-->

الفصل الثاني: سؤالٌ جوهري

(إعدادات القراءة)

انتقال بين الأجزاء

  • الجزء 1

فما الذي كان يحدث بالضبط؟

إن لم يكن هذا مجرد واقع افتراضي داخل جهاز إلكتروني، فلا بد من القيام بشيء قبل أن تُدمَّر المدينة الأكاديمية. كان على ميكوتو أن تنهي تأليهها(؟) فورًا لتجنب الكارثة. ألم يكن من المفترض أن تستمر هذه الحالة لبضع دقائق فقط قبل أن تؤدي إلى انفجار هائل قد يمحو مدينة الأكاديمية بأكملها؟ المشكلة أنها لم تملك أي وسيلة لإنهائها بنفسها.

وعلى الأرجح كان نفس الخطر ينطبق على شوكُهو ميساكي التي حولت نفسها إلى إلهة البذاءة لتنافسها.

ومثلها، كانت عينا تلك الفتاة الأخرى تتوهجان وهي تزأر وتنقضّ عليها؟!

「مهلا، هيه، شوكهو، هدنة هدنة!! وضعنا سيئ! ما هذا بواقع افتراضي! قد تكون هذه المدينة الأكاديمية الحقيقية، لذا عليكِ أن تهدئي حتى نتمكن من التحدث وتبادل المعلو-」

「اصمتي! اليوم هو اليوم الذي سأخرج كل قوتي وأقتلك أخيرًا! كخهربفم, قربغٍفالئهٕجٌىاتحجربقئصكط. مغقشرفقاى!!!」

بعد أن امتصت ملاكًا لتحول نفسها إلى إلهة الزهور والجمال، تعطل لسان شوكهو ولم تعد قادرة حتى على الكلام طبيعيا.

وفي حين مدت ميكوتو يديها الفارغتين تطلب هدنة، هاجمتها الملكة الحمقاء ببئس وببتلات الزهور المتوهجة العملاقة التي كانت قوية كفاية لتمزق مبنى إلى نصفين.

ماذا لو كان هذا العالم الحقيقي حقا؟

لا إعادة ولا تقدم. ألا تدرك تلك الحمقاء أن السماح حتى بموت إنسان عادي واحد سيعبر خطًا لا رجعة منه أبدًا؟!

صدرت طقطقة غير مريحة من صدغ إلهة البرق ميكوتو.

「هدئي نفسك يا الوحش المنهدة الذهبية!!!」

على الرغم من أن الهجوم كان قويًا مرعبا، تفادته ميكوتو (ربما من ضعفٍ كبير في قدرات شوكهو البدنية) قبل أن تدور خلفها وتلف ذراعيها بإحكام حول خصرها ثم تحني نفسها إلى الخلف في جسر مسقطةً قمة رأس شوكهو على الإسفلت. كانت السوبلكس الخلفية أشبه بضربة برق، خاصة وأنها كانت مصحوبة بانفجار كهربائي بمليار فولت.

اندفعت فروع كثيفة من الكهرباء، وحولت الحرارة الشديدة صندوق الرمال في الحديقة القريبة إلى مادة ناعمة. معادن الفلغوريت مثل هذه كانت تُنشأ كثيرا من الصواعق. ومع ذلك، نظرًا لأن هذه المادة كانت مجرد سيليكون بسيط، فلم تكن ذات قيمة أعلى من قطعة زجاج.

انقلبت شوكهو رأسًا على عقب، وساقاها نحو السماء، لكنها لم تخرج من المعركة بعد.

انبثق صوت تفجرٍ من داخلها. ميكوتو قد أحكمت قبضتها حول خصرها، لكن بتلات الزهور المتوهجة التي نمت من ظهرها تسللت عبر الفجوات وأجبرت ذراعي ميكوتو على الانفتاح.

(أع، ؤه.)

「هرينغبع!!!」

ما كان لميكوتو أن تفهم ما حاولت شوكهو قوله، لكن عينيها المحمرتين تحدقان فيها مباشرة، بينما استمرت بتلات الزهور على ظهرها تنمو أكبر. تستعد لِقَطْعةٍ قاتلة؟!

شدت ميكوتو أسنانها.

「!!!؟ ...هاه؟」

الإلهة غير الرياضية تعثرت بقدمها.

بينما تسقط شوكهو، تلوّت بتلاتها الحادة عشوائيا قاطعةً ناطحة سحاب قريبة بشكل مائل. لولا أن ميكوتو استخدمت قوتها المغناطيسية الهائلة لتمنع انهيار المبنى، لدفنتا تحت انهيار من الخرسانة.

وخبيرة الذهن والنفس كانت غير متوقعة.

「شوكهو ميساكي. كيف أتقنت الملاكمة السكرانة الغامضة دون شرب قطرة كحول واحدة!؟」

「ماني سكرانة!!」

رفعت ملكة توكيواداي رأسها تصرخ بغضب مُحمرّة خجلا.

يبدو أن الإحراج أعاد لها قدرتها على الكلام.

「على أي حال، إذا بقينا على شكل الإلهة أطول، سننفجر من الداخل! علينا إيجاد طريقة للعودة إلى طبيعتنا!!」

「منتل آوت على نفسي سيكفي أن يحل المشكلة☆」

「تبًا لكِ، شوكهو! هذا ليس عادلاااااااااااااااااااااااااااا!!!」

صرخت ميكوتو بغيظ بينما تضع شوكهو الرموت على صدغها، فعادت على الفور إلى شكلها البشري.

عززت شوكهو قوتها بأن تمنتل-آوت نفسها ← ثم بالإكستِريور ← ثم بغسل دماغ بضعة آلاف من الأسابر الذهنيين ← ثم بغسل عشرات الآلاف من العاديين ← ثم بالسيطرة على مليون إنسان من خلال علم النفس الجماهيري. وهذا سمح لها بجمع ما يكفي من مجالات انتشار AIM لتستدعي وتدمج نفسها مع الملاك الذهبي كازاكيري. لذا، ما إن تقطع رابطها يدويًا بالإكستِريور، تعيد على الفور وعي الجميع وتوقف طورها الإلهي.

(همم. لطالما رأيتها كبيرة، لكن الآن شكلها ناقص بعدما انكمشت إلى ما كانت عليه)

وضعت الفتاة ذات الامتيازات النهدية يدها على صدرها الذي لا يزال كاعبا إلى حد ما، مفكرةً في شيء كان من شأنه أن يجعلها تُحرق على الفور بصاعقة لو سمعتها المسطحة.

في هذه الأثناء، كانت البنت المنعمة بالجهل تصرخ متخوفة.

「أ-أه لا! تمهلي، جاءتني فكرة! تحكمي بعقلي بالمنتل آوت وأوقفي هذا بالقوة!」

「ميساكا-سان، هل نسيتِ أنكِ محصنة ضد المنتل آوت؟ ما لي شيء أفيدك به. ابحثي بنفسك كيف توقفيه」

「ما كنت لأطلب منكِ لو كان لدي خيار آخر!!」

「أتعلمين، كونك الوحيدة التي لا يؤثر عليها منتل آوت يجعلني أفكر، ربما لستِ بإنسانة فعلًا بل وأنكِ حيوانة ناطقة تمشي على اثنين. وطالما لا تسببين المشاكل للناس، فلا أمانع إذا فجّرت وحشٌ ما نفسها. إذن، ما هذا؟ هل منحتِ نفسكِ قوة إضافية دون تفكير ثم أدركتِ لاحقا أنكِ ستنفجرين ذاتيًا ولا يمكنكِ إيقافها؟ بفف أههههههه!! أنجزتِ عملي مكاني! هذا بالضبط هو المصير الغبي الذي كنتُ أتوقعه منكِ. الآن، لا نريدكِ أن تنفجري وسط الديرة، لذا يا حبذا لو تحلقين في السماء مثل الألعاب النارية ثم تنفجرين وحدكِ يا الذئبة المنعزلة!! هيهيهي، لا أتحمل لا أتحمل. بوهاهاهاهاهاهاهااااااا!!!」

「(حُسم الأمر. سأفجرها مادمت لا أزال أتحكم في نفسي. وبــإحدى ضربات البرق القوية التي تشطر الأشجار العملاقة في أستراليا)」

「.....ما بكِ هكذا، ميساكا-سان؟」

لكي تهرب من المجنونة التي وصل عقلها لقرار التدمير الشامل فور أن حوصرت، هربت الملكة ركضا قبل أن تتعثر فتسقط بطريقة عجيبة جَنّبتها عاصفة الكهرباء عالية الجهد المارة فوق رأسها (بينما تكشف عن لمحة عن ذوقها الناضج من ملبسها الداخلي). بدت المساحات المفتوحة خيارًا سيئًا ضد وحش البرق لذا هرعت تهرب من الطريق الرئيسي إلى زقاقٍ ضيق مظلم.

「ورطة ورطة ورطة ورطة ورطة. لحظة، وين هوكازي-سان؟」

وفي تلك اللحظة، رأت إلهة البرق شيئا.

بالون غيكوتا هيليوم عالقاً في غصن شجرة على طرف الطريق.

استعادت إلهة البرق ميكوتو هدوءها وعادت لتصبح فتاة عادية.

في ثوانٍ معدودة.

انفجرت شوكُهو غضبًا فورها.

「ماذا؟! تمشكلتِ وحاولتِ تقتليني، والآن تُبدين اللطف بقدرة أنوثتك ها يا ميساكا سآان!؟」

  • الجزء 2

العد التنازلي لنهاية مدينة الأكاديمية قد توقف أخيرًا.

تنهدت ميكوتو بارتياح ووضعت يدا على صدرها. الصدر الذي استعاد نعومته البناتية.

لكن الحكاية لم تنتهِ بعد.

لم تُحل المشكلة الأساسية. إن لم يكن هذا واقعًا افتراضيًا إلكترونيًا، فما كان؟

(لكن ما الخيارات الأخرى المتاحة؟ وأعني عدى أن يكون هذا هو العالم الحقيقي.)

ليس بواقع افتراضي إلكتروني. هذا أكيد.

لكنها شكّت أنها وشوكُهو كانتا تعيثان الفوضى في العالم الحقيقي.

وكان لبسهما الصيفي كافيا لمعرفة الإطار الزمني لهذه الأحداث. وهذا يعني أنها ما كانت لتعرف أي شيء حدث في وقت اللباس الشتوي، فكيف تعرف؟

(أهذا من عمل إسبر وهماني؟ أم أن شوكُهو أخيرا اكتشفت طريقة لتُدخل المنتل آوت إلى عقلي؟ بذكر هذا، آلات التحكم بالأحلام مثل الإنديان بوكر كانت تؤثر عليّ بشكل طبيعي)

كل شيء كان مختلطًا إذا كانت شوكُهو تملك الإكستِريور بينما تتذكر ميكوتو نهاية حادثة الإنديان بوكر. نفس الأمر ينطبق على كازاكيري في شكلها الملائكي الذهبي فقد ظهرت بهذا الشكل لأول مرة في عواصف روسيا الثلجية خلال الحرب العالمية الثالثة؛ وهذا لا يتوافق إطلاقًا مع زيّ توكيواداي الصيفي.

فكيف لميكوتو أن تفسر هذا الجدول الزمني المختلط؟

(لكن إن لم أكُ متأكدة، فعليّ بالحذر أكثر. للبشر حياةٌ واحدة فقط، ولا فرصة ثانية. عليّ أن أتوخى من أفعالي وأضمن ألا يموت أحدٌ بريء)

قد نراهُ تفكيرًا نبيلاً، لكنها كانت من طبيعتها ألا تشمل شوكُهو ضمن "البريئين"، فهي لا تستوفي المعايير.

بهدير صارخ، تقوّس انهياران جليديان في الهواء وسقطا فوق الرؤوس.

كان أحدهما مجموعة أسابر يقفزون من سطح إلى آخر. والأخرى كانت مجموعة من السيارات ذاتية القيادة ومعدات البناء تقفز أيضًا من الأسطح. وكان تهديد أسابر الأكاديمية واضحًا مُرهبًا من حقيقة أن البشر المصنوعين من البروتين والكالسيوم كانوا يدحرون الطرف الآخر.

بصراحة، كانت ميكوتو هي التي تحكمت في الآلات، لذا فهي من كانت تدحر وتدفع إلى الوراء.

مدينة الأكاديمية مرعبة!!

「أه لا!」

(كيف لكسولة غير رياضية أن تملك عقلية همجٍ في القتال؟ بصراحة، ليس لدي وقت لهذا. أريد إجابات قبل القتال.)

أرادت ميكوتو حقا أن تعرف ما الذي يحدث، وهوية المدينة الأكاديمية التي رأتها أمامها، وحقيقة هذا العالم.

أتقول ببساطة الواقع؟ أم وهمٌ خلقه إسبر؟ أم حُلمٌ أنشأته آلةٌ مثل الإنديان بوكر؟ خياراتها ستتغير جذريًا بناءً على الإجابة.

إذن...

(إذا أردتُ كشف سر هذه المدينة، يجب أن أبحث خارجها بدل التركيز على مركزها)

إن كانت تُعرض عليها صورة وهمية، فإن كل شيء داخل منطقةٍ معينة سيُعاد تكوينه بشكل مثالي؛ دون عيوب. لكن خلق هذا المستوى من التفاصيل يتطلب كمية هائلة من الطاقة. فهل سيكون هناك ما يكفي منها لإعادة إنتاج الأماكن التي لا ترتبط مباشرة بمعركة ميكوتو وشوكُهو؟

وهذا يطرح سؤالًا آخر: ما الذي يُعتبر "مرتبطًا" بمعركتهما وما الذي لا يُعتبر؟ أساسا، كلمة "العالم" لا تشير بالضرورة فقط إلى كوكب الأرض.

وهذا منح ميكوتو طريقةً سريعة للتحقق.

الفضاء الخارجي.

دخلت ميكوتو مبنىً متعدد الطوابق، وأخذت منظارًا فلكيًا من أحد متاجر الديكورات الداخلية العشوائية. كادت أن تغادر به دون أن تدفع، لكنها تداركت في آخر لحظة ورجعت. إن كان هناك احتمال —ولو ضئيل— بأن هذا هو الواقع العادي؛ فلن تُعَوّد نفسها على تصرفات اللصوص.

احتاجت إلى مساحة مفتوحة فتوجهت إلى أقرب حديقة.

لم تقدر على رؤية نجوم الليل في النهار، لكنها مع ذلك رأت القمر. كان مرئيًا من هنا، لكنه لم يكن مرتبطًا بمعركتها مع شوكُهو. إذا لاحظت شيئًا خاطئًا في ذلك الجسم السماوي، فذلك دليلٌ على، بما أنه ليس واقع افتراضي، أنّ ما كانت تعيشه حتى الآن ليس بالواقع الفعلي كذلك.

「لنرىٰ」

نظرت ميكوتو عبر المنظار، بحرص ألا توجهه نحو الشمس.

لم ترَ القمر.

بل قمرًا صناعيًا عملاقًا تابعًا للمدينة الأكاديمية.

「؟」

  • الجزء 3

لا وقت للعبوس والحيرة.

أمانة كاغويا [1] أطلقت قنبلة مدارية من الفئة S5 بكميات هائلة من الماء فائق الانضغاط.

  • الجزء 4

كانت محظوظة أنه لم يكن قصفاً ليزرياً.

「بعع!! لو كان، لقُتلت قبل أن تتاح لي فرصة الهرب! تبا لمدينة الأكاديمية وحبها استخدام تقنيات غريبة عليك دون تحذير!!」

تجنبت ميكوتو بالكاد الضرر بأن تدفع نفسها مغناطيسيًا إلى الجانب وتتشبث بمبنى بعيد، لكن زيها وشعرها كانا مبللين من البخار. لا بد أن ذلك كان إصدارًا أضعف من الهجوم الفعلي، ومع ذلك، اختفت الحديقة تمامًا.

لم تعرف ميكوتو ما إذا كانت شوكُهو قد غسلت دماغ مشغّلة القمر الصناعي لتهاجمها، أو إن كان من تبقى من المدينة الأكاديمية يقاومون. في كلتا الحالتين، سيكون من الصعب عليها مراقبة الفضاء في ظل هذا القصف. وأحسن عليها أن تفترض أن بقائها في نفس المكان لخمس ثوانٍ قد يجعلها هدفًا للقصف المداري.

(ولم أتمكن حتى من رؤية أي شيء في الفضاء قبل القصف....)

كانت تَفِر، لذا سيكون صعبا عليها التريث والتمعن حتى لو حصلت على منظار آخر. لم يكن بإمكانها الاعتماد على الصور المباشرة من الأقمار الصناعية التي تبثها مواقع تطوير الفضاء بل كانت بحاجة إلى الرؤية بنفسها، لأنها تعلم أن تلك المصادر قد تكون معدلة.

خطتها ستظل فعالة طالما كان الهدف خارج مدينة الأكاديمية.

لذا وبدل التركيز على الفضاء أعلاها، أمكنها ترك جدران الأكاديمية فترى ما وراءها.

「ما أريده الآن هو تجنب ذلك القمر الصناعي، لذا وجهتي الأنفاق!!」

أطلقت ميكوتو ريلغن نحو الأرض ففجرت حفرة في الإسفلت تكشف عن منطقة تسوق ضخمة تحت الأرض، من المحتمل أنها كانت جزءًا من محطة القطار القريبة. إذا بحثت في هاتفك عن "ممشى يُبقيك عن المطر"، فمعظم النتائج ستشير إليك أن تمر من هناك.

لم تتردد ميكوتو وقفزت إلى الأسفل عبر الفتحة.

「أوه، وعندهم محل غيكوتا مؤقت في ساحة الفعاليات! عليّ أن أسجل هذا في ذهني وأزوره لمّا يعم السلام في العالم.」

بالطبع، قد لا يكون هذا المحل موجودًا في العالم الحقيقي إذا كان كل هذا مجرد وهم أو واقعًا افتراضي.

طوووخ!!

فجأة، تحطم الجدار الخرساني المجاور، وبرزت كتلة من المسارات الفولاذية المتصلة والأسطوانات الهيدروليكية.

في الآلة مثقابٌ عملاق يشبه مخروط الصنوبر في مقدمتها وأذرعٌ متصلة حولها، لذا من المحتمل أنها كانت آلة حفر أنفاق تابعة للأنتي-سۡكِل. هذا الشيء الذي يسير على مسارات كالدبابات كان يُستخدم لإنشاء مساحات تحت الأرض مثل هذه.

「مركبة ثانية غير فعالة ومبالغ في تمجيدها؟!」

「هيهي، هَهَهَه، ميساكا-سآان☆ قدرة عِلم المدينة الأكاديمية لفي مستوى آاااااااااخــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــر!!」

فصرخةٌ غريبة جاءت من الحفرة العلوية.

لابد أن شوكهو كانت سيئةً غير متوقع في الارتجال إذۡ أنها بدأت تتصرف أغرب فأغرب.

ومع ذلك، كانت الآلة ثقيلةً قوية لكن بطيئة. ركضت ميكوتو عبر محطة القطار الضخمة تحت الأرض لتضع مسافة بينهما.

وبالطبع، استخدمت قدرتها لتعطيل جميع كاميرات المراقبة أثناء تقدمها.

(وبما أنني في الأسفل هنا، فمن يراقبني من الفضاء لابد أنه ضيّعني!)

كانت هذه المساحة تحت الأرض كبيرة لدرجة أن لديها أكثر من 10 أو حتى 20 مخرج سلالم. سيتمكن المراقبون في النهاية من تحديد موقعها مجدداً من المدار، لكنها ستنتهز أي فرصة تبرز رأسها لها. وإذا خرجت من مخرج لم يتوقعه المهاجم – أيّاً كان – فستحصل على حرية مؤقتة.

طاردت شوكهو ميكوتو، مما يعني أنها أجبرت نفسها على القفز إلى الحفرة وتفادت أن يُلتوى كاحلها رغم افتقارها اللياقة البدنية.

شغّلت ميكوتو عقلها أثناء ركضها صعوداً على الدرج نحو السطح.

وعند التفكير...

(على الأرجح ستنتهي لتكون قتال مستوى 5 من قتال عشرة آلاف إسبر صفري. لكن مَنۡ مِنَ المستوى 5 ينضم إليّ إذا شرحت لهم التهديد الذي تمثله شوكهو؟ كلهم غريبو أطوار لدرجة أنني استصعب تخيّل أيٍّ منهم يفعل ذلك.)

عندها رأت أحدًا.

كانت صدفة محضة.

كان بعيدًا كل البعد عن سبعة المستوى 5 في مدينة الأكاديمية.

كان مجرد طالب عادي في الثانوية تمامًا تلقى مثله في أي مكان.

كان فتى شائك الشعر.

「هيه، هل تعرف ما يجري في المدينة؟」

لم يكن استنتاجًا منطقيًا.

لكن ميكوتو تعلمُ يَقيناً أنّ من تنجح في كسبه إلى جانبها تفوز.

「هـ-هلا، أنتما بخير؟ أرى المشاكل تندلع في كل أنحاء المدينة」

ما عساه يتخيل أن الفتاتين الماثلتين أمامه كانتا السبب لكل المشاكل.

بل خاف عليهما حقاً.

كان من النوع الذي يشعر بذلك حتى في أوقات الأزمات.

「على أي حال، علينا بالبقاء معًا. وما الانقسام إلا يزيد من خطر ضياع أحدنا. لا عليكما. إذا عملنا معًا، فأنا متأكد أننا سنتجاوز هذا!」

كان لميكوتو وشوكهو أحدٌ يهتم لأمرهما.

ومن أجله، تعلمان أنه يجب عليهما وقف هذا القتال.


......ثم حدثت.

قنبلة مائية غامضة سقطت مباشرة من القمر الصناعي الضخم في المدار.


بِدَويٍّ يصمّ الآذان، تبخّر كاميجو توما.

「「آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآهـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه!؟!」」

صرخت كلٌّ من ميساكا ميكوتو وشوكهو ميساكي.

وقد فقدتا إلى الأبد آخر شيء قد يوقفهما.

  • الجزء 5

لم يتبقَ أمام ميكوتو وشوكهو سوى خيار الآن: القتال حتى النهاية المريرة. أما غير هذا فقدۡ سُلب من بين أيديهما قبل أن تختاراه.

اهتزت مدينة الخرسانة والإسفلت بصرخة ألم عظيمة كأنها مشهد معركة من إحدى الأفلام.

وأحدٌ ارتفع في الهواء كما لو كان على محفة ملكية وسط هذه الفوضى.

「هيهيهي، هِهِهِهِهِه. قد فنى الموت والأمل، فما رأيكِ لو نحسمها مرةً وإلى الأبد، ميساكا-سان؟ لنقاتل بنزاهة وعدل☆」

「(تلك هِيَ يا حضرة الضابط. تلك الوحش الكعوبة المكبوتة هي من تبحث عنها.)」

「لا تستهبلي!!」 صرخت الملكة، التي عادةً ما تكون ماكرة ولكن سهل استفزازها (وكانت في الواقع سريعة الغضب مثل ميكوتو)، والدموع منها كادت تنكسب.

وفي الوقت نفسه....

「مِيي! طوّقيهما من هذا الجانب وامنعي عنهما الهرب!!」

「بالنسبة لِمَن لا تُكلف نفسها عناء الظهور، فإنكِ جادة العملِ في الجدجمنت حينما تظهرين.」

اندفعت فتاتا الجدجمنت المخضرمتان، كونوري ميي وياناغيساكو آومي، نحو شوكُهو (على الأرجح لتوقفا هذا التجمع غير المصرح به).

أمكن لشوكُهو التحكم في بضعة آلاف فقط ضمن عدة كيلومترات منها.

وهذا يعني أن المصنفة #5 قد أنشأت منطقتها الخاصة ضمن دائرة قطرها بضعة كيلومترات، وكانت تتحرك كالإعصار تهاجم ميكوتو. وفي كل مرة يخرج أحدٌ من تلك المنطقة، تحرره من غسيل الدماغ لتوفر لنفسها مزيدًا من المساحات لتغسل أناسًا جدد.

لكن في نظر ميكوتو، التي كانت تهرب على الأقدام، بدا وكأن المدينة بأكملها تهاجمها كانهيار ثلجي هائل.

كان الفرق بين الظاهر والواقع حاسمًا.

نعم، لم يكن بمقدور شوكُهو غسل دماغ جميع سكان المدينة المليونين وثلاثمئة ألف دفعةً واحدة، لكنها أبدته كذلك.

(عمال صيانة خوادم الإنترنت، مراقبو المرور، شرطة الأنتي-سكل رفيعو المستوى، وربما حتى مدراء المجلس الاثني عشرة – لا بد أن هناك أفرادا تريد شوكُهو إبقاءهم تحت سيطرتها. لن تطلق سراحهم حتى لو خرجوا من منطقتها. وكلما زاد عدد الذين تحتاج إلى السيطرة عليهم، قل عدد المساحات المتاحة لغسل دماغ أفراد جدد!)

إذا استمر الوضع على هذا النحو فسوف تسوء الأمور أكثر فأكثر لميكوتو بمرور الوقت. فلو سقط أصحاب النفوذ على السياسة أو البنية التحتية تحت إمرة شوكُهو، عندها تستولي على كاميرات المراقبة والأسلحة اللامأهولة وجميع وظائف مدينة الأكاديمية فتستخدمها ضد ميكوتو.

لكن...

(ماذا لو وَجَّهۡتُ شوكُهو على أعداء مزعجين وأجبرتها على غسل أدمغتهم؟ أناس لن يفيدونها كثيرًا من بيادق، ولن تستطيع إطلاقهم لأنهم سيغضبون ويهاجمونها. إذا رميتها بمجموعة مثلهم من المزعجين فسوف تملأ جميع "خاناتها" لغسيل الدماغ. هناك 2.3 مليون نسمة في هذه المدينة. هي تحاول تقليل التهديد، لكنها ستملء في الآخير بضعة آلاف من الخانات كمربعات لعبة الألغاز!!)

ضباط أنتي-سكل الصالحون، الذين دُرّبوا على القبض على المجرمين، بما في ذلك الأسابر المهتاجين، كانوا البيادق المثالية لهذه التضحية.

لشوكهو المِنتل آوت.

ورمۡيُها بالأنتي-سكل سيُجبرها في النهاية على غسلهم دماغيا، عاجلاً أم آجلا، لذا كان على ميكوتو فقط أن تُعِدّ وتُجَهّز بحيث يكون "آجلا". فما احتاجت إلا إلى كسب الوقت لتهرب من شوكُهو. باستثناء بعض الأسابر المميزين خاصة، ما إن يتجاوز عددٌ من الناس حدًا معينًا، يصبحون "حشدا" بالمعنى العام.

تلك خطة ميكوتو، لكن حدث شيء غير متوقع.

مدّت الملكة اللارياضية شوكُهو ميساكي يدها مستقيمًا.

وجّهت كفّها نحو ضباط الأنتي-سكل المقتربين.

「هااااااه!!」

طاروا.

بمجرد أن صرخت، طار الضباط المدرعين في الهواء لأكثر من 5 أمتار وراء.

حتى ميكوتو توقفت عن الركض وحدّقت مذهولة.

「ها؟ ماذا؟ دخلت طور الحكيمة الآن؟ متى اكتسبت هالغبية حركةً بهذه الروعة؟!」

「أنا أملك أقوى قوة عقلية، ميساكا-سآان. بالطبع يمكنني أن آمرهم أن يقذفوا أنفسهم للوراء... ولحظة، هل أشرتِ إليّ بالغبية توا؟」

بغسل أدمغتهم ثم بإغشائهم ثم بتحريرهم، تمكنت شوكُهو من تجنب ملء خاناتها لغسيل الدماغ.

المصنفة #5 فرقعت أصابعها فانطلقت الحشود نحو ميكوتو مجددًا. كانت موجة من الأجساد البشرية، وإذا لامستها، فستبتلعها تمامًا.

لكن فورا عندما خشيت #3 حدوث ذلك، ظهر شيء آخر بالمرة.

شيء تجلّىٰ.

البدلة المدرعة الخاصة اتخذت من السرعوف شكلا، لكن بدل أن تطوىٰ الأرجل الأمامية، كانت مجهزة بمدفع رشاش ريلغن.

فايف أوفر.

نموذج ريلغن.

(بجدية، أين نحن في الخط الزمني الآن!!؟) [2]

اختفت الأصوات.

حتى أن ميكوتو اختبأت فورًا خلف زاوية أحد المباني قبيل لحظات من تمزق الجدار الخرساني السميك وكأنه قطعة توفو.

كانت البدلة المدرعة فايف أوفر مصممة لمحاكاة قدرات #3، لكن أن يجعلوا كل طلقةٍ برتقالية الحذا ريلغناً كان أُمّ الجنون.

لم تُرد أن تصاب بهذا الشيء، خاصةً وهي لم تكن متأكدة بعد مما إذا كان هذا حلماً أو واقعاً أو افتراضاً.

وبما أن اللارياضية شوكهو ركضت إلى مكان آمن مذعورة، فهذا على الأرجح يعني أن هذه البدلة المدرعة كانت تحت سيطرة "كبار" المدينة الأكاديمية، وليست جزءًا من جيشها المغسول. رغم ذلك ومع علمها لمدى فشلها المتكرر رغم إمكانياتها العالية، كان هناك احتمال قوي بأنها قد غسلت دماغ الطيار ثم أصدرت له أمرًا قاتلا بكل ثقة.

ظنّت ميكوتو أنها سمعت أزيزًا أشبه بأجنحة حشرة ضخمة ثم رأت شيئًا كأنه دبوراً عقربي آلي يحلق في السماء. أذلك أيضًا فايف أوفر؟ لكنها لم تتعرف عليه. خمنت أنه ينتمي لنفس سلسلة السرعوف، لكن...

أيٌّ من المستوى 5 حاكاه هذا النموذج بالضبط؟!

「أوه، هذا الفايف أوفر عني」 قالت شوكُهو بكل برود.

「أكل رديئة في هذا العالم تنبع منك يا منحوسة الوجه؟」

「وذاك النموذج الذي يشبه الأخطبوط يخصني أيضًا」

وهنا انفجرت ميكوتو غضبًا، فاخترقت بكهرباءها نظام تشغيل الفايف أوفر ثم أرسلته بقوة نحو ملكة توكيواداي.

「دبهه؟!! هاه؟ لماذا هذه الآلة المنعزلة تلفّ أذرعها اللزجة حولي؟! أعلم أنكِ الأوتسايدر، لكنكِ ما زلتِ من سلسلة فايف أوفر المصنفة #5، لذا كوني في صفي!!」

「أنتِ أم الصدر الكبير، لذا المجسمات اللزجة من ضمن نطاقكِ」

「مــا قــلتِ؟!」

لكن ميكوتو لم تكلف نفسها عناء الرد... بل بدأت تركض مجددًا.

لكن الأمر لم يعد مجرد مشاحنات بينها وشوكُهو...

الآن باتوا يواجهون أسلحة خارقة يمكنها قتل المستوى 5 بقوةٍ مباشرة.

ولا لحظةٌ واحدة لتضييعها.

(لم يكونوا يستخدمون أسلحة بهذه القوة من قبل... فهل حدث شيء في جانب المدينة الأكاديمية؟!)

  • الجزء 6

كانت خطة يومِكاوا آيهو من الأنتي-سكل بسيطةً.

لم يحق لهم التدخل في المعركة دون سلطة أو تصاريح لازمة. لكن إن كانت كل التوقيعات الإلكترونية ترجع بخطأ، فإن الحل الوحيد هو تجنب استخدام الشبكة تمامًا.

كل ما عليها هو أن تكتب مستندا ورقيا يدوي وتسلّمه بنفسها.

「لا أعرف كيف أتعامل مع الأوراق المكتوبة باليد! عليّ البحث عن دليل مرشد لذلك.....」

「البسي هذا من أجلي」

「؟」

「هذه سترة مراقبة بها أجهزة استشعار تقيس موجات الدماغ وتخطيط القلب وحركات العين وكلها متصلة ببطارية ومعدات اتصال. ولكنها صُنعت يدويًا... مم، تفاعلها يكاد يُذكر. هيه يا تِسّو، أحدٌ آخر مغسول الدماغ هنا. أخرجيه فورًا!!」

بما أن حالة الغسيل يمكن أن تتغير في أي لحظة، فإن مراقبة المؤشرات الحيوية باستمرار سمحت للأنتي-سۡكِل بالتقاط التغيرات الطفيفة. وإذا تمكنوا من التمييز بين المغسولين وغير المغسولين وأبعدوا الخطرين منهم، فسيصبح بإمكانهم العمل كمنظمة فعالة مرة أخرى.

「أنا هاناكي، جئتُ بدلاً عنه. تم استلام الطلب والموافقة عليه. يُمنح جميع ضباط الأنتي-سكل المسجلين تصريحًا فوريًا لحمل واستخدام الدروع والمعدات الإلكترونية وأجهزة الاتصال والأسلحة النارية!!」

「مفهوم. لابد أن هذه هي الذاكرة المحمولة المُشَغّلة للأسلحة اللامأهولة؟ وهل هذه مفتاح لهنجرٍ [3] غامض؟ لا أعرف ما الذي يسبب كل هذه الفوضى في المدينة، لكن ما إن نتجهز بالكامل، نتحرك!! اجمعوا كل الأسلحة المأهولة واللامأهولة حتى نواجه هتانك الكايجو ونعرف ماهيتهما!!」

  • الجزء 7

خافت الملكة إلى حد ما بشأن الشيء السميك الملفوف حول معصمها النحيف، لكنها رغم ذلك أخذت بالرموت فأصدرت أوامر للأسابر القريبين. وفور أن تمزقت مجسات الأخطبوط اللزجة الخاصة بفايف أوفر أوتسايدر عن جِذعها ورِدفها، اختبأت شوكهو وحيدة خلف ساتر وتنهدت تنهدًا ثقيلا مغتظة.

عندها فقط لاحظت سُترات غريبة تمؤلها الأسلاك الإلكترونية.

أوكانت أجهزة طبية؟

「هَه؟ لماذا عاد الأنتي-سۡكِل للمعركة؟ وهم يستخدمون نوعًا من القدرات الآلية لاستعادة تنسيقهم؟! ...إنما هم بهذا يعطون ميساكا-سان مزيدًا من اللُعَب لتلعب بها」

كانت الأجهزة التي سمحت للأنتي-سۡكِل بالتمييز بين المغسولين وغير المغسولين ضربة قاسية لجانب شوكهو، والأسوأ أن ميساكا ميكوتو كانت قادرة على التلاعب بالنتائج التي تعرضها تلك الأجهزة. ولو قررت ميكوتو أن أحدًا يعيق هدفها في تهدئة الأوضاع، يمكنها أن تجعل الجهاز يزعم أنه مغسول دماغيًا حتى وإن لم تمسس شوكُهو عقله أبدًا.

(كأنها تشعل حملة تطهير سياسية باسمي!!)

كل ما عسى أن تأمله شوكُهو الآن هو أن لا تملك تلك الهَبلة [4] المهووسة بالمعارك القدر الكافي من الذكاء لتكيد مكيدة خبيثة كهذه.

  • الجزء 8

「تشش!!」

كان الأنتي-سكل يعملون بأسلحة الجيل الجديد، تشمل الفايف أوفر، بينما تقود شوكهو جيشًا من المغسولين. وميكوتو لم تحب فكرة أن يقبض عليها من أيٍّ منهما.

نقرت لسانها واستخدمت مغناطيسها.

وضعت قدما على جدار أحد المباني عند الطابق العاشر تقريبًا....

ثم قفزت إلى مبنى آخر.

جيش المغسولين على الأرض لم يكُ بوسعهم الوصول إليها طالما تتنقل مغناطيسيًا بين المباني. لم يكن ضمانا 100٪ بفضل قدرات الأسابر وأسلحة الجيل التالي، ولكن حاجز الارتفاع أحيانًا قد يغلب الأعداد.

شكلت فتاة على الأرض مكبر صوت بيديها فصرخت تجاه ميكوتو.

「متباهيةٌ أنتِ يا ميساكا-سان!! أنتِ.... آنـــتِ.....!!」

「أنا ماذا؟」

「جلفاء. مثلكِ من تريد الشهرة وحب الناس بأي ثمن. حتى أني أراهن أنكِ ستثبتين جوالك وترقصين عند بقالة أو مطعم سوشي دوّار!!」

「اسمعي، ترى أدري أنكِ تحاولين استفزازي」

「لكن إذا واصلتِ القفز عاااالي هناك، قد تنفد قدرة تحملك قريبًا! هِهِه هِه. لا أحتاج لأي شيء مميز الآن☆ إنما سأنتظر حتى تنهكك بهلوانياتكِ غير الضرورية فتسقطي- هيي!! تسمعيني؟」

「آغ، هُه!!」

بعد بضع قفزات أخرى، النافذة الزجاجية المقسّاة التي نوت ميكوتو الهبوط عليها تحطمت فجأة من رمي أحد في الداخل كرسيا عليها. الفتاة ذات الوجه الفارغ بدت وكأنها كوريبا ريوكو. [5]

حدّقت ميكوتو إلى الطريق مستغربة فرأت الملكة تلهث وتلتقط أنفاسها.

بربرت شوكهو عن انتظار نفاد قدرة ميكوتو، ولكن ألم تكن هي نفسها أكثرت من استخدام المنتل آوت أيضًا؟

「ل-لهث.... شهق… أهه.... ما يحدث لي؟」

「لا نرى هذا كل يوم. الكيادة أخيرا طاحت في كيدتها.」

لكن لا يمكن أن تنتهي الحكاية بإرهاق الـ #3 و #5 قدراتهما وتفقدان طاقتهما وتنهارا على الأرض وترتعشا كاليرقات. أو بالأحرى، لم تنوي ميكوتو البتة أن تنضم إلى تلك الغبية مكسورة اللياقة هناك في الأسفل.

(لكنها لا تزال مشكلة.)

الذين غسلتهم شوكهو ليسوا التهديد الوحيد لميكوتو.

الهجوم المضاد المنظم من الأنتي-سكل، الذين تعافوا حديثًا بات يشكل إزعاجًا حقيقيًا.

لكن شوكهو غيرت استراتيجيتها بابتسامة.

لم تتردد ولو للحظة.

「هيهيهي. إذا غسلت دماغ الوكالة التحقيقية المسؤولة عن القوانين، ألا أقيم عندها ديكتاتورية تجبر الجماهير الحمقاء على اتباع قوانيني وأخلاقي وقدرة عنفي؟」

「حقًا إنك سادية مهيمنة تلبس القيد والسواد!!」

「ياه منك ميساكا-سان. نصيحة مجانية، إذا أردتِ أن تُهيني أحدا، تجنبي المدح في الوجه وإلا عجبهم」

「طبعا المنحرفة تحب ينادونها بالمنحرفة، لماذا أستغرب」

و.

لم يكن ضوء ساطع ولا ضوضاء صاخبة.

حدثت فجأة ولا فرار منها.

عندما تجاوزت بنات توكيواداي الخطوط الحمراء، كان ظهورها مسألة وقت لا أكثر.

كانت تمشي على الإسفلت الصلب بحذاء كعب، ولكن الصوت لم يصدر. وهذا ما أبداها أرعب. لم تكن شبحًا ولا طيفًا. فكيف لإنسانة ذات كتلة حقيقية أن تتحرك هكذا؟

وصلت.

ورقة اللعب المطلقة قد لُعِبت.

انعكس الضوء من عدسات نظارتها.


مشرفة مهجع مدرسة توكيواداي الإعدادية قد أدلت بظهورها أخيرا.


فرغ عقل ميكوتو وخوى.

حدثت فجوة في ذاكرتها استمرت لبضع ثوانٍ.

وعلّها قد صرخت بشيء خلال هذه الثواني المفقودة؟

وجدت نفسها تستدير وتهرب. ولسببٍ ما، قفزت من جدار المبنى وركضت بأقصى ما تستطيع. مهما حاولت، لم تستطع تذكر ما حدث قبل هذا. أسنانُ ثالثة الأكاديمية طقطقت واصطكت، وتجمعت الدموع في عينيها.

عاد اللون إلى العالم، ومعه الأصوات المشوهة، وأخيرًا عاد الواقع ملاحقا.

ومع ذلك، لم تتوقف— استمرت تركض بكل ما ملكت من قوة.

「يـ-يا ساتر!!؟」 「يـ-يا ساتر!!؟」

صوتها كان متزامنًا تمامًا مع شوكهو بجانبها. وقد أزال الخوف كل الحدود البدنية الواهنة عند الـ#5 الكسولة. بدت وكأنها على وشك أن ينقطع رباطٌ صليبي فيها أو تتحطم ركبتاها في أي لحظة فيُسقطها إلى الأمام، لكنها ولأول مرة جارت ميكوتو سرعةً. في بعض الأحيان ترى الخوف أقوى من الغضب دافعا.

وجودٌ مشوه اقترب من خلفهما.

وكأن جدارا خفيا كثيفا يلاحقهما.

وليس لقوتهما شأن في هذا. شوكهو يمكنها غسل دماغ أي بشر والتحكم به، لكنها اختارت الفرار بدل تصويب الرموت. لأن غرائزها أخبرتها أن مجرد حركة زائدة ستدع صيادتهما الصامتة تلحق وتقبض بمعصم إحديهما.

وهما تهربان بأقصى سرعة، تبادلت البنتان كلمات وِدٍّ.

「لهث...... شهق.... م-ميساكا-سان، أنتِ المقاتلة هنا، تحمّلي المسؤولية واذهبي قاتلي مشرفة الجحيم تلك!!」

「كفاكِ سخافة!! حتى الأخوين ماريو اللي يدوسان ويحرقان طريقهم عبر مملكة الأعداء سيموتان فورًا من سقوط حفرة!! فهل تطلبين مني القتال ضد بشرية تكافئ إحدى تلك الحفر القاتلة!؟」

التوقف من الإرهاق لم يكن خيارًا على الإطلاق.

كانتا في مواجهة ضد مشرفة من الجحيم. إذا وضعت يدها على أكتافهما ولو للحظة، فالموت الموت.

عليهما الهرب مهما كان الثمن.

「ما ستفعلين –لهث– ميساكا-سآان؟!」

「هذا」

كما هو الحال في معظم المدن الكبيرة، كانت شوارع المدينة الأكاديمية تعج بالدراجات الهوائية والسكوترات المتوقفة غير قانونيا على الأرصفة. بحثت ميكوتو بين تلك المركبات فوجدت واحدة تبدو سريعة مميزة ثم دمرت السلسلة الحامية من السرقة بسَيفٍ من الحديد الرملي.

ما اختارته كان دراجة كهربائية أحادية العجلة بإطار سميك ومقود على شكل T.

البنت الـ#5 العسلية ذعرت لمّا أدركت متأخرة ما الذي يحدث.

「مـ-معذرةً؟!」

「أمثل هذه المركبات مباحة؟ قوانين المرور في مدينة الأكاديمية لينة وواهنة」

تقول الحرامية، كما فكرت شوكهو. ومع ذلك، شغّلت ميكوتو الدراجة بسهولة بصوت محرك أخف من محركات البنزين وانطلقت بسرعة تجاوزت 60 كم/ساعة. وكان من البديهي أن الدراجة الأحادية بها مقعدٌ واحد فقط.

نعم.

ليس تسلق جدران المباني الطريقة الوحيدة للهروب من الجماهير الهائجة. لو ركبت مشرفة الجحيم مصعدًا سِرًا وخرجت من نافذة في دورٍ مقابلٍ لميكوتو، لانتهت فورًا. لذا فإن الطريقة الأبسط والأكفء للبقاء سالما هي بزيادة السرعة وخلق مسافة أفقية بينهم.

وشوكهو تُركت وحدها على الأقدام.

أمكنها ركوب سيارة أو دراجة نارية، لكن بما أن أفراد جيشها المغسولي الأدمغة منتشرون في الطرقات، فإن حلفاءها أنفسهم سيكونون عقبة أمام أي مركبة تحاول استخدامها. ومثير للسخرية أن المشرفة الشيطان من الجحيم قد ابتُلِعت في دوامة من الأطفال الصغار منهم فريميا وأزومي وكانو شينكا.

(تلك الملكة الحمقاء ضحّت بالكفاءة من أجل مظهر أكثر ترهيبًا)

「ميساكا-سان، هَييي، لا تتركيني☆ أرجوك، كح، لهث!!」

سمعت فتاة تكاد تبكي بجدية خلفها، لكنها لن تلتف لهذا.

آآه، يا حبي لهذا النسيم.

(لحظة، أين أنا؟)

كانت تهرب بلا هدف متجنبة شوكهو وضباط الأنتي-سكل ثم مشرفة المهجع من الجحيم التي كانت تطاردها. ابتغت أن ترى ما يوجد خارج جدران المدينة وتعرف ما كان هذا العالم، ولذا أرادت ألا تضيع وقتها في تجوال عديم. فإن استمرت تتقدم باتجاه واحد، ستصل إلى غايتها حتمًا.

رصدت لافتة زرقاء فوق جسر مشاة.

「المنطقة 18؟」

(إذن أقصر طريق هي بوابة المنطقة 11 المؤدية إلى شينجوكو! أخيرًا وجدتُ طريقا واضحا نحو الهدف!!)

لكن في نفس الوقت، هذه تمثل مشكلة جديدة.

المنطقة 18 موطن للعديد من المدارس المرموقة، بما في ذلك أكاديمية كيريغاوكا للبنات وأكاديمية ناغاتينجوكي. تلك المدرستان كانتا فريدتان من نوعها لدرجة أنها اعتبرت [الحديقة المدرسية] بكل مدارسها خصمًا. بينما كانت [الحديقة المدرسية] عبارة عن مساحة تقليدية لطالبات النخبة الراقيات، كانت المنطقة 18 تحمل طابعًا أكثر برودة وقسوة تعكس مدى تقنياتها اللاإنسانية والكفاءة الصارمة.

ومع وجود العديد من الأسرار البحثية التي يجب حمايتها في تلك المدارس النخبوية، كان لا بد أن تكون الدفاعات صارمة.

والإسفلت أسفل يمين ميكوتو قد ذاب فجأة إلى لزاجةٍ سوداء.

تم رصد متسلل فأُطلِق عليه النار دون تحذير.

أو ربما كان المتسلل المشاغب بزي الصيف الخاص بتوكيواداي قد أثار غضبهم بطريقة ما.

لأن ميكوتو كانت الريلغن #3، قمة الأسابر الكهربائيين، فقد رصدت فورًا الهجوم غير المرئي.

قد أُطلِق من برج معدني ضخم بعيدًا في وسط المنطقة 18.

「سلاح قاتل مُركّز على الموجات الدقيقة..... لماذا تستخدم المدينة الأكاديمية شيئًا كهذا؟!」

طبعا لم يسبق لميكوتو أن رأت شيئًا كهذا، لذا النظر وحده لم يكفي لتُحَدِّد هوية هذا العالم. 

حاولت بث كميات كبيرة من موجات الكهرومغناطيس من جسدها لتربك نظام استهداف البرج، لكن فجأة شعرت برأسها يترنح بشدة.

(لا..... هذا....جسدي.....)

لم تملك حتى الوقت لتصرخ.

جدار خفي من الموجات الكهرومغناطيسية خبط في ميساكا ميكوتو.

  • الجزء 9

「ويييييييييييييييه؟!」

هذه الصيحة الغريبة جاءت من شوكهو وهي تراقب من بعيد (لأنها تُرِكت وحدها من الدراجة الكهربائية الأحادية).

وقوتها البدنية تكاد تنفد من استخدامها المكثف للمنتل آوت لكن شعور النعس غير المريح اختفى فورًا من عقلها.

لطالما اعتادت أن تأكل مكونات طبيعية وتتجنب الصناعي، لذا أن تُتبخر وتذوب مع الإسفلت كان آخر الطرق التي رغبت الموت بها.

(ماذا؟ خلّصت؟؟ كنت أعلم أن الذكاء يهرب منها، ولكن يا روعة. ميساكا-سان، كيف تركتِ لمثل هذا أن يقتلك؟ إذا كنتِ ستجمعين كل قدرة الكراهية على نفسك بغباء، فلِمَ لم تُقتلي بطريقة إبداعية تضمن معاناةً كثيرة. أوحقًا لم تفهمي؟)

أن تثبت وتفكر كانت غلطةً من شوكهو.

ما كان يجب عليها أن تدعو ولو بأدنى أمل لنجاة خصمتها.

طوخ!!

أُطلِقَت ريلغن (مدفع كهرومغناطيسي) من مكان ما في المنطقة 18. كانت الفتاة قصيرة الشعر مليئة بالطاقة. وقفت منتصبة وقد استرجعت كامل عافيتها.

「أووووههه!! الموجات الدقيقة هي طاقةٌ لاسلكية، والطاقة اللاسلكية هي مصدر طاقة. قد شحنتني والآن بت جاهـــــــــــــــــــــــززززززةةةة!」

「قع؟! يع أوقفي تظاهرك هذا أنك شاحن لاسلكي أو أحد الأقمار الصناعية للطاقة التي يحلم بها كل محبٍ للبيئة، ميساكا-سان!!」

ما تزال شوكهو مرهقة.

كانت في وضع سيئ جدًا الآن بعد أن شُحِنت بطارية الريلغن بالكامل فباتت بشرتها ناعمة ولامعة.

「أي وحشٍ من الوحوش يأكل الموجات الدقيقة داخل فرن الميكرويف مكان الطعام؟ أما عندك نقاط ضعف؟ يا جعل بطنك تنفرط من الشحن حتى تنفجري!!」

  • الجزء 10

「هَه!!」

النَسۡفُ القوي للموجات الدقيقة من برج سلاح الطاقة قد أعاد شحن ميكوتو بالكامل، لكن بثمن دمار الدراجة الكهربائية الأحادية التي كانت تركبها.

(لكني الآن أعرف أنه يمكنني بالموجات الدقيقة القاتلة إعادة شحن طاقتي بعد أن تنخفض عافيتي، ولذا أستطيع أن أستمر في استخدام قوتي للقفز هنا وهناك.)

ثم.

صادفت شيئًا غريبًا.

مجموعة متجمعة في دائرة بجانب الطريق مثل فريق كرة طائرة يخططون لخطوتهم التالية. كُنَّ من الفتيات المتفوقات في أكاديمية كيريغاوكا للبنات. ما يفعلن هنا؟ كانت تصرفاتهن الغريبة تُبرزهن عن محيطهن وتعطيهن هالة من التهديد.

وفي وسط دائرتهن دميةٌ ضفدع رخيصة جالسة.

كانت غيكوتا.

『أرجوك امنحنا قوة الإله العظيم ميساكا』

『يا إلهي، أرجوك أنقذنا』

『نبتغي ظل الإله العظيم جيكوتا يحمينا. حتى إله الدمار سيتردد في الهجوم طالما كان معنا』

「هااااا؟!」 صاحت ميكوتو. 「مه-متى أنشأوا لي طائفة؟!」

كانوا يَعۡتَقِدُون أنها لن تهاجمهم طالما معهم غيكوتا.

وبما أن هذه أصبحت جزءًا من "أسطورتها" (مثلوجيا)، لابد أن طريقة إيقافها لتحولها إلى إلهة البرق قد شوهدت وانتشرت كلُعۡبة الهمس.

بعيدًا عن ذلك، أمعقولٌ أن طائفةً نشأت بهذا السرعة في مدينةٍ علمية؟

لم تصدق ميكوتو ما تراه.

(شوكهو!! قدۡ قَطَعَتۡ خطوط الشبكة، وعَزَلَتۡ الجميع عن المعلومات الدقيقة. كُنتُ قد سمعت أن هذه من التكتيكات الشائعة التي يستخدمها المحتالون ليضغطوا على ضحاياهم، لكنني لم أدرك مدى ضعف عقول الناس حال فقدانهم كل المعلومات الموضوعية. مع ذلك، يبدو أن هذا تحول كبير في ثلاث ساعات فقط.)

المعلومات المغلوطة والشائعات تنتشر بسرعة خلال فترات الكوارث الكبرى. رؤية عالمك المعتاد ينهار من حولك وهز مفاهيمك الأساسية عن الحياة قد يوقفك عن الثقة في تجاربك وقراراتك فتبدأ تُصدق أن كل شيء يمكن أن يحدث.

كما نرى مع ظهور الأشباح، للناس عادة سيئة تتمثل في عدم التساؤل عما يرونه إن نَقُصَت المعلومات الحالية وشُحَّت. عندما يخطئ الناس الذين لا يؤمنوا إلا بما يرونه بأم أعينهم في تفسير شيء ما على أنه شبح، قد يؤول بهم الأمر معتمدين على طاردي الأرواح الزائفين ومثلهم.

『أرجوك احمنا، يا ظلام الإله العظيم شوكهو』

「أوه، وطائفة ثانية」

『العالم يدفعه صراع الخير والشر. لعل تلك المعركة الأبدية تدمر العالم الحالي وتقود الإنسانية إلى النور!!』

「والآن أصبحت طائفة نهاية العالم؟! لا تقبلوا أي شيء أيا الأطفال المدللون!!」

على أي حال، هل سيساعد إذا ركضت ميكوتو وأمرتهم بالتوقف؟ ماذا لو لاحقا بدأوا يعتقدون أن الإله الأسطوري ميكوتو ستزورهم إذا عبدوا غيكوتا بما فيه الكفاية؟

قررت أن تتركهم في حالهم الآن.

وبصراحة، لم ترغب في أن ترى أيا منهم أكثر.

ومن ثم...

「ما—؟!」

لاحظت ميكوتو شيئًا أنساها كل ذلك فقفزت فجأة منسحبة.

تغيّرٌ في الهواء بدا وكأنه يقطع جلدها قطعة السيف.

「؟」

عبست شوكهو غير الرياضية بينما كانت تكافح للحاق بها (وتلهث).

فجأة، اخترق شعاع ضوء سميك الجدار قرب ميكوتو فقطع الهواء.

『هلا هلا』

شيءٌ اختبئ وراء نفق من الخرسانة المسلحة المحترقة برتقالية اللون. لم يكن وهماً ولا زيفاً. وكان حضوره طفيفا. كانت فتاة بُنّية الشعر مُموجٌ. وكرةٌ من الضوء بحجم كرة البيسبول تطفو في راحة يدها.

كانت #4 الأكاديمية ذات المستوى الخامس – ميلتداونر.

موغينو شيزوري.

「ما عسيت إلا أن ألاحظ أنكما تسمتعان هنا. لو كان قتال قوة فكان أجدر بكم أن تدعوني!!」

ما إن صاحت بذلك، قذفت هجومها سلفا.

وأطلقت ميكوتو نفسها مغناطيسيًا لأكثر من 10 أمتار جانبا فعبرت الشارع الرئيسي إلى الطرف الآخر. وكانت شوكهو تزحف على الأرض كالضفدع متجنبةً أشعة الضوء التي تقطع الهواء.

ففكر عقل الـ#5 في الرموت، لكن...

「......」

(عَلّني أستطيع إسكاتها بغسل دماغها، لكن..... عَلّني؟ أهل أخاطر بحياتي على قوةٍ لستُ أضمن نجاحها؟ إذا أخطأت وفشلت في غسلها، فستحرق إحدى قياساتي — B أو W أو H!!) [6]

「هيه لا تتركيني وحدي، ميساكا-سان!! قد قاتلتِ مثل هذه الوحش في الأزقة [7] من قبل، أليس كذلك؟ إذن هذه قدرة عملك!!」

「أفضل ألا أموت لسماعي كلام دجاجة كسولة!!」

تخلت ميكوتو عن شوكهو وتحولت إلى زاوية صف من المباني وتسترت به.

وجرت قشعريرة على طول عمودها الفقري.

لو أنها تأخرت برهة، لقُتلت على الفور.

「تشه!!؟」

فسقط من السماء عقابٌ إلهيٌ متوهج.

أو هكذا كان سيصفه الناس القدماء.

وحقيقة كان شعاعُ ميلتداونر أُطلِقَ نحو السماء فانحنى غير طبيعي فوق ناطحة سحاب ليعود إلى ميكوتو بعد منعطفٍ حاد.

أصابها الهجوم بغتة ولم تملك وقت لتتفاداه. كل ما استطاعته أن ترفع يديها فوق رأسها.

(لا زلت لا أعرف إن كان هذا حلمًا أو حَقّا أو واقعًا افتراضي، لكنني لا أتمنى أن يصيبني هذا في أي حال!)

استخدمت ميكوتو مغناطيسًا هائلا لتثني الشعاع جبراً، لتنقذ نفسها.

لكن.

إيقاف ذلك الهجوم قد استنفد طاقتها كبيرا.

وكانت تدرك أنها لا تستطيع فعل ذلك مرات أخرى.

(الشعاع انحنى؟ لكن كيف؟)

「آه، فهمت. كان هذا الجسر المغناطيسي التجريبي لقطارات المحركات الخطية. اِستَخۡدَمَتۡ التلوث المغناطيسي لتُثني شعاع الإلكترونات!!」

「هيييي!! كُفّي عن الهروب! تعرفين أنني أمقت من يتجاهلني ها؟ أنتِ ميتة ميتة!!!」

وصلها صراخ غاضب، وبدا مكتومًا بعدما صدى من حول المبنى.

لم تهتم #4 هذه المرة بثني الشعاع.

انهار المشهد أمام عيني ميكوتو كصورة قديمة تُحرق من الخلف بولاعة. ذابت ناطحة السحاب إلى مادة برتقالية لزجة فتشكلت ثقوبٌ كبيرة وأطلق شعاع ميلتدوانر. كانت تلك الأشعة قوية شديدة، لكن تصويبها كان سيئا رديء. كانت #4 كريهةً مزعجة عدوة!!

وشعاع آخر أُطلِق.

「وه، مهلاً!!」 صاحت ميكوتو، لكن بعد الأوان.

ضرب الشعاع السميك أحد المارة عشوائيًا.

لا، لحظة. كيف لعاديٍّ أن يصد شعاع ميلتداونر بجبهته؟

هل كسر أحمقٌ هجوم المصنفة #4 برأسه؟!

「وَه هَــه هَــه!! ماذا تفعلون يا عديمي الجرأة أنتم المستوى 5 تتشاجرون في الشوارع؟ طيب طيب. أنا، سُوغِيتا غونها، سأرشدكم من جديد إلى الصواب والبأسة!!」

وضعت ميكوتو يدها على جبهتها.

ظهرت مصيبة أكبر.

كادت ميكوتو أن تقسم أن #7 قد تصادم مباشرة مع شكل إلهة البرق دون أي نوع من التحولات من طرفه، ونجا ليحكي ما جرى.

ثم سمعت أصواتا غريبة من اتجاه آخر.

بينما ثلاث أو أربع وحوش مستوى 5 مجتمعة تتقاتل في مكان واحد، كانت مجموعةٌ أخرى لا يظهر عليها علائم الخوف ولم تحاول الهرب.

『الـ-الإلهة العظيمة ميساكا!!』

『الفوضى هي من تقود العالم، لا الخير ولا الشر بقادر. عسى أن تستمر الإلهتين تقتلان فتولد منهما طاقةٌ تغذي العالم وتضمن لنا جميعًا مستقبلاً أكثر إشراقًا!!』

في هذه الأثناء...

أهذه هي الطائفة التي ذكرتها؟ فكرت شوكهو تحدق في الناس.

كونهم سينجون بالتقرب لها كان أمرًا، ولكن أن يجدوا معنًى في الهلاك المؤكد كان هذا أقرب لطائفة تدعو أتباعها بترك الدنيا بكل ما لديهم والخرط في انتحار جماعي.

『نُهديك هذا الغيكوتا! عسى أن يضمن عزيزكِ هذا لنا الخلاص!!』

「آه، إذن هناك قدرة ثغرة لتنقذ نفسك همم」

(وربما أغسل دماغ القادة لأسيطر على الطائفة بأكملها واستخدمها. لكن هل علي؟ كأنهم مهووسون بعض الشيء)

ثم وجهت شوكهو الرموت نحو سُوغِيتا من خلف يساره.

على عكس #4، شعرت شوكهو بعدم ترددٍ غير طبيعي مع #7.

مدت الملكة لسانها قليلاً.

قد غسلت دماغ هذا الأحمق مرةً

「تبا!!!」

اكتمل غسل الدماغ.

تشنجت أكتاف مجنون الجرأة ثم اندفع نحو ميكوتو.

قد تصادمت مع سوغيتا في الماضي، لكنها لم تستطع فهم ما كان يفعله حينها. وهذا لمؤشرٌ سيئ في ما يلزم معارك الأسابر في المدينة الأكاديمية. ففِهم قدرة العدو هي الخطوة الأولى نحو النصر، لكنها لم تفهم شيئًا عن هذا الأحمق الذي لا يخرس عن الجرأة أبدا.

في هذه الأثناء، كانت شوكهو تراقب بقلق وراءها الأشعة الضخمة التي لا تزال تقصف المباني القريبة.

「وهذا يُبقيها وحدها المشكلة. بصراحة، #7 سيكسر الغسيل في النهاية بقوة قدرته الوحشية، لذا أحتاجه أن يهزم ميساكا-سان أسرع ما يمكن」

「إذا كان هناك حدٌّ زمني، فلِمَ لم ترسليه نحو #4!! أليس لديك سيطرة حرة عليه الآن؟!」

「أنتِ أكثر قسوة مني في بعض الأحيان」

غمزت شوكهو، وقبلت طرف الرموت، ثم وجهته إلى صوبٍ آخر.

إلى حيث ما ظهرت موغينو من وراء الزاوية في تلك اللحظة.

「غاااااااااااااااه! جُرۡآآآآآآآآآآآآآااااااااااااااااااااااةةة!؟!」

「آه، الآن بات مُشوّقا! أنت كذلك مستوى 5؟! إذن إنها معركةٌ حتى الموت!!!」

أطلق شعاع ميلتداونر من كف موغينو، لكن سُوغِيتا ببساطة لوّح بيمينه فأحدث انفجارًا قوس قزحيا مُلغياً الشعاع في دفقة من اللمعان.

وفي اللحظة التالية، ركض كلاهما للأمام واصطدمت الرؤوس ببعض.

انفجر هدير مدوِ وناثر الدم الرصيف.

كيف صارت أعنف بالأيدي العارية من أشعةٍ وحشية تُحرق وتُخرق جدران المختبرات؟!

في تلك اللحظة، ظهر أحدٌ من طريق جانبي.

「هِه؟ هِه؟ مه، ماذا؟ حسبتُ أن الملجأ الطارئ هنا. كياه؟!」

ساتن رويكو.

كانت ميكوتو تعرف أفضل من أن تسأل عن ظهورها المفاجئ.

فتلك الصفرية تمتلك قدرةً مذهلة على التورط في مثل هذه الحوادث.

(أصارت بطلةً عالمية في التورط بالمشاكل؟!)

اتسعت عينا ميكوتو، وعلى الفور أخذت بالمغناطيسية تُجمع دراجة نارية كبيرة وسيارة خفيفة وسايبورغ (كُرويور أوميدوري) وأشياء معدنية أخرى لتكوّن درع، لكن هل سيحمي ذلك صديقتها من وحش الأشعة وصبي الجرأة؟

لكن قبل أن تتلقى إجابة...

「توقفوووووااا!!」

صرخ أحدٌ.

لكنها كانت صرخة سوبرانو. (صرخة حادة ومرتفعة التردد)

كان ولد الإبتدائية الذي ظهر هو شقيق ساتن الأصغر، والذي ذكرناه في فلاش باك قصير جدًا.

「ظ-ظهور أولي؟ وهل هو بخير؟ ماذا يفعل في المدينة الأكاديمية؟ ومرة أخرى، في أي وقت من الخط الزمني هذه الأحداث؟!」

لم يكن حتى صفري المستوى.

كان من خارج المدينة، لذا لم يكن إسبراً البتة.

وكان الصبي الصغير، الذي تواجد بمحض الصدفة في المدينة، يشد قبضتيه العاريتين بقوة. ضغط عينيه محكما لكنه ما زال ثابتًا في مكانه، صرَّ أسنانه، بل وتقدم نحو التهديد أمام عينيه.

ليحمي أخته.

「سأحمي أختي. لا أعرف من أنتم، لكن انقلعوا عن أختي الوحيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااةة!!!」

ثم...

شعر سُوغِيتا برياح قوية تهب نحوه.

كان سوغيتا شابا غير عادي يحكم على كل شيء بناءً على الجرأة. حتى وهو مغسول دماغه من قبل شوكهو، فهو لا يزال يتصرف بناءً على الجرأة.

حسّ #7 بشيءٍ هنا.

(ولدٌ صغير ليس بإسبر حتى يخاطر بحياته ليحمي عائلته؟ ويتحدى #7 المستوى الخامس مباشرة من أجل ذلك فقط؟ بدون أي سلاح أو حيلة تدعمه؟)

「أنا......」

مُحتاراً، توقف المستوى 5 تمامًا.

「أنا لستُ ندّاً لجرأةٍ كهذه.....」

انفجر صوت تأثير هائل.

قُذِفَ سُوغِيتا إلى الأعلى بزاوية مائلة فاخترق عدة ناطحات سحاب ثم اختفى في السماء الزرقاء.

「............................................................ها؟」

ما صدّق شقيق ساتن ما أنجزته لكمته.

لقد بدا الأمر وكأن الـ#7 قد قذف نفسه بقوته الخارقة، لكن ذلك لم يكن مهمًا الآن.

مع اختفاء أول أحمق، بقيت الأخرى حُرّةً في الهجوم.

「أووووووهه!!! أين العدو التالي؟ من القوي الذي يرضي عطش #4 المدينة الأكاديمية!؟!」

لم تنوي ميكوتو البتة أن تعطي موغينو ما تريد.

تبحثُ عن عدوٍ قوي، لذا غالبا ستنسى أمر ساتن وأخيها.

「إذن ما علي إلا الهروب!! أعلم أنني أسرع من تلك الخامسة الكسولة، لذا أرى أنها ستقع بين فكي #4 وتُشۡغِلها! لأنها ببساطة هبلة!!!」

「سئمتُ الجدال معك كل مرة، فهلا تكُفّين عن قول أشياء مثل هذه؟!」

وفورا عندما كادت ميكوتو أن تترك شوكهو، تفاعلت موغينو.

「الـ #3 و الـ #5، ها؟ لماذا تهربين وأنتِ قوية للغاااااااااااااااااااااااااااااااااااييييييييييييييييييييييية!!!」

انهارت المباني، تحطمت الزجاجات، واهتزت آلات البيع.

ومن بين ذلك كله، لمحت ميكوتو تميمة غيكوتا على ارتفاع الخصر أمام متجر وفورا تحطمت من الموجة الصدمية.

فشوّه انفجارٌ شكلها.

ثم تفتت داخل الضوء.

ضاعت إلى الأبد.

في تلك اللحظة، اختفى كل شعور من وجه ميكوتو وعزمت قرارها.

「أغراغاغاغاغ#$%&‘~|‘{+*}<>؟_@「;:」・¥☆´仝£〓!!!」

سالت دموعٌ من دم وأطلقت برقا ورمال حديدية وعملات معدنية.

كانت قوة حبها أشد من الـ #4، التي اختفت ومعها المشهد خلفها.

لم تكن ميكوتو معروفة بـ #3 بدون سبب.

「ألا تدرين أنكِ إنما تثبتين صحة أقوال تلك الطائفة؟」

「هئ؟! م-ما فعلتُ توا؟」

استعادت ميكوتو وعيها وركزت من جديد على الهدف الذي كادت أن تنساه.

إن اكتشاف حقيقة هذا العالم وتسوية الأمور مع شوكهو لا يزال يبدو أسرع طريقة لإنهاء كل هذا الصراع.

ركضت على الإسفلت بمفردها، متجاوزة بضعة من الناس (الذين لم تفسدهم بعد الطائفة).

「لماذا كنتُ أضيع كل هذا الوقت على تلك المنهدة الوحش؟!」

「أقول وأقول لكِ ألا تناديني بمثل هذا!」

وبما أن شوكهو الغاضبة كانت تلاحقها، فلابد أن أولئك المارة غسلت أدمغتهم في النهاية.

لكن ميكوتو قد تستغل ذلك لصالحها عندما كان لديها هدف واضح في ذهنها. وسيكون هناك الكثير من التغييرات إذا كشفت ما الأسابر الأقوياء الذين ستختارهم شوكهو أولوية في المطاردة.

  • الجزء 11

إذا جلب الغرباء —خاصة المنافسين من الحديقة المدرسية— المتاعب إلى المنطقة 18، فسوف يُفَجَّرون دون تحذير بسلاح موجات دقيقة تذوّب الإسفلت.

لكن شوكهو لم تخف.

فالمدارس النخبوية ناغاتينجوكي وكيريغاوكا كانت كنوزًا من الأسابر العالية تمامًا مثل توكيواداي. والمنتل آوت تعمل بأفضل حالاتها عند استغلال جميع الموارد المتاحة.

وهنا زادت احتمالات سحب بطاقة نادرة للغاية.

ابتسمت الملكة بينما كانت تحرسها مجموعة من النخب الأسابر.

「آه هاها. مدينة الأكاديمية هي مدينة الأسابر☆ برج سلاح كهرومغناطيسي؟ سلاح ميكرويفي (موجات دقيقة)؟ أظننتم أن ألعابًا كهذه تُبطئني؟! .....مم؟」

عندها لاحظت #5 شيئًا.

إحدى الإسبرات المغسول دماغها التصق شيء على ظهرها مثل ورقة مقلب.

كانت بطارية أيون ليثيوم ضخمة على شكل عصا تُستخدم في الحواسيب.

وبالطبع انفجرت.

「دواااااااعخه!!؟」

بصرخة غريبة سقطت شوكهو على ظهرها.

بما أن المغسولين كانوا دروعها، فقد كانت ظهور الطلاب جميعًا نحوها.

وكانت البطاريات مثبتة على ألواح معدنية رقيقة على ظهورهم، لذا لم يتعرض الأسابر المغسولون لضرر كثير، لكن حظ شوكهو كان مختلفا. فرغم مدى انتشار بطاريات أيون ليثيوم، فإنها قد تسبب انفجارًا هائلا عند إساءة استخدامها.

نعم.

لو أن ميكوتو كانت تعرف أن أولئك الأسابر ستُغسل أدمغتهم، فبإمكانها نصب الفخاخ. ويفضل أن يكون شيئًا يمكن تفعيله عن بُعد بالكهرباء أو بالموجات الكهرومغناطيسية. وبهذه الطريقة لن تقلق بشأن إيذاء أي غرباء عن طريق الخطأ إذا لم تغسلهم شوكهو.

لم ترى ميكوتو أن هذا كافٍ لهزيمة المصنفة رقم 5.

لكن إذا تركت شوكهو شكاكةً من هوية الفخاخ المحتملة، فسيمنعها ذلك من زيادة عدد أتباعها.

「هِه. لتلك الهبلة جرأة على تحدِيَّ في ألعاب الفخاخ الذهنية!!」

هذا قيد من خيارات شوكهو.

يعني......

(سأضطر لحماية نفسي بفتيات زمرتي والتي أعلم أن ميساكا-سان لم تمسسهن. ولكن طبعا بعد أن أغسل أدمغتهن لأضمن ولائهن المطلق وألا يشككوا في كلمةٍ أقولها!!)

  • الجزء 12

شعرت ميكوتو بوخزةٍ نُفور عندما أخذتها رحلتها من مبنى إلى آخر حتى حافة المنطقة 18.

(نعم، سيتعين علي الحفاظ على قوتي بعد مغادرتي. ولن أتمكن من إعادة الشحن في برج السلاح الكهرومغناطيسي.)

كانت تتحرك من المنطقة 18 إلى 11.

تعتبر تلك المنطقة الخاصة بمثابة الباب الأمامي للطريق البري والشحن، مما يعني أنها تَحُدُّ مباشرة الجدار الخارجي.

「لم يتبقَ الكثير!!」

كيف الخارج؟

إذا رأت شينجوكو كما كانت، فهذا يعني أنه العالم الحقيقي.

لقد رفضت فكرة أن هذا مجرد واقع افتراضي يعمل على أجهزة إلكترونية، لكن إذا كانت المدينة والمنظر خارج المدينة الأكاديمية لا يبدو صحيحًا، فهذا يعني أن هذا العالم هو حقل صناعي أنشأه إسبر أوهام أو مدينة مزيفة صُنِعت لتصوير فيلم.

سيكون من المهم أن تعرف على وجه اليقين ما إذا كان بإمكانها تدمير هذه المدينة بأمان.

فذلك سيخبرها بالمدى وما حدودها في معركتها ضد شوكهو.

「تشه!」

اقتربت منها عدة شخصيات.

ليسوا الحشد الذي طاردها على الأرض وحسب. كانوا على نفس ارتفاعها. رأت عدة فتيات يقفزن من سطح لآخر.

كُنّ زمرة الشوكهو.

يبدو أن شوكُهو كانت في أقوى حالاتها عندما تلتزم بالأساسيات.

(على فكرة، ألم تلحق زمرتها بسهولة قطاراً أثناء مهرجان الدَيهَسي؟! إذا كُنّ بهذا القرب، فلن نلبث حتى يُحطن بي!!)

وكانت زمرة الشوكُهو تضم أكثر من مجرد مقاتلين.

فجأة سمعت ميكوتو صوتًا آخر يتحدث مباشرة في عقلها.

<هيهي. طاب يومك مجددًا، ميساكا-ساما.>

「أغغ. هذا التخاطر... كوباياشي-سينباي؟!」

<سعيدة أنك تذكرتني. من الغريب أنك تستطيعين صد منتل آوت الملكة، بينما أنشئ أنا بسهولة رابطا بتخاطري الأدنى مستوًى.>

هذا بحد ذاته تهديد.

بمجرد أن أنشأت كوباياشي ساتوري رابطًا أحادي الاتجاه، كانت قادرة على التجسس على أفكارك وتوقع تحركاتك.

كما أنها تستطيع استخدام الرابط لتتبع موقعك العام. أكبر تهديد في الحرب هو الاستخبارات الموثوقة. إذا لم تفعل ميكوتو شيئًا حيال كوباياشي، فإنها بذلك تدع بقية الجماعة لأن يندفعوا نحوها.

إذن...

(عليَّ أن أسحق هذه العميلة الاستخباراتية أولا!!)

<آهٍ من عنف. وهل كنتِ تحسبين حقًا أن دَوري دورُ مساعِدة فقط؟>

(مم؟ فهل تستخدم تخاطرها للهجوم مثلا؟ كأن تملأ العقل بنصوص وكلمات محطمة بشكلٍ لا يُفهم فتُعَطّل مركز الكلام في الدماغ......؟)

الاستعداد لن يساعد.

تغطية أذنيها لن تمنع "صوت" المتخاطبة.

ووصل الهجوم المرعب.

<العانة.>

「.....ء؟」

<الفرج، المهبل، الخصوصية. أوه؟ وسَمِّها المنطقة الحساسة أيضًا، ولها أكثر وأكثر. اللغة بديعة.>

استغرقتها ثلاث ثوانٍ حتى أدركت ميكوتو ما هي.

تحَمَّر وجهها حُمۡرَة الشمندر.

لا.

محالٌ أنه يحدث!!

(م-م-م-م-مهلا، محالٌ أنها. أعني، كيف لفتاة خجولة من توكيواداي أن تنحدر إلى هذه الأعماق الفاضحة؟)

<نعم، أخذ الأقلام الملونة وتسطير كل الكلمات الفاحشة في القواميس لهي هواية مخزية حقًا. ربما ما كان عليّ أن أفضح نفسي هكذا☆>

「آآآآآهههه؟!」

تحطم!!!

انبعث من ميكوتو مليار فولت.

وانتصر الهجوم النفسي.

  • الجزء 13

انبثقت الصواعق الكهربائية في كل مكان.

تطايرت الشرارات البرتقالية من الرافعات العملاقة المخصصة لرفع الحاويات المعدنية المكدسة في شكل هرم ومن المركبات الأرضية الآلية المسطحة المتحركة داخلة وخارجة من الحاويات، مما أشعل حرائق صغيرة.

أمسكت شوكهو أعلى رأسها، باكيةً.

「آهخ؟! تمهلي، كوباياشي-سآان!! ماذا قلتِ لها؟!」

<هيهي. لو أخبرتكِ، لانفجرتِ مثلها.>

「أنا رئيسة الزمرة، في حال كنتِ نسيتي」

لكن بما أنّ ميكوتو كانت تقذف الكهرباء عشوائيا، فهذه فرصتها.

إفراطها في استخدام قوتها سيُنزفها الطاقة.

وبمجرد أن يبدأ حماس ميكوتو في التراجع، سترسل شوكُهو نخبة زمرتها لتحيط بها وتغلبها.

(حانت النهاية)

「يا فتيات!! أحطنها واقضوا عليها!!!」

  • الجزء 14

لم يكن كافيًا.

ميكوتو تبعد كيلومتراً واحداً فقط – مجرد 1000 متر – عن الجدار، لكنها لم تتمكن من قطع هذه المسافة. زمرة الشوكهو ستُصيبها أولا. لم تستطع أن تفلت عبرهم. رغم أن المنظر خلف ذلك الجدار كان سيخبرها بما هو هذا العالم!

قبلت بهذه الحقيقة وصرّت أسنانها.

ثم غيرت استراتيجيتها.

「في هذه الحالة!!」

جمعت كل قوتها المتبقية في ساقيها وقفزت.

لحسن الحظ، كان أطول مبنى في المنطقة 11 هو الأقرب. فسحبت نفسها نحوه بالمغناطيسية.

「هيهيهي!! تسلقكِ هذاك المبنى يُبعد عنك خيارات الهرب!!」

「انسِ تلك الحمقاء السادي」

「ألا تأخذين الأمر بجدية كما أنا؟!」

لم تستطع الوصول إلى هدفها بالاقتراب من الجدار أفقيًا.

لذا سوف تتسلق.

برفع مستوى عينيها، تزداد المسافة إلى الأفق. وإذا تسلقت عالياً بما يكفي، سوف ترى العالم خارج الجدران حتى وإن لم تعبره.

「أوووه!!」

وضعت قدمها على جدار ناطحة السحاب وركضت حتى وصلت إلى ارتفاع 500 متر.

فوصلت إلى السطح.

وأخيرًا، رأت ميساكا ميكوتو ما كان خلف الجدار.

  • الجزء 15

رأت ميكوتو الأزرق يمتد حتى أقاصي الأفق.

ذلك اللون المتلاطم هو البحر.

لا أثر لشينجوكو ولا أثر لطوكيو.

فقط الامتداد الشاسع للمحيط يسبح خلف مدينة الأكاديمية.

لكن ليس من فيضانات نتجت عن تغيّرٍ مناخي.

فقد رأت أراضٍ....


في السماء.


كمثل قطع من قشرة البيض مكسورة، كان هذا العالم بأسره مكونًا من عدة قطع من الأرض تتحرك ببطء على ارتفاعات مختلفة ويُحيطها محيط كروي أزرق.

تحركت قطع الأرض كالسحب في الرياح، لكنها لم تتصادم مع بعضها البعض، مما يوحي بوجود نوع من القواعد تحكمها.

لم تلاحظها داخل المدينة حتى الآن، ولكن جميعها، جميع طبقات الأرض الطافية قد غطت نصف – لا، ثُلثي – الكوكب الأزرق. وكانت سماء مدينة الأكاديمية بالصدفة صافية وزرقاء حتى الآن.

「يا...... يا ربي」

رأت ظلال مبانٍ على الأراضي الطافية الأخرى.

لكن تلك المباني لم تكن رمادية.

رأت أسوارًا قلعوية وأبراج جرس حادة من الرخام الأبيض الأملس.

وترى جزءًا من قلعة من كتاب مصور.

「ما ذلك؟」

سمعت صرخةً حيوانية.

كانت الصرخة العميقة والهادرة مهددةً للغاية فنظرت أعلاها لتكتشف أنها صرخة تنين بجناحين يمتدان لأكثر من 120 مترًا، جاعلةً إياه أكبر من طائرة جامبو.

تنين؟

أمثل هذا طبيعي في هذا العالم؟

فإن كان...

فهذا يعني...

  • الجزء 16

「هل هذا عالم خيالي مليء بالسيوف والسحر؟」

  • الجزء 17

عادت لميكوتو ذكرى.

كما لو قد اخترقت الحاجز العقلي الذي وضعته عليها.

(نعم، صحيح)

تذكّرتۡ.

تذكرتۡ ما حدث حقًا في ذلك الوقت.

(عندما بدأ كل هذا، عندما بدأنا نتقاتل على تلك الحلوى في الفناء، أصاب تياري الكهربائي العالي خزانَ البروبان الكبير في المقهى فانفجر)


نعم! كِلانا قد مات!!



  • ما بين السطور 1: نقطة التحول، ونقطة البداية

نعم.

بدأ كل شيء بهذه المحادثة.

『مرحبًا بكم في ملاذ التناسخ! أنا إلهة التناسخ سَليناجَرَنتينا. ريلغن ومنتل آوت، كلاكما مات بعد أن حققتما شيئًا مميزًا، فأي نوع من العالم البديل ترغبان في الاستمتاع به في فرصتكما الثانية للحياة؟』

لم تقدر ميساكا ميكوتو على مواكبة تلك الطاقة الربيعية.

انخفضت كتفاها.

「ماذا يحدث؟」

『أوه. إيهٍ، عادةً ما تكون الإلهة هنا — أَيۡ أنا — توزع معاييراً قصوى وقوى لا تقهر بسهولة كما يوزع موظف المبيعات عينات من مشروبات الطاقة المجانية على ركن الشارع، ولكن إفساد التوازن الإلهي الذي فيكِ قد ينقلب عليك، لذا قلتُ أنه من الأفضل تركك في حالتك الافتراضية』

「هذا لا يفسر أي شيء」

أولا، من ذي الفتاة المتبسمة أمامها؟ أخبرت عن نفسها إلهة التناسخ سليناجرنتينا، لكن هذا لم يكن كافيًا. من هي حقًا؟

تبدو مثل فتاة صغيرة في حوالي الثالثة عشرة.

.......وبالطبع، ميكوتو كانت في الرابعة عـشرة، لكن فرق السنة يعني الكثير في سن طلاب الإعدادية. لذا كانت ميكوتو تراها مجرد طفلةٍ صغيرة.

كان شعر الفتاة الفضي الطويل مضفراً مسطحًا يُشبه الرُبيانة المقلية. بشرتها فاتحة، لكن قصر قامتها تناقض مع صدرها الكبير غير الطبيعي. وفي الواقع، لا يكفي وصفه بالكبير. كاعبة أقرب وصفا. وكانت ترتدي زي راقصة أبيض شفاف. لكن السلاسل الرقيقة والمشابك وغيرها كلها فضية. ولكن الأشرطة التي تشبه الهاغورومو أسۡطَعَتۡ حمرانا وزرقانا وخضران.

امتلئ مظهرها بالتناقضات.

كانت ألوانها مجملا مقدسةً كثيرا، لكن زيها المكشوف أبداها أكثر دَنَساً. فهل هذا التوازن غير المتناسق كان محسوبًا؟ وإذا كان، ما الهدف من ذلك الترتيب غير المتوازن للغاية؟

.....وهل كان الجمع بين القِصَرِ والكَعَبِ جزءًا من ذلك أيضًا؟

「بأي حال، ذلك الزي هو أقرب لطبع شوكُهو. من بذائته」

「أوكان عليك أن تأخذي معركتنا إلى الحياة الآخرة ميساكا-سآان؟」 قالت شوكُهو، مشتعلةً بنار مظلمة بجانب ميكوتو.

نعم. كانت تلك نقطة أساسية.

ألم تموتا؟

「فما هذا المكان؟」

「هل يعني أننا متنا في انفجار خزان البروبان وقت الغداء؟」

بافتراض أن مِنتل آوت شوكُهو لم تكسر القواعد المقررة وتصل إلى دماغ ميكوتو، فإن تلك الذكرى يجب أن تكون دقيقة. في الواقع، كان من الأغرب أكثر أن تنجوان من حادث كبير مثل ذاك دون إصابة.

لكن ميكوتو وشوكُهو لم تعانيا من أي إصابات ظاهرة، ولم تعرفا هذا المكان الذي كان أكبر من ملعب إستاد.

نعم.

الآن تقفان داخل هيكل ضخم قديم مصنوع من الحجر الثقيل.

لكن لونه لم يكن منطقياً. كانت اللألئات الصفراء الخفيفة التي تطفو على السطح الأبيض تعطيه لونًا مشابهًا للنبيذ الفوار. الحجر لم يبدو مثل الكالسيت أو الكوارتز الفراولة أو التوباز الإمبراطوري. كان معدنًا غريبًا ناعمًا. فهل له وجود حتى في العالم الواقعي؟ وبصراحة، بدا الهيكل كمعبد ضخم، لكن لونه يشبه جوّالاً ذكيًا فاخرًا.

(مزيد من التناقضات غير المتوازنة.)

لم تتعرف لا ميكوتو ولا شوكُهو على أسلوب البناء أيضًا (وكانتا تعرفان أكثر من العوام في هذا المجال بفضل مدرستهما). على الأقل، لم يكن البناء يونانيًا قديمًا أو رومانيًا. كانت المساحة الكبيرة المحاطة بسلالم لولبية مربعة، والماء النقي يتساقط على مسارات متدرجة من الأعلى. ربما كان ذلك نوعًا من الشلال، لكن احتارتا من المعنى الأسطوري (المثيلوجي) للزخرفة.

إن كان صانعها قد بذل كل هذا الجهد لإنشاء هذا المكان، فما الذي كان ينويه مع ميكوتو وشوكُهو؟

وفي نفس الوقت، اتسعت عينا إلهة التناسخ سَليناجَرَنۡتينا مدركةً.

كانت نظرتها نظرة ممثلة رأت زميلتها في التمثيل تقف دون زيها بعد رفع الستار.

『مهلا، مهلا. آهخ، هذا رديء. ما زال خيطٌ صغير باقٍ. آه، كم مرة أقول لهم أن يقطعوا كل اتصال وأثر من الندم في حيواتهم السابقة قبل أن يجلبوهم إلى هنا؟』

لم يكن من الواضح لمن كانت تشتكي، لكن هذا ليس ما كانت ميكوتو مهتمة به.

قد لاحظت شيئًا آخر.

「مم؟ إذن تقولين أن مشكلة حصلت؟ مثل أننا لم نمُت في ذلك الحادث؟ إن كنا لا نزال في تجربة خارج الجسد هنا، فأرجعونا!」

『آسفة، لكن هذا ليس خيارًا』

رفضت الإلهة فكرة النجاة بسهولة موظفة تشرح أن حلوى القهوة المحدودة لا يمكن تضمينها في عرض الوجبات السريعة.

『وقبل أن تأخذا أي فكرة خاطئة، لن ترجعا حتى لو بدأتما معركةً شديدةً صعبة ضد زعيمةٍ مستحيلة فهزمتماني. في آخر فترة، لقيتُ كثيرا من هؤلاء الخطرين الذين يحاولون تدمير الأشياء أثناء الدرس التمهيدي. على أي حال، النظام هو طريق ذو اتجاه واحد. أُرسلكما من الأمام إلى الخلف. فإذا أردتما العودة من الخلف إلى الأمام، اسألا إلهة أخرى』

「من فضلكِ لا تذكري طريقا ذو اتجاه واحد [8] في حديث الموت.......」

『؟』

بدا أن الإلهة لم تفهم، لكن ميكوتو لم تشعر برغبة في شرح ذلك.

وضعت شوكُهو يدها على وركها وتحدثت.

「إذا فعلنا ما تقولين، هل سيتعين علينا عبور نهر غريب؟ إني حقًا أفضّل ألا نفعل. ماذا سيحدث إذا بقينا في هذا الفضاء التعليمي الممتع إلى الأبد؟」

『أي روح غير روحي ستتآكل حتى تختفي إذا بقيت هنا طويلا. وأعني أنها تختفي حقًا. فإذا حدث ذلك، لن تستمتعا بتناسخكما القوي، لأن روحكما ستختفي إلى الأبد』

「「.......」」

يبدو أن عدم طاعتها لن ينتهي على خير.

إلهة التناسخ سَليناجَرَتۡنينا بدت كإلهة من الجيل الجديد التي حَدّثت تدابيرها ضد مثيري المتاعب الذين يخادعونها خلال الدرس التمهيدي. ولكن بغض النظر عن ذلك، كانت ميكوتو جاهزة للانتقال للأمام ومعرفة المزيد عن هذا الدرس والإلهة.

『إذن أنتما أحرار في اتخاذ أي مسار تحبان، لكن إذا أردتما العودة إلى أرضيكما حيث تستعيدان وعيكما وتتركان المستشفى، فلا تحاولا العودة كما أتيتما. أوصي بزيارة عالمٍ عشوائي أولاً☆ فكرا في الأمر كأنكما تأخذان منطفا وااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااسعًا جدًا!』

「إذن أي نوع من العوالم تقصدين؟」

『عادةً ما أعتبر نفسـي سمسارة. إذا قدمتُ للزبون قائمة طعام، ستنتهي بانتقاء شيء مثل امتلاك أقوى مهارة تقييم أو أن تولد ككائن غير حي، أو أن تُطرد من حزب مقدس أو تستعيد شبابك الضائع أو تزرع وتعمل في أرضٍ عمق الغابة أو تناضل حتى سن الـ30 لتصبح ساحرًا أو تكتشف قيمة نعمة الطعام المنزلي على الأرض وما إلى ذلك. ومع تنسيق العالم واتجاهه المحدد جدًا، سيجد أن الأمر مقيد جدًا. لذا أظن أنه من الأفضل أن أسأل الزبون عما يفكر به ويريده حتى أُعِدَّ لهم شيئا بنفسي!』

「هااا؟ إذن تسأليننا مجموعة أسئلة نعم ولا ثم تعطينا عالمًا مقترحًا؟ ألا تعطينا قدرة تلميح لنعرف من أين نبدأ؟ قولك أنه يمكننا فعل أي شيء يُصَعّب علينا كل شيء」

『كل هذا لمصلحتكم، لذا كفي عنك الشكوى من الدرس! أساسا، بعض الناس يتناسب مع بعض العوالم أكثر من غيره. فمثلاً، إذا ألقيتكم في عالم مليء بالكايجو المقاتلين حيث أن طبق نيكوجاغا يَزِنُ ذهبًا، فلن يحدث شيء، أليس كذلك؟ لا شيء على الإطلاق』

「「أ-أنا أطبخ إذا أردتُ! المريلة فوق الزي المدرسي هو المظهر المثالي لبنت المدرسة الإعدادية!!」」

سواء كان إظهاراً أو جِدّا منهما، صرخا في نفس الوقت وهما محمرتان خجلاً.

لكن هل كانتا زبونتين هنا؟

فإن كانا، فماذا يدفعان به؟

لا تزال ميكوتو وشوكُهو تحملان أسئلة، لكن ذراعيهما تقاطعتا وهما تشيران إلى وجه بعضهما.

وصرختا بتناغم.

تعرفان بالضبط ما تريدانه أكثر.

「「أرضى بأي عالمٍ ليست فيه!!!」」

『لكما هذا☆』

طلبهما.......

مقبول؟

『لكنني أنا، إلهة التناسخ سليناجرنتينا، مسؤولة فقط عن بداية الحياة، وليس عن نهايتها. لذا كل ما أستطيع هو إرشادكما إلى عالم حيث ذلك محتمل حدوثه

「「يكفيني」」

『هيهي. ونعم الصحبة أنتما」

شوكُهو غسلت دماغ الإلهة بالرموت بينما أطلقت ميكوتو عليها ريلغن.

نعم، قد نسيا.

هكذا بدأت رحلتهما في التناسخ.

تعليقات (0)