-->

الخاتمة: واحِدٌ فقط — ID_Not_Found

(إعدادات القراءة)

عندما فتح كاميجو عينيه، كان في غرفة مظلمة في المستشفى.

استطعم الغرابة في شفتيه، أكان مُخَدرًا؟ نظر حوله دون أن يحرك رأسه. كانت نفس الغرفة الخاصة، ويبدو أن ساعتهم كانت في منتصف الليل. كان الصوت الوحيد في الغرفة الهادئة هو ضجيج المكيف الطفيف. بما أنه لم يلاحظ وجود لافتة تغيير الملابس أو فاكهة بجانبه، استنتج أنه ما مضى وقت منذ أحضروه. نعم، ما كان في الغرفة شيءٌ يذكر عدى جلوس ميساكا إيموتو على كرسي جوار سريره—

«نعم؟!»

كاد يقفز من شدة المفاجأة، لكن جسده المخدر رفض التحرك.

تغطت هيئة ميساكا إيموتو بالضمادات، وقد سمع أيضًا مواءَ قطة، أكانت الهريرة السوداء نفسها؟ لم يستطع رؤيتها من هذه الزاوية. ربما كانت تلعب تحت السرير.

أخيراً، لاحظ أنّ يَدَيْ ميساكا إيموتو تمسك بيده.

لم يكن الأمر مهمًا حقاً، لكن ميساكا إيموتو رفعت يَدَيها إلى صدرها. نعم، نفس اليَدَين التي تمسكان يد كاميجو، ولقد كانَ علىٰ بُعَيد شعرةٍ من أن يلمس نُتُوءًا مُعَيّناً.

«مي-مي-مي-مي-مي-ميساكا...؟ ماذا؟ غريب، كيف لحدثٍ سعيد أن يُصيبني؟ لا أذكر أنني فعّلت أي عَلَمٍ جديد في هذا المسار!»

ماءت الهريرة السوداء من تحت السرير مذهولةً من صرخة كاميجو.

«"...كلماتك غير مترابطة كالمعتاد. فقط لتُوضح ميساكا الأمور، أنت الذي أمسكت بيدَيْ،" تقول ميساكا بحروف "كانا" حديثة لتُسهل الفهم.»

«كذب! لا يمكن أن أكون بهذا البئس حتى أمسك صدر فتاة بعد أن كدت أموت تحت تأثير المخدر! هذا كذذذذببب!»

وَدّ كاميجو لو يصرخ ويضع يديه على رأسه، لكن جسده أبى الحركة.

«؟» حدقت ميساكا إيموتو بتعبير لا تفاعلي. ثم تحدثت بعد أن شاهدت تصرفه المخزي. «"كل ما فعلتَهُ هو إمساك يد ميساكا،" توضح ميساكا بمساعدة. "كانت ميساكا هي من وضعت يدك في هذا الموضع، لذا لا ترىٰ ميساكا خطأً يقع عليك،" تُجيب ميساكا.»

«...يا أميرة. لمَ تفعلين شيئاً كهذا؟»

«"كانت ميساكا تقيس موجات دماغك ونبضك عبر مجالك الحيوي الكهربائي،" ترد ميساكا. "ليس فيها أيُّ معنى جنسي مُحَدّد."»

جنـ—؟! ظنّ كاميجو أن نَفَسَهُ يتوقف، لكنه فجأة أدرك شيئاً.

ماذا؟ مهلا، أيعني أنني الآن ألمسُه...؟ يدي تلمسه الآن؟ لكني لا أشعر بشيء بسبب المخدر! آخ، تباً، لا أستطيع حتى تحريك إصبع، تبااااااااااااااا!

«ي-يا لحظي...!!»

«"غريب، لا ترصد ميساكا أي تشوهات في مركز نطقك،" تقول ميساكا مقدمة أسباب قلقها.»

نظرت ميساكا إيموتو بجديتها المعتادة.

الهريرة السوداء تحت السرير ماءت نعسانة.

استسلم كاميجو لجهوده الخاوية فنظر مجددًا إلى ميساكا إيموتو.

«حسنًا، أهم شيء أننا خرجنا من تلك أحياء.» قالها ممازحًا، لكنه قَصَدها حقاً. وإن لم يكن، فما الذي خاطر بحياته لأجله من الأساس؟

«"بخصوص هذا،" تُجيب ميساكا»، قالت وهي تداعب الهريرة. «"لن تقدر ميساكا على العودة معك إلى نفس العالم،" تُعلن ميساكا بوضوح.»

ارتعشت كتفا كاميجو. ألا تزال التجربة مستمرة؟

«"لا، ليس هذا... يبدو أنه قد تقرر أن التجربة ستنتهي مع هزيمة أكسلريتر،" تقول ميساكا موجزة.» توقفت هنا للحظة. «"المشكلة التي تواجهها ميساكا الآن هي قضية جسد ميساكا،" توضح ميساكا.»

«جسد؟»

«"نعم. أنا أساسًا نسخة مستنسخة من خلايا جسد الأخت الكبرى، وجسدي تَحَفّز لينمو سريعًا من خلال مجموعة متنوعة من الأدوية والعقاقير،" توضح ميساكا، ثم تكمل. "للمستنسخة عمر قصير من الأساس، وتلك الأدوية تقلل العمر أكثر،" تقول ميساكا وتسألك إن كنت تفهم.»

«...»

كان عاجزًا عن الكلام.

لأن ذلك كثير. لقد جمع الجميع قوتهم ليسحبوا ميساكا إيموتو من الجحيم، ومع ذلك كان وقت حياتها محدودًا منذ البداية؟ ومهما اتخذت من خيارات وكيف تقدمت، لن تستطيع أبدًا أن تكون مع الجميع؟

لقد قاتَلَت دون أن تعبر عن كلمة واحدة شكوى...

والآن، مهما حاولت، ما بقت لها حيلة تفعلها مهما ناضلت؟

«"لذا ستعود ميساكا مؤقتًا إلى معهد الأبحاث وتخضع لتعديلات على هذا الجسد... أتسمع؟" تسأل ميساكا وتحدق.»

«ها؟ تعديلات؟»

«"نعم. من خلال تعديل توازن الهرمونات الذي حث على نموّي السريع في الأصل، ومن خلال ضبط معدل تكاثر الخلايا في نواة الخلية، من الممكن استعادة مقدار مُعَيّن من الحياة،" ترد ميساكا. "...مرحبًا؟ لم تترجم ذلك لتعتقد أن القصة انتهت، أليس كذلك؟" تطالب ميساكا.»

«تلك التعديلات... ستجعلكِ أفضل؟»

«"...أشعر بأن هناك تلميحًا بأنك لا ترىٰ ميساكا تتحسن،" تقول ميساكا وفيها غضبٌ.»

ثم ماءت الهريرة السوداء تحت السرير.

أخذت ميساكا إيموتو المخلوق المرتعب، ثم راحَت نحو الباب تقول. «ميساكا ذاهبة.»

«آه، تمهلي. تذهبين الآن؟»

«لا عليك» ردّت دون أن تستدير. «"سنلتقي قريبًا،" تؤكد ميساكا.»

«لا بأس إذن» قال مغمضًا عينيه.

لا بأس حقاً. أن يتركا وعدًا خاصًا قد يُبدي الأمر وكأنهما لن يلتقيا مرة أخرى. إذا أمكنهما رؤية بعض قريبًا—إذا كانت هي تؤمن بهذا حقًا—فإن هذه الكلمات الأكثر عفوية هي الأفضل.

لم تنتهِ القصة هنا.

سيواصلون حياتهم حتى تُمسي أحداث اليوم ذكرى لا تهم.

سمع كاميجو صوت إغلاق الباب عبر ظلام عينيه المغلقتين.

ثم غسله النعاس الناتج عن مخدرات الأدوية.

لكن مع ذلك، ابتسم كاميجو، حالماً باليوم الذي سيلتقيان فيه مرة أخرى.



عندما استيقظ تالياً، كان الفجر قد بزغ في غرفة المستشفى.

«أوه، قُمت؟»

كانت ميساكا ميكوتو هي التي قالت هذا. وجهها كله تعب، لكنها تمكنت من الابتسام.

«هاك، أحضرت لك كعكة هدية. اخترتها من تلك الغاليات في قبو المتجر الكبير، لذا أحسبها جيدة، على الأقل، أظن؟ لا تنسى أن تخبرني كيف هي. وإن كانت سيئة فلن أذهب إلى ذاك المتجر ثانية.»

«مم، أتدرين، الكعكات المنزلية هي الأفضل.»

«...أيُّ شخصية تحسبني بالضبط؟»

«لا، لا، قصدتُ مثل تلك الشخصية الخرقاء التي تجتهد –وهي خرقاء– لتصنع في الأخير كعكةً مخبوصة؟»

«مرة ثانية، ماذا تحسبني؟!»

قضى كاميجو وميكوتو وقتهما يتشاجران كعادتهما. كان سعيدًا بأنهما رجعا إلى العالم العادي، ويقضيان وقتًا عاديًا.

«أوه، صح. جاءت ميساكا إيموتو هنا في منتصف الليل.»

أخبرها بما حدث وقتها. حول كيف أن ميساكا إيموتو ستعود إلى وكالة بحث أخرى لفترة ليصلحوا جسدها وكيف وعدت بأن تعود إلى كاميجو مرة أخرى.

«همم.»

اكتفت ميكوتو بهذا.

ضيّقت عينيها كما لو كانت تراقب شيئًا مهمًا، ولكن في نفس الوقت، كان هناك ظل في وجهها.

تمكنت ميكوتو من إيقاف التجربة.

وتمكنت من إنقاذ حياة ما يقرب من عشرة آلاف أخت.

ومع ذلك، لم تتمكن من إنقاذ الآخرين.

بسبب خريطة الحمض النووي التي قدمتها بلا مبالاة، وُلِدت عشرون ألف أخت فقط ليُقتلوا. من المحتمل أن يكون هذا هو الشيء الذي سيظل يثقل كاهل ميكوتو لبقية حياتها. حتى لو لم يلومها أحد على ذلك، حتى لو غفر لها جميع من في العالم، فإنها ستظل تحمل هذا العبء ما دامت حية.

«لكن، كما تعلمين» قال كاميجو، وهدأت ميكوتو ونظرت إليه.

عيناها بدتا مثل عيني طفل تُرك وحده في مدينة غير مألوفة. لم يستطع تحمل النظر إليهما.

«لو لم تقدمي لهم خريطتك الجينية، لما وُلِدت أي من الأخوات في المقام الأول. كان هناك الكثير من الأشياء الفاسدة في تلك التجربة هذا أكيد، لكن أعتقد أن عليك أن تفتخري على الأقل بأن أخواتك وُلِدن في هذا العالم.»

صمتت ميكوتو لفترة.

أخيرًا تحدثت، بصوتٍ كصوت طفلة تكاد تبكي:

«...حتى لو قُتلت أكثر من عشرة آلاف أخت بسببي؟»

أجاب كاميجو بالإيجاب.

القول بإن شيئًا ما صعب، والتفكير في أن شيئًا ما مؤلم، تلك أشياءٌ بسيطة يمكن لأي أحد القيام بها. ولكن ما عسى لِلّذين لم يولدوا بعد أن يعلموها.

«لذا أنا واثقٌ أن الأخوات لا يكرهونك. كانت التجربة فاسدة تمامًا، لكنني أظن أنهن سيشكرنك على الأقل لولادتهن.»

اختنقت ميكوتو من كلامه.

رؤيتها بهذا التعبير صنعت على وجهه بسمة صغيرة، رغم تأثير المخدر.

«لذا لا بأس أن تبتسمي. لن تريد الأخوات منكِ أنتِ بالتأكيد أن تحبطي. الأخوات اللواتي أردتِ حمايتهن ليسوا بتلك السطحية ليرضَين بدفع آلامهن وجروحهن إلى أحدٍ آخر، أليس كذلك؟»



المرة التالية التي فتح فيها عينيه كانت من أجل وجبة خفيفة في الساعة الثالثة.

ومع ذلك، لم يستطع أكل الكعكة التي أعطتها له ميكوتو.

السبب في ذلك هو أن إندكس كانت تحدق فيه بينما كان مستلقيًا على السرير، تنظر إلى عينيه من مسافة صفرية.

«توما، أما عندك شيءٌ تقوله؟»

«..................................................................أمم، صباح الخير؟»

فوراً، عضّت قمة رأسه. قفز جسده على السرير كما لو كانت أسنانها مسدس صعق. لِكَمْ ستبالغ حتى ترضى هذه؟ كانت إندِكس في طور القتل بالكامل وخرجت صرخة من شفاه كاميجو كقطة دوس على ذيلها.

«انتظري! انتظري لحظة! جسدي مُهلَك كثيراً هذه المرة حتى أتحمل المزاح، تمام؟! وأيضاً، لماذا لا تتصرفين قليلاً كرَبّة منزل وتقلقين عليّ قليـ—»

«قلقت عليك!» صرخت إندكس، مقاطعة إياه.

لم يتمكن من منع نفسه من أن يشهق لسماع صوتها، بدت وكأنها طفلة مشاكسة.

«...قلقت...عليك» كررتها ثانية.

أفرجت أسنانها عن رأس كاميجو، ثم لفت ذراعيها حوله كما لو كانت تعانق وسادة.

فكر كاميجو للحظة.

لو انقلب الحال، فماذا كان سيشعر حينها؟

لو أن إندِكس هي من ذهبت دون علمه، وفعلت الجنون، ثم أدخلت إلى المستشفى. كم كان سيلوم نفسه لو لم يتحدث معها وبقي في قوقعته الصغيرة ينتظر؟

«آسف.»

«لا بأس» ردت إندكس، ثم أفرجت عن ذراعيها من رأسه وابتسمت.

كان هذا هو الفارق الحاسم بينهما.

كانت إنسانة تستطيع الضحك عند هذا بدل الغضب.

«ويا توما، مرة ثانية، مرة ثانية، مرة ثانية دخلت في مشكلة لوحدك. إذا لم تتعلم ولم تأتي تشاورني، فلعلي أوبخك بجدية.»

ضحك كاميجو بصوت عالٍ ليتهرب منها.

في النهاية، كان لا يزال يخفي أمر فقدانه الذاكرة.

«هفف، طيّب، لن يفيد قول المزيد، لذا لا بأس. في النهاية، ما الذي قاتلت لأجله هذه المرة يا توما؟»

«همم؟» قال كاميجو ليتأكد مما قالته إندكس لحظةً، ثم أجاب.

«من أجلي، بالطبع.»



بهذا الشكل، بدأت أيامه العادية من جديد.

سيمشي كاميجو توما في نفس الطريق الذي مشاه دائمًا، دون أن يلتفت إلى الماضي.

سواء أدّى طريقه إلى حلم مشترك مع ميساكا إيموتو أم لا، لم يهمّه.

كل ما يهم هو أن مستقبلاً بهيجًا سعيد ينتظر ميساكا إيموتو لدرجةٍ يفاجئها.

(صفحة المجلد)

<<الفصل السابق                        الفصل التالي>>

تعليقات (0)