الفصل الثالث: اثنان من أخطر أنواع الكائنات الغازية
(إعدادات القراءة)
انتقال بين الأجزاء
- الجزء 1
عالم سِلِساكفير ليس له إله. لأن إلهَهُ من بعد أن خلق كل أشكال الحياة فيه، غادر.
لكن تلك ليست بمشكلة.
لأنه إذا واجه أيُّ أحدٍ مأزقًا خطير، فإن إلـٰهتَيۡن ستكسران الحاجز المستور وتأتيان لإنقاذه.
- الجزء 2
قد رأىٰ ميكوتو.
ما رآها؟ تنينٌ يبلغ الـ120 مترًا يحلق في السماء.
「يا ويلنا! التنين قادم!!」
اندفع ذلك الكائن الضخم بزاوية حادة تختلف بوضوح عن اندفاعات طائرة ركاب كبيرة أو قاذفة قنابل.
وما قفزت ميكوتو من سطح المبنى حتى انتُزعت الطوابق الثلاثة العلوية من ناطحة السحاب من قشور التنين؛ قشورٌ أشبه بمبشرةٍ أو منشار. خُديشةٌ طفيفةٌ من تلك القشور تكفي لأن تُحَطّم جسد الإنسان. ومهما كان الجدار الذي تختاره ميكوتو لتهبط عليه بمغناطيسيتها، فقد كانت تتعامل مع كائن حي. ففرص نجاتها معدومة لو توقع مسارها فهاجمها لحظة الهبوط!!
(كم ناطحة سحاب بقيت، وما توزيعها؟ الالتصاق بالجدران وحده لا يفيدني كثيرًا في معركة طويلة ضد وحش مجنح!!)
ربما تسقطه ميكوتو بالريلغن، لكن مدى هجومها لا يتجاوز 50 مترا. في معركةٍ أرضية؛ ذلك يكفي، لكن في معركة جوية سريعة؛ تطلب ذلك "مسافة صفرية". وكان أجدر لها أن تفترض أن احتمال إصابته يقترب من الصفر إذا رمت عليه عشوائيا. تحتاج خطة.
في هذه الأثناء، وعلى الأرض...
「البوابة فُتِحت من نفسها. ماذا يجري؟」
خرجت شوكُهو بهدوء من مدينة الأكاديمية.
وجدت هناك زُرقة هائجة.
انهارت الأرض كجُرف طرحها مباشرة خارج الجدار وما كان يُرىٰ سوى بحر بعيدًا في الأسفل. لكن ذلك لا يعني أن كل يابسةٍ اختفت. بل قطعٌ منها، كأنها شظايا قشرة بيض مكسورة، تتحرك ببطء في السماء. كلها طافت بسرعة الغيوم في مهب الريح، لكنها بدت محكومة بقوانين تمنعها من الاصطدام ببعضها البعض. أحجامها تفاوتت بين جزر وقارات، وشلالات لا حصر لها، بمختلف الأحجام، تصب في البحر أسفلها.
ببساطة، وجدت نفسها في عالمٍ آخر.
كانت شظايا اليابسة العائمة تحمل أبراجا رخامية بارزة منها، ربما أجزاءً من قلاع أو كنائس. كان من السهل أن نصنفها عصورا أوروبية وسطى، لكن حسب عِلم شوكهو بالتاريخ لم ترى أي تصاميم عرفتها.
بدا حقا وفعلا أنها في عالم خيالي من السيوف والسحر.
بل أنَّ حتى تنينا عملاقا يطير في الجوار.
(عالمٌ تتناثر فيه أراضٍ محطمة فوق محيطٍ كوكبي، هُـــۤـــــۤــه؟ هذا يعني أن مدينة الأكاديمية هنا ليست على السطح أيضًا. بل في مستوى منخفض نسبيًا، لكنها لا تزال تحلق فوق النواة الزرقاء)
حملت شوكهو سؤالا.
لكنها لم تكُ تملك ما يكفي من القوة لتبحث عن إجابته.
(أقرب جزيرة صغيرة تبعد أكثر من 50 مترا. لا أستطيع الوصول إليها سيرًا لأنها تطفو، ولا أرى كيف أعبر مسافة أفقية أو عمودية دون قدرة ميساكا المغناطيسية. وذلك التنين ليس بشرًا، لذا لن تعمل عليه المِنتل آوت. هذا يعني أن ترويضه والتحليق على ظهره ليس خيارًا.)
الآن، أصاب الفضول الـ#5 بشأن هذا المكان أيضًا.
أيعني هذا هدنةً مع الفتاة الكهربائية؟
(خطة جديدة: أكسب ثقة تلك الغبية ثم أطعنها ما إن تعطيني ظهرها☆)
تنهدت شوكُهو تنهدا سريعا لتركز ذهنها، ثم صوبت الرموت على لوح حجري ضخم مغطى بكتابة قديمة ذات زوايا حادة يقع على حافة الجرف.
لم تكن تقرأ الكتابة الغامضة، بل بقايا الأفكار فيها.
فقط لأنه عالمٌ آخر مليء بالطبيعة الغريبة والسحر العجيب لا يعني أن الأسابر كانوا بلا قوة فيه.
「ميساكا-سآان. أظنني اكتشفت طريقة هزيمة ذلك التنين الأسطوري」
「انقلعي! أعلم أنكِ ستوقعين بي!! وتجعلينه يقتلني حتى لا تضطري لفعلها بنفسك! لذا لا شكرًا لكِ!!!」
...يا للفكرة الرائعة.
أُعجبت الفتاة الماكرة قليلًا بهذه الفكرة، لكنها احتفظت بذلك لنفسها.
لكن ميكوتو لم تنتظر ردَّ شوكُهو. بينما واصلت القفز من ناطحة سحاب إلى أخرى، بدأ أن صبر التنين البالغ طوله 120 مترا ينفذ فانقض عليها، لذا قفزت الصيادة الجريئة ميكوتو على ظهره.
لم تكن شوكُهو متأكدة مما إذا كانت الأخرى ستصدقها، لكنها (بظرافةٍ) شكلت مكبر صوت بيديها وصرخت من الأرض.
(لنرى...)
「أولا حتى تقتلي تنين الحافة الذهنية عليك بأخذ [سَيۡفِ الشكِيمة]، لكن حتى تأخذينه؛ اعثري على [النصل العتيق] من أعماق مناجم أوريون في غرب قارة سِلِساكفير وبعدها تُعيدين صقله على يد الأقزام أهل الجبال براند لكن الأقزام الآن في حربٍ مع الإلف مما يعني أنهم مشغولون كثيرا عن قبول أي عملٍ خارجي لذا عليكِ أن تنهي هذا الصراع المستمر منذ ألف عام وتحلّي بينهم السلام ولكن الورق المطلوب للمعاهدة لا تُصنع إلا من جلد [ماعز الصلح الأبدي] الذي لا يوجد إلا في القارة الجنوبية بوتيك وحتى تُمسكي بهذا الماعز فهو أسهل بكثير إن كان عندك [الشبكة الفضية] لذا حادثي أولا حوريات البحر في [مملكة قاع البحر] لكن الحوريات خجولات لذا حَسّني أولا قدرة مهاراتكِ في التواصل بأن تدرسي فن المحادثة وأفضل طريقة لذلك هي أن تلحقي مدرسة التمثيل في أكبر مدينة كازينو في القارة الحضرية فيرنمنت لكن للقبول؛ تحتاجين إلى خطابات توصية من خمسة أفراد ولكن المفاوضة عليها لن تجديك نفعًا لذا أحسن لك أن تَحُلّي المسألة بالمال وأسرع مكسبٍ للمال ليس في الكازينو حيث يتحكم الكبار بالفوز والخسارة بل بخروجك من المدينة وعملك صائدةً للجوائز وأسهل مكان لتجدي وحوشا بمكافآت عالية هي القارة الشمالية سُنودوم لذا ربما تستأجرين سفينة هناك وتسجلين في نقابة وثم— لا لحظة، استئجار سفينة يتطلب تصريح سفر، والذي يجب أن تحصلي عليه بنفسك — وبعد أن تسجلي في النقابة عليكِ التوجه إلى [سهول الثلج البيضاء] المحظورة لتصيدي 20 [ماموثًا عظيمًا] من الفئة الخامسة و20 [باراديس وينديغو] وهذا يكفيك لكسب المبلغ المطلوب لكن المبتدئين لا يُمنحون مهامًا كبيرة كهذه بادئ الأمر، لذا عليكِ أولًا تنفيذ مهام أصغر لترفعي تصنيفكِ النجمي — إن شاء الله مكملة معاي — وما إن تجمعي المال عودي إلى بلدة الكازينو -فيرنمنت- في القارة الحضرية لكن إذا سافرتِ بالسفينة مع هذا المال ففيه احتمال 100% أن يستهدفكِ القراصنة لذا قد تستأجرين حراسا أولا وأفضل حُرّاسِ سُنودوم هم [فرسان الفجر] فاسعي إليهم لكن إذا علموا بثرائكِ سيزيدون من أسعارهم خلسًا ويأخذون كل أموالكِ فاحذري لكن لا عليك لأنكِ إذا تحديتِ قائدهم في مبارزة فردية وفزتِ فلن تكون هذه مشكلة بعد الآن وما إن تدخلي مدرسة التمثيل في فيرنمنت سيعطونك دروسًا في التمثيل ولكن بما أنكِ تستهدفين الحوريات الخجولات أحسن لك أن تختاري دروس الكوميديا وبما أن التخرج يستغرق عادةً ثلاث سنين ليس عليك البقاء كل هذه المدة وغادري بعد أن تكتسبي الأساسيات في أول أسبوع ولكن الهروب من المدرسة —والتي نظامها إقامةٌ إجبارية — يتطلب مهارة حقيقية لذا أنصح أولا أن تتواصلي بطلاب السوء وتسمعين منهم عن أفضل طريق للهروب لكن إذا هربتِ معهم فلربما يلتصقون بكِ ويتظاهرون بالود حتى يخونوكِ في النهاية لذا ضعي ذلك في اعتباركِ أثناء هروبكِ من مدرسة التمثيل في رحلتك إلى [مملكة قاع البحر] لكن لتصلي إلى تلك المملكة عليكِ بدخول بطن الحوت ولن يكون ذلك مجديًا إن مُتِ هناك لذا تحتاجين إلى كبسولة نجاةٍ أولا ولكِ أن تحصلي عليها من نقابة العمال في مدينة الميناء بيلزار لذا لا تضيعي وقتكِ في سرقتها وما إن تحصلي على الكبسولة يمكنكِ الغوص في المحيط لكن قبل أن يبتلعكِ الحوت كاملا، عليكِ بالتنكر—」
اندلع انفجارٌ يصمّ الآذان.
يبدو أن التفكير وحده في خوض مغامرة طويلة عبر كل تلك القارات العائمة كان بمثابة كابوس مرعب مرهق لميكوتو، لذا أطلقت ريلغن مباشرة على ظهر التنين من مسافة صفرية فقضت على الوحش العملاق ذي الـ120 مترا في هجوم واحد فقط.
فقدت الكتلة الهائلة سرعتها، وبفضل جناحيها سقطت ببطء نحو الأرض.
(هاه؟ تراه...يسقط نحوي؟!)
「لماذا أنتِ هكذا يا ميساكا-سان!؟」
「ابلعي تنين بو 120 مترًا يا خدّاااااعاااااااااااااااااااااااااااـة!!」
كان التأثير أشبه بتقاطع بين اصطدام نيزكي وهبوط اضطراري لطائرة قاذفة على بطنها.
بوابة مدينة الأكاديمية دُمّرت بضوضاء مرعبة.
حاولت شوكُهو الفرار لكنها تعثرت بقدميها وسقطت فتشقلبت بضع مرات هوائية كاشفة عن سروالها قبل أن تنجو بالكاد من الهجوم الهائل.
وكانت ميكوتو حانقة.
「كُفّي عن وضع المعجزات في خططكِ!! هذا ظلم!」
「لا أريد سماع موعظة عن العدل ممن حاولت قتلي بقدرة التضاريس المحيطة بي!!」
كانت ملكة الفان سيرفس رأسًا على عقب في تنورتها القصيرة ترفرف، وهي تحمر خجلًا وتصرخ احتجاجًا. لكن علّ روحها الفان سريفس بالغت قليلا في دورها إذۡ بدت وكأنها تعرضت لحركة سوبلكس خيالية من بطنها إلى ظهرها.
لكن هذا كان عالمًا خياليًا حيث تحكم السيوف والسحر كل شيء.
من جد؟ فكّرت ميكوتو بدهشة. كانت الصدمة كبيرة لدرجة أنها استغرقت لحظة لتستوعبها.
ما كان يحلق في السماء لم تكن طيور عادية. بل فتيات مجنّحات شبه عاريات. سرب من اثنتين أو ثلاث من الهَبۡريّات أو السِرينات كنّ يطِرن معًا.
『قاق قاق، مشينا نسرق أرواح』
『نا نا نا. أعلم ضرورتها للأغنية الملعونة، لكني أكره العناية بحنجرتي』
لوّحت ميكوتو بيدها من الأرض، لكنهن تجاهلنها، مما يشير إلى أنها لم تستطع التواصل معهن.
ولماذا يتحدثن اليابانية؟ بل حتى إلهة التناسخ كانت مثلهن؟
「ألم يكن نقص المعلومات في حالات الطوارئ هو السبب الوحيد وراء ظهور تلك الطائفة بسرعة في مدينة الأكاديمية؟」
「أوتقصدين أن ظهور الطائفة كانت نتيجة طبيعية لانتقال المدينة إلى قدرة عالم حيث تُــوَفّر الأساطير والأديان قوى حقيقية يوميا؟」
وإذا قبِلتا الفكرة السخيفة بأنهما ماتا وانتقلتا إلى عالم آخر، فقد يفسر ذلك البعض مما حدث.
نعم.
بصراحة، من الصعب تخيل أن انفجار غاز بسيط قد يقتل اثنتين من المستوى 5 دفعةً.
على الأرجح، ميكوتو وشوكهو قد تسببتا في انفجار خزان البروبان أثناء شجارهما وقت الغداء، وهما الآن في حالة حرجة. لم تكن ميكوتو تعرف المصطلح العلمي الدقيق، لكن لا بد أن هذا هو ما يُعرف بتجربة الخروج من الجسد. ربما كانتا في غيبوبة، وربما في حالةٍ إنباتية، لكنهما لا تزالان على قيد الحياة، وتلك الإلهة الغبية تعجّلت في إرسالهما إلى عالم آخر. سيكون الوضع خطيرًا إن لم تجدا طريقة سريعة للاستيقاظ والعودة إلى عالمهما الأصلي.
وهذا يعني أن مدينة الأكاديمية التي كانتا تعيثان فيها فسادًا كانت في حالة مماثلة.
لم تُنقل المدينة الحقيقية في غرب طوكيو إلى هنا، بل أُخذت نسخة شبحية من المدينة إلى العالم الآخر مع الفتاتين.
(مدينة غير مادية، هَه؟)
وضعت ميكوتو يدها على ذقنها تفكر.
أي أحد لديه المعرفة المطلوبة ربما كان ليفكر في منطقة الأعداد التخيلية...
لكن وعلى عكس الفتى شائك الشعر الذي شهد جميع أنواع المخاطر لتورطه في المشاكل بنفس تكرار عمل ربة منزل معينة، لم يكن لميكوتو ولا شوكهو المعرفة أو الخبرة الكافية. حتى ولو اقتربتا من كشف الحقيقة في بعض اللحظات، مثل عندما تواصلتا مع كازاكيري في وضع الملاك الذهبي.
لكن ذلك يعني... فكرت شوكهو وهي ترفع رأسها نحو السماء.
لقد التقتا بشيراي كُروكو وهوكازي جونكو وكوباياشي ساتوري وكاميجو توما هنا، لكن هل كان هؤلاء جزءًا من هذه المدينة الغريبة؟
إن كانوا، فهذا أول خبر جيد يحصلن عليه منذ وقت (طويلٍ) طويل.
تصرفتا غير مباليتين عندما رأيتا شيراي وكاميجو تُقذَفُ ويتبخر أمام أعينهما. ما بدا الأمر حقيقيًا.
تمتمت ميكوتو بشيء وهي تُظلم وجهها.
「صحيح. محالٌ أن تكون كوباياشي-سان الحقيقية مختلةً تستخدم أقلام التلوين لتحدد جميع الكلمات القذرة في قاموسها الضخم」
「؟」
لم تكن شوكهو واثقة مما تهذي به هذه الحمقاء، لكنها قررت أنه من الأفضل ألا تسيطر على هوكازي وكوباياشي والبقية خلال رحلتهما العودة إلى الأرض. فحتى لو بدوا متشابهين وامتلكوا نفس القدرات، فإنهم لم يكونوا هم حقًا. مما يعني أنه لا يمكنها الوثوق بهم تمامًا.
إضافة إلى ذلك، قد انقطعت الرابطة التخاطرية مع كوباياشي.
لم تختبر الأمر فعليًا، لكنها كانت تشك في أن أيًا من سكان هذه المدينة الغريبة يمكنهم مغادرة أسوارها. وبالمعنى الحرفي للكلمة، لم يكن بإمكانهم سوى البقاء داخل المدينة.
قررت شوكهو أن توقف التفكير عن هذه النسخة من مدينة الأكاديمية.
العالم خارجها هو ما يهم الآن.
「وهذا」
جلست شوكهو على الأرض ورمت حصاة صغيرة على ميكوتو.
لم تلتقطها ميكوتو حتى.
قبل أن تصطدم بها، تباطأت فبدأت تطفو في الهواء.
「أصبتُ. رأيتُ أن في الأرض هنا الكثير من الحديد من كثرة الرمال الحمراء الصدئة، لكن لا بد أن نسبة الحديد فيها مرتفعة جدًا حتى تتفاعل قدرتك المغناطيسية وتجعلها تطفو☆」
「مم」
كان في تربة طوكيو رمالٌ حديدية، لكنها لم تكن بهذا القدر.
كانا في عالم آخر.
بينما كانت ميكوتو تقاتل داخل المدينة، افترضت أن خريطة الجوّال والبوصلة قد توقفتا عن العمل لأن شوكهو قطعت الإنترنت، لكن يبدو أن الأمر لم يكن كذلك.
رفعت ميكوتو رأسها نحو السماء.
「يبدو أن القمر الصناعي لمدينة الأكاديمية لا يزال هناك. فقد قصفنا مرة」
「هذا يعني أن قياسات الـ GPS موجودة، لكن بما أن القراءات الفعلية لا تتطابق إطلاقًا مع الخريطة العالمية المحددة مسبقا، فلا بد أن النظام يتلقى كميات هائلة من الأخطاء مما يؤدي إلى إيقاف خدمات الـ GPS تلقائيًا」
「غالبا」
في عالم آخر، قد يكون توزيع المجال المغناطيسي الأرضي مختلفًا.
وربما كان هذا هو السبب في أن ميكوتو، وهي متحكمة إلكترون، كانت مضطربة وعدوانية.
「نعم، هذا هو السبب!! كل ذلك بسبب الشذوذ المغناطيسي، وليس بسببي! أما أنتِ، فلا عذر لديكِ!」
「هيي!! كفي عن اختلاق التبريرات الأنانية!」
وجلبتا قاعدة أخرى.
ما زالتا لا تعرفان كيف خالفت شظايا قشرة البيض الطافية الجاذبية، لكنها كانت تحتوي على نسبة عالية جدًا من الحديد. ربما كان بإمكان ميكوتو استخدام قدرتها المغناطيسية للقفز بين الجزر العائمة.
「الآن بعد أن فكرت... استوعبتِ كل هذه الأفكار سريعًا جدًا يا شوكُهو. من أين تعلمتِ هذا القدر عن العوالم الأخرى؟ روايات إلكترونية؟ يعني، تلك التي تترتب نصوصها عموديًا لتناسب شكل شاشة الجوّال」
「إنما ببساطة أن الباحثين والمهندسين يحبون هذه الأسماء. فَهُم يختارون اسمًا عشوائيًا من الأساطير لأي مشروع جديد ليخفوا حقيقته」
「......」
「هيهي. لكني أراهن أن معرفتك جاءت من المانجا، ميساكا-سان」
على أية حال، الخروج من مدينة الأكاديمية جلبهما إلى جرف شاهق، حيث المحيط لا نهاية له في الأسفل.
وإن كان الماء موجود، فإن ارتفاعهما كان كافيًا لجعل الارتطام قاتلا.
ولوحٌ حجريٌّ قديم وضخم كان مغروسا في الأرض على مقربة منهما، لكن شوكوهو قد قرأت بالفعل بقايا الأفكار فيه، ولم يكن يبدو أنه يحتوي على أي معلومات إضافية.
「ميساكا-سان، هلا تأخذيني إلى أقرب جزيرة عائمة؟」
「لمَ قد أساعدكِ؟」
「أوتعرفين كيف تحققين في الأمر وحدكِ؟ فهل تقدرين حساب عدد الأيام التي ستأخذك قبل أن تصادفي أول إنسان تستجوبينه؟ أما أنا فأستطيع قراءة ذكريات الناس وحتى بقايا الأفكار في الجمادات، ويبدو أن ذلك قد يساعدكِ كثيرًا في كشف ألغاز هذا العالم بسرعة」
تشه، نظرت ميكوتو بعيدا ونقرت لسانها ممتعضة.
ثم فتحت ذراعيها كما لو كانت تنتظر عناقًا.
أُبرم اتفاق.
- الجزء 3
「ها نحن」
「غياااااااه!؟」
اختفت الجاذبية المألوفة.
قفزت ميكوتو حوالي 30 مترا بينما تتشبث شوكهو بجانب وركها. كانت قفزة عمودية. طلبت شوكهو ذلك بنفسها، لكنها شحبت وصرخت من انعدام الوزن المفاجئ.
أخذتهما القفزة نحو أقرب قطعة أرض عائمة.
.....ولكن هل كان هناك أناس آخرون يعيشون في هذا العالم؟ فإن كان فكيف كانوا يتنقلون بين الكتل الأرضية العائمة؟ وإذا لم يكن بإمكانهم الغش بالقفزات المدعومة مغناطيسيًا، فلا بد أن هذا العالم يتعبهم كثيرا. أم أن ربما كان الناس يقضون حياتهم على الأرض العائمة التي وُلدوا عليها وأن مغادرة الوطن كان أمرًا مستهجنًا بشدة؟
「لهث، هئ! أ-أرى شيئا هناك!!」
ولا تزال متشبثة بورك ميكوتو، أشارت الحقيبة -شوكهو- إلى مكان بعيونٍ دمعة.
أوقفت ميكوتو المغناطيسية فتوقفت للحظة في منتصف الهواء.
ثم جذبت نفسها أفقيًا تبحث عن موطئ قدم جديد.
كانت أقرب إلى كتلة صخرية كبيرة منها جزيرة. علّها كانت واحدة من أصغر "قشر البيض". ومع ذلك، كانت بحجم فصل دراسي تقريبًا. فوق الصخرة القاحلة وَجَدا شيئا مسطحا. كان من الصعب التعرف عليه من سطحه ولكنه ما كان بمثل منطاد الهواء الساخن تمامًا. ربما كان في الأصل سفينة هوائية على شكل كرة الرجبي.
「لكن حتى لو انتفخ فسيكون 10 أمتار ولا أكثر، ها؟ حسبتُ أن السفن الهوائية ليست فعالة إلا إذا كانت ضخمة للغاية」
「قد لا تنطبق قدرة منطق عالمنا هنا. الذرات والجزيئات والتكنولوجيا هنا قد تختلف تمامًا عن عالمنا، لذا ربما هناك غاز خفيف ثابت ولا يشتعل」
مهما كانت الحالة، لم يبدو هذا نتيجة هبوطٍ سليم.
لو أنها تأذت أثناء القتال ضد التنين العملاق، فقد تكون ميكوتو وشوكهو مسؤولتين جزئيًا، لذلك رأتا أن تُحققا في أمر السفينة الهوائية المسطحة.
وفيها بالفعل بشرٌ(؟) يسكنها.
「آخ، آخ، آخ، آخ...」
خرجت امرأة في العشرينات من أسفل مادة الغاز الضخمة. بالنسبة لاثنتين في المدرسة الإعدادية، بدت المرأة التي تخطت سنواتها الدراسية الثلاث في الثانوية أكبر بكثيييييييييرٍ منهما. ...وعلى أنها بدت حزينة قليلا من خسارتها أمام شوكهو في المورد الأنثوي.
「أأنتما حقا في الإعدادية؟」
「مرة ثانية؟ ملّينا」
كانت المرأة الشابة، التي كانت أول لقاء لهما مع ساكن هذا العالم، ترتدي فستانًا أحمر مثل فساتين الأميرات. وشعرها الطويل الأرجواني تزيَّن بلفلفات بهيّة.
تلون شعرها وملابسها بألوان ساطعة متألقة.
وبعد أن زحفت على أربع، بدت غير قادرة على النهوض مرة بعد وبدموع مسحت على أسفل ظهرها.
「ل-لا أصدق أنني تلقيت ضربة مباشرة من سيف القارة. ليست بداية جيدة لرحلة العمر..... الآن عليّ أن أدفع ثمن السفينة الهوائية وسيطالبوني بدفع المزيد لخرقي العقد. لو كنت أعرف أن هذا سيحدث، لأنفقت مالا أكثر وأشتريتها بدل تأجيرها」
كانت ميكوتو وشوكهو في الواقع مرتاحتين لأن الصوت الذي صدر منها كان يشبه صوت فتاة غنية مدللة.
فلديهما خبرة كبيرة مع أمثالها في توكيواداي، لذا كان رؤيتهما لأحد بعيد عن العوام كأن تعثر على حساء ميسو رائع في سفرك خارج البلاد.
مدّت ميكوتو يدها لتساعدها على النهوض.
「أنتِ بخير؟ وما هو سيف القارة؟」
「شكرًا جزيلا. سيوف القارة هي شفرات فراغية تظهر غير متوقعة مع تحرك مسارات الأراضي العائمة في الهواء. عادةً ما تضعف فتتفكك بسرعة، لكن ما تظنينه يحدث إذا صادفتِ إحداها في الهواء؟」
فهل لهذا العالم مناجل ضخمة تطير في السماء طوال العام؟
وفقًا للمرأة الشابة ذات الألوان الزاهية، كانت السفن الهوائية والدراجات الطائرة وَسائل نقلٍ أساسيةٍ في هذا العالم حيث فيه الأراضي العائمة مرتبة في طبقات متعددة، ولكن مجرد الاصطدام بإحدى سيوف القارة الناشئة طبيعيًا يتسبب في مثل هذه الكارثة. تمزق هيكل السفينة الهوائية وتحطمت فتسطحت من تأثيرها.
「في هذا العالم تنانين وسحر وقارات تطفو، لكن لا أظنها كلها متعة وألعاب」
「لكن على كونه غير مريح، أنا سعيدة أنني وُلدت في عالم مثير كهذا」
لم تكذب ابتسامة المرأة. فغبطتها ميكوتو من قلب.
وما شعرت إلا بنفور تجاه بيتها المدينة الأكاديمية.
لكن لماذا قررت هذه المرأة خوض مثل هذه الرحلة الخطيرة؟
「أنا في العشرين. وأكملت تعليمي السحري، لذا حان الوقت لأترك بيتي وأبدأ مشروعي」
「هَه، أهكذا الأمور هنا؟ قارات طائرة ومدارس سحر. أبتغي دخول واحدة من تلك」
「؟」
كلام ميكوتو مَيَّل رأس المرأة الشابة مستغربةً.
「فهل تعيشين وحدك الآن؟ عدم وجود مشرفة فوق رأسك يبدو رائعًا، لكن بلا راتب وعليك كسب رزقك بنفسك تبدو عيشةً مرهقة」
「نعم. أنا لا زلت مبتدئة في هذا، لكنني فكرت أن أسهل عمل أدخله الآن هو تجارة العبيد!」
مم؟
أوقالت...؟
أوقالت لتوها شيئًا مروعًا للغاية؟
「امم؟」
「نعم؟」
「ما، أه، ماذا قلتِ توك؟ أسهل عمل هو...؟」
「تجارة العبيد، ما غيرها؟」
قالتها عابرة كأن تقول إنها ستجرب تداول الأسهم عبر الإنترنت لتتعلم عن المال.
ولم يحمل وجهها أدنى ابتسامة شريرة. بل أبدت الحيرة.
「نعم، كل تاجر حقيقي يجب أن يصبح في النهاية غنيًا بما يكفي ليُمَوّل مجموعة كبيرة من صائدي الإلف ويشتري سفينة هوائية للعبيد كبيرة. شخصيًا، آمل أن أدير سوقًا كبيرًا بنفسي يومًا ما. لن تحققي النجاح ما لم تطمعي بحُلمٍ كبير أولا」
『آغغ...』
وخرجت أخرى من السفينة الهوائية المسطحة.
فتاةٌ تبلغ حوالي العاشرة ذات شعر أشقر طويل. أذناها المدببتان ترتجفان، لكن فستانها الأخضر المهلهل كان أكثر ما لفت الانتباه. كان بلا أكمام وله تنورة ضيقة قصيرة، لكن صعب أن تركز على أي من هذه التفاصيل بسبب اتساخه الشديد. ليس الحادث هو ما تسبب في هذا. كانت تلك بقعًا تراكمت على مدًى طويلا من الزمن. تسمع جرسا منها، فتراها ترتدي طوقًا فولاذيًا سميكًا حول عنقها النحيل وسلسلةٍ سميكة متصلة بكاحليها الهزيلين غير مشدودة.
عبدة.
لم تكن المرأة تشبّه في الكلام أو تشفر. أوكانت حقا تبيع الناس؟
「آهٍ آه」
ولم تحاول حتى إخفاءها.
كان هذا أمرًا طبيعيًا تمامًا في نظرها.
كانوا فعلاً في عالم آخر.
「ألا تحسنين شيئا يا عبدة؟」
「...أ-أعتذر...」
اعتذارٌ بثقل هذا ما يجب أبدا أن يصدر من طفلة.
وربما كانت حركتها البطيئة بسبب إرهاق شديد أثقل جسدها.
أمسكت يداها الصغيرتان بصندوق كبير من الجلد السميك.
حاولت عدة مرات رفعه، لكنها عجزت. وقبلما تسرع ميكوتو إليها لتساعد، غلبها الثقل فسقطت للأمام ومعها الصندوق.
وتنهد أحدٌ.
كانت المرأة الشابة المبالغة في زينتها.
「قد شرحت عقوبة تلويث حقيبتي الثمينة، لا؟ ويا للإزعاج. لمَ أضيع وقتي على سخافة كهذه؟」
「...أه...」
「الأخطاء الثلاثة الأولى بجلد، لكن الرابعة تدفعينها بأذن. هذه هي القواعد الأساسية لعبيد الإلف، والتي لابد أنك على دراية بها أيا عبدةٌ سقيمة لم تسوى حتى أن توضع في السوق」
أمسكت المرأة الشابة بأحد الأذنين الطويلتين المرتجفتين، وجذبتها بقوة.
وفي يدها الأخرى، أخذت بشفرة حلاقة كبيرة كما يحملها الحلاقون.
لم تـــكن غاضبة حتى.
وضعت الشفرة على قاعدة الأذن كمن يسمع رنين الجرس فيذهب ليتفقد من الطارق.
ولم تقاوم الصغيرة.
فعيونها خلت من الحياة تَحمِلُ استسلامَ من قرر أن دمار جسده والموت الذي يليه لأهون عليه من عيشته.
لكن تلك ليست رحمة ولا لطف. بل كإحساس وهم الدفء الذي يشعر به المرء بعد أن دفن يده في الثلج البارد طويلا.
「.......」
لم تعرف ميكوتو شيئًا عن هذا العالم.
لم تعرف تاريخه أو ثقافته أو قيمه.
لكنها.
لم تتحمل رؤية عيون بلا بريق حياة فيها.
كل ما رأته هنا أخرج لها ذكريات مؤلمة. ذكريات لفتيات أخريات تُستخدمنَ كأدوات مرمية لتجربةٍ بغيضة ويطعنَ دون كلمة رد ويُذبحنَ واحدة واحدة.
تذكرت النسخ العسكرية المُنتَجة جملةً والمعروفة باسم الأخوات.
من أكثر من عشرة آلاف فتاة فشلتۡ في إنقاذهن.
「هيه، لا شك أنك ستجدين الكثير من الوظائف الأخرى. فلم تجارة العبيد بالتحديد؟」
「لأنها سهلة سهلة」
لم تفكر المرأة الشابة حتى في إجاباتها.
「لا تتطلب مؤهلات أو ترخيص للبدء. وإذا أردتِ أن تبدأي عملا كبيرا، تحتاجين إلى مكسبٍ سريع وكافٍ لبدء المشروع، ولا؟ أي أحد قادر على هذا العمل البسيط، وما هي إلا أول خطوة على طريق النجاح الأكبر」
「بل أنتِ تسرقين حرية الناس ظلما، تجبرينهم على العمل إكراها، وتستنزفينهم حتى العظم... ألم تندمي يومًا على هذا؟」
「لمَ عساي أندم؟ ما العبيد إلا للعمل. وإن كان قويًا بما يكفي ليصمد طويلا، فندفعه لأقصاه حتى لا نضطر لإطعامه بعد! فترك العبيد الأصحاء يعيشون سيفلسني آخر الأمر!!」
أبدت تمامًا وكأنها تفسر أنه من الأرخص أن ترمي مكيف هواء قديم وغير فعال وتستبدله بآخر جديد.
ولا أكثر من ذلك في عقلها.
.....وتلك ليست جريمةً تخصها وحدها. هكذا كان هذا العالم. المجرم الحقيقي هو البيئة التي نشأت فيها هذه الشابة وجعلتها تفكر بهذه الطريقة.
فهمت ميكوتو ذلك عقليا.
لكنها وصلت حدودها.
بطرق عدة.
「فهمت」 تمتمت ميكوتو لنفسها.
كانت تبتعد عن الهدف.
كانت هذه الرحلة إلى العالم الآخر على الأرجح نتيجة خطأ، لذلك كان يجب أن تكون أولويتها هي دراسة هذا العالم وإيجاد وسيلة للعودة إلى الأرض بينما ما تزال تجربة خروج الجسد مجرد هذا. وما تفعله بخصوص هذه العبدة الإلف ليس له علاقة بغايتها.
فهمت ذلك.
لكن لسبب ما، لم تحاول شوكهو إيقافها رغم سخريتها المستمرة للطبيعة البشرية وتركيزها على الكفاءة.
صمت شوكهو لا يعني معارضتها اختيار ميكوتو.
في الواقع، احتضنت شوكهو برفق العبدة الصغيرة المذهولة إلى صدرها. وقد فعلت ذلك بسلاسة حتى أن السيدة التي كانت تحمل الشفرة الكبيرة لم تعترض. ربما لم تدرك الشابة أنها بفعلها هذا تنازلت عن رهينتها. وإن كان هذا لضمان سلامة الإلفية في أي حال.
نظرة الموافقة الصامتة من #5 أخبرت ميكوتو أنها حرة في ما تريد.
「هم يشبهوننا ويفكرون مثلنا ويتكلمون مثلنا، لكن فقط لأنهم "ليسوا بشرا" ترين أنه من الصواب أخذهم وبيعهم واستخدامهم حتى الموت؟ والأسوأ أنكِ ترينه أوفر لكِ أن تسنزفينهم حتى الموت حرفيًا؟ إيه، إيه」
「؟」
ميّلت المتاجرة بالعبيد رأسها.
لم يظهر عليها عداءٌ ولا حذر. لم تفهم حقًا ما الذي أزعج ميكوتو إلى هذا الحد.
ولكن.
ميساكا ميكوتو مقتت مثل هذا القتل الظالم.
تحطم!!!
ازدهر زهرٌ من الضوء.
تطاير كهرباءٌ كثيف وقطع سوطٌ رملي حديدي الهواء وأحرقت ريلغن الفضاء ثلاثة أضعاف سرعة الصوت.
بدأت المعركة.
- الجزء 4
كان الصوت مصخما والضوء معميا.
من المرجح أن هذه الظواهر الخارقة للطبيعة كانت لتبدو مستحيلة حتى لأهالي هذا العالم.
「لا تخافي」
دوّرت شوكهو الرموت في يدٍ وضغطته على جبهة العبدة الإلفية في ذراعها الأخرى.
「يمكنني مسح كل الذكريات المؤلمة، ولكن فقط إذا رغبتِ في ذلك حقًا. أولاً... نعم، عرفت. ويمكنني إزالة هذه المشاعر المؤلمة والعواطف المريرة من أعماق قلبكِ☆」
مع نقرة زر، عاد شيء إلى عيون العبدة الميتة. ربما كانت هذه القوة الطبيعية لحماية الحياة اللاشكلية والسعي نحو مستقبلٍ أفضل.
كان ضوءًا ينبغي أن يكون في الفتاة الإلفية طوال الوقت.
「امم」
حركت الفتاة العبدة شفتيها بينما تتشبث بلطف صدر شوكهو.
بعد أن استُنزِفت إلى الحد الذي كاد فيه جوهرها ينكسر، طرحت سؤالا.
「لماذا تساعدنني؟ ما أنا إلا مجردة إلفية غير بشرية...」
بدت صدقا محتارة.
قد قبلت وجوب السلسلة التي تربط طوقها السميك بكاحليها، فلا شك أنها قد تخلت عن كل أمل في أن تُنقَذ يومًا ما.
شوكهو ميساكي لم تكن ميساكا ميكوتو.
لكنها أيضًا لم تستطع تحمل رؤية مثل هذا.
لم تكن #3 الوحيدة التي فشلت في إنقاذ فتاةٍ في الماضي.
حتى لو قبل المرحوم موته بلا نضال، لم يكن الأمر أسهل للأحياء قبوله.
أبدًا لم يكن.
「حسنٌ」
(إخبارها أن هذا النظام الفاسد يذكرني بدولي سيُعتبر وقاحة بحق هذه الفتاة وتلك الأخرى على حد سواء)
دوّرت شوكهو الرموت بعد، وأبقت إجاباتها لنفسها.
لكن #5 المدينة الأكاديمية أعطت إجابة أخرى محل تلك.
「ربما لأنكِ لستِ "مجردة" وحسب」
「؟」
「أعني، المنتل آوت يعمل عليكِ. لذا مهما كنتِ، عليّ أن أقبل أنكِ تملكين عقلا كعقلي☆」 شرحت الفتاة العسلية بابتسامة.
كأن ملكة توكيواداي الخبيثة تلمح إلى أن ميكوتو لا تستحق حقوق الإنسان لأن المنتل آوت لم تعمل عليها.
- الجزء 5
「غوووااهه!!!!」
صرخ تاجرة غير البشر من داخل سحابة الغبار.
وتوترت ميكوتو مستجيبة.
تلك المرأة لا تزال قادرة على الصراخ حتى بعد تلقيها وابلا من هجمات الـ#3. على وجه التحديد، رفعت تاجر غير البشر كفّها ففعَّلت عدة طبقات من دروع الهواء المضغوط الكثيف، فحرفت انحرافا بسيطا في مسار الريلغن. بالطبع، يمكن للريلغن اختراق أي عدد من تلك الدروع، لكن مساره قليلا كان ينحرف عند اختراق كل طبقة، ومع تراكمات الحرف تحرك بمقدار عرض كتفٍ كامل أفقيًا.
كان هذا نظام مهارات مختلفًا تمامًا عن أسابر المدينة العلمية.
كان سحر عالمٍ آخر.
「[S ويند]!!」
التوى الهواء ليكوّن رمحًا أسۡمَكَ من جذع ميكوتو وانطلق بسرعة.
ولم ينتهِ عند هذا. أصدرت تاجرة غير البشر طقطقةً في معصمها.
「[انتشار ويند]!!」
أحدثت الحركة فرقعةً عالية.
ومهما كانت آليته، فقد تشكل سوطٌ من الفراغ واكتسب مرونة ورسم منحنى ماديًا يمزق الأرض بوحشية عند قدمي الفتاة. تناثرت شرارات برتقالية كاشفةً عن ملامح السوط.
「جريئة أنت لتنتقدي تورنادو كانديفلوس، مروضة أجساد متوسطة ومستخدمة لسحر الرياح」
لكن أسلحة الرياح والفراغ لم تكن أكثر ما أدهش ميكوتو.
ما أثار استغراب الفتاة الـ#3 هو مدى سهولة تقبلها لما يجري.
فهي مقيمة في المدينة الأكاديمية من الجانب العلمي. وعادةً ما كانت لتعبس وترفض أي مصطلح غامض كالسحر. لكن هنا، اخترق ذلك المفهوم الغريب حواجز الرفض العقلي المعتادة واستقر عميقًا في ذهنها.
لأنه منطقيٌّ أن تجده هنا.
وكانت تحتاج سببا محدد حتى تشكك في ذلك.
(حتى قدرة الـ#5 لا تعمل عليّ، فما هذا؟)
زأرت تاجرة غير البشر بابتسامة عدائية.
كانت تهديدًا يستخدم السحر، وهو شائع في هذا العالم.
「نعم، نعم. عبدي مِلكي وكرامتي ومالي. لا حق لك تسائليني في شأنها. عطفت على تي العبدة المسكينة التي كانت لتضيع دون أن يستخدمها أحد فاستثمرت بأموالي لأوفر لها شغلا! تَكَرّمتُ عليها! فأن تؤذيني على لُطۡفٍ لظلمٌ لا أقبله بالمرة!!」
「......」
「في صغري رأيتُ إلفاً من نافذة عربتي أثناء سيرنا على الطريق المرصوف بالطوب」
تلألأت عيناها.
لم يكن فيهما ازدراء، بل ممتلئتين بإحساس الواجب والغاية.
「لم يحملوا أطواقا ولم يخدموا أسيادا ولم يوفر لهم أحد مأوى يحتمون به. آهٍ من الإلف المساكين. عندها عزمتُ أن أجمع قوة تكفي لأشق طريقي بنفسي ثم أرحمهم وأحسن إليهم وأنقذهم من حياتهم البدائية القذرة!!」
ما كانوا في نظرها إلا سلعا تباع.
تذكرت ميكوتو أنها سمعت مرة أن الناس غير المعتادين على الأرانب قد يكسرون عظامها الهشة بالخطأ إن أمسكوها. كما تذكرت كيف أن الكلاب المهجنة لتكون صغيرة جدًا قد تتضرر أرجلها إذا صوحبت في نزهات كثيرة.
وهذه المرأة رأت ذلك على أنه الشكل الوحيد من السعادة.
رأت أن الإلف المسالمين في الغابة يشكلون حالة شاذة، وكانت تؤمن حقًا أنهم سيكونون أسعد إذا جاء إنسان وروّضهم ومنحهم حياةً "لائقة".
تلك الحمقاء التي عجزت حتى عن تخيل وجهة نظر تختلف عنها أعطت ميكوتو ابتسامة ساخرة.
「فماذا ستفعلين الآن؟ آمل أنكِ استوعبتِ جرم ما تورطتِ فيه بقتالك ابنة النبلاء. مصيركِ الآن بين يديّ، ولن أسمح لكِ حتى أن تكوني عبدة. وليُجَرّد سوط الفراغ هذا لحمك عن عظامكِ فيريني إياه— غياه!!؟」
قفزت الشابة فجأة قبل أن تكمل.
وغمزت ميكوتو بينما تتناثر شرارات كهربائية من غرتها.
「الآن، لا أدري كيف تحركين الرياح لكن يبدو أنكِ محصورة في تشكيلها إلى سيف أو سوط أو أي شيء آخر أولا. أما أنا، فيمكنني توليد الكهرباء داخل الفراغ. علّكِ تزيدين مقاومة العزل قليلاً بضغط الهواء، لكن ذلك لن يحميكِ ما لم يصدّ الهجوم فعليًا. هل حسبتِ حقًا أنكِ تصدّين كهربائا فائق السرعة بسلاح عرضه عصا؟」
ولم ينتهِ الأمر عند هذا الحد.
رمت الفتاة الـ#3 عملةً في الهواء بإبهامها.
أما تاجرة غير البشر، التي شُلّت من الصدمة الكهربائية السابقة، فكانت الدموع تكاد تفيض منها.
لكن ميكوتو لم تهتم.
「أنتِ من سببت هذه المأساة!! أنتِ دوامة قذرة وجودك وحده يسحب حياة الآخرين إليها!!!」
احترق الهواء برتقاليا بسرعة تعادل ثلاثة أضعاف سرعة الصوت.
ودارت تاجرة غير البشر في الهواء دورات قبل أن تتحطم على الأرض. طارت من مدفع ريلغن مر بجانبها، وليس بضربة مباشرة.
وإلا لتبخر كامل جسدها.
「ميساكا-سآان」
تنهدت شوكوهُو وهي تحضن الإلفية العبدة بين ذراعيها.
لكن ليس لتوبخ ميكوتو على قسوتها.
「لا تقتليها بسرعة. إن لم يعانِ الوحش غير النادم كما يستحق، فلا متعة في الأمر-يوكو☆」
「اخرسي. ثم إنكِ وجّهتِ رموتك نحوي عندما رميتُ الهجوم الأول، أليس كذلك؟ ريمتُ الريلغن مع رمح كهربائي وسيف رمل حديدي. كنتُ لأنهي هذا خلال ثوانٍ لَوۡلا ذلك الصداع الغريب الذي سببتِه!!」
「لماذا ترغبين في تدمير حياتك في ثوانٍ، مجرمة أنتِ؟ ميساكا-سان، ألا تتوقفين وتفكري فيما قلتِ؟」
「هاه؟」 أمالت ميكوتو رأسها.
بعد بضع ثوانٍ، زحف شعور بارد على عمودها الفقري.
......لو لم تتدخل شوكهو بالرموت واستمرت هجمات ميكوتو دون عوائق، فما كان سيحدث لتلك التاجرة؟
لم تكن لحياة البشر أي "وزن" يُذكر في هذا العالم، وكأن هزيمة العدو مجرد روتين عادي لكسب المال والخبرة.
(ورطة. قد أقتل أحدًا حقًا إن لم أركز فيما أفعله وأوقف نفسي)
「فماذا ستفعلين بها، ميساكا-سان؟ تعاملينها ككيس ملاكمة حتى تموت؟」
「أ-أنا لست مهووسة مثلك」
「إذن اتركي لي العمل القذر☆」
صوّبت شوكهو الرموت نحو المرأة.
اهتز جسد تاجرة غير البشر مختلفة تمامًا عما فعلته الكهرباء بها.
اتسعت عينا المرأة ذات الخصلات الحلقية الشريرة.
「م-ما الذي... يحدث لي؟ لا أستطيع الوقوف!」
「ماذا ماذاۤ~~؟ أرى أنكِ ستعيشين باقي العمر تزحفين على الأرض كالكلب. آه، وارفعي ذنبك أعلى☆」
「أغ!」
تعرق جسد المرأة وهي تتخذ وضعية مهينة.
وربما يكون ألطف ألا نصف تلك الوضعية بدقة.
「وستخدمين هذه الفتاة حتى ينقضي أجلك. إن جاءت بأمتعة ثقيلة، فاحمليها على ظهرك. أوليس تلطيخ صندوق ثمين يستوجب العِقـــۤــآب؟ وعندما تتعب ساقاها الصغيرتان، كوني كرسيةً لها. هيهي☆ هل تشعري الآن أنكِ بلا حول ولا نضال؟」
「شوكهو، الفتاة لا تريد هذا」
لماذا تُرعبين الإلفية يا غبية؟
بعد تعليق ميكوتو المنزعجة، تنهدت الفتاة المصنفة #5 وضغطت على زر الرموت مرة أخرى.
انهارت تاجرة غير البشر مغشية على الأرض وكأن زرها للطاقة قد كُبس.
「إذن، سأفعلها بالطريقة السلمية. قد محوتُ فقط معرفتها ومهاراتها التجارية، لذا فإن أي محاولة مستقبلية لدخولها هذه التجارة ستنتهي بسلسلة من الإخفاقات تشغلها تمامًا عن حتى التفكير في استعباد الإلف☆」
「صدقا إنكِ الوحش」
- الجزء 6
على أي حال، انتهت المعركة.
تراكم الصدمات المختلفة أغشىٰ التاجرة ودحرجَ عينيها للخلف، لكن لنترك أمرها جانبًا.
「وجدتُ المفاتيح」
「ناوليني」
يبدو أن في حلقة المفاتيح مفاتيحٌ لكل شيء من الصندوق إلى الطوق.
عندما رمتها الفتاة غير الرياضية (بتصويب سيئ رديء)، جذبتها ميكوتو مغناطيسيًا إلى يدها قبل أن تضرب الإلفية العبدة.
نعم، للإلفية سلسلةٌ سميكة تربط طوقها الفولاذي بساقيها.
رؤية القيود لوحدها أغضبت ميكوتو، لذا أسرعت لتزيلها، لكن...
「هياااه!」
لسبب ما، تراجعت الإلف الصغيرة.
「مم؟ لماذا؟」
「ام، آه...اعتدتُ على ارتدائها لدرجة أنني لا أعرف ما سأفعل إذا أزلتِها بقوة...」
أسيكون بمثل غرابة أن تخرج من البيت بجوربٍ واحد؟
وهي اعتبرت أن هذا إزالة "قسرية".
العادات والتقاليد قد تكون مخيفة، لكن علّ هذه الخطوة سريعةٌ جدًا لها.
نظرت ميكوتو إلى شوكهو، واكتفت الملكة بهز رأسها.
أيعني ذلك أن تحفظا المفاتيح وترككاها مؤقتًا؟
「مم، لكن الأهم...」
「نعم؟」
تحدثت رفيقتهما الجديدة الإلفية المستعبدة والتي (تبدو) في العاشرة من عمرها إلى ميكوتو. إذا كانت مثل الإلف في المانجا والأنمي، فمن المحتمل أن عمرها الحقيقي يصل إلى مئات السنين.
وقد سلّمت أمرها للموت عبدةً. ربما كان صعبا عليها استيعاب فكرة أنها قد أُنقِذت.
ومع ذلك، بدأت حديثها بتردد.
「مم، آه...شكرًا لكِ، أيتها المرأة المحاربة!」
.......
ما قالت تواً؟
「ها؟ لكن هذا ما أراه منكِ في شاشة الحالة」
شاشة؟ هل تقرأ شيئا من وجوه الناس أو كفوفهم مثل مسح الباركود؟ كان لغزًا تامًا ما الذي قرأته الإلفية غير البشرية عن ميكوتو أو أين رأته، لكن الفتاة الصغيرة لم تتقصد أي شيء بذلك.
بل تبدو حائرة من ارتباك ميكوتو.
أما #5 المدينة الأكاديمية، فقد ربضت تحاول كبح ضحكتها.
「بف هيههيهيه... امرأة محاربة؟ من بين كل شيء، أنتِ امرأة محاربة هبلة أم عضلات ودرع بيكيني وسيف؟ فلو كنتِ وحشًا، هل تكونين عملاقة تحمل هراوة من خشب؟ هخهخخ لا أتحمل لا أتحمل! وهاهاهاهاها!! هيهي!! آهخ يا بطني، هذا وصف مثالي لقدرة ذكائكِ المحدود! كهكهكهكه!!!」
「أوه، وشكرا لكِ أيضًا، آنسة رقّاصَة خۡلَيۡعة!!」
سقطت شوكهو على ركبتيها بعد تلقيها ضربة قوية في قلبها.
على الأرجح، لم يكن جزء "خليعة" مكتوبًا فعليًا في شاشة الحالة، لكن كونه مجرد إضافة ورأي شخصي من الإلفية جعلته أوجَع وأمَر.
يبدو أنه في هذا العالم، ميساكا ميكوتو امرأة محاربة وشوكهو ميساكي راقصة. لم تحملا أدنى فكرة عن متى حدث ذلك، ولكن لا بد أن هذه الوظائف قد عُيّنت لهما في مرحلة ما.
فما الذي يسمح لهما هذا أو ما يمنع منهما؟
「مم، هذا يحدد المهارات —بما في ذلك السحر— التي تتعلمانه عند الارتقاء [بالمستوى]، كما أنه يحدد أنواع الأسلحة والدروع التي يمكنكما التجهز بها. تحتاجان أيضًا إلى [وظيفة] محددة لدخول بعض المتاجر المتخصصة」
「مستوى؟」
تمسكت ميكوتو بهذا المصطلح المألوف.
تدلت أذنا الإلفية الطويلتان، وبدا صوتها خجلا عندما أجابت.
「نعم. أنا تافهة من المستوى 11، لذا لا ينبغي لي أن أستكبر عليكما」
تجمدتا.
حاولت ميساكا ميكوتو وشوكهو ميساكي التظاهر بالهدوء، لكن ذلك لم يكن ممكنًا البتة.
「ها؟ مستوى 11؟!」
「نعم...بمستوى منخفض كهذا، لا أعرف الكثير عن السحر. وبتُ أفهم كيف انتهى المطاف لعديمة فائدة مثلي عبدةً. إني حقًا عالة لا أفيد أحدا」
أخفضت الإلفية رأسها بحزن، لكن ميكوتو وشوكهو كانتا في حالة صدمة.
ما هذا؟
هذا تجاوز بكثير نظام الخمسة مستويات في المدينة الأكاديمية.
تجمعت الفتاتان الواثقتان عادةً معًا وهمستا لبعض.
تشعران بعدم الكفاءة تمامًا الآن.
「(ما هذا الخبال؟!! هالعالم وصل إلى مستويات رقمين!!؟ هذا يعني أننا ضعيفتان تمامًا هنا!! لن نسوى حتى أن نصير زعماء فرعيين!)」
「(لا تشكي لي، ميساكا-سان! أنتِ من يفترض أنكِ تبلغين المستوى السادس للحظات بقدرة إلهة البرق-يوكو. كم عدد الأسرار الخطيرة الأخرى التي تخفينها عن تنمية القدرات الخارقة!؟)」
「مم، ما قلتُ وكان غريبًا لهذه الدرجة؟ أتذكر أن متوسط مستوى سكان القرى البشرية حوالي المستوى 20. وعندما تصلين إلى الملوك وما شابههم، فمن المحتمل أنهم جميعًا عند الحد الأقصى للمستوى وهو 9999」
「ما بال هذا العالم!!؟ مستويات تصل إلى الآلاف!!؟ الآن أنا خائفة جدًا من أن أخطو خطوة واحدة في أي اتجاه!!」
تمسكت ميكوتو وشوكهو ببعضهما وارتجفتا، لكن عندها قدمت الإلفية معلومة أخرى حاسمة.
أشارت نحو تاجرة غير البشر، التي كانت مغشيةً بائسةً وحيدة على الأرض.
أشارت إلى الضعيفة التي هزمتاها بسهولة شديدة.
「بالمناسبة، بما أنها كانت قادرة على استخدام سحر الطبقة المتوسطة مثل [S ويند] و [انتشار ويند]، فهي على الأرجح عند المستوى 35」
「「عفواً؟」」
- الجزء 7
قد نسيتا أن هذا عالمٌ تحكمه السيوف والسحر. نظام المستويات في المدينة الأكاديمية لن ينطبق هنا. تقدير القوة يعمل بطريقة مختلفة تمامًا.
「مما يجعل الأمر أغرب أنهم يتكلمون اليابانية ويستخدمون الأرقام العشرية」
لم يفهموا هذه الجزئية، لكن هذه الأسئلة قد تنتظر.
من غير المرجح أن تعرف الإلفية هذه كل الإجابات.
بما أن هذا موضوع حساس، خفضت ميكوتو وشوكهو صوتيهما.
「(لكن إذا كانت الإلفية قد عاشت قرونًا عند المستوى 11، فكيف يكون من المنطقي أن تكون تلك المستعبِدة ذات العشرين عامًا عند المستوى 35؟ إذا كان اكتساب المستويات يعتمد على الخبرة، ألن تكون الأعراق طويلة العمر هي الأقوى؟)」
「(علّ عرقهم ليس مهتمًا بالارتقاء في المستوى؟ يبدو أن القدرة القتالية تُدار بنظام [الوظائف]، لذا ربما لا تكتسب الخبرة إلا إذا واصلت هزيمة الأعداء في [وظيفة] قتالية. وربما تبقين عند نفس المستوى للأبد إذا عشتِ بسلام تأكلين الفاكهة في الغابة)」
「إذن لن تصبحي خبيرة في أي شيء إذا أمضيتِ 100 عام تسترخين؟」
「بالضبط」
عاشوا لمئات السنين دون الشعور بحاجة القتال، أفلا يجعلهم هذا على ما يبدو عرقًا أكثر تقدمًا عقليًا من البشر؟
「أوه، صحيح」
عندما أدركت ذلك فجأة، انحنت ميكوتو إلى مستوى عيني الإلفية الصغيرة.
لطالما عطفت تجاه البنات ذوات الصدر الأصغر من صدرها.
「لم نقدم أنفسنا بعد، لا؟ أنا ميساكا ميكوتو، وتلكِ ناديها بالشحّومة」
「بل اسمي شوكهو ميساكي!!」 صاحت الملكة محتقنة لكن ميكوتو تجاهلتها تمامًا.
「ما اسمكِ؟」
「يكفي أن تناديني "بالعبدة". إذا قبضوا علي وأنا أستخدم اسمي، فسوف تعاقبني الدورية」
「لا عليك أخبرينا」
ميكوتو أدركت بعد قولها أنها كانت تضغط كثيرًا.
حديث الإلفية الصغيرة عن نفسها بعد القسوة وسوء المعاملة ذكّرتها بالأخوات المقتولات، مما جعل الغضب يرتفع إلى ظاهرها. رغم أن تخويف الفتاة لن يساعد في شيء.
ومن ناحية، فعل ما يُعتبر "طبيعيًا" في هذا العالم كان كأن تقبل بوجود تجارة العبيد. عدم الضغط بما يكفي لكسر تلك القيود لن يكون في صالح الفتاة أيضًا.
في النهاية، أجابت الإلفية مترددة.
「ب-بَــــتِشْيِيت」
「أهلا بتشْيِيت. ...لكن لماذا؟」
「؟」
الإلفية الصغيرة بتشۡيِيت ميّلت رأسها محتارة.
بدا هذا الاسم قريبًا جدًا من الكلمة الفرنسية pâtissier أيۡ الحَلَواني. فكّرت ميكوتو أنه ربما يحمل معنًى خاصًا في لغة الإلف، لكن ذلك أيضًا ليس بمنطقي بما أنهم يفهمون بعضهم.
وضعت شوكهو يدها على خدها وتدخلت.
「رأيتُ أسماءً مشابهة في ذلك اللوح. مثل سلسلة جبال براند وقارة سُنودوم، وكلاهما بالإنجليزية كُتِبا. ناهيك عن أن هذا العالم يُسمى سِلِساكفير، وكأن أحدًا جَمَعَ الكلمات الإنجليزية 'celestial' و'aqua' و'sphere' في كلمةٍ واحدة. لا أقصد عيبا عليكم يا أهل هذا العالم، لكن يبدو أن الاسم كسول الصنع」
「تقصدين أن الأسماء أُخِذَت عشوائيًا من لغات الأرض؟」
「لكن كيف حدثت؟」
ربما هناك وسيلة لنقل المعلومات أو المواد بين العالمين، مثل العرافة أو الاستدعاء. وعلَّ ذلك يكون تلميحًا قيمًا لمساعدتهم في العودة إلى الأرض.
(وكذلك سَليناجَرَنتينا... تلك الإلهة كأنها الكيان الوحيد الذي لا ينطبق عليه هذا القانون)
هل كان ذلك لأنها لم تكن من هذا العالم بل كيانًا أعلى مستوى [خارج] جميع العوالم؟
بعيدًا عن هذا، هناك بعض الأشياء التي سيحتاجونها إذا كانوا سيسافرون عبر هذا العالم.
حاليا، المال وبعض الضروريات اليومية ستكون بداية جيدة.
「لطالما أردت تجربة أن أكون من قطاع الطرق. يعني، أعيش في الهواء الطلق وأجمع مجموعة من الأصحاب يساعدون. بما أننا في عالم آخر، أفضل الذهاب في مغامرة بدل البقاء في مدينة واحدة」
「وكنت أحسب أنك تفضلين أن تكوني لصةً شبحة تتسلل في المدينة ليلاً」 ردت #5 بينما تساعد في تفتيش أمتعة تاجرة غير البشر.
جمعت ميكوتو جميع الأمتعة التي نشرتها الإلفية على الأرض ورتبت أفكارها حول ما تريد أن تسأل عنه.
وفي جعبتها الكثير لتسأله طالما تستطيع.
「ما هو السحر؟ وكيف تختلف عن قوى الإسبر في مدينة الأكاديمية؟」
كان هذا سؤالها الأول.
بدت أهميته مثل أهمية أن يتعلم زائر للأرض عن البترول والبارود والكهرباء. فتلك التكنولوجيا الأساسية لأسلحة هذا العالم. سواءٌ تستطيع استخدامها أم لا، كانت تعلم أنه سيكون من الخطر أن تظل جاهلة بها.
「همم.....لا أعرف ما هو الإسبر」 بدت الإلفية مشوشة. 「لكن السحر هو......إيه، إنه السحر، لذا، أه...」
هل كانت هذه معرفة مُسَلّمة لدرجة أنها استصعبت شرحها؟ لأهل هذا العالم، ربما كانت واقعا كجدول الضرب، لكن كل الحديث عن السحر لم يعني شيئًا لميكوتو وشوكهو.
「لنبدأ من البداية، السحر له أربع عناصر سحرية: نارٌ وماءٌ ورياحٌ وأرض، والأفعال الجسدية كذلك لها أربع عناصر: قَطۡعٌ وطَعۡنٌ وتأثيرٌ وتضييق. أحيانًا يُعرف التضييق أيضًا بالسحق. السيوف والفؤوس وحتى القذائف جميعها تخضع لهذه العناصر. فمثلا، رمي حجر كبير يرجع إلى [عنصر التأثير]، ورمي سهم يرجع إلى [عنصر الطعن]. والآن ’السحر الهجومي‘ عادة ما ينشأ بدمج العناصر السحرية والجسدية. سحر الانفجار هو [نارٌ] و [تأثير]. سحر السياط هو [تأثيرٌ] و [تضييق]. كما ترين، بعض ’السحر الهجومي‘ هو مزيج من عناصر جسدية، لذا احذري من ذلك. العناصر التي تأتي أولاً في [القائمة] تكون قوية ضد العنصر الذي يليه في القائمة، ويكون الأخير قويًا ضد الأول، باستثناء العناصر السحرية التي تأتي هكذا: نار، رياح، ماء، أرض، على أنها عادةً ما تُدرج: نار، ماء، رياح، أرض، لذا لا تدعي هذا يربكك. أيضًا، هناك سحر ’الدروع‘ و ’الدفاع‘ المتخصص لعنصر معين، والذي يمكن أن يضعف أو حتى يلغي سحر الهجوم لدى العدو. إضافةً إلى ’سحر الهجوم‘، هناك ’سحر الشفاء‘ و ’السحر العالي‘. السحر العالي يزيد من قوة سحر آخر. ويُمَيَّز بحرف S أو U أو L في أوله وهي اختصارات لـ Super، Ultra، Legendary على التوالي. بعض السحر له إصدارات أخرى مثل SS أو بإصدار أضعف مقصود يُمَيَّز بالحرف C دلالةً على Common. هناك أيضًا ’سحر الانتشار‘ لتغطية مساحة واسعة أو ’سحر التسريع‘ لتهجمي مرتين، ولكن تلك فقط تستخدم من قبل الخبراء. ومع سحرٍ يُسمى "S آيس"، فإن حرف S يُختصر Super، وليس Spread (انتشار)، لذا لا تخلطي بينهما」
「آسفة، لكن سيكون مفيدًا حقًا إذا أريتنا عرضًا توضيحيًا」
لم تعرف ميكوتو كيف ترد عندما تتلقى إجابة أطول مما توقعت.
بسطت بتشۡيِيت أصابعها ورفعت كفّها الناعم فوق رأسها.
「فمثلا، مم، إذا فعلت هذا.....بلايز!」
كان الصوت مرتفعًا جدًا بالنسبة لحركة لطيفة كهذه.
كانت شوكهو مصدومة لدرجة أنها سقطت على أردافها (وساقاها مفروشتان بظرافةٍ تحتها) ولم يبدو أنها تستطيع النهوض. انطلقت كرة نارية بعرض عدة أمتار من راحة يد الإلفية الصغيرة فانفجرت في السماء. إذا اصطدمت بها سيارة خفيفة من الجنب، لربما تتدحرج بعيدًا.
(هوه حسن)
كان هذا هو رأي ميكوتو الصادق.
كان الشكل الأصلي، وبالتالي الأضعف، من ’سحر بلايز‘ بهذه القوة. بصراحة، بدا قويًا مثل صاروخ مضاد للدبابات يُطلق من على الكتف.
فماذا سيحدث لو أضيفت عليه سوبر أو ألترا؟
إذا أمكن لأي أحد استخدام هذا السحر بالدراسة أو التدريب الكافي، فإن هذا السحر على الأقل يبدو أفتك بكثير من قوى أسابر المدينة الأكاديمية. ...ولكن ماذا عن أقوى سحرٍ ممكن؟
「أساس السحر هو التلاوة」 قالت الإلفية. 「هناك أيضًا دوائر سحرية وعصي، لكنها ببساطة استبدلت التلاوة بصورة أو جسم ثلاثي الأبعاد. يشبه ذلك كتابة أغنية أو قطعة موسيقية على شكل نوتة موسيقية. كل عنصر يبدأ بتلاوة وقد تُجرىٰ تعديلات لا حصر لها بناءً على ذلك. هذا عموم الفكرة」
「همم. عناصر، ها؟ يبدو أن الناس ليسوا مقيدين بنوع واحد من السحر」
「أيضًا، السحر يُنفذ مهامه الخارقة باستهلاك الـSP في الجسد. لذلك، لكل فردٍ حدٌّ مُعَيّن، ولكن إذا لم تتطوري وتتعلمي سحرًا جديدًا، فإن كل ما يبقى عندك هو SP بلا استفادة منها」
「ما هو SP؟」
「موارد القوة الروحية، أو SP اختصارًا」
هذا أوضح معنى الاختصار، لكن لا يزال الأمر لغزا لماذا يستخدم هذا العالم اللغة اليابانية والإنجليزية كما لو كان أمرًا طبيعيًا. أويتشارك العالمان نفس اللسان، أم أن ميكوتو تحادثها باليابانية وتسمعها الإلفية بلغة هذا العالم؟ الكثير من القضايا أجلت ميكوتو التفكير فيها لما بعد.
「SP بحد ذاته ليس قوة نادرة. يتعافى فيكِ تمامًا بعد نوم ليلة واحدة دون الحاجة إلى أي نوع من الجرعات الخاصة」
「مم」
(الأشكال الأساسية للسحر الهجومي هي النار والماء والرياح والأرض مع القطۡع والطعۡن والتأثير والتضييق. ولكن يمكن أيضًا أن تكون S أو U أو L لـ Super و Ultra و Legendary.)
ما بدا أيٌّ منها حقيقي، لكن ميكوتو وجهت كفّها إلى الجانب.
وبقي رأسها مائلا...
「إس ويند!!」
「بوااااه!؟」
انبثقت كتلة من الهواء المضغوط بحجم كرة هدم مباشرة وتفادت بالكاد ضرب شوكهو فقلَّبها وطيّرها بعيدًا ورفع تنورتها القصيرة ليكشف عن سروالها الشفاف البالغ. كمظلة وسط العاصفة بدت تنورتها.
(ول! جربتها ونجحت)
ومثلها مثل غيرها تفاجئت ميكوتو.
لم تتدرب أي تدريب إطلاقا. لكن هذا العالم يبدو حقًا أنه يعمل بقوانين غير مألوفة.
...كما بدا أيضًا أنه خطير. كل ما عليك أن تردد كلمات إنجليزية [بلايز] أو [ويند]، والتي تبدو وكأنها قد تظهر في محادثات يومية أو حتى في حديث النوم. وما كان واضحا لماذا أنه بإضافة "سوبر" تزيد القوة. فذلك وحده يكفي لقتل إنسان. بدل أن يبدو مريحًا، أشعرها بالقلق أكثر، كأن تُعطى مسدسًا بدون أمان.
([بلايز] و[ويند] ليسا كلمات إنجليزية نستخدمها طوال الوقت، لكن [آيس] و[واتر] شائعةٌ جدا. تبدو خطيرةً جدًا في نظري!)
طلب الماء قد يقتل الناس في هذا العالم.
لكن ألم تقل الإلفية لتوها "إس آيس" أو "يو آيس" أثناء شرحها دون أن يحدث شيء؟ فهل هناك محفزٌ معين كقول "مرحبًا يا سيري" أو "طيب يا غابة"؟ أم هل كانت بتشۡيِيت لا تستطيع استخدام تلك لأنها كانت فقط في المستوى 11؟ مزيدٌ من الألغاز.
مجددًا جلست شوكهو باكية.
كانت خجلة محمرة وهي تشتكي.
「ما تحسبين أنكِ فاعلة، يا همجيـ-」
「و-ول، روعة!!」
مالت الإلفية للأمام بعينيها المتألقتين ومقاطعةً شكوى أحدٍ ما. لم يكن من المعتاد أن ترى شوكهو جالسة تعض منديلها لعجزها عن مهاجمة أحدٍ.
「لا أصدق أنكِ اتقنتِ الرابط بين التلاوة السحرية والظاهرة الخارقة بسرعة كبيرة! يا آنسة ميساكا، هل أنتِ تجسيد تحمل روح ساحرة المكتبة العظمى!؟」
「هل كل الناس في هذا العالم كالبهائم أغبياء؟」 تساءلت ميكوتو محبطة.
وميّلت بتشۡيِيت رأسها.
「همم، لكن هذا غريب. النساء المحاربين يجب أن يكن مقاتلات معضّلات يحملن سيوفًا ثقيلة. ذلك عملٌ بدني ما به أي سحر」
「لا زلتِ تناديني بذا؟! وين محل تغير الوظائف!؟」
「؟」
「اهف. عندما أرى ساكنا محليًا مشوشًا من المفهوم، أشعر أنه لا يوجد طريقة لتغيير أو تبديل الوظائف هنا!!!」
لكن أيعني أنها ستظل عالقة بوظيفتها منذ الولادة؟ علّها ترسل شكوى واحتجاج إلى إلهة التناسخ سليناجرنتينا التي نظمت الأمور هنا.
(لكنها قالت إنَّ تغيير الأشياء لإعطائنا مَعَلّماتٍ أو مهارات قوية للغاية ستكسر التوازن. تمزحين؟ أيعني ذلك أنه جزء لا يتجزأ من روحي أنني امرأةٌ محاربة هبلة لا يمكنها استخدام أي نوع من السحر؟)
ذلك اكتشاف محبط.
لكن السحر...
من الأفضل أن تتجنب استخدامه.
كان سهلا، لكنها تخشى أن تُفعل ’سحر الهجوم‘ بالخطأ أثناء الحديث. واستخدامها السحر وهي [امرأة محاربة] كان في الأساس خللًا في النظام منذ البداية.
إضافة إلى ذلك، قد استخدمت بعض طاقتها الـSP (أياً كانت)، ولكن لم تشعر بأي فرق. لم تشعر بالجوع أو النعاس ولم تحس بأي شيء يُمتَص منها. بدل أن تفرح أنها لم تتسبب في أي ألم؛ أقلقها، كحركة مزعجة لعضوٍ صامت. لم ترغب في اكتشاف أنها دمرت عن غير قصد خلايا دماغها أو حظها.
كذلك شيءٌ آخر لفت انتباهها.
(مم، قالت إن العناصر السحرية هي النار والماء والرياح والأرض، والعناصر الجسدية هي القطع والطعن والتأثير والتضييق، إذن...)
「مهلا، ألا يوجد سحرٌ للبرق؟」
أرسلت شرارة كهربائية من غرتها واتسعت عينا الإلفية.
على ما يبدو، كانت هذه ظاهرة غير عادية حتى في هذا العالم السحري.
مما يعني...
(قالت إن السحر يُقوّىٰ أو يُبطَل باستخدام دفاعات عنصرية، ولكن إن لم يكن هناك عنصر للبرق، فهل ترجع هجماتي إلى عنصر متفوق؟ أي أنه لا دفاعات سحرية أو جسدية عليها؟ ولا حتى واحد؟)
تبسمت بينما بدأ الفهم يتضح.
آه، إذن هذا العالم يبدو وكأنه مصمم خصيصًا لميساكا ميكوتو.
- الجزء 8
「ما نفعل الآن؟」
「العودة إلى مدينة الأكاديمية المزيفة غالبا لن تساعد」
إذن، كذلك شوكهو رأت أن هذه فكرة خاطئة.
قد غفلوا عنها من وقت لآخر، لكن ميكوتو وشوكهو تخضعان لتجربة خروج الجسد وكانتا موجودتين جزئياً فقط في هذا العالم (من المحتمل أن يكون ذلك بسبب خطأ من تلك الإلهة الغبية). وغالب الظن أن أجسامهما الحقيقية قد نُقلت إلى مستشفى على كوكب الأرض. البقاء هنا طويلا لخطرٌ، لذا عليهما العودة في أقرب وقت ممكن... لكنهما تشعران أن السر وراء ذلك لن يُعثر عليه في المدينة الأكاديمية المزيفة.
وإن مركز سِلِساكفير يقع خارج المدينة.
أو هكذا بدا.
(إذا عُرّفَ كل شيء غير عادي في هذا العالم بالسحر، فلابد أن نبحث عن العالم خارج المدينة. وإن وجدنا نوعًا من التكنولوجيا الغريبة التي قد تُسمى "سحر العودة"، فأنا لا أحسبها تكون مخفية داخل تلك المدينة العلمية)
「طيب」
بعد أن حُسم الأمر، طلبت ميكوتو من شوكهو وبتشييت أن يتمسكا بها.
قفزت قفزة مغناطيسية من صخرة عائمة إلى أخرى. أخذت مسارًا مائلًا للأعلى بدا وكأنه سيأخذها أعلى الصخرة المستهدفة ثم غيرت قوتها المغناطيسية لتهبط عليها. كان المسار يشبه كثيرا ضرب كرة غولف لتصل بشكل مثالي إلى قمة التل.
「روعة. يمكنك السفر دون سفينة هوائية أو دراجة مجنحة أو تنين」
「كياااا! غياااااااااا؟!」
「ماذا، أليس عندكم سحر رياح تطيرون به؟」
「لا، الحياة ما هي بالسهلة」
「انتظري، ميساكا-سان! ابطئي- إييييييئيييئيييئيييك!؟」
「لا شك أن السفر مكلفٌ هنا. ...وأنتِ لا تخرسين يا ملكة الشحوم؟」
قفزت ميكوتو بسهولة 10 أمتار في الهواء، وهو ما يعادل تقريبًا ثلاثة طوابق. اتسعت عيون الإلفية اندهاشا من السرعة والمسار غير المألوف، بينما شحبت شوكهو رعبا وتمسكت بها بشدة. أكانت تخاف من الارتفاعات، أم أنها لم تثق في قوة ميكوتو؟ ولمّا تمسكها بهذه الشدة، كان كاعبها الكريه مزعجا مشتتا.
「فهل عادةً تحتاجين إلى المال أو الطعام لتغطي احتياجاتك؟」
「يمكنك إما العمل في وظائف النقابة أو تجمعي النباتات وتستخرجي المعادن من الجبال」
「آه، إذن هناك نقابات؟ على أي حال، يبدو أن المرء سيعلق على إحدى تلك الأراضي العائمة ما لم يعمل. يا لحظي أنني متحكمة كهرباء. أسافر مجانًا وأعبر أي حدود أريد دون إذن. يبدو أن هذا العالم قد صُمم من أجلي」
「أنتِ رائعة آنسة ميساكا」
ابتسمت الإلفية ببراءة لم تلاحظ شوكهو التي كادت تغشى من الخوف.
「هيه،」 بدأت ميكوتو عفويا.
سحبت بحذر خيطًا هشًا في بحثها عن معلومات ثابتة.
「إذا كانت كل غريبة في هذا العالم سحرًا، فهل هناك نظام سحري أو تكنولوجيا تُعيدنا إلى الأرض؟ مثل سحر ضخم ثمين لا يعرف الناس العاديون كيف يستخدمونه؟」
「همم. هل تبحثين عن سحرٍ خاص؟」
لم تحمل هدفا محددا في ذهنها، لكن ميكوتو أرادت أن تأخذ استراحة بعد أن وصلت إلى ما بدا وكأنه أرض صلبة(؟) بدلاً من مجرد صخرة. أرادت الوصول إلى "قارة" طائرة بها استقرار وخضرة. عن أرضٍ بها ماء وطعام وحضارة، وحيث تأمن ألا تتحطم الأرض مع كل خطوة.
أخذن أمتعة التاجرة المستعبِدة و"بضائعها". قد تلاحقهم في أي وقت، لذا لم ترغب ميكوتو في النزول قرب موقع التحطم.
「آه بالمناسبة، سمعتُ عن مثل هذا. عن أسطورة قديمة، عن إذا هزمتِ ثلاثة شياطين حكام للأرض والبحر والسماء وحصلتِ على كنوزهم، فيفترض أن يفتح ذلك بوابة بين العوالم」
「بوابة، تقولين؟」 سألت ميكوتو بينما أخذهم المسار الطويل المقوس إلى حافة قارة طائرة نسبيا كبيرة.
نعم، قارة.
استمر السهل الأخضر إلى أبعد ما تراه العين – حتى الأفق. ذكّر المنظر ميكوتو بإعلانات الحليب والزبدة، أو بمزرعة أمريكية ضخمة. علّ الحيوانات قد هربت إلى البرية. وقد رأت قطيعًا من الكائنات البيضاء تشبه الأغنام أو الماعز في البعيد. مع وجود هذه الكمية من النباتات، لا بد أن هناك الكثير من المياه العذبة أيضًا. حقيقة أنهم رأوا الأفق تشير إلى أن هذه القطعة من الأرض تمتد لأكثر من 5 كم على الأقل. لا، هذا الرقم يعتمد على كوكب بحجم الأرض، لذا قد لا ينطبق هنا. على أي حال، كان المكان كبيرًا. رأت ميكوتو طبقة أخرى عالية من الأراضي الطائرة، لكنها لم ترَ ضرورة للقفز بذاك الارتفاع.
حاليا أرادت رؤية الحضارة المحلية.
بمعنى آخر، إلى أقرب مدينة أو قرية.
أطلقت شوكهو وبتشييت يديهما من على وركي ميكوتو.
「لكن ما في هذا الصندوق الثقيل؟ تلك التاجرة حملت الكثير من بدل الملابس!!」 متذمرةً شوكهو.
「كُفّي عنك الشكوى بعد أن سرقته. أليس أفضل لك أن تملكِ ملابس كثيرة بدل أن تقعدي على هذا اللباس؟ قد لا تأتي بمقاسنا، ولكن لا بأس سنصلحها بأن نزيل الغرز ونعدل عليها قليلا」
「.......」
「وإني حقًا لا أتمنى أن أخوض رحلة مليئة بالعرق دون تغيير في ملابسي الداخلية」
「ميساكا-سان، مثل هذا الكلام ما يجب أن تقوله فتاة」
على أي حال، عليهم الاستمرار سيرًا.
في عالم غريب جديد، لم يعرفن ما هي المشاكل التي قد يواجهنها. كانت ميكوتو تريد الحفاظ على ما يكفي من القوة لتتمكن من القفز المغناطيسي في أي وقت.
وضعت الجنية يدها على جبهتها تظلل عينيها بينما تحدق في الأفق وقالت.
「خمس قارات.
「أربع ممالك.
「ثلاث شياطين.
「إلهتين.
「بوابة.
「البوابة التي ذكرتُها جاءت من هذا القول. إنها قصيدة مسافرين وُجدت على الألواح القديمة، لكنني أعتقد [1] أن القصة تقول أنه بهزيمة الشياطين الثلاثة والحصول على الكنوز الثلاثة، تُتِمُّ طقوس سحرية لفتح البوابة الخاصة」
لابد أن هذه الإلفية أكبر بكثير مما تبدو، فكم كان عمر الذي تسميه "قديمًا"؟
لكن على الأقل لديهم مصدر للمعلومات. ويستطيعون أيضًا استخدام منتل آوت شوكهو لقراءة ذكريات الناس أو بقايا الأفكار على الألواح وما شابه، لكن لا ضمان أن #5 المخادعة ستعطيك كل المعلومات التي تلقتها. أرادت ميكوتو تجنب أن تغامر وتحل الألغاز مع أدلة زائفة مختلطة.
「(ترى أدري ما تفكرين فيه)」
「(لا؟ غريب، حسبت أن المنتل آوت لا تعمل علي)」
تبادلت بنتا توكيوَداي النظرات الحادة (بينما تتأكدان أن بتشۡيِيت ذات الابتسامة البريئة لم تلاحظ).
إذا ابتغيا معرفة المزيد عن هذا العالم، فأجدر لهما أن تسألا سكانه.
「إذن، مهمتنا الأولى هي محاربة الشياطين الثلاثة. هيه، بتشييت، أين نلقاهم؟」
「؟」
لسبب ما، ميلت رأسها على السؤال.
بظرافة.
ولكن مقلق أيضًا.
「ا-امم. هل تعرفين على الأقل أسماء الشياطين؟ أو كيف يبدون؟」
「لا. فَهُم من أسطورة قديمة」
هذه مشكلة.
استنادًا إلى المعلومات الجديدة التي كشفتها، كان هذا العالم الخيالي كبيرًا بما يكفي ليحتوي على خمس قارات طائرة. كان من غير الواضح مدى ضخامة تلك الأراضي حتى تستحق هذا التصنيف في هذا العالم، ولكن كم من الوقت سيستغرق، مثلا، السفر عبر طريق الحرير لعبور القارة الأوراسية في كوكب الأرض سيراً؟ وهذه الشياطين على الأرجح لم تكن بشرًا. أكانوا أشباه بشر، أم وحوشًا عملاقة؟ من الممكن أيضًا أن تكون قرعًا أو حشرات بحجم حبة الأرز ناطقة لكن تظل صامتة غالب الوقت. هناك العديد من الاحتمالات لتبحث بحثا شاملا. حتى مئة سنة لن تكفيك لو كانوا محارات عملاقة تعيش في قاع البحر أو عوالق مجهرية.
مما يعني......
「أول شيء نحتاجه هو معلومات أفضل. على الأقل أريد أسماءً وصوراً عما نبحث عنه」
「التكتيك المعتاد في عالم آخر هو أن تسألي الناس، لكننا نتحدث عن قدرة أسطورية حتى الإلفيى التي قد عاشت قرونًا بالكاد تتذكرها. أشك في أن أحد القرويين العاديين سيعرف」
فهل يضطرون من بعد ذلك للبحث عن الألواح القديمة أو كتب السحر أو وسائل تخزين قديمة أخرى؟
بدا أن الطريقة الوحيدة لجمع المعلومات ستكون بجعل #5 تعمل كبغل ري.
قررت ميكوتو أن تترك كل العمل للملكة (مع علمٍ أن تلك المتآمرة المكّارة أحبّت الكذب أكثر من أي شيء آخر).
「إذا أردتِ أن تعرفي أكثر مما أعرف، أرى أن الأقدم سيكون أفضل بداية لكِ. علّها تعرف مكان ألواح عتيقة وكتب سحر」
「أقدم؟ تقصدين الإلف الكبيرة؟」
「نعم،」 قالت بتشييت. ربما لم تدرك الإلفية الصغيرة حجم ما قالته في اللحظة التالية. 「لكن اسرعي لأن إشغال العبد حتى يموت بكيرة شاع بين الناس. قد أُسِرت معي وفصلونا وقت التصفية، لكن بما أننا اشتُرِينا ووُضعنا للعمل في نفس الوقت تقريبًا، فأتوقع أن وقتها يكاد ينقضي قريبا」
يا له من عالم فظيع.
يبدو أن الإلفية الكبيرة قد بيعت إلى قرية قريبة من هنا.
أرادت ميكوتو معلومات حول طريقة العودة إلى البيت، وخاصة التفاصيل حول الشياطين الثلاثة وكنوزهم الثلاثة المستخدمة في طقوس ما، لكن أكثر من ذلك، كان حديث تجارة العبيد يحنقها.
بدت بتشييت محتارة، كأنها لا تفهم ما الذي أغضب ميكوتو.
「طيب......」
لا ضرر من زيارة.
- الجزء 9
كانوا متحمسين للبدء، لكن المسافة كانت أكبر بكثير مما يتوقعون.
مضوا يسيرون فلم يتغير المشهد البتة.
ربما كان هذا بسبب طبيعتها الإلفية المحبة للطبيعة أنّه وبينما كانت بتشييت تستخدم الطريق المبلط دليلا، كانت تصر على السير بجانبه. اعتادت ميكوتو السير على الإسفلت لذا كان اللون الساطع للطريق الأحمر المبلط الممتد عبر الحقل الأخضر ملفتًا جدًا لدرجة أرهق عينيها من النظر المستمر، لكنها خمنت أن لونه جاء ليجعل الطريق أسهل في العثور عليه إذا ضل أحدٌ الطريق. نعم، كان هذا عالمًا مليئًا بالطبيعة حيث قد تعني خطوة قصيرة الموت.
وكانت بتشييت معتادة على المشي لذا ظلت على الدوام متقدمة بخطوة أمام الأخرتين.
「عليكِ بالحذر في مشيك على الأراضي العائمة،」 قالت الإلفية. 「خصوصًا وإن كنتِ متعبة」
「مم؟ لكننا في وسط حقل ضخم فارغ. ولا أرى دببة شرسة تتجول حولنا」
بدا أن هذا العالم خطير بما أن هناك شفرات فراغية تُسمى [سيوف القارات] قد تظهر في أي لحظة، لكن ميكوتو استشعرت التغيرات الجوية براداراتها الميكرويفية. فلن تُقتل من شفرات فراغية سميكة تطير من مكان لا يُرىٰ.
لكن.....
「في العشب الأطول، قد يصعب علينا ملاحظة حفرة في الأرض. وإذا سقطتِ، ربما يكون مآلك المحيط أسفلنا. وعلى هذا الإرتفاع، فإن السقوط في الماء يقتلك」
「اغغ،」 تذمرت وتأوهت ميكوتو متأخرة في الإدراك.
إن كنت لتقع حتى موتك في حقل مستوٍ، فهذا يعني أن القواعد التي تعرفها من الأرض لا تنطبق هنا. وهناك خطر السقوط من هذه الأراضي العائمة بغض النظر عن مدى حجمها واستقرارها. إذا كانت الأرض العائمة على شكل دونات، فقد ينتهي حالك بالسقوط وأنت تسير نحو مركز الأرض.
بالطبع تقدر ميكوتو دائمًا على سحب نفسها مغناطيسيًا إلى الأرض العائمة، ولكن إذا ذعرت ففشلت في التفاعل في الوقت المناسب، فقد تصطدم بجدار الجرف فتكسر ذراعا أو ساق.
「تتغير التيارات الهوائية حول أي حفرة، لذا يمكنكِ استشعار الخطر إذا ركزتي على تنورتكِ. وإذا اندفعت الرياح فجأة من الأسفل، توقفي فورًا وراقبي مكان سيركِ」
هل كان هذا هو السبب وراء سير بتشييت في المقدمة؟ تنهدت ميكوتو، وأمسكت كتفي الإلفية التي قررت أن تخاطر بحياتها مختبرةً الأرض للأخرتين فجذبتها. كانت ميكوتو تركز على السماء وما حولها، لكنها قررت الآن أن ترسل رادارها نحو الأرض التي يحجبها العشب الطويل.
لم تتقصد بتشييت الإزعاج، لكن ميكوتو لم ترتح تمامًا في قبول طرق الإلفية وعونها. على كونها الضحية، كانت بتشييت معتادة على نظام العبيد لدرجة أنها لم تُقدّر حياتها بما فيه الكفاية. أرادت ميكوتو العودة إلى الأرض أسرع ما يمكن، ولكن ألا تُصحح أولا هذه العادة السيئة العنيدة فيها؟
(كيف تعامل ذلك الغبي مع الأخوات وقت التجربة؟)
「تدرين، من المدهش أن هذا العالم بأسره يستخدم لغة وعملة موحدة. يبدو المكان ريفيًا، لكنه قد يكون أكثر عولمة من عالمنا」
「يبدو أن لديهم كنائس تُزيل اللعنات أو تطبق سحرا مؤقتا مضادا للموتى الأحياء على الأسلحة. يبدو أن وجود أسطورة أو أيديولوجية واحدة للعالم كله شيءٌ مقلق في نظري،」 قالت شوكهو وإن كانت تعيش في مدينة علمية.
ولأنها إسبرة نفسية، علّ لديها أفكارٌ عن الأديان والتي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالأنفس. بالطبع، كانت مهتمة فقط بدراسة جوانب الهيبة وعلم نفس الجماعات.
「ميساكا-سان، أأنت من أولئك السذج الذين لا يؤمنون بإله ومع ذلك يحتفلون بالهالوين والكرسماس؟」
「لا تقنعيني أن كيّادة خدّاعة متطرفة مثلك تؤمن بإله. لو أردتِ، لغسلتِ أدمغة الجميع ليعتقدوا بكِ امرأةً مقدسة يتعبدونها」
「تحسبين أنني ولدتُ بقدرة مثل هذا الجمال المثالي صدفةً؟ هذا التوازن المعجز لا يحدث إلا إن جاءت كرامة إلهة الجمال أو النصر أو مثل هذا☆」
「أوه، أحد الآلهة العديدة في الشِنتو هو إله السمنة؟ كلُّ يومٍ نتعلم」
اتضح أن مفهوم العلم لم يكن موجودًا في عالم سِلِساكفير. للناس هنا، كان التعليم يعني اكتساب الخبرة في البيئة الطبيعية ودراسة نظام السحر.
「أليس مقلقا غياب العِلم؟ يبدو لي أن ذلك سيتركك بلا أساس لأفكارك أو منطقك」
「نن؟ لدينا الإلهتين لأجل هذا،」 ردت بتشييت مبتسمة.
ولم يكن الجواب منطقيًا لميكوتو، لكن هل كان ذلك لأنّها تعيش في مدينة علمية؟
ولكن لننسى هذا...
مهما مشوا من مسافة، لم يتغير الأفق الأخضر أبدًا والطريق المبلط الذي لا يحتوي على أي مصابيح شوارع كان الشيء الصناعي الوحيد الذي يرونه. مع غياب التغيرات الظاهرة، شعرت ميكوتو وكأنهم يمشون على حزام ناقل عملاق.
كانت الصخرة بحجم الفصل حيث قاتلوا فيها ضد التاجرة ربما خلقت تصورًا خاطئًا لميكوتو إذ أنها قد افترضت أن الأرض الطافية التالية ستكون أيضًا صغيرة مثلها.
لكن هذه الأرض الطافية التالية علّها كانت أكبر من الأرخبيل الياباني.
كانوا في طريقهم إلى قرية قريبة، لكن هناك أماكن مثل أمريكا وأستراليا حيث يمكن أن تعني "قريبة" مسافة تصل إلى 50 كم. أولم تتذكر ميكوتو إعلانًا للحليب عندما رأت هذا الحقل الشاسع؟
كانت بتشۡيِيت من هذا العالم، لكنها استسلمت أولا.
「قد لا نصل اليوم. فلنخطط لأن نقيم مخيمًا تحسبا」
「ماذا؟ نخيم في الليل؟ ممتع!!」
「ليس في حياتي! أقسم لن أنام على الأرض المليئة بالحشرات! ألا نجد في هذا العالم فنادق. لا أنام دون دش نظيف وسرير!!」
كانت الآراء بين #3 و #5 متباينة.
بالطبع، كان من النادر أن يتفق هاتان على أي شيء.
「آه... آهـ ههه. لأني عبدة، لم أقم أبدًا في فندق، لكنني سمعت أن الفنادق للمغامرين مليئة بالقراد والبراغيث لدرجة صعب النوم فيها」
انحنت شوكهو في مكانها وضغطت يديها على وجهها فبدأت تبكي.
هل كانت هذه الإلفية (التي يبدو أنها) صغيرة الآن أكثر نضجًا منها؟ وهل كانت حقًا في الإعدادية؟
إن كان هذا المكان مستوحى من أوروبا العصور الوسطى، فستكون هناك بنية تحتية قليلة للتخلص من النفايات وكان الناس عمومًا يلقون قذارتهم في أي مكان. ولربما يمشون في غرف الضيوف في الفنادق بنفس الأحذية الموحلة التي يرتدونها في الخارج حتى. ولم تكن هناك طاردات للحشرات أو مبيدات كيميائية الصنع. ومع كل هؤلاء الذين يدخلون ويخرجون من الغرف، كانت لتكون من الأعاجيب البيولوجية لو لم نجد البطانيات والسجاد مليئة بالحشرات.
「الظلام يحل. ما إن نسمع الصرخات الحادة للهاربيات الطائرة، نعلم أن الليل قادمٌ قريب」
حالما ظهرت ألوان المساء البرتقالية، جاء الليل بسرعة.
بدأ الضوء يتلاشى. ولن يلبثوا حتى صاروا في ظلامٍ دامس دون أي أضواء شارع.
كان يومهم الأول من مغامرتهم في العالم الآخر يكاد ينتهي دون تحقيقٍ كثير.
「أوه، لا، لا، لا! لكن إعداد الخيمة تتطلب تحضيراتٍ كثيرة!!」
「تمزحين؟ أحقًا لن نصل إلى القرية؟ وسنضطر إلى قضاء الليل بطوله في هذا الحقل!؟」
لم يحمل ثنائي الحضارة البيتوتية أدنى فكرة ما تفعلان.
مع غروب الشمس، تذهب الرؤية. لولا الطوب الأحمر الساطع لضيّعوا الطريق المستقيم عبر الحقل العشبي بسرعة. ثم ربما خافوا وذعروا وركضوا في الاتجاه الخاطئ فيضيعوا.
「ال-الطريق؟ أين الطريق؟!」
ينبغي أن الطريق قد بُني على أقصر مسافة بين قريتين مع أخذ أكثر الأراضي قابلية للمشي في الاعتبار. وكان مصممًا للوصول إلى أي منطقة بالقرب من المياه أو أماكن النيران على الطريق.
استمروا يسيرون على طول الخط الأحمر حتى وصلوا إلى بحيرة كبيرة. لكن ليس عندهم خيمة ولا بطانيات. قبل أن يختفي ضوء الشمس تمامًا، فتحوا الصندوق الجلدي وبدأوا يبحثون عن أي شيء يستخدونه.
وجدوا الملابس والملابس ومستحضرات التجميل والملابس وعملات ذهبية ربما كانت عملات محلية.
「من جد؟」 تمتمت ميكوتو منبهرة.
كانت الفتاة الكهربائية قادرة على إشعال نار إذا لزم على الأقل.
「هل سنضطر لحرق أكوام الفساتين الرائعة هذه لمّا يبرد الجو؟ ألهذه الدرجة بتنا ونمسي همجًا؟」
شعرت ميكوتو وكأنها لص بنك بيده كمية هائلة من المال الورقي وهي ضائعة في جبل مغطى بالثلوج.
وبالمناسبة، لم يكن الصندوق يحتوي حتى على أي أطعمة محفوظة من هذا العالم مثل اللحوم المجففة أو زجاجات الخضروات المخللة.
أفلا تحضر على الأقل تلك التاجرة ذات الملبس الفاخر بعض التصبيرات؟!
「آغف، يا ليتني أخذت أكواب رامن أو قطع شوكلاتة بينما كنا في تلك المدينة الأكاديمية المزيفة!!」 تذمرت ميكوتو، لكن العودة الآن ستكون صعبة.
لأن السماء أظلمت ولأنهم لم يروا معالم يستدلون عليها. لم تكن مثل ليلة المدينة حيث تعمل المتاجر على مدار الساعة ومحلات الغيودون مضاءة وتجد معالم كبيرة في كل مكان. كانت هذه أرضًا عائمة. إذا حاولوا السعي في الظلام، قد يسقطون فجأة في حفرة فيهلكون.
مع فجوة تبلغ عدة أمتار، يمكن لميكوتو القفز مغناطيسيًا بين الأراضي العائمة. ومع رادارها الميكروويفي، تكتشف التضاريس حتى في الظلام. لكن قوتها تسمح لها فقط بسحب نفسها مغناطيسيًا، لا بالطيران. إذا أخطأت في تقدير القفزة وألقت بنفسها في الهواء الفارغ، فلن تتعافي وسوف تسقط. خطأ واحد قد يعني الهلاك.
(على الأقل معنا ماء. في أسوأ الأحوال، قد نبيت دون طعام الليلة. تحضير مكان للنوم أظنه يكون الأهم)
استدارت ميكوتو لتكتشف أن شوكهو اختفت.
「؟」
قررت ميكوتو أنها ستترك الفتاة تذهب إذا كانت فكرة التخييم قد أثرت فيها لدرجة أنها هربت بعيدًا، لكن يبدو أن هذا لم يكن الحال.
سمعت ميكوتو شيئًا من الماء.
أصواتٌ غريبة تصدر عن جسم الماء الكبير الذي يشبه البحيرة.
كانت الملكة #5 مصدر هذه الأصوات.
「أبغوااااخخه؟! نجدة، ميساكا-سان، ما يحدُ—؟!」
「ماذا تفعل آنسة خليعة كعوبة الآن؟ هل تُغرق نفسها لأنها تعبت من كل شيء؟」
「لا لا، بل أظن شيئا سحبها. ط-طالعي، أشياء لزجة كثيرة خرجت من الماء. أظنها مجسات الكراكن!!」
وبالفعل، كانت هناك أشياء لزجة أسمك من ذراع الإنسان تخرج من الماء. إحدى الجوانب مغطاة بمصاصات، تذكرنا بالأخطبوط أو الحبار. إذا لُفّت إحداها حولك، فصعب إزالتها. وتلك الفتاة اللارياضية قد تكون أقوى إسبرة نفسية، لكنها تعجز أمام الهجمات الجسدية.
كانوا سِلفات نائمات؟ أوندينات؟ [2] إيه، رأت هناك فتيات شفافات نصف عاريات يفرن إلى اليابسة حتى لا يقبض عليهن كما تلك الحمقاء.
「مم」
تلخيصًا، الفتاة المثيرة قد أُمسكت بمجسٍ ضخمٍ يسحبها إلى الماء.
بالتوفيق، شوكهو ميساكي.
كما ترى في كل الرُبيانات والسلطعون والحياة البحرية الأخرى التي وجدت على جثث غارقة غسلتها الأمواج على الشاطئ، فإن الكائن العملاق الحقيقي كان ليلتهم بلا هوادة هذه الكتلة العاجزة والضعيفة من اللحم. إذا لم ترغب في أن تصبح خرابا من الدماء واللحم الممزق، فعليها أن تعمل بجد هربا من ذلك المصير. تلميح: أن تُبتلع كاملة لأقل دموية☆
「آه لا. فلنجد طريقة ننقذ بها الآنسة شوكهو...」
「هيه، إلف-تشان؟ ألا ترينه أسرع أن نتخلى عن تلك الملكة الغبية ونذهب نصادق صديقًا جديدًا؟」
「وااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااهــــــــــــــــــــــــــــه!!!」
اقتراح ميكوتو المبتسم جعل بتشييت الحنونة يبكي.
ما مانعت ميكوتو ذرّةً أن تلقى شوكهو نهايةً مائية، لكنها لم ترغب في أن تُزعج الإلفية الصغيرة.
(لكن ما عساي أفعل؟)
إذا استخدمتۡ رمحًا كهربائيًا ضد كائن بحري عملاق، من المحتمل أن تصيب شوكهو أيضًا بالصدمة. وهي مبتلة بالماء، على الأرجح أن التيار الكهربائي عالي الجهد سيقتلها.
「مهلا، ما بي أخاف عليها؟ مضيعة للجهد. سيكون أسهل بكثير أن أفعل ما بوسعي، وإذا انتهى أمرها مقتولة، سأعتذر لــبَتِشۡيِيت لاحقًا」
「بليييعه، أسمَعُكِ! كح، كح!!」
لحظة بعدها، انقطع الطرف المغطي بالمصاصات الملتف حول جسد شوكهو قَطعةً حادة.
من سيف رمل حديدي.
فصلت ميكوتو كتلة من رمل الحديد المهتز وراحت تلوّحها كالسوط. أمكنها أن تقطع معظم الأشياء مثل المنشار.
والكراكن(؟) لديه أكثر من طرف.
تخبطت الأطراف من الألم في كل أنحاء البحيرة.
「ابتعدوا」
وقبل أن يفعلوا أي شيء، أرسلت ميكوتو رمل الحديد الأسود يضرب في كل صوب قاطعا كل الأطراف. وأخيراً الكائن البحري نفسه خرج من سطح البحيرة. لم تعرف ميكوتو حقًا أيَّ جزء رأسه وأيٌّ جسده.
إنما قطعته كُلَّهُ.
وفي ضربة قاضية، طيّرت ميكوتو عملةً بإبهامها ففَلَقت الكراكن إلى قطع بالريلغن.
انفجر سائل غريب لزج توهج بأصفرٍ مُخضَرٍّ فسفوري من الكائن.
(ما هذا، سم!؟)
「وه!؟」
تحركت ميكوتو على الفور لتمنع أي شيء يصل إلى بتشيِيت.
فسمعت بخاراً يتصاعد.
أو ربما أقرب لحمض.
نظرت لترى أن زي شوكهو الصيفي امتلئ بالثقوب الآن بعدما حُررت من الطرف المغطي بالمصاصات. لكن بدل أن تبدو كجلسة تصوير مثيرة، كان أشبه بأن ملابسها – وفقط ملابسها – من تذوب.
「أتجعلين كل شيء فيكِ يبدو مثيرا؟! عارية مع شنطة؟ جديدة ذي. ولن تغطي أي شيء بهذا وحده!」
「تقولين هذا يا ميساكا-سان، لكن الجزء الخلفي من زيكِ قد ذاب بالكامل! هذا نوع جديد من المرايل العُرية ها؟!」
فاتهم الأمر.
شعرت ميكوتو بشيء يتفكك ثم سقطت بقايا ملابسها بعيدًا دون أن يدعمها شيء. ومعها ملبسها الداخلي.
كان غريبًا كيف فعل ذلك دون أن يكون له أي تأثير على شعرهن أو بشرتهن.
「ما بال تلكِ المجسات البذيئة!؟」 صرخت ميكوتو، وقد احمرت بشدة.
على الأقل بتشييت لم تتأثر والفضل لحماية #3 لها.
وكان للإلفية المطّلعة شيئا لتقوله عن هذا.
「مم... قالت المستعبِدة إنها أرادت على الأقل خمس بِدَلٍ من الملابس فقط لتزور المدينة المجاورة. وأظنها ذكرت شيئا عن تمزق الملابس وذوبانها كثيرًا」
「ألهذا العالم الفاضح حقدٌ على ملابس البنات!؟」
وهل كان هذا أيضًا سببا في ردائة فستان الإلفية؟ في الصندوق ملابس كثيرة، علّنا ظلمنا تلك المرأة الشابة وأنها لم تكن مدللة.
لم تصدق الفتاتان الأرضيتان العاريتان أن زيّيهما وحتى جواربهما وملابسهما الداخلية قد ذابت.
وربما هذا هو طقسهما لدخول العالم الجديد.
- الجزء 10
بما أن زيّهما المدرسي اختفى، ما لهما غير الصندوق المسروق.
وبعد أن نظما نفسيهما بمياه البحيرة من السائل اللامع الأصفر المخضر، اقتربت ميكوتو وشوكهو العاريتان من الأمتعة المسروقة. وللتوضيح، كانتا في الخارج، في حقلٍ مفتوح في الليل.
إنما...
「نن؟ غريب. السحاب لا يفتح」
「مكسور؟ الأزرار مشدودة شدةٍ لا تفك」
「مم...」 أضافت بتشييت معتذرة.
وبدا عليها قولٌ أرادت مشاركته لهما.
「قد يكون هذا قفل توافق المعدات. أظنني ذكرتها من قبل، أنَّ الأسلحة والدروع التي ترتدونها تعتمد على [الوظيفة] و[المستوى]. لذلك، للآنسة ميساكا أن تستخدم معدات خاصة بالمحاربين فقط، بينما الآنسة شوكهو تستخدم معدات خاصة بالراقصات. هكذا تجري الأمور في سِلِساكفير」
「「......」」
عالقتين كانتا.
الملابس الوحيدة المتوافقة مع ميساكا ميكوتو كانت درع بيكيني أزرق لامع، والذي لن يوفر أي حماية حقيقية.
「هاه، هل أنا أتخيل؟ آآخ، آآخ، رآسي. لماذا أشعر وكأنني لبستُ مثل هذه منذ زمنٍ طويل؟」
الملابس الوحيدة المتوافقة مع شوكهو ميساكي كانت زي راقصة بلونين أسود وأصفر مع حزام خصر.
「ي-يا له من مهين... بطن مكشوف، بيكيني، وقطعة قماش على الفخذ؟ لماذا ألبستموني هذا الزي الشفاف المزخرف بالجواهر؟」
سمعتا تصفيق.
جاء من بتشييت الإلفية.
ردّة فعلها بريئةٌ تمامًا.
「روعة، تبدوان رائعتين!」
「「تكفين يكفي! لا تمدحي على هذا!!」」
صرخت ميكوتو وشوكهو معًا، لكن بَتِشۡيِيت إنما بدت مستغربة. على ما يبدو، كان حس الجمال في هذا العالم مختلفا تمامًا عن حس الأرض. فهل الكشف يعتبر موضةً هنا؟
أيضًا، رفضت بتشييت بنفسها لبس ملابس جديدة، على أن فستانها كان في حالة رديئة سيئة. في البداية، ظنت ميكوتو أن الإلفية مترددة دون سبب وجيه، لكنها رجعت عن هذا الظن.
「الأمر أن... الملابس البشرية لا تُريحني البتة. بل تحكني حتى」
「؟」
كان الزي محرجًا لدرجة تمنت ميكوتو الموت، لكنها ما كانت لتصفه بعدم الراحة. كانت الدروع (التي تغطي صدرها فقط) مبطنة بالحرير. لبسها لبس أغنياء. وفي الواقع، لم تكن على قياسها، ولكن دون الحاجة للخياطة، كان يتكيف سحريًا ليتناسب معها. لذا، علَّ الحكة شيءٌ لا يشعر به إلا الإلف.
اتضح أن تاجرة العبيد كانت تعتمد تقريبًا وكاملا على سحرها في القتال. السلاح الوحيد الذي عثروا عليه للدفاع عن النفس كان عصا خشبية طولها 60 سم من خشب الأرز. تمنت ميكوتو لو أن المرأة اختارت خشب السرو بدل خشب الأرز. ومجددا نقول، كانت داخل صندوقها المقفل، مما يعني أنها لم يكن بإمكانها سحبها فورًا إذا هاجمها قطاع الطرق، لذا يبدو أنها لم تكن تثق بها إطلاقا.
「احذري قرب الماء. فإذا سقطتم في نهر، إيه، جميع الأنهار تؤدي في النهاية إلى المحيط في الأسفل، لذا ستحملكم المياه إلى شلال في حافة الأرض الطافية」
「آعغ」
مزيدٌ من الموت.
لطالما حملت المياه خطر الغرق، لكنها أكثر فتكًا هنا من على الأرض.
「كذلك ترين بعض الناس يتدربون بالتأمل تحت شلال، لكنني سمعت عن أشياء تتدفق من النهر وتسقط عليهم فتنفلق رؤوسهم. ويبدو أن هذا شائع الحدوث. لذا، الكائنات المائية ليست الخطر الوحيد. فهمتِ؟」
كانوا يُعدّون الطعام ويستمعون إلى الإلفية.
ميكوتو، بدرع البيكيني، أمسكت بأحد الأطراف السميكة المقطوعة وسحبته إلى جانبهم.
「نطهو هذا ونصنع منه حبارا مشوي. إنه مصدر قيم للبروتين」
「تمزحين؟! تملئين بطنك بتلكِ الكائنات الفاضحة والسامة أم قدرة على تذويب الملابس!؟」
「ماذا، حسبتك تحبين المكونات الطبيعية الخالية من الكيمائيات الاصطناعية. ومثل الحيوانات البرية، علينا طهيها قبل الأكل. أعرف أنني أجرب طبخه. لكن إذا كنتِ تفضلين بعض الأعشاب لعشاءك، فتفضلي وساعدي」
ليس عندهم تعريفٌ دقيق للأعشاب البرية، لكنه يشير عمومًا إلى جميع النباتات سريعة الانتشار والتي لا تصلح طعامًا أو زينةً أو علفاً للبهائم.
وكان أفضلها شديدا على المعدة والأمعاء أن تمتصها، ولكن هناك أيضًا الكثير من النباتات السامة. وبوجود نباتات غير معروفة في عالمٍ آخر، صعب أكثر فأكثر التخمين فيها.
「أ-ألم نرى هناك قطيعا من الغنم أو التيوس؟」
「أعطيكِ صفراً في مهارات التخييم. سيستغرقنا الأمر أيامًا نقصبهم ونشق بطونهم ونزيل الدم منهم ونجففهم قبل أن يجهزوا للأكل. وحتى لو أعددنا اللحم صحيحًا، فإن لها نكهةً أقوى من البقر والخنزير ولا يحبها كثير من الناس، لذا محال أن نصيدهم ونطبخهم الليلة. لكنني لن أوقفك إن كنتِ تحسبين نفسكِ قادرة على تحمل الطعم الدموي ورائحة اللحم التي ستملأ فمكِ」
ثم أشارت بتشييت إلى مكان آخر.
المخلوق الذي هجع بمهارة على غصن شجرة سميك وله ساقان كان فتاة نصف عارية بجناحين ضخمين كالطيور. بل كانت أقرب لسِرينية [3] منها ملاك.
「أتأكلين ذلك؟」
「أوه، مم... نحن في الحقيقة نفخر نوعا ما كيف أننا نرسم حدودا بين لحوم نشتهيها ولحوم ننفر منها، لكنني أعلم أنني لن أقدر على تلك」
أرادت ميكوتو أن تركز على الحبار العملاق. لم تعرف ما مسبباته، ولكن سائل الحبار لم يؤثر على شعرها أو جلدها. من هذه الناحية، كان الحبار هو الطعام الوحيد هنا الذي أثبت أنه لا يضر الجسم البشري.
مع "فرقعة!" كهربائية، أشعلت ميكوتو كومة من العشب الجاف وبدأت تطهو الطرف العملاق فوق النار. هذا لن يطبخ الحبار كاملا، ولكن تناول قضمات من السطح سيكفي ليملء بطنها.
ولكن الإلفية بدأت تذعر.
أخذت تلوح بيدها الصغيرة محموما.
「ا-انتظري! أنا عبدة، فإذا علموا أنني تركتك تطبخين فلسوف يسحبون عني سِنّي بكماشة كبيرة!」
「لن نسمح لهم!! وآهخٍ من هالعالم البغيض!」
لكن إذا كانت هذه ردة فعلها من طهيهم الطعام لأنفسهم، فقد يُغشى عليها لو قدموا لها الطعام.
وقد فكرت ميكوتو بشيء فحولت تركيزها.
「هيه، يا ملكة كسولة. أعلم أنكِ أكثرنا إرهاقا، لذا كُلي شيئًا. أظن هذا هو أفضل جزء」
「آغ」
「سم الأفاعي والدبابير والعقارب كلها بروتينية، لذا فإن تسخينها يغير تركيبها فيزيل عنها كل ضرر. لذا يمكنكِ أكل بعض الأطعمة قبيحة المنظر ولن ينتهي بكِ المطاف في المستشفى، صح؟」
「إي، صح」
قضمت شوكهو أول قضمة.
ومضغت.
「همم. حسن. وتراها تذكرني كثيرًا بطعم الحبار المشوي العادي، لكن تحتاج توابل. فيها حلاوة، لكن غالبها ماصِخٌ وممل. بقليل من صوص الصويا والزبدة ستصير كما لو جاءت من أحد أكشاك المهرجانات」
「مم؟ كيف تعرفين مذاق الحبار المشوي في المهرجانات؟ ما أكلتِ قط طبق رامن طبيعي」
「تلك ذكرى صنعتها مع صبيٍّ مُعَيّن☆」
「......والآن، مضى وقت منذ أكلتها ولم تتقيئي أو تنهاري، أقول إنها ليست سامة. أنا سعيدة أنها لا تحتوي على سم قوي لا يذهب بالحرارة، مثل سم السمكة الملفوفة التي هي أقوى خمسين مرة من السمك المنتفخ أو قنديل البحر إيروكاندجي الذي هو أخطر مئة مرة من الكوبرا. طيب، بتشييت، شوكهو صَدّقت فكرتي الغبية واختبرته من أجلنا، ولذا الآن نعلم أن هذا الحبار العملاق آمن وسليم. خذي خذي قضمةً كبيرة من هذا الجانب الذي لم تلمسِه♪」
「هييييه!!」 صاحت #5 الدامعة، لكن خلاص.
كما تأكل ميكوتو هي الأخرى قضمة من نفس المجس.
كانت شوكهو على حق أنها تحتاج إلى التوابل. لم يكن مذاقه سيئًا بالمرة، لكنه كان تحديًا، كأن تمضغ علكة بلا طعم فتجبر نفسك على بلعها. لكن هذا لا يزال أفضل من أن يصيبك الجوع فتعجز عن النهوض.
「لذيذ وطيب. مضغ، مضغ. لم أتذوق مثل هذه اللذة قط」
كانت الإلفية مبتسمة بعرض. كطفلة تأكل كعكة عيد ميلادها.
لكن المجاملة لم تسر ميكوتو كثيرًا.
كانت بتشييت بريئة، لكنها قالت إن الطعام كان لذيذًا. والآن قلقت ميكوتو بشأن نوع الطعام الذي اضطُرت إلى أكله قبل إنقاذها.
والآن وهم يقضون الليلة معًا، كان حتمًا لهذا الموضوع أن يظهر.
「حدثيني عن... مدينة الأكاديمية، كان اسمها؟ أريد أن أعرف كل شيء عن موطنك」
「همم」
الكثير من القصص لتُسرد، لكن عالمهم لم يكن نعيما بالمرة. فهل ستستمتع الإلفية حقًا بأي من تلك القصص؟
بينما يتدفئن قرب النار وينظرن إلى زينة السماء، تمعنت ميكوتو في القمر وحوله النجوم.
بعض السماء خلت من النجوم، ربما من أرضٍ عائمة كبيرة مرت فوقهم. ومع ذلك رأوا نجوما كثيرة.
ثم أدركت شيئًا.
「الأبراج مختلفة كليا. حقا إن هذه ليست الأرض. بل عالم آخر تمامًا قد لا نجد فيه بوصلة الشمال」
「إني أخاف أكثر بشأن ما سنفعله الآن」 قالت شوكهو. 「ليس عندنا خيمة أو بطانيات」
「يبدو أن الليلة لن تكون باردة كما كنت أخشى، لذا لن تصيبك نزلة برد」 وأكملت بتشييت. 「أو تجمعين الملابس من الصندوق وتنامين عليها」
بَرد.
على أمل أن لا يكون ذلك يشير إلى مرض محلي خاص بهذا العالم. كانت فكرة أن يجلبوا مرضًا معديًا إلى هذا العالم غير مريحة للغاية.
وستكون ورطة فعلا إذا كان هذا عالمًا خياليًا مثاليًا حيث لا يصاب الناس بالتسوس حتى. لكن عليهم العودة في أقرب وقت ممكن. وإن لم يحدث ذلك من نفسه، فيجب عليهم التحرك. وسيضطرن إلى تجاهل بعض المخاطر حاليا.
وغير ذلك، ستكون أي مسببات للأمراض يحملونها خطرًا أكبر إذا ماتوا وتركوا جثثا هنا.
「يحكني...」 قال صوت قريب.
بينما كوّرت فستانًا لتجعله وسادة، اشتكت بتشييت لأول مرة بصراحة.
على طاري، ألم تقل أن ملابس البشر غير مريحة؟
- الجزء 11
استفاقت ميكوتو على صياح هبۡريّــةٍ [4] نصف عارية.
وفورا أحسّت برائحة دموية.
وجدت نفسها ملفوفة في فروٍ لم تعرفه. ووحش ضخم ميتٌ ومسلوخ كان على مقربة. كان الوحش ذي 10 أمتار يحمل مزيجاً من صفات الأسد والماعز والثعبان. 「هذا كيميرا」 قالت الإلفية وعيناها فتحت على أوسعها.
「ما حدث هنا؟」 تساءلت ميكوتو النعسة بدرع البيكيني.
على ما يبدو، اقترب الكيميرا (؟) منهما في الليل كما تفعل الكائنات الوحوش عادة، لكن ميكوتو شعرت بالبرد في نومها فأخذت سيفاً من الرمال الحديدية تسلخ الوحش الفروي ثم لفّت نفسها بالفرو.
لم يهم أنها لم تكن واعية.
الإلفية – والتي كانت أيضاً ملفوفة بالفرو لأن ميكوتو سحبتها كوسادة تبحث عنها – أبدت ملاحظة شبه مشوشة.
「ل-لو كانت شديدة النعس لدرجة لم تكن لتعرف أين ترمي، فهل يا ترى كان ممكنا أن تقطع أذني وتسلخني مكان الوحش؟」
بدت صاحيةً تماماً الآن، ربما كان الإلف ينامون قليلا بما أنهم يعيشون في الطبيعة. مثل العشبيات الصغيرة التي تحتاج إلى استيقاظٍ فوري حال قدوم خطرٍ. وميكوتو قد أمسكت بعنف بتشييت أثناء تقلبها في نومها.
「قومي، شوكهو. الإفطار. ولأوضح، لن أطبخ لكِ شيئاً، لذا جِدي طعامكِ بنفسك」
لا رد.
ظنت ميكوتو ربما كانت غريزة بقاء شوكهو ضعيفة جداً لدرجة أنها ما تزال نائمة، ولكن يبدو أن هذا لم يكن الحال.
كانت مفقودة.
(أين ذهبت؟)
『كياااااااااااااااااه!!』
لكن صوتها وصل من بعيد.
أحتى صرخات موتها تكون بذيئة؟ ألم تسمع التحذيرات عن مخاطر المياه؟
كانت شوكهو تحب البقاء نظيفة وبالتالي تحب الاستحمام، وها هي مرة أخرى تهاجمها المياه. وهذه المرة قد أزالت زيها الراقصة، تاركة نفسها عارية. وكانت هي والوحش يحدقان في بعض كقطط تهدد بعضها، لكن ذلك المشهد بدا سخيفاً وأحدهما لا يرتدي أي ملابس.
كان الوحش كرةً لزجة شفافة هلامية.
هل كان اللون الأصفر الفسفوري المخضر علامة على الفحش في سِلساكفير؟ بدلا من الوردي.
كان أكبر قليلاً من الكوتاتسو.
...وعلى أنه بدا هزلياً، إلا أنه ذكّر ميكوتو بكائن بدائي مثل الأميبا. وهذا يعني أن أيا كان من يُحتجز داخل الهلام الشفاف سيُهضم لحمه وعظمه، وهو أمر مخيف بعض الشيء.
「لماذا أنا وحدي من تقع في هذه المشاكل؟ هل قدرة الحظ في هذا العالم تحقد عليّ؟!」
(مم، ما أفعل؟ قد أنقذها، ولكن قد أتركها أيضا وأهرب)
「لا أحتاج المنتل آوت لأعرف ما تفكرين فيه، ميساكا-سان!」
「إيه، إذا أبقيتُها لتكون طُعما لكل الاعتداءات البذيئة في المستقبل، سأتجنب أنا وبتشييت كل الفخاخ الصعبة، لذا سأنقذها. وأجعلها قربانا حيا」
「هِااااااي!! أنتِ أيضاً في المدرسة الإعدادية، قد كبرتِ على هذه الحركات ولذا جاء وقتك لتتعلمي كيف تتبسمين في الخارج وتُبطين ما في داخلك حتى تتعاوني مع الغير!」
صدقا، كان خطؤها أنها خلعت ملابسها في الخارج ولم يطلب منها أحد ذلك. خصوصاً وأن الشمس أشرقت.
قررت ميكوتو أن تراها حشائش أو شعلةً ضوئية.
استخدمت سيفاً من الرمال الحديدية كالعصا تقطع الطين (السلايم) المقترب ببطء من شوكهو.
كانت كتلة ملونة من الطين، لكن بها نقطة ضعف. وفيها تكتلٌ صغير ذو لون أغمق.
(في الأساس هذا كائنٌ حي، فلماذا لم أفكر مرتين قبل قتله؟)
لم تزعجها هذه الفكرة على الإطلاق أثناء المعركة، لكنها فجأة باتت تهمها بعد أن هدأت.
فهل سوف تتصرف بنفس الطريقة إن قاتلت إلفاً؟
ربما كان هذا السبب الجذر لانعدام الضمير في بشر هذا العالم يشترون ويبيعون العبيد.
「لم يكن ذلك سلايم بري. ربما كان كائناً حياً جديداً وُلد من سوائل الكراكن الجسدية」
「هِه؟ لكننا طهوناه وأكلناه مع المجس!」
「وعلّه يُهضم الآن في بطوننا. أصلا، ذلك الكائن تكوّن من بقع الدم التي تناثرت على الأرض. غالبها بقي في البحيرة، والتي يبدو أنها ذابت. أقول أننا لا يجب أن نترك كمية كافية منها على الأرض حيث قد تجففها الرياح」
「طبعاً وجد الوحش المجسي طريقة ليكون بذيئا حتى في موته」
بدا السلايم جزءا من السلسلة الغذائية الآن بعد أن مات. وتجمعت الأسماك الصغيرة قرب الشاطئ بحثاً عن الطعام.
يبدو أن بحث الإفطار لن يكون صعباً هذا اليوم.
- الجزء 12
كانوا يطمحون للوصول إلى القرية القريبة اليوم.
أرادوا الوصول إلى أقرب قرية اليوم.
بعد أن خيّموا زمنا هنا، كان من السهل أن ننسى أن ميكوتو وشوكهو كانتا تعيشان تجربة شبه موت وخروجا من الجسد، حيث انتقلتا جزئياً إلى عالم آخر (من خطأ تلك الإلهة الغبية)، وهدفهما العودة إلى الأرض. قالوا أن طقوس العودة الخاصة تتطلب تحديد وقتل ثلاثةٍ من أمراء الشياطين، لكنهما لم تحملا أي فكرة عن من هم الثلاثة. عليهما العثور وإنقاذ كبير الإلف الذي كان يعرف أكثر من بتشييت، لذا هم في طريقهما إلى القرية التي بيع فيها الإلف الكبير.
「ول، كنت لأجفف بعض السمك هذا لو كان لدينا وقت」
على أسف ميكوتو، ما كان لهم خيار سوى شوي جميع الأسماك الصغيرة وأكلها الآن.
「لكن مم. بغياب العلوم، لن نجد عندهم مجمدات أو حافظات للأكل. هل أفضل ما نفعله أن نضعها في شبكة ونبردها في بئر أو نهر؟ فِكرةٌ مخيفة. كيف يضمنون سلامة الطعام؟」
「بدون أي كيماويات في طعامهم، يبدو لي أنه أكلٌ صحي ونظيف. عن نفسي أنا مرتاحة جدا لأنني أخيراً وجدتٌ شيئاً أمدحه عن هذا العالم☆」
جادةٌ شوكهو؟
في السفر الطويل وقلة أو انعدام تكنولوجيا التعقيم، كان التسمم الغذائي مشكلة خطيرة. وعلهم سيضطرون إلى التخلص من طعامٍ أكثر مما يتخلصون في مدينة الأكاديمية حيث كانت المتاجر الصغيرة والجمعيات ترمي كميات هائلة من الطعام المنتهي صلاحية كل يوم. على الأقل في مدينة الأكاديمية، لم يضطروا للتخلص من كميات كبيرة تفسد قبل أن تصل إلى المتجر. وإذا مرض العديد من الناس في وقت واحد هنا، فاللوم سيلقى على لعنة أو شيء من هذا القبيل، فلن يعرفوا السبب الحقيقي ويستمرون في ارتكاب نفس الخطأ.
عالمٌ حيث يقدر الجميع على استخدام السحر له مزايا وعيوب. سيكون من الأصعب تصحيح المعتقدات الخاطئة عن الحقائق غير المرئية أو أن يكتشف الناس الاحتيالات.
خافت ميكوتو بما قد يحدث، ولكن للآن انطلقوا.
وفقًا لبتشييت، كانت "القرية القريبة" في مكان ما على هذه الأرض الطافية، ولكن...
「اغغ」
سمعت ميكوتو شيئاً.
لم ترغب حقاً في النظر في ذلك الاتجاه، لكنها تعرف جيدا من سببتها.
كانت شوكهو مدنيةً لا يحدّها عن غرفتها وبيتها إلا الموت، ولم تكنّن معتادة على التخييم أو حتى التنزه نزهات عادية.
المشي على أرض غير معبدة (لأن الإلفية أصرت على الابتعاد عن الطريق المرصوف) المملوءة بجذور الأشجار والحجارة كان تحدياً ولو في أفضل الأوقات. وكانت الراقصة تنتعل حذاء بكعب عالي (على أن عملها تطلب خطوات رقص عنيفة). غالباً ما لا يظهر ألم العضلات إلا في اليوم التالي. كانت شوكهو متعرقة ومنهكة، وتمسكت بممسكٍ قريب كأنها زومبي.
ذاك الممسك هو ظهر ميكوتو.
「تكفين ميساكا-سان. تعبت ونَفَسي طار، احمليني」
「مم؟ ابعدي عني يا الأُنبو أُباكِ! [5] أو هل أقول أُم-ديد أُباكِ!! أنتِ ثقيلة وستكسريني!」
「بل عليك أن تشكريني على المكافأة. فهكذا تكون حياة الشابة」
「كيف تكون أكياس الشحوم ذِهِ مكافأة؟ كل هاللحم الزائد سيثقلني!!!」
البقاء للأصلح في هذا العالم، وكان الضعيف أول من يُستهدف.
انشقت الأعشاب الطويلة فظهر منها وحش.
كان ثعباناً متعدد الرؤوس. رفعوا أعينهن ليروا أنه يحدق بهن من ارتفاع بلغ حوالي 3 أمتار. عند 3م، كان فعلا ضِعفهن طولا تقريبا.
ولكن ميكوتو اعتادت الثعابين الكبيرة بفضل حيوان كونغو ميتسوكو الأليف.
لكن شوكهو وكأنها تجمدت تماماً.
「ما هذا وما يكون؟ ياماتا-نو-أوروكِي؟」
「هيدرا! إنه هيدرا!!」
「مم، فتاةٌ عالقة وسط مجموعة من الثعابين وكأنه سيناريو عجيب جداً، لكنه مع ذلك يتراءى لي أنها وظيفة للآنسة خليعة. هيا هيا يا طُعم」
「كيف تجرأتِ وقلتِ؟! أعرف أنكِ لم تنسي أن المنتل آوت يعمل على البشر وحدهم!」
مذعورة تمسكت شوكهو بظهر ميكوتو.
كانت بلا منفعة أكثر في هذا العالم من المعتاد، وما زال ثدييها يسببان إزعاجاً.
「أوئوٓه. آنسة شوكهو ستُقتل! ياه يااااه!! هش هشش، هيدرا!」
كسرت بتشييت فروع شجرة قريبة ورمتها كسهام لكن لم يبدو أن ذلك أضر. ولكن علها كانت تقصد طرد الوحش حتى لا يموت أحد الجانبان. ولكن ليس صعبا أن نتبأ بردة فعل وحشٍ شرس يُنغَز هكذا.
(آهف، ما لنا خيار إذن)
وفقاً لبتشييت، ستنمي الهيدرا رأسين كلما قُطعت إحدى رؤوسها، لذلك رمت ميكوتو عليه ريلغناً لتدمر أساس الأفعى حيث تتفرع منه الرؤوس.
لا بد أن بتشييت قد اعتادت على دوي الصدمة والموجات الناتجة عن هجوم الريلغن. إنما بدا عليها زعجٌ.
「روعة. تلك الضربة وحدها ربما تعطيك نقاط خبرة تكفيك لترتقي عشرة مستويات دفعة واحدة」
「لا شكراً. أي شيء بعد المستوى 5 يخيفني. قد أنفجر」
ثم مشوا عبر الحقل الخالي مستعينين بالطريق المرصوف بالطوب الأحمر.
ومع فراغ وسكينة الرحلة، طرحت ميكوتو سؤالاً.
「قلتِ أن هذا العالم به أسطورة ودين واحد فقط، فعن ماذا يدور دينهم؟」
「الإلهتان هما الأشهر」 قالت بتشييت مبتسمة، على أن هاتين الإلهتين لم تفعلا شيئا لإنقاذها من العبودية. 「الإلهتان في صراع أبدي. لكن عالم سِلِساكفير يعتمد على القوة الهائلة التي تنتجها معاركهما. لذا وجب عليهما القتال إلى أبد الآبدين. وهناك حتى أسطورة تقول أن أي أحدٍ عادي يتدخل بسفاهة في مستوى صراع وطحن الآلهة سيُدَمر بعقاب إلهي، فينفجر. وإذا كان عالمنا مهددًا حقًا، ستخترق الإلهتين الحاجز المستور وتأتيان لإنقاذنا. ولكنهما بالطبع ستتجادلان طوال الوقت」
「همم. إذن، هنا تُعبَد الإلهة العظمى」 قالت شوكهو.
「ما تقصدين؟」
「هذا في الأسطورة الدينية متعددة الآلهة، لكن الإله الأقوى هو إلهةٌ. كإلهة الشمس أو إلهة الولادة☆. هذا ليس مستحدثا أو غريب. دين الشِنتو في اليابان هو مثال على ذلك. الإلهة العليا هي إلهة الشمس أماتيراس أوكامي، صح؟」
「ممكن」
فماذا؟
نظرت ميكوتو متشككة وهي بدرعها البيكيني، فرفعت شوكهو كتفيها وشرحت.
「المقصد أن أساطير هذا العالم تتحدث عن إلـٰهتَيْن ذوات قوى خاصة تتقاتلان باستمرار. وتخترقان نوعًا من الحاجز الخفي لتأتيان من عالمٍ آخر」
「تمهلي......」
「كأنها حكايتنا؟ الآن، تعجبني أن أعامل نفسي إلهة جمال وحسن، لكنه محرجٌ بصراحة أن يعبدني الناس بصدقٍ」
كان للإلفية ابتسامة شقت وجهها.
قد فعلت ميكوتو وشوكهو العُجاب هنا، لكن بتشييت الصغيرة لم تحاول حتى الهرب خوفًا. في النهاية، لا أحد بقادر على إيقاف الإلهتين عن القتال. لكن ميكوتو أمَلَت صدقا أن لا تتوسل إليهما أن تستكملا معركة الكايجو تلكما.
「ربما كان علينا أن نولي اهتماما أكبر لهيكل تلك الطائفة في مدينة الأكاديمية. وقد تتطابق مع قدرة الدين في هذا العالم」
فبدل أن يكون الدين وُلِدَ في مدينة العلوم، أيعقل أن نقول أن المدينة الصغيرة الأكاديمية تأثرت بأسطورة ودين هذا العالم الكبير؟
تلك فكرة جِدُّ مخيفة، لكن ميكوتو ولت نظرها إلى شيء أهم.
「مم، بس هذا؟」
「؟」
「كدتُ أجزم أن أساطير سِلِساكفير الفريدة ستشرح أصل التكنولوجيا التي تعتبر أساسًا ما يسمونه "سحر"」
على أقل تقدير، لم يجدوا شيئا يشرح المنطق وراء السحر. ما هي الأسس التي استندت إليها العناصر مثل النار والماء والريح والأرض والقطع والطعن والتأثير والتضييق والسوبر والألترا والأسطوري؟
「مهلا. أتقولين أنه لا نظام وراءه؟」
كانت تلك أكثر الاحتمالات ضيقا.
「نحن نعلم أن هذا العالم به تكنولوجيا تسمى السحر وتستخدم للقتل. ولا تتطلب أي مؤهلات أو ترخيص، لذا يمكن لأي أحد استخدامه إذا اتبع خطواتها. وأنتِ تقولين لي أنه لا أساس وراءه!؟ فأي نوع من العوالم هذا وقعنا فيه!؟」
「ينذرني شعورٌ سيئ للغاية حيال هذا الأمر」 قالت شوكهو وبدا عليها الحذر. كأنها لا ترغب في قبول هذا ولكنها اضطرت لمشاركة مخاوفها مع الغير. 「السحر هنا يذكرني بألعاب الفيديو. وهذا العالم أخذ بلغات الأرض والأرقام العشرية. أتمنى ألا يكون، ولكن هل يمكن أن يكون نسخة مشوهة من ترفيه الأرض وصل لى هذا العالم؟」
مع لعبة فيديو بسيطة، لن يعمل هذا السحر اليائس فعليًا.
...لكن هذا المنطق ينطبق فقط على كوكب الأرض.
اما هذا كان عالمًا يحتوي على قطع من القشرة العائمة فوق كوكبٍ محيطي. بما أن القوانين الأساسية للطبيعة والفيزياء كانت مختلفة، فلم يكن شيء من كوكب الأرض مضمونًا تطبيقه على عالم الخيال سِلِساكفير.
ماذا لو تناسبت تروسٌ واجتمعت بحيث تسمح الخبرة وحدها بتفعيل تعاويذ السحر؟
تمامًا كما الأوروبيين في العصور الوسطى الذين لم يعرفوا شيئًا عن البكتيريا ومع ذلك صنعوا النبيذ والجبن.
لم يفهم أحد القوانين الحقيقية.
ولكن هناك خبازون لا يعرفون شيئًا عن الخميرة وكانوا قادرين على خبز الخبز أخف وألذ من مصنع عالي التقنية مع إيمانهم أنهم فقط محتاجون إلى الدعاء للرب كل يوم ويصبون حبهم في الخبز.
「هفف؟」 تأففت ميكوتو عندما رأت ناسا في البعيد.
كانوا قادمين.
أمسافرون يتبعون نفس الطريق المرصوف بالطوب؟ بدأت ميكوتو تتقدم نحوهم، ولكن...
「أه لا」
أمسكت الإلفية بأذنيها الطويلتين تخفيهما من ربكة.
لم يكونوا عابرين عاديين.
كانت تخشى أولئك الرجال المقتربين إليها.
المتحمسون الحارون أولئك لم يستطيعوا كبح الابتسامة، كأنهم تطلعوا لتعذيب فريستهم.
「ت-تلك هي الدورية. لن يسمحوا للبشر والإلف بالمشي جنبًا لجنب」
「لا نحتاج إذنا منهم」
فجرتهم ميكوتو بكهربةٍ تصل المليار فولت لتسكتهم.
فاغرت [6] الإلفية ورفعت ميكوتو سبّابتها وغمزت.
「واضح أنهم مجرد صعاليك مسلحين خطرين. لا تتبعي كل قانون مزعج يجبرونك عليه. تأكدي دائمًا وفكري فيما وضعت هذه القوانين ولماذا. ولم يتأخر عليك الزمن أبدًا أن تتبعي القوانين الجيدة بعد أن تستوعبيها」
هزيمة جماعة الصعاليك هذه وحدها لم تُنهِها.
كان على الإلفية الصغيرة أن تواجه معركةً أشد وأصعب، عليها أن تغلبها بنفسها.
- الجزء 13
مشوا أكثر حتى وصلوا في الظهيرة.
「لهث هفف. أيـ-أين الحلويات والشاي المثلج؟」 سألت شوكهو.
「تبغين تأكلين كل السعرات التي حرقتها وتزيدي وزنك في الأخير؟」 ردت ميكوتو.
كانت قرية صغيرة.
وأخيرًا رأوا شيئًا من صناعيًا.
لكن بدل أن يقتربوا من القرية، ربضت ميكوتو وشوكهو من على حوالي كيلومترين منها. لا يزالون بعيدين عن القرية، لكن كان عليهم الحذر وأن يتجنبوا الهَبري والمينوتور وغيرهم من المخلوقات الأخرى التي قد تضج فتكشف موقعهم إذا اقتربوا كثيرًا.
وحدها الإلفية ظلت واقفة، تبدو مشوشة.
في حجمها، لم تكن هذه مشكلة كبيرة، لكن...
「مم؟」
「اص」
طبعا، كانوا في سفرٍ مع عبدة هاربة. وهم يعرفون جيدًا أنهم لن يُستَقبوا استقبال حفاوة واهتلال من سكان هذا العالم. لم يعرفوا أنواع وسائل الاتصال الموجودة، ولكن إذا استطاعت المُستعبِدة أن ترسل رسالة من موقع الحطام عبر حمام زاجل أو سحر تصويرٍ فكري (؟)، فلعلّ القرية قد تلقت ملصقات عنهم.
ولذلك بدأوا يراقبون من بعيد.
أولاً، أرادوا التأكد من وجود الإلف الكبير. ثم يراقبون القرويين ويقررون ما إذا يقتربون من المدخل الأمامي بابتسامة أو يدخلون من الخلف خلسة.
مبدأ عالمهم السابق أنّ الناس العاديين لن يشكلوا تهديدًا لم يكن ينطبق في سِلِساكفير حيث كانت العبودية للإلف مقبولة.
「ألم نجد أداة لهذا؟」
فحصت ميكوتو ذات الدرع البيكيني حولها بحثًا وخرجت بمنظار. كانت قد وجدته في زاوية الصندوق المسروق من التاجرة. صُنعه غير مرتب مقارنةً بالمنتجات الخاصة بمدينة الأكاديمية ولم يكن يحتوي على تصحيح إلكتروني، لكن حملها لأداة حضارةٍ طمأنها.
وكانت بَتِشْيِيت مهتمةً به على غير متوقع.
والظاهر أنها تعرف ما هو المنظار لكنها لم تستخدمه من قبل. أيُّ حياةٍ قد عاشتها خلال العقود الماضية إن لم تكن قرونا؟
「كلُّ شيءٍ ضخم!! ررررروعة. وربما قد أرى نهاية العالم بهذا الشيء」
「إيه، أراها تستمتع، فلا ضرر لو تركتها」
「يا ترى كيف تبدو الشمس...」
「لحظة كفى!! الآن ترين الضرر!؟」
استخدمت شوكهو بسرعة أحد زخارف زيها الراقصة لتغطي العدسات فانتزعت المنظار من يد الإلفية.
من المفاجئ أن هذا أظهر جانبا عطوفا في الملكة الأنانية. ووجدته ميكوتو غريبًا. كأنها اعتنت بطفلٍ من قبل؟
「......مم، ولدتِ إبناً حرام؟」
「الاسم الذي تبحثين عنه هو دولي. وإن لم يعني لكِ الاسم شيئًا، فأنت أغبى مما أحسب」
حيثما رأت العين، كانت القرية من هياكل رمادية تختلط مع الحقل الأخضر. وبدل الأكواخ الخشبية، المنازل والمحلات التجارية كلها مبنية من الطوب. وكذلك بعض المباني الصغيرة مثل الكنائس من الرخام بحدودٍ زرقاء. وعام المشهد يبدو أوروبيًا، لكنه نوعا ما غريب. هل هذه القرية الصغيرة صنعت كل الطوب في المباني، أم جلبتها من مكانٍ آخر؟
لكن بتشْيِيت لم تبدو تلاحظ أي شيء غريب في المكان.
وعند سؤالها، بدت محتارة من السؤال.
「هِه؟ ولكن إذا بنيت منزلا من النباتات، ألن تتعفن سريعا؟」
「...」
يبدو أن هذا العالم لا يعرف شيئا عن المواد الحافظة.
رأوا هياكل خشبية قرب الأراضي الزراعية، لكنها صغيرة وبسيطة لا تصلح للسكن. الأرجح أنها كانت أكواخ تخزين للأدوات الزراعية. لكن حتى تلك انهارت بزاوية مائلة وكانت تقريبا ممزوجة مع الأخضر في الحقل.
كان ممكنا أنهم جلبوا كمية كبيرة من الطوب الثقيل من أرض عائمة أخرى عندما استقروا في هذه الأرض. على عكس اليابان، لم يكن مستغربًا أن تجد الشقق الأوروبية تعمر الـ300 سنة، علّهم فضلوا شيئًا يدوم طويلا بدل شيء يعاد بنائه مرارًا.
(فإذن يعتنون بِبُنيانهم؟ وإن كانوا يستعبدون الإلف حتى الموت؟)
معرفة هذا الجانب المظلم من هؤلاء أبدت هذه الروح الاقتصادية ساخرةً بعض الشيء.
ما إن سلمت شوكهو المنظار، لاحظت ميكوتو القرية بمزيد من التفصيل.
「آغغ」
رأت لمحات باهتة من الضوء الفضي.
لا شك أنهم سكان القرية البشر. بدوا رجالا ونساء بملابس بسيطة وحملوا سيوفًا قصيرة أينما كانوا. وكانت هذه السيوف ذات حدين أكثر سمكًا من سيوف المبارزة للنساء الغربيات في نادي المبارزة توكيواداي. والأقواس الكبيرة شاعت أيضًا. لم تكن أدواتا زراعية فصارت أسلحة. السيوف خصوصًا ليس لها أي استخدام سوى في القتل والقتال. ومنها الكثير هنا.
「ما لي إلا أن ألاحظ أن جميع سكان القرية مسلحون بسيوف ورماح خطيرة. لماذا؟ هل هذا قاعدة غسيل حيث يبيع اللصوص غنائمهم ثمن المال؟」
「مم؟ ربما اشتروها تواً من متجر الأسلحة」
كانت الإلفية مستغربة مرة أخرى من حيرتهما.
اتسعت عينا ميكوتو عندما فسرت.
「ها؟ الأسلحة تباع لكل الناس!؟」
「إي. وإلا، كيف حصل عليها المغامرون إذا لم يشتروا؟」
فلتانٌ هذا العالم.
والإلفية ما بدت تشكك في الأمر أبدا.
「لكن هذا لا يعني أن الناس يمكنهم التجهز بأي شيء. الأسلحة والدروع المشبعة بالسحر تمنح نقاط توافق، فلن تقدري على حملها أو ارتدائها دون [وظيفة] و[مستوى] مناسبين. لهذا السبب يذهب الناس إلى النقابة و"يتكسبون" نقاط الخبرة」
فإذا كانت النقابة (؟) –وهي المنظمة التي تدير نظام المستويات– تعدل الأوراق الرسمية، فهل يمكنهم تجريد مجرمٍ هارب من مستواه بحيث لا يُطابق [نقاطه التوافقية] معداته وبالتالي يفقد القدرة على استخدام سلاحه ودرعه؟ أهذا يجعل الوضع أأمن من لوس أنجلوس في ساعة الليل المليئة بالأسلحة القديمة التي مُسحت أرقام التسجيل منها والأسلحة البلاستيكية التي صُنعت بشكل غير قانوني بطابعة ثلاثية؟
「تـ-تلك هي. تلك كبيرتنا!」 قالت بتشييت تشير إلى البعيد.
「؟」
بحثت ميكوتو ذات درع البيكيني عن الإلف الكبيرة عبر المنظار، لكن أين هي؟ لم ترى أي مُسنّة.
إنما رأت آنسةً أنيقة لم تكبر الـ30 عامًا منظرا. أتلك هي الكبيرة؟ ببشرتها الشابة، كان لها أن تغير ملابسها وتشارك في مسابقة جمال مهرجان ثقافي في الجامعة ولن يلحظها أحد.
「(لكن حتى بتشييت الصغيرة يفترض أنها أكبر بكثير منا)」
「؟」
نظرت الإلفية إلى ميكوتو بنظرة مشوشة. تبدو كفتاة صغيرة تمامًا.
استسلمت ميكوتو في بحثها عن رابطٍ بين مظهر الإلفية وعمرها.
فهل يعيش الإلف 10 قرون قبل أن يكهل [7] فيبدو كأولئك الجالسين على الشرفة يتشمسون؟
...لكن ما الذي كان يحدث هناك؟
جُمع أناسٌ بآذانٍ مدببة كأذن الإلفية الصغيرة في ساحة القرية. كانت ميكوتو لتفهم لو كانوا يجبرونهم على أعمال بناء شاقة بالطوب الثقيل، لكن لم يظهر أنهم يفعلون أي شيء البتة. وإن قلنا، فكأنما كانوا يجمعون كل الإلف في مكانٍ مفتوح واحد. لأي غاية؟
عبست شوكهو وظللت عينيها بيدها.
「صعب أن نقول ما يحدث من هنا」
「إذن نحتاج معلومات أكثر」
سيتبعون الأساسيات في عالم الفانتازيا.
ظلّت ميكوتو وشوكهو رابضتين بينما تستأنفا الحركة ببطء. وركزا على سكان القرية في أطرافها.
「يا مرحبا يا مرحبا بكم في قرية جِمْبِك」
وكان أحدهم وحده. تمامًا كما أرادتا.
「يا مرحبا يا مرحبا بكم في قرية جِمْبِك」
فتًى في الخامسة أو السادسة عشر يرحب بالقرب من مدخل القرية.
「يا مرحبا يا مرحبا بعغقجم-؟!」
ونظرًا أن ليس لديه عمل أفضل من تكرار هذه الجملة طوال اليوم، غطوا فمه وسحبوه بعيدًا عن القرية.
إذا كان يحب تقديم التفسيرات للمبتدئين، فسوف يعطونه بالضبط ما يريد.
「تلك هي كبيرة الإلف، صح؟ لماذا يجتمع القرويون العبيد عندها؟」
「لا تسأليني. العبد عبد، فكيف لي أن أعرف من هم — أو من كانوا. أيا يكن، هذه هي قرية جِمْبِك」
وعاد إلى ما كان.
فكرت ميكوتو غريزيا أن تقتله لتحصل على نقاط الخبرة، لكنها بالكاد كبحت نفسها. فهذه خطيئة.
ومرة أخرى، شعرت أن الحياة لم تحمل "وزنا" في هذا العالم.
وعندما تتذكر، كانت هكذا عندما كانوا يعيثون فسادًا في المدينة الأكاديمية مثل الكايجو، لكن ما أقلقها هو كيف أنها قد تفعل شيئًا هنا كان من المستحيل أن تفكر في فعله عادة.
لم يظهر الفتى (الأكبر منهما) أي خوف إطلاقا وهو يواصل الحديث.
「لكن حان الوقت لموظف الضرائب أن يحدد مقدار ضريبتنا، لذا غالبا هذا هو الموضوع」
「؟」
「ما علاقة الضرائب؟」 سألت شوكهو.
「ضرائبك السنوية تعتمد على عدد عبيدك. وسيكون أوفر بكثير إذا قتلت عبيدك قُبيل أن يُحتَسَبوا」
...أوفر؟
- الجزء 14
بعد مناقشة، توصلوا إلى قرار.
دخلت ميكوتو وشوكهو مع بتشييت عبر مدخل القرية الأمامي.
「أخيرًا، نُزُل. حتى وإن يكون قذرًا. ولكن هلّا نغيّر [وظيفتنا] إذا زرنا النقابة؟」
「أشك جدا أن تغيير [الوظيفة] ممكن، لن أرفع آمالي لو كنتُ محلك، آنسة راقصة خليعة」
「حسبتكِ تكرهين الظهور علنًا بهذا الشكل أكثر مني، آنسة محاربة هبلة بالبيكيني!!」
في مثل هذه الأوقات، كان منتل آوت شوكهو مفيدًا للغاية.
قرأت ذهن الفتى المخطوف وأكدت على الفور أنه لا توجد منشورات مطلوبين لميكوتو وشوكهو. ويبدو أنه لم ينوي الكذب عليهما بأي حال، لكن التأكيد كان ذا أهمية كبيرة.
ربما لم تملك تاجرة غير البشر تلك أي وسيلة تواصل، مثل الحمام الزاجل أو سحر الإشارة(؟).
「وفقًا لبتشييت، لديهم وظائف مقدسة مثل الكاهن ووظائف فكرية مثل الساحرة السوداء. أتحرق شوقا☆」
「مم؟ لكنني متأكدة أن كلا الوظيفتين تتطلبان INT أو MEN عاليين،」 قالت بتشييت.
「...مهلا، لا يكون شَتَمَتني؟」
كان غريبًا كيف كان الأمر أكثر إيلامًا أن الإلفية لم تكُ تحاول حتى أن تُهين. وكان تلقي هذا الضرر غير المقصود سيئًا جدا خصوصا وأنهم لا زالوا لا يعرفون إذا كان بالإمكان تغيير الوظيفة أصلا.
ما إن دخلوا القرية، تعلموا بعضا.
أولا، عن حالة الأراضي الزراعية.
رأوا فتخاءا [8] صغيرا (وبحجم بقرة) يسحب أدوات خاصة لحرث الأراضي. في القرية وحوش، لكن جميعها ترتدي أطواقا وأغلالا. بمعنى آخر، لم تكن وحوشًا برية.
غالبا هكذا بدأت.
فبالنسبة لهم، كان الأمر شيئًا بريئًا.
استأنس البشر الوحوش القوية الطيبة ومنحوها الطعام والمسكن. وساعدتهم الوحوش في النقل والعمل في الحقول فزرع البشر طعاما أكثر فزاد بدوره الطعام المتاح للوحوش. كان ترتيبًا مفيدًا للطرفين. ربما بدأ كل شيء بهذا البساطة.
لكن في مرحلة ما، اكتسبت الفكرة تفسيرًا أوسع.
الإلف والأقزام كانوا أيضًا بنفس الذكاء البشري – إن لم يكن أكثر – لكن البشر برروا أفعالهم أن أولئك وحوش غير بشرية. فأخذ البشر بالتقاطهم وبيعهم بانتظام على نطاق واسع وأجبروهم على كل الأعمال مُشوهين الفكرة الأصلية.
لسبب واحد ولا غيره، أن البشر تكاسلوا عن العمل.
「حقًا هذا يثير غضبي」 بصقت ميكوتو لمّا تخيلت الأمر.
لكن ربما لم تكن مدينة الأكاديمية أفضل بكثير وهي من أنشأت 20 ألف نسخة عسكرية وقتلتهم بشكل منظم لأغراضها الأنانية. ليس أيٌّ من العالمين أفضل أو أسوأ من الآخر. التكنولوجيا المستخدمة مختلفة، لكن نفس القسوة تراها في كلا العالمين. الطريقة التي بدا أنها تبرز قبحًا مشتركًا بين جميع البشر جعلت ميكوتو تبتلع ريقها بصعوبة.
فهل هذه البذرة الرديئة كانت فيها أيضا؟
「ماذا نفعل الآن؟」 سألت شوكهو.
「هذا السؤال」
لا يزال الصباح، وما كانوا في عجلة للمبيت. أرادت ميكوتو بصراحة أن تزور النقابة قبل النزل.
بعد أن سألوا القرويين عن المحل، دخلوا أحد المباني المبنية من الطوب.
- الجزء 15
كان الطابق الأول من النقابة قاعةً للطعام بسيطة.
وامتلأ بالناس.
تجد فيه كهنةً بملابس تكشف أكثر من الفساتين الصينية، وساحرات ظلمةٍ بعباءات ثقيلة فوق بذلات سباحة رياضية. يبدو أنهن فعلاً غادرن القرية وسرن عبر الأدغال الصلبة كالسكاكين وهن يكشفن جِلداً كثير. قد افترضت ميكوتو أن درعها البيكيني سيجذب السخرية، لكنها في الواقع اندمجت مع محيطها. يا له من عالم.
لكن...
「هفف」 تأوهت. شيءٌ لم ترتح له في هذا المكان.
مع كيفية تجهز الناس بأسلحة وتكتيكات القتال والطوارئ، إلا أنهم لم يحققوا تقدماً كثيرا في حياتهم اليومية.
والمقصد أنك لن تجد هواياتٍ ولا ترفيه.
خبز خشن ولحم مشوي وحساءٌ ليس بحساء.
كل الأطعمة ماصخةٌ ومملة وطرق وأدوات الطهي المستخدمة للتحضير كانت خليطًا غريبًا من المناطق والفترات الزمنية. لم يملكوا آلات صنع المعكرونة اليدوية ومع ذلك تجد عندهم معكرونة رفيعة مثالية متاحة للجميع. كانت السَلَطات عبارة عن خضروات خام فقط، ولم يكتشف أحدٌ أن بالإمكان سلقها. طبعا هذا عالم آخر، فلا تستغرب من اختلاف ترتيب ظهور الاختراعات عن كوكب الأرض.
「ميساكا-سان، هل تذكرين؟」
「؟」
「تلك التاجرة التي التقيناها كانت تلبس فستانًا فاخرًا، لكن كيف لبست؟ بدا تصميم مشدها غريبًا على المكان」
بعد أن ذكرتها.
أصبح المشد موضة في أوروبا القرن التاسع عشر، وليس في العصور الوسطى. وعلى أن ميكوتو قد رأت مشابك معدنية على الحقائب وخيوط مربوطة في أقواس، إلا أن المشدات الحقيقية لا تعمل هكذا. لم يكن من غير المعتاد أن ترى الخادمات تسحبن الخيوط من ملابس السيدة كلعبة شد الحبل.
وكان المغامرون(؟) الذين يسيرون بالقرب منهم يرتدون دروعًا ملونة بألوان زاهية كأنه المشاع بين الناس، لكن كيف لونوا المعدن؟ كان في الدروع خدوش صغيرة، لكن المعدن الأساسي لم يظهر. بدل أن يُطلى المعدن بالأحمر، بدا أقرب أنهم ذوّبوا [معدنًا أحمر] فصبّوه في قالب، ولكن كيف فعلوا ذلك؟ لو كان بالسحر فذلك أمرٌ، ولكن ميكوتو ما عساها إلا أن تشعر أنها تفتقر لفهم الأنظمة وطرق التصنيع التي تحدث وراء الكواليس.
لتلخيص الأمر...
نعم،
(حضارتهم... لا، معرفتهم شحيحةٌ جدًا. يتراءى لي أن فردًا واحدًا هو من أنشأ هذا المشهد بناءً على أي معلومةٍ عرضية صادفها)
لم تكن متأكدة من أهمية علمها بهذا، لكنها مع ذلك تشعر بغرابة فيها.
امرأة في العشرينات وقفت وراء منضدة.
تمرر بيدها زجاجة كبيرة كانت بجانبها مبتسمةً وقالت.
「مرحبًا بكم في نقابة إدارة الوظائف – فرع جِمبك! لم أتعرف عليكم، أهذه زيارتكم الأولى لنا؟」
「ما قد نفعل هنا؟」
سؤال فتاة درع البيكيني ميكوتو جمّد من ابتسامة المرأة الشابة.
تحاول إخفاء ارتباكها.
「نقابة إدارة الوظائف هي تمامًا كما يوحي اسمها: نحن حلقة وصل لوظائف كل الناس. سواء أردتم صيد الوحوش أو حراسة النبلاء أو استكشاف الكهوف أو جمع الكنوز، سنقدّم لكم أفضل وظيفة تناسب نوع العمل ومستوى مهاراتكم」
أبدت ابتسامةً كأنها تقول ما غير هذا يجد المرء وظائفه؟
「أنتم حلقة وصل لوظائف الناس؟」
「أجل」
「أيعني، كل، كل الناس في القرية؟ ومعهم المغامرون الزائرون؟」
「وما غير ذلك أعني؟」
هذه المرة، ميلت المرأة الشابة وبتشييت رأسيهما.
وتبادلت ميكوتو وشوكهو النظرات.
「هذا يعني أنه لا أحد حرٌ في اختيار قدرة وظيفته. "ستكون مزارعًا جيدًا، فهيا خذ وظيفة مزارع". أو "تبدو مقاتلا، إليك وظائف محارب تناسبك. ولا، لا يهم إذا كنت ترغب في حياة هادئة". هذا حدٌّ للخيارات. إعطاء أحدٍ قائمة للاختيار منها ليست قدرة اختيار حقيقي إذا كانت جميع الخيارات تتضمن مثلا قتل الناس. ومع ذلك، للبشر عادة بغيضة في أن يقعوا ضحية الموت جوعًا إن لم يكسبوا المال」
「والمتضررون الحقيقيون من هذا النظام هم العبيد،」 تمتمت ميكوتو مستاءة.
للعبد لا وظائف إلا هذه.
فتلك التي في القائمة هي الأنسب لك.
لم يُمنحوا حق الخيار، وكان من الساخر أن يتصرفوا وكأن أسيادهم تصدقوا عليهم بمعروف. قد ترى في هذه النقابة الراحة بادئ الأمر، لكنها في الصميم كانت مؤسسة استغلالية مرتبطة قلبًا بمصدر التمييز في هذا العالم!
ولمّا ارتعشت كل من ميكوتو وشوكهو حتى استوعبا حصول العديد من التبادلات تجري عند المنضدة.
ما بدا أن المرأة الشابة أو المغامرين يشكون في أي من ذلك.
「ها هو أجرك عن عمل اليوم」
「سَلِمت」
المال هنا الذهب والفضة والنحاس بدل الورق. وعوض أن يعدوا كل عملة على حدة، يقيسونها حسب الوزن بميزان.
「نعم نعم. أنتِ الإلفية خذي هذه الموازين」
「أوه، صحيح...」
「تجمع الإلف في الساحة المركزية، لذا سارعوا هناك ما إن تفرغوا من هنا」
قالت موظفة الاستقبال هذا بابتسامة بينما تصب عملات نحاسية رخيصة في الموازين.
وكان لميكوتو سؤال.
(البشر والإلف لهم موازين منفصلة؟ لماذا يتعبون أنفسهم؟)
لم تبدو هذه كحالة من رفض البشر استخدام أدواتٍ استخدمها العبيد. إن كان يتعلق بالتفرقة، فمن المفترض أن يكون للإلف مكتب منفصل تمامًا.
فهل كان من الجيد أن تؤثر هذه الاختلافات الصغيرة على ميكوتو هذا الحد؟
وببساطة، ألم يكن بإمكان النقابة أن يتلاعبوا بالموازين ليسرقوا الأجر العادل من الإلف؟
رفعت الراقصة شوكهو يدها.
「سؤال. هل على ذوي الشأن كالنبلاء والملوك أن يختاروا وظائفهم من قائمة النقابة؟」
「ما هذا القول. الأمراء أصحاب الأراضي هم من يديرون النقابة. إنما نحن نفتح هذه الفروع نيابة عن الأمراء والملوك، وتُجمع جزء من المال والخبرة التي يكسبها الجميع من خلال النقابة، وتُدفع تلك ضريبةً إلى الأمراء والملوك. هكذا النظام」
إذن هذا الطبيعي هنا.
تسائلت ميكوتو ما إذا كان يمكن أن تتتغير النسبة المقتطعة لتلك الضريبة في أي وقت يراه الأمراء والملوك. ربما حتى تصل إلى 98% أو 99%؟ ولهم أن يستنزفوا أموال الجميع.
وألم تقل بتشييت أن الملوك قد وصلوا إلى أقصى حدٍّ للمستوى 9999؟
كان هذا عالمًا فظيعًا حيث أنك قد تعمل وتدرب قدرما تقدر ولن ترتقي في المستويات دون إذن من قادة النقابة. وفي الوقت نفسه، يسرق الأمراء والملوك نقاط خبرة الآخرين على شكل ضريبة فيتيح لهم هذا الارتقاء إلى مستويات لا نهائية هم جالسون.
لهذا السبب ترى الملوك هنا كسّالاً بلا عمل يكبرون فيسمنون.
لهذا السبب لن يقدر الإلف مهما اجتهدوا ليل نهار من تحقيق السعادة.
「.......」
كان لمدينة الأكاديمية هيكلها القاسي. لكن ميكوتو وشوكهو قد تطورا ضمن نظام تطوير الأسابر، لذا استصعبتا تقبل هذا النظام حيث تُسرق مواهب الناس وجهودهم من قبل الآخرين.
إضافةً، ذكرهما ذلك بالتجربة التي استخدمت المستنسخات.
يضحى بالكثرة لأجل أفراد محددين.
ببساطة، ذلك أزعج وبقوة #3 و #5.
.....ميكوتو تعلم أنه عليها أن تأخذ نفسًا عميقًا وتهدئ من نفسها. لأن عندها المزيد تريد أن تسأل عنه.
「لكن، هذه قرية ريفية فَلِمَ ازدحم الناس فيها؟ في الواقع، أحس وكأن المغامرين الغرباء هنا أكثر من أهل القرية」
「طبعا هم أكثر يا آنسة」
رد عليها رجلٌ عضلي معه سيف ودرع وخوذة يلبسها.
ما ارتاحت لمّا رأت أن درعه لم يكن من بيكيني كالذي تلبسه.
「المنطقة حول قرية جِمبك معروفة بالجواهر الممتازة」
「صدق؟」
「كيف لم تعرفي؟ هاويةٌ أنتِ هربت من بيتها؟ عدى أن العثور على الجواهر في الحقل الواسع ليس سهلاً، إلا أن حتى الجوهرة الصغيرة تسوى دنانيرا تكفي لشراء منزل. إذا أردتِ الغنى السريع فعليكِ بقرية جِمْبِك، أو كما يقولون」
ضحك الرجل ثم مضى في طريقه. بدا عليه أنه مهتم بلوحة العرض على الجدار وليس له شأن في المنضدة.
حست ميكوتو بشيء على جلدها.
وشعرت به من الرجل ومن على المنضدة. هل جاءت من الزجاجة العملاقة التي تمسكها الشابة وتدلكها كما لو كانت كرة بلورية؟
「؟」
「ما الأمر؟」 سألت شوكهو.
「لا، لا شيء」 ردت الفتاة #3.
لكن لم يعد هناك شك فيه. في كل مرة يمر مغامر قوي في النقابة، تشعر بوخزة على جلدها. ربما كان هذا شيئًا لا يشعر به أحد إلا ميساكا ميكوتو؛ بكهرباء ثالثة المستوى 5 ومغناطيسيتها ورادارها الموجي.
「التفاعل أقوى في المغامرين ذوي المستوى الأعلى الذين لا شك أنهم اكتسبوا خبرة أكثر من غيرهم」
كان الجواب أمامهم.
وكان واضحا لو فكرت أي نوع من الإسبر كانت هي.
「هل نقاط الخبرة... كهرباء؟ هذا هو. هناك كهرباء حيوية خاصة تسري في أجسادهم وهم يسمونها الخبرة!! النقابة تدير خبرة الناس ومستوياتهم باستخدام أداة تشبه المكثف لنقلها من الناس إلى تلك الزجاجة أو من الزجاجة إلى الناس!」
فَهِمَت شيئًا.
تفجرت معرفتها عن هذا العالم وتوسعت.
(إذا أردنا تطوير كل العضلات بأقصى قدر من الكفاءة، فهو أفضل أن نحفزها مستمراً بتيار كهربائي ضعيف. تقول الأسطورة أن أي أحد يتدخل بسفاهة في مستوى صراع وطحن الآلهة سيُدَمّر بعقاب إلهي، فينفجر، ولكن هذا حديث عن من ضربهم البرق)
تفاصيل النظام الذي يسمى السحر في هذا العالم ما زالت غير واضحة، لكن لابد أنهم طوروا تقنية لتحويل ذلك النمو في اتجاه غير مادي.
فلحظة.
هل يعني ذلك أن ميكوتو يمكنها السيطرة على نقاط خبرة جميع البشر؟
فإن كان، فهذا العالم حقًا مصمم للريلغن!!
「ما الأمر؟」 سألت المرأة المستغربة خلف المنضدة.
هذا الإدراك جعل النقابة في نظرها تافهة، لكن هذه المرأة كانت للأسف غير مدركة لهذا التحول في الفهم.
ميكوتو تحمل هذا العالم بين كفيها.
ثم سمعت ميكوتو ضجة خارج النقابة.
تجمع الإلف في ساحة القرية لسبب ما.
كان هذا هو هدفهن الحقيقي هنا.
الآن بعد أن جمعن بعض المعلومات الأخرى، حان الوقت للتركيز على جوهر المسألة.
「فما أمر ذلك؟」
「ما أمر ماذا؟」
「الإلف تجمعوا في ساحة القرية. وعليهم أطواق، أهُم عبيد؟」
「آه ذلك. إنه موسم الضرائب، مما يعني أن الناس سيُصَفِّرون عبيدهم، ولكن سيكون من المرهق كثيرا أن تُشغل كل عائلة عبيدها حتى الموت. لذلك هناك حدث سنوي حيث يجتمع الجميع في القرية ويجمعون عبيدهم في الساحة ويقتلونهم」
「عجبا؟」
هذا حسمها.
أيأخذون أرواح أولئك الإلف كما لو كانوا مجرد أعمال نهاية السنة؟ كل عام، يُقبض على الإلف، يُشترون ويُباعون ويُعذبون. وحينما يحين وقتهم، يُنظر إليهم نظرة البهيمة التي انقضت حاجتها مهما كانت أعمارهم أو قوتهم أو عافيتهم.
لم تعرف ميكوتو إذا كان الإلف يعيش مئاتاً أو آلافاً من السنين، لكن ما إن يُقبض عليهم، يعيشوا لعام واحد فقط. يُجبرون على العمل الشاق حتى إذا أصابتهم آثار نفسية يُرمون.
「نعم نعم نعم.......」
سَنَة؟ تبا لذلك. لا وقت لتنتظر حتى الثانية.
زائد، قد وصلت ميكوتو حدودها.
نظرت إلى شوكهو وهي تجذب الإلفية إلى صدرها الوسيع تُبعدها عن خطر الطريق ثم سحبت رِموتاً من شنطتها التي حملتها مائلةً عبر صدرها.
ودلَّ تعبير شوكهو أنها جاهزة.
ثالثة المستوى 5 من مدينة الأكاديمية، الريلغن، ابتسمت وقالت للمرأة خلف المنضدة.
تعلن الحرب.
「على فكرة، أتدرين أنني أرفض العبودية؟」
「هِه؟ هَه؟」
- الجزء 16
’تحطم.
’بووووووووووووووووووووووووووووم!!!!!
- الجزء 17
لم تكن مجرد حرق أو صدمة.
ما إن انفجرت مشاعر ميساكا ميكوتو، تدمر المبنى الحجري القوي للنقابة من الداخل.
رحمة؟
ألا نتوقع منهم أن يشككوا فيما تربوا عليه وتقبلوه في هذا العالم؟
كان هذا شيئاً يتجاوز كل شيء قد تقبله بناءً على تلك الحجج!!
(آغغخ!! يقتلون كل الإلف بسبب موسم الضرائب؟ إذن هل كانت بتشييت تطيع تلك التاجرة المُستعبِدة وهي تعرف أنها ستُقتل؟! لماذا يرضى الجميع مع هذا؟!)
على الأرجح والأغلب، هذه ليست مشكلة بسيطة تُحَل بمهاجمة مصدر ملموس.
لكن إنقاذ الأرواح المهددة بالخطر لابد أن يكون مقدّمًا.
كان لميكوتو هدف.
ربما يشعر الإلف بالعار من أسره على يد بشر مجرد. وعلّهم يقبلون الموت الآن تحرراً إذلال العمل والجور. لكن كيف لها أن تسمح بذلك؟ حتى وإن تعب الإلف من العيش ولم يطلبوا نجدتها، كيف عساها تقف مكتوفة اليدين وتشاهد؟!
「!!」
قد استَخدَمَتْ لتوها تيارًا عالي الجهد فأسقطت كل المغامرين الأشداء الذين زاروا النقابة.
لكنهم ما كانوا القوة القتالية الوحيدة في القرية.
「أمسكوها! أمسكوا بها! لا أعرف من هي وما تنصب لنا، لكنها هاجمتنا!! توحدوا يا ناس واحموا قريتنا!!」
صرخ شايبٌ متعالي النبرة.
فهل تفترض الفتاة أنه عمدة قرية البشر؟
أحاطت الخطوات حول ميكوتو. بين الخمسين إلى مئة. لقد فجرت النقابة في وسط القرية، مما يعني إعلان حرب صارخ. عادةً كان ليكون اختيارًا انتحاريًا لأنها ستُهاجم من كل الجهات ويغلبها عددهم الكبير.
لكنها ليست بالعادية.
الافتراضات العادية لم ولن تنطبق على ثالثة الأكاديمية!
「إن كان تقليدكم وعاداتكم الهجمية سنة بعد سنة، فلا يحق لك أن تقف في وجهي وتقول أنني مذنبة أيها الأرعن الملعون!!!」
زحفت الثعابين الكهربائية.
لم تستهدف كل واحدة منها أحدا بعينه، بل هدفت المجموعات. عندما تضرب، تقذف الجميع في دائرة نصف قطرها 5 أمتار إلى السماء كما لو أن قذيفة متفجرة أصابت ذلك المكان. بعد أن رُمِيوا عدة أمتار ما استطاع القرويون النهوض مجددًا. وأطرافهم تحركت عشوائيًا وكانوا يرتجفون.
「أوووه!!」
رفعت ميكوتو عملة أركيد بإبهامها فأطلقت طلقةً لا تفرق.
مبنى النقابة الذي دمرته أولاً بَدَا أنه الأقوى في القرية. هذا يعني أنها أظهرت بالفعل قدرتها على اختراق أي شيء قد يحتمي فيه الناس. وكان واضحًا أنها قد كسرت معنويات معظم المغامرين. تجمد كثيرهم، وسقطوا على الأرض ولحقتهم أسلحتهم.
فردٌ واحدٌ قد مزق حصارهم.
ارتعش العمدة من هذه النتيجة العجيبة.
لكن بعد ذلك...
「م-مهمة خاصة!!」
زحفت موظفة استقبال النقابة من تحت كومة الأنقاض وصاتت.
تَصُوتُ على نُزُل الزوار، الذي لا يزال قائمًا.
「لفترة محدودة، نضرب جميع مكافآت المطلوبين بثلاثة أضعاف!! انهوا هذه الفوضى فورًا. تعرفون ما عليكم أيها المغامرون!!!」
من طرف عينها، رأت ميكوتو ابتسامة قبيحة على وجه العمدة المسن.
على الأرجح، أولاء المغامرون امتلكوا خبرةً قتالية أعلى منها. وعلَّ بعضهم حتى استخدم السحر الذي استخدمته بتشييت.
لكن كيف لأي من ذلك أن يؤذي ميكوتو؟
على أي حال...
「امسكوا بالعمدة الذي تسبب في هذه الفوضى!! أُعيد، المكافأة مضاعفة ثلاث مرات، لكن المبلغ الكامل سيكسبه لمن يأتي به أولا!!」
تجمد العمدة.
مع شنطتها التي تعلقت بشكل مائل على زيها الراقصة، رفعت شوكهو حاجبًا ورمت قبلةً ماكرة على طرف الرموت.
كانت أقوى إسبرة نفسية.
لخامسة المدينة الأكاديمية، منتل آوت، كانت هذه شربة ماء.
بينما اختارت #3 ببساطة أن ترفض الوجه القبيح لطبيعة البشر، استخدمتها هذه الفتاة وتسلحت بها لتنقذ حياة الإلف. تلك الملكة الماكرة قد طاردت شر البشر طويلا حتى عرفت كيف تُسَيّره.
「هيه، لحظة، ماذا؟!」
لم يُعطى العمدة وقتًا ليقول الكثير.
مغمورين بالجشع، هاجمه المغامرون المحترفون جمعا.
- الجزء 18
كان العمدة أشيبًا. وهذا الشايب كان في يوم كهلاً. وذاك الكهل كان في يوم شابًا. وذلك الشاب كان في يوم صبيًا.
ولقد استخدم الإلف دون ريب أو شك.
ودون أن يحمد الفوائد التي جلبتها له هذه الأفعال.
في شبابه، جاء وباء لا يصيب إلا الإلف فاضطر مجتمعه الصغير أي قريته بتشغيل البشر فقط للنجاة.
لقد كانت كارثة.
لم يعرفوا كيف يعملون في الحقول أو النسج. وفي الواقع، لم يعرفوا حتى كيف يسحبون الماء، لذا كانت القرية كلها على وشك الجفاف والموت.
في ذلك الوقت، أدرك النكرة العاجز أن الإلف كانوا طوق نجاة لهم. بدون الإلف، فإن البشر هالك لا محالة. كان عليه أن يقبل أن الإلف أقوى وأجمل وأسمى على البشر كائنات. "ولذا عليهم الرضى بعيشة العبيد. لا خطأ في اعتماد البشر على الإلف للبقاء أحياء". أليس هذا صحيحًا؟
أبدا، فكّر العمدة الشايب بتأمل ساخر في ساعته الأخيرة هذه.
كان حقا أن البشر كادوا يموتون بغياب الإلف. ولكن ماذا لو أنهم غيروا نهجهم وقالوا أن الخطر الحقيقي كان باعتمادهم على الإلف؟ ماذا لو نزل البشر إلى الأقزام وبذلوا الجهد والكد فتعلموا كيفية الزراعة وحصد الطعام الذي يحتاجون إليه ليكتفوا بذاتهم دون اتكال؟
كيف كان ليكون الوضع الآن لو أنهم شكروا الإلف على دعمهم لحياتهم كل هذا الوقت ثم ردوا لهم الجميل؟
العديد والعديد من الفرص كانت سانحة.
لكن الشايب لم يحاول التغيير أبدًا.
「علّ هذا عقابٌ إلهي،」 تمتم.
بعد لحظة، كان المغامرون عليه كسرب من الوحوش.
- الجزء 19
حققوا انتصارًا كاملاً.
قوة ميساكا ميكوتو البسيطة قد مزقت العدو، لكن اللاعب الحقيقي كانت شوكهو ميساكي بجعلها العدو يقاتل بعضه مسببةً ضررا قاتلا بالمجموعة كلها.
والأهم أن أيًا من الإلف لم للأذى.
البشر ربما خافوا أن يحمل للإلف أسلحةً وذلك قد يتيح لهم التجمع والثورة، لكنهم على الأرجح ظنوا أيضًا أن السماح لعبدٍ وضيع أن يحميهم سيضر بمنزلتهم.
نادت ميكوتو بالإلف.
「من منكم كبيرة الإلف؟ نريد أن نكلمك لاحقًا」
「تلك أنا...」
「ابقي مع الآخرين. قلت لاحقًا نكلمك. الآن، ائتوا بشيء ساخن لتأكلوه وارتاحوا على سرير」
تبادلت الكبيرة (التي تبدو أقرب لفتاة الجيران الجذابة) وبتشييت نظرة.
「ما يحدث هنا؟」
「يبدو أننا أنقذنا」
تكلم الإلف غير مبالٍ. لكن الطريقة التي تتحرك بها آذانهم الطويلة أثناء حديثهم بدت ظريفة بصراحة.
على أي حال.
بعد أن مسحت جبينها، تحدثت بتشييت بنظرة من تعرق مستمتعا.
「آنسة ميساكا، آنسة شوكهو. هل نجعل من البشر الأسرى عبيدنا؟」
「「نجعل!!؟」」
وعلى وجه الإلفية الصغيرة ابتسامة بريئة.
لوحت ميكوتو بيديها محموما.
「هيه مهلا، هلا نتحدث عن هذا؟ أولاً، هل تعين ما تقولون؟」
「نعم؟ عندما يُؤسر أحد بعد خسارته معركة، يصبح عبداً. وهؤلاء، وإن لم يكونوا وحوشًا، إلا أن الخسارة خسارة」
بدت مشوشة.
كانت تتحدث عن الأمر كما لو أن أحدا قد شكك في حقيقة أن الصخرة تغلب المقص.
وبما أنها قد عوملت بهذه الطريقة، لم تشكك بتشييت في نظام العبودية نفسه.
حتى شوكهو خرست من ذلك، لكنها تبسمت.
「امم... ألم يعلمك أحد أن لا تفعلي بالناس ما لا ترضينه عن نفسك؟」
「؟」
على ما يبدو لا.
ليس وأنها لم تفهم المنطق – بل أنها لم تقدر على تطبيق هذا المنطق على العبودية.
كانت العبودية هي الحالة الأصل.
وليس عن رغبة أم لا.
وهذا يعني أنها لم ترى مشكلة في القول أن أحدا آخر سيكون عبداً. ستقبل ذلك بسهولة كما تقبل فكرة أن المدارس تبدأ في الربيع.
من جانب، كان هذا زرع وحصاد البشر في سِلِساكفير.
(لا لا، مهلا مهلا مهلا!! لا يجب أن أكفر هكذا. هذا يجعل المعتدين ضحايا – لا يقضي على النظام الأساسي للعبودية. كان علينا إنقاذ بتشييت والإلف الآخرين، لكننا هنا لا أن نحولهم إلى المعتدين الجدد!!)
احتاجت ميكوتو للتفكير.
لن تنجح الطرق المباشرة. لا يمكن للعقلية الأرضية أن تصل إلى تلك الإلفية. إذا لم تجد طريقة أفضل للتعبير، فإن ظلام سلساكفير سيبتلع بتشييت والآخرين.
جمعت ميكوتو أفكارها.
「بتشييت!」
「؟ ن-نعم، ماذا تريدين؟」
「أ-أكون صديقةً للعبيد لا مشكلة، لكنني لن أصاحب أي أحد يستخدم العبيد!」
「آه؟」 ذهلت بتشييت.
إيه، ربما هذه توجع، فكرت ميكوتو وهي تحدق في البعيد.
كان قلب الإنسان شيئًا معقدًا للغاية. على أن هذه كانت إلفا.
رفعت بتشييت الصغيرة صوتها ودموع في عينيها.
「إذن لن أفعلها! لن أستعبدهم!! لأنني أريد أن أكون معكما!!」
( (كدنا نفسدهاااااااا!!) )
تنهدت ميكوتو وشوكهو بتزامن.
لكن هذه كانت مسألة بلاغة.
لم تحل المشكلة الأساسية. لا شرط أن تحل الآن. إذا لم يفهمانها حقًا ما الخطأ في العبودية، فستظهر المشكلة مجددا في النهاية. وآخر شيء تريدانه أن تتحول الضحية إلى معتدٍ جديد.
ميلت الإلفية رأسها.
بظرافة.
「لكن أليس هذا تمييزًا وظيفيا أن تمنعوا وتهجروا المُستعبِدين حصرا؟」
「「لا، أبدا!!」」
- الجزء 20
باتت القرية الآن إلى ميكوتو وشوكهو.
وبتشييت تحدق في الأرض.
تساءلت ميكوتو عما تفعله الفتاة، ثم ربضت وسحبت شيئًا بين أطراف أصابعها الصغيرة.
「ما هذا؟」
「هـ-هذا برقيت...[9] أروع المعادن، قيمته أغلى حتى من البلاتين أو الألماس! حسبتُ أنني أخطأت، لكن يبدو أنه حقيقي!!」
صرخت الإلفية بحماسة، لكن ميكوتو وشوكهو فقط أمالا رأسيهما.
برقيت؟
طيب؟
عندما يسخن الرمل كفاية، يتحول إلى زجاج. وهذا ما يشكل البرقيتات، وهي "جواهر" خلقها البرق. أصلها فريد، لكنها تتكون أساسًا من السيليكون العادي وليست ذات قيمة كبيرة.
وعلى أية حال، يصنع الزجاج والطوب عن طريق تسخين وتصلب الرمل أو الأرض، لكنهما لا يظهران قيمة خاصة.
「هل تغيرت قيمتها من ندرة الكهرباء في هذا العالم؟」
「فوق ذلك، نقاط الخبرة هنا هي كهرباء حيوية ضعيفة. لذا علها ليست عن ندرة المادة بل أكثر عن قيمة خاصة تُعطى لها من خلال الأساطير والمعتقدات الخفية」
قد اعتقدت ميكوتو أن الأمر غريب عندما تحدثوا عن البحث في الحقول عن الجواهر.
عادة ما تحفر الجواهر في أعماق المناجم.
لكن مغامري النقابة كانوا يجمعونها من الحقول.
أذلك أن الطقس هنا كان ميالٌ إلى العواصف مما يعني مزيدا من العواصف الرعدية وبالتالي مزيدا من البرقيتات؟ ذلك سيشرح أيضًا كيف حصلت قرية صغيرة نائية على الدخل لبناء مبانيها الطوبية الفاخرة.
على أي حال.
كان أن البرقيت أغلى من البلاتين أو الألماس خبرًا مرحبًا. هذا يعني أن البرقيتات هي الشكل الأكثر استقرارًا للعملة في هذا العالم الخيالي، لذا يمكن أن تؤثر قيمتها على اقتصادات الدول.
ببساطة...
「الأمراء والملوك الذين جمعوا الثروات بتشجيع العبودية ربما يحفظون مكاسبهم غير المشروعة بتكديس خزائنهم بالبرقيتات القيمة، لا؟」
「ولكن إذا بدأتِ في إرسال الصدمات لتصنيع هذه البرقيت بكميات كبيرة، ستنهار قيمتها. حتى الدولة العسكرية القوية تحتاج إلى المال لخوض الحروب وإدارة شؤونها الداخلية، لذا يمكنك أن تقودي أيَّ ملِكٍ أو سيد إلى الإفلاس بقدرتك على التضخم الفائق الفوري☆」
وها هي مجددا.
هذا العالم حقًا كان مهيأً لميساكا ميكوتو.
- الجزء 21
حاليا، حصلت ميكوتو وشوكهو على غرف في النزل.
مما يعني أن النزل الوحيد في المدينة أصبح قاعدة عملياتهما تلقائيًا.
「يع، طلع أقرف مما توقعت」
توقفت ميكوتو ذات درع البيكيني عند الباب بعد أن ألقت نظرة على الغرفة الصغيرة ذات الأرضية الخشبية.
بصدق، قليلاً خافت من الدخول.
حتى من هذه المسافة، أمكنها أن ترى أشياء صغيرة تقفز حول السرير. أشياء تمتص الدم بحجم حبات الأرز على وجه التحديد.
ما كان النزل مكانًا للأحلام المريحة طبعا.
لكن لا نستغرب من نزل جنود ومغامرين هذا ثمنه. إذا كان مريحًا جدًا، فأولاء الصعاليك سيمكثون طويلا ويجلبون المتاعب للقرية.
(فهل مهمتي الأولى أن أتخلص من البراغيث وأهوي الأسرّة؟)
التقرف ما كان لينجز شيئا. هل سيجدون أشجار كافور قريبة؟ إذا قطّرت الخشب، قد تستخرج منه مبيد حشري. يمكنها تدبير ذلك حتى في عالمٍ خيالي.
「...آعغ」
ظهرت شوكهو الراقصة من الغرفة المجاورة وكأنها تكاد تموت.
تلك المحبة للمكونات الطبيعية بدا عليها تفكر بجدية فيما إذا كانت لتنجو هنا دون الاعتماد على المبيدات الحشرية الكيميائية. لابد أنها مرّت بموجةٍ من الارتباك والصراخ داخل الغرفة إذْ كان شعرها متناثرا في كل الاتجاهات وسلسلة شنطتها متشابكة معقدة حول رقبتها.
ميكوتو لم تهتم بذلك وسألت غير مكترثة.
「أين بتشييت؟」
「في غرفتي. قد يكون السرير أسوأ ما رأيته في حياتي، لكن على الأقل يوجد حمام ساخن. تركت بتشييت تدخله أولـ-」
كيااااا، قطعتها صرخة حادة.
ثم خرجت شخصية صغيرة بمنشفة من الغرفة.
الفتاة حمراء الوجه الدائخة هي بتشييت.
「ماذا؟ جاءك فأر أو شيء؟」
「ح-حار، الماء حار، لماذا الحمام حارًا؟」
غُليت في ثوانٍ.
ليس وجهها فقط، بل كامل جسدها احْمرّ تورّد.
「شوكهو، لا يكون إنك مثل الشيبان تحبين الحمام يسفع؟」
「طبعا لا!! إلا أقول أن الإلف تعودوا على الاستحمام في ينابيع باردة في الهواء الطلق ولذا ينفرون من حمامات حرارتها 40 درجة مئوية」
مهما كان السبب، لن يتركا الفتاة الصغيرة(؟) في الممر لا يغطيها غير منشفة. حملوها وأعادوها إلى غرفة شوكهو. كانت غرفة كغرفة ميكوتو، مما يعني أن الشجاعة مطلوبة للجلوس على السرير.
عدى ذلك، كانت كراسي وأريكة في الغرفة.
「آااهخ، الأماكن المهوية منعشـــــٓــــــــٓـة」
لابد أن الإلفية أرادت تبريد جسدها. متوقع.
عدى.
「بتشييت؟ ما بكِ أراكِ متكورة فوق الخزانة؟」
「مم؟ لأن الأعداء المخيفين لن يصلوا عاليا، ولي أن أرى اقتراب المفترسين من محلي ها هنا」
هل كان إلف الغابات تعيش في الأشجار؟
علها ستسعد إذا صنعوا لها برج قطة تركيب.
تنهدت ميكوتو.
「بالمناسبة، ما نفعل في العمدة؟ عن نفسي أريد أن أذهب وأكلمه」
「هاااا؟ لكن لدي منتل آوت، ولا أرغب في القيام بتلك المهمة المملة بنفسي، أفلا أغسل دماغ أحد القرويين العاديين ليقوم عنا بذلك؟」
「نحن هنا نعادي العبودية يا الملكة الكسولة!!」
أمسكت ميكوتو بذراع شوكهو وجذبتها خارج الغرفة.
ولا تزال الراقصة شوكهو تشتكي.
「تعدين المستوى بات من الماضي. ذوقي ميالٌ أكثر للألعاب الخاملة」
「حتى ولو، الشخصية في اللعبة ما تزال تعمل بجد طوال الوقت يا غبية」
بعد أن استفاد القريّة كثيرًا من عمل الإلف، كان عليهم أن يضمنوا أن العمدة سدد دينه كاملا للإلف.
وكان واضحا على محيا #5 التعب وأنها أرادت أن تفرغ غضبها على أحد ما، لكن ميكوتو قالت أنها ليست مهتمة بالدفاع عن العمدة الذي كدّ الإلف واستعبدهم.
بعد وصولهم إلى منزل العمدة – الأكبر في القرية – قدّمت ميكوتو مطلبها.
「ادفع للإلف ثمن عملهم. كل فلسٍ مهما كان. الآن」
「هنن!」
لا شك أنه يعرف أكثر من غيره أنه ليس في موقف يفاوض فيه.
لسان العمدة ارتجف فخرج منه رد قصير.
「اء-افعلوا ما تريدون」
「ما كنا نطلب،」 قالتها شوكهو، لكنها في الواقع متعجبة قليلاً في نفسها.
ترقبت منه أن يدافع عن ممتلكات القرية بيأس وقبح.
「القدرة الأولوية هي الأسلحة والطعام」
「مم؟ لا تريدون المال؟」
「لا شكرًا. قريبا جدا ستختفي قيمته. أوه، وإن لم ترد لشعبك أن يجوع، أوصيك بالحفاظ على كل ذهب وجوهر تملكون. ستكون حسرة لو مُتّم من ذلك. ليس إشفاقا مني عليك. إنما لا أريد أن أرى بتشييت تحزن」
لا يزال العمدة مرتبكًا، لكنهم ما كانوا ملزمين بشرح كل صغيرة له.
ميكوتو يمكنها إنتاج الكثير من البرقيتات الثمينة كما تشاء. ومن الممكن جدًا أن يصير أمر المال أدنى من حبة الرمل قيمةً خلال يوم واحد.
- الجزء 22
بطنٌ تخمٌ قد يحقق العجائب.
عندما يتدهور عقل المرء لدرجة معينة قد يصل إلى نقطة لا يستطيع فيها الأكل حتى، ولكن طالما أنها ليست المشكلة، فإن تلبية احتياجات الجسد سوف تُحسن صحة عقل الإلف. ما بدا أن أعضاؤهم الهضمية ضمرت، لعلهم قد تزودوا بالطعام. كان "عملهم" عبيد، لذا ربما أُطعِموا الكثرة من الطعام جبراً —وإن كان من أسوأ الأنواع— ليضمنوا استمراريتهم في الأعمال الشاقـ
ففجأة.
وهما واقفتان، انتقلت ميكوتو وشوكهو كأنما كانا في فيلم ناقص الإطارات. في نظرهما، كان الأمر أشبه بتبديل محيطهما بدل أن تُؤخذا. حدث هذا بسلاسة وطبيعية، لكنهما عجزتا عن ترتيب الذكرى عنه لمّا تحاولان.
「؟؟؟」
بدا أقرب لتنقل شيراي كروكو الآني. لو كان بإمكان أحد الأسابر أن ينقل الناس آلاف الكيلومترات دون لمسه، فقد يقدر على تحقيق هذا.
وسعت #3 و #5 عينيهما.
كانا في أرض مقدسة أو معبد ذو طابع هواتف ذكية فاخرة ولون نبيذٍ لامع.
كان هذا هو المكان الأول الذي انتقلتا إليه. فهل يعني ذلك أنهما لم يكونا في سلساكفير بعد الآن؟
「هيه، مهلا!」 صاحت ميكوتو ذات درع البيكيني.
كان الفضاء الواسع مهجورًا. فأين تكون تلك الإلهة الغامضة الصغيرة الكعّوبة؟!
「ما تحسبين أنكِ تفعلين؟! لماذا جلبتِنا؟ لم ننقذ بتشييت والإلف الآخرين بعد!!」
لقد أنقذتا الإلف من الإعدام العبثي في تلك القرية، ولكن ذلك لم يحل المشكلة بالكامل. إذا أُزيلت القوة العظمى التي هي ميكوتو وشوكهو من المعادلة، فماذا سيحدث لأولئك الإلف؟ ستُعاد بتشييت إلى البشر وترجع كما كانت أول الأمر!!
『تجاوزتما الحد』
سمعا صوتًا.
صوتًا مألوفًا.
فظهرت الراقصة البيضاء النقية تقف أمامهما. عدا أنك لن تجد مخبئاً في هذا الفضاء الواسع. فكيف أنهما لم تلاحظاها من قبل؟ أيفسر هذا بالتنقل الآني وحده؟ أم أن الإلهة لم تحمل شكلاً ماديًا حتى ترغب فيه؟
(أيعقل أنها تجمعٌ لمجال إنتشار AIM كما التي رأيتُها من قبل؟)
(هي إلهة التناسخ... لكن كيف نُعَرِّفُ هذا بالضبط؟ فمثلا، ما الذي يجعل الإله يختلف عن الملاك، وكيف نقارن بينهم من حيث القوة والقدرة؟)
انطرحت العديد من الأسئلة والشكوك العابرة.
وكانت الإلهة الصغيرة هنا الآن، تتحدث بابتسامة.
『كدتم تكسرون جميع قواعد سِلِساكفير وتفرضون هيمنتكم عليها. لذا ولإجراء طارئ، سآخذكما إلى عالمٍ آخر』
「يا إلهة التناسخ سَليناجَرَنۡتينا، أخبرتنا أنكِ تستطيعين أخذنا من الأرض إلى عالم آخر، وليس العكس」 قالت شوكهو.
『صحيح. ولهذا السبب لا أنقل سوى أرواحكما من ذلك العالم القديم إلى عالمٍ جديد. هذا لا ينتهك حدود إلهة أخرى ولا يكسر قواعدي أنا إلهة التناسخ』
ألِئِلـٰهةٌ بهذه القوة حقًا قواعد تَحُدُّها وتتّبعها؟
وهل من معاقبٍ يعاقبها إذا كسرتها؟
ربما كانت سليناجرنتينا تأمل أن تسافر ميكوتو وشوكهو عبر العالم الذي أرسلتهما إليه فتكملان خريطته أو تخترعان اختراعًا معينًا أو غير هذا، لكن بما أنه لم يبدو أنهما ستفعلان ما كان من المفترض، قررت أن تنهي الرحلة.
أوكانت تحسب أنها تُفلت من أي شيء طالما لم تكسر القواعد؟
『إيهيهي. الآن، إلى أي عالم أُرسلكما؟ هذا كان خطأي، لذلك سأبحث عن عالم له ظروف تمنحكما ميزةً حقيقية☆ ربما عالم يتعايش فيه البشر والديناصورات، أو عالم أصبح فيه البشر كائنات كهربائية يسبحون بحرية عبر الشبكة. أوه، في يدي الكثير والكثير من الخيارات الرائعة!』
「اصبري، ما زلنا لم نساعد بتشييت. لن نتخلى عنها ونتركها. إذا كنتِ ستأخذينا من ذلك العالم، على الأقل عِدينا أنكِ ستحمينها!!」
『ها هي. هذه المرة، ستقاتلان في حربٍ فضائية ضخمة تمتد عبر النظام الشمسي☆』
「「خرا عليك اسمعييييييييييييييييييييييييييييييييييييي!!!!!」」
اختر اسم وأكتب شيء جميل :)