الخاتمة: اِنتهت حِكايةُ رجلٍ مَضى بجروحٍ لا تُحصى طوال رحلته الطويلة. (بلا_عنوان).
(إعدادات القراءة)
شرقت الشمس عاليًا في السماء.
وحلَّ الظهر.
لقد انهوا أزمتهم الوطنية الثانية، التي تسبب فيها الشَّيْطان العظيم كُرونزون الذي اختبئ تحت عباءة رئيسة الأسقف لُولا ستيوارت.
نزلت الساحرة القطة السوداء مينا ماذرز من [الملكة بريطانيا] المنقسمة داخليًا وهبطت بسهولة على الجليد وثم وضعت بعض الأغراض بعفوية.
«أرجوكم خذوها.»
كانوا سيفًا وتاجًا وصَّوْلَجانًا وحَجَرٌ مُستطيل عِملاق.
هذه كانت كنوز اسكتلندا.
«ربما كان زوجي المهووس المجنون ليسكب لعابه أمام فرصة لسرقتهم، ولكنني لا أحتاج إليهم. من منظور ثقافي، سيكون من المؤسف إغراقهم في قاع البحر، لذا سأعيدهم.»
«ماذا حدث لكُرونزون؟ يبدو أن كُتل الشعر توقفت عن الحركة.»
«جلالتك، أنتم أحرار في استجوابي إن أردتم، لكن سفينتكم ستغرق قريبًا. قد يكون هذا الجليد مدعومًا سحريًا، ولكن إغراق سفينة بطول مئتي متر مربع من المؤكد أنه سيؤثر على المياه المحيطة. إذا إردتم في ألا تغرق هذه الكنوز بعدما بذلت جهودًا لإسترجاعها، فأنصحكم بالانسحاب.»
في الواقع، من المحتمل أنها خططت لاستغلال هذا الارتباك لتبتعد من ساحة المعركة المليئة بالفرسان والانجليكان. قد انتهى القتال الفعلي، لكن مع علاج المصابين وسقوط العديد من الأغراض الروحية هنا وهناك، كان عملهم كثير. حتى قائد الفرسان وكانزاكي كاوري لم يستطيعا الرد على الفور في هذا الوضع.
حافظت مينا ماذرز على تعبير هادئ بينما تحمل الطفلة.
«ينبغي أن يكتمل الجسم اللحمي الجديد قريبًا في حاويته الزجاجية. كنا على حق في جلب روح ليليث إلى الخطوط الأمامية لإلهاء الشيطان العظيم كُرونزون عن ذلك. إن أرادت، كان بإمكانها الهجوم على حاويتها عن بعد بأثيرات أفاتاراتها.»
تأوهت الطفلة ومدَّت ذراعيها وساقيها القصيرة حولها.
صاتت إليزارد للساحرة القطة السوداء بينما بدأت في المغادرة وكأن حتى ظلها سيختفي.
«ا-انتظري. هل هُزِمت كُرونزون؟ ماذا حدث لأليستر؟»
«الكنوز الاسكتلندية هنا. ألا يُخبركِ ذلك بكل ما تحتاجين معرفته؟ ...لابد أنهم يُسَوّون الأمور الآن وسيكون من الوقاحة أن نتدخل.»
عندما استيقظت تاكيتسوبو ريكو، غيَّر هامازورا شياغي تروس عقله.
كانات دِيون فورتشن تتحدث الإنجليزية باستمرار، لذلك اِعتمد على ترجمة أنيري عبر هاتفه.
«ستغرق الملكة بريطانيا قريبًا. لا يمكننا فقط الجلوس هنا والانتظار، وعلينا استغلال هذا الارتباك للهرب قبل أن يلقوا البريطانيون القبض علينا. نظرًا لأنك كُنتَ تعمل مع كُرونزون، فأنت في وضع سيء للغاية، صح؟ إذا قبضوا عليك، فلن تتجنب موجة من التعذيب في برج لندن.»
كان الدخول إلى البلاد بدون جواز سفر سيئًا بما فيه الكفاية. ولم يكن واضحًا ماذا حدث لأليستر التي رفعت الراية في الصدارة. إذا تخلوا عنه الآن، فقد يُدان ويُلقى في السجن بموجب قوانين بلدٍ لا يفقه لغته.
لقد حدث الكثير على طول الطريق، لكن هدفه العام كان ضمان حياة آمنة دون أن يُهَدِّد بـــ [قائمة المعلمات]. كان يأمل في تحقيق ذلك بمساعدة أليستر في معركتها، لكن ذلك سيكون عديم الفائدة إن ماتت رئيسة مجلس الإدارة. لم يعرف كم عدد الأصدقاء الموثوق بهم والخدم المخلصين لأليستر، ولكنه وارد أن يكون وعدها مع هامازورا باطلًا الآن. من المحتمل أن يُعامل أولئك الأشخاص حياة بعضهم برمتها ببرودة كما يفعل موظف مركز الاتصال مع طلبات العملاء.
سيكون الهرب من السفينة المغرقة سهلاً.
ولكن لأين ستكون وجهتهم بعد ذلك؟
من المحتمل أن تكون موغينو وكينوهاتا قد غادرتا مدينة الأكاديمية عندما تم إغلاقها، لذا هل كان من الضروري عودتهما إلى هناك الآن؟ سيضطر إلى سؤال رأي هاتين الاثنتين، ولكن الاختباء في العالم الخارجي قد يكون خيارًا. ...ولكن هذا أيضًا يعتمد على مدى إصرار المملكة المتحدة على ملاحقتهم. لا يمكنه نسيان ما حدث في حقل الرماية ذاك حينما ضربته أسيوية ذات تسريحةٍ سابّة. كانَ وتاكيتسوبو عاجزين ضد تلك المرأة الساموراي. كان يريد تجنب الاعتماد تمامًا على دِيون فورتشن بعد إنقاذها. ستكون كل هذه الجهود مضيعة للوقت إذا دُفعت لأقصاها وانهارت.
هل سيحاولون العيش داخل أو خارج مدينة الأكاديمية؟
أيهما سيكون الخيار الأفضل؟
«لنذهب إلى الخارج يا هامازورا.»
قالت تاكيتسوبو ريكو بينما يدعمها الفتى حيث كان جسدها أسخن قليلًا من المعتاد.
ولكن ماذا قصدت بذلك؟
«ينتظرنا عالم كامل هناك، لذا سيكون من الأسف البقاء محتجزين في الداخل.»
في الطابق العلوي من الملكة بريطانيا، كان مهبط المروحية الرمادي تحت السماء الزرقاء.
كان الشكل عُشري الأضلاع الذي يبلغ حجم ملعب التنس يُعرف مرةً بالمعبد.
بفضل الشعاع الضخم الذي أطلقه كتف الفتى ذو الشعر الشائك الأيمن، انقسمت كعُلبة تم فتحها جزئيًا بفتاحة العلب. مالت السفينة بأكملها بعمق أيضًا. لا أحد يمكنه التنبؤ متى ستنقلب بالكامل على جانبها.
وقد اتسعت عينا فتاة ذات شعر فضي طويل وهي مستلقية على ظهرها.
وعندما فتحت أليستر عينها ببطء...
«مرحبًا يا أليستر. أما زلت تقدر على رؤيتي؟»
‹...›
تحرك فم الفتاة الفضية الملطخ بالدم، لكن لم تخرج كلمات لفترة من الوقت.
ولم يكن هذا فقط بسبب الجرح الذي دمر أعضاؤها الداخلية.
‹لا، لا يمكن... لا يمكن أن يكون هذا حقيقيًا...›
«أنا آنا سبرنجل، الخبيرة التي سمحت بزرع بذور عُصْبَةٍ في المملكة المتحدة. أظننت أنني من اختراع وِستكوت؟»
ضحكت المرأة ذات الفستان المُبرهج المصنوع من بدلة يوتار حمراء وتنورة طويلة ملحقة، وثم نظرت حولها.
نظرت إلى المعبد الممزق بشكل لا يمكن إصلاحه.
«كنتُ على حق في تحقيق الفوضى باستغلال تاكيتسوبو ريكو. هامازورا شياغي لهو نقطةٌ صغيرة، ولكنه عنصرٌ خطير يمكنه القيام بأشياء لا يمكن لأحدٍ أبدًا توقعها. ومع ذلك، فهو هاوٍ يتوقف عندما يشعر أنه حقق شيئًا ما. من هذا المنطلق، كان من الأفضل إعطاؤه معركة صغيرة ليقاتلها. وفي الواقع، تأثر كُرونزون بشكل غير طبيعي في النهاية هناك. إذا كان هامازورا شياغي حرًا في التصرف، فلن تنتهي هكذا أبدًا.»
‹...تبًا لك...›
«رغم ذلك، هذا فظيع. كانت هذه الفوضى بعيدًا جدًا عن جَوْهر السِّحر. من الحسن أنك تمكنت من إيقاف الشيطان العظيم كُرونزون هكذا. الآن يمكنني أخيرًا تجنب أي ضرر إضافي لسمعتي. لم أقم بذلك بنفسي بالطبع، ولكنني أتحمل بعض المسؤولية لتفويضي عُصبتك الذهبية.»
كانت مختلفة عن جماعة الذهب.
كانت أقرب إلى نقطة البداية من العصبة الذهبية التي كانت تهدف إلى توزيع طقم الأدوات يُمكن لأي شخص استخدامها.
بلفظٍ آخر، أتت من نظامٍ سحري اِختار إبقاء الأجزاء المربكة مُربكة. لم ترى مجموعتهم أي مشكلة على الإطلاق في أن يكون قِلّة مختارة فقط قادرين على استخدام المعجزات بينما يَقبلُ الجماهير البركات التي تُمنَحُ لهم.
وتلك المجموعة كانت تُدعى...
‹[الروزيكروشِن]. لكن المؤسس القديم لم يُعثر عليه. كانت تلك القصة ليست أكثر من خرافة ابتدعها يُوحنا فالَنتين أندريه.›
«أي أنه اخترع كل التاريخ بنفسه؟» سألت آنا مُهَمْهِمة. وما زالت البسمة لم تُفارق تلك المرأة ذات الشعر الأحمر الشبيه برُبيانات مقلية. «نحن بصراحةً لم نعد نهتم كيف ابتدأت. الأهم هو أن النظام الروزيكروشيني يعمل ويسمح لنا بالسَّيْطرة على الخوارق. يبدو أن يُوحنا اِعتقد أنه كان مركز الأمر كله، ولكن لم يُوَلّي أحدٌ اهتمامًا له. كشف الحقيقة؟ فماذا؟ لقد ترك الوحش العظيم المعروف بالروزيكروشية سيطرته بالفعل ليتجول في العالم بحرية. ...يجب أن تعرف ذلك جيدًا لأنك جئت من عصبة الذهب التي اقتطعت جزءًا من الروزيكروشية واستخدمته أساسًا لها.»
‹...›
ربما ابتدأت بقصة مُلفقة.
لم يكن هناك أساس لها.
حتى عصبة الذهب أدركت أن القصة السرّية لتأسيسها كانت مهزلة أثناء الصراعات حول من سيقود الجماعة. ...لكن الآن بينما آنا سبرنجل تقف هنا بتلك الابتسامة الخلابة على وجهها، هل يمكن لأليستر أن تكون واثقة حقًا من ذلك؟
واصل [الروزيكروشِن] العمل في ظلال التاريخ.
كان يُوحنا يقول الحقيقة، لكن ما كان هناك أحدٌ في العالم مستعدًا للاستماع.
«سأذهب الآن.» تكلمت المرأة في بدلة اليوتار الحمراء والتنورة الطويلة المُلحَقة ببرود بينما تلعب بالوردة في شعرها. «لقد رأيتُ هذا حتى النهاية وانتهت الفوضى السخيفة التي تسببت فيها عصبة الذهب المشتقة من الوردة. أنت آخر سحرة العصبة، لذا بموتك، ستختفي كل آثارها من هذه الجزيرة الصغيرة الوطنية. ...حسنًا، بعدما أتعامل مع المخالفات الأخرى مثل مينا ماذرز ودِيون فورتشن.»
ربما لم تكن مضطرة للذهاب لهذا الحد.
كان جسد أليستر على حدِّ حدِّها بعدما تلقت جروحًا شديدة. ستموت الفتاة الفضية بغض النظر. لم تكن قادرة حتى على النهوض من الأرض، لذا ستسمح للجيل التالي بالتعامل مع البقية.
ومع ذلك.
كانت الطفلة ليليث مع الساحرة القطة السوداء.
لا يمكنها الاستلقاء هنا وتترك هذا الوحش يجري بعد ابنتها.
«أهذه هي المهمة النهائية التي ستخاطرين بحياتك من أجلها؟»
كان هناك صوت خشخشة سلاسل.
امتلكت السيّدة المؤسسة المسماة آنا سبرنجل رمز عصبةٍ سحرية قديمة. كان من السلسلة الرفيعة للشعار الروزيكروشي الذي كانت ترتديه على صدرها. حتى عصبة الذهب كانت تستخدم ذلك الرمز. كانت كل زهرة منحوتة عليها تحمل إحدى الحروف العبرية الاثنين والعشرين. كان بإمكان ذلك العنصر الروحي متعدد الاستخدامات إنتاج سيجيلاتٍ قوية بناءً على استخراج اسم ملاك أو روح بتهجِئتها مرة واحدة.
كان لها تعقيد مُحسَّن.
الخبراء الحقيقيون لم يكونوا أبدًا غير مبالين بالأساسيات. لماذا كان على المبتدئين الجدد دراسة تلك الأمور حتى يملوا منها؟ فَهِم الخبراء القيمة الحقيقية والمخاطر الموجودة هناك.
«آسفة، ولكن هذا ليس مفيدًا فعليًا في المعركة.»
كانت النتيجة واضحة.
الإنسانة ستموت بأي حال، لذا لم تفكر حتى في كيفية النجاة من هذا.
وبلحظةٍ لاحقة...
‹«هكذا إذن، لا بأس. ولكن إن أردتِ التبجح، فلما لا تستخدمين اسمكِ ووجهكِ الحقيقي يا سيّدة حُوروس؟»›
تبعها صوتٌ بلل.
لم تأت من أليستر.
بل من المرأة في الفستان الأحمر الزاهي. اِخترقت ذراعٌ نحيفة خلف رأسها.
«آه...كاه؟»
‹«مم، إن كان هذا كل ما يمكنكِ فعله، فأنا منبهر بشجاعتك في الاستمرار في تسمية نفسك بـ "آنا سبرنجل" طوال هذا الوقت. قد مرَّ أكثر من قرن منذ زمن ماذرز، أليس كذلك؟ لكني كنتُ على يقين بظهورك إذا وصل الأمر إلى هذا الحد، يا خدّاعة مُشينة. قد يكون هذا لا قيمة له لكِ شخصيًا، ولكني كنتُ على يقين بأنك ستضطرين إلى الظهور بمسمى "آنا سبرنجل". كنتُ في انتظار هذا.»›
كانت آنا سبرنجل الساحرة الأسطورية التي يُقال أنها كانت مشاركة في تأسيس عُصْبَةِ الذَّهَب، لكنها في الواقع ظهرت بطريقتين مختلفتين.
الأولى كانت اسمًا وهميًا ظهرت فقط في رسائل وِستكوت.
الثانية كانت ظهورًا مباشرًا لماذرز حيث اختلست إليه وهربت بوثائق عصبة مهمة.
...ابنة الأخت المُدَّعاة للسيّدة سبرنجل التي شاهدها فِلِكن أثناء رحلته عبر أوروبا بحثًا عن الرؤساء السرّيين ستكون فرعًا من النوع الثاني.
وبعد حادثة ماذرز، وصلوا إلى استنتاج التالي: هذه ليست آنا سبرنجل. إنها السيّدة حُوروس التي استغلت الاسم لخداع ماذرز.
ستموت الفتاة الفضية قريبًا.
الساحرة أليستر كراولي نادت باسم الجلّاد وهي مستلقية على مهبط المروحيات المائل.
‹أيـ ... ـواس....؟›
‹«نعم، هذا صحيح يا إنسان. أنا واثق من أنه يوجد الكثير من الأشياء التي ترغب في سؤالي عنها بخصوص ليليث، ولكنّي سأهديك إجابة واحدة فقط. عندما ظننتَ أنكَ أستدعيت الشَّيْطان العظيم كُرونزون، تبَيَّن أنه قد اُستُدعى بالفعل من قبل ماذرز لاستهدافك. ألَم يخطر ببالك أبدًا أنني كذلك اُستُدعيت من قبل شخص ما قبلك لأقتل أحدًا ما حتى لو استغرقني ذلك قرون؟ وبالطبع لا أعنيك يا أليستر.»›
‹...›
‹«نعم، انتظر لحظة. الآن، دعينا ننهي عملنا معًا، يا سيّدة حُوروس، أيتها المرأة المُشينة. حان الوقت لكي تعودي إلى وعاء آنا سبرنجل.»›
تلاها صوت بلل.
سحب أيواس ذراعه إلى الوراء، مما ترك فجوة كبيرة في رأس المرأة. ولكن لم يُسمح لها بالسقوط حيث أنه أدخل كتلة لزجة أخرى بعمق داخل الثقب الكبير ليختمه.
كان التغيير جذريًا.
اُمتُصَّ كل الدم، اللحم، العظام، العضلات، الشعر، والجلد نحو الداخل. وبصوتٍ لزج، حدث تحول كبير في ذلك الجسد البشري.
كل ذلك بينما بقى قوامها الأساسي ثابتاً.
لقد كانت الآن فتاة ذات بشرة بيضاء وشعر أشقر مُحْمَر ملفوف في عدة رُبيانات مقلية.
ومع ذلك، انخفض طولها بنسبة ثلاثين أو أربعين في المئة. ولقد خُفِّض سنُّها الظاهري. بدت تتراوح بين العاشرة والاثنتي عشرة سنة. الفستان الأحمر المبرهج الذي كان يحتوي جسدها الممتلئ سابقًا كان الآن كبيرًا جدًا بالنسبة لها، لذا كان يجب على يد صغيرة أن تمسك بالقماش الفاخر عند صدرها المسطح لضمان ألا يسقط.
«قد مضى وقتٌ طويل جدًا يا أيواس.»
كانت نبرة صوتها مختلفة أيضًا.
لا، ربما كان هذا هو الصوت الذي كان من المفترض أن تكون آنا سبرنجل عليه.
لمن لديه معرفة حديثة بالسِّحر قد يُشبِّهُ ذلك بالساحرة المسماة سِندريلون التي استطاعت تفكيك وإعادة تجميع جسدها.
هذه الفتاة راحت تُلَوِّحُ بيدها الفارغة بنظرة تعب على وجهها.
ومن ثم غرزت ذراعها النحيلة بلا رحمة في مركز معدة أيواس.
‹«غ...آه...»›
«همم.»
‹«...به. لقد خدمتكِ حقًا لأكثر من قرن. لذا ألا أستحق بعض الامتنان يا فراولين؟»›
«لا يمكنني قتلك بضربة واحدة؟ لا يُصدق. لقد خسرتُ الكثير حقًا. تبًّا لتلك النصابة العتيقة. يبدو أنها ضَيَّعت الكثير خلال القرن الذي غبتُ فيه.»
حتى أيواس كان مُجرد هدف تجريـبــــي.
لم يستطع البقاء واقفًا، لذا سقط على ركبتيه وأخيرًا على أربع. ثم أجلست الفتاة ذات العشر سنوات وركها الصغير مباشرة على ظهره، وربَّعت ساقيها بتقاطعٍ، وتمعَّنت ظهر يدها اليمنى كما لو كانت تفحص الأظافر.
«ماذا أفعل، ماذا أفعل؟ أن أضيّع قرنًا من التدريب لأعَوِّضَ القرن الذي فقدته سيكون سخيفاً. ربما يكون أفضل لي أن اعتمد على الضريح ذي الجدران السبع.»
لكن على الرغم من استخدامه كُرسيًا، هَمَسَ الملاك الحارس المقدس بلا نبرة غضب.
‹«يمكنكِ بسهولة تعويض هذا التأخير. أليس من المفترض أن تكوني شاكرة لي لقدرتي على سحبك من أعماق الغور؟»›
«حقيقة أنه استغرقك قرنًا لإكمال مهمة بسيطة مثل هذه يظهر عيبًا في مواصفاتك. في الواقع، ما كنت تعتزم فعله إذا فشل هذا؟»
‹«كنت سأستمر في المحاولة حتى إنجاحها. يمكنني الانتظار لآلاف أو عشرات الآلاف من السنين حتى تتاح فرصة أخرى—»›
«أحمق، تعرف أنني أكره أن أكون غير مباشرة لهذا الحد. إذا كنتَ تأمل في أن أُهديك خطاف للأنف، فهيّا قلها واضحًا.»
وفقًا للتاريخ، كانت آنا سبرنجل خبيرة في السِّحر، لكنها بنفسها لم يُقل عنها واحدة من الكائنات الغريبة المعروفة بمُسمى الرؤساء السرّيين. كان من الأدق وصفها بكاهنة يمكنها التواصل بحرية مع تلك الكائنات العليا.
وفعلاً، قد أكد أليستر بأن الملاك الحارس المقدس أيواس كان الرئيس السرّي الذي يمنح الإذن بتأسيس جميع العُصَبْ السحرية. وتم إعطاء قدرة أليستر على التواصل مع أيواس مباشرةً لتكون سببًا في خلق قدر لا حصر له من العُصَبْ الجديدة حسبما شاء.
وهذا يعني...
‹كنتما...متصلين؟› سألت الفتاة الفضية.
ومع ذلك، بدت أدوارهما مختلفة عن ما ادَّعتهُ الأساطير.
تحدثت الفتاة التي كانت ترفع فستانها الأحمر الفضفاض بينما تجلس على "كرسيها"، وتُربِّعُ ساقيها، وتتمعن في أظافرها.
«يُفترض أنني واحدة من البشر الذين يمدون أيديهم لقبول النعم التي أُعطيت لهم. كل ما عليّ هو النظر لأعلى واستقبال النعم والإرشاد المُقدّمة من السماء. ...لكن هذا العالم صغير جدًا. لم يعد هناك أحدٌ فوقي، لذا كل ما أفعله هو الطفو بلا هدف مثل البالون. أيواس، تستهبل علي؟ أنا غاضبة لتدني مواصفاتك كثيرًا. أليس لديك أي شيء تقوله عن نفسك؟»
لم يكن هذا كيانًا عالي مع كاهِنته.
بدا أن آنا سبرنجل تحمل حبل طوق أيواس.
الفتاة بشعرها الأشقر المُحْمَر والذي يشبه الرُبيانات المقلية تحدثت بينما تتمعن ظهر يدها وأظافرها.
«شيءٌ آخر يا أيواس. لماذا لم تقتل هذا الشيء حتى الآن؟»
‹«سيموت لوحده. تبدين منزعجة من ضياع جزء من قوتك، لذا أليس من الأفضل تركه؟»›
...ولكن في الحقيقة، لا يزال ميزان القوة الفعلي مجهولًا. ربما لن يكشفوا بجرأة عن الحقيقة الفعلية أثناء وجود عدو، وإن كان هذا العدو على وشك الموت.
ومع ذلك، كان يتعين على أيواس على الأقل أن يعتاد على طباع أنانية هذه السيّدة.
لم يبدو متفاجئاً بشكلٍ خاص وتفاعل بسهولة لكل شيء.
أكان هذا كل ما تستحقه حياة أليستر كراولي؟ أكانت هذه هوية كل ما كانت تؤمن به؟ سواء للأفضل أو للأسوأ، فقد كانت الفتاة الفضية تتلاعب بالعالم من حولها. لكن الآن ظهر شخص على مسرح الحدث الرئيسي ويمكنه التخلص منها بسهولة.
‹...›
‹«لا تقلق يا أليستر. على عكس السيّدة حُوروس، ليس لدينا اهتمام بما يحدث لمينا ماذرز أو دِيون فورتشن. لذا لن نُطاردِهُم ونجلب الأذى للطفلة ليليث.»›
«...سأضطر لملئ الكثير من المعلومات لاحقًا. ماذا حدث في العالم الخارجي بينما كنتُ حبيسة؟ لقد عُدَّ هذا الفخ قبل قرن، أليس كذلك؟ ألم يكن من المفترض أن تموت ليليث قبل ذلك بكثير؟»
‹«فَشِلَت لُعبَتُكِ الصغيرة. فحتى آخر لحظة، لم يستخدم أليستر ليليث.»›
«حسنًا، هذا محبط.»
‹«أنتِ فعلاً قاسية.»›
في ذلك الوقت، نظرت آنا سبرنجل فجأة لأعلى.
نظرت إلى فسيح السماء الزرقاء حيث كانت مكشوفة تمامًا منذ كسر الحاجز.
على ماذا كانت حواسها مُرَكّزة بينما كانت تلعب بالوردة في شعرها؟
«حسنًا.»
قامت من "كرسيها" وهي لا تزال تحمل القماش الأحمر إلى صدرها الصغير بيد واحدة. ثم رَكلت بخفة بقدمها الصغيرة على فك أيواس لتجبره على الوقوف.
«شيءٌ ما قادم يا معتوه. أحمقٌ كما أنت، أثبت إخلاصك بتجهيز الأمور لنا. وللتوضيح، ما عندي نيّة في إعطاء أو تسليم أي شيء. إذا ظننت بسذاجة أنه يمكنك الصلاة لي وأخذ كل شيء من قيمتي، فسأركلك هنا والآن.»
‹«قد تكون مشكلة. أنصح بالانسحاب.»›
«شجرة ثالثة؟ بالتأكيد لم تأتي إليّ باكيًا لأمرٍ بسيطٍ كهذا؟»
‹«ألا تريدين تجنب إضاعة المزيد من الطاقة؟»›
«...بصراحة، أنا حقًا أريد طوقًا. تعلمت درسي مع العصبة الذهبية، لذا سَئِمتُ من كوني ملكة تمنح الأشياء للآخرين. همف. أين يمكنني العثور على سيِّدٍ حقيقي يمكنني السَّيْطرة عليه بقوتي ليقدم لي عجائب لم أرها من قبل حسبما أطلب؟»
‹«إن كنتِ تحلمين بحامي خيالي كهذا، لماذا لا تطلبين مباشرة أميرًا ساحرًا من القصص يا آنستي؟»›
«بووو.»
‹«قد بالغتِ كثيرًا بنفسك. وبتُّ خائفًا قليلًا الآن أن أُبلِّغَ عن ما حدث مع ليليث. بالإضافة إلى ذلك، كم من العجائب لم تريها بعد؟ لستِ بذات قلبٍ نقي بحيث يفاجئك شيطان عظيم أو ملاك حارس مقدس. عند مواجهة العضو الأصلي الوحيد المتبقي من العصبة الذهبية، أنتِ أول من تنفَّس تنهدًا بدلاً من أي نوع من الإثارة.»›
«العالم صغير جدًا.»
‹«لا تطلبي المستحيل. حتى أنا لا أعرف كيف أتعامل مع صبيانية مِثلك.»›
الملاك الحارس المقدس لـ 93 فتح يده عفويًا ومدّها نحو الفتاة الشابة. ثم أغلق يده بلطف. في نوع من التمثيل الإيمائي، قام أيواس بحركة وكأنه يضرب بيضة غير مرئية على زاوية مكتب غير مرئي.
«بَيْضَةٌ سَوْداء، إنَّ رَمْزكِ يُربكُ حَواسَ ناظِريه، لذا اخْفينا عن عالَمِ الْحَواس.»
في الحال، تلاشى الاثنان في الهواء الفارغ كما لو أُحيطا بغشاء رقيق يعرض المشهد الذي خلفهم.
‹.....خفاء!؟›.
‹«تمت الإشارة إلى هذه القوة الروحانية حتى في كتاب ريغاردي السِّحري، لذا أعلم أنه لن يخدعك. ولكننا سنغادر قبل أن تتمكن من كَشْفِ ذلك للقادمين. ستموتُ قريبًا. إذا كنت ترغب في سحب الآخرين إلى الموت معك، فخيار اخبارهم متاح. إذا فضلَّت لا، فصُمْ لِسانك. وبذلك، أودِّعُكَ يا أليستر.»›
بحلول الوقت الذي دخل فيه أكسِلَرتر المعبد المكسور والمائل، لم يعد هناك أحد.
نظر إلى الفتاة المستلقية على ظهرها بشعر فضي مبعثر حولها. وكان الدم قد تدفق كثيرًا من جرحها العميق، وكانت درجة حرارة جلدها المعرض لنسيم البحر الشتوي قد انخفضت بشكل كبير، وبعد ذلك كان هناك ضررٌ داخلي. لم يكن هناك أملٌ لها. كل ما يقدر عليه هو التلاعب بالمُتّجهات. يمكن أن يُسَكِّن ويُحسِّن ما هو موجود، ولكن لا يمكنه توفير ما ليس موجود.
أكسِلَريتر وأليستر.
كلاهما كانا مغطيين بالدماء.
«الانتقام، ها؟»
أحدهما بنى رابطة ثقة مع شيطان وعَبَرَ الهاوية. والآخر فَشِل وتم رفضه.
هذه كانت لحظة تجاوز الطفل للبالغ.
«نجحت يا #1... عالمك كان خارج متناولي.»
«أهذا كل شيء؟»
كانت صوت الوحش الـ #1 منخفضًا.
«أهكذا تنتهين يا أليستر؟ هذا لا يعتبر حتى انتقامًا.»
«غير راضي؟ قبل قرنٍ من الزمن، كنتُ وماذرز مهووسَيْن بقضية الترقية 5=6 واللقب الشرفي 7=4، لذا لكانت أرواحنا لتغضب غيرةً لو سمعناك تقول ذلك. لكن، أنا آسفة. صحيحٌ أن هذه ليست نهاية يمكنك قبولها. عند النظر إليها مرة أخرى، فأنا أتخلى عن الكثير دون إكماله، أليس كذلك؟»
لنتحدث فرضًا، ماذا ستفعل إذا كرهت شخصًا كثيرًا حتى تمنَّيْت مَوْته ووجدته لاحقًا متهاويًا على حافة الموت بسبب شيء ليس له علاقة بأفعالك؟
هل ستضحك حتى تألم جوانبك؟
هل ستعتبره ضربة حظ سعيدة وتمنحه الضربة القاضية؟
...لا يمكن لأكسِلَريتر تخيّل ذلك. ليس لأنه لا يستطيع فعلها. لكنه لا يستطيع تصور مستقبل حيث صُفَّت كل المشاعر في صدره.
«لا تدع الذنب يغلبك» قالت أليستر بابتسامة. انسكب الدم الأحمر الداكن من زاوية فمها. «بغض النظر عن مدى رداءة المرء، لدى الجميع حياةٌ واحدة فقط. سأموت بغض النظر عمّا تفعله هنا. إذا لم تقدم الضربة القاضية بنفسك، قد تندم على ذلك طوال حياتك...»
«اخرسي،» بصق أكسِلَريتر مرة أخرى. «ألم أشرحها قبلًا؟ لا معنى لهذا إن كنتِ لا تشعرين بالخوف. فِعلُها الآن سيكون فشلاً. انظري إلى تلك النظرة الراضية على وجهك. ما بات عندي شيء لأسلبه منك الآن.»
«....هيه، صرت إنسانًا ألطف بكثير مما كنت عليه يا #1.»
«ها؟»
«تبعتني حتى هذه النقطة، لذا أعلمك أنكَ تستطيع التفكير في عدة طرق قاسية لإيذائي. تعلم ما عليك أخذه مني لإيذائي أكثر. ولكنك لم تختر فعلها. هذا التغيير شيء لم أتوقعه.»
«أتمزحين؟ توقفي عن تقييمي أمامي.»
«حسنًا، أنا مُعَلِّمة في النهاية. لكن الأهم، هل يمكنني ترك ابنتي معك؟»
«ماذا؟!»
«أهذا طلبٌ كبير بالنسبة لطالب؟ إذن سأترك مينا معها مُرضعة. سواء كان أمرًا جيدًا أم سيئًا، لن ترتكب أي أخطاء هناك.»
ألقت لُغْزُ قُلَيْفة 545 بنظرة مُحتارة حول المنطقة، لكن الفتاة الفضية التي كانت مغمورة في بركة من الدم وضعت سبّابتها اليسرى على شفتيها.
في العصبة الذهبية، كانت هذه علامة صمتٍ مأخوذة من حربوقراط.
لا تتكلم. لا تطارد.
أي شخص يتحداهم قبل جاهزيتهم سيُدمَّر.
«اعتني بالباقي... كُن يقِظًا ومُسْتَعِدًّا دائِمًا. لم تنتهِ المشاكل بعد. تهديد آخر مؤكد على الطريق. وأسرع بكثير مما تتخيل.»
بعدما أخذت أليستر بضعة أنفاس ضحلة، استخرجت جهازًا صندوقيًا من جيب تنورتها الملطخ بالدماء. بدا وكأنه هاتف ذكي عادي تمامًا. في الواقع، كان الهاتف الذي استخدمه رئيس مجلس مدينة الأكاديمية لتنفيذ القصف الفضائي. قد استخدمته لإطلاق القفل على المدينة الأكاديمية. كان يحتوي على قائمة رموز (أكواد) لا تصدق.
«خذ هذا.»
«...»
«استخدمتُ حياتي لمصالحي، لذا سأمنحك الطرق الأخرى. قد تتمكن من تحقيق رغبتك في الانتقام باستخدام هذا...»
ربما عَلِمت أن هذا سيكون آخر نَفَسٍ لها.
أخذت أليستر نفسها بعمق وابتسمت أثناء نطقها.
«إذا كنت تكره الكبار، فتَوَلّى السَّيْطرة بنفسك. أتركُ لكَ السلطة الكاملة لرئاسة مجلس الإدارة. اِبني المدينة الأكاديمية حيث يمكن للجميع المتبقين فيها أن يبتسموا معًا.»
####
السفينة الرمادية غرقت ببطء خلال النصف الساعة التالية للظهر.
رغم أنها أحيلت للتقاعد، إلا أنها كانت لا تزال قطعة قيمة من المعدات للعائلة الملكية. كانت تحتوي على عدد كبير من الآثار وقطع الفن. سيقوم الغواصون المحترفون بالبحث عنها في قاع البحر، لكن كانزاكي كاوري وجدت شيئًا يطفو في الماء البارد وهي تقف بمسافة كافية لألا تتورط في الجليد المتشقق.
«هذا يؤكِّدُها...»
لم تكن كاهنة الأماكوسا متأكدة من مشاعرها تجاه هذا الأمر.
فحصت النبض والتنفس وحركة العين قبل أن تعطي تقريرًا هادئًا.
«تم تأكيد وفاة الساحرة أليستر كراولي في الساعة 1:05 مساءً.»
كان هذا يشبه نهاية عصر.
وعندما كانت فارسة مُعَيّنة تضع الفتاة الميتة في حقيبة جثة سوداء...
«انتظري.»
توقفت عن القيام بذلك بأمر من الملكة إليزارد. تنهدت المرأة العجوز ببطء.
«لا زلنا نجهل الكثير هنا، ولكنني لا أظننا سننجح من إيقاف المطران لُولا ستيوارت لَوْلا أفعالها. ستتولى العائلة الملكية المعاملات الإدارية، لذا عامِليها بعناية.»
«تقصدين؟»
«ستحصل هذه الساحرة على جنازة رسمية. ...لا أعتقد أن ذلك كافٍ لتعويض ما تعرضت له في الماضي.»
لم تتحمل إليزارد رؤية تلك العيون المفتوحة، لذا جلست على ركبتيها، ووضعت يدها على هذا الجبين البارد، وأغلقت الجفون.
كانت تبدو كأنها والدة تساعد طفلاً صغيرًا على العودة إلى النوم بعد كابوس.
وكان للملكة شيءٌ آخر لتقوله.
«مرحبًا بعودتك يا أليستر، إلى المملكة المتحدة، بلد الضباب والسحر والسلام.»
اختر اسم وأكتب شيء جميل :)