموعة كاملة ظلامية ليس بأمر يُحسَب أصلا.
عليها الهروب في الوقت الحالي.
ولتفكر في كيف تقتلهم لاحقا.
「عليّ أن أهرب إلى بر الأمان وأستجمع قوتي. وأجمع الناس أيضًا」
ما إن اتخذت القرار، كانت سريعة التنفيذ.
أمسكت بولاعة زيت مثنية أصلها كان في إشعال إضاءة شمع العطر. على أقل الأقل، كان عليها أن تجمع وتحرق وتتخلص من المستندات والأدلة والجوّال الذي فقدته وعلى أي شيء آخر يدينها، لكنها تناست. تركت الجثث والحطام المحترق وحدهم بينما أمسكت زيّها الصيفي من توكِوَداي وحقيبة السفر التي تحتوي على 80 مليار ين. ثم غادرت المخبأ المدمر.
كان مخبأهم شقةً فاخرة في المنطقة 15.
على وجه التحديد، كانت غرفةً تقع مباشرة أسفل مخبأ موغينو.
(قد كانت غرفتنا عازلةً للصوت وتنفع لتكون زنزانة، ولم نجد في الاحتفاظ برهينة هناك مشكلة. بل وكنا نسترق السمع على محادثاتهم بجهاز يقرأ الاهتزازات الدقيقة في العمود الممتد بين الطابقين)
「إن كان الانفجارُ قد اخترق السقف فهل دمّر مخبأهم أيضًا؟」
توجّهت إلى المصعد فرأته يرتفع من الطابق الأرضي فغيّرَت مسارها. خرجت إلى الدرج الطارئ، نزلت طابقًا واحدًا فقط، وضغطت زر المصعد من هناك.
لن يتفاعل المصعد الصاعد مع زر النزول، ولها أن تتخطى الأنتي-سكل أو رجال الإطفاء أو أي أحدٍ آخر قادم من الأسفل.
ركبت المصعد الذي وصل ونزلت إلى الأرض.
إلى قاع فِفتين بيلز، لكن الخارج كان مغمورًا بالأضواء الحمراء الوامضة. ولن تسمح لكاميرات الصحافة أن تراها فيتجمع حولها المتفرجون خارج شريط "ممنوع الاقتراب". فغادرت من خلال المدخل الخلفي للموظفين.
『 أنتم أموات، أيها المزيفوووووووووووووووووووووون!!! 』
سمعت صيحة من الحشد، لكنها أبقت محياها صامتة.
سكبت كل قوتها في عضلات وجهها.
لم يلاحظوها بعد، لذا انزلقت فتاة توكِوَداي بعيدًا عن موقع الانفجار مع حقيبتها.
لم تخاطر باستخدام قوتها.
أمكنها التلاعب بالحشد على مستوى اللاوعي لو شاءت، لكنها فضلت أن تترك أي أعمال غير ضرورية.
السلوك العادي هو أبلغ وسائل التمويه.
هذا لم ينته بعد.
لم تتغير القواعد: اسم آيتم يكسبه من فاز في الأخير.
اختر اسم وأكتب شيء جميل :)