-->

الفصل الأول: الفتاة الخامسة.

(إعدادات القراءة)

انتقال بين الأجزاء

الجزء 1

1 يوليو، 10 صباحًا.

فِفتين بَيلز، وهو أكبر مُجمع في المنطقة 15.

ولأنها أكبر منطقة تسوق في المدينة الأكاديمية، صارت المنطقة 15 موضع حسد كل السكان المليونين وثلاثمئة ألف نسمة.

تُباع الشقق الفخمة الموجودة في المواقع الرئيسية للمنطقة بَيعًا استثماريا أكثر من أن تكون مساكن فعلية. وفي إحدى الطوابق العلوية في حديقة السطح لإحدى تلك المباني السكنية تكون قاعدة الآيتم. ولأن الشقق كانت استثمارات، لم يرغب أصحابها في أن تنخفض قيمتها بعد أن يجدوا بقعًا على الجدران والأرضيات أو أن يجعلوا المكان يعطي شعور أنه "مستعمل". وهذا جعل عددًا قليلاً جدًا من الناس يعيشون فيه، ولقد صار المكان المثالي للعثور على حياة هادئة من بعد الظلام دون أن تُضطرَّ الهربَ إلى الأدغال وبالتالي تضحي بوس رائل الراحة الحديثة في المدينة.

「تُطور المدينة الأكاديمية قِوىً خاصة بناءً على [نظرية الكم]، لذا فإن المدينة هي موطن الأسابر العِلم. باستخدام حقيقة أن فعل [الرصد] يُغيّر حركة وطبيعة الجسيمات، استخدمنا طرقا مثل التنويم المغناطيسي والعقاقير والصدمات الكهربائية لنساعد الطلاب على تطوير [واقع شخصي] يَسمحُ لهم بإنتاج ظواهر مستحيلة في العادة」

وبعد فراغ من بعد الوظيفة، تمشي موغينو شيزوري عبر غرفة معيشةٍ أكبر من ملعب تنس لتصل إلى حجرتها. وكان التلفزيون الذي يزيد حجمه عن 100 بوصة شغالا يشرح أساس المدينة. البحث التلقائي عن برنامج موصى به عند التعرف على وجه المرء لا يبدو أنها أفضل فكرة. ولا بيئيا بالمرة. وقد فشلت الخوارزمية حيث بدت الفتاة غير مكترثة ببرنامج الأخبار الصباحي.

لكن هذه المرة فقط ربما أفادها.

فصوته المزعج قد أخرها بما يكفي لتلاحظ شيئا يومض في زاوية من الغرفة.

「هَه؟」 تذمرت وفي يدها زجاجة ماء مُكربن.

ومنذ أن استحمّت تواً ترتدي فقط ثوب نومٍ شفاف، لكنها لم تمانع أن تقف قرب النافذة. ألقت بنفسها في إحدى الكراسي المصطفة بجانب الزجاج وأمسكت بجهاز استقبال الهاتف. انخفضت ثم استلقت على كرسيٍ كأنه سرير.

هذه مدينةٌ بيئية من ناطحات السحاب وعَنَفَات الرياح ثلاثية الشفرات.

وَفّرت الشاشة الكبيرة الموجودة على جانب المنطاد الطافي تنبؤًا بالأشعة فوق البنفسجية للمشاة الذين يمشون تحت سماء الصيف.

كانت المدينة الممتدة خارج النافذة عَفِنةً سيئة. وما كانت لتلمع بريقاً لَوْلا دعم [الجانب المظلم]، لكن ما عسى لأحد في الخارج أن يلمح طرفا من ذاك الظلام.

أما المكالمة، فهي بالضبط ممن توقعته موغينو.

「مُجِنَياما، لماذا تُصِرُّ دائمًا أن تتصل بهاتف المنزل؟ أنا لا أتحقق أبدا من سجل الرد في هذا الشيء. اتصل بي مباشرة على جوالي ولن أفوت مكالماتك أبدًا」

『ما كنتُ لأحلم يا سيدتي. ما أنا إلا خادم، ولن أتجرأ أبدًا أن أتصل بك مباشرة دون ترتيب مسبق. وإني حقًا لا ينبغي أن أتصل بمنزلك أيضًا، فعلى أقل الأقل أحافظ على تواضعي بأن أتصل بك عبر مالك الشقة فيوصلنا ببعض』

كان مُجِنَياما الخادم الذي خدم في بيت عائلتها خارج المدينة الأكاديمية وكان هكذا يتصرف في كل شيء. ولم تعرف موغينو أبدًا ما إذا كان الشايب يحترمها أو يحاول تجنب التفاعل معها قدر الإمكان.

『قد تعيشين بعيدًا عن المنزل في المدينة الاكاديمية، ولكن تذكري دائمًا أنكِ واحدةٌ من آل موغينو العريقة وتعتزي بذلك』

「تقول أنك تتواضع، لكن هل اتصلت بي أول الصباح لتلقي محاضرة؟」

『سيدتي』

كنا في العاشرة صباحًا. وذلك وقت متأخرًا جدًا ليسترخي طالبٌ أو عامل في المنزل، لكن الخادم ذي الشعر الرمادي لم يعترض عليها لعدم اتباع نفس الجدول الزمني الذي يتبعه الناس العاديون.

『كَثيرٌ من الأشياء دخلت هذا البلد خلال فترة التغريب في بداية زمان ميجي』

「نعم نعم」

『العلم والفنون واللحوم والأدوية والبواخر —وأعظمها— القمح. وعائلة موغينو الآن هي واحدة من أغنى العوائل في العالم لأنهم أول من رأى البلاد تتغير وتقبلوا التغريب وبسطوا أجنحتهم أوسع من سائر الناس. اسم العائلة هو علامةٌ على الحكمة والمجد لا يُشَرّف بها إلا قليلٌ مصطفٌ يا سيدتي』

「(تغريب يقول، هراء. حتى الأودون والمنجة من القمح يُصنعا. أما الأرز الأبيض النقي الذي تراه في أفلام الساموراي هو كذبة. في أيامهم تلك، أشك في أن الرز كان متوفرا للجميع أصلا)」

『سيدتي』

ما زال مُجِنَياما يصر على مناداتها بذلك.

تنهدت موغينو في سخط وهي مستلقية على كرسي قرب النافذة وجهاز استقبال لاسلكي في يدها. وأخذت رشفة مياه مكربنة من الزجاجة البلاستيكية.

صحيحٌ أن مجموعة متنوعة من الأشياء الجديدة دخلت البلاد بعد انفتاحها من فترة الانعزالية: من ملابس وطبخ جديد وطبٍّ غربي ومسرحيات شكسبير وغيرها. قال مُجِنياما مُفتخِرًا (بفخر أكثر من فتاة تلك العائلة).

ولا تنسى جرائم المنظمات الغربانية

كفى كفى』 وكأنما كان كبير الخدم يوبخ طفلاً. 『ما العنف إلا شكلٌ آخر من أشكال التفاوض، لا يختلف عن المحادثة والمال. لكن يجب على ابن الموغينو أن يَستخدم العنف، لا أن يستخدمه. آل موغينو المحترمة هي في الواقع واحدة من أغنى 5 عوائل في العالم وتدير شركة إنتاج الحبوب التي تملأ بطون مليار وأربعمئة مليون نفرٍ في العالم』

وضع ذلك عائلة موغينو في موضع مختلف عن الياكوزا اليابانية. لم يفعلوا أبدًا أي شيء ملحوظًا ولم يُكشف عن أي من قواعدهم الإجرامية أو أفرادهم. لم يرتدوا نظارات شمسية وقلادات ذهبية. ظاهرًا، هم شركة إنتاج حبوب عالمية، وحتى في هذا، لن تجد اسم موغينو في الشركة أو قائمة الموظفين. غير أن ثروتهم المجنية من هناك كانت تغسل عبر بنوكٍ وكازينوهات معينة، ثم أُنفقت لتكوين جيش من مئة ألف حول العالم. ولم يتوقف الأمر عند مسدسات مجهولة المصدر، بل حتى الدبابات والمروحيات الهجومية امتلكوها. وصندوقهم الاستثماري سيبتلع أي شركةٍ قد تهددهم، قديمةً كانت أو نائشةً ذات مستقبل، حتى انتشر كيانهم في الأرض مثل الأميبا.

أصبحوا ترسا وأساسا من أساسات المجتمع وهم مختفون.

حتى الرسومات على الجدران وطرق المصافحة صارت علامات لتحديد الصديق والغريب وسيُقضى على أي غريب اقترب منهم كثيرًا. تلك هي الطريقة الغَربْية في استخدام العنف أداة.

「إن كان معهم كل هذا القمح الكثير، فليصنعوا خمر مُحَرّما كما باقي العصابات」

『مع الأسف، لا داعٍ أن يكون الخمر غير قانونيا في العصر الحديث』

زبدة الكلام، كان لموغينو شيزوري نسبٌ مظلم. على عكس معظم الناس في [الجانب المظلم]، لم تدخل الظلام بعد ارتكاب خطأٍ. إنما هي وحشٌ وُلِدت ونشأت على الظلام.

لكن في مدينة الأكاديمية، هي مجرد طالبة.

ولعلّ هذا هو ما أقلق مُجِنَياما كثيرا. هو نفسه جاء من سلالة أكثر حداثة تخلصت من سيوف قطاع الطرق الصدئة عندما فرض التغريب حظر السيوف فَوُلِدُوا من جديد وصاروا قناصين في الجبال. تمنى الخادم حقًّا لو يساعدها شخصيًا في القتالات بدل أن يترك ذلك في أيدي الآيتم الآخرين الذين صاحبوها صُدفةً.

『هل من جديد معك يا سيدتي؟』

「همم، لا بالمرة」

قد سَهِرت بجد حتى آخر الليلة الماضية تَقتُل. هِيَ هِيَ كما كانت.

「أنا أحدُ السبعة من المستوى 5. لن أجد نفسي في مصيبة خطيرة بهذه السهولة. هناك من هم في الجانب المظلم يحمون أنفسهم بأن يصنعوا قصةً مخترعة عن ماضيهم، لكنني ما وصلت إلى هذه النقطة بعد」

(طالما لم يظهر المصنف 6 — ذاك المستوى 5 المعروف باسم لعنة الجانب المظلم)

تثاءبت موغينو وتدحرجت على الكرسي. جاء صوت كبير الخدم الغيور والحبوب عبر الهاتف.

『وماذا يفعل أصحابك الطلاب؟』

「يلعبون في الطابق تحت」

الجزء 2

「آه هَهَهَاه!! في النهاية، دائما ما كنتُ المقهورة المسكينة في حجم الصدر، لكن أخيرا لقينا فتاةً من صُغرها تُبدي ملابسي فضفاضة حتى!!」

「...」

أمسكت فُريندا سَيفِلن بجانبيها وضحكت والدموع في عينيها وتجهمت عليها الفتاة الجديدة كينوهاتا. استعارت منها كينوهاتا بعض الثياب لأن ما عساها تبقى في المنشفة إلى الأبد، وهكذا عومِلت. والأسوأ أنها لم ترى فرقا كبيرا في الحجم بينهما.

تَقَسَّم المجمع فِفتين بيلز تقريبًا بين الشقق الفاخرة في الطوابق العليا والمكاتب في الطوابق الوسطى ومركز التسوق ذي العلامات التجارية العصرية في الطوابق السفلية. غُصبت كينوهاتا ساياي على فستانٍ صيفي واسعٍ فضفاض بإحدى حِزامي كتفه منزلقٌ عن كتفها، ووجدت نفسها الآن في ممرٍ من ممرات متجر فخمٍ فاخر؛ حيث تباع إحدى صناديقه الفارغة بثمنٍ غيرُ ثمن في متجر الرهانات.

كانت العاشرة صباحًا ولن تفتح الأبواب الزجاجية الأمامية للمركز التجاري حتى الحادي عشرة، وكان هذا وقتًا سريًا حيث يتمتع أهل الشقق أعلاه بالسوق وحدهم. لن يشق الأثرياء شِدّهم عبر الحشود أو يدخلون في سحوبات الإنترنت لشراء ما يريدون.

「جدا عادي نتسوق في مثل هذا المكان؟ ألستم جماعة مجرمين تأتون بأموال قذرة مقابل أعمال غير مشروعة؟」

「عادي عادي عادي عآادي. في النهاية، أكملنا لتونا مهمة كبيرة لا؟ وبعد كل مهمة يُودِعون أجرنا، فعادي لا عليك. الآن، مشينا نتسوق مع بطاقة الأحلام السوداء!! سأحرق المال حرق وأحوّل هالبريئة إلى دميتي للتلبيس!!!」

وما بدا على فريندا أنها على استعداد لتستمع إلى حُجَجٍ معقولة. ولم تكلف نفسها عناء إنكار أنها من جماعة إجرامية.

بجانب كينوهاتا ساياي، تقف فتاة البدلة الوردية تاكيتسوبو ريكو تحدق في البعيد.

وقد كانت حِيْنًا وحِيْن تفرك فخذيها، عَلّه من برد المكان ومكيفاته؟

「ذي البنت دائما حيل غريبة؟」 همست كينوهاتا لتاكيتسوبو.

「عادة تأخذ فريندا أختها وتلبسها كالدمية، لكن أختها الآن تعاني من نزلة برد في الصيف. وقالت فريندا إنها ستنفجر إن لم تجد لعبة أخرى تُخَفّف ضغطها」

كيف عساها ترد على ذلك؟

لا يبدو أن فريندا نفسها تمانع البتة.

「المهم المهم، اشتريتُ أشياءً للاحتفال، ولكنّي أسألك، هل عندك أي طلبات؟ في النهاية، سأختار عنك إذا لم تختاري」

「إذا ممكن، حيل أتمنى شيء أسهل في اللبس. لا أمانع إذا كان قصير، لكن إن كان بها زخارف فضفاضة وأشياء تطير في الهواء ستكون حيل مزعجة」

「إذن في النهاية تفضلين الملابس الصبيانية؟」

「حيل ما أهتم」

تجادلت الثلاثة (إلا واحدة) وهم يسيرون في المركز التجاري. في مكانٍ مشابه لساحة عامة، فرش الكثير من الموظفين قطعة قماش سميكة على الأرض موضوعة. يبدو أنهم يقومون بتقسيم البطيخ في إحدى الأحداث الموسمية. رأوا أكياسًا ورقية أصغر من رواية خفيفة مجمعة في إحدى الزوايا؛ والتي بدت وكأنها جوائز يُحصَل عليها في ضربة واحدة. على صغر حجمها إلا أنها لا تزال منتجات شهيرة يتجمع فيها المضيفون والمضيفات كالجراء اللهثة.

واختارت الفتيات عفويًا متجرًا ذو مظهر رياضي ودخلنه. لفت نظر كينوهاتا ثوبٌ بدا من السهل تحريكه وتعديله، لكن تَصَلّبت خديها عندما رأت الأصفار على بطاقة السعر. لحظة لحظة. متى صارت اليابان دولة تحتاج فيها إلى رزمة من الفلوس لتشتري قلما واحد؟

وفي الأثناء، لم تمانع فُريندا وتاكيتسوبو أبدا.

「هِه. في النهاية، ما غير فرنسا تختار في مجال الدرّاجات. هيّا تاكيتسوبو! حان الوقت لتودّعي بدلتك الرياضة ذي! جربي تغطي هذه المنحنيات ببدلة دراجة!؟」

「وُوه. إلا هذه البدل بألوانها التي لا تنفع إلا الطيارين في أنميات الميكا」

「اعتبري الأمر أشبه بفتاة من عروض سينتاي؟ كل يوم أحد في الصباح، أختي تحب عروض توكوساتسو مثل كابوتو درايفر أكثر من الرسوم المتحركة. وإنها في السابعة، وليس من السهل أن أواكب هذه الأشياء حتى أحادثها عنها. المهم، خذي بدلة الشكلية هذه!!」

「هيه هيه هيه!!」 قاطعت كينوهاتا مُعجِّلة. 「انظري إلى كل الأصفار قبل أن تلعبي بهذه الأشياء! شقٌ واحد ولو كان حيل صغير وستكون مصيبة!!」

「لا تقللي من شأن المجرمين الأثرياء بعد حصولهم على الأجر يا المبتدئة. والمهم في النهاية، هل وجدتي شيئًا ترغبين فيه؟ أهو هذا ما تمسكينه؟」

「هَه؟ اءء، حيل، آه، هذه غالية」

「إذن تعالي إلى غرفة التبديل! في النهاية، حان وقت التجربة المحرجة والمثيرة في التغيير خلف قطعة قماش واحدة واهية لدرجة تُشعِرك وكأن مكيف الهواء قد ينفخها ويفضحك!」

「قلتُ إنها غالية! أنا جِـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدًّا مرعوبة أن أرتدي هذا!!」

تجوهلت شكاويها، وأمسكت فريندا وتاكيتسوبو ذراعيها وجرّوها إلى غرفة التبديل. تمامًا كفضائيٍّ مأسور. كانت واثقة من قوتها، لكنها لم تجرؤ أن تكافح فتمزق الملابس.

「في النهاية، إذا لم تغلقي الستار بنفسك، فسيراكِ الجميع، تمامًا مثل الذي نسي أن يجعل حسابه خاص في السوشل ميديا」

「فهمت حيل فهمت!」

صَكّت الستار وأغلقته.

تجولت نظرة فتاة البدلة الرياضية تاكيتسوبو ريكو الكسولة في الهواء الفارغ ثم هبطت على فريندا.

「أتستمتعين」

「وَه واواه!! في النهاية، هذه تقاليد. أحدث عضو للآيتم دائمًا محكوم عليه أن يكون دمية تلبيس الملابس للعضو الذي قبله!」

أي أنّ تاكيتسوبو قد صنعت ذلك بفريندا وموغينو بتاكيتسوبو. وما زالت فريندا تعاني من الصدمة بعد أن عانت سقوط جشطالت [1] طفيف عندما اصطفّت تلك الفتاة اثنين وسبعين لونًا من بدلات الرياضة العادية ثم أسقطت عليها صمتًا مرعبًا تضغطُ عليها لتختار.

وآخر الأمر...

「حيل لبسته」

فُتح الستار وخرجت كينوهاتا ساياي.

كان لبسها هودي وإتْب وطِماق. [2] كان يناسبها أفضل بكثير من الفستان التنكري الذي أُجبر عليها.

「هوه」

「أنتِ نوع جديد من الآيتم」

بدت كينوهاتا غير مرتاحة من إهتمام الاثنين بها.

عقدت فريندا ذراعيها وأومأت برأسها مرتين لسبب ما.

「لتكن هذه نقطة انطلاقنا ولنجرب بعض الأنواع الأخرى. تعالي نذهب إلى المتاجر الأخرى حتى تجربي مجموعة متنوعة」

「تمهلي، تشترينها بهذه السرعة الخيالية!؟ والأصفار!!؟」

「فريندا، لا تنسي تشترين لها الملابس الداخلية أيضًا」

「اصبري تاكي لأنني أدخر الأفضل للأخير. اختاري تاري! في النهاية، ما الذي ستجدينه أكثر إحراجًا: ثوب لانجري يُبديك وكأنك خسرت رهانًا أم ملابس طفولية عليها وجه قطة كبير مطبوع على المؤخرة؟」

「ها؟ تقصدين أن كينوهاتا لا ترتدي أي شيء تحتها؟ هذه مشكلة」

「~ ~ ~ !؟」

احمرت كينوهاتا خجلا وارتجفت. حقًا، كان خطأ محل الرياضة هو عدم بيع الملابس الداخلية. ولكن بدون هوية رسمية أو عنوان أو بطاقة طلابية (أو حتى ملابس)، لا مكان لها تذهب إليه إذا غادرت الآن. ولربما ترجع أن تكون عارية مرة أخرى. وبهذا، فإن فريندا والبطاقة السوداء غير المحدودة التي تلوح بها كانت ولا تزال "المظلة" الأكثر موثوقية هنا.

「معذرةً، ستغادر وهي ترتدي اللبس، فهلّا نُتمم إجراءات المغادرة؟」

في المدينة الأكاديمية، لم تكن الجريمة نتيجة للفقر. اتخذت كينوهاتا موقفًا منفصلاً لأنها لاحظت أنه لا مهرب من [الجانب المظلم] حتى لو كان معك كَمٌّ هائل من النقود قد يغرقك في انهيار ثلجي مالي.

「امم」

والموظفة الأنيقة ذات المظهر الغيارو بدا عليها الخشية أن تزعج مثل هذه الزبون المألوفة إذ أن خوفها كان جليًا وهي تتحدث إلى فريندا.

「لا أدري كيف أقول، لكن يبدو أن قارئنا لا يوافق على بطاقتك. لقد تحققت كذا مرة وما وجدت خطأ في شريحة البطاقة أو القارئ، لذا لا شك أن الحساب...」

بدت الموظفة حزينة ولا تُلام، وما بدت هذه مزحة.

تجمد الوقت.

نظرت فُريندا سَيفِلن بتردد إلى الوراء.

ولقد ارتجفت الفتاة الشقراء من مشهدٍ افظع بكثير مما كانت حَسِبت وتَوَقّعت.

「كفى، من وين لك هالمقص الخيالي؟」

「كينوهاتا، اقطعي هذه العلامة إذا أردتِ الراحة في اللبس. هاك، قطعناها. والآن صارت لك رسميا」

「حتى تعليمات الغسيل حيل قطعتيها؟ اغغ، وحفظ كل ذلك موجع للراس!!」

「آه هَه هَه هَه. الآن لا يمكنك إعادة هذه」

لم تستطع فريندا أن تتدخل في هذا المشهد الحميمي.

ولا حَمَلَت الشجاعة لتعُدّ الأصفار على العلامة التي ترفرف إلى الأرض.

الجزء 3

「ويــهه،」 تذمر صوت باكي.

هَنانو تشوبي فتاةٌ تقرب الخامسة عشرة. شعرها الأسود الطويل مقسم إلى ثلاثةٍ بنهايات مربوطة. ولا تزال فتاةً يافعة. ومظهرها العام أكثر شبهًا بجروٍ مطيعٍ من قط عنيد. بل إن رجفتها كانت كرجفةٍ كلب تشيواوا بَلِل.

ترتدي زيّ بحارة قصير الأكمام، ولحسن حظها لم يستجوبها الأنتي-سكِل أثناء سيرها في المنطقة 15 في وضح النهار؛ وهي أكبر منطقة تسوق في مدينة الأكاديمية.

وقال كلُّ من عَرَفَ هَنانو تشوبي بأنها فتاةٌ ذات توقيت سيئ. ليس في أفعالها أو أقوالها خطأ مقصود البتة، إنما كان توقيتها دائمًا فظيعًا حدَّ المعجزة. لذا ونظرًا لعدم وجود خطأ حقيقي متعمد منها، وآل بها الحال وحيدةً متروكة.

كياه! هالرجل متحرش

كم من فتاة ارتد عليها الاتهام باتهام ووُصِفت بالنصّابة الكذّابة العاهرة حتى انحرفت حياتها عَمّا كان طبيعي؟

「آغغ، أي سُمعةٍ هذه اكتسبت "صيادة الموظفين في القطارات"؟」

ولعلّ مَيلها في أن تحادث نفسها —وإن كانت مفتقرة إلى الأصدقاء— جاء من وقتها في نادي الدراما.

بأي حال، استمرت حياتها بعد أن وصلت إلى الحضيض.

اليوم هو بداية حياتها الجديدة والمثيرة في [الجانب المظلم]. أخبرها [صوت الهاتف] أن تذهب إلى الطابق العلوي من مجمع فِفتين بيلز في المنطقة 15، وهناك تقابل زملائها الجدد، وتعمل في فريق من أربعة.

لكن عندما صعدت المصعد وضغطت زر الطابق العلوي، لم يحدث شيء. لاحظت وجود قارئ بصمات يد غير واضح بجوار صفوف الأزرار.

「همم」

رشت هَنانو تشوبي كَفّها بمسحوق خاص حتى تتجاوز منطقة الإغلاق بسهولة ثم شقت طريقها إلى الطابق العلوي.

هذا هو تخصصها بما أنها لا تملك قوةً إسبرية.

انفتحت أبواب المصعد ووجدت بابًا في المساحة أمامها. ضغطت بتردد على جرس باب الاتصال الداخلي، ولم يأتي رد. قيل لها أن تكون دقيقة، لذلك نظرت مستقيمًا ووضعت ملامسًا لونيًا في عينها اليمنى فانفتح بابُ الماسح الضوئي بعد ثانية واحدة.

「م-معذرةً...」

رغم التقنيات التي استخدمتها، فتحت هَنانو تشوبي الباب بصوت صريري وأطلت برأسها داخل المكان كحيوان صغير خائف كانت عليه. صوتها هادئٌ لكنه يُسمَع، وهي علامة أخرى على خلفيتها في نادي الدراما.

لم يأتِها ردٌ لكنها دخلت.

(ول، الكثير من فرش الملابس. كم من ملابسٍ تحتاج حتى ينتهي بك الأمر بهذا العدد من أنواع الفرش المختلفة؟ نوعا ما أغار)

لمست شاشة الاتصال الداخلي الصغيرة على الجدار الداخلي للتحقق من حالة النظام الأمني. يبدو أن في الشقة أناس. استنادًا إلى جهاز الحماية الذي يعمل مع مكيف الهواء المتطور بتقنية الـ AI، وجدت أربعة فتيات مجتمعات في غرفة المعيشة الكبيرة.

تلك وجهتها.

「امم، اسمي هَنانو تشوبي وقال لي [صوت الهاتف] أن أنضم إلى فريق آيتم...」

ولابد أنها لم تكن على علم بأكبر مشكلة لديها.

(لحظة، أربعة؟)

إنّ أقوالها وأفعالها لا تحمل خبثا غالب الأمر وكانت دائما صحيحة، لكن تَــــــوْقِــــيـــــتُها هو السيئ.

لذا في اللحظة التي لمست فيها مقبض باب غرفة المعيشة من الردهة...

「خلصنا مهمتكم العفنة كما طلبتِ، فلماذا لم نتقاضى بعد أجرنا؟! براغيفسكينبتسيفااااااااااااهــــه!!!」

سقطت على الأرض.

استسلمت خواصر هَنانو تشوبي مما جعلها تجلس مطوية الركبتين كجلسة أطفال ظريفة. وحتى هي عرفت أن الدموع تكاد تفيض منها. وكان عليها أن تستجمع كل قوتها في ما بين رجليها لتكبح مثانتها من أن تنفلت.

في اليابان الحديثة وأمامها تَجَلَّت ملكة الشياطين.

أو بالأحرى، رأت الفتاة أمامها هالة سيدة الشياطين تصرخ صراخا غير مفهوم على هاتف صغير وشعرها انتصب غضبًا على نهايته.

بنت البدلة الرياضية الوردية —التي كانت تسرح في فراغ زاوية غرفة المعيشة— لاحظت الدخيلة هَنانو تشوبي واستدارت إليها.

「موغينو، دخلت علينا فتاة غريبة」

「بوروهيبنللااغهبيمنبلسيسبب!؟ …هاء؟」

قُطعت صرخة الموت بـ "هاء" مستغربة.

حتى أن الفتاة أمالت رأسها إمالة ظريفة الظرف.

「أنا — أنا هَنانو... هَنانو تشوبي」

وهذا كل ما استطاعت هَنانو تشوبي أن تخرج به وهي ترتجفُ تُحاوِلُ ألا تُبلل نفسها.

「من ذي؟ صديقتكِ، كينوهاتا؟」

「مرّة لا」

في الأثناء، تحدث [صوت الهاتف] في أذن اللورد الشيطاني.

『كما حاولت أن أقول، حَوّلي دفعتك كما الحال دائمًا. إذا لم تتمكني من الوصول إليها، فهذا يعني أن حسابك تجمد لسبب ما. انقلعي يا زبالة واشتكي عند راعي البنك الغبي، لا عندي』

أوه أعرف هذا الصوت، كما فكرت هَنانو تشوبي ووجهها قليلاً أضاء.

كان هذا هو [صوت الهاتف] المعتاد.

عبست اللورد الشيطاني، ولقد كانت أرهب من أن تثير.

「لماذا جمدوا الحساب؟」

『أأبدو لكِ مثل إلهة البرنامج التعليمي التي تجيب على كل سؤال ترسليه؟ لقد ذهب المال من محفظتي، والباقي عليك. وأنا لن أحوّل أي أموال أخرى لهذه الوظيفة. فإذا جَمّد البنك حسابك دون إخطار، فلربما يعني ذلك أنكِ فشلتِ في حماية بياناتك وأطلقتي من عندهم تنبيهًا جنائيًا على حسابك البنكي』

「أتحسبيننا مثل الهواة نرتكب الأخطاء؟」

『إذن ربما أحدٌ أوقعكم. مخترقٌ وربما واشٍ، ولابد أن يكون من الجانب المظلم』

حدقت الأنسة الشيطان في هَنانو تشوبي والهاتف لا يزال في يدها.

「أيضًا، ظهرت فتاة لا أعرفها في شقتنا」

『أوه، أوصلت هَنانو تشوبي؟ قد كنتِ تقولين أنكِ تريدين تنوعًا أكثر من ثلاثة في الآيتم، تذكرين؟ عليك أن تشكريني. فتلك الفتاة جوهرة. هي متخصصة في التنكر والتسلل، وستفتح لكِ الكثير من الخيارات الجديدة☆』

وهام عليهم صمتٌ محرج.

قالت [صوت الهاتف] إنهم كانوا ثلاثة، لكن في الشقة أربعةٌ غير هَنانو. مع تلك المسماة كينوهاتا ساياي والبكاية المُرتجفة هَنانو تشوبي، أصبحوا مثل فريق سينتاي خُماسي.

وكل وجه هناك (ما عدى المُرتجفة) قال في نفسه "أيعقل أن يكون توقيتها أسوأ؟".

『الأمر عائد إليكم إن كنتم تستخدمونها أم لا، ولكن اتخذوا القرار في غضون 30 يومًا. أوه، ولا يمكنك إعادتها إذا ماتت أو فُقدت أحد أطرافها أو مثل هذا. قد تكون في المستوى 0، لكن كما قلت، إنها جوهرة. إذا لم يردها الآيتم، فلدي أماكن أخرى كثيرة أرسلها إليها. لذا عامليها بعناية حتى لو كانت هذه مجرد فترة تجريبية』

「أوي!! أتحسبين أننا في وضع نوظف فيه أناسا جدد؟ أموالنا مجمدة ولن نستطيع الدفع! وإن لم نجد حلا سريعا قد نضطر أن نغادر مخبأنا هذا!!」

『حياتنا هذه الأيام كلها بطاقات ودفع أونلاين، إني متأكدة أنه لديك بعض المال الفعلي. وإذا لم يكن، فازحفي على الأرض وابحثي تحت الأريكة أو السرير أو أيا يكن. كل ما تحتاجيه هو ينٌ واحد لفتح حساب مصرفي جديد. استخدمي أي اسم تريدينه طالما أنه لا يُتتبع إلينا. وبالمناسبة، تنكر هَنانو تشوبي سيفيدك في هذا. ولا تنسي أهم حقيقة أساسية في الحياة: إذا أردتِ المال، فاعملي لكسبه』

「أعندك مهمة لنا؟」

『مهمةٌ كبيرة. إذا كان تجميد حسابك هجومًا يستهدف الآيتم، فأنا أراهن أن له علاقة بهذه المهمة. وأشك أنهم ربما اكتشفوا هذه المهمة التي كنت سأُعيّنكم إياها فهجموا أولا. يبدو أنهم يخافون منكِ لدرجة أرادوا إبعادك عن الساحة قبل بدأ القتال. فلا أحد سيذهب إلى العمل إن لم يحصل على أجرٍ مقابل، صح؟』

「.......」

『لا يهمني ما إذا كنتِ تسعين وراء المال أو الانتقام، ولكن لدي شعور أنكِ مهتمة جدًا بمعرفة هذه المهمة』

الجزء 4

إذا سيبدأون مهمةً جديدة، فإن كل عضو في آيتم يحتاج إلى كل التفاصيل. وهذا يعني أن هاتف موغينو شيزوري لن يكفي.

وهكذا، أخذت الفتيات الخمس المصعد إلى الطوابق السفلية.

「كيف اشتريتِ ملابس لكينوهاتا بدون بطاقة؟」 سألت الشاردة تاكيتسوبو.

「في النهاية، بحثت في جيبي ووجدت قليل من بطاقات الدفع المسبق. تعرفين، ذيك البطاقات القديمة التي ندخل فيها حروف أبجدية حتى تشتري أشياء من الإنترنت أو مشغل أغاني من البقالات. لو لم أجد هذه البطاقات، لكنا في مصيبة」

「مم؟ فماذا لو لم تجديها؟」

「هناك متخصصون في الجانب المظلم يتعاملون مع الذين لا يدفعون ديونهم، سأعتبر هاربة وسوف يحاصرونني كجيش نمل لا ينتهي. ونعم، إذا قبض علي أولئك الفشلة سيجففون مني كل ذرة ويحولونني حرفيا إلى بنت الألماس ظريفة ونادرة. وأكيد هذه العملية ستؤلم حد الموت」

「غيييه. أ- أهناك أناس مثل هؤلاء في الجانب المظلم؟」

تقلصت هَنانو تشوبي وإن لم تكن الحكاية تعنيها.

وجهتهم هو المسرح الكلاسيكي بين عدد قليل من دور السينما المختلفة في مجمع ففتين بيلز. وكان من الغريب أن يهجر المسرح خصوصا في منتصف نهار يوم من أيام الأسبوع، لكن لم يُبدِ أحدٌ أي غرابة في الأمر. ما إن انطفأت الأنوار، ظهرت وثائق مميتة على الشاشة الكبيرة. إنّ وظيفة الآيتم في الواقع تكون في محو وإزالة العناصر الخطرة من المدينة الأكاديمية.

「ها؟ ما بكِ منزعجة، كينوهاتا-سان؟」

「يااه ولا شيء...」

أحاطهم عددٌ غير معروف من مكبرات الصوت حيث بدا [صوت الهاتف] ثلاثي الأبعاد كثيرا بينما هي تشرح المهمة. وما زالوا لا يستطيعون رؤية وجهها.

『هل تعرفون الكُلوسيُوم؟』

「في النهاية، هو نادي قتالي تحت الأرض بدون قواعد — كل الأسلحة وقدرات الإسبر مسموحٌ فيه،」 هكذا زودت فُريندا سَيفِلن المعلومة بسهولة. أشار ردها الفوري إلى أنها كانت واحدة من أولئك الذين استمتعوا بمشاهدة المعارك مع وعاء من الفشار في حضنها. 「المكان دائم الحركة حتى يكون تعقبه صعب. ويشاهد الجمهور بثًا مباشرًا من الانترنت المظلم على حاسوبٍ أو جَوّال (هاتف نقال) ليستمتعوا برؤية قتالٍ حقيقي حتى الموت بجودةٍ عالية تكفي أن تخرج كل قطرة دم تتناثر. ويدعمون كذلك أحدث دقة عالية وحتى نظارات الـVR (واقع افتراضي). ولديهم أيضا نوع من برامج العرقلة يمنعونك من تسجيل أية مقاطع. المتسابقون يأتون من خلفيات متنوعة، وأظن أنهم جميعًا منجذبون بوعود الجوائز المالية الكبيرة」

「تعرفين الكثير عن هذا يا فريندا. مذهلة، أنت كأستاذة المعرفة」

「تيهيهي. في النهاية، امدحيني امدحيني دائما☆」

نال تعليق فتاة البدلة الرياضية الزهرية ردة فعل خجولٍ من فريندا. وفي حين هَنانو تشوبي، بطبعها البسيط، قد جمد الدم من وجهها وبهتت ملامحها.

『يزعمون أن المعارك هي من تحدد الأقوى بين الأسابر في العنف الخالص بدلاً من نظام المستويات الذي يعتمد كله على من هو الأكثر فائدة للباحثين البالغين』

حتى في المسرح المظلم، بدا واضحا أن إحدى حواجب موغينو ارتعشت.

فهي مهووسة بالمعارك وقد أحببت مثل هذه القواعد.

『لن نهتم إن كانت مجرد جماعة من الحمقى تجمعوا معًا واقتتلوا فيما بينهم. المشكلة تكمن في الجائزة المالية التي ذكرتها فتاتك. الجائزة هي 15 مليار ين. فبرأيكن من أين أتوا بهذا الكم؟ وطبعا لا تحسبوا أن إعلانات البث المباشر مربحة ذاك الكثر』

علّ [صوت الهاتف] لم تتوقع ردًا. فواصلت دون انتظار ثلاث ثوان.

『تأمين الحياة』

「......」

كان الصوت الوحيد هو تأوه هَنانو، ويييه.

『إنهم يأخذون سياسات تأمين بقيمة المليارات على جميع المشاركين، ويقتلون الجميع عدا واحد فيما يزعمون أنه مجرد "حدث رياضي"، وفي النهاية يحصدون المليارات في جيوبهم ويعطون الفائز وحده نصيبه☆』

「ها؟ هذا يفسر أموال الجائزة، لكن ماذا عن إدارة الكُلوسيُوم؟ الحصول على التأمينات ليست بالمجان وإدارة بنية تحتية بينما تحافظ على سريتها وخفائها تمثل مخاطرة مَرّة كبيرة، أليس الأوغاد أولئك هم من يريدون أكبر قدر ممكن من المال؟」

『من هذه؟ أيا يكن، لا يهم، أنا لا أهتم. الإدارة تصنع أموالها بنفسها. من الإعلانات التي ذكرتها سابقًا، وإلى خدمة مدفوعة تتيح للناس أن يمنحوا أسلحةً لمتسابقٍ يشجعونه في منتصف القتال』

「في النهاية، هذا هو السبب في أن كثيرا من المتسابقين الذكور يرتدون ملابس الخدم أو المضيفين وكثيرٌ من النساء يرتدين أزياء ذي تلميح جنسي من أجل النجاة. لكن إذا اعتمدوا على هذه الإستراتيجية أكثر من اللازم، قد تنقلب عليهم النتائج مأساوية ما إن يسأم منهم المعجبون」

『صحيح، صحيح. وبذلك تستخدم الإدارة أرباحها لتموّل التداول من الداخل والقروض غير القانونية عبر وسائل التواصل الاجتماعي ليكسبوا مزيدًا من المال. وهم بالطبع يهددون الخاسرين الذين خرجوا من المعارك خائفين حتى لا يفضحونهم، ولهم حواجز للأمواج أي مدراء الفروع والموظفون المتخصصون الذين يبنون منطقة آمنة حيث لن تعود عليهم أي عواقب حتى لو كُشفت العملية بأكملها. ولكن بجدية، يرجع الفضل كله بكم سَهّلت العملة المُشفرة أعمالهم. فبكل حركة هذه الأموال لن يسطيع أحدٌ تتبعها. زبدة الكلام، لا يهتم المدراء بمجرد 15 مليار. كما قالت الفتاة فريندا، مدفوعات التأمين على الحياة ما هي إلا طعم للمتسابقين』

「فماذا تريدين من آيتم أن يفعل؟」 ما بدا على صوت موغينو شيزوري السرور. 「آمل ألا يكون شيئا غبيا كأن ترغبي في جعلنا نقتلهم جميع」

『طبعا لا. هذه المرة، جاء الطلب من شركة التأمين التي يستفيدون منها. الشركة تجني أموالها كمن يراهن على سباقات الخيل: إن لم تكن مدخلاتهم من العملاء أكثر من المخرجات، فسيواجهون الإفلاس بعد دفع الكثير من التأمينات العالية على التوالي، وهم الآن في خطر』

「ويريدون منا إغلاق الصنبور ها؟」

『يقول المدير العام الذي طلبنا أنه لن تُطرح أية أسئلة بخصوص أساليبنا. أي أنه يقول افعلوا ما تريدون طالما أنه لا يسبب مشكلة لشركتهم. هذه مهمة D.O.A.. فهمتي؟』

في هذه الحالة، D.O.A. تكون Dead On Arrival (ميت عند الوصول)، وليس Dead Or Alive (ميت أو حي).

همم، تأوهت موغينو شيزوري وهي تفكر.

(لا يهتم المدراء بمجرد 15 مليار. لا أعرف ما إذا كان لديهم نقدًا أو ذهبًا أو تشفير، لكن لا شك أن في خزنتهم أكثر)

「حلو، يبدو مشوقا」

『للتوضيح، إدارة الكُلوسيوم تُجنّد متسابقين أسابر أقوياء، فهم سيكونون مسلحين بقوة نيران كافية ليتعاملوا مع مجموعة كاملة من هؤلاء المتسابقين. مما يعني أنهم من المحتمل أن يملكوا أسابر من [الجانب المظلم]. أفسدي الأمر وقد ينتهي بك الأمر إلى الموت』

「أفضل فأفضل」

انتهوا من الحديث.

بعد انتهاء المكالمة، أضاء المسرح كله.

كانت مساحة نظيفة بدون لطخةٍ واحدة. كأنه تمثل بمثالية عفن المدينة الأكاديمية.

「إذن في النهاية، ماذا نفعل موغينو؟」

「أول شيء، أنتِ وأنتِ」

تجاهلت موغينو سؤال فريندا وأشارت إلى كينوهاتا ساياي و هَنانو تشوبي.

「فجأة صرنا خمسة، لذا فلنختبر ما يسع لهاتين الجُدد فعله」

الجزء 5

كان آيتم أكثر من فريق فتيات. تذكر الحافلة وسائقها من البارحة، فهناك منظمة داعمة تدعم الآيتم. ولهم حَدّ لعدد الذين يمكنهم تلقي هذا المستوى من الدعم. ومما رأته موغينو، يمكن لمنظمة واحدة دعم ثلاثة أو أربعة فقط بكامل المواصفات. أي زيادة في التكاليف ستزيد عليهم الكلفة ويضيع توازن الدعم.

إنّ الرصاصة تكون أكثر تدميرًا للمادة البيولوجية عندما تكون من معدنٍ ناعم بكثافة نسبية عالية، لكن الجميع سيختار رصاصة رصاصية على ذهبية. ولماذا سيفعلون؟ لأنه حتى الجيش والشرطة فضلوا المادة الأرخص بكثير وذو التأثير المشابه.

لذا...

「أحدكما ستكون عضوًا كاملاً، والأخرى ستؤدي وظائف فردية」

「م-مهواذا؟!」

تعلثمت إحدى الفتيات بأسوأ توقيت ممكن، مما أكسبها نظرات الضيق من الأربعة الأخريات. ومن غيرها.

وهذا البيان حسم مصيرها.

「هذه التشيواوا الخجولة ستؤدي الأعمال الفردية」

「أرجوك تمهلييييييييي!!」

توسلت هَنانو تشوبي باكية، لكن مظهر موغينو الغاضب لم يتغير.

اقتربت تاكيتسوبو من الجانب وهمست في أُذنٍ.

「(هيهي. ما علمت أنكِ تكونين لطيفة جدًا، موغينو)」

「هاااه؟」

「(صفرية المستوى التي لا تستطيع القتال بمفردها من المرجح أن تموت بداية المعركة. ولا يبدو أنها تستخدم أدواتا مثل فريندا)」

هشهشت موغينو بيدها تُبعد تاكيتسوبو دون أن تنظر. وبدت الأخيرة مستمتعة على المعاملة غير المبالية.

「إيييه! سأفعل أي شيء! أي شئ! تكفين لا تطرديني!」

بدت هَنانو تشوبي يائسةً بحق، وهزت فريندا كتفها.

「سنأخذ الوظيفة بأي حال، صح؟ في النهاية، لِمَ لا نتأكد من مهاراتها أولا؟」

「(يليل، وأصلاً لستُ مهتمة بالآيتم، طالما عندي أكل لآكله وسقف فوق رأسي، فأنا حيل راضية بأي وظيفة فردية أو داعمة)」

「كينوهاتا، لا تهربي من التحدي」 قالت تاكيتسوبو.

هذا الدعم غير المستحب من طرفٍ مفاجئ منع كل مهربٍ من كينوهاتا ساياي.

صعد الخمسة إلى المصعد وإلى أسفل الطابق الأرضي نزلوا.

وهَنانو تشوبي تتمتم لنفسها في الزاوية تُكلم صانعة الأصدقاء فريندا.

「(إييه؟ لحظة، كم عدد ألغام موغينو سان؟ ليتك حذرتيني! وإلا كيف لوافدة جديدة مثلي أن تعرف!؟)」

「مو مشكلتي. في النهاية، حتى أنا في بداياتي عانيتُ أبحثُ عن كل لغمٍ بنفسي. ولن أسلم تعب عَرَقِي ودَمِي بهذه السهولة」

「(تقصدين تعب عرقي ودموعي؟ مصيبةٌ هالفريق إن كان ضروري أن نبحث عما يغضبها حتى نتجنبها)」

「موغينو」

「هالملعونات يحسبن أني لا أسمعهن في هذا المصعد الضيق؟」

تجهمت الفتاة الكبيرة وهي تحترق في الداخل غضبا.

وصلوا أخيرًا إلى مرآب للسيارات تحت الأرض.

وبما أنهن في طريقهن إلى مركبة، حملت موغينو شيزوري وجهةً في البال. وأمالت هَنانو تشوبي رأسها بفضول.

「امم، أين نبدأ التحقيق في الكُلوسيوم؟ لا نعرف من يديره أو كيف يبدو وقيل أن المعارك تقام في مواقع مختلفة في كل مرة」

「أجل」 أومأت موغينو برأسها مثل طفل صغير. 「عميلنا هو المدير العام لشركة التأمين، تذكرين؟ سَنَخطُفُه

تجمد الوقت.

لكن فقط وقت هَنانو تشوبي، على ما يبدو. لم يبدُ أن فريندا وتاكيتسوبو متفاجئتان البتة.

「نعم. في النهاية، توقعتُ أننا سنفعل」

「نعم، واضحٌ أنهم أخفوا عنا كثيرا من المعلومات」

ابتسمت موغينو.

ومضت المصابيح الأمامية لإحدى المركبات عدة مرات في مرآب السيارات الرمادي. كانت حافلة استوديو متهالكة على ما يبدو نفسها التي من قبل. لوحت فتاة المستوى 5 تجاهها عفويا.

「بالضبط. أولئك من يحملون أسرارا معينة ولا يمكنهم مشاركتها غالبا نا يستأجرون الجانب المظلم، وما جئتُ لألعب لعبة ألغاز وتخمين. نحن نعلم من يحمل الإجابات فلِمَ لا نغش ونذهب نسأله مباشرة؟ أن نبدأ بما نعلم ونكمل من هناك هو هكذا يكون الجانب المظلم」

「اممم اممم امممم امممم!!」 قاطعت هَنانو تشوبي أخيرًا. الفتاة ذات التوقيت السيئ سارت الدموع في عينيها في هذه المرحلة. 「أنا لا أفهم الكثير من هذا، لكنني حسبتُ أن هذا المدير المهم من شركة التأمين هو الذي وظفنا. فلماذا نهاجم حليفنا؟!」

「لأنه أسهل وأسرع」

「لكنه من يدفع لنا! إذا أغضبنا العميل فلن نحصل على الأموال حتى إذا أنهينا المهمة!」

「من يهتم بفلوسه الشحيحة؟ هدفنا لا يقل عن 15 مليار وربما أكثر بكثير. علينا بأخذ الجائزة」

「!؟!؟!؟!؟! أ-أ- أليس هو ذو منصب؟! من يعلم ما تأثيره وقد يرسل قاتلا مأجورا يطاردنا طوال الساعة؟!」

「أتظنين هذا يكفي لتهديد المستوى 5؟」

لا تنسوا.

في اليوم السابق، دمر الآيتم معقل عددٍ غير قليل من البالغين ذوو النفوذ.

「غير هذا، لو كان هذا عميلًا مهمًا، فما كان [صوت الهاتف] ليعطينا الكثير من معلوماته. إن كانت المهمة هي أن نعثر على الكلوسيوم فندمره كله، فما داعي أن تخبرنا عن شركة التأمين أو مديرها؟」

「و-ولكن هل تعرفين حتى أي شركة تأمين هي؟」

ظلت هَنانو تشوبي المرعوبه تطرح وتطرح الأسئلة على موغينو (وهذا منها تهورٌ كبير لو تعلم).

لحسن الحظ، كانت الملكة موغينو في مزاج حسن، ولذا لن يكون على هنانو تشوبي أن تتفتح الى زهرة حمراء زاهية هذا اليوم.

「هم على وشك الإفلاس، صح؟ قبل تعييننا، لا شك أنهم جمعوا الكثير من البيانات لتحديد سبب مشكلتهم، ومنها عمليات بحثٍ في [الجانب المظلم]. لنبحث عنها وسنجد شركة تأمين واحدة فقط من بحثت، حينها سنسأل بلطفٍ مديرها وجها لوجه」

كان الخيار الأكثر أمانًا هو عدم قول شيء البتة.

لأي عضو في الجانب المظلم أن يتعلم الكثير من بيانٍ واحد.

قهقهت موغينو.

「مهما قالت وأنكرت، لاشك أبدًا أن [صوت الهاتف] لم تحاول حتى حماية هذا العميل. بأي حال، الأولوية لإنهاء العمل」

「......؟ لكن أليست الشركة هي الواقعة في مشكلة؟」

「في النهاية، هناك "عميلٌ" آخر يرغب في إنجاز هذه المهمة. ونظرًا لأن [صوت الهاتف] لم تذكر شيئا عن هذا العميل، فسيكون ذاك هو العميل الحقيقي الذي تريد حمايته」

ثم تحدثت تاكيتسوبو ريكو.

ليس بصوت عالٍ. كانت مقاطعة هادئة، لكنها لفتت انتباه الجميع.

「موغينو. حتى وإن كان نذلا، فإن هذا المدير ليس جزءًا من [الظلام]. علينا بالحذر وإلا جاءنا "ذاك"」

「أليس ذاك محض أسطورة」

「سَادِسُ المدينة الأكاديمية، أو يعرف باسم لعنة الجانب المظلم. لا أظنه من الصواب أن نقلل من شأنه」

استقر صمتٌ جليدي.

كان الصوت الوحيد هو الضوضاء السخيفة من تململ هَنانو تشوبي المتوترة.

رُوِيَ أنّ ناسًا عثروا على مغتصبٍ تَعَلّق بالمقلوب على إنارة الشارع. ورُوِيَ أنّ جماعة من مهربي السلاح أنهم أُبيدوا في ليلةٍ واحدة. ورُوِيَ عن طفلٍ وقع في [الظلام] ثم انتُزِع من أيدي خاطفيه ورجع سالما إلى أهله.

ولذلك الأسطورة قصص كهذه بعدد النجوم في السماء، لكن أحدًا لم يعرف اسمه أو شكله. يغيث الضعيف الباكي في الأزقة، ويمنح المكسور سبيلاً يَصُدّ أعداءه، وقد أنقذ أرواحا لم يحصيها أحدٌ من حفرة ظن الناس أنّ لا مفر منها في [الجانب المظلم]. قد تُظهِرُه أفعاله قديسا صالحا، ولكن لأولئك من كانوا هدفا له فهو الكارثة بعينها.

المصنف السادس — #6.

وقيل يُعرف المرء صالحا أو شريرا بحالِهِ إذا سمع اسم هذه اللعنة: أيستبشر أم يخاف.

وبالطبع ما كان الآيتم من المعجبين.

احتلت موغينو شيزوري مرتبةً أعلى، لكن معركةٌ مباشرة مع مستوى 5 آخر، ما كانت لتهرب سالمة. غير أنها مهووسة بالمعارك بشدة، وغالبا أنها لن تتجنب أو تتهرب من مثل هذا الخطر الواضح إذا صادفته.

أما تقدير الخطر وإدارته فهو عمل متخصصة القنابل فريندا، بقوةٍ قنابل تدميرية تتطلب دائما الإعداد والتجهيز المسبق.

「ففي النهاية، علينا أن نُعد ونجهز، ونضربهم غفلة، ثم نخرج بالجائزة سريعا」

「حسنا، أراها أفضل خطة」

لم تبدو موغينو راضية، لكنها أعطت الموافقة. كانت تتطلب لمسة حساسة. فلو اقترحوا التخلي عن هذه المهمة، لانفجرت على الفور.

على عكس هَنانو تشوبي، ظلت كينوهاتا ساياي هادئة.

نظرت إلى موغينو طويلة القامة وطرحت سؤالاً.

「طيب ماذا يكون دوري؟」

「كنتِ في مشروع مايو المظلم. هذا يعني أن في عقلك جزءًا من أنماط تفكير المصنف 1، أليس كذلك؟ فما الذي تقدرين عليه؟ لا أهتم بالنظريات. إنما أسأل، ما الذي تَقدرين عليه؟」

ما احتاجت كينوهاتا ساياي أن تفكر لحظة.

ردت بوضوح.

「مرة يكفي. طالما يكون في القتل، أنا قادرة」

الجزء 6

ارتبطت الطرق السريعة معًا بحَلَقات تقاطع متعدد الطبقات.

وأمّا الأرض تحتها فقد حُجبت عن أنظار الأقمار الصناعيّة بجسورٍ عالية تسد نظر السماء. وهو المكان المثالي لمهاجمة مركبة حتى وإن رافقتها عدة شاحنات عسكرية أمامها وخلفها.

أولاً، وَمَضَ شعاعٌ حارق من الضوء خلفهم.

وخدشٌ صغير بل خُدَيشٌ أذابَ دِرعَ الشاحنة في أقصى المؤخرة فانزلقت المركبة وتحطمت بعد انقلابة، ثم تسارع باقي القافلة من المركبات يهربون. المركبة في مقدمة القافلة بعد أن أسرعت لمست ليزرًا ذو أشعة تحت الحمراء كان يقطع الطريق أمامهم على ارتفاع مترٍ، فانطلق صاروخ لامأهول من آخر الليز على جانب الطريق.

「ممتاز! اللغم الأفقي نالَ منهم!!」

رفعت فريندا قبضتها في انتصارٍ على بعدٍ قصير.

بعد اشتعال النيران في الشاحنة الأمامية، لا شيء سيوقفهن.

وانتهى أمر السيارة السوداء الفاخرة في حادث تصادم مع باقي المركبات حيث ضربت صَدّام السيارة الثانية صندوق السيارة الأولى، فصرخت إطاراتها تحاول أقصاها أن تغير الاتجاه.

وطالما أنّ الشاحنات مزودة بمواد واقية من الرصاص ومقاومة للصدمات فلن يموت الجنود بداخلها ولكن قد يصابون. أثرت النيران فقط على الخارج، لكن لن تكون منهم فائدة في القتال الآن بعد أن انثنت أبوابهم وحُرقت حرقًا بحيث لا يمكن فتحها. صُنعت الشاحنات المضادة للرصاص بمتانة، لذا حوصر من في الداخل الجنود الذين دَفَعَ المدير الكثير لتوظيفهم. وانتشر قولٌ (؟) في ظلام المدينة الأكاديمية وهو: إن أردت التخلص من مركبة مضادة للرصاص، اغرقها بالماء.

「لا تغفلي يا مستجدة」

「زين زين」

غادرت موغينو وكينوهاتا حافلة الاستوديو التي كانت تسير خلف الفوضى. وبشعاع ميلتداونر حرقت موغينو باب السائق الجانبي ليُحاصَر السائق داخلها. المركبة المستهدفة كانت أيضًا كباقي المركبات مُصَفّحة، وحرقت موغينو باقي الأبواب الأخرى لتضمن عدم خروج الجنود. دفعت كينوهاتا ذراعها النحيف بالباب الخلفي فمزقته بقوة غاشمة.

قعقع الباب وتشقق.

تلقت كينوهاتا ساياي رشاشا من الرصاص على طراز PDW أصغر من جرو وبتصويبةٍ على شكل T، لكنها لم تجفن حتى. صَدّت طبقة من الهواء المُركز بالقوة الرصاصات الصغيرة.

「إيه-إيييك!؟」

سحبت كينوهاتا رجلاً يحمل مسدسًا فارغًا الآن. ثم حملت تاكيتسوبو حقيبة عملاقة. إذا طويت أطراف إنسان وحُشِيَ في الداخل، فستكون مثل الخَيْعَل. [3]

وتاكيتسوبو نفخت خديها بلا تعابير لمّا رُمِي الرجل إلى الأرض قربها.

「قالت لكِ موغينو ألا تغفلي」

「حيل ما غفلت. لهذا ما تأذيت. والآن، أين نأخذ هذا الرجل؟」

「حتى وإن كان عازلا للصوت، لا أريد أخذه إلى مخبأنا المعتاد. سَأُكلم منظمة الدعم لتجد مكانًا مناسب. قد يكون مصنعًا أو مستشفى مهجور」

لا شك انه وعى بأنّ مصيره صار مرهوناً بما ستفعله به الفتيات.

صرخ الكهل يائسا، الذي بدا أكثر جرأة من المعتاد 50٪ مع كل عرق يُخرجه.

ك-كُوزَكو-كن!!

يليل منك

بدا الصوت كرفرفة بطانية في مهب الريح.

أهبطت فتاةٌ قدمًا فوق سقف المركبة الفخمة السوداء المدمَّرة هبوطًا خفيفا وكأنها سَيَّدت الجاذبية. هذه الفتاة قاتمةٌ الشعر أسودَ ترتدي بلوزة قصيرة الأكمام وتركت زرار صدرها مفتوحًا وبتنورة قصيرة. ربما كان زيًا لمدرسة ما، وبدت طالبة عادية في الثانوية، أو علّها في الإعدادية؟ حسنًا، كانت لتكون لَوْلا القرون الفضية على جانبي رأسها وأجنحة الخفافيش على ظهرها والذيل المدبب الخارج من آخر فخذيها.

عبست موغينو.

「معدنٌ....وهو سائل؟ ما هذه الزِينة؟ من وظّفك لتوزعي المناديل في هذا المكان؟」

「هِه هِهِه. تحسبينها مِجَرَّد زُيَــيْنة؟ كانت أصلا منتج لأبحاث توسيد فائقة الندرة، ولكن اتضح أنها ثِقَيلة في المهمات العملي. لكنها مِثآلية لقوة هذه الأونيه-سان☆」

أكانت لهجتها المصطنعة والغريبة تخفي طبعها الحقيقي؟ على تنورتها القصيرة، انحنت الفتاة الشيطانية ذات الشعر الأسود المسماة كُوزَكو إلى الأمام، وارتفع ذيلها الفضي كالعقرب خلفها.

「إيه، أبو شحمة الكهل هذا ليس من نوعي، لكنه وعدني أن يُخبر بكل ما يعرفه عن [المبنى عديم النوافذ]. أود على الأقل لو أعرف مخطط المكان قبل أن أهجم هجومي، لذا عذرا وأسفا واسمحوا لهذه الأونيه-سان أن تلعب معكم؟」

「هَهَ. وماذا تقدر فتاةٌ وحيدة أن تفعل؟ في النهاية، الدفاع أصعب من الهجوم كثيرا. عليك أن تهزمينا جميعًا بينما تبقين ذاك الكهل حيا، ولن تقدري حتى لو نبتت لكِ 6 أذرع معدنية. لستِ إلا هدف سريع أتدرب عليه، يامْعَدْنَة يا وحيدة!!」

「هوه؟」

شيء ما تناثر على زجاج حافلة الاستوديو الأمامي.

كان أقرب لقطرة مطر.

غير أنه من الفضة.

أيضا، كيف لقطرة مطر عادية أن تصل إلى المركبة أسفل الجسر؟

「همم؟ انتبهوا من أعلى،」 همست تاكيتسوبو ريكو عندما لاحظت شيئًا.

فبدأ هطولٌ غزيرٌ من الفضة.

كانت "قطرات المطر" تلك في الواقع أسهمًا معدنية أطول قليلاً من قلم رصاص. ولقط تساقطت من ارتفاع يزيد عن 10 آلاف متر، ففيهم من القوة ما يكفي لتمزيق الجسر واختراق درع المربكة المصفحة المضادة للرصاص.

انهار الجسر العلوي إلى كتل.

ومعه تحطمت السيارات في الأسفل.

بوجود طريقٍ سريع فوقها، لم تسلم المركبات العادية من الدمار عندما انهار الطريق فجأة. هذا الدمار انتهك جميع قواعد ومعايير [الجانب المظلم] الذي فَضّل إخفاء وجوده.

واصل سقف السهام الفضية هبوطه.

「تشه. صواريخ SAM!!」 صرخت فريندا ورمت ذراعها أفقيًا.

وفورا، رفرفت في الهواء تنورتها القصيرة. وظهرت أكثر من خمسة أجسام أشبه بالرمح فطارت إلى السماء. انفجرت الأسطوانات المتفجرة —الأثخن والأطول من صواريخ الزجاجة— في السماء.

تناثرت الانفجارات وقطع الصلب في كل اتجاه واصطدمت القذيفتان في الجو فاختل توزيع المطر القاتل.

أي أنها أنشأت جبرًا ثقوبا صغيرة، مناطق آمنة.

「ويييهه!؟」 صاحت هَنانو تشوبي باكيةً متشبثةً بوركَي فريندا وسقطت على ظهرها.

ولكن حتى العديد من صواريخ أرض-جو قصيرة المدى بالموجات الدقيقة/بالأشعة تحت الحمراء لن تقدر على إسقاط عشرات الآلاف "قطرات المطر" الفضية. شعرت فريندا بقشعريرة تسري في عمودها.

「تاكيتسوبو !!」

اصطدم المطر الفضي حادًا مع الإسفلت. أغرق الصرير المعدني القاطع للآذان صيحةَ فريندا. كلُّ سهمٍ معدني اهتز في لحظة الاصطدام أحدث ضوضاء أعلى بكثير من ثريا عملاقة سقطت على الأرض. استقبل الرصيف الصلب الأسهم مثل الطين فغرقت كلها عميقا.

لكن فتاة البدلة الوردية لم تتمزق معها.

ذلك بفضل كينوهاتا ساياي.

استلقت فوق تاكيتسوبو فمنعت هطول الأمطار الغزيرة بحاجزٍ من النيتروجين غير مرئي. وحولهما سهامٌ ملقاة كثيرة.

「أنتِ حيل بخير تاكيتسوبو-سان؟ في الأخير هذا عملي أن أحميك لا؟」

「لا تستسلمي يا هَنانو. لا يزال بإمكانك الظفر بالمقدمة」

لكنها بالكاد حَمَت هذه المنطقة الصغيرة. ما استطاعت أي شيء بشأن الجسر المنهار أو السيارات المدمرة.

إحدى السيارات تحطمت بشدة وانقلبت وخرج كل زجاجها. وأسفل باب حافلة الاستوديو المكسور عَلَق شيءٌ: عبوة ألعاب نارية عائلية تباع في أي بقالة.

وصارت العبوة البلاستيكية ملطخة بالأحمر الداكن.

بصقت فريندا سَيفلِن بصوت لا يسمع وعلى غير طبعها.

「في النهاية، لن تفلتي من قتل الناس العاديين. إذا أردتِ أن تلعبي، فابحثي عن خصمٍ أجدر أولا」

「جدا أتفق. والآن دورنا في الرد」

ثم جاء وميضٌ من الضوء أسطع من صاعقة برق قريبة.

بعد كل هذا، تركت موغينو دفاعها كله في يد فريندا. لم تكن قد نظرت حتى إلى "المطر" المتساقط بينما تمد يدها مباشرة. كله حتى تُبخّر هدفها بالميلتداونر.

「هئ عجبا. رميتِ الدفاع لهجوم شامل؟ حمّستِني☆」

مع صوت رفرفة أجنحة، رفرفت الفتاة القاتمة جناحيها المعدنيين وقفزت من سقف السيارة السوداء المضادة للرصاص. ثم أهبطت قدميها على الرصيف المُحَطَّم.

حملت الرياح أخيرًا رائحة الصدئ.

وإن كانت سيارة الآيتم مقاومة للرصاص فهي الآن ممزقة إلى أشلاء. اخترقت الأسهم المعدنية السقف وحتى الهيكل لتصل إلى الإسفلت. تحول الزجاج الأمامي إلى اللون الأبيض من كل الشقوق. لا، بل كان هناك أحمرٌ أيضًا. على الأغلب قد مات السائق الجانح.

ونفس الشيء حصل للأعداء.

تلك الفتاة الشيطانية حَمَت زبونها المدير، لكن لم يحتج أحد أن يرى ما حدث للحراس الشخصيين المحاصرين في سياراتهم. لا شك من وجود خليط من الدم والبنزين يتراكم على الطريق أسفل تلك المركبات.

نقرت موغينو لسانها ساخطة.

عَملُ تلك الفتاة عشوائيٌ بالمرة. وإنّ عفن المدينة الاكاديمية الآن بات يتسرب إلى الجانب المشرق.

「لا تقتلي الجميع. تنظيف الجثث ليس رخيصًا، ألا تعلمين؟ أنتِ فعلتها، فادفعي فاتورة التنظيف. وإذا علم الـ#6 بهذا، فتعاملي مع لعنة الجانب المظلم بنفسك ولا تُدخلينا」

「أنتِ لطيفة لغضبك على من مات يا موغينو」

كانت تاكيتسوبو خالية من التعبيرات بينما تساعدها كينوهاتا. ربما هذه المشاعرة غير الطبيعية هي المطلوب إذا كنت ستصاحب مستوى 5 عنيف مثلها.

كوزَكو لم تكلف نفسها عناء الانتظار.

بدأت عشرات الآلاف من الأسهم المعدنية التي اخترقت الرصيف تفقد شكلها. اجتمعوا معًا ومنهم نَشَأت دمى فضية. ما لا يقل عن 50 دمية كُلٌّ بحجم إنسان ويشبهون إلى حد كبير الفتاة كوزَكو.

「آخ، شكل الدمى فعلا هو الأسهل في التحكم」

ضحكت الشيطان وهي ترفع يديها وتجمع الهواء في جناحيها وتهز ذيلها مغريةً.

كما ترون، باتَ لأونيه-سان رفاقٌ كُثر

وكانت تستعمل المعدن في صورته السائلة، وهذا وحده كافٍ أن يكون دليلاً. فكيف يُتصوَّر أن تلك الفتاة النحيلة ذات الشعر الأسود تحمل مئات الكيلوغرامات بل أطناناً من معدنٍ أثقل كثافةً من الماء؟ وإذا كان بوسعها أن تغيّر شكله كما شاءت فالفكرة إذن بانت:

ليس ضبابًا بقدر ما هو سحاب.

فإذا ملأتْهُ بالهواء وأوقفتْهُ في علوّ السماء، أمكنها أن تُكثّفه فينسَكِبَ مطرًا حين تشاء كوزَكو. وإن لم ينجح قصفُها المطري المعدني، فسيكون لها جندٌ يسقط على الأرض جيشاً.

「إذن، من قلتِ أنها وحيدة، يا شقراء؟」

「......」

「هذه الأعداد كافية ووافية؟ كل ما علي هو أن أحمي حياة هذا المعتوه وأن أمسحكم من الوجود. هه، والحين انقلبت عليكم وصرتم المدافعين」

ومع تعليقها العفوي، اندفعت الدمى الفضية اللا تعد ولا تحصى نحو الآيتم من كل الجهات.

الجزء 7

ولمّا غُلِب عليها 10-1، رأت موغينو شيزوري أن إطالة المعركة ستنقلب ضدها.

فأطلقت فجأة وميضًا حادًا من الضوء يلحقه انفجارٌ متفجر.

إلا أنه كان تمويهًا. إذ أنه في البرهة الوجيزة التي أُثقلت فيها عيني وأذني كوزَكو ميتوري، تعطلت قدرتها [شادو مِتَل] (ظِلٌّ سائل) جزئيا، فهي تتحكم بهم عن بعد ولا شك أن يتوقفوا اللحظة التي تتوقف فيها أفكارها.

ومن بين العديد من الدمى الفضية انزلقت شخصيةٌ ثم وصلت أمام الفتاة القاتمة الصغيرة.

「!!」

استهدفت كينوهاتا ساياي مركز صدر كوزَكو ميتوري مع تقوية أصابعها. كان هذا الهجوم مدمرًا لدرجة قد مزق بابَ مركبة مصفحة.

ولبرهة، تشوهت عينا الفتاة الحلوة بِنيّةِ القتل.

وهذا لأن قوتها قد عُززت بعد أن زُرعت فيها عمليات تفكير مأخوذة من #1 المدينة الاكاديمية.

ما رأيك حيلا أُمزّق وأُهمّش وزن جسمك قطعا بيدي هاء

صدى التأثير عاليا ومقعقعا في الأرجاء.

وهذه القعقعة بدت كاصطدام معدنٍ بمعدن. قد رفعت كوزَكو ميتوري سِكّينًا تَصُدّ به كف كينوهاتا ساياي.

ضحكت كوزَكو ميتوري وشفرتها مقفلة بأصابع الفتاة الأخرى.

ثنى الضغط الهائل السكين، لكنها لن تهتم لأداة تُستَهلك.

「أحسبتِ أن ظِلّي السائل هو بطاقتي الوحيدة؟」

يا ملعونة!!

أيضًا، غالبا لن يفيدكم هَذا التعزيز ذو ال5 نجوم، ولو كانت هي الرابعة تصنيفا」

ثم اقتتمت عيون كوزَكو.

انخفض صوتها إلى مستوى آخر وهي تحدق بعيون راكدة.

「كلها رتب عبثية اختارها [كبارية المدينة] حسب ما يفيدهم. ورؤية الناس يؤمنون بكل براءة هذا التسلسل الهرمي وبه يحددون ناسا فوق ناس يقززني ويستفرغني

مزق ذيلها الفضي الهواء. لكن عوض ضرب كينوهاتا، استهدفت الأرض تحتها. مهما كانت ثخانة درع نيتروجين كينوهاتا، فإنها ستسقط إذا انهار الطريق أسفلها.

انقلبت الطاولة.

وعلى الأرض لاحظت كينوهاتا اهتزاز السكين حيث وضعت كوزَكو وزن جسمها كله خلفه على يد كينوهاتا.

حافة تواترية؟ جعلتِ هذه الشفرة فائقة الاهتزاز مثل لعبة حيل قذرة وتحسبينها تفيدك في المعركة؟

「هِه هِهِه. ربما تكون لعبة الأونيه-سان هذه كبيرة على شقية مثلك؟」

وحينها أُلقيت ثلاث أو أربع كرات أصغر من كرات القاعدة من الجانب.

كانت قنابل يدوية بلا دبوس.

「في النهاية، أثق في سماكة قوتك يا مبتدئة فلا تموتي!!」

لم تنظر كوزَكو حتى لأنها أخذت بذيلها الفضي ترمي عددا من السكاكين. وما إن ضربت السكاكين القنابل في الهواء، تنشطت الصمامات الموقوتة وانفجرت واحدة تلو الأخرى من قريب.

「تشه!! ما ضربت ضربة حاســ...ــمة...!؟」

تراجعت كلمات فريندا.

أشياءٌ مزقت سحابة الغبار وحلّقت نحوها. كانت نفس سكاكين الرمي التي أوقفت القنابل في الهواء — ويُفترض أنها فقدت كل زخمها؟ لم يطيروا حتى في خطوط مستقيمة. بل اتبعوا مسارات منحنية غير طبيعية حتى طعنوا في ذراع فريندا وجنبها.

همست كوزَكو بإغراء بينما تضغط بالسكين في يدها تثبت كينوهاتا على ظهرها.

هذه الشفرات السميكة ليست قوة إسبر.

سكاكين الدرون، أُسَمّيها」

「كَه! في النهاية، كم خدعة بقيت في جعبتها تلك العفنة؟!」

شتمت فريندا لكنها ركزت على المراوغة لإيقاف واخراج السكاكين، مما أثبت أنها حقًا خبيرة من الجانب المظلم. وأما آخر سِكّينَيْن طارا نحو الفتاة وبالقوة تجنبت فأصابا ظِلها.

لكن هذا كان المطلوب.

توقف السِكّينان على بعد 3 مليمترات فقط من الأرض وغيّرا الاتجاه. بصوت كانطلاق الألعاب النارية، اندلعت ثلاث شعلات لهب من قاعدة السِكّينَيْن على شكل حرف Y. دارت الشفراتُ في الهواء، ثم قذفت من عقبها لهيبًا صاروخيًّا لتلاحق هدفها من جديد. وقد قُدِّمت منذ لحظة على أنها "سكاكين درون".

وأليست الدرون بالصنعة طائرات غير مأهولة...؟

أمسكتك

「تشه!!」

وحدث انفجار.

تعجبت كوزَكو ميتوري في نفسها. لا وقت لإيقاف الشفرات وإزالتها، لذا وضعت فريندا كمية صغيرة من مسحوقِ مُتفجراتٍ على السكاكين العالقة فيها وفجرتها لتخرجها بالقوة. لو لم تكن قد فعلت، لنخرت سكاكين الدرون على أحشاءها ودارت بها بينما لا تزال مطعونة في جسدها. لكن أيا كان، جرأتها هذه أنْ تُفَجّر نفسها من قريب هو قرارٌ لا يستطيع معظم الناس اتخاذه في زمنٍ حادٍ قصير.

وانفجرت الصواريخ واحدةً واحدة تنطلق في الهواء. تلك الفتاة ركزت بمهارةٍ محل إعجاب على القتل ولا غير. ثم فجرت كوزَكو عبوة ناسفة كانت قد ركلتها سابقا أسفل سيارة سوداء مصفحة. ذلك دحرج المركبة الثقيلة لتصير درعا عملاقا يصد كل الصواريخ.

(وإذا صار أسوأ الأسوأ، لي أن استخدم هذه الأجنحة المتحركة درعا يحميني☆)

كانت قوة كوزَكو متخصصة في صنع الدمى والتحكم بها تحت شروط خاصة. ولكن باستخدام جسدها قاعدة في حساباتها، استطاعت تشكيل أجنحة معدنية وذيل كإمتداد لتفاصيل الدمى.

(وطبعا، إن أخطأت التحكم، قد ينتهي بي الأمر أمزق جسدي بمعدني الظل)

كانت الفتاة الشقراء تعتمد على المقذوفات ولا يبدو أنها تستطيع النهوض والانضمام إلى القتال على الفور.

كوزَكو تواجه خصومًا متعددين. وما زال هناك آخرون أرادت شلّ حركتهم ما دام الفرصة سانحة. ولها أن تأخذ وقتها في قتلهم جميعا بعد أن تسقطهم واحدا واحدا.

「والآن الآن」

「!؟」

لا تزال كينوهاتا ساياي على ظهرها تدفع وتقاوم السكين الذي ينحر كفها المدرع بالنيتروجين، ففجأة ركلتها دمية فضية من الجانب ككرة قدم طيرتها عدة أمتار.

「لهذه الدمى كثافة نسبية تبلغ قرابة الـ20. هذا إذا اعتبرنا الإنسان مع ماء جسمه 1، على كثر ما ترين أجسامها مثيرة إلا أنها حقيقةً تزن الطن」

「بفء. أيعني هذا أن الوزن الأصلي يقرب الـ50 كيلو؟ هِهِه طلعت حيييل بطيطة—」

「قلت "قُرابة" يا صمخا~، أنتِ وسيقان الدجاجة هذه!」

ذلك الوزن الذي ضربها كان أقرب باصطدام سيارة طرق وعرة ضخمة. يمكن لأوفينس آرمر كينوهاتا أن يصد انفجار شوزن، ولكن هذا كان اختبارًا أوصلها حدودها.

「والآن التالية」

سُمع دوي العديد من الاصطدامات والقعقعات المعدنية.

أرسلت كوزَكو سكاكين الدرون إلى هدف آخر غير فريندا، لكنهم ما أصابوا شعرةً من تاكيتسوبو ريكو. فقد منعتهم كينوهاتا ساياي بجسدها بأن تقف في الطريق على ساقيها المرتعشتين.

......مثل هذه الصداقة المصطنعة أحنقت كوزَكو.

هؤلاء الناس قد غرقوا في الظلام عميقا. لقد قتلوا وسلبوا الكثير فبأي حق الآن يتجرأون أن يُعلنوا أنفسهم استثناءً وحيدًا ويحسنون لمن يُعتَبرون لهم أهلا وأصحاب؟

نعم. أما هكذا كانت المدينة منذ نشأتها؟

فحتى أولئك الباحثين الكبار الذين أخذوا ■■■■ العزيزة على كوزَكو، كلهم عاد إلى بيته إلى زوجه وطفله في نهاية اليوم. كانوا يعرفون ما يعنيه أن تهتم بأحدٍ أكثر من حياتك، لكنهم لم يروا مشكلة في أخذِ عزيزِ آخرٍ.

فبالنسبة لهم، ما كانت نسخ البشر والأسابر أكثر من فئران تجارب.

لا يُغتفر. لا يُغتفر. أقسم ألّن أغفر لهم.

أمست كوزَكو نفسها قطرة أخرى في حمأة الظلام الذي كرهته كرها، وإلا ما غَيرهُ من درب حتى تثأر؟ حَمَلَت العزمَ أن تَقتل كلُّ من تَقتل إن كان هذا يُقربها من عنق حاكِمِ المدينةِ الأكاديمية.

「همم. حسيت أن سكاكين الدرون لن تنفع ضد درعك الهوائي」

「حيل بالأحرى: هو نيتروجين」

「صدق؟ بصراحة ما أهتم. وبما أنك تَعّبتِ نفسك بحمايتها، فبعتبر بنت البدلة الوردية زعيمتكم؟ هِئ هذا يعني أن على هذه الأونيه-سان أن تركز هجماتها عليها」

ربما لن تهزم كينوهاتا، لكنها ستشل حركتها بأن تطلق الدمى المعدنية عليها فتحصرها وتحبسها داخل كتلةٍ من المعدن.

وما إن يتم ذلك، يمكن لكوزَكو أن تقبض على فتاة البدلة الرياضية أو تقتلها على الفور أو تأخذها رهينة.

خطت كوزَكو فوق جثة ملطخة بالدماء وأرجحت ذيلها الفضي.

「ساقَيْها؟ لا، أريدها أن تقف وتشهد عالأمر بنفسها. طيب طيب يا قائدة-تشان، أرى هذا هو كش مات. سأبدأ بذراعيك فلا تمانعي؟」

أوحقًا؟ أنا حزينة جدًا أنكِ نسيتني تمامًا

وما إن فرغت من قولها حتى خرج أزيزٌ يتبعه شعاعٌ من الضوء ثم أخرى كثيرة متلاحقة. مزقت موغينو بهم كل الدمى السائلة إربًا ولم يغنِ عددهم فوق الخمسين شيء.

موغينو شيزوري صاحبة الميلتداونر كانت أحد السبعة من المستوى الخامس في المدينة الأكاديمية.

ولكن هذا لا يهم. سواء أُحرقوا سواءٌ نُسفوا، تلك الدمى سترجع وتتجدد. أو تتحول كل قطرة تناثرت منها إلى إبرة حادة تطعن موغينو.

ومع ذلك لم يتجددوا.

حاولت كوزَكو السيطرة على قطرات الفضة المتناثرة، لكن لسبب ما، لم تصل قوتها إليهم.

بقوا في الأرض متناثرين.

「ما—!؟」

「أنتِ لا تتحكمين في الماء ولا في المعدن على إطلاقه. لماذا اجتهدتِ وأتعبتِ نفسك حتى تحصلي على هذا المعدن السائل "فائق الندرة" كما وصفتِه؟ بمعنى آخر، ما يمكنك التحكم فيه محدود، صح؟ قلتِ إنّه ثمرة أبحاث متقدمة في التوسيد، لكنها أبحاث لم يُكتب لها نجاح لأن معدّل الكثافة النسبي عشرين، أي أثقل من أن يُستعمل، أليس كذلك؟ أُراهن أنك لا تستطيعين التحكم إلا بجزيءٍ معدني مخصوص تُنتجه مصانع معدودة」

جمعت موغينو شيزوري الضوء في راحة كفها ورفعته مستقيمًا.

تجهزت أن تطلق الشعاع في أي لحظة.

「إذن كل ما عليّ بسيط، سأُغرقها بجرعةٍ وافرة من الإلكترونات لأغيّر بنيتها الجزيئية. فالتلاعب بالأيونات أمر يسير. وما إن أُدخِل فيها شوائب دقيقة على المستوى المجهري حتى يصير معدنك الظل أخفّ وزنًا. هذا كمثل قطعة حلوى حلوة سقطت في الرمل. فبمجرد أن تتغلف بالرمل القذر، تعجزين عن التهامها مثلما أعطتكِ إياها ماما」

「مثل هذا غير ممكن...」

「هذه المدينة الأكاديمية. لا تنفك العجائب منها. وإنّ قوّتي تُعرف بالميلتداونر (المحطمة الذرية)، هي حرفيا تقطع الذرات وتفصلها، أفلا يكفيك هذا؟」

بيّنت الأمر أوضح ما يكون.

وما كانت تتباهى حتى. بل غضبت كأنما طُلب منها أن تشرح مع البيان كيف 1 زائد 1 هو 2.

「ف- فماذا لو كانت؟」

نشرت كوزَكو ميتوري ذراعيها واسعا.

وبالمثل أجنحتها المعدنية.

ارتفع ذيلها الفضي وصرخت فوق جُثَّةٍ ملطخة بالدماء عند قدميها.

「ما يزال في جعبتي جُمٌّ من الأسلحة على ارتفاع 10 آلاف متر. مجموعهم يَزِنُون 1000 طن! فإذا أسطقتها كلها وصنعت منها دمى فستكون عليكم حربًا حقيقية!!」

وجاء أنين متقطع من فريندا التي انهارت بالدماء على الأرض. ذلك العدد أكثر من 100 شاحنة قلابة كبيرة. تزن الفتاة حوالي 50 كيلوغرام بكثافة نسبية 1 وكان لهذا المعدن كثافة نسبية 20. وهذا يعني أن الكمية الإجمالية يمكن أن تخلق 1000 دمية.

「ألف؟ أقالت ألفا؟ في النهاية متى تنفد عدد أسلحتها السرية!؟」

「حتى جيش من الآلاف لن يكفي إذا أردت حقًا هدم ذلك المبنى اللعين عديم النوافذ」

وتجلى ظلام موحل في عيني كوزَكو ميتوري.

「ولكن لهم استخدامات أخرى. الأسابر عالي المستوى يحبون اللعب الفردي لا؟ ولذا سأُدخلكم في حرب حقيقية! مهما كان عدوي سأبطشه بأعدادي!!」

「أوحقًا؟」 ابتسمت موغينو شيزوري. 「لتعلمي أن في الآيتم أكثر مني. ففريقي يكمل بعضه ببعض」

قالتها ثم طَعَن شيءٌ خاصِرَ كوزَكو ميتوري.

الجُثّة عند قدميها قامت موتها.

لا، بل هَنانو تشوبي كانت مستلقية على وجهها وبالدماء تغطت، أمسكت بإحد سكاكين الدرون التي سقطت فطعنت بها كوزَكو.

من مسافة صفرية وبدون رحمة.

ألم تكن متخصصة في التنكر والتسلل، وألم تُطلق عليها [صوت الهاتف] لقب "الجوهرة"، فلا شك أن مهارتها حقيقية. عندما هجمت، ما كان لكوزَكو الوقت لترد بذراعها أو ساقها أو جناحها أو ذيلها.

「غه؟」

「كما ترين، لست الحزينة الوحيدة على نسيان أمرها」 قالت موغينو شيزوري بابتسامة شرسة.

لم تتغاضى عن اللحظة التي شُل فيها خصمها.

「وقتالنا قتال فريق!」

فأرسلت انفجارًا شعاعا من الموت آخر ميلتداونر.

وبدا الوقت يستأنف تدفقه دفعةً.

انفجر شيء.

وتحولت القطرات الفضية المتناثرة إلى أسهم فضية تمزق سحابة الغبار وهي تُحَلّق أفقيًا تستهدف موغينو.

「تشه!!」

تهربت موغينو وأطلقت أشعة ميلتداونر أكثر فأكثر، ولم تفيد.

عدم قدرة التركيز على الهجوم آذاها قليلاً.

「ويييه، إيييه، إييك!! تراني موجودة! أرجوك لا ترمي النار عليييييييي!؟」

غطت هَنانو رأسها بيديها والتفت كجروٍ صغير، لكن هذا كل ما رأته موغينو في المكان. لم ترى الفتاة الشيطانية القاتمة ذات الشعر الأسود في أي مكان خارج سحابة الغبار الممزقة.

علّها ضحت بجناحيها أو ذيلها لتخلق ذلك التشتيت حتى تهرب.

「إف، هربت وتركت أشياءها؟ مزعجة قدرتها」

أظهرت كوزَكو معرفةً باستخدام قوتها للهجوم والانسحاب. في القتال الفردي، عليك أن تتعامل مع كل أخطائك بنفسك، لذا كان تأمين طريق الهروب أهَمَّ من أن تقامر في غلب العدو.

فقدَت الدمى المنتشرة في أنحاء المنطقة شكلها وتناثرت في بركٍ فضية. لابد أن كوزَكو قد قطعت سيطرتها على قدرتها. هذا يعني أن المعركة قد انتهت.

مسحت موغينو شعرها بيدها.

「آخخخ طيب طيب... هَنانو!!」

「غ-اج-غَنَم!؟ ماذا ما الأمر؟! خ- هل فعلت هذه الطفيل الوضيع شيئًا أغضبك وقوتك المرعبة!؟」

「يغضبني؟ بل أحسنت. أحسنتِ في آخر هجمة」

حدقت الفتاة المتوترة بهدوء للحظة.

لكن وجهها بدا أخيرًا كأنه يذوب.

「هِه...هِه هِه☆」

「موغينو」

اقتربت تاكيتسوبو ريكو من موغينو.

وهزت حاوية صغيرة بيدها.

هل أستخدم البلورة؟

「همم」

عقدت موغينو ذراعيها ونظرت إلى الأعلى.

تلك الفتاة قد ادعت أن لديها 1000 طن تنتظر على ارتفاع 10 آلاف متر. هذه أرقامٌ سخيفة، لكن الطائرة القاذفة العسكرية الفارغة ستَزِنُ أكثر من 200 طن. وبافتراض أن كلامها ذاك لم يكن خداعا، أمكن لتلك الفتاة أن تغطي كل سنتيمتر من المنطقة بأمطار غزيرة من الأسهم المعدنية، لكن ها قد مر الوقت ولم يحدث ما يشير إلى ذلك. الغالب أنها قد هربت حقًا.

وأنها أرادت بعض المعلومات من "بالغ عفن" حتى تشن هجوما على [المبنى عديم النوافذ].

بافتراض صحة ذلك، فهي لا تحتاج بالضرورة إلى مدير شركة التأمين نفسه. إذا لم تسر الأمور كما خططت، فلها أن تنسحب وتهرب ثم تستفيد من شخص ذو منصبٍ آخر عفن لديه المعلومات التي تحتاجها.

وبعد تفكيرٍ، اتخذت موغينو قرارها.

「لا حاجة. لن نربح مالا بملاحقتها」

「(في النهاية، لن يكون هناك ما يوقف موغينو إذا جُنَّت. أنا سعيدة جدًا أن العجوز الطفلة المتعطشة للدماء حافظت على هدوئها هذه المرة)」

「فريندا، إن كان لديك ما تقوليه، تكلمي. لكن بأي حال، وثمنا لأتعابنا بنشكر ذلك المدير ولندخله في تحقيقٍ صغير وظريف」

「إ-إيييك!؟」

وحيدًا الآن، سقط الكهل على ظهره.

كأنما نجى أحدٌ بحظه هربا، فُجِع آخر بنفس البلاء باق.

وللأسف، هكذا كان الظلام.

الجزء 8

تدمرت سيارتهم الليموزين الفاخرة المتخفية في شكل حافلة استوديو مستعملة، لكن لديهم خيارات أخرى.

بعد الاتصال بشاحنة سحب ومنظف شوارع (كلاهما من منظمة الدعم لآيتم) فأزيلت السيارات المدمرة وآثار الدم ثم ركب الآيتم سيارة ميني فان تعطيك إحساس الجانحين. ورأت موغينو أنّ الجناح المثبت على خلفية السيارة أعطاها المظهر الرخيص الذي أرادته في التنكر. من الناحية الديناميكية الهوائية، الجناح يزيد مقاومة الهواء، أي أنه أضرّ بالسيارة بدل ما يفيدها. ولا أحد في العالم سيلتفت لغبي وضع جناحًا لا فائدة منه على سيارة رخيصة الشكل. ولو اتضح أن هذا كان ذوق السائق حقا ولم يتعمده، فكرت موغينو أنها ستطرده ومعه السيارة.

「هَنانو! ماذا تفعلين!؟ عجّلي!!」

「نعم نعم! آتية!!」

حشرت الفتاة الجديدة نفسها في المقعد الخلفي. لمحتها موغينو بدافع الفضول قبل دقائق لترى ما كانت تفعله الفتاة، ويبدو أنها التقطت زهرة صغيرة من بعيد ووضعتها بعيدا لمن مات. ربما كانت تقف لحظة صمت على الناس العاديين الذين قتلوا من هطول الأمطار المعدنية الفضية. في هذه المدينة العلمية الغريبة، لا يهم ما تضع على جانب الطريق. خاصةً وأن كل أثر من الآيتم يُمحى بواسطة منظمتهم الداعمة.

ثم حَمَّلُوا السيارة بحقيبة جولف محشو فيها إنسان يتلوى كاليرقة، وساروا إلى مصنعٍ مهجورٍ مألوف لهم في المنطقة 10. فأخذت مُوغينو من أتباعها صندوقَ الأدوات وفرشت غِطاءً على الأرض المُغبرّة ثم فتحت كيس الجولف وأخرجت منه غنيمتهم.

صاح في وجهها الرجل الكهل وقد ازداد قبحًا ودُهْنًا حتى كأنّه زاد ثمانين في المئة عمّا كان. غير أن الرعب أوثقه حتى ما عاد يجرؤ على الهرب مع أن يديه لم تُقيَّدا.

「من أنتم يا ناس؟! أين أنا؟ ماذا ستفعلون!؟」

ركلت كينوهاتا جانبا حقيبة الجولف الفارغة واقتربت.

「هذا هو العميل؟ كنا حيل نعرف فقط اسم شركة التأمين والمسمى الوظيفي للمدير」

「ليس لازما أن يكون هو العميل. يكفينا أن تكون له نفس السلطة في نفس الشركة」

لم تبدُ موغينو شيزوري مهتمة البتة حيث أنها وضعت كريما على ظهر يدها. لابد أنها خدشت ظفرها بقفل صندوق الأدوات ولذا أخرجت قارورة من طلاء الأظفار، تولي من عنايتها ما لم تولِه لحياة إنسان أمامها.

「ولكن إن كان إنسانا عاديا وليس له دور في أي من هذا، فمن أين له بالسلاح؟ الإنسان العادي ما كان ليوظف إسبرا من الجانب المظلم حارسا شخصي」

العميل، شركة التأمين، المدير العام. هذه القصاصات من المعلومات التي سمعها الكهل كافية ليعرف ما يجري.

فتغيّر موقفه على الفور.

「آه، أنتن أشقياء آيتم الذين ذكرهم [صوت الهاتف]؟ إذن اعلموا أنني عميلكم! ماذا عن الكُلوسيوم!؟ ماذا صنعتم فيه!؟ لا تظنوا أنكم تفلتون من هذا. سأخبر [صوت الهاتف] بما فعلتم! سيُكلفكم الكثير!!」

「هف. مواضيع التعذيب هذه حقا لا أطيقها」

هذا التعليق أغلق فم الكهل المذعور.

وبينما تضع طبقةً أخرى من الطلاء، رفست صندوق الأدوات بطرف قدمها فصدر عنه طَرقٌ معدنيّ صلب دوّى في أرجاء المصنع المهجور.

إنّي دائما ما أبالغ فيموتون على يدي. لا أملك جثثًا لأريك، لكن أنظر إلى الجدران عَلّك تلمح بقايا منهم، هنا.....أو هناك」

「.....!؟」

「وللأسف، نزلت قيمةُ هذا المكان من كل تلك الحوادث. لكن لا تقلق علينا」

ثم نفخت موغينو في ظفرها، وأشارت بإصبع متلألئٍ إلى البقع السوداء على الجدار، فازداد الكهل الدهني رجفةً على رجفة.

「أخبرنا كل ما تعرفه عن الكُلوسيوم. أنا متأكدة أن لديك أسرارا أخفيتها عن [صوت الهاتف]. وكن صادقا، حتى لا أقلق من تناثر الدم على قماش القنب هذا. لا يعني ذلك أنني من سأنظفه. تلك وظيفة منظمتنا الداعمة」

「موغينو」 مقاطعةً تاكيتسوبو بهدوء.

「همم؟ نعم نعم. إذا فعلت ذلك، فسيموت قبل أن نُخرج منه أي شيء」

「إذن في النهاية، هل أفعلها أنا؟」

أمالت فريندا رأسها بينما تحرق علبة الماكريل لتعالج نفسها.

「ما رأيك أن أفعل المعتاد وأحشر كمية من المتفجرات غير مميتة في أنفه وأفتح جزءا من وجهه بما كيفي لئلا يموت مهما تمنى؟」

「لا لا」

حتى اقتراح فريندا الذي يبدو خارقًا رُفِض.

استمرت موغينو بعفويتها كما لو كانوا يناقشون أي محل قهوة يزورون بعد المدرسة.

「أنتِ و أنتِ」

أشارت بإصبعها الملمَّع إلى كينوهاتا ساياي و هَنانو تشوبي.

「أيًا كانت منكما من سنختار في النهاية، عليها أن تعرف طبيعة عملنا. اختارا أي أداة من صندوق الأدوات واستخرجا من الكهل ما نريد ولكن دون قتله. عذباه قليلا، وأكرر لا تقتلاه دون أن يبوح تمام؟」

「لحظة لحظة لحظة لحظة لحظااااااااااااااااااااااـــة!!」

كانت هَنانو تشوبي، وليس الكهل، هي من صرخت احتجاجًا. هزت وجهها الشاحب كذا مرة.

「ضرب العدو في المعركة شيء، لكن هذا كثير. ت-ت-تعذيب؟ تريدين منا استخدام هذه المطارق والمناشير على رجل عجوز لا يقاوم ويبدو كبيرًا بعُمر مدير المدرسة!؟ مقدرمقدرمقدرمقدرمقدرمقدرمقدرمقدر ما أقدر أفعلها أبدا!!!」

「هفف」

على الرفض الصريح، لم يبدُ على موغينو الغضب بل رفعت كفها.

فاخترق شعاع ميلتداونر الجدار الخرساني السميك للمبنى المهجور.

「لكن إذا لم تفعلي فسوف أقتله 100%

「......」

لذا، حتى لو كانت 1%، إن كان في نجاته فرصة، فلِمَ لا تنقذينه بنفسك؟

في عالمٍ ضيّقٍ مقطوعٍ عن سائر الدنيا، تبدَّلت القيم بيسرٍ وسهولة. ولا سيّما في موضعٍ يجاوِرُ الموت ويكاد يلامسه.

نفخت موغينو أظافرها مرة أخرى ثم أكملت.

「كم مرّة يجب أن أعيد أبقيه حيًّا؟! قد ترين العُنف في أخذ الأرواح أمرًا عَسيرًا، لكن ما رأيكِ ان تستخدمي عُنفًا ينقذ الأرواح؟ حتى حاموا السلام الجدجمنت والأنتي-سكِل يمشون بهذا المعتقد لحفظ المدينة」

تلاقت نظرات كينوهاتا ساياي وهَنانو تشوبي.

والصمت.

وأخيرا قُطِع بتردد قعقعات معدنية عبرت المصنع المهجور.

الوحيد الذي لم يلتزم الصمت هو الكهل مُديرُ شركةِ التأمين.

وبدتْ الخجولة هَنانو مصدومة أكثر من غيرها من انقلاب موقفها. يُفترض أنها من تمثل الإحسان هنا. بالنسبة لها، أحسّت كأنّ مصعدها توقّف بغتةً، بينما كان العلوّ القاتل موجودًا منذ البداية، لكنّ ما أفزعها حقًّا أنّ دعامات الأمان التي لم تفكّر بها يومًا قد انهارت فجأة.

أما الرجل الكهل الذي كان يتدرّع بالثقة كشَحم متراكم، أخذ يُحاول يُقنع الفتيات بيأس.

「م-مهلا، ما الذي تفعلانه أنتما؟! ما ذلك؟ م-مشرط؟ مفك براغي!؟ ما تخططان لفعله بتلك؟ هَيييي، تسمعان!؟」

اعتادت موغينو شيزوري وفريندا سَيفلِن على العنف بأنفسهما.

حتى تاكيتسوبو ريكو لم تتخذ أي خطوة لتوقف الحدث.

ذلك هو الجانب المظلم.

مَنطِقُهُ محرف كشريط موبيوس لا يبدأ ولا ينتهي، يوصل إلى أحكامٍ باطلة وإن بدت لها مبرّرات.

ولكن إذا لم نفعلها، فأنت ميّت ميّت وبقوة

كل هذا لمصلحتك

حتى الصالح قد يُساق إلى القتل إن أُعطي سببًا يتوهّم فيه الفضيلة وانعدمت عنده رفاهية الاختيار.

بهكذا يفقد الناس كل كبحٍ وضبط نفس.

ما بين السطور 2

الوصول إلى المُسجل الرقمي.

يُجري النظام فحص جودة الصوت وتحويل الكلام إلى نص تلقائيًا على ملف التسجيل الجديد 0001.

.....لهث، لهث.

ت-تعلم كيف يعمل، صح؟ يأخذ الكُلوسيوم وثائق التأمين على الحياة ذات القيمة العالية ويجلعها جائزة مالية. تُجمع مبالغ جميع المشاركين ما عدا الفائز لتكون الجائزة. ولكن، ذلك لا يجب أن يكون ممكنًا.

كفى، كفى، سأتكلم، سأخبركم كل شيء أقسم! غبرقق، أرجوكم إلا الجفون!!

العقود غير الطبيعية والمدفوعات المشبوهة يجب أن تُثير تنبيهًا تلقائيًا في الخادم المركزي! فلا بد أن أحدا لاحظها. إنه من المستحيل أن تُسحب خمسة عشر مليار ين في وقتٍ قصير!!

فـ... فكيف يعمل الكُلوسيوم في الحقيقة، تسألون؟

يعني، لهذا السبب أستأجرتكم.

لقد هُدّدت! من قبل أولئك المسؤولين!! فدخلت إلى الخادم المركزي من داخل الشركة وغيرت إعدادات التنبيهات التلقائية!!!

لهث، لهث. بغغ. أفهمت الآن؟

أنا لا أكذب كشش

تركتُ في هذه القضية بصمتي، لذا ما أستطعت التواصل مع الأنتي-سكِل. لم يكن أمامي خيار آخر. كان عليّ أن أنهيها في الظلام، دون أن يُكشف أي شيء.

لهذا لم أخبركم بكل شيء حين استأجرتكم. لم أرد أن تعودوا لاحقًا لتبتزوني بما فعلت. أردت حماية أسرتي. فهم لا يعلمون عن أي شيء من هذا.

من يُدير الكلوسيوم؟

ذلك — كش

إنهم الـ — كش — ـفسهم — كشش — آيـ — كش — ـتِـ — كششششش.......

(تحذير!) الميكروفون قريب جدًا. تنفّس الكهل، وحفيف الملابس، وأصوات أخرى عالية جدًا. ومع ذلك، تعديل ملف التسجيل قد يؤثر على صلاحيته كدليل. إنشاء نسخة جديدة واستخدام برنامج لتقليل الضوضاء؟ (نعم/لا)

تعليقات (0)