-->

الخاتمة: صَرْخَةُ الشرِّ الْحَق.

(إعدادات القراءة)

كان الصيف مغادرًا. في ليلةٍ متأخرة عند منطقة المدارس 23. [1]

بعد أن غادرت آخر القطارات، اتخذ المطار الدولي الواسع شكلاً فريدًا.

فهذا مجال صناعة يُعتمد فيه الدقة المتناهية حيث يمكن لبرغي واحد أو قطعة مطاطية بطول 5 مم على المدرج أن تؤدي إلىٰ حادث مأساوي. كانت أنواع مختلفة من منظفات الأرصفة تتحرك ذهابًا وإيابًا، وأضواء الإرشاد المدمجة في خط مستقيم تومض اصطناعيًا، وأي ضوء عالي السطوع يُرصد فيه أدنى خلل كهربائي يَستبدله العمال فورًا.

وسط كل هذا، كانت امرأة ترتدي بدلة عمل تضغط بكفها على قمة رأسها وتنقر بضع مرات لتتحقق من وضع شعرها المستعار وهي تمشي على المدرج الإسفلتي. كان الصيف صاحب مشاكل.

هي كانت هانانو تشوبي.

أو بشكل أدق، كانت صوت الهاتف التي تستخدم أحياناً ذلك الاسم المزيف.

دخنت سيجارة رخيصة مليئة بنكهات المنثول، ولم تكن وحدها.

«هل السيجار يَسوىٰ؟»

كانت أحد الكبار المسؤوليين، لكنها تحدثت إلى الكلب بجانبها باحترام.

ورد عليها الكلب المسترد الذهبي الذي يحمل سيجارًا سميكًا في فمه بلغة بشرية.

«أُفَضّلهم، ولكن إن ما كنتِ مدمنة، فأوصيكِ ألّا. فهذه قوية، وما إن تتعودي عليها، لن ترجعي إلى السجائر العادية التي تباع في المتاجر وآلات البيع.»

«ها ها ها. كل المدخنين ينصحون الغير بعدم البدء☆»

«أيضًا، تكلف هذه حوالي 200 ضِعف. ولن تقدري على تركها طوال اليوم.»

«إذن لن أشربها أكيد. دائمًا ما يكون الأمر هكذا. أشياء كثيرة تدمر حياتك ما إن تتعلم أن تحبها.»

«المشاكل المالية هي إحدى الأخريات شائعة عند كل المدخنين.»

«نعم، وأتخيل أن تلك السجائر الكوبية الفاخرة أسوأ مما أتخيل حتى.»

«يويتسو-كن ما تقدر على رائحة الدخان. ولا أعني الدخان نفسه – فقط الرائحة. قد مرّ زمنٌ منذ أن قابلت شخصًا يفهم مثل هذه الرومانسية.»

لكلٍّ منهما نقطة ضوء برتقالية ترتفع وتنزل ببطء في زاوية فمهما.

كانت الإنسانة والكلب يمشيان عبر الظلام بخطى ثابتة.

وكأن هذه الأضواء تقطع بحدة الظلال.

«ولكني متفاجئة أن شخصًا مثلكَ ازعج نفسه بزيارتي في هذا الظلام.»

«هذه المرة، هدفي كهدفك. هي صدفة لا أكثر، لكن اهتماماتنا توافقت. لذا قد أراقب ظهرك هنا إذا أردتِ.»

«أوه، حقاً؟ حسبتُكَ تحب البقاء محايدًا.»

«الحياد قد يشير إلى وغدٍ لا يكترث حقاً إذا ما سقط أعداؤه أو حلفاؤه. عليكِ أن تري الحياد مصدرًا للمتاعب أكثر من مجرد خيرٍ وشرٍ بسيطين.»

الكلب كان كيهارا نوكان.

كان عضوًا في عائلة كيهارا، وهي مجموعة من الباحثين شائني السمعة في الجانب المظلم؛ بما في ذلك أماتا، كاغون، بيوري، إنشو، يويتسو، ثِرِستينا، وغينسي.

وكذلك قيلت عنه شائعات تفيد أنه مقرب من رئيس مجلس الإدارة، جاعلةً منه كائناً غير عادي.

عندما يتحرك المسترد الذهبي الناطق، فهذا يعني أن هناك شيئا قد حدث لن يقدر على تجاهله حتى كبار المدينة (علىٰ أنه عادةً ما يترك الجانب المظلم ليحقق أهدافه). وكذلك عندما يتحرك، فهذا يعني حدوث تغييرٍ كبير أو إعادة تشكيل للهيكلية الحالية لهذا الجانب المظلم.

فهل كان هذا متوافقًا حقاً مع ما رغبت فيه صوت الهاتف؟

ما عساها إلا أن تصلي طلبًا وأملاً ألا تكون هدفاً يُزالُ مع الأيتم.

امرأة البدلة أمسكت سيجارتها بين إصبعين وأخرجت الدخان.

«حسنًا، ليس وكأنني أقتدر القتال وحيدة. بعد أن تركتك تقترب مني هذا القرب، ما عساي سوى أن أتمنى ابتسام الحظ لي.»

«لا تكذبي علي، آنسة خالدة. قد أقتلك مهما أردتُ من مرات وستفلتين منها كلها متظاهرةً بالموت.»

صوت الهاتف نَجَت بهذه الطريقة مرةً على الأقل، ولذا اكتفت أن تبرز لسانها قليلاً.

كانا يسيران نحو زاوية المطار مرورًا بشاحنة خزان للوقود وشاحنة عمل محملة بمعدات فوق صوتية لصد الطيور (التي استند عليها جهاز الإلغاء في سجن الأحداث).

وصلا إلى صف من الطائرات أصغر بكثير من طائرات الركاب الكبيرة التي فكر فيها الناس عادة.

كانت الطائرات الخاصة والطائرات التأجيرية تُخزن هنا.

ولكن أي شخص ذو معرفة سيعرف أن هذه ليست طائرات عادية. كانت المحركات قد تخصصت للرحلات الطويلة بتفضيل الاقتصاد في استهلاك الوقود على حساب السرعة، وكان سقف الهيكل الضئيل مبطنًا بخطوط هوائية خاصة تشبه عظام الأسماك.

عُرِفت هذه الطائرات الصغيرة بطائرات AWACS الاستراتيجية المصغرة. دَفَعَ كبار الشخصيات في المدينة الأكاديمية مبالغ ضخمة للحصول على هذا المخبأ الطائر الذي يبقيهم أحياءً ولو تلوث سطح الأرض بأسره بإشعاعات الحرب النووية. ...سواء ستعمل الطائرات كما أُعلِن عنها أم لا، فَضّل الأثرياء جعل هِواياتهم شراء الأمان والضمان.

انبعث من إحدى الطائرات أضواءٌ اصطناعية. ما أتت الأضواء من النوافذ لأن جميع الستائر البلاستيكية كانت مغلقة. كان الباب الداخلي مفتوحًا للخارج وتحول إلى سلم صغير.

اختفى طعم السيجارة من عقل المرأة.

«...»

«تراجعي يا آنستي.»

«لا شكرًا. أقدر أن أعتني بنفسي.»

«قوية أنت، سأعترف بهذا. ولكنني أتمنى أن تدعي مثل هذا العمل لكهلٍ [2] مثلي يستمتع برومانسيته.»

لم رغبت صوت الهاتف في أن تكون مَدينةً لكيهارا، لذا تجاهلت نصيحته وصعدت الدرج الضيق إلى الخطر.

اختلست النظر داخلاً.

وسرعان ما غمرت رائحة الموت القوية السيجارة في فمها.

«ربما نستبعد موتاً مزيفاً،» قال نوكان وهو يدخل الطائرة وكأنه ينزلق تحت قدمَيها.

كان وجود الكلب بجانبها مع السيجار المُضاء في فمه أمرًا مقلقًا طفيفاً. فقد كانت المرأة ترتدي جوارب نسائية صناعية.

ما كانت الطائرة واسعة خاصة، لكن الداخل كان فاخرًا لدرجة أن أحد الأرائك قد يَسوىٰ منزلًا كاملاً في المدينة. وكان المكان كله مُدمرًا. بقع الدماء المتناثرة غطت الأرض والجدران؛ مُلونة كل الأثاث بالحَمَار. جثة شاب خامدة على الأريكة، مقطوعة الرأس كانت؛ ولكن ليس لإخفاء هويته. كان الرأس هناك بجوار السلة الصغيرة الموجودة بجانب الأريكة.

كان صوت الهاتف آخر.

كان أحد الزملاء الذي شاركت معه مؤخرًا طاولةً في مطعم ياكينيكو.

«إذن، كان من الشركة» تمتمت هانانو تشوبي بصوت مختلس.

الرأس المقطوع بحماقة كان يحدق بها من داخل سلة شانيل التي بالكاد يسع فيها.

كان تقريرها عن الدمى السادية قد تأخر لأنها واجهت صعوبة في تحديد هوية هذا الرجل.

إذا كان العدو صوت هاتفٍ آخر، كان من المنطقي أن لا تكون امتيازاتها كافية لاختراق البيانات التي قفلها.

ألقت المرأة ذي البدلة ببقايا سيجارتها في سلة المهملات الممتلئة. أحدث ذلك صوتاً متوهجًا هادئًا. كانت السلة مليئة بالدماء المروعة واللحم، لذا كان شبيهًا كثيرًا بغمس الألعاب النارية في دلو من الماء.

هزت العلبة لتستخرج سيجارة طازجة وأخرج الكلب المسترد الذهبي ذراعًا ميكانيكية من حقيبته ليشعل لها ولاعةً زيتية. قَبِلت عرضه بسرور.

«إذن، هل بالغ كثيراً فجذب انتباه ذاك؟»

«العكس، أتوقع. لقد أدرك أن ذاك كان يطارده، لذا كان أراد أن يقيم دفاعاتٍ طارئة. هذه هي الحقيقة وراء تلك المجموعة العدالية. ولكن في النهاية، يبدو أنه فشل في الدفاع عن نفسه، فشل حتى في التعرف على ذاك، وانتهى به المطاف مذبوحًا.»

«الدمى السادية، الأحرار، تلك المحققة، وفرقة الإعدام مجموعة التنظيف الاستثنائي الخاص من الجَجْمنت.»

المرأة التي تدعي نفسها هانانو تشوبي حكت رأسها. «فريق من نخبة العدالة. هذا يجعلهم النقيض الكامل لمجموعة من الأشرار كالأيتم. حسبتُ أننا نتعامل مع منافسين – هفف – ليس هذا.»

«فهل هذا يُنهي مهمتك هنا؟»

«أظن هذا. وأظنك لم تنتهِ بعد. فهل ستطارد الذي فعل هذا؟»

«نعم.»

أقر كيهارا نوكان هذا بسهولة، مع سيجاره الفاخر السميك يتمايل في فمه.

حتى وإن كان معرفة هذه القنبلة يمكن أن تجلب أنواعًا مختلفة من المشاكل.

«هذا ليس مثل أولئك التقليد. هدفي هو الرمز الحقيقي للعدالة المتربص في أعماق هذه المدينة.»

«لعنة الجانب المظلم. الرقم 6» تلفظت هانانو تشوبي.

ثم حكت رأسها مرة أخرى. كانت تعلم أن شعرها الاصطناعي قد انزلق إلى الجانب.

ما كان معتادًا لها أن يصيبها شيءٌ ما لدرجة تتغير فيها نكهة السيجارة.

«ذاك الوغد يعلم حقاً كيف ينجز العمل. دائمًا الأمر هكذا معه.»


=============================

ملاحظة: لا نعلم حتى الآن ما جنس المصنف رقم 6، فالكاتب لم يوضح ضميره للآن، ولكني لطالما ترجمته بصيغة المذكر منذ أول مجلد، ولو اتضح مستقبلا أنها فتاة فسأغير الترجمة.

(صفحة المجلد)

<<الفصل السابق                        الفصل التالي>>

تعليقات (0)