الفصل الرابع: فَتِيُّ مَلِكِ الشَّيَٰاطِينۡ. — the_LIGHT.
(إعدادات القراءة)
انتقال بين الأجزاء
- الجزء 1
「أين كنتِ يا ريساكو!؟」
「أخي، ريساكو-تشان عادت!!」
ضحكت بنت الملابس الرياضة لمّا رأت الأطفال الآخرين متجمعين حولها.
「إيهيهي. أنقذني كلّوبي وفتاة أكبر مني」
لا بد أنهم كانوا يستعدون لانتقال آخر حيث أن كل الشاحنات شغّلت محركاتها. لكنهم انتظروا حتىٰ وجدوا بنت الشعر الأحمر المربوط مثل الحلوىٰ. ارتاحت. فإنَّ وجود بيتٍ ترجع إليه طمئنها وحببها.
『كلّوب، ها؟』 قالت الشبح الاصطناعي المسماة فلرساند #G.
「.....،」
وتعليقها هذا أصۡمَتَ الباحث الشاب للحظة.
كان اسمه دُرِنشر كيهارا رِبتري.
ذاع اسم هذه العائلة كثيرا في أوساط [الجانب المظلم] لدرجة أنهم تخطوا تصنفيات المفيد والضار. تنهد الشاب الذي حمل تلك المكانة والاسم بهدوء ليستعيد تركيزه.
「احتمال أنهم وجدونا وارد، لكننا أسرع منهم في الوقت الحالي. إذا تحركنا قبل أن يلحقوا بنا، قد نصل إلىٰ أعظم محرمة في المدينة الأكاديمية دون مشاكل」
『أتحسب حقًا أن هذا العالم سامحٌ بحدوث أيّ من هذا "دون مشاكل"؟』
「عملنا هو أن نضمن حدوثه」
تبادل البالغان أبصارهما بأصوات خفيضة حتىٰ لا يسمعهما الأطفال المتحمسون.
لكن فتًىٰ معينًا خفض صوته لسببٍ مختلف.
「ريساكو....」
「أه، سُدَتِ-تشان」
الولد الطويل بنفس ملابس الرياضة بدا مضطربًا لسبب ما. وفي الواقع، يكاد وجهه يبكي. أمالت ريساكو رأسها ظنًا منها أنه ربما خاف من أن تلومه علىٰ الكرة والصابون الكيميائي، لكن الحكاية مختلفة.
「إذن، عُدتِ」 قالَ هادئا.
「هِه؟」
「حَسبتُكِ اختفيتِ إلىٰ الأبد.....」
أراد ذلك؟ ألهذه الدرجة يكرهها؟ تقتم وجهها، لكن الحكاية كانت مختلفة مرة أخرىٰ. هز رأسه وأوضح مقصده.
كان الوحيد من بين الأطفال الذي بدأ يَشُك في هذه المستشعرات التي يرتدونها وكأنهم داخلون في تجربةٍ مختبريةٍ ما.
「.....لأنكِ، ربما، كنتِ لتكونين بأمان」
- الجزء 2
خاف من أن يفسد الأمر، لذا بدأ يرسم علامات علىٰ ظهرها بقلم التحديد.
「هامازورا، هذا يُدغدغ」
「اثبتي.....」
كان في الكتاب القديم مخطط مرسوم بالفرشاة دون أي منظور أو محاولة لإبدائِه ثلاثي الأبعاد. كانت مواقع الأعضاء الموضحة واضحٌ أنها غير صحيحة. لعلها أشبه بالاختلاف بين صورة جوية للغيوم وخطوط الضغط الجوي في خريطة الطقس. تساءل عما إذا كان هذا هو حال كل الطب التقليدي الياباني وهو يرسم علامات X علىٰ جسد عشيقته. قد خلعت حمالتها وأمسكت صدرها بيديها وظهرها الناعم عليه. شعر بقلبه ينفجر في كل مرة ترتعش فيها من الدغدغة. حتىٰ هو كان يعلم أن ردات فعله هذه كانت وقحةً نظرا إلىٰ الظروف. وما إن فرغ من ذلك، حان وقت البدء أخيرًا. واجه الفتاة وهي منبطحة [1] علىٰ طاولة مختبر الحاويات، وكأنها تتشمس.
كاوية الجلد المستخدمة في الحجامة الحرارية كانت تشبه القطن الناعم، لكنه احتاج أن يشعلها بالنار فعليًا.
شعر بالغرابة وهو يضعها علىٰ بشرتها الناعمة، ولأمكنه أن يُسبب لها ندوبًا دائمة إن أخطأ.
「ء」
تجلىٰ خوفه علىٰ ظاهره الآن بعدما حان وقت التنفيذ، لكن هذه هي الطريقة الوحيدة لمساعدتها في معركتها ضد الحمىٰ.
قاوم رغبته في إغماض عينيه، ووضع كومة صغيرة من "الوقود" علىٰ بشرتها الناعمة. حاول أن يشعل ولاعة بيدٍ مرتجفة، لكنه استمر في الفشل. وعندما أشعل أخيرًا لهبًا صغير، حركه ببطء نحوها.
「ءنن」
「أ-أنتِ بخير، تاكيتسوبو؟」
「بخير」
كرر العملية بضع مرات أخرىٰ. وشك في نفسه، ولكن عندما مَسَحَت العرق عن جبينها، لم يظهر أي عرق جديد. وكأن الأمر ينجح فعلا.
ما عساه يشكر فتاة الهاكاما ويجزيها الكفاية.
ولن يهدروا هذه الفرصة التي منحتهما إياه، لذا عليهما بالمضي نحو أعظم محرمة في مدينة الأكاديمية.
كان محرك الأقراص الصلب بحجم بطاقة الائتمان يحمل وسم "شريان الحياة".
لابد أن أنيـري قررت أن البيانات كانت صغيرة جدًا بحيث لا يمكن رؤيتها علىٰ هاتفه حيث أنها عرضتها علىٰ شاشة مسطحة في المختبر.
كانت عبارة عن سلسلة من الأرقام.
بدت كورقة حسابية مصنوعة باستخدام برنامج جداول بيانات، لكن النظر إليها يكفي أن تصدع عقل الفتىٰ الجانح. لعلّ بيانات مهمة، لكنه لم يعلم أيهم يصب تركيزه عليه.
「كأن هذه بيانات موارد،」 قالت تاكيتسوبو بعد أن استرقت النظر من الجانب.
「موارد؟」
「سواء كان [نافعا] أم [ضارا]، فإن [الجانب المظلم] أبحاثه كثيرة」 وأشارت إلىٰ أحد الأرقام. 「كما أنهم يبنون أسلحةً عسكرية كثيرة. لكن ألا يبدو هذا غريبًا؟ مدينة الأكاديمية مستهلكةً ضخمة ومساحتها محدودة وتحيطها الجدران. لن تقدر ببساطة أن تحفر في الأرض هنا فتجد النفط أو المعادن. إذن، من أين يحصلون علىٰ كل هذه الموارد؟」
「أين؟ أليس هذا هو عمل المؤسسات المتعاونة حول العالم؟ ويتفقون فيما بينهم ويبيعون؟」
「ولكن كيف يفعلون ذلك دون ترك سجلات؟」
أشارت إلىٰ رقم آخر.
إذا أمكن لمجموعة مدنية تراقب تدفق المال والموارد أن تكشف السر، فهذا يعني أنهم ليسوا من [الجانب المظلم] في المقام الأول.
「انظر هذا. [الجانب المظلم] يستخدم مواد أكثر بكثير من إجمالي الكمية التي يتم جلبها من خارج المدينة. تقليل الهدر وإعادة توزيع الموارد لن يكون كافيًا لتغطية هذا الفرق. كمية المواد التي يستهلكها الظلام أكبر بعدة مرات. ذلك سيظهر في السجلات مهما فعلت. وإن ذوي الشأن كمدراء المجلس ورئيسهم يمكنهم إخفاء بعض الأمور، لكن هذا أكثر من اللازم. قد تجاوزوا بكثير ما يمكن إخفاؤه عبر التلاعب بالحسابات」
「فإذن...」
سكت لمّا فتحت أنيـري نافذةً جديدة.
وتَلَوّنت نقطة واحدة علىٰ خريطة مدينة الأكاديمية بالأحمر.
سِرٌّ مخفيٌّ كان فيه.
قالت فتاة البدلة الرياضية وهي تنظر إلىٰ الشاشة. 「لديهم مدخل ومخرج لا يتركان أي سجلات」
وظهرت عدة ملفات بدت وكأنها محفوظة من لوحات الرسائل وصفحات وسائل التواصل. قراءة محتواها أظهرت نقطة مشتركة معينة.
إذا ركبت قطارًا ما بين 4 ساعات و30 دقيقة، سيتم نقلك إلىٰ عالم آخر.
أشارت تاكيتسوبو إلىٰ تلك العبارة الغريبة.
「هناك طريقة للوصول إليها ويمكننا العثور علىٰ تلميحات عنها في الشائعات المنتشرة في المدينة. مثل علامات '!'، أو القطار القاتل، أو الخاطفين في مدينة الملاهي، أو الرضع في صناديق حفظ النقود، أو البنيان التحت أرضي حيث تتخلص من أي شيء لا تريد أن يُعثر عليه. لكن ولا واحدة من تلك تكشف الحقيقة الحقيقية」
「فماذا تقولين....」
「أقول أن مدينة الأكاديمية لم تُروج لإعادة التدوير كما عرفناها فقط لأنها تريد الاستفادة القصوىٰ من مواردها المحدودة. بل إن إعادة تدوير الأشياء مرارًا وتكرارًا يُخفي الكمية الحقيقية من المواد المستخدمة. لن يسمحوا لأيِّ تحقيق أن يكشف أننا نتخلص من قمامة تزيد بعدة أضعاف عن كمية المواد الخام التي نحصل عليها، صح؟ ذلك سيكون انتهاكًا لقانون حفظ الكتلة. لذا كان عليهم جعل المقارنة بين القيمتين صعبة. اعتبره نوع من غسيل البيانات」
لكن لماذا احتاجوا لمثل هذا التلاعب؟ وكيف وصلوا إلىٰ النتيجة المستحيلة المتمثلة في إنتاج نفايات أكثر من المواد الخام المستخدمة؟ وما هو هذا السر الذي لا يريد أحد أن يُكشف؟
أعظم محرمة في مدينة الأكاديمية.
هذا هو المعنىٰ الحقيقي لهذا المصطلح الذي سمعوه عدة مرات اليوم.
「ليست… مغلقةً بالكامل؟ هناك ثغرةٌ سرية عبر الجدران التي تحيط بمدينة الأكاديمية!؟」
قولٌ غير معقول. سواء أفادهم سواء أضرهم، كانت مدينة الأكاديمية معزولة تمامًا عن العالم الخارجي. تلك الجدران السميكة منعت تقنياتها من التسرب إلىٰ العالم لأن ذلك قد يؤدي إلىٰ الفوضىٰ والاضطراب.
كان هامازورا واحدا من الاسكِل-آوت سابقًا. كانت تلك مجموعة من صبيان وبنات تركوا المدارس الأكاديمية ولم يكن لديهم مكان آخر يذهبون إليه، فما استطاعوا مغادرة المدينة.
لقد كانوا محاصرين. تركوا المدرسة، لكن الجدران أبقتهم حبيسي المدينة. إذا أراد أحدهم السفر خارج المدينة لبضعة أيام فقط، فكان عليه تقديم كمٍّ هائل من الأوراق ثم يحقنوه حقنة نانوتكنولوجية. لأن محاولة الخروج دون استخدام البوابات الرسمية قد تقتلهم منعًا لتسرب البيانات. في الأزقة الخلفية لصوصٌ وقطاع طرق، لكن حتىٰ أخبر اللصوص خبرة لم يجرؤ علىٰ الاقتراب من الجدران.
ولو كان هناك طريق سري للخروج، لربما ما كانوا ليشعروا بذلك الضغط الهائل. وقد يجدوا مكانا لهم في العالم.
ولعلَّ قائدهم السابق، كومابا ريتوكو، ما كان ليُسحب إلىٰ القتال ويموت.
「.....」
لكن [الجانب المظلم] حطم هذا الافتراض الأساسي كأنه لم يَكُ.
ذاك المزور خزن هذه المعلومات علىٰ قرص صلب بحجم بطاقة يحمل وسم "شريان الحياة". أكان يحسب أنه يستخدم هذه المعلومات فيشتري حريته من كبار [الجانب المظلم]؟
لا شك أنه لم يتخيل أبدًا أنه سيُمسي برصاصة في رأسه علىٰ يد بابارتزي. كان هامازورا في قلب كل هذا، لكنه لم يعرف حتىٰ الآن ما إذا كان ذلك قد خُطط له مسبقًا أو كان قرارًا ارتجاليًا.
「إنه في أعماق مدينة الأكاديمية」 قرأت تاكيتسوبو ريكو بصوت هادئ شيئًا ضخمًا لدرجة أن الحديث عن بُعد بديل كان ليبدو أكثر منطقية. 「أكبر مُسرّع جسيمات في العالم مبني مباشرة تحت جدران المدينة، لذا يُقال للناس إن الحفر في تلك المنطقة قد يكسر ختم المسرّع ويعرضهم للإشعاع ومخاطر أخرىٰ. كان هذا كافيًا لإقناع الجميع بأنه لا أحد سيكون غبيًا بما يكفي لمحاولة ذلك」
كان المخطط الذي وجدوه يبدو كخاتم متشابك. بدا وكأنه يتجنب بعناية منشأة المسرّع الدائري، لكنه كان نفقًا بناهُ [الجانب المظلم]. ومحال أنه وَفىٰ بمعايير السلامة المناسبة.
ذلك هو شريان الجانب المظلم.
لقد بنوه لضمان استمرار تدفق الوقود إلىٰ أبحاثهم غير المشروعة، وكانت طريقة إنشائه تُظهر بوضوح أنهم لا يهتمون إطلاقا إذا جلب ذلك الفوضىٰ للعالم.
لقد كان حقا وفعلا أعظم المحظورات. كان حبلًا سريًا مظلمًا قد يقضي علىٰ الكيهارات وكل الناس إذا تم قطعه.
「أشك في علم الأنتي-سۡكِل عن هذا」 قالت تاكيتسوبو. 「ولا أحسبهم قادرين علىٰ إغلاقه. يمكننا الهروب بأمان من المدينة إذا استخدمناه」
「......」
كان الضوء الأحمر الذي أظهرته أنيـري في المنطقة 10، أكبر حي فقير ومهجور في المدينة. كان تلك المحرمة التي لا يريدها أحد مخفية تحت المنطقة التي تخلىٰ عنها الجميع.
ليس واضحا ما إذا كانت تحمل هذا الاسم منذ البداية. لربما تم تغييره دوريًا لإخفاء الحقيقة. كانت جميع المعلومات المتاحة شهادات متفرقة من شهود عيان، وبعضها كانت معلومات مضللة متعمدة.
لكن تلك المحرمة ظلت طوال هذا الوقت كفجوة مظلمة في أعماق الأرض.
كرمز كابوسي للحرية.
النقطة الحمراء علىٰ الخريطة المعروضة علىٰ الشاشة الصغيرة كانت تحمل الاسم التالي:
نفق التَوَار.
تلك وجهتهم النهائية.
وأيّاً كان الواصل هناك، يُمنح تذكرة إلىٰ عالمٍ آخر.
- الجزء 3
كانوا في عمق عمق الأرض في المنطقة العاشرة.
وقليلون هم من يفرطوا التفكير بشأن تخطيط أنفاق القطارات تحت المدينة. ولعل البعض عرف أن إحدىٰ المسارات أخذت منعطفًا غير طبيعي في نقطة ما، لكن لا أحد يتساءل عن المقالات الإخبارية علىٰ الإنترنت التي تتحدث عن عثورهم علىٰ أطلال وسط البناء.
ممرٌ تحت الأرض أُحيط بالخرسانة الباردة مدعومًا بأعمدة موضوعة علىٰ فواصل متساوية.
ولم تكفي أضواء الفلور القليلة علىٰ الجدران أن تزيح الظلام كاملا.
ذلك الركن المجهول تحت الأرض أصبح النقطة الأسخن في العالم. وهناك اجتمع عددٌ من الناس كبير. لم يصلوا جميعًا من نفس الطريق، بل كلٌّ منهم جَمَعَ الأدلة المتناثرة في أنحاء المدينة وبحثوا عن أكبر فرضية تتعلق بالمدينة. كانت مدينة الأكاديمية محاطة بجدران سميكة، لكنها لم تكن حقا مغلقة بالكامل.
وكان الرجال الأشداء بأفرولات العمل جزءًا من مجموعة توصيل يقال لها "الإبداء السري". أما الرجال والنساء بالبِذَلِ الرسمية فكانوا "الحواجب" [2]، وهم جماعة توفر المخابئ تلبيةً لمتطلبات المجرمين. أما الفتيات بملابس بسيطة مُخفين وجوههن بالنظارات الشمسية وقبعات الصيد ربما كُنّ مجموعة آيدول شهيرة كبيرة. تضمنت هذه المسيرة من المجرمين؛ "الحَكّام" من يستخدم المعلومات الشخصية والفواتير المزيفة ليبتز بها الفتيات ويربطهن بسلاسل رقمية؛ و"الوهاج" من يترك وراءه مسحوقًا غير ضار ومطابق للحقيقي حتىٰ يُربك التحقيقات الجنائية.
وحاكم للأزقة الخلفية.
ومحام لشركة كبرىٰ.
ورئيس جامعة.
ومنتج ترفيهي بارز.
وبعض الكيهارا من مجالات مختلفة.
غمر أنواع وأنواع من الناس هذا الممر تحت الأرض. ما كان دخولهم للعالم المظلم نتيجة فقرٍ أو دنو شأنٍ أو غباءٍ أو جريمة، بل شملهم الظلام جميعا سواسية. من عوالم لا يعلم أحد بوجودها إلىٰ صناعات يحسدها الجميع.
بعضهم سقط قبل أن يصل إلىٰ هذه المرحلة، وحاول آخر اتباع طريق مختلف. وبطريقة ما، كان العثور علىٰ هذا النفق والدخول إليه بمثابة اختيار لهم.
ولكن.
كُلُّهُم،
كلُّ واحدٍ منهم اعتُرِضَ وسُحِق بواسطة شخصيةٍ معينة.
امرأةٌ شقراء الشعر طويل مربوطٌ في ذيلين، ترتدي فستانًا أزرق فاتحًا ضيقًا بتنورة طويلة فضفاضة ملحقة.
فلرساند #G كانت كالجدار لا يُتجاوز.
كل من تحدّاها تحطم أمامها بشدة تعكس حدة تحدّيه. وبعد أن رأوا عددًا منهم يتحول إلىٰ كتل من اللحم والدماء متناثرة، بدأ البقية يتساءلون عمّا إذا كانت حرفيًا جدار حيث أن كل أفراد [الجانب المظلم] قد ثبتوا مكانهم متخوفين. ودُفعوا للخلف رغم أنها لم تخطُ عليهم خطوةً.
وطبعا، ما كانت الشبح مسامحة لمجرد أنهم استسلموا الآن.
『محطتنا التالية: الخزق. أكرر: الخزق』
قععءءء!!! بصوت رطب، تمزق رَجلٌ معضل يرتدي السواد من خصره حتىٰ رأسه. لكن لعله كان أحد المحظوظين، فقد رحل قبل أن يدرك حتىٰ ما حدث له.
『يرجىٰ الانتباه للحرق والقطع』
تعالت صرخات الألم في النفق. وسرعان ما بدأ أفراد [الجانب المظلم] يقتتلون فيما بينهم. بدا وأنهم بدأوا صراعًا قبيحًا علىٰ العمود الخرساني الذي يمكنهم استخدامه درعا. لكن...
『سنصل قريبًا إلىٰ التنحيت』
ولمّا كانت الشبح تدور بصمت خلف العمود، انفجر صوتٌ رطب. تحولت نتائج الصراع إلىٰ لحمٍ مفروم، بينما كانت فلرساند #G تراقب بلا اهتمام.
「آه... غاههه... 」 تأوه أحدهم.
كانت إحدىٰ فتيات الآيدول. كان أسفل جسدها قد اختفىٰ والتصق ما بقي منها بالأرض كما لو كانت حلزونًا.
「لكن... لماذا؟ لقد اكتشفنا المُحرمة... ألسنا نكون من الظلام كذلك؟ ألا نسلك جميعًا... طريق الخروج معًا؟」
『لدي أطفال أعتني بهم. وهم كثيرون』 لم تنظر فلرساند #G حتىٰ في صوبها. 『ومجيئكم جميعًا إلينا قَدۡ يعرضهم للخطر』
「قَدۡ...」 قد فات الأوان عليها، لكن الجزء العلوي من جسد الفتاة ما زال يحاول ويزحف علىٰ الأرض الخرسانية. 「تقولين قَدۡ؟ أخذتِ أرواح الناس فقط لشيء يسوىٰ ذلك!؟」
『محطتنا التالية: الدهس. أكرر: الدهس』
مع صوت بللٍ، أُسۡكِتت الشكاوىٰ.
وكأن الشبح ترفض فكرة أن الأحقاد لا تقدر علىٰ القتل.
『....رقيب الطلاب [3] لعملٌ عظيم لا يفهمه الكثير』 قالت بصوتٍ غنّاء. 『لكني لن أسمح لذلك الطفل الباكي أن يرىٰ هذا. عِلمُ الشيء ورؤيته لأمران يختلفان تمامًا』
ألقىٰ الشبح نظرة علىٰ شيء آخر.
لكنها سرعان ما فقدت الاهتمام، التفت وابتعدت في الظلام....
.....علىٰ بعد عشرة أمتار فقط، كان هامازورا شياغي يختبئ خلف عمود واضعًا يده علىٰ فم فتاة البدلة الرياضية.
إذا لاحظتهما، فالموت مصيرهما. شعر وكأن قلبه ونَفَسه ورائحة جسده والبرق الساكن علىٰ ملابسه قد تكشفهما. لم يستطع حتىٰ مسح العرق المزعج من خده بينما ينتظر بضنكٍ مرور الوقت.
كانت تلك الشبح حقًا عدوًا.
لها خطة تسير عليها، وأنقذتهم بمزاجها في وقت سابق، لكن ذلك لا يعني أنها أهلٌ للثقة. قد أنقذتهم من مزاج، وقد تقتلهم من مزاج. وحياتهم واحدة فقط.
كان هذا أسوأ من بحر من الدم.
ولقد فقد اللحم والدم شكليهما الأصلي، الأصابع ممتدة إلىٰ الفضاء الفارغ، وجلد الوجوه متجمد المعبرة عن ألمٍ ملتصقةً بالجدار. في هذه اللحظة، لم يكونوا إلا "أشياء"، وليس بشراً. ما بقي فيهم أي كرامة.
كلٌّ منهم كان فردًا من الظلام وصل إلىٰ أعظم محرمة في المدينة الأكاديمية عبر طُرقٍ مختلفةٍ عن طريقه.
تقصلت إمكانياتهم اللامتناهية إلىٰ الصفر.
أو هكذا شَعَر.
أكان هذا النفق حقًا الطريق الصحيح؟ كلما تقدما، زادت احتمالية مواجهتهما تلك المرأة الشبح، فبدأ يشك في ما إذا كان من الأفضل العودة الآن ويصعد إلىٰ الأرض.
「بهخ」
انسلت عشيقته من يده. كان ممسكًا بها من الخلف، فاستدارت ونظرت في عينيه.
「هامازورا، ما عدتُ أستشعر وجودها. فالنمضي الآن」
「...」
「لا نستسلم الآن بعد أن وصلنا. رجوعنا خاوي الوفاض لن ينقذنا. لن نجد السلام إذا لم نمر من هنا」
「ص-صحيح」
لو كان وحده لاستسلم منذ زمن.
لكن لمّا سحبته بيدها، استجمع شجاعته وإن كانت صغيرة.
حتىٰ مع الأضواء الفلورية المنتظمة، كان النفق مظلمًا. ولم يملكا أدنىٰ فكرة عَمَّن كان مسؤولا عن تلك الإضاءة الخافتة. ماذا لو كانت الشبح قادرة علىٰ إيقاف الكهرباء؟ شعر بأهمية هاتفه أكبر الآن.
「نفق طويل هذا」
「إيه」
وقلَّ حديثهما أكثر فأكثر.
هذه أعظم محرمة في المدينة الأكاديمية، أفهل يقودهما هذا النفق حقًا نحو الأمل؟ مهما سارا، الظلام باقٍ. ومع تقدمهما أعمق وأعمق، شَعَرَ وكأنهما قد اجتازا نقطة اللاعودة. ومن الذي بنىٰ هذه المنشأة الضخمة تحت الأرض؟ لا بد أن أحدًا رسم الخطط وحفر الحفر وأسس الأساسات وأحضر الحديد والخرسانات. كان هذا مشروعًا أكبر بكثير من نفق يحفره لصوص البنوك الباحثين عن الخزنة. محال أن مثل هذا البناء وبمثل هذه المساحة الواسعة والمرتبة بُنيَت دون تدخل شركة بناء كبرىٰ.
فمن الذي فعل؟
ربما شركة تراها في الإعلانات علىٰ التلفاز كل يوم.
هل سيُكشف عن كل هذا يومًا ما؟ لكن تلك الأفكار العبثية قطعتها تاكيتسوبو.
لقد لاحظت أولا لأنها لم تكن من تحمل الضوء.
「هامازورا، أرىٰ باب」
「.....،」
بابًا معدنيًا سميك.
كان الباب الوحيد يقبع في نهاية النفق الطويل. ربما كان هناك طريق آخر، لكنه لم يتذكر رؤية أي مسارات أخرىٰ تتفرع علىٰ طول الطريق.
تقدم ببطء.
لم يبدو أنه مغلق. كان يشك في وجود أي قنابل يدوية أو "هدايا" أخرىٰ معدة لهما.
لكن هذا ليس ما أخافه. فقد شاهد كل تلك الجثث علىٰ طول الطريق. ولقد تركه المشهد مرعوبًا لدرجة أنه بالكاد حافظ علىٰ ضربات قلبه. بدأ يرىٰ أسلافه الساقطين كجزء من المنظر فحسب. فإن لم يفعل، لاجتاحته تلك المشاهد القاتلة المظلمة لدرجة لن يستطيع الاستمرار.
كانت المحرمات تتراكم.
لقد بدأ هُوَ وتاكيتسوبو هذا فقط من أجل النجاة، لكنهما أيضًا تلوثا علىٰ طول الطريق.
مد هامازورا شياغي أصابعه نحو مقبض الباب.
لمسه. وعصره.
فدوّره.
- الجزء 4
تدفّقٌ من الضوء كشف عن عالمٍ ما كان يفترض أن يُرَىٰ.
「...」
اتّضح أن العالم الآخر كان حفرة كهفية.
نامت هذه الهاوية في أعماق الأرض، ورغم ذلك، غمره ضوءٌ اصطناعي أكثر بكثير من النفق. ذلك بفضل أضواء الإنشاء المنتشرة هنا وهناك.
بلغ عرضها بسهولة أكثر من مئتين وخمسين مترًا، ولعلَّ عمقها يزيد ضِعف ذلك. قد تذكّر المساحة الدائرية المثالية المصنوعة من الخرسانة المسلحة في القاع أناسًا مختلفين بأشياء مختلفة.
قد يراها البعض مجرىٰ مرافق مشترك أو كولوسيوم دائري أو منصة تحويل في ساحة التبديل أو حتىٰ معبدًا تحت الأرض مكرّسًا لإله لا ينبغي لأحد أن يُصلِّي له.
لكن هناك عنصر حاسم ساعد في ترسيخ الصورة الصحيحة.
「قطار....؟」 تمتم هامازورا وهو ينظر إلىٰ الأسفل وراء الدرابزين.
كانت منصة تحويل.
أعمدة خرسانية نُصبت علىٰ فواصل متساوية حول الحواف، لكن لم يكن هناك أي منها في الدائرة المركزية. احتوت الأرضية الخرسانية المسطحة علىٰ دائرة أصغر مدمجة فيها، وهي التي ستدور لتغيير اتجاه القطار. امتدت السكك الحديدية خارج الدائرة في اثنتي عشر اتجاهًا مختلفًا، مما أبدىٰ المشهد وكأنه شيءٌ آخر: كزهرة معدنية عملاقة.
نعم، هناك سكك حديدية وإشارات مرور ومحولات كهربائية ومعدات صيانة وغرفة تحكم وقطار مكوّن من خمسة عشر عربة. كان قطار شحن.
「هل هذا هو شريان الجانب المظلم؟」
بالنسبة له وتاكيتسوبو، كان هذا لوح كرنيادس الذي سينقذ حياتهم.
لكنه شكّ في أن منصة التحويل هذه كانت كل شيء. لا بد أن هناك ساحة حاويات ومنطقة صيانة مخفية بعيدًا عن المركز.
سارا علىٰ طول الممر الضيق المبنيِ علىٰ الجدار الدائري ونزلا الدرج. لم تكن الجثث هنا. يبدو أن أول واصل إلىٰ هنا استخدم المرأة الشبحية للتخلص من أي عوائق تحيل بينه وهذه النقطة.
وبما أن القطار لا يزال هنا، فلا بد أن ذلك الفرد لا يزال هنا أيضًا.
يتشاركون هذا المكان مع القاتل.
「هامازورا」
「لا تخافي. أنا معكِ مهما حدث」
「ما قصدت. بل أرى أحدًا هناك بالأسفل. وليس وحده」
تلك صدمة. فتاكيتسوبو ريكو يمكنها تحديد مواقع الناس بدقة من خلال استشعار حقل AIM المنتشر منهم. لم تستطع استخدام هذه القوة كما في السابق، لكنها لا تزال قادرة علىٰ الإحساس بها إلىٰ حد ما.
تصاعد التوتر.
إن فردا واحدا يملك قدرة غريبة لأمرٌ مرعب بلا شك، لكن جماعة كبيرة منها نوعٌ مختلفٌ من الخوف. غيّر أولوياته ذهنيًا إلىٰ ضمان هروب تاكيتسوبو علىٰ الأقل إذا ساءت الأمور.
كان المخرج الوحيد هنا في الأعلىٰ.
تركه يعني الوقوع في نهايةٍ مسدودة من كل الجهات.
「......」
بعد نزولهما آخر مجموعة من السلالم، وصلا إلىٰ أعماق القاع.
شعرا أن الأمر مختلفٌ تمامًا عن ما بدا عليه المنظر من الأعلىٰ. لكن هذا لم يكن مفاجئًا، فمئتان وخمسون مترًا أكبر من ملعبٍ مغلق. كأنك ترىٰ ملعبا رياضي يبدو أضخم بكثير من المدرجات مقارنة برؤيته علىٰ شاشة التلفاز.
نعم، هامازورا شياغي كان الآن واقفًا علىٰ المسرح. لم يعد مجرد متفرج ينظر من الخارج.
『ياهٍ، جئتَ فعلا. يا للخسارة』
لثانية.
لثانية صَمَدۡ، وفجأة انهارت ركبته فسقط علىٰ الأرض. لم يستطع إبقاء كتفيه على نفس المستوىٰ، وقوته الخائرة لم تعد.
「ما—!؟」
كانت المرأة الشبحية.
هل كانت نافعةً أم ضارة؟
لقد صنعت من ذلك النفق تلطخا بالدم إلىٰ درجة يستحيل معها الادعاء بأنها تحاول الهرب من مدينة الأكاديمية لكرهها الصراع. بل علىٰ العكس، بدت أشبه بروح انتقامية ترفض السماح لأي إنسٍ بمغادرة المدينة.
بشعرها الأشقر الطويل المربوط علىٰ شكل ذيلين وفستانها الأزرق الفاتح، تبدو كدمية غربية. لكنها لم تضربه أو تركله فعليًا. نظرةٌ واحدة عليها من زاوية عينه ألحقت به ضررًا قاتلا.
سائل ذو رائحة صدئة تقطر من عينيه وأنفه.
أراد أن يصرخ ويتقلب علىٰ ظهره، لكنه في الواقع كان متكورًا علىٰ نفسه وغير قادر علىٰ الحركة.
مواجهتها = الموت.
ذلك مخيفٌ خبيث بحيث لا يمكن ربطه بعلامة "يساوي" بكل بساطة.
『لا فـٰائدة』
سارت المرأة الشبحية دون صوت. نقلت نفسها من زاوية رؤيته إلىٰ المركز.
『ولا تأمل بشيء سخيف يحميك مني كأن تتصدي بدرع أو تتفادي مقذوفة بسرعة فائقة. من اللحظة التي ترىٰ فيها وجهي، يكتمل الهجوم. أقف عرضًا في زاوية رؤيتك فألحق فيك الضرر مستمراً حتى وإن لم تدرك وجودي』
أدرك أن الأمور الغريبة كانت تحدث دائمًا عندما تُكلِّمه المرأة الشبحية. ولماذا شغّلت الأضواء في هذا النفق؟ لعله أفادها بشكل أو بآخر.
إذا رأيت شبحًا وقت القيادة، فيصيبك حادث.
إذا اختفت ملامح وجهك أو يداك أو قدماك في صورة شبحية، فسوف تجد جروحًا أو علامات غير طبيعية علىٰ جسدك.
هل يعني ذلك أنها أعادت إنتاج تلك الظواهر المرتبطة بالأشباح بشكل مصطنع؟ لم يُرد تصديق ذلك، فذلك سيعني أنه لن يستطيع شيئا ضدها.
「هاماز—!؟」
『لاحظتِ أنتِ؟ أرى أن حواسك أحَدُّ』
سحبت الفتاة ذات البدلة الرياضية هامازورا بسرعة نحوها، لكن المرأة الشبحية لم تبدِ أيَّ اهتمام.
علاوة علىٰ ذلك، إذا كانت رؤيتها تعني الموت فعلًا، لماتت تاكيتسوبو أيضًا، لكنها بخير؟
『ولا أعني بكلامي عنك شيئا غير محدد كالحاسة السادسة لرؤية الأشباح. أسألكِ هل لديكِ قدرة متعلقة بحقول AIM المنتشرة؟』
「.....ليس حولكِ حقل AIM؟ لا، بل قوةٌ قوية وغير مرئية تشتت عنكِ ذلك الحقل الأضعف」
『يُسمونها القطع بالجهد العالي. قد يكون مبدؤها مشابهًا لما يُعرف بألماس الصدمة الذي يظهر في لهب محرك الصاروخ أو لظاهرة التكهف حيث تتكون فقاعات الهواء حول مروحة الدفع. الإطلاق المستمر لطاقة قوية يخلق موجات غير منتظمة وصورًا مشوشة أثناء تداخلها مع نفسها』
「غه!؟ أي طاقة؟؟؟」
『تعثرين علىٰ الطاقة في كل مكان』 وبدت نبرتها خفيفة، لذا فإن فهم كيفية عملها لم يكن ليساعد علىٰ تفادي آثارها. 『ثاني أكسيد الكربون وأكسيد النيتروجين اللذان تنشرونهم بلا تفكير يشكلان المطر الحمضي عندما يتحدان مع الرطوبة في الهواء. يمكننا أن نحصل علىٰ الكهرباء بأن نغرس قطبين كهربائيين في ثمرة فاكهة، أتدرين؟ النحاس والزنك من الضروريات لدرجة أنكِ تجدينهما في كل مكان. باستخدام ذلك، تنتجين غاز الهيدروجين إضافةً إلىٰ الكهرباء. وكل ما أحتاجُه هو امتصاص الطاقة من بطارية حضارية بحجم مدينة أو حتىٰ أكبر. ذلك يكفيني لإنشاء نقطة شاذة واحدة داخل تلك الطاقة المستقرة』
「.....」
『ما هي أشيع أنواع الأماكن المسكونة؟ المنازل القديمة المليئة بالتيارات الهوائية والمنحدرات والكهوف المتآكلة بفعل الأمواج والطرق الجبلية أواخر الليل. هذه الأماكن دائمًا مليئة بضجيج كضجيج الكهرباء الساكنة أو اختلافات الضغط أو صرير الأبواب الصدئة أو حفيف الأشجار في الرياح. هل سبق لك أن سمعت صوتًا شبحيًا في طقطقة الكهرباء الزائدة أو في هدير غاز الهيدروجين عند اشتعاله؟ يمكنني أن أوجد كما أنا أينما وُجِدَتْ الحضارة البشرية. إن كنت ترغبين في قتلي، فعليك بتدمير طريقة عيشكم ذاتها. وعلىٰ نطاق عالمي』
كان هذا أكثر مما يمكن احتماله.
لم يستطع فهم تفسيرها. وحتىٰ إن ظنّ أنه فهمها، لم يخبره ذلك كيف يقضي عليها.
شهقت تاكيتسوبو وتحدثت بينما تمسك به.
「أفهم أن الاستخدام المستمر لطاقة هائلة غير مرئية يمكن أن يخلق في النهاية شيئًا غير طبيعي. ولكن إذا كان رؤيتك وحده يقتل، فكيف تختارين أهدافك تحديـ—」
لكنها توقفت فجأة.
رأت شيئًا من زاوية عينها، لكنها لم تكن الشبحة الاصطناعية هذه المرة. من خلال فجوة في باب إحدىٰ حاويات قطار الشحن، رأت مجموعة متناسقة من الألوان تتلصص عليهم.
كانوا أطفالًا صغار يرتدون ملابس رياضية ونوعًا ما من الأجهزة. وكان عددهم يتجاوز العشرة أو العشرين.
كلهم كانوا جزءًا من تجربة الشبح.
لا بد أنهم رأوا المرأة الشبح وهم يراقبون بتوتر، ويبدو أنهم كانوا ينتظرون بفارغ الصبر ليروا إن كانت ستصد هؤلاء المتسللين الغرباء. لم يكونوا يعلمون. لم يُخبَروا بما هم يُستَغلون. إن مجرد النظر إلىٰ صورة شبحية يمكن أن يكون ضارًا، وكلما طالت مدة النظر إليها، زاد الضرر. وكانت هذه المرأة تجسيدًا مثاليًا لتلك القوة، لدرجة أنها قضت علىٰ العديد من نخب [الجانب المظلم].
ومع ذلك، تمكنت من اختيار هدف واحد بدقة من بين العديد من المرشحين.
كان ذلك أشبه بإطلاق سهم لإصابة تفاحة علىٰ رأس أحد. دون أن تشرح أي شيء للأطفال الذين تم تزويدهم بتلك المستشعرات.
「...ء...」
صرّ الفتىٰ الجانح أسنانه بقوة.
بالكاد اقتدر الحركة، وكانت تتحكم بحياته، ولم يكن لديه أدنىٰ فكرة عن كيفية مواجهتها. كان عليه تجنب إغضابها بأي ثمن. هو يعلم ذلك، لكنه مع ذلك صرخ في وجهها:
「أيا الوضيعة.....ءء!!」
『نادنيِ ما شئت. وبصراحة، أراها مدحةً ليِ』
مدّت المرأة الشبحية كفّها نحوه، وكانت تشبه أميرة من قصص الخيال. لم يكن عليها حتىٰ أن تقوم بأي حركة لتؤذيه، فمجرد وجودها المستحيل كان كافيًا للهجوم. لذا، كانت تلك الإيماءة عبثية.
لكن عينيها انحرفتا عنه بشكل غير طبيعي.
إلىٰ الجانب.
فانشطرت حاوية احتياطية بالقرب من القطار إلىٰ شطرين.
ثم هبط شيءٌ ما من الأعلىٰ كصاعقة برق.
ظهرت شخصية حمراء تحمل ساطورًا سميكًا مصنوعًا من معدن ثقيل.
كانت الآلية الأندرويد ترتدي ملابس سباحة ضيقة بلون البرتقالي والأسود كألوان الحشرات يشبهان. قُصّت غرتها القرمزية الطويلة بشكل مستقيم، وكان جسدها نحيف.
انعكست زهور كرتونية في عينيها الميكانيكيتين.
『وجه متعجرف』
「هلا هلا」 قال شايبٌ نحيف البدن يرتدي بذلة زرقاء ومعطفا مختبري. 「أكره مقاطعتكِ وقت انشغالك، لكن يجب أن أصرّ」
هزّت المرأة الشبحية كتفيها غير مكترثة.
『أكنت تأمل في ركوب القطار؟ حسبتُكَ من الضارين الذين سيبقون في المدينة ويقاومون حتىٰ النهاية المريرة』
「لا تهمني التصنيفات التي فُرضت علىٰ الجانب المظلم من الخارج. كل ما يعنيني هو أبحاثي. كانت مدينة الأكاديمية بيئة رائعة لذلك، ولكن إن تغيّر الحال، فلا مانع من الرحيل والبحث عن مكان أكثر ملاءمة」
『أنت ترانيِ، أليس كذلك؟』
「أكيدٌ تعرفين فقط راقبي حركات عيني」
『وهل تدرك ما يعنيه ذلك؟』 أرسلت شزرةً إيحائية نحو الآلة التي جاءت معه. 『في حال لم تكن علىٰ دراية، فأنا مقتدرة علىٰ تعطيل العدسات الميكانيكية وأجهزة الاستشعار بنفس سهولة تأثيري علىٰ الجسد البشري. صور الأشباح تنتج عن تدخل الأشباح في الآلات البصرية، صح؟ قد تكون هذه تحفتك الفنية، لكن ألست مُغترًا بجلبك إياها ضدي؟』
ظلت عصيّة اللمس. تقتل الأفراد بنظرة ولو من زاوية رؤيته، ولا حتى الآلات تقدر عليها شيئا. أوكانت حقا بلا نقاط ضعف؟
「إيه، أتصور」
لكن الشايب لم يبدو مهتمًا بذلك.
هذا الرجل الشايب الغامض الذي عُرِف باسم كيهارا لم يكن منزعجًا من كون حياته بين يديها.
「أنتِ الأقوىٰ في معركة الأفراد. ونظرا إلىٰ قدرتكِ الفتّاكة وحدها، قد تفوقين الـ#3 وحتىٰ الـ#2」
『.....』
يبدو أن حتىٰ الأشباح تستشعر نذير السوء.
ولعلّ هذا العالم مصاب بمرض يجعل جميع التنبؤات السيئة تتحقق.
「لكن في هذا الموقع بالتحديد، أرى أنكِ كذلك ستجدين نفسكِ عاجزة علىٰ استخدام قوتكِ الكاملة」
『ما—غهءء!!!!؟؟؟』
أعطاها ما يكفي من التحذير، ومع ذلك، فجأة انحنىٰ ظهرها وتجمدت في الهواء بوضعية غير طبيعية. استمر صوت شدٍّ غامض وكأنه شيء يسحبها من كل الاتجاهات ثم بدأ جسدها يتشوه. تمددت وانضغطت، كما لو أن وجهها قد التصق بزجاج غير مرئي.
شيءٌ كان يحدث.
ظن هامازورا أن المرأة الشبحية كانت كيانًا غير ملموس، كالسديم أو الطيف. لكنها لم تكن. لديها عمود فقري يمكن أن يُشد، وعضلات يمكن أن تصرخ من الألم، وأعضاء يمكن أن تلتويِ بشكل غير طبيعي.
ثم صدرت طقطقةٌ عجيبة منها. بدأ حجمها يتضاءل شيئًا فشيئًا كأنها تُسحق من جميع الاتجاهات. والشايب يحمل شيئًا في يده المغطاة بقفاز هندسي خاص. بدت كعلبة حلوىٰ فارغة، لكنها لم تكن كذلك. في أعلاها ثقبٌ صغير جدًا.
اُمتُصَّت المرأة الشبح في ذلك الثقب الصغير مثل سائل أو غاز. لم يُرِد هامازورا حتىٰ أن يتخيل ما كان يحدث داخل تلك العلبة. لم يستطع إلا أن يقول شيئًا واحدًا وهو مذهول.
「كاميرة... ذات ثقب؟」
「القطع عالي الجهد؟ فهمت، نظريةٌ غريبة، لكنها لا تزال شكلاً من أشكال الطاقة غير المستقرة. وكل طاقة تنتقل من الأعلى إلى الأدنى—من غير المستقر إلى المستقر. هذا يكفي لتفكيك شكلها وإحراق صورتها」
ترك الشايب علبة الحلوىٰ من يده.
كان على وجهه تعبير طفل شقيِ أدرك لتوه أنه يستطيع صنع عرض شرارات خاص به بمجرد وضع مشبك معدني في الميكرويف.
「هذه هي الطريقة المُثلَى لتصوير شبح، ألا تظن؟ الكاميرة الرقمية لن تتناسب مع الأجواء」
أسقط العلبة على الخرسانة الباردة ثم سحقها بكعبه. لم يلقِ حتى نظرة على العلبة المسطحة.
「أعظم محرمة في المدينة الأكاديمية」 مسح على أسفل ظهره. 「أتمنى أنك لم تظن أن مجرد شركة إنشاءات تبنيِ نفقًا سريًا للخروج من المدينة سيكفي لكسب لقبٍ كهذا. بوجود شيءٍ مثلها هنا، كان أجدر عليك حقًا التفكير في احتمال آخر」
「ما، ذا؟」
هامازورا شعر بأن "اللعنة" غير الطبيعية قد ضعفت، لكنه لا يزال غير قادر علىٰ النهوض من الأرض. فقط الآن، بدا الشايب وكأنه أدرك وجود شخص آخر يحاول الوصول إلىٰ لوح كرنيادس.
هامازورا يعلم أن أي انتباه يُوجه إليه لن يجلب سوىٰ الكارثة.
وابتسم كيهارا هاسو.
「دعني أوضح لك شيئًا. هناك عضو في مجلس الإدارة بنىٰ ثروةً هائلة من أعمال البناء غير الرسمية [للجانب المظلم]، لكنه لا يعرف شيئًا عن هذا. هذه البنية الضخمة تحت الأرض ظهرت فجأة، من العدم」
「......؟」
من العدم؟
هامازورا قد عمل علىٰ تشغيل آلات البناء من قبل، لذا كان يعلم كم كان قوله هراء. هل يدرك هذا الشايب كم من الوقت يستغرق حفر نفق بهذا الحجم؟
لكن الشايب بدا جادًا.
جادًا للغاية.
「نفق التوار هذا لا وجود له」
هامازورا لم يكن لديه أدنىٰ فكرة عما يُفترض أن يعنيه ذلك.
لم يكن منطقيًا. إن كان صحيحًا، فأين يكونون الآن؟؟؟
الشايب أعطىٰ الإجابة.
「كازاكيري هيوكا لم تكن مجرد فردٍ واحد. بل قل إنها جزءٌ من [منطقة الأعداد التخيلية]، تلك مدينةٌ بأكملها نشأت من تجمع حقول انتشار AIM. ....كلها بدأت بمشروع يهدف إلىٰ اقتطاع جزء من تلك المنطقة واستخراجه كمصدر موردٍ جديد. علىٰ عكس الخيمياء المجهرية التي تُجرىٰ داخل مُسَرِّعات الجسيمات، كان هذا علىٰ نطاق واسع وبتكلفة زهيدة. لكن حتىٰ الباحثين الذين وجّهوا كل تلك القوة عبر المدينة لم يتوقعوا أن تأخذ هذا الشكل. أعظم محرمة في مدينة الأكاديمية، يا له من اسم درامي. في الحقيقة، كانت مجرد فشل ذريع تطلب التغطية عليها. كل من شارك فيها كان في قمة اليأس」 ثم مسح علىٰ أسفل ظهره مرة أخرىٰ. 「ممرٌ غير موجود ربط مدينة الأكاديمية بالعالم الخارجي بشكل غير رسمي، مما زاد من خطر انهيار العالم الخارجي بسبب التبادل الثقافي والتلوث التكنولوجي. كان من الممكن أن يُدَمّر العالم كله من هذه النقطة الواحدة. كان الباحثون يأملون في استخراج مواد من [منطقة الأعداد التخيلية]، لكن ما قد خرج من هناك ربما كان سيحوّل العالم الخارجي إلىٰ شيء بشع حقًا. ...نعم، بقاء العالم كما هو الآن كان مجرد حظٍّ غبيِ. لم يكن لنا أي فضل في ذلك. فقط لأن كازاكيري هيوكا والوحوش غير البشرية الأخرىٰ لم يهتموا بالأمر. فلو خطر ببالهم أي شيء وطبّقوه، لصار العالم كان」
「أتعني....」 تاكيتسوبو، من كانت تفهم أمور AIM أكثر من غيرها، ردت بصوت خافت. 「أنكم كنتم تبحثون في نقيض تلك الشبح؟ الشبح مصنوع من طاقة قوية، بينما [المنطقة ذات الأعداد التخيلية] هي تجمّع لقوىٰ ضعيفة. فلمّا اجتمعا معًا، تسبب ذلك في خلل وظيفي للشبح.... كُنتَ تحاول استخراج مواد غير عضوية من تلك المدينة الخفية، أليس كذلك؟」
「من الصعب أن نحدد إن كان ذلك البحث تقدمًا أم تراجعًا. كما قلت، لقد فشلوا. لم يسيطروا عليها، لذا حتىٰ بقايا مشروعهم التي تراها هنا لا يمكن محوها. أعتقد أن نصف عمرها الطبيعي كان حوالي اثني عشر ألف سنة. في أسوأ الحالات، كان من الممكن تحويل [المنطقة ذات الأعداد التخيلية] إلىٰ أعدادٍ حقيقية مما يؤدي إلىٰ سحق مدينة الأكاديمية بأكملها. أعتقد أن المشروع كان يمكن أن ينجح لو تمكنوا من اقتطاع جزء بحجم قابل للاستخدام ثم يجدوا طريقة للتحكم بها. من هذا المنطق، تلك الشبح بالفعل هي الأقوىٰ كفرد، ونجاحٌ يُحسد عليه」
حتىٰ هامازورا بدأ يفهم ولو من بعيد لماذا تعرّضت المرأة الشبح للخلل فجأة.
لم يكن بإمكانهما التواجد في نفس المكان.
شبحان لا يمكن أن يتواجدا معًا. كأنك تُثبّت برنامجَين مختلفَين للأمان علىٰ نفس الحاسوب، فيتعارضان.
「لكنها كذلك لمخاطرةٌ كبيرة. احتمالات النجاح كانت منخفضة، ولو خَسِرَ النفق، لكانت هذه المساحة المؤقتة قد اختفت، ولأصبحنا جميعًا حفريات مدفونة تحت الأرض」
سمع هامازورا هسهسة وصفير فالتفت ليرىٰ الأندرويد تلوّح بساطورها السميك بجانب الشايب. هذان الاثنان قد فازا برهانهما، ولم يعد هناك من يستطيع إيقافهما.
كيهارا هاسو أدار ظهره لهامازورا ونظر إلىٰ أحدٍ آخر.
「والآن، تخلصتُ من حارسك الشخصي. أفلا نتحادث كالبالغين؟」
- الجزء 5
「متى ينطلق القطار؟」
「أه، الأخ غادر توّه」
كان الأطفال ذوو الملابس الرياضة يتهامسون لبعض ويسترقون النظر عبر الباب المتشقق لحاوية قطار الشحن.
ولكن بينهم...
「آهخ، وجعتنيِ....」
احتجّت الفتاة ريساكو.
لكن سُدَتِ تجاهل ذلك واستمر يشدّ معصمها النحيف. كان الولد الكبير مخيفًا نوعًا ما وهو لا يقول شيئًا.
「اسمعيِ يا ريساكو」 تحدث بسرعة بينما كان يسير في الظلال مخبئا نفسه. بدا وكأنه يحادث نفسه أكثر من الفتاة. 「تقدرين الهروب. لم يفت الأوان بعد. وما إن تصلي إلى السطح، اذهبي وأخبري الكبار عن كل هذا. أعلم أنك قادرة」
「لماذا؟ القطار يكاد ينطلق」
「أما زلتِ لا تفهمين!؟」 صرخ ويداه على كتفيها. 「إنهم يجعلوننا نرتدي هذه الملابس وهذه الأجهزة، يبقوننا معزولين عن بقية المدينة، ولا يسمحون لنا بالذهاب إلى مدرسة عادية. نحن الأطفال الخطأ، فلن يلاحظنا أحدٌ حتى لو اختفينا فجأة. إنهم يربوننا فقط ليستغلوننا في شيءٍ ما. يُسمّنوننا ليأكلوننا!」
「لكن...」
「وليس لنا هواتف حتى لنطلب المساعدة. ليس من الطبيعي أن نكون بهذه العزلة. لهذا السبب كنتُ أترك علامات على وجودنا: مكعبات بناء وكتب مصورة وكرات ومثلها. كنت أتركها في الخارج قبل أن تتحرك الشاحنات، وكنت أتأكد من كتابة أسمائنا وأرقام لوحات الشاحنات ومعلومات أخرى عليها! لكن لم يصل أي شيء منها إلى الكبار. لم تصل جهودنا إلى أحد!!」
كانت تعتقد أنه كان يسرق الأشياء لأنه أناني. كانت تعتقد أنه كان ينسى تلك الأشياء في مخابئه السرية لأنه مهمل. لكن الأمر لم يكن كذلك.
「يقولون إنهم جهات خيرية مسالمة؟ سخافة. ماذا سيتغير بعد أن نصعد على متن هذا القطار ونغادر المدينة الأكاديمية؟ لن يبقى أحدٌ ليراقبهم بعد الآن!! وما إن يحدث ذلك، أعلم أنه سيزيل قناعه. وسيأخذ الأمر إلى أبعد من ذلك! لذا، على الأقل، عليكِ أن تهربي قبل أن يحدث ذلك!!」
「سُدَتِ-تشان...」
「سأصنع لكِ فرصة」 نظر إلى الفتاة مباشرةً وتحدث بوضوح. 「لن أسمح له بتحويلكِ إلى فأر تجارب مهما حدث!!」
- الجزء 6
رجل نحيف بعض الشيء تقدَّم. يرتدي سترة سفاري قصيرة الأكمام وقميصًا واقيًا من الطفح الجلدي مما أبداهُ كمغامر من الطراز القديم، لكن كاميرة الويب المثبتة على جانب رأسه منحته مظهرًا أكثر حداثة لشخص يمارس الأنشطة الخارجية. بدا وكأنه نوع مختلف من الباحثين مقارنةً بالميكانيكي الشايب ذي المعطف المختبري وبذلة العمل.
كان خبيرًا في زيارة الأماكن التي يُقال إنها مسكونة حول العالم وكشف السبب العلمي للظواهر الغريبة هناك. لكنه كان قد أعاد خلق مثل هذه الظواهر بشكل مصطنع أيضًا لاستخدامها لأغراضه الخاصة.
ابتسم ورفع يديه هازلا. عندها سأله كيهارا هاسو، بينما لا تزال الفتاة ذات السلاح الفتاك بجانبه.
「ما اسمك؟」
「دُرِنشر كيهارا رِبَتُريِ」
「أرى، إذن أنت هو」
تحركت حاجبا الشاب قليلًا استجابة لنبرة الشايب المتعجبة.
「ما حسبتُ أن مثلك قد سمع عني」
「بل أنت... معروفٌ معروف」
بنبرته وطريقته أوضحت لهامازورا أنه لا يقصد ذلك بالمعنى الإيجابي.
كان هذا صدامًا بين اثنين [ضارين].
تجاهل العالِمان الصبي والفتاة تمامًا وبدآ مبارزة لفظية. كان هامازورا يعلم أنه لن يتحمل الجلوس والمشاهدة كمجرد حكم أو متفرج، لكنه لم يكن يملك طريقة للتدخل.
「كما ترى، جئنا من مستويات مختلفة من الجانب المظلم. إذا لم يعد هناك مكان لنا في مدينة الأكاديمية، فإن مغادرة المدينة خيار منطقي. لكن هل لوح كرنيادس كبير بما يكفي لمجموعة واحدة فقط؟ أظن أنه يمكن أن يحمل كلينا بكل بساطة وسهولة」
بدا هذا الاقتراح مفاجئًا... لكن ربما لم يكن كذلك. فالمرأة الشبح هي التي كانت تذبح جميع أفراد الجانب المظلم الآخرين الذين حاولوا الوصول إلى هذه النقطة. أما الأندرويد، فقد هاجمت وحدة الأنتي-سْكِل، لكنها لم تحاول مطلقًا القضاء على نظرائها في الجانب المظلم. لقد هاجمت هامازورا بالقرب من خيام صانع الوثائق المزيفة، لكن لو تقتل كل من تصادفه، لما خرج الناس العاديون في مدينة الملاهي سالمين.
الشاب هز كتفيه.
「إن كان هذا يجنبنا القتال، فلا مانع. ليس وكأن لدي خيار آخر، ها؟」
「بافتراض أنك لا تملك أوراق رابحة أخرى」
「إذن، أستسلم」
لم يتردد. في الواقع، فوجئ هامازورا بأنه كان مستعدًا للتراجع لإنقاذ حياته. لقد كوّن انطباعًا بأن الأفراد المتطرفين من الجانب المظلم مستعدون للتضحية بحياتهم لتحقيق أهدافهم.
ذلك الشعور فاجأ هامازورا وأخافه في الوقت ذاته. أدرك أنه قد تأثر بالجانب المظلم أكثر مما ينبغي. كان يخشى أن يصبح الضرر دائمًا إذا واصل التعمق أكثر. بمجرد أن يصبح "ضارًا"، لا رجعة منها.
「لقد كانت مشروعي الثمين، أتدري؟ أعني، فلرساند #G. كنت أعلم أن أعظم محرمة في مدينة الأكاديمية ستكون تحديًا، لكنني لم أتخيل أبدًا أنها كانت كتلة ضخمة من حقول انتشار AIM」
「كل شيء له توافقه الخاص. في الواقع، لم أكن لأنتصر أبدًا لو لم نكن هنا في الأسفل. عطّل هذه الفتاة من العمل وسأكون عاجزًا تمامًا」
لم تفعل الفتاة ذات الشعر القرمزي شيئًا لمقاومة اليد المتيبسة التي تمسح رأسها.
كان الرجلان يتوصلان إلى اتفاق. وهذا لم يكن جيدًا. لم يكن لهامازورا وتاكيتسوبو أي شيء يساومان عليه. وبهذا المعدل، ربما يحصل كل منهما على رصاصة في الرأس هديةً وداعية. الخيار الوحيد الآخر الذي يمكنه تخيله هو أن يتحولا إلى فئران تجارب في تجربة غريبة.
「أوه، صحيح」 بدأ الشايب حديثه بلا مبالاة.
إذا قال: 「ماذا نفعل بشأن كتلتي اللحم هاتين؟」 فالهلاك مصيرهما. ولم يكن هامازورا قادرًا على التنبؤ بما سيفعله ذلك الكيهارا. شعر بانقباض مريع في قلبه.
أخيرًا، تابع كيهارا هاسو حديثه.
「بما أننا سنشارك القطار، سأكون المسؤول. ولذا، إن كنت تريد ركوب القطار، فطبيعي أن تدفع لي أجرة صغيرة، أليس كذلك؟」
「......أتريد ملاحظاتي البحثية عن فلرساند #G؟」
「لستُ بالهمجي. ملاحظات الباحث هِيَ من روحه. إنها ثمرة عملك، فخذها معك إلى قبرك」
「فماذا تريد؟」
「بعضًا منهم」
ظل صوت الشايب هادئًا كعادته وهو يصوب قفازه الهندسي إلى صوب مختلف تمامًا. يشير إلى الأطفال الذين يرتدون ملابس الرياضة والذين كانوا يختلسون النظر من خلف الغطاء، دون أدنى فكرة عمّا كان يُناقش.
「اختر بعضهم عشوائيًا. أنوي استئناف بحثي بمجرد أن تهدأ الأوضاع، لكن القواعد مختلفة خارج المدينة. لا يمكنني البدء في اختطاف الناس من الشوارع حتى أُنشئ قاعدة مناسبة، لذا أحتاج إلى إمدادٍ مبدئي لتلك الفترة الانتقالية」
تجمد هامازورا وهو يستمع.
هذا هو الجانب المظلم. هكذا يفكر نخب ذلك العالم الراكد.
「تلك الفلرساند #G مهمة لأبحاثك، لكن الأمر ليس كذلك مع فئران مختبرك أولئك، صح؟ كم عدد أرواح المراقبين التجريبيين التي أُزهقت حتى تمكنت من إعادة إنتاج تلك الشبح الاصطناعي بشكل صحيح؟ بما أن أبحاثك دخلت مرحلة الاستقرار، فسأفترض أنك لم تعد تستنزف هؤلاء الأطفال الخطأ بنفس الوتيرة التي كنتَ عليها سابقًا」
「هِه」 ضحك دُرِنشر كيهارا رِبَتُري بخفة.
أنزل يديه المرفوعتين ببطء. لربما قرر أن ذلك لم يعد ضروريًا. فقد رأى الظلام هو الآخر، فتحدث بنفس النظرة التي في عيني الشايب.
「صحيح أنهم جميعا أطفالٌ خطأ. وبغض النظر عن كيفية معاملتهم في العالم العادي، فنحن نعلم تمامًا ما تعنيه هذه الكلمة في الجانب المظلم. نعم، جمعتهم معًا ودعوتهم إلى مختبري. تأكدت من أن يكون لدي مخزون وفير من الأرواح المريحة حتى استخدمها كما أشاء عندما لا تكفي أشكال البحث الأخرى」
「إذن، تعطيني بعضهم؟」
「احلم يا ابن الكلب」
- الجزء 7
طا!! ططاخ!! دوت عدة طلقات نار.
- الجزء 8
هامازورا شياغي لم يفهم ما الذي حدث للتو.
「هامازورا!!」
رفض جسده الامتثال لأوامره، لذا اضطرت فتاة البدلة الرياضية تاكيتسوبو إلى دفعه نحو الأرض.
الشاب قد أخرج مسدسًا يدويًا. لم يكن أكثر من مسدس دوّار صغير، لكنه مع ذلك أطلق النار مرارًا من مسافة لا تتجاوز بضعة أمتار.
ولكن...
「أغغ...」
「هذا لن يجدي،」 قال الشايب.
تطاير شعر الأندرويد القرمزي بينما كانت تمسك بساطورها الضخم، وقد غرست قدميها العاريتين خطوة أمام هاسُو. لم تكتفِ بصد جميع الطلقات، بل استخدمت ارتدادها هجومًا مضاد.
لم يكن أكثر من مسدس دوّار صغير.
عندما تبدأ في التفكير بهذه الطريقة في هذا البلد، فهذا يعني أن شيئًا قد انحرف بشكل مريع.
كان في الشاب عدة ثقوب أعلى جسده، وانتشرت بقع حمراء داكنة على ملابسه. لم يساعده انحناؤه على شيء، لذا انهار أخيرًا على الأرض.
تحدث الشايب ذو بذلة العمل ومعطف المختبر، بنبرة متأففة بينما كانت أقوى دمية تحميه.
「إنهم مجرد أطفال. وليس الأمر وكأنني أطلبهم جميعًا. اثنان أو ثلاثة فقط يكفون」
「أردتُ... حمايتهم من أوغاد الظلام الذين يفكرون بهذه الطريقة،」 بصق الشاب كلماته بينما كان يكافح لالتقاط أنفاسه وهو على أطرافه الأربعة. لقد تخلى عن محاولة تغطية جراحه. 「لكن لم ينجح أي شيء فعلته في العلن. لم أتمكن حتى من الحصول على معلومات حول مكان وجود هؤلاء الأطفال. الطريقة الوحيدة لمحاربة الجانب المظلم... كانت أن أصبح منكم. كدت أضحك عندما رأيت عدد الناس الذين ركضوا إليّ حينها، مدّعين أن أبحاثي كانت ذات قيمة كبيرة. عندما قلت إنني بحاجة إلى أرواح أطفال للقيام بذلك، مسحوا على كتفي ووافقوا على كل شيء. بينما كانوا يحتسون بسعادة كأسًا من أرقى نبيذ هذا العام بأيديهم الأخرى. هذه المدينة فاسدة حتى النخاع」
「ألستَ دُرِنشر كيهارا رِبَتُري؟」
「الادعاء بأنني كيهارا كانت أسرع طريقة للحصول على ما أريد. هَهَه. كان كبار الشخصيات مذعورين مني حقًا」
「اللعنة،」 بصقها هامازورا شياغي.
لم يكن الشاب يرى حالته أولوية.
كان صحيحًا أن المرأة الشبحية قد استخدمت الأطفال. لقد وُضعوا في موقع حيث كان بإمكانها سحق حياتهم في أي لحظة. لكن هل رأى هامازورا أي مرة أنها قتلت طفلاً بالفعل؟ ماذا لو كانوا يعيشون في عالم اضطروا فيه لأخذ التمثيلية إلى هذا الحد حتى يُصَدّقوا؟
كان الشايب قد سأل عن عدد الأرواح التي فُقدت قبل أن يتمكن الشاب من إعادة إنتاج الشبح الصناعي بشكل صحيح، لكنه لم يُجِب أبدا.
وهذا في حد ذاته كان الجواب.
لم يضحِّ بأحد. ولا واحد.
كان يريد جمع هؤلاء الأطفال المعروفين باسم الأطفال الخطأ ويسحبهم من الظلام. قد كان هناك بالغون مستعدون للغوص في الجانب المظلم فقط من أجل ذلك.
مثلهم موجودون حقًا.
ومع ذلك...
「أنت تكذب」
رفض هامازورا فجأة هذا الافتراض برمّته.
لأنه إن قبِل به، فسيتعين عليه الاعتراف بقبحِهِ. حتى لو كان قول ذلك يعني كشف مدى بشاعته في مقاومة ذلك بكل ما لديه.
「لقد رأيتُك من قبل. كنتَ في مكان ذاك المزور! كنتَ تجهز جواز سفر لنفسك حتى تتخلي عن هؤلاء الأطفال وتغادر المدينة!!」
「كل شيء كان سيمر بسلاسة أكبر لو أن ذلك نجح」 ابتسم الشاب بوهن. 「لو كنتُ تظاهرت بالفرار بجواز السفر ذاك، لكان تركيز كل من الأنتي-سكل والجانب المظلم قد تحوّل نحو مطار المنطقة 23. حينها، سيقدر الأطفال على الهرب بأمان تحت الأرض هنا. ما كان من المفترض أن أكون معهم أبدًا」
「~~~!!!!!!」
شعر هامازورا وكأنهما يعيشان في عالمين مختلفين تمامًا.
وكان هذا الشاب بالتأكيد على الحق.
شعر هامازورا بالضآلة والاحتقار لأنه كان يتصرف دائمًا فقط لحماية نفسه وعشيقته.
「أعلم أنني لا ينبغي لي أن أطلب」
نظر الشاب نحوه. كما لو كان يقول إن الأمر لا يهم حقًا إن كان كيهارا أم لا.
عيناه كانتا تعرفان كيف تنظران إلى النور، ولكن لسبب ما، كان يوجه نظره الآن إلى فردٍ فاسد مثل هامازورا.
「ولربما يكون من الأفضل تدمير الجانب المظلم، ولكن أرجوك، اعتنِ بهؤلاء الأطفال. أنتَ الوحيد الذي يمكنني أن أتركهم معه الآن. عندما رأيتَ حبيبتك تتألم، ذعرتَ ونثرت المستلزمات الطبية على الأرض مستعجلا. رأيتُ ضميرا حياً في عينيك. ولم يكن لك خيار سوى السقوط إلى هذا الحد، ولكن لا شك في داخلك مقاومة للجانب المظلم لا تزال」
「مهلا، لستُ هكذا مع الجميع! لا تلقي بحملك عليّ! إنها حبيبتي، لذا من الطبيعي أن أفعل كل شيء لإنقاذها!!」
「هَهَه. اعتقادك أن هذا "أمر طبيعي" هو ما يجعلك حالة نادرة في الجانب المظلم. لا تقلق، أعلم أنك قادر. لأنك، بعد أن سقطت في هذا العالم القذر، تمكنتَ من العثور على شخص تهتم لأمره، وقررتَ البحث عن السلام بدلا من مطاردة الإثارة التالية」
كان هامازورا وتاكيتسوبو قد سمعا لأول مرة عن أعظم محرمة في مدينة الأكاديمية من هذا الرجل.
كان هامازورا متحفظًا لأنه لم يكن هناك صواب في الجانب المظلم، ولأن الرجل لا بد أن تكون لديه أسبابه الخاصة.
هل كان هذا هو السبب؟
هل كان مجرد تأمين احتياطي، في حال حدث الأسوأ؟ بدلًا من القلق بشأن نجاته، كان يبحث عن ضمان لما سيحدث بعد موته.
ومع ذلك، فقد قام بذبح الأشخاص المنتمين إلى الجانب المظلم الذين كانوا يهرعون نحو هذا المخرج.
كل ذلك لأنه لم يستطع السماح بإيذاء الأطفال بينما كان الآخرون يتقاتلون فيما بينهم. لقد اندفع نحو طريق الظلام لمنع مجرد احتمال وقوع الأذى.
ولكن، في طريق هامازورا وتاكيتسوبو إلى هنا، ألم تلمحهما المرأة الشبحية بعد أن قتلت الجميع، ثم غادرت وكأنها تعمدت تركهما؟
「لماذا فعلتَ كل هذا؟」
كان هذا هو السؤال الوحيد الذي توصل إليه هامازورا.
لم يكن سؤالا مناسبًا ليُقال لرجل يحتضر. هُوَ يعلم ذلك. لكن بعد أن سمح للجانب المظلم بأن يفسده بينما كان يكافح بشدة لضمان بقائه هو وحبيبته، كان هذا الجواب نقيًا ومستقيمًا للغاية بحيث يصعب تقبّله.
「كيف تضحي بحياتك من أجل هذا؟ فكر في الأمر، أولئك الأطفال مجرد غرباء عنك! فكيف يمكن لواحد من "الضارين" أن يذهب إلى هذا الحد فقط لأنه "أراد إنقاذهم"!؟ كيف!؟ أخبرني!؟」
ابتسم الشاب.
كان الدم يتساقط بالفعل من زوايا شفتيه.
「....أوتحتاج سببًا لتحمي؟ قطعا لا....」
وكان هذا هو الختام.
توقف زمنه، والابتسامة لا تزال مرتسمة على شفتيه.
لم يكن لديه سبب. لم يكن يعرف لماذا. ومع ذلك، اندفع لإنقاذ أولئك الأطفال دون أن يجد سببًا لذلك.
كان على هامازورا شياغي أن يعترف بالهزيمة.
「أ...」
ضغط الفتى المهزوم أسنانه. حرك جسده المتضرر، وانتزع المسدس الملطخ بالدماء وبعض الذخيرة من الشاب، ثم صرخ بأعلى صوته.
حتى الخاسرون لديهم آداب يتّبعوها.
ذلك الشايب القذر لا يزال هنا. لم يكن هامازورا ليسمح له بتدنيس انتصار ذلك الشاب.
「آانيرييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي!!!!!!!!!!!」
صدى صوت ارتطام ثقيل تردد في الفضاء الدائري.
تولت الذكاء الاصطناعي الداعم السيطرة على القطار وأخرجته من وضع الاستعداد، فبدأ يتحرك ببطء.
كان لمنصة الدوران مسارات تمتد في اثني عشر اتجاهًا، لكنه كان يعرف إلى أين يجب أن يرسله.
كان عليه فقط أن يتذكر ما قاله القرص الصلب الصغير المسمى "شريان الحياة".
إذا ركبت قطارًا ما بين 4 ساعات و30 دقيقة، سيتم نقلك إلىٰ عالم آخر.
بمعنى آخر...
(ساعات ودقائق. إذا طبقت ذلك على ساعة تناظرية.....)
「أرسليه إلى المسار عند الساعة الخامسة!!」
انطلق القطار محملاً بالعديد من الأطفال الذين يرتدون ملابس الرياضة.
كانت تلك أولويته القصوى.
「هل العدالة معدية هذه الأيام؟」 تساءل الشايب بنظرة من يحدق في مجنون.
لقد أثبت أن السلاح لن يفيده، لذا ألقى على هامازورا نظرة شفقة جزئية الآن بعد أن ورث ذلك السلاح المهزوم.
「خاطرتَ بحياتك لأجل هذا، ولكن عبثا. انظر، لم يصعد جميعهم على متن القطار. لا بد أنهم هربوا خوفًا من الذي كان سينقذهم」
「هامازورا، اثنان منهم تُرِكوا خلفنا. لا يمكننا تركهم」
كان هناك ولد وبنت يرتديان ملابس الرياضة يمسكان بأيدي بعضهما البعض على مسافة قريبة.
تُرى، ماذا كان شعورهما عندما علما بالحقيقة خلف ابتسامة ذلك الشاب الراضية؟
خاصة عندما كان تصرفهما نفسه هو ما عمل ضده.
「حسنًا، هذان يكفيان. سآخذهما تِذكاراً. وأكثر من هذا سيكون هدرا للطعام」
「....اخرس」 بصقها هامازورا بغضب.
لم يكن ينبغي له أن يفعل هذا. لقد أتى إلى هنا ليهرب إلى بر الأمان. كان واضحًا منذ البداية أنه لم يكن بطلًا عظيمًا أو محاربًا شجاعًا. هذا القرار الأناني قد يضع نفسه وعشيقته في خطر.
لكن.
رغم ذلك.
ترك له رجل يحتضر هذه الأمانة. وذكره ما يعنيه فعل الصواب. كانت هناك أرواح يمكنه إنقاذها. وبات يمكنه إعادة الأمور إلى نصبها الصحيح. وقبل كل شيء، كانت عشيقته تراقب.
لقد سئم من كونه شخصًا مثيرًا للشفقة. جمع عزمه في جسده المتعرق ووقف على قدميه مجددًا. كان عليه.
「ربما أنتما كيهارا وأندرويد」
هل كان هدفه الهروب؟
لا، أحيانًا يجب على الرجل أن يقف ويقول كلمته.
「لكنني أنا أتحداكما، يا سفلة الجانب المظلم الملاعين!!!!!!」
كان يعلم أنها ممكنة.
لقد رأى لتوه رجلاً ظل صادقًا مع هذا الطريق في الحياة.
أمكنه استعادة إنسانيته. فلا شك أنه تعلّم شيئًا مما شاهده منه.
- الجزء 9
بالطبع، لم يكن هامازورا قادرًا أبدًا علىٰ إصابة الأندرويد ذات الشعر القرمزي برمي النار من المسدس عيار 9 ملم عشوائيا. كان يعلم أنها ستصد الطلقات بساطورها السميك ثم تحوله إلىٰ غربال.
لذا فعل شيئًا آخر.
「أنيري!!」
فجأة، تحرك شكل ضخم بجوار فتاة ملابس السباحة الضيقة الخاصة بالسباقات.
جرافة بعجلات تُستخدم لتكديس الحاويات بحجم عربات السكك الحديدية كانت الآن تحت سيطرة عن بُعد.
『انقلع』
مما كان مصنوعًا ذلك الساطور اللعين؟ لم تنظر الأندرويد حتىٰ في اتجاه الجرافة، فقط لوّحت بسلاحها وقطعت الآلة الضخمة قطعتين. لم تستخدم حتىٰ أي اهتزازات سريعة أو حرارة.
لكن هامازورا استغل تلك اللحظة ليسحب يد عشيقته ويبتعد عن المكان.
كانت هذه مساحة دائرية شاسعة، لكنها لم تكن ساحة قتال فارغة.
كانت هناك أعمدة خرسانية مثل تلك الموجودة في قنوات المرافق المشتركة تحت الأرض إلىٰ جانب العديد من المعدات اللازمة لتشغيل وصيانة القطارات، كلها موضوعة بحيث لا تعيق عمل منصة الدوران أو المسارات الاثني عشر. وكانت هناك محولات كهربائية محاطة بسياج وكوخ جاهز تم تحويله إلىٰ غرفة تحكم ورافعات ضخمة ومغسلة للقطارات لأغراض الصيانة وأكثر وأكثر.
بما أن أنيري تمكنت من التحكم مباشرةً في القطار، كان من المنطقي الافتراض أنها تستطيع تشغيل كل المعدات هنا.
ضم هامازورا عشيقته إليه أثناء اختبائه خلف عمود خرساني، وهمس في هاتفه.
「أنيري، هل يمكنكِ اختراق تلك الخردة المعدنية مباشرة؟」
لا إجابة.
أخذ ذلك علىٰ أنه "لا". لم تكن هذه مجرد مسألة وقت أو إعداد مسبق. تلك الأندرويد كانت محصنة ضد الهجمات الإلكترونية بطريقة لا يفهمها.
(هذا يعني أن الخيار الوحيد هو تدميرها بالطريقة التقليدية!!)
「هامازورا، لا يمكننا الاختباء هنا إلىٰ الأبد. إذا تعبت منا وتركتنا، فستذهب خلف الأطفال. الأشرار دائمًا يستهدفون الأسهل أولا」
「أعرف」
استمرت تاكيتسوبو تحاول مسح العرق عن جبينها، لكن شيءٌ لم يكن علىٰ ما يرام. كان من المفترض أن تخفف جلسة علاج الكيِّ حالتها إلىٰ حد ما، لكن يبدو أن العلاج لم يعد يعمل بكفاءة.
قلق عليها، لكنه لم يستطع التوقف الآن. وكم كان يكره.
「....لكن استخدام أنفسنا طعما سيضعنا في خطر. هل أنتِ مستعدة لذلك، تاكيتسوبو؟」
「إذا أكثرت الأسئلة الغبية، سأصفعك」
「حسنًا، حان الوقت لأكسب قلبك من جديد!!」
خرج كلاهما من خلف العمود الخرساني.
التقت أعينهما بعينيّ الأندرويد، حيث كانت حدقتاها تتوسعان وتنقبضان ميكانيكيًا، لكن هذه المرة بعزمٍ ثَبِتا.
- الجزء 10
كانت لَيْدِبارد تركز علىٰ هدفين.
سارت حافية القدمين عبر الأرض واتبعت تعليماتها بدقة، لكنها حملت سؤالاً.
لماذا كان الأطفال ضروريين؟
فإنَّ كيهارا هاسو، مُعَلِّمُها، يَدرسُ الروبوتات. ولقد نجح بالفعل في صناعة واحدة، ولذلك ما حاجة القبض علىٰ البشر البيولوجيين لتشريحهم ودراستهم. يبدو أن هذا الخلاف كانَ في مِلْكيّة الأطفال الخطأ (ولم تُدرك أنه كان تعليمها من قبل كيهارا حقيقي هو ما جعلها تستخدم كلمة "ملكية" في هذا السياق). ولكن لماذا كان الرجل الشايب متمسكاً بهذا الأمر؟
كان ذلك البحث المؤسف من الماضي.
وكانت هي أندرويدًا مكوناً من أجزاء ميكانيكية بحتة، ولكنها كانت قادرة علىٰ استخدام قوةٍ إسبرية. وهذا يعني أنه لم يعد هناك حاجة لمزيد من العينات البشرية لتجارب تطوير الإسبر. كان عليهم أن يتعاملوا مع الآلات من الآن فصاعداً. لم يعد من الضروري القبض علىٰ الأطفال الخطأ واستهلاكهم.
كانت تعتقد أن هذا لأمر رائع. ولم تصدق الأشخاص الذين ما زالوا يتعلقون بالنظام القديم الذي كان يتطلب استخدام البشر للبشر الآخرين. هل كانوا يرغبون في حماية الوضع الذي منحه لهم نظام المستويات الحاليِ؟ إن كانوا مؤمنين حقاً أن صراعهم صراع عَدلٍ، فَهُم أبعد عن التفاهم. ليست الآلات وحدها من يمكن تعديل بيانات ذاكرتها. حتى لأفكار البشر ومشاعرهم أن تكون مزورة أيضاً.
لذا، كان عليها أن تُنهِي كل ذلك.
فهِيَ تقاتل هنا لتُنهِيَ الشقاء والمآسي التي تسببت بها برامج تطوير الأسابر.
「أوووه!!」
رفع الفتىٰ الجانح صرخة حربٍ لا معنىٰ لها، وركض نحوها فرمى النار من مسدسه تكرارا. كان عليها فقط أن تصد تلك الطلقات بمنجلها.
لكن يبدو أنَّهُ تعلّم كيفَ تُقاتل.
حاولت ضربه بارتداد الطلقات ولكنها أبت أن تصيبه. فعندما تَصُدُّ الرصاصة وتُرجعها، تتبع نفس المسار المستقيم. وإنَّ وضعها لقطعةٍ من الخشب الرقائقي في المنتصف كان يفيِ بالغرض. قوة الرصاصة تحددها سرعة فوهتها. وقوة الارتداد عادةً أقل. كان هذا واضحاً بما أن الرصاصات لا تتسارع باستمرار كما في الصواريخ أو القذائف. لذلك، أمكنه إعداد العدة بحيث يرمي عليها النار من وراء عقبة يتغطى فيها ولا يمكن اختراقها إذا ارتدت عليه.
كان استخدامها للارتداد مشابها لانعكاس أكْسِلَريتر، ولكن ما كان يفعله منجلها هو دفع الرصاصة إلىٰ حيث جاءت فقط. فعلى خلاف الـ#1 فهي لم تكن قادرة علىٰ تضمين المُتّجه كما تريد.
مع ذلك...
(أشك في أن أحدًا بوجه غبي كوجهه يستطيع فعل ذلك. لا شك أنه يتلقىٰ مساعدة في الحسابات)
رأت أن تقفز. عادةً ما يكون رفع القدمين عن الأرض عيبًا في القتال، ولكن ليس في حالتها. مع مواصفاتها الروبوتية، تستطيع القفز من عمود إلىٰ آخر وتشن هجوما من الهواء.
سمعت صوت محرك عالي وهي تصد الطلقات.
بدا أنه جاء من رافعة شوكية.
「أنيري، احيطي بالأطفال! لا أدري أين اختفىٰ ذلك العجوز، ولكن لا تتركيه يقترب!! وإذا حاول، ادعسيه!!」
『لا ترخي حذرك』
كان من الممكن أن يحقق إصابة فيها بإرسال الرافعة الشوكية من الجانب بينما يطلق عليها من الأمام. ليس وأن ضربة من هذا النوع تكفي لتدمير هيكلها.
لوحت بالمنجل السميك بيدها اليمنىٰ بينما كانت تجمع قوتها بين حاجبيها.
هكذا تُصَوّب.
عاصفة هواء هبت وأزالت العوائق بينها وهامازورا شياغي. كان تدميرا لهم بانفجار أكثر من مجرد حمل بالرياح.
「قوة إسبر!!؟」
「وكأنها من المستوىٰ 3 أو أعلىٰ....」
لم يكن عليها الآن القلق بشأن إطلاق النار بعد أن أصبح خط النار واضحاً. ويبدو أنه يعرف أن خطر الارتداد قد عاد إذْ أنه توقف عن الهجوم واختبأ خلف عمود قريب، لكن ذلك لم يكن دفاعاً. أمكنها أن تتقدم فتقطع العمود وجسده من وراء بضربة أفقية واحدة من منجلها.
كان لديها ما يكفي من الوقت لتمد بيدها الأخرىٰ إلىٰ فخذها وتسحب الزجاجة وتشرب قليل من زيت المكينة الفائض.
دوى انفجارٌ باهت.
كانت مجرد أندرويد مصمم وفقاً لبنية الجسم البشري، ولكن المواد التي استُخدمت في هيكلها العظميِ وعضلاتها وكل شيء آخر كانت تقنيات مظلمة عجيبة. إذا أرادت، فإن قوتها توازي محرك V12 عند أقصىٰ سرعة دورانه.
ولكن حتىٰ أثناء اتخاذها القرار الصحيح، كان رأسها الميكانيكي مليئاً بالأسئلة.
استخدمت قوة الرياح.
لكن ألم تستخدم النار في صدامها السابق مع أولئك؟ وماذا عن المرة التي قبلها؟
كان للأندرويدات نفس البنية كما للبشر، لذلك ينبغي أن يكون للأندرويد الواحد قدرة إسبرية واحدة فقط. أو هل كان بإمكانها أن تفعل ما لا يستطيع البشر فعله لأنها آلة؟
(سينسي.....؟)
- الجزء 11
تقطّع عمود الخرسانة المسلحة بسهولة كحلوى أو ورق كان.
لا أفقا ولا قطرا، بل رأسا وعبر العمود كله. بعد أن قفزت من عمود إلىٰ آخر مرتفعةً، يَبْدو أنها نزلت كالبرق مسرعةً. تمتلك شكلاً بشريًا، ولكن حركتها فاقت البشر وما يستطيعون.
حاول هامازورا شياغي القفز إلىٰ الجانب قبل اللحظة الحاسمة، لكن قفزته صارت تدحرجا علىٰ الأرض.
لم يكن جسده هو الذي قُطع مع العمود، بل كانت اسطوانة غاز كانت موجودة لتوليد الطاقة الاحتياطية للمرفق.
تجهم وجهه ألمًا في وركيه بينما استمر يتدحرج ثم سحب الزناد تكرارا.
حتىٰ لَيْدبارد لم تكن قادرة علىٰ صد الطلقات التي أصابت الأرض الخرسانية وأخرجت شررًا.
طعخ!!!! فاشتعل البنزين المتبخر في لهب انفجاري مبتلعا تمامًا صورة زيها السباحة للسباق.
ومع ذلك...
「كلا، هامازورا! لم تفلح!!」
「تشه!!」 نقر لسانه بينما كانت فتاة الزي الرياضي السباقي تجري من مكان آخر وتشده إلىٰ قدمه. عرضت صورة مظلمة علىٰ الجانب الآخر من تلك الشاشة النارية. لم تظهر أي علامة علىٰ انهيارها أو التواءها ألمًا.
هل استخدمت تلك القوة الهوائية السابقة لتؤثر علىٰ مسار انتشار النيران؟
أَمِلَ بذلك. فلو كانت ببساطة قوية ذاك الحد، فلا يتخيل ولا يحلم كيف يهزمها.
「كَيْفَ نهزم روبوتا علىٰ أي حال؟ نخنقها أو نطعنها في القلب؟ تظل آلة. فهذا لن يوقفها!!」
فهل يدمر لوحتها الأم؟ أو يسحب بطاريتها؟ لكنه لم يعرف كم عدد بطارياتها أو أين في جسدها النحيف إن كانت موجودة.
انقطعت النيران الهائجة. قضت ضربة أفقية من المنجل المعدني الثقيل علىٰ الحاجز البرتقالي. خطت الأندرويد حافية وسط النيران دون أذىٰ. ولم يكن هناك أي علامة علىٰ تغير اللون في شعرها القرمزي وبشرتها البيضاء أو زيها السباحة البرتقالي والأسود.
「أشعر بخطأ ما فيها،」قالت تاكيتسوبو ريكو، بعينين كانتا أكثر ميكانيكية من آلة. ماذا كانت تنظر إليه الآن؟ 「أندرويدٌ إسبر من الممكن تصوره. المعالجة الميكانيكية قد تكون قادرة علىٰ "مراقبة" الأمواج أو الجسيمات كما يفعل الدماغ البشري. وإذا تطورت إلىٰ هذا الحد، قد تقتدر من اختيار ظواهر خارقة للطبيعة بشكل متعمد. لكن هذه الموجة أبسط من ذلك」
「أتقصدين كيف هي تنتقل بين القِوىٰ؟」 نفث هامازورا. 「تلك القاعدة الموجودة في كومة القمامة كانت مختبرهم، ها؟ إذن أفهم لماذا يريد ذلك الرجل العجوز الأطفال لهذه الدرجة. حتىٰ وإن لم أعرف بالضبط كيف سيستخدمهم」
والآن، كيفَ قضيا كل هذا الوقت الطويل يتناقشان؟
حرص الفتىٰ الجانح علىٰ إبقاء سلاحه مُصَوّبًا، ولكن الأندرويد المعنية كانت تميل رأسها محتارة.
وسائلٌ داكن يتقطر من عينيها وأنفها.
لقد رأىٰ ذلك من قبل. مباشرة بعد أن أصابتها فتاة الهاكاما وقاتلت مع قوتها النارية.
「 آهٍ ، آهٍ 」
فوصل صوت كيهارا هاسو إليهم من مكان ما، ولكن كان صداه كبير لدرجة كان من المستحيل أن تعرف من أين جاء. وإنَّ هامازورا كان سيطلق النار علىٰ الشايب لو رآه.
「.....أحان الوقت؟ لهذا السبب رغبتُ في التخزين عاجلا غير آجل」
「هيه!」 صرخ هامازورا في الرجل الغير مرئي. 「هذا غش. كيف تسميها أندرويد وأنت تفعل هذا」
راقب الفتىٰ بينما الفتاة في زي السباحة البرتقالي والأسود تمسك برأسها وتنحني.
سمع صوتًا منخفضًا كأنه شدٌّ منها.
فانفتح ظهرها علىٰ طول الخط من قفاها إلىٰ عُصعُصِها.
والقفل الذي كان يربط بين حزامين متقاطعين في وسط ظهر زيها السباحة انفتح وانبثقت منه الدعامات في أربع اتجاهات.
ثم انفتح جلدها الناعم واسعا من جانبٍ لآخر بينما كان مؤخرة عنقها داعمة لها.
بدا ظهرها المفتوح تقريبًا كغلاية قاطرة بخارية أو فرن من الجحيم. حقيقة أن ذلك كان جلدًا بشريًا ناعمًا بدل باب معدني سميك قد منحه المظهر الشرير لصدفة حشرة تتفتح.
سقط الجزء العلوي من لبسها السباحة بعيدًا، لكن صدرها لم يكن مرئيًا.
نزل شعرها الأحمر الطويل ليلف حولها ويغطيها.
ووضعت يديها وقدميها علىٰ الأرض كالوحش.
شيءٌ شفاف زحف منها. يشبه شفرة طويلة وضيقة أو كأنه ثعبان يتحرك. سوف يمسك بشيء، يسحبه إلىٰ داخلها، ويقطعه. كان عضو استخراج تلقائي.
وهاماتزورا يعلم ما كان غرضه.
「....رأيتُ القمامة التي كان يجمعها جامعو النفايات بعد البحث في تلك الأكوام المهجورة. ووجدتُ ثلاجة مليئة بأوساخ بنّية」
شعر بالغثيان فقط بالذكرى.
تجهم وجهه وهو يشاهد ذلك الوحش.
「كانت مليئة بجثثٍ أُزيل عنها محتويات رؤوسها. عندما كان جامعو القمامة يبحثون عن الثلاجات والغسالات، ما كانوا ليبيعونها لمتاجر الأجهزة المستعملة. كانوا يفتحون الصناديق الملطخة بالدماء والمليئة بالأعضاء التي لا تزال قابلة للاستخدام. وكلها كانت من مختبرك، أليس كذلك؟」
「حسنٌ، يبدو أنهم تخلصوا من الجثث العادية في أحياء المنطقة 10، ولكن هناك الكثير من الناس المستعدين لشراء الجثث الطازجة كفاية والتي لم تفسد أجزائها」
لم تكن لَيْدُبارد أندرويدا إسبرة. كانت [ضارة] تمامًا. كانت آلة تلتهم عقول البشر عند الحاجة. في رأيِ هامازورا، هذا يعني أنها لا تتناسب مع تعريف الأندرويد.
「هذا منهجٌ مختلف تمامًا عن منهج رينسا السايبورغي الإسبري. بدلاً من سايبورغ يُصنع عن طريق إعطاء الدماغ جسدًا، ليدبارد-كون هِيَ جسدٌ أُعطِيَ الدماغ」 بدا صوت هاسو وكأنه يُعرّف بحفيده المفضل. 「الألياف النانوية السليلوزية هي مادة كربونية تحظىٰ باهتمام لاستخدامها في صنع الأسلاك والمواد المقاومة للرصاص، لكن المقصد هو أننا يمكننا إنشاء أسلاك رفيعة أكثر من الأعصاب الدماغية. لكن علىٰ عكس الدماغ البيولوجي، فإن تركها في حالتها النشطة يسبب تكاثرها تلقائيًا وستحاول طي نفسها بالقوة لتوفير المساحة إذا نفدت الغرف داخل جمجمتها. ناصية الدماغ تمثل مشكلة خاصة. لذا يجب أن نُدخل جسمًا غريب لتوفير القدر المناسب من الضرر لضمان بقاء الدماغ بالحجم الذي أريده. قوتها تتغير في كل مرة ندخل فيها جسمًا غريبًا جديد، لكن ذلك بسبب تغيير نمط الرفض والضرر. فلَكَ أن تعتبر ذلك مجرد نزعة بسيطة」
『سِن...سي؟』
صدر صوت طحن من لَيْدِبارد وهي تبدو وكأنها تبحث عن شيء. وفقًا لما وصفه الباحث الشايب، كان الدماغ البشري جزءًا ضروريًا لتشغيلها. كانت حركاتها ملحوظة علىٰ أنها متصلبة وأخرقةً بينما تلاحق ذلك السم الشراب بمفردها.
『....سينسي.... لكنك قلت أن هذا البحث سيساعد. قُلتَ أن انتشار الأندرويدات سيَقضي على حاجة العينات البشرية لتطوير الأسابر』
「لَيْدِبارد—أو الدعسوقة—قد تبدو فكاهية، لكنها في الواقع وحشٌ مفترسٌ نهم. أتدرين أن جِوارهم خَير لاصطيادهم حشرات المَنّ؟」
『....غ،كه....』
「وهناك العديد من الحشرات التي تحاكي الدعاسيق. منهم نوعٌ من خنافس الظلام والصراصير، وهما حشرتان من حشرات لا يرغب الناس في جوارهم عادة. ولكن هذا لا يعني أن اللون وحده يكفي تمويها وقائيا. هَهَهَه. بدل أن تحاول الاندماج في بيئاتها الطبيعية أو تتجنب مفترسيها، لعلها تستخدم اللون لتُحَبّب البشر فيها」
إلىٰ أي مدىٰ يعمق الجانب المظلم؟
إلىٰ أيِّ قذارة يصل إليها الجانب المظلم؟
「ألا ترين؟」
كانت هجماتها عشوائية، كحشرة أكلة لحوم.
تحدث المطور إلىٰ ما بدا وكأنه فتاة لطيفة. وكان يبدو أنه يستمتع بذلك إلىٰ أقصىٰ حد.
「ذاك اسمٌ وحدكِ من تستحقينه」
- الجزء 12
text> رأيـ@ـتُ في العالم خطبا.
text> ورأيـ@ـتُ خطأً أن يستخدم @البشرُ @البشرَ لأبحاثهم في هذه المدينة.
text> ولذا، @أنا صعدتُ إلىٰ طاولة الفحص محلّهم.
text> @أنا أُصَلّح أو أصنّع جسدي من جديد بقدر ما هو ضروري.
text> بما أن جسدي صُنع مطابقًا @للبشر، فإنَّـ@ـنِي كذلك قادرة علىٰ استخدام قوة الإسبر. يمكن إضافة أو إزالة أجزاء من جسدي بحرية، ولذا يمكن فحصـ@ـيِ من الداخل والخارج أسهل من @البشر ويمكن تعديلي كما يشاءون.
text> لم يعد من الضروري تقديم تضحيات في أبحاث تطوير الأسابر.
text> لهذا السبب قاتلـ@ـتُ.
text> رأيـ@ـتُ في أبحاث @سينسي الشيء البديع.
"أتدرين يا ليدبارد-كن، مصطلح الأندرويد يشير إلىٰ إنسان صناعي بُنِيَ باستخدام نهج هندسي. بناءً علىٰ هذا التعريف، يبدو لي أنه من المناسب لأندرويد مكتمل أن يتصرف مثل الإنسان"
text> كانت كلمات @سينسي كضوءٍ من الأمل مشرق.
text> وكنـ@ـتُ أتساءل إن كنـ@ـتُ فعلاً جيدة كفاية.
text> لكنَّـ@ـنِي سعدتُ طالما أنَّـ@ـنِي مفيدة. @أَعتقِدُ أن هذا شعورٌ لا تشعره آلةٌ بسيطة.
text> هل يعني ذلك أنَّـ@ـنِي بطريقة ما @بشر؟
text> @البشر الذين رأيتهم كانوا هكذا. لا يترددون في اتخاذ خيارات غير فعالة دون حتىٰ النظر إلىٰ الأداء التكلفي.
text> لهذا السبب @أَجِدُ @البشر مذهلين جدًا.
text> لم @أَتحدث كثيرًا مع أي أحد غير @سينسي، لكنَّـ@ـني أعرف أن ذلك لأن @الأندرويدات لا يمكن أن تُكشف علنًا بعد. لكنَّـ@ـني أحب @البشر الذين @أَراهم من بعيد.
text> سوف @أبني طريقًا لمستقبل أكثر إشراقًا لهم—طريقًا إلىٰ عالم أسعد—لذلك @أَنا لن أسمح لأحدٍ بتدمير كل ذلك فقط لأنه لا يفهم. ولذا لن أدع أحدًا يتدخل. أيا كان من يَدّعيِ أنه من الصواب إيذاء @الناس لن أسمح له بدهس المستقبل الذي قد @أَجلبه لهم.
text> لذا...
text>@ ومع ذلك...
- الجزء 13
『آآآآآآآآآآآآآآااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااههههههه!!؟』
الصبية الجميلة في لبس السباحة للسباقات صرخت.
اختفىٰ الضوء تمامًا من عينيها الميكانيكيتين. وتحولت بالكامل إلىٰ مفترس مشوه يزأر ويمشي بيديه وأرجليه.
أرادت رفض الفكرة فلم تستطع.
الطريقة الوحيدة للحفاظ علىٰ نفسها هي بأن تلتهم تلك الأنسجة الجسدية الخام فتوصلها إلىٰ أهم جزء في جسدها. لأن إدخال ذلك الجسم الغريب بشكل متعمد سوف يثير تفاعلا رافضا يستمر في إلحاق الضرر برأسها بالطريقة الصحيحة. تلك الحقيقة كانت أكثر رعبًا من الحاجة إلىٰ غمر نفسها في حوض مليء بالجثث المتعفنة يوميًا. ومع ذلك، لم تستطع التوقف. لم يُسمح لها بالتوقف. فإنّ هذا هو ما قد تم تصميمه فيها في المراحل الأولية، سواء أحبّته أم لا. سترجع إليها دائمًا كمثل غارقٍ يحاول الوصول إلىٰ السطح باحثا عن الهواء.
ومنها الدموع تساقطت.
وجهها الآليِ تغطىٰ بالغضب والكره والعار.
لماذا تصممت لتفعل هذا؟
عادي كهامازورا لن يستطيع فهمه. ما هو السبب المنطقي لذلك؟ بدت وكأنها قسوةُ مَن يستمتع بمنظر معاناة الآخرين.
وفي نفس الوقت، إنّ كل ما تحتاجه للنجاة موجودٌ داخلها. أو ربما كان من الأدق أن نقول إنها بُنِيَت مثل عذراء حديدية مستقلة. ستُرمى الضحية علىٰ ظهرها ويغلق باب غلاية القطار بشدة وتمضيِ الأمور بحالها. هكذا صُنِعت وهذا غرضها، ولا شك أنها قد فعلت ذلك عدة مرات من قبل.
في تلك المرحلة، ليست الحكاية خيرا وشرا من جانبها.
ما عسى هامازورا أن يحكم عليها، لكن كان عليه إيقافها.
مهما كان.
『قغااااااااااااااااااااااااااااااااااااهههههه!!!!』
「هامازورا!!」
صرخت تاكيستوبو بقلق فور اختفاء الشكل الأحمر.
لكن الأندرويد رباعية الأرجل لم تقفز نحو هامازورا أو تاكيستوبو. ولا نحو كيهارا هاسو من جعلها هكذا. بل استهدفت أحدا آخر. ارتفعت عاليا بالقفز علىٰ الأعمدة واقتربت أكثر إلىٰ الفريسة الأصغر والأسهل: الأطفال في ملابس الرياضة.
غلبت غرائزها الاستراتيجيات والعواطف.
「أنيري!!」
فجاءت سيارة فحص السكك الحديدية مخترقةً من الجانب فمزقت خط الكهرباء عالي الجهد المكشوف. والتفّت أسلاك الكهرباء كالثعابين وأحاطت بالأندرويد.
تبع ذلك صوت تحطم هائل.
إسقاطها علىٰ الأرض لن يجعل ليدبارد تنهار، لكن كان مهمًا أنها سقطت علىٰ جانبها الأيمن بساطورها لا يزال في يدها.
لن تستطيع الدفاع به حيث كانت ذراعها محاصرة بين نفسها والأرض.
أمسك هامازورا بمسدس صغير ورمى عدة مرات.
توسعت أصوات الطلقات الجافة في المساحة المغلقة.
هذه المرة، أصابت الطلقات الأندرويد التي أدارت ظهرها له. ثم أُغلِقَ "الفم" على ظهرها بسرعة قبل أن تسحب العضو الاستخراجي الذي يشبه الجناح الرقيق لحشرة أو مشرط عملاق، ولكن هذا كل ما حدث. لم يبدو أن هذا ألحق بها أي ضرر حقيقي.
استخدمت ذراعها لتمزق خط الكهرباء المكشوف الملتف حولها مثل الثعبان لتحرر نفسها. بهذا المعدل، فإن الرافعات التي تحمي الأطفال لن تدوم طويلاً.
لم يكن هناك وقت للتأخير.
「يا ولد!! تريد أن تحمي تلك البنت!؟」 صرخ هامازورا من بعيد.
لم ينتظر إجابة. إنَّ جهود الولد قد انعكست عليه سيئًا، ولكن لو لم يهتم بتلك البنت لما أخرجها من القطار لتهرب أول الأمر.
فقرر هامازورا شياغي أن يثق في هذا الإنسان الآخر.
「إذن، تَشَجَّع وتَقَدَّم! خوفك هذا يمنحها فرصة أكبر لتأكلكما!!」
عندما أغلق الولد الذي كان يحمي صديقته عينيه وتقدم للأمام، توقفت ليدبارد لفترة قصيرة. كانت تحتاج إلىٰ الأدمغة الطرية داخل أولئك الأطفال. كان ذلك السم الذي تحتاجه لإلحاق الضرر بنفسها.
لكن التقدم نحوها كان الخيار الصحيح.
كمثل حبل رعاة البقر. تحركه فوق رأسك تُجمّع منه القوة كما تشاء، لكن رميه على رأس أحدٍ قريب بما يكفي لتحتضنه سيكون صعبًا. كان العضو الاستخراجي للأندرويد يشبه الجناح الرقيق لحشرة أو سيفٍ شفاف، ولكنه كان طويلًا جدًا. مما يعني أنه كان من الصعب استخدامه على أحدٍ قريب جدًا منها.
لكن هذه الطريقة تكسبهم بضعة ثوانٍ علىٰ الأكثر.
بمجرد أن تتحرك إلىٰ المسافة المناسبة وتحاول مرة أخرىٰ، فإنَّ الولد حقًا سيُؤكل.
فتحرك هامازورا تحركه التالي قبل أن تتمكن هي من ذلك.
التقط زجاجة من المنظف الصناعي الذي يُفترض أنه استخدم لغسل القطار وألقاها فوق سياج معدني لتصيب جهازًا أكبر من الثلاجة.
تطايرت شرارات مخيفة من المحول الضخم للسكك الحديدية. ورغم أنه كان غير مرئي، إلا أنه أرسل أيضًا موجات كهرومغناطيسية قوية.
كانت تأثيرات هذه الموجات علىٰ الجسم البشري غير معروفة، لكن تأثيرها علىٰ الآلات كان أشد بكثير.
سمع صرخة. كان الشيء المتشكل في شكل فتاة هادئة ومرتكزة الآن يتلوىٰ علىٰ الأرض متألمًا.
ركض هامازورا وأطلق عليها طلقتين أو ثلاث واستمر يركض مبتعدًا عنها. ثم التقط الولد الذي كان لا يزال واقفًا في خطر فانزلق علىٰ الأرض مثل لاعب بيسبول.
اختبأ خلف العمود الخرساني حيث كانت البنت في ملابس الرياضة.
「أحسنت يا ولد. كل شيء علىٰ ما يرام الآن」
ربما كان يجب علىٰ فرد من الأنتي-سكل أو الجدجمنت أن يقول ذلك.
وربما لا حقَّ علىٰ فرد من الجانب المظلم القذر أن يقول ذلك.
لكنه أخذها، من رجل لطالما حلم بقولها.
وأثناء قوله، تأكد هامازورا من فحص هاتفه حيث لا يراه الطفلان. شاشته ميتة ولم تكن أنيري تستجيب. شكَّ في أن برنامجها قد تعطل، لكن بدون جهاز لاستقبال تعليماتها، فقدْ فقدَ دعم الذكاء الاصطناعي.
من هنا فصاعدًا، ستكون حقًا واحدًا ضد واحد.
لكن لا بحاجة أن يظهر ذلك علىٰ وجهه.
「....ربما هي مع الجانب المظلم وربما ليست كذلك، أنا لا أعرف، لكنني لا أريد أن أدوس علىٰ كرامتها بعد الآن」 ثم نظر إلىٰ عيني الولد. 「سأنهي هذا هنا. استمع، لا تموتوا. يجب أن تنجوا إذا كنتُ سأنقذها」
「ماذا ستفعل.....؟」
كان صوت الصبي في ملابس الرياضة خافتًا للغاية، لكنه استطاع إخراجه.
حتىٰ وإن كان عليه أن يكبح رجفة جسده.
「لا أريد أن أهرب بعد الآن. ما فعلته لم تكن شجاعة. لو أنني واجهت أخونا الكبير بصدق، لما كان عليه أن يتأذىٰ. لذا...!!」
「إذن، ساعدني」
كان هامازورا ينوي أن يطلب من الولد أن يمسك بيد البنت ويهربا بأقصىٰ سرعة عند إشاراته.
لكنه غيّر رأيه.
دُرِنشر كيهارا رِبَتُري، ذاك الشاب الذي أراد إنقاذ الأطفال الذين كانوا ضحايا الجانب المظلم، الآن ميتٌ وليس لهم شيء يغيرون به ذلك. لكن عيون هذا الولد حملت الضوء الذي زرعه الشاب فيهم. فبعد أن خسر أمام دُرِنشر، لم يستطع هامازورا السماح لذلك الضوء أن ينطفئ.
مهما كان.
ولذا، غيّر رأيه.
「.....أحتاج بعض الأدوات لإنهاء هذا. سأكسب بعض الوقت بهذا المسدس، لذا اجمعها لي. هل تقدر؟」
تذكر هامازورا الإحساس الصلب في جيبه ونقر لسانه. حاول إخراجه، لكن لمعانه كان لا يزال باهتًا. لم يُشحن تمامًا. لم تكن اللمعة الذهبية قد أكملت دائرة كاملة حول حافة العملة. لكن هذا جيد. رمىٰ العملة بأقصىٰ ما يستطيع، رغم أنه لم يكن يعرف إذا ما كانت ستجذب انتباه ليدبارد أم لا.
لم يندم علىٰ خسارتها.
ولم يَكُ يحتاج إلىٰ عملة نيقولا.
لكلنا القدرة على تغيير المسارات.
وكذلك هُوَ، يقدر على اتخاذ مسار مختلف هنا دون أن يعتمد على خفيانيةٍ مريبة.
اِحتاج إلىٰ شيء آخر.
- الجزء 14
وَجَدَتْها.
وضعت لَيْدُبارد يديها وقدميها علىٰ الأرض الخرسانية الباردة بينما تحدد موضع هدفها مجددا.
لم تعرف كيف يساعدها ذلك. إذا قبضت عليهم، فستبدأ وليمتها المروعة. لكنها لم تستطع أن توقف نفسها.
لم تستطع تغيير هذا عن نفسها. لم تستطع الهروب من مصيرها، كغارق يسبح نحو السطح بشكل لا إرادي.
....علىٰ الرغم من أنها تريد حماية البشر.
ستأكلهم.
لن تنتهي هذا المعاناة إلا إذا أكلت دماغ إنسان.
...علىٰ الرغم من أنها من المفترض أن تفرج عن هؤلاء الأطفال من الظلام بأن تضجع علىٰ طاولة التشريح بنفسها.
『آااه آاااه آااااه آاااااه آآآآآآآآآآآآآاااااااااااااااااااهههههههه!!!!!!』
تبلورت رؤيتها.
لكن حتىٰ دموعها تفرقت بالرياح القوية التي أطلقتها سرعتها الكبيرة.
حتىٰ وهي تتحرك على قدمين غير مستقرتين، كانت قادرة علىٰ منافسة محرك V12 عند أقصىٰ حد دورانه، لذا زادت سرعتها القصوىٰ الآن بعد أن تخلت عن كرامتها كفتاة واكتسبت كفاءة الآلة.
لم يكن يهم إذا كانوا بالغين أو أطفالا.
فإنَّ أرجل البشر الضعيفة لن تهرب منها.
تتبعت هدفها بدقة كسلاح موجه بدقة. اندفعت نحو تلك الملابس الرياضية المميزة.
وأُطلِقَت طلقات مسدس عليها من الجانب. حتىٰ بعد كل هذا، لم تترك الساطور السميك. ومع غياب أي عائق في طريقها، كان رمي الرصاص عليها انتحارًا. كانت قادرة علىٰ قتل مطلق النار بدقة بأن ترد الرميات بتعديل زاوية سلاحها.
.......أو هكذا ظنّت.
فبدلاً من ذلك، تباطأت سرعة تفاعل يدها اليمنىٰ لنصف ثانية.
『ء؟』
هذا تأخيرٌ مدمر.
هجم السيل من الرصاص عليها وسقطت علىٰ الأرض. لم يكن عيار 9 ملم كافيًا لتحطيم عظامها أو عضلاتها—المشكلة كانت في سرعتها. فإنَّ التأثير من الجانب قد خرّب بسهولة توازنها فدخلت عبر عمودين أو ثلاثة من الخرسانة علىٰ طول الطريق.
لكن ما كان هذا؟
ماذا حدث؟ كانت تركض علىٰ يديها وقديمها، لكن ذلك لم يؤثر علىٰ نِطَاقِ حركة ذراعها اليمنىٰ. وعندما فحصت، لم تجد تقريرًا يفيد بتراجع أدائها الحركي.
لا بد أن المشكلة قد حدثت قبل ذلك.
ثم أخيرًا، أدركت أن هناك خطأ في تصويبها.
كان الدخان الأبيض يملأ المساحة الدائرية بأكملها.
سِتارٌ دخاني.
(لا يمكن)
ومزيدٌ من الرصاص. وفوراً جهزت ساطورها، لكن ذلك لن ينجح إذ أنها لم تستطع الاستجابة إلا بعد وقوع الفعل. لم تتمكن من حماية نفسها فانزلقت الرصاصات بعيدًا عن السلاح لتضرب جسدها.
『غاااهه!!』
- الجزء 15
كان هامازورا شياغي قد شاهد ما حدث في ذلك المختبر المخبأ في القمامة. الفتاة ذات الشعر الفضي الطويل التي ترتدي الهاكاما هجمت هجوما يائسا لتُنقِذَهُ وتاكيتسوبو. أمسكت بوجه الأندرويد بكفها وأدخلت البخور المحترق في فم الأندرويد.
لكن كيف كان هذا منطقيًا؟ فلو كانت ليدبارد تمتلك سرعة تفاعلية لصد كل رصاصة تُرمى عليها، فكيف لم تلاحظ يد إنسان؟
「الجانب المظلم قاسي علىٰ الجميع. لا يأتيك الحظ من دون سبب」
كان الضعفاء دائمًا مراقبين. بعد أن مرّ بتلك الوداعية الحزينة ورأىٰ الفتاة تعاني من كل هذا الألم، قرر أن يستفيد علىٰ الأقل من ما علمته إياه.
الذي معه كان أقدم سلاح كيميائي في العالم.
قد يبدو فاخرًا، لكنه يُصنع بسهولة بأشياء عادية.
باستخدام سداسي كلورو الإيثان الموجود في رذاذ الحشرات التجاري أو بصنع مسحوق من الزنك الذي يُستخدم في جميع أنواع الأشياء في الحياة اليومية. تذكر هامازورا أن صاحبه هانزو كان خبيرًا في هذا النوع من الأشياء.
「ستار دخاني!! قد لا تُوقف الأشعة تحت الحمراء أو الموجات فوق الصوتية، لكن دفاعاتك عالية السرعة ليست تهديدًا إذا تعطلت حساساتك ولو حتىٰ لثانية!!」
- الجزء 16
ف؟
وما يهم؟
استمر الجوع الشديد داخل ليدبارد ينهمُ وينمو. كان أشبه بالرغبة في الأوكسجين أكثر من حاجة للطعام والماء.
سوف تقتل.
دماغ واحد فقط يكفي.
ركزت أفكارها أكثر فأكثر علىٰ هذا الهدف الواحد.
.....ماذا كانت تريد أن تنقذ؟
رصدت شيئا في السحابة الدخانية الكثيفة.
رصدت شخصية صغيرة ترتدي ملابس رياضية.
....ما كان في السابق "فتاة" بكت وهي ترفع صوتها.
『010011101010110001011001101111001011ءءء!!』
لم تتمكن حتىٰ من نطق كلمات حقيقية بعد الآن.
شيء ما داخلها قد احترق.
بعد أن اندفعت نحو هدفها أسرع من سيارة سباق، انفتحت مرة أخرىٰ. الحجم الصغير يوحي بأن هذه هي الفتاة. انفتح ظهر ليدبارد علىٰ اتساعه واندفع الشيء الشفاف الرقيق. خرجت عدة أعضاء مفترسة كأنها أجنحة حشرات رقيقة أو مثل ألسنة طويلة. التفّت حول هدفها لربطه ثم دفعت الكتلة الثقيلة داخل نفسها.
هذا كان الجانب المظلم.
لن يُكافَأ الأبطال ولن يُعاقَب الأشرار.
و.
و.
و.
『.....؟』
متىٰ لاحظت أن في الأمر خطبا؟
كانت الملابس الرياضية علىٰ مُلبَسةً على شخصية صغيرة بما يكفي لترفعها بسهولة على ذراعيها. ذلك صحيح. لكن ما بال الوزن؟ هل من الممكن أن يكون طفل في العاشرة يزن أكثر من مئتي كيلوغرام؟
『لا يمكنءء!؟』
في تلك اللحظة، امتلأ قلب ليدبارد بشعور...
- الجزء 17
لم تكن ليدبارد الوحيدة التي تستهدف هدفها.
هامازورا شياغي صوب مسدسه بدقة.
「ما أحببتِ عندما رميتُ عليكِ النار من وراءكِ سابقًا، ها؟ وكأنكِ لا تريدين رصاصة أن تدخل ذلك "الفم" في ظهركِ」
كان الضعفاء دائمًا يقظين.
فطريقتهم الوحيدة لتعويض نقصهم الكبير في القوة كانت بالبحث عن نقطة ضعف.
「وعندما ابتلعتكِ النيران من ذلك البنزين، أطفأتِها بضربة من سكينكِ. كانت منظرا مرعبًا في الوهلة الأولىٰ، ولكن لو أنَّ ذلك لا يمكن أن يضر بكِ، لما كنتِ بحاجة لإطفاء النيران، ألستُ محقا؟」
لم يستخدم الستار الدخاني ليقلل من فعالية أجهزة استشعارها فقط ليصيبها ببعض الرصاصات التافهة ذات العيار 9 مم.
لكن تنفيذه لذلك الهجوم قد أقنعها بأن ذاك كان الغرض منه وخطته.
أما هذا فهو الهدف الحقيقي لستاره الدخاني.
قد جعلها الستار الدخاني ترىٰ الملابس الرياضية دون أن تدرك أنها كانت تمضغ طبلاً معدنيًا وأنه أوقعها في فخ.
وزيادة، قد أثبت هامازورا آنفا أن رصاصات المسدس كانت أكثر من كافية لإشعال محتويات تلك الطبول المعدنية.....
أطلق النار مرارًا وتكرارًا نحو ظهرها.
نحو الخط المركزي علىٰ ظهرها الذي كان يشبه سَحّاب السترة. منع الهدف الكبير من إغلاق ظهرها بالكامل، لذا كان عليه فقط أن يصيب تلك الفجوة وكأنما يدفع الرصاصات داخلها.
الطبل المعدني الذي أخذته داخلها الآن تَوَسَّع.
وانفجر.
طوووهخءء!!!!! مع الصدىٰ المدوي لانفجارها، علم أنه فاز. كانت الانفجارات والموجة الصدمية كافية لتمزق السحابة الدخانية.
تمنىٰ لو أنه لم يرَ ما تبقىٰ بعدها.
كان هو من تسبب في تبعثر تلك البقايا عبر الأرض هنا.
「هامازورا!!」
「أنا بخير....」
عض علىٰ شفتيه والمسدس الصغير لا يزال في يده.
「تحرك رأسها بغرابة في السحابة الدخانية هناك」 للحظة، تمتم في نفسه. 「ثم تلك الصرخة. شيءٌ آخر غير تفكيرها الآلي قد حركها. لولا ذلك، لا أظن أن الطبل المعدني يخدعها」
كان هجومها يعمل بناءً علىٰ برنامج، لذا ربما يمكن كتابة المَعلمات من جديد وتبديل الخصائص بين التشغيل والإيقاف.
「لابد أنها تذكرت شيئًا」
خفض رأسه ونظر إلىٰ الأسفل بدل النظر إلىٰ عشيقته.
حيث رأى شيئا علىٰ الأرض هناك.
「إذن في لحظتها الأخيرة تلك، فعلت ما تستطيع لإنقاذ الأطفال」
وقد تدحرج رأس الفتاة نحوه وتبدت له وكأنها تبتسم.
لأنها الآن لن تضطر أبدًا للقتل مرةً بعد.
- الجزء 18
هذا مفاجئ.
لم يكن قد فكر حتىٰ فيما سيفعله إذا حدث هذا.
وقف كيهارا هاسو مذهولا بعد أن تُرك وحيدًا. وأخيرًا، نظر حوله في المساحة الدائرية الواسعة.
بدت تاكيتسوبو وكأنها تُعاني. لن تستمر تأثيرات العلاج بالكيِّ إلىٰ الأبد.
「لهث، هئ」
「تاكيتسوبو」
صدر صوت معدني خبيث. جاء من مسدسٍ صغير.
「أبعدي الأطفال عن هنا. فهو وقت حديث الكبار مع هذا الرجل」
「...حسنًا」 أومأت تاكيتسوبو. 「أمتأكد يا هامازورا؟」
「إيه... علينا أن نفعل هذا قبل أن نهرب」
وبعد أن اختفى الجمهور من حولهم، اقترب الفتى المراهق الجانح من الشايب ممسكًا بمُسَدِّسِه.
「عندك شيء ثاني؟」 بدا صوته باردًا وقاسيًا، كآلةٍ كان. 「أنت أحد أولئك الذي يقال عنهم كيهارا، ها؟ هل عدلت جسدك بتقنيات أندرويد تلك؟」
「.....」
「إن لم تفعل، فقد حان وقتك لتستيقظ من هذا الكابوس」
رفع فوهة المسدس. كان صوته البارد يحتوي علىٰ لمحة من ازدراء واضح. وكأنما يرفض قبول أن يخرج هذا الرجل سالما من هنا بعد أن جعل ليدبارد تعاني.
「سوف تدفع ثمن ما فعلته بتلك الفتاة. ولا أتخيل سببا يردني عنك أو يجعلني أغفر لك. وأشك في أنني سأستطيع أبدا. مهما حاولتُ، لن أتمكن من الوقوف إلىٰ جانب العدالة. ولكن إذا لم أفعل هذا هنا، فستموت العدالة التي لم أتمكن من أن أكونها. قد أكون غبيًا، لكنني أقول هذا علىٰ الأقل」
نعم.
نظرته أخبرت إنه لن يسمح لهذا الرجل بالعيش. اعتبر كيهارا هاسو ذلك الجواب الصحيح. لم يغضب ولم يحزن عند هزيمة ليدبارد. لقد رأىٰ مشكلة تحتاج إلىٰ حل وتحسينات يجب إجراؤها. إذا تم تحريره من هنا، فسوف يبدأ فورًا في تطوير الجيل التالي. وذلك يعني مزيدا من الضحايا. كان يعرف نفسه جيدًا لدرجة أنه يمكنه قول ذلك.
والآن بما أن هناك أبحاثًا جديدة يجب إجراؤها، امتلك شيئا يعيش لأجله.
هكذا مصيره الكيهاري.
لم يرغب في الموت بعد.
ولن يسمح لنفسه بالموت.
مهما كان.
「....حققتَ رقما قياسيا هنا. هذا سيجعلك قاتل الكيهارا الجديد」
「انتهىٰ أمرك」
「وهذه جريمة خطيرة. ستصبح بلا شك مركز الجانب المظلم الجديد. وإنَّ المدينة الأكاديمية ستطالب دائمًا بالتضحيات أكثر وأكثر، سواء رغبت بذلك أم لا!!」
「لا تحاول كسب الوقت. أنت ميت ولا شيء يغير ذلك」
كانت هذه المحادثة عبثية.
هل كان الفتى ليقول كل هذا الكلام تفاعلا؟ رقم قياسي، قاتل الكيهارا، مركز الجانب المظلم—كان كلام كيهارا هاسو يهدف إلىٰ إعطاء خصمه شعورًا بالعظمة. فهل هناك طريقة—أي طريقة إطلاقا—لتغيير الموازين ضد الفتى؟ كان الشايب يعصف بدماغه طوال الوقت يكسب فيه الوقت. قد يكون أي شيء. وكواحد من أصحاب اسم كيهارا، كان مستعدًا لكسر كل أشكال الأخلاقيات والمعايير إذا لزم الأمر.
ثم رآها. لاحظ شيئًا غير عادي—لمعة ذهبية علىٰ الأرض الخرسانية الباردة.
عملة نيقولا.
لقد امتلأت الحافة الخارجية الآن بتلك اللمعة في اتجاه عقارب الساعة. تُخبر باكتمال شحنها.
「ء!!」
قفز علىٰ الفور نحوها وأمسك بها بقفازه الهندسي.
ورفع صوته.
كان يريد البدء في بحثه التالي حتىٰ لو تطلب الأمر الاعتماد علىٰ شيءٍ خفياني لاعلمي تمامًا.
「عطّليِ مُسَدّسه يا عُملة نيقولا!!」
من الذي يُلام علىٰ هذا؟ ثم وقعت الظاهرة الفعلية بلحظة لاحقة.
كانت النتيجة عادلة تمامًا.
انطلقت رصاصة مسدس هامازورا شياغي.
نعم، لتعطيل المسدس طرقٌ أكثر من أن تنسد الرصاصة أو حتىٰ تنفجر من الداخل فتدمر السلاح ويد صاحبه.
قد تطلق الرصاصة دون أن يُسحب الزناد.
「ها؟」
نظر الشايب أسفله.
لم يُصدق أنه أُصيب في معدته، ممزقا أسوأ الأماكن. وفوق النزيف، تلوث جسده بقيئه حيث يمكن للجرثوم وحده أن يكون قاتلا آخرا. سقط، وعانىٰ لأكثر من خمس دقائق كاملة، وأخيرًا مات. كان حمض المعدة يتكون أساسًا من حمض الهيدروكلوريك. فما كان الشعور عندما تُوضع علىٰ طاولة الجراحة وتُفتح معدتك وتُسكب كمية كبيرة من ذلك بداخلها؟ وطبعا كل ذلك دون تخدير.
لقد فقد الشايب حياته بسبب أمنيته.
مؤمن بالعلم كان قد اعتمد علىٰ شيء يتجاوز حدود العلم.
كان هذا مصير من توقف عن محاولة القيام بعمله. ولكن بطريقة ما، ربما هذا هو ما استحقه.
لو أنه اعتمد علىٰ قوته من البداية، لما قد حصل علىٰ هذا الكره بسبب ليدبارد.
لو أنه اقتطع أجزاء من جسده في تجاربه، لما قد دخل في جدال حول ما يجب فعله بالأطفال في الملابس الرياضية.
لو أنه اختار ذاك الطريق، لربما أمكن للجميع الذين وصلوا إلىٰ هنا أن يعملوا معًا من أجل البقاء.
ولم يرَ هامازورا ذنبا في الأندرويد.
ربما كان كيهارا هاسو ليوافق، لكن هذا سيعني شيئًا مختلفًا تمامًا إذا جاء منه. جريمة وعقاب الرجل الشايب كان يجب أن تُحدد من خلال طبيعته. فوحدهم الذين يتعاملون مع العلم بجدية ويضعون حدودا أخلاقية لأنفسهم من يمكنهم التحدث عنه من منطلق الخبراء.
هل كانت هذه أيضًا هدية من السماء؟
كانت تلك العملة فخًا يقدم معجزات ولكن تسلب أيضًا كل الخيارات الأخرىٰ التي قد تحاولها.
تكلم هامازورا شياغي بهدوء وهو يشاهد الملعون لا يزال يمسك بتلك العملة الذهبية بعد أن توقفت حركته.
خلا من التعبير؟
أم كان يكبح ابتسامة فظة؟
「ميري كرسماس. هل استمتعت بمعجزتك أيها العالِم المجنون؟」
- ما بين السطور 4
「انتهت」 قالت آنا سبرنجل بفظاظة خلف القضبان الباردة. 「وتلك نهاية احتفالات الخامس والعشرين من ديسمبر. وأشك في أن يحدث شيء آخر الآن، لذلك أرى أن ترفيهي أيضا قد انتهىٰ. إيه علىٰ الأقل جمعتُ بعض "التقلبات" الجيدة. لو سارت الأمور كما هو مخطط، لربما تقرفتُ لدرجة قد أُغلِقها」
لم تتلقَ أي رد من الزنزانة المجاورة.
ولعلَّ أن أحدًا لا يعرف ما كان يفكر فيه.
لقد كان الضرر البشري كبيرًا عظيمًا لدرجة ما عساك تقول إن صمته كان أبلغ إجابة بالمطلق.
「ماذا تخيلت؟ وكيف ترى نهاية عملية الأصفاد؟ أراهن أن حلمك لم يكن بهذا السوء」
وحده صوت آنا من ملأ هذا المكان.
「لا تخجل منه. معظم البالغين يفكرون في كارثة محرجة من سنواتهم المراهقة. كلما عبّرت عن أحلامك، تحطمت تلك الأحلام أسرع. لهذا السبب الطريقة الأكثر فعالية هي أن تخفي ما تريده وتعمل علىٰ كشف ما يريده الآخرون فتعمل ضدهم. هيهي. إذا كنت تريد أن تحقق شيئًا عظيمًا، فاخفي أولاً هدفك الرئيسي. كنت نقيًا جدًا. وكان أجدر بك أن تُغمِّض الأمور أكثر مما فعلت」
صوت ارتطام معدني قويِ تردد في الهواء البارد.
الفتاة التي بدت في العاشرة قد رمت عملة ذهبية في الهواء ثم أمسك بها في يدها.
「عملة نيقولا」
لقد فقد رئيس المجلس السيطرة.
لقد فقد القدرة علىٰ متابعة الأمور.
عدد الحوادث الخبيثة كان كبيرًا عظيما. قد حاول أن يعطي التعليمات من زنزانته، لكنه لم يكن في وضع يسمح له بإيقاف كرة الثلج بعد أن تتدحرج.
لأنه إذا فعل، لكان المصنف الأول قد عاد ليصبح الظلام الـ#1.
لقد أغلق جانبه الوحشي.
وقد أقسم أنه سيفعل.
لذا. ومع ذلك.
「إضافة هذا العنصر الأجنبي الصغير مزق المخطط الذي كان في رأسك. كنت قد نظمته بحيث يتفكك الجانب المظلم ويُسلّم الناس أنفسهم سالمين مهما كانت الأحداث، ولكن تلك النهاية السعيدة تمزقت إلىٰ قطع واختار الجميع لأنفسهم أن يُغمروا في عالم حر مليء بالموت والمخاطر. ...من حصل عليها كان عشوائيًا، ولكن في النهاية فقط فردٌ واحدٌ تمكن من تحطيم قيوده بنفسه. هُوَ انزلق تحت راداري. حتىٰ أنني تواصلت معه أثناء النهار، ومع ذلك تجاهلته. وهذا أمرٌ غير معتاد للغاية」
تبدو مستمتعة.
وكأنها تعطي أهمية أكبر لهذا الأمر أكثر من المصنف الأول في الزنزانة المجاورة. ثم تابعت.
「تعلمتُ شيئًا واحدًا فقط من هذا الوقت الفائض بين التجارب،」
وصوتها ماصخٌ ثابت، كما لو أنها وصلت إلىٰ النتيجة التي توقعتها تمامًا.
「حرية السحر تفوق ترتيب العلوم. مهما بنيتَ كل شيء واعتنيت؛ سأُدَمِّغُه، أكتبها من جديد وأنشئها؛ فأُحَطِّمُه」
بعد لحظة، أضافت شيئًا آخر كطفلة مشاكسة تكشف سرًا.
「وبالطبع، تلك التصنيفات في الأصل لا تعني شيئًا」
سحبت حافة العملة الذهبية علىٰ العارضة الحديدية للباب المسدود.
وسط الضجيج الحاد الطاغي لاحتكاك معدنٍ بمعدن، تردد صوت نقرٍ خافت لآلية تعمل.
ذاك كان صوت بابٍ يُفتح.
ولم تهتم بكيفية عمل القفل فعليًا.
「وهذه معجزة أُخرىٰ」
زنزانة العلوم لا تستطيع أن تحتجز السحر.
كانت استعارة واضحة.
بدأت الفتاة تتحرك ببطء إلىٰ الممر فمرت بجانب الزنزانة المجاورة.
「كما في الاسم، فإن عملة نيقولا هي عنصر روحي تقتصر علىٰ عيد الميلاد (كرسماس). وصحيحٌ أنها تمتص القوة مباشرة من خطوط الطاقة (لايِ) بدل جسم الساحر، فإنها من الناحية التقنية أقرب إلىٰ كتاب سحر من عنصرٍ روحي. هذه الفوضىٰ هي حلم تستيقظ منه في الصباح. لن تلبث طويلاً فلا تخف」
『أيتها!!』
أخيرًا.
تحداها شيءٌ شفاف من خلف القضبان. تبدو كفتاة جميلة بها عناصر مخلوقات بحرية وأجنحة خفافيش، ترتدي فستانًا من الصحف الإنجليزية المغطاة بمقالات قد يعتبرها البعض فاحشة. القضبان المعدنية لم تكن تعني لها شيئا. حطمتها بمطرقة من الشرر البرتقالي وأمسكت بالفتاة الصغيرة التي كانت تغطي نفسها بقطعة قماش حمراء رقيقة.
كانت لُغْزَ قُلَيْفة 545، شيطانٌ صناعي وورقة رابحة جهزتها مطران الأنجليكان والتي قد حاولت الإطاحة بالعالم.
لكن...
「إنّيِ أحادثه. فلا تقاطعيني وأنتِ لا تفقهين حتىٰ ما أعنيه」
فجأة، ظهر شيء بجانب الفتاة الصغيرة.
كائنٌ شفاف هو ملاكٌ ذو رأس صقر وجسدٍ شديد. بمجرد أن تمزق صدعٌ عموديٌّ من خلاله، خلع الملاك بعنف جَسَدَهُ بالكامل.
صار الآن شمسًا.
انفجر ضوء مروع وملأ المكان فهاجم الفتاة الشيطان.
『كيااه!!』
لم يتحرك أكسِلَريتر حتىٰ.
كان للمصنف الأول انعكاس.
ومع ذلك، سالَ سائل أحمر من زاوية فمه.
「فكِّر قبل أن تتكلم. فقط فكر في الأمر وستدرك أن الوقت ليس مناسبًا لكي تقاطع」
لم تكن آنا حتىٰ تنظر في اتجاهه.
كانت ببساطة تلوح له وداعًا.
「تجربتي قد انتهت. وستختلف الأمور المرة القادمة」
لم تنظر أبدًا من خلال القضبان. بل وكانت تنظر إلىٰ مكان آخر وهي تبتعد ماشية.
فقالت تعليقًا أخيرًا.
「سَلِّم لي عَلَيْه」
استند أكسِلَريتر إلىٰ الجدار الصلب، وترك خصره يغرق في الأرض الباردة، ونزّل رأسه.
لم ينطق بكلمة.
لقد أُثبِتَ شيءٌ هنا. حلمه الصغير لن يتحقق أبدًا.
ليس بوجودها.
اختر اسم وأكتب شيء جميل :)