-->

الفصل السادس: عالم مُتغير ومُتقلب. إصدار_ألفا

(إعدادات القراءة)

انتقال بين الأجزاء

  • الجزء 1

«...آه!؟»

استيقظ كاميجو.

لم يعرف مكان وجوده ولم يحمل ذكرى واحدة عما حدث توّاً. كان مستلقيًا على سريرٍ رخيص. لم يألف شيئًا حوله، ولم يعرف مكانه بالضبط، لكنه ظنّ أنه داخل منزلٍ جاهز في حي سكني. كان في مساحة مربعة كأنها غرفة نومٍ صغيرة. وجلست دمية بطريق صغيرة على رف الحائط.

هناك سبب وجيه لعدم تأكده من ماهية هذا المكان.

لم يكن للغرفة سقف.

وكان جدارها المؤدي للخارج منهاراً تمامًا.

وصلت رائحة مشتعلة إلى أنفه داخل الغرفة المليئة بالركام.

أشارت النجوم المتلألئة في السماء أعلاه إلى أن الوقت كان ليلاً، لكن المشهد خارج الجدار المكسور بدا مشرقًا بشكل غريب. بدا أن ضوءًا برتقالي خافت يسطع من وراء الأفق.

(ما أمر ذاك العالم الذي لا شيء فيه سوى السواد؟ أكان حلمًا؟)

ولا شيء واضح.

لم يثق بأي ما رآه وما سمع.

لم يكن وضعه في هذا المنزل المدمر حقيقيًا. إذا سُئل عما إذا كانت تجربته السابقة أم هذه التجربة الحالية كانت حلمًا، فلن تكون لديه إجابة.

(أين أنا أصلاً؟ أين غريملين؟ أو سارغاسو؟ المدينة الأكاديمية مليئة بالمساكن الطلابية، لذا أنا لست هناك. هل هذا في مكان ما في أجنحة طوكيو الـ 23؟)

الاحتمال الوحيد الذي الممكن كما فكر هو أنه فقد وعيه أثناء قتالٍ مع إله السحر أوثينوس في سارغاسو في خليج طوكيو.

لم يملك ذكرى عن ذلك، وحسبما يرى، شك في فوزه وقتها.

كانت إندِكس وميساكا ميكوتو وليسار وبيردواي قد توجهوا معه إلى سارغاسو، لذلك من المحتمل أن يكون أحدهم قد اصطحبه عندما انسحبوا. إذا كان الأمر كذلك، فمن المحتمل أن يكون الشخص الذي أحضره إلى هنا قريبًا. البقاء في مكانه حتى عودتهم سيكون أفضل من التجوال عشوائيًا.

........................................................................أوحقًا؟

سَقَطَ عرقٌ كريه من وجهه.

لم يملك طريقةً تُمكّنه من الوصول إلى هنا من خليج طوكيو بمفرده. ولأنهم أعداء، ما كان بممكنٍ أن يضعه أحد الغريملين على سرير بعد أن غشيته. ولا لغريبٍ أيُّ سببٍ لإنقاذه فجأة. في هذه الحالة، كان من الطبيعي جدًا أن يفترض أن أحد المسافرين معه قد حَمَلَه. ليس لديه سببٌ للشك في هذا الاستنتاج.

ومع ذلك، فقد شَعَرَ برفضٍ شديد عندما حاول أن يخرج من هذا التفكير السهل.

كان الأمر أشبه بأن ينصب خيمة حيث دُفِنت أسفلها الذخائر القديمة والصدئة غير المنفجرة فطلبوا منه أن يرتاح فوقها "لأنها كانت آمنة".

شعر وكأنه يتجاهل شرطًا مسبقًا لا يُغَضّ الطرف عنه.

سمع ضوضاء ساكنة.

بينما كان محاطًا برائحة احتراق غريبة كأن أحدًا ما خَرّب طبخة العشاء، ظهر ضوء أبيض شاحب من جانبه.

نظر فرأى ضوءًا مستطيلًا.

كان تلفاز إل سي. (LCD)

يبدو أنه اشتغل من نفسه بطريقة ما.

ومنه جاء الخبر.

مذيعةٌ يابانية ذات بدلة رسمية تتحدث عما بدا وكأنه حربٌ في بلد بعيد. كان منظر المدينة الليلي خلفها في عتمةٍ كاملة، وما رأى أيّاً من أضواء المدينة المعتادة تشتغل. ومع ذلك، كان شكل المباني الظلالي لا تزال مرئية بشكل غامض بسبب اللهب البرتقالي المشتعل هنا وهناك.

«لحظة...» تمتم كاميجو.

تمامًا مثل قطعة فنية خادعة تحمل معنى مختلفًا عندما تقلِبُها، أدرك أخيرًا ما تم عرضه حقًا على شاشة التلفاز.

«لحظة! أعرف هذا المكان!!»

بدأ شعورٌ فظيع من أطراف أصابعه واندفع في أعماق جسده.

دخل صوت المذيعة أخيرًا إلى أذنيه.

‹ ‹يواصل جيش التحالف الدولي غزوه المشترك للعاصمة اليابانية طوكيو من أجل القضاء على كاميجو توما المختبئ داخل المدينة. لدينا أنباء تفيد بأن سبعين في المائة من الأجنحة الخاصة البالغ عددها 23 في قلب المدينة قد تحولت إلى أنقاض، ولكن هناك مخاوف من أن الدمار الواسع النطاق سيترك شكوكًا حول ما إذا كان كاميجو توما قد مات بالفعل.› ›

............................................................................................................

لم يحمل فكرةً عما يعنيه هذا.

مما قالته له ليفِنيا بيردواي، يبدو أن ‹الكنيسة الأنجليكانية› و‹الكنيسة الكاثوليكية الرومانية› و‹الولايات المتحدة الأمريكية› و‹فرنسا› وقوى أخرى قد انضموا معًا لمهاجمة مقر غريملين. كانت سارغاسو الحقيقية في خليج طوكيو، لذا كان ممكناً أنهم قد حاربوا إله السحر أوثينوس وبقية الغريملين.

لكن كيف أدى ذلك إلى هذا التقرير الإخباري؟

حَدَّق بصراحة في الأخبار التي بدت معزولة عن الواقع أكثر من حرب في بلد بعيد.

بدت وكأنها مزحة سيئة، لكنه تذكر بعد ذلك الرائحة المشتعلة.

وقد تم تدمير سقف هذا المنزل الغريب وجداره.

أدار رأسه بصلابة ونظر مرة ثانية إلى المدينة عبر الجدار المتهدم.

وَمَضَ الضوء البرتقالي هناك، لكنها لم تكن من أضواء المدينة.

كانت المدينة بأكملها تعاني من انقطاع التيار الكهربائي.

الأضواء التي رآها مشتعلةً كانت ألسنة اللهب الهائلة التي أُشعِلَت رغبةً في حرق أحدٍ حتى الموت.

«...»

تفرع البث إلى لقطات مختلفة.

بدا وكأنه انتقل إلى مؤتمرٍ صحفي، أضيئت فيه عدد لا يحصى من ومضات الكاميرا لأجل رجلٍ واقف في الوسط.

نفخ رئيس الولايات المتحدة ‹روبرتو كاتز› صدره وتحدث.

‹ ‹سأجنبكم كل التفاصيل الزائدة. أولاً، نعلم جميعًا أنه لم يكن هناك مجال للنقاش. ربما اعترفت حكومة اليابان أنّ كاميجو توما يختبئ في بلدهم في النهاية، لكنهم أخفوا هذه الحقيقة لزمنٍ طويل. وهذه إهانة لشعوب كل الدول التي آملت في مجتمعٍ دولي مستقر وسلمي.› ›

«م-ماذا؟»

أعرب كاميجو عن سؤاله بصوتٍ عالٍ على الرغم من عدم وجود أحد لسماعه.

كان ذلك الوجه المألوف يتحدث بتعبيرٍ غير مألوف.

«إننا نفرض مشقة كبيرة على شعب اليابان، وخاصة أولئك الذين يعيشون في وسط المدينة. هذه حقيقة لا يمكن إنكارها، لكن لا يمكننا إنهاء هذا الهجوم حتى يكون معنا دليلٌ قاطع لا يُنكر على وفاة كاميجو توما. حتى أولئك الذين يصرون منكم على المسالمة يجب أن يفهموا في أعماقهم. من أجل السلام الحقيقي، يجب أن نذبح ذاك الشيطان الآن!!› ›

كان الصوت المترجم لصوت الرئيس الفعلي يتحدث بهدوء غريب عند مقارنته بتعبيرات الرئيس ونبرته الفعلية. ما فعله هنا كان مختلفًا قليلاً عن قراءة قائمة أولئك الذين سيتم إطلاق النار عليهم.

‹ ‹حتى لو انقسمت الآراء في الوقت الحاضر، فمن المؤكد أن المؤرخين من بعد قرن سيشيدون بقرارنا. إذا سُمح لكاميجو توما بالفرار واختفى مرة أخرى في هذا العالم الواسع، فلن يبقى إلا الأنقاض والجثث في هذا القرن!! من أجل صلاح البشرية جمعاء، سنحرص على إنهاء حياة هذا الشيطان!!› ›

وتبع ذلك موجة من التصفيق.

شعر كاميجو بالضياع وهو يشاهد العالم يستجيب بحماسٍ لخطاب الرئيس. بدأ يتساءل عما إذا كانوا سيذرفون الدمع عند الإعلان عن كرتون بيض ذو 98 يناً (1 لكل شخص) طالما يتم تسميته "خطاب رئاسي".

لم يعرف حتى من أين يبدأ.

في قارب غارق، أول ما سيفعله المرء هو أن يسد الفتحة في قاع القارب. لكن عدد "الثقوب" في هذا كان ببساطة أكبر من اللازم. لم يكن هادئًا كفاية حتى يفكر في سد كلّ منها بالترتيب، فما عساه الآن إلا أن يشاهد مشهد الدمار.

ونتيجة لذلك، تجنب نظره عن "الحقيقة" وحاول أن يُريح باله بقلب الافتراضات الأصلية.

(أهذا نوع من حرب المعلومات؟ هل يحاولون خداع غريملين ليستدرجونهم إلى مكانٍ ما؟ لا أفكر في أي سبب آخر في لما يُعطون العالم مثل هذه المعلومات الخاطئة.)

لكن أفكاره توقفت.

«أهلاً.»

تسلل صوت جديد فجأة إلى غرفة النوم المدمرة.

قفزت كتفيه واستدار. وجد فتاة تطوي ذراعيها وتتكئ على الحائط.

كانت ترتدي قبعة رأس تشبه الساحرة، وكان لها ملبسٌ جلدي مُقيّد لجسدها، وكانت ذات رقعة عين واحدة. كل هذه الأشياء أعطت رموزًا معينة لصورة لهذا الشخص.

لا، ربما لم تكن قد وقعت في فئة "الشخص".

«إله السحر أوثينوس!؟»

«اشتعل العالم حرارةً بروعة.»

تلك الفتاة التي وقفت في أرض أحد الآلهة كانت تعبث بريموت التلفاز. قلبت القنوات عشوائيًا. بدت وكأنها شخصٌ يضيع وقته الفارغ بعد العشاء، لكن كل قناةٍ عرضت لقطاتٍ مروعة هددت بسحق قلب كاميجو حتى ينفجر.

وأظهرت إحدى القنوات زعيم الكنيسة الأرثوذكسية الروسية وهو يتحدث أمام حشدٍ من الناس عظيم أمام مزارٍ مقدس.

‹ ‹اسمعوا يا ناس. وارفعوا صلاتكم لهذا اليوم. يحترم الرب إرادة الإنسان الحر، لكن يجب ألا نتناسى ذنوب الناس سذاجةً. وعلى الذنوب أن تُكَفّر. ذاك المُسَمَّى كاميجو توما هو ركودٌ ناتج عن إساءة استخدام الحرية التي أُعطيت للإنسان. وها هو الرب يمتحننا ما إذا استطعنا تنقية السوء بأنفسنا.› ›

وأظهرت قناة أخرى الملكة الحاكمة البريطانية وهي جالسة في ردهة القصر وتتحدث مع شخص من المحطة التلفزيونية.

‹ ‹هو وضعٌ فريد للغاية، لكن يجب أن نقاتل هنا لأن شرفنا على المحك. من النادر أن نرى شرّاً على هذا المستوى في هذا الزمان. وفي الآونة الأخيرة، تحدثت حتى المافيا والعصابات عن الخير. يُشرفنا أن نؤدي دور قاتل التنين في هذا الزمن.› › [1]

«يبدو أن تروسهم قد انهت تسخينها.» قالت أوثينوس «العالم يغلي. أدركوا أن هذه الضجة الكبيرة لن تنتهي أبدًا ما لم يجدوا رأس كاميجو توما تحت الأنقاض. إني مندهشة قليلاً من أن أحدًا لم يحاول استخدام الأسلحة النووية بعد أن آل الوضع لهذا. لعلهم أرادوا تأكيد وفاتك بعد الواقعة.»

«ما الذي فعلتِه؟» تمكن كاميجو بطريقة ما من تحريك شفتيه المرتعشتين وتحدث. سرعان ما نما صوته إلى صراخ «ماذا فعلتِ بهم!؟ لا أفهم لماذا قد يتوقفون عن استهدافك!»

«أووه هيّا. أتحسبني هددتهم وأعطيتهم ملصق مطلوبين؟ ما كان أحدٌ ليوافق. كانوا سيرفضون وسأسلب حياتهم البائسة مضطرةً. أكيدٌ أنك تفهم هذا.»

«...»

«كما أن استمرارية العالم لم تعد مهمة. لقد وصل العالم حقًا إلى نهايته. -تنهد-... خرجتُ عن طبعي لأُظهِرَ لك، لذا أرجوك لا تقل لي أنك نسيت. هذا ليس كابوسًا تستيقظ منه في النهاية وليس وهمًا لا معنى له. هذا هو العالم الحالي. أنا إله. وصنعته على هذا النحو. اخدع نفسك كما تشاء، ولكن لا ينتظرك سوى مصيرٌ واحد إذا رفضت قبول الواقع أمامك.»

هز الإله السحري كتفيه بينما كان لا يزال متكئًا على الحائط.

«سوف تموت. بهذا المنوال، ولن يُغير شيء ذلك.»

سَطَعَ ضوءٌ من الخارج.

يبدو أنه ينتمي إلى مصباحٍ يدوي قوي.

نظر كاميجو حول غرفة النوم المدمرة وهو نصف مُعمي، لكنه لم يرى أوثينوس في أي مكان.

وفي مكانها، سمع العديد من الأصوات العنيفة من الخارج.

‹ ‹هَييي، سمعتُ تلفزيون هناك، ولكن لا يمكن أن يكون تلفزيون أبو شاشة 1seg الصغير للكوارث. للحفاظ على البطارية، لا يسمحون للناس برفع مستوى الصوت إلى هذا الحد.› ›

‹ ‹لكن الكهرباء انقطعت على كامل المنطقة. لا أحد يستطيع تشغيل تلفزيون عملاق.› ›

‹ ‹لابد أنهم عندهم حيلة ما. ربما نحد شخصًا ما يعيش متخفيًا هناك. لنذهب. قد يكون هو.

عرق كريه انسكب من كامل جسد كاميجو.

كان متأكدًا تمامًا من أن غرفة النوم المدمرة كانت في الطابق الثاني من المنزل، لكنه لا يزال يسمع أصواتًا عالية لدخول أشخاص إلى المنزل. وهذه الأصوات لم تكن صوت مقبض باب أو باب يُركل أو أي شيء آخر توقعه.

كسروا النافذة على الفور.

طعن الصوت عالي النبرة طبلة أذنه.

«...!؟»

لم يعمل هؤلاء الناس وفقًا للمبدأ السليم العادي.

لكن هل ينطبق ذلك فقط على هذه المجموعة الغاضبة التي اقتحمت منزل شخص آخر؟

كان من الغريب أن تحترق المدينة.

اين ذهب صاحب المنزل؟ هل كان صاحب دمية البطريق في غرفة النوم آمنًا؟

لكن كل هذا لابد أن يفكر فيه بعد أن يهرب بأمان.

سواء كان هؤلاء الناس مجانين فقط أم القارة بأكملها، فإنه شك في إمكانية إجراء محادثة مناسبة مع أناسٍ لم يترددوا في كسر نافذة أحدٍ ما. وبدا أن أوثينوس قد فعلت شيئًا لأنه حتى الذين على التلفزيون كانوا يتصرفون بشكل غريب. لم يعرف من هم هؤلاء الناس، لكنه شك في أن أي شيء جيد سيأتي من لقاءهم.

ركزت أفكاره على البقاء حَيّاً.

(منزل صغير كهذا سيكون له درجٌ واحد فقط. إذا غادرت من الباب الأمامي، فسألقاهم ومثلهم. الهروب على أسرع طريق سيكون له تأثير معاكس. ولكني في نهاية المطاف سأهرب، عليّ بالصبر، فهذه الطريقة الوحيدة.)

استدار غريزيًا نحو باب غرفة النوم المدمرة. ما وجد عليه قفل. يمكنه استخدام الكرسي وغيره من أشياء في الغرفة ليصد الباب، لكن هذا سيكون له تأثير معاكس. من المؤكد أن المجموعة المتطفلة ستدخل كل غرفة. وإذا وجدوا أحد الأبواب موصدة، فهو واضحٌ ما أول ما سيفكرون فيه.

(أين أختبئ؟ تحت السرير؟ في الخزانة؟ لا. كلما بدا المكان أأمن، زادت احتمالية توقعهم له. عليّ أن أختار مكانًا بالكاد يُعد مَخبئاً. عليّ الاختباء خلف باب خزانة مفتوحة أو أي شيء انتحاري بنفس القدر. فتلك الأماكن ستفلت من توقعاتهم وستكون بمثابة نقطة عمياء ذهنية).

سمع خطى عبر الأرضية الرقيقة.

أطلق نفسا طويلا وحاول السيطرة على أعصابه.

(المخارج هي الباب و ... الجدار المكسور).

مع الحرص على ألّا يثير ضوضاءً، مشى من السرير إلى الحائط. لم يكن في الجدار ثقب كبير وحسب؛ بل أن كامل الجدار قد اختفى. يبدو أن غرفًا متعددة كانت متصلة في الأصل بشرفة معدنية، لكن الدعامات اختفت جنبًا إلى جنب مع الجدار الخارجي. أمكنه أن يرى بقايا الشرفة المعدنية على الأرض الممزقة التي كانت في الأصل ساحة.

كانت الأرض بالأسفل قذرة. من المحتمل أن ينجو من القفز من الطابق الثاني، لكن بقايا الشرفة والجدار كانت تعيق. أيضًا، إذا أضر كاحله في هبوطه، فإن الرجال في المنزل سيسمعونه ويلحقونه.

(هل أصنع حبلاً؟ قد أستطيع مع بقايا الستائر. ما إن يتحققوا من هنا ثم يكملون بحثهم في باقي الطابق الثاني، سأنزل من مكان الشرفة. طالما لم يملكوا قوس أو مسدس عادي، سأقدر على الهروب.)

بعد أن قرر عام الخطة، ضغط كاميجو نفسه على الحائط حتى يختبئ خلف الباب المفتوح.

(علي أن أقابل إندِكس أو ميساكا أو أي شخص آخر يعرف ما يحدث.)

لكنه كان ساذجًا للغاية.

لقد أدرك ذلك بمجرد أن أدرك أن الخطى في الطابق الأول لم تصل إلى الطابق الثاني.

كما أنه اكتشف رائحة احتراق.

كانت الرائحة الحارقة تملأ المنطقة لفترة من الوقت، لكن هذه الرائحة كانت أقوى بكثير.

عندما سمع ضوضاء طقطقة، أدرك أخيرًا مدى إلحاح الموقف.

(ل-لم ينووا البحث في المنزل! بل أشعلوا النار فيه ليُخرجون من مكان في الداخل!)

توقعاته لا تعني شيئًا.

فكرة أن مثل هذه التصرفات طبيعية كانت تنتشر في جميع أنحاء العالم.

إذا بقي، فسيُحرق حتى الموت. إذا كَحَّ وخرج، فسيُقبض عليه. لم تكن هناك وسيلة مناسبة لحل الوضع.

إذا أراد البقاء حياً ليعرف سبب تحول العالم إلى ما كان عليه، فعليه استخدام طريقة لامنطقية أكثر من هذا الموقف اللامعقول.

  • الجزء 2

ما كان لكاميجو توما وقتًا يكفي للتفكير في وسيلةٍ للهرب آمنة.

تلك الجماعة المجنونة قد أشعلت النار في منزل لمجرد أنهم سمعوا التلفاز، لكنهم حتى لا يريدون الموت في المنزل الذي أضرموا فيه النيران.

ولذا استغل كاميجو هذا التوقيت.

ما فعله كان بسيطًا للغاية: قفز من الحفرة الكبيرة في الجدار المنهار.

فعلها في هذا التوقيت ليهبط فوق أحد الرجال وهم يغادرون المنزل المحترق.

لم يكن هذا وقت القلق بشأن خصومه. لقد ركز فقط على تحييد هذا التهديد، لذلك لم يتردد في الوقوع بقوة على رأس المجموعة المكونة من ثلاثة أو أربعة رجال.

سمع الصوت الخافت لشيء يُسحَق.

اندلعت صرخة في مكان قريب.

لم يمتص الرجال كامل التأثير، لذلك انزلق كاميجو إلى ساحةٍ مليئة بالخردة. تطايرت بقايا الشرفة وكتل الجدار في ظهره. ومع ذلك، نهض محمومًا وصعد فوق السياج الخرساني حتى سقط على الجانب الآخر.

انفجر صوت متفجر جاف.

وهو مستلقي على الطريق، أدرك كاميجو ما تعنيه هذه الضوضاء وبدأ يعرق.

(مسدس!؟)

لكنه لم يقلق فقط لأن هذا كان سلاحًا فتاكًا طويل المدى.

في اليابان، كانت هناك مهنة أساسية واحدة يُسمح لها بحمل مثل هذه الأسلحة.

«أهؤلاء ضباط شرطة!؟»

قوبل صراخه بإطلاق نار أكثر. وجاءت أصوات مقلقة من تكسير وتقطيع من الجدار الخرساني بينهما. ركض كاميجو ببساطة. أخذ كل منعطف يستطيعه، وركض متعرجًا على طول شوارع المدينة التي ترتبت بلوحة مكتوب عليها "Go". كل المباني مدمرة، وما بقي نمها قائم إلا القليل. تصاعد الدخان الأسود في كل مكان وارتفعت أعمدة النار الكبيرة في بعض المناطق التي تضررت فيها أنابيب الغاز تحت الأرض، لكن لم يكن هناك ما يشير إلى وصول رجال الإطفاء.

اِفتَرَضَ أن هؤلاء كانوا غرباء أطوار يُرَوْن فقط في التلفاز حيث يُصَوّرون على أنهم "شباب هذه الأيام".

لكن اتضح أنهم من الشرطة.

كانت هذه هي المهنة التي تهدف إلى حماية القانون والنظام، لكنهم أشعلوا النار في منزل واحدٍ غريب فقط لأنهم سمعوا صوت تلفاز بداخله. انطلاقا من هذا الأساس، لم يرغب كاميجو في التفكير فيما سيفعله الناس العاديون.

سمع زئيرًا في السماء يشبه صوت رفرفة القماش في الريح تَضَخّمت عشرات المرات.

توقف ونظر إلى السماء الملتهبة. رأى مروحية تسلط ضوءاً غامرًا قويًا على الأرض. لم يعرف التفاصيل، لكنها على الأرجح مروحية عسكرية.

أثناء تحركها في خط مستقيم، سلطت الضوء على كومة من الأنقاض وبدا أنها وجدت شيئًا. مع الزئير المتفجر المستمر، أطلقت سلسلة من الرصاص الكاشف الذي يشبه الألعاب النارية.

لهث كاميجو لحظةً ليلتقط أنفاسه وهو يتكئ على عمود الهاتف (الذي لم يرى مثله كثيرًا أثناء إقامته في المدينة الاكاديمية).

لسعه حلقه.

كان هذا أسوأ من إرهاق الركض. شعر بشيء مشؤوم معلق في الهواء.

«لقد تغلبت على المحاكمة الأولى.» قال صوت فتاة.

جلست الإله السحري أعلى عمود الهاتف وساقيها متقاطعتان بأناقة.

تحرك كاميجو عن العمود وصرخ عليها.

«ماذا فعلتِ بحق السماء!؟»

«لا شيء.» ردت الفتاة شقراء الشعر صاحبة رقعة العين بابتسامة خفيفة «إنما غيّرت وجهة نظر الجميع.»

اختفت أوثينوس في غمضة عين. نظر حوله لكنه لم يجد أي أثر للفتاة.

وبدلاً من ذلك، وجد عددًا قليلاً من الأشخاص تحت الأنقاض.

لم يتحركوا مقدار إصبع.

«...»

لم تكن هناك علامة واضحة على عنفٍ كالمروحية أو الشرطة، لكن الأمر لم يتطلب طبيبًا متخصصًا ليعرف ما حدث لتلك الجثث التي جَفّت مثل المومياوات.

لقد جاعوا حتى الموت.

جاء صوت مزعج من راديو الطوارئ في أحد أذرعهم الشبيهة بالفروع.

‹ ‹لقد قطع قرار الأمم المتحدة كل المساعدات الدبلوماسية والتجارية والغذائية عن البلاد. اليابان تتمتع بأقل من 40٪ من الاكتفاء الذاتي في إمداداتها الغذائية، لذلك من المتوقع أن يموت واحدٌ من كل اثنين.› ›

‹ ‹ليست هناك حاجة حقيقية للقتال. بعد الحرب، صُنِعت اليابان بحيث ستجف لوحدها بدون مساعدة خارجية. كأننا أعطيناها طوقاً أقول. ولكن منظر البلد يوحي أنهم سيأكلون جذور الأشجار ولحم الإنسان إذا تطلب، لذا فمن الأفضل التأكد تمامًا.› ›

سئم كاميجو من كل شيء.

غادر تلك المنطقة وسار في الشوارع السكنية. لابد أن شيئاً ثقيلاً جدًا قد أثارهم لأنهم كانوا مثارين بشكلٍ فظيع.

بعد المشي لفترة، حصل أخيرًا على تلميح لمكان وجوده.

عند منعطف تسعين درجة، وجد علامة طريق معدنية. كانت محترقة سوداء من ألسنة اللهب، لكن لا يزال بإمكانه تحديد اسم المكان.

«...شيبويا؟»

ركضت قشعريرة على ظهره.

كومة الأنقاض هذه كانت شيبويا؟

«أهذا هو المكان الذي رأيته على التلفاز؟»

قد يفكر المرء في شيبويا كمكانٍ مليء بمصادر الأزياء الجديدة والمنشآت الصناعية والمتاجر ذات العلامات التجارية عالية المستوى، ولكنها في الواقع فيها منطقة سكنية هادئة وحانات على بعد بضع مئات من الأمتار فقط من المحطة. (بالطبع، كانت أسعار المنازل مرتفعة بشكل تثير الضحك).

بدا أن كاميجو قد شق طريقه من الحي السكني إلى المنطقة الصناعية.

لم تُشعر أي منها بالحقيقة.

كان هذا جزئيًا بسبب العيش داخل أسوار مدينة الأكاديمية، لكن المشهد أمامه كان أيضًا مختلفًا تمامًا عما شاهده على التلفاز.

لم يرى مبانٍ يزيد ارتفاعها عن خمسة عشر متراً.

تلك قد انهارت وصارت أنقاضا. والطرق المرتفعة مقسومة. ومنظر المدينة تَحَطَّم من قوةٍ ساحقة وبقيت قواعد المباني فقط بعد أن تعرضت لأضرار قاتلة.

(هل فعل غريملين هذا أم كان التحالف؟)

‹ ‹لستُ أنا.› › قال صوت.

داخل متجر به نوافذ محطمة ومسروقة كل تجارته، كانت فتاةٌ ترتدي رقعة عين تدور أمام مرآة كبيرة.

‹ ‹ويبدو أن الأمر لم ينتهِ بعد.› ›

اختفت كأنها من دخان.

من المفترض أن المدينة فقدت كل قوتها، لكن صوتًا مرحًا جاء من مكبرات الصوت في المتجر.

يبدو أنها ترجمة يابانية لأخبارٍ أجنبية.

‹ ‹لقد بُذِلت الجهود لإجلاء الطلاب من المدينة الأكاديمية، لكن التحالف يرفض السماح. يقولون إنهم سوف يقضون على كل الاحتمالات السلبية في مهدها بقصف كل مكان يقبل الأشخاص الذين تم إجلاؤهم. يا للرعب. العالم المسالم لهو الأفضل حقًا.› ›

رأى كاميجو أضواءً.

بدوا كشهب، وكثيرٌ منها كثير.

‹ ‹يبدو أن القصف الدقيق على ‹سايتاما› و‹يوكوسكا› و‹شيزوكا› و‹كوفو› قد بدأ. انتهى الأمر. لن يسمحوا لهم بالخروج من ‹كانتو›. لدينا تحذير لكل الصبيان والبنات الطيبين! إن لم ترغبوا في أن يتحول بيتكم إلى قطع صغيرة، فلا تسمحوا لهم بدخول مدينتكم! دعوة الذين تم إجلاؤهم ستنتهي بالسوء يا حبيبي!»

مرت عشرين إلى ثلاثين ومضة من الأضواء فوق رأس كاميجو. طعنوا الهياكل المركزية مثل محطة مترو الأنفاق.

قدم الصوت البهج تعليقاً.

أشار الصوت ضمنيًا إلى كيف كان يُنظر إلى هذا من قبل أولئك الموجودين في "الخارج".

‹ ‹هَيي، ومعي معلوماتٌ حماسية أكثر. هذه المرة، شيبويا! لنبدأ العد التنازلي لمقتل الأشرار. عشرة، تسعة، ثمانية، سبعة ... عصر جديد سعيد في مرآنا!! ياهوو!!»

أربعة

ثلاثة

اثنان

واحد

سقط الهجوم.

انفجر وميضٌ من الضوء.

تبع ذلك هدير عظيم.

وكل شيء احترق.

ما كان لكاميجو وقتاً للنزول يكفي.

بعد وميض الضوء بوقت قصير، انتشر جدار من الغبار ليمثل بصريًا موجة تصدم. استهدفت صواريخ كروز محطة مترو الأنفاق على بعد أكثر من مئة متر، ومع ذلك ألقي جسده في الهواء. لم يعرف ماذا ضرب، لكن ألم باهتٌ انفجر في مؤخرة رأسه.

«غه... واه!! كحح كحح!!»

ضرب رأسه، ومع ذلك ظهرت رغبة قوية في القيء من بطنه.

ومع ذلك، لم يكن لديه الوقت ليفحص إصاباته على مهل.

«كسسسششش!!»

يبدو أن مكبر الصوت في المتجر قد تضرر في الانفجار إذْ أنه أنتج كهرباءً ساكنة فقط. لكن كاميجو تذكر ما قاله ذلك الصوت.

استهدفت التفجيرات الطلاب الذين فروا من المدينة الأكاديمية.

في أي حالة...

«لا يمكن أنهم،» تمتم.

ملأت الوجوه المألوفة رأسه المؤلم.

«ما هي بالنكتة حتى، اللعنة!!»

تجاهل دوخة رأسه المُضطرب وركض نحو المحطة. عندما اقترب، شعر بألمٍ لاذع على جلده. أدرك متأخرا أن الهواء كان شديد الحرارة.

لقد فقد المبنى شكله الأصلي تمامًا وانهار حقًا أثناء مشاهدته.

ماذا لو كان هناك عدد كبير من الناس يختبئون فيه؟

(لا! لا! سمعتُ أن محطة شيبويا مبنية مثل حفرة عمودية عملاقة تصل حتى عشرات الأمتار تحت الأرض. إذا كان الناس يُخلون، فسوف يتجهون إلى أقصى حدٍّ ممكن. فقط لأن المبنى في السطح فوقه قد انهار لا يعني أنهم ماتوا!!)

‹ ‹لا تظمن،› › قال صوت فتاة.

لسبب ما، قادت على جانبه مركبةً كهربائية ذات عجلتين، ربما التقطتها في مكان ما.

‹ ‹قد لا تسير الأمور حلوةً كما تحسب.› ›

«!!»

حاول أن يَلكِمها، لكن الإله السحري ومركبتها قد اختفيا كالدخان.

بحلول الوقت الذي وصل فيه إلى مبنى المحطة، كان الألم على جلده هو نفس الألم على شاطئ في منتصف الصيف. حتى مع سماكة حذائه، فإن قاع قدميه يؤلمان أكثر من وجهه المكشوف. ربما تسخنت الأرض كالمقلاة. لم يكن ليفعل ذلك بغض النظر، لكنه لم ينوي الجلوس ليلتقط أنفاسه.

(أين المدخل؟)

نظر حوله.

تحول المبنى نفسه إلى كومة من الأنقاض، لذلك كان من الصعب تحديد الجزء الذي كان موجودًا. تكدست الكتل الخرسانية بدون وجود فجوة بينها. ببساطة لم تكن هناك أي مساحة لدخول شخص ما.

(تبا. كيف لي أن أدخل!؟ الناس بالداخل سيختنقون هكذا!!)

فجأة سمع صوت صخور ثقيلة تتساقط.

ثم رأى.

ولكن ليس المدخل الذي رآه.

«فوكي ... يو ... سي ...؟»

كان صوته يرتجف.

رأى أخيرا وجهًا مألوفًا. أراد إنقاذ زميلته في الفصل بأسرع وقت ممكن، لكنه تمنى أيضًا بشدة ألا تكون هنا.

«فوووكييووسييييييييي!!!!!!»

كانت فتاةً حيث كانت ملامحها الأساسية: ثدييها الكبيرين وشعرها الأسود الطويل الذي انفصل ليُظهر جبينها.

لقد انهارت عند سفح كومة من الأنقاض. استلقت على الأرض التي طعنت في حذاء كاميجو كأنها صخرة خرجت من جهنم.

ركض فحَمَلَها بجنون.

غطى شعرها الأسود وجهها، لذا لم يستطع أن يرى مقدار الضرر.

ومع ذلك، لا تزال تتنفس ببطء.

لابد من عمل شيء.

«اللعنة!! أنتِ بخير!؟ سأفعل شيئًا حيال هذا. سوف أنقذك!!»

أشعرت وكأنه كان يرفع كتلة سميكة وثقيلة من المطاط.

لم يستطع هاوٍ مثله معرفة ما حدث داخل جسدها، لكنه كان يعلم أن عليه أن يعالج حروقها. العثور على ثلجٍ في مدينة لا حول لها سيكون صعبًا، لكنه حَسِبَ أنه يعثر على ماء.

«...آه...»

تحركت شفتيها المتشققة بشكل طفيف.

أوقفها بيده.

«لا تتكلمي. عليك بالعلاج أولاً، هيّا لنخرجك من هنا.»

وجاء في الإعلان أن التفجيرات كانت تستهدف الطلاب الذين أخلوا الأكاديمية. إذا كانت الفصول الدراسية وكل الطلاب والمدارس بأكملها تسافر في مجموعات، فلربما يقابل آخرين يعرفهم في شيبويا أيضًا. أراد أن يسألها الكثير، لكن سلامتها جاءت أولاً.

مع وضع ذلك في الاعتبار، وقف وهو لا يزال يحملها.

نظر حوله.

(ألا مكان أضعها فيه بأمان؟ فأنا بحاجة إلى ماء ومنشفة. قد لا أجد ثلجًا، ولكن قد أجد رذاذاً باردًا في علب العصير. لا ينبغي أن يكون صعبًا أن أعثر على متجر أدوات رياضية في شيبويا.)

كما فكر، تحركت زميلته في ذراعيه بضعف.

لم يأبه بذلك.

لكن تبيّن أن ذلك كان خطأ.

سمع ضوضاء صغيرة.

كان صوت طعنةٍ لجانبه بقطعةٍ من الزجاج كانت تُحْمَلُ في يد.

«ها؟ آه...؟»

للحظة، لم يفهم ما حدث.

لقد كان مرتبكًا لدرجة أنه لم يشعر بالألم.

بل بيّنت نفسها واقعيةً فقط في الطعنة الثانية.

من المفترض أن ‹فوكيوسي سَيْري› كانت وبلا شك إلى جانبه، لكنها حركت يدها المرتجفة ولفت معصمها وهي تمسك بقطعة الزجاج.

«ها؟ غه كغهه!؟ غاه! غاااه ...!!»

سافر ألمٌ شديد على طول عموده الفقري واعتدى على الجزء العلوي من جسده بالكامل.

تركت القوة أطرافه.

(ما.)

لم يعد بإمكانه دعم فوكيوسي التي سقطت على بلاط الرصيف الحارق.

لم يستطع قمع الرغبة في القيء.

أقصى ما أمكنه هو أن يدير رأسه إلى الجانب.

«كحح كحح!! غبغ!! غاااااه!؟»

ما قذف من فمه لم يكن قيء، بل سائلاً أحمر. أدرك أخيرًا مدى خطورة الموقف عندما تخيل كيف أن الدم جرى عبر جسده ليفيض من فمه هاربًا.

«آه...»

تعثر إلى الوراء.

مد يده إلى أسفل نحو القشرة الزجاجية التي كانت مصبوغة بالأحمر. شعوره بجسمٍ صلب في جانبه أرجفته، لكنه تمكن من سحبه خارجًا. وسعل مزيدًا من الدم. ما عاد قادرًا حتى تخمين مقدار حياته التي سلبها هذا الفعل.

سمع صوت زحف قماش.

كانت فوكيوسي تحاول ببطء الوقوف من حيث سقطت على الأرض.

«كيف لك...»

تكلمت.

لم يرَ تعبيرها هذا قط.

حتى أنه نسي أن يمسك جرحه وهو يحدق.

«كيف لك أن تتحدث عن إنقاذي؟»

استياء.

شَرَحَت هذه الكلمةُ كلماتِ زميلته بضراوة كفت لتُغَلِّفَ روحه بها.

«كاميجو توما. لو لمْ تفعل ما فعلت، لما مات أحد!!»

أشعرت كلماتها وكأنها ضربةٌ جسدية.

بصوت كشطٍ معدني، سحبت زميلته قطعة محترقة من حديد التسليح من تحت الأنقاض.

لكن كاميجو توما لم يفهم.

ماذا فعل؟

ماذا حدث خلال المواجهة مع أوثينوس في سارغاسو؟

حتى عندما رفعت السلاح الحاد أمام عينيه، لم يستطع الحركة.

لقد حارب هذا الفتى العديد من السحرة و الأسابر. لقد أنهى حتى الحرب العالمية الثالثة، لكنه ها هنا سيُقتل بسهولة على يد زميلته في الصف.

ولكن قبل حدوث ذلك بقليل، فاضت الحياة في تلفازٍ LCD مدفون تحت الأنقاض لسبب ما.

‹ ‹ستطلق قريبًا موجة ثانية وثالثة من صواريخ كروز من البحر. انظروا إلى هذه اللقطات. نظن أن خطوط الضوء هذه هي الصواريخ. سوف يضربون... الآن!!› ›

ابتلع طوفان من الضوء والصوت كل شيء.

لحسن الحظ (إذا تم تطبيق هذه الكلمة حتى في هذه الحالة)، فإن الصواريخ المرقمة بأرقام مزدوجة يبدو أنها سقطت على الجانب الآخر من كومة الأنقاض التي كانت محطة مترو الأنفاق. كانت الصورة الظلية السوداء لهذا التل العملاق هي الشيء الوحيد المرئي حيث ملأ اللون الأبيض العالم.

لكن هذا لا يعني أنهم كانوا بمأمن.

اجتاحتهم دوامة من الحرارة الشديدة. تغير لون أوراق الأشجار المكسورة والمتساقطة على جانب الطريق حيث احتُرِقت بصوت مسموع. أغلق كاميجو عينيه محمومًا وحبس أنفاسه، لكنه شعر بشفتيه المغلقتين تلتصقان ببعض إلى حد غريب.

والأهم من ذلك، انهارت الأرض الصلبة تحته فجأة إلى أسفل.

كان ذلك عندما تذكر أن محطة شيبويا بها منطقة مفتوحة كبيرة تمتد الى أعماق الأرض.

  • الجزء 3

سقط.

بدا وكأنه يسقط إلى الأبد.

حتى لو انهار هيكل بعمق عدة أمتار تمامًا وصارت حفرة عملاقة واحدة، فلن يسقط لهذه المدة الطويلة.

أو ربما أغشاه الانفجار وكان هذا حلمًا.

وسط إحساسه الغامض بالواقع ومرور الوقت، سمع كاميجو فتاةً تتحدث.

‹ ‹هل فهمت الان؟› ›

كانت الإله السحري أوثينوس.

تحدثت إليه الفتاة شقراء الشعر ذاتُ رقعة العين وهي تسقط رأسًا على عقب بجانبه.

«هذا عالمٌ له وجهة نظر مختلفة.»

«ماذا؟ أيُّ وجهة نظرٍ غيَّرتيها لتجعلي العالم هكذا!؟»

«لم تستوعب بعد؟» ضحكت ساخرةً «وجهة نظرهم عنكَ أنت.»

 

 

استيقظ كاميجو توما على صدمةٍ باهتة.

نقص الكهرباء تعني أنه كان محاطًا بظلامٍ دامس تقريبًا، لكن بدا أنه موجود في الجزء التحت أرضي من محطة مترو الأنفاق. لم يسقط كل هذا الحد. أمكنه أن يرى الجزء المكسور من السقف الذي سقط من خلاله وكان منظر المدينة المدمر مرئيًا من وراءه. سمح ذلك بقليل من الضوء.

لم تكن فوكيوسي سيري معه.

يبدو أنها لم تنهار معه.

«غوهه!!!؟؟؟»

عندما حاول التحرك، انتشر ألمٌ شديد من جانبه إلى جسده بالكامل. قد طعنت فوكيوسي جانبه. ليس ذلك فحسب، بل قامت بلفّ النصل لتُوَسّع الجرح وتلحق بداخله ضررًا أكبر. كان هذا فعل شخص يعتزم القتل. أحضر يده إلى الجرح واكتشف أن بركة الدم الحمراء على الأرض كانت أكبر مما حَسِب.

وشك بصراحة أن مهارات هاوٍ في لف الضمادات ستفيد في هذه المرحلة.

لكن الأمل في شيء لن يتلقاه لن يُحَسّن وضعه. شك أن أي أحدٍ سوف ينادي سيارة إسعاف من أجله وشكّ في وصول سيارة إسعاف إذا اتصل حتى. لم يستطع الاعتماد على فرصة ظهور الطبيب.

«...آه...»

لم يحمل فكرةً عن مقدار القوة المتبقية لديه، لكنه جمع ما لديه وحاول الوقوف.

نزع معطفه، ولفه، وضغط على جرحه.

شاشة LCD المخصصة لعرض معلومات السكك الحديدية قيد التشغيل.

‹ ‹~ الموضوع: تأكيد تدمير المدينة الأكاديمية ~ المدينة الأكاديمية، المدينة التي أنتجت كاميجو توما، تم قطع جميع خطوط الإمداد بسبب الألغام الأرضية النووية المتعددة الموضوعة حول أراضيها. تشتهر المدينة بمستوى عالٍ غير عادي من الاكتفاء الذاتي بسبب مصانع الخضار متعددة الطوابق وغيرها من التقنيات، لكنها لا تستطيع أن تحافظ على نفسها بدون أي إمدادات على الإطلاق. — لقد كانت هذه أخبار WNP› ›

«ليس ثانيةً.»

تسابقت رؤية كاميجو المتذبذبة بشدة عبر النص.

لا يزال هناك الكثير من ما لم يفهمه، لكنه أدرك على الأقل أن معظم الناس في العالم يكرهونه وأن أي أحدٍ أو منظمة مرتبطة به ولو من بعيد سيتعرضون لهجمات عشوائية.

الشيء الوحيد الذي لم يعرفه كان "لماذا".

وقد أدرك متأخرًا أن هذا ليس الوقت المناسب للقلق بشأن السبب.

«صحيح.»

ماذا لو عومل كاميجو توما شَرّاً مطلق؟

ماذا لو تعرض كل من له صلة بسيطة به للهجوم؟

«أين أبواي!؟»

انطفئ جهاز العرض مرة أخرى.

لكن الظلام لم يعد. بدلاً من ضوء الشاشة، ظهر ضوء ساطع أمامه. يبدو أنه مصباح يدوي قوي.

أحدٌ ما يقترب.

مهما كان، أفضل له ألا يُخفض حذره. أثبت الجرح العميق في جنبه ذلك.

«كامي يان...»

سمع الصوت المألوف لزميل في الصف.

هذا أعبسه.

عندما أشعل رجال الشرطة العنيفون النار في ذلك المنزل، شعر بعدم ارتياح شديد بسبب كونه وحيدًا. في ذلك الوقت، لم يظن أبدًا أنه من الممكن أن يشعر بمثل هذا الخوف من مقابلة صديق.

نطق باسم هذا الصديق.

«أوغامي بيرس.»

«لم أفكر أبدًا أنني ألقاك هنا. إني منبهر. حقًا أنا. لستُ متأكدًا كيف تمكنتَ من تجنبهم طوال طريقك إلى هنا. فحاليا، كان الجميع ليُصفق ويهتف تجاه صَلبك في الساحة العامة.»

طعنات الحقد في صوت الصبي هزّت من رأس كاميجو ببطء.

لم يستطع الكلام معه بشكل مناسب.

‹ ‹فقط لأوضح لك، لم أغسل أدمغتهم› › قال صوت فتاة. كانت أوثينوس تتكئ على ظهره. ‹ ‹لم أضف أيَّ جديد. كما قلت، أنا فقط غيّرت وجهة نظرهم. لقد قمت بما قد يتطلبه الأمر لتُعامل على هذا النحو. كل ما في الأمر أنه لم يدرك أحد ذلك — بما فيهم أنت — من قبل.»

استدار بسرعة، لكن لم يكن هناك أحد.

إله السحر أوثينوس كانت لا تزال وراءه.

‹ ‹كنتَ دائمًا تنطلق أمامًا لتدخل حادثةً ما مهما كانت، ولطالما أخذت بيمينك وتهزم عدوك، وحميتَ فردًا ما وعالمه الصغير نتيجةً لذلك. وبتجميع عددٍ كافٍ من مثل هذه الحوادث، تمكنت حتى من إنهاء الحرب العالمية الثالثة. ولقد عوملت كبطلٍ ما وعُزز فيك فقط صورة هذا الجانب الإيجابي. هكذا كان الأمر في العالم الذي تعرفه.› ›

همست الكلمات.

بدلاً من ضربه بكلماتها، تركتها تنزلق بعمق داخله.

‹ولكن ماذا لو تغيّرت وجهة نظرهم؟ كنتَ تكشف أنيابك لأي شخصٍ لا تحبه، وتقفز وتسرق كل فتاةٍ أينما صوبت عينك عليها، وتضرب بقبضتك بلا هوادة تجاه كلّ من يقاوم. هذا جانبٌ آخر من الشخص المعروف باسم كاميجو توما. لقد أخذت بقبضة يدك وسيلةً لتحل المشاكل. قد يبدو الأمر لطيفًا مقارنة بالسيف أو البندقية، لكنك تمكنت من التأثير على نتيجة الحرب العالمية الثالثة بهذه الطريقة. من الغريب أن يقبل الناس بصمت تجسيدًا للعنف من هذا القبيل. كراهية الناس تجاه الدكتاتوريين الوطنيين ليست كافية لمثلك.› ›

اختفت رائحة ودفء الفتاة وهي مستلقية على ظهره بشكل نظيف.

تحدث زميله (المفترض)، أوغامي بيرس، كما لو أنه لم يرَ أيًا من ذلك.

«كامي يان، أعلم أن لديك مشاكلك، ولكن لماذا عليك أن تفعلها من حولنا؟»

بدا مشمئزا.

دار ضوء مصباحه وقبضته عليه. صار الآن سلاحًا شبيهًا بالهراوات يستخدم وزن الغلاف الصلب وسمكه وبطارياته بداخله.

«إن كنت ستفعل ذلك، فافعله في آخر هذا الكوكب!! لا، افعلها في آخر القمر أو آخر المريخ!! لا أفهم لماذا مَرّينا بهذا. لو أنكَ بقيت محلك فقط ولم تفعل شيئًا ساعتها، فما كان ليحدث أيُّ من هذا!!»

هذه الكلمات حسمت الأمر.

لم يكن كاميجو ساذجًا بما يكفي ليعتقد أن كلماته ستصل إلى زميله في الفصل، لكنه الآن هز رأسه.

وقد فعل ذلك بنية واضحة.

«لا يمكنني يا أوغامي بيرس.»

لقد أصيب بشكل غير مباشر بانفجار صواريخ كروز، وطعنته فتاة من فصله في جانبه، وأنهك جسده بطريقة أو بأخرى، لكنه اكتسب الطاقة لهجوم مضاد.

ازدادت تلك الطاقة في كل مرة تحدث فيها.

«ربما حدث كل هذا بسببي وربما لم يبقَ لكم جميعًا أي مكان لمجرد أنكم تعرفونني.»

في أعماقه، تمنى لو لم تكن لديه هذه القوة في وقتٍ كهذا.

لكن مع ذلك، واصل حديثه.

«لكنني لن أوافق أبدًا على الصمت وغض الطرف عن ما حدث وكأنه الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله.»

«لم أنوي...»

ملأ صوت صرير الظلام.

بحلول الوقت الذي أدرك فيه كاميجو ذلك، كان المصباح اليدوي المعدني قد تأرجح بالفعل في الهواء.

«لم أنوي أبدًا مناقشة هذه القضية!!»

«...!؟»

انهِكَ جسد كاميجو من الداخل والخارج، لذلك لم يتوقع التحرك بسرعة كافية لتفادي الهجوم.

كان تركيزه الوحيد على الحفاظ على يده اليمنى.

في اللحظة التي رفع فيها ذراعه اليسرى ليحمي رأسه، سقط المصباح بلا رحمة تجاهه. مع ضجيج محطم مزعج، انفجر ألمٌ لا يصدق ليس في الجلد ولكن في قلب ذراعه. شعر بالألم كأن طبيب الأسنان قد حفر في سنك فتضخم الألم عدة مرات.

كان عظمه إما متصدعًا أو مكسورا.

حاول ألا يفكر في حقيقة أن الضربة كانت بكامل قوة زميله في الفصل. استخدم يده اليمنى المتبقية ليستولي على طوق أوغامي بيرس. دفعه إلى الأمام قبل أن تصل الضربة الثانية.

في الوقت نفسه، سحب رأسه للخلف وأرجحها لأسفل كالمطرقة.

اصطدمت جبهته القاسية بجسر أنف زميله وهزت دماغه مباشرةً.

«غه... باه!؟»

«آسف، أوغامي بيرس.»

سَبُلَت ذراعه اليسرى على جنبه كأنها ثوب ترفرف. تجاهل الألم المتورم المتصاعد بداخله وتحدث.

«هناك شيء يجب أن أراه بأم عيني. أريد أن أعرف ما حدث لأبواي، لذلك لا يمكن أن أسمح بهزيمتي هنا!!»

«...»

«أعِدُك أنني سأفعل شيئًا حيال هذا. إن كنتُ السبب في كل هذا، فأقسم لك أنني سأفعل شيئًا. لذا ابتعد عن طريقي. أترجاك ... كحح ... ابتعدوا عن طريقي.»

سمع ضوضاء قعقعة عندما أسقط أوغامي بيرس المصباح الذي استخدمه كسلاح غير حاد.

وبينما كانت تتدحرج على الأرض، ألقت دائرة الضوء في كل مكان. أخفى الظلام تعابير كاميجو وأوغامي بيرس.

ثم سمع كاميجو توما زميله يهمس بضع كلمات.

«ألا زال لديك أمل حقًا؟»

اشتبك الاثنان.

للتأكد من أنه قضى على كاميجو الذي لم يستطع استخدام ذراع واحدة، حاول أوغامي بيرس اسقاطه على الأرض ليتسلق فوقه. إذا لم يستطع كاميجو استخدام ساقيه، فسينتهى الأمر.

لكن كاميجو فهم ضعفه.

أخذ قطعة من الخرسانة بحجم الكرة اللينة من الأرض وركلها حتى ارتفاع الخصر.

ارتفع إلى نفس ارتفاع وجه أوغامي بيرس أثناء مصارعته.

لحسن الحظ، كانت المنطقة مظلمة.

بمجرد أن سمع ضجيجًا باهتًا، أمسك كاميجو شعر أوغامي بيرس، وشبك قدميه بقدمي خصمه، واستخدم ذراعه العاملة ليُلقيه على ظهره. سمع الصبي يكح ويسعل فأرجح قدمه ليوجه ضربة نحو أسفل صدره. إذا وضع ثقله في الضربة، فسيكون قادرًا على إصابته ويُغشيه.

«...»

لكنه توقف بعد ذلك.

تراجع عن أوغامي بيرس، واستدار وهرب.

كان محاطًا بالظلمة.

لم يكن يعرف من أين يجد مخرجًا.

«إن أردت اليأس هذا القدر، فخذهُ.»

طعنت كلمات أوغامي بيرس ظهره.

«فما بقي لك مكانٌ في هذا العالم! لقد فقدنا كل شيء، لذلك لن أسمح بأن يكون مصدر كل هذا هو الوحيد المُنقَذ!!»

كان هذا أسوأ شعور عاشه كاميجو على الإطلاق.

كلما ذهب، بدا وكأنه سيسقط.

«...آه. غه.»

كانت الطعنة في جنبه سيئة للغاية. سبلت ذراعه اليسرى وتدلت بجانبه. بدا أن الألم طعن في كامل جسده واختلط بقشعريرة قادمة من عموده الفقري.

شعر كما لو أن حفرة كبيرة قد فُتِحَت في السفينة التي تحمل حياته. أمكنه أن يشعر بالقوة التي احتاجها تفيض وتخور. لم يستطع حتى تخمين المدة التي يمكنه الوقوف فيها.

(رغم ذلك...)

وضع يده على الحائط وحاول أن يدعم جسده الأعرج وهو يلهث ليلتقط النَفَس. ملأت نكهة الحديد فمه.

(علي أن أعرف ما إذا كان أبواي على ما يرام. إذا لم أفعل...)

‹ ‹يا للشجاع.› › قال صوت.

فتاةٌ ذات شعر أشقر ذو رقعة عين تعلقت بالمقلوب من السقف كالخفاش.

‹ ‹ولكن إذا ابتغيتَ أن تراها بنفسك، فلن أمنعك.› ›

«...؟»

‹ ‹أيضًا.› › ابتسمت ابتسامة رقيقة وهي بالمقلوب ‹ ‹عليكَ أن تحذر من محيطك.› ›

جعله السؤال في عقله يتفاعل بسرعة بطيئة للغاية.

شعر بطعنة نصل حادة في لحمه الطري.

هذه المرة، أدرك أن الأمر قد انتهى حقًا.

جاء الهجوم من الخلف.

مد يده بيده اليمنى القابلة للاستخدام ووجد مقبض أكبر وأسمك بكثير مما كان يتوقع. إذا كان المقبض بهذا الحجم، فلا بد أنه سكين مطبخ حقيقي أكبر من سكين الفاكهة.

انهارت هِمَّتُه وعَزْمُه. بعد أن شعر بأنه يميل إلى الجانب، انحنى على الحائط وانزلق على الأرض.

لقد جمع كل القوة التي تركها ونظر ببطء إلى المهاجم.

أراد أن يرى من ذا الذي تلطخت أيديه بالدماء.

«المعلمة...كوموي...؟»

«كاميجو-تشان...»

كان طول مُعلمته في الفصل 135 سم فقط وكانت تشبه الأطفال. لم تكن من النوع الذي يقوم بذلك. لابد أنها كما كان الحال مع ضباط الشرطة. إذا كانت تفعل شيئًا كهذا، فلا بد أن العصر نفسه والعالم كانا على طريق الدمار.

«آسفة، كاميجو-تشان...»

انفجر ألمٌ حارق في ظهره.

يبدو أن يديها الصغيرتين أخرجتا السكين. بطبيعة الحال، لم تفعل ذلك من أجل علاج جرحه. كانت الضربة التالية قادمة. كان يعلم أنها قادمة، لكن ما لقوةٍ فيه بقت. وبينما كان جالسًا متكئًا على الحائط، انهار أخيرًا تمامًا على الأرض.

«لكنني رأيتُ...كل الفظائع التي حدثت للفصل. لا شيء من هذا... ما كان يجب أن يحدث شيء من هذا أبدًا. عليّ أن أتحمل المسؤولية.»

«...»

لم يعد يستطيع تحريك فمه.

لقد حَرَّك عينيه فقط لأنه حاول الحصول على أكبر قدر ممكن من المعلومات.

ثم رأى ضوءًا ساطعًا يملأ المنطقة المظلمة تحت الأرض.

جاء الضوء من شاشات LCD وأجهزة التلفزيون المثبتة في جميع أنحاء المحطة.

‹ ‹صحيح أن توما ابننا. لا منكر لهذا.› ›

أعاد هذا الصوت المألوف وعيه الغارق إلى السطح.

بدا أن الضوء المنعكس من السكين الملطخ بالدم يُظِهر داخل مبنى. بدت تشبه المحاكم التي رآها في الأعمال الدرامية، لكن كاميجو لم يكن متأكدًا مما إذا كانت قاعة محكمة حقيقية. ربما كانت أجنبية.

وكان هناك اثنان ما عاد بإمكانه الوصول إليهما في منتصف الشاشة.

ووُجِّهت إليهما تهمٌ بارتكاب جريمة ولادة كاميجو توما. وهنا انهار بعد أن استوعب أنه لم يتمكن من إنقاذهم. كلتا الوقائع جلبت له العار واعتذر مرارًا وتكرارًا في قلبه.

لابد أن يكون هذا ما قصده أوغامي بيرس.

وكان هذا هو المستقبل الذي تحدثت عنه أوثينوس ببهجةٍ.

اقتربت منه المعلمة كوموي ببطء وهو غارق في دمه. حملت السكين القاتل في يدها وظهرها على الصندوق المستطيل لشاشة LCD المثبتة بالقرب من السقف. تدفقت الدموع من عينيها، لكن القرار في مشيتها أخبر كاميجو أنه لا أمل في الحديث.

(آسف.)

لم يعرف بالضبط ما حدث.

لم يعرف الآثار المحددة التي أحدثها التغيير في "وجهة النظر" للناس.

ومع ذلك، ألقى نظرة على ما حدث. وكان ذلك كافيا لإسقاطه.

(آسف جدًا.)

بدا أن لقطات والديه تخلق هالةً خلف رأس القاتل.

واصل الاعتذار لكليهما.

ثم سمع أكثر من والده.

‹ ‹لكننا أدركنا شيئًا!! لتدمير الشر المطلق الذي هو كاميجو توما، هناك حاجة إلى مساعدة أولئك الذين يعرفونه بشكل أفضل. أحكموا علينا إن أردتم، ولكن أرجوكم افعلوها بعد أن ينتهي كل شيء! أرجوكم امنحونا فرصة لتصحيح الخطأ الذي ارتكبناه!!› ›

امتلأ العالم بالهتافات والتصفيق وتعليقات المديح.

ذَكَّر كاميجو بترسٍ عملاق بدأ ينطلق نحو مستقبلٍ مشرق.

(آه ... اليأس الحقيقي لا يبقى أبدًا ضمن توقعاتك، ها؟)

لم يعد بإمكانه تحريك أي شيء سوى عينيه، لكنه رأى تسوكيومي كوموي ترفع السكين الكبير ببطء.

لم تكن لديه طريقة للدفاع عن نفسه.

‹ ‹في النهاية، من الذي رآك حقًا بحقيقتك؟› › همست أوثينوس ببهجةٍ.

حدقت في وجهه وهي جاثمة بجانب المكان الذي كان يرقد فيه. بدت وكأنها طفلة تشاهد حشرة غريبة تزحف حولها.

‹ ‹استخدمتُ الرمح لأنظم قوتي كإلهٍ سحري فخلقت هذا العالم بوجهة نظر مختلفة. من ناحية كنتَ بطلاً ومن ناحية أخرى كنتَ تجسيدًا للدمار. ولكن ما يهم؟ لو رآك الناس كما كنتَ حقًا، فلربما أتى شخصٌ واحد على الأقل لإنقاذك.› ›

بدا الأمر وكأن الوقت قد توقف.

أو ربما هذا المكان فقط التي فيه أوثينوس قد تغيّر.

ربما كان مثل حلم اليقظة أو عندما تومض حياة المرء أمام أعينهم.

‹ ‹مهما أحاطك عددٌ من ناس، لم ينظر أحدٌ منهم إليك كما أنتَ. بعد أن رأوا اسمك وقشرتك الخارجية وقائمة أفعالك، قرروا بأنفسهم أيُّ طينةٍ من الناس كنتَ. لهذا كان سهلاً التلاعب بانطباعهم عنك بتغيير وجهة نظرهم.› ›

واصلت أوثينوس الكلام وهي تتجاهل المعلمة كوموي وهي ترفع السكين.

‹ ‹الآن، أكُلُّ هذا ضروريٌّ حقًا؟› ›

عرفت الإجابة، لكنها سألت مرة أخرى فقط للتحقق.

‹ ‹أترى هذا حقًا يستحق المخاطرة بحياتك لتحميه؟ أنتم جميعا لستم أكثر من مجرد أفراد مختلفين.› ›

«...»

أثناء انهياره على الأرض، حرك كاميجو توما عينيه قليلاً ردًا على ذلك.

لسبب ما، استعاد القوة الطفيفة اللازمة لتكوين الكلمات.

«...أنه.»

‹ ‹؟› ›

«رغم كل ذلك، فمن المؤكد أنه أمر يستحق الحماية.»

بغض النظر عن مقدار المأساة التي تعرض لها الفرد، فإنه يستحق فرصة للوقوف مرة اخرى. بعض الناس قد غيّروا علاقاتهم، وأحاطوا أنفسهم بالكراهية، ولم يفكروا في عيش حياة سعيدة، ولكن حتى هم لديهم خيارُ أن يرجعوا عن كل من تلك القرارات.

هكذا تغلب كاميجو توما على عدة حوادث مختلفة في الماضي.

لقد رأى الناس عادوا إلى النور.

حان الآن دور كاميجو للنضال.

ربما كان مَصدَرَ هذا العالم، لكنه كان مستعدًا لقبول كل شيء، والتعويض عن كل ذلك، والمتابعة إلى الأمام.

كل شيء سيعود إلى طبيعته.

سوف يتأكد من ذلك.

‹ ‹فهمت.› ›

ابتسمت أوثينوس قليلا.

كانت ابتسامةً قاتمةً مظلمة.

‹ ‹اتضح أنك لا تختلف عن ضفدع أحمق لم يستوعب حرارة الماء الذي يُغلى فيه. قد حسبتُ أن ‹ثبات› يدك اليمنى كانت أكبر عدوٍّ لي، لكن يبدو أن هناك عقبةً أخرى قد ظهرت. لكن من المثير للشفقة أن تكون من الحماقة مواجهتها بجدية. في هذه الحالة، سأجري تغييرًا طفيفًا في الخطط وأستمتع بها.› ›

«ما أنتِ بفاعله؟»

لم يتلق أي رد.

الفتاة المعروفة بالإله السحري فرقعت أصابعها بشكل مبالغ فيه.


تاليًا، أسرَعَ الوقت إلى طبيعته وأنزلت تسوكيومي كوموي السكين بقوة.

(صفحة المجلد)

<<الفصل السابق                        الفصل التالي>>

تعليقات (0)