-->

الفصل الرابع: فرصة لقاء >> قاعة الجمهور — مبارزة_في_العقل

(إعدادات القراءة)

انتقال بين الأجزاء

  • الجزء 1

النحل والنمل.

كلاهما معروف بأنهما حشرات مجتمعية عالية تتمحور حول الملكة (رغم أن الكثير من النحل يعيش فرادا)، لكن هذان كانا في الواقع مرتبطين ارتباطًا وثيقًا كبير. حسب التعريف الأحيائي، كلاهما ينتمي إلى رتبة غشائيات الأجنحة.

لكن هذا لا يعني أنهما يتعايشان.

النحل الشرس أو الدبابير يُهاجمون النمل وقد تضع أنواعٌ أذكى من الحشرات بيوضها في مستعمرة النمل تحت الأرض. من ناحية أخرى، كان النمل يحتشد بشراسة وبلا رحمة حول نحلةٍ فَقَدَت قوتها وسقطت على الأرض فيُعيدون جثتها إلى مستعمرتهم.

قد تكون هاتان الفتاتان المنفصلتان متشابهتين.

يتكون الفايف أوفر OS من دهون صناعية تسمى جِل المصممين. كان هذا السلاح الذي يُلبس يشبه الأخطبوط العملاق ذي اللون الكريمي، وكانت إحدى مخالبه ملفوفة حول جسد شوكُهو ميساكي.

«لعلّ علاقتنا أشبه بعلاقة ‹شيراي كوروكو› و‹موسوجيمي أواكي› » قالت الفتاة التي تُدعى ميتسواري آيو.

ابتسمت ابتسامة لا تتناسب أبدًا مع مظهرها وأخرجت هاتفًا ذكيًا بحجم كف اليد كأنها تُعِد لعمل خُدعةٍ ببطاقة.

«لم تكن الاستروبِلَ أو الفايف أوفر OS ما أدت إلى تشتيت قوتك. لعلّ قوتي أضعف، لكنها مثل قوتك. كل ما فعلته هو استخدامها لعرقلة التدخل الذي سَبَّبتِه☆»

أثناء حديثها، زادت عدد الهواتف الذكية.

كأنها مثل ريموتات شوكُهو.

«.......لهذا السبب وَجَّهتِ كل قدرتك على الكراهية صَوبي؟»

تَأوَّهت شوكُهو بينما تمسكها مخالبٌ عملاقة بدت وكأنها قادرة على سحق سيارة صغيرة كسحق منديل.

«اختير كل شيء بناءً على ملف ما يسمى ‹قائمة المعلمات› وتَحَدَّدَ مستقبلنا بناءً على ما يريده الكبار، لذا فأنتِ الضحية وأنا الجانية؟»

«فماذا لو كان؟»

تساءلت شوكُهو عما كانت ستفعله إذا انعكس الوضع.

ماذا لو أن شخصًا غريبًا لم تقابله من قبل قد استخدمها نقطةً للانطلاق فسرق منها كل الامكانيات؟

ماذا لو سُحِقت موهبتها؟

ماذا لو لم يُسمح لها مطلقًا أن تدخل مدرسة توكيواداي الإعدادية؟

ماذا لو لم تكن في المستوى الخامس؟

بعد التفكير في ذلك، تحدثت الفتاة شوكُهو ميساكي.


«بلهاءٌ أنتِ؟ ما ذلك إلا عذر لتقعي في حياة الجريمة»


بقيت ميتسواري مبتسمةً.

وهي تبتسم، ظهر تشنج مزعج على وجهها ليس تمامًا في صدغها ولا على خدها تمامًا. كأن حشراتٍ صغيرة تزحف تحت جلدها.

تجاهلتها شوكُهو واستمرت.

وجدت نفسها قادرة على التجاهل.

«نجاحك سُرق منك؟ كانت فيك موهبة، لكنكِ لم توضعي على المسرح المناسب؟ مثل هذه المواقف تجدينها في أي مكان نظرتِ فيه.»

«.....»

«أوحسبتِ أن كل بلد قادرٌ على أن يوفر للرياضيين الأولمبيين نفس التمويل والعتاد؟ كم من دولة تحسبين أنها أرادت دخول الفضاء ولكنها عجزت عن تطوير مشروع فضاءٍ واقعي؟ ليس بنادر أن تتأثر المسابقات بأكثر من مجرد مهارة واحدٍ صرفة. التنافس في نفس البيئة بالضبط وتحت نفس الظروف بالضبط هو شيء ترينه فقط في الحدائق المصغرة الفاترة التي جَهزها الكبار للأطفال. ذلك ينطبق فقط على اختبارات المدرسة التي ليس لها تأثير على الحياة الفعلية»

طعنت كلماتها الفتاة الأخرى.

سخرت كلماتها من تلك التي ضلت طريقها.

واستمرت تلك الكلمات الصريحة.

«لكنها طبيعة الإنسان أن تقوده للفوز مهما كان. وإذا لم يكفي القيام بكل شيء صحيحًا للفوز، لاجتهد الفائزون ضِعفين أو حتى ثلاث. وسيتفاخرون بما عساهم فعله بطريقة ما فكر بها أحدٌ من قبلهم. هذا ما يجلب اللحظة التي يهزم فيها الرياضي الذي تدرب في الأرض القاحلة نُخبةً صفوة من الرياضيين تدربوا في الصالات المتطورة. إذا ابتغيت الوصول إلى الفضاء، فامضي إلى منصة إطلاق واقعية ولو عنى ذلك مغادرة الوطن... وقت تشاجر الكبار، فإن الأمر يتعلق بصراعٍ بين بالِغَيْن بِعَيْنَي طِفلَين بصدقٍ ووفاء لعرقهما الذي أنشأه أسلافهما وكذلك ليُحققا نتائج صادمة تقلب تلك التوقعات كُلّيًا»

لذلك لم يكن هناك من سببٍ أن تشعر بالنقص.

فكان هناك سببٌ لاختيارها.

لم تكن ميتسواري آيو مختلفةً عن الذين توسلوا بلا خجلٍ إلى فائز يانصيب ليكافئهم بشيء. إلا أنها لم تكن حتى من معارفها القدامى؛ كانت شخصًا لم تسمع عنها شوكُهو قبلاً.

ما كانت شوكُهو لتسمح لشخص مثل هذا أ يأخذ كل شيء منها.

فقدان امكانيةٍ واحدةٍ كَفَتْ أن تجعل ميتسواري تتعفن والآن تريد أن تكون طفلة بنظرة ناضجٍ في عينيها، لذا لن تقدر على تحمل ضغط الاحتفاظ بلقب #5 المدينة الأكاديمية.

«وصادف أنني أعرف شيئًا آخر»

واصلت شوكُهو تحدي الفتاة حتى ومعدتها مضغوطةٌ إلى أقصاها.

«أعرف "صبيًا أكبر" تَمَسَّك بدربه دون أن يتعفن رغم كونه صفري المستوى. في ذلك اليوم عندما تحدث وظهره أمامي يحميني، كان من الواضح أنه تجاوزني وتخطاني بشكل يبعث الشفقة وأنا من المستوى 5. مهارتك لا تهم. حساب كل الأرقام بهدوء لعَبَثٌ. مهما عَدَّدتِ من حجج، ما لك خيار إلا أن تقبلي الهزيمة بمجرد دخوله من وراء الأفق. ولقد آلفتُ كثيرًا بمثل ذاك صفريُّ المستوى☆»

ما الذي منع ميتسواري من التألق مثل ذلك؟

أن لا تصبح من المستوى الخامس؟

لم يكفي ذلك أن تحرم المرء من إنسانيته.

هل سرق الكبار امكانياتها؟

إن كان ذلك كافيًا لها أن تستسلم، فهل بذلت أيَّ جهد فعلاً أصلاً؟

هل هذا يعني أنه يمكن العفو عن أي جريمة ارتكبتها؟

كان هذا كأن تعامل كل المستوى 3 وما دونهم معاملة المجرمين.

«أنتِ ضعيفة،» لخصت شوكُهو ميساكي. «منذ اللحظة التي استخدمتِ فيها حياتك فقط ذريعةً لارتكاب الجرم، أسئتِ لتلك الحياة بالذات. لم تلاحظي، بل خفتِ من الملاحظة، فدَمَّرتِ كل ما يجعلكِ تلاحظين، لكنكِ كذلك سحقتِ قدرتكِ على اكتساب الاحترام. حتى لو وصلتِ إلى المستوى 5.»

«هِه»

في تلك المرحلة، تحوَّلت ميتسواري آيو من مستمعةٍ إلى ضاحكة.

وقد تغير تعبيرها المجنون السابق.

«هِه هِه. هِه هِه هِه. هاهاههاااهههه هههه. آه، آه. يبدو أنكِ قابلتِ شخصًا لطيفًا، آنسة نحلة. أوهذا ما أملتِ قوله لحملي على الاستسلام؟ "لو أنكِ قابلتيه، لربما انفتح لكِ دربٌ مختلف"، ها؟»

«......؟»

كان تعبيرًا محسوبًا.

لم يكن تعبيرًا عن غضب فتاة بعد رُفِضت هويتها بالكامل.

بل شيءٌ آخر هناك.

هل كان جوهر ميتسواري آيو يكمن في مكان ثاني؟

«لكن هذا لن يفلح»

وقفت النملة بجانب النحلة ولعبت تلك الملكة الأخرى بطاقتها الأخيرة بابتسامة هادئة.


«ففي آخر الأمر، كذلك أنا حادثتُ كاميجو-كن قليلاً»


«..............................................................................................................................»


هذه المرة، عقل شوكُهو حقًا حقًا فَرَغَ تمامًا. كان هذا الفراغ أكبر وأعمق مما كان عليه عندما انرفضت ذكرياتها أو عندما علمت أن قدرتها مِنتل آوت كانت نتيجة اختيارٍ لراحة البالغين.

«ترى، أخبرتك.»

اختفت الابتسامة من وجه ميتسواري.

اختفت الابتسامة من على وجه الفتاة التي استمرت مبتسمةً حتى مع رفض أصل وجودها والدرب الذي سلكته.

«سأنتقم لأستعيد ما سرقتِه مني... وكيف سيكون شعورك في محلي؟ ماذا لو سَرق شخص لا تعرفينه ذلك الذي افتخرتِ به كثيرًا»

«......»

«كنتُ هناك في ذلك الوقت أيضًا»

اقتربت من شوكُهو التي لا يزال جذعها مقيد. مع هاتف ذكي في كل يد، أمسكت برفق بجوانب رأس شوكُهو.

عذبت قشعريرة شاشات الكريستال السائل عقلها.

ثم جاءت الكلمات الحاسمة.

«قد يكون هذا ماضيًا جميلاً لك، لكن كاميجو كن لم ينقذني. لهذا السبب أقول أنكِ سرقتي كل شيء مني. لولاكِ، لوصل إليَّ ساعَتها»

قَرَّبت وجهها قريبًا جدًا لدرجة أن شوكُهو لم تستطع أن تركز عينيها.

وبعد لحظة، شعرت شوكُهو بإحساس غريب يمر عبر عقلها. كان الأمر كما لو أن أسلاكاً خفية مَرَّت عبر رأسها فتجمعت معًا وفجأة اسنحبت من جبهتها.

وهما تضغطان على جِباه بعضهما معًا وبهواتف ذكية على جانبي رأس شوكُهو، تحدثت الفتاة الأخرى دون أي تلميح من الابتسامة.

«هذه مِنتل ستينجر. في حالتي، أحدد الهدف بالكاميرات وأطراف أصابعي»

«آه...خ؟! ولكن بقدرة متطابقة، سينحرف أي تداخل مهما كانت القوة!»

«فقط إذا رفضناه كلانا»

مع إحساسٍ غريب في الوسط، تشوهت الحواف الخارجية لرؤية شوكُهو.

رقصت الألوان الزاهية.

«ولكن ماذا لو قَبِلتُها كلها؟ ماذا لو فَتحتُ منفذًا عن قصد وسمحتُ بتبادل الحزم متطابقة التنسيق؟»

«هذه...ليست قوتك»

استوعبت شوكُهو أخيرًا.

«أهذا زناد يُفقدني السيطرة على مِنتل آوت؟!»

«شاطرة. [1] بهذا أسحبك إلى رأسي بقوتك وقدرتك. مرحبا بكِ في حياة اليأس والكسر. وآنت ساعتُكِ أن تجربي ما ذقتُه عندما سرقتي مني كل شيء»


ومع هذه الكلمات،

تجاوزت كل حواس شوكُهو ميساكي حَدَّ ما يُصَفُ من منظور العالم الحقيقي.

  • الجزء 2

وقفت فتاة بمفردها على شاطئ بحيرةٍ دائرية لمحطة الطاقة الحرارية الأرضية.

جُرَّ وعيها إلى عقل شخص آخر. أو على الأقل هذا ما قيل لها، ولكن لربما كانت صورة أنشئت عن ذكريات ميتسواري آيو، مثل طفل يستمع إلى كتاب مصور قبل النوم.

ومع ذلك، تغير شكل المكان فجأة. تحولت الكمية الهائلة من الماء إلى صودا شمام خضراء زاهية، وتحولت الجبال المظلمة إلى كتل من الكريمة، وأصبحت الأشجار السميكة كعكات على شكل أوراق اللعب، وحتى الهيكل الخرساني المستدير الذي احتفظ بالمياه بُدِّلَ بكمية هائلة من الشوكولاتة.

بدت مثل مملكة الحلويات.

تقاتلت النحلة والنملة على الرحيق الحلو التي كانت ذكرياتهما عن هذه البحيرة الاصطناعية. ربما كانت هذه هي الطريقة التي صورت بها "هي" هذه المرحلة.

تجاوزت الرائحة الحلوة الجائرة الجوع وحفزت القيء في النَفْسِ.

كلٌّ من الملح والسكر ضرورة للبشر، لكن الإكثار منهما ضرَّ البدن.

هل وصلت ذكرياتها إلى تلك الجرعة المميتة؟

‹ ‹......أنا› ›

جاء الصوت من الخلف.

استدارت شوكُهو ورأت ميتسواري آيو بزيّ مدرسة توكيواداي الإعدادية. لبست الزي الصيفي رغم الموسم.

‹ ‹مُتُّ هنا. حشرت الكثير والكثير من الصخور الكبيرة في ملابسي، ووقفت على هذا الجرف الشاطئي الخرساني، وقفزت في البحيرة بيدي معًا كأنني أغوص في المسبح. وغرقت. حدث هذا قبل ثلاثة أيام فقط من محاولتك البائسة لتدمير ذكرياتك› ›

جاء هذا الخبر فجأة، لكن شوكُهو لم تضحك.

ذكرياتها رفضت أن تسمح لها برفض ذلك.

في الليلة التي قابلته فيها في هذه البحيرة، كانت مستلقيةً على الأرض وضغطت الريموت على صدغها كأنها تنتحر بمسدس. لكن هذا المشهد أعيد رسمه الآن بألوان مختلفة تمامًا.

«مهلا لحظة. تقصدين.... سبب قدومه في محطة الطاقة تلك في وقتٍ متأخر كان......»

وَجَدَت ذلك غريبا.

كان ممكناً أن تقابله في أي مكان في المدينة صدفةً.

لكن المنطقة 21 كانت بعيدة جدًا عن المنطقة 7 حيث يعيشون وكان معظمها في أعماق الجبال. كان [غراوند جيو] في قمة جبل، لذلك لم يكن ليذهب هناك في وقت متأخر من الليل سيرًا على الأقدام.

فلماذا كان كاميجو توما هناك؟

لماذا استطاع مقابلتها هناك؟

‹ ‹تأخر كثيرًا ولم يصل› ›

«ولهذا، زار موقع الانتحار متأسفا على ذلك.................؟»

تذكرت ما قالته كوموكاوا سيريا.

قضى كلٌّ من شوكُهو و كوموكاوا وقتًا مع كاميجو في نفس الزمن في الماضي، لكن الاتصال الوحيد بين الفتاتين كان صاحبهم المشترك. لم تطأ قدم أي منهما حياة الأخرى.

لم تعلم كوموكاوا بحادثة شوكُهو.

ولم تعلم شوكُهو بحادثة كوموكاوا.

.......ماذا لو؟

ماذا لو قضى فردٌ آخر ذلك الوقت معه أيضًا وتعامل مع حادثة أخرى غير حادثتهما........؟


‹—أنا لا أهتم بكِ حقًا أو أي شيء، لكنه ليس قويًا أن يتعامل مع وفاة أحدٍ ما. لذا إياكِ والموت. إذا أردتِ الموت، فسأزين قبركِ كما ترغبين، فلا تنسي أن تتصلي بي›


ماذا لو كانت كلمات كوموكاوا المسيئة تحمل معنًى مختلفًا تمامًا؟

‹ ‹وعندما وصل، رأى فتاة أخرى في زي توكيواداي نفسه التي لم يصل إليها في الوقت المناسب. لم يعرف ما كانت تحاوله، لكنه رأى فتاة صغيرة من الواضح أنها غرقت في اليأس. لم يستطع إلا أن يناديها. لم يرد تكرار فشله السابق› ›

تذكرت شوكُهو الصبي الذي قضت وقتًا معه عندما كانت تلقاه من حين لآخر حول مدينة الأكاديمية بعد تلك الحادثة في البحيرة.

قررت أن لا تنظر في ذكرياته.

ولكن ما كان سببها الباطني لهذا القرار؟ أما رغبت أن تجد فيه أسبابًا أو دوافع مملة وراء تلك المعجزة الصغيرة؟ هل أرادت أن تبقى صدفة وكفى؟

ربما خاف كاميجو توما عليها.

وربما رأى فيها أحدًا آخر.

‹ ‹إذن ما رأيك لماذا لم يصل إليّ وقتها؟› ›

«ماذا...؟»

‹ ‹ما له قوةٌ إسبرية، ولا له بدنٌ خارق، وهو ليس بالذكي خاصة... لكن لسبب ما، أنقذت أفعاله العديد من الناس أكثر من أي أحدٍ آخر. أعلم ذلك. ولكن إذن، لماذا لم تحدث هذه المعجزة في حالتي؟› ›

«............................................................................................................... .. أنت...لا تعنين...»

‹ ‹تلك النتيجة الملتوية ما كانت لتحدث إلا لسبب› ›

بهذه الكلمات انهارت مملكة الحلويات.

ومضت بحيرة صودا البطيخ بأكملها مثل شاشة عملاقة وعرضت تقاطعًا تراه في أي مكان في المدينة الأكاديمية.

ملأت رعشة شديدة عقل شوكُهو.

تَعَرَّفت على المكان.

كان هذا هو التقاطع الذي اصطدمت فيه بكاميجو توما على أنها "بداية خاطئة". اصطدما ببساطة، حتى بالكاد تكلما، ثم ذهب كل منهما في طريقه. بدا ذلك الاجتماع الأولي وكأنه خطأٌ ما.

لكن لابد أن شيئًا قد حدث وقتها.

شيئًا ما لم تلاحظه غريبةٌ مثلها، شيئًا ما عسى أن يتجاهله المتورطون فيه.

«قد ترك عندي شيئًا من غرضه صدفةً» تمتمت شوكهو مذهولة. «نسى هاتفًا رخيص لم أتعرف عليه كان بين الأشياء التي سلمني إياها»

‹ ‹أجل› ›

وافقت ميتسواري آيو بتعبير صعب في محياها.

بدت غاضبةً تكاد تبكي، لكنها ارتاحت أيضًا من سماع الحقيقة أخيرًا.

‹ ‹ذلك سببٌ أنه لم يصل إليّ في النهاية. نقصٌ بسيط في التواصل ضَيَّع ذلك الخلاص الهين اليسير من بين أصابعه› ›

ثم قفزت ميتسواري إلى البحيرة.

‹ ‹لستُ الوحيدة التي عانت من ‹قائمة المعلمات›» قالت كأنها تُذكّر شوكُهو بشيءٍ قد انقضى. «لقد وقفتِ في قلب حادثتك، صح؟ [ددلوك]. أولئك الطلاب المساكين حملوا كرهًا غير معقول للمستوى الخامس وظَنّوا أن مجالك الـ AIM هو السبب في نقصان نموهم› ›

«.....»

‹ ‹لكن هذا لم يكن السبب الحقيقي. ربما كرهوا الشخص المناسب، لكن قتلك لن يعيد حياتهم إلى مسارها الصحيح. مثلي تمامًا، كانوا ثمارًا قطعوها من الفرع من قرارات ‹قائمة المعلمات› التي أنشأها الكبار› ›

عندما يوضع الناس في معضلة حقيقية، فلهم خياران: التدمير الخارجي أو التدمير الداخلي.

فيهم أن يلوموا فشلهم على المجتمع ومحيطهم ويثوروا ويطعنوا ويرموا النار حتى على غرباءٍ عشوائيين باسم الانتقام.

أو فيهم أن يحملوا مسؤولية فشلهم الكاملة على عاتقهم فتأتيهم رغبةٌ في أن يكونوا "في أي مكان آخر" ولو عنى ذلك انتحارهم.

اتخذ مهاجمو [دِدلوك] قرارًا واحدًا.

الفتاة التي تدعى ميتسواري آيو صنعت آخر.

«نعم........»

في هذه الحالة، أُعيد طلاء ذكريات شوكُهو ميساكي اللامعة بألوان مختلفة تمامًا.

استذكرت محادثتهما في تلك البحيرة الاصطناعية.


‹—أنت الفتى الذي صادفني عند التقاطع والخبز المحمص في فمه›

‹—ما أكلت خبز محمص وقتها. وعلى طاري الأمر، هذا يعني أنكِ من أوصل هاتفي إلى الأنتي-سكيل. شكرا على ذلك›


ما الذي كان يفكر فيه كاميجو توما حقًا في ذلك الوقت؟

عندما قال ذلك، لا بد أنه عرف أن اختفاء ذلك الهاتف منعه من حماية حياة.

سواء صدفةٌ كانت أم لا، كانت السبب الجذري لفشله في إنقاذ الفتاة. إذن أيُّ مشاعرٍ ملأت قلبه عندما رآها تتمنى عميًا هلاكها في مكان الانتحار ذاك بالذات؟

كان عليه أن يصرخ عليها.

ولن تشتكي إذا لكمها.

فلماذا أخفاها؟ لماذا أخفاها وقلق عليها بدلاً من ذلك؟

إلى أي مدى.

فقط إلى أي مدى بلغ لطفه؟

‹ ‹أردت أن أُنقذ› ›

ذكرت ميتسواري آيو مباشرة رغبتها.

‹ ‹قد يبدو الانتحار استهتارًا وأنانية، ورغم ذلك، رغبت حقًا أن أُنقَذَ› ›

ولم يتضح مدى جدية ميتسواري في الانتحار.

هل كانت تنوي الموت حقًا أم أنها فعلت بهذه الأفعال حتى يقلق عليها أحدٌ ما؟

اِنتَظَرَت بطلها الشخصي، لكن كاميجو توما لم يظهر.

لم يأت.

وهكذا كانت تلك الفتاة الوحيدة، تلك الحياة التي خَلَّفها العالم، قد شعرت أن رمي نفسها في أعماق تلك المياه المظلمة كان خيارها الوحيد.

(......نعم)

وقالت ميتسواري إنها ستنتقم من شوكُهو لسلبها كل شيء.

وفقا لها، فإن شوكُهو قد شوهت حياتها كلها رغم أنهما لم يلتقيا قط وتجنبت التواصل معها لأنها علمت أنها ستقتل شوكُهو اللحظة التي تراها.

ترتب كل شيء في مكانه أخيرًا.

شاركا نفس الوقت في الماضي، لكن لم يحملا أيضًا اتصالاً حقيقي.

ومع ذلك، كان كل شيء آخر مرتبطًا بشوكُهو: ‹قائمة المعلمات› التي أدت إلى انتحارها، والهاتف الذي كان الزناد الأخير، وحتى تلك المكانة بجوار كاميجو توما بعد انتحارها.

ماذا لو تم عكس أوضاعهم؟

ربما تقدر شوكُهو على التعامل مع مشكلة ‹قائمة المعلمات›.

لكن ماذا عن المتسبب في فقدان هاتفه؟

ماذا لو أن الفتاة التي أعطت عن غير قصد تلك الدفعة الأخيرة ستسير بسعادة بجانب ذلك الصبي؟

(ربما لم أكن لأسامحها أيضًا. ومهما حدث، ذلك وحده لا يُغتفر)

نظرًا لأن ميتسواري كانت تهاجمها الآن باعتبارها تهديدًا حقيقيًا، فلا بد أن انتحارها انتهى بالفشل. وما إن استيقظت، تَعَلَّمت كل شيء، وذلك ما حطمها. ذلك ما أغرقها في عمق ظلام المدينة الأكاديمية فجعلها تجمع ما يكفي من القوة لتصل إلى الاستروبِلَ والفايف أوفر OS.

«أجيبيني بصراحة يا ملكة النمل»

‹ ‹واحدة فقط، آنسة نحلة؟› ›

«لماذا ارتديتِ الفايف أوفر OS؟ يمكن للوحدة المصنوعة من جِل المصممين أن تتحرك من تلقاء نفسها، أليس كذلك؟ فما كان عليكِ أن تنتفخي حتى وصل وزن الجسم ثلاث مئة كيلوغرام»

‹ ‹من الأسهل أن تري الناس على حقيقتهم إن استخفوا فيك، لذا شوهت مظهري عمدًا لـ-...› ›

«لا ليس ذلك»

قاطعتها شوكُهو.

كانت النحلة والنملة متشابهتين.

لقد طرحت السؤال بعد أن أدركت الإجابة بالفعل.

ولا بد أن ميتسواري أدركت ذلك لأنها تكلمت مستسلمة.

‹ ‹لم أستطع أن أترك نفسي تُرى بهذا الوجه› ›

كانت مغطاة بقذارة الكراهية شديدة السواد.

ولقد سمحت الشقوق في تلك الكراهية فجوة تطل فيها على الفتاة من الماضي.

‹ ‹قلتُ إن مساعدة الناس مبتغاي. قلتُ ذلك وعنيته حقًا خلال نفس الوقت الذي قضيتيه معه. ومع ذلك...بات هذا هو مساري الوحيد. ما عدتُ قادرة أبدًا أن أخبره أن ميتسواري آيو التي عرفها لا تزال تعيش بوجه حطامٍ متغير تمامًا من بقايا تلك الفتاة› ›

سمعت شوكُهو تلك الكلمات.

أكدت على أفكارها.

استوعبت جوهر هذه الفتاة.


ولذا الآن، ما عادت تستطيع التخلي عنها.

وجدت شوكُهو ميساكي أخيرًا شيئًا واحدًا سمح لها أن تفكر بذلك.


حوّلت قطار أفكارها في صوّبٍ جديد.

ظهر اختلاف واضح في الألوان ملأ رؤيتها.

هذا لم يغير شيئًا مما فعلته ميتسواري. لقد كانت مجرمة انغمست في الجانب المظلم لمدينة الأكاديمية، وغيرت جميع أنواع الوثائق، وهاجمت شوكُهو برجالٍ متنكرين في هيئة مساعدات الطوارئ، واستخدمت الاستروبِلَ والفايف أوفر OS لتدمير ذكرياتها وشخصيتها، وحتى الآن تحاول أن تأخذ حياتها.

لكن مع ذلك، تغير شيء ما داخل شوكُهو.

ربما كان نفس الأمر لذلك الصبي. هي كانت السبب الجذري لانتحار تلك الفتاة، وكانت التي أعطت دفعة أخيرة، بل إنها دنست موقع ذلك الانتحار، لكنه ربما وجد شيئًا داخل تلك الفتاة الطائشة.

كان يجب أن يكون شيئًا واحدًا فقط.

فقط شيئًا واحدًا يجعلك لا تريد قتلهم.

«اسمعي، ميتسواري آيو.»

‹ ‹ماذا؟› ›

«لعل الوقت قد فات ولا شيء أفعله الآن له أي قدرة على تغيير الأشياء»

أدلت شوكُهو ميساكي بإعلان كما لو كانت تتحدى الفتاة الأخرى.


«لكنني مع ذلك سأنقذك♪ لأنني أعرف أن هذا ما سيفعله»


فهكذا أنقذها.

ولذلك وقفت هنا اليوم من قراره.

ولذا مهما كانت بائسةً سخيفةً أو عبثيةً في نظر الغير، فقد رفضت رفض هذا الخلاص.

مهما كان.

  • الجزء 3

فكرت مرة أخرى في الافتراضات الأساسية.

وقف كل من شوكُهو ميساكي وميتسواري آيو عند بحيرة اصطناعية دائرية لمملكة الحلويات حيث بُنيَ المشهد من الكريمة وصودا البطيخ. في الحقيقة، استخدمت قوة #5 مِنتل آوت لجرّ عقل شوكُهو إلى عالم ميتسواري العقلي.

لكن...

(.....حتى لو كانت عندكِ طريقة لفعل ذلك، فأنا من المستوى 5 ذات أقوى قوة عقلية. لن يرغب أحدٌ أن يكشف عقله لي)

بحثت شوكُهو بقوة وعمق عن القطع التي تحتاجها لتحويل هذا الإحساس الضئيل إلى انتصار.

(في هذه الحالة، يفترض أن ليس لديها سببٌ على الإتيان بمثل هذه الإستراتيجية. فمثلا، ما الذي يحدث لجسدي الآن؟ لو أنها من برمجت مسبقًا الفايف أوفر OS، فلربما سحب جسدي بعيدًا فيزرع شيئًا بداخلي أو أي شيء تريده)

‹ ‹كِه كِه. إنني أقرأ كل ذلك› ›

استدارت شوكُهو محمومًا ورأت كل أفكارها تُكتب بحبر الشوكولاتة الذائب على جبال الكريمة المخفوقة.

‹ ‹ولقد تم العمل. حتى لو كافحتِ الآن، فلا مهرب لك› ›

«أصحيح؟»

ما إن قالت، ظهرت كلماتها على الجبال الحلوة.

كان لفمها والكتابة تزامن غريب كترجمات الأفلام.

«لو امتلكتِ حقًا الكثير من الوقت، فلن تحتاجي أن تكشفي عن كل شيء عن ماضيك المحرج. كان ذا قيمة لي، لكنه فعلٌ عبثيٌّ لك. في هذه الحالة، لا أتخيل إلا أنكِ كنتِ تماطلين الوقت. أرى الوضع لا يتقدم بسلاسة كما ابتغيتِ»

‹ ‹لكن هذا لا يغير شيئًا› ›

«بل سأضمن عكس ذلك»

(ما الذي تحاوله مع الفايف أوفر OS؟ تقتلني بينما لا أملك قدرة الدفاع عن نفسي؟ لا، لو أرادت لتركت الأمر لتلك المجسات القادرة على سحق سيارة. لا تعمل قدرتي على الآلات، لذا لن تكون المنتل آوت مشكلة إذا تركت الأمر للبرنامج. والأهم من ذلك أنني لا أستشعر الألم حتى بينما يفصل ذهني عن جسدي. هذا الموقف يناقض نيتها المفترضة أنها تنتقم بقتلي)

على الرغم من تسرب أفكارها، استمرت في التفكير بأسرع ما يمكن.

الجبال امتلئت بكتابات حبر الشوكولاتة فمن بعدها غزت سماء الليل الساطعة التي تناثرت فيها الحلوى.

(لذا لا بد أنها تسعى وراء شيء أبعد)

كانت تُدفن بأفكارها، لكنها لم تتردد.

حدقت في عالم ميتسواري.

(لا بد أنها تفكر في عقوبة أقسى من مجرد قتلي. ولكن ما هي؟ كيف تنوي استخدام الفايف أوفر OS لإنهاء ذلك الماضي الفظيع الذي بدأ بقائمة المعلمات فآل الأمر بإنقاذي بدلاً من منها؟)

‹ ‹لن تجدي الجواب› ›

صوتٌ أزعج أفكارها.

لكنه دفع شوكُهو إلى إدراك شيء: من الواضح أن هذا الصوت غير ضروري. كانت أفكارها تتلاشى سريعًا، لذا فإن عدم إعطائها أي معلومات جديدة سيكون الخيار الأفضل كعدوٍّ لها.

ومع ذلك تحدثت ميتسواري بهذه الكلمات غير الضرورية.

«تمامًا مثلما تُعرض كلماتي وأفكاري بحبر الشوكولاتة مع مرور الوقت، أما عدتِ قادرة على الكذب داخل عقلكِ؟»

‹ ‹هذا صحيح. وفي كلتا الحالتين، لن تَصِلِي في الوقت المناسب. فها هي هنا› ›

«....هنا؟ وليس في الطريق؟»

‹ ‹وهذا هو السبب أنكِ لم تَصِلِي في الوقت› ›

استخدمت صيغة الماضي مرة أخرى.

بعد لحظة، مرت صدمة كبيرة في ذلك العالم العقلي. ذابت مملكة الحلويات بالكريمة والشوكولاتة وكأن ضوء الشمس الشديد يغسلها من فوق.

(هذا ليس جيدًا. إنها ترمي القفص العقلي بنفسها. هذا يعني أنها ما عادت تملك سببًا أن تحتفظ بها ولقد حاصرت جسدي بالفعل في العالم الحقيقي!)

‹ ‹أريد أن أجعل ذلك الماضي ملكي وحدي› ›

ظل تعبير ميتسواري آيو دون تغيير حتى عندما ابتلعها السيل هي أيضًا.

‹ ‹لهذا السبب ذكرياتك زائدةٌ لا حاجة إليها. وإذا ما قدرتُ أن أُغيرها بالفايف أوفر OS، فعليَّ أن أجلب آلةً ذات مستوى أعلى› ›

«لا تقولي...»

كان الفايف أوفر OS جهازًا شيطانيًا أعاد كتابة المشهد المحيط بالهدف واستخدم تلك المعلومات الملتوية للتأثير بشكل غير مباشر على ذاكرتهم وحالتهم العقلية.

إذا كانت هناك آلة تفوقه حقًا، فيجب أن تكون...

«لا يمكن!»

  • الجزء 4

كان يشبه نَحلةً أو دَبُّور.

ومع ذلك، لم تكن هذه نحلة عسلٍ أو دَبُّورًا عملاقًا خلق خلية وعاش في مجموعة. كان هذا نوعًا من المخلوقات المنفردة.

كان الدَبُّورَ العَقربي.

مثل ذبابة الكركي، كان لها ستة أرجل طويلة بشكل غريب وبطنٌ نحيل. كان أبرز سماتها هي اللدغة التي تشكلت من خلال أنبوب دقيق امتد لأكثر من ثلاثة أضعاف طول جسمها. عادة، تُستخدم هذه اللدغة لاختراق اليرقات التي تأكل في شجرة ثم تضع بيضها بداخلهم.

تَصَمَّم هذا السلاح على غرار الدبور الطفيلي الغريب، وكان طول جسمه الرئيسي أربعة أمتار، وكان طول أجنحته الرفيعة ضعف هذا الطول عندما تنفرد. كان بطنها أداة نصف شفافة مملوءة بسائل لزج. لو شاهدها المرء، لربما قارنها بالتابوت لأنه واضحٌ أنه يُفترض أن تحتوي على جثةٍ بشرية.

كان هذا هو الفايف أوفر نموذج منتل آوت.

استخدمت تقنية صناعية خالصة لإعادة إنتاج ظواهر قوى المستوى 5 تمامًا، وعلى عكس الـ OS، فقد استخدمت نفس النظرية الأساسية كقوى المستوى 5. علاوة على ذلك، يُفترض أن مخرداتها تتجاوز القدرة الأصل.


وهكذا.

كانت هذه هي الورقة الرابحة الأخيرة في جعبة النملة لتحدي النحلة.

  • الجزء 5

وَقَفَ شكلٌ عملاق في وسط العالم حيث ذاب كل شيء فشكّل نمطًا رخاميًا.

كان سلاحًا طويلًا ضيقًا غريب يشبه ذبابة الكركي نظرًا بتفاصيل دَبُّور.

من المحتمل أنه بسبب هذا السلاح كانت شوكُهو وميتسواري قادرتين على "مقارنة الإجابات" في ذلك العالم الخالي من الأكاذيب.

«فايف أوفر...؟»

تمتمت شوكُهو ميساكي مذهولةً.

«لقد سمعتُ أنَّ له نموذجًا واحدًا من بعد إنتاجه لتلك #3 الحمقاء بكميات كبيرة، لكنني ما سمعتُ أن هناك واحدًا مقتبسًا مني. في الواقع، حسبتُ أنه حتى الباحثين ما اتفقوا على كيفية عمل مِنتل آوت بالضبط»

‹ ‹كِه كِه. بصراحة، هذا الشيء يخالف القواعد. أشك في أن الكبار ذو النفوذ كانوا ليوافقون على بنائه في ظل الظروف العادية› ›

«؟»

‹ ‹فهذا لا يحتوي على شيءٍ يُعيد إنتاج قوى الإسبر بتكنولوجيا صناعية. إنه لا يتناسب مع تعريف الفايف أوفر› ›

لم تفهم شوكُهو.

ذلك يعني أن هذا لم يكن أكثر من بدلة طاقة طائرة على شكل حشرة.

لكنها رفضت هذه الفكرة.

«لا، لن تُظهري شيئًا يفتقر للقدرة من بعد كل هذا»

‹ ‹صحيح جدًا. ولأصحح ما قلتيه سابقًا، لقد فهم العلماء العملية العامة التي يستند إليها المِنتل آوت، لكن التوزيع الدقيق لا يزال لغزاً. حتى مع ثلاجة مليئة بالمكونات، لن تقدري أن تعيدي إنتاج نكهة أطباق المطعم بدون الوصفة. وهذا نفس الشيء› ›

ملأ صوت ميتسواري العالم المنصهر.

‹ ‹لهذا السبب سأضعكِ داخل الجهاز› ›

«.....»

‹ ‹أعلم أنه يقلب الأولويات، لكنها الإجابة الصحيحة الوحيدة. تلك الفايف أوفر مليئة بثمانية آلاف جهاز إخراج. وبوضعك في الداخل وتفعيل قدرتك، سيمكنه مراقبة ومعرفة أي الأجهزة التي يجب استخدامها وكيفية استخدامها بالضبط. بأخذ عينة من بيانات المستوى 5 حقيقية مرة واحدة فقط، سنقدر على إنتاج مثلها بكمياتٍ لا نهائية› ›

للحظة واحدة فقط، تخيلت شوكُهو عالمًا يمكن فيه شراء المِنتل آوت في أي متجر تمامًا كالهاتف المحمول.

«......أنت مجنونة تمامًا»

‹ ‹ها ها! إذن حلالٌ لكِ حرامٌ على غيرك؟ لن يستمع إليك أحد بقولك هذا› ›

كلمات ميتسواري لم تفكر في المستقبل.

لم تفكر فيما سيحدث للعالم حتى بعد ثلاثة أيام.

‹ ‹وقد فات الأوان أن تنصدمي بهذا لأننا اختبرناها منذ زمن› ›

«ماذا؟»

‹ ‹لنتكلم عن الماضي مرة ثانية. أتذكرين [دِدلوك]، تلك المجموعة من الطلاب الذين هاجموك لسببٍ خاطئ حتى لو كان غضبهم مبررًا؟ أتذكرين عنصرًا غريبًا في أنظمة سلاحهم الكوين دايفر؟ صحيح. منعت الخوذات هجماتك العقلية عن طريق تحويل التحكم من الانسان إلى البرنامج بمجرد أن تتغير موجات عقولهم› ›

«أتقولين أنهم فعلوا أكثر من ذلك؟ هل فحص هؤلاء فحصًا شاملاً لبنية أدمغة الذين تحكمتُ فيهم ثم أرسلوا تقريرًا إلى أحدٍ ما؟»

‹ ‹في النهاية، فشلت تلك المعلومات في إنتاج فايف أوفر سليم. بعد قولي هذا، لا أعرف ما إذا كانت مشكلة تقنية بسيطة أم أن السبب في ذلك هو أن البالغين الذين قادوا المشروع قد ماتوا في انفجار حادثةٍ غير عادي› ›

كانت نبرة ميتسواري غير مبالية أبدًا.

بناءً على ذلك، قررت شوكُهو أن هؤلاء "الكبار" ليسوا أناسًا تعرفهم ميتسواري بشكل خاص وأن الفتاة لم تكن على الأرجح متورطة في حوادثهم.

‹ ‹وقرر الباقون أنهم لن يُنجزوا أبدًا حتى مع وجود بيانات من عشرات الآلاف من الضحايا. لقد أدركوا أنهم لن يصنعوا فايف أوفر حقيقية بدون بيانات من الجانية نفسها. وهذا يعني أنهم بحاجة إلى نظام لفصل قدرتك عنك باستخدام أقطاب كهربائية أو مثل هذا› ›

بُني الحاضر على الماضي، لكن كل شيء كان متشابكًا مع "تلك الأيام" شعرت أن الماضي نفسه كان ذراعًا عملاقًا يسحب شوكُهو بعيدًا.

‹ ‹سوف أكمل الفايف أوفر خاصتك› ›

هل كان ذلك انتقام ميتسواري آيو؟

هل ستملأ العالم بمِنتل آوت لتُقلل قيمة شوكُهو ميساكي إلى لا شيء؟

لا.

عرفت شوكُهو أن الأمر ليس كذلك.

لم يكن جوهر قلب تلك الفتاة مقارنتها بشوكُهو. تلك النواة كانت في مكانٍ آخر.

‹ ‹ما عاد لي مستقبل ولا يهمني من هناك الآن. لكن... في الماضي... في تلك الأيام، كنت الشخصية الرئيسية. سوف أستعيد ذلك. لست ضرورة في ذكرياتي عنه، لذا سأمحوك. سأستخدم قدرتك المنتل آوت لأحطم ذكرياتك أشلاءَ › ›

من بالضبط كانت توجه انتقامها؟

شوكُهو ميساكي؟ ذلك الولد؟ مدينة الأكاديمية؟ العالم بأسره؟

‹ ‹"تلك الأيام" لي وأنا وحدي. أنتِ لست مطلبًا هناك› ›

فجأة، ما عادت ميتسواري تُرى.

كان هذا المشهد الذائب والمتفتت هو عالمها العقلي، لذا ربما ذابت فيه.

فقدت شوكُهو موقع عدوها.

اختلطت رائحة السكرين التي يصعب تحملها أكبر فأكبر.

فقط صوت ميتسواري ملأ هذا العالم ذي النقوش الرخامية.

‹ ‹قد انتهى هذا. سيضعك الفايف أوفر في الداخل بينما أنتِ عاجزة حتى عن تحريك جسدك. وم إن تُوَصَّل الأقطاب الكهربائية بجسمك فتُسحب من قوتك، سينتهي هذا حقًا. وحتى ذلك الحين اغرقي في هذا العالم الذائب› ›

«أترينني حقًا أتركك تفعلين؟»

‹ ‹مل لكِ حيلة. عقلك منفصل عن جسدك ومحاصر في رأسي، لذا لن تقدري على تحريك جسدك مرةً حتى. ولن ترمشي. وفي الوقت نفسه، برمجتُ كل من OS والفايف أوفر أن يتحركا بمفردهما. ولا تنسي أنكِ محاصرة في مجسات OS، لذلك لا يمكنك فعل أي شيء حتى لو أمكنك الحركة. إنها مسألة وقت فقط قبل أن تدخلي الفايف أوفر› ›

استمعت شوكُهو إلى ذلك وفكرت في هذا الكش مات اليائس.

ومع ذلك، فإن كلماتها التالية ناقضت ذلك.


«أواثقةٌ أنتِ؟»


مرت صدمةٌ هائلة عبر العالم الجميل ذي النقوش الرخامية.

كان هذا مختلفًا صارخًا عن التدفق السلس السابق للذوبان.

كان هذا المشهد الغريب هو عالم ميتسواري العقلي، لذا فإن أي تغيير هنا يدل على تغيير فيها.

‹ ‹ماذا؟› ›

«أود أن أقترح عليكِ أنْ تُعيدينا في أقرب وقتٍ ممكن» قالت شوكُهو بنبرة ساخرة. «ما امتلكتُ قدرة رحيمة كافيةً لأن أتهاون، لذلك كان من الممكن أن أقتلك خطأً إذا كنتِ غير محظوظة»

‹ ‹كسششه؟! ما هو - كشششش! - يحدث هنا؟ ماذا فعلـ-...؟› ›

«ماذا يا ترى؟»

«كيف هاجمت جسدي في العالم الخارجي؟!»

«كيف يا ترى؟»

  • الجزء 6

«غاهء!!»

كما لو أنها جُرَّت بالقوة بسبب إشارات التحذير من جسدها، نهضت ميتسواري آيو على شاطئ البحيرة الاصطناعية.

كان هناك شيء خاطئ في أعضائها. بها تشنجات كثيرة ولا استطاعت التنفس صحيحًا.

للعثور على مصدر الغرابة، نظرت إلى بطنها.

عندها فقط أدركت ما كان يحدث.

«أوتـ....سايد...؟»

غرقت مجسات الأخطبوط العملاقة ذات اللون الأبيض المصفر في معدتها كأنها تقوم بلكمة على الجسم.

«آغغ؟! لماذا ... لماذا فقدتُ السيطرة على الفايف أوفر OS؟»

بالكاد قمعت الرغبة المتزايدة في القيء ونظرت ببطء.

هناك رأت #5 التي قُيّدت بشدة لدرجة أنها كانت لتبصق أعضائها. ومع ذلك، تحررت الفتاة من قبضة المجسات اللامسة العملاقة.

في الواقع، غيّر الشكل العملاق لـ OS موقعه لحمايتها بدلاً من ذلك.

«هل...سيطرتِ عليه؟ لكن هذا مستحيل. من المفترض أن تكون المنتل آوت عديمة الفائدة أمام التكنولوجيا النقية!!»

«هذا صحيح ♪»

دَوَّرت شوكُهو ريموتاً في يدها.

«إذن هنا السؤال. لقد استخدمتِ مجموعة متنوعة من الأساليب لتُحَدِّدي موقع حارساتي الإسبرات المختبئات لذلك أمرتهن بالمغادرة حتى لا تموت أيُّ إسبرةٍ بريئة. ولكن يا ترى إلى أين بالضبط أرسلتُ كل هؤلاء الإسبرات؟»

«لا تقولي...»

«عندما فكرتُ في الأمر، ما رأيته منطقيًا»

ابتسمت الآنسة الرقم 5 مع إرهاقٍ شديدٍ على وجهها.

«فهمت لماذا لا يمكن إنتاج الفايف أوفر بكميات كبيرة. فهذا كان منتجًا غير مكتمل يفتقر إلى أساس قدرة المنتل آوت، لذلك لم يثبت بعد أنه يستحق الإنتاج الضخم... ولكن ماذا عن الفايف أوفر OS؟ فقد أُثبِتَت فعاليتها ولديها مخطط تفصيلي، فلماذا لم يتم إعدادها للاستخدام العسكري؟»

بعبارة أخرى...

«الفايف أوفر OS هو نموذج أولي مع مشاكله الكثيرة التي تُحَلُّ بعد. فمثلاً، لن تقدر على استبدال المشهد تمامًا فقط من وجهة نظرك. فأنتِ تستخدمين الشاشة التي يُتحكم فيها مغناطيسيًا لتستبدلي محطة طاقة كاملة... لا، لتستبدلي المشهد كله في الوقت الفعلي. ولتحققي ذلك دون الخطأ، تحتاجين إلى مراقبة المنطقة المستهدفة بأكملها من زوايا متعددة لتَري وتتحققي من وجود أي غرائب»

نظرت ميتسواري إلى هاتفها الذكي.

«تقولين أنكِ استهدفتِ ذلك؟ هل حددتِ الأشخاص الذين كانوا "نقاط الرؤية" للفايف أوفر OS المختلفة، وهاجمتيهم، وسرقتي عدساتهم؟!»

«صحـيــح ☆»

ضحكت شوكُهو وأكملت.

«لذا. ماذا لو استحوذنا على جميع العدسات التي تشكل تلك الشبكة ذات النطاق الواسع للغاية والتي وصلت حتى إلى المناطق الأخرى؟ ماذا لو استخدمنا تلك العدسات لنجعلها تقدم تقارير ضارة؟ أيا ترى يسمح لنا ذلك بأن نتحكم في لعبتك الثمينة كأننا نسحب أوتار دمية؟»

«.......»

«غير ذلك، نحن وجهان لعملة. مثلي تمامًا، لا بد أنكِ قويةٌ بشكلٍ يبعث على السخرية ضد عقول الناس ولكنكِ ضعيفة ضد الآلات الصافية. لم تكوني تعطين أوامر مُفَصّلة للفايف أوفر OS، صح؟ بمجرد أن تُجمع البيانات التي أُرسِلَت من جميع أنحاء المنطقة معًا، ستعطين تعليمات عامة بإيماءات صغيرة وسيتولى الجهاز الباقي... في تلك الحالة، هل يمكن لشخص سيئ جدًا مع الآلات أن يتعافى من هذا حتى لو علمتِ بالذي يحدث؟»

«لن تحققي ذلك أبدًا. لدي تسعة وثلاثون "نقاط رؤية" مختلفة ينسجمون تمامًا مع المدينة وهم أناسٌ عاديون. أتحسبينني جديًا أصدق أنك حددتِ موقعهم على الفور وهاجمتهم وهزمتهم جميعًا للسيطرة على OS دون أن ألاحظ ذلك؟»

«لَـ . ـكِن»

قالت شوكُهو بكبرٍ وتعال.

«لأننا نستطيع ذلك، اكتسبنا لقب أكبر زمرة مدرسة توكيواداي الإعدادية☆»

  • الجزء 7

ركضت فتاة ذات شعر أسود أم قرنين [2] عبر الأشجار بسرعة هائلة. تجاهلت الطريق الجبلي المتعرج وانطلقت على طول المنحدر الحاد لتلك الغابة العميقة بزخم سيارة سباق.

«أعجزنا الهدف. من فضلك أعطيني الهدف التالي»


في غرفة بعيدة، تتبعت فتاة قصيرة الشعر سَبَّابتها على طول خريطة وعيناها مغلقتان.

«التالي. المنطقة 7، مخرج A2 من محطة الجبل الغربي. الهدف هو رجل يرتدي قبعة منسوجة يجلس على مقعد»


وقفت فتاةٌ ذات جعدات شعرٍ دائرية ضخمة بهدوء خلف رجلٍ يرتدي قبعة منسوجة اختلط بالمدينة وهو يعبث بهاتفه.

«مفهوم. سأُعجِزُهُ الآن»


ما عاد يهم الفتيات ما إذا كان يُتَحَكَّم بهن.

لم يهتموا إذا كان هذا سيساعد فقط الفتاة التي تقف في المركز.

ربما لم يكونوا أقوياء كفاية ليُلقبن بـ #5 أو #3 المدينة الأكاديمية.

ربما لم يكونوا أقوياء كفاية ليُسَمّوا بنجمة توكيواداي أو بملكتها.

لكن لا يمكن لأحد أن ينسى أنهن كن آنسات يافعات في مدرسة توكيواداي الإعدادية.

تلك المكانة وحدها عَنَتَ أنهن في أدوارٍ أكثر من مجرد ثانوية.

كل واحدة منهن فعلت.

كان لخلية النحل ملكة، وكانت تُدار في الغالب من قبل النحل الجنود.

  • الجزء 8

«الآن»

قالت شوكُهو ميساكي.

«سآخذ منك لعبتك هذه♪»

المشهد بأكمله تغير. مثل إيقاف تشغيل التلفزيون، تحول إلى اللون الرمادي الكئيب للبحيرة الاصطناعية في الليل. طابق هذا المشهد ذكريات شوكُهو تمامًا.

واندفعت مجسات جهاز الأخطبوط العملاق نحو ميتسواري.

«الآن، ما رأيك أن نستمتع بهذا؟!»

«...!! فايف أوفر!!»

ما إن صرخت ميتسواري آيو، اصطدمت الفايف أوفر الحقيقية التي تشبه الدَبُّور العقربي مع الـ OS المُقلد.

لم تتتبع الفتاتان الأسلحة بأعينهما.

وَجَّه كلاهما ريموت التلفاز وعدسة الهاتف الذكي نحو وجوه بعضهما.

ما بقي خداعٌ ليُلعب.

ولا حقيقة بقت مخفية.

(بالقوة الخالصة، أملك الأفضلية. لكن عقدة النقص فيها تمنحها القدرة على معرفة ذلك جيدًا، لذا لن تختار القتال بهذه الطريقة!)

مع صوت تأثير باهت، ارتطم الدَبُّور العقربي فايف أوفر بالأخطبوط الخارجي أوتسايدر (OS). وبذلك، الأنبوب الطويل السميك الذي يشبه حامل بيض دبور العقرب في ظهره قد ضرب مثل السوط في ظهر ميتسواري بقوة.

أخرج التأثير أنفاسها وأطلقها إلى الأمام.

وهي تطير في الهواء، وجهت نظرة عداء واضحة تجاه شوكُهو.

(أتريد خوض معركة جسدية بدلاً من نفسية؟!)

لقد حاصرها [دِدلوك] مرةً بنفس الطريقة.

لقتلها قبل أن تسيطر عليهم، اقتربوا منها بسرعة كبيرة قبل أن تستخدم الريموت. لقد أخذوا المفهوم إلى أقصى الحدود مع معداتهم كوين دايفر.

أمسكت ميتسواري بهاتفها الذكي بإحكام ووجهت قبضتها نحو وجه شوكُهو.

الفتاة أُطلِقَت تجاهها.

«أيتها...؟!»

صرخت شوكُهو وهي تصد قبضتها بكلتا ذراعيها.

حاولت مرة أخرى طعن الريموت على رأس الفتاة، لكن الفتاة أمسكت بذراعها على معصمها ودفعته إلى الخارج.

والآن بعد أن كُشِفت، أرجحت الفتاة قبضة هاتفها الذكي في وجهها.

يمكن للألم أن يضع المرء في حالة من الذهول.

عُرفت القنبلة الصوتية بأنها سلاح غير قاتل تُعمي الناس بوميض من الضوء والضوضاء العالية، لكن هذا التفسير لم يكن كافيًا. بمهاجمة الأشخاص بمعلوماتٍ أكثر مما يستوعبونها، فهذا يتركهم في حالةٍ من الذهول من بضع ثوان إلى بضع عشرات من الثواني. يمكن أن تنتج قبضة على الوجه ظاهرةً مماثلة.

ولم تعش شوكُهو حياة عَوَّدتها على الألم.

كانت الفجوة بين المستوى 3 والمستوى 5 واضحة، ولكن من يعلم ما سيحدث إذا استُخدِمَت قوة المستوى 3 ضد المستوى 5 في "الفجوة" القصيرة التي نشأت.

لكن...

(إذا ظننتِ أن هذا الريموت هو سلاحي الوحيد، فأنت مخطئة تمامًا!)

«أوتسايدر!!»

بدلاً من الآلة، تحدثت إلى فتيات زمرتها اللائي سرقن جميع الهواتف الذكية الأربعين تقريبًا والتي كانت ترسل كميات هائلة من البيانات حول التغييرات التي طرأت على المشهد.

بعد لحظة، تَثَـبَّـتَت مقلة عين عملاقة تشبه الهيروغليفية على جسد شوكُهو. كانت هذه هي نفس الطريقة التي استخدمتها ميتسواري. كانت إحدى مصادر الخوف التي تقاسمها الناس من جميع الثقافات والمناطق هو وجه الجميلة التي تُأرجح شعرها بغضبٍ. كان هذا أثرًا مستخرجًا من ذلك، وكان مصممًا لإثارة مشاعر الناس قدر الإمكان.

بمجرد أن سقطت ميتسواري في هذا الأمر وخَفَّت حركاتها، تمكنت شوكُهو من استخدام ريموتها.

ومع ذلك، رأت شوكُهو الفتاة الأخرى تحمل الهاتف الذكي في كف يدها لتغطية عينيها.

بدلاً من استخدام عينيها، شاهدت المشهد من خلال الكاميرا بعد ضبطه على فلترٍ ما.

«آه»

تذكرت شوكُهو أن ميتسواري قد ذكرت قصة ميدوسا عند استخدام هذا التكتيك.

في تلك القصة، ألم يُستخدم درعٌ مصقول في شكل مِرآة لتجنب نظر ميدوسا؟

«ستكونين...»

أمسكت يد ميتسوري الأخرى شعر شوكُهو الأشقر العسلي.

شدّت لأسفل لتوجه رأس شوكُهو نحو ملابسها.

«ستكونين أنتِ من تختبر هذا التحجر الرقمي!!»

«كلا...»

تصلب جسد شوكُهو بالكامل.

سرعان ما طارت القبضة التي تحمل الهاتف الذكي نحوها.

غرست في خدها، وهزت رأسها، وأفرغت أفكارها لفترة وجيزة بألم مفاجئ واهتزاز في أذنها الداخلية.

(ور . طة)

وَجَّهت ميتسواري عدسة الهاتف الذكي نحوها.

كان عدد مزعج من الأوعية الدموية ينتفخ على وجه الفتاة الصغير. على الأرجح، لقد فشلت في الهروب كاملاً من أصل الخوف الذي استخدمه الأوتسايدر.

حركت ذراعيها وساقيها كأنهما تؤكلان وكأنها تحررت من السلاسل.

كانت شرسةً معاندة.

ما عاد لها مستقبل وما لحاضرها إلا المأساة، لكن قلبها الآثم والنقي تمامًا في جوفها تمنى أن يكون الماضي كله لنفسها.

وفي هذه اللحظة القصيرة، تجاوز ذلك كل شيء آخر.


تحركت أطراف أصابعها عبر الهاتف الذكي وسقطت رؤية شوكُهو على الفور في الظلام.

  • الجزء 9

أين كانت وماذا حدث؟

لفترة من الوقت، لم تفهم شوكُهو ميساكي أي شيء.

انخفضت قدرتها المعرفية إلى حد كبير كما لو كانت نصف نائمة. لم تستطع التفكير بشكل منطقي، وحتى حواسها الخمس وإحساسها بالجاذبية كانا متذبذبين. تذبذب كل شيء من حولها وفقدت أي إحساس بالحرارة.

بعد عدة ثوان، صفء عقلها بسرعة. عندها أدركت أن المعلومات الغامضة القادمة من حواسها الخمس لم تكن مخطئة إطلاقًا.

كانت محشوة داخل التابوت الشفاف الذي شكل بطن آلة الدَبُّور العقربي القتالية العملاقة المسماة فايف أوفر نموذج منتل آوت.

كان بصرها مشوشًا، وكان إحساسها بالجاذبية ودرجة الحرارة غير واضحين بسبب السائل الأحمر الباهت الذي ملأ التابوت.

انفتح التابوت على ظهر الدبور العقربي ووجدت شوكُهو أنها لا تواجه صعوبة في التنفس على الرغم من غمرها بالكامل في السائل اللزج.

سمعت صوت فقاقيع وصوت ميتسواري المتذبذب جاء من وراء سطح السائل الغريب.

‹ ‹أنت رائعة بحق› ›

لم يكن هناك أي تلميح من المديح في صوتها.

‹ ‹بعد كل هذه الاستعدادات وحتى ببعض الصدف في مصلحتي، لم أتمكن إلا أن أضعك في حالة مغشية. واستيقظتِ بعد ثلاث ثوان فقط. لو أنكِ تعافيت في وقتٍ أقرب، لكان علي أن أمسك شعرك فألكمك مرةً بعد مرة› ›

«......»

‹ ‹لكن الحكاية انتهت› ›

مع صوت الفقاعات، غرقت يدا ميتسواري في السائل الأحمر.

وصلا نحو أجزاء مختلفة من جسد شوكُهو. سحبا معطفها ووصلا حتى إلى أسفل تنورتها، لكن لم يعد للفتاة الرقم 5 القوة للتحرك.

السبب كان بسيطًا.

‹ ‹اللعنة، أصابعي تنملت. فهمتُ الآن لماذا يحتاج السائل الموصّل إلى تأثير مخدر طفيف، ولكن كيف لها أن تَمُرَّ من بدلتي؟› ›

كانت ميتسواري تربط الأقطاب الكهربائية الطبية بشوكُهو.

منع غمرها في السائل الموصل جسدها وعقلها من المقاومة وستعطي الأقطاب الكهربائية أوامر محددة لاستخراج قوتها.

إذا كان هذا وحده هو الكيفية التي قصد بها الجهاز إنتاج منتل آوت بشكل مصطنع، فيمكن إلى حد ما أن يُطلق عليه نجاح.

لكن ميتسواري حَمَلَت نوايا أخرى.

كانت تراقب بالضبط كيف استخدمت شوكُهو أجهزة الإخراج الثمانية آلاف للحصول على الوصفة التفصيلية للتحكم في عقل شخص ما. بإرسال تلك الوصفة مرة أخرى إلى الآلة، ستعيد إنتاج قوة #5 بالتكنولوجيا الصناعية البحتة.

وسيتم استخدام تلك القوة المسروقة لمحو ذكريات شوكُهو تمامًا مع كاميجو توما.

سوف تسحق قوتها جوهرها.

‹ ‹انتهيت› ›

أخيرًا، أزالت ميتسواري يديها من السائل الأحمر اللزج.

كانت هذه الكلمة الراضية كافية لتدرك شوكُهو تدريجيًا ما كان يحدث لها.

‹ ‹حان الوقت الآن لأنهي هذا الانتقام السخيف. ستفقدين كل شيء، وستتغير كل ذكرياتك الأخيرة، ولن يتبقى لك شيء لإثبات وجود تلك الأيام أبدًا. الذكريات الوحيدة ستبقى في قلبي. فصندوق الجواهر صُنع ليُغلق› ›

«.......»

كانت محقة.

لقد خسرت شوكُهو ميساكي.

وكانت تلك الخسارة تعني أن خيارها الوحيد هو أن تفقد كل شيء وأن تعيش حياةً فارغة دون أن تعرف حتى ما خسرته.

نعم.

إذا كانت هي وميتسواري هما الوحيدتان في هذا العالم، فهذا هو الحال.

«.......بصراحة، هذا لا يصدق»

لم تكن متأكدة مما إذا كان صوتها يصل بالفعل إلى ميتسواري إلى ما وراء سطح هذا السائل، لكن ربما تكون الفتاة الأخرى قادرة على قراءة شيء ما من تعابيرها وحركات شفتيها.

«دائمًا في مثل هذه الأوقات. الجميع سيقول أنها كش مات وحتى الشخص المعني سيقبل هزيمته، ولكن بعد ذلك يظهر أحدٌ فيرفض قبول تلك الهزيمة»

‹ ‹بماذا...تهذرين؟› ›

«أما عرفتِ؟»

لم تستطع الفتاة في السائل تحريك ذراعيها أو ساقيها، لكن شيئًا ما طاف من صدرها. كانت صافرة طوارئ فضية رخيصة مربوطة بشريط رفيع.

حتى لو أحضرتها إلى فمها، فلن يصدر صوت داخل هذا السائل.

وحتى لو حدث ذلك، فلن يصل إلى مسمع أحد.

عرفت ذلك، لكنها مع ذلك وضعت شفتيها الصغيرتين على هذا الرابط لماضيها.

تذكرت كلماته.

‹—استخدميه إذا كنتِ في مشكلة. لعله يمنحني وقتا أن أُنقِذَك›

حتى عندما وصل الألم إلى طرف لسانها، ابتسمت داخل ذلك التابوت.

«ربما لن تعرفي على هذا لأنه لم يصل إليك أبكراً. ولكن في مثل هذه الأوقات تمامًا، عندما تواجه الفتاة هلاكاً نست فيه حتى كيف تبكي، فإن أحدًا ما سيأتي دائمًا مسرعًا من أجلها»

تشوه وجه ميتسواري لدرجة أنه كان من المدهش أنه لم يصدر أي ضجيج.

‹ ‹لن تأتيك نجدة› ›

«لا، ستأتي☆»

‹ ‹لا أساس لذلك ولا تلميح! ما يملك معلومات تقوده إلى هنا!! وغير ذلك، لقد فَقَدَ ذكرياته تمامًا بشكل يتجاوز أي شيء يسع لقوتنا العقلية، لذلك فهو لا يعرف من هما ميتسواري آيو أو شوكُهو ميساكي. لا يتذكرنا! لا يستطيع حتى تصوّر وجوهنا!! لذا...!!!!!› ›

«مع ذلك، سيأتي» قالت شوكُهو. «لا دخل بما إذا كان يعرف أم لا. لا يهم إذا جاءه مكسبٌ من ذلك ولا عليه أن يَتَّبع مسارًا صحيحًا لتلميحات أو بَيّنات»

لم يملك قدرة رياضية مميزة.

لم يملك عقلاً أو موهبة عبقري خارقة.

لم يملك ثروةً تلزمه لقيادة أمة.

لم يملك قدرةً استنتاجية لحل أيِّ حادثة من كرسيه المريح.

لم يملك الجمال ليُهلك بلدًا بإبتسامة.

لم يملك القوة السياسية ليُغير تاريخًا بلمسة من أصابعه.

لم يملك قوةً لا تصدق من المستوى الخامس.

لكن...

مع ذلك...

«هو بطلي»

نظرت شوكُهو مباشرةً إلى الوجه المتذبذب وراء السطح.

كانت متأكدة أنه أكثر من مجرد سائل أو مخدر من تسبب في تذبذب هذا الوجه في عينيها.

«لا يهمني كيف يراه الآخرون. وله أن يكون بطل أحدٍ آخر أيضًا. صِحَّةُ صَلاحه لا تهم. لا شيء من ذلك يغير قدرته على أن يكون بطلي... لذلك سوف يأتي. حتى لو نسي كل شيء وحتى لو ابتسم أحدٌ آخر إلى جانبه عني، فقط هذه المرة، حان دوري☆»

‹ ‹لن يأتي› › تمتمت ميتسواري.

بعد لحظة، دخلت ذراعان في السائل الأحمر اللزج مع انفجار الفقاعات.

‹ ‹لن يأتي. لن يظهر هكذا! فأنا... لم يصل إلي. لم يلحقني. لم يصل إلي في الوقت!! كونه بطلنا لا يجعله قديرًا. إذا لم تكن الظروف مناسبة، فلن يظهر. ولأنك أعقتِ طريقه، فشل بطلي في الظهور!!› ›

الأيدي النحيلة ملفوفة حول رقبة شوكُهو.

ضغطا بقوة لا تصدق.

«غاه ...غ...؟!»

خنقت شوكُهو لتوقف نفسها حتى ولو تدمرت خطتها بالكامل.

أرادت أن تشعرها بنفس الألم الذي شعرت به عندما غرقت في ذلك الماء الداكن في الماضي وهي تنتظر وصوله.

خنقت الفتاة الأخرى بنظرة شرسة على وجهها.

انكسر الشريط الرفيع حول رقبة شوكُهو وترك الرابط المادي لماضيها فمها.

صافرة الفضة الرخيصة تلك ترمز إلى علاقتها بذاك الصبي وهي تطفو بعيدًا عبر السائل.

‹ ‹لن تُنقذي! لن تأتيك النجدة! لن يصل إليكِ!! مثلما معي. مثلما فقدتُ كل شيء. الدرب الوحيد الباقي لك هو الدمار في اشتياق أحدٍ لن يصل أبدًا!!› ›

«إذن...»

مع انقباض الأوعية الدموية في رقبتها وضغط الحرارة على رأسها بالكامل، أجبرت شوكُهو على إخراج ما بالكاد كان صوتًا.

وقالت ذلك.

«مَـ، ـن... ذ،ا..ك..؟»

‹‹...............................................................................................................››

اختفى الضغط من رقبتها.

بيديها غارقة داخل السائل الأحمر، أدارت ميتسواري رأسها لتنظر إلى شيء ما.

لا.

إلى أحدٍ ما.

‹ ‹لا يمكن أن يكون.› ›

«ولم لا؟»

‹ ‹لأن هذه المنطقة 21. إنها بعيدة جدًا عن المنطقة 7 ولن يأتي أحد إلى محطة طاقة غير مأهولة في أعماق الجبال ماشيًا!› ›

«وهذا ما فعلتُه»

‹ ‹لقد اختفى كلانا من ذاكرته، ولن يفكر أبدًا في أن ينقذك، ولا ينبغي أن تكون لديه طريقة ليعلم عن هذا أو أن يتخيله حتى!!› ›

«ليس عليه أن يبدأ من البداية. وليس غريبًا أن يظهر في منتصف الطريق لينقذ أحدًا ما»

‹ ‹لم ينجح أن يصل إلي. لم يصل لأنه فَقَدَ تلميحه الوحيد› ›

«لكن...»

‹ ‹ومع ذلك...› ›

«هذا ليس كل شيء عنه.»

‹ ‹ولكن لماذا...لماذا أتى هذه المررااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااة؟!› ›

انفجر صوت هائل ورأت شوكُهو بوضوح تَشَوّه المشهد حول ميتسواري.

لقد تلاعبت قوتهما أساسًا بعقول الناس بالتحكم في رطوبة أدمغتهم. كانت التغييرات التي أحدثوها مجهرية ولا يمكن أن تُسبب أي ظواهر فيزيائية مرئية بالعين المجردة.

لكنها قلبت هذا الافتراض بغضبها.

قد تكون الظاهرة الفعلية مشابهة للتجميد المجفف. في تلك العملية، يزداد الضغط عن طريق ضغط رطوبة الهواء بينما تُزال جزيئات الماء داخل الهدف ثم تملأه بثقوبٍ مجهرية مثل إسفنجة مجففة... وهنا، أُنشِئَت منطقةٌ شيطانية تتسبب في انهيار أي كائن حي يطأها مثل الورق المعجن المجفف، وهذه المنطقة تفجرت من ميتسواري وانبثقت في كل الاتجاهات.

تَحَوَّل غبار الشاشة الذي يُتحكم فيه آليًا إلى اللون الأبيض أثناء إصدار صوت انفجار الشرر وهذا التغيير في اللون ابتلع المشهد بأكمله.

سَلَمَت شوكُهو من ذلك فقط بسبب السائل الخاص للفايف أوفر، لكن ماذا عن الشخص بالخارج؟

«.....»

مالت رأسها ببطء وبالكاد رأت ما في خارج التابوت الشفاف.

في رؤيتها المتذبذبة رأت صبيًا معينًا بذراعه معلقة من كتفه بحبال. اقتربت منه منطقة ميتسواري الشيطانية. تحول غبار الشاشة الذي يتم التحكم فيه مغناطيسيًا إلى اللون الأبيض النقي وبدأ هذا اللون يحوطه.

ما فعله ردًا على ذلك كان بسيط.

لَوَّح بتلك الذراع إلى الجانب.

ولَمَسَ تلك المنطقة الشيطانية.

تحطمت الضمادات، وانكشفت يده اليمنى، وقضى على الهجوم اليائس في لحظة.

كانت هذه علامة على عودة الصبي شائك الشعر كاميجو توما.

على الأرجح، لم يكن يعرف شيئًا.

لم يعرف ما كان يحدث هنا، من هم المتورطون، أو ما هي المشاعر التي أدت إلى كل هذا.

‹—استخدميه إذا كنتِ في مشكلة. لعله يمنحني وقتا أن أُنقِذَك›

حتى أنه لم يتذكر ذلك الوعد الصغير الذي قطعه عندما أعطاها صافرة الفضة الرخيصة. كما أنه لن يتذكر الفتاة التي اعتمدت بشدة على هذا الوعد الصغير.

ومع ذلك، سوف ينقذها.

لن يتغاضى عن فتاة تعاني أمام عينيه.

‹ ‹.....› ›

رأت شوكُهو شفاه ميتسواري تنطق "لماذا"

كانت الفتاة التي لم يصل من أجلها. كان هذا هو المشهد الذي انتظرته طويلاً جدًا جدًا لتراه. وشعرت شوكُهو أنها سمعت حقًا ما قالته تلك الفتاة عندما رأت ذلك المشهد من وجهة نظر العدو.

(قد أنقذني وكفى)

كان هذا هو فِكر شوكُهو الصادق في تلك اللحظة.

ولذا...

«هذا هو واجبك المنزلي......»

تحدثت بشراسةٍ كأنها تدفع ظهر تلك الفتاة الأخرى المرتعشة.

«....اذهبي واحصلي على إنقاذه. هذه المرة، خذي ما يكفيكِ إلى أن ترضي»

بعد لحظة، وقع اشتباك.

(صفحة المجلد)

<<الفصل السابق                        الفصل التالي>>

تعليقات (0)