-->

الفصل الرابع: سَبْعٰاتُ اَلْقَتْلِ. — اَلْخَطٰايَا _ اَلْمُمِيۤتَة.

(إعدادات القراءة)

الجزء 1

في هذا المكان الواسع والخالي من الحياة، وقفَ اثنان.

«...»

لم يلتفت كاميجو إلى هيميڠامي ذات الأنفاس الضحلة عند قدميه. لم يستطع ذلك. ما امتلك رفاهية الوقت ليفعل. لقد خاطر بحياته وأفدى كل ما لديه محاولاً إيقاف امرء ما. فإذا عاينها ولو لثانية، فإن الرجل أمامه سيبطش به.

فصل بينهما عشرة أمتار.

ضد رجلٍ يقتدر تشويه العالم بإرادته بكلمة، كانت مسافةً ميؤوس منها.

«...»

وعلىٰ ذلك، تقدّم.

ما حَمَل سببًا ليتوقف. ما ابتغىٰ الرجوع خانعًا. لم يكن يقاتل لتورطه صدفةً، لقد دخل إلى ساحة المعركة بقدميه مختارا.

«...»

لذلك، دون كلمة، دون إشارة...

بدأ الإسبر والخيميائي معركتهما سريعًا، كُلٌّ ليهزم الآخر.

«اخـ––!»

زفر كاميجو قليلاً وحاول الانطلاق عَادِيَاً نحو أوريولس. لم يفعل الثاني شيئًا ردّاً. اكتفى بإخراج إبرة طبية من جيب بدلته وطعنها في رقبته.

وقد فصل بينهما عشرة أمتار. إذا بذل جهده، لعلّهُ يقطعها في أربع خطوات—

«––اِخْــتَــنِــقْ.»

ولكن بعد أن أخذ كاميجو أول خطوة، فقد فجأة كل الزخم.

شَعَرَ وكأن سلكًا فولاذيًا اِلْتَفّ حَوْل رقبته، وتشنج مُنحنياً من الألم. أمسك رقبته بيمينه كمن عانى من سُمٍّ شربه.

كانت الذكريات التي سرقها أوريولس قد أُعيدت بهذه الطريقة، وتجنبت هيميڠامي الموت بهذا أيضاً.

ومع ذلك، لم يعد تنفسه كما كان.

لم يستطع أن يأخذ نفسًا؛ كان وكأن الغراء الفوري قد تصلب في الجزء الخلفي من حلقه.

اهدأ...اهدأ!

بينما كان كاميجو يلهث مُلتقطًا أنفاسه، حرر أصابع يده اليمنى من عنقه.

ما الذي قاله؟ اربط رقبتي بحبل؟...لا. كان أكثر غموضًا، أكثر بساطة. قال فقط أن يتوقف نَفَسي وأموت، أليس كذلك؟!

لذا تركت أصابعه عنقه وأدخلها في فمه. كأنه يُقيئ نفسه مما أكله توّاً. لمس طرف إصبعه الجزء الخلفي من حلقه؛ وعندما اجتاحت جسده رغبة قوية في القيء، سمع صوت تحطم الزجاج، وعاد إليه نَفَسُه.

كل هذا حدث في غضون خمس ثوانٍ فقط.

لكن أوريولس، الذي تَسَلَّح بكلِمِه، امتلك وقتاً للعب في تلك الخمس ثوانٍ.

بلا اهتمام، ألقىٰ أوريولس الإبرة النحيفة التي طعن بها رقبته وأعلن:

«تَـــكَـــهْـــرَبْ.»

في لحظة، وَجَدَ كاميجو نفسه محاطًا بأضواء كهربائية زرقاء شاحبة من جميع الاتجاهات.

قبل أن تقشعر عضلات عموده الفقري رعبًا، احترقت الدوامة من الشرارات عبر الهواء واتجهت صوبه.

...؟!

فجأة مَدّ يده اليمنى، على أنها لم تكن حركةً محسوبة.

ولكن، كقضيب البرق، اجتمعت الكهرباء في أصابعه الممدودة وحدها. الشرارات التي لمست يده تراجعت كثعبانٍ رأىٰ سُمّاً قاتل، لكنها بدأت تختفي بهدوء.

أستطيع أن أمحوها...

لكن نبض قلب كاميجو تسارع من الحماس أكثر من التوتر.

في المقابل، ضيّق الخيميائي عينيه قليلاً. أخذ إبرة أخرى نحيفة وغرزها في قفاه.

«اُخْنُقْه. وبعد، اِسْحَقْهُ حتى الموت.»

طارت عشرات الحبال نحوه من الأرض، محدثة أمواجًا كمثل سطح البحر. وفي لحظة التفافهم بإحكام حول عنق كاميجو، سقطت سيارة مهجورة من السقف، محدثة أمواجًا أيضًا.

أستطيع أن أمحوها...!

ولكن بحركةٍ بسيطة من يمناه، تمزقت الحبال كشرائط من الورق المبلل، وانهارت كتلة الفولاذ الساقطة عليه مثل مكعب السكر واختفت في الفراغ.

ألقىٰ أوريولس الإبرة جانباً كمن يرمي حشرة سامة زحفت في رقبته.

أستطيع أن أمحوها. أستطيع هذا. أستطيع تجنب هجماته. إن كان يعطي الأوامر بكلمة، فهذا يعني أيضًا أنه يرمي هجومًا واحدًا فقط في كل مرة. إذا بقيت هادئًا وأحسنت التعامل، فلا شيء أخاف منه!

علىٰ أن وسائل هجوم أوريولس تتضمن إعطاء الأوامر بالكلمات، إلا أن ذلك يعني أيضًا أن كاميجو سيتنبأ بالهجمات بالسماع. كان الأمر مشابهًا لسحب البطاقات سريعًا في لعبة الكاروتا. إذا قال "تكهرب"، فيمكنه أن يخمن من الأحرف الأولى "تكهـ" نوع الهجوم القادم.

لم يمنحه ذلك سوىٰ جزء من الثانية.

ومع ذلك، فإن امتلاك جزء من الثانية خلال المعارك بالأيدي ما حدثت في المقام الأول. في الملاكمة، يمكن أن تتطاير اللكمات عليك كل 0.3 ثانية. علىٰ أن قوة كل ضربة من ضربات أوريولس كانت هائلة، إلا أن سرعة هجماته لم تختلف كثيرًا عن اللكمات البشرية.

فِهم ذلك ساعده علىٰ إخماد خوفه من المجهول. أساسها هي مثلها المشاجرات ضد عيال الشوارع الذين يسحبون السكاكين من أماكن لا تُقال، وإن كانت مجرد مشاجرة صبيان.

عقد أوريولس حاجبيه قليلاً، ربما بعد أن لاحظ الهدوء في تعابير كاميجو.

«فهمت. التفسير الحقيقي—يدك اليمنى لابد أنها تمحو كل شيء، بما في ذلك تقنيتي الأرس ماڠنا.»

كان لدىٰ كاميجو شك بسيط في الخيميائي، الذي ما تزعزعت رباطة جأشه.

«إذن فيعني هذا. هو مستحيلٌ عليها أن تمحو هجومًا لا تلمسها.»

هذه المرة، ظن كاميجو أن كلمات أوريولس ستجمده حياً.

«مُسَدَّسٌ في يَدي. تَعْشيق: رَصاصاتٌ سحرية. الاستخدام: رَمي النار. الكمية: واحدة تكفي وتُوَفّي.»

بكل فرح، غرز الخيميائي إبرة رفيعة في جانب رقبته.

رمىٰ يده بخفة إلى الجانب، وفجأة، كانت تُمسك بسيف.

لِوَهْلَة، بدا سيفاً أشبه بسَيْفِ الأُمراء في كتب الأطفال، لكنه ما كان.

كان مسدساً متخفياً—بهِ قفلٌ صواني، كالذي كان يستخدمه القراصنة منذ زمن طويل، مدفوناً في عارضة السيف. [1]

شيءٌ قادم! تصلب كامل جسم كاميجو تلقائياً...

«اِرْمي اِلْـنّـارَ بِـسُرْعَـةٍ تَــتَـجـاوَزُ مَبْصَرَ اَلْــبَشَر.»

ومض سيفُ أوريولس في الهواء أمامه—وما أن رأىٰ كاميجو ذلك، دَوَىٰ صوت انفجار البارود في الغرفة. بعد لحظة، شيءٌ ما خدش خدّه، ثم اصطدمت رصاصةٌ سحرية مشعة بضوء أبيض شاحب الجدار، فتناثرت بزئيرٍ من الشرارات.

«...!»

كان بسيطاً. ضغط الزناد المدمج في السيف، ولا أكثر. لكن لم يُمكن التوقع من كاميجو أن يعترض رصاصةً سحرية تتجه صوب عينيه. تجمد في مكانه، ويده اليمنى لا تزال في موضعها.

وَتّرتْهُ أكثر من قتال الأسابر والسحرة، لأنه تخيّل بسهولة القوة التدميرية لرصاصة عادية.

كانت سرعةً مختلفة كُليّاً عن اللِمِن ماڠنا الذي استخدمته الدمية.

لم تكن مسألة قوىٰ السِّحْرِ أو الإسْبَر؛ هذه الرصاصات السحرية كانت مستحيلة على الإنسان أن يتجنبها أو يدافع ضدها. كانت موتاً كائناً.

وبنظرة رضا، ألقىٰ أوريولس الإبرة التي كانت مغروسة في رقبته.

«أنْتِـج نَفْسَ اَلْفِعْلِ اِلسّٰابِق جُمْلَـةً. جَــهِّــزْ رَمْيَ اَلنّارِ السَّريعِ عَبْرَ عَـشرِ مُسَدّساتٍ مُتنكرة.»

بمجرد أن غادرت الكلمات شفتيه، ظهر إجمالي عشر مسدساتٍ سيوف في يدي أوريولس، خمسة في كل يد، موزعة مثل مراوح فولاذية.

إذا أصابتني أحداها، فإني ميت. كان أكيدًا أن كاميجو توما لا يمكنه تجنبها أو صدها.

لازم اهرب...!

لذلك، حاول كاميجو أن يتفادىٰ قبل رَمْيها. كاد يتدحرج إلىٰ الجانب...

...ولكن فجأة تذكر شيئًا.

خلفه كانت هيميڠامي، عند قدميه بالكاد تتنفس. وكذلك ستيل المنهار جوار الحائط غير قادر على الحركة.

«يا غبي! لمَ توقفت—!»

صرخ ستيل مذهولاً، و...

«اِكْـتَمَلَ اَلْتَحْضير. لِتَبْدأ كُلُّ اُلْمُسَدَّسٰاتِ اِلْمُتَنَكّرَة اَلْعَشْرِ بِرَمْي اِلنّٰارِ تَزامُناً.»

...صوتُ أوريولس وعشر رصاصات سحرية زرقاء مشعة تصيب كاميجو في جميع أنحاء جسده حدثا في نفس الوقت.

أصابت كاميجو عشر صدمات في كل حدب كأنها لكمات حديدية.

قول أنها "طارت نحوه" لن تُنصفها. لم يستطع أن يشعر بهذا الهجوم المجنون وغير المرئي وعالي السرعة أكثر مما يشعر تجاه مقطع فيديو يتجاوز إطاراً.

«غـ...اغغ...؟!»

كانت الحسنة الوحيدة التي أنقذته هي أن الرصاصات السحرية لم تكن قوية كفاية لقتله. دفعته إلىٰ الوراء بينما تضربه القذائف العتيقة والبطيئة، وترك وراءه أثرًا من الدماء. مثل كرة مطاطية مرتدة، تدحرج علىٰ الأرض حتى اصطدم بشيء وتوقف. عندما نظر، رأىٰ جثة ستيل. [2] يبدو أنه قد دُفِع سبعة أمتار وراء.

شعر بلحمِهِ تمزق وبعظامِهِ انكسرت، لكنه كان ألمًا شديدًا لا أكثر. ما زال يستطيع الحركة جيّدًا.

ما اعتبرها حظّاً. لقد قال الخيميائي، "لن أقتلك بسهولة".

ظهر الرضا على محيا أوريولس نتيجة لذلك وأشار بكفه نحو كاميجو مرة ثانية.

«...تشه. ما هذا؟ كما بَدي من تلاعبك بالذاكرة سابقاً وتسلسل الهجمات هذا، تبدو وكأنك تُغيّر الواقع كما تشتهي بكلماتٍ قليلة.»

لكن ستيل تحدث أولاً، كأنه يمنع أوريولس من الفعل.

راحَ تركيز الخيميائي صوب ستيل المستلقي على الأرض.

«هَه. أرس ماڠنا ليست إلا قِمة الخِمياء. تبدو في نظري قدرةً معقولة نظراً لصعوبة تحقيقها الخيالية. هي آخر الدرب، ولذا هو أمرٌ طبيعي أن يصل المرء إليها إن استمر عازمًا معتزما.»

«هذا عبثي. وإن كانت الأرس ماڠنا مكتملة نظريًا، فإن تعزيمها [3] طويلٌ جدًا—لن تكفيك مئة أو مئتي سنة لإنهائها. ولا يمكنك تقصير التعويذة أكثر، وحتى لو قسّمت العمل بتمريره من الأب إلىٰ الابن إلىٰ الحفيد، فإن الطقوس ستتشوه كما في لعبة الهاتف المكسور...!» [4]

ألقىٰ ستيل نظرة سريعة نحو كاميجو أثناء قوله هذا.

أومأ كاميجو برأسه. فهمها. إذا كان أوريولس ينفذ هذه الهجمات بكلماتٍ منه قليلة، فسيكون من الآمن إذا حَوّل انتباهه وأبعده عن فكرة مهاجمتهم.

بينما كان ستيل يجذب انتباه أوريولس، قال ضمنيًا:

ابحث عن حلٍّ تهزمه فيه أيًا يكن بهذا الوقت القليل الذي أشتريته لك.

«تبدو لي مُستصعبًا استيعابها.» لم يدرك أوريولس. «هَه. لا يمكن لأحد إكمال الطقوس في حياة مئة أو مئتي عام — نعم، لو كان وحيدًا. تقسيم العمل بتمريره عبر الأجيال سيُشوه من الطقس أكيد، مثل لعبة الهاتف — نعم صحيح، لكنه ليس ضروريًا أن يُمَرّر لطفلٍ واحد.»

«...ماذا؟»

عقد ستيل حاجبيه، وتحدثت إندِكس بصوتٍ كُلّه إزدراء.

‹‹إنها الجوقة الغريغورية. إذا قمت بالتحكم مباشرة في ألفي فرد وجعلتهم يرقون التعويذة، سيتضاعف مُعدل العمل بألفين.... حتى لو كانت طقوسًا تأخذ أربعمِئة سنة، فإنك تُنجزها في سبعين يومًا!››

عملية تتم بالتوازي لا بالتسلسل.

نظر كاميجو إلى إندِكس. ظن أن ما كانت تقوله منبعه من معرفة المِئة وثلاثة آلاف جريموار في رأسها... لكن الأمر لم يكن كذلك. لم يُكمل أحد الأرس ماڠنا في المقام الأول، لذا لن يكون هناك كتاب يحتوي على حلولها. لقد استنتجت كل ذلك في رأسها بدمج معرفتها المكتسبة.

«واقعًا، نويت لو أُضَخّم التأثير بصدم التعويذات مع بعضها. سَرَّعْتُ العملية بمعدل مِئة وعشرين مرة إضافية فقط؛ لا يمكن اعتباره نجاحًا.»

جمع كاميجو ما تبقى من وعيه الممزق ونظر حوله.

تحرك جسده. كانت المسافة إلى أوريولس سبعة عشر مترًا فقط – ليست بالبعيدة كثيرًا. إذا تجنب هجوم الخيميائي بطريقة ما، فربما يكون قادرًا علىٰ الهجوم فورًا.

«مِئة وعشرون مرة... أتممتها في نِصفِ يومٍ وحسب؟!» شعر أن الفعل نفسه قد مُسِح من كلمات ستيل. «لكن هذا تجمع من الأسابر. إذا استخدمت شيئًا مثل الجوقة الغريغورية، فإن أجسادهم ستتحطم من اختلاف دوائر أدمغتهم!»

نظر كاميجو حوله مرة أخرى. ما رأىٰ شيئاً يتناسب سلاحًا. تحسس جيوبه، وعلىٰ أنه لم يكن سلاحًا، شعر بشيء بارد وصلب.

هجومين.

إذا استطاع ردع أو تجنب كلمات أوريولس مرتين، فلربما يقترب ما يكفي.

«نعم، ولكن لماذا لا تدركها؟» تشوهت زوايا فم أوريولس. «إذا تحطم شيء، فعلىٰ المرء فقط إصلاحه، صحيح؟ كما أصلحتُ تلك المباني المدمرة.»

توقف كاميجو على الفور ونظر إلى أوريولس.

استمر الخيميائي، دون اهتمامٍ كبير.

«آه، لم أخبرك بعد، ها؟ أولئك الطلاب — ما كانت تلك ميتتهم الأولىٰ.»

«يـ-يا...»

تشكل بياض لاذع في أفكار كاميجو.

طعن أوريولس إبرة في قفاه ووجّه نظره إليه مرة أخرى.

«نعم. لستُ غبيًا جاهلًا بخطاياه... نعم، هذا صحيح. خيّبت نـفسي. استمريت في الإيمان بوجود أحدٍ أردتُ إنقاذه رغم كل شيء. وعلىٰ أنني لم أكن لأتخيل أن الأمر سيصل إلى هذا!»

ألقىٰ بالإبرة بعيدًا وكأنه يزيل سمًا من جسده.

«يا ملعون!!»

ولكن قبل أن ينسج أوريولس "كَلَمَه"، وقف كاميجو.

أكد الإحساس الصلب في جيبه.

وكأنه أمرٌ طبيعي، بدأ أوريولس بقول شيء كان من شأنه أن يسحق كاميجو الواقف الآن، ولكن قبل أن يتمكن من ذلك، أخرج كاميجو الهاتف المحمول من جيبه ورماه نحو أوريولس بكل قوته.

«...مم؟»

ارتبك أوريولس للحظة — وبحلول ذلك، كان كاميجو قد انطلق راكضاً.

لم يعتقد أنه مُنهي الخيميائي بمجرد هاتف. كل ما أراده هو خلق فجوةٍ صغيرة تُمكنه من الاقتراب. وكما هو متوقع، تحول انتباه أوريولس إلى الهاتف المحمول.

«...تَوقفي يا مَقذوفة. اُسْقُط أرضاً أيها الحجر السقيم.»

في تلك اللحظة القصيرة، قد قطع كاميجو نصف المسافة. بقي أن يصد هجومًا واحدًا فقط ليضرب بهجومه––!

«المُسَدّسات المخفية في يدي مرة ثانية. الاستخدام: رمي النار. جَهِّز التنفيذ بأمري.»

ومن ناحية أخرى، كان ضرورة عليه أن يتجاوز هجومًا واحدًا آخر ليصل إليه.

ألقىٰ أوريولس المسدسات المثبتة في السيوف العشرة التي في يديه. بينما سقطت المسدسات المخفية الفارغة على الأرض بصوت قعقعة، كانت يدا الخيميائي تقبضان على مسدسات مخفية مرة أخرى، وكأنه استخدم ذلك الصوت إشارةً.

شد كاميجو وجهه مُتوتراً، وفي اللحظة التي حاول فيها أوريولس أن يعلن كلماته الحاسمة...

«إنوكينتوس!»

ولكن حركات أوريولس توقفت عند صرخة ستيل.

نظر كاميجو إلى ستيل مذهولاً. هذا مستحيل. لم يكن بإمكانه استخدام ذاك الإزعاج دون تعليق بطاقات محفورة بالرون حول الغرفة. وبجانب، كان مَلكُ صَيْدِ الساحرات يحرس السكن الطلابي لحماية إندكس... صح؟

كانت خدعة.

خدعة بلا جدوى استُخدِمت لتُطيل حياة كاميجو، ولو للحظة.

اِلتفّت نظرات أوريولس كأنها ماسورة بندقية نحو ستيل.

«طِر في الْهَواءِ أيُّهٰا اَلْكٰاهِنُ اللّنْدني،» تمتم أوريولس، كما لو كان يجهزه للإعدام. استجابةً لذلك، طفى ستيل بالقرب من السقف وكأن الجاذبية اختفت. توقف كاميجو عن الحركة رغماً عن نفسه. إذا استخدم الإماجين بريكر، سيمكنه إلغاء أمر أوريولس، ولكن السّٰاحِر كان بعيدًا بعيد.

«أيها الأحمق! لا يمكنك هزيمة أوريولس كما أنت الآن! ضَعْفُهُ في الإبر! ينبغي لك أن تعرف عن العلم الطبـ—»

صرخ ستيل بكل قوته ليذيب جمود كاميجو...

...وأوريولس، بنظرة تقتل، أمر:

«اِنْفَجِرْ أيُّهٰا اَلسّٰاحِرُ اُلرُّوني.»

بدا صوت الانفجار بالكاد كوميديًا.

كما أعلن، تضخم جسد ستيل للحظة كالبالون. فورًا بعد ذلك، انفجر جسده بعنف من الداخل. تناثرت كتلة مختلطة من الدم واللحم والعظام والأعضاء والعضلات في كل الاتجاهات المحيطة.

وصلت أجزاء من لحمه ودمه على الفور إلى السقف، ثم انتشرت من هناك مُشَكّلةً شكل قبة. غطت الغرفة الواسعة كأنها قبة سماوية — كان هذا عملاً فنيًا مصنوعًا من دم ولحم السّٰاحِر نفسه.

«...!»

وكان الجزء المرعب أن أوعيته الدموية كلها متصلة. لم تتدمر أعضاؤه. كان الأمر يشبه خريطة القطارات تقريبًا. السائل الأحمر الذي كان يضخه قلبه المكشوف مر عبر الشرايين الممدودة، ووصل إلى الأعضاء المبعثرة، وعاد إلى القلب.

لم يكن ميّتاً بعد.

رغم كونه في تلك الحالة، كان ستيل ماغنوس حيًا تمامًا.

مُجَزّأً.

تطايرت ممتلكات السّٰاحِر، البطاقات الرونية، كعاصفة من بتلات الساكورا.

أُغمي علىٰ إندِكس راقدة على المكتب من هذا المشهد المتطرف.

«...اللعنة...»

جاهد كاميجو بجنون على أفكاره التي كانت على وشك الشلل من الوضع المروع. استخدم كل ما لديه ليقتل الصرخة التي ارتفعت في حلقه. لم يطلب ستيل المساعدة، حتى النهاية. الشيء الذي أراد إيصاله إلى كاميجو، رغم معرفته بمآل الأمر... لم يستطع نسيان ذلك.

‹‹—أيها الأحمق! لا يمكنك هزيمة أوريولس كما أنت الآن! ضَعْفُهُ في الإبر! ينبغي لك أن تعرف عن العلم الطبـ—››

استرجع كاميجو كلمات ستيل.

إبرة... العلم الطبي؟

الآن وقد ذكر ذلك، كان أوريولس قد حرك يديه بسرعة كأنه يبحث عن شيء منذ لحظات الآن. الإبر الصينية التي كان يطعن قفاه مرارًا وتكرارًا... هل كان ستيل يتحدث عن تلك الإبر؟

كانت مدينة الأكاديمية تستخدم حتى العقاقير والمخدرات لتطوير القدرات. معرفة هذه المدينة بالعلوم العامة والطبية تجاوزت العالم الخارجي بعشرين أو ثلاثين سنة. كانت معرفته بإبر الوخز كأنها كلمة من مفردات اللغة الإنجليزية في اختبار مفاجئ.

بغض النظر عن تشي غونغ والألغاز الشرقية، من حيث العلم الطبي، كان الوخز بالإبر أساسًا طريقة لتحفيز الأعصاب مباشرة. يمكن أن تخفف الألم أو تتحكم في وظائف الأعضاء عن طريق تحفيز الأعصاب. قبل استخدام التخدير، كانت تُعتَبر وسيلة شبه سحرية لحجب الألم.

...لكن ما علاقتها؟

أمال كاميجو رأسه محتاراً. كما يمكن أن يتخيل المرء من حقيقة أن الإبر لا تُستخدم في الجراحة الحديثة، كانت الحقيقة أن الوخز بالإبر لا يمكن أن تحقق مثل هذه التأثيرات الدرامية في جسد أحدٍ ما. لم تكن مثل المخدرات التي يمكن أن تطلق "المحدِّدات" في الجسم أو الأفكار الفيزيائية. كان أقصى ما يمكن أن تفعله هو تحفيز الأعصاب مباشرة، لذلك لم يكن يمكن أن تفعل أكثر من تحفيز وإفراز الإندورفين، ووضعهم في حالة من الإثارة، وتخفيف القلق، لذا—

القلق؟

«غيّر اَلْمُحْتَوىٰ. أَوْقِف رَمْيَ اَلنّٰارِ مِن المُسَدّساتِ المُتَخَفّية. اِسْتَعِدّ لِلْقَضٰاءِ عَلَىٰ اَلدَّخِيلِ بالسِّيُوفِ.»

نسي كاميجو أن يستمر في الركض وكان يحدق بلا هدف في نهاية كلام ستيل، لكنه نظر مرة أخرى إلىٰ أوريولس عند سماع تلك الكلمات. المسدسات المتخفية، التي صَوّبت الموت نحوه، دارت حول يدي الخيميائي.

رغم ذلك، لم يستطع الهروب من السؤال الذي خطر بباله. الآن ومعه واحد، ظهرت العديد من الأسئلة الأخرى وجرّته إلىٰ أسفل.

نعم. هناك شيء غريب.

حدث هذا مع كل من هيميغامي وستيل. لقد قتلوا بكلمة، موت وانفجار. إذا أمكنه تسيير الأمور كما يريد، فلماذا احتاج إلىٰ مصاصي الدماء أو ديب بلود؟ إذا أمكنه جعل المستحيل ممكناً، فلماذا لم يصنع مصاصَ دماءٍ بيديه؟

نعم، فيه أمرٌ غريب بالتأكيد!

لا، إذا كان أوريولس إزارد حقًا يستطيع صنع أي شيء وكل شيء...

إذن لماذا لم تلتف إندِكس أبدًا لتنظر إلىٰ أوريولس ولو لمرة واحدة حتى؟

أرس ماڠنا النهائية، التي تُشَوّه الواقع وفقًا لكلمات صاحبها.

ما كانت هكذا.

ماذا لو كان سحرًا يُشوه الواقع عشوائيّاً إلىٰ ما يفكر فيه أوريولس؟

«مهلا... أهذا هو...؟»

قال ستيل أنه لن يكون من الصعب على كاميجو هزيمة أوريولس.

كان أوريولس يعرفهم؛ كان يعرف ستيل وإندِكس وهيميغامي. لأنه اعتادهم، كان يعلم أكيدًا أنهم حتى بقوتهم الكاملة، لن يستطيعوا التساوي معه مواجهة.

لكن كاميجو كان الاستثناء الوحيد. لم يلتقِ به إلا اليوم –– كان مجهولًا تمامًا.

«––ما...هل ألغت يدك اليمنى الأرس ماڠنا؟! غير معقول. قد قررت أكيدًا موت هيميڠامي آيسا. فهل تضم هذه اليد اليمنى أسراراً سماوية؟!»

بالطبع كان ليقلق من هذا.

وإذا كان كل شيء يتماشى مع أفكاره، فإن هذا القلق نفسه...

«إذن... هذا هو...،» همس كاميجو بدهشة فارغة. لم يكن شيئًا. الآن بعد أن فهم الخدعة، كانت بسيطة.

ومع ذلك...

«مم. منبع ثقتك الزائدة...كانت من تلك اليد اليمنى، صحيح؟»

وبينما كان ينظر إلىٰ كاميجو، طعن أوريولس الإبرة التي أخرجها من جيبه الداخلي في عنقه، نظر إليه بانتباه، وقال:

«إذن، سأبتدئ أولاً بقطع تلك اليد. يا مُسدّسات، دَوِّرُوا سيوفكم وارموها.»

لم يكن هناك صوت.

في اللحظة التي لَوّح فيها أوريولس يده اليمنى، كانت صُوَر "السيوف الخدّاعة" اللاحقة تحيط بكاميجو، دارت كشفرات العنفات بسرعاتٍ لا تصدق. بالكاد رصدها.

كان من المستحيل وصفها بأن "شيئًا" قد "طار نحوه".

في لحظة، كانت السيوف الخدّاعة في يدي الخيميائي...

وتاليها، كانت قد قطعت ذراع كاميجو توما اليمنى وضربت الحائط خلفه.

مثل سكين ساخن يقطع زبدة، قطعت ذراع كاميجو اليمنى بسلاسةٍ من كتفه.

رقصت يده اليمنى في الهواء وحيدة.

ما حَسّ بألمٍ. ما استشعر حرارة. كاميجو نظر مذهولًا –نظر مذهولًا ولا أكثر إلىٰ يده اليمنى المفصولة.

––انقطعت... يدي...؟

وهو يراقب يده تطير في الهواء...

––يقدر فعل ما يشاء، يمكنه أن يسحق قلبي بكلمة إذا أراد...

وجهه لم يتلوىٰ ألمًا أو رعبا، بل حيّره سؤالٌ واحدٌ فقط...

––لكنه اختار قطع يدي اليمنى أولًا؟

جمع تلك الأسئلة كلها في فكرة واحدة وبناها...

––علىٰ أنه ادّعي مقدرته على فعل ما يشاء.

رُش الدم الطازج من حيث قُطع، وكما لو كان يتذكر شيئًا...

––إلا أنّه عجز وخاب أمام هذه القوة في هذه اليد اليمنى.

لا ألمٌ ولا حرارة أصابته....

––ألا يقدر خلع الإماجين بريكر دون أن يقطع ذراعي مثلًا؟

دارت ودارت يده فسقطت علىٰ الأرض، محدثةً صوتًا باهتاً لحميًا مع كل ارتطامتٍ رطمت الأرض.

في تلك اللحظة، تحولت فكرته، التي وُلِدت من شكوكه، إلىٰ يقين.

الآن بما أنه يعرف ما يجب عليه، فإن بقية الحكاية بسيط.

خخ. بدا وكأنه سَمِعَ صوتاً أشبه بصوت تدوير مفتاحٍ في ناصيته.

الجزء 2

«هاهاهاهاهاهاهاهاهاههههاههاهههـ هههههههـ ههههااااااههههاهههههههااهاااههاههه اهاهاهههـ هىىـ ههه هىىـ هىىـ هىىـ هههه هههههااهاهاهااهااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااههههـ هههههههههههههههه هاهاهاهاهاهاهاهاهاههههاههاهههـ هههههههـ ههههااااااههههاهههههههااهاااههاههه اهاهاهههـ هىىـ ههه هىىـ هىىـ هىىـ هههه هههههااهاهاهااهااااااااههههـ ههاااااااااااااااااهههههههههههههه هاهاهاهاهاهاهاهاهاههههاههاهههـ هههههههـ ههههااااااههههاهههههههااهاااههاههه اهاهاهههـ هىىـ ههه هىىـ هىىـ هىىـ هههه هههههااهاهاهااهااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااههههـ هههههههههههههههه

هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه–––!!!»

في تلك اللحظة، أوريولس تراجع لا إراديًا خطوة من هذا الحدث الفجائي.

قطع يد الصبي اليمنى، ومع ذلك وَجَدَهُ يضحك.

ظن للحظة أنه قد جن جنونًا من الألم والخوف، لكن لا، ما كان إلا ضحكًا عاديًا، أتى من ثقةٍ بالفوز.

لكن العجيب الغريب كان في الواقع بقاءه طبيعيًا في هذه الحالة المتطرفة.

ما... هذا؟

أوّل ما شعر به أوريولس لم يكن الخوف بل الضنى. (لا أدري ما يفكر فيه ذلك الصبي، لكن هذه المعركة انتهت منذ زمن. لذلك، أيُّ ضنك إضافي ليس ضروريًا. سأقتله سريعًا.) باضطراب، رمىٰ إبرته التي كانت في عنقه جانبًا.

«مُسَدّسٌ مَخْفي، إلىٰ يَدِي. تَعْشِيق: طَلَقاتٌ سِحْرِيّة.
كـــــــمـــــــيــــــة: واحـــــدٌ يَـــــكْــــــفِـــــي ويُــــــوَفّي.»

لَوّح بيمينه. ردًا على ذلك، ظهر سيفٌ به مُسدس فلينتلوك مخبأٌ في الهواء الطلق. برضى عن تقنيته المثالية، واصل إعطاء الأوامر.

«الاِسْتِخْدام: سَحْق. وَفْقاً لِلْهَدَفِ اَلْأصْلي لِلطَّلْقَة اَلْوَاحِدَة، اِرْمي النّٰارَ واَسْحَقْ جُمْجُمَةَ فَرِيسَتي.»

سحب أوريولس الزناد. انفجر البارود بالطلقة السحرية وهدفت بين عيني الولد الذي كان لا يزال يضحك.

لا يمكن لأي إنسان تفادي تلك السرعة، ولا يمكن لأحد منع تلك القوة.

لن يتمكن الولد من فعل أي شيء. ستتناثر مخلفات دماغه كالطماطم ببساطة.

هذا ما كان يجب أن يحدث.

«ما...؟»

ما صدق عينيه. لم يفعل الصبي شيئا. حسب أنه قد رمىٰ الطلقة السحرية الزرقاء بدقة، ولكن بطريقة ما، في مكان ما، حدث خطأٌ ومرت بجانب وجه الصبي وضربت الجدار خلفه.

هل قدّرتُ المسافة خطأً؟ لا...

أعلن أمرًا آخر.

«اِنْسَخَ اَلْفِعْلِ اَلسّٰابِق. الاِستخدام: رمي عشوائي.
عَـشْـرُ مُـــسَـــدّسٰـــاتٍ مَــــخْــــفِــــيّــــة تُـــرْمَىٰ في نَفْسِ اِلْوَقتِ.»

سحب أوريولس عشر مسدسات مخفية من لا شيء، ورمى الرصاص من مواسيرها التي تبدو كباقة من الزهور.

ومع ذلك...

بعد أن رمىٰ الرصاصات العشر التي كان ينبغي أن تصيبه بدقة، ما كان لأيٍّ مِنها حتى أن تصيب الولد بلمسة.

أخطأت التصويب؟! لا يمكن...!

شاهد أوريولس مُندهشاً، شاهد الولد الذي تجنب الموت المؤكد مرتين.

انسكبت كمية لا تصدق من الدم الطازج من الجرح المفتوح في كتف الولد. كان الرذاذ يتطاير على وجهه أيضًا، وطُلِيَ ببقعٍ حمراء.

ومع ذلك، ما زال الولد يضحك.

ضحك كمن خرجت ظلمته من جسده كاملاً من الفجوة التي تركتها ذراعه المبتورة.

لم يفعل الولد شيئًا سوىٰ الضحك.

بدأ أوريولس في إعطاء أمرٍ ثالث للعدو قِبَلَه، لكنه تساءل:

ولكن، هل يمكن أن تُتجنّب الأرس ماڠنا ليست مرة وحسب؛ ولكن مرتين من باب الصدفة، دون في الأمر خدعة؟

تصلب الخيميائي، مذهولًا من شكوكه.

كان يعرف قوة تقنيته أفضل من غيره. ما كانت تقنيةً لطيفة تترك الغير يتجنبها من باب الحظ.

مهلا... هل يفعل شيئًا؟ هل يفعل شيئاً لا أدركه؟!

ضاحكًا فرحًا مُهستراً، لعق الولد بلسانه شفتيه كمن يذوق الصلصة.

حتى مصاصُ دماءٍ ساقطٍ لن يفعل هذا – بدا وكأنه يتلذذ بطعم دمه.

ما... هذا؟!

ما ترك لأوريولس إلا التعب والضنكة في قلبه.

ما هذا؟ ما زال يعتزم القتال؟ بهذا الجسد؟ بدون ذراعٍ يُمنى؟ لا يعقل. إن احتمالية هذا غير موجودة. قد وصل إلى نقطةٍ يموت فيها من فقدان الدم إذا تركته هنا. لا عليّ ولا خوف. ما من مشكلة. لا يمكن أن تكون مشكلة. يجب ألا تكون هناك مشكلة–!

نعم –– في اللحظة التي شعر فيها بـ "غَمّ"...

يفترض أن الصبي قد فقد كل قوته بفقدان ذراعه، لكنه تَلَفظ بشيءٍ بُطُولي على أي حال. كان وجهه مبتسمًا. وهو ينظر إلى الخيميائي مبتسما.

«خ... آغغ. وَيلٌ لك... لا مفر من تقنيتي أرس ماڠنا. لِتُوضَعَ اَلسِّيُوفُ اُلْقٰاطِعَة اَلْكَثيرة في مَواضِعِها. اِقْطَعي رأسَهُ عَنْ جَسَدِهِ عَلَىٰ اَلْفَوْر

بهذه الكلمات، خرجت العديد من السيوف العملاقة كالمقصلات من السقف فوق رأس الولد كأنها قطعت عبر سطح البحر. كل واحدة منها كانت سيفَ قصاصٍ يزن مِئة كيلوغرام. سحبتها يدا الجاذبية للأسفل، لكن كاميجو ببساطة استمر ماضيًا مبتسمًا، دون محاولة تجنبها أو الدفاع عن نفسه ضدها.

لا بأس. لا يمكنه تجنبها. سيُصاب بالتأكيد مباشرة. وإن كانت، فسوف تنهيه بطبيعة الحال. كان هذا أمري. واثقٌ إني أمَرتُه. أمَرتُه، أمَرتُه، أمَرْتُ ذلك! لذا، لا خوف علي. ما من مشكلة، وبالتالي لا حاجة للقلق!

كرر أوريولس ذلك كثيرًا في عقله. كرره مراراً وتراراً تكراراً. إذا سار الواقع كما يفكر، وحسب الطريقة التي فكر بها، فسيموت ذلك الولد. يجب أن يموت. لا درب غير ذلك... لكن كلما فكر، زادت شكوكه. وكأن هذه الشكوك أخبرت أن جميع كلماته كانت مثل الصلوات تهدئ وتكبح الضنك الكبير الراقد في أعماق الروح.

في الواقع وكما توقع، اتصلت العديد من السيوف القصاص مباشرة مع رقبة كاميجو، مع قفاه.

لقد أصابته بالتأكيد هذه المرة.

لكن جميع السيوف انهارت إلى قطع كمكعبات السكر، فقط من لمسه.

الولد كان يضحك.

كان ينظر إلى الخيميائي المضطرب – برحمة، بسخرية، بشفقة، بازدراء، بمتعة، كما لو كان يستهزئ به من باب المرح.

الولد كان يضحك...

...بتعبيرٍ يفيد أنه قد فَهِمَ بالفعل الضَعْفَ في هجومه الأرس ماغنا.

ويلٌ له. بأيّ حق...؟!

ما عاد التحفظ حاجةً. ثقب أوريولس كاميجو بشزرةٍ حادة حقودة.

«مُت وكفىٰ يا صـ––» حاول الصراخ، فشقت همسات قلبه طريقها إلىٰ عقله بهيئة ضجيج تمنعه.

(لكن هل تفي تلك الكلمة الواحدة حقّاً وزرها في قتله؟)

حاول بيدٍ ترتجف سحب إبرة، لكن عديدها سقطت على الأرض بفوضى.

ولكن الخيميائي لم يُولي ذلك أدنى اهتمام.

كما لو أن الرعب ضربه، نظر أوريولس إزارد إلىٰ كاميجو وحده. في نقطة ما، انقطعت شزرته الحادة في عينيه فصارت كالسيف الصدئ. علىٰ أنه لم يفكر في ذلك، بدأت رجليه بغرابة تقوده إلىٰ الوراء. فداس نعل حذائه على شيء وحطمه. لقد كسر كل الإبر على الأرض.

أرس ماڠنا يشوه الواقع وفقًا لأفكار صاحبه.

ومع ذلك، إذا كان أوريولس يعتقد أن هذا لن يكون كافيًا أو أن هذا لا يمكن أن يهزمه في نفس الوقت، فحتى ذلك سيُمسي واقعًا –– كان سيفاً ذو حدين.

هذا هو السبب في أنه لم يخلق مصاص دماء أو ديب بلود بالطريقة التي فكر بها. كان الأمر بسيطًا –– في مكان ما في عقله، كان قد فكر، "لا يمكنني خلق مثل هذا"، وبالتالي لم يتمكن.

كانت كلمات أوريولس مماثلة للرصاص.

ستُخلط أفكار مختلفة في عمليات التفكير. لن يمكنه إصدار أوامر حازمة بهذا الشكل. وسيكون هناك خطر الانفجار الذاتي حتى. لذلك، ثبّت صورته العقلية إلىٰ رصاصة فرماها بنطقه الكلمات. كان يعمل وفق نفس المبدأ التي تعمل به تهجئة المفردات الإنجليزية بصوتٍ عال لتذكرها.

في أصلها، كان للأرس ماڠنا سحر يعوج الواقع وفقًا لأفكار صاحبها، ليس بكلماته.

ومع ذلك، بعد أن وصل الأمر إلى هذا الحد، ارتكب أوريولس إزارد خطأ في التحكم بكلماته.

الصور الغامضة في رأسه كانت تتحول إلى واقع بمفردها قبل أن يتمكن من تثبيتها بالكلمات. لم يكن هناك فرق بين ذلك وبين مسدس يرمي نيرانه بشكلٍ عفوي، تمامًا بشكلٍ مستقل عن إرادة المستخدم.

كان لدى أوريولس طريقة طوارئ محضرة في حال وصلت الأمور إلى مثل هذا الوضع، لكن...

اللعنة، إبري... أين إبري؟ كيف أسقطتها؟ إنها لكي لا أصبح هكذا، لكي أستطيع أن أقتل الضنك والقلق الذي أحمله معي! بدونها، أنا––

شهق أوريولس.

بدونها، ماذا؟ كفى، كفى، لا تفكر أكثر. عليّ ألّا أفكر في أفكار تقودني إلىٰ حيث لا رجعة فيه!

كلما تجنبها أكثر، غاصت أفكاره أعمق في الحفرة. ما قَدِرَ أوريولس أن يكف فِكره ولو فهم ذلك. كَفُّ الفِكر يعني الاستسلام. كمثل تدحرج كرة الثلج من علىٰ الجبل، ازدادت شكوك أوريولس وبدأ يفقد هدفه.

الصبي أمامه لم يلفظ شيئا.

بلا كلمات، بصمت، راح يقترب صوب أوريولس.

وهذا بالعكس أدى إلىٰ إغراق أوريولس في أعماق الذعر.

لم يمكنه أن يوقف هذا الصبي. لم يعرف كيف يوقفه. لذلك، لم يستطع أوريولس فعل أي شيء. وقف هناك كالفزاعة، في انتظار زيارته. لم يكن هناك بديل آخر.

تالي ما عرفه، كان الصبي قِبَلَ أنفه.

ما أسخر هذا المشهد، حيث أن يقف لمواجهته مع المكتب الذي رقدت عليه إندِكس بينهما.

وحتى علىٰ ذلك، وجد الخيميائي نفسه عاجزاً عن الحرك، كأن ثعبانًا رمقه.

––فهمت. ستيل، إندِكس، هيميغامي آيسا. كل واحد منهم كان مألوفًا. لذلك، عرفت قوتهم الحقيقية وفهمت مسبقًا حقيقة أنهم لا يمكنهم الوقوف ضد تقنيتي الأرس ماڠنا. ولكن – من هذا الولد؟ هذا لقاؤنا الأول. إذا كنت لا أعرف قدراته الحقيقية، فإنني أيضًا لا أعرف ما إذا كانت أرس ماڠنا ستنفع ضده!

«يا.»

ارتعشت كتفيهِ عند صوت الصبي المفاجئ، كأن أَوْريولُس طفلاً يتلقىٰ محاضرة.

تحدث الصبي.

«أيا ملعون. أحسبت نفسك تسحق الإماجين بريكر بقطع ذراعي اليمنى؟»

شهق، امتلأت عيناه ببريق أبداه مُطلِقاً ضوءًا أحمر.

تحدث الصبي، بسعادة تغمره.

ما... مهلا، لا تفكر في الضـ––

استطاع أوريولس الصلاة (دعاء). لكنه ما استطاع الكف عن التفكير.

في لحظتها تلك....

تلك الفجوة، التي تنقصها ذراع كاميجو اليمنى...حدث شيءٌ غريب لتدفق الدم في تلك المنطقة. بدأ شيءٌ مجهول، شيءٌ شفاف، في التكشف ببطء عن شكله كنثر الدم على تمثالٍ زجاجي.

شيءٌ قفز من الفجوة في كتف كاميجو حينئذٍ، وما كان ذراعًا بشريًا بالتأكيد.

كان فك.

كان شيئًا لم يُرىٰ من قبل، إلا في الأساطير، حيث امتلك طولاً قُدِّرَ بأكثر من عشرة أمتار وذو وحشيةٍ شرسة. كان فكّاً ضخماً، هائلًا، لملك التنين – هجوم التنين.

لا ينبغي له أن يراه، حيث أنه شفاف، لكنه كان مغطى بالدم. كما لو كان ذراع الولد، فتح ببطءٍ فمه، وقد تَزَوّد بأنياب تُذكر بالمناشير.

كأنما يقول أن هذا هو الشكل الحقيقي للقوة الساكنة في ذراعه اليمنى.

أحد الأنياب اتصل بالهواء.

لا تغيير كبير حدث بشكلٍ خاص. ومع ذلك، تَعَدَّلَ شيءٌ لم يستطع رؤيته أكيد. علىٰ أن حضور الخيميائي قد ملأ الغرفة، إلا أنه اختفى الآن. كما لو أن مبادرته وملكيته في هذا الفضاء قد تَعَدَّلَت.

ماذا...

رفع أوريولس رأسه رغمًا إلىٰ القبة السماوية من اللحم البشري، التي أُنشِئت باستخدام جلد ودم ستيل ماغنوس. بدأت الفوضى المنتشرة في الغرفة ترتكز نحو نقطة واحدة... كما لو أن أمره السابق "انفجر" قد تم إلغاؤه.

لا يمكن... عاد؟ كما حدث مع هيميغامي، التي قد دمرتها–!

في اللحظة التي فكر فيها ذلك، سقط ستيل على الأرض، دون أي خدش عليه.

نخر الخوف البارد ظهر أوريولس.

بلا شك، كان عدم يقينه قد أحيا السّٰاحِر.

انتظر، هذا ليس سوى قلقٍ مني، اهدأ، امسح الضنك وسأستطيع مسح هذا الشيء السخيف––!!

بينما يعض بيأس الإرهاب الذي كاد يخرج قلبه، حاول أوريولس مقاومةً أخيرة. لابد أن هذا السيناريو ليس أكثر من شيءٍ أنشأه ضنك وقلق أوريولس. لذا إذا هدأت نَفْسُه وتخلص من هذا القلق، ينبغي أيضًا أن تختفي القوة الغريبة في الولد.

ولكن الضوء في عيون التنين الملك الشفاف كان يشزره بهدوء.

كان هذا كل ما احتاجه أوريولس لأن يُخيل له أن رؤيته تتلاشى من الرعب وحده.

لا أقدر... ما من حل...

في الحال بعد أن فكر في ذلك، فتح ملك التنين فَكّه على أوسع ما يمكن وابتلع الخيميائي من رأسه إلىٰ قدميه.

(صفحة المجلد)

<<الفصل السابق                        الفصل التالي>>

تعليقات (1)

  1. ft382878@gmail.com
    توما 🔥🔥🔥🔥🔥🔥🔥🔥

اختر اسم وأكتب شيء جميل :)