-->

الفصل 09: ضد"الذي حمل الأجنحة البيضاء والسوداء والذي عارض العالم". الجولة_01

(إعدادات القراءة)

انتقال بين الأجزاء

  • الجزء 1

مشى كاميجو توما وأوثينوس عبر الثلج الأبيض. ويبدو أن طريقاً أسفلتي كان تحتهما، لكن كثرة الثلج غطته فما عاد يُرى. كانت الأرض سَهلاً أبيض مع أشجار صنوبرية بارزةً هنا وهناك، ومثلها الإشارات المرورية، لكنهما لم يريا منازل أو حتى أعمدة الهاتف.

تحدث الصبي بانزعاج حيث تراكم ثلج قليل في شعره الشائك.

«لماذا الكثافة السكانية في أوروبا عشوائية هذا الحد؟ في المدن الكبيرة، تتكدس المنازل معًا كأنها صندوق ألعاب الأطفال، ولكن سرعان ما نرى هذا المشهد الفارغ بمجرد أن نغادر المدن.»

«بالحديث من معايير العالم، اليابان كذلك دولةٌ غريبة. لن تجد كثيرًا دولة جزرية حيث تعجز عن رؤية الأفق فيها.»

فكر كاميجو أن الأفق سيكون مرئيًا في هوكايدو، لكنه تخلى عن هذا الباب من التفكير ما إن وصلته صورة الرامن الدافئ في ذهنه. أثناء سيره في هذه البيئة القريبة من القطب الشمالي بزيه المدرسي، شعر أن قلبه سينكسر إذا فكر أكثر في الطبق الثلاثي المصنوع من الملح والزبدة والذرة.

«أين نحن أساسًا؟»

«هيورينغ (Hjørring) ...لا، ربما نكون أبعد من ذلك بقليل. فيكَ أن تراها على اللافتات، صح؟»

«وأين نذهب؟»

«منطقة كفيرندروب (Kværndrup). على وجه التحديد، قلعة إغيسكوڤ (Egeskov) التي تطفو فوق بحيرة.»

«............................................................................................................»

ما عساه إلا أن يعطي ابتسامةً متصلبة.

لحسن الحظ، استوعبت أوثينوس-تشان بسرعة.

«لا تخبرني...»

«لا أعرف أيًا من ذلك! ولما قد أعرف!؟ لا تتوقعي من طالب المدرسة الثانوية اليابانية العادي أن يرسم خريطة للدنمارك!!»

«أوه، اللعنة. هل علي أن أشرح لك الدنمارك نفسها؟» استخدمت يدا واحدة لتلعب بشعرها ثم تنهدت بضيق. «اسمع. الدنمارك بلدٌ يقع شمال ألمانيا. تتكون من شبه جزيرة كبيرة على الحدود مع ألمانيا وما يقرب من 450 جزيرة. قد يبدو لك أن شبه الجزيرة هو الجزء الرئيسي، لكن العاصمة كوبنهاغن تقع على إحدى الجزر.»

«صحيح، صحيح.»

«إنها جزء من الناتو والإتحاد الأوروبي، لكنهم ما زالوا يستخدمون عملتهم الخاصة من الكرونة والأور (krone and øre) بدلاً من اليورو. هذه مشابه للجنيه الإسترليني. هذا يوضح لك كيف ينأون بأنفسهم عن الأمم المجاورة، أترى؟»

«صحيح، صحيح.»

«لغتهم الرسمية هي الدنماركية، لكنهم يفهمون الإنجليزية. في الجنوب، يفهمون الألمانية أيضًا. من السهل أن تحسب أن صنعتهم الرئيسية هي معالمهم السياحية، لكنهم في الواقع يركزون أكثر على التصنيع مثل بناء السفن والصناعات الثقيلة. هم بروتستانت في المقام الأول، لكن فيهم عددٌ لا بأس بهم من الكاثوليك أيضًا. هم يعتبرون الميثولوجيا الإسكندنافية مَوردًا مهمًا لمعالم المدينة، لكن لا أحد تقريبًا يؤمن بها. فَكّر في الأمر على أنه شبيه بـ ستونهينج.»

«صحيح صحيح.»

«بالمناسبة، أريد أن أتحقق من شيء. لا أشك فيك، لكن هل تستمع إلي حقًا أيها الوغد؟»

«إيه؟ حسنًا...» بدا كاميجو محتارًا. «كنت أفكر أنه لابد أنكِ تحبين الشرح، تمامًا مثل إندِكس و بيردواي. لذا فقد غيّرتُ إلى نمط المُستمع إلى كل شيء بدلاً من المقاطعة.»

«ماذا؟»

«أوه، لا عليكِ مني. كملي، كملي.»

«أحسبتَ أنني أخذتُ وقتي في الشرح لمصلحتي ومنفعتي!؟»

«تمهلي، أوثينوس!! لا تمسكيني في وضعية القفل وأنتِ تلبسين "النمط الجديد من البيكيني" هذا الذي من شأنه أن يُصدم حتى المصارعات! سيلحق بكِ ضررًا أكبر في اللاررغ-ڤواه!!»

حتى مع ضغط رأسه أسفل ذراع الفتاة الناعمة تحت الإبط، ظل كاميجو توما رجلاً محترمًا.

ولكن بمجرد أن وصل الضغط الأشبه بأداة المِلْزمة بعد ثوانٍ قليلة، أدرك أن لديه مخاوف أخرى.

«أباه!! أبابابابااباه!؟»

«نحن في هيورينغ بالقرب من الطرف الشمالي لشبه الجزيرة بينما تقع قلعة إغيسكوڤ على الجزيرة الجنوبية. فينا أن نسافر على البر فوق الجسور، لكنها لا تزال ثلاث أو أربعمئة كيلومتر، فما الأمر؟ لماذا تتشنج هكذا؟»

بمجرد أن أطلقت أوثينوس أخيرًا سراح كاميجو توما، كان يعرج تمامًا، لكن فتاة الرقعة تجاهلته.

«سنسير جنوبا بناء على رأيك، وهي مسافة يصعب للإنسان قطعها.»

«إذا كنتِ ستنقليننا بشكل ملائم عبر الكوكب، فلماذا لم تقربينا أكثر؟»

«لا تستغبي. كم عشرات الآلاف من الكيلومترات برأيك أخذتنا تلك التعويذة؟ ما هذا إلا هامش خطأ صغير. حقًا، عليك أن تثني على مهارتي أننا لم نصطدم بجبال الهيمالايا في الطريق ولم نلقى في وسط المحيط.»

«سؤال سريع: سابقًا، هل حاول الأعضاء الآخرين في غريملين فعل كل ما في وسعهم ليمنعوكِ من استخدام هذه التعويذة، ولو بقليل؟ هل أصروا على استخدام القوارب والطائرات أثناء السفر؟»

«اخرس. ولنعد إلى موضوعنا. كيف تنوي السفر بأمان ثلاث أو أربعمئة كيلومتر؟ لربما أنشأت قوات التحالف شبكة بحث ونحن نتحدث.»

«لدي بالفعل فكرة بهذا الشأن.» كان كاميجو لا يزال مستلقيًا على الثلج. «سرقة سيارة أو دراجة سيسهل عليهم التعقب وأكيدٌ أنهم يراقبون وسائل النقل العام مثل الحافلات والقطارات، ولكن المشي لمسافات طويلة مفيدٌ بشكل مدهش. كل التركيز سينصب على السائق في نقاط التفتيش وسيخفضون الحذر إن تعلق الأمر بالركاب.»

«هل تعلمت ذلك خلال الحرب العالمية الثالثة؟ لكن هذه المرة كلانا مطلوب في جميع أنحاء العالم.»

«أتكون هذه مشكلة كبيرة حقًا؟ بعيداً عني، كم من الناس يعرفون أن "إله السحر أوثينوس" هي في الحقيقة فتاة؟ ربما كان هياج غريملين قد كشف وجود السحر بالكاد، ولكن للأفضل أو للأسوأ، لابد أن ينظر الجانب السحري إلى وجودك على أنه سريٌّ للغاية. إذا كشفوكِ للناس، فلربما يطمع فيكِ المزيد. لا أتخيل حقًا أن الكنيسة الأنجليكانية أو الكنيسة الكاثوليكية الرومانية توزع معلومات عنك هنا وهناك.»

مع ذلك، كانت خطتهم هي السفر جنوبًا سيرًا على الأقدام وأن يطلبوا توصيلةً كلما رأوا سيارة.

كانت بالضبط خطةً سخيفة لممثل كوميدي شاب في بلدٍ أجنبي.

كان لأوثينوس شكوكها، لكن وجه كاميجو توما كان خاليًا من القلق بفضل تجربته في السفر من إنجلترا إلى روسيا وهو يتحدث اليابانية فقط مثل امرأة عجوز من كانساي. كان إما معتادًا جدًا على السفر أو غبيًا جدًا.

ولكن...

«لا أرى شيئاً أبدًا.»

«لا، لا شيء.»

«ما رأيتُ سيارة واحدة منذ فترة حتى الآن.»

«هذ-هذه ورطة. أسناني تطقطق من البرد. ما البلد الذي ينتمي إليه كلب فلاندرز؟ أشعر وكأنني أختبر النسخة الأصلية من ذلك.»

«لا عليك. فذلك من بلجيكا.»

«أشوى.»

«الدنمارك هي موطن فتاة الكبريت.»

«يا ربي. هذه خمسين أو حتى مئة خطوة في عالم المأساة!!»

بدأت أوهام الملح والزبدة والذرة تظهر في مؤخرة عقله مرة أخرى. قد يؤدي ترك المرء حذره أثناء إشعال الكبريت إلى أن تُسلب روحه. الذي أُصيب بحروق شديدة يجب ألا يُعطى الماء ليشرب، وهذه هي النسخة المعاكسة لذلك.

تمايلت قبعة الساحرة الكبيرة لأوثينوس وهي تُميّل رأسها.

«إن كنت جائعًا، فابحث في ذاك الكهف هناك. كما هو الحال في البلدان المغطاة بالثلوج، دائمًا ما تكون الدببة قريبة.»

«إنما هذا يزيدها سوءًا!! مستحيلٌ أن يكون موتي مسالمًا فيها!!»

حتى وهما يتجاذبان الحديث، لم يتخليا عن الحذر فيما يتعلق بمحيطهم.

كانا على علمٍ بمن يلاحق، لكنهما لن يتوقعا الهجوم القادم.

بدأ بوميضٍ من الضوء أبيض في الأعلى مباشرة.

  • الجزء 2

فتاةٌ في الإعدادية تُدعى أمانو كاغويا تجاهلت الجاذبية وهي تطفو في وضعية الجنين. كان شعرها الأسود الطويل العتيق وزيّ كيمونو الجُنِهِتوي الياباني يمتدان خلفها.

لا، لم يكن ذلك دقيقًا تمامًا.

حيثما كانت، لم تكن هناك جاذبية حتى تتجاهلها.

كانت داخل هيكوبوشي الثاني، أحد الأقمار الصناعية الثلاثة للمدينة الأكاديمية. كان طول الهيكل العملاق خمسة كيلومترات وكانت أمانو كاغويا سيدته.

«يا هلا.»

تناقضت كلماتها العفوية مع مظهرها الجميل.

تحدثت كمن أرادت البقاء قريبةً ولكنها ما وَدَّت الرفقة. كان للفضاء الكروي البالغ طوله 20 مترًا العنوان الرسمي "مختبر التأثير البيولوجي للجاذبية الصفرية"، ولكن يمكن أيضًا تسميته ‹خليةً›. إن رؤيتها بهذا الشكل لضر بضمير المرء، لكن هذا لم يكفي لتغيير ما سيفعله الكبار غير المسؤولين.

«شعرت أنك ستتصل بي في النهاية، لكن هذا كان أسرع مما توقعت. هل ما زلتِ تتصرفين وكأنكِ حليفـ"ـتُه"؟ أم أنكِ تلعبين دور العذراء البريئة التي توقفت عن التفكير في الأمر تمامًا لأنها لم تريد التصديق؟»

جسد الفتاة كان على قدر اسمها. فاضت بجمال غير إنساني، ولكن حتى لو ابتغاها رجال العالم، فإن هذا لا يعني أن نساء العالم حاسدينها. أي شخصٍ يعرف صعوبات اتباع نظام غذائي سيقشعر عمود ظهره ما إن يراها. وكان هذا صحيحًا حتى مع إخفاء زيّ الجُنِهِتوي بالكامل تقريبًا لخطوط جسدها.

«تريدين أن تعرفي ماذا أفعل؟ من تحسبينني؟ ربما لكلانا انتماءات مختلفة، لكنني أحد "العقول البغيضة" التي تدعم مجلس الإدارة، مثلكِ تمامًا. بالطبع، مدى تأثيري محدودٌ بسبب تخصص مديري في صناعة الطيران. هَهَهَه. أعلم أعلم. أمزح معك فقط. لا تغضبي.»

قد ترى أي فتاة أن هذه الفتاة ذات جمالٍ لا يضاهى، لكنها سترى أيضًا شيئًا خاطئًا صارخًا في وضع وتوازن وجهها وأجزاء جسمها. ما لم يتم قطع هيكلها العظمي وأعضائها في الحجم، فلن تكون شخصية شوجو مانغا ممكنة.

«نعم نعم. تمامًا كما خمنتِ، أهدف لإطلاق الـ S5 نحو الأرض. محزن الامر، ولا؟ "الحزمة" التي وصلت للتو من قبل SSTO تُحَمّل الآن في مساحة الشحن. بصراحة، من المفترض أن يُحَضّر هذا كمية هائلة من المشروبات الرياضية ليتكون منها شعاعٌ فيُضرب به كوكبًا صحراوي فيخلق سحابة عملاقة مصنوعة من "الحساء البدائي". مساحة الشحن تهدف إلى حمل بذور نباتات تتحمل البيئات القاسية. من المفترض أن تكون مليئة بآمال وأحلام الأطفال، فلماذا تصرون أنتم يا البشر الزاحفين على الأرض على استخدامها لأشياء كهذه؟ وإذا كان إنديميون لا يزال يعمل، فلن نضطر إلى إعادة بناء هذا الشيء غير النفعي. فقط لأن كل شيء وفقًا لخطة ذلك الرجل لا يُنزل من الألم ولو قليل.»

طول إقامتها في الفضاء (أو بالأحرى حبسها الطويل الجنوني هناك) أعطاها هذا الجمال المطلق للأميرة كاغويا في العصر الحديث. في المقابل، لم يعد بإمكانها تناول الطعام أو المشي على قدمين على الأرض كونها تعودت على بيئة 1G الفضائية.

« و ، هذه ليست قصة بطل مستوى 01 يتجه لهزيمة ملك الشياطين، لذا لا يوجد سبب للبدء بالأضعف ثم الاستمرار تصاعديًا. بدلاً من ذلك، قررنا أن نجعل هذه لعبةً مستحيلة حيث يظهر الزعيم الأخير من البداية. نعم نعم. سيتم نسف مساحة خمسة عشر كيلومترًا، فيُقضى على البطل الصغير المسكين بعصاه الخشبية ودرعه القماش.»

كان هناك شيء عملاق يتربص بصمت حقًا خلف النافذة السميكة التي يمكن أن تمنع الأشعة الكونية وتحمل الحطام.

كان هذا الجسم العملاق عبارة عن حلقة يبلغ قطرها أكثر من عشرين مترًا وكان مصحوبًا بعشرات الحلقات المتطابقة المصطفة عموديًا. كانت تشبه نفقًا أو فوهة مدفع.

عبست أمانو كاغويا مرة أخرى، وطفت رأسًا على عقب حسب الأرض، وابتسمت برفق وهي تحدق من النافذة.

«كانت كيهارا يويتسو هي من أصرت على استخدام الـ S5، لكن ربما ينبغي علي الاحتفاظ بهذا سرًا عن "الحزمة" المحملة في الشحن.»

  • الجزء 3

نظام إطلاق الإمداد بالمساحة – S5، يدخل في وضع الاستعداد.

طور "الهجوم" جهز.

تم اختيار هيكل الشحن بحجم–C. بدء المسح النهائي غير المدمر باستخدام الموجات الكهرومغناطيسية والموجات فوق الصوتية. إحكام الهواء، الحشو، ومقاومة الحرارة كلها تمام. انظر الى التقرير للحصول على التفاصيل.

اكتمال تزامن الغاز المشتعل، المغناطيسية، ونظام الحرق الكهرومغناطيسي.

تم تأكيد المغناطيسية والتوصيلية لعمود السائل. البدء في إعادة تصميم الروابط الجزيئية باستخدام التحكم في الاهتزازات.

السرعة الابتدائية عند مغادرة البرميل مضبوطة على 1,500كم/ساعة. تم ضبط السرعة النهائية عند الوصول إلى السطح على 31,000كم/ساعة.

تأمين المسار الباليستي. الرياح الشمسية، الحطام، المغناطيسية الأرضية، الجاذبية، وقوة الطرد المركزي كلها واضحة. انظر الى التقرير للحصول على التفاصيل.

عرض الرسالة: "بدء الفحص النهائي للمدخلات الخاطئة والوصول غير القانوني عن بعد. يُرجى إعادة إدخال إحداثيات الهدف يدويًا ورمز إطلاق السلاح."

تم استلام جميع المدخلات.

عدد الأخطاء: 0. S5، الدخول في وضع الإطلاق النهائي.

بداية العد التنازلي.

إطلاق عمود السائل وقذيفة الشحن.

  • الجزء 4

كانت أوثينوس أول من لاحظت وميض الضوء الأبيض الساطع وهي تُمسِكُ قبعة الساحرة بيدٍ وتنظر إلى السماء الباردة.

«ها هي.»

للحظة، لم يشعر كاميجو بأنها حقيقية. امتلأ دماغه بفكرة غير واقعية عن وجود شمسين في السماء. غالبًا ما يُقال إن الناس لا يصدقون إلا ما يرونه بأعينهم، لكن هذه الحقيقة عملت ضد كاميجو هنا. دَمَّر المشهد الساحق تفكيره العقلاني.

استغرق الأمر عدة ثوان حتى تركزت أفكاره.

«...ورطة.»

أمسك بيد أوثينوس دون تفكيرٍ وبدأ يركض عبر الثلج.

«ورطة!!!!»

بعد لحظة، سقط "شيء" في الريف الدنماركي.

خلق "الشيء" فوهة بقطر 15 كيلومترًا حول نقطة الارتطام.

كأن سيفًا سقط من السماء فشقَّ الأرض.

من كان ليدرك أنه ليس أكثر من كتلة عملاقة من H2O، أي الماء.

كلمة "شديدة" لم تكفي وتعطي حق سرعتها وضغطها. حدث انفجار هائل للبخار مباشرة فوق نقطة التأثير وغطت موجة صدمية دائرية كل شيء. لم يكن هذا مختلفًا عن رش خرطوم على خط من النمل على الأرض، لكن هذا كان يحدث فعلاً. أعطى جدار ضخم من الغبار شكلًا مرئيًا لموجة فضربت الأشجار الصنوبرية بأربعة أو خمسة أضعاف سرعة الصوت. تحول جدار السائل والبخار إلى جدار شرس من الحرارة. ذابت الطبقة السميكة من الثلج في لحظة وسخنت الأرض المكشوفة إلى اللون البرتقالي.

عندما حدث كل هذا، غاص كاميجو توما وأوثينوس في كهف كان نصفه مدفونًا في الثلج. كان هو المكان الذي أشارت إليه سابقًا أنه مكانٌ جيد لصيد الدببة.

استمر الهجوم الخطي المستقيم من السماء لعدة ثوان.

اجتاحت موجة الصدمة السطح، لذا نجوا بطريقة ما داخل الكهف.

لكن الحرارة ضربت تلك المنطقة الواقعة تحت الأرض. على الرغم من ضيق مدخل الكهف، إلا أن الحرارة ما زالت تشق طريقها إلى الداخل. جف الهواء في لمح البصر واندفع ألمٌ يطعن عينا كاميجو. بدأ يصرخ بدهشة، لكن أوثينوس غطت فمه بكفها حتى لا يتنفس الهواء الحار.

بعد حوالي نصف دقيقة، استمرت الدمدمة، لكنهما استدارا باتجاه مخرج الكهف. تنفس كاميجو بتردد من أنفه، لكنها لم تحرق رئتيه. كانت درجة الحرارة بالخارج سالب خمس عشرة درجة، لذا تبردت الحرارة سريعًا.

تَوَجَّه إلى مخرج الكهف مع أوثينوس ونظر إلى الخارج.

المشهد تغير تماما.

«ما هذا؟»

لم يجد عالمًا فضيًا من الثلج الكثيف أو عالمًا بنيًا من الأوساخ المكشوفة.

رأى الزجاج.

كان سطح الحفرة التي بلغت خمسة عشر كيلومترًا مغطاة بالكامل بالزجاج الشفاف. كان الزجاج والبورسلين عادة يصنعان من السيليكون، لذلك يمكن انتاجهما عن طريق تسخين الرمل أو الأوساخ بقسوة. حتى لو كان الأمر منطقيًا من وجهة نظر عقلانية، فإن المشهد لا يزال يبدو وكأنه عالم مختلف تمامًا.

شَعَرَ أنه دخل كوكبًا غير متحضر مليء بأشكال الحياة من السيليكون من رواية خيال علمي قديمة.

ربما كان هناك سبب وجيه لذلك.

لم تكن لديه طريقة ليعرف، لكن الـ S5 لم يُنشأ لأغراضٍ عسكرية. لقد كان جهاز استصلاح عملاق يرسل كمية هائلة من الماء الممزوج بالعناصر الغذائية إلى القمر أو المريخ. هذا من شأنه أن ينتج غيومًا وأمطارًا مباركة تغطي الأرض المقفرة بحساء بدائي. كانت المسافات إلى أجسامٍ فلكيةٍ أخرى ضخمة، لكن انعدام الوزن في الفضاء كان ليُزيل تثاقل السرعة. [1] يمكن للماء أن يتحول لحالةٍ صلبة أو سائلة أو الغازية، ولكن هذا يرجع إلى "سلوك" الروابط الجزيئية. في حالات خاصة مثل الغليان السريع، سينسى الماء "السلوك" الذي يحوّله إلى غاز عند تسخينه إلى 100 درجة فيبقى في صورته السائلة. استخدمت مياه S5 الاهتزازات لإعادة تصميم الروابط الجزيئية بشكل مصطنع. فحتى يمر عبر الغلاف الجوي ويصطدم بالسطح، جعلوا الماء ينسى "سلوكه" الذي أمر أن يكون غازًا.

ببساطة، كانت قنبلة قوية لا تستخدم سوى الماء النقي.

كان استخدامها العسكري من خلال توجيهها إلى الأرض ذريعة للحصول على تمويل من الشركات الأعلى التي من غير المرجح أن تدفع مقابل مشروع لا يمكن استخدامه إلا لتطوير كواكب أخرى.

ومع ذلك، لم يكن الصبي ينظر إلى العالم الزجاجي البديل.

كان ينظر لأعلى ويبحث لأن عقله ركز على ما تسبب في التأثير الشديد.

ملأ الكثير من الغبار رؤيته لدرجة أنه شعر وكأنه ينظر من خلال عاصفة رملية. شعر وكأن الشمس فجأةً تنتج ضوءًا أقل بكثير.

ومع ذلك رأى ما يشبه شجرة عملاقة شاهقة نحو السماء. أتته فكرة غير واقعية مفادها أنه تجول في اللقطات أحادية اللون التي تظهر أحيانًا في الأفلام الوثائقية. كان هذا هو مدى بُعد هذا المشهد عن الحياة الطبيعية لطالب في المدرسة الثانوية.

كانت الهوية الحقيقية لتلك الشجرة الأسطورية عبارة عن ‹سحابة عيش الغراب›. [2]

لم يُلقى ببساطة في سحابة الغبار. كان محاطًا بظاهرة الطقس الفريدة التي لا تزال تتوسع.

«............................................................................................................»

حدق بهدوء في المشهد أمام عينيه.

كان تحويل الأرض إلى زجاج ظاهرة أخرى معروفة مرتبطة بالتفجيرات النووية.

وبينما كان يقف هناك، نقر أحدهم على كتفه من الخلف.

«لا تقلق.»

كانت أوثينوس.

«يمكن إنشاء ‹سحب الفطر› بأكثر من مجرد أسلحة نووية. يمكن لأي انفجار بقوة كافية أن يفعلها. ولابد أن القنابل الكبيرة التي تعمل بالوقود والهواء أو القنابل الحرارية قادرة على فعلها، لذا...»

«لا،» تمتم كاميجو. «وحدها المدينة الأكاديمية قادرة على ذلك. وإذا بالغوا هذا الحد، فلن ينتهي الأمر بهذه السهولة! المستنسخات العسكرية المنتجة بالجملة، كيانات الفكر AIM، القاذفات الأسرع من الصوت، البدلات الآلية، السايبورغ، ورينسا. لم أرى كل شيء، لكن اللمحات التي رأيتها تكفي لأعرف أنهم سيفعلون أسوأ من هذا إن كانوا جادين!!»

ملأت كلمة "عدو" ذهنه.

أطلقت المدينة الأكاديمية شيئًا من السماء أو —على الأرجح— من الفضاء.

لكن هل فعلوا ذلك من أجل سحقه وأوثينوس مباشرة؟ هل قاموا بكل تلك الاستعدادات للقوة النارية التي يمكن الهروب منها سيرًا على الأقدام؟

إذا لا...

«ارجعي يا أوثينوس.»

«ما الذي-...»

«ما هذه إلا البداية!!»

تبع صراخه على الفور هبوب رياح عنيفة دمرت الشجرة العتيقة على شكل سحابة فطرية في لحظة. لكن هذا الضغط لم يأت من الخارج. انفجرت الشجرة العملاقة من الداخل من موقع الانفجار.

ضيّقت أوثينوس عينها في المشهد أمامها.

كانت المدينة الأكاديمية عبارة عن تجميعٍ من كل أنواع العلوم والتكنولوجيا، واستذكر كاميجو المثال الأساسي: تطوير الأسابر.

في هذه الحالة، ما هو أقوى سلاح يمكن أن تعتمد عليه المدينة الأكاديمية؟

ظهر الجواب أمامهم مباشرة.

المصنف الأول في المدينة الأكاديمية، ذو المستوى 5، أكسِلَريتر.

هذا الوحش الحقيقي الذي يمكنه التحكم في جميع النواقل والمتجهات وقف في موقع الانفجار.

  • الجزء 5

دُفِنت كتلة من المعدن تشبه كرة الرجبي التي يبلغ ارتفاعها خمسة أمتار في وسط العالم الزجاجي. تم إطلاقها في نهاية شعاع عمود الماء الهائل، وقد خفف الانفجار البخاري الضخم سقوطها وسمح لها بالهبوط دون مظلة. ومع ذلك، لم يكن من الممكن تخيل مقدار التكنولوجيا اللازمة للسماح لها بالاحتفاظ بشكلها وحماية "محتوياتها" بهذا القدر من التأثير.

ومع ذلك، لم يدخل أي من ذلك في أفكار كاميجو.

حكم عقله تهديدٌ أعظم.

«من بين الجميع...» تحركت شفتيه بلا وعي. «كنتَ أول من يأتي!!»

وبينما يصرخ، رفع كاميجو ذراعه فدفع أوثينوس لتسقط على ظهرها على الزجاج الشفاف. بعد لحظة، حَرَّك أكسلريتر بهدوء ساقه النحيلة.

نقر بلطف على جهاز النقل الخاص به كأنه يقذف شيئًا في الهواء مثل كرة القدم.

كانت كتلة معدن بحجم مركبة خفيفة، لكنها طارت إلى الأمام بسرعة هائلة.

«...!!!؟؟؟»

قفز كاميجو توما إلى الجانب بكل قوته. كادت الكتلة المعدنية تخدش ملابسه ومرت مباشرة فوق أوثينوس حيث أصبحت مثل كرة محطمة رماها عملاق.

«هَيي!!»

«ابقي على الأرض! اتركيه علي!!»

عدل كاميجو وضعه وهو يصرخ في اتجاه أوثينوس ثم اتجه للأمام مرة أخرى. لكن كان من الخطأ أن يصد عينيه عن هذا الوحش للحظة واحدة.

البقعة التي كان فيها باتت فارغة.

ملأ الفراغ عقل كاميجو قبل أن يملأ وجهٌ أبيض رؤيته.

وصل هدير أربعة أعاصير تضرب الهواء من ظهر أكسلريتر إلى آذان كاميجو بعد تأخيرٍ قصير.

«تَبّ!!»

وصلت يد الانعكاس القاتلة إلى جانبه لأجل أن تعكس تدفق الدم والإشارات الكهربائية في جسده.

«تَبّاً!!»

لَوَى جسده فبالكاد أبعد تلك اليد الشيطانية بيده اليمنى.

واصل أرجحة قبضته إلى أعلى مباشرةً في فك أكسلريتر.

مرّ إحساس باهت من قبضته وفي معصمه.

«...»

حدقت عينان حمراوان في وجهه دون أدنى تغيير في التعبير. ركضت قشعريرة أسفل عمود فقر كاميجو، لذا قفز إلى الوراء دون تفكير.

اندفعت كتلة من الهواء إلى الأرض وشققت الأرض حيث كان.

انفجر هديرٌ هائل من الزجاج المتطاير في الهواء.

(ما الذي يحدث؟ أراهُ يتعافى أسرع من ذي قبل وهذا اللكمة لم تهزه. أبات يتحمل!)

«أتدري...»

أخيرًا، فتح الوحش الأبيض فمه.

«أنتَ، ما  الذي تفعله حتى؟ لعب دور البطل دون تفكير في اهتماماتك ليس بالجديد عليك، لكن ها أنا أراكَ تفتقد البصيرة هذه المرة.»

صوته لم يحتوي على أدنى إشارة من الاستعجال. بدا وكأنه شخص يتحدث عن مشكلة بعيدة قد رآها في الأخبار.

ومع ذلك، كان الغضب الذي غطى العالم كالجحيم نفسه.

ركل برفق الثلج الذي بدأ يتراكم على الزجاج فربض كاميجو لأسفلٍ كأنه يلوي أعلى جسده. ذاب الثلج الأبيض وانفصل السائل في الهواء بسرعة مخيفة. كان أشبه بشعاع ليزر. عند استخدامها في أدوات آلات بناء السفن، يمكن لـ H2O البسيط أن يقطع الصفائح الفولاذية السميكة كالزبدة.

صوت القطع الغريب القريب من فوق رأسه قشعر بدن كاميجو وهو رابضٌ على الأرض.

«وكذلك أنتَ ما الذي تفعله!؟ أكيد أن غريملين سببوا ضررًا كبيرًا في هاواي ومدينة الأمتعة وطوكيو، لكنك تحتل مكانة الأقوى! هل حقًا تلقيت ضررًا كافيًا لتبرر قتل الناس!؟»

«ما لي سببٌ كهذا.» قَبَضَ أكسلريتر قبضته برفق. «عندما كنت أستخدم قوتي، لم أحمل أيَّ أفكار مجنونة كإنقاذ العالم أو حماية البشرية يا غبي!!»

هدير عظيم شق الهواء كما ضربت قبضةٌ قبضة.

«سأزعج نفسي بالقلق فقط على الموجودين في سجل هاتفي. لكن هذه التي خلفك قد تدمر كل شيء في العالم وتقتل البشرية جمعاء. من بين هؤلاء الستة أو السبعة مليارات هم القلائل الذين أعرفهم، وهذا سبب كافٍ لي لأحاربها. ولن أدعك تقول غير هذا.»

ربما كان هذا عكس مسار كاميجو توما.

أثناء إنقاذ المقربين منه، وَسَّع كاميجو مجال رؤيته تدريجيًا وظهرت في النهاية مشاكل على نطاق عالمي.

كان أكسلريتر قادرًا على الوصول إلى هذا المستوى العالمي منذ البداية وقد استخدم هذه القوة لإنقاذ قريبٍ. طوال الوقت، احتوت القرارات التي يتخذها على دمار كافٍ لإسقاط العالم بأسره.

قال الوحش وهو يحدق في عيني كاميجو توما من مسافة قريبة. «لن يمكنني السير في الطريق الذي تسلكه.» واستمر هذا الوحش السابق. «لكن هذا ليس سببًا يجعلني أشعر بالنقص منك.»

انفجرت الأجنحة من ظهر أكسلريتر بقوة هائلة.

بدلاً من السواد، كانوا بياضًا.

بينما كانا يضغطان بقبضاتهما معًا، امتدت الأجنحة البيضاء النقية إلى عدة عشرات من الأمتار وتأرجحت نحو كاميجو توما كالشفرات.

قفز كاميجو إلى الجانب كأنه ينزلق وتمكن بطريقة ما من اعتراض كل جناح عندما سقطوا من فوق رأسه واحدًا واحدًا. وبدلاً من إيقافهم وتدميرهم، لمس جانبهم وحرك يده ليُعيد توجيههم.

تحدث أكسلريتر بهدوء أثناء إرسال تلك الهجمات الشرسة.

«إذا أمكنني قتلها أو عدم قتلها، "فمن الأفضل" أن أقتلها.»

اخترق صوته صدر كاميجو بشكل أكثر حدة من صوت الضجيج العظيم الذي يخدش الكوكب.

قد تكون حدة كلماته سببًا آخر لكون #1 هذا الوحش.

حتى لو استطاع تخمين ما يحدث في رأس وحشٍ آخر، فلن يتعاطف معه. حقيقة أنه عاملها على أنها "متطابقة" ربما جعلته أكثر قسوة على أوثينوس وقدرتها على تدمير العالم.

«إذا كانت هذه هي الطريقة الأضمن والأطلق والأأمن لضمان سلامتهم، "فالأفضل" أن أقتلها أيضًا. لستُ من محبي الإنجراف بعاطفةٍ لا طائل من ورائها ثم أُطعن في الظهر بسبب مشاكلي. وأنا آخر من يحب أن يرى آخرًا يُطعن بالظهر كذلك.»

نعم، فكر كاميجو.

كان غاضبًا لأن أكسلريتر لم يفهم، لكنه لم يستئ من المصنف 1. ولم يكن هذا لمجرد أنه لم يشرح الوضع أو لم يحمل الوقت لذلك.

كان هذا طريقًا سلكه كاميجو توما نفسه.

كانت تلك أفكاره بالضبط عندما تحولت أجنحة طوكيو الخاصة البالغ عددها 23 جناحًا إلى ساحة معركة وكان قد انجرف في الطريق السهل وهو يحسب نفسه بطلاً للعدالة. في الواقع، استخدم أكسلريتر عُنفه وهو مدرك تمامًا ما يعنيه حقًا هزيمة العدو، لذلك يمكن للمرء أن يقول إنه كان أكثر حكمة ومسؤولية.

«أنت، ما بك؟ قد قلتُ كلامي وها أنا أراكَ ما زلت تقاتل بائسًا، لذا لابد أن عندك سببٌ لتخريب ما أحاول فعله هنا، ولا؟»

«سبب، ها؟»

واجه كاميجو صعوبة في إمساك كل الأجنحة البيضاء بيده اليمنى. لاعتراض كل واحد منهم، بذل قصارى جهده لزيادة عدد هجماته.

«بالنسبة لمعظم الناس في العالم، ربما يكون صحيحًا أن أوثينوس واحدة لا تستحق الإنقاذ حقًا. ومن الناحية المنطقية، لعلّ عدم إنقاذها هو الخيار الأفضل، وهذا هو "أفضل" خيار لأحمي سلامتي! ولكن!!»

استخدم قبضته لتحريف أحد الأجنحة البيضاء إلى الجانب وصرخ ببساطة سببه للأمام.

«إذا أمكنك الاختيار بين وجودها أم عدمه، فسيكون من الممتع السماح لها بالانضمام إلى المجموعة!! قد لاتراه منطقيًا وقد لا يكون فعالاً، لكن هذا يجب أن يكون أكثر إمتاعًا من طردها! هذا هو سببي!!»

تجمدت العشرات من الأجنحة في مكانها وتحدث أكسلريتر بصوت هادئ ولكن منزعج واضحًا.

«لا تحاول حتى إقناعي، ها؟»

«هكذا تعمل الدوافع الحقيقية.» ابتسم كاميجو. «إن كان عندك سبب من شأنه أن يقنع أي أحد لحظة قولها، لكانت حجة مصطنعة أنشأتها لغرض وحيد هو إقناع الناس.»

بعد اجتياز ذلك الجحيم اللامتناهي تقريبًا، كان كل ما أكتسبه كاميجو توما هو فكرة مستوى المدرسة الابتدائية القائلة "يجب علينا جميعًا أن نتعايش". كان هذا ببساطة هو مقدار الخبرة المطلوبة للانتقال من "التفكير في أنه يفهمها" إلى "متفهمها حقًا".

كان كاميجو هو نفسه يفتقر هدفاً كبير.

لم يكن يتحدث عن مصير العالم ولم يكن هذا ما كان يقاتل من أجله.

«لكن،» قال #1 بينما تُخرج أجنحته التي لا تعد ولا تحصى صريراً. «ألستَ تثق قليلاً بالطبيعة البشرية لتطلب مني التوقف بلا شيء سوى ذلك؟»

«لا أتوقع منك.» أجاب كاميجو على الفور. «لهذا السبب نتقاتل حتى نتوصل إلى تفاهم.»

«...»

توقف أكسلريتر لحظةً، ولكنه اتخذ إجراءً.

خفق المصنف 1 في المدينة الاكاديمية بجناحيه الأبيض وارتفع إلى ارتفاع 5000 متر في لحظة.

رأى كاميجو ضوءًا أبيض نقي يطير في قوس كبير في السماء ثم عاد ثانيةً نحو السطح. لم يكن لديه أي وسيلة لمعرفة ذلك، لكن هذا الاندفاع السريع باستخدام الأجنحة البيضاء أنقذ الكثير من الناس من ‹نجمة بِثلِهِم› في نهاية الحرب العالمية الثالثة.

(فرصتي الوحيدة مع ضربة مضادة.)

حرك كاميجو جسده بهدوء.

(لا يمكنني أن أضربه إلا بقبضتي اليمنى، لكن يمكنه أن يتحمل لكمةً أفضل من ذي قبل، وربما أُمزق كلحمةٍ مفرومة إذا لم أنهيه بضربة واحدة.)

قبل الاشتباك، انحنى كاميجو واستخدم يده اليسرى ليلتقط حجر بحجم رأس الطفل.

منع انعكاس أكسلريتر أي هجوم لم يُجرى بيده اليمنى. فإن رمي الصخرة لن يفيد حتى كإلهاء أثناء عمل هذا الانعكاس.

ولكن هذا هو بالضبط سبب قيام كاميجو بما فعله.

في لحظة الاشتباك بين السماء والأرض، هاجم أكسلريتر هدفه بدقة. لقد رأى كل عمله كاميجو توما وهو يُصَوّب قبضته اليمنى نحو السماء.

لم يفكر الوحش حتى في الهرب، لكن ليس لأنه كان يعتمد بشكل مفرط على انعكاسه. كان يدرك جيدًا مدى تميز تلك اليد اليمنى وقرر الاندفاع إليها وهو يعلم أن تلك اليد قادرة على اختراق دفاعه المطلق.

طالما بقي واعيًا واستطاع أن يواصل حساباته، فإنه سيسحق الصبي الذي أمامه.

لقد فهم قوة تلك اليد.

(...؟)

أو هكذا ظن.

قام كاميجو توما بفعلٍ غريب.

أولاً لَكَمَ لكمةً أمامية تقاطعية مثل ضرب ملاكمين لبعضهما، تمامًا كما توقع أكسلريتر. كان استهدافه لمركز الصدر بدل الوجه خارجًا عن المألوف بالتأكيد، لكنه كان ضمن نطاق الخيارات التي يمكنه اتخاذها بهذه القبضة.

كانت المشكلة فيما بعد.

أرجح كاميجو صخرةً بحجم رأس طفل بيده اليسرى.

قام أولاً بتحييد الانعكاس بيده اليمنى ثم دَفَعَ بقوة هائلة إلى قلب أكسلريتر، ولو عنى ذلك سحق قبضته اليمنى في هذه العملية. كان تأثير الصخرة أكبر بكثير من أي شيء تسببه قبضة اليد.

(آه.)

ذهب عقل أكسلريتر فارغًا.

مع ضوضاء هائلة، انقطعت الأفكار التي كانت تتحكم في حساباته للحظة.

  • الجزء 6

«...»

استيقظ أكسلريتر مدفونًا في الثلج.

ومنظر أرضية الزجاج المتصدعة ما عادت تُرى تحت طبقة الجليد الرقيقة التي تغطي كل شيء. قد كانت الأرض تعمل جاهدة على إعادة المشهد إلى طبيعته حتى بعد تلك الضربة الليزرية من جهاز الاستصلاح.

اختفى كاميجو توما وفتاة رقعة العين وظهرت شخصية جديدة في ذلك العالم الفضي.

كان للفتاة شَعرٌ بنيٌّ قصير وعينان خلت من المشاعر.

كانت ترتدي معطفًا أبيض وقبعة تقاوم البرد مع غطاء للأذنين. كانت مثل ولكن مختلفة عن التي عرفها أكسلريتر في روسيا خلال الحرب العالمية الثالثة.

«ما الذي تريده مستنسخة؟» سأل بانزعاج.

«ها ها هاهاها هاه/عودة. قلقتُ كثيرًا بشأن كاميجو تشان لدرجة أنني استخدمت تَذكرتي وتوليت السيطرة على هذه الفتاة/عودة. ولكن يسعدني أن أرى أنه يستطيع حل مشكلته بنفسه/عودة.»

بدت الابتسامة العملاقة في غير محلها على وجه تلك النسخة العسكرية.

المتحدثة لم تكن هي نفسها المستنسخة ولكن إرادة الشبكة التي أنشأتها جميع البشر المستنسخة.

على الرغم من عدم وجود فاصل تقنيًا بين الإرادة والمستنسخة، يمكن لأي أحدٍ مراقب عن كثب فهم المفهوم الكامن وراء هذا الاختلاف.

«لكن/رجوع، لم تخرج كل ما لديك هناك، أوكنت؟/هروب. إذا لم يتخذ أعلاهم المصنف 1 فِعلاً، فهناك احتمال أكبر أن يتخذ الآخرون من المستوى 5 أفعالاً عشوائية/عودة. وإذا هُزم المصنف 1 على الفور، لتردد كبار المدينة في استخدام باقي السبعة الثمينة خوفًا من فقدانهم/عودة. هيه هيه/عودة. سابقًا عندما كنتَ لا تعرف شيئًا سوى الفوز وكونك الأقوى، ما كنتَ لتفكر أبدًا في أن تربح شيئًا بالخسارة/عودة. أرى أنكَ نضجت قليلاً في هذا الباب، أكسلريتر/عودة.»

نقر الوحش الأبيض على لسانه وأجاب بغيظ وهو جالس على الثلج.

«أترينه مفاجئًا حقًا؟ أنتِ هنا الآن فقط بفضل خسارتي.»

«أقول أنه من الناضج منك أن تفكر في الأمر هكذا/عودة.» لَوّحت الإرادة بإصبعها السبابة قليلاً. «كنتُ قلقة حقًا بشأن كاميجو-تشان، لكن ينبغي أن يكون أمره تمام الآن/عودة. وبما أنني استخدمت هذه التذكرة كثيرًا مؤخرًا، لعلّي لا أعود بعضًا من الوقت/عودة. لكن/رجوع، لقد رأيتُ شيئًا لطيفًا مباشرة/عودة.»

«كم حتى المرة القادمة؟»

«لا تعتمد/عودة.» ضحكت الإرادة. «هذا العالم ملكٌ لكم جميعًا/عودة. باعتباري شخصًا يطفو في شبكة الميساكا بدون جسمٍ مادي، فأنا دخيلةٌ هنا/عودة. قد أقدر على تقديم النصح، لكن لا يجب أن أجرؤ كفاية وأفكر أن أنضم فعليًا/عودة.»

اختلطت بعض الأصوات الساكنة بصوت الفتاة، مما يشير إلى أن شيئًا ما على وشك الانتهاء وأن وقت الفراق قريب.

«ولأني دخيلة، عندي لكَ نصيحة أخيرة/عودة.»

«ألا تصمتين؟ أنهي وأريحينا.»

«الإختلاف بينك وكاميجو تشان هو أن أحدكما ينظر إلينا على أننا تجسيد للخير والآخر لا ينظر إلينا حقًا إلا أننا بشر/عودة. قد تبدو متشابهة في البداية، لكنها مختلفة تمامًا وليست بشيءٍ تغلبها بوعي/عودة. ربما هي مثل أن تركز كثيرًا على القضاء على التمييز فيؤول أمرك بدلاً من ذلك أن تحصر المرء في دور "الضحية"/عودة. إن كنتَ تنوي حقًا مواجهـ"ـتنا"، فافعل شيئًا حيال ذلك أولاً☆/عودة.»

مع ذلك، سقطت الفتاة قصيرة الشعر إلى الأمام في الثلج.

نقر أكسلريتر على لسانه بانزعاج، لكنه أدرك بعد ذلك شيئًا.

«لحظة. وماذا أفعل بهذه الفتاة المغشية؟»

لم يتلق أي رد.

في نهاية كل شيء، أُعِدَّت أغلالٌ لهذا الوحش. التلاعب به بهذه المثالية أثارت غضبه.

  • الجزء 7

انتهت المعركة، لكن الألم لم يختفي.

تأوّه كاميجو توما وهو يسير عبر المساحات الخضراء في السهل الزجاجي ويمشي عبر الثلج الأبيض العميق.

«غه...»

شيئان عذباه.

الأول كتفه. تسببت القوة الشديدة للسقوط من السماء على قبضته المرتفعة في خلع كتفه بالكاد.

والثاني معصمه. كان تحطم الصخرة الكبيرة بيده قد وضع عبئًا ثقيلًا على تلك القبضة.

«أااااااااااااااااااااااااااااااهـــــــــهه؟!»

أطلق صرخة. ربما بدت عبثية، لكنها سَكّنت آلامه لفترة وجيزة. كانت نفس النظرية المستخدمة وراء صراخ رماة المطارق ليطلقوا مواد معينة عمدًا في دماغهم.

لم يملكا الوقت للتوقف وأداء الإسعافات الأولية على مهل.

فواصل الصراخ بأعلى رئتيه ليحتمل الألم. هذا لم ينتهِ بعد. وصول أكسلريتر يعني على الأرجح أن قوات التحالف كانت تعلم أنه وأوثينوس كانا في الدنمارك. يمكن أن يصل مطارد آخر أو يمكن أن يعود أكسلريتر ويكشر أنيابه مرة أخرى.

«بَرّد الإصابة بالثلج.» جمعت أوثينوس بعض الثلج الأبيض في كلتا يديها. «تخدير الأعصاب طريقة خطيرة، لكنها قد توقف الألم مؤقتًا بدون دواءٍ خاص. ولكن انتبه على نفسك ألّا تصاب بقضمة صقيع.»

بينما كان محاصرًا في دوامة من الألم، قَبِلَ كاميجو في البداية دون أدنى شك.

لكن في المنتصف، أدرك شيئًا.

على عكسه، لم تظهر إصابات واضحة على أوثينوس ولم ترتعش يداها عندما جرفتا الثلج.

لكن هذا هو بالضبط ما لم يكن منطقيًا.

عند الاستلقاء على قطعة كبيرة من الثلج بدون قفازات، كان من الطبيعي أن تشعر بالبرد.

كان يجب أن تكون أطراف أصابعها ترتجف.

«أوثينوس؟»

واجه الفتاة التي تسير بجانبه، لكنها لم تلاحظ الغرابة بنفسها.

عندما رأى نظرة الحيرة، تحول الشك بداخله إلى الاقتناع.

«أوثينوس!! من متى فقدتِ إحساسك بالألم والبرد!؟»

تجاهل ألمه، وأمسك بكتفيها، وصرخ في أذنها، لكنها كانت كما هي دائمًا. لم تتراجع حتى تفاعليًا مفتاجئة، لكنه فسر ذلك على أنه تباطؤ وليس هدوء.

«همم. هذا سؤال جيد.»

كان عليه أن يلاحظها عاجلاً. قد سارت عفويًا عبر هذه البيئة القريبة من القطب الشمالي وأدت حركة المصارعة قفل الرأس بقوة تشبه المِلْزمة. افترض ببساطة أنها احتفظت ببعض قوتها كإله سحري وكانت لا تزال بعيدة كل البعد عن كونها بشرية، ولكن ماذا لو لم يكن الأمر كذلك؟

ماذا لو اختفت حواسها وماتت مستشعرات جسدها؟

قد يفسر هذا أيضًا مقاومتها الغريبة للبرد وقوتها الهائلة لمثل هذه الفتاة النحيلة. أيضًا، قالت منذ البداية أن استخدام قارب العظام كان حقًا آخر جزء من قوتها. أخبرته ألا يعتمد عليها بعد ذلك.

ولم يبقَ حتى أدنى جزء من وضعها الخاص كإله سحري.

«اللعنة!!»

لم يعرف كاميجو ما إذا أمكنه فعل أي شيء حيال ذلك الآن، لكنه أعارها كتفه. شعرت بالثقل واستطاع أن يقول إنها لا تستطيع إعالة نفسها بالكامل. الأهم من ذلك كله، كانت باردة. شَعَرَ وكأنها عمودٌ من الجليد. لم يستطع طالب هاوٍ في المدرسة الثانوية تحديد مدى تقييد وظائفها الجسدية.

«أنا بخير... فيني أن أمشي بنفسي، فلا عليك مني.»

«يا غبية! إجبار نفسك على الحركة قد يدمرك أسرع في الداخل!!»

أكثر ما أخافه هو أن أوثينوس نفسها لم تشعر بأي خطر. ألهذه الدرجة ساءت حالتها؟

ذكّره بجندي أصيب برصاصة قاتلة في أمعائه وابتسم متناسيًا ألمه في النهاية.

«البقاء هنا لن يفيد، فهيّا إلى قلعة إغيسكوڤ وننهي هذا يا أوثينوس.»

مع استمرار الطريق، بدا أن المناظر الطبيعية البيضاء ترفض أي حياة وكل شيء.

ومع ذلك، حدق كاميجو توما للأمام واستمر في ذلك.

«بغض النظر عمّا ينتظرنا في المستقبل، سوف أنقذك. اقسم.»

(صفحة المجلد)

<<الفصل السابق                        الفصل التالي>>

تعليقات (1)

  1. il0li0li
    قتال أكسل و توما كان منصف للاثنين و لو اشوف واحد يعترض عليه بخرج عن طوري . و كلام توما اخر شي عجبني والحين الي بعده .

اختر اسم وأكتب شيء جميل :)