الفصل الخامس: اؐلۡعَوۡدَةُ واؐلۡاِسۡتِحۡوَاذ
(إعدادات القراءة)
انتقال بين الأجزاء
- الجزء 1
OXXXOOXXXX.
OOOOXOOXXOOXXXOXOXOXOXXXXXX XXOOXXXXXXOXOOXOXXOX△△△OXOOOOXOOXXXXX. OOOOXOOXXXXOOXXXXXOOOOXXXXXXXXX. OXXOOXOO OOOXXXXXXXX OX△△△△OOXXXOXXXXXOOXXXXXXXOXXXXXXXXXXXXe. قيل عن سفينة صيد السلطعون الشهيرة (أو قبيحة الذكر) أنها كانت تزود عمالها بكميات وفيرة من الأرز الأبيض فقط ولا شيء غيره.
حاليا، كان على الإلف إعادة بناء قوتهم حتى وإن أكلوا لفائف الخبز وحساء الذرة.
؟
؟؟؟
حدثت فُجاءة.
فتحت ميساكا ميكوتو وشوكهو ميساكي أعينهما ليجدا نفسيهما في قرية صغيرة تفوح منها رائحة النبات. وليس من تشابه تجده من هذه وتلك السفينة الفضائية المعقمة.
اجتمع هناك الإلف الأشعثون وعليهم أطواق كبيرة وسلاسل سميكة تربط كواحلهم. من بينهم فتاةٌ صغيرة تُدعى بتشييت.
عادا.
عادا إلى عالم سلساكفير.
الآن يمكنهما القتال حتى النهاية دون التخلي عن الإلف!!
「مم، ما الأمر يا آنستَي ميساكا وشوكهو؟ كياااه!؟」
احتضنتاها دون تفكير.
بشدة.
إنّ الأرواح في هذا العالم تُزهق كشربة ماء، لكن لم يحدث أي شيء خطير أثناء غياب ميكوتو وشوكهو. وهما ممتنتان لهذه المعجزة.
الإحساس الصلب على صدر ميكوتو أخبرها أن زيها الصيفي من توكيواداي قد عاد ليصبح درع بيكيني مجددًا. أما شوكوهو، فلبست مجددًا زيها الراقصة المزخرفة مع شنطتها مائلةٌ عبره.
ما كان لبتشييت ولا الإلف الآخرون أي فكرة عن اختفاء ميكوتو وشوكهو.
لم يلاحظوا أي شيء غير عادي.
لم تعد ميكوتو وشوكهو تمتلكان جهاز التكهرب أو المتحكم. لقد تخلّتا عن وسيلتهما المضمونة الوحيدة للعودة إلى الأرض، لكن ميكوتو لم تندم. بل تعلم أنها لن تستسلم عن هذا قبل أن تنهيه.
استمر العناق للحظات بينما تُأكد وجودها وجارتها في هذا العالم ومن صلابة الأرض تحت قديمها... لكن عندها، أفسدت شوكهو الأجواء.
لا بد أنها لاحظت طعام الإلف.
تلك المهووسة بالصحة اختارت هذه اللحظة لتحدق بهما بحدة.
「كارب على كارب؟」
「كيف تستمتعين بالحياة أنتِ وذوقك الطَلّاب هذا؟」
على طاري، قد خُطِفتا من قبل إلهة التناسخ سليناجرنتينا بعد أن حرروا الإلف من القرية وبدأوا بإعداد الطعام لهم ليستعيدوا عافيتهم المنهكة.
كان الإلف يأكلون لفائف الخبز وحساء الذرة.
بدا أن هذا مناسبًا لهم إذْ كانوا بحاجة لاستعادة قوتهم أسرع ما يمكن.
انحنت الآنسة التي كانت على ما يبدو زعيمة الإلف احترامًا.
لكن حفاظها على وعاءها أثناء انحنائها أبدت فيها الظرافة إلى حد ما.
「بتشييت أخبرتني بكل شيء. كما قلت لكما من قبل، أنا الكبيرة. اسمي بَيكرۡيان」
「من baker؟ اسم آخر للحلواني」
「؟」
إمالة رأسها أشارت إلى أنها لم تك تدرك أصل اسمها.
الشيخة بَيكريان، ذات مظهر بنت الجيران البسيطة، تنحنحت قبل أن تتابع حديثها.
「أنتما مهتمتان بمراسم الكنوز الثلاثة، صحيح؟ ولذلك ترغبان في معرفة المزيد عن ملوك الشياطين الثلاثة الذين يحرسونها؟」
「نعم!!」
هذا بالضبط ما تحتاجان معرفته.
كان على ميكوتو وشوكهو أن تمضيا بأسلوب سلساكفير الآن. بعد إنقاذ الإلف، تحتاجان إلى بعض الأدلة حول تلك المراسم التي قد تعيدهما إلى الأرض.
لكن وجه الشيخة بَيكريان تغمم.
「أعتذر لإعطائكما أملاً زائفًا، لكن ليس في يدي إجابات تسعيان إليها. كنتُ أملك جريمواراً جُمِّعَ فيه مثل هذه الأساطير والقصص، لكن البشر الملعونون- آه، آسفة. أعني، البشر أخذوها مني عندما أسروني. وأتوقع أنها الآن مدفونة في تجميعة الملك المحلي أو الأمراء」
「إذن نذهب هناك؟」
「أجل」
هذا يعني أن عليهما زيارة الأمير الذي يحكم هذه المنطقة. هو من يمتلك مفتاح عودتهما إلى الوطن.
أومأت الشيخة مرةً ثم...
「لكن نطاق معركتكما سيتغير بشكل جذري مع وجود أمير في المعادلة. فالمقاطعة الواحدة تضم أكثر من مئة بلدة وقرية، وإنّ الأمير يديرها ويتحكم بها كلها. لا يمكن لأساليبكما القائمة على القوة الغاشمة أن تنجح للأبد」
「لا عليكِ من ذلك」
تنهدت فتاة البيكيني ميكوتو بلطف بينما تغمز الراقصة شوكهو.
تدركان تمامًا إلى أين تمضي الحكاية.
لذلك أرادتا أن تُنجحاها، حتى وإن كان يعني خداع طرفين في حربٍ فضائية كبرى تجتاح النظام الشمسي بأكمله.
حتى ولو كان الثمن التخلي عن تذكرتهما الوحيدة للعودة إلى الوطن.
「عدى ذلك، حتى ولو توقفنا هنا، فذلكما الأمير لن يتركنا وشأننا، لا؟」
- الجزء 2
كان التغيير في الأجواء واضحًا.
لن ترى أثراً للمسافرين والتجار الذين كانوا يتنقلون بين شظايا الجزر العائمة التي تشبه قشر البيض. لن تحميهم القرية، لذا كانوا شديدي الحساسية للخطر. وقد بدأوا يرون مغامرين أكثر قادرين على استشعار الخطر وكذلك قطاع الطرق الذين رأوا فيها فرصة.
تنهدت ميكوتو.
كانوا في اجتماعٍ استراتيجي في مطبخ النزل.
لكنها لم ترد الجلوس دون شغل، لذا وإلى أن يحدث أي تطور، كانت تصنع مجموعة متنوعة من الحلويات (بلبسٍ غريب هو مئزرٌ فوق درع البكيني). لم يمنح هذا العالم في الطعام متعة – بل كل شيء كان عن بالتغذية وفقط. ولذا ودّت لو تترك لهم بعض الوصفات، لكن على أنهم يفهمون حديث بعضهم البعض، هل أمكن لناس هذا العالم أن يقرأوا النصوص اليابانية؟
「تحرير القرية كان أمرًا حسنًا،」 تقول ميكوتو. 「وهو واضح أنه الأحسن للإلف المستعبَدين، لكن لا بد أن هناك بعض البشر لم يشاركوا في الأمر إلا خوفًا من أن تنبذهم الجماعة」
「لكن الأمير لن يترك هذا يمر مرور الكرام، قرية كاملة ضمن أراضيه قد سقطت. وسيأتي ليقمع قدرة التمرد هذه」
كان النظام غير المألوف من التكنولوجيا ألا وهو السحر مخيف، لكن ميكوتو وشوكهو أثبتتا قدرتيهما على غلب قرية صغيرة بالكامل سهلاً.
لكن لم تملكا إجابة السؤال الأكثر جوهرية.
كم عدد الناس في هذه المملكة؟ فالحرب ضد مملكة شعبها عشرة آلاف ليست شيئًا مقارنة بحربٍ ضد مليار. كانتا تواجهان حقيقة مزعجة وهي أن لدى سلساكفير هيكل اجتماعي مختلف تمامًا عن الأرض. ويغلب الظن أن تكون الممالك هنا قوى عظمى بعدد سكان يصل إلى عشرة مليارات.
「زكية وطيبة」 قالت المبتسمة بتشييت وهي تستطعم حلوى مكعبة صغيرة أصلب من الجيلاتين، تُعرف عمومًا باسم ناتا دي كوكو.
قد صنعتها ميكوتو، لكن حتى هي تفاجأت.
لماذا؟
「ب-بتشييت؟ ن-ناتا دي كوكو هِيَ، يعني، إنها نوع قديم جدًا من الحلوى، لذا لا داعي أن تأكلينها」
「هِه؟ لكنها أفضل ما صنعتهِ」
「ب-بالتأكيد ستفضلين هذه الدونات الملونة أو كعكة الجبن الفاخرة ذي」
「انظري، الشيخة والبقية يأكلونها أيضًا. هذا يثبت أنها الأفضل」
ميكوتو قد صنعت ناتا دي كوكو دعابةً وشيئاً بسيطا تأكله دون أن تحرم الإلف من أي شيء طيّب، لكنك لن تتنبأ أبدًا بما سيشيع بين أناسٍ لم يحملوا مفاهيمَ مسبقة. كما حدث مع أسطورة القاتل بالفأس تحت السرير أو المرأة الزاحفة من الجحيم ذاعا في اليابان من بعد ما أصبحت قصصًا كليشيهية عند الأجانب.
أيا كان حال...
「أن تبدأي لعبة استراتيجية وأنتِ تجهلين قدرة الخريطة وتوازن القوى لهو خطأ」 قالت شوكهو ثم ردت ميكوتو.
「لكن إذا فزتِ في الأخير، قد تدمنينها حقًا」
「وإن كان، فلن نسمح لذاك الأمير الحقير المستعبد أن يهاجمنا」
「تبا، إذن لنستعد للمعركة! الموجة الأولى من هذه الحرب التي لا تنتهي تكاد تبدأ!!」
وأصابت توقعاتهم.
للأسف، مثل هذه التوقعات يتمنون لو تكون خاطئة.
- الجزء 3
جاء التغيير تحذير.
امتد الحقل الأخضر المتدحرج خارج القرية حتى الأفق، فإذْ بذلك الأفق يُمحىٰ فجأة.
بالضبط، يُمْحَىٰ.
جزءٌ من الأفق يمتد لعدة كيلومترات انفجر. لكن ليس انفجاراً واحدا بسيط، قنابل لا تحصى – أو أكثر من مئةٍ أو حتى مئتين – انفجرت في آنٍ مُشَكِّلةً جدارًا من الانفجارات الممتدة يسارا ويمين. كانت أشبه بطابعة موت تقترب منهما.
「أيييك!」
صرخت الإلفية مذعورة.
كأن المنطقة تمشطت بمشطٍ دقيق؛ ولكن بالقنابل. كان الصف الطويل من الانفجارات يقترب ببطء. الأرض بأكملها ستُباد، وكان من الواضح ما سيحدث ما إن تصل إلى القرية.
ولا تنسى أن سلساكفير تتكون من أراضٍ عائمة.
هذه القنابل لم ترمى من بعيد، بل كانت تُسقط من الأعلى. كانت هناك أرض عائمة أخرى تمر فوق المستوى الذي كانت عليه ميكوتو وشوكهو، وكان الجنود مصطفين على حافتها يلقون القنابل أسفلهم.
وكان ذلك كافيًا ليكون قصفا بُساطي.
「كأ– كأنهم يحرثون الأرض العائمة كلها بالقنابل!」 قالت بتشييت. 「إذا واصلوا ذلك من الطرف الغربي إلى الطرف الشرقي فسوف تنسف الأرض العائمة بأكملها – ومعها هذه القرية!!」
「ميساكا-سان، ماذا ترين؟」
「مم، ليسوا أذكياءا」
لم يبدو عليهما القلق.
بل كأنهما تتناقشان حول شكل الغيوم وما إذا كان المطر سينزل الليلة.
ربما كان تحسنًا أن الإلفية استطاعت على الأقل أن تشحب رعبًا قُدّام هلاكها الوشيك. فهذا أكثر مما استاطعته تلك الفتيات المستنسخات. فمها يتحرك بلا صوت، فجاءت ميكوتو تمسح رأسها لتهدئها بينما تدلي ببعض الملاحظات.
「لو أمكنهم إسقاط القنابل على أي جزء من هذه الأرض لقصفونا مباشرةً في وسط القرية. لا سبب لقصفهم الأرض كلها من طرفٍ إلى آخر إلا لنشر الرعب. وحقيقة أنهم يلمحون إلينا أنّ القرية ستُقصف ما لم نفعل شيئًا تعني أيضًا أنه لا يزال لدينا الوقت قبل أن يضرب الخطر」
「كما أن القصف البساطي ذاك يخبرنا أيضًا أنهم لا يستطيعون إرسال أي من جنودهم حتى ينتهوا من تسوية كل شيء بالأرض. كم عدد الجنود يملكون فوقنا هناك؟ خمسُ-مئة؟ ألفٌ ربما؟ فَبِجلبهم قواتهم المسلحة إلى الجبهة ثم بتجليسهم ينتظرون هناك كأنهم يطلبون منا أن نستعرض قدرتنا على توجيه ضربة استباقية☆」
تمركز العدو في طبقة أعلى.
لن يقدر الإنسان العادي أن يصل إلى أرض عائمة على علو 30 مترًا. فامتلاك موقع مرتفع لميزة شبه كاسحة. إسقاط الأشياء لأمر سهل، لكن رميها للأعلى كان أصعب بكثير.
لكن تلك القواعد لم تكن تنطبق على ثالثة المستوى 5.
「لا عليكِ، بتشييت」
「كيف؟」
「ألف جندي لا شيء. فقد قاتلنا مدينة تعدادها 2.3 مليون」
- الجزء 4
طااب!!
كان صوت الدمار القادم باهتًا مقلقا.
جاء من قدمي ميساكا ميكوتو عند هبوطها على الجزيرة العائمة العليا بعد أن قفزت مباشرة 30 مترًا لأعلى بقدرتها على التحكم بالمغناطيس بينما كانت شوكهو ميساكي متشبثة بخصرها.
استدار الجنود المدرعون متفاجئين بينما كانوا يدحرجون قنابل ضخمة يزيد قطرها عن متر إلى حافة الجرف استعدادًا لإسقاطها.
「م ما–؟!」
「أه، ما عليكم منا」
قبل أن يستوعبوا الصدمة، دفعت ميكوتو ذات درع البكيني أحد الجنود من الحافة بيدها ثم أطلقت رمحًا من البرق اخترق كرة ضخمة معبأة بالبارود كانت قريبة.
ذلك الانفجار الأول خلق سلسلة من الانفجارات قذفت الجنود في الهواء.
「سحر هذا العالم مثيرٌ بصراحة، يسمح لي أن أفعل كل هذا دون الخوف من قتلهم」
الصغيرة بتشييت والشيخة بيكريان قد أوضحتا سابقًا أن دروع الجنود مصممة لحمايتهم من عنصري النار والصدمة مما يحميهم من الانفجارات العرضية. حتى السقوط من ارتفاع 30 مترًا لن يكون قاتلًا لهم لأنه يُحسب من عنصر الصدمة. رغم ذلك، سيبقون عاجزين عن القتال لفترة.
لم تتوقع ميكوتو أن يحسم هذا الاشتباك أي شيء.
ما كانت هذه الانفجارات إلا تمويها.
لم تكن سوى تمهيدًا لمهاجمة القوة الرئيسية للعدو بينما يكونون في حالة ارتباك.
نزلت ميكوتو شوكهو إلى الأرض.
وقفا جنبًا لجنب.
نعم.
ما كان لسحر دفاع سلساكفير عنصرٌ يحمي من البرق أو الغسل العقلي.
أطلقت ميكوتو بدرع البكيني رماحًا من البرق من غررها، وصوبت الراقصة شوكهو رِموتها. في هذه المرحلة، لم تكن الدروع السميكة للفرسان والجنود سوى عائق يُبطئهم. البعض ضربه كهرباءٌ عالي الجهد مخترقا دروعهم الفولاذية، والبعض غُسل عقليًا ليهاجم حلفائه.
عندما رأت شوكهو الجنود المدرعين الأشداء ذوي البأس والبنية، لعقت شفتيها مُغرِيَةً. ولم يكن بأس الرجال عندها إلا خير، فهي من تقلب القلوب كيف شاءت وتجعل منهم أداةً لها متى أرادت.
「الكثير والكثير لأختار☆」
فلو رأيت راقصةً شبه عارية تنظر نظرة تلهفٍ إلى رجالٍ مفتولي العضلات كَسَاهُم العرق، لظننت بها سوءا.
تبع ذلك إعصار من الفوضى.
「الطلائع، ارجعوا إلى الجوانب!! سوف نسحقهم بالمدفعية!!」
رفع أحد الجنود سيفه غير المغمد عاليا.
قد يتراءى لك أنه طقس عسكري مبهر، لكنه حقيقةً يأخذ قياسات تقديرية للمسافة والزاوية المناسبة لتوجيه القذائف. ومن خلفه أسلحة حصار ضخمة تشبه الأقواس المستعرضة، يتجاوز طولها مترين، مثبتة على منصات بعجلات أكبر من سيارة خفيفة.
كانت عَرَّادَةً عملاقة.
تعتمد هذه الأسلحة الثابتة في قذفها على مرونة الخشب أو أوتار الدواب، وعلى قوة التواء الحبال، فينطلق منها سهام ضخام. سهامها بطول مترين أو يزيد، وبعض العَرَّادات حُمِّلت عليها سلاسل سميكة ملفوفة بطول عدة أمتار. عند إطلاقها وهي تدور، كأنك سترى تأثيرها نسخة أضخم من الشفرة الدوارة قاطعة الأعشاب. ضربةٌ مباشرة قد تقطع جذع إنسان بسهولة. وإذا أضيف إليها استقرارٌ أثناء الطيران فقد يحلقون مثل القرص الطائر.
(المقذوفات من النحاس. لن أوقفها بالمغناطيس!!)
لكن......
「شوكهو، تقدمي!!」
「هاه؟」
「سنُقتل إن تراجعنا. لن أستطيع إيقاف الرمية الأولى، لذا أفضل خطة هي بألّا نمنحهم وقتًا لتحضير الرمية الثانية!!」
انضغط الهواء.
ركضت ميكوتو للأمام بسيف رملٍ حديدي في يدها بينما تعثرت شوكهو عندما داست على أحد أطراف زيّها الراقصة تمامًا عندما مرَّ شيءٌ أحرق الهواء بينهما بحدة. كانت قريبة، لكنها لم تكن سريعة لدرجة لم تستطع ميكوتو تفاديها برادارها الميكرويفي (موجات دقيقة).
「هيه!! أيعني هذا أنني نجوت تواً بالحظ!؟」 احتجّت شوكهو.
「(تشه. لا أريد حقًا الاعتراف بأن الحظ قد يُحسَب من المهارة)」
كانت العرادة سلاحا قويا شديدا، لكنها تطلبت عدة جنود معضلين ليحملوا فيها القذائف، مما جعل المعركة تعتمد على القوة البدنية.
(لديهم عرّادات كثيرة، فلماذا لا يقسمون العمل إلى مراحل بحيث يحافظون على إطلاقٍ مستمر؟ أم تراهم أغبياء ولا أكثر؟)
بما أن العدو أخطأ في خططه، جاء دور ميكوتو.
「آاااااهــه!!」 صرخت ولوحت بسيفها الرملي الحديدي أفقيًا.
قطعت ركيزة سيف الجندي وعندما تجمد في مكانه من الصدمة ركلته في بطنه مدحرجتًا إياه للوراء. يبدو أن درعه قد رفع من مركز ثقله بشكل غير متوقع. وما إن نهض حتى وجهت ميكوتو كفها نحوه فأرسلت صدمات كهربائية عالية الجهد لإسكاته.
فإذ بفَتْخاءٍ أكبر من فيل يفرد جناحيه يَشزُرها. لا بد أن الجنود أطلقوا الوحش الذي استخدموه لسحب العَرّادات الضخمة التي تعادل حجم مبانٍ من طابقين. استخدمت ميكوتو الضوء الساطع والضوضاء العالية من كهرباء الجهد العالي لتبقي الفتخاء بعيدًا وصرخت.
「انهضي، شوكهو! سأتولى الوحش، فاسرعي وسيطري على جنود العرّادة!!」
「آآعغ. ميساكا-سان، لِمَ لا – لهث – تتولين كل شيء – هىء – لوحدك؟ اهع...」
「لا تستسلمي وتنهاري هنا أيا الملكة الضعيفة!! ما انتهينا من شيء بعد!!」
عندها سمعت ميكوتو وشوكهو صوت اصطدام باهت.
اختفى ضوء الشمس من فوقهما. شيء كان على ارتفاع حوالي مئتين متر فوقهما.
جزيرة عائمة أخرى انضمت إلى المعركة.
لكن مدى ريلغن كان 50 مترًا فقط، وإن رماح البرق والسيوف الرملية الحديدية تعجز عن مهاجمة وتدمير الجانب السفلي لجزيرة عائمة تمتد لعدة كيلومترات.
بهذا المعدل فإن قائد العدو سوف يهرب.
بل في الواقع، ستُقتلان بالقنابل الساقطة دون وسيلة للرد!!
- الجزء 5
قبل بداية المعركة الفعلية، طبعا ستعقد ميكوتو وشوكهو اجتماعًا استراتيجيا.
جلستا حول طاولة في قاعة الطعام بالطابق الأول من نزل القرية تأكلان الأطايب. وانضمت إليهما بتشييت والشيخة بَيكرۡيان.
وهنالك ما أزعج ميكوتو ذات الدرع البكيني منذ فترة دون أن تتكلم عنه.
(كم طبقة من الأراضي العائمة تتداخل مع بعض؟ وكيف لنا حتى أن نعقد اجتماعا تخطيطيا لمعركة تُخاض في ثلاثة أبعاد؟)
「مم، هذه خريطة بحيرات بوسَيدُن حيث نحن الآن」
نشرت بتشييت شيئًا على الطاولة فأكملت.
「وتلك هي الأرض العائمة فوقنا」
لم تكن الخرائط على ورق الرق، بل نوعًا من الورق الرقيق الشفاف موضعةً فوقا على فوق. لو قلنا أن هذه القرية في الطبقة السفلى، فسنوضع خرائط الطبقة الوسطى والطبقة العليا وأي طبقات أخرى فوقها.
「همم. من الصعب قراءتها. لكنني أفهم لماذا تكون هكذا」
「لم ننتهِ بعد. هذا يُكملها」
مدّت بيكريان يديها وتمتمت بشيء تحت أنفاسها فصدئ طنينٌ خافت. فظهر نموذج ثلاثي الأبعاد للتضاريس التي تعرضها الخرائط الرقيقة فوق الطاولة.
「أوه، روعة!」 قالت شوكهو، 「الآن بدأ هذا العالم يبدو فعلا عالما خيالي☆」
「؟」
أمالت الإلفية العادية رأسها مستغربة عند ذلك التعليق.
「نحن في بحيرات بوسَيدُن، لكن هنالك أراضٍ عائمة تقترب من الغرب فوقنا. الطبقة الوسطى هي سهول هَدِس الشهيرة وهي مقبرة ضخمة. أما الطبقة العليا فهي جبال زيوس. جبال زيوس عاليةٌ مرتفعة لدرجة أنها تصطدم بالسحب غالبًا فتغير معه الطقس وترسل الصواعق كرارةً على بحيرات بوسيدون」
「「......」」
「مم؟」 تنظر إليهما بتشييت بعيون متسائلة.
بوسَيدُن، هَدِس، زيوس. حتى أهل المدينة الأكاديمية المهووسة بالعلم تعرّفوا على هذه الأسماء. يبدو أن أسماء الأماكن في سلساكفير لا تزال كسولة للغاية. أي أحد يحمل أدنى خبرة في الأنمي والمانجا المستوحاة من الأساطير كان ليعرفها على الفور.
والأسوأ، أنَّ بحيرات بوسيدن كانت تحتوي بالفعل على ينابيع من المياه المالحة، مما جعل الاسم منطقيًا نوعًا ما.
(هل يُعقل أن أحدًا من الأرض زار هذا المكان قبلنا؟)
「معظم الجنود والقنابل سينتشرون في سهول هَدِس في الطبقة الوسطى. ومع تحرك تلك الأرض شرقاً من الغرب، سيتمكنون من إسقاط قنابلهم قصفا بساطياً شاملا على الأرض التي نحن فيها، بحيرات بوسيدن」
كان من المزعج أن عليك مراقبة عدة أراضٍ لتفهم شروط النصر في هذه المعركة. إذا كانت الأراضي العائمة تتحرك على مسارات ثابتة، فيمكن للعدو الاستيلاء على طبقة عليا قبل وصولها بوقت طويل ثم تنتظر وصول تلك الأرض العائمة إلى فوق الهدف فترسل جميع جنودك يهاجمون.
「لكن الطبقة السفلية والوسطى تفصلهما 30 مترًا فقط. أستطيع شن هجوم مباشر عليها」 قالت ميكوتو.
「هذا أمر رائع، لكن المشكلة الحقيقية تكمن في جبال زيوس في الأعلى」 ثم أشارت الشيخة إلى السقف. 「المسافة بين الطبقة الوسطى والعليا تصل إلى 200 متر. حتى بقوتك ستجدين صعوبة في الوصول إلى ذلك الارتفاع، أليس كذلك؟」
「إيه... نعم...」
「ومن البديهي أن القائد الأعلى سيكون موجودا يشرف على كل شيء من الأعلى」 قالت شوكهو. 「فهل من طريقة نستولي بها على الطبقة الوسطى ثم نُهادنهم؟」
「جبال زيوس ستكون مستعدة على الأقل لشنّ القصف. ليس فقط لاستهداف العدو، بل أيضًا لتهديد الجنود المترددين وإجبارهم على مواصلة الهجوم على سهول هَدِس」
بمعنى، حتى لو سيطروا على الطبقة الوسطى فإن القنابل ستظل تنهال عليهم من الطبقة العليا.
فلن يفوزوا بهذه المعركة إن لم يهاجموا الطبقة العليا مباشرة.
- الجزء 6
حامية القيادة الأمامية في جبال زيوس ما كانت إلا اسمًا مُبَهّرًا منفوخ. لم تكن سوى فيلا فاخرة تتفكك وتُنقَل إلى ساحة المعركة على قطع.
وقف مايند، كبير الخدم الأشقر الشاب، يبلغ بهدوء:
「أرصدُ انفجاراتٍ في سهول هدس بدلاً من الطبقة السفلى. هذا لأمرٌ عجيبٌ غريب」
وعلى الأريكة تجلس الفارسة لافندر تحضن ركبتيها.
حنت رأسها بينما تتمتم في نفسها.
「لا، لا، لا… سنخسر وسوف أُأسر ويجعلونني عبدةً لهم لا محالة. أرجوكم لا! سأفعل أي شيء، أي عمل، فقط لا تستخدموا جسدي سمادًا في حقولكم بعد موتي. إذا كنتم ستقتلون، فعلى الأقل امنحوني إعدامًا كريمًا وسريعا ولا تجعلوه عرضًا عامًا، أرجوكم، فأبواي سيشاهدان...」
「مولاتي، إنما هذا أمرٌ هينٌ ويسير. فإذا نظرنا إلى الأمر في جملته، فالنصر لنا كأنما قد كُتب ووقع」
فجأةً انتفض رأس لافندر، ولمعت عيناها بهجة وسرور.
「نعم، أكيدٌ سأنتصر!! آهاهاهاهاها!! أولئك الحمقى المتمردون لا حق لهم ولا يستحقون. ولِمَ نُعنى بعدهم وهم يسيرون إلى حتفهم المحتوم! حسۡبُنا أن نحصي الرؤوس المحترقة إذ تتقاذفها الريح بعد أن تهدأ العاصفة! هيهيهيهيهاهاهاهاهاها!!」
「بالطبع، حتى أدنى المشكلات قد تجر إلى الهلاك في الحرب」
「لا، لا، لا، لا...」
وقيل أنّ لافندر يمينُ يدِ الأمير المحليّ، وقد ملأ ذكرها القلوبَ رهبة، لكنها في حقيقتها لم تكن إلا على هذه الحال دائما. ما ترفع رأسها فخرًا إلا إذا كان لها في الحرب غلبةٌ لا ريب فيها. وأن القائد الحقّ إنما يُعرَف حين تنقلب عليه الأمور فيُحسن التدبير، ولكنّ الفارق في القوة بين الفريقين هنا من حيث السعة كبير بحيث لو أُوكل الأمر إلى شيخ متقاعد، ضجر من طول سكونه، لَقاده إلى النصر بلا عناء.
لكن دعنا من كل هذا....
「واثقة من الفكرة يا مولاتي؟ أعلم أنه كان لا بد لتحقيق النصر، لكن بحيرات بوسيدن تأوي قريةً قيل عنها أنها تصنع معدن الصواعق، البرقيت. قصفنا الشامل هذا لن ينسى حصاد أرواح القرية أيضًا」
「ه-همف! الثوار هم من استولوا على القرية وجعلوها مقرا، فتدميرها لا مفر منه. وما على أهل القرية إلا أن يلوموا أنفسهم فهم من سلّموها لأولئك الثوار الأوغاد منذ البداية! يَه!!」
كانت حقًا فارسةً لا تهتم بشيء عندما تكون في موقف قوي.
تنهد مايند.
(لكن إذا نجا أي من القرويين، فقد يصبحون حقاً ثواراً. ولمنع ذلك، يجب أن نقتلهم لآخر واحد، منهم الشيوخ ومنهم المصابين والنساء والأطفال)
ربما لم تفكر سيدته فيما قد تجلب قراراتها، وربما كانت لتذهل لو أخبرها.
لذا احتفظ مايند بتلك الأفكار لنفسه.
لم تبرع لافندر في أي شيء تفعله.
لكن ذلك لم يكن سببًا يزعزع حب خُدّامها لها. ولقد تقبلَ أنها في الواقع من الدرجة الثانية، ثم فعل كل ما في وسعه ليمنع عجلات المجتمع الكبرى أن تُمزقها.
عالم سلساكفير كان قاسيًا بلا نهاية.
وإنّ مايند قد أقسم أن يحمي لافندر من هذا العالم مهما كلفه. لذلك لم يحصر نفسه على العبيد من الإلف. بل أنه استخدم الناس جمعاء قطعا في مجموعته. طالما يضمن أن أحدًا آخر دائمًا ما يدفع ثمن قرارات سيدته من الدرجة الثانية، فإن لافندر يمكن أن تعيش حياة قائد من الدرجة الأولى.
كان مستعدًا لخداع سيدته حتى تموت وهي مبتسمة في الشيخوخة.
وكان مستعدًا أن يدخل الجحيم طالما تذهب هي إلى النعيم.
(من الناحية المثالية، قد ألقي اللوم على منافس يتفوق عليها في المهارة لكي أتمكن من ترقيتها وأهزم عدوا لها في نفس الوقت. يا للمتاعب)
في تلك اللحظة، سمع مايند انفجارًا مدويًا يرتفع أسفله.
احتضنت لافندر ركبتيها على الأريكة، وارتعشت كتفاها.
「م-ما حدث؟ لم يذهب الفوز عني، ها؟」
「يبدو أن متمردينا وصلوا إلى سهول هدس. ويبدو أن الثكنات هناك قد دُمرت. لا أعرف أي سحر يستخدمون، لكن اثنان منهم يدمران المكان」
「لا، لا، لا، لا، لا، لا، لا، لا، لا. ههه، إيهيهي. لماذا لا نتعايش جميعًا؟ لأنه من محال المحالات. آهخ، أعلم تمامًا أنهم سيجردونني من ملابسي ويُسَيّرونني في الساحة العامة بطوقٍ حول عنقي......」
كانت لافندر تمسك برأسها وتغرق في التشاؤم مرة أخرى.
مزاج هذه الفارسة بسهولة يتأثر مع المتغيرات.
「ألم تتركِ أسلحة في جبال زيوس تحسبًا لهذه المواقف؟」
「أجل أجل! وهذا يعني أنني قد أفوز بها!! هَهْ، وجبال الزيوس على بُعد 200 متر فوق سهول هدس. أهَهَهَهَه!! إرسالنا الجنود إليهم أمرٌ، لكن إرسالهم هجومًا إلى الأعلى لأمرٌ آخر تمامًا. الآن كل ما علينا هو أن نُلقي القنابل من هنا فنُفَجّر أولئك المتمردين إلى أشلاء! أنا ذكية!!」
(طبعا، هذا يعني أن قنابلنا ستوجه الضربة القاضية لجنودنا المهزومين في سهول هَدِس. إذا نجا واحدٌ منهم، فسيحمل ضغينة الدهر)
لكن كان من واجب مايند أن يطيع أوامر سيدته.
كانت قاعدة القيادة الأمامية لجبال زيوس في الواقع فيلا فاخراً، ولكن ولا أحد منها يعرف كيف يتعامل مع المتفجرات غير الفارسة ومايند. البقية كانوا طهاةً وأخصائيين في تقديم النبيذ ومثلهم. لذا، ذهبت لافندر ومايند إلى حافة الأرض الطافية وغرسا وتدًا في الأرض وربطا حبال الأمان حول خصرهما.
「أين المتمردون!؟」
「أشك في أن يبقون في مكان واحد. مع كل ما يحدث، كل من لا يزال على قدميه يركض سيكون العدو」
من هناك نظرت لافندر مرة أخرى.
رأت محاربةً تركض (ومعها راقصة) بحثًا عن سَاتر. تركت جدارًا من الطوب قائمًا وسط الحطام الذي كان اسطبل الفتخاء وبدت وكأنها تُسارع نحو قطعة كبيرة أخرى سِتار.
وبقيت عندهم بعض العَرّادات الأشبه بالمنجنيق.
أحدها غير اتجاهه. ولسبب ما، صُوِّبَ إلى أعلى بأقصى زاوية ممكنة، مصوبًا نحو الطبقة العليا.
الخادم الرزين مايند صرخ في حالة من الذعر نادرة.
「مصيبة. مولاتي احتمي!!」
- الجزء 7
وقع الانفجار المدوي على بُعد بعيدٍ بعيد بالكاد تحسبه مرتبطًا بأي شيء فعلته ميكوتو.
شعرت وكأنها تشاهد عرضًا للألعاب النارية في السماء البعيدة.
قد حشت إحدى السهام الضخمة الشبيهة بالقش بمشروبات كحولية شديدة الانفجار ثم قذفتها من عرّادة.
كان ارتفاع 200 متر أبعد من أن تصله طلقتها الريلغن بمدى 50 متر. ولن تقدر رماحها الكهربائية على إلحاق الضرر بالأرض العائمة أعلاها أيضًا. كما أن القفز مغناطيسيًا إلى ذلك الارتفاع كان تحديًا بحد ذاته.
لكن الأسلحة الثابتة الضخمة التي أحضرها العدو أمرها مختلف.
كان هناك جدل حول مدى إطلاق العرّادة، لكن عموما قدَّروها بحوالي 300-400 متر.
قد يبدو الانفجار بعيدًا لتهتم له، لكن لا بد أنه كان كارثة حقيقية لجبال زيوس. حتى أن ميكوتو سمعت عدة انفجارات ثانوية تتوالى.
استندت الراقصة شوكهو بظهرها إلى جانب اللعبة المريحة المسماة عرّادة.
「ألا نرجع بهذه؟」
「سواء استخدمناه أم لا، علينا أن نأخذ كل ما نحصل عليه. هذه قاعدة أساسية في المغامرات」
- الجزء 8
「أنتما لا تستعبدان الأسرى؟」
「「لا」」
أجابت ميكوتو وشوكهو على سؤال الإلفية الصريح بصوتٍ بالكاد متزامن.
قد هزموا جيش الأمير، لكن تلك ليست إلا الموجة الأولى.
فالثانية والثالثة آتية. كان للعدو وفرة من الجنود والسلاح لذا فإن انتظارهم ما هو إلا استنزافٌ لميكوتو وشوكهو. ولذا جاءا بخطة واحدة.
「لا أرى أن ننتظرهم حتى يُعِدّوا قوةً أكبر، لذا فلنهاجم معقل الأمير حالا」
تخلّوا بسهولة عن القرية التي كانت بالفعل هدفًا مميزًا للأعداء.
المفتاح في حرب العصابات هو الحركة الخفيفة، وليس القاعدة الحصينة. كانت معركتهم السابقة تهدف إلى كسب الوقت اللازم لهروب الإلف بأمان.
قد كان الإلف يعيش في الطبيعة قبل أن يُأسر، لذا أخذتهم ميكوتو وشوكهو إلى أرض عائمة أخرى وطلبتا منهم الانتظار في أعماق الغابة هناك. العيش في الطبيعة كان الأصل للإلف، لذا تمكنوا بسهولة من بناء ملاجئ مؤقتة تشبه الخيام بأن يُرتّبوا أغصان الأشجار الطويلة على أشكال مخروطية فيثبّتونها بالطين. لا مانع يمنعها من التحلل، ولذا ستعود إلى الطبيعة بعد فترة قصيرة.
أما وجهة ميكوتو وشوكهو التالية فكانت معقل الأمير من يُأمّر من بعيد.
تقدّمت بتشييت لتكون مرشدةً لهما.
「أتيتما من عالم آخر—أياً كان معنى ذلك—أفلن تضيعا لوحدكما؟」 قالتها مبتسمة.
لكن هذا العالم الخيالي لم يكن رحيمًا كفاية ليسمح لهما بالوصول بعد يومٍ واحدٍ فقط من المشي.
مما يعني أنهما احتاجا إلى التخييم الليلة.
احتاجا مأكلا ومشربا وسرير، وكذلك بعض الاحتياجات الأنثوية.
مع ميكوتو ثلاث بِدَلٍ من درع البكيني تلبسها بالتناوب، لكنها لم ترد أن تستهلكها بسرعة. لذا كان عليها غسل الملابس التي خلعَتها عند مصدر مياه قريب.
وغسل ملابسهن الحالية يعني أيضاً خلعها بالكامل.
بعد أن خلعت زيها الراقصة، وضعت شوكهو يديها على خصرها وتذمرت مع نفسها.
「كأننا اعتدنا على تغيير الملابس في الخارج؟」
「اعتد‘نا’؟ مع نفسك يا مروّجة الفان سيرفس」
فانتهى بهما الأمر يتصارعان (بشدّ شعرٍ وهما عاريتان)، لكن طفوليتهما تلاشت على الفور بمجرد أن دمّعت عينا بتشييت.
حاليا، كان عليهما غسل الثياب.
「أنغسلها بالماء فحسب؟ ماذا عن المنظف!؟」 سألت شوكهو.
「أكيد ستعثرين على الصابون في الطبيعة على الأقل」
「هِــــــۤـــــه؟ تقصدين من شحم البقر أو زيت السمك أو المكسرات أو أشجار النخيل؟」
「أوتدرين كمّ من عمل يتطلب تكرير الزيوت كيميائيًا بعد استخلاصها؟! هذا عالم خيالي ليس فيه نفط أو مصانع! الأيسر أن نجد نبتة ذات السابونين فنستخرج منها الصابون مباشرة، كقشر الصابون أو تمر الصابونية」
「هاه. إذن نرجوا أن يكون لهذا العالم المختلف تمامًا النباتات عينُها كما على الأرض، ميساكا-سان」
「ابحثي وكفى!!」
شعرت ميكوتو بندم طفيف لأنها لم تفعل ذلك قبل أن تخلع ملابسها.
وعثرتا على نباتات تبدو واعدة. كان هذا فعلا عالمًا مُيّسرًا العيش فيه إذِ استطاع حتى المبتدئون في البرية أن يعيشوا فيه بلا عناء.
وجدير بالذكر أن السابونين ذو تأثير محلل للدماء، فيلزم الحذر معها.
「يع، ذراعاي تقتلانني. اشتقت لأيام كنتُ فيها أضغط على زر فتبدأ قدرة الغسيل ثم يجففني الجهاز تلقائيًا」
「همم، تستحقين المدح لأنكِ لم تقولي إنها مَهمّة الخادمة」
وما إن انتهى الغسيل، انتقلتا إلى تحضير الطعام.
انخفضت بتشييت على ركبتيها وأشارت إلى البعيد.
「اص. انظرا. قد نحظى بوليمة الليلة」
「مم، بتشييت؟ تبدو لي كأرانب لطيفة ظريفة」
「لأنها كذلك. لكن طعمها ليس بحدّة الأغنام أو الماعز، كما أنكِ لن تحتاجي أن تُزيلي دمائها وأحشائها ثم تجفيفها لعدة أيام قبل أكلها كما نفعل مع الغزلان الكبيرة أو الخنازير البرية. كمية اللحم القليلة في الأرنب الواحد مشكلة، لكن أيَّ حيوانٍ بري أو طائر نطبخه ونأكله فورًا لهو كنزٌ ثمين」
「اغغ」
يا ليته كان سمك، كما فكّرت ميكوتو، لكن عل هذا مجرد غرورها البشري.
في الحياة البرية، إما تقتل أو تقتل.
كان رمي الريلغن سيسحق الأرانب ومعهم البيئة، لذا فضّلت استخدام رمح كهربائي عالي الجهد بديلا.
「الآن؟」
「وجّهيه قليلا إلى اليمين وانتظري حتى يدير رأسه...... الآن!」
「كه」
بصوت فرقعة الهواء، قفز الأرنب البري البعيد في الهواء مباشرة.
إصابة مباشرة.
كما أن بتشييت كانت بارعة بشكل مفاجئ في إعطاء التعليمات. هل مهارتها في حساب هامش الخطأ مبنية على الفيزياء أم علم النفس؟ كانت تمتلك ما يلزم لتكون راصدة ممتازة. على عكس ملكة حمقاء معينة لا تنفع ولا تفيد غير الأكل والنوم طوال اليوم.
قد بدت بتشييت ضعيفة عندما كسرت غصنًا ورمت قطعه على الهيدرا، لكن تلك السهام البدائية أصابت هدفها. بدقة متناهية.
وبأخذ ذلك في الاعتبار...
「بتشييت، هل ستساعدين لو أعطيناكِ قوسًا؟」
「أهـ هَهَه. لا أجرؤ. إذا لمس العبد سلاحًا يرمي ولو للحظة، يُعدم فورًا بتهمة التمرد」
إيه، قانونٌ آخر من القوانين المحلية المزعجة.
بعد ذلك، اصطادوا مزيدا من الأرانب.
قد تعلمت ميكوتو الكثير من المهارات الراقية في توكيواداي، لكن كيفية ذبح الأرنب لم تكن إحداها. لذا، اعتمدت على تعليمات بتشييت أثناء استخدامها لسيفٍ من الحديد الرملي لتزيل الجلد والأحشاء. في البداية، وجدتها عملية مروعة، لكن ما إن فقد الأرنب مظهره الحيواني المحشو الظريف، أصبح من الغريب كيف صار سهلا رؤيته مكوناً للطهي.
ما إن تطهوه، يكون اللحم مجرد لحم.
لو أكلته دون أن تعرف مصدره، لعلك تظنّه دجاج قليل الدهن. قطّعته إلى قطع صغيرة حتى تضمن أنه طُهي جيدًا، حتى بدا مشابهًا جدًا لقطع ياكيتوري المملحة بعد نزعها من الأسياخ.
「اللحم وحده لا يكون وجبة كاملة」 تذمرت شوكهو. 「حتى القليل من الخبز أو المعكرونة ستُشهي」
「ألا تعتبرين هذه الليلة كليلة الدجاج المقلي؟」
ومعهم زجاجة من الملح أخذوها عند مغادرة القرية، جاعلةً مذاقه أفضل بكثير من الحبار المشوي.
وبجانب ذلك، التقطت بتشييت شيئًا بحماس من بين الشجيرات. قالت إنه نوع من التوت.
لكن بدل أن يكون مجرد مكمل فيتاميني......
「أحببتها. أكلها صَحَّاني حقا」
يبدو أنها أقرب إلى الحلوى. جربت ميكوتو بضع حبات، لكنها وجدت مذاقها لاذعًا جدًا. بدل أن تكون شيئًا حلوًا يريحكِ من التعب، كان الغرض منها على ما يبدو هو أن تصدم النعاس وتوقظك بنكهاتها الحامضة. لأي درجة تجتهد هذه الإلفية؟
استمرت رحلتهن على هذا النحو ثلاثة أيام.
خلال الطريق، يغيّرن ملابسهن، يغسلنها، يأكلن أي طعام يجدنه، يطلقن الريلغن على قطاع الطرق، ويصنعن أسرّة للنوم قبل أن يصلن أخيرًا إلى وجهتهن.
「إذن، هذا هو المكان؟」 سألت ميكوتو كأنها بالكاد تصدق.
بعد أيام من عبور العديد من الأراضي العائمة، ظهرت أخيرًا مدينة كبيرة أمام أعينهن. كانت هذه الأرض العائمة مليئة بالغابات الصنوبرية، لذا لن يكون الاقتراب دون أن يُرصَدن أمرًا صعبًا.
لم يقتربوا كثيرًا، حيث انتهت الأشجار قبل المدينة بقليل، لكن كان هناك نهر كبير قريب. كان هناك كَيلبِي مائي يشبه الحصان، وسكيلا بجسد علوي لفتاة مدمج مع أجزاء من حيوانات مختلفة، يسبحان بسعادة في النهر.
「لهث، هئ. أ-أرى منطقة بلا أشجار هناك」
「سيروننا من بعيد إذا دخلنا إلى تلك الساحة الفارغة، لذا ابتعدي عنها يا كرة العرق اللارياضية」
الأمير الوالي على هذه المنطقة حكم المدينة مباشرة.
كان لها طابع مختلف تمامًا عن القرية والحقول السابقة. كانت المدينة المنظمة محاطة بخندق عميق وأسوار حجرية يزيد ارتفاعها عن 5 أمتار، وإن البوابات المحدودة المؤدية إلى الداخل تخضع لحراسة مشددة. للسلامة؟ بالنسبة لميكوتو، بدت المدينة أشبه بسجن ضخم.
اتصل النهر الكبير بالخندق، وبعضه كان داخل أسوار المدينة.
وعلى الجدار شبك معدني سميك يمنع القوارب من الدخول أو الخروج.
(أغغ، هذا التصميم يذكرني بمدينة الأكاديمية.)
「مدينة مسورة، ها؟ ترينها محصنة من أول نظرة، لكن لا في وسعها الكثير أمام هجوم من السماء،」 قالت ميكوتو.
「إيه، إيه، لا تنسي ليس لدينا طائرات،」 أشارت شوكهو.
「أو نحفر نفقاً أسفل هذه الأرض العائمة」
「وهذا احتمال أقل واقعية」
كان عليهن التفكير فيما يمكنهن.
المدينة تضم حوالي 200 ألف نفر بداخلها.
أشارت بتشييت نحو الأسوار من فوق تلة بعيدة.
「أليس مذهلًا؟ فالهالا هي مدينة التجارة حيث يعيش البارون」
「على الأقل كونوا متسقين يا ناس. هذا ليس من الإغريق حتى」
「؟」
أمالت الإلفية رأسها محتارة.
(ومع ذلك...)
هذه كانت أول مرة يرون فيها "مدينة كبيرة" في هذا العالم.
من بعيد، كان من الواضح أنها مكتظة بمباني تتراوح بين 3 إلى 5 طوابق، مع شوارع مرصوفة بالحجر وساحات عامة. وترى في معظم المباني وكأنها محلات تجارية أكثر من منازل.
لم تكن القرية التي زاروها سابقًا تعرف الكثير عن المواد الحافظة، لذلك كانوا يتجنبون المباني الخشبية.
لكن هنا، بدا أن بناء منزل خشبي ثم تعزيز واجهته بالطوب هو الشائع. وفقًا لبتشييت، كانت الهياكل الخشبية تجلب المخاطر فقط. مما يعني أن هذه المباني قد بُنيت مع قدرٍ من الرفاهية والزخرفة بدل التركيز على الوظيفة العملية. كان هذا تعبيرًا عن الرفاهية الفريدة للمدينة الكبيرة. ولم يكن الطوب المستخدم طوبًا أحمر عادي؛ بل انخبز مع مجموعة متنوعة من الشوائب لمنحه ألوانًا متعددة.
فهل استخدموا الخشب هنا لأن المواد الحافظة أسهل في الوفرة في المدن الكبرى، أم لأن الدخان الأبيض المتصاعد من المداخن كان يكوّن طبقة واقية غير مقصودة على الجدران، أم لأن المدينة كانت تُحافظ على نظافتها داخل الأسوار مما يمنع انتشار الحشـرات القارضة والعفن؟ لم تعرف ميكوتو الإجابة.
「همم. كل البيوت هنا ذوات نوافذ سقفية」 قالت شوكهو.
「هذا يزيد من عدد المداخل في الطابق الأول المواجهة للطريق، لذا فهو منطقي. الجميع على الأرجح يعيش في الطابق الثاني وما فوق. بتشييت قالت إن هذه مدينة تجارية」
「سقفية؟」 سألت بتشييت وهي تميل رأسها بظرافة.
عندما تصطف المباني المستطيلة، يُسَمّىٰ الجانب القصير المواجه للطريق البيت الجملوني، بينما يُسَمّىٰ الجانب الطويل المواجه للطريق البيت السَقَفي.
إنّ أبراج الكنائس والهياكل العامة الأخرى تحمل طابع العصور الوسطى الأوروبية، لكن لا شيء منها بدا متناسقًا مع معرفة ميكوتو وشوكهو بالتاريخ العالمي. فمثالٌ، امتلاك كل منزلٍ بئره عوض أن يشاركوا بئراً عام —إضافة إلى وجود قنوات تصريف مياه الأمطار على جانبي الطرق— كان يشبه كثيرًا البنية التحتية الحديثة في اليابان ولكن بمواد عتيقة. كما أن عدم بروز المراحيض من الطابق الثاني يدل على أنهم ربما امتلكوا مراحيضا كاملة تعمل بتقنية التدفق. وعلى الأرجح، بالسحر تعمل.
「مع بنية تحتية عامة بهذا المستوى، لا بد أن لديهم نظام ضرائب متماسك」
「غالب الظن أنهم يفرضون رسومًا دائمة كما في الطرق السريعة. لأن المرء طالما يعيش، يحتاج إلى الماء، فلن يرفض أحد إذا قالوا إن الضرائب تُستخدم لبناء شبكات المياه」
هدفهن كان أكبر مبنى في المدينة.
وهو مقر إقامة الأمير.
لكنه لم يكن قلعة.
ذلك المبنى كان قصرًا حجريًا متين البنية. بدل الطوب المصنوع من الطين المحروق، قُطعت أحجار ضخمة وثقيلة تدل على ثراء صاحبها.
「قصر الأمير، ها؟」 تمتمت ميكوتو وهي تراقب من بعيد.
「نعم، لا يُسمح للأمراء إلا بالقصور أو الحصون. أما القلاع، فهي حكرٌ على الملوك فقط」
هذا العُرف لم يكن موجودًا في أوروبا العصور الوسطى، فهل كان هذا القانون خاصًا بهذا العالم الخيالي؟
「يبدو لي محصنًا بشدة」 قالت شوكهو.
「ألا تغسلين أدمغة الجنود بالمنتل آوت؟」
「لن تكفي. المكان تحرسه الأنوبيس والغرغول. تعرفين، أولئك الحراس المستقلون إما صُنعوا من السِراميك أو الحجر. أظن أنهم هم القدرة الدفاعية الأساسية هنا. ولكِ أن تشبهينها بالفرق بين المشاة والدبابات. يمكنني التحكم بجميع الجنود، لكنهم سيُهزمون بسهولة ضد هذه الأسلحة السحرية اللامأهولة」
كانت هناك كلاب عملاقة مصنوعة من سِراميك أسود ناعم. ولكن بحجمها المماثل لشاحنة صغيرة، فإن وزنها وحجمها بحد ذاتهما يصيران سلاحًا. بدل أن يهجموا بالسيوف أو الرماح، يقدرون على سحق الأعداء تحتهم أو يهشموا عظامهم بفكوكهم القوية. كان ذلك شكلا بدائيا ومؤلما جدا من العنف، لكنه أشبه بأن تُسحق تحت آلات ضخمة.
عبست ميكوتو.
「أليس الأنوبيس اسمًا نراه في المتاحف عن الأهرامات المصرية؟ ما الذي جلبهم إلى عالم خيالي غربي؟」
「وبالمثل، فإن الغراغيل في الأصل مجرد مزاريب زخرفية. تمامًا مثلما لن تجدي سفن إيجيس مذكورة في الأساطير اليونانية، ألا يجدر بنا افتراض أن الأسماء هنا تُمنح لوظائف مختلفة عن معناها الأصلي؟」
بدت الراقصة شوكهو منزعجة وهي تفرك كفها بشنطتها.
شعرت ميكوتو أن تلك الكلاب السوداء العملاقة المصنوعة من السيراميك ستكون أعداءً خطرين للغاية. وبالرغم من أن الغراغيل كانت بحجم الإنسان تقريبًا، فإن الأنوبيسات كانت بحجم شاحنة صغيرة. عضة واحدة منها قد تمزق الجسد بسهولة.
ربما كانت الغراغيل المجنحة تستخدم سرعتها في المطاردة فتحاصر أهدافها وتسد عنها المهارب حيث توجه الأنوبيسات الأرضية الضربة القاضية.
كانت تلك المخلوقات غير عضوية، لذا لم يكن بإمكان ميكوتو اختراقها بالقرصنة. وما كان للـ#3 و #5 أي وسيلة للسيطرة عليها، مما جعلها مصدر إزعاج حقيقي.
لكن هذا لا يعني أن المستوى 5 لم تملكا ورقة رابحة.
「هِه؟ أنا؟」
نظرت الإلفية باستغراب عندما التفتت الأنظار نحوها.
أومأت ميكوتو.
「المبنى مُحكم الإغلاق، لكنني أثق أن كل العمل الشاق يُنفَّذه العبيد، وليس البشر. هذا يعني أن الإلف هم من بنوا هذا القصر. لذا، إذا بحثنا بين الإلف خارج المدينة ووجدنا من شاركوا في بنائه أو صيانته، فقد نحصل على مخططات تفصيلية أو نكتشف نقطة ضعف فيه」
منع حدوث ذلك قد يوفر للملوك والأمراء عذرًا آخر "للتخلص" من الإلف بعد إنهاكهم، لكن إذا لم تخطر لهم هذه الفكرة مسبقًا، فذلك أفضل. سيُطاح بهم قبل أن أن يستوعبوا فيصلحوا تلك العادة السيئة.
وبعد البحث.....
بعد أن حصلوا على أوصاف من بعض الإلف، أخذت بتشييت عودًا خشبيًا لترسم صورة على الأرض بينما تنقل المعلومات إلى ميكوتو وشوكهو.
「كيف تسقطان الأمير هنا؟ كما تريان، فالهالا مدينة محصنة جيدًا، حتى أن الناس لقبّوها "بالأسطورة الحية"، لأنها لم تُغزَ قط طوال 200 عام من تاريخها」
ردت ميكوتو وهي تنظر في اتجاه مختلف تمامًا—إلى الأعلى.
「لا أرانا نسافر لأعلى اليوم......」
「هذه الأرض العائمة تبدو بعرض عشرات الكيلومترات.」 علقت شوكهو. 「ألا تظنين أن هذه المعركة ستكون مسطحةً، ثنائية الأبعاد؟」
「لا بأس بذلك」 تقول ميكوتو في درعها البكيني. 「رأيتُ بعضا في المدينة يلبسون كملابس بتشييت، لكنهم ليسوا إلفًا」
「آه؟ هممم... تلك هناك أظنها سقّوبة، وتلك التي تحمل الصناديق سيلا، وتلك التي تقف على السطح هَبۡريّة (هاربي)」
「تشكيلة كاملة من فتيات الوحوش، هاه؟」
「متأكدة أنتِ أنكِ لم تقرأي المانجا على جوّالك؟」
سخرت شوكهو وردّت ميكوتو.
تلك المخلوقات كانت ترتدي أطواقًا فولاذية وسلاسل ثقيلة.
ومع ذلك، مشى الناس قربهم وكأنهن غير موجودات.
「كنت أتساءل، لماذا يعملن بجدٍّ وإن لم يأتهن أجر؟ على الأقل تكاسلوا وليس عليكم أحد يراقبكم」
「همم؟ لكن من الشين ألّا تُنهي عملاً بدأتِه」 نظرت الإلفية إليهما باستغراب، وكأن الأمر بديهي لها.
ربما كان هذا الإخلاص المفرط في العمل سببًا آخر لاستغلال البشر لهم. لم يكن أصحاب السلطة ليتجاهلوا قوة عاملة تقدم عملاً جيدًا مقابل لا شيء تقريبًا.
「أكبر قصر شرق المركز قليلاً هو مكان إقامة الأمير☆ البوابة الأقرب إليه هي هذه هنا، فهل جهزتۡ قدرة الخطة بعد؟」
「إلى حد ما......」
بهذا القول، رفعت ميكوتو يدها نحو فالهالا بينما تراقب المدينة خلف الجدران السميكة من التل. تحرك إصبعها كأنها تحدد نقاطًا في الفضاء، ثم رسمت مسارًا يربط تلك النقاط كما لو تشكّل كوكبة في السماء.
「؟」
أمالت الإلفية رأسها في حيرة في البداية، لكنها سرعان ما أدركت.
ربما بدأت تعتاد على أساليب هاتين.
(أوه، تُحَدّد الأماكن التي ستدمرها وبأي ترتيب)
- الجزء 9
في منتصف الليل، انشقت الظلمة الحلكاء عن خط مستقيم من الضوء البرتقالي دمَّر البوابة الشرقية العملاقة إلى شظايا. تطايرت الشظايا والحطام وانهالت على المدينة.
وإنَّ ريلغن ميساكا ميكوتو هو المسؤول.
وهذه المرة، لم تكن قوة ميكوتو #3 المستوى 5 سلاحها الوحيد.
بتلويحةٍ من يدها اليمنى، مرت عدة أشكال من خلفها.
البرقيت هي حجارة زجاجية تنتج بفعل صواعق البرق.
وفي عالم سلساكفير، كانت تُعتبر جواهر أغلى من الألماس، لكن تحكم ميكوتو في التيارات الكهربائية عالية الجهد يعني أنها تستطيع إنتاجها بكميات كبيرة طالما كان لديها الرمل لتعمل به.
ماذا يعني هذا؟
يمكنها جمع العديد من السيوف المستأجرة -أي المغامرين- كما تشاء.
على الرغم من لقب المغامر، إلا أنهم لا يستكشفون الأبراج المحصنة والكهوف المجهولة. بل كانوا أقرب إلى قوة قتال قذرة تكمل أي "مهمة" طالما تعجبهم المكافأة. لذا بالمال الكافي، تستأجر العشرات دون الحاجة إلى النقابة.
(كان من السيء بما يكفي أن محلات الأسلحة هنا تبيع لك السيوف والأسلحة القتالية مثل الأقواس وأن الجميع يمكنهم استخدام السحر طالما تلوا التلاوة الصحيحة، لكن هؤلاء المغامرون يتفوقون. ادفع لهم، وسيضربون بسيوفهم أي أحد. هذا العالم الخيالي فعلاً بحاجة لتشديد قوانينه)
「لا تنسوا لما استأجرناكم له. ركزوا على الحراس الأنوبيس والغروغيل المصنوعين من السيراميك الأسود والحجر. ليس عليكم أن تهزموهم – يكفي أن تشتتوهم. ولا تنهبوا! لا تلمسوا ولا تسترقوا حتى دِرْجاً أو صندوق!!」
「لن نحلم أبدًا!! لقد دفعتما لنا مقدمًا. نحن في مكسبٍ لوقت طويل، والمحفظة الممتلئة هي سر القتال بالسيف سعيدًا وخلقا. بالمناسبة، ألا تحتاجان حارسا؟」
「لا، شكراً. نحمي أنفسنا لوحدنا، وأنتم التزموا وركزوا بالمهمة. ركزوا على الإلف والسقوبة والسكيلا والهاربي وأي وحوش أخرى مستعبَدة! خذوهم بأمان خارج المدينة. دفعنا لكم مقدماً بالبرقيت أغلى من البلاتين أو الألماس، لذا عليكم أن تؤدوا المهمة باحتراف!!」
「أمرك!」
زحف شيء على سطح المغامرين. فراءً خشنًا لذئب.
بل قطيعًا من المستذئبين.
إذن كانوا وحوشًا. وهذا يفسر سبب حماستهم للعمل المربح الذي لا يتم من خلال نقابة البشر.
كانت أغمدتهم ومقابضهم مهترئة بشدة، لكن السيوف المسحوبة تلألأت بلمعان حاد وعملي. لو كانت أسلحتهم من النوع الممتاز الواضح، لجعلوا الجميع من حولهم متأهبين طوال. لذا، ربما كان في تخربيهم الأجزاء المرئية استراتيجيةً للنجاة بجعل الأعداء المحتملين يقللون من شأنهم. كان هذا المنطق معقولا للمستذئبين الذين استخدموا تحولهم ليندمجوا في مدينة بشرية.
「لقد حصلنا على راتب ضخم، لذا لا يمت منكم أحد قبل أن نستفرغ كل شيء في الحانة!!」
ميكوتو وشوكهو قد استأجرتهم لاقتحام المنازل المدنية.
「مخيفٌ ما قد يفعله الناس من أجل المال،」
「يبدو لي أنه درس قدرته حسنة لطالبة توكيواداي」
كأن المقدرة على استئجار مجموعة من المغامرين المشبوهين لتدمير المدينة كانت شكلاً من الحرية الزائدة. كان يجب على أحد أن يُعلّم سلساكفير قوانين ضد التآمر الإجرامي والتجمع بأسلحة خطيرة.
「أوه لا! نحن تحت الهجوم!」
「ولكن من من!؟ من أي مملكة!؟」
مستعجلين بدأوا حراس المدينة في العمل، لكن كان واضحًا ترددهم. لم يحدث أن انفجرت بوابتهم في تاريخ المدينة الذي يمتد لـ 200 عام، وكانت القوة المهاجمة مزودة بمعدات باهظة الثمن، ولكنهم كانوا يلاحقون الوحوش العبيد القابلين للصرف بدلاً من أي شيء ثمين. كان واضحًا على وجوه الحراس أنهم لم يستطيعوا فهم نية المهاجمين.
أطلقت ميكوتو الريلغن مرة أخرى على نافورة الحديقة فدمرت مجاري تصريف مياه الأمطار على جانب الطريق.
ومع استمرارها في هذا العملية عدة مرات، سمعت صوت هدير مكتوم.
「الخندق حول المدينة ضخم، ولكن لديهم مجاري صغيرة داخل المدينة ولا يوجد أي علامة على النهر الكبير. توقعاتي أنهم يستخدمون قنوات تصريف أو مجاري تحت الأرض. لذلك إذا استمريت في تدمير بنية التحكم في الفيضانات، لابد أن يحدث الباقي من نفسه」
مهما كان حجم النطاق، كان التحكم في المياه عمومًا يتم بالمضخات.
برمية ريلغن لسحق طرف واحد وتطبيق ضغط كافٍ، كانت المياه ستتدفق من الطرف الآخر، أو أن الأنبوب أو المجاري لن يتحمل الضغط أكثر فينفجر.
انشقت الأرض واندفعت المياه، مملوءة الشوارع ومساحات الأسطح تحت المنازل. لم تكن ميكوتو بحاجة إلى إغراق المدينة بالكامل. كل ما كانت بحاجة إليه هو خلق ما يكفي من الفوضى لمنع أي أحد من التنبؤ بما هو هدفها الحقيقي.
الأشياء التي لا تُفهم هي أكثر الأشياء رعبًا.
「طيب، طيب، طيب. الأسطح الصلبة لأقدامهم التي ليست من المطاط ليس بها قدرة ثبات، ولا شك أن تزلقهم الفيضانات. الآن لا داعي أن نقلق بشأن الأنوبيس العملاقة والغرغول- أوه!!」
فتعثرت أحد الأنوبيسات وكادت أن تسحق منزلًا قريبًا، لذا أطلقَت ميكوتو ريلغناً لتدميره بسرعة.
هذا العالم يقبل العبودية ويقر بها، لكن بتشييت والإلف لن يفرحوا إذا مات البشر العاديون.
لم ترغب ميكوتو في اتباع طريق الانتقام إلا إذا أراد الإلف ذلك حقًا.
「لهث، ههئء」
「اهربي شوكهو! غرغول مجنح يطير نحوك!!」
「أ-أيُّ عالمٍ خيالي هذا يسمح لك بالطيران عبر السماء الليلية دون مكنسة!؟」
「إذا حددوك هدفا من السماء، ستأتيك الأنوبيسات من جميع الجهات. هيا، عجلي!」
ضبطت ميكوتو قبضتها على سيف من رمل الحديد وركضت في مدينة الليل.
كان المكان غارقًا، لذا كان استخدام الكهرباء سيصعق شوكهو ويغشيها وهذا ثد يغرقها في بركة لا يتجاوز عمقها 3 سم.
كان قصر الأمير يظهر بحراسة خفيفة عندما تراه من الخارج.
(استئجار هذا العدد الكبير من المغامرين القذرين كان القرار الصحيح. هيجانهم ذاك أخفى حقيقة أننا في الواقع نبحث عن الأمير!!)
خوفًا من هجومٍ مفاجئ، أطلقت ميكوتو عدة ريلغنات على المدخل الأمامي والجدران الخارجية لتضمن الأمان. دخلت هي وشوكهو إلى المبنى نصف المنهار بينما تترقبان ما سيفعله العدو.
كان الناس متكورين ومرتبكين في الردهة الأمامية المظلمة والممر.
「؟」
وجهت الراقصة شوكهو الرموت محتارة. كشفت ميكوتو الحيلة.
「الأضواء الساطعة والأصوات العالية لها تأثير نفسي على الناس. كمثل أن ضربات البرق القريبة ترعب الناس. والمثل في قنابل الصدمة. مجرد الاختباء في ملجأ محصن أثناء هجوم جوي في زمن الحرب قد يسبب ضغطا كافيا لجعل قلوب الناس تنزف」
「هل أنا الوحيدة التي ترى نهاية العالم وشيكة إذا كانت بلهاءةٌ هبلةٌ مثلك عرفت ما في منطقتي العقلية؟」
عرفت ميكوتو الفكرة من القصف البساطي الذي شنه جيش الأمير. لم يتضرر أحد، لكن بتشييت البريئة ارتجفت خوفًا. لذا كان هذا ردّاً.
عشاءٌ عظيمٌ ردّاً.
فليأخذ ذلكم الأمير حصته من الجزاء.
「على أي حال، أرى عددًا لا بأس به من الناس هنا. هل تعرفين شكل الأمير؟」 سألت ميكوتو.
「لا، لكن هناك صور في كل مكان」
أصابت شوكهو في ذلك.
ربما كان نرجسيًا متكبرا أو ربما كان هذا هو المعيار في سلساكفير حيث ستجد صورا ضخمة معلقة في كل مكان في القصر. كان رجلا أصهب ذي درع كثيف مرفق بفرو كفرو الأسد. جسدت صورته القوة والذكورة والشراسة.
وبالصراحة، بدا قويًا.
「ممتاز」
「أنتِ لا تستطيعين غسل الناس وتحويلهم إلى بيادق مثلما أفعل أنا، فكيف تفرحين بوجود عدو قوي؟」
بينما تحركتا من غرفة إلى أخرى، فحصتا المرتعدين حيث سقطوا على الأرض. لم يكن أي منهم الرجل في الصور.
في أقصى الجزء الخلفي من الطابق الثالث، وجدتا باب غرفة نوم كبيرة جدًا.
لا بد أنها مؤدية إلى غرفة النوم الرئيسية.
ضغطت ميكوتو وشوكهو على جدار الممر المظلم على جانبي الباب.
「(حسنًا، سأحرق القفل ثم أطلق انفجارًا أُفجِّر من في الداخل)」
「(فهل أغسل دماغ الأمير قبل أن يتعافى؟)」
فعلتها ميكوتو كلها في حركة واحدة منسابة.
ذوبت القفل بتيار عالي الجهد وركلت الباب فأرسلت ومضة كهربائية ساطعة مثل اللحام من طرف أصبعها عبر الغرفة الشاسعة.
『غياه!؟』
سمعت صوتًا من الداخل.
لكن شوكهو تجمدت بعد أن دخلت. عبثت بالرموت، غير متأكدة مما يجب عليها.
「لمَ التريث، شوكهو!؟ أنهي الأمر يا غبية!」
「تقولين، ولكن انظري」
تتبعت ميكوتو إصبع شوكهو الذي كان يشير إلى المرتجف تحت صورة ضخمة. كان رجلا كهل (منتصف العمر)، لكنه أقصر من ميكوتو. ذو عيون غائرة، بشرة شاحبة، وبنية هزيلة. تراه أقرب أن يكون لصا خفيف من أي شيء آخر.
(الأمير ليس هنا؟ هل هذا خادم أم حارس—؟)
「م-م-م-م-من أنتم يا ناس!؟ ت-ت-تجرؤون على معارضتي – أنا البارون!؟」
في البداية، ظنت ميكوتو أن هذا مجرد خادم يحاول جهده التظاهر بأنه الأمير (لورد). ربما بتمثيله هذا أنه مهم سيفلت من لقاءه ببعض اللصوص، لذلك كان يؤدي أعظم تمثيلية في حياته.
لكن بعد ذلك، نظرت ميكوتو وشوكهو إلى الصورة الضخمة خلف الرجل الصغير مباشرة.
أظهرت الصورة رجلًا أصهب كبير، ذو قوة وحشية وذكورة مثالية تشبه الأسد.
مثالية؟
لحظة...
「إذن تلك اللوحة يفترض أنها تصوّرك؟」
نظرت ميكوتو بين اللص والصورة الكبيرة.
كان من الصعب عليها أن تتخيل مدى صعوبة ذلك على الفنان. كانت تظن أنه ربما كان أسهل له أن يتجاهل النموذج تمامًا ويرسم بناءً على الخيال فقط.
「ما يهم. شوكهو، اسكتي هذا اللص」
「أكيد. هف، ولكن هذا الضعيف خيبة أمل حقيقية」
ثم سمعوا شدًّا غريبًا.
جاء من حلق اللص.
ثم انفجر الأمير.
「كيف تجرؤوووووووووووووووووووووووووووووووووووووون!!؟」
ولم يكن تعبيرا مجازيا.
انفجر درع الأمير بضوء ساطع.
ونمت من ظهر درعه ستة أجنحة متوهجة.
اختفت كل الأصوات.
وكان الصوت المدوي وكأنه جاء بتأخير. جاءت الموجة الصدمية لتضرب أجسادهما كلها وتهز عظامهما أقرب من طبلة الأذن. تفجّر الجدار الحجري من خلفه، مدخلا رياح الليل الباردة.
تجعد وجه شوكهو من ألم تشعر به على بشرتها.
كل هذا إنما كان نتيجة للطاقة الزائدة غير المتحكم بها.
كم ستكون مميتةً لو جُمّعت كل هذه الطاقة فَوُجِّهت نحو هدف واحد؟
قد تحول اللص إلى لص ملائكي.
『أنا أمير هذه المنطقة وبارونها، أكون في المستوى 9999. قد ضربت قمة المستويات منذ زمن طويل!! وحتى أنني أتجهز بأسلحة أسطورية واستخرج منها قوتها الكاملة! سأعرض لكم الآن قوة النهاية! سأظهر لكم عنف أعظم يقظة روحية ممكنة!!!』
「......」
『لم أبدأ بعد. اليأس الذي تشعرون به الآن لا شيء مقارنة بما سيأتي!!』
شكل مكبر صوت بيديه وصاح.
『س-س-اسحبوا أسلحتهم منهم!! أرسلوا حمامة زاجلة إلى النقابة واسحبوا مستوياتهم!!』
اِلتَوَت شفتيه في ابتسامة.
وقد غطى وجهه عرقٌ غير مريح.
كانت القوة المميتة التي يملكها وحماسه العصبي في تناقض تام. لكن الإحساس بعدم قدرته على التحكم بشكل صحيح في عنفه جعل كل شيء أكثر رعبًا. كان من النوع الذي يقتل في لحظة غضب ثم ينظر إلى ما فعل فيُبرّر بأشد ما يجد.
ابتسم الرجل الصغير العرقان دون أن يفهم ما سينتج عن عنفه فعلاً.
شعاع قاسٍ من الضوء تألق في عينيه.
『هيهيهي. يمكنني استخدام أقوى القوى مع جميع معدات السحر من المستوى 9999 أريدها. وفي الوقت نفسه، سحبنا منكم المستويات، فصرتم الآن في المستوى 1!! الآن، الأقوى سيسحق الأضعف تحت قدميه. وتموتون عاجزين عن إيقافيييييييييي!!!』
بكل صراحة، كانت هذه أول فكرة خطرت ببال ميكوتو.
「آهخ، تبا. نسيت تمامًا أمر قاعدة المعدات تلك」
『~~~!!!؟؟؟』
اتسعت عينا الأمير أكثر مما بدا ممكنًا.
حكت ميكوتو ذات درع البكيني رأسها معتذرة.
「بتشييت شرحت لنا كل ذلك، لا؟ يا ترى يا ترى، ما كانت القاعدة بالضبط؟ تسجل في النقابة، تعمل وتقاتل من أجلهم لكسب الخبرة، ثم تبلغ النقابة لترتقي في المستوى؟」
「آه، صحيح. قالت ذلك. والمعدات والدروع التي يمكنك ارتداؤها محددة حسب الوظيفة والمستوى، لذا تحتاج عادة إلى الترقية إذا كنت ترغب في استخدام سلاح قوي، ها؟」
تبادلت ميكوتو وشوكهو نظرة.
「شوكهو، هل معك أي نوع من الأسلحة؟」
「الرموت تقصدين؟ وأنتِ من ناحية أخرى تثبتين أنكِ بنت الكهوف بقيامك ذلك بقدرة يدين عاريتين」
امتلأت عيون الأمير دموعا.
إن لم تكن هـٰتان تستخدمان أسلحة، فلن يستطيع سحب حقهما في استخدامها. لن يستطيع إضعافهما.
أيضًا...
「خفض المستوى」
『هاو؟』 قال وجه اللص، الأمير.
أشارت ميكوتو ذات درع البكيني لأسفل وحاكت كأنها تنقر على زر غير مرئي.
مرارًا وتكرارًا.
「خفض المستوى، خفض المستوى، خفض المستوى، خفض، خفض، خفض」
『انتظري، ما تفعلين؟ ماذا تفعلييييييييببببين!؟』
كانت الخبرة نوعًا خاصًا من الكهرباء الحيوية.
ومهما كانت تعمل في العوالم الأخرى، ففي هذا العالم، كانت ميساكا ميكوتو قادرة على التحكم في الخبرة وبالتالي السيطرة الكاملة على نظام المستويات.
كان قد وصل إلى القمة للمستوى 9999؟
إذا وقف في وجهها، فيمكنها أن تخسفه إلى المستوى 1.
「كفى، كفى أرجوك، لقد رأيتِ مظهري وبنيتي، هذه المعدات النهائية هي الشيء الوحيد الذي يثبت كرامتي وقوتي! لا، لااااااااااااااااااااااا!!!」
بعد أن سيطر على النقابة الاستغلالية، وعمل على إجهاد الإلف المستعبَدين حتى انهاروا، وسَمُنَ بعد أن أخذ منهم كل خبرتهم، أيجرؤ هذا اللص أن يحتجَّ حتى؟
الضوء في عيني ميكوتو أخبر أنّ الوقت قد حان ليُأخذ منه كل شيء.
ساعة الرد قد حانت.
صعقت صعقةٌ مقلقة في الأرجاء.
لا بد أن التراجع السريع في المستوى قد جعله ينخفض إلى ما دون الحد الأدنى للمستوى المطلوب إذْ أن درعه المتوهج انفجر من الداخل وتفتت إلى قطع.
لم يتبقَ سوى اللص في ملابسه الداخلية.
ملكة توكيواداي، التي بدت غريبة المنظر في زي الراقصة، عبست وشزرته بنظرة جليدية.
「يا مهان...」
「ه-هواه؟」
سقط اللص على يديه وركبتيه، ولكن ليس ليستخدم ذراعيه الضعيفتين ليغطي بهما نفسه.
بل يحاول تغطية المعدات المطلقة المتناثرة بجسده.
هذا ما يحدث عندما لا يضطر المرء للعمل أبدا.
لا يزال يعتمد على أدواته النادرة أكثر من قدراته.
لهذا السبب رفضته الـ#5 بكلمة واحدة: مهان.
في مجتمع يتطلب المشاركة في نظام النقابات للنجاة، كان الإلف مجبرين على اختيار أعمال فظيعة كل يوم. وحتى إذا أكملوا أعمالا يفضلون تجنبها، سيُخدعون بموازين غير عادلة فيُسرق أجرهم وخبرتهم على شكل "رسوم".
كانوا يؤدون العمل بجدٍّ ولكنهم ينهكون ن بعده لدرجة يستصعبون الأكل.
في المقابل، كان هذا الرجل يبتسم بخبث على عرشه يرتقي في المستويات بلا توقف.
هذا هو رمز ذلك النظام.
كان تجسيدًا لذلك الثقب الأسود من الاستغلال.
「مهلا الرحمة. لا تدمرانه، أرجوكما! هذه المعدات النادرة هي رمز قوتيييييييييييييييييييييييييييييي!!」
فحولتها الريلغن إلى فتات.
بعملة آركيد واحدة، لم تعمر الأسطورة أكثر من ثانية.
فصرخ الأمير.
وما استمر الزئير الغريب لأكثر من عشر ثوانٍ حتى انهار، أخف من قطعة ورق. تبعثرت أطرافه من حوله وعيناه الفارغتان حدقتا في الفراغ.
「أسطورة تُشترى بالمال لا تسوى غبارا على الأرض」 بصقت ميكوتو.
- الجزء 10
حريق غابة أخذ كل شيء منه.
زوجته وابنه الصغير.
لكن جدار النار الذي اقترب بسرعة مرعبة لم يكن الشيء الوحيد الذي أودى بالأرواح في ذلك اليوم.
الإنسان قتل الإلف، والإلف قتل الإنسان، وكانت جثث كثيرة مشوّهة لدرجة لن تعرف أي طرف كان البادئ. قد كانت عاصفة هوجاء من العنف. كانت فالهالا محمية بجدرانها المتينة، لذا يفترض أنه حتى مع اشتعال الغابة في الخارج، لا يجب أن يموت أحد طالما بقي داخل المدينة وتعاون على الإخلاء.
لكن شابًا صرخ قائلا سيحرقون الناس سيحرقون الناس داخل المدينة ففتح البوابة السميكة وركض نحو الحريق القرمزي.
دخلت النار من البوابة المفتوحة كوحش يرقب وقد ألهمت حالة الذعر مزيدًا من الذعر.
في تلك اللحظة، لا سبيل لإيقافها.
حاول البعض تخزين الطعام والماء ليبقوا على قيد الحياة، ورأى البعض في الفوضى فرصة للنهب، بينما ركض البعض بحثًا عن "الجناة" رغم عدم وجود دليل على أن الحريق كان عملًا متعمدًا، فنشأت الكراهية والبغضاء، والكثير من الموت العبث.
بينما كان الحريق يشتعل لثلاثة أيام وليالٍ، أدرك الرجل الصغير المهدم شيئًا.
بقدوم الكارثة، يفوت آوان من له الأولويات في الحياة. كان لا بد من وضع تسلسل هرمي مسبق لضمان تعافي سريع.
رفض أن يدع الأذى يكبر دون سيطرة.
ولأنه الأمير المسؤول عن كل هؤلاء الرعية، عليه أن يضع هذا التسلسل الهرمي.
حتى وإن قسى قلبه.
لكي ينقذ أكبر عدد ممكن من الأرواح، كان بحاجة أن يتعرف على ألم ترك البعض يموت.
لكن من أوَّلَ [1] في تسلسله الهرمي؟
آه، فكر الأمير.
يا ليته اقتدر أن يرى ما كان مهما حقًا فأعطاه الأولوية. في ذلك الوقت، كان شعوره الفاقد والفارغ بعد فقدان زوجته وابنه قد جعلاه غير قادر على الشعور بأي ارتباط مع الناس — كان إنسانا أو إلفا أو وحش آخر — ولكن ماذا لو أنه وجد الشجاعة ليمسك يد أحدٍ آخر بحذر مرة أخرى؟
أدرك الآن أن تلك كانت اللحظة التي انحرف فيها عن الطريق الصحيح.
「لماذا...؟」 تمتم وهو يحدق في بقايا معداته المدمرة.
لماذا أراد حتى كل تلك القوة؟
ما الفائدة منها إن لم تغلبه على حزن الفقدان أو تعطيه شجاعة يحمي بها الضعيف؟
「لماذا كنت مهووسًا بهذا؟」
- الجزء 11
ميكوتو وشوكهو قد هزمتا الأمير.
لكن ما ترغبان به حقًا كان الجريموار الذي سرقه هذا الأمير الكريه من الشيخة الإلفية بيكريان. بدون هذا الكتاب، ليس لهما طريقة للبحث عن الشياطين الثلاثة الذين كان عليهما هزيمتهم، ولن يتمكنا من تحضير الطقوس الثلاثة اللازمة لإعادتهما إلى الأرض.
「أوه، أرى أن هذه هي المكتبة」
ما إن وجدتا الغرفة الصحيحة، صعدت بتشييت فجأة إلى أحد الرفوف وبدأت تبحث بين الكتب وهي تقفز من رف لآخر وكأنها أحجار في بركة ماء. وعلى أن الجن قد يفضلون الأماكن العالية نظرًا لعيشهم في الأشجار، كانت ميكوتو حقًا تتمنى لو أنها لا تفعل ذلك وهي ترتدي تنورة قصيرة. ذلك غير لائق!
「مم」
بدأت ميكوتو أيضًا تبحث بين الكتب (من الأرض بالطبع)، ولكن الكتب لم تكن باليابانية أو الإنجليزية. قد يكون من السهل نسيان ذلك لأنهم استخدموا الأرقام العشرية وكانوا قادرين على فهم لسان بعضهم، ولكن هذا كان حقًا عالمًا آخر. فكرت أنه ربما عليها أن تتخلى، لكنها لاحظت شيئًا.
(هه؟ كأنني ألمح نمطًا في عناوين الكتب على الأرفف)
كانت العناوين مكتوبة بلغة العالم الآخر الحادة ولم تكن تمامًا مثل الأبجدية الإنجليزية أو السيريلية. لم تستطع ميكوتو أن تخمن حتى ما إذا كانت هذه الأبجدية تحتوي على رموز لكل صوت بلا معنى أم إذا كانت تشبه الكانجي حيث أن كل رمز يرمز لكلمة ذات معاني متعددة. ومع ذلك، كانت متأكدة من أن هناك نظامًا ما لترتيب الرموز والمسافات بشكل عام. ذكرها ذلك برموز مورس القديمة أو برايل التي تظهر على آلات تذاكر محطات القطارات.
「هيه بتشييت. ما المكتوب هنا؟ شيء مثل "علاقَةُ الأنواع الأربعة للسحر"؟」
「مم؟ آه، بالأدق مكتوب "مخطط مقارنة توضيحي للعناصر الأربعة الكبرى"،」 أجابت بتشييت وهي جالسة على الرف بأقدامها تتدلى.
كان هذا تقريبًا ما خمنته ميكوتو.
كانت تفهم عام الفكرة، لكن من الأأمن أن تتزود بالتفاصيل من الإلفية. ولكن إذا كانت لغة هذا العالم تعمل بهذه الطريقة، فلماذا بذلوا كل هذا الجهد بلا سبب واضح؟ بالطبع، ميكوتو تعرف أن بتشييت، التي تستطيع قراءتها بشكل طبيعي، ستحتار فحسب من السؤال.
لكي تتدرّب على كتابة هذا العالم، مرّرت ميكوتو إصبعها بعناية على حواف العناوين تبحث، لكنها لم تعثر على أي كتاب كأنه كتاب سحر يحتوي به تفاصيل أمراء الشياطين الثلاثة.
「ألن يكون أسرع لو بحثتِ في عقل الأمير بالمنتل آوت؟」
「قد غسلت دماغه، لكن علينا الانتظار حتى يستعيد وعيه قبل أن نستجوبه☆ لا تريدين أن تفرضي عليه عبئًا ذهنيًا هائلًا يكسر عقله قبل أن نحصل منه على المعلومات، لا؟」
.....يكسر عقله، تقول. فإذا تضرر دماغه فعليًا، فهل حتى المصنفة الـ#5 تعجز عن إصلاحه؟
وسّعت ميكوتو ذراعيها ضجرة.
「فماذا لو نحمل كل هذه الكتب ونسأل الشيخة بيكريان عن أيّها مطلوب!؟」
「أُقدّر أن في هذه الغرفة الصغيرة حوالي 2000 كتاب」
「خذي بالمنتل آوت وتعلّمي كيف تشغلين تلك التماثيل العملاقة الأنوبيس والغرغول أجعليهم يعملون」
「(لحظة، ألا أجعل أحدهم يحملني بدل كل هذا المشي؟ أخيرًا، وجدت بديلا لهوكازي-سان في هذا العالم!)」
「ستبكي لو سمعتك تقولين أيتها الملكة الخدّاعة」
بينما تناقشان هذا، حدث شيء دون إنذار.
بعد صوت "صعۡقٍ!!" غريب، انفجر درع بكيني ميكوتو وزي راقصة شوكهو عن جسديهما.
فتوقف الزمن لحظة.
استغرقتهما بضع ثوانٍ حتى ترجع الذاكرة وتدركا ما حدث.
بما أنهما لا تستخدمان أي أسلحة، فإن تخفيض مستواهما لن يسلبهما القدرة على القتال، لكن مع ذلك سيؤثر على دروعهما إذۡ أنها تتطلب مستوًى معينًا لارتدائها.
لقد نُفّذ طلب اللص الأمير أخيرًا.
(إيه، إيه، إيه. منطقي)
「「ما فعلنا حتى نستحق هذا؟!」」
- الجزء 12
ميساكا ميكوتو قد وصلت حدودها العقلية.
مع بطانية سرير ملفوفة حول جسدها النحيف كالمنشفة، عادت إلى الغرفة التي كان فيها الأمير وجه اللص.
وبالمغناطيس حطمت درعه (الجديد والرخيص جدًا).
「ماذا فعلت بالجريموار!؟ الذي سرقته من الشيخة الإلفية بيكريان!!」
「لا لا، لا أعرف عما تتحدثين! أنا ذو كرامة لا أسرق من عبيدي!!」
أيحسب أن هذا دفاعًا؟
لقد سرق كل شيء منهم، بما في ذلك حياتهم.
وأصلا، كان الناس في هذا العالم قائمين على عمل العبيد. إذا لم يرد استخدام أي شيء يخصهم حقّا، فليتعرى ويذهب ليعيش في الغابات أو الحقول.
وشوكهو (التي تحولت هي الأخرى إلى لفافة سرير) غمزت وهي مسترخية متكئة على الجدار.
「لا أظنه يملكه」
「على أي أساس!؟」
「الكذب أسهل عليه، لكنه يعرف نوع القدرة الانتقامية التي تنتظره إذا اكتشفنا الحقيقة☆」
「......」
「بأي حال، لن يكذب على المنتل آوت. سأتولى الباقي」
「تشه!!」 نقرت ميكوتو لسانها وتركت ياقة الأمير. كان درعه الجديد مصنوعًا من الفولاذ، لكنها استخدمت يديها العاريتين لأن قوتها كانت لتسحقه كعلبة الألومنيوم.
غادرت الغرفة.
كعاصفة تمسح كل ما في يعوقها.
「مرتاح؟」
كانت شوكهو الملتفة بالبطانية تقف أمام الأمير الذي انهار على الأرض.
ثم دورت الرموت في يدها وهو جهازٌ لا يجب أن يعرفه أحد في هذا العالم.
「لمَ برأيك أنها لم تقتلك وأنت من أسوأ أنواع البشر لا خلاص لهم؟」
「آه؟ هه؟」
وضغطت الجهاز بين عينيه.
ابتسمت الملكة الخبيثة، التي لم تكن لطيفة ولا مباشرة، ابتسامة خبيثة.
「لم تكن قدرة رحمة منها☆」
- الجزء 13
『أنا أمير منطقة فالهالا آمر بالإفراج الفوري عن جميع العبيد في نطاق سلطتي!! انتباه لكل العبيد من الإلف وغيرهم: سنعاملكم الآن بالمساواة. إذا شككتم في اطواقكم وأغلالكم، فاهربوا إلى فالهالا تنجون! وإذا كان من النبلاء أو العامة من يشكك في نظام العبودية لكنهم خافوا على أنفسهم من الاضطهاد، فنقول لكم: انضموا إلينا نكوّن روابط قوية لنحمي قدرتكم على فعل الصواب وتحرير العبيد!!!』
ولقد صدر إعلان التحرير.
كانت ميكوتو وشوكهو تحملان الصحيفة في مكتب قصر الأمير.
كانت الصحف هي الوسيلة الرئيسية للمعلومات والترفيه في هذا العالم الذي لا يحتوي على تلفزيون أو إنترنت.
كل التمييز ولد من الانتماء.
لم يفرَّق البشـر من خوف أو اشمئزاز أو نقصٍ في الفهم. وحدهم الأقلية الصغيرة من ترى الهدف من التمييز تهديدا حقيقيا فتخاف خوفا صريحا. أما الأغلبية، فكانت تساير الوضع لأنهم قالوا "ما سيقول الناس عنا" إذا لم يفعلوا ما هو متوقع منهم. كان الاحتجاج ضد التمييز سيجلب غضب الأقلية من المتطرفين، لذا فشلوا في تحديد ما إذا كان ذلك سيكون حلاً مناسبًا. وبقمع أفكارهم على هذا النحو، بدأوا يشعرون بالكراهية تجاه كلّ من لم يعش معاناتهم. وفي النهاية، يهاجمون هدف التمييز دون أن يعرفوا السبب. وبالتالي يظل الفعل نفسه الباق.
هناك طريقان لإنهاء التمييز. الأول هو التخلي عن قوتك للقتال والعمل ببطء من القاع عبر حركة شعبية. الثاني هو أن يأتي أحد في القمة ذو قوة هائلة فيُعلن عن تغيُّرٍ سياسي حاسم. في كلتا الحالتين، ما كان العنف الصامت ليعمل أبدًا. مهما كانت القوة المستخدمة، فإنه لا يمكنها تغيير العالم إذا لم تتحدث لتشرح الهدف وراء أفعالها. ...وميكوتو تعرف ذلك جيدًا بعد حادثة النسخ العسكرية المنتجة جملةً.
من هذه الناحية، كانت هذه خطوة أولى قيمة جدًا.
حتى وإن كانت قدرة #5 هي من أحدثته.
「أترين؟ حتى ذاك بدا رائعًا لمّا حاول. ليتها لم تكن مفروضةً عليه بالمنتل آوت」
「بلا سخافة. إنما أنه بدا بهذا الشكل الرائع لأنني دفعته وساعدته،」 قالت #5 تغمز وتضع الرموت في شنطتها الفاخرة.
(وأن يغسل دماغه ليقول ما قال، فذلك يمنح الأمير نفسه عذرًا إذا احتاج)
استخدمت شوكهو قوة #5 المدينة الأكاديمية – منتل آوت.
فهي لم تجبره على قراءة نص — بل غاصت عميقًا في عقله.
عرفت عن الحريق الهائل وترتيب حياته.
عرفت حتى عن الكراهية والندم اللذين لم يفصح عنهما رغم الفقدان.
لكنها لم تكن بالغبية لتفضح كل ذلك أمام ميكوتو.
ميكوتو وشوكهو قد عادتا إلى درع البكيني وزي الراقصة.
لقد سحبت النقابة مستوياتهما جبرا، ولكن الخبرة هنا كانت عبارة عن كهرباء حيوية. كان لميكوتو السيطرة الكاملة على نظام المستويات، لذا بعد رفع مستوياتهما في ثوانٍ معدودة، هرعتا إلى سفينة الدروع في المدينة (بينما كانتا تتسللان عبر الأزقة الخلفية كي لا يراهما أحد). لم يكن هناك متجر متخصص يقدم منتجات حسب الطلب، لذا بحثتا في المخزن ووجدتا شيئًا يناسب وظيفتيهما ودفعا بالبرقيت.
وأثناء وجودهما هناك...
「امم، هل نترك المال هنا؟」
「أتدفعين السعر المعروض في عالم حيث التفاوض متوقع؟ ماذا لو أستخدم هذا الرموت لنعطي أنفسنا قدرة خصم 90%؟」
「أفهم أنني الوحيدة التي لا تعمل قوتك عليها، لكن لماذا تجعلينني محل ضميرك؟」
(آهغ، أكره كيف أنني أستطيع التحكم في خبرتنا كما أشاء ومع ذلك لا أستطيع تغيير الوظائف. سأظل عالقة في لقب المحاربة إلى الأبد)
كان ذلك الأمير أسوأ الأسوأ، لكن إعلانه قد أحدث موجات عبر سلساكفير.
شيئًا فشيئًا، بدأت الأسئلة حول العبودية تظهر بين النبلاء والمدن الرئيسية في مختلف المناطق.
قد يكون من الأدق القول إنه كانت هناك بالفعل مدن صديقة للإلف، لكن الأخبار عنها لم تتمكن من الانتشار.
ففي آخر الأمر، كان هذا عالمًا خياليًا بلا إنترنت أو جوالات ذكية. وكان للنبلاء دوريات تسافر عبر الطرق المعبدة بالطوب الأحمر بين المدن، وأي رسائل أو صحف أو مسافرين محبين للشائعات سيتعرضون لفحص مفاجئ حيث تصادَر المعلومات أو يعاد كتابتها. وإذا عثروا على أحدٍ ينشر معلومات لا تعجب الكبا،، فسوف يضرب ويجرد من معداته ويجبر على العودة إلى حيث جاء. وحده ذلك كان كفيلًا بوقف انتشار المعلومات، لكن إذا فشلت الضحية في الوصول إلى المدينة الأقرب، فسوف يموت هناك.
كان الحمام الزاجل يُجذب ويُقبض بالطعام والشباك لفحص الرسائل التي تحملها.
هزيمة الأمير المحلي أدى إلى تخفيف السيطرة على الطرق مما سمح بتدفق المعلومات بحرية مرة أخرى.
زبدة الكلام، كان هناك العديد من المتعاطفين على الإلف أو الذين كانوا أصحابا لهم.
「لا تدعي هذا يصدمك،」 حذرت شوكهو من وراء المكتب.
ومعها ورقة. يبدو أنها كانت إصدارًا خاصًا من صحيفة نشرتها سفينة جوية مملوكة للمملكة.
كتب فيها: "بأمر من الملك، قمعنا تمردا في المدينة الرئيسية إليسيوم. فقدنا العديد من الأرواح. ما كان ليحدث أي من هذا لو لم تظهر علينا القلوب الفاسدة والمشوشة لأولئك الذين شككوا في نظامنا العبودي والصحيح. ملكنا العظيم حامي السلام والنظام لن يعترف أبداً بالشائعات الدنيئة لما يسمونه إعلانا بالتحرير"
إليسيوم لم تكن هذه المدينة.
هذه فالهالا.
إليسيوم كانت مدينة بعيدة لا علاقة لها بكل هذا.
لقد تجاوز الوضع بكثير كل ما تخيلته ميكوتو.
「ما... ماذا حدث بحق؟ ألأننا فزنا هنا واحتللنا أراضي أميرٍ واحد فقط، هاجموا مدينة مختلفة تمامًا انتقامًا؟!」
「كما قلت، لا تدعي ذلك يصدمك كثيرًا」 تنهدت الراقصة شوكهو بإحباط. 「آخر شيء تريده المملكة هو أن يشكك الناس في العبودية — وبالتالي في حكم الملك — فيؤججوا التمرد. إذا انتشـرت مشاعر مناهضة للعبودية بينما يحاربوننا، فسيخرج الوضع عن أيديهم تمامًا. وبما أنهم لا يعرفون مدى قوتنا ولا يتوقعون مدى الوقت الذي سيستغرقونه لقمعنا، فقد قرروا إخماد النار في منطقة أخرى حيث يملكون سيطرةً أشد على التوقيت」
「......」
「وسوف يهاجمون مدنًا بريئة. لا أحسب له علاقة بعدد المناهضين للعبودية في تلك المدينة بقدر ما هي رغبةٌ في تجنب الانتقادات الموجهة لقرار الملك من عدة وجهات نظر في نفس الوقت」
「لا يهمني كل ذلك. المشكلة أنّ مجموعة من الغرباء أبرياء قُتلوا بسبب ما فعلناه!!」
「هنا الكلام」 غمزت شوكهو وأومأت بإصبعها لميكوتو تُصحِّحُها. 「ما الدليل الذي نملكه على دمار إليسيوم؟」
「.....ماذا؟」
「تذكري، هذا عالم خيالي بلا تلفزيون أو إنترنت. هذا يعني أنه لا يوجد تصوير حي. الملك يريد فقط إخماد المزاج التمردي، لذا فهو لا يحتاج حقًا أن يهاجم إليسيوم☆」
وعلى هذا، كانت هذه النسخة الخاصة من الصحيفة تُنشر من سفينة جوية مملوكة للمملكة.
وضعت الراقصة صحيفة أخرى على الطاولة.
كانت هذه صحيفة غير مصرح بها نشرت بشكل خاص تسمى "الصحيفة التحت أرضية". هُرِّبت عبر الفحوصات المفاجئة التي يديرها جنود النبلاء على الطرق. في حين أن لديهم تقنيات الطباعة هنا، كانت تقنيات النقل الفقيرة تُقدّرُهُم على إصدار صحيفة واحدة في الأسبوع وربما إصدار خاص، لكنها كانت لا تزال تملك قدرًا من التأثير في هذا العالم بلا تلفزيون أو إنترنت.
「هذه الصحيفة تحت الأرض تحتوي على مقال عن بدء الناس في التساؤل حول العبودية بين الأمراء الإقليميين والمدن المركزية، لكنها لا تذكر شيئًا عن تدمير قوات المملكة لإليسيوم」
「الصحف تحت الأرض لا تلتزم بقواعد الشفافية، لذا لا يمكننا الاعتماد عليها تمامًا. إنما هم يهتمون بالشعبية وما يحب الناس قراءته، لذا فهم ميّالون للإبلاغ عن شائعات غير مؤكدة أو حتى أكاذيب صريحة!」
「صدقية المقالات لا تهم. هذه الصحيفة مرّت بعدة أيدٍ حتى وصلت إلينا، لذا فهي مشبعة بأفكار متبقية من أشخاص مختلفين. قراءة هذه الأفكار بالمنتل آوت ستوفر لنا كثيرا من المعلومات نتيقن بها أكثر من غيرها. ويمكنني الحصول على معلومات من أماكن أخرى بسهولة أكبر من إرسال مجموعة من الجواسيس」
「......」
إذا كنت تعرف عن القياس النفسي، فهناك تدابير يمكن اتخاذها ضده.
لكن تلك كانت ظاهرة غير معروفة تمامًا هنا في سلساكفير. قد يجعل ذلك الأمور أسهل بكثير لشوكهو. وبالطبع، بما أن لا أحد هنا يفهم كيفية عمل قوتها، فقد تجد نفسها في وضع تعرف فيه المذنب الحقيقي ولكن لا يصدقها أحد.
「الحروب تُكسب بالاستخبارات، وليس بالقوة. هيهي. ليس أنني أتوقع منك أن تفهمي ذلك وأنتِ دائمًا ما تندفعين دون تدبير」
「إذن ما قراءتك للوضع؟」
「50-50」
صفعت ميكوتو يديها على المكتب.
لكن تعبير شوكهو الكسول لم يتغير.
「هذا ليس كافيًا!! وحتى لو كانت الأخبار مزيفة، إذا لم تُحقق قصتهم عن سقوط إليسيوم التأثير المطلوب، فلربما هذه المرة يدمرونها فعلا!」
「أفضل ألا أعرف حقيقةً، لكن ما نفعل برأيك، ميساكا-سان؟」
عرفت ميكوتو تمامًا ما يجب فعله.
أرواح الناس على المحك. جميع الأرواح في مدينة بحجم فالهالا.
「سأذهب وأرى بنفسي」
「علمت أنك ستقولين. وأنتِ مدركة أنكِ تقعين في لعبتهم، لا؟」
「قلتِ إن هناك بعض المدن والمناطق التي تشكك في العبودية، صح؟ إذن إليسيوم قد لا تكون المكان الوحيد الذي تستهدفه المملكة. عليّ أن أزور جميع المدن المعرضة للخطر وأساعدها إذا لزم الأمر!!」
تنهدت الراقصة شوكهو بعمق.
قد علمت أن هذا سيحدث بناءً على المشاكل التي تسببت بها ميكوتو في المدينة الأكاديمية لتنقذ 20 ألف أختٍ.
ريّحت شوكهو رأسها على يدها، وغمزت متجهمة.
「لستُ معك في هذا」
「طبعا لستِ. العاصمة على مسير قريب. وعليّ إنقاذ الناس الذين يتعرضون للتهديد الآن، لكن المملكة لن تنشر قواتها إذا أوقفناهم عند المصدر. أنتِ كيّادة، فأتِ بخطة. ركزي على كيفية السيطرة على العاصمة」
「همم. حسنًا، طالما لن تؤخري قدرة جدولنا العام، اذهبي وافعلِ ما تريدين」
「أقسم أنني سأعود في الوقت للهجوم!!」
- الجزء 14
ميساكا ميكوتو بدرع البكيني لم تخرج من الباب.
بل فتحت النافذة المرتفعة وقفزت منها.
استنادًا إلى ذلك، من المحتمل أنها ستفعلها حقا.
حتى لو بدأت تصرفًا متهورًا للغاية بناءً على نزوة لحظية، فإن الـ#3 سوف تنفذه حتى النهاية.
أما الـ#5 فكانت تفضل أن يُعَدَّ المسرح كاملا ويُفحص كل شيء عدة مرات قبل أن تتخذ أي خطوة، لذلك هذا شيء لا يمكنها فعله أبدًا.
「يُغضبني ذلك」
سمعت شوكهو صوتًا مذعورًا.
كان الباب مفتوحًا قليلاً، تراقب بتشييت من خلال الفتحة. هل كانت قلقة للغاية على ميكوتو؟
أشارت لها شوكهو بالدخول.
「تعالي」
「يخ!؟ أ-آسفة، هل سأُعاقب؟ نعم، بالطبع سأُعاقب. خادمة قذرة تتنصت على حديث البشر ستُنتزع أذنها بلا شك」
「لا داعي ولا تفعلي」
رفضت شوكهو الفكرة بشكل قوي لأنه تراءى لها وكأن بتشييت ستنفذ العقوبة بنفسها.
كانت بتشييت شاحبة وهي تدخل الغرفة بتوتر.
لم تكن من النوع التي يبدو عليها القلق على صحتها.
كانت تضع نفسها جانبًا وتهتم بالآخرين الذين تحبهم مقدمًا.
「ه-ه-هل ستكون الآنسة ميساكا بخير؟ أعني، هي خرجت لوحدها... المملكة فسيحة. فكيف لها أن تحمي الجميع في المناطق المستهدفة وهي لا تعرف ما هي الأراضي والمدن التي ستُهاجَم؟」
「هيهي. حقًا غبية، ها؟ كأنها تندفع إلى فخ مصمم لتقسيم قواتنا وإضعافنا」
「انن!؟」
「لكن لا عليك☆」 أصرت شوكهو مبتسمة عفوية.
كان هذا تكرارًا لذلك التجربة. من أجل إيقاف الخطة التي كانت ستقتل عشرين ألف أخت، ذهبت ميكوتو لتدمير المختبرات المختلفة محاولةً اقتلاع جذر التجربة.
تعلم أنه فخ، لكنها مع ذلك اختارت أن تكر وتهجم.
وهو أجدر عليها أن تدري بأنها إنما سترهق نفسها بهذه الخطة الكبيرة الغبية لتحمي كل حياة أمامها.
لكن....
「تلك ميساكا ميكوتو التي نتكلم عنها」
「؟」
أمالت الإلفية رأسها.
لكن لبعض الأمور، كان هذا تفسيرًا كافيًا.
الـ#3 سوف تُتِمُّها.
「العشرات من الشركات والمختبرات منتشرة في مدينة الأكاديمية، وتلك أماكنٌ شُيّدت على منطقٍ جلف. تملؤها الأسرار وحراستها صارمة لدرجة أن دخولها وحده قد يهلكك. حتى أنّ أحدها قد وكّل من يحرسه مستوى 5 آخر... لكنها مع ذلك استطاعت. ستنقذ الجميع دون استثناء. ففي أوقات كهذه يستقيظ في أعماقها شيء. وتنهض فيها قدرة حيوانية كانت نائمة فتحولها إلى خبيرة حروب عصابات كانت قد نشرت الفوضى في المدينة الأكاديمية مرةً」
- الجزء 15
طووخ، كسر، صعق، كطاااخ، طرق، طووه، صعَّعق طبّوووخ!!!!
- الجزء 16
الآن.
غادرت ميساكا ميكوتو لـ "تتفقد" مناطق أخرى.
بينما ذهبت الـ#3 الحمقاء للقتال في حرب بمفردها، كانت الشقية والذكية والجميلة شوكهو ميساكي تعمل على خطتها للهجوم على العاصمة.
سارت عبر العشب في زي راقصة مزخرف تحت السماء الزرقاء الغريبة التي تحتوي على طبقات متعددة من الأراضي العائمة مثل قطع قشـر البيض تتحرك. حقيقة أنها تستطيع السير في مثل هذا الزي اللافت للنظر دون أن يلاحظها أحد من أصحاب السلطة أثبتت مدى روعة العالم بدون كاميرات أمنية.
「لنرى، علينا هزيمة الأمراء الثلاثة من الشياطين لنتم طقوس الكنوز الثلاثة ونعود إلى الأرض، لكننا لا نعرف شيئاً عنهم. الملوك أو النبلاء لديهم الجريموار (كتاب سحري) الذي يقدم معلومات أكثر، لذا علينا أن نهدد أو نغسل دماغ الملك الأعلى لكي يأمر بتسليم جميع الجريموارات التي يمتلكها الأمراء المختلفون إليه☆」
بعد أن تمتمت بأفكارها عاليا، حولت شوكهو تركيزها إلى العالم الخارجي.
واجهت المشكلة الأكثر إلحاحاً.
「بدون قدرة قوة ميساكا-سان الغاشمة، سيكون صعبا علينا القتال. منتلي الآوت لا يعمل على الحيوانات البرية التي قد تهاجم دون تحذير」
「جلبت معي هذا، أحميكِ به」
مع بتشييت قوسٌ من خشب الرماد. كان قوساً طويلاً لافتاً مما جعله أطول من بتشييت نفسها. ومن البديهي أنها حصلت عليه في فالهالا، مدينة التجارة حيث تشتري تقريبًا أي شيء.
حمل العبد سلاحاً قاذفاً كان يقتضي تنفيذ حكم الإعدام تحت باب التمرد، فهل كانت بتشييت أخيرًا تتغلب على مشكلاتها؟ فإذا كانت، فتلك بُشرى.
نظرت شوكهو بمودة إلى الإلفية الصغيرة التي تلوح بالسلاح الكبير بحرجٍ.
لكن الأهم...
「...............نحن نطفو」
「أجل؟ لأنها أرض عائمة」
كان رد بتشييت المطيع ظريفا إي نعم، لكن هذا ليس مقصد شوكهو.
「آاااااهـــه! هذا أكثر من كافي لإيقافنا بدون ميساكا-سان!! ليس لنا أي وسيلة نصل بها إلى أرض عائمة أخرى قريبة! لكن إذا رجعتُ الآن، أعرف أن ميساكا-سان ستسخر مني أبدَ الدهــــٓــــر!!」
「هـ-هوّني عليك! بل هي الغريبة لأنها تطير بتلك الأشياء المغناطيس. لذا بدونها، ما عليك سوى أن تأتي بتنين بري وتركبينه إلى الأرض العائمة التالية!!」
「مرة ثانية، منتلي الآوت يعمل فقط على البشر!!」
كانت شوكهو تتجول على حافة الأرض العائمة محاولةً اكتشاف ما يجب فعله عندما لمحت بريقًا صناعيًا يبدو غريبًا في الطبيعة.
ما وجدته كان يشبه كثيرا مروحة ضخمة مدمجة مع مظلة.
يبدو أن وحشا طائر هاجمها أثناء عبورها بين الأراضي العائمة.
(لماذا تركوها؟ لا تعجبني فكرة أن أحدًا تعرض للهجوم أثناء ركوبها)
كأنها نوع من الطائرات الشراعية، لكنها تعمل عن طريق لف شعر الحيوانات بمقبض يدوي بدلاً من محرك بنزين.
بما أنها لم تملك خيارات أخرى، حملت شوكهو بتشييت بين ذراعيها وانطلقت. غير أن قلبها جزع على القفز من حافة الجرف، فآثرت أن تجرب ذلك في حقل فارغ أولاً. كان عليها أن تركض قليلاً أولاً لتملء المظلة بالهواء، وأعانها على ذلك المروحة.
بدأت تطفو.
تغلبت دهشتها على خوفها وهي تشعر بالجاذبية تختفي من قدميها. لم تتشابك الحبال أو يحدث أي شيء.
「أوه؟ أوه، أوه، أوه... أووووه☆」
ممتع.
بعد أن بدأت تطفو، استراحت شوكهو على شيء كأنه حزامٌ سميك. كان أنيقًا، كأرجوحة عملاقة، وكان سيمنع بتشييت من الانزلاق أيضًا.
على عكس غبيةٍ معينة نترفع عن ذكرها والتي كانت تطير هنا وهناك بالمغناطيس، لم يُغِثّها هذا الشعور فيخرج ما في بطنها إلى حلقها كما في ألعاب الملاهي الحماسية، لذا لم تشعر بأي خوف. إنما الهدوء والرقة في الطفو. كانت واثقة أنها تغادر الجرف بأمان هكذا.
فرحت بتشييت في المقعد الخلفي.
「روعة روعة، آنسة شوكهو」
「هواهاها! غباءٌ منا أننا اعتمدنا على ميساكا-سان طوال الوقت!! الآن يا بتشييت، كيف نوّجه بهذا الشيء؟」
「لا أدري」
ميلة رأس الإلفية هذه جعل ما في بطن شوكهو يرتفع إلى حلقها.
ولا شيء تحت قدميها.
غير قادرة على التصرف كالأخت الكبرى المطمئنة بعد الآن، صرخت شوكهو وتمكنت بطريقة ما من تعديل ارتفاعهما باستخدام الحبال في يديها؛ محققة هبوطًا ناعمًا على الأرض العائمة الجديدة التي تبعد حوالي 100 متر عن الأرض السابقة. لو أن زاويتها اختلفت قليلاً، لوجدت نفسها في جحيم الطيران في الهواء الفارغ إلى الأبد.
「لهث، لهث. ل-لن أجرب ذلك مرة أخرى」
「مم؟ لكن أليس علينا استخدامه للعودة؟」
「فووووووووووووووووو!!」
لكن الآن لم يكن وقتًا أن تمسك برأسها وتصرخ.
وجود طائرة شراعية مزودة بمروحة تعني أن هناك وحوشًا عملاقة تهاجم الناس الذين يسافرون بين الأراضي العائمة. لا وقت لطي المركبة وتغطيتها بالأعشاب والفروع لإخفائها عن الأنظار.
「أوه، لا. شيء قادم. ذ-ذلك هو [رياحبلغر]!! (Hraesvelgr)」
كان مدى جناحي الطائر العملاق يحجب السماء الزرقاء فوقها. بحجمها هذا، كانت رفرفةٌ من جناحيها ستسبب عاصفة هوائية. وكان مخلباها العملاقان يشبهان خطاف الرافعة، لذا من المحتمل أن تستطيع أن تمسك وتدمر بَيتاً.
لم يكن حمامة أو غرابًا – كان طائرًا مفترسًا حقيقيًا.
وللتأكيد، منتل آوت شوكهو لا يعمل على الوحوش غير البشرية.
「إيييك!」
لأول مرة، كانت الملكة هي من صرخت خوفا.
شعرت بتشييت بذلك الخوف الحقيقي، وشيئًا ما تغير داخلها وهي تحمل قوسها الطويل من شجرة الرماد. فتقدمتها.
ثم قالت كلمةً.
「بلايز」
وما أصاب السهم حتى انفجر بطن رياحبلغر من الداخل.
「بواه!؟」
مذعورة من الانفجار المفاجئ الأحمر، سقطت شوكهو ليس فقط على مؤخرتها بل أكملت على ظهرها أيضًا.
عندما تحمل بتشييت سببا، سوف تقتل. كانت الأرواح تؤخذ عفويا في هذا العالم.
وقد شرحت سابقًا كيف يعمل السحر في سلساكفير.
لكن ذلك لم يكن سحر الهجوم الناري الأساسي!!
「إلفشوت」 تنهدت بتشييت الصغيرة برفق وهي تخفض قوسها بلطف. 「وهو هجوم يغرس فيه السحر في رأس السهم الصواني فيشلل الهدف، لكن... آهغ، عندما أفعل ذلك، دائما ما ينفجر داخل جسد الهدف」
「.......」
إذن، إذا خدشت الهدف حتى بطرف سهمها، يموت؟
ليس مهمًا أنها كانت من المستوى 11 وكان لديها فقط القدرة على الوصول إلى السحر الأساسي. ليس وأنها ببساطة قادرة على دفعه داخل جسد الهدف فتفجّره. قد يكون هذا أكثر فتكًا من الريلغن التي تضرب قوتها في الخارج حصرا.
توسعت عينا شوكهو وهي مستلقية على ظهرها في زيها المزخرف.
「مهلا، أمم، بتشيـ- بحقك ما كان ذلك؟」
「أعلم. هذا يدمر الأوعية الدموية والأعضاء في الهدف، لذا فإن اللحم لن يكون لذيذًا. إنها عديمة الفائدة تمامًا في الحياة اليومية. يجب عليّ حقًا أن أتعلم كيف أُفعّل الإلفشوت بشكل صحيح لأشلّهم حتى أأسرهم أحياء」
ميلت الإلفية رأسها في خيبةٍ وهي تحمل قوسها الرماد.
من الواضح أنها لم تدرك أن هذه القدرة جعلتها مرشحة حقيقية لأن تكون الأقوى.
كانت سلساكفير تظهر عيبًا آخر بدفن موهبتها دون أن تُطلعها أبدًا على قيمتها الحقيقية.
「اللحم كأنه تناثر في كل مكان، لكن ستكون خسارة ألا نجمعه ونأكله. لا شك أن يكون طعمه طيباً ما إن نطبخه」
- الجزء 17
قضى الاثنان يومين يقتربان من الوجهة.
وخلال ذلك، لاحظت شوكهو شيئًا.
「بتشييت☆」
「إبك!؟」
قفزت الإلفية الصغيرة.
قد كانت تزعج شوكهو حركة أذني الإلفية الطويلتين وهي ترتعش فوقاً وتحت أثناء حديثها، لذا بعد الكثير من المراقبة، مدّت يدها فأمسكت بالأذنين بين أصابعها.
「هذه الرعشات تعني شيئًا، ولا؟」
「ت-ت-عذرًا، آنسة شوكهو، إلا أذنيَّ」
「يمكنكِ التحدث بصوتكِ بعيونكِ وبإشارات يدكِ... وحتى بأذنيكِ الطويلتين، ها؟ هذا يوفر لكِ قدرة أكبر على التواصل بينما تكونين في الأشجار أو في الليل المظلم، لذا فأنتم أيها الإلف ربما لا تقهرون عندما تختبئون في الغابة ومعكم الأقواس」
لم يكن واضحًا ما إذا كان البشر في هذا العالم قد لاحظوا هذه المحادثات السرية بين الإلف، لكن لم يكن هناك خداع لشوكهو التي جعلتها قوتها لا تُقهر في التواصل.
(إيه، نظرًا لكيف عوملوا، فمن الطبيعي أن يرغب الإلف في التكلم عن سادتهم، كما يدعون، سرًا أمامهم)
على أي حال، لم يكن هذا الموضوع الأهم في الوقت الحالي.
「تلك هي العاصمة تُوَوْنِلا. روعة، جدًا كبيرة」
「؟」
شوكهو بدت مشوشة.
لم تستطع تحديد مصدر ذلك الاسم.
(هذا كأنه ما يحدث إذا سَمُّوا كل شيء بناءً على أسماء من سجلات الممالك الثلاث، لكن الأسماء انتهت منهم في جميع الممالك الكبرى و القادة العسكريين، فعَلِقوا في أسماء القرى والمعابد الصغيرة؟)
على أي حال، تصرفات بتشييت جعلت شوكهو أن تبدأ أيضًا في مراقبة المدينة من بعيد.
كانت فعلا كبيرة.
رأت بعض الاختلافات الطفيفة في أسلوب البناء. من المحتمل أن المدينة الأصلية بدأت في المركز، ومع زيادة السكان، أضيفت أجزاء جديدة من المدينة إلى الحواف الخارجية. لك أن ترى تاريخ المدينة في ذلك. بعض المناطق تحتوي على مباني من النوع الجملوني، بينما في مناطق أخرى تجد مباني سَقَفية بارزة. وعند النظر من الأعلى، قد تبدو كحلقة شجرة.
كل المنازل من حجر.
لم تكن حتى من خشب أو طوب.
في فالهالا، كان الحجر امتيازًا محصورًا في قصر الأمير، فهل يعني ذلك أن العاصمة كانت تحتوي على هذا العدد الكبير من السكان الأثرياء؟
「أهو مثلما يستخدم الجميع المجففات في حَرّ لوس أنجلوس؟」
「؟」
بدا أن ذلك أكثر من أن يفهمه إلف من هذا العالم.
كما كان هناك العديد من فتيات الوحوش العبيد في العاصمة. على ما يبدو أنهم لم يقتلوا عبيدهم في موسم الضرائب هنا.
「ليس في تُوَونِلا ضرائب」
「لا ضرائب؟」
「يقولون إن هذا هو سبب قدوم كل التجار الأثرياء! لا بد أنه من المريح أن يكون جامع سيدٍ يحاول الحفاظ على حياة عبيده لأطول فترة ممكنة」
كانت تتحدث عن الاستغلال، لكن بتشييت بدت تقريبًا وكأنها تغار.
......بالطبع، لا يمكن لبلدية كبلدية مدينةٍ أن تعمل دون إيرادات ضريبية.
(فهل يجبرون كل من يمتلك ما يكفي من الثروة على تقديم "تبرعات خيرية"؟ يع، لا أحب فكرة مجتمع يجعل من الأعمال الخيرية جزءًا من الروتين. قد تكون فعالة، لكن ليس فيها قدرة قلب)
ومزيد من القصور المستقلة أكثر من المباني المكعبة هنا لأن تُوَونِلا، على عكس فالهالا المحمية بخندقها وجدرانها السميكة، كان لديها تخطيط مفتوح أكثر. فإن كان جدارٌ حول المدينة، فلن يكون بالإمكان توسيعها خارجيًا وستضطر إلى التطور صعودًا.
عندما يجتمع الناس في مكان ما، يأتي المال معهم ثم يلحقهم مزيد من الناس للحصول على هذا المال.
كان ذلك دليلًا على دورة إيجابية، لكن...
(لا خندق ولا جدار. هناك بوابة عند المدخل، لكنها أشبه بـ توري معبد الشنتو ولن تكون فعالة في صد المهاجمين. يبدو أن قدرة هذا المكان أقل دفاعًا بكثير من فالهالا، لذا أتساءل كيف يعمل)
وقطعة أرض مساحتها 3 كم مربع معلقة حوالي 50 مترًا فوق هذه المدينة التي تضم مليون نسمة.
وكان قصر خيالي بأبراج وجدران واقية يقف على تلك الأرض.
لكن بدل أن تكون تلك هي الأرض العائمة، كانت هناك أرض عائمة مستطيلة أكبر فوقها بكثير مع مئات الأسلاك السميكة الممتدة إلى أسفل لتدعم قصر الملك.
كما شاهدوا في الهجوم على القرية، كان أكبر تهديد في هذا العالم هو القصف بالطائرات من طبقة أعلى، لذا كان تعليق القصر هكذا من المحتمل أن يكون بهدف أن يعمل كالمظلة العملاقة. كانت الأرض العائمة العملاقة فوقهم تتكون من صخور صلبة لمنع أي أحد من كسرها أو الحفر فيها بسهولة، وكانت المظلة أكبر بكثير من القصر نفسه، لمنع القتلة أو جيش العدو أن يسقطوا مباشرة منها.
لكن...
「هذه الأسلاك لا تكفي لدعم قطعة أرض مساحتها 3 كم. لن يستطيعوا توزيع الوزن بشكل كافٍ وسوف تسقط ببساطة」
「؟」
لم تفهم بتشييت ما تعنيه شوكهو.
فكان قصدها أن القصر كان بالفعل على أرض عائمة. وما الأسلاك إلا تمويهًا بحيث أن أي أحد يخطط للتمرد سيضيع وقته إذا حاول قطع الأسلاك. وفي الواقع، كان الطُعم للكشف عن أي عناصر خطرة بين الحشود.
لكن بالنظر إلى حجم المظلة، لم يكن القصر في الواقع يهدف إلى حماية المدينة بأكملها من القصف. كان من المحتمل أن الملك يعتزم الاستمرار في أسلوب حياته الفاخر طالما أن قصره آمن. فكرة سطحية تقريبًا كمثل من يقول أنه بحاجة فقط إلى متجر بقالة ليحصل على إمدادات لا نهائية من الطعام والمشروبات دون أن يأخذ في اعتباره تخطيط المنتج والمصانع وسائقي التوصيل والأعمال الأخرى وراء الكواليس التي تتطلبها تلك الأشياء ليتم وضعها على الرفوف. إذا كان يستمتع بتلك الحياة كثيرًا، فإن شوكهو ترجو في نفسها أن يستمر في أكله الوجبات حتى يسقط فيموت.
لأنها كانت مجبرة على التعامل معه.
(آهخ وي. من السهل كثيرا أن تُسلب الأرواح في هذا العالم)
「إيه...」
「؟」
في الأخير، كان هذا عالمًا به السفن الهوائية وغيرها من المركبات للسفر بين الأراضي العائمة. فهل ظنوا أن جداراً أو خندقاً حول العاصمة سيكون عبثاً؟ بما أنه لا توجد أراضٍ عائمة أخرى تمر مباشرة فوق العاصمة، لعلهم ركزوا على حماية السماء. كأن يدمروا أي أراضٍ عائمة تقترب.
أمكنهم مراقبة الأراضي الشاسعة من هذا الموقع المرتفع، وإذا رأوا عدوا يقترب، يمكنهم إعداد دفاعاتهم بنشاط أمام العاصمة.
إضافةً إلى الفرسان، كانت في العاصمة مغامرين وتجار أثرياء وحتى لصوص. كلُّ واحد منهم كان يرغب في مغادرة العاصمة الآمنة ويكسب المال في الخط الأمامي ما إن تبدأ حرب مربحة. يمكن لرغبات الناس أن تخلق قوةً غير متوقعة. إذا كان على العدو أن يتعامل مع كل هؤلاء، فقد يتعرضون لخسائر غير متوقعة بعد أن يتعرضوا للهجمات من جبهات متعددة في وقت واحد.
فهل هكذا تنظمت؟
「لن يحقق ذلك الكثير」
「همم؟」
(من ناحية، قدرة ميساكا الخاصة يمكن أن تخرب جميع دفاعات العاصمة. أتمنى فقط أن ترجع في الوقت المناسب.)
كانت الأسوار والسلاسل تبدو غريبة في المدينة الخلابة.
لم يكن الإلف العرق الوحيد المستعبَد. بل أنهم استعبدوا درياد الشبيهين بالنبات، وإلفاً سُمر أقوياء ونحاف، وحوريات نمف (nymphs) اللائي يصعب التمييز بينهن والبشر. يبدو أن جميع الوحوش المتكلمة تُختطف وتُحول إلى قوة عمل. وعلّهم كانوا يرون أنهم محظوظون لأن العاصمة لم تقتلهم في موسم الضرائب.
يا للعالم الغريب.
كان مختلفًا عن أي شيء تعودت عليه شوكهو.
لم تكن تعرف كيف هي الأوضاع في المناطق حيث تأثير الملك أقل فيها، ولكن في العاصمة حيث استفاد الجميع بشكل كبير من حكم الملك، لم يبدو أن أحدًا يفكر في إزالة تلك الأطواق. وترى هناك والدا يسير مع طفله الصغير البريء يمران بجانب عبدٍ مقيد.
(يا للإزعاج)
الراقصة شوكهو حولت منظارها إلى صوب مختلف.
أغلب الظن أن قوات الملك موجودة في القلعة العليا، وليس في المدينة السفلى. كان العدد أكبر بكثير هنا، لكن الجودة لم تكن لتختلف كثيرًا عن قوات أمير فالهالا. القوات الخاصة النخبوية الغامضة لا توجد إلا في الخيال. ففي الأخير، الجنود المختلفون في نفس المملكة يتدربون ويتجهزون بنفس الطريقة تقريبًا. المملكة لا تكسب شيئًا من تقييد عدد جنودها الذين لديهم أفضل المعدات.
وجهت شوكهو منظارها نحو أراضي القلعة وفحصت حجم الثكنات وعدت النوافذ.
「آهغخ... الكثير والكثير. إنها مثل تلك المجمعات السكنية الضخمة التي فقدت شعبيتها」
「مجمعات؟ سمعت أن جيش العاصمة يضم 100 ألف جندي」
لن تبلغ أي مملكة عن حجم جيشها للأجانب بكل صراحة. من المحتمل أن يكون هذا الرقم قد زيد بنحو 20% لزرع الخوف في قلوب الأعداء المحتملين. ولكن حتى مع الأخذ ذلك في الاعتبار، فإنه يعني أن هناك 80 ألف جندي. وهذا يعني أنهم يدعمون هذا العدد من الذين سيضطرون للعمل فقط عندما تكون هناك حرب أو موكب. كان هذا هو نفس عدد سكان مدينة صغيرة يأكلون الطعام المدفوع من ميزانية العاصمة (التي كانت تأتي من التبرعات الخيرية، وليس الضرائب) ومن الضرائب المجمعة من أماكن أخرى.
بينما كان الإلف والوحوش المستعبَدة الأخرى تَعمل وتُعمَّل بمزيد من الاستغلال على شكل مكافأة، وكان أولئك القتلة في القلعة يتمتعون بأطيب الطعام.
(مم. عندما توصفها هكذا، حقًا تثير حنقي)
「ا-اكتشفتِ أي شيء؟」
「الكثير☆」
- الجزء 18
「رجعت!!」
「طوّلتِ」
ميكوتو كانت تلهث ومغطاة بالكدمات والجروح. وشوكهو كانت غاضبة.
لم يصحب ميكوتو أحد.
ولكن لو أنها لم تنقذ أحدًا، لما بدت هكذا. عدى حالتها المتعبة، كان هناك ضوء ساطع في عينيها.
تجملت الفتاة الـ#3 بابتسامة حرب وهي تلقي تقريرها.
「أولاً، القصة عن قمع إليسيوم كانت مزيفة! لكن كانت هناك بعض المدن الإقليمية الأخرى التي بدأت تناقش تحرير عبيدها وكانت المملكة تستعد لشن هجمات حقيقية على الناس، لذلك دمرت الجيوش التي أُرسلت لهذا الغرض! وكان الناس في إليسيوم مرعوبون من متى سيحين دورهم، لذا أخبرتهم أنني سأنقذ أراضي الأمراء الإقليميين الأربعة والمدن الثلاثة الرئيسية بما في ذلك إليسيوم وطلبت منهم أن يجمعوا كل الأوراق المعقدة وينضموا إلينا! بذلك، وفي المرة القادمة التي تهاجم فيها المملكة، يمكننا جميعًا العمل معًا لصد الهجوم وتأمين الاستقلال والأمان!!」
بتشييت لم تصدق ما كانت تسمعه.
ولكن غير ذلك، كان لعودة ميكوتو تداعيات مهمة جدًا.
「الآن لدينا مبرر لقتال ذلك الملك الأحمق وحماية حياة الناس من قدرته الطاغية☆ هذه خطوة كبيرة للأمام مقارنة بالاختباء والفوز من خلال تكتيكات حرب العصابات」
「مم؟ أليس الفرق الرئيسي هنا هو نوع الشائعات التي يروجها الناس عنا؟」
「ستفهمين ما أقصد لاحقًا☆」
لكن شيئا واحدا كان على شوكهو التأكد منه في مكيدتها الخبيثة. بدا أن ميكوتو لم تنقذ الناس وتتركهم فحسب.
「لنعد إلى الموضوع」 مشطت شوكهو غرتها. 「إذن زودًا أنكِ أنقذتِ تلكِ المدن، دعوتهم أيضًا بالانضمام؟」
「صحيح」
「وسيجمعون أسطولا من السفن الطائرة فيسافرون ببطء بين الأراضي العائمة؟」
「صحيح!!」
تنهدت الملكة.
فهذا يستدعي مراجعة الحقائق الأساسية.
「نحن أخذنا فالهالا قاعدةً لنا. المدينة محاطة بخندق وجدار، مما يعني أن مساحتها محدودة جدًا. ليس بها مكانٌ لنزيد بها السكان فجاءةً 7 أو 10 مرات」
بدت قاسية، ولكنها الحقيقة.
زيادة السكان عشرة أضعاف عن الحدود القصوى للبنية التحتية يعني ترك كل فردٍ مع عُشر مساحة المعيشة وعُشر الطعام الذي يحتاجه. وبالطبع، فإن هذه الخيار سيؤدي إلى وفيات جماعية.
وحتى الآن، لا يزال هذا العالم يعتمد على العبيد، فإذا دفعوا أجرا عادل للمستعبِدين فكأنما يتركونهم بثروة أكبر مما كانت لهم. لو منحوا فرصًا متساوية حقًا، قد يأتي يوم يصبح فيه أحد الإلف مليونيرًا ويُعيّن البشر عاملا لديه.
لكن مثل هذا التغيير لا يحدث بين ليلة وضحاها.
الخيارات المتاحة في هذه اللحظة محدودة.
فلم يكن هناك سوى حل واحد. ميكوتو ذات درع البكيني غمزت وشرحت.
「إذن، نُزيد من تلك السعة، بأن نهزم الشرير في العاصمة الكبرى」
「سَمّيها اغتصاب العاصمة. ولا تجمّلي الكلام☆」
- الجزء 19
لقد بدأت المعركة.
لكن ليس وأن ميكوتو وشوكهو قد أطلقتا صيحات الحرب واندفعتا نحو العاصمة مع تهاطل السهام والرماح عليهما كالمطر.
كان التغيير أشبه بموجة.
بدأت بهمسات هادئة من النشاط بين التجار في تُوَونِلا. توقفت الأثاثات الفاخرة عن الوصول إلى المدينة، واشتُرىٰ الطعام بناءً على خطة غير واضحة، وتحولت الأموال والسندات التي يمتلكها التجار إلى أشكال أخرى، واختفى تاجرٌ مؤثر كان قد عاش في المدينة منذ 100 عام فجأة.
عندما لاحظ الحراس أخيرًا أن خطبا غير طبيعي يحدث، قبضوا على تاجر كان يحاول الهروب من العاصمة التي كانت تبدو مريحة وسهلة فأجبروه على إخبارهم بما كان يحدث.
كان جوابه بسيطًا.
قيمة البرقيت كانت في انخفاض.
「في الأخير، هي أكثر قيمة واستقرارا من البلاتين أو الألماس」
ابتسمت ميكوتو ذات درع البكيني وهي تبقى منخفضة وتشاهد الفوضى في العاصمة من بعيد.
لم تكن هناك حسابات بنكية أو أجهزة صراف آلي في هذا العالم. لحماية أملاكهم، كان الملك والأمراء يبدلون أموالهم إلى برقيتات صغيرة ويخزنونها في خزائن. لأن حتى الخزائن المصممة خصيصًا كانت محدودة الحجم. فعند دفع تكاليف بناء كاتدرائية قد تستغرق عقودًا لإكمالها، فإن كومة من العملات الذهبية ثقيلة جدًا وغير عملية للنقل، لذلك كانت العقود الكبرى تستخدم البرقيت الصغيرة عوضاً. وكان الأمر نفسه في الصفقات بين الممالك، لذا كانت قيمة عملة كل مملكة تتحدد في النهاية بناءً على كم برقيتاً يسوى وهذا ما كان يحدد أسعار الصرف بين الممالك.
ولكن في نفس الوقت، كان البرقيت لا يعدو كونه زجاجًا.
عندما يضرب البرق الأرض، يتحول الرمل إلى زجاج بفعل الحرارة. وكان هذا الزجاج هو الجوهرة الغامضة (في عالم لا يزال الناس فيه غير قادرين على التحكم في التيارات الكهربائية عالية الجهد) التي تُعرف بالبرقيت.
مما يعني...
「هيا، ميساكا-سان. انتجي أكثر من ذِهِ الأشياء☆」
「إني أعمل على ذلك!!」
مع صعقةٍ قاسية للهواء، ضرب الكهرباء.
ما كان الكهرباء بتكنولوجيا منزلية هنا ولم يكن هناك سحرٌ للبرق. في سلساكفير، كان البرقيت يتشكل فقط عندما يضرب البرق من السماء. وهذا جعلها جواهر نادرة إلى حد ما، لكن الأمر لم يكن كذلك لميكوتو.
في ليلة واحدة، خلقت برقيتات أكثر مما كان موجودًا في هذا العالم بأسره.
وبالطبع، كان البرقيت ذات قيمة فقط بسبب ندرته. وحقيقة أن الكهرباء الحيوية هنا عبارة عن "نقاط خبرة" علّها أضافت أساسًا دينيًا لتلك القيمة. لكن حتى في هذا، ماذا سيحدث إذا أنتجها أحدٌ جملةً لدرجة أنها قد تسحق المرء وبسهولة تحت كومتها؟
「التضخم المفرط」 ابتسمت شوكهو الراقصة. 「أكبر ورقة نقدية على كوكب الأرض كانت 100 تريليون دولار زيمبابوي، أعتقد. وتلك الورقة لم تكن لتوفر أكثر من صابون أو منشفة. إنتاج الكثير من المال لا يغنيكم – بل ببساطة يخفس من قيمة المال نفسه☆」
فإذن ما كان عليهم إلا أن بغمروا السوق بالبرقيت.
لو كانت مزيفة، لأمكن لسكان هذا العالم جمع خبراء لتحديد قيمتها فيكافحون التزوير، لكن للأسف كان البرقيت التي صنعتها ميكوتو هي الأصلية. مما يعني أنه حتى الخبير ما كان ليميز بينها. ونظرًا لأن البرقيت كان يُنتج بفعل البرق غير القابل للتنبؤ بدل أن يُستخرج من أراضٍ يمتلكها أحدٌ ما، كان من الصعب تطبيق شهادات التعدين عليها. إذا ضرب البرق حديقتك فخلق برقيتاً، فذلك هو الأصلي. مكانها لن يؤثر على قيمتها.
اندلعت الشرارات من غرة ميكوتو.
「جيشهم حوالي 80 ألفًا. هذا يعني أنهم بحاجة لتوفير 240 ألف وجبة يوميًا. انهيار البرقيت سيحول محتويات خزينة المملكة إلى زجاج لا قيمة له، وبالتالي لن يكون لديهم حتى فرصة التفكير في القتال. سينشغلون كثيرا بديونهم الجديدة」
「وكانت العاصمة في الأسفل مشكلة بسبب وجود كل الفرسان والمغامرين والتجار وقطاع الطرق وغيرهم من يُستأجرون للقتال، ولكن مثلما يذهب المال، كذلك يذهبون」
فوق كل ذلك، فإن هذا الهجوم الاقتصادي ألحق أكبر ضرر بالناس الذين بذلوا جهدًا كبيرًا لتحويل أموالهم إلى برقيتات ثمينة.
أما الإلف المستغلين، فلم يكن لديهم أي أموال في المقام الأول، لذا لن يؤثر ذلك عليهم كثيرًا.
「أن نقدر على استهداف فئة واحدة لتدميرهم لأمر مضحك」
وما إن يُعرَف أنه لا مالَ للربح في العاصمة، سيغادر الزوار سريعا. لن يكون لديهم المال لتغطية احتياجاتهم الأساسية وقد ينتهي بهم الأمر لتجنيدهم أو إجبارهم على تسليم ممتلكاتهم للملك، لذا كان الوضع عالي المخاطر ولا عوائد فيه. بل سيكون أفضل لهم أن يُخيّموا في الحقل.
الانخفاض السريع في عدد السكان والممتلكات الخاصة سينزف العاصمة حتى الموت.
الأمر كله بالحجج.
أراد الناس ترك المدينة لكن الجيش لن يسمح.
في السابق، كان الهجوم على الملك كأن تعادي العالم.
لكن الآن أصبح الملك مصدر إزعاج للعالم من حوله.
「أرى أن المسرح جهز」
「فلنذهب إذن☆」
نهضت الفتاتان من مخبئهما.
في طريقهما إلى ساحة المعركة، سمعا أصواتا.
كانت الأصوات قادمة من سقوبة مُحرَّرة ونمفية (حورية)، واللتان بقيتا معهما بعد أن حُررتا من فالهالا.
「إنهما الإلهتان. الإلهتان」
「نعم، الإلهتان اللتان تحمياننا بينما تخوضان صراعهما الأبدي」
「؟」
「هما يقصداننا،」 قالت شوكهو وهي تمشط شعرها عن كتفها.
「بل يبالغن في الكلام،」 قالت ميكوتو ذات درع البكيني بابتسامة ساخرة.
لكن بتشييت لم تكن تبتسم.
كانت ميكوتو وشوكهو قد اختلفتا في البداية بشأن ما يجب فعله. سلكتا طرقًا منفصلة، مما تسبب في بعض الارتباك على جانبهما، ولكن بذلك أنقذتا عددًا كبيرًا من الناس ثم اجتمعتا معًا دون أي تأخير عن خطتهما الأصلية.
كانتا عاصفتين معارضتين تنقذان من الناس أكثر مما كان ليحدث لو اتفقتا على خطة تتّبعانها.
قالوا إن الإلهتين اللتين ظهرتا بعد اختراق حاجز مستور كانتا تخوضان صراعًا أبديًا مع بعضهما، لكن تلك القوة كانت بالضبط ما حافظ على دوران هذا العالم وحمى حياة الناس.
فما هو الفرق المعنوي بين هذا والأسطورة؟
- الجزء 20
قد طلبوا من بتشييت والإلف الآخرين المتقنين استخدام القوس الطويل أن يُنظّموا تمويهاً من الجبهة، لكن لم يبدو أن ذلك سيكون ضرورياً.
تحطم!!!!!
انطلقت عدة انفجارات مدفعية كالشعاع إلى السماء الصافية من بعيد. يبدو أن ذلك كان ما يمكن لأقواس الإلف أن تفعله في المستوى 9999.
القوة النارية البسيطة مبهرة، ولكنهم قادرون أيضاً على نقل الكثير من المعلومات في "كلمة" واحدة باستخدام أصواتهم وعيونهم وأصابعهم وآذانهم الطويلة. لم يكن بإمكانهم فقط التنسيق لحصار العدو، لكن لم يكن يبدو أن الإلف كانوا في أي خطر من التعرض لنيران صديقة حتى وإن دخلوا العاصمة المتاهية.
「لكن أكثر من ذلك...」
كان الناس في العاصمة مشغولين جداً في الاقتتال مع حلفائهم(؟) لدرجة أنهم لم يردّوا.
إذا لم يستطيعوا التنسيق، فلن يكونوا أفضل من حشدٍ غير منظم.
طارت الحمامات الزاجلة من القلعة العائمة في السماء. يملأ 50 إلى 100 منها السماء كقصاصات الزينة.
نظرت ميكوتو أعلاها.
「ما بظنك يفعلون؟」
「من موضعهم العالي، لا شك أنهم لاحظوا جيشنا الكبير المُموّهِ، لذا أراهن أن الملك أرسل أوامر إلى جميع أراضي المملكة المختلفة طالباً منهم إرسال قوات لحماية العاصمة. ومهدداً بتوجيه تهم الخيانة إليهم إذا عصوا، هذا أكيد」
「أحمقٌ هو」
「أحمقٌ فعلا. حتى لو خاطر الناس بحياتهم للقتال في الحرب ففازوا، فإن المملكة المفلسة ليست في وضع ليكافئونهم. لا أحد سينضم لهذه الحرب ما لم يكن مجنوناً يحب القتال والدماء وقدرة القتل☆」
ومن جهة، الحروب التي تُخاض لمنع الغزوات وحماية المواقع الاستراتيجية وقمع الانتفاضات عادةً لا تدرّ أيَّ مكسب.
عند هزيمة مملكة أجنبية، يمكنهم أخذ الأراضي وفرض تعويضات الحرب على المهزوم حتى يوزعوا المكافآت على الأمراء الذين أرسلوا القوات، ولكن الفوز في حرب دفاعية لا يعني سوى استعادة أراضيهم الحالية. إنه يحول العجز إلى التعادل، فليس فوزا بأي شيء جديد يتوزع على شكل مكافأة. بغض النظر عن مقدار المال والأرواح التي أنفقها الأمراء بناءً على أمر الملك.
قمع تمرد في أراضيك كان أمرًا سيئًا بحد ذاته، لكن من الذي سيراعي أراضي غيره على هذا النحو؟ إنما هي مضيعة، ناهيك عن المال والأرواح.
وبالطبع، الهيكلية السياسية عادة ما تجعل الملك قادرًا على تأمير الأمراء بذلك رغمًا عن أنفهم، ولكن...
「إذا طلب الملك منهم خوض حرب مجانًا وهدد بسجنهم بتهمة الخيانة إذا لم يفدوه بأمره... قد يرى أولئك الأمراء أنه من الأسهل قتل ملكهم الفاشل وإعلان الاستقلال. أو قد يبيعون أراضيهم بالكامل إلى مملكة أخرى، فتتقلص حدود هذه المملكة في العملية」
「يا ربي. كل العوالم قاسية في عيشتهم」
على ما يبدو لم يكن هنالك فرسان من القصص الخيالية يرتدون الدروع اللامعة ويقاتلون بفخر بدافع الولاء الشرفي لملكهم.
وبغض النظر عن الأسباب، لم تكن هناك تعزيزات قادمة.
وحده الملك المثقل بالديون باقي والحشد غير المنظم الذي كان مرتبكًا للغاية ليعمل بشكل فعال.
「والآن، إذن☆」
سارت شوكهو إلى مدخل المدينة ولوّحت بالرموت. بعد أن غسلت دماغ الحراس الذين رفضوا السماح لأي أحد بالدخول، اندفع الناس في العاصمة خارج المدينة. وما إن بدأ ذلك، دخل علم النفس الجماعي (سيكلوجيا الجماعية)، والجنود الذين كانوا يحاولون منع نزيف السكان والممتلكات الخاصة تبادلوا النظرات ثم ركضوا خارج المدينة أيضًا. ربما لم يريدوا أن يصبحوا هدفًا للانتقادات ضد حكم الملك، لكن الكثير من الجنود تركوا دروعهم وقبعاتهم الفخورة على جانب الطريق قبل مغادرتهم.
كانت العاصمة الخالية مليئة بالأبواب المخلوعة والنوافذ المكسورة. تم تدمير المكان في يومٍ واحد فقط.
وكان الوحيدون الباقون هم الإلف ذوو الأطواق والقيود، والدرايد، وغيرهم من الوحوش الشبيهة بالبشر الذين تُركوا جنبًا إلى جنب مع الأثاث غير الضروري.
أدى الانهيار الاقتصادي المفاجئ إلى أن صار البشر في حيرة من أمرهم لا يعرفون ما ستكون وجبتهم القادمة، لذا لا بد أنهم لم يرغبوا في إحضار أفواه إضافية معهم. لا بد أنهم لم يرغبوا حتى في تكلفة قتل عبيدهم. على عكس السيوف الأسطورية، كانت الأسلحة الحقيقية تنكسر بسهولة.
وبالطبع، كان هذا مناسبًا للغاية لكل من يرغب في إنقاذ هؤلاء العبيد بأمان.
همست ميكوتو في آذان بعض الإماء.
「اذهبن واجمعن كل من تعرفن واخرجوا من بوابة المدينة. فإن حياة جديدة تنتظركم」
واكتفت بهذا القول ثم نظرت أعلاها.
إلى الطبقة العليا.
كانت القلعة تطفو على ارتفاع 50 مترًا فوق العاصمة. وكان ذلك في متناول قفزتها المغناطيسية.
- الجزء 21
طوثخ!!
طَطُوووووخ!؟
على أن القلعة كانت تبدو متينة، إلا أنها الآن ترتجف كجسر معلق غير ثابت. كلما ضربته سهام طويلة أُطلقت من عرّادة معززة سحريًا، يسقط فتات صغير من الأسقف.
مع تقديم باتيسييت وبقية الإلف النار التمويهية، قفزت ميكوتو وشوكهو مغناطيسيًا من العاصمة إلى القلعة. ومع ذلك استمرت الملكة الهزيلة والكعّوبة تشتكي طوال الرحلة.
كانتا الآن داخل القلعة على ارتفاع عشرات الأمتار فوق العاصمة.
「واثقة أنتِ من أن سحب هؤلاء الإلف إلى هذه المعركة كانت فكرة جيدة؟」 تسأل شوكهو.
「الخبرة هي كهرباءٌ حيوية، تذكرين؟ تأكدتُ من رفعهم جميعًا إلى الحد الأقصى المستوى 9999 بقوتي، لذا يجب أن يكون كل واحد منهم قويًا كالحصن. ومنهم الكثير」
「.......」
「نعم، أعلم. هذا العالم سهل ومريح لدرجة قد يصبح مريبا فعلا」
「على الأقل هربنا من خطط إلهة التناسخ بأنفسنا...」
لاحظت ميكوتو شيئًا، لذا لم ترد.
دخل سهم من النافذة.
لو لم تلحظ شوكهو الابتسامة الكبيرة غير العادية على وجه #3 فنزلت على الأرض، لأُصيبت بالتأكيد.
「عذرًا، ميساكا-سآان!؟」
「هذا سهم رسالة. هَه، من بتشييت تقول إنهم يحققون النصر، لذا لا داعي للقلق بشأنهم. أولئك الإلف فعلاً لا يقهرون مع الأقواس 」
「أغغغغغ، قضم!!」
「نن؟ هيه، خفتِ لدرجة تعضينني!؟」
كان باب القلعة الضخم في نهاية الساحة العامة مفتوحًا جزئيًا.
والحديقة دُهست.
لم يبق أحد. مع عدم وجود مال لخوض الحرب، كان الجميع يعلم أن الحصار سيقطع جميع مخارجهم ولن تصلهم الأسلحة أو الطعام. وإذا أطاعوا الأوامر فدافعوا عن القلعة، فلسوف يجوعون حتى الموت في حصارٍ داخلها، لذلك هرب جميع الجنود المحترفين وحتى البستانيون والخدم ومدبرو البيوت والمعلمون والفنانون والموسيقيون والطهاة.
لا خير في البقاء.
وكانت هذه فرصتهم الأخيرة للهروب.
لقد وصل نفوذ الملك إلى الحضيض. سارت ميكوتو وشوكهو عبر القلعة المهجورة تبحثان عن ذلك الملك. لم يكن في قاعة الحكم.
استعرضت الراقصة شوكهو العرش المرصع بالجواهر من زوايا مختلفة ودفعَت يدها بين ظهره والوسادة.
ألقت بشيء داخل غمدٍ.
「خذي، ميساكا-سان」
「؟」
「سيفٌ قصير. أظن أنه يُصَنَّفُ سيفَ وسادة. هل ترين الطابع في أسفل المقبض؟ كان سيُستخدم لإثبات قدرة هوية الملك. وإذا ضاقت به الحال، قد يأخذه لينحر نفسه」
「ولكنه تركه هنا؟」
اكتشاف شيء بهذا العار سيجعل أي أحد يرى أن المملكة قد انتهت. من دون السيف المزخرف فرطًا، لم يكن بإمكان الملك إثبات هويته. وهذا يعني أن المملكة قد سُرِقَت فعلاً، لكن ميكوتو وشوكهو إنما كانتا مهتمتين بحل مادي.
استمرتا في السير عميقًا داخل القلعة.
كان شيء ما يزحف أمام خزينة عظيمة، يتحرك كجرذ يجمع الثمار ويدفنها في الأرض استعدادًا لشتاء قاسٍ. وقد تخلى الملك عن عزته، ونبذ سيفه الذي كان توقيعه وشعاره، واستعاض عنه بركامٍ من البرقيت لا تساوي عند الناس أكثر من نفاية. لقد كان أبعدَ الناس عن التقدير وأشدَّهم غفلةً عن التدبير. لكن ميكوتو لم تأسى عليه، بل رقَّ قلبها لخدمه وحاشيته الذين كانوا يُرغمون على طأطأة رؤوسهم له.
وكان لشوكهو سؤال.
ميّلت رأسها وسألت.
「هل كان علينا حقاً أن ندخل القلعة؟ بعد أن نزعنا كل قوته، أما كنا ننتظر حتى تدمره قدرة الديون؟」
「أمكننا، لكن ليس لدينا الوقت. من الأسرع أن نتولاه مباشرة」
أخيرًا، لاحظهم الملك فصرخ صرخة حادة.
كان طاعنًا مسنًا قصيرًا وسمين.
「آه، إذن فهو الملك البدين النمطي،」 قالت ميكوتو بخيبة.
「لكنه ليس وحده」
شنغ!!
شيء حاد وثقيل ومض من الأعلى. لو أنَّ ميكوتو اعتمدت على حواسها العادية، لقُتلت على الفور. من دون رادارها الذي يرسل موجات كهرومغناطيسية لرصد أي مقترب من أي اتجاه، لم تكن لتدفع شوكهو عن الطريق أيضًا.
「!؟」
شهقت ميكوتو، فوثبت على قدميها واتخذت وضعية قتالية فورًا.
كانت شخصيتان تتمايلان بشكل غير طبيعي.
الرجل الطاعن البدين، الذي بدا أن وزنه سيؤذي ركبتيه إذا ركض بأقصى سرعته، تحوطه الآن حسناوتين كجوهرتين حول نفاية بدتا في غير محلهما. بفساتين خيالية خضراء فاتحة تبدوان في أواخر العشرين. ومعهما سيفان فضيان طويلان كطولهما تستريح برفق على أكتافهما. وقد سُوّيَ جزءٌ من النصل عند القاعدة لتُحمَلَ على الأكتاف بغير مشقة.
تبدوان متطابقتين.
علهما توأمتين.
شكّت ميكوتو في أنهما أزواجه. كان الملك الحقيقي ليأخذ سراري أو يتزوج من امرأة تصغره بكثير، لكن في هاتين شيءٌ أخبر ميكوتو أن الحال كان غير هذا. وكأنهما من عالم مختلف عنه – وكأن حاجزًا يفصل بينهم.
بل كان أن يكون من المنطقي لو كانت تانك الأختان مستشارتين أو وزيرتين للملك، لكن ملبسهما وحليهما تبدوان أفخم من ملابس الملك.
أول انطباع ميكوتو عنهما تلخص في كلمة واحدة.
(ساحرات)
لو كانتا إنما تقدمان النصح للملك، فما داعي التفتن باللباس؟
لماذا كانت الأختان تعملان معًا على تقليل قدرة الملك على اتخاذ القرارات العقلانية؟
لقد جعلت الساحرتان الملك دمية في يديهما واستخدمتاه لتحقيق مصالحهما.
فهل تستفيدان من خلق مجتمع يسبب هذا القدر من المعاناة لعبيده ولا يطرحون أبدًا أسئلة حول ذلك؟ وهل سيّرتا كل شيء بحيث يتحمل الملك كل اللوم بينما تهربان في أي وقت تشاءان؟
「ما إحساس الديجافو هذا؟」 قالت ميكوتو. 「أقسم أنني رأيت شيئًا مشابهًا لهذا من قبل؟ آه، صحيح. أنتِ」
「بمن تقارنينني بالضبط؟」 سألت شوكهو. 「أحسن لكِ ألا تكون مقارنة مع الملك البدين!」
أطلت الفاتنتان بتأفف نحو الفتيات.
وتركتا الأنفاس تخرج برفق من شفاههما الساحرة.
「أنا الضاربة الفضية أنطُوَنايز」
「وأنا الحامية الفضية سيجِنيت」
تحدثتا بابتسامة على تلك الأزهار الفاتنة.
「ما أجرأكم على الظهور هنا بعد أن دستم على حديقتنا المزهرة. إننا –كشأن كل ذي جاهٍ وفراغ– نعرف شيئًا أو اثنين عن التعذيب والإعدام. غير أن براعتنا تكمن في حكم الناس بالخوف」
「......」
「حين نفرغ منكما، سنخلد موتكما في كتب التاريخ. نكالا لما قبلها وتوعيدًا لمن تسوله نفسه أن يتمرد. فالخوف من الساحرات الفضيات سيصوغ قرناً من السلام」
「هيهي. قد مرّ دهرٌ منذ تلذذت فيها بدم بنتٍ وصرخاتها. وما أكثر الأسرى الذين سنجري عليهم تجاربنا، مع انتفاضات المملكة التي تُقمع تباعًا! وحين يحين دوركما، نكون قد تمرسنا بما يكفي، فلن نقع في الخطأ. فارقدا باطمئنان من هذه الناحية على الأقل」
「مم، آآآه ااه، آخر فرصة للاعتذار! فإن سويحراتي الظريفات تتركن في الروح رهبةً لو تغضبن! قد ضحكن مرةً بينما تفجرن نصف الجبل حجمًا لا لشيء سوى القضاء على زمرة من العمالقة الشاذة كانوا يعترضون! وحين يسحقن انتفاضة، يُخلّفن من الجثث ما يربك لجنة تحقيق الحروب فلا يعرفون العدد! بحورٌ من الدماء وجبال من الجثث! فرجاءً كُفّوا! لا أريد أن أشهد مثل تلك الفظائع أبدًا مرة أخرى! فما زالت كوابيسها تلحقني، أفلا تتفاهمون جميعا وتنصاعون؟!」
「「اخرس، جلالتك☆」」
「هفف」 تأففت ميكوتو ذات درع البكيني ولوحت بيدها. 「شوكهو، تلعبين حجر ورقة مقص؟ لنرى من ستحظى بشـرف الضربة القاضية؟」
「لا، شكرًا. بما أنّي إسبرة نفسية، سيكون من السيئ لصحتى العقلية أن أرتبط بغباءٍ كذاك الغباء」
「إذن أفعَلُها؟」
「تفضلي☆」
لم تعطهم ميكوتو الوقت ليسألوا عما تعنيه.
الفتاتان اللتان كانتا دائمًا في خصام مستمر، تنسيقهما كان أسرع من الأختين اللتين نشأتا معًا منذ الولادة.
فقد كانتان تفهمان بعضهما على مستوى عميق لِأنَّهُما عَدُوٌّ لبعض.
「معلوماتك قديمة،」 قالت ميكوتو مع غمزة غير راضية. 「لن تقمع أي من تلك الانتفاضات. لأنني قد دحرت قواتكم هناك. وإن كنتِ لا تعرفين ذلك حتى، فليس لكِ أدنى فرصة. حسبتُ على الأقل أن أرى معكِ درعا معزولا أو أن توجهي هجماتي بالمغناطيس لأن قواتك المهزومة أرسلت لكِ إشعارًا عن قواي الكهربائية، ولكنكِ لا تملكين ذلك حتى. الضاربة الفضية والحامية الفضية، ها؟ لا أعرف أي سحر يأتي مع هذان اللقبان، لكن أوكنتم تحسبون أنكم توقفون البرق بالمعدن؟」
「آه، هِه!؟」
「باختصار، لمۡ تعملا بجدٍّ كفاية. لذا انسيا. واتركا المكان」
صعق!!!!!
فضرب تيارٌ بمليار فولت ساحرتا الفضة فلطما الجدار.
- الجزء 22
لقد أحسنتا إليهم غاية الإحسان.
ما عهد عليهن قط في تلك المطحنة أن ينادين الإلف بالعبيد، بل كانوا لهن كالأهل قرباء. تُرحنهم أيام العطل، وتجزيهم في الأجر عدلا، بل وتقدم طعامًا أزود لِمَن عمل أكثر في يومه. كانت عائلة الأخوات الثلاث فخورة بهذا سرًا.
لكن من بعد ذلك، ارتكب أحد الإلف خطأً غير مقصود خارج القصر.
وللأسف رآه أمير الولاية فاضطرت مطحنة الأخوات الثلاث أن تغلق عقابا لهم جميع.
سُجن الأبوان بتهمة إهمال الأدوات. ولم تعرفن الأخوات السجن قط، ولا يدرين كيف يعامل السجين إن كان أفضل أو أسوأ من الإلف.
أحسنَّ للإلف، ومع ذلك، لم يقدم أي من الإلف المساعدة.
ولا واحد.
لأنه بعد أن أُخذن للمساعدة في سداد ديون العائلة، أُجبرن على خدمة عائلات أخرى. لم يفعل العديد من الإلف أي شيء لمساعدة الأخوات الثلاث من عائلة لم يخدموها. لأن تلك هي القواعد. هكذا كان العالم.
كل ذلك عبثي.
اضطرت الأخوات الثلاث للعيش في الجبال كالحيوانات البراري، وبدأن من الصفر. لم تتحمل الصغيرة تلك العيشة فماتت. ولكن ليس من جوع أو هجوم حيوان. بل ماتت منتحرة. عجزت عن نسيان حياتها المدنية القديمة، فاختارت إنهاء كل شيء بفعل أقرب للمدنية.
علّ الأخت الصغيرة رأت في ذلك مهربًا من الجحيم، لكن الأختين الباقيتين شاهدتا أختهما الحبيبة تتدهور يومًا بعد يوم. وصنع ذلك روح تمرد ترفض أن تنتهي القصة هنا. بطريقة ما، حتى مع موت واحدة، كانت الثلاثة دائمًا يدعمن بعضهن البعض.
لذا، تمسكت الأختان الأكبر، صمدتا، وترقبتا ظهور فرصة، ثم زحفتا من جديد.
بقوتهما.
بهذا، لن يكون عليهما الشعور بالمديونية لأي أحد.
وفي نفس الوقت، قررتا أنه قانون طبيعي أن يُأسر الإلف من قبل البشر فيُستَعملون حتى السقوط.
إذا حاولت انتهاك هذا القانون، فإن القدر نفسه سيتآمر ضدك.
لم يعودوا يشفقون على الإلف. لن يحاولوا أبدًا إنقاذهم. إذا أراد الإلف الموت، فليكن. وحقيقةً، كانت الأختان مستعدتين لتقدم يد العون في هذا. لأن هذه كانت ثروة بنوها بدمهن وعرقهن ودموعهن. فإذا سُلبت منهن هذه النجاحات أيضًا، فلسوف يتحطمن. فما الخطأ في استخدام كل ما هو متاح؟
「.....ربما كنا على خطأ」
「ربما」
ثم شيء ما طار نحوهما.
لم يكن للساحرات أي فكرة عما كان يُسمى الريلغن.
طافهما دون أن يلمسهما حتى، لكن قوته كفت أن تحدث عاصفة هوائية وموجة صدمية ترسلهما في الهواء ثم على الأرض ضربتا.
- الجزء 23
بعد هزيمة الساحرتان، ما كان للملك قدرة على الاستمرار في القتال وحده.
الملك المكرش لم يسوى القتال بأي حال.
فتشت الراقصة شوكهو في شنطتها التي ارتدتها مائلا وأخرجت رموتاً فضغطته على جانب رأسه.
「طيب، أعطني قدرة ابتسامة كبيرة ثم أعلن أنك تفرج عن العبيد☆」
「غووووووه!؟ جه ج جسمي... حلقي... لا أستطيع!!!」
「ولتكونن أول مملكة في هذا العالم تلغي العبودية رسميًا. أن تُذكر في التاريخ على أنك الرجل المتحضر والإنساني وراء ذلك لهو الشرف بعينه」
أمكنهما كتابة رسائل باسمه وإرسالها دون أن يكون له دور في ذلك، بما أن ميكوتو كانت تمتلك السيف القصير الذي يحمل الختم المستخدم لإثبات هوية الملك، لكن من الأفضل أن تكون الرسالة بخط يده. خاصة في مجتمع يعتمد على التوقيع بأسلوب غربي.
لم تكن فالهالا كبيرة كفاية لاستيعاب جميع العبيد السابقين، ولكن العاصمة الواسعة أمرها مختلف.
لقد فر الجميع بعد حادثة البرقيت فأصبحت المدينة أكبر مدينة أشباح في المملكة. سيمنح الأسياد الأحرار المدينة حياة جديدة. وهذه المرة لن تكون مبنية على أكتاف عمال آخرين.
وليس الإلف وحدهم.
ما لبثوا حتى وصل أسطول من السفن الهوائية الكبيرة عبر الرياح.
「تلك سيلف، وتلك سكيلا، وتلك تينغو، وقزم، وما تلك؟」
「تقول إنها سبرينغان. وتلك الفتاة الشبيهة بالثعبان هي إكيدنا」
「بالمناسبة، ميساكا-سان، لماذا بينهم بشر؟」
「لكلٍّ ظروفه. بعضهم طورد من قبل جامعي الديون، وبعضهم أجبر على العمل في الساحات، وبعضهم فقد بيته وكان عالقا ينام في الأزقة، وبعضهم لم يرد القتال لكن وجهت على ظهره الأسهم. ليس أشباه البشر أو الوحوش الوحيدين من اضطهدوا، لذا طالما أنهم يعملون من أجل إلغاء العبودية، فلا داعي أن نرى الأمراء والناس الآخرين أعداءً. فلماذا لا ننقذ الأرواح التي هي فعلاً في خطر؟ وإذا أبدأ ذلك شائعات جديدة، فلعله يؤسس دورة تفيد الجميع」
عند استقبال الناس سواسية، لن يكون من المفاجئ أن يكون بعضهم جواسيسًا للأعداء.
لكن يمكن رصد هؤلاء وطردهم بدقة تامة بالمنتل آوت.
「آنسة شوكهو، آنسة شوكهو!」
ركضت بتشييت بساقيها الصغيرتين.
「هذا القلعة مذهلة. لقد وجدت المكتبة وهي كبيرة جدًا!」
「أه، صحيح」
لم يكونوا هنا فقط للدفاع عن النفس. إنما يبحثون عن جريموار الشيخة الإلف.
كان على ميكوتو وشوكهو هزيمة أمراء الشياطين الثلاثة للعودة إلى الأرض، لذا تحتاجان إلى معلومات عن تلك الأهداف الغامضة.
قادتهما بتشييت عبر القلعة الواسعة إلى زوج من الأبواب المزدوجة التي تقود إلى غرفة مليئة بعدد مذهل من الرفوف. كانت الغرفة مكونة من ثلاثة طوابق وكبيرة بما يكفي لاستيعاب مبنى مدرسة كامل. كما كانت الرفوف أيضًا بطول ثلاثة طوابق، لذا شعرت ميكوتو حقًا بدوار بسيط ما إن ظهرت أمامها. انهار إحساسها العادي بالمنظور ووقعت في وهم بصري غريب.
تحدثت الراقصة شوكهو باستياء وهي تراقب الإلفية ساكنة الأشجار (ولابسة التنورة القصيرة) وهي تتسلق إلى قمة الرفوف الشاهقة.
「يبدو أن في كل رف حوالي 50 كتابا، فهل مجموع المكتبة بأكملها حوالي 103,000 كتاب؟ العثور على كتاب معين هنا سيكون عملًا شاقاً」
لكنهما لن تدعا ذلك يغلبهما.
الكتاب المعني قد سُرق، ولم يُشتر أو يُتبرع به رسميا، لذا قد لا يكون مدرجًا في فهرس المكتبة. بعد أن أخبرتهم بتشييت والشيخة بيكريان عن لون الغلاف والتفاصيل البصرية الأخرى للكتاب، قسموا أنفسهم وبدأوا في البحث بين الرفوف. لم تتسلق الإلفية الشيخة إلى القمة. على أنها تبدو وكأنها تبذل جهدًا واعيًا لمقاومة الإغراء.
أحياناً ما يسمعون أصوات اضطراب ما خارج المكتبة.
لقد غرقوا في المهمة لدرجة أنهم نسوا الوقت، ولكن ما إن جاءت السقوبة والدريادة النباتية وقالتا أن العشاء جاهز، لم يكونوا قد أنهوا حتى 1% من البحث في المكتبة.
「واثقة أن الكتاب موجود هنا؟」 سألت شوكهو.
「ربما أخذه أحد الأمراء، أظن. شوكهو، أنتِ تتحكمين في الملك، لا؟ إذا طالب الملك صاحب الكتاب بتسليمه، فهل سيلزمه يا ترى؟」
「قبل هزيمته، ربما」
كانوا متعبين من بحثهم غير المثمر.
لكن ميكوتو اكتشفت شيئًا غير عادي.
「بيكريان، أخبرتنا عن اللون وما إلى ذلك، لكن هل تعرفين كم عدد صفحاته؟ أو ما سماكته」
「مم؟ أظنه حوالي 5 أو 6 سم. لماذا؟」
「انظري」
أشارت ميكوتو ذات درع البكيني إلى أحد الرفوف.
كان هناك فجوة غير طبيعية بمقدار 5 سم بين كتابين. كتاب واحد أزيل من مكانه.
「تبا لذاك الملك」
- الجزء 24
لم تحتج شوكهو أن تستخدم المنتل آوت حتى.
ما إن رأى الملك وجه ميكوتو تقترب منه غاضبة، سقط على مؤخرته ورفع يديه فوق رأسه.
「سأتكلم، سأتكلم، أتكلم أتكلم أتكلم، وأخبركم بأي شيء!!」
「ماذا فعلت بالجريموار الذي سرقته من بيكريان؟ أمهلك ثلاث! إذا لم تتذكر، سأشويك حتى تصير فتات!!」
「لا أعرف حتى ما هو البيكريان!」
انفجر الجحيم.
في النهاية، سئمت #5 من كل هذا وضغطت الرموت على رأس الملك فأجبرته على الاعتراف.
أجاب بجسدٍ متهالك ونظرة فارغة في عينيه.
「أظنني أرسلت ذلك الكتاب إلى مملكةٍ أخرى. كان هناك جامع ديون في ميولنير رغب فيه بشدة، فوفّرتُ له الكتاب مقابل شروط أفضل في معاهدتنا」
「ميول-ما؟」
「أعني هيمنة ميولنير يأيتها الجاهلة」
تبادلت ميكوتو وشوكهو نظرة.
كان اكتشاف مكان الكتاب خطوة كبيرة للأمام، لكن، هيمنة؟
ذلك أبداهُ أقوى بكثير من هذه المملكة، ومن المحتمل أن تعني أنها تحكم ممالك أصغر متعددة أيضًا.
「بالمناسبة، ما هي المعاهدة التي سلمت من أجلها ذاك الكتاب؟」
「معاهدةٌ فضّلتنا في تجارة العبيد. إذا جاء يوم فصدنا من الإلف والمخلوقات الأخرى ما لا نتحمله، فقد وعدت ميولنير بشرائها منا」
بدا الوضع أسوأ كلما تقدموا.
البشر هم من هاجموا فلم يصبحوا حتى قالوا عنهم مشكلة؟ هذا المجتمع حقًا فاسد حتى النخاع.
「إذن تلك وجهتنا التالية؟」 سألت شوكهو.
كان من غير المحتمل أن تظل تلك "الهيمنة" جالسة بلا حراك بعد كل ما حدث.
إذا لم يتم إيقافهم، فإن ميكوتو وشوكهو وكل من في المناطق التي وافقت على تحرير عبيدها سيكونون في خطر. وهذا يتجاوز مشكلة العبودية المباشرة. من المحتمل أن تسعى هذه الهيمنة إلى السيطرة على الأرض وطرق الطيران، وكذلك السيطرة على جميع البيانات التي يتم نقلها عبر الرسائل والحمام الزاجل.
- الجزء 25
في الوقت الحالي، أخذوا استراحة للعشاء.
قادتهم السقوبة والدريادة إلى حديقة القلعة حيث اصطفوا وتلقوا صحونًا مسطحة من الحساء.
لم تعرف ميكوتو اسمه الصحيح، لكنه كان يشبه إلى حد كبير يخنة بيضاء مليئة باللحم والخضروات ومقدمة فوق مزيج من الشعير والأرز. على ما يبدو، كانت الفكرة هي توفير جميع العناصر الغذائية التي تحتاجها في طبق واحد.
جلست ميكوتو ذات درع البكيني على الأرض وغرفت منه بملعقة.
كانت التوابل المعتدلة تعطيه طعمًا طفوليًا، لكنها توقعت أن يكون هذا بسبب محاولة جعله مناسبًا لأكبر عدد ممكن من الناس. وهو نفس السبب الذي يجعل كاري محطات الوقود غير حار.
جلست الراقصة شوكهو على حافة نافورة.
وكانت الملكة تنظر إلى ميكوتو باحتقار لأنها لم تتردد في الجلوس على الأرض.
「الشيء الوحيد الحسن في هذا العالم هو أننا لن نقلق بشأن إضافات الطعام☆」
「هل هذا كل ما تفكرين فيه؟」
لكن هنا، أمكنهم رؤية كم من أعراق مختلفة كانت حاضرة. بجانب ميكوتو، موسبلة (muspell) ضخمة ملتهبة تميّل رأسها صوب عابثٍ (pixie) صغير بحجم كف اليد.
「هل هذا طعام؟ هل آكله؟」
「لا، لا تأكلي!! أنا عابث، عابث! رجاء لا تأكليني!!」
「أنا سندمان! رِمالِيَ الغامضة ستغفيك إذا حاولت السهر حتى آخر الليل!!」
「تثاااءب. أنا إلفية سمراء ليلية، وقد قمت من نومي لتوي」
「لسنا كلنا إلفَ ليلٍ. أنت وحدك من جدول نومها فظيع!!」
كان للوحوش عادات وتقاليد مختلفة. بعضهم فضل الأشياء الباردة والرطبة والقذرة، لذا قد تؤدي محاولة أن تكون لطيفًا إلى نتائج عكسية.
وظلٌّ يظهر في نافذة إحدى القلاع.
كان ظل للملك.
النظرة التي حملتها عيناه، كأنما تحمل نوعًا من الحسد وهو ينظر إلى الساحة، لم تكن مجرد خيالاتٍ من ميكوتو. فهمت شعوره لأنها كانت تميل إلى العزلة إن لم تحذر. سواءٌ كنت تنتمي أم لا، وحتى لو كنت تجدهم مزعجين، يميل الناس إلى الحسد تجاه التجمعات.
فهمت ميكوتو هذا، لكنها لن تنوي سحبه إلى هنا لينضم إليهم.
أن تعلم أنه شعر بهذا كان كافيا.
(ليس أن للملك عذراً حقيقيًا لما فعله. لقد قال شيئًا عن خوفه من تحدي أولئك الساحرات خوفا من كل الدماء التي سيسفكونها.)
وإذا كان هذا شعوره، فسيجد فرصة للانضمام إلى مجموعة من الناس في النهاية.
تمامًا كما وجدت ميكوتو، نجمة توكيواداي الوحيدة، مجموعتها الخاصة في سلسلة من اللقاءات المصادفة.
(المشكلة الحقيقية هي تلك الشقيقتين الساحرتين. أتساءل ماذا حدث لهما)
بما أنهما اثنتان، فقد تجد كل واحدة في الأخرى عزاءً تخفف عنها جراحها.
لكن إذا شعرا أن تلك عيشة عزلة، فرأت ميكوتو أنه لن يمر وقت قبل أن يختارا تحطيم القيود التي فرضاها على أنفسهما.
「حسنٌ، هل من أحد غلبه التوتر حتى ما عاد ينام؟ لقد تولت عنا فرقة طهي جديدة، لذا سأضع مريولي جانبًا وأعطيكم أحلامًا حلوة بقواي السقوبة إذا أردتم!」
「(مضغ، مضغ، مضغ، مضغ♪)」
「آه! ذ-ذلك الباكو اللعين! الوحش الشرقي أكَلَ الحلم الذي كنت أعمل عليه!」
كل اختلافاتهم أنّست جوارهم كثيرا.
أكثر بكثير من البشر الذين رفضوا قبول الغير فقمعوهم.
「مم؟ مهلا، أ-أين بالضبط هو الخط الفاصل بين هؤلاء والأسماك والأبقار التي نأكلها؟」 سألت ميكوتو.
「لا تفكري فيه كثيرًا. بعضهم من النباتات، مثل الدرياد واليبروح، لذا في هذا العالم، حتى لو كنتِ نباتية فلن يجعلك هذا تتجنبين ذا السؤال،」 قالت شوكهو.
「فبويي...」 قال صوت غريب.
نظروا ليروا بتشييت وهي تحمل زجاجة صغيرة من سائل ملون بينما كان رأسها يتمايل غير ثابت من جانب لآخر.
كانت كتفاها ترتجفان وهي تتنهد، ووجهها محمر. لم يكن من الواضح كم قرناً عاشت في الواقع، لكن الصورة كانت خطيرة.
اتسعت عينا ميكوتو.
「ما يحدث هنا؟ بتشييت، أكنتِ تشربين!؟」
「خهفف عليَّهخا؟」
「لا أدري إن كان هذا من الكحول وحده،」 قالت شوكهو. 「قد يكون أقوى قليلاً」
「دعونا لا نقفز إلى استنتاجات غير لائقة،」 قاطعت الشيخة بيكريان، تبدو متعبة. 「ذلك مربى توت. التوت نفسه غير ضار، ولكن إذا غليناه وصنعنا منه مربى، فإنه له تأثير مُسكِر فريد على الإلف. ولكنه قد يؤثر على بعضنا أكثر من غيره」
「「.......」」
على طاري، ألم تلتقط بتشييت بعض التوت سابقا وقالت إنه يساعدها على الاستيقاظ؟
قد يكون التوت مثل النعناع البري بالنسبة للإلف.
- الجزء 26
لم تُحسم المعركة بعد.
العدو التالي الذي يواجهونه كان شبه قارة ميولنير التابعة لهيمنة ميولنير.
لقد أسقطت ميكوتو وشوكهو مملكةً بنظام عبوديتها، لذا فإنَّ الممالك المجاورة التي تعمل أيضًا على استغلال عبيدها ستخاف من احتمال أن تكون التالية. تحرير الإلف العبيد وإعادة تدفق المعلومات على الطرق قد هزت العديد من الأسس التي بُنيت عليها هذه المجتمعات.
كما أن ذلك يعني وجود أراضٍ شاسعة غير خاضعة للحكم أمامهم مباشرة. ربما يفكرون في غزوها بذريعة "مساعدة في استعادة النظام" للاستيلاء على الأراضي بسهولة.
「جريموار الشيخة انتهى به المطاف في شبه قارة ميولنير، صح؟」 سألت شوكهو.
كانوا بحاجة إلى ذلك للعودة إلى كوكب الأرض.
أفلا خيار سوى القتال؟
لا يحاربون إلا عدوًا واحدا، لذا ربما كان من الأفضل أن يمتنوا على عدم القلق بشأن الهجوم من جبهات متعددة.
فعليًا، كانوا يكررون الاستراتيجية التي استخدموها مع المملكة الأولى. المقاييس أكبر، لكن السكان والمعدات والقوة العسكرية التي بحوزة ميكوتو وشوكهو قد ازدادت أيضًا، لذا ظل مقدار الجهد المطلوب ثابتًا نسبيًا. وساعد كثيرًا أنهم يمكنهم تفعيل التضخم المفرط في منطقة محددة في الوقت الذي يريدونه بأن ينتجوا البرقيت جملةً.
لقد أحدث التضخم المفرط ضررًا أكبر بكثير للطرف الذي لم يكن يعلم بقدومه.
أيُّ عملةٍ تدعمها البرقيت أصبحت غير موثوقة تمامًا. وأمكن لجانب ميكوتو التحضير لذلك مسبقًا. على سبيل المثال، أمكنهم إنشاء نظام تبادل مسبقًا للحفاظ على سير الأمور. كانت الأولوية الأولى لهم هي الطعام، تليها الملابس والضروريات اليومية الأخرى التي يمكنهم تخزينها قبل انهيار البرقيت. في نفس الوقت، كانوا يستطيعون أيضًا الحفاظ على الأراضي والمزارع لتبقى مكتفية ذاتيًا، لكن جعل كل ذلك يعمل سيستغرق على الأقل نصف عام.
「يا ليت هناك سحر يجعل الخضروات تنمو أسرع. ما الفائدة من هذا العالم الخيالي؟」 اشتكت ميكوتو.
「سواء نَمَت في يوم أو أسبوع، ألن تخافي من أكل خضروات بتلك القدرة اللاطبيعية على النمو؟」 ردت شوكهو، تبدو حقًا متضايقة.
ومع ذلك، فإن مصانع الخضروات في مباني المدينة الأكاديمية تُحصَدُ أكثر من 20 مرة في السنة.
وضعت ميكوتو يديها على وركيها.
「على أي حال، سعيدةٌ أن هذا العالم لم يطور أسلحةً نووية. نريد العودة إلى الأرض في أقرب وقت ممكن، لذلك أفضل ألا نعلق في حالة مواجهة بين الجانبين في حرب باردة」
「إلقاء الجنود ضد بعضهم البعض في حرب خنادق إلى ما لا نهاية لا يبدو لي أفضل بكثير」
الآن اعتادتا على الحياة في الهواء الطلق.
قبل أن يحل الظلام، تأكدوا من العثور على مكان قرب الماء للنوم. وكان من المهم بشكل مفاجئ أن يحافظوا على مسافة من الماء لتجنب هجمات الحيوانات أو الوقوع في فيضان مفاجئ. حتى وإن لم يكن هناك مطر قريب، يمكن لمستوى المياه أن يرتفع فجأة بناءً على الظروف في المنبع.
عند إشعال النار، وجدوا أنه من المهم تنظيف المنطقة المحيطة بها أولاً حتى لا تنتشر النار.
「ها، موقع التخييم جاهز. حسنًا، بتشييت، لنذهب ونبحث عن مأكل لليوم. ماذا قد نصطاد في هذه—」
استدارت ميكوتو لتواجه جلدًا عاريًا.
قد خلعت الإلفية كل شيء.
「فرك، فرك」
「لحظة، بتشييت! لماذا تتعرين في الخارج!؟」
「هِه؟ إذا احتجنا للاستيقاظ بسرعة، فلا أحسن من أن نفرك أنفسنا بقماش جاف!」
「هل يجب على الإلف هنا أن يُضفوا لمحةً جريئة على كل ما يفعلونه؟!」
على بُعد قصير، وضعت شوكهو يدها على جبهتها، متسائلة إذا كان الإلف ذوو العمر الطويل يميلون طبيعيًا إلى عادات كبار السن.
لم يكن عشاء هذه الليلة من اللحم. أخبرتهم بتشييت أن اليام ينمو عند قاعدة الأشجار الكبيرة في هذه المنطقة، لذا حفروا بحثا عن بعضها يدويًا. بدلاً من تبشيرها (لأنه لم يكن هناك أرز)، قطعت ميكوتو اليام بسيف من رمل الحديد وطبخوها فوق النار. يا لها من نعمة أن يكون لديك ملح.
استغرقت الرحلة أربعة أو خمسة أيام.
مع اقترابهم من وجهتهم، بدأوا يناقشون الاستراتيجية.
سوف يشنون هجوما مباشر باستخدام بتشييت والآخرين الذين رفعتهم ميكوتو إلى المستوى 9999 لجذب انتباه العدو، بينما تتسلل ميكوتو وشوكهو إلى قلعة العدو وتخربان المخازن والأسلحة وتغسلان دماغ الملك والقادة لتحطيم سلسلة القيادة للعدو.
سيكررون ذلك قدرما كان ضروري.
أولاً، شبه قارة ميولنير التابعة لهيمنة ميولنير.
ثم القوة العظمى التي تحكم قارة تير نا نؤج (أرض الشباب).
حققوا تقدمًا سريعًا.
عندما نظرت ميكوتو وشوكهو إلى الوراء، استصعبتا تذكر ما فعلوه بالضبط في كل مكان.
كان هناك سبب بسيط جدًا وراء هجومهم على قارة تير نا نؤج بعد شبه قارة ميولنير.
أضاء وجه بتشييت.
「ه-ها هي! تلك هي الصفحة المفقودة من الجريموار! الآن لدينا الكتاب كاملا!」
「ذلك الحاكم الغبي أراد أن يثبت أنه ليس غبيًا ويكسب رضى الناس بأن يصطاد بعض الوحوش الكبيرة، صح؟ لذا أخذ كل المعلومات المفيدة من هذا الجريموار الثمين ثم تأكد من أن لا يحصل عليه أحدٌ غيره. في النهاية، ما فعل سوى أنه أهدى أمراء الشياطين ضحية أخرى، لذا كان حقًا غبيًا」
「لكننا بالغنا نوعا ما في هذه العملية،」 قالت شوكهو، وهي تحك رأسها بحرج لأول مرة. ثم أوضحت ما تعنيه. 「الهيمنة على العالم」
「نعم، فعلنا ذلك نوعًا ما」
لقد قهروا الهيمنة القوية وبل وحتى ذلّوا قوةً عظمى لا تُضاهىٰ. بقيت بعض الممالك الأصغر، ولكن لم يكن لدى أي منها نية لمعارضة ميكوتو وشوكهو في هذه المرحلة. جميعهم رفعوا حرفيا الراية البيضاء دون قتال. لم يعد هناك أي دولة تدعم العبودية. تقسم العالم بين عدة حكومات مختلفة، ولكن القواعد والنظام الفعلي تم تحديده من قبل المملكة أو المملكتين الأعلى.
أما أن ينهار ملكك كله لمجرد أنك ابتغيت الطريق الأهون، فذلك كأنك تضع العربة أمام الحصان!
كل هذا استغرق حوالي شهر.
لقد كان لهم عونًا كبيرا أن أنباء قواهم الإسبرية من المدينة الأكاديمية لم تشع، بل أكثر من ذلك، بدا هذا العالم بذاته وكأنما صمم لميساكا ميكوتو.
ولكن سواء مضى على ذلك زمن طويل أم بقي على حاله.
يعني...
「شهر. ثلاثون يومًا. أليس حد الإنعاش القلبي الرئوي يُقاس بالدقائق؟」 قالت ميكوتو.
「يجعلك تتساءلين إن كنا لا نزال أحياء، لا؟」 ردت شوكهو. 「أرجو أننا لم نسجل رقمًا قياسيًا جديدًا في تجربة الخروج من الجسد」
تُرىٰ، هل نُقِلت أجسادهما الحقيقية في الأرض إلى المشفى حيث أوصِلت بأجهزة الإبقاء على الحياة؟ أم أنّ الزمان في سلساكفير يمضي بغير ما يشعر به الناس في الأرض؟
أما المملكة الأولى، فبعد أن رسختا فيها أُسُس الخطة، لم يبقَ فيها مما يستحق الذكر.
غير أن أمرًا واحدًا كان قد استوقف ميكوتو.
لقد سارت ميكوتو وشوكهو في حقل مترامي الأطراف ومعهما جماعةٌ عظيمة من الإلف وسكيلا وإلفٍ سُمر وإمبوسا وتِنجو وسقوبة ودراياد، إلى جانب جندٍ من البشر وفرسانٍ مدرعين.
ثم، من غير إنذارٍ ولا تمهيد، ظهرت بوادر عجيبة...
「الإلهتان! هما الإلهتان بعينه!」
「إنهما كذلك... فلِمَ نقاتل أصلا؟!」
كان في وسع ميكوتو أن تدرك أنه لو فرّ الناس رعبًا وخوفا من الريلغن المدمر أو رمحها البرقي، لكنّ جيش العدو قد أُخذ بالهلع قبل أن تنشب المعركة حتى. لقد كان مجرد رؤيتهما، هي شوكهو، كافيًا لإلقاء الرعب في قلوبهم.
「؟」
「كأنهم يرون قتالنا إثما عظيم」 قالت شوكهو.
「ولكننا في حرب. أمثل هذا المفهوم يكفي ليردع جيشًا كاملًا؟」
「عندما عبر أحد الفاتحين الإسبان المحيط، ظن الإمبراطور الأزتك أنه إله أسطوري فسلّم العاصمة دون قتال. رغم أن بقاء إمبراطوريتهم وحضارتهم كان على المحك」
「.....」
「وأثناء ظهور الدبابات والطائرات في الحرب العالمية الأولى، انتشرت شائعات عن ظهور جيش من الملائكة في ساحة معركة بلجيكية يهاجمون الألمان، مما تسبب في حالة من الذعر التي أوقفت غزوًا كان من المحتمل جدًا أن ينجح. كما قلتُ سابقًا، الحروب تُكسب بالذكاء، لا بالقوة」
إذا فقد العدو إرادة القتال ففرّ، فلن تشتكي ميكوتو.
لكن...
「حقا إنهما الإلهتان،」 قال أحدهم.
لكن هذا لم يكن من العدو الأحمق في الأمام. بل كان من الجيش الذي يتبع ميكوتو وشوكهو.
「الإلهتان يجب أن تخترقا الحاجز المستور وتظهران في عالمنا في زمن الحروب. صدقت الأساطير!!」
فشعرت ميكوتو وشوكهو بقشعريرة تسري في عمودهما الفقري.
برعشة كتلك التي تحدث في الاستاد المملوء بالهتافات.
「هيه، شوكهو، ألا ترينه كأنه خرج عن السيطرة؟! لن أجادل حول أهمية الذكاء، لكن أمتأكدة أنكِ قادرة على التحكم في هذا؟!」
「لماذا تنظرين إليَّ؟ لستُ مسؤولة عن أي مشاكل تسببها إلهة رعد هؤلاء الناس!」
وهكذا، سقطت مملكة كبرى تلو الأخرى دون أن تُخرج قوتها الكاملة، لكن ميكوتو ما عساها إلا أن تلاحظ أن النتيجة تبدو مُقررة مسبقًا. بالطبع، كان التضخم الهائل من انتاج البرقيت جملةً له دوره في كل ذلك أيضا.
والآن تدرك أنها لم تقم بالإعداد الكافي عندما تحدّت مدينة الأكاديمية لإنقاذ الأخوات.
كانت قد خسرت مقدمًا عندما اندفعت دون خطة حقيقية.
「يمكنني التحكم في جميع البيانات الإلكترونية، لذا كان بإمكاني تعديل أسعار الخضروات والحبوب والمعادن الثمينة والمجوهرات والنفط الخام. آه، حتى تلك المختبرات المشبوهة تحتاج إلى المال للعمل، لذا كان لا بد من وجود العديد من الطرق الأفضل لأضغط بها على كبار المدينة الأكاديمية」
「ميساكا-سآاان، أوتدركين مدى خطورة هذا التفكير؟」
على أي حال، كان لديهم الآن الجريموار الكامل، لذا يمكنهم أخيرًا قراءة ما كتب فيه.
كانوا بحاجة لإتمام مراسم الكنوز الثلاثة للعودة إلى الأرض.
للقيام بذلك، يحتاجون أولا إلى هزيمة ثلاثة من أمراء الشياطين واستعادة كنوزهم الثلاثة، لكنهم لم يعرفوا كيف يبدون هؤلاء الأمراء أو حتى أسماؤهم.
لهذا السبب كانوا بحاجة إلى جريموار الشيخة الإلفية بيكريان.
انتهى بهما الأمر في قتال منذ البداية وحتى النهاية. لكن بما أن هذا كان عالمًا خياليًا مليئًا بالسيوف والسحر، ربما تم تصميمه بحيث يحتاجون لاستخدام السيوف والسحر.
「لنرَ، ما رأيك لو نبدأ بأسماء الأمراء الثلاثة؟」
「موجودة هنا،」 قالت بتشييت بصوت مرح، مشيرةً بإصبعها الصغير من الجانب.
أمكن ميكوتو أن تفهم جوهر النص كما لو كانت تفك شفرة مورس أو برايل، لكن سيكون أسرع إذا تركت الإلف تقوم بذلك لأنها تستطيع قراءة النص بطلاقة.
「يقول إن الأمراء الثلاثة يحكمون الأرض والبحر والسماء」
「وأسماؤهم؟」 أصرت ميكوتو مجنبةً التوهان.
قرأت الإلفية الاسم الأول عاليا.
「حاكم السماء هو التنين برين إيدج」
「مم؟」 قالت شوكهو، مجمدة تمامًا.
لم تلتقط ميكوتو المعنى، لذا حثت بتشييت على المتابعة.
「هاه، والبحر؟」
「تمهلي لحظة وتذكري ما شرحته لكِ سابقا، ميساكا-سان!! أتذكرين عندما غادرنا مدينة الأكاديمية لأول مرة ثم قرأتُ بقايا الأفكار من اللوح؟」
「إيه إيه إيه، شرحُكِ ذاك بو خمسين سطر، تتوقعين أحفظه؟!!」
「أهم جزء كان في السطر الأول! بدأ "بقتل التنين برين إيدج"!!」
توقف الزمن.
ساور ميكوتو شعور سيئ حيال هذا. فرضت ابتسامة على وجهها وتحدثت بتردد إلى الإلفية.
「مم؟」
「نعم؟」
「ب-بتشييت، فقط لأتأكد، هلا تخبريننا باسم أمير البحر؟」
「ها هو هنا. حاكم البحر هو الكراكن المطلق」
أمالت الإلفية رأسها وقالت 「هاه؟」 وهي تقرأها.
لم تتعرف ميكوتو على هذا الاسم.
لكن ذلك ليس بسبب للاسترخاء. بدا الاسم مألوفًا. ماذا عن الشيء الذي أمسك بكاحل شوكهو، وسحبها إلى البحيرة، وفي النهاية تقطع من ميكوتو فتحول إلى حبار مشوي؟ ألم يكن ذلك كراكنًا؟
خافت ميكوتو من الاستمرار.
「مم، طيب..... من يحكم الأرض؟」
「حاكم الأرض هو الكيميرا المفترسة المتعددة. آه، أعرف هذا. هذا هو الذي سلختيه وحولتيه إلى بطانية أثناء نومكِ يا آنسة ميساكا!!」
خفضت ميكوتو رأسها.
وارتجفت.
إذن، ما فائدة كل هذا القتال؟ لم يحتاجوا الكتاب أبدًا.
رفعت ميكوتو وشوكهو رأسيهما وصرختا معًا.
「أتقولين أننا قد هزمناهم جميعًا في المرة الأولى التي كنا فيها هنا؟!!!」
- الجزء 27
فعادوا حيث جاءوا.
لقد مر شهر.
لم يُختزل المخلوق تمامًا إلى هيكله العظمي، لكنه لم يكن طازجًا أيضًا. كان في الحقيقة كومة من اللحم المتعفن.
هذا هو كل ما تبقى من التنين برين إيدج.
غير أن هذا عالمًا فنتازيًا لامعًا مليئًا بالألوان الأساسية، إلا أن الرائحة لا تزال فظيعة.
「أخ، عه」
لدغت أعينهم.
أثرت في بطنهم.
أوهذه عقوبتهم على أخذهم الأرواح بهذه التفاهة؟
「أين هو؟ أين الكنز الأسطوري؟ هل سرقه اللصوص أثناء غيابنا؟ وما قد يكون هذا الكنز في الأساس!؟」 سأل ميكوتو.
「ذاك الوحش الكبير ليس له جيوب، وبالتأكيد لم أرَ أنه يحمل حقيبة يد فاخرة، فلربما ابتلع الشيء؟」 اقترحت شوكهو.
تحملت ميكوتو المشهد المزعج وهي تفتح معدته بسيف من رمال حديدية.
لم يكن لشوكهو الشجاعة حتى للاقتراب.
دفعتهم رائحة العفن كحائط غير مرئي، لكن ميكوتو استمرت في عملها تكاد تتقيأ حتى وجدته.
「؟」
كان مستطيلا.
بحجم عصا التتابع وكان لونه أحمر.
للحظة، بدا وكأنه مصنوع من الزجاج أو جوهرة، لكن بهذا الحجم كان سيجعل وزنه مثل الدمبل الصغير. ومع ذلك، لم يكن ثقيلًا على الإطلاق. كان خفيفًا كالبالون. لامسته ميكوتو بإصبعها، فدار في الهواء. وتساءلت في نفسها ما إذا كان تلك هلوسة مادية.
كانت تتوقع شيئًا مثل خاتمٍ أو تاج، لذا كانت مندهشة قليلاً لأن هذا كان معروفًا ككنز. ومع ذلك...
「إذن هذا هو الكنز؟」
「ويفترض أن يكون هناك اثنان غيره، ها؟」
من الكراكن وكيميرا الأيا كان.
بعد معركتين أخريين غثيثيتين ضد رائحة العفن، حصلت ميكوتو الآن على مكعب أزرق وآخر أخضر أيضًا.
جمعوا كل الكنوز الثلاثة.
「أوه، لا. أظنني سأستفرغ......」
「يبدو أنّ هذه تزيد من قدرة خبرتك بقدر ما تشغل من حيّز. وبعبارة أخرى، كلّما كنتِ أعظم جسدًا، كان النفع الذي تنالينه منها أعظم. ولعلّ ذلك هو ما جعل الوحوش الكبرى تستحوذ عليها، فازدادت ضخامة بها」
لم تكن ميكوتو مهتمة كثيرًا بذلك بما أنها تستطيع رفع أي أحد إلى المستوى 9999 على الفور. باستثناء...
「لحظة لحظة. هذه تساعد الجسد على النمو؟ ب-بما في ذلك الرقم B في بداية مقاييسك!؟」
「تدركين أنكِ قلتِها بصوت عالٍ؟ وربما يزيد ذلك من قدرة وزنك عشرة أضعاف، فيحولك إلى عملاق」
من يملك قد يقسو على من لا يملك.
ولكنّ ميكوتو لم تعجبها فكرة تجربة ذلك وأنّه ليس من الواضح أيُّ "جزء" منها سينمو. علاوة على ذلك، فإن التجربة على نفسك غالبًا ما تكون فكرة سيئة.
لذا هدّأت نفسها.
「أفف. طيب يا شوكهو. هل رأينا مزيج الألوان الأحمر والأزرق والأخضر هذا من قبل؟」
「؟」
「ألا تذكرين؟ إلهة التناسخ سليناجرنتينا كانت ترتدي زي راقصة أبيض، لكن الأشرطة كانت ملونة بالأحمر والأزرق والأخضر」
「أمتأكدة أن في ذلك قدرة دلالة؟」
نظراً إلى كيفية عمل الأسماء هنا، فإن قواعد سلساكفير لا تنطبق على سليناجرنتينا. فلو كانت تنطبق، لكان لها اسم أبسط مثل سيركليت أو تناسخيت. لذا أحسب أنها كانت موجودة خارج سلساكفير.
لكنهم اكتشفوا شيئًا مشتركًا معها.
لم تكن ميكوتو تعرف كم عدد العوالم الأخرى الموجودة، لكن ماذا لو كان لكل منها أداة سرية أو تقنية مرتبطة بسليناجرنتينا؟ فإن كان، فلماذا؟ أليست هي من قالت إنها تستطيع إرسال الناس من الأرض إلى عوالم أخرى، لكن إلهةً غيرها كان لا بد أن تعيدهم؟
(فهل من شيء يربطها بذلك العالم الحربي الفضائي؟)
لربما اكتشفوا شيئًا لو نظروا.
「على أي حال، لدينا جميع الكنوز الثلاثة الآن☆」 قالت شوكهو.
「نعم،」 قالت ميكوتو. 「لذا الآن ما علينا إلا أن نجري مراسم الكنوز الثلاثة ونرجع إلى الأرض!!」
اختر اسم وأكتب شيء جميل :)