الخاتمة: مخرج مُعين — رقم.05_أُغلق (و _ الباب _ التالي)
(إعدادات القراءة)
«فهمت. إذن يا توما، خلعت الجبيرة رغم أنك لست طبيبًا، ولهذا السبب تتألم ألمًا شديدًا الآن؟ أراهُ خطأك بالكامل»
«لماذا مغتاظة؟!»
«اسمعي، لا تُوَريه ذرّة اهتمام. فهو شابٌ سيدمن على اللطف الذي يظهره الناس له وقت مرضه. علينا أن نصحح سلوكه قبل أن تصير عنده عادة. ببساطة، تجاهليه»
«وكذلك أنتِ مغتاظة يا أوثينوس!»
«لا داعي أن أتهاون بعد الآن، صح؟ لا بأس لو عضّيته الآن، صـۤـۤـۤح؟»
«آمل ألا تسختف من طولي الذي ما يتجاوز الخمسة عشر سنتيمترا. فهل أريك ماذا يحدث إذا غرست ذراعًا أو ساق في عينك أو أذنك؟»
«مهلا! مهلاً مهلاً! ولا سيما أنتِ، أوثينوس! ذلك سيكون تعذيبًا حقيقي!!»
بعد انتهاء العاصفة، هرب كاميجو توما إلى فناء المستشفى وهو يرتجف كشايبٍ مرهق. في نهاية نوفمبر، كان الفناء باردًا جدًا حتى تحت الشمس، ولكن يبدو أنه لا يزال مكان للتشافي. ورأى بعض الناس هنا وهناك.
وهو جالسٌ على مقعدٍ ويتنهد بثقلٍ، جلس أحدٌ برفق بجانبه.
«مرّ وقت☆»
«....؟»
عبس كاميجو عندما كَلَّمته فتاة ذات شعر أشقر عسلي وصل للخصر. لسببٍ ما، كانت قريبةً جدًا. قريبةً قريبة. ابتعد بتردد ثم طرح سؤال.
«اامم، من أنتِ؟»
«آه هَهَه. لا عليك. هذا الرد الطبيعي. دائمًا ما تنساني»
«همم؟ هذا نفس لباس ميساكا لتوكيواداي. مهلا، أأنتِ حقًا في الإعدادية؟؟؟»
«هِه هِه هِه. افحص إن كنت تريد. فأنا فخورة جدًا بما صنعت»
لسبب ما، ردت الفتاة على نظرته غير المهذبة بأن تُبعد شعرها عن كتفها وتنفخ صدرها بلا سبب. لم يعرف ما كانت تنويه بهذا الفعل.
لكن...
«...........مم، هل التقينا من قبل؟»
«————،»
«حسنًا، ربما لا تريدين أن تسمعي هذا، لكنني... رائحة شعرك؟ كأنني آلفتُ رائحة العسل هذه»
«آه هَه هَه...هف. ليس عدلاً. لا ينبغي أن تكون هناك أي فرصة باقية، لكنك بهذا تعطيني أملاً صغير»
«ماذا؟»
«أُكلم نفسي.... وربما استخدم أحدٌ تعرفه نفس العطر أو الشامبو»
«أهكذا الأمر؟»
مَيَّل كاميجو رأسه مستغربًا، لكن الفتاة انتقلت إلى الموضوع التالي.
«أعندك أي شيء تسأله عن ميتسواري آيو؟»
«ميتسواري؟ أوه، الفتاة من البارحة. لكن كيف عرفتِ عن ذلك؟»
«هف. تذكرت العدو ونسيت من أنقذت. يا لها حقًا من قدرة ذاكرة غريبة»
بدت الفتاة غاضبة.
«النماذج الأولية للفايف أوفر والأوتسايدر قد تدمرت تمامًا وكدتُ أُنظف بيانات التصميم. هذا يعني أنه محالٌ أن يتم إنتاج منتل آوت بالجملة ومحال أن تنتشر في جميع أنحاء العالم، لذا لا تقلق☆»
«منتل آوت؟ أوه، صح، صح. تلك الفتاة كانت المتورطة في هذه الحادثة! ها؟ ولكن أي نوع من الأشخاص كانت؟»
«لا بأس إذا لم تعرف. أما ميتسواري آيو نفسها، فقد تم إرسالها رسميًا إلى قاعة سجن الأحداث، لكن من يدري ما حدث فعلاً. ومع ذلك، أعلم أنها قد تجاهلت خطط منظمتها، وصنعت هياجًا شخصيًا، وجمعت القوة من نفسها بالإتيان بأشياء من مجموعات متنوعة من مواقف مختلفة، لذا غالبًا سيُرسل عددٌ من القتلة المختلفين وراءها. ربما علينا مراقبتها لأن نحميها أكثر ولنؤكد من أنّ لا تعود إلى الجانب المظلم. لكن اترك كل هذا عليّ. لا داعي للقلق من ذلك»
«أحقًا؟» تمتم كاميجو.
بدت الفتاة وكأنها تقترب أكثر ونظرت غاضبة قليلاً من ردة فعله.
«بالمناسبة»
«ماذا؟»
«لماذا ظهرت فجأة في تلك البحيرة الاصطناعية البارحة؟»
«أوه، هذا»
نظر إلى الامتداد الأزرق للسماء.
«أخبرتني سينباي أن "عيد ميلاد تلك الفتاة اليوم، فما رأيك لو تعد لها زهرة". بصراحة ما فهمت مقصدها، لذا قلت أن أزور قمة الجبل تلك لأعرف»
«.......هكذا»
دخلت نظرة لطيفة إلى حدٍ ما عينا الفتاة.
كان محيا غريب كمن يهتف حتى بعد أن كَشَفَ الساحر عمل حيلته.
«إذن من أنتِ من الأساس؟»
«ستنسى، فما الداعي أن أُعرّف بنفسي. بدلاً من ذلك...»
بمجرد سماعه تلك الكلمة الأخيرة، اقترب وجهها فجأة وشعر بإحساس شفتيها الناعم على جبهته.
«ما- ما- ما الذي تفعلينه؟!»
«آه ها ها. لا عليك. ستنسى ذلك أيضًا قريب»
ابتسمت الفتاة الشقراء العسلية ابتسامةً حزينة فوقفت من المقعد.
قالت شيئًا أخيرًا دون أن تَلتفَّ إليه.
«أنا فتاةٌ أنقذتها ذات مرة. فكر بي هكذا☆»
في الواقع، كانت هناك تكملة قصيرة للماضي الذي شاركته شوكُهو ميساكي وكاميجو توما.
من بعد ما هاجمتهم مجموعة الطلاب دِدلوك ببدلاتهم كوين دايفر التي استخدمت عددًا لا يحصى من العجلات والمحركات النفاثة لإنتاج سرعة هائلة. عَرَضوا ‹لكاميجو› أن يتركوه إذا تخلى عن ‹شوكُهو› ومن الواضح أنه أصر على القتال لحماية الفتاة. ومع ذلك، لم يقدر على إنهاء كل شيء دون أن يصاب بأذى.
ساعدت شوكُهو بريموتاتها.
نجحت في تقليل عدد الأهداف حولهما بجعلهم يُصَوّبون على بعضهم البعض أو أن تُحرف فهمهم حتى ليتجهوا صوب الخطأ.
لكنها لم تكفي.
وقد استخدم كاميجو توما جسده لصد من لم تعترضهم.
لا تزال شوكُهو تتذكر الرائحة الكريهة الصدئة التي ملأت أنفها.
بمجرد أن انتهى كل شيء ورنّت صفارات الإنذار لسيارة الإسعاف عبر الليل، كانت ذراعي الصبي المألوف ورجليه تتشنجان تلتويان بطريقة مزعجة لم ترها من قبل.
‹ ‹ارجعي! اللعنة، أُصيب بالصدمة. اتركي هذا لنا!!› ›
أشار صوت فنيّ طب الطوارئ المتوتر إلى أن هذا كان مشهدًا صادمًا حتى لأولئك من اعتادوا منظر الدماء.
‹ ‹الشظايا الحادة لخزان الوقود مزقت بطنه. افعل شيئًا حيال ذلك على الأقل!› ›
‹ ‹أدري! لكن ما في وسعنا شيء الآن. ترينه يتشنج من الصدمة، لذا فإن أي محاولة للعلاج ستفتح الجرح أكثر!› ›
‹ ‹لكنه لن يصمد حتى المستشفى! ألا تفعل شيئًا بقدرتك على التخدير؟!› ›
‹ ‹أصيب بصدمة من انخفاض ضغط الدم. لن يفيد المخدر إلا إلى خفضه أكثر وربما يُقتل منها! لن نفعل شيئًا بهذه الخطورة!!› ›
‹ ‹.....› ›
قد استخدم فني طب الطوارئ جهازه الراديو ليتصل بالمستشفى، ولكن بدا أن في ذلك أخبارًا سيئة. قيل لهم أن يلجأوا إلى مستشفى مختلف.
لن يصلوا في الوقت وكان ليموت قبلها.
ضغطت شوكُهو على أسنانها وقدمت اقتراحًا.
‹ ‹إن كانت هناك طريقة نتخلص بها من آلامه دون مخدر، فهل لكَ أن تعطيه علاجًا طارئًا هنا؟› ›
‹ ‹ما أنت-...؟› ›
‹ ‹لدي المنتل آوت، قوة عقلية مصنفة في المستوى 5. أستطيع أن أتخلص من إحساسه بالألم باستخدام ذلك. ذلك له نفس تأثير المخدر دون خفض ضغط دمه أكثر من ذلك› ›
بدا فنيّ طب الطوارئ مترددًا.
ذلك بمثابة مقامرة بحياة المريض باستخدام طريقة مؤقتة ليست في أي كتيب. ولعلّ الأمر ينتهي بتلطيخ يدي شخص عادي أو طفل حتى. ربما تصاعدت العديد من السيناريوهات والمشاكل المختلفة من رأسه.
ولأنه ببساطة ما تمكن أن يتوصل إلى إجابةٍ، ضرب ميكروفون الراديو على الخطاف متجاهلاً الكلام، وتحدث.
‹ ‹إن كانت من فرصة، لنفعلها› ›
كانت هناك حقيقة واحدة لم تخبره شوكُهو في ذلك الوقت.
سيطرت قوتها على عقول الناس بالتلاعب برطوبة أدمغتهم. لم يكن لديها ما يضمن أن قوتها ستعمل صحيحًا إذا انخفض ضغط الدم بشكل جذري وكانت الرطوبة في دماغه غير متوازنة.
فيما بعد، أخبرها طبيبٌ مُعَيَّنٌ ما يلي:
‹ ‹هذا لا يضر بذكرياته حقًا. بل هو أشبه بإتلاف الممرات التي تستدعي الذكريات. حتى لو استطاع الصبي التحدث عنك، فلن يتذكرك. إن كنتِ تحسبين الدماغ يخزن وجوه الأشخاص وأسمائهم، فيمكنك القول إن قسمك وحده قد سُحِقَ جسديًا. لا أرى في وسعك شيء حتى بقوتك› ›
ولكن عندما فعلت ذلك، لم تفكر شوكُهو في أي شيء من هذا القبيل.
ببساطة كانت قلقة بشأن ما إذا أمكنها إنقاذ حياته أم لا.
لم تدرك أن شيئًا يمكن أن يفوق ذلك، ولذا تصرفت على الفور.
‹ ‹لو.....› ›
في مكان ما وفي وقت ما، قالت هذه الكلمات.
نظرًا لأنه ينسى دائمًا مرارًا وتكرارًا، فقد لا يكون الترتيب المحدد للأحداث مهمًا.
‹ ‹لو تمكنت يومًا ما من قلب التوقعات التي وضعها الكبار وتذكرتني...› ›
الجدول الزمني لا يهم.
ربما كان من الماضي وربما كان المستقبل.
وبأي حال، قالت شوكُهو ميساكي هذه الكلمات.
‹ساعتها تعال نتحدث حديثاً مهما. حديثا لطيف، جدًا لطيف، ومهم›
كانت تعلم محالها.
كانت تعلم أنها ببساطة تطرح مشكلة انقضت منذ زمن.
لكن...
مع ذلك...
في أقصى مناطق العالم الأقرب إليه، استمرت تلك الفتاة تنتظر وحيدةً حدوث معجزة صغيرة.
لم يستمتع الكلب المسترد الذهبي بشكل خاص بالتنزه ليلاً.
أنتج الظلام أفكارًا خاملة وكان التواجد بالقرب من مكان عمله البيئة المثالية له ليسترخي. على عكس الكيهارات الآخرين، لم يُمَيّز بين العمل واللعب، ولكنه لم يدمن عمله أيضًا.
حاليًا كان ماضيًا إلى المنطقة 15 التي اشتهرت بالترفيه.
ربما يبدوا للناظر وكأن المرأة ذات البدلة الرخيصة والمعطف المختبري تُمشي كلبها بدون حبل، لكن علاقتهما كانت بالكاد عكس ذلك.
«سينسي، تَجَهَّز»
‹ ‹نعم› ›
توقفا أمام مبنى شاهق مغطى بالزجاج. كان حوض أسماك عملاق يسمى سيليستا أكواريوم. ومع ذلك، لم يكن مكانًا لمراقبة الحياة المائية بدافع الاهتمام الأكاديمي بل كان مكانًا لبناء الحالة المزاجية المناسبة للعشاق الشباب.
للكلب الذهبي عملٌ هنا.
وبالطبع، كان عملاً كيهاري.
«نَوكان-سينسي»
استدار نحو الصوت فوجد كيهارا يويتسو وهي تضغط كعبيها معًا بأدب ويداها مشبوكتان بالقرب من سرتها ورأسها منخفضٌ إلى الزاوية المناسبة تمامًا كأنها خادمة مدربة جيدًا. تحدثت بصوتٍ حُلوٍ كأنها تودع الكلب الضخم في طريقه إلى ساحة المعركة.
«حظًا سعيد»
‹ ‹نعم... انتظري في مكان بعيد عن هنا. أرى أن هذا سيكون فوضويًا› ›
انفصل الكلب الذهبي عن الشابة وتسلل داخل المبنى بمفرده. لم تكن الأقفال الإلكترونية وأجهزة الإنذار التي صادفها مفيدةً ضده.
مع إطفاء كل الأنوار، بدا الأكواريوم أكره من المستشفى في الليل.
صعد مصعدًا يقع في مكانٍ لن يجده أيّ زائرٍ عادي، ووقف على رجليه الخلفيتين، وضغط على الزر بمخلبه الأمامي.
عند توقع معركة داخلية، لن يستخدم المرء المصعد أبدًا. ففي آخر الأمر، يُمكن أن تُحبس بداخله أو قد يسقط من الطابق العلوي. حقيقة أنه تجاهل هذه الاحتمالات تشير إلى أن الكلب الذهبي قد فعل "شيئًا ما" لهذا المبنى.
مع نغمةٍ إلكترونية ناعمة، فُتحت أبواب المصعد.
كان هذا هو الطابق العلوي.
عالمٌ أزرق ملأ المساحة بأكملها. بالإضافة إلى خزان مياه عملاق على شكل دونات، غطى الزجاج السقف بالكامل وغطت كمية هائلة من مياه البحر كل شيء. اصطدمت أضواء المدينة وضوء القمر بالمياه وخلقت عملاً فنيًا مذهلاً من هذا الضوء. كان هذا مكانًا للمواعدة أكيد حيث قالت مجلات الموضة المتواضعة إنه أكثر فاعلية من المنشطات الجنسية.
‹ ‹آمل أن تسامحني على هذه الزيارة في آخر الليل› ›
ذهب الكلب المسترد الذهبي إلى وسط ذلك الطابق.
كان كبيرًا جدًا بالنسبة لكلب، لكنه بدا صغيرًا مقارنة بالحياة المائية. كان المخلوق الذي يواجهه خلف الزجاج السميك المقوى حوتًا قاتلًا عملاقًا يبلغ طوله أكثر من خمسة أمتار.
كان هذا ملك المحيط الذي لم يملك أعداءًا طبيعيين.
الكلب المسترد الذهبي تحدث مرة أخرى إلى ذلك المخلوق الأبيض والأسود الذي يلعب في الماء.
‹ ‹أتحسب أنك تخدعني بالتصرف كالحيوان؟ ظَهَرَ أمامك أحدٌ يُسمي نفسه كيهارا. هذا وحده يُعْلِمُك بمدى خطورة الوضع› ›
بعد بضع ثوان، نظر المخلوق أخيرًا إلى الكلب في عينه.
عندما تحرك فم ملك المحيط الشرس، أنتجت مكبرات الصوت في حوض السمك صوتًا دقيقًا لرجلٍ كهل.
‹ ‹يَه يَه. حَسِبتُها ستفيد إلى حد ما، لكن قبضوا عليها سريعًا؟› ›
كانت هذه محادثة بين كلبٍ كبير وحوتٍ قاتل.
قد يبدو هذا وكأنه شيء من كتب الأطفال، لكن ما كان يكمن بينهما مختلفٌ تمامًا.
كان هذا هو الجانب المظلم من المدينة.
كانا محاطين برائحة كريهة خطيرة للغاية ترمز إلى هذه الحقيقة.
‹ ‹كم عدد التضحيات تطلبت لتصل إلى عقلك الحالي؟› › سأل المسترد الذهبي الذي يحمل لقب الكيهارا.
‹ ‹بعضًا قليل. الفيلة والحيتان لم تُفِد. سعة أدمغتهم تفوق بكثير سعة البشر، لكن فيهم صعوبة أن يتقبلوني. من ناحية أخرى، كانت الغوريلات أو الشمبانزيات مملةً مملة. فيهم ذكاء، لكن الهيكل بدا أقل شأنا من غيره. ومع ذلك، استقررتُ على الحوت القاتل لهذه الأسباب التشريحية ولتفضيلاتي الشخصية. وعدم القلق بشأن ما أرتديه من ملبسٍ يجعلني حقًا غير إنساني، ها؟› ›
الاختلاف الكبير بين البشر والحيوانات كان في بنية أدمغتهم.
كان هذا شيئًا حتى الأطفال يعرفونه رغم جهلهم بعلوم التشريح والحيوان. أو ربما كان لأنهم ما استطاعوا التفكير في أي طريقة أخرى يتفوق بها البشر على الحيوانات غير هذه.
لكن ألا تراه غريبًا؟
فماذا لو أن دماغ الإنسان مُتفوق على غيره؟ من منظور تشريحي بحت، كان دماغ الفيل أكبر بكثير من دماغ الإنسان. أجسادهم أكبر، لذا لا غريب أن تكون أدمغتهم كذلك. حتى لو مددت كل تلافيف دماغ الإنسان لتُوَسِّعه، فإنها لن تضاهي تلافيف عقل الفيل.
ومع ذلك، فإن عقل الإنسان فاق بكثير عقل الفيل.
لا يوجد حيوان آخر امتلك ذكاء وعواطف البشر. لماذا؟ ذلك أن تلك الحيوانات افتقرت إلى "شيء" امتلكه البشر.
فماذا لو سددنا هذا النقص؟
وبشكلٍ أدق، ماذا لو كسرنا دماغًا بشريًا، إلى أدنى حدٍّ من عدد الأجزاء لنجعل عقل الإنسان مرتبطًا بعقل الحيوان، فأنشئنا من بعد ذلك تبادلاً للإشارات الكهربائية بينهما؟
كما ذكرنا سابقًا، لدى الكثير من الحيوانات أدمغة ذات سعةٍ أكبر من دماغ الإنسان.
إن كان ما جعل البشر مميزين مرتبطًا بتلك العقول، ألم يكن من الممكن إنشاء وحش بشري خارق؟
وهذا بالضبط ما حدث هنا.
‹ ‹شُندو توشيزو. أنت مُمثل الكبار الذين تعقبوا ذات مرة [دِدلوك] وأعاروهم تلك البدلات ‹كوين دايفر› الذين اكتسبتهم في مكانٍ آخر لسرقة المنتل آوت ولو كان على حساب التضحية بشوكُهو ميساكي. أنت من أولئك الذين تجاهلوا خططـ"ـنا"... وكان يُفترض أنك قُتلت في انفجار كمن سبقك. سأعترف لك أنك فاجئتني قليلاً على الأقل عندما اكتشفتُ أنكَ جَمَعت شظايا دماغك فحولت نفسك إلى وحش› ›
«هَهَه. أود لو أقول إن الذي حقق ذكاءً عظيمًا بتوسيع دماغ كلبٍ بحت لهو وحشٌ أكثر بكثير من الذي أساس عقله بشري. وما سمعت مرةً بكلبٍ عَمَّر الثمانين سنةٍ› ›
‹ ‹أشك في أن النملة الساموراي تلك قد أنجزت كل ذلك بمفردها. كنت المدبر من وراء الكواليس دون أن تلاحظ الفتاة، صحيح؟› ›
‹ ‹وما يهمني إذا عرفت؟! ما عسى لجروٍ مثلك أن يفعل؟› ›
‹ ‹أراك لم تستوعب بعد ما المنصب الذي أشغله داخل آل كيهارا› ›
‹ ‹ماذا، أوقاتلٌ أنتَ لا يسعك إلا أن تهز ذيلك لصاحبك؟› ›
انفجر صوت هائل.
بدا وكأنه هدير محركاتٍ نفاثة، أتت من كتلة من الكرات بلغ قطرها المترين وكانت تتدحرج من المداخل الأربعة الواقعة على شكل صليب. كان وزن كل منها أكثر من طن، لكنها طفت في الهواء بنفاثاتٍ قوية قادمة من اثنتين وثلاثين حفرة عميقة تغطيها.
كل تلك الأوزان الضخمة جاءت لتحوط بالكلب الكبير برمشة عين.
‹ ‹أسمي هذه بالأضراس الفولاذية، ولكن اعتبرها مثل كرات حديدٍ الطائرة دون رافعة. فائدتها الوحيدة أن تكون سلاحًا ضخم، ويمكن استخدامها لصد الرصاص، وهي جيدة جدًا أن تسبب ضغطًا ذهنيًا على العدو. وعمومًا، إنها مفيدة› ›
‹ ‹.....› ›
‹ ‹فيها ثلاثون بالمجموع. إذن ما عسى للجرو الذي جاء يقتلني أن يفعل؟ همم؟ هَيّا اكسر خزان المياه إن شئت، بذلك سأريك قوتي وكيف صرت حاكمًا للمحيطات› ›
‹ ‹.....› ›
‹ ‹ماذا، خفت من الكلام؟ أم أنك تأمل قدوم التعزيزات؟ ربما أتخلى عن هذا الجسد بفضلك، لكن يمكنني دائمًا أن أنقل دماغي إلى واحدٍ جديد. وإذا قتلتك هنا، فلن يقدر أحدٌ من المدينة الأكاديمية أن يأسرني، فموتك يضمن سلامتي› ›
‹ ‹مثل هذا الشيء لن أعطيه أكثر من درجة الرسوب. بصراحة تفائلتُ كثيرًا عندما اخترتُ أجهزتي، لكن يبدو أن ذلك انقلب علي› ›
الكلب المسترد الذهبي ضيّق عينيه قليلاً.
وكان هذا كل ما أحتاجه.
-باآءء!!- بعد لحظة، تَحَّطم خزان المياه العملاق الذي غطى الطابق بالكامل.
‹ ‹ما، ذا......؟!› ›
لم يتفاجأ ملك المحيط بتحطم الزجاج. بالنظر إلى كمية المياه التي احتوتها المنشأة، فلن يفيد تكسر الزجاج إلا إلى تحويل الأرضية كلها إلى بركة عملاقة. وإذا هاجَمَ الكلب بجسده الحوت القاتل، فقتله هَيِّن.
ومع ذلك، شيءٌ ما كان خطأ.
هذا الشيء كان ماء البحر.
حوصرت تحركات ‹شُندو توشيزو› بسرعة مثل سمكة خارج الماء.
‹ ‹أفي الجدار الخارجي ثقب؟› ›
جاء صوتٌ مذهول من مكبرات الصوت.
كانت مياه البحر تتلاشى بسرعة كبيرة من تدفقها إلى الخارج.
‹ ‹لا تقل أن شيئًا ما أصاب المبنى من الخارج!› ›
في تلك اللحظة، توقف صوت الحوت القاتل.
أصابته عدة اصطدامات وعدة حاويات عملاقة طُعِنت في الأرض حول المسترد الذهبي. انفتحوا جميعًا كأنهم يصنعون شباكًا هندسية ومن ثم أُحيط الكلب سريعًا بآلاتٍ وأسلحة وأذرعٍ وذخيرة ودروع لا حصر لها.
تجاوزت مستوى التسليح ووصلت إلى مستوى بناء حصن حوله.
مع صوت المجفف، طاف جبل الأسلحة بضعة سنتيمترات عن الأرض.
لم تتشكل الكومة المفرطة من المعدات العسكرية في صورة روبوتية. فهي تُطلق ببساطة وتقتل ببساطة. تَجَلّى هذا المفهوم الشرير للغاية في كامل مجده.
علاوة على ذلك، انسحقت الأضراس الفولاذية المميتة منذ اللحظة التي دخلت فيها الحاويات. تلك الدروع الكروية السميكة يمكن أن تشتت طلقة دبابة، لكن تلك لن تَصمُدَ شعرة.
‹ ‹ما هذا......؟!› › تأوه ملك المحيطات الذي سقط في الهواء.
‹ ‹الرجال عامَّةً يحبون الروبوتات. فتعلم كيف تُقَدِّرُها يا أيها الشاب› ›
تضمنت أسلحته البنادق والمدافع والسيوف والرماح والصواريخ والليزر وقاذفات اللهب وبواعث النيتروجين السائلة وحتى بواعث الموجات الكهرومغناطيسية الاهتزازية الجزيئية. وفوق تلك الأسلحة التي لا تعد ولا تحصى، تحركت ذراعٌ صغيرة لتضع سيجارًا في فم المسترد الذهبي.
نعم.
حتى داخل هذا السيل الهائل من الماء، نجح في إشعال السيجار.
‹ ‹لا ليس ذلك! كيف للماء أن يتحرك تاركاً حولك دائرة كاملة؟!› ›
‹ ‹أوه، هذا› ›
كان تعليق الكلب الكبير الصريح مصحوبًا بنفخة من الدخان برائحة الفانيليا الحلوة.
‹ ‹الإسبرة السايبورغ رينسا أُنشِأت لتسحق سبعة المستوى 5 في حال تمردهم جميعًا ضد المدينة الأكاديمية في وقتٍ واحد. دوري مشابه، لكن لسوء الحظ، ليس هدفي أولئك الأسابر المصنوعين› ›
‹ ‹إذن... فما هدفك؟› ›
‹ ‹«ليدلي تنجِلِرود، فراولن كرويتون، الاسم الرمزي [دراغون] › ›
‹ ‹...؟› ›
‹ ‹أوه، أوكان ذلك صعبًا للغاية عليك؟ على أي حال، أنا خط الأمان عندما يتعلق الأمر بعالمٍ ما لأمثالك أن يفهموه. عادةً، لن أحتاج أن أتعامل مع وظائفٍ جانبية كهذه› ›
انفجر هدير هائل.
كانت منطقة المسترد الذهبي مجرد دائرة صغيرة حول آلياته الكبيرة، لكنها سرعان ما توسعت. اختفت المياه وأُلقيت جثة الحوت القاتل ‹شُندو توشيزو› المستعارة على أرضية فارغة جرداء.
‹ ‹أن أصفها هكذا قد يُسخطه.....› ›
وكأن ملك المحيط قد وُضِعَ على لوح التقطيع.
والطاهي صاحب النيران الكبيرة تحدث ببرود وهو ينفخ سيجاره.
‹ ‹هل سمعت يومًا عن بدلة الطاقة الخاصة المسماة أنتي-أرت-أتاتشمنت؟› › [1]
بعد بضع دقائق، غادر المسترد الذهبي المبنى العملاق ورأى المرأة في بدلتها الرخيصة ومعطفها المختبري تنتظر وسط حشدٍ من المتفرجين ومعها مظلة.
‹ ‹حسبتني قلت لكِ أن تنتظري في مكانٍ آخر› ›
«هِه هِه هيه. بلى، لكنني ما أستطعت أن أمنع نفسي»
غادرا بجرأة مسرح الجريمة دون أن يقلقا مِن كل مَن حولهما. حتى لو شوهِدا هنا وحتى لو بقي فرو الكلب وقطع اللحم في ذلك الطابق العلوي، فلن يحسب أحدٌ أنه من فعل ذلك. كحيوان، فقد عاش خارج القوانين التي لا تحكم إلا البشر وحدهم.
‹ ‹كم الساعة؟› ›
«عَدَّت الرابعة. ما رأيك بتصبيرة يا سينسي؟»
‹ ‹إنما ستعطيني عسرًا في الهضم، لذا لا أفضل. قد لا أبدو كذلك، لكنني كلبٌ كهل› ›
«لااااا، بل رجلٌ أنيق أنتَ!! ما أتعَبُ ولا أمِلُّ من هذا الصوت!!»
‹ ‹أحيانًا استصعب ما إذا كنتِ مُعجبة أم مُستهزئة بي. في كلتا الحالتين، هل لكِ أن توقفي عناق رقبتي هكذا؟› ›
أثناء حديثهما، أرسل الكلب المسترد الذهبي طلب اتصال كان موجودًا فقط في رأسه.
سرعان ما فُتِحَ خطٌّ ساخن،
مع [المبنى عديم نوافذ].
«بوو. سينسي، شخصٌ ذو أهمية مثلك لا عليه أن يتملق ذلك الرجل»
‹ ‹أُقَدِّرُ رأيك الرفيع بي، لكنك مخطئة. وأيضًا، لن يقدر الكيهارا هزيمة حاكم هذه المدينة› ›
«أوه، أتقصد بسبب [مُتَحَكِّم النموذج الأصلي]؟ ذلك غش!»
[النموذج الأصلي] كان مصطلحًا نفسيًا لفهم أو إحساس مشترك بالقيم التي تطورت عندما يتعامل كلُّ فردٍ في عرق أو مجموعة مع مشكلة متطابقة بنفس الطريقة. وتلك شملت المفاهيم الدينية مثل قصر الآلهة فوق السحاب وسجن الخطاة تحت الأرض. بالمعنى الواسع والسطحي للغاية، كانت فكرة أن اليابانيين يحبون الأرز وأن الأمريكيين يحبون البرغر [نموذجًا أصليًا] بحد ذاته.
ولكن ماذا لو استطعت التحكم في كل هذه؟
ماذا لو تمكنت من إنشائها وإرسالها إلى العالم وحتى تدميرها؟
‹ ‹لقد كان هو الشخص الذي استخدم مصطلحات المدينة الأكاديمية والإسبر والجانب العلمي وألقى بهم داخل إطار يمكن أن يُسمى عبادة الإنسان للعلم. وتَقَدُّمًا، كانت فئة الكيهارا مثالٌ آخر. لهذا السبب لن نقدر على هزيمة هذا الحاكم. لو أراد، فيمكنه أن يعزلنا عن محيطنا باستخدام [النموذج الأصلي] للعلم الهرطقي ويمحو تعريف وجودنا عن العالم. لربما ننجح في البقاء، لكننا ساعتها سنكون جبناء مشوهين. ولا ينبغي أن أشرح ما يحدث لوحوش مُشَوَّهة أُزيلت مخالبها في البرية› ›
(فوق ذلك، لقد جَلَبَ المجد لنموذج [السحر الغربي الحديث] خلال الزمن الذهبي وما يزال السحر يتأثر به بشدة. ولطالما أمكنه وحتى اليوم أن يستخدم هذا [النموذج الأصلي] ليُأثر على أساس الجانب السحري)
وهو يحفظ بهذا الجزء في نفسه، تحدث الكلب الكبير إلى الشخص الموجود على الطرف الآخر من الخط الساخن.
تحدث إلى حاكم المدينة، إلى رئيس مجلس الإدارة، أليستر.
‹ ‹إني واثقٌ أنك كنتَ تتجسس ‹بشبكة الأندرلاين›، لكنني تعاملت مع ‹شُندو توشيزو›. هذا هو آخر طلب قدمته من بين اثنين وسبعين طلبًا. كل واحدٍ من أولئك الذين كبروا خلال غيابك ورفضوا العودة قد هُزِموا. فهل أنت راضٍ بعملي؟› ›
‹ ‹إنما هذه البداية› ›
‹ ‹هل وجدت شيئًا تعوض به ما حدث؟› › سأل المسترد الذهبي الذي يسير مع كيهارا يويتسو. ‹ ‹من الواضح أنه كان خطأ أن تتواصل مع الآلهة السحرية في تلك النقطة. فهل تَعَلَّمت أخيرًا درسك الآن وأن عليك أولاً أن تتعافى من الحروق الشديدة التي أخذت من جسمك الثلث؟› ›
‹ ‹كان ضروريًا بغض النظر› ›
‹ ‹فيك عادة سيئة في أن تبدو عقلانيًا وأنتَ في الحقيقة تتعامل مع كل شيء بمشاعرك› ›
‹ ‹"على العلماء دائمًا أن يكونوا رومانسيين ويكدوا الجهد لملء الناس بالأحلام". أوليست هذه كلماتك؟› ›
تنهد المسترد الذهبي عندما أشار لذلك.
لو أمكنه تغيير محياه كما الإنسان، لكان يبتسم.
‹ ‹معك الحق. الرومانسية مهمة. هذا ما يفصل البشر عن الوحوش› ›
‹ ‹هل أخطأت؟› ›
‹ ‹ما رأيك لو تسأل طبيبك المعالج بدلاً مني؟ لكن إذا كان علي أن أعطيك إجابةً كيهارية، فمن بين الخير والشر هي شرٌّ أكيد. ليس ذلك فحسب، بل شرٌّ فظيع› ›
نظر الكلب إلى السماء المرصعة بالنجوم وهو يتكلم.
ملأت تلك الأضواء الغامضة مَجلّات المدينة كرمزٍ لعلم التنجيم والغرائب الأخرى التي لا يُوصَلُ إليها في العلوم الإنسانية.
‹ ‹لكنها في الحب والكره ستميل إلى الحب. يبدو أنه حتى أنا عندي قلب› ›
ملأت ألوان الفجر الحارقة السماء أمامهم.
كان اللون الأرجواني لتلك السماء المرصعة بالنجوم والذي يرمز إلى أسرار العالم تصبغ تدريجيًا بالبرتقالي.
‹ ‹لقد أعدت الآن النظام إلى حُكمك، تمامًا كما طلبت› ›
تحدث العلماء وهم يواجهون ضوء الشمس الذهبي.
يبدو أنهم كانوا يستخدمون الذكاء البشري لتحدي الجانب اللاعقلاني في العالم.
‹ ‹الآن، ما رأيك لو تستخدم هذه القوة التي أعدتها إليك. استخدمها لتدمير كل تلك الشذوذ المعروفة بالسحر› ›
اختر اسم وأكتب شيء جميل :)