-->

المقدمة: عالمٌ موازي في العالم الواقع.

(إعدادات القراءة)

28 أغسطس، وكانت السماء صافية.

استيقظ طالب المدرسة الثانوية، كاميجو توما، على صوت أنثوي ناعم يناديه: «أوني-تشان!»

«...ها؟ ما هذه الصيحة التي تبعث القشعريرة؟»

فتح كاميجو عينيه نصف مفتوحتين، ولا يزال نعسًا. رأى البطانية التي كانت تغطيه في وقت ما ملقاة بجانبه ومنقبضة في شكل كرة.

ظنّ أنه سمع صوت فتاة في الجانب الآخر من الباب.

رأىٰ في طرف عينه غرفة على الطراز الياباني بحجم ستة حصائر تاتامي. تغطت الأرضية بحصائر تاتامي مُهترئة، ورأىٰ ضوءًا فلّوريًا بغطاءٍ مربعٍ قديم في السقف، وباب منزلق للخزانة ملطخ بشيء زيتي، وباب خشبي بمفتاح بسيط ربما يؤدي إلى الحمام أو غير هذا. بدلاً من مكيف هواء، وَجَدَ مروحة كهربائية جسمها البلاستيكي بلون أصفر باهت. إذا رفع أنفه قليلاً، لعلّه يشم الملح.

لم يكن في شقته ذات الغرفة الواحدة في سكنه الطلابي. لم يكن حتى في المدينة الأكاديمية.

كان عند شاطئٍ مُعَيّن في محافظة كاناغاوا – في العالم العادي – في غرفة ضيوف في الطابق الثاني من منزلٍ شاطئي يُدعى واداتسومي، أي "إله البحر" باليابانية.

كان والدا كاميجو وإندِكس في غرفهم.

«...صحيح... قد خرجنا، ها؟» تمتم كاميجو لنفسه، ورأسه مُشوّشٌ مُغَيّم.

مدينة الأكاديمية، المنظمة لتطوير القدرات الخارقة التي يعيش فيها كاميجو، تقع في المنطقة الغربية من طوكيو. لذلك، لم يكن هناك شيء أكثر بُعدًا لسكان المدينة المحاصرة بالأرض من الشاطئ. (على الرغم من وجود مسابح شبيهة بالأحواض المائية إذا ذهبت إلى مدرسة مصايد الأسماك أو ما شابه.)

وأيضًا، وبالنظر إلى أسرارها، وكذلك بسبب التهديد المحتمل لاختطاف الطلاب (أي: سرقة عينات الاختبار)؛ كانت المدينة الأكاديمية تكره بشدة السماح لطلابها بالخروج من جدرانها. الحصول على الإذن للخروج يتطلب ثلاث طلبات كتابية، وزرع أجهزة مجهرية في مجرى الدم، وترتيبات ولي الأمر قانونياً...

(لكننا حقاً أتينا إلى الشاطئ، ها؟)

فرك كاميجو ذراعه اليمنى العليا. لم يستطع أن يشعر بآثار تلك الإبر غير المؤلمة بلمس الأماكن التي أُدخِلَت فيها. ما كانت أكثر من لدغات بعوض.

كانت حالته بالذات غير عادية. عادة، يملأ الطالب الطلبات ويطلب بأدب من المعلم السماح له بمغادرة المدينة. لكن معلمة كاميجو أمرته بكل حُب: «انقلع للخارج يا غبي».

قبل حوالي أسبوع، هزم أقوى مستوى 5 في مدينة الأكاديمية.

علىٰ أنك لن تجد تفاعلاً كبيرًا بين الطلاب خلال العطلة الصيفية، إلا أن شائعات نزاعهما قد انتشرت في المدينة بسرعة. ومع ذلك، لم تؤد إلى اعتراف مفاجئ بقدرات كاميجو توما.

بدلاً من ذلك، بدأت مجموعة من المعاتيه في المدينة لعبة بقاء ضخمة مع اعتباره فريسة في مركزها، تحت انطباع أنهم إذا تمكنوا من ضرب "ذلك الأحمق صفري المستوى"، فإنهم سيحصلون على لقب الأقوى في المدينة الأكاديمية.

وكان كبار القوم في مدينة العلوم هم أكثر الناس انزعاجًا من الضجة. فقالوا له: «اسمع يا كاميجو-سان. سنصلح هذه الفوضى بمعلوماتنا وأيدينا، لذا انقلع إلى مكان لن تُسبب فيه فوضى غير ضرورية، يا غبي.» وهكذا وجد نفسه هنا.

(ومع هذا، أشعر بعداوةٍ واضحة في المكان الذي اختاروه لي.)

تثاوَب الفتى تثاؤبًا كبيرًا. وجد قناديل البحر العملاقة منتشرة كثيرة على ساحل المحيط الهادئ هذا العام، ومن موجة الحرارة، بالكاد سترىٰ سُيّاحًا على الشاطئ. وحتى لو كان الحال هدوءًا وتمام، كان مطلوبًا منه أن يحضر أولياء أمره القانونيين معه إلى العالم الخارجي – أي، والديه. لاختلف الأمر لو رافقته فتاةٌ شابة ظريفة أو امرأة كبيرة جميلة. أحزنه هذا بعض الشيء، أكان عليه حقاً أن يلعب مع والديه في الشاطئ في هذا العمر؟

ومع ذلك، إن كان هذا ما يلزم لإنهاء الفوضى، فعليه أن يقبل بذلك.

بانتصاره على أقوى إسبر امتلكته المدينة الأكاديمية، أجبر مشروعًا كبيرًا مرتبطًا بالعديد من معاهد البحث على التوقف. وربما كسب أيضاً عداوة أشخاص ذو سلطة. لم يمارسوا عليه ضغطًا كبيرًا، ولكن السبب الوحيد لذلك ربما كان لأن الشائعات حول معركته مع أكسيلريتر وضعته في دائرة الضوء العامة. إذا اتخذ العلماء أي تدابير جذرية، فإن الناس سيعرفون ذلك على الفور.

ومع ذلك، كان كاميجو المتعب النعس يفتقر إلى شعور مُعَيّن بالإثارة.

(...أوف، حيل تعبت. أتساءل ما إذا استيقظوا؟)

فكر بشكل ضبابي في الأخت ذات الرداء الأبيض. غالبًا كانت تشخر في الغرفة المقابلة بمفردها. إذا كان عليه أن يصنفها، فستكون "شابة ظريفة". لسوء حظه، تساءل إن كان هناك أي شخص قد يرىٰ جسدها الطفولي في ملابس السباحة ثم يفكر —والدمع يملء عينيه— أن جميع أمنياته الصيفية قد تحققت.

علىٰ أن مفاجأةً مخيفة قد أصابته في قسم ملابس السباحة في المتجر عندما خرجت الفتاة من غرفة التغيير.

وفوقها مفاجأة مماثلة عندما رأىٰ عدد الأصفار على سعر ملابسها السباحة.

وبالمناسبة، ما خطط في الأصل أن يأخذ الراهبة ذات الرداء الأبيض إلى منزل الشاطئ "واداتسومي"، إطلاقاً. كان من المفترض أن تبقىٰ خلفه. كان عليها وعلى قط الكاليكو البقاء في بيت المعلمة كوموي، وكان قد اشترى لها ملابس سباحة بِنيّة أنها ستلعب في مسابح المدينة الأكاديمية.

كان واضحًا من نظر؛ أنها لم تكن من المدينة. فقد كانت متسللة إليها. إذا ذهبوا ببساطة إلى الحدود، فسيُقبض عليها من قبل الأنتي-سكيل. لم يكن بإمكانها تقديم طلب للخروج أيضًا.

ومع ذلك، كانت الأخت ذات الرداء الأبيض صمّاء صمخاء تجاهلت كل هذه الاعتبارات. أمَرَها بأن تعتني بالمكان في غيابه، ولكن في النهاية، لم يستطع تحمل نظرتها الباكية أكثر.

ولذا، قَبِلَ تحدي تهريبها.

ببساطة، استدعى كاميجو سيارة أجرة، وأدخل إندكس في المقعد الخلفي غضبًا، وحاول تخطي حدود المدينة هكذا. كان كاميجو قلقاً جدًا بشأن احتمالية نجاح هذه الطريقة البائسة، وبالفعل، تم إيقافهما. على ما يبدو، كانت نقطة التفتيش مزودة بكاميرات تحت الحمراء أو ماسحات التصوير بالرنين المغناطيسي أو شيء من هذا القبيل.

عندما فكر في احتمالية القبض عليه، تجمد كالغزال أمام الأضواء. ومع ذلك، لم يكن مسؤول إدارة البوابة غاضبًا حقيقة. بعد الرجوع إلى حاسوبه، قال شيئًا عن وجود هوية ضيف مؤقتة مسجلة لها.

بالطبع، لم يتذكر أي من كاميجو أو إندكس أي شيء من هذا القبيل.

(من فعلها؟ من سَجّل إندِكس؟)

يتطلب التسجيل للحصول على هوية إدخال بصمات الأصابع وبصمة الصوت ونمط شبكية العين للشخص في جهاز. اِعتَقد كاميجو أنه ممكن جدًا أن يُسرق صوت الشخص ومسحية شبكته العينية باستخدام كاميرة فيديو عالية الدقة أو من هذا القبيل. وزيادة، يمكنك بسهولة جمع بصمات الأصابع باستخدام غبار الألومنيوم أو الكربون، تمامًا كما يفعل الشرطة للمجرمين.

لكن لماذا قد يَتعنى أحدٌ كل هذا العناء لأجلهما؟

تشكك كاميجو طوال الوقت، لكنه لم يُظهرها. لا داعي لإعطاء المسؤول عن إدارة البوابة أي سبب للشك.

وما إن نثبت يد إندِكس ليعطيها حقنة آلة النانو (استخدموا في الواقع إبرة بعوضة، لذا كانت غير مؤلمة)، عبر الثنائي البوابة بشكل قانوني، وفيهما ارتباك نوعًا ما.

(آخ... نعسااان...) فكر كاميجو نصف واعي، وهو يغطي نفسه بالبطانية من رأسه إلى أخمص قدميه ويسلم جسده مرة أخرى للنوم. لا يزال الصباح وقتاً يصيبه بالنعس، بصفته من كان يسهر كل ليلة خلال العطلة الصيفية. كقطعة حلوى ذائبة ومترهلة، استسلم للنوم، لكن بعد ذلك سمع صوتاً أنثوياً جميل مرة أخرى يتسرب من الباب قائلاً: «أوني-تشان، قُم!»

(لابد أن مثل أولئك الثنائيات الديناميكية السخيفة "الأخ التافه مع أخته الكفؤ" يقيمان في هذا النزل. ما قصتهما على أي حال؟ الفتيات الوحيدات حولي هن من الخطرات، مثل إندكس وديب بلود... لحظة، مع انتشار قناديل البحر، لا يفترض أن يكون هناك زوارٌ على الشاطئ—)

في اللحظة التي بدأت الشكوك تظهر، انفتح الباب بانفجار مدوٍ!

(ما، ما، ما هذا؟!) قبل أن يتمكن كاميجو من إخراج وجهه من تحت البطانية التي التفّ بها، سمع صوت خطوات خفيفة لفتاة تقترب منه وقال صوتها: «أوني-تشان، متى تقوم؟ أوني-تشان، قم، قم، قم، قم، قم، قم، قم، قم!»

كان صوت الفتاة الظريف والحلو مصحوبًا بضغط جسم.

وزن الفتاة الكامل ضرب مباشرة بطنه. صرخ كاميجو صرخة لا تُفهم. هذا السيناريو من المؤكد حدوثه في المانغا وألعاب المواعدة، ولكن الأهم من هذا، كانت حركتها حركة مصارعة محترفة.

سعل بعنف تحت بطانيته. هذا غريب. ما كان لكاميجو توما أُخت. لا سبب ولا منطق يفسر هذا. ظنّ الفتى أنه لو بدأ يفكر في "ما هذا الجزء الناعم" الذي يضغط على بطنه عبر البطانية؛ فإن كل الدم سينطلق إلى رأسه وربما يفقد وعيه. حاليًا، لم يستطع التفكير بهذا البعد. وعلى أي حال، كان نعسانًا وما أراد شيئاً أكثر من إنهاء هذا المقلب الخاطئ بأسرع ما يمكن.

جمع كاميجو قوته.

«...من أنت؟ من تعتقدين نفسك، غراااه!!»

صرخ، ثم جلس بقوة كدمية جاك في الصندوق. سمع صوت الكتلة التي كانت فوقه تسقط مع صرخة.

(تبًا، من أفسد نومي المريح؟!)

فكر غاضبًا. ونظر إلى الفتاة التي تدحرجت عنه، و—

—كانت ميساكا ميكوتو، مستلقية على حصير التاتامي.

«أخخ. يا هلا، قطعت البحار والمسافات لأوقظك وهكذا تجزيني؟»

الفتاة —التي ارتدت قميصول أحمر— سقطت بلطف (حقاً، حقاً بمنظرٍ لا يتناسب معها) على مؤخرتها (مما قد يكسر هويتها وشخصيتها بالكامل) وكانت تراه بوجهٍ متذمرٍ بعض الشيء، وبخدٍ واحد منتفخ.

«ما الذي—»

—يجري هنا؟ أراد إكمالها، فتلاشى منه كل أثر التعب تمامًا.

ميساكا ميكوتو. نجمة مدرسة توكيواداي الإعدادية. أحَدُ السبعة الوحيدين في المستوى 5 في المدينة الأكاديمية. مستخدمة برق قوية، سريعة الغضب، لكنها في الواقع تبكي بسهولة. بعد حادثةٍ معينة، صارت مدينة لكاميجو توما. ولكن عندما يذكرها، سيتحول وجهها إلى أحمرٍ قاني؛ وستُهاجمه بكل ما لديها من برق.

وطبعًا ما كانت شقيقته الحقيقية، ولا أخته غير الشقيقة أيضًا.

لم يدري أو يعلم ما كان يحدث، لذلك حاول التحدث إليها.

«ها؟ إيه؟ ماذا؟ هل طردوك من المدينة بسبب حادثة الأخوات أيضًا؟ لحظة، هل هذه جزيرة ينفى الناس إليها عندما يُطردون من المدينة أو شيء من هذا القبيل؟»

«ها؟ عما تتحدث؟ لِمَ يكون غريبًا أن أكون هنا مع أوني-تشان؟»

«يعع! لماذا تتكلمين بصوتٍ كُلّه حلاوة؟ إرهابك وطغيانك كانا أبعد شيئين في العالم عن هذا السلوك!»

«وقح!» زجرت، بوضوحٍ غاضبة. فأصابت قشعريرةٌ كامل جسده.

مذهولاً، حاول كاميجو تبرير الأمر.

احتمال 1: مفاجأة ميكوتو الصباحية، بعد أن أُمِرت أيضًا بمغادرة المدينة الأكاديمية.

احتمال 2: ميساكا ميكوتو تكبح كبريائها وتلعب دور الأخت الصغيرة لتسد دَينها (طور غير الشقيقة: تفعيل).

احتمال 3: هي إحدى أخوات ميكوتو وبها خلل.

(أكيدٌ هو الاحتمال #1، صح؟ لابد أن يكون الاحتمال #1، لأن #3 مستحيل! تبدو كأنها أخت صغيرة في الوقت الحالي، سأكون سعيدًا إذا كان الاحتمال #3، لكنني أشعر أنني، كاميجو توما، لم أرفع أيًا من تلك الأعلام الرائعة في حياتي، لكن إذا كان الاحتمال #3... إذا كان...)

......

(...أوووه.)

«ها؟!» بعد بضع ثوانٍ من الصمت، عاد كاميجو أخيرًا إلى الواقع.

وكأنه سرابٌ صيفي نتج عن رغباته البدائية، حاول أن يصرخ لينساها.

«باه! لا تستخفي بطالب الثانوية! أترين أن كاميجو توما سيتأثر بمقلبٍ صباحي من فتاة مدرسة إعدادية؟!»

«أوني-تشان، أراكَ متحمسًا في هذا الصباح الباكر.»

«تباً، أن تُصوِّروني كواحدٍ يسعد عندما تناديه فتاة "أوني-تشان"...! أول شيء، من هذا "الأوني-تشان"؟ هل عندك ماضي يقول أننا مرتبطين بالدم؟! آه تباً، توقعت نهايتها! لو واصلت التفكير بأننا لسنا مرتبطين بالدم، فستأتين في النهاية وتقولين أننا في الواقع مرتبطين ثم لن أستطيع الفوز في اللعبة، أهذا ما يحدث هنا؟!»

«ها؟ ما لغة الفضائين هذه؟ وفي أبكر الصباح أيضًا! لا تمانع أن أناديك بأي شيء، أليس كذلك؟ فأوني-تشان هو أوني-تشان.»

«أكيدٌ أمانع! لماذا تريدين أن تكوني أختي الصغيرة أصلاً؟!»

«همم؟» ضغطت ميكوتو سبّابتها على خدها، مظهرةٌ تعبير لم تفهم السؤال. «أأحتاج سببًا لأكون أخت أخي؟» وقفت من على التاتامي وأردفت، «حسنًا، اسمع، إن كنت بهذا النشاط، فانهض وانزل تفطّر معنا!»

طعنت ميكوتو خدها بإصبعها السبابة بطلعةٍ محتارة.

ثم —بعفويةٍ وطبيعيةٍ تامة— قفزت قفزات خفيفة لتخرج من الغرفة.

(...حسنٌ. ما الذي يجري؟)

وكأن منعطفاً قد طافه، كان الفتى محتارًا فراحَ يلبس ثيابه وخرج ليتفقد.

اصطفت ثلاثة أبواب على كل جانب من الممر القصير المستقيم. بهذا الوصف قد تراه بيت ضيافة من نُزل. ومع ذلك، إما بسبب نسيم البحر أو مرور العديد من السنوات منذ بنائه، كانت الأرضيات المصفحة متسخة ومالت إلى السواد كأنها ترجع لمعبدٍ عتيق، وكمية قليلة من الرمال التي دخلت داخلها كانت تمتص كل الرطوبة من الهواء، مما أبدتها مقززة ومُشمئزة.

كان السلم في نهاية الممر.

بينما كان يتجه صوبه، سمع صوت باب يُفتح خلفه.

«صباح الخير، توما. مم؟ مهلاً، انفش شعرك من نومة السرير.»

كان ذلك صوت والده.

كاميجو تويا. رجلٌ كهل بلحية خفيفة ذو ملامح تشبه إلى حد ما توما، اعتاد السفر ثلاث مرات في الشهر إلى الخارج في أعمال لشركة كبيرة نسبيًا بإرتباطاتٍ أجنبية. ربما يعكس أسلوب حياته، فقد كان يعطي انطباعاً مغامراً ولكن مثقفاً في نفس الوقت.

بالنسبة لفاقد الذاكرة كاميجو، كان "والده" موضوعاً غريباً دخيلاً حتى. بالطبع، كاميجو نفسه لم يتذكر الرجل. ومع ذلك، اقتحم والداه مساحته الشخصية دون أدنى تردد.

كطالب في المدرسة الثانوية، حتى الطلاب الجامعيين الذين يكبرونه بسنتين أو ثلاث كانوا يمثلون عالماً مختلفاً تماماً، بأسلوب حياة وعادات غريبة عن تجربته. كان الفرق العمري بين توما ووالده أكبر من ذلك بكثير، مما صعّب عليه فهم كيفية سد هذه الفجوة.

«مم... صباح الـ... لحظة، ماذا؟» عندما استدار كاميجو، انتفض فجأة.

«ما الأمر يا توما؟»

عبس والده كاميجو تويا.

ترك تويا جانبًا في الوقت الحالي... حوّل كاميجو نظره نحو سبب شعوره بعدم الارتياح — الشخص الواقف بجانب تويا.

«ها، إندِكس؟ ما الذي ترتدينه بحق؟»

نعم، بجانب تويا كانت تقف الفتاة الأجنبية ذات الشعر الفضي والعينين الخضراوين.

عادة، كان كاميجو يصفها بـ"الراهبة البيضاء"، لكن في هذه اللحظة، لم تكن إندكس ترتدي رداءها الأبيض المعتاد. على الرغم من الحرارة، كانت ترتدي فستانًا طويلًا يصل إلى كاحليها بأكمامٍ قصيرة، مع سترة خفيفة على كتفيها وقبعة بيضاء عريضة الحافة على رأسها. بالنسبة لشخصية نشيطة للغاية مثلها، كانت ملابسها غير ملائمة بشكل كبير. أراد أن يسألها عن نوع الشخصية المريضة أو السيدة الثرية التي تحاول تقليدها. وعندما فكر وتمعن، تذكر أن والدته —كاميجو شِينا— كانت ترتدي هذا النوع من الملابس.

هواية شِينا —كما سمع— كانت الطيران بالطائرات الشراعية الآلية. في الدروس التي كانت تُعقد في الحديقة القريبة من منزلهم، ربما كانت هناك تقارير عن نساء متزوجات يرتدين ملابس الفتيات الثريات يلبسن مظلات تبدو مثل الأراجيح، مع مراوح مثل مراوح الطائرة متصلة بظهورهن، ويحلّقن في الهواء.

«أصلاً من أين حصلتِ على هذه الثياب؟»

ردًا على سؤاله، أعطاه تويا تعبيرًا مستغربًا كأنه رأىٰ هَذْياً، ثم سأل:

«توما، أترىٰ غريباً أن ترتدي أمك ملابسها؟»

نظر كاميجو إلى وجه تويا باستغراب أقوىٰ.

لقد نظر تويا بالتأكيد إلى الفتاة التي بجانبه، واعتبرها والدة الفتى.

نعم، إلىٰ الفتاة الأجنبية فضيّة الشعر؛ التي ما كانت حتى في الرابعة عشرة في نظر أي شخص كان.

«ها؟ ماذا؟ أبي، أتقول أنك ترىٰ أمي عندما تنظر إليها؟»

«وما غيرها يا توما؟»

«لحظة، لحظة لحظة. أهذه تقنية لتغيير الجسد؟ ما هي بنكتةٍ حتى. تلعب دور الأحمق بجديةٍ خيالية حتى ما تركت للرجل العادي مثلي مجالًا للرد!»

«توما، ما الذي ترىٰ في والدتك ولا يُقعنك؟»

«ما الذي لا يقنعني؟ كل شيء! طالع فيها! مستحيلٌ أن تكون أمي!!»

وأشار إليها بلا هوادة، إلى فتاةٍ تبلغ من العمر أربعة عشر. أمسكت الفتاة ملابسها بخفة وقالت، «يَه يَه، أما عجبك ذوقي في الأزياء يا توما؟»

«انتبه يا ولد. لا تزعل والدتك!»

«ليست كذلك! مهما نظرت وتمعنت، فهي تبدو أصغر مني بكثير! حتى لو كانت هذه مسرحية في روضة الأطفال، لا يمكن أبدًا أن تكون هذه أم ولدٍ في المدرسة الثانوية!»

«يَه يَه، أأبدو أصغر من عمري في نظرك يا توما؟»

«وها قد أسعدت والدتك الآن!»

تنهد كاميجو تنهدًا منزعجًا ودفن وجهه في يديه.

سيعترف. قبل شهر عندما نُقل إلى المستشفى بسبب إصابة خطيرة في الرأس وجاء والداه، كانت تلك هي "المرة الأولى" التي تفاعل فيها مع والديه. لقد تفاجأ عندما علم أن والده تويا ووالدته شينا كانا في نفس العمر — سيعترف بهذا. بل إنه سيعترف مباشرة أن مظهر شِينا الخارجي أبداها كآنسةٍ شابة في أواخر العشرينات. (بالطبع، لو كانت في أواخر العشرينات حقاً، فهذا يعني أن كاميجو وُلِد بطرق غير قانونية).

ومع ذلك، لن ينخدع كاميجو توما بهذه التقنية النينجاوية لتبديل الأجساد التي اِستَخْدَمَت إندِكس (التي مهما نظر إليها بدت أقل من أربع عشرة سنة).

«ما الأمر يا توما؟ تبدو قلقاً. هل تمر بتلك المشاعر المزعجة في فترة البلوغ؟ إن كان فخُذ مني هذه التميمة الواقية التي اشتريتها عندما كنت في رحلة عمل في الهند.»

«ها؟ لا أحتاجها؛ فأنا لا أؤمن حتى بتمائم الحظ. وأيضاً، لعلها تكون شيئاً أُنتِجَ بالجملة في مصنع وسط مدينةٍ ما — لحظة، ما هذا؟ كأنه تمثال بحجم اليد لعضو ذكري!»

«حسنًا، والدك لا يفهمها أيضًا. من الظاهر أنها شيءٌ ديني...؟»

«من ماذا تحمينا هذه؟ تبدو كحمالة تضعها على غطاء الهاتف! لكن إذا فعلت، سيدعونك الناس بأسماء غريبة. دون ذكر مخاطر أن يعتقلوك حتى!»

«ماذا؟ توما، ألا تناسبك التذكارات الأجنبية؟ إذن سأعطيك من المحلي. انظر، هذه اشتريتها في رحلتي في أكيتا مؤخرًا، ما رأيك؟»

«ما هذا بعد...؟ لحظة، قضيبٌ آخر! وهذا منحوت بالخشب! تتصرف وكأنك طفل في السادسة يحب النكات القذرة!»

«همغ. عندما جلبته إلى المكتب بعد الرحلة، قوبلت بعاصفة من الضحك...»

«فكيف دخلت منطقةً يُضحك بها عليك بهذا العمى، أحمق؟!»

ازداد توما حيرة، وكان تويا يُبدى الاستغراب.

«بالمناسبة يا توما. ألا تذهب وتوقظ الفتاة التي جلبتها معك؟»

«أقول لك ها هي تقف جوارك! أصلا، أين ذهبت أمي؟!»

«يَه يَه. أترى من في عمري تُعامل "فتاة" علىٰ "أم" في رأيك يا عزيزي توما؟»

«وربي كلمة ثانية أسمعها منك، كلمة ثانية، وسأجادلك حتى ينقضي اليوم!!»

ثم فجأة، انفتح الباب جوار كاميجو.

لامَهُ تويا قائلاً أنه بسبب إزعاجه وجلبته الكبيرة أيقظها من نومها.

حَوّل كاميجو نظره إلى الجانب، ثم قال، «إندِكس...؟»

...ومن الباب خرجَ ذو الشعر الأزرق مثقوب الأذنين: أوغامي بيرس، بلباس راهبة أبيض بالكامل.

كان شابًا طويلاً يصل إلى 180 سم. علاوة على ذلك، لم يُلبس نفسه لباس إندِكس؛ يبدو أنه أتى بلباسٍ جديد من مكان ما، بنفس التصميم تمامًا لكن أكبر.

الشاب الكبير تحدث.

تحدث بصوت عميق ورجولي لدرجة قد تُفاجئ حتى فرقة التِينور الثلاثية.

«آه، مم؟ توما، أراك متحمسًا للغاية هذا الصباح. أحدث أمر؟»

«...آه—»

فرك الشاب الكبير عينيه بطريقة ظريفة كثيرًا، وقال.

«آه، آسفة، نسيت أن أصبح عليك يا توما. على أي حال، الشاطئ! الشاطئ، الشاطئ! لطالما حسبت أن شواطئ اليابان مغطاة بالإسمنت، وعليها نفط وأشياء تطفو حولها؛ لكنها في الواقع جميلة جدًا. نعم، لنلعب نلعب!»

«آه...»

فجأة انحنى الشاب الكبير ليتأمل وجه كاميجو من الأسفل وأكمل.

«ها؟ ما بك يا توما؟ تبدو مشدودًا. آه! أيعقل أنك تتخيل أمورًا وأشياء، كمثل كيف سأبدو في ملابس السبا—»

«غغغآآآآآآآآآآآاااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااههههههههه!!»

لم يستطع كاميجو التحمل أكثر، فأخذ الباب الخشبي الذي فتح بجانبه وأغلقه في وجه أوغامي بيرس. -طع!- جاء صوت عالي عندما دفع بالشاب إلىٰ الغرفة.

«ت-توما! تعال اجلس. الاعتداء على المرأة يوجب مجيء الشرطة، أتعلم؟»

«يَه يَه. فيكَ ميلٌ شرس تجاه النساء يا عزيزي توما؟»

متجاهلًا والده المرتبك، وإندِكس التي كانت ترتدي زي شابةٍ ثرية (فستان طويل وكِنزة بالإضافة إلى قبعة ضخمة)، حاول كاميجو فهم هذا الوضع برمته.

(لحظة لحظة. اهدأ. كل هذا عبارة عن مقلب صباحي ضخم، كالذي أراه في التلفاز حيث يضعون كاميرات خفية في كل مكان حتى يضحك مقدمو البرامج والجمهور على الأحمق. رغم أنني لا أعلم لماذا أوغامي بيرس خارج المدينة. كلما كانت ردة فعلي أكثر سخافة، كنتُ لعبةً في أيديهم!)

كان تويا وإندكس قلقين بشأن أوغامي بيرس الذي أغلق بوجهه باب الغرفة، لكن كاميجو تجاهلهم وتوجه إلى الطابق الأول. سيكون من الغباء "إضحاكهم" أكثر. إضافةً إلى ذلك، قام من نومه على معدة فارغة، فلم يحمل مقدرةً على تحمل سخافاتهم.

نزل الدرج الخشبي الضيق.

الطابق الأول من بيت الشاطئ واداتسومي كان مساحة واسعة بأرضية خشبية. المدخل من جانب الطريق والمخرج نحو البحر كانا مفتوحين بالكامل للخارج، بدون جدران ولا أبواب؛ كانت الريح المالحة تهب مباشرة. وُضعت أجهزة الألعاب القديمة في زاوية المتجر. وعند مدخل جانب الطريق، كان هناك شيء مثل منضدة استقبال مقطوعة من الحائط.

الفتاة الكهربائية الغامضة التي سَمّت نفسها أخته الصغرى، ميساكا ميكوتو، كانت تجلس عند إحدى طاولات القهوة المستديرة (أو هل هي طاولات الشاي؟) الموزعة حول وسط الغرفة وكانت تقرأ مجلة بلا اهتمام. كانت ساقاها الرفيعتان الممتدة من القميصول القصير تتأرجح أسفل الطاولة. بدت في غاية الملل. وكان هناك تلفاز بجانبها، مغلق.

وقد سئم من الأمر، قال كاميجو، «...إذن، بيــري بيــري. لماذا تجلسين هنا وكأنك معنا هنا؟»

«وقح! أما تزال في مرحلة التمرد، أوني-تشان؟ تراه أمراً عادي حقاً أن أعانقك وأتبعك وأضيع الوقت معك.»

«...» يبدو أن شخصيتها المتملقة المقرفة ما تزال تُمثّل بها. «أغغ. أشعر كأنني أحمق لأنني أملك جهاز إرسال مزروع في أوعيتي الدموية.»

تنهد بشدة، منهكًا تمامًا من كل هذا. وميكوتو أغلقت مجلتها ملولةً، ثم تمددت على الأرض وبدأت تتدحرج يميناً ويسار.

«أوه صح، أوني-تشان. ألا بأس لو شغلنا التلفاز بأنفسنا؟»

«ها؟ ما الذي تتحدثين به فجأة؟»

«ممغ. ما وجدت الريموت أينما بحثت. التلفزيونات في أماكن مثل هذه تبدو كأنها مِلكٌ للجميع، وقالوا لي "لا تعبثي دون أن تسألي يا شقية" ومثل هذا. لذا لا أستطيع العبث به، أوني-تشان.»

«...» أما زالت تهذي هراء الأخت الصغرى؟ أمسك كاميجو رأسه بيديه. «كيف آل الأمر؟ ميكوتو-سينسيه الجريئة تتصرف بخجلٍ شديد.»

«من ميكوتو؟» بدت فتاة المستوى 5 وكأنها تريد التظاهر بغباء طوال اليوم. «حسناً أنا اليوم خجولة، لأن ذلك الرجل المسؤول عن البيت يبدو مخيفاً! أوني-تشان، اذهب واسأل إن أمكننا تشغيل التلفاز، حسناً؟»

«...أرجع عن كلامي. حتى لو كنتِ تُمثّلين، ما تزالين جريئة.»

على أي حال، كان لدى كاميجو عادة تشغيل التلفزيون في الصباح أيضًا، كان صعبًا عليه الراحة إذا لم يفعل. نظر حوله، وتساءل عن مكان المالك. لم يكن هناك أحد خلف المنضدة. شك في ما إذا كان ذلك مقبولًا من وجهة نظر صناعة الخدمات. لكن في تلك اللحظة، وصلته رائحة زيت الطهي من مخرج البحر.

«؟»

نظر إلى هناك، ورأى ظهر رجلٍ طويل يشوي شيئًا بالقرب من المخرج، على الرمال، مستخدمًا نار الفحم وشبكة سلكية.

«أوه، طالع، هو ذاك الرجل. اذهب اسأله عن التلفاز! اذهب، اذهب!» طلبت ميكوتو وهي تُأرجح قدميها تحت الطاولة.

فجأة، بدأ يشعر بالشكوك تجاه كل هذا. إذا كان يتذكر بشكل صحيح، كان حارس منزل الشاطئ طويل القامة، غير ودود، ومخيف قليلاً عندما تنظر إليه. لكن هل كان شعره يصل إلى كتفيه؟ وهل كان دائمًا مصبوغًا باللون الأحمر الزاهي؟

ومع ذلك، خطت خطواته على لوح الأرضية، واقترب من المالك وقال «عذرًا».

ثم استدار المالك ذو الشعر الأحمر الطويل.

الذي كان يرتدي تيشيرت وشورت، وبمنشفة حول رقبته...

...كان الساحر ستيل ماغنوس.

«—نبااااهههه؟؟؟!!!»

كان هذا عندما وصل عقل كاميجو ذروة الفوضى. الإنجليزي الطويل ذو الشعر الأحمر زاد طوله عن مترين، وهو ساحرٌ من عالمٍ مختلف يتحكم بالنار ولا يبالي بقتل الناس.

«إه، أبكرتم القيام يا ناس. الماء لا يزال باردًا. أم أن الأرق أصابكم من حرارة الأمس؟»

هذه كانت كلمات الساحر وهو يشوي الذرة على نار.

«وَيهٌ، ما انتهيت بعد، لذا لا أستطيع تقديمه للزبائن. يا ماو! خذ طلب الزبون وأعطيه أي شيء يأكله!» قال الساحر وهو يرتدي نعلين شاطئيين وبمنشفة حول رقبته.

(م- م- ما الذي يحدث هنا؟ ما هذه الحالة؟!)

لأول مرة منذ بداية كل هذا، بدأ أخيرًا يظن أن في الأمر خطباً. أسيكون هذا الساحر، المحترف في المعارك —لا، في القتل— حقاً متعاونًا بهذا الشكل لمزحة أو مقلب؟

كادت أفكار كاميجو أن تضرب جداراً صلب أمام هذه الصورة المروعة، لكن صوت خطوات تقترب منه من الخلف جذب انتباهه. صوت فتاةٍ تُنادي.

«يا أبي! لا تقل "أعطيه أي شيء" أمام الزبون!»

(من هذه المرة؟) فكر ولف رأسه ليرىٰ. هناك وجد نسخة مسمرة من ميساكا ميكوتو، ترتدي فقط مئزرًا (مريلة) فوق زوج من سراويل سباحة زرقاء داكنة.

«ها؟ أهي تلعب دَوْرَين؟ لا مهلا، أهذه أختها، ميساكا إيموتو؟»

«آخٍ، أبي؟ هذا الشخص عميل، فما لي الحق في أن أطرده، صح؟»

ابتسمت ابتسامة يابانية صارمة وعملية.

كانت ميساكا إيموتو لن تظهر عاطفتها وتعبيرها أبدًا حتى على شفا الموت. وها هو يراها تبتسم ابتسامةً لا تليق بها تمامًا.

(لحظة، مهلا، ما هذه النكتة حتى؟ هي في الأساس عارية تحت هذه المريلة، أليس كذلك؟ إذا نظرت من الجانب، قد أرىٰ صدرها. اغغغ، لِكَم سيبالغون في هذا المقلب الصباحي؟!)

ثم بعد ذلك، صوت الأصلية ميكوتو جاء طائراً نحوه.

«أوني-تشان! هل سألت؟ هل سألت عن التلفاز؟ سأشغله الآن، تمام!»

أخذ كاميجو نظرة سريعة من بعيد ورآها تقفز أمام التلفزيون على أربعة أطراف، وتضغط على زر التشغيل. كان الصوت مرتفعًا جدًا، ربما كان غالبًا لأجل أن يُسمع في ازدحام الضيوف، لذا وصل صوت التلفزيون إلى كاميجو من الخارج.

‹‹‹نعم، معكم [كوموري] في الموقع. لا يزال [هينو جينساكو] —المسجون الذي كان في طريقه إلى الإعدام والذي فر من سجن [شينفُوتشو] في العاصمة باكر صباح اليوم— لم يُعثر عليه بعد. الأجواء هنا متوترة، حيث أن المدارس القريبة، مثل المدرسة المتوسطة، أصدرت إلغاءًا طارئًا لجميع أنشطة النوادي.›››

اسم المراسلة كوماري، كان؟

ومع ذلك، لسبب ما، كأنه ألَفَ الصوت غير الناضج والطفولي... كأنه صوت معلمته تسوكويومي كوموي.

...تسوكويومي كوموي؟

«لحظة، كيف لهذا أن يكون! كيف وصلت معلمتي إلى التلفاز؟!»

أسرع كاميجو نحو التلفاز، وهناك على شاشة CRT وَجَدَ مُعلمة طولها 135 سنتيمترًا، تبدو ظاهريًا في الثانية عشر من عمرها، وهي تحمل ميكروفونًا وتقرأ من مسودة الأخبار.

(لماذا هي...؟ أكل هذا جزء من المقلب؟ فهل هذا يعني أن هذا تسجيل؟ لا، لا أرىٰ شريطاً أو مسجل أو غيره. إذن، هل تلاعبوا بالموجات الهوائية؟ لأي غرض؟ مقلب؟ مستحيل. كل هذا لأجل نكتة مستحيل!!)

دفع ميكوتو جانبًا ورَصّ نفسه أمام التلفاز. ثم ضغط إصبعه متكرراً على زر صغير تحت الشاشة.

«ابتعد يا اوني-تشان. واتركني أتابع "انتشال الصباح"!»

لم يهتم بنداء ميكوتو طلبًا بسلطة تغيير القناة. بينما كان يتفقد القنوات ويغيّرها أكثر فأكثر، رأىٰ رجلاً مسناً يُعامل معاملة مذيعة جذابة ومثيرة، وفتاة في الثانوية بشعر بني وبشرة سمراء رئيسًا لدولة معينة تلقي خطابًا عن عدالة الحرب. أغرب ما في الأمر هو أن كلها كانت برامج أخبار تُبث مباشرة، وكانت جميعها غريبة تماماً. خلف مذيع يقرأ من نص بوجه جاد (الرجل بدا وكأنه عامل مصنع رخيص أو سائق شاحنة أو شيء من هذا القبيل)، كان هناك طفل رضيع يضع يديه على عجلة حافلة كبيرة، وطاعنة عجوز ترتدي تنورة قصيرة تلعب بهاتفها، ورئيس الوزراء المعتاد على الظهور في الأخبار يعزف على الجيتار في الشارع.

بدا موقع بث الأخبار مكانًا مزدحمًا بأغرب الناس، وكان هناك أكثر من مئتي شخص يتحركون هنا وهناك خلف المذيعين. وكان كل شخص في الحشد غريبًا بطريقة ما.

«لحظة، لحظة، لحظة. هل كل قناة هكذا؟!»

حتى لو كان كل هذا مقلباً مُعَدّاً، كم من المال دُفِع لكل هؤلاء؟ وحتى قبل ذلك، ظهور رئيس الوزراء نفسه لهذا الأمر جعل إمكانية المزحة المفاجئة غير معقولة في المقام الأول.

اعتراه شعور بأن هذا ليس مقلباً.

ومع ذلك، إذا لم يكن مقلباً، فما كان؟ إندكس كانت تَدّعي أنها أمه، أوغامي بيرس يَدعي أنه راهبة في لباس أبيض، وستيل تحول إلى الكهل المسؤول عن بيت الشاطئ واداتسومي.

كأن الجميع تبدّلوا داخليًا وخارجيًا تمامًا.

بأي منطق؟

داخ كاميجو دوخة كبيرة. ما عاد منطقيًا أن يرىٰ الواقع أمامه من منظورٍ واقعي أو علمي.

(صفحة المجلد)

<<الفصل السابق                        الفصل التالي>>

تعليقات (0)