الفصل الرابع: الساحر الأخير في العالم الواحد.
(إعدادات القراءة)
كانزاكي وقوة الإله استمرا في حربهما البُعدية العالية بهجمات شرسة تحدث على مدار مئات الثانية، بينما نجح توما وتويا أخيراً في اقتحام البيت الشاطئي.
لكنهما لم يفرا بالمعنى الحرفي.
فإن قوة الإله والمسح يمكنهما، لو شاءوا، قتلهما أينما هربا في الكوكب. هذا مدى البعد الذي وصل إليه العالم.
غير قادر على فهم الوضع تمامًا، كانت كتفا تويا ترتعشان بتنفسٍ شاق، وطلب: «ت-توما! انتظر لحظة، ألا نأخذ استراحة؟ ما ذاك؟ ما الذي يحدث الآن؟ كأنني رأيت ذلك الشاب سابقاً من التلفاز—هل هذا تصوير لفيلم أم ماذا؟»
أسئلة لا مفر منها أتت من تويا، الذي لم يُفَسر له شيء قط. ولكن حتى الآن، لم يستطع كاميجو أن يقتنع بوجه مرتكب الحادث الذي لم يفهم شيئاً.
لكن وبينما كاد أن يصرخ تلقائيًا، لاحظ فجأة غرابةً في زاوية عينه. رأىٰ أحدًا منكمشا، منهارًا حتى، في ظل طاولة مستديرة موضوعة على الأرض كأنه يختبئ.
كانت ميساكا ميكوتو.
«ما...؟ هَي، أنتِ بخير؟ ماذا حدث؟!» صرخ كاميجو بدون تفكير واقترب، لكنه لم يسمع رداً. عنده حوالي ثلاثين دقيقة قبل أن ينتهي الوقت، لكن هل بدأت آثار هذا المسح الغريب تظهر؟
لاحظ كاميجو شيئًا في تلك اللحظة.
الرائحة الغريبة والخفية التي تطل على أنفه—وعندما أدرك ما هي، هرع قليلاً وتوقف عن التنفس.
CHC13. كلوروفورم.
«خ... آه...»
يبدو أن المركب الكيميائي الذي استنشقه قليلاً دخل دماغه؛ إذ أنها طمست وعيه للحظة. لكن يبدو أن كميتها كانت ضئيلة للغاية، حيث تمكن بالكاد من تجنب فقدان الوعي كاملا.
«يا توما؟! هَي!»
بسماعه صوت أبيه القلق، رفع كاميجو يده ليجيب أنه بخير. ولكن من الذي قد يفعل هذا؟ كان الكلوروفورم الأضر من بين جميع مركبات ثلاثي الهالوميثان، ولقد رُصِدت فيه مسببات سرطانية حتى. أيعقل أن ميكوتو قد استنشقت شيئا كهذا بمفردها؟
(من فعل...؟)
CHC13 متبخر للغاية، لذا إذا تُرك لوحده، يجب أن يتبخر في غضون ثوانٍ. بمعنى آخر، أنّ الذي نَوّم ميكوتو قد لا يزال هنا في مكان ما.
بدأ كاميجو فجأة يقلق على إندِكس، التي لم تكن هنا. علىٰ أنه كان يعلم أن هذا ليس الوقت أو المكان المناسبين، حملته قدماه على أي حال نحو الدرج إلى الطابق الثاني.
مضى كاميجو بسرعة عبر الدرج، راكضاً في الرواق، وفتح باب غرفة تويا بقوة.
حين فعل ذلك، وجد إندِكس مستلقية هناك أيضاً. هذه المرة، لم يحاول أن يتتبع الرائحة. بعد أن لاحظ أن نَفَسَها في النوم كان منتظماً، منتظماً للغاية، استنتج أن أحدًا ما قد نوّم إندِكس بدواءٍ ما. مثل هذا النوم العميق لن يُبطل فقط بتحريكها ببساطة.
(فمن؟)
لم يعرف من كان، ولم يعرف هدفهم. أخيرًا وصل تويا إلى كاميجو، الذي كان متيقظاً محترساً وهو جاهل. نظر إلى إندِكس المنهارة—لا، بالأحرى، بدت له أنها زوجته، شينا—وشحب وجهه.
«ت-توما، ما هذا؟ ما الذي يحدث هنا بحق؟!»
«أنا من عليه السؤال!» تذكر كاميجو الشيء الذي عليه فعله الآن. «اسمعني يا أبي. الناس سيموتون بهذا المعدل. سيموت الناس جميعًا، كل واحد منهم. ولأن نوقف هذا من الحدوث، علينا إلغاء سقوط الملاك. أنت الذي فعلتها، فأوقفها!»
«توما، ليس هذا وقتاً للّعب—»
«أعلم! ليس هذا وقتًا للّعب! إن كنت لا تعرف كيف توقفها، فلا بأس! فقط قل لي أين أحدثت سقوط الملاك! وعليّ الباقي!»
لكن تويا نظر إلى كاميجو مدهوشاً.
كأنه يقول إنه لا يدري ما يهذي به ولده.
«توما. أسألك، ما هذا "سقوط الملاك"؟ كلمة مجازية؟»
عندما سمع ذلك، فَقَدَ كاميجو كل إحساس بما يحدث.
لم يبدو له أن تويا يكذب. بدا وكأنه بعيدٌ كل البعد عن السحر.
(أيمكن أننا... أخطأنا خطأً فادحًا؟)
«أتركه يا كاميان. لن يعرف أي شيء.»
فجأة، صوت خرج من مدخل الغرفة.
التفت كاميجو وتويا أيضاً، وكانا مندهشين من الذي رأوه هناك.
تسوتشيميكادو موتوهارو.
ربما بدا لتويا وكأنه نجم من التلفاز. بدا لامعاً بظهوره هذا فجأة.
«مَهْ، أنا من نوّمتهم. لن أُدخِل المدنيين في هذا سَهْواً.»
بدا صوت تسوتشيميكادو مختلفاً عن المعتاد.
كانت صورته، التي ينبغي أن تكون داخل الحياة الطبيعية، بدت وكأنها تتشقق.
«همف. من محياك، أرىٰ أنك لم تدرك بعد. حسنٌ، وهو الطبيعي تمامًا، نيا. فأنتَ يا كاميان هاوٍ عندما يتعلق الأمر بالسحر.»
توسعت التشققات وانكسرت كلوحٍ من الزجاج.
الذي وقف هناك لم يكن تسوتشيميكادو موتوهارو الذي عرفه كاميجو توما.
كان أغرب، شخصًا لم يستطع أن يحدد هويته الحقيقية.
كان ساحراً.
«مهلاً... مهلا يا تسوتشيميكادو. تدرك أنت أن في أبي خطباً، صح؟ أيمكن أن المتسبب وراء سقوط الملاك كان أحداً مختلـ—»
«لا، الجاني هو تويا. لا خطأ في هذا. كل ما في الأمر أن هذا الرجل قد فعّل سقوط الملاك دون إدراك منه.» قال تسوتشيميكادو. وغضب تويا بدوره.
«م-من تقول أنه جاني؟! كيف تجرؤ على نعتي بهذا وهذه أوّل مرةٍ أراك! هل كل الفنانين الآيدول يتصرفون هكذا؟!»
نظر كاميجو إلى طريقة تصرف تويا، محتاراً. إذا كان هو الجاني وراء سقوط الملاك، لكان من غريب أن يكون تحت تأثيراته، لكن...
«نعم، صحيح يا تسوتشيميكادو. أبي شخص عادي. ليس ساحرًا مثلكم. لا يمكنه أن ينفذ تقنية معقدة على هذا النطاق العالمي. إضافة إلى ذلك، كنت أنتَ من قال أنه يجب أن تكون هناك دائرة سحرية أو موقع طقوسي كبير للسحر الكبير، وما رأيتُ شيئاً كهذا في أي مكان—»
«داخل المنزل. هو داخل منزلك يا كاميان. ألم تدرك؟»
صمت كاميجو عندما قال تسوتشيميكادو هذا.
لم يفهم ما معنى تلك الكلمات.
«قلت لك، أم نسيت؟ أنا أتخصص في الفِنغ شوي. والفِنغ شوي هو سحر يتضمن بناء دوائر عبر ترتيب الغرف والأثاث.»
«ماذا...؟»
«ببساطة، إنها تقنية لإنشاء دائرة سحرية عن طريق ترتيب الأثاث والغرف في مواقع معينة.»
لم يفهم كاميجو معنى تلك الكلمات.
لم يكن لديه أدنى فكرة عما كان يقول.
«أنت... ما الذي تتحدث عنه؟ غبيٌّ أنت؟ لا يمكن أن يكون منزل عادي موقعًا طقوسي مجنون مثل ذاك! بحركة واحدة لقطعة من الأثاث، تُنشئ دائرة سحرية؟ هذا... هذا سخيف!»
«أقول لك، ذاك ليس بمنزلٍ عادي. فلقد رأيتُ فيه سلع شعوذة في كل صوب — أنواعٌ من التمائم والقطع الشعبية. كلّ واحدة منها لوحدها ليست إلا هدية تذكارية بلا معنى. قد لا تحتوي حتى على مقدار ذرة من قوة أبدًا. لكن لا تستهن بالنسخ البسيطة أيضًا. إذا ترتّبت صحيحًا وفقاً للفِنغ شوي أو الأونميو، ستبدأ في التغذي على بعضها البعض.» بدا وكأنه يستمتع بشيء. «على سبيل المثال، كانت هناك شجرة [سرو] يابانية قصيرة زُرعت بالقرب من المدخل، أليس كذلك؟»
«كيف أعرف؟»
«كانت هناك. كانت شجرة صغيرة بعش للطيور فيها. وفي المزارات الشنتوية، هناك معنىً عميق في وضع شجرة استراحة عند مدخل الأراضي. أفهمت يا كاميان؟»
«أ-أفهم ماذا؟»
«إنه [تورِي]. الكلمة التي نستخدمها لذاك القوس الأحمر تعني "مكان حيث الطيور". كانت هذه في الأصل لتعطي الراحة للطيور المقدسة التي تخدم الآلهة. عندما أفكر في [تورِيِ السرو]، يتبادر إلى ذهني [مزار إيس الكبرى]، لكن يا صاحبي، حقاً إنها لصدفة مجنونة.» تسوتشيميكادو ضحك بشوش. «هناك المزيد. وجدتُ أيضاً زخرفة على صندوق بريد أحمر في المدخل الموجه نحو الجنوب. اللون المرتبط بالجنوب هو الأحمر. وفي الحمام، كانت هناك لعبة سلحفاة، وهو حيوان حارس المياه. وفي أعلى الثلاجة والميكرويف في المطبخ، وجدتُ دمية نمر أو شيء من هذا القبيل. النمر الأبيض — حيوان حارس المعدن. كلّ واحد منهم لهي سخافة رخيصة بمفردها، ولكن في ذاك البيت أكثر من ثلاثة آلاف تميمة. مع هذا الكم، تتحول التأثيرات التآزرية إلى قوةٍ هائلة. البيت نفسه تحول إلى معبد.»
لم يستطع كاميجو أن يصدق ما يُقال له.
في الواقع، سمع ما قاله تسوتشيميكادو تهمًا كاذبة فقط.
«همم. من المحتمل أكثر أن يكون الموقع الطقسي قد اكتمل في اللحظة التي غادر فيها زوج الكاميجو المنزل للقدوم إلى هنا،» قال تسوتشيميكادو، وكأنه مهتم للغاية. ثم صنع ابتسامةً قاسية نحو تويا. «ول ول، يا لها من صدفة، يدك يا كاميان أمرٌ، ولكن أباك تويا قد صدمني حقاً. لعلها أجمل صدفة رأتها عيني. كأنني أرى ماسةً تكونت بشكل طبيعي، وهي كذلك. ولكني لا أقول أن مثل هذه الصدف حظٌّ أم نحس.»
«دع عنك الهراء! كبّرت الحقيقة وبالغت!»
«نعم، بالغت وكبّرت — ولهذا لن أمد يدي عليها تهورًا.»
وأخذ إحساس تسوتشيميكادو بالاسترخاء يختفي أخيرًا.
اعتبر كاميجو الأمر مشبوهًا، ثم قال تسوتشيميكادو. «أتعلم يا كاميان. كل ما قلته حتى الآن هو تكبيرٌ للحقيقة. اتهامات كاذبة وحسب. ولكن سقوط الملاك فعليًا تفعّل. وهذا بحد ذاته معجزة. بالمناسبة يا كاميان، أتؤمن بالمعجزات؟ أتثق بصدفة واحدة من بين مليون؟»
«ما الذي تهذيه؟ طبعًا لا! لا أعرف شيئًا عن السحر، ولكن الدوائر الكهربائية والأدوات الدقيقة لن تعمل إذا كانت في كل مكان!»
«لكن، حقيقةً، سقوط الملاك فعّال. أفلا تفكر بهذا الشكل يا كاميان؛ أن هناك طريقة لإحداث معجزةٍ واحدة من مليون بنسبة مئةٍ في المئة؟»
الفكر... كانت أفكار كاميجو في سدٍّ محصور.
ابتسم تسوتشيميكادو له.
«وجدنا كل أنواع التذكارات في منزل الكاميجو. لم توضع لخلق سقوط الملاك على وجه الخصوص. من وجهة نظر تويا الهاوي، كانت مجرد صدفة؛ وُضعت لتزين المكان. دائرة سقوط الملاك السحرية ليست إلا شيئاً أنشئ بالصدفة من تلك النسخ العديدة التي وُضِعت هناك. ومع ذلك—» واصل بعد توقفٍ، «حتى لو لم يحدث سقوط الملاك، كان سيحدث نوع آخر من السحر الكبير. إذا كان ترتيب التذكارات مختلفاً قليلاً، فإن الدائرة السحرية كانت لتتغير»—وقلب راحة يده—«وبالتالي، لا يوجد شيء مثل "الفشل" في مثل تلك الدائرة السحرية. مهما كان ترتيب تلك التذكارات، كان سيحدث نوع من السحر كبير بالتأكيد.»
في هذه المرة، حدث بالصدفة أن تكون تعويذة سقوط الملاك من تفعّلت.
إذا لم يكن سقوط الملاك، لكان غيره تمامًا، هذا ما كان يقوله.
«كاميان، لماذا برأيك لم أخبرك بأيٍّ من هذا عندما كنا في منزلك؟ هذا لأننا لم نقدر كسر تلك الدائرة السحرية الآن بعد أن استقرت بطريقة ما. هذا أسوأ بكثير من سقوط الملاك نفسه – هناك وجدت دوائر تكتيكية من أنواعٍ وأنواع، مثل رجّة الأرض [أقصى الزلازل] – شبح كلاب الصيد [عكس العالم السفلي] – نسخة كُكَيتس [التربة الصقيعية]، وإذا تنشطت أيٌّ منها، لكان مآل الأمر أن تمحى بلدة أو انثتين بأكملها عن الخريطة... أيضاً، كانت هناك حتى دوائر أصلية موجودة، لا أعرف حتى جوهرها. أفهمتني؟ أنت هاوي فلن تعلم، ولكن تلك دوائرٌ سحرية فقط ساحر — وخبير فنغ شوي، تسوتشيميكادو — يفهمها. يجب ألا نسمح لهم بالتنشط. هم من النوع الذي يجب بالتأكيد أن لا نُفعّلهم.»
لو لمس كاميجو أحد التذكارات وأوقف سقوط الملاك...
...في تلك اللحظة تحديدًا، سيتنشط سحرٌ آخر كبير، كأنه قَلَبَ مفتاح.
«عند التفكير في الأمر الآن، كانت ذلك موقفاً خطيراً للغاية. كاميجو توما، كانزاكي كاوري، ميشا كرويتزف، هينو جينساكو، وتسوتشيميكادو موتوهارو – لو حرك أحدنا حتى واحدًا من تلك التذكارات في منزلك يا كاميان، لتحولت إلى دائرة مختلفة في تلك اللحظة.»
أخيرًا، تذكر كاميجو. هذا هو السبب الذي بدا فيه تسوتشيميكادو وكأنه يحثهم على الابتعاد عن المنزل بأسرع ما يمكن. هذا هو السبب.
لكن لا يزال كاميجو يحاول أن يبحث عن عامل لينفي كلامه.
«لكن، لكن... صحيح، والدي شخصٌ عادي. ليس إلا مجرد موظف عادي. أليس من الضروري أن يمتلك مانا أو طاقة سحرية ليستخدم السحر؟ من المستحيل أن يعلم والدي كيفية استخدام المانا!»
«لا حاجة يا كاميان. قد قلت لك — الفنغ شوي شيء يُحرك الشيكيغامي، "الآلهة المصاغة"، من خلال تحويل "روح" الأرض إلى طاقة. ليس لمانا المرء أي علاقة به.» حرك تسوتشيميكادو إصبعه السبابة. «حسن، الأمر في الأساس يتبع طريقاً مثل دورة: مولد كهربائي إلى محول إلى دوائر — من روح الأرض إلى كاميجو تويا إلى تقنية التذكار. علىٰ أن هذا لا يغير حقيقة أن تويا هو "متواطئ" مهم هنا.»
أيقول أن ذلك هو السبب المحتمل لماذا كان كاميجو تويا تحت تأثير سقوط الملاك جزئياً؟
تويا كان أحد المجرمين الذين ارتكبوا سقوط الملاك، لكنه لم يكن السيد بل العبد.
سقوط الملاك لم يكن شيئًا حدث بأيدي بشرية.
السيد، الجاني الرئيسي، كان آليات العالم نفسه، التي ترتبت بطريقة شيطانية بفضل الفِنغ شوي.
(تبا لكل شيء.) خانت الكلمات كاميجو.
ولم يتوقف تسوتشيميكادو ليدون أي شيء منه.
«ذلك المنزل كان كمثل سكة حديدية بعتلات تبديلية [1] أكثر من نجوم السماء. عن طريق تدمير أحد تلك التذكارات، كانت لتتغير إلى سكة حديدية مختلفة — أي دائرة سحرية مختلفة.» تحدث بسلاسة. «لهذا السبب لم أستطع أن أقول شيئًا مثل أنني سأدمر التذكارات واحدةً واحدة. كان عليّ أن أدمر الدائرة السحرية بأكملها في ضربة واحدة. لذا كان عليّ أن أخرجك من دائرة السحر الآن يا كاميان، ثم أُؤمِّنَ ذلك العجوز، وأتفاهم مع كرويتزف أيضاً، وأطلب مساعدة كانزاكي، ثم أعود إلى المنزل لتدمير الدائرة السحرية... ولكن هذا كان أفضل سيناريو ممكن. انضغط الجدول الزمني عليّ قليلاً، والآن نحن في هذا الموقف اللامحسود.»
(تباً.) شتم كاميجو في نفسه وقال.
«ما... هذا؟ كيف آل الأمر هكذا؟ والدى حقاً لا يعرف شيئًا عن السحر أبدًا. فلماذا؟ فكيف، كيف—»
«لا تزعج نفسك وتبحث عن سبب،» قاطعه تسوتشيميكادو بهدوء ينذر.
«لا سبب ولا مبرر ولا منطق ولا نظرية ولا عِلّة ولا هدفاً ولا معنى ولا قيمة—كله كان لا شيء تمامًا. كاميان، كنت لتفهم هذا.»
هكذا قال، لكن كاميجو لم يستطع فهم أيٍّ من هذا.
كان وجه كاميجو وجه طفل ضائع، وابتسم تسوتشيميكادو بشراسة إليه.
«في النهاية... كانت مجرد حالة من النحسِ شديد.»
لم يستوعب كاميجو معنى تلك الكلمات.
عقله تجمد، ومع الوقت بدأ ببطء يعيد تشغيل أفكاره، كما يذوب الجليد.
لأن حظه كان سيئاً.
لأنه كان منحوساً.
فماذا يعني ذلك؟ أهذا استنتاج؟ أنه فقط تعرض لهجوم هينو جينساكو، وثار قوة الإله غضبًا، ونصف الكوكب مهددٌ بالحرق والدمار قرابة الثلاثين دقيقة، عومل كاميجو تويا معاملة الجاني، والسبب في كل ذلك — يمكن أن يُلخص في بضع كلمات قليلة؟
«...هذا... بالمرة هراء.»
هز كاميجو رأسه. لم يعرف ما نوع المشاعر التي يجب أن يشعر بها، ولا أي تعبير يجب أن يرتديه.
ما زال يرىٰ أن عليه إيقاف سقوط الملاك مهما كان.
لأن حظه كان سيئاً... لأنه منحوس...
لا يمكن حل هذه المشكلة ببضع كلمات رخيصة كهذه.
دائرة سحر سقوط الملاك كانت منزل الكاميجو. ما عساه يطلب الكثير. لم يعرف أي دائرة سحر ستُنشط في المرة القادمة، ولكن في الوقت الحالي، إذا ذهبوا إلى منزله ودمروا دائرة سقوط الملاك... فعلى الأقل سيتمكنون من إيقاف قوة الإله من تطهير الكوكب!
«استرح، فلقد فات الأوان كثيراً» أعلن تسوتشيميكادو ببرود مقشعر. «أنسيت بُعدنا عن منزلك يا كاميان؟ لن تصل إليه لو بدأت بالركض الآن.»
«فما الذي تريده مني أن أفعل؟! لا يهم ما إذا كنت أستطيع أم لا – ما لي خيار آخر!! أم ماذا، أعندك طريقة أخرى؟!»
«حسنٌ، عندي نعم.»
ابتسم تسوتشيميكادو. وأجاب فورًا.
خطى إلى الغرفة بوجه سائل، «كيف لم تفهم مقصدي بعد؟» وأكمل:
«كله تمام طالما نضحي بأحدٍ ما هنا.»
كان كاميجو مصدومًا.
رغم عجزه عن فهم معنى ما قيل تواً، حرك جسده تلقائياً ليحمي تويا. ورغم جهل تويا للوضع، بدا وكأنه يدرك أن الخطر يقترب منه تدريجيًا.
راقب تسوتشيميكادو كاميجو وابتسم وقال:
«يا صاحبي، حقاً أشوى أن كانزاكي تكبح ذلك الملاك الغبي. فهي ليست واحدة تسمح بوقوع جريمة قتل أمام عينيها. ولو أخبرتها، فإنها بالتأكيد ستأتي لإيقافي دون أن تسأل.»
وهو يتحدث، خطى خطوة أخرى داخل الغرفة.
مصارعًا الكرة الحديدية التي سقطت فجأة في معدته، انسحب كاميجو خطوة للوراء؛ دافعًا أباه بظهره.
«إذن تفهم يا كاميان؟ الآن وقد وصلنا هذا الحد، لا حلّ دون تضحية. ماذا؟ التضحية ستكون فقط بواحد. أضمن لك هذا. لذا لا داعي للقلق... لكَ أنت.»
وأثناء ابتسامة تسوتشيميكادو، ترنحت يديه. تلكما الذراعين الطويلة ذات النطاق غير الطبيعي؛ المناسبة لطول الرجل.
«لكنني كذلك في وضع صعب. فأنا، لا أقدر استخدام السحر الآن. يا رجل، لابد أن الكنيسة تراه نكتة علي، أن يضعوني في مثل هذا العمل وأنا في هذه الحالة. ألا تظن يا كاميان؟»، تابع تسوتشيميكادو، بشوشاً – حقاً بنظرة بشوشة.
هذا ذكّر كاميجو أخيرًا ما كان يُسَمّي تسوتشيميكادو نفسه.
جاسوس.
«تباً... لا تستهبل علي» همس كاميجو، وهو يرص أسنانه شديدًا. «لست بأحمق. لن أسمح لك بقتله لسببٍ غبي كهذا. لن أسمح لك!»
«همم. حقاً إني لا أراه شيئاً يستحق أن تخاف بشأنه يا كاميان. تباً للغير. تباً لكلهم، أليس كذلك؟»
بدت كلمات تسوتشيميكادو المبهمة وكأنها تسخر منه بجدية.
من سيجلس ويتفرج على أباه وهو يقتل أمام عينيه؟
«يا ملعون... ابتعد عن طريقي، تسوتشيميكادو. لا تعترض! لعلي أستطيع كسر الدائرة السحرية بيميني إذا عدت إلى منزلي الآن!!»
«ما زلت لا تفهم، ها؟ لن تفلح. طالما أنك لا تدمر "دائرة" دائرة السحر بأكملها أو تقتل مصدر طاقتها، أي المستخدم. بجانب، وإن حاولت بأفضل ما لديك، لن تصل إلى منزلك قبل انتهاء الوقت المحدد.»
«لن نعلم حتى نحاول!»
«أوتطلب مني أن أثق بشيء غير مؤكد؟ أتخبرني أنا، خائن؟»
ضغط كاميجو أسنانه بشدة حتى ظن أنه قد يكسرها.
رفض تسوتشيميكادو شيئاً لن يعرفوه حتى يحاوله بشكل صريح، وكان يهدف إلى حل كل شيء بأسهل وأسوأ الطرق. شك كاميجو في أن القول سيُفيد. شك في أن أي شيء يقوله سيصل إليه.
قبض كاميجو يمينه في قبضة وخطى للأمام خطوة.
راقبه تسوتشيميكادو، ثم ابتسم بحزن وقال بصوت هادئ، «انسى، كاميان. لن يصيبك إلا الأذى.»
«اخرس. لن أهدر ثانية أخرى! سأدفنك بضربة واحدة!»
بالتأكيد، ما كان كاميجو ليستهين بهؤلاء "السحرة". فقد كان كاميجو، عندما استُعرِضت عليه قوى ستيل و أوريولس إزارد، خائفاً خوفاً شديدًا منهم بحق.
ولكن الآن، لا يستطيع تسوتشيميكادو استخدام السحر.
فهو -الذي خضع لتطوير القدرات في المدينة الأكاديمية- لا ينبغي أن يكون قادرًا على استخدام السحر بعد الآن.
«همم. أترىٰ أن ذلك يكفي لإغلاق الفجوة بين محترفٍ وهاوٍ؟» تأمل تسوتشيميكادو خصمه. «أسألك ثانية، كاميان. حتى ولو كانت هذه الطريقة هي الوحيدة، ألا تزال توقفني؟»
«...»
صرّ كاميجو أسنانه.
من زاوية عينه، أمكنه أن يرىٰ وجه تويا قلقاً.
من المحتمل جدًا أن تويا لم يفهم معنى ما كان يتحدث عنه كاميجو وتسوتشيميكادو. ربما لم يخمن سوى أنه كان في حالة خطرةٍ وأنه كان متورطًا فيها بطريقة ما.
ثم، بعد أن نظر إلى لون وجه تويا، أعطى تسوتشيميكادو ابتسامة قاسية أخرى.
«أه، ولابد أنها صعبةٌ عليك أيضًا، وأنت متروك دون أي فكرة عن موقفك. حتى لو أخبرتك بكل تفاصيل، فلا أرىٰ أنك تفهم، لذا دعني أعطيك الاستنتاج.»
وقف كاميجو، مصدومًا.
«كفـ—» حاول مستعجلاً إسكات تسوتشيميكادو، لكنه تأخر كثيراً.
«ببساطة، في أقل من ثلاثين دقيقة من الآن، سيموت الكثير من الناس. يا كاميجو تويا، كل ذلك سيكون ذنبك.»
«كفى!!» صرخ كاميجو في تلك اللحظة.
لكن هذا الصراخ العاجل ضرب كاميجو تويا بصدمة شديدة.
نظر تسوتشيميكادو إلى كليهما، مستمتعًا.
مستمتعًا حقاً.
«والآن ماذا ستفعل؟ توقفني أم لا؟»
إذا لم يضعوا حدًا لسقوط الملاك في أسرع وقت، فإن تطهير قوة الإله سيحرق العالم.
كانزاكي أيضًا، التي كان تكبحه الآن، ستكون في خطر أكبر كلما طالت معركتهم.
لو لم يملكوا طريقة أخرى...
إذا لم يكن عندهم حلٌّ آخر، ولو بحثوا في كل ركن من العالم، إذن...
«...مثل هذا الأمر، واضح.»
وهكذا، اتخذ كاميجو قراره.
«بالطبع سأوقفك!» زأر كالوحش. «لن أقبل بهذا. إن كانت هناك قاعدة ظالمة تقول بأن على أحدٍ أن يُضحى، فإني سأدمر ذلك الوهم اللعين أولاً!!»
«هكذا.» ابتسم تسوتشيميكادو.
كانت تعبيرات وجهه، للحظة، كابتسامة طفل.
«حسنٌ، لتكن يا كاميان.»
ابتسامته اختفت فورًا.
بينهما أكثر من ثلاثة أمتار. كلٌّ منهما بالكامل ضمن منطقة الآخر، قال تسوتشيميكادو بخفة شديدة...
«عشر ثوانٍ. أصمد أمامي هذه المدة، ولك ثنائي.»
ففجأة، خطت خطوات شرسة من تسوتشيميكادو، دوى صداها الغرفة.
أغلق الأمتار الثلاثة في لمح البصر. لكن تلك الخطوات لم تكن صوت خطواته على الأرض.
قدماه.
أصدرت ضجيجًا عظيمًا؛ كاسرة القواعد الشريفة حيث دهست قدم كاميجو.
«غه...أه؟!»
ضربه ألمٌ شديد كأنما مسمارٌ طرق قدمه، وحاول التراجع، لكن قدمه ارتبطت. اهتز جسده حتى توقف فجأةً، وألقى كاميجو بصره غريزيًا إلى قدميه.
ومع ذلك، كان ذلك خطأً قاتلاً.
بعد أن خلق نقطة عمياء برؤيته لأسفل، أسقط تسوتشيميكادو رأسه من الأعلى. جبينه الصلب صدم قمة جمجمة كاميجو غير المحمية.
-طق!- أسقطت الصدمة ساقي كاميجو. كانت الصدمة مثلما لو أن كتلة من الخرسانة أو منفضة سجائر ألقيت على رأسه بكامل قوتها.
ولكن، لم يتوقف تسوتشيميكادو.
أخيرًا تحركت يده اليمنى. أرجح قبضته عريضاً جانبياً، كأنه يستهدف جانب رأس كاميجو. بِلُغة الملاكمة، يُسمونها الخطافية. كانت مهارة قاتلة تهدف صدغ المرء بمسار منحنٍ موازٍ للأرض.
مع قدمه المثبتة، لم يتمكن من التراجع. لم يستطع وعيه المبهم أن يدرك الهجوم أو يفكر في تجنبه. رفع كاميجو يده على الفور ليحمي صِدغه—
—وبـ -هووش- طارت القبضة في الهواء.
(...؟)
لم تدم الوقفة حتى ثانية واحدة، لكن كاميجو كان في حيرة. كانا في مدى صفري لدرجة كادت أنوفهما أن تتلامس — لا يمكن لقبضته أن تفوت. فكيف ضاعت؟
نعم – لم تَفُت، بل فَوّتها؟
ما لبث حتى جائته الإجابة. فبعد أن ضيّعت قبضته الصدغ، التفّت قبضة تسوتشيميكادو وراحت في طريقها مباشرة إلى قفا كاميجو. كأنه يلف يده حول ليعانقه.
قفا.
نقطة حيوية تُعتبر حتى في الكاراتيه والملاكمة مخالفة للقواعد، لأن لها فرصة أن تترك آثار دائمة.
صدى صوت صدمة عظيمة.
«غه—به ...آه؟!»
خارت القوى جسد كاميجو فجأة من تلك الضربة؛ فطاح جسمه مباشرة. مرّت ضربة تسوتشيميكادو التالية فوق رأس كاميجو الساقط، بصدفة أو غيرها.
ومع ذلك، لم يستطع كاميجو تحويل ذلك إلى فرصة للرد.
بسبب الضربة الشديدة الشرسة المخالفة للقواعد، سقط على الأرض غير قادرٍ حتى على رفع نفسه. ارتعشت ذراعيه غير منتظمة. وكان إحساسه بالتوازن يندثر تدريجيًا، ولم يعرف حتى أي اتجاه سيرتفع إليه. تركت القوة بطنه، وكادت محتويات معدته تخرج حيث دخلت.
إذا كانت هجمات أوريولس وأكسِلَريتر هجماتٍ تعادل لوحًا معدنيًا عملاق يغطي كامل جسده، فإن ضربة واحدة من تسوتشيميكادو تعادل طرق مسمار حديدي على نقطة ضعف لا مفر منها في هيكل الإنسان.
أمام، خلف، يسار، يمين، أعلى، أسفل، وبعيد وقريب. كان تسوتشيميكادو بالتأكيد واقفاً أمامه، لكن كاميجو كان تحت تأثير وَهمٍ أنه يتعرض لضربات من أفرادٍ كُثُر دفعةً واحدة.
«ولا تستطيع حتى أن تصمد لثلاث ثوان،» قال تسوتشيميكادو ساخراً، كأنه ينظر إلى كاميجو من الأعلى مستخفاً.
هكذا كانت الفجوة بين كاميجو وتسوتشيميكادو.
ليس أن محترفاً كان يتساهل أو يتهاون أمام عدوٍّ هاوي.
هذا الجدار غير مُنكسرٍ من المهارة، حتى وهو يظهر الثغرات، كان الفرق بين هاويٍّ ومحترف.
حتى لاعب كرة قاعدة متميز في المدرسة الابتدائية لن يمكنه الوقوف أمام لاعب حقيقي في الدوري الرئيسي.
حتى قائد نادي الجودو في المدرسة الإعدادية لن يمكنه مقاومة بطلاً أولمبيًا ذو ميدالية ذهبية.
«...أعغ...آه...!!»
رغم كل ذلك، حاول كاميجو بيأس الوقوف مرة أخرى.
كان في حالة صَعُبَ عليه حتى تحريك إصبع واحد — ومع ذلك حاول الوقوف.
«لا فائدة. كاميان، هناك مكان بالتأكيد لا يسع المرء أن يدفع جسده إليه، مهما تدرب وقَوَى، بسبب بنية الجسم البشري. إن أردت التفصيل، فابحث عن لوحة التشريح.» (Tafel Anatomie)
بمعنى آخر، كانت هذه نقطة ضعفه.
«أتدري يا كاميان، لن تغلب الإيدز بروحٍ قتالية، ولن تعالج الإيبولا بالشجاعة – الجميع يعرف ذلك. ونفس الشيء هنا. لا علاقة بالتصورات المثالية أو ما شابهها. حاليًا، لن تستطيع الوقوف من منطلق تشريحي.»
حركةٌ قذرة. (تخرق القواعد)
كل تلك التقنيات التي ستجعل قلبًا بشريًا صالحًا يتردد في استخدامها بسبب قوتها المدمرة المفرطة، رغم اعترافات عديدة لسابقيهم بفعاليتها – اختار تسوتشيميكادو استخدامها سلاحًا له.
لم يهتم بما سيقال إذا كانت تقنيات جبانة أو قذرة.
قد وضع حياته على المحك في ساحة المعركة—
لأن خسارة لتسوتشيميكادو هي خسارة لكل شيء يعزُّه ويَحميه.
«...أغغ.»
رفع كاميجو نظره؛ إلى "عدوّه" العظيم الذي ينظر إليه من فوق.
ردًا على هذا، وصلت ابتسامة لطيفة غير مناسبة على وجه تسوتشيميكادو.
«يا كاميان. ما لي شيءٌ الآن. حقاً ما لي. أيُّ موهبة في السحر كانت لدي قد تدهورت منذ زمن بعيد، والقدرات الخارقة التي أردتها كحلٍّ مؤقت توقفت عند المستوى الصفر. ربما جئت المدينة الأكاديمية مُتسللاً إليها، لكن تسوتشيميكادو لم يعد ساحراً. لم أعد في حالة جيدة للقتال.»
«ولكن،» واصل، «حتى بهذا، لم ينتظرني أعدائي.»
«ولذا،» أعلن وأكمل، «كان علي الفوز، مهما كلفتني.»
أمكن لكاميجو أن يستشعر قشعريرةٍ نسبيًا في تلك الكلمات التي المنطوقة بهدوء، وانكمش غير متعمد من سماعها.
العبقري منذ الولادة لم يعد موجودًا في أي مكان. لن يكافئ لقاء أي مجهودٍ بذله. لكن عزمه وعُندُه وإصراره على أنه احتاج الفوز كان في حد ذاته قوة تسوتشيميكادو. صقل قبضته على ساحات المعركة الجحيمية، ودرّبها في المبارزات المصيرية، وما كسبه ثمناً لهذا من الجراح العديدة كانت حركاتٍ خاصة تعتبر "مخالفة للقواعد"، فاصلة وقاتلة.
حقيقة أنها "مخالفة للقواعد" هي المراد.
لأن تسوتشيميكادو موتوهارو أراد أن يحقق النصر ولو كان قذراً.
«—كُه...»
وماذا أراد بمبالغته هذه لأجل الفوز؟
عرف كاميجو السبب، دون أن يتعب نفسه بسؤال الرجل نفسه.
ربما كان لتسوتشيميكادو شيءٌ أراد حمايته.
حتى لو كان عليه أن يزحف عبر الوحل أو يلطخ يديه بالدماء. أياً كانت الخديعة التي تعرض لها، أياً كانت الخيانة التي ذاقها، لابد أن عنده شيءٌ أراد الدفاع عنه. لذا لم يتردد تسوتشيميكادو في القيام بأي عمل، مهما كان قذرًا. أبدًا.
«—هاهه»
نظر تسوتشيميكادو إلى كاميجو المتشتت وقال ببطء: «أتقدر على هزيمتي، كاميان؟» كما لو كان يوبخ طفلاً غير معقول. «أترىٰ فوزك؟ ليس حتى على مستوى "المحترفين" أو "الهواة". أترىٰ حقاً أن كاميجو توما، طالب المدرسة الثانوية الغارق في فواتير المياه، أن يهزمني أنا؛ تسوتشيميكادو موتوهارو؟»
كاميجو لم يستطع الرد عليه.
لم يستطع أن يجيب.
«اهجع مكانك يا هاوي،» كأنه بصق الكلام. ترك كاميجو المنهار، الذي قد خسر فعلاً، وراح يقترب نحو تويا.
(تـ ، ـبًا...!!)
وهو يحدق في ظهر تسوتشيميكادو، حاول كاميجو بكل قوته أن يقف. لكن ما استطاع شيئاً وذراعاه ترتعش. بالكاد كان يستطيع دعم وزن جسمه بأكمله. وفي الواقع، سقط، وكان تحت انطباع أن الدم سيتسرب من رأسه إذا أقلق جسده تهورًا.
لكن عليه الوقوف.
كان عليه، ومع ذلك...!!
«هذا كافي،» جاء صوتٌ مفاجئ إلى كاميجو.
ما كان لتسوتشيميكادو.
كان أكثر حنية ولكن بطريقة ما مطمئنة. كان صوت والده.
ومع ذلك، علىٰ أنه رأى ذلك...
...كاميجو تويا لم يتراجع حتى خطوة واحدة.
«لا أفهم الوضع تمامًا، لكن إذا كان لديك ما تريده مني، فأنا لك. لكن لا تمس يدًا أخرى لتوما. ليس له علاقة. لا، ولو كان كذلك، لن أسمح لك. أبدًا لا.»
«...هَه،» قال تسوتشيميكادو بسرور.
بالطبع، لابد أن تويا مذعور. إنه مجرد موظف مكتبي. هو هاوٍ يرتعش حتى في مشاجرات الأزقة الخلفية، ناهيك عن معارك المحترفين.
«سأقول مرة أخرى. لا تمس يدًا أخرى لتوما. لن أقبل ذلك. تذكر كلامي، لن أسامحك أبدًا ما حييت. فهمت؟ أبدًا ما حييت.»
مع ذلك، تحدث تويا. واقفاً مباشرة ضد ساحر محترف.
ما احتاج أن يشرح منطقه. إذ أن هذا كان شكل الأب في عقل تويا.
«أضحكتني. لا تظن حقاً أنك تهزمني بالغضب وحده، ها؟»
«لا، لا أظن.» قهقه تويا مستنكراً. «ما أنا إلا رجلٌ كهل. رئتي وكبدي في خراب من السجائر والكحول، وجسدي هشٌّ لم يتمرن منذ زمن؛ ولقد أصابه ضرر كثير وصدمات من كل هذا. ومع ذلك—» نظر تويا مباشرة إلى الساحر. «سأظل لن أسامحك أبدًا. ولو لم أكن ندًا لك، ومهما خسرت من مرات، لن أسامحك. أنا هاوٍ، وهذا يعني أن ليس لي مجال للاستسلام أو التفاوض. وإذا لم تفهم، فاسمح لي أن أقول لك شيئًا،» قال، محاولًا تحديه.
لأن يكون في موقف مساوٍ مع الساحر؛ تسوتشيميكادو موتوهارو.
«أنا والد كاميجو توما. أعيش بفخر بهذه الحقيقة كل يوم.»
سمع كاميجو تلك الكلمات.
وفكر.
كاميجو تويا ما اشترى غير التذكارات الغريبة، وكان مهووسًا بزوجته حتى في هذا العمر (علىٰ أنها كانت إندِكس حاليا)، رأىٰ فيه انطباعًا غير موثوق بطريقة ما، وربما لن يفيد مساعدةً حتى ولو قليل فيما يتعلق بفقدان ذاكرة كاميجو أو عالم السِحر. هذا الرجل كهل كان، بعبارة أخرى، على الأرجح أضعف جسديًا من طالب إعدادية. أما بالنسبة للقتال – كان أمرًا غير وارد إطلاقاً.
لكن كاميجو تويا كان والده.
ما كان هناك أبٌ أقوى وأكثر موثوقية منه.
«...!!»
أعساه يشاهد ويستمع رغم ذلك؟
أيمكنه أن يشاهده يُقتل بصمت من قبل هذا الساحر اللعين؟
(...لن أغفر لك...)
ارتعشت أصابعه.
(...لهذه الحماقة...)
عضَّ أسنانه. حاول بكل قوة تحريك عضلاته، ولكنها لم تستجب كأنها انقطعت.
عبئ أصابعه بالقوة اللازمة لكي تُمسك بالأرض.
(لن أغفر لك لهذه الحماقة!)
جاء دقٌ من داخل جسم كاميجو وكأنه تشقُّق.
لكن كاميجو لم يهتم. لم يكن جسده في حالة تسمح له بالألم على أي حال.
بالكاد رفع جزءه العلوي كما لو كان يقوم بتمرين الضغط.
«كفى يا توما!» حثّه تويا. علىٰ أنه لم يفارق نظره عن الساحر المحترف لحظة واحدة وأعلن الحرب عليه، إلا أنه بدا كأنه على وشك البكاء عندما نظر إلى كاميجو المدمر.
«لا تقلق عليّ. من كلامكما، أدركت أنني جلبت شيئاً فظيعاً. لذا يا توما، لا عليك، لا داعي أن تقف بعد الآن»، توسل بتعب. لم يكن هناك طريقة لإيقاف كاميجو في هذه النقطة.
تلوى كاميجو وأصدر تكسرًا وصريراً كدمية اختربت تروسها. لم يستطع تويا تحملها، فأكمل: «كلٌّ على ما يرام. لن تنقذ أحدًا بحمايتي بهذه الشدة. لذا يا توما، لا تقف. من فضلك، ابق—»
«كف... عن هراءك هذا!» تدخل كاميجو.
بدا وجه تويا متفاجئًا؛ عض كاميجو على أسنانه وقال:
«أحدًا أنقذه؟ هو هنا أمامي. سأسعد لو بقيتَ حيًا!»
اختفت الحركة من وجه والده، كما لو أن الزمن توقف داخل جسمه.
في النهاية، هذا كل ما كان عليه الأمر.
رغب كاميجو توما ببساطة في أن يعيش كاميجو تويا، وإن أتت أسبابٌ تمنع هذا.
لأن تويا لم يفعل شيئاً خاطئاً، صح؟
بالطبع، كان يعلم أن هذا ليس أمرًا يُغفر له فقط بالقول إنه لم يحمل نيةً سيئة. كما كان واعيًا تمامًا بأنه لم يكن هناك وقت ليسأل عن كل شيء.
لكن تويا لم يفعل شيئاً خاطئاً.
كل ما أراده هو حماية ابنه.
هذا كل شيء.
حقاً هذا كل شيء... ولكن...!
ولكن، جُرَّت مشاعر تويا عن طريق الصدفة إلى سقوط الملاك، والآن كان يُتهم بالجريمة بلا سبب وكان الناس يحاولون قتله من نحسه.
نحس.
نحس، نحس، نحس، نحس!!!
«خـ—»
لِكَلمةٍ غبية متهورة كهذه، سيُقتل تويا؟ لا، لا يمكن أن يسمح بذلك مهما كان الحال، مهما كان السبب. ضخَّ كاميجو القوة في ساقيه. في تلك الرجلين التي لا يجب طبيًا أن تتحرك بعد الآن. كأنه يقول إنه سيقف مجددًا ولو أصبح جثة.
شزر شزرةً إلى الساحر الذي نظر إليه من الأعلى، وفي عيونه بريقٌ منذر.
—‹وإذا لم تفهم، فاسمح لي أن أقول لك شيئًا،›
—‹أنا والد كاميجو توما. أعيش بفخر بهذه الحقيقة كل يوم!›
«أوووووووووووووووووووووووووووووووووههه!!»
زائراً صوب السماء، وقف كاميجو توما.
فقط فعل ذلك أرسل صرخات من كل عضلة وعظم وعضو ووريد في جسده.
ولو؟
(أحسبت أن شيئًا كهذا يكفي لإيقاف كاميجو توما؟)
كوحش جريح، شزر كاميجو في عدوه أمامه.
العدو أمامه...
ما كان موضوعًا للإرهاب، ولا جدارًا من اليأس.
كان عدوًا عليه أن يهزمه بيديه.
«أحدث خطأ...؟ أم مهلا، أكانت نتيجة لجرأته حيث أنه اتخذ خطوةً كبيرة أقرب لرجفة دماغية؟» همهمَ تسوتشيميكادو في نفسه، وبدا متفاجئًا قليلاً، لكن لم يعد كاميجو قادرًا على الإجابة.
نظر تسوتشيميكادو إلى بريق عيني كاميجو، ثم رفع زوايا فمه وابتسم.
«هَه، أراك صرت جادًا، ها؟ هذا ما يعنيه أن نكون متساويَين. حسنٌ، سأقبلك. من الآن فصاعدًا، كاميجو توما هو عدو تسوتشيميكادو موتوهارو» أعلن بتعبير مسترخٍ، مُديرًا وجهه صوب كاميجو.
كأنه يقول أن تويا كان يعيق بينهمت، فدفعه جانبًا. قد حاول تويا أن يوقف تسوتشيميكادو، لكن...
«لا تلمس أبي بيديك القذرتين! وإلا سحقت رأسك يا حثالة!!»
توقفت حركات تويا، ليس بفعل "العدو" تسوتشيميكادو، بل بفعل "الحليف" توما.
تبادل كاميجو وتسوتشيميكادو النظرات في الفضاء المحدود للغرفة. بالنظر إلى حالة كاميجو، كان تسوتشيميكادو يحتاج فقط إلى شراء بعض الوقت وسينهار بنفسه، لكن لم يبدو أن تسوتشيميكادو يفكر في ذلك.
سيقتل عدوه أكيد. سيقتله حتمًا في لحظةٍ ترمش لها العين.
كأنه يخبره بأن هذه كانت كياسةً (مجاملةً) تُقدم لأولئك الذين وقفوا ضده، اختفت الابتسامة من وجه تسوتشيميكادو. جهّز ذراعيه الطويلتين في وضعية ملاكمة، لكن كاميجو ابتسم قليلاً له في المقابل. سيأتي عليه بكل بطشه. لهذا ابتسم – لأنه عَلِمَ أن هذه هي طريقة تسوتشيميكادو في احترامه.
صنع كاميجو قبضة ما بها قوة، واستعد بصمت.
ثانية من الفراغ جالت بينهما.
لمس كاميجو وتسوتشيميكادو بلطف أيدي بعض مرةً فقط ثم—
في لحظتها، بدأا.
بدوسة عالية، غطس تسوتشيميكادو مباشرة نحو كاميجو في خطوة.
هذه المرة، سحب كاميجو ساقاً إلى الوراء حتى لا تدهس قدمه كما السابق.
ومع ذلك، لم تٌغير حقيقة أنه اقترب منه.
في مدى قريب جدًا، بل في مدى يمكن أن تلامس أنوفهما بعض، رمى تسوتشيميكادو لكمة. كانت لكمة خطافية من اليمين، ترسم هلالاً جانبيًا — تهدف لرج دماغه!
«...!!»
في الحال، حرك كاميجو يده اليسرى إلى قفاه لحمايته. كانت هذه الضربة قد هزت مخيخه مباشرة، المسؤول عن توازنه. كانت ضربة قاتلة حقيقية، وإذا ضربته ثانيةً، فإن الموت منها كان حتميًا.
ومع ذلك على عكس توقعاته، لم تأتِ أي ضدمة لتضرب ذراعه اليسرى المدافعة.
عندما نظر، رأى أن تسوتشيميكادو قد أعاد بيده اليمنى المُأرجحة إليه في منتصف الطريق وكان يعد هجومًا مختلف.
(تمويه؟!)
الحركات القاتلة — كان ساذجًا ليعتقد أنها مهارات ستهزم العدو دائمًا عند استخدامها. كانت تقنية مطلقة تمامًا تكفي باسمها وحده أن تُرهب العدو وتجعله يستسلم دون أن يستخدمها حتى. لهذا كانت تسمى بلفظ "الموت المحقق".
لكن عندما أدرك كاميجو ذلك، قد فات الأمر. قد قدّم يده ليحمي قفاه وترك ما دونه مكشوفاً. كان بدون دفاع، ينتظر فقط وصول ضربات تسوتشيميكادو لجسده المكشوف.
من ناحية أخرى، لم تضيّع حركات تسوتشيميكادو أي حركة.
يده الأخرى، اليسرى، لم تشكل قبضة. بل كانت مفتوحة مسطحة وأسرعت عبر الهواء بسرعة مرعبة ورطمت أذن كاميجو. -طع!- اصطدام مباشر تسلل إلى طبلة أذنه وقنواتها السمعية، وضعّفت ساقيه وأخرت عنها القوى. تدمر توازنه.
«غِه... غه، آه—؟!»
تلاشت قوته مع هجوم واحد. عرق بارد اندلع في جسمه.
سارت ذراع تسوتشيميكادو اليمنى نحو كاميجو، الذي كانت ركبتاه تترنح وكانت تسقط، دون إضاعة لحظة. لم تكن قبضة، بل كانت ضربة كوع أشبه بالمطرقة. علىٰ أن كاميجو رأى ذلك، لم يتمكن من إرسال أوامر إلى أطرافه المنهكة. لم تصب ضربة تسوتشيميكادو بمرفقه اليمين وجهه أو صدره — بل مباشرة نحو حلقه.
رنّ صوت الاصطدام!!
توقف نَفَسُ كاميجو. أن لم تتحطم قصبة هوائية، فذلك لا يقل عن معجزة.
انهارت ركبتاه.
بغض النظر عن مدى صموده، وعن مدى محاولته التحمل، لم يستطع جمع المزيد من القوة.
«... غاه-آاااهه!»
ومع ذلك، ضغط كاميجو بقوة شديدة على قبضته.
علىٰ أنه انهار نحو الأرض، إلا أنه عض شفته وألقى قبضة يده اليمنى نحو وجه تسوتشيميكادو.
القبضة اليائسة، بكل قوته عليها، اصطدمت مباشرة.
ولكن لم تصدر أي ضجة أكثر من ذلك.
لم يُحَمّلها قوة أكثر وما كانت لديه.
إذا توقف وشاهد، سيسقط كاميجو على الأرض. ومع ذلك، ضرب تسوتشيميكادو ركبته فيه، يُمطِرُهُ بضرباتٍ من تحت إلى قاع معدته.
جسد كاميجو، الذي ضربته ركلات الركبة كالثور المتجهم، ارتفع في الهواء.
لم يتمكن من الحفاظ على توازن جسمه العائم، وسقط بقوة على الأرض مرة أخرى.
تحدث تسوتشيميكادو.
«هذه عشرة ثوانٍ. سأمدحك لذلك، كاميان.»
لم يتمكن كاميجو من الرد.
عجز عن تحريك أطرافه هذه المرة. لم يستطع حتى أن يُحرّك إصبعًا. لا، كان من غريب أنه تمكن من الوقوف حتى الآن في المقام الأول. هجوم تسوتشيميكادو الآن كان كمن يوجه ركلة بركبته إلى مريض تحت التخدير في غرفة العمليات؛ وقد انفتح صدره من بعد الجراحة.
في هذا الموقف، حيث كان بقاؤه على قيد الحياة معجزة...
لا يزال كاميجو لم يستسلم، وهو يحدق بتسوتشيميكادو، الناظر إليه من الأعلى.
« . !!»
صاح تويا بشيء واقترب. انحنى بجوار وجه كاميجو وكان يصرخ، لكن الصوت لم يصل أذنيه. كل ما كان يعلمه هو أن وجهه بدا جاهزاً للانفجار بكاءً.
(أحمق. الشيء الذي عليه أن يكون قلقاً بشأنه الآن هو حياته، فلماذا؟)
لم يرغب في فقدانه.
فكر كاميجو. حفر عميقاً في عقله وفكر. لم يرغب في فقدان هذا الأب. بينما كانت حياته على وشك أن تُخذ الآن حتى، لم يتمكن الأبله من التفكير في أي شيء سوى ولده. كان شخصًا لم يكن كاميجو يرغب أبدًا في فقدانه.
ومع ذلك، لم يتمكن من تحريك أي أطراف من جسده لصالحه.
بينما كان تويا يصرخ بشيء، اقترب تسوتشيميكادو، مستعدًا بقبضة. أمكن كاميجو المشاهدة، لكن بدون القدرة على تشغيل أطرافه، لم يستطع سوى أن يصرّ أسنانه غضبًا. كما لو كان يضرب حشرة تطير أمامه، تسوتشيميكادو أعطى تويا الذي اقترب صفعة جانبية. بهذا فقط، مال جسم تويا إلى الجانب، ثم انهار على الأرض.
بدت وكأنها ضربة رحمة — لكن هذا غير صحيح. لقد ضرب تسوتشيميكادو بدقة أذن تويا، مما ألحق ضررًا مباشرًا بأذنيه وقنواته السمعية وأفقده الوعي.
ومع تأثير صدمة إضافي داخل جسمه، كاميجو تويا لم يتحرك.
لم يعد يتحرك.
«...!»
ما زال كاميجو منهاراً على الأرض، يحدق بتسوتشيميكادو، الذي نظر إليه بدوره وأعلن: «اسمع يا كاميان. هكذا الأمر. من غير الممكن الآن أن تصل إلى منزلك خلال الوقت المحدد حتى لو قدت سيارة فيراري. الطريقة الوحيدة الباقية لوقف سقوط الملاك هي التضحية بأحدٍ ما. تفهم، صح؟ ورغم ذلك، لن تقبل هذه الطريقة؟»
لم يكن من المفترض أن يكون قادرًا على سماع أي شيء، ولكن لسبب ما، وصل صوته إلى أذني كاميجو عاليًا وواضحًا.
لذلك استجاب.
«...بالطبع لن... أقبل.» لم يعرف ما إذا كان يُسمع أم لا، لكنه استمر. «لماذا أقبل مثل هذا الهراء؟ لا أريد نهاية غير أن يبتسم الجميع ويعودون إلى المنزل معًا!»
«فهمت.» رد تسوتشيميكادو.
هكذا كانت.
«—سيداتي وسادتي، الليلة ترون السحر المقدم لكم بالخدع والأجهزة. (الآن ترسيم المنطقة. استخدام العاصفة الثلجية الورقية لتطهير العالم الحالي من الفساد وإنشاء مكان من خلال المراسم.)» [2]
أخرج تسوتشيميكادو علبة فيلم من جيبه، فتح غطائها، وبدأ يرش محتوياتها.
سحابة ضخمة من شظايا الورق بلغ طول كل واحد منها حوالي سنتيمتر واحد، وتطايرت في كل مكان في الزوايا الأربعة.
«—هذا هو مسرحنا اليوم. عليّ أولاً أن أحضر تحضيرات متعبة. (تقييد الحاجز. تثبيت الاتجاهات الأربعة، ترتيب الأختام الأربعة، واكتساب الأصول الأكثر قيمة.)»
تجمد الهواء من حولهم.
تغير الهواء. تغيّر من أجواء ليلة حارقة استوائية إلى وسط غابة عميقة في الربيع.
«—الآن، سأقدم مساعديني. (طي أوراق الأوريغامي، تحويلها إلى [كامي] هابط، وتشكيل بيئةٍ تجهيزاً لزيارة [الشيكي].)»
بدون أن يكترث لذلك، تمتم تسوتشيميكادو أكثر وفتح أربع عُلب فيلم.
سلحفاة، نمر، طائر، تنين. رمى علب الأفلام التي تحتوي على تلك الأوراق الأوريغامي الصغيرة في الغرفة.
«—اِعملوا يا الأغبياء. غينبو، بياكو، سوزاكو، سيريو. (أوصيكم يا أربع حيوانات. شيكي أسود شمالي، شيكي أبيض غربي، شيكي أحمر جنوبي، وشيكي أزرق شرقي.)»
استجابت الجدران الأربعة حولهم لكلمات تسوتشيميكادو وبدأت تتوهج بشكل خافت.
أسود، أبيض، أحمر، أزرق. بدأت الجدران الأربعة تشع بلون الأوريغامي من علب الأفلام.
«—المسدس اكتمل. الآن تعشيق الرصاصات. (أقدم المنطقة قرباناً لإطلاق الشيكي. تجلي المكان لاستدعاء الشيكي المُقسّمي.)»
(هذا سحر.) فكر كاميجو.
يمكنه بسهولة قتل الرجل بقبضة فقط، فما فائدة العرض لكاميجو العاجز؟
«—الرصاص سيكون رصاصًا وحشيًا يتخطى السخافة. (تنوع الشيكي مستخدمٌ للكاهنة الشريرة المتطرفة عند ساعة اللعنة.)»
لكن انتظر لحظة.
شعر كاميجو بشيء غريب ونظر تفاعليًا إلى وجه تسوتشيميكادو.
«—الآن طبّق الحاجز على المسدس. (هذا الحاجز بمثابة الدمية.)»
كان تسوتشيميكادو يبتسم.
تسوتشيميكادو موتوهارو كان يبتسم كما لو كان يتمتع حقاً.
«—الآن تطبيق الشيكيغامي على المسدس. (إطلاق الشيكيغامي كالمسمار.)»
من زوايا شفاه تسوتشيميكادو المبتهجة انزلقت الدماء.
وعلى الرغم من ذلك، لم يتوقف عن الحديث.
«—يدك على الزناد، الآن. (استخدام قبضتي بمثابة المطرقة.)»
الإسبر لا يمكنه استخدام السحر.
كان تسوتشيميكادو قد أخبره بذلك من البداية. بجسده الذي لا يجب أن يستخدم السحر في المقام الأول، كان قد وصل حده بالفعل حينما كافح سقوط الملاك. قد قال له إنه إذا استخدم السحر مرة أخرى، فإن جسده المكسور سيهلك.
إذن لماذا كان يحاول استخدام السحر أصلا ولما؟
هاوٍ كتويا يجب أن يكون من السهل قتله بإحدى تلك اللَكَمات.
قال تسوتشيميكادو مبتسمًا: «أخبرتك يا كاميان. هناك طريقتان لوقف سقوط الملاك. الأولى هي بقتل صانعه، والثانية هي بتدمير الدائرة السحرية تمامًا.»
(أيمكن أنه...)
لم يكن هناك حاجة له لأن يتجاوز الحدود ويستخدم السحر لقتل تويا، الصانع.
إذن، "الحل" الذي تحدث عنه تسوتشيميكادو...
«كانزاكي لطيفة جدًا» قال بشكل متقطع. «إذا قلت لها أنني سأستخدم شيئًا كهذا، فسوف توقفني أكيد. فهذا طبعها.»
كما لو كان يقطعه سكين غير مرئي، جرى الدم من أماكن مختلفة على جسده.
هكذا، كان تسوتشيميكادو يقول. لوقف هذا الموقف، كان يجب أن يُضحى بأحدٍ ما.
لكن تسوتشيميكادو لم يذكر ذلك أبدًا...
لم يذكر أبدًا أنه كان سيقتل كاميجو تويا.
تسوتشيميكادو كان يتمزق في هذه اللحظات، لكنه لا يزال يبتسم.
علىٰ أنه الشخص الذي يفهم أفضل من غيره ما يحدث للإسبر الذي يستخدم السحر.
علىٰ أنه خان كثيرًا وتعلم العديد من الحِيَلِ القذرة التي تنتهك القواعد بالضبط لأنه فهم ذلك جيدًا.
«كف...»، همس كاميجو رغم نفسه.
ومع ذلك، قال تسوتشيميكادو: «كه هِهِهِه، علمتُ أنك ستقول. فكرت أنك ستقول ذلك، ولهذا لا تستطيع التحرك بعد الآن، أليس كذلك؟ كاميان، أنت وكانزاكي تشبهان بعض كثيرًا، أتدري؟ إذا علمتَ أنني سأستخدم مثل هذه الطريقة، لأوقفتني بكل قوتك بلا شك. صح؟ وإن لم يكن ذلك صحيحًا، فلن أملك سببًا لحمايتك.»
ابتسم كطفل.
يا... للقصة الجنونية.
ظن أن تسوتشيميكادو قد أصبح قويًا من أجل شيء مهم يعزه، ولكن ما كان في الأمر شيءٌ كبير. ما أراد إلا أن يحمي حياته المدرسية التي كان يعيشها، علىٰ أنه كان يعلم أنها مزيفة وأنه بنفسه كان مزيفاً.
«هَهَه، ماذا؟ كل شيء تمام. مستوى سقوط الملاك هذا — يمكنني أن أفجر الموقع الطقوسي بأكمله من مسافة بعيدة جدًا. تخصصي هو المراسم السوداء. للأسف، قد سرق [قوة الإله] هذا مني. لكنني على استعداد لاستخدام المراسم الحمراء من حين لآخر أيضًا» أعلن ببساطة.
ومع ذلك...
«آسف إني دعستك وضربتك يا كاميان. لربما كان عليّ أ، استخدم الكلوروفورم من البداية، لكنك لن تفقد الوعي ولو ضغطت على فمك قطعة قماش مبللة؛ فهي تستغرق بضع دقائق. ومع وجودك يا كاميان، لم أستطع أن أنظر إلى تلك الدقائق بتفاؤل أبدًا. ففي النهاية ليس لدي الكثير من كرات الباتشينكو المتبقية أيضًا، لذا اتخذت قرار استخدام تدابير قاسية. لا يمكنني أن أسمح لهذا السحر بالفشل. بهذه اليد اليمنى — إذا أعاقني الإماجين بريكر... هو ليس ممكناً على أي حال، لكنه بالتأكيد ليس صفراً، صح؟» قال تسوتشيميكادو مغمضًا عينيه ببطء.
«هَي، كاميان. الناس يموتون بسهولة. حقاً يموتون بسهولة. أعرف ذلك. لذا في أسوأ الحالات — إذا كانت هناك نسبة مئوية واحدة من الفشل — فعلي أن أسحق تلك الاحتمالية بالتأكيد. هذا ما تساويه حياة الإنسان، صح؟»
ولذا، لكي لا يكون لهذا السحر حتى تلك الفرصة الضئيلة للفشل، لكي ينجح بغض النظر عن كل شيء...
«كاميان، ما عليك من شي،» أعلن.
لكن ذلك كان...
إذا استخدم تسوتشيميكادو موتوهارو، المصاب داخليًا الآن، السحر ثانية...
«ههههه. "إن كانت هناك قاعدة ظالمة تقول بأن على أحدٍ أن يُضحى، فإني سأدمر ذلك الوهم اللعين أولاً"، ها؟ أحسنت القول في هذه. لم تكن موجهة إليّ، لكنها جعلتني أفكر»، قال تسوتشيميكادو، متذكرًا شيئًا.
ارتدى ابتسامة هادئة، مثل تلك التي لدى المريض على وشك الموت.
«أحمـ..ـق... كفى...»
حاول كاميجو بيأس أن يمد يده. لكنها لم تصل. في الواقع، لم يستطع حتى تحريك إصبعه. علىٰ أن تسوتشيميكادو كان أمامه. علىٰ أنه أراد إيقافه الآن.
نظر تسوتشيميكادو إلى كاميجو وقال...
«آسف، لا أستطيع تلبية طلبك والكف الآن.»
قال، كما لو كان يقدم كلماته الأخيرة حقًا لصديق،
«هل نسيت يا كاميان؟ أنا في الحقيقة كَذابٌ كبير، نيان~.»
تمامًا هكذا.
أمام عيني كاميجو توما.
تسوتشيميكادو موتوهارو كان يرتل بصوته، بالطريقة نفسها دائمًا، التلاوة الأخيرة.
غسلهم ضوءٌ أبيض مُعمي، وانفجر طنين شيء ما أُطلِق في سماء الليل. وكان الدوي، الذي بدا كصرخة وحش، يخترق سماء الليل ويطير بعيدًا نحو نقطة واحدة.
أكان ذلك الاتجاه منزل الكاميجو؟
هل سينهي كل شيء بهذا الهجوم الأخير؟
يبدو أن الضرر الذي تلقاه من الضربات العديدة بدأت أخيرًا ترن في داخله، وبدأ وعي كاميجو في الاختفاء.
سمع صوت شيء يسقط ببطء. كدمية رموها بعد أن مَلّوا منها، انسبلت أطراف تسوتشيميكادو ثم سقط على الأرض.
بدأت سماء الليل، والبدر العملاق الذي يطفو فيها، تعود إلى الشفق المشتعل.
وكان الليل، الذي انقلب بفعل سحر قوة الإله، قد تغير ثانية إلى وهج المساء.
بجانب شاب معين نامت فتاة.
كانت هيئة إندِكس، بعد أن تم تخديرها بمُنوّم — CHCl3.
بدأت صورتها تتلاشى وتَتَبهّم. ثم في لمح البصر، تحولت هيئة إندِكس، التي كانت مستلقية على الأرض، إلى هيئة امرأة مختلفة. كاميجو شِينا. أم شابٍ مُعَيّن.
بدأ الاستبدال ينقضي.
بدأ سقوط الملاك ينقضي.
«تسو...تشي...ميكادو؟»
الشاب الذي ضُرب بقسوة حتى فقد الوعي في نهاية ألمه الشديد، قال ذلك.
ما سمع جواب.
في الفجوة بين وجه تسوتشيميكادو والأرض، كان السائل الأحمر يتدفق تدريجيًا.
غرق جسده بصمت في بحر من الدماء.
ولكن على الرغم من ذلك، لم يتحرك تسوتشيميكادو.
لم يتحرك إصبعًا.
اختر اسم وأكتب شيء جميل :)