-->

الفصل الثاني: برج لندن ينتظر مع فمٍ فاغر — هاوية _ لندن.

(إعدادات القراءة)

انتقال بين الأجزاء

ملاحظة: الفم الفاغر هو الفم المفتوح بالكامل دهشةً

  • الجزء 1

إشعار إلى وحدة الدفاع عن العاصمة.

أغلقوا حاجز بوابة حصن إنجلترا-لندنيوم النهائي. هذا أمر من هوليغريس ميراتس، الممثل الكبير للفرسان.


الوضع كما يلي:

فشلت وحدة الدفاع الساحلي في صد مخاطر الكراولي التي تتقدم نحو البر عبر مضيق دوفر. الآن بمجرد أن وضعوا قدميهم على الأرض الإنجليزية، أولويتنا الرئيسية هي الدفاع عن لندن والحفاظ على سلامة العائلة الملكية المجيدة.

لا حاجة لاستعادة الوحدة السابقة لآغنيس، أو الكنيسة الأماكسية، أو وحدات القتال الخارجية الأخرى. لا تنتظروهم. أغلقوا الحاجز فورًا. كان فشلهم بسماحهم للعدو بالدخول إلى أرضنا المجيدة. لن نسمح لهم بإفساد بلادنا أكثر.

أنا نبيل إنجليزي فخور.

أرفض بشدة أن يتم التعامل مع إنجلترا على أنها منطقة عازلة لحماية البلدان الثلاث الأخرى فقط بسبب الظروف الجغرافية. إذا كان عليّ فِعلُها، فأطالب بسببٍ وجيه.

نظرًا لتخلي رئيسة الأساقفة لُولا ستيوارت عن واجباتها واختفائها، فَقَدْ فَقَدَ الأنجليكان مبرراتهم ليخبرونا بما يجب علينا فعله.

أنا حاليًا أبحث في إقامتها في قصر لامبيث. آمل أن أتمكن من العثور على ذلك في الوقت المناسب.

أيضًا، اعدُّوا الشخصيات الضرورية.

الحاجز مِثالي، ولكن تجهزوا دائمًا للأسوأ.

"فقط للحيطة" عبارة مهمة للغاية خلال الحرب. نتحدث عن دفاع لندن هنا. كونوا أكثر تركيزًا حتى من المعتاد وابدأوا العمل فورًا.



لا حاجة لإبلاغ قائد الفُرسان.

لدي تأييد العائلة المالكة، لذا سيُعاقب أي شخص يُشكك في كلماتي بخيانة ثقة الملكة إليزارد وبقية العائلة الملكية.

  • الجزء 2

كان كاميجو توما يهتز بتردد ثابت.

ولكنه لم يشعر حتى بلمحة من النعاس الذي يأتي مع الجلوس في القطار. كان داخل عربة نقل سجناء، وكان الباب مقفلاً بقفل، وكانت النافذة الصغيرة مغلقة بسلسلة وقضبان معدنية. الأجواء المظلمة رفضت الرحيل.

"آهخ..."

كان قد نسي.

شعر وكأنه وصل لفهم شيءٍ ما.

لم يكن ينبغي أن يدع الحوادث التي تعلقت بـ مينا ماثرز والطفلة ليليث يؤثروا عليه كثيرًا. بينما كان أليستر أبًا وساحرًا، كان أيضًا رئيس مجلس الإدارة الذي قام بكل تلك المكايد في مدينة الأكاديمية. من أجل تحقيق هدفه، قسم العالم إلى عِلمٍ وسِحر، وجعل الجانبين يتقاتلان، واستخدم حتى 2.3 مليون شخص في تلك المدينة كبيادقه. لماذا لم يفكر كاميجو في إمكانية أن يكون هو أيضًا ملقى على الطاولة كورقة من أوراق أليستر؟ استمرت هذه الأسئلة في الدوران في ذهنه.

"همبف، ايها النذل. اِنتظر وانظُر إلى مصيرك المنتظر عندما نصل إلى برج لندن."

صوت أنثوي مهيب ملأ داخل نفس العربة المغلقة معه. ولكن كان ذلك من شخصٍ يرافقه، وليس سجينًا زميلًا.

كانت نفس الفارسة التي رأاها على شاطئ... دوفر، أهذا اسمه؟

حتى انها كانت تتحدث اللغة اليابانية لأجله. ... أو هكذا رأاها الفتى ذو الشعر الشائك. في الواقع، كانت قد تحدثت إليه بالإنجليزية عدة مرات وشعرت بالخيبة قليلاً عندما أغفل تمامًا كلماتها غير المفهومة وواصل الهمس لنفسه.

"تلك الوحدة الآسيوية... الأماكوسا. سمعت أنهم دمروا على يد مخاطر الكراولي."

"ايه؟"

"وكل ذلك بسببك. يبدو أن مدينة كانتربُري بأكملها قد سقطت. هذا ما يحدث عندما تصل تلك المخاطر الكراولية الى هنا. إنهم يأكلون الناس، يمزقونهم، يلهون بهم للمرح، ويسحقونهم. إن هذه لأعظم كارثة في تاريخ بريطانيا..."

"؟"

ظن كاميجو للحظة أن قلبه سيتوقف، ولكن شكوكه زادت كلما استمر في الاستماع.

"ألم تكن كانتربُري هناك سليمة؟"

"لا تكن سخيفًا ! الجميع يقول ذلك! ومن سيكذب في وقتٍ كهذا؟"

" ...بمعنى آخر، أنتِ لم تري ذلك بنفسك؟"

"اسمعُ أنهم يعلقون الناس بالمقلوب ويستخرجون دمهم قبل أن يأكلوهم. يتدفق الدم من العيون والآذان والأنف والفم وكل فتحة أخرى. يجب أن يكون ذلك مؤلمًا بشكل لا يمكن تصوره وسمعت أنه هكذا كان مصير الأماكوسا الآسيويين..."

استنادًا إلى ذلك، شعر كاميجو أنه لا يحتاج إلى القلق كثيرًا بشأن الأماكوسا. كان لا بد من انتشار جميع أنواع المعلومات المضللة أثناء الفوضى.

تنهد وغيّر الموضوع.

"أرى أنكِ اشتريتي درعًا جديدًا. هذا جيد. حقًا جيد. شكرًا للإله أن ثدييكِ بقيا طاهرين..."

"ل-لا تذكرني في تلك الإهانة مرة أخرى، يا معتوه!! اِنساه حالًا !!"

خجلت الفارسة وابتعدت وهي تحمي جسدها بذراعيها. ذكَّرهُ باللحظة التي تم خداعه فيها من قبل صديقه تسوتشيميكادو واضطر إلى الفرار من جميع الفتيات المتوحشات في الحديقة المدرسية. ربما تربَّت تربية حسنة نقية كونها غير معتادة على التحدث مع الرجال غير الفرسان.

ثم سمع صوتاً معدنيًا هادئًا.

سقط شيء ما من يد الفارسة. كانت أذنا كاميجو توما متناغمتين تمامًا مع صوت سقوط النقود.

"النقود الأجنبية دائما ما تبدو غريبة. تبدو لي وكأنها لعبة أو شيء كهذا."

"يا غبي. هذه عملة قطع الرأس. إنه نوع من العناصر الروحية."

...للحظة، ظن أن هذه المرأة من دولة الشاي قد أخطأت في اليابانية، ولكن يبدو أنها حقا قالت "قطع الرأس". وكانت تلك كلمة خطيرة بحيث ظنّ انه اخطأ في سَمْعِها.

ومع ذلك، استمرت في التفسير بمفردها.

"إنه يساعد في هجمات الانتحارية عن طريق إزالة الألم والخوف لبضع ثوان. يمكنك أن تعتبره مخدرًا محمولًا تم تطويره من قبل الجانب السحري. حقيقة أننا بحاجة إلى شيء كهذا هي دليل على أن تدريبنا غير كافٍ."

"ماذا؟"

"لا تحاول أن تأخذه مني. اُعطِيَت واحدة لكل من شارك في هذه المعركة."

شعر كاميجو أخيرًا بنفسه محاطًا بالجو الحربي.

المدينة اللندنية المرئية من خلال النافذة الصغيرة والمكتظة لم تبدو مختلفة كثيرًا عندما كانوا داخل العربة.

لم يكن هناك أحدٌ هناك.

وليس فقط لأنه كان في وقت متأخر من الليل. لم يكن يرى أي متسكعين، أو حتى قططًا ضالة. كانت جميع النوافذ الفولاذية مغلقة، ولكن يبدو أنهم لم يكونوا خائفين من عدوٍ مُعَيّن وإنما ارادوا منع الضوء من الحاجب الذي يشبه الشلال في الأعلى. وفقًا لأليستر، كان ذلك سحرًا وقائيًا، لكن هذا السلاح الدفاعي بدا وكأنه رمز للحرب. كان منظرًا غريبًا للغاية أن تُرى راهبات في عباءاتهن وفرسانًا بدروعهم الفضية يتسارعون في حين كان القانون العسكري الشرير يُفرض. كانت المدينة بأكملها تحكمها حركة كانت تشبه ما يبدو وكأنها بشير لكارثة عظيمة. كان كل شيء يعاد تشكيله بحيث لن يُعتمد ما كان طبيعي في الأمس على الغد. ربما كان "العصر" الذي لا شكل له في حد ذاته يصرخ.

لم يكن هذا أول ظهور له في إنجلترا.

تذكر النظرة الكئيبة على وجه إنديكس في مضيق دوفر وفي المنطاد الهوائي.

وكان هذا هو السبب في قوله ما قاله:

"...تغيّرت لندن بالفعل."

"همبف."

يبدو أن الفارسة المحلية لم تحب هذا التعليق الدلالي من الأجنبي. أعطت نفخة (بينما كانت لا تزال مُنكمشة في زاوية العربة) وكلمته.

"مصير مأساوي حقًا ينتظرك."

"؟"

"برج لندن ليس مكانًا لطيفًا كما تعتقد."

"همم؟ هممم؟؟"

كان لديه ذكرى غامضة عن سماعه لهذا المكان.

"اعتقد أنهم تحدثوا عن ذلك في برنامج مسابقات للسفر... ألم يقولوا إنه ليس برجًا كما قد تعتقد وأنه يُستخدم لتخزين الجواهر؟"

"سأعترف بأنه يشبه صندوقًا كبيرًا أكثر من أي شيء آخر، لكنك تشير إلى دار الجواهر الموجودة في نفس الأراضي. البرج الأبيض الفعلي هو جحيم على وجه الأرض."

قبل أن يسأل كاميجو عن معنى ذلك، عبرت عربتهم بوابة قلعة حجرية. كانت هناك بضعة مبانٍ داخل المنطقة الكبيرة المحاطة بجدران القلعة العالية. بقدر ما يمكن رؤيته، بدا وكأنه مستشفى عملاق مصنوع من أحجارٍ كثيفة. ولكن هذا كان مستشفى مشؤوم بدون مخرج يوجد فقط لجمع المرضى دون علاجهم.

دخلت العربة إحدى تلك المباني.

كانت الرؤية المكتظة للفعل في لندن قد اندثرت تمامًا. كل ما تبقى هو جدران حجرية في كل اتجاه. شعر بضغط كبير، كما لو أنه دفن حيًا تحت الصخور السميكة. كاا كااا. أكان ذلك صوت نعيق الغربان المحيط بهم؟ حتى وإن لم يكن هناك قِطٌّ واحدٌ مرئي في المدينة؟ لابد ان يكون هذا هو مكانهم الآمن.

"اخرج"، قالت الفارسة في الدرع الفضي والرداء. "وصلنا إلى أعماق الأرض."

تذكر كاميجو أن لُولا ستيوارت، قائدة الكنيسة الانجليكانية، على ما يبدو كان لديها بعض الأسرار، ولكنه شك في أن الفارسة تعرف الكثير. ومع ذلك، ندم على عدم محاولته الحصول على أي معلومات منها وهما وحدهما.

كان الأمر متأخرًا الآن بعد أن فُتحت الأبواب المزدوجة في الجزء الخلفي من العربة.

إذا علم الآخرون أنه يعلم بسرهم، فقد يتسبب ذلك في الكثير من المتاعب للفارسة أيضًا. إذا لم يتمكن من البقاء معها وحمايتها، كان من الأفضل ألا يفعل أي شيء يثير اشتباه الناس بها.

لم يكن هذا الموقف بسيطًا بما فيه الكفاية ليحله فقط بقول الحقيقة.

الفارسة الجاهلة نادت رجلاً في منتصف العمر يبدو أنها تعرفه.

"بيفيتر! [1] هذا ضيفك التالي. ألديكم غرفة متاحة؟ أعلم أن هذا مفاجأ، ولكن من فضلك سجّل وصوله."

"من الصعب دائمًا معرفة عمر الآسيويين، لكن يبدو أنه لا يزال في سن المراهقة. ما الذي يحدث في العالم؟ ...مرحبًا بك في فندق البُرج الأبيض. على الرغم من أنه عندما تسجل خروجك، ستكون في كيس جثة مجاني."

...لم يكن لدى كاميجو أي فكرة عما كان يقوله بلغته الإنجليزية الأم، ولكن النظرات المتعاطفة إلى حد ما كانت أكثر رعبًا من العداء الواضح في صوته.

بمجرد أن سُلّم إلى ما يبدو كواحد من الحراس في برج لندن، قِيدَ عبر ممرٍ حجري مكتظ بعصا طويلة من خشب البلوط التي لم تكن رمحًا تمامًا. ذهبوا في مُنعطفات وصعدوا ونزلوا الدرج على طول الطريق. بدون أي نوافذ، يمكن أن يشعر بفقدان تدريجي لحاسة اتجاهه وارتفاعه. كان تمامًا مثل متاهة. شعر وكأنه يستكشف قلعة قديمة مخيفة. لم يعد يعرف ما إذا كانوا يصعدون برجًا طويلًا أم ينزلون إلى أعماق الأرض.

بعد عبورهم ببضع أبواب معدنية على الطريق، وجدوا سجنًا مبنيًا من الأبواب المعدنية.

"#087 قد وصل."

" اكرر، #087 قد وصل."

لم يفهم كاميجو الإنجليزية، ولكنه كان قادرًا على تمييز الأرقام. أن يُنتزع منه اسمه ويُشار إليه برقم كان شعورًا فريدًا. كان ينبغي أن يكون قادرًا على تجاوزه كمجرد لقب، لكنه وجد نفسه غير قادر على قبوله بسهولة. شعر وكأن إنسانيته تُنكر.

فُتح بابٌ معدني يحمل نفس الرقم وألقي به داخلًا. كانت الغرفة تحتوي على نافذة صغيرة. كانت موجودة أعلى الجدار، لكنها سمحت بدخول ضوء القمر من خلال القضبان. كانت المساحة المغلقة أقل من ستة أمتار مربعة وتحتوي على فراش متهالك وباهتًا لَوّنه بشكل سيء ورأى ما كان يُطلق عليه بطانية. الشيء الوحيد الآخر كان مرحاضًا شك في قدرته على النظافة، كان حقًا كابوسًا. لقد كان الأمر كئيبًا للغاية لدرجة أنه قد يكسر معنويات الأشخاص الذين اختاروا التخلص من جميع ممتلكاتهم وانتقلوا إلى شقة مكونة من غرفة واحدة.

"ماذا يجب أن أفعل الآن...؟"

حمل رأسه في يديه.

لم يستطع رؤية أي احتمال هنا. على الرغم من أنه ربما كان ينبغي عليه أن يتوقع ذلك من سجنٍ للمحترفين (؟).

لم يكن لديه الشجاعة للجلوس على المرحاض أو الفراش الذي أصبح بنياً لأسباب يخشى التأمل فيها. البقع والشقوق والصدأ كلها بدت تشبه إلى حد ما وجوهًا بشرية. الخيار الوحيد المتبقي كان الاستنداد إلى الجدار الثقيل والبارد من الحجر والصراخ بأعلى صوته.

"أليستر، أنا متأكد أنكِ كنتِ تستغلين الفوضى للتسلل إلى لندن، لكنكِ ستأتين لتنقذيني بعد ذلك، أليس كذلك؟!"

ببساطة، كان كاميجو لا يدعم إنجلترا أو مخاطر الكراولي. كان يرغب في حل مشكلة لُولا/كورونزون وإنهاء الفوضى في أقرب وقت ممكن. كان هو ورئيس مجلس الإدارة في وضع حساس من التفاهم المتبادل ولكنهم لا يزالون أعداءً. ونظرًا لأن أليستر كانت ترغب في إثارة صراع في إنجلترا، كان لديه شكوك بأنها ستشعر بأي التزام لإنقاذ شخصٍ سلمي. في الواقع، كانت أليستر بعيدة تمامًا عن الأخلاق الإنسانية، لذلك كان لديه صعوبة في تصويرها وهي تتحمل أي نوع من المسؤولية الأخلاقية.

قالت أليستر نفسها أن يتحملوا مسؤولية أنفسهم وينزلوا، لذلك إذا استمروا في طاعتها ونزلوا، فإنهم المسؤولون عن تركهم يُخدَعون بهذه سهولة.

إذًا، ماذا عليه أن يفعل؟

"..."

هذا كان سجناً تديره نيسيساريوس. لم يكن يعرف بالضبط ما الذي يعنيه اضطهاد الساحرات الذي تم الإشارة إليه كثيرًا، ولكنه يمكن أن يخمن أنه ليس شيئًا جيدًا. كان يتخيل مجموعة من الأدوات الغريبة للتعذيب مصنوعة من حلقات معدنية وسلاسل سميكة مجتمعة في شيء شبيه بحلقة اللغز! إذا مكث هنا، فإنه حقًا سيتعرض لعرضٍ قاسٍ مباشرة من الحكايات الفاخرة الغربية البشعة!!

سمع خطوات.

قفز وتحول تركيزه نحو الباب المعدني. وصلت الأصوات في الردهة إليه بشكل جيد جدًا على الرغم من سماكة الباب، ولكن بعد ذلك لاحظ النافذة الطويلة والنحيفة، مثل فتحة الجريدة في شقة رخيصة. قد يكون هذا لإعطاء المعتقل ماء وطعام. ولكنه لم يكن في الإطلاق مُغرى بالتقدم نحو تلك النافذة الصغيرة والتطلع منها. على الرغم من أن ذهنه مليء بتلك الحكايات الفاخرة البشعة الغربية. من الممكن تمامًا أنه في اللحظة التي يحاول فيها التحقق، ستخترق إبرة السم عينه مباشرة.

(ما هذا؟ لابد ان هذه مزحة. ماذا سيحدث لي؟! هَه؟ لماذا... لماذا الآن؟ هل هم آتون الى زنزانتي؟ أم لديهم شيء يتعلق بسجينٍ آخر؟ لن يربطوني بكرسي يشبه طبيب الأسنان ويمرروا طرف مقص الخياطة في منتصف خصيتي، أليس كذلك!؟)

استمرت الخطوات.

كانت هناك أبواب معدنية متطابقة على طول تلك الممرات، ولكنه لا يستطيع إلا أن يشعر بأن كل خطوة كانت تقترب منه بشكل خاص. تذكر قصة الشبح حيث التقى شخص ما بمضيفة المحطة الملطخة بالدماء، واختبأ داخل خزانة العملات، وسمع شخصًا يطرق على كل خزانة بالتوالي، مقترباً مقترباً، وفي الاخير سمع صوت فتح خزانته. نظرًا لأنه لم يستطع التوصل لأي معلومة قد تكون مفيدة هنا، ربما كان دماغه المذعور يستعين بأي ذكرى يمكنه العثور عليها.

وأخيرًا، توقفت الخطوات.

كانوا أمام باب زنزانة كاميجو.

(موووووووووووووووووووووووووووووه!؟)

بينما كان يكتم بشدة صراخًا ويحاول العثور على سلاح، كان الفراش اللين ومقعد المرحاض بشكل حرف U هما الخيارات الوحيدة. كان لديه القليل جدًا للعمل به، كما لو كان يلعب لعبة هروب بأشياء قليلة جدًا يمكنه اختيارها. لم يكن لديه خيار سوى خلع سرواله. ربط عقدة في الكاحلين وحشى حذائه داخل الساقين. لم يوفر ذلك الكثير من الوزن، ولكن إذا لَوَّح به، ستحوله قوة الطرد المركزية إلى مضربة خفيفة.

لن يستسلم حتى لو تم رميه في عالم الشياطين. بدأ كاميجو في السروال الداخلي مترددًا في التلويح ببنطاله.

"أه، مهلًا، لا. إذا كانت هي كيفية سير الأمور، فهلمُّوا إذن!!"

ومع ذلك، يبدو أن أياً كان هذا الشخص فقد كان يأخذ وقته بروقان ليُثير خوف كاميجو بأكبر قدرٍ ممكن. وبالطبع، يمكنهم أن يفتحوا الباب ويُكبلوا السجين بقوة في أي وقت، لكنهم اختاروا بدلاً من ذلك الوقوف بصمت أمام الباب. في النهاية، استخدموا النافذة الطويلة والنحيفة لاعطاء نظرة داخل الزنزانة.

وكانت...

"ياااه، يااه. أسرعت لهنا عندما سمعت أن شخصًا آسيويًا بوصفٍ مألوف قد تم القبض عليه، ولكن يبدو أن اوضاعك جيدة وتبلي حسنًا هنا."

أورسولا أكويناس.

كانت راهبة كاثوليكية سابقة والآن تعمل مع الانجليكان. كانت امرأة شابة لطيفة يمكنها الطهي، وكان لديها قوام منحني يَظهر حتى من خلال عباءتها الطويلة. لم يكن يتوقع أبدًا أن يجد شخصًا حقًا بريئًا حاملًا صليبًا من عنقه هنا في برج لندن.

ثم أدرك شيئًا آخر.

كان في غرفة مغلقة بمفرده وقد أزال سرواله وبدأ في تلويحه من تلقاء إرادته الخاصة.

"لا!! توقفي! توقفي عن ذلك! لا تنظري إلي، أورسولا! أنا قذر!! قلتُ لا تنظري إلييييييييي!!!!"

"ياااه، ياااه."

انكمش كاميجو توما في زاوية الزنزانة بينما وضعت الامرأة الشابة اللطيفة بيد أنيقة على خدها وهي تراقبه من خلال النافذة الصغيرة في الباب. بدلاً من الإحباط أو الحرج، ردت بابتسامة لطيفة. وكان هذا التسامح الناضج يؤلمه أكثر من أي شيء في تلك اللحظة.

####

"ل-ل-لماذا أنتِ هنا؟ أتحاولين اخراجي سرًا؟"

"أوه، أمم، أنا حالياً أنتمي إلى الكنيسة الانجليكانية، لذا أنا أساعد في العمل هنا. ويجب أن يتم استجوابك. أمم، أيهم كان المفتاح الصحيح يا ترى؟"

كان كاميجو يعتقد أنه سيبكي عندما سمع صوت مفتاح. هذا يعني أنها مسؤولة عن تعذيبه في هذا البرج الغريب والقاتل. ليس لديه حلفاء هنا. شعر وكأن هناك حفرة كبيرة في صدره، ولكن للحظة توقف تفكيره عندما بدأت أفكاره في اتخاذ منعطف غريب:

مهلًا.

هذه كانت أورسولا اللطيفة فقط. ...إذا كانت هي من تفعل ذلك، فلن يتعرض لأي شيء قاس. على سبيل المثال، هل ستعرف حتى كيفية استخدام أدوات التعذيب المستمدة من قصة خيالية غربية وقاسية؟ فجأة تخيلها وهي تميل رأسها بشكل ظريف وهي تحمل سوطًا وشمعة. كان لديه شعور بأن هذا سيتحول إلى الأفضل. نعم، بالتأكيد سيكون كذلك. ها ها ها. لا، أورسولا، استخدميها بهذه الطريقة. طالما لم يصبح رجل غبي يضع نفسه على المقصلة ليعلمها كيفية استخدامها بشكل صحيح بهذا الشكل، كان متأكدًا تقريبًا من أنه سينفد منها الوقت قبل أن تفهم ما يجب فعله. وألم تكن لديها تلك العادة السيئة في الانتقال من موضوع إلى موضوع؟ كان من الممكن أن تنسى حتى الأساسيات في استجواب شخص ما وتبدأ في الدردشة معه. نعم، سيعمل هذا. مسح كاميجو توما دموعه. كان من المؤكد أنه سيعمل. كان عليه فقط أن يرتدي سرواله. يمكن أن يبدأ كل شيء من هناك. كان قلبه يدقدق في صدره، ولكن هذا ليس الوقت المناسب للسماح لتأثير الجسر المعلق الغريب أن يثيره قليلاً. ما عليه سوى سحب السحاب وربط الحزام. إذا تقدمت الأمور جيدًا، قد يحدث حتى تحول مثير (جنسي) وطفيف للأحداث.

(تحول مثير وطفيف للأحداث... لا، هذا الجو الجلدي الضيق يبدو وكأنه سيتجاوز "الطفيف". لا، لا. يجب أن أركب هذه الموجة! لن أسمح بتحول هذا إلى تعذيب حقيقي وأنتهي في هذا السجن!! اسمي كاميجو توما! أتطلع إلى العمل معك هنا! لهاث، لهاث. ي-يا رجل، هذا مخيف. نوعي المفضل هي "مديرة المسكن". أخخخخ، أتطلع إلى العمل معك هنا! حقاً أفعل!!)

كان كاميجو توما يغلي قليلاً عندما صُبَّت عاطفته على فكرة مديرة المسكن.

وفي حين وقف هناك بلا حركة، دون أن يرتدي سرواله مرة أخرى، وصلته فكرة: يمكنني الموت لاحقًا.

"حسنًا، فتحتها. الآن، تفضل من هنا."

في الوقت نفسه، فتحت أورسولا أكويناس الباب المعدني السميك بابتسامة مشرقة توحي بأنها لا تعلم ما يدور في ذهنه. كما يشير الصليب حول عنقها، كانت مُسالمة. على الرغم من أنها امرأة شابة جذابة، إلا أنها كانت مليئة بالثغرات وغاية في الإهمال.

"هيا، كاميجو. من فضلك، ارتدي سروالك."

"لم يسبق لي أن قالت لي امرأة ذلك من قبل! أشعر وكأنني كسبت الكثير من نقاط الخبرة من هذا !!"

"نعم، نعم. انظر، لقد فرشت سروالك لأجلك. يمكنك وضع يديك على كتفي للدعم. ابدأ برفع ساقك اليمنى وضعها هنا، واضح؟"

كانت كعادتها. وفي هذا الموقف، كان وجهها على ارتفاع الخصر.

الساق اليمنى ثم الساق اليسرى.

ارتجف كاميجو عندما تحرك كالطفل صغير يحصل على مساعدة في تلبيس نفسه. أشعَرَ هذا المشهد بالروعة والحنين بعض الشيء بعد كل الجنون الذي رآه في جميع أنحاء إنجلترا. شعر وكأن كل شيء سيكون على ما يرام إذا مضى كما قيل له. كان هذا سلامًا. لا يزال هناك أمل!

"أوه، أووه، أوووووووههه..."

"ياااه، ياااه. ما بك؟ من فضلك، لا تبكي. هُشش، هُشش."

مسحت أورسولا دموع الصبي بمنديل أنيق، وأدركت أنه لن يتوقف، لذا لفّت ذراعيها النحيلتين حول رأسه. حملت رأسه مثل زوجة شابة تحمل بطيخة عملاقة على صدرها.

"سيكون كل شيء على ما يرام. انتهى الجزء المخيف."

"أورزولا-بيان، أورسولا-ساااان!!"

"طالما تجاوب على الأسئلة، فلن يحدث لك شيء سيء."

"مهلًا، أأنتِ معهم؟"

سحب كاميجو توما رأسه من الغمر العميق في هذه الصدور الكبيرة ورجع وعيه الى الواقع.

هذه ليست اللحظة المناسبة للاندماج في تأثير الجسر المعلق أو متلازمة ستوكهولم.

فكَّر في تجاوزها والهرب منها مثل قطٍ أليف غير مطيع، ولكن حتى لو غادر الزنزانة، فهو لم يكن يعرف مخطط برج لندن وكانت هناك أبواب ذات قضبان على طول الطريق. حثّ نفسه بشدة على الانتظار. كان يحتاج إلى تأكيد. الانتظار من أجل التأكيد سيكون أفضل من المخاطرة بلا أمل واقعي. سيترك الزنزانة، سيقضي بعض الوقت مع أورسولا، وسيتحقق مما إذا كان يمكنه رؤية أي مخارج طوارئ.

"حقاً، لم ينبغي عليك دخول إنجلترا بدون إذن وفي مثل هذه الأوقات."

"اظن ذلك."

"أنا متأكدة أن هذا كله سوء تفاهم كبير، ولكن تأكد من أنك ستقول الحقيقة بمجرد وصولنا إلى الغرفة. هذه هي أفضل طريقة لضمان أن تسير الأمور على نحو سلس. أيها الرب، من فضلك احمي هذا الحَمَل المسكين..."

"حقاً؟"

كان كاميجو يركز بشدة على حفظ الخطوط العريضة لدرجة أن ردوده كانت شاردة إلى حدٍ ما. تذكر أن أورسولا كانت قد اختصت في نشر تعاليم الكنيسة حول العالم عندما كانت مع الكاثوليك. برؤيتها عفوية وغير مبالية جعلته يشعر بسخافة حذره واستعداده للقتال.

"مما سمعت، فإن كانتربُري سقطت، وهذه مشكلة حقيقية. الأشخاص الذين أُسِروا بواسطة مخاطر الكراولي يتم أكلهم، أو يلفون في كرة، أو يتم سحقهم. من المحزن جداً أننا وصلنا إلى عصر يجب أن يعتمد فيه الجميع على هذه العملات النقدية القاطعة."

"سمعت شيئًا مماثلًا في العربة. ولكن هل هو حقيقي حقًا؟ بدت كانتربُري بخير عندما رأيتها. في الواقع، كانت تشن هجمات مضادة للطيران بواسطة بخاخات مياه عالية الضغط مخيفة."

"نحن أيضًا فقدنا اتصالنا بالأماكوسا، لذلك أنا قلقة جدًا. يشاع أن الأشخاص الذين تم أسرهم يتم فتح بطونهم وتجفيفهم من دماءهم..."

"أهو ذلك الموضوع الذي قال أنهم عُلِّقوا رأسًا على عقب وصُرّفت دماؤهم؟ وربما الامر انه لا يمكنكِ الوصول إلى هواتف أماكوسا لا أكثر."

"يا إلهي، أنا هنا للمساعدة في العمل، لذلك يجب أن نبدأ معك في ذلك الاستجواب."

"وبكيفية قفزك من موضوع إلى موضوع، لست متأكدًا مما إذا كنتِ قادرة على التواصل معهم حتى وان كانت هواتفهم تعمل. هيا، يا جدتي، لقد أكلتِ بالفعل! ارجعي إلى الواقع!!"

على الرغم من آماله، لم تكن هناك نقاط واضحة للهروب.

هذا كان عندما دق شخص ما على إحدى الأبواب المعدنية من الداخل.

"هياه!"

صرخت الامرأة الشابة الشقراء بطريقة ظريفة بشكل غير متوقع وتشبثت بذراع كاميجو من الجانب. شعر بإحساس ناعم ورائحة حلوة خفيفة. كانت أورسولا، الغافلة، مثل طفلة صغيرة ترتعش بدموع في منزل مسكون، ولكن بطريقة لمسها له، كانت حياة كاميجو توما المراهقية على وشك الانفجار.

"...كيف أصفها؟ حقًا، هذا ليس المكان المناسب لك."

"اوه. امم، كنتُ آمل أن أكون قس أسري وأساعد في توجيه الجميع إلى طريق الحق..."

كانت حقًا مثيرة للإعجاب. كان يتمنى بجد أن يتبع أليستر خطاها. على الرغم من أن هذا المنحرف ربما سيأخذ هذه النصيحة حرفيًا ويستخدمها كذريعة للتحرش.

في النهاية، وصلوا إلى الباب المقصود، ولم يكتسب كاميجو أي معلومات قيمة.

"هذا هو المكان"، قالت أورسولا وهي تطرق الباب.

(لا، لم ينتهي بعد. لا تستسلم. يجب أن تكون هناك ثغرة في مكان ما. لم أجد أي شيء في الطريق إلى هنا، ولكن إذا تحققت في طريق العودة، أنا متأكد من – انتظر، هل سأستجوب من قبل أورسولا حقًا؟ هل سأرى تلك المرأة الشابة الجاهلة وهي تميل رأسها بملابس عبودية جلدية سوداء!؟ إذا كان هناك لازال أمل! أوه، لا أستطيع الانتظار!!)

اتخذت أفكار كاميجو منعطفًا دنيويًا وبدأت تجري برياحها، ولكن بعد ذلك خطر له سؤال.

لقد دقت أورسولا أكويناس فقط على الباب. كان لديها حلقة مفاتيح على خصرها، لذا كان بإمكانها فتح الباب حتى لو كان مغلقًا. لم يتبق سوى احتمال واحد: هناك شخص آخر في الجهة الأخرى للباب. أورسولا لم تكن الشخص المسؤول عن التحقيق... لا، دعونا نكون أكثر صراحة: عن التعذيب! أهناك شخص آخر؟

انفتح الباب بسهولة أكثر مما ينبغي.

ووقف هو هناك في وسط مشهد من إحدى القصص الخيالية الغربية القاسية.

ستِايل ماغنوس.

فتى يبلغ طوله ما يقرب المترين متجهم الوجه وفي فمه سيجارة.

"مرحبًا يا ملعون."

في الواقع، كان كاميجو متطلعًا إلى ذلك بفضل وجود أورسولا أكويناس التي كانت منحنياتها مرئية بوضوح من خلال عباءتها البسيطة والتي كانت تتشبث به كطفلة تبكي في منزل مسكون. بالنسبة للعبة السوغوروكو (sugoroku) ، كانت هذه المأساة مثل الهبوط على خانة "تقدم ستة أماكن" ليتم إرساله فورًا إلى البداية بعد ذلك.

الشخص الذي أمامه تحدث بلا عاطفة في كلماته.

"ما الذي تفعله هنا بينما انت مُطالب بالاعتناء بتلك الفتاة؟ أشعر حقًا بأنني أريد أن أشويك قليلاً، لكن هذه وظيفة. سأترك مشاعري الشخصية جانباً وسأكمل كل خطوة بجدية."

"أ-أووه..."

بدأت رؤية كاميجو توما تصبح مظلمة كما لو كان يعاني من فقر دمٍ خفيف.

أراد أن يلعن نفسه الجاهلة لمحاولته الهروب من الواقع مع لمحة من الإثارة الجنسية القادمة من ثدي أورسولا المختبئة خلف عباءتها السميكة.

نوعي المفضل هو "مديرة المسكن"

ولم يكن هذا هو الوقت المناسب لذلك.

"لا يمكنك فعل ذلك، أيها الغبي. أعلم أن هناك العديد من الطرق المختلفة لإيذاء الناس، ولكن أرجوكِ الا خبيرًا في الحرق! أي شيء آخر إلا هذااااااااااااااااااااااااااااا !!"

لم يتلقى تعاطفًا أو رحمة.

تم ربط كاميجو توما بسرعة بالكرسي.

  • الجزء 3

"..."

"لا تحدق بي"

كانوا بالقرب من الجدار الأول لحصن إنجلترا-لندنيوم.

تم بناء محطة وقود صغيرة ومطعم ملحق على بُعد حوالي عشرين كيلومترًا من لندن. أليستر كراولي أطلق ذلك التعليق الغاضب من على طاولة جوار النافذة.

أكسيلريتور، #1 في المستوى 5، جلس قِباله.

يبدو أن المطعم قد قدم خدماته باستخدام منتجات من المزارع التي تدير المراعي المحيطة. قدّمت لحم الخروف بدلاً من لحم البقر أو لحم الخنزير. يبيع قسم الهدايا التذكارية قفازات وقبعات محبوكة مصنوعة مما يبدو أنه صوف. ... تم بيع البطاريات وأجهزة الراديو الخاصة باللعبة، والتي كان مداها أقل من مائة متر، لذلك ربما كانت هناك بعض المعلومات الخاطئة التي يمكن استخدامها للاتصال بعائلتك أثناء قيود الهاتف المحمول.

تركوا منطاد الهواء الساخن الورقي على الأرض حيث كان ينتظر في وضع الاستعداد.

نظرًا لأنهم كانوا قريبين من الحاجز الذي أقامه الأنجليكانيون، فقد بدا أن هذه محطة إمداد مهمة للراهبات. لقد رأوا أحيانًا فتاة تغادر ومعها حفنة من الطعام أو تدخل الفندق لاستخدام دش الحمام.

نظر أكسيلريتور بريبة خارج النافذة.

"...هل أنا الوحيد الذي يسمع أنهم يقولون شيئًا عن غرق ساحل دوفر بأكمله في البحر؟ ما الذي تفعلينه بجيشك المخيف؟"

"كفى، كفى. ليس كل شيء تحت سيطرتي. إنهم يخوضون حربًا حيث طرق التواصل مُقيدة. هل تعتقد حقًا أن معلومات دقيقة ستصل إلى تلك الفتيات البريئات؟ لم يعد هذا البلد في العصر الذي يمكنك فيه البحث عن أي شيء مقابل رسوم شهرية منخفضة."

قد تندلع حرب صغيرة هنا إذا اكتشفوا، لكن الفتاة التي كانت ترتدي الزي المدرسي الأزرق وقبعة الساحرة ورداء كانت مسترخية تمامًا. ولكن ليس لأنها كانت واثقة من أنهم لن يلاحظوا. إنما لأنها تعلمت أنه ليس من الجدير ان تندب في كل فشلٍ صغير.

أخذ أكسيلريتور لقمة من البرغر الذي جاء مع الوجبة القياسية وثم عاد به إلى الصينية بنظرة مزعجة جدًا. بعد ذلك، لم يتعب نفسه حتى بتناول شيء غير البطاطس.

ضحكت أليستر بما أن هذا كان وطنها.

"حسنًا، هذا البلد به الكثير من الأمور، ولكن الطعام اللذيذ ليس واحدًا منها. ومع ذلك، فأنت لا تتبع الآداب الصحيحة. الطعام البريطاني يجب أن يُأكل مع الكحول، ويجب أن تُؤكل الحلويات مع الشاي. تجربتها بمفردها غير مستحسنة."

"ليس هذا هو الوقت المناسب لتتفاخري ببلدك الأم." نقر #1 بلسانه وواصل الحديث بعيونه متجه نحو النافذة. "تخلى الآخرون عنكِ. هذا ما حدث فور رحيل الأضعف. أنتِ مكروهة للغاية."

كانت طريقة حديث أكسيلريتور تشير إلى أنه كان يتمنى لو أنه لحقهم.

إنديكس، أوثينوس، وكاراسوما فران.

اختفت تلك الفتيات. ربما كانوا يبحثون عن كاميجو توما بطرقهم الخاصة.

"بأي حال، النضال بجنون لن يحقق شيئًا. لن يُفتح طريقهم إلى لندن حتى يتم التعامل مع الحاجز النهائي الثلاثي-الرباعي."

"..."

"لا أنصح بذلك لو كنت مكانك. حتى التحكم في المُتّجهات لن يحقق الكثير. بوضعك الحالي، يمكنك على الأرجح إدخال اصبع قدم واحدة على الأكثر. مازلتَ بعيدًا عن امتلاك ما أسميه فهمًا جيدًا للسحر."

حرّكت أليستر طرف ملعقتها الفضية بينما كانت تدمج بعض السخرية والازدراء في كلماتها. بغض النظر عن تفضيلاتها الشخصية، كانت هذه الطريقة الوحيدة التي كانت تعرف بها الفتاة الساحرة كيف تتواصل مع الناس.

"حسنًا، يمكن أن يكون ذلك الإله السحري قادرًا على العبور. بغض النظر، لم أكن أريد أبدًا أن أكون شخصًا محبوبًا. بالإضافة إلى ذلك، لو كان لدي شخص مستعد للمخاطرة بحياته لإيقافي، هل تعتقد حقًا أنني كنت لأقضي أكثر من قرنٍ من الزمن ضائعًا بعيدًا عما يُسمى بدرب الحق؟"

"...اصبحت الآن خارج ذلك المبنى الخالي من النوافذ فقط لأن شخصًا فعل ذلك بالضبط."

"حقًا، كان ردًا قاسيًا منك. أيعني ذلك اننا من نفس الطينة؟"

لم تبدو أليستر منزعجة على الإطلاق عندما تناولت بعض لحم الضأن الغربي بالكاري بنفس الملعقة المستخدمة من قبل. كشخصٍ وُلد في إنجلترا وكرهها، كانت تلك الإنسانة تعرف ما تفعل. بدلاً من الأمل في أن يكون الطعام مُتبل بشكل لائق، قد اختارت كاري به عشرات التوابل مُلقاة فيه.

ربما لأن هذه الإنسانة الخبيثة قد نشأت في بلدٍ ذو مياه صعبة، لم تثق في مياه الصنبور وشربت من زجاجة ماء باهظة الثمن.

"أظننا يجب ان نبدأ القضية الرئيسية."

"مم؟"

"لندن هي مكان كبير. إذا أضفنا لندن الكبرى، فهي عاصمة تضم 33 منطقة تمتد على مساحة تقدر بحوالي 1,600 كيلومتر مربع. لن يضر أن أخبرك بوجهتنا."

لم يكن لدى أكسيلريتور سبب حقيقي لمساعدة أليستر. في الواقع، كان هذا هو الشخص الذي ألقى بظلالٍ قاتمة على حياته. نظرًا لأنها لا تخاف من الفشل أو الهزيمة أو الموت، فلن يستطيع الانتقام منها. كانت هذه الرحلة وسيلة للعثور على وسيلة للقيام بذلك.

لم يكن مهتمًا بأي جانب من جوانب هذا الصراع. كان يراقب فقط.

إذا اخبرته بهدفها، فقد يأخذ #1 ذلك منها ويدمره... ولكنها على الأرجح كانت تعلم ذلك تمامًا.

كانت معتادة على الخسارة.

كان ملاك الموت رفيقًا دائمًا خلال حياة تلك الإنسانة، لذلك لن تكافح من أجل شيء صغير كهذا.

"دير ويستمنستر." [2]

لم تتردد في اللعب بهذه الورقة.

كانت المباراة جارية بالفعل على الطاولة، وشمل ذلك المخاطر التي خلقها ذلك.

"إنها مرتبطة بشكل وثيق بالمراسم الرسمية للعائلة الملكية وترتبط بالدين والسياسة في مملكة إنجلترا السحرية العظمى."

"مم؟ اعتقدتُ أن هذا يتعلق بعائلتك؟"

"أوه، انهم أولى اولوياتي بالطبع، ولكن هذا لا يقتصر على القضايا الشخصية لليليث ولُولا. قريبًا جدًا، سيخرج كورونزون من الختم في مدينة الأكاديمية. في المرة القادمة التي يظهر فيها، لن يكون لدى البشر وسيلة لإيقافه. ماذا تظن سيحدث إذا قبض ذلك الشيطان القاسي السيطرة على سحر الكنيسة الإنجليزية وعلم المدينة الأكاديمية؟ اِستهدف ذلك الشيطان العظيم جسد ابنتي فقط ليوجه ضربة لي، لكن هذا سيُحَوّل مدى لعبه الى مستوى عالمي."

"..."

"بقدر ما أستطيع أن أقول، لا يمكننا أن نقتل هذا الشيء بوضعنا الحالي. ولا حتى بمساعدتك. وبالتالي، فأنا لدي عمل لأُتممه مع سرٍّ نائمٍ في إنجلترا."

  • الجزء 4

"سأتحدث، سأتحدث، سأتحدث!! لا املك سببًا للبقاء وفيًا لكراولي إلى هذا الحد! سأخبرك بكل شيء، لذا لا تستخدم النار! لا تجعلني أرتدي قناعًا معدنيًا يُسخن إلى ان يتحول للبرتقالي كما في ورش صانعي السيوف!!!"

غرفة التعذيب في برج لندن كانت مليئة بأدوات التعذيب الغريبة. وفي وسط كل هذا، صاح كاميجو توما بدموع وهو يصارع في الكرسي الذي ثُـبِّت فيه بأحزمة. بجدية تامة، إذا لم يقل شيئًا ليبقي نفسه مُرَكزًا، كان يخشى أن يتبول على نفسه.

ستِايل ماغنوس.

لم يهم إن كانوا معارفًا. لن يجفل الساحر عينيه ابدًا بينما يحرق ببطء أصابع كاميجو الواحدة تلو الأخرى.

"لماذا دخلت هذا البلد؟ ومن كانت فكرته؟ إلى أي حد يتعلق الأمر بفقدان لُولا ستيوارت المفاجئ وبمخاطر الكراولي؟"

"لا، انتظر! لا تغمرني بالأسئلة هكذا! لنتعامل معها واحدة تلو الأخرى! قلت لك سأخبرك بكل شيء."

"لماذا دخلت هذا البلد؟ ومن كانت فكرته؟ إلى أي حد يتعلق الأمر بفقدان لُولا ستيوارت المفاجئ وبمخاطر الكراولي؟"

"هل هذا كل ما يمكنك قوله؟ اللعنة!!"

جعل صوت ستِايل الخالي من العواطف يبدو وكأنه يقرأ رسالة بشكل ميكانيكي.

الإلهة المنقذة أورسولا أكويناس لم تعد هنا. لم يعد هناك أي رائحة خفيفة من الإثارة الحلوة. كل ما تبقى هو معركة حياة أو موت مع شيطان تنبعث منه رائحة السجائر. حتى الآن، قدّم هذا الفتى الذي يقرب طوله المترين ويحمل سيجارة في زاوية فمه بينما تعليقًا مملًا.

"أنت حقًا تتحدث كثيرًا. رغم انني لم أفعل شيئًا بعد."

"لأنها نار! حركتك الأولى قد تسبب لي اعاقة مدى الحياة!!"

"...الأشخاص الذين يفعلون ذلك إنما يظهرون أنهم متعاونين من أجل إخفاء أسرارهم الحقيقية. إنهم يجعلون الأمر يبدو وكأنه ليس لديهم ما يخفونه حتى يتمكنوا من خداع السائل حتى لا يبحث بشكل أعمق."

"..."

"نعم، هذا الصمت يبدو واعدًا أكثر بكثير. شكرا لك على السماح لي بإرشادك لهنا. والآن حان الوقت لاستخراج المعلومات منك."

كان من الصحيح أنه لا يستطيع أن يخبر ستِايل عن عربة السكن RV الخاصة في مصر حيث كانت مينا ماثرز وليليث تتخفيان. حتى لو كان هو وأليستر أعداء بتفاهم متبادل وحتى لو كان سيخون أليستر بسرور ويجعلها تلتحق ببرج لندن بدلاً منه، إلا أنه لن يسمح لنفسه بكشف ذلك بأي حال من الأحوال.

"بالنسبة للنار،" بدأ ستِايل وهو ينفث دخان السيجارة في وجه كاميجو، "انها وسيلة مُدمِّرة للغاية، ولكنها صعبة جدًا في الاستخدام عندما تريد الحصول على معلومات من شخص ما. إذا بالغت بالقوة فسيموتون من الصدمة. وإذا انتشر التنخر [3] بشكلٍ كبير، فلا يوجد سبيل لإنقاذهم. يمكن استخراج المعلومات الباقية من دماغ جثة، لكن لديك فقط فرصة واحدة للقيام بذلك. وحتى عند مقارنتها بالقطع أو السحق، فإن خوف فقدان جزء من جسمك كبير جدًا. تمامًا كما قُلتَ، حركة واحدة يمكن أن تسبب لهم الاعاقة مدى الحياة، لذلك هناك خطر من أن يتخلوا نفسيًا عن الحياة. وعندما يحدث ذلك، فإنهم لن يتحدثوا بأي حال من الأحوال. وهذه مشكلة كبيرة لمن يحاول الحصول على المعلومات الضرورية منهم."

"إذن... لن تستخدم النار؟"

ذكر ستِايل بعض المصطلحات مثل القطع والسحق التي أراد كاميجو توما بجد تجنبها، ولكنه أراد أيضًا التأكد من هذا بأي حال من الأحوال.

استمر ستِايل بدون تغيير حقيقي في التعبير.

"يمكنني الإجابة بنعم ويمكنني الإجابة بلا."

"؟"

"نحن نستخدم هذا لصيد الساحرات الحديث."

كان يحمل قصاصة من الورق أمام وجه كاميجو. كانت دمية ورقية كبيرة تبدو حقًا وكأنها قطعة تم قصُّها من ورقة منسوخة باستخدام مقص. كان لديها رأس وأطراف بسيطة، ولكن توازن صورتها العامة كان خاطئًا. بدا أنها بالكاد وبشكل مبهم تاخذ الرونق الإنساني.

"ما ذلك...؟"

"أبقِ فمك مغلقًا. لا أريدك أن تعض لسانك."

بهذا التعليق البارد، طعن ستِايل ماغنوس سيجارته المشتعلة في ساق الدمية.

"مرحبًا بك يا كاميجو توما في لندن، مدينة الضباب والسحر والتعذيب."

ظهر تأثيرها فورًا.

احترقت ساق الفتى اليمنى وتفحمت حتى ظهر عظم ركبته.

"آه، بهه!؟"

ذكّره هذا بالجزء اللذيذ من الدجاج المقلي.

نهاية عظم ساق الدجاج. كان هذا بمثابة نسخة أكبر بكثير من تلك القطعة المستديرة من العظم المغطاة بالغضروف والتي كانت ترتجف مثل الجيلاتين السميك الشفاف.

"أوواااااااااااااااااااااااااااااههههههه!!!؟؟؟"

"أوه، يمكنك الصراخ فعلًا؟ اعتقدتُ بالتأكيد أن عينيك ستتدحرجان وراء رأسك وستفقد وعيك منذ الحركة الأولى، ولكن لابد أن تكون لديك خبرة كبيرة في مثل هذا النوع من الأمور. حسنًا، ذلك سيجعل الأمور أكثر جحيمية لك لا أكثر."

صرخ كاميجو وصارع، ولكن ستِايل لاحظه فقط بنظرة طفل يمزق أرجل حشرة. ثم وضع السيجارة على الجزء السفلي لبطن دمية الورق.

كان الأمر كما لو كنت ترى البلاستيك يذوب. مع رائحة غريبة، تشقق الجلد وانبثق، وانقطعت العضلات، وتسبب الضغط الداخلي في خروج المزيد والمزيد من مادة كثيفة. انعكست رؤيته ذهابًا وإيابًا وأصبحت رؤيته للغرفة غير واضحة لسبب غير الدموع.

الشيء الوحيد الذي كان يستطيع سماعه الآن هو الصوت الميكانيكي الخالي من العاطفة يتكرر.

"لماذا دخلت هذا البلد؟ ومن كانت فكرته؟ إلى أي حد يتعلق الأمر بفقدان لُولا ستيوارت المفاجئ وبمخاطر الكراولي؟"

ولكن في هذه اللحظة، أدرك كاميجو شيئًا أخيرًا.

انفصلت إحدى ساقيه، ولكنه لم يستطع الهروب من أحزمة الكرسي بغض النظر عن مدى كفاحه. وهذا يعني أن قيود جميع أطرافه ما زالت قائمة. حتى وإن كانت إحدى تلك الأطراف لم تعد هناك بعد الآن.

"آه، آااههه...؟"

"نعم؟"

"أنت لا... تحرقني فعليًا بالنار. أنت تستخدم تلك الدمية... نعم، تستخدمها لنقل الإحساس إلي فقط."

"معرفة ذلك لا يسمح لك بالهروب من الألم والمعاناة"، شرح ستِايل وهو يضع طرف السيجارة أمام وجه دمية الورق.

كان مشابهًا للأسطورة الحضرية للمِرآة الأرجوانية التي تقول ان شيئًا سيئًا سيحدث إن لم تنساه قبل أن تبلغ سنّ العشرين. لا يهم ما إذا فهمت كيفية عملها. كلما حاولت رفضه، زدت تركيزك عليه وزدت من مدى سقوطك في فخه.

"هذه أداة احترافية. لا مهرب منها. تمامًا كالتنويم المغناطيسي والملقط الساخن، فإنها لا تؤثر فعليا في جسمك الفعلي. وبالتالي، لا يمكنها رفع ضغط الدم بشكل سريع وتسبب لك الموت بسبب الصدمة. يعتبر أخذ مستويات متقدمة من الضرر وعدم القدرة على الموت جحيمًا في حدّ ذاته. إن هذا لجحيمٌ صُمم بأيدي بشرية لاصطياد الساحرات."

استمرت رؤيته في الإضاءة والظلام.

"ولن يفيد الاماجين بريكر الذي تفخر به هنا لأن يدك اليمنى مربوطة بالكرسي بواسطة حزام عادي تمامًا. عندما يكون المصدر موجودًا في رأسك، لابد أنه مؤلمٌ جدًا كونك لا تقدر ببساطة على رفع يدك لرأسك."

كان كاميجو مدركًا. شعر بشيء كان يشبه إلى حد ما كما لو كان شخصًا يدفع ورقة معدنية حارة أمام وجهه. نسي حتى أن يعض أسنانه وتدفق اللعاب من زاوية فمه بينما جمع وعيه الذي كاد يتفتت تمامًا.

لا يهمه أليستر. ولم يكترث للُولا ستيوارت.

لكن مينا ماثرز وليليث كانا مختلفين.

التخلي عنهما لراحته الشخصية سينتهك قوانين (مبادئ؟) الصبي.

لم يكن لدى ستِايل ماغنوس مشاعر حقيقية. كان يعرف بدقة ما يجب عليه فعله، وسيكرر ببساطة نفس الأفعال التي قام بها اليوم السابق. لم يكن هناك تعبيرٌ على وجهه، كما لو كان يشرد في نفسه بينما يضع علامة على الصناديق التي تُحمل على حزام ناقل.

كرر نفس الأسئلة مرة أخرى.

"لماذا دخلت هذا البلد؟ ومن كانت فكرته؟ إلى أي حد يتعلق الأمر بفقدان لُولا ستيوارت المفاجئ وبمخاطر الكراولي؟"

"..."

"وجهك في حالة يرثى لها بشكل خاص."

على الرغم من هذه الكلمات، دفع السيجارة في الدمية الورقية بطريقة عابرة كمن يختم نموذجًا.

  • الجزء 5

طَفَوا.

"نن."

كانت إنديكس وكاراسوما فران تتشبثان بالسلك المتدلي من أحد بالونات فتاة الأجسام الغريبة (الصحن الطائر) التي كانت ترتدي بيكيني وهودي. كانتا تحتضنان بعضهما البعض تقريبًا حيث اقتربوا قدر الإمكان من لندن.

"ركوب بالون هواء ساخن مع الكثير من الناس أمر خاطئ تمامًا. ركوب الأرنب الرمادي بهذه الطريقة هو الأفضل."

إذا لمسوه، فسيموتون.

وبمجرد أن يتم القبض عليهم، سيُدفعون في الفجوة بين الحواجز وفي النهاية سيتم سحقهم إلى ما وراء الاعتراف بواسطة الصحافة العملاقة التي تغطي المدينة بأكملها.

نعم، كانوا قرب الحاجز الثلاثي-الرباعي النهائي الذي كان يطلق أضواءً حمراءَ وخضراء غير طبيعية بشكل غير منتظم.

"يبدو أن إنجلترا حقًا تحَوّلت كليًا."

"ليس لديهم خيار بناءً على الوضع. الناس هنا فقط يحاولون حماية بلدهم، لذا لا تلوميهم."

"صحيح... يجب أن أنظر إلى هذا بشكل مختلف..."

"لا يمكنك ندب ما حدث. إذا تحرر الشيطان العظيم كورونزون ووجّه راية الغرب نحو المدينة الأكاديمية، فلا وسيلة لإيقافه."

تمامًا مثل تسوتشيميكادو موتوهارو، كانت فتاة البيكيني والهودي جيدة في هذا النوع من الأمور بفضل خبرتها في التسلل إلى مجموعة العدو لتحقيق هدفها. لم تقم بتعديل سكة واحدة فقط. كانت دائمًا لديها عدة سكك حتى يمكنها التبديل إلى سكة متوازية أخرى في أي وقت خلال الفوضى. كان هذا هو المنطق الفريد لشخص لا يمكن أن يظهر اهتزازًا.

"هذا يتجاوز الصراع البسيط في عائلة كراولي. إنها معركة لتحرير إنجلترا والعالم ككل من تأثير الشيطان العظيم كورونزون."

"أعلم ذلك."

من بعيد، بدا وكأنه شفق مشؤوم في سماء الليل، ولكن من هذا القرب، كان من الواضح أنه قبة تغطي المدينة بأكملها.

#####

"إذن هل تعتقدين أنكِ قادرة على ادخالنا؟ كل السحر هو نتاج أيدي البشر. لابد أن تعرف مكتبة السحر المحظور التي حفظت 103,000 كتاب سحري كيفية اختراقها."

"أمم... يبدو انني أضفتُ شيئًا آخر الى تلك الكتب أيضًا."

* * *

وبعد تصحيحٍ غير ضروري...

"يبدو عمومًا أنه أعطى قوة فيزيائية مثيرة للاشمئزاز للقواعد المتغلغلة في الأرض والفضاء. إنه يستخدم جوانب الطابع الوطني والإقليمي التي تعمل على إبعاد الغرباء. أود مقارنتها بفكرة دوسوجين الشرقية... ولكن من المحتمل أن يكون لهذا أصله في قواعد عضوية النقابة التي تُجبر الأعضاء على حماية أسرار المجموعة."

"ايمكنك اختراقها أم لا؟ بما انه لا يمكنك صقل قوتك السحرية بنفسك، فسأساعدك" [4]

"سحبها واخراجها بالقوة لن يفيد. إنها تشبه الحزمة من تلك الأشياء المسماة [الكابلات الكهربائية] المتشابكة معًا في منزل توما. ليست مسألة قوة في نقطة واحدة أيضًا. إذا فككتِ جزءًا واحدًا، ستتشابك مع جزء آخر. تلك الهيكلية متعددة الطبقات هي ما تجعلها مزعجة لهذا الحد. أشك في أن يد توما يمكنها تدميرها تمامًا إذا ضربها مباشرة."

"وماذا عن معرفتك كـ فهرس مكتبة السحر المحظور*؟"

Index Librorum Prohibitorum (الاسم اللاتيني)*

"ولا ادنى فرصة. أشك في أن حتى الشخص الذي أقام هذا الحاجز النهائي يعرف كيفية فكّه. لقد قاموا بترتيبه بشكل عشوائي بـ نِية ذلك. بهذه الطريقة، لا يمكنك إنشاء جدول ترابط ثابت باستخدام جيماتريا أو شيء ما."

"حسنًا، العجلة لن تساعد. أعتقد أن علينا التعامل مع شيء واحد في كل مرة."

قد يجد البعض أن إنديكس وكاراسوما فران ثنائياً غير عادي، لكن لديهما في الواقع بعض الأشياء المشتركة.

"ممه. بعد عودتي إلى إنجلترا أخيرًا، لا يمكنني حتى الدخول إلى لندن التي تعتبر الوطن الثاني لـ الأرنب الرمادي..."

"أُفضل كانامين اليابانية، لذلك لا أعرف حقًا عن ما تتحدثين."

"أتشعرين بطنينٍ في رأسك؟"

"فقط وخزٌ بشكل دوري."

نعم، فُعِلَ شيءٌ بجسد إنديكس وفران بحيث يمكن للُولا التحكم بهما مباشرةً. تم تدمير أدوات التحكم فيهما، ولكنهما شعرتا ببعض الآثار المتبقية.

هل كان ذلك الوخز ردة فعل لأفكار الشيطان العظيم كورونزون؟

لو امكنهما فقط استغلال ذلك لتنفيذ هجوم مضاد...

"يجب أن أرد لها ما فعلته بي في حادثة [أي. أو. فرانسيسكا]."

"لن يهم ذلك إذا سُحِقتِ بواسطة الحاجز النهائي قبل أن تتمكني من فعل أي شيء."

لم يتمكنوا من فتحها، لذلك لم يكن بوسعهم فعل أي شيء.

بينما يبتعدون بشكل قصير عن الحاجز النهائي الذي يمكن أن يسحقهم إذا لمسوه حتى، سألت كاراسوما فران بالبيكيني والهودي سؤالًا.

"ماذا حدث لتلك الإلهة السحرية الصغيرة؟"

"لست متأكدة. أعتقد أن طائرًا قد قبض عليها."

  • الجزء 6

"..."

لم تستطع أعين كاميجو توما التركيز بشكل صحيح.

نكهة صدئة ملأت فمه. كان فمه لزجًا تمامًا بعد أن قَطعت أسنانه الخلفية لحمه الخاص. لم يعتقد أنه كان لسانه. ربما كان لحم خده. أراد ان يغسل فمه، ولكنه لم يُعطى فرصة لذلك.

"لماذا دخلت هذا البلد؟ ومن كانت فكرته؟ وما مدى صلته بفقدان لُولا ستيوارت المفاجئ وبمخاطر الكراولي؟"

"لماذا دخلت هذا البلد؟ ومن كانت فكرته؟ وما مدى صلته بفقدان لُولا ستيوارت المفاجئ وبمخاطر الكراولي؟"

"لماذا دخلت هذا البلد؟ ومن كانت فكرته؟ وما مدى صلته بفقدان لُولا ستيوارت المفاجئ وبمخاطر الكراولي؟"

ستِايل لم يعد هنا بعد الآن، ولكن الأسئلة استمرت في الرنين في طبلة أذنه.

مَزّق شفتيه المُلتصقتين وفرّقهُما بقوة وتحدث وعينيه ترفض التركيز بينما جسده كان ملتصقًا بالكرسي.

"...أليستر. أنا حقًا سأقتلك يا لعين..."

لم يكن ستِايل ماغنوس هنا.

هل ذهب للحصول على أداة أشد شراسة، أم كان يحصل على مستلزمات الإسعاف لعلاج فم كاميجو لتمديد معاناته؟ هل هناك أي فرصة لحصول معجزة أورسولا الشاردة؟

بأي حال.

"أوه، أنت أقوى مما توقعت. توقعتك بللت نفسك على الأقل. لابد أنك بَنيّت بعض المقاومة من خلال مواجهة إله الحرب هذه لمدة طويلة وكئيبة."

"ايه؟"

في البداية، اِعتقد أن دماغه كان يفرز الكثير من الإندورفينات ليصرفه عن قسوة الواقع.

لكن عندما رفع رأسه وهو مكبل بالكرسي، رآها فعلًا.

"أوثي-إيه؟ أوثينوس...؟؟؟"

"لما مُتفاجئ؟ القضبان فوق النافذة بنيت وفقًا لمعايير الإنسان البسيط، لذا لا يمكن أن توقف أبدًا سَيْر الإله. كان مستوى أمانهم الثمين معيبًا لدرجة مخزية."

بمعنى آخر، قد استخدمت حجمها الصغير لتتسلل بين القضبان. كان نفس السبب عن لماذا لا يواجه الفئران أي مشكلة في التجوال حول سجنٍ لا يُخترق. ولكن بينما كان كاميجو لا يعرف كم كانت هذه النافذة عالية، فلابد انها لم تكن بتلك السهولة.

سمع صوتًا يشبه صوت الورق يتأثر بالهواء. نظر مجددًا إلى النافذة واتّسعت عيناه من الصدمة. كان هناك طائر عملاق يقف هناك. لو كان صريحًا، سيقول انه كان خائفًا قليلاً من الحيوانات الأكبر من القطط والطيور الأكبر من الغربان.

"كان للإله الإسكندنافي الرئيسي انجذاب للطيور. كنت استخدم كائنيّن طائريّن لجمع المعلومات حول العالم، وكنت أتحول ذاتيًا إلى صقر لتفتيش العالم السفلي."

"ألقيتي القبض عليه وركبتيه؟ لم أرى صقرًا حقيقيًا بهذا القرب من قبل..."

"الآن هذا أمر محزن أن أسمعه. هل تغير التعليم الأساسي كثيرًا؟"

كانت أوثينوس دائمًا تهزم من قبل قِطّهم، فكيف تمكنت من ترويض هذا الشيء الخطير؟ وأثناء قولها لآخر تعليق، صعدت أوثينوس على ساق كاميجو واتخذت وضعًا في حضنه. وأبعدت شيئًا من كتفها يشبه حقيبة الجولف لجسمها الصغير.

"هل تحدثت؟"

"...عن ماذا...؟"

"…همبف. كالعادة، أنت لطيف بزيادة. أدّيت حسنًا بالنسبة لشخص تم خيانته من قبل حليف مفترض وتعرض لتعذيب من قبل أعظم منظمة صيد للساحرات في العالم."

بدت غاضبة تمامًا ولكن كان لصوتها أيضًا نبرة لطيفة ودافئة إلى حدٍ ما.

اتضح أن حقيبة الجولف التي كانت بحوزة أوثينوس كان شيئًا ملفوفًا بجلد أسود. وضعته على فخذه وكشفت عن بعض الأدوات المختلفة التي اكتسبتها بطريقةٍ ما.

"ماذا تفعل إنديكس والآخرون...؟"

"وكيف لي أن أعلم؟ عليك أن تبدأ في القلق بشأن نفسك لمرة واحدة على الأقل. البشر لا يزالون عالقين عند الحاجز النهائي الثلاثي-الرباعي الذي يغطي لندن بأكملها. طالما لم يحاولوا هجومًا عشوائي عليه، فلن يموتوا. ونظرًا لأنهم بوضوح لم يتمكنوا من القيام بأي شيء، قررتُ القيام بذلك بمفردي."

"؟"

"إنه نفس الامر مع القضبان على النافذة. لا يمكن أن يوقف حاجز بُنيَ للإنسان إلهٌ مثلي. وهو عيبٌ في جوهر التصميم، لذلك لا يوجد شيء يمكن لأي شخص أن يفعله حيال ذلك في هذه المرحلة."

أخرجت أوثينوس أداة ذات شفرة حادة في نهاية قضيب معدني بطول قلم رصاص. نظرًا لارتفاعها، بدا وكأنه رمح أو ناجيناتا.

عاد الخوف إلى قلب كاميجو المرهق.

ماذا حدث للعالم السلمي قبل بضع ثوانٍ؟

"مهلًا، ما هذا؟ أهذا مشرط ام ماذا؟ أنتِ بالفعل جنية خطيرة!"

"يا أحمق. هذا سكين يستخدم للذهب الخالص. لا يمكن أن نبدأ ما لم أفعل شيئًا بشأن هذه الأحزمة، أليس كذلك؟ وهذه الأحزمة ليست بشيء مقارنة بالسلاسل أو الحلقات المعدنية، لذا انتظر لحظة فقط."

"يا غبية! هِاااااي!! لا تزحفي فوقي بسكين مكشوف! أهذه مزحة ام ماذا؟! وإنها قريبة جدًا من معصمي! أستقطعينها هناك حقًا؟ أخشى أنك ستقطعينني!!"

"...يا مُتفهّمي، متى فقدت هذه الثقة الكثيرة فيّ؟"

"آه، انتم ايها الآلهة الغربية دائمًا ما تكونون غير مباليين تجاه الأشياء! كنتِ دائمًا تدمرين وتعيدين بناء العالم بأسره! هل يمكنك حقًا طهي وخياطة والقيام بأعمال إدارة السكن بدقة!؟"

"يا للوقاحة. أنا ماهرة بما يكفي لجعل رأس صديقي المفصول يتحدث مرة أخرى. الطهي؟ كرمًا مني، أنشأت مرةً إنسانًا باستخدام اللعاب المجمع في وعاء مبصقة. وتم استخدام الدم الجاري من جثته لإنشاء أجود نوع من الخمور في العالم. هل حلَّ ذلك سوء الفهم؟"

"أثق أن روابطنا قوية بما يكفي للتغلب على هذا، لكنك حقًا ترعبينني بصدق!"

"اخرس. حسنًا... انتهيت. يدك اليمنى حرة."

لم يستغرق الأمر وقتًا طويلاً بمجرد أن تحررت إحدى يديه. استخدمت أحزمة التقييد نفس هيكل الحزام الموجود على سرواله. وبينما كان يتأكد من أنه لم يسقط أوتينوس من حجره، قام بفك الأبازيم الثلاثة المتبقية.

أطلقت أوثينوس الصغيرة قهقهةً متعجرفة قبل أن تتحدث مرة أخرى.

"تبدو متعبًا. اللعنة لأولئك الأنجليكان. ربما يجب أن أسقط رمحًا إلهيًا على رؤوسهم."

"هذا هو عملهم. ليس وكأنني أريدهم أن يستمروا في ذلك."

بدا أن أورسولا والآخرين قد وقعوا ضحية لتضليل ذاتي حول دمار الأماكوسا وسقوط كانتربُري. كما كانوا يحملون تلك القطع النقدية على شكل قطع الرأس، التي تبدو خطيرة وتعمل كمخدر محمول، لذا لا يمكن لكاميجو أن يخفف حذره لأسباب متعددة.

بمجرد أن حُرِّر، تحقق كاميجو من كل أداةٍ جلبتها أوثينوس. بالإضافة إلى السكين، كان لدى الإلهة بحجم راحة اليد منشار قطع المعدن أنحف من قلم، ومقبض مفك براغي وبعض الرؤوس البديلة، ومطرقة صغيرة تستخدم لكسر نافذة السيارة الغارقة من الداخل، ومفتاح رباطة الفريج بحجم قابل للتعديل باستخدام مؤشر، والمزيد. بدت وكأنها أخذت كل ما استطاعت لأنها لم تعرف ما الذي سيكون مفيدًا.

"من المثير للسخرية أن يهتم إله مثلي بمصالح إنسان مجرد... لكنني مجرمة. والبيئة التي أعتمد عليها تم تحديدها بموجب ميثاق مع أليستر بشأن لُولا. وفوق ذلك، تم الكشف عن أحدهما بأنه ممسوس، مما أدى إلى انهيار أي ثقة كان يُكن لها، والآخر قد تخلى عن لقبه كرئيس للمجلس. لا يهمني من هم، أريد فقط شخصًا يمكنه ضمان موقفي. وهذا يتضمن موقفي بجانبك."

تقدم كاميجو بشكل طبيعي نحو النافذة الصغيرة التي استخدمتها أوثينوس للدخول.

لكن عندما وصل إلى الحائط، واجه الواقع.

"هذا... مرتفع حقًا ! لا أستطيع الوصول إليه!"

"بصراحة، هناك الكثير من أجهزة التعذيب الغير منتجة هنا. ماذا عن استخدام إحداها كسلم؟"

"لا أعرف كيف يُستخدم أيٌّ منها. أخشى أن تغلق احداها مثل فخ دب في اللحظة التي أضع قدمي عليها."

وثب كاميجو صعودًا وهبوطًا حتى استطاع الإمساك بقضبان النافذة وتسلقها بقوة. عندما نظر إلى الخارج، وجد أنهم في ارتفاع أكبر بكثير مما كان يتوقع. كانوا على الأقل في الطابق الثالث. ولم تكن لديه فكرة إذا ما كان هناك شيء ليعمل كوسادة له في الأسفل. كان الحائط الخارجي عموديًا تقريبًا ولم يكن هناك شيءٌ بارز ليمسك به. أيضًا، هذا المبنى كان البرج الأبيض فقط، لذا حتى لو هرب منه، سيجد لاحقًا الجدران الكثيفة للقلعة تحيط به. إذا قفز أسفل وكسر ساقه، فإن مصيرًا قاسيًا ينتظره.

ترك يده ليُنهي تعلقه وتنفس نفسًا عميقًا.

"...لن يفلح ذلك. حتى لو كنت قادرًا على كسر القضبان، سيكون القفز من هنا انتحارًا."

"في هذه الحالة، الخيار الوحيد المتبقي هو الباب الرئيسي."

مسترشدًا بصوت أوثينوس، أمسك كاميجو بمجموعة الأدوات وسحب جسده المنهك نحو الباب المعدني. وبما أن هذه لم تكن غرفة عادية، لم يكن هناك ثقب للمفتاح في الداخل. كانت المفصلات مثبتة أيضًا من الخارج، لذلك لم يستطع العثور على أي شيء لإزالته بواسطة الأدوات. ولم يكن هشًا بما يكفي ليُحطم ثقبًا فيه باستخدام المطرقة أو المنشار. لا يحتوي هذا الباب حتى على النافذة الطويلة والنحيفة التي رآها في باب زنزانته الأولى.

"لا يوجد شيء هنا. ما الذي يفترض بي أن أفعل؟!"

صرخ كاميجو وركل الباب في يأس، ولكن ذلك لم يترك له إلا الألم لأصابعه والقفز على قدمٍ واحدة وهو يئن. حقًا لم يكن هناك شيء يمكنه فعله. حتى انه فقد توازنه أثناء الوقوف على قدم واحدة، لذا وضع يده اليمنى على الباب ليتكئ.

بشكل فوري، انهار الباب المعدني الثقيل إلى الخارج بصوت غريب تقريبًا.

"وااه؟!"

مع اختفاء الدعم دون سابق إنذار، سقط كاميجو توما خارج الرواق في برج لندن. كاد أن يرتكب السيبوكو [5] بالأدوات التي كان يحملها. لم يكن لديه فكرة عن ما حدث ونظر حوله مُرتبكًا. شك في أن الباب المعدني انكسر فقط بسبب ركلته. مما يعني...

"هل قاموا بتقويتها سحريًا ليُوّفروا القوة التي يرغبون فيها؟" سألت الإلهة الاسكندنافية التي وقفت بمهارة على رأسه. "إذا كان الأمر كذلك، يجب أن تلمس كل ما تستطيع: الأبواب، والجدران الحجرية، والأقفال – أي شيء. لم يكن هناك تفاعل من تلك النافذة، ولكن الاماجين بريكر قد يعمل في بعض الأماكن."

"...هل يجب أن أفعل ذلك حقًا؟ أليس برج لندن مبنى تاريخي؟! لا أعرف كيف يتعامل الإنجليز مع الكنوز الوطنية والممتلكات الثقافية الهامة، لكن ألن يكون هذا أمرًا كبيرًا؟"

"لا داعي للقلق. ستقوم بإزعاج العائلة الملكية فقط."

"ملكية؟! إذا كان الأمر كذلك، فهو أمر كبير!"

"كيف لك أن تكون منزعجًا بهذا القدر بعد قضائك وقتًا طويلًا في التصادم مع إله مثلي؟ ...أيضًا، ما الذي جعلك تعتقد أنه يمكنك حل كل هذا دون إغضاب احد؟ هل نسيت ما فعلوه بك ما أن احضروك إلى برج لندن، يا إنسان؟ سواءً استطعت الهرب ام لا، أن تحبس هنا هو بمثابة الحصول على بطاقة حمراء في الحياة."

"..."

"تجمدت تلك الابتسامة من على وجهك، أليس كذلك؟ انشئ مسارًا للخروج إذا اردت الحياة. إذا لم تدمر كل الجدران والأبواب المتاحة لخلق مسارٍ للهروب لن يتوقعه أصحاب السلطة، فلن يكون لديك أمل في النجاة."

لم تكن هناك عودة الآن بعد ان دَمّر للباب. حتى لو عاد إلى الغرفة وجلس في الكرسي، سيلاحظون شيئًا خاطئًا. وبالتأكيد سيرون ذلك كنية للمقاومة وسيعذبونه أكثر. في الواقع، كانوا ليُكملوا التعذيب كالمعتاد حتى لو لم يحدث شيء. لا شيء جيد سيأتي من بقاءه في تلك الغرفة. لا يمكنه الاستمرار في الحلم العبثي المسمى بمعجزة أورسولا.

ولما وقف على قدميه بوجهه الشاحب، نزلت أوثينوس إلى موقعها على كتفه وغرقت في الأفكار.

(همم. في هذه الحالة، يمكنني أن أخمن لماذا أرسل أليستر فجأةً هذا الإنسان إلى برج لندن: أعظم كنز لا يمكنهم حتى الاحتفاظ به في بيت الجواهر.)

"حسنًا! لا يهمني بعد الآن! تباً لستِايل و أورسولا! ليقع عليهما اللوم للسماح لي بالهروب. اللعنة لتلك المرأة الدافئة واللطيفة. آمل أن تبكي بسبب عقوبة بذيئة قليلاً!"

"ما الذي حدث لك؟ هل كسر تهديد الموت أخيرًا الزر المخصص للحفاظ على نسلك؟"

  • الجزء 7

كانت الأمور سلسة بشكلٍ مدهش.

وصل المرج (المراعي) إلى الأفق، والذي يبدا فارغًا تمامًا في نظر هامازورا وتاكيتسوبو اللذين عاشا في مدينة الأكاديمية المكتظة. عدة سكك حديدية تتقاطع في وسط ذلك المنظر. كان هناك شيء يشبه محطة غير مأهولة بدون سقف، ولكن لم تكن هناك بوابات تذاكر أو آلات بيع تذاكر. قد يكون مخصصًا حصريًا لتحميل وتفريغ البضائع مثل الأغنام والقش الملفوف آليًا.

"هامازورا، ألا يمكننا حقًا التقدم؟ إذا انتظرنا هنا، فستلاحقونا تلك الوحوش."

"همم. أعتقد أن هذا هو أقصى ما يمكننا الوصول إليه بهذا. ربما سيلاحظوننا إذا اقتربنا أكثر."

أطفأ هامازورا شياغي الأضواء الأمامية وتوقف ردًا على حبيبته التي كانت ترتدي بدلة رياضية زهرية وسترة.

بدت وكأنها محطة شحن عادية تمامًا، ولكن كانت محاطة بكمية غير طبيعية من السياج السلكي. كانت هناك غرفة محولات للقطارات، ولكن كان ذلك زيادةً عن الحاجة.

"هل هم يتجادلون بشأن شيء ما؟"

"يقولون ان بحيرة لوخ نيس قد نشفت. ...أيقصدون بحيرة  الـ لوخ نيس؟"

لم يفهم هامازورا حقًا ما قالته تاكيتسوبو. لم يكن متأكدًا مما إذا كان "لوخ نيس" هو اسم لعلامة قهوة، أو بعض الآثار التاريخية، أو فريق كرة القدم.

على أية حال، يمكنه تخمين أن هذا كان مزيدًا من المعلومات المُضللة.

(إنهم يخوضون حربًا، لذا هل لديهم طعام أو وقود مُخَزّن هنا؟ ربما بنوا خزانًا كبيرًا ربما تحت محطة وقود...)

كان إخفاؤها في سردابٍ واضح أو منطقة تحت الأرض يجعلها سهلة الاستهداف، ولكن لا يمكنهم إخفائها في منازل المدنيين فقط لأنها ستكون أصعب في العثور. لذا، كانوا يُفضلون استخدام الغابات الوطنية والسجون والحدائق. غرفة محولات محاطة بأسوار وتحذيرات من الجهد العالي (فولت) ستُناسب الشروط.

ولكن قبل الوصول إلى ذلك، لم يكن لدى هامازورا فهم لجميع التفاصيل المعقدة حول السحر والكنيسة الأنجليكانية. كان قلقًا ببساطة حول هذا الحاجز الواضح بينما كانوا دخلاء في البلاد بطريقة غير قانونية دون جواز سفر وسرقوا سيارة فوق ذلك. يمكنك قول ان سرقة السيارات كانت محظورة في كل البلدان، ولكنه كان خائفًا بشكل خاص من أن ينتهي به الأمر في الوقوف بالأصفاد في بلدٍ أجنبي بنظام قانوني غير مألوف.

"ماذا نفعل؟ أنختار طريقًا مختلفًا؟"

"يبدو هذا الحاجز وكـأنه يستمر إلى الأبد."

ستسمح لهم قوة الدفع الرباعي للمركبة بترك الأسفلت والقيادة مباشرة عبر الأراضي العشبية، ولكن لا يبدو أن هذه هي المشكلة هنا.

نظر هامازورا إلى المرآة الخلفية ليتحقق من الوحوش في المقعد الخلفي.

"تقولون انكم آلهة سحرية، صحيح؟ لا أعرف حقًا ماذا يعني ذلك، ولكن ألا يمكنكم استخدام قواكم الإلهية لتفجير هذا الحاجز؟"

"أوه؟ أمتأكد أنك تريدنا أن نفعل ذلك؟"

"يمكننا بالطبع، ولكني أعتذر مقدمًا إذا انتهى بنا الأمر بتغيير قشرة الأرض. إذا فكرت بها كإنشاء أعجوبة جديدة في العالم، فهي في الواقع ميزة إضافية للبشر المحليين المرتبطين بالمصالح الدنيوية ☆"

...لم يكن هامازورا متأكدًا من مدى جدية امرأة الضمادة البُنّية وفتاة الفستان الصيني القصير. لم يكن لديه حقًا فهم لمدى رهبة آلهة السحر، لذا بدوا وكأنهم أقارب يتباهون ويصرون على أنهم سيبدأون في التفكير بجدية في الغد.

ومع ذلك.

"أوه، أعتقد أن لديك أمورًا أخرى لتقلق بشأنها."

فور قول نِفثيس ذلك بابتسامة، طرق شخص ما بلطف على نافذة السائق. كان الصوت وحده كافيًا لرجف هامازورا. كان مماثلًا لضابط الأنتي-سكيل الذي استخدم سلطته القضائية لاستجوابه بغطرسة. ألقى بنظرة، لكنه لم يجد ضابط أنتي-سكيل مصوبًا بمسدس أو حاملًا لهراوة. بل كانت راهبة بنظارات في ثوبٍ أسود. وبدلاً من المصباح اليدوي، حملت فانوسًا يستخدم ألواحًا عاكسة لتوجيه ضوء مصباح الزيت في اتجاه واحد.

كان المنظر غريبًا لشخص عاش عمره بأضواء الـ LED، ولكن لا يمكن أن يأتي شيء جيد من الضغط على الدواسة ومحاولة الفرار. هؤلاء الأشخاص الذين يعتقدون بصدق أنهم على صواب لن يترددوا في الامساك بالسيارة في مثل هذه الأوقات. وإذا تم إلقاؤهم بعد ذلك، ستكون مسؤولية حدوث إصابة أو وفاة على عاتقه. إذا أراد تجنب الخطر وعدم وضع أي جرائم إضافية على رأسه، كان عليه التركيز على "الأدب" في مثل هذه الحالات.

انزل النافذة جزئياً بدلاً من فتح الباب.

(تبدأ الأراضي العشبية من هناك، لذا لن يصطدم رأسها بالأسفلت إذا تم دفعها بعيدًا. إذا نجحت في إسقاطها دون أن تكون في حالة تأهب وابعدتها قبل التسارع، يجب أن أتمكن من ضمان سلامتها.)

قد يبدو الأمر مفاجئًا، ولكن حتى لو كان هناك شخص محتمل أن يكون عدائيًا من على مسافة يد، فإن الناس يسترخون إذا كان هناك أي نوع من "الجدار" بينهم. يستند ذلك إلى مفهوم المساحة الشخصية، حيث يبدأ الشخص الآخر في الشعور بالتهديد إذا تحرك داخل نصف قطر معين منك. تحرص كل السجون والمؤسسات للأحداث الجنائية على تحذير الحراس بضرورة البقاء حذرين عند الاقتراب من السجناء من خلال القضبان. عند استجواب شخص في سيارة، يقوم الجميع تقريبًا بالانحناء ومحاولة التطلع إلى الداخل، لذا خطط هامازورا للتحرك عندما تُقَرّب وجهها. ...حقيقة أن كل هذا سرى إليه بسهولة كان دليلًا على أنه لا يستطيع التخلص من أسلوب حياته القديم بسهولة.

تخمين عمر الأجانب كان صعبًا، لكنه وجد هذه الراهبة ذي النظارات أصغر منه حتى. وتحدثت والفانوس بيدها.

"ماذا يفعل المدنيّون هنا؟! عليكم الإخلاء! ابتعدوا من هنا بأسرع ما يمكن!!"

لم يكن الجانح الغبي يتحدث الإنجليزية ولا حتى يعرف كيف يفتح تطبيقًا إنجليزيًا على هاتفه. كل ما استطاع فعله هو تشبيك يديه معًا وتكرار الكلمة السحرية: Sorry.

ولم يكن إلا بعد أن أعطته تاكيتسوبو ترجمة موجزة حتى لاحظ أن هناك شيئًا غير طبيعي. لم تقترب هذه الراهبة ذات النظارات منهم لأنها اعتقدت أن السيارة مشبوهة.

بلحظة لاحقة، اهتز الأرض.

لا، لم يكن هذا هو الأمر.

"غههوووووووووووووووهههههههه!!!!!!"

كان الأمر مشابهًا لكيف يمكن ان يتسبب الهتاف في الملعب في ظهور نتيجة إيجابية كاذبة على جهاز قياس الزلازل. شيءٌ ما يقترب بهدير كايجو [6] عظيم. كان يمكنه أن يشعر بقدومه من خلال الوخز المستمر في جلده.

"أاخخهه"، تأوهت تاكيتسوبو في مقعد الراكب. ما الذي اكتشفته يا ترى؟ "أشعر بالغثيان. ما هذه الإشارة...؟"

وجَّهت الراهبة فانوسها في اتجاه مختلف تمامًا ونقرت بلسانها.

"مخاطر الكراولي. اللعنة على تلك الكوارث المُعادية للإله!!"

ترجمة تاكيتسوبو غير العاطفية كانت بطيئة بشكل مزعج. لم يكونوا يشاهدون مباراة رياضية على التلفزيون. كانوا هناك عند الكارثة المُجتاحة، وكانت المكبرات الخارجية تصدر تحذيرات وإعلانات بلغة أجنبية لا يمكنه فهمها.

بأي حال...

"أوه، يا عزيزي. أكان هذا الهجوم على حصن إنجلترا-لندنيوم؟ لقد وصلت الخطوط الأمامية بالفعل إلى الجدار الثاني، أليس كذلك؟"

"هذا يترك أربعين كيلومترًا، صحيح؟ وبهذه الانطلاقة، لن يتمكن المعسكر الخلفي من التراجع وإعادة التجمع. هل ستنهار الخطوط الدفاعية دفعة واحدة؟"

قامت الإلهة السحرية اللطيفة بترجمتها إلى اليابانية له، ولكن ذلك لم يساعد كثيرًا. الكلمات الظاهرة لم تكن كافية بالنسبة له ليفهم المعنى المخفي وراءها.

شحب وجهه وصاح بهم.

"مهلًا، بواسطة كراولي؟ أتقصدين أليستر كراولي؟ هل هذا الشيء حقًا سيسحقنا مع الجميع؟ لقد جئنا لهنا فقط لأنها قالت لنا!!"

"على الرغم من حديثنا عن ذاك الكراولي، إلا أن هذا الكراولي هو احتمالٌ مختلفٌ تمامًا، لذا ربما لا تلقي بلومك عليه، او عليها؟. أم ربما تريد الخروج الى هناك واثبات أن هذا الشيء صديقك؟ بالطبع، إذا أريته قائمة أصدقائك على وسائل التواصل الاجتماعي، ربما ستُدهس فقط بذلك الجيش من الوحوش بحجم الديناصور."

"انتِ تمزحين..."

فتح هامازورا نافذة السائق بالكامل.

لم يكن يعرف ما إذا كانت ستفهم، ولكنه استخدم اليابانية ليصرخ على الراهبة ذات النظارات التي تُركت خارج السيارة وحاولت حمل بعض الحاويات البلاستيكية الثقيلة.

"ادخلي!!"

"هاه؟ ماذا؟"

"حملكِ لهذا الوقود سيقتلك فقط!! فقط اسرعي! أتريدين الموت ام ماذا؟!"

عندما أشار بيده، بدت أخيرًا وكأنها فهمت. قبل أن يستطيع فتح الباب، أسقطت الحاويات وغطست في النافذة المفتوحة. وبفضل ذلك، ضربت حوافها على إطار النافذة وسقط جزءها العلوي في حضن هامازورا. كان شاكرًا لشعوره بنعومة الراهبة، لكنه ندم على هذا التحول في الأحداث عندما أدرك مدى صعوبة تشغيل دواسة الوقود والفرامل والقابض عندما يضغط وزن جسم شخص ما على حضنه. بغض النظر، أرسل السيارة ذات الدفع الرباعي منطلقًا إلى الأمام.

زمجر شيءٌ على الفور أمامهم.

لم يكن لديه أي فكرة عن الشكل الذي اتخذه أصلًا، ولكن شيئًا عملاقًا يبدو وكأنه مصنوع من ظلال حمراء تفادى بالكاد قدمي الراهبة الممتدة من النافذة. لا يمكنهم الاستراحة. شيء أكبر من حافلة كان يمزق العشب عند قدمي الكائن ليأخذ منعطفًا سريعًا ويستهدفهم مرة أخرى.

في المقعد الخلفي، قالت نِفثيس شيئًا وهي تحمل نيانغ-نيانغ كوسادة جسم.

"تقول ان اسمها هو الأخت آغاتا وتريد أن تشكرك."

"نعم، وثدييها يلمسانني!! أريد أن أشكرها أيضًا!!"

" . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ."

"حاولي أن تُسيّطري على غيرتك، تاكيتسوبو. انقذنا شخصًا للتو واحاول اتخاذ إجراءات مراوغية هنا. أخخ!!؟ حسناً، حسناً. انا اسف، لذا إذا كنت ستضربينني بالمناديل، استخدمي صندوق الورق!! زجاجة المناديل الرطبة هذه صلبة حقًا، انها تؤلم جدًا !!"

"تقول أيضا انهم يحتاجون إلى شراء وقت لعودة المطران لُولا. ...مثيرٌ للإعجاب"

أضافت نِفثيس تعليقًا مستائاً في النهاية. نظرًا إلى نظرة الراهبة المحتارة، لابد أنها لم تستطع رؤية ما وراء هامازورا وإلى المقعد الخلفي.

شد الخوف قلبه عندما وصلت ظلال كبيرة من فوق، ولكن يبدو أن هذا كان شيئًا آخر غير مخاطر الكراولي. كان يشبه قاذفة القنابل الشبحية على شكل البوميرانج، ولكن يبدو أنه مصنوع من قطعة قماش رقيقة، مما جعله شبيهًا بأجنحة الخفافيش.

الطيران في الهواء كان سيساعد في تجنب مخاطر الكراولي على الأرض، ولكن هذا الشيء لم يحاول انقاذ الراهبات على العشب.

بدلاً من ذلك، ألقى حاويات بلاستيك مثل تلك التي كانت تحملها الراهبة وحتى براميل معدنية أكبر.

(لعنتهم!! هل الوقود أهم من حياة الإنسان؟!)

لم يصرخ بأعلى صوته بسبب الراهبة ذي النظارات التي كانت لا تزال مؤخرتها بارزة خارج النافذة.

كان لدى هامازورا علاقة بليليث، ولكنه لم يكن في صلب المشكلة. ومع ذلك، بدا التعليق بشأن لُولا ستيوارت مربكًا له وكان يشعر بالقلق من أن هذه الفتاة آغاتا قد تعرف من كان.

لا يمكنه فقط التقاط راهبة واحدة. بدأت أضواء الحافلات والشاحنات في الظهور وسُمع صهيل الخيول في الظلام، لكن لا يبدو أن هناك مساحة للجميع على تلك الأشياء. في كل مرة يرى فيها بعض الراهبات المهجورات على العشب الأخضر، قام بالتوقف، وقرع البوق، وصاح لهم.

"تمسكن بالسقف، أو بالباب، أو أيّ مكان! فقط اركبوا !!"

ربما كانت الكلمات غير ضرورية إذ ان الفتيات قفزن على الفور. كان السقف يحتوي على مرفق للزلاجات أو لألواح التزلج والجوانب الأربعة كانت تحتوي على قضبان معدنية لصد المرعى، لذلك كان هناك الكثير ليتمسكن به. كبت هامازورا قلبه المثار، وسيطر على الرغبة اللامتناهية في الدفع بقوة على دواسة الغاز، وانتظر. لم يكن يعلم أبدًا أن الانتظار البسيط يمكن أن يُشعر بتقصير العمر.

الراهبة ذي النظارات التي كان نصفها بارزًا في النافذة ضربت فخذه.

"هامازورا، تقول ان الجميع تمسك."

"أخيرًا !!"

وكان الزلزال يقترب.

سيظل أليستر دائما أليستر. ربما لم تكن تلك الوحوش تعرف كيفية التمييز بين العدو والحليف. كاد الأفق يختلط بالظلام، وبدا يتضخم عدديًا بشكلٍ غير منتظم.

كان ذلك وهمًا.

وبقدر ما يمكن للعين رؤيته، كانت مخاطر الكراولي المختلفة، الكبار والصغار، تقترب ولم يعد أيهم على شكل إنسان بعد الآن. كان الجيش ضخمًا جدًا لدرجة أنهم بدوا وكأنهم سلسلة جبال متحركة.

كان هناك مهرج أكبر من برج البث ذو أبعاد مشوهة للغاية. كان هناك شكل بشري مصنوع من أوجه الساعة الدائرية وبتروس لا حصر لها. كان هناك عملاق يَدمع (يبكي) كراوليات صغيرة تتساقط على جلده السميك المُخَيّط.

كان هذا منظرًا كابوسيًا.

هامازورا لا يرغب حتى في التفكير في ما سيحدث إذا تم ابتلاعهم بذلك.

العدو والحليف سيواجهون نفس المصير.

"ما هذا، ما هذا، ما هذا، ما هذا؟! مدى كل ذلك مُشَوّه للغاية!!"

"ياه ياااه، هذه السيارة ملئى بالفتيات من الخارج والداخل. لم أتوقع أن أجد حديقة سرية هنا."

"تلك الألبسة السوداء هي من الكنيسة الكاثوليكية الرومانية، أليس كذلك؟ وكانت تلك الحافلة مليئة بالآسيويين، لذا ربما كانوا الأماكوسا. في هذه الحالة... نعم، يمكنني أن أحس بقسوة هذا الوضع☆"

تصرفت الآلهة السحرية كما لو كانوا خارج تدفق الزمن، لكنه لم يستطع أن يزعج نفسه بحديثهم عن مشاهدة المعالم السياحية.

زأر مُحرك الطرق الوعرة عندما اصطدم هامازورا بمركبته ذات الدفع الرباعي على الحاجز وانطلق الى الطبيعة. لم يكن لديه وقت للنظر من حيث ينتهي الأسفلت ويبدأ العشب. كانت خياراته الوحيدة هي الابتعاد بأكبر مسافة ممكنة عن طوفان اللحم والدمار القادم من الخلف.

"—————!!"

"ليترجم احدكم رجاءًا ما تقوله هذه الفتاة آجاتا إلى اليابانية!!"

"تقول لك أن تنتبه للحدائق الإنجليزية، يا فتى☆"

"؟"

عبس من كلمات الفتاة ذات الفستان الصيني الصغير. فهي لم تترجم مصطلح "الحدائق الإنجليزية" على الإطلاق.

"يحب الإنجليز التمتع بالمناظر الطبيعية، لذا يبذلون جهدًا خاصًا في تسييج الأغنام. إنهم لا يلجأون الى استخدام بعض الأوتاد والألواح الخشبية لبعض أعمال النجارة الخام كما هو الحال في المزارع الأمريكية. قد تبدو الأرض مستوية للوهلة الأولى، لكنهم في الواقع قاموا ببناء منحدر يزيد ارتفاعه عن متر لإبعاد الأغنام التي تأكل الزهور. وبطبيعة الحال، الحيلة هي التأكد من أن المنخفضات ليست واضحة عند النظر إلى الأفق من المنزل الثاني الأعلى، لذا فإن البحث بجدية أكبر لن يساعد."

"إذا كان هذا هو الحال، فماذا يُفترض بي أن أفعل...؟"

الجاذبية بدت وكأنها اختفت أثناء صراخه.

قادت سيارة الدفع الرباعي مباشرةً من إحدى المنخفضات التي يبلغ ارتفاعها أكثر من متر. ارتعشت رؤيته عندما هبطوا، لكن كان أكثر قلقًا بشأن الراهبات اللائي تمسكن بالسقف. لحسن الحظ، كانت قضبان الحماية من الأغنام تمنعهن من السقوط.

"وانتبه أيضًا من المجاري المائية والسلالم الحجرية وحدائق الزهور المصنوعة من الطوب. بينما يحب الفرنسيون الاحتفاظ بالأرض على مستوى وبناء متاهات الورود الحية، يفضل الإنجليز حفر الأرض أو بناءها. دع حذرك يتراجع وستسقط في حفرة أو تنفجر إطارات السيارة."

"هذه النصائح لا تفيد كثيرًا، كأنك تقولين 'احترس من الألغام المدفونة هنا'. إن كل ما تفعلينه هو زيادة الخوف دون اعطاء أي وسيلة فعلية لمعرفة ما إذا كان آمنًا أم لا!"

وبدا أنه يجب عليه العودة إلى الأسفلت بدلا من الاعتماد على قوة الدفع الرباعي. حتى لو كان الإنجليز يحبون التلاعب بالأرض، كان واثقًا تمامًا من أنهم سيتركون الطرق العامة في حالها.

ولم يمض وقت طويل حتى اصطدم بنقطة التفتيش الثانية والثالثة.

لم يكن هناك حراس من أي نوع هناك.

لابد انهم قرروا أن الانسحاب هو الخيار الأفضل. انتشر ضوء اللهب القوي عبر العشب الذي لا يوجد فيه أعمدة إنارة. هذا بوضوح ليس اشتعالًا للوقود. إنه نوع من النار اللزجة الغير طبيعية. ظهر جدارٌ من القش المشتعل لا نهاية له. ولن تصيب مخاطر الكراولي المقتربة من الخلف. كانت هذه هي نقطة التفتيش التي كان هامازورا والآخرون يعتزمون اختراقها.

"مهلاً، هناك الكثير من الراهبات المعلقات من الخارج، فماذا نفعل؟"

"وفقًا للفتاة ذات النظارات، سيعتنين بأنفسهن، لذا انطلق ولا تخف."

لم يتسنى له إلا أن يصرخ.

بالتفكير في هذا مثل تمرير يده عبر لهيب الشمعة، استخدم سرعتهما لإرسال المصد الكبير الذي يصطدم بجدار النار.

مفكرًا في ذلك وكأنه يمرر يده عبر نيران الشمعة، استخدم سرعتهم لإرسال الكتلة الكبيرة مخترقةً جدار اللهب.

كان هناك هدير يصم الآذان بينما احرقت النار الأكسجين، لكنه لم يشعر بالكثير من الحرارة حتى عندما كانت النافذة الجانبية للسائق مفتوحة على مصراعيها. رأى ضوءًا أزرق فاتح يحيط بسيارة الدفع الرباعي.

جَعَّدت تاكيتسوبو جبينها بينما ترتدي البدلة الوردية الرياضية وكنزة صوف.

"أمم، حاجز سحري؟ ربما يكون هذا مصطلحاً عاميًا غير مألوفٍ لي..."

"لا يهمني ما هو، ولكن لا تحتفظي به لنفسك!! أعطِني الترجمة الكاملة باليابانية!! كل شيء!!"

"همم... نحن تلامذة القديس بطرس الذي حدَّق بابن الإله. سنكون محميين من خلال المراسم السرية للقديس المتجسدة في قرن الحصان وحيد القرن وثديـــيّ على طبق والذي أوقف الحمم البركانية لجبل إتنا."

"آه؟ ماذا؟ هل هذه أمور خيالية مخيفة؟؟"

وضعت نِفثيس يدها على فمها وقهقهت في المقعد الخلفي.

"لا، لا. ترجمتكِ صحيحة. هذا يعتمد على أسطورة القديسة المعروفة في هذا البلد باسم القديسة أغاثا. ففي نهاية المطاف، تعتبر النساء المسيحيات القديسات بشكل عام حُرْمة."

كانت السيارة آمنة ولم يبدو أن أي من الراهبات اللاتي يتشبثن بالسقف والأبواب لديهن إصابات كبيرة. ولكن هامازورا لم يبدو سعيدًا حيث كان يمسك بعجلة القيادة.

"...هذا لا يساعد كثيرًا. التسلل من هناك لم يكن كافيًا للهروب من تلك الوحوش!!"

وكأن الراهبة التي كانت في حضنه تؤكد أفكاره الهاوية، بدأت بالصراخ مرة أخرى.

"...!!"

"سحقا، أيا كان ما قالت، تبدو جادة. أعلم أنني سأندم على هذا، ولكن من فضلكم، هل يوجد من يترجم لي؟!"

" 'بالتفكير في ذلك، توقف عن لمس صدري، يا تبن.' "

"هذه النية القاتلة الصامتة... تاكيتسوبو ستقتليني حتى قبل مخاطر الكراولي!!؟ على أي حال، هل قالت شيئًا آخر؟"

"تقول ان الهروب إلى لندن لن يكون ذا جدوى."

في البداية، لم يكن يعرف ما تقوله الراهبة ذات النظارات من خلال نيانغ-نيانغ.

شرحت الفتاة ذات الفستان الصيني الصغير المزيد بينما كانت تستمتع بالتدحرج في المقعد الخلفي وتتصارع مع نِفثيس الملفوفة بالضمادات.

"سمَّتها بالحاجز الثلاثي-الرباعي النهائي. بوابة القلعة مغلقة بإحكام، لذا القيادة بسرعة كاملة ستكسر السيارة فقط."

"...إذا ماذا نفعل؟ الطريق محاصر وتلاحقنا وحوش الزومبي الذين لا يمكن إيقافهم من الخلف! بجدية، ماذا يُفترض بنا أن نفعل؟"

"أعتقد أن الجميع هنا استُخدموا كبيادق تضحية. لهذا وضع الكاثوليك الروم، والأماكوسا، وغيرهم من الجماعات الخارجية في الصفوف الأمامية."

لم تكن نِفثيس تهتم تقريبًا، ولكن كلماتها لم تمنحه أدنى تلميح. كان السباق نحو الهاوية لعبة خطيرة بما فيه الكفاية، ولكن هذا كان مثل وجود جزار عملاق يقترب من الخلف أثناء ذلك. سواء ضغط على الغاز أو الفرامل، لن يستطيع تجنب ان يتم تمزيقه إلى لحم مفروم.

ولكن في تلك اللحظة...

"هامازورا، شيء ما يبدو غريبًا. أحد الضغوط قد اختفى."

"ها؟"

صاح هامازورا بجنون وهو يمسك بعجلة القيادة ويقبل بسعادة لقب "الغريب" من الراهبة الضاغطة على فخذيه.

"آاااهه؟ م-م-م ما هو ذلك؟"

  • الجزء 8

حدث ذلك في لحظة.

بالنسبة للناس الجاهلة، لابد أن الامر بدا مفاجئًا.

ستارة الضوء التي تغطي لندن اختفت كما لو كان انقطاعًا كبيرًا في التيار الكهربائي.

"حسنًا، لنبدأ الحركة."

بعد رؤية الجدار الدفاعي للندن الذي يبدو لا يمكن اختراقه يختفي، تحدثت الفتاة التي ترتدي زي السترة الزرقاء وقبعة الساحرة والعباءة بهدوء.

"لن اتوقع أقل من ذلك من الاماجين بريكر، الجوكر المطلق الذي عُرِف عنه منذ العصر الذهبي. يبدو أن كاميجو توما نجح في تدمير النواة المخزنة في برج لندن. كان ذلك العنصر الروحي ضروريًا للحفاظ على الحاجز النهائي الثلاثي-رباعي."

"أنت..."

"لا تغضب كثيرًا، أكسيلريتور. أتفضل وضعه في صندوق مجوهرات للحفاظ عليه بأمان؟"

كانت وجهتهم دير ويستمنستر.

ربما كانت أكبر كاتدرائية في لندن وكان لها ارتباط عميق بالعائلة المالكة.

"ليس لديهم الجرأة لوضعه في قلعة واضحة، ولكنهم أيضًا يخشون وضعه في منزل عادي. إذن ما هو الموقع القوي ولكن في نقطة عمياء؟ حتى دون الإشارة إلى ألماسة نجمة أفريقيا العملاقة، فإن برج لندن سيء السمعة معروف بتخزين أعظم كنوز العائلة المالكة. ...لذلك أين في لندن يرغب المدافعون في وضع نواة حاجزهم النهائي الثلاثي-رباعي؟ لا شيء كان أكثر وضوحًا من ذلك."

إذا لم يكن من الممكن تدميرها من الخارج، فما عليهم سوى تدميرها من الداخل.

الإنسانة المُسماة أليستر كراولي كانت قد دمرت في وقتٍ ما أكبر عصبة سحرية في العالم في نزاعٍ داخلي. إذا كانت على استعداد للاعتراف بالهزيمة بعد فشل الهجوم المباشر، فلن تكن لتكمل المضي في طريق المعاناة والنكسات لأكثر من قرن.

"لا مفر الآن، يا لندن."

تحدثت بصوت ملحن وكل خطوة لها بدت وكأنها تعبر خطًا حازمًا.

من المحتمل أن ما يعنيه ذلك لم يفهمه إلا الساحرة التي كانت لها علاقة بهذه الأرض منذ قرن من الزمن.

"لقد عدت، يا مدينة الضباب والسحر والذهب. حصن الشيطان العظيم كورونزون، عاد كراولي ليُسَوّيها مرةً وإلى الأبد."

وصلوا إلى جنوب لندن.

كان جزءًا من الضواحي انتشر بشكل فوضوي إلى الخارج على مر السنين.

كان هناك حجر وطوب وخرسانة وأسفلت. كان مزيجًا من القديم والجديد يُغطى بضباب ديسمبر البارد.

فور ان وطأت هناك، سمعت خشخشة معدنية باهتة للمصاريع والأبواب. كانوا يعلمون أنها مقفلة، ولكنهم لم يسترخوا حتى تحققوا منها مرتين. كان ذلك علامة على هذا النوع من الرفض. بدا المقصود من ذلك هو طرد مجرمٍ عظيم قد يلعنك إذا حدقت به.

كان هناك أيضًا صوت خشخشة صلب من أحذية رعاة البقر تسير عبر الأرض الخشنة.

وكشط غمد كاتانا الطويل للغاية.

"...أعتذر، ولكن يجب علي أن أطردك من هذا البلد فورًا."

كان إحدى ساقي بنطالها الجينز مقطوعًا حتى القاع، وكان معطفها فاقدًا لذراع واحدة، وكان قميصها مربوطًا من الأسفل ليُظهر بطنها. رُبِطَ شعرها الأسود اللامع الطويل الآسيوي على شكل ذيل حصان، وحَمَل حزام خصرها شيتشيتين شيتشيتو (سبع سماوات ، سبع سيوف) الطويل.

"لا املك ثانية لأضيعها لو اردت إنقاذ كل من يخاطر بحياته في هذا القتال"

كانت كانزاكي كاوري، القديسة.

كان هناك أقل من عشرين من تلك الركائز الواضحة للقوة المقاتلة.

في الوقت عينه، كانت أليستر كراولي أشبه بممثلة مسرح. استخدمت حركات مبالغ فيها وصوت عال، لكن كلما تصرفت بشكل مبالغ فيه، زال حضورها وواقعها كالحلم أو الوهم.

لقد كانت مثل تانوكي أو جنية لا شكل لها تتباهى بالأموال المصنوعة من أوراق الشجر أو نشارة الخشب.

"أينقصكِ جنود، يا عملاقة المملكة المتحدة؟"

دوى هدير في الظلام مباشرة خلف الفتاة الفضية.

لم تعد الخطوط الدفاعية المتعددة المنصوبة مثل حلقات الأشجار أو الباومكوخين تعمل بعد الآن. كان الحاجز النهائي الثلاثي-الرباعي مدمر. لم يبقى شيء لمنع جيش مخاطر الكراولي. كانت عاصمة لندن تُداس.

لكن.

مع ذلك.

سدَّت بعض الخطوات الجديدة الطريق.

توهج خط من الضوء الفضي بسرعة كالبرق ولكن بقوة قطع عنيفة.

أحمر، أخضر، بني، ورمادي. لم يكن واضحًا كيف حصلوا على سوائل الجسم مثل ذلك، ولكن زهور الدم ازدهرت بألوانٍ متنوعة.

لم تظهر على أليستر وأكسيلريتور أي علامة على الدهشة. لابد أنهم رصدوا بالفعل وجود القاتل.

كان قائد الفرسان هو الذي هبط بلطف خلفهم بعد أن أرجح بسيفه ذو الحافة المزدوجة لتنظيف الدم. كان للرجل بالبدلة بضع عشرات من الفرسان المجهزين بالكامل ينتظرون خلفه.

كانت أليستر محاصرة الآن، لكنها قهقهت فقط.

واجهت الساحرة القديسة بدلاً من قائد الفرسان.

"هؤلاء كانوا جميعًا أليستر كراولي بقدر ما انا. ألا تشعرين، ايتها القديسة المحبوبة، بأي شيء عندما تفكرين في الاسم السحري الذي نقشتيه في قلبك؟"

"عملة قطع الرأس."

لكن لم تكن كانزاكي التي استجابت.

من بين القاتلين، كان قائد الفرسان هو الذي اتخذ خطوة إلى الأمام.

"بناءً على طلب هوليغريس ميراتس، أعطيتُ الموافقة النهائية لإصدار هذه العناصر الروحية في حالة الحاجة إلى هجوم انتحار سريع. نشرتها في جميع أنحاء البلاد."

عصر شيئًا في يده وعض أسنانه بينما كان يحترق بالعدالة.

ولم يتردد في أن يطلق صيحة.

"ولكنني لن أدع أحدًا يستخدم هذه. ولا حتى واحدة منها. لستُ وحدي هنا. إذا عملت مع قديسة، يمكنني طردك من هنا. سأثبت ذلك!!"

"...اللعنة عليك، يا لُولا. متى قمتِ بنقل محور عدالتهم بذكاء؟ هل أقنعتهم بأن قتل العدو هو شكل من أشكال الخلاص؟"

لنوضح شيئًا واحدًا.

لم تبذل كانزاكي كاوري وقائد الفرسان أي محاولة أخرى للحديث.

شُقَّ الضباب والظلام حين هاجمت الوحوش أليستر من الأمام والخلف في نفس الوقت.

كسروا حاجز الصوت.

حَوَّل هجومهم الاستثنائي أجسادهم إلى أسلحةٍ قاتلة. استخدمت كانزاكي كاوري ناناسين (سبع ومضات)، امتزجت سبعة أسلاك في حركة مبالغ فيها لسحب سيفها. أما قائد الفرسان، لَوّح ببساطة سيفه ذو الحافة المزدوجة. دمجوا بين الخداع والهجوم المباشر حتى يتعين على عدوهم الرد فقط على أحدهم. كان ذلك فرطًا تامًا سيكسر جسم الجاني إلى قطع بدلاً من مجرد قطع رأسه.

لكن أليستر أصدرت فقط تنهدًا منزعجًا.

تطايرت الأرقام المعنوية من أطراف أصابعها اليمنى واليسرى كشررات برتقالية.

وفي الحال، ساد الصمت. في البداية، بدا وكأن الوقت قد توقف بطريقة ما. صدَّت كل من أسلاك كانزاكي كاوري وسيف قائد الفرسان.

واحد بعصا ذهبية برأس كروي. الآخر بمنجل فضي كبير.

السلاحان رمز للشمس والقمر.

ظلت أليستر بين الوَحْشَيْن ودافعت عن نفسها بِيَدَيْن.

"أهو غريب؟"

قالت بضحكة.

وهمست أليستر كشيطان بأسلحة غريبة في يديها.

"أهو غريبٌ أن أتمكن بسهولة من إيقاف هجومكما الأسرع من الصوت بينما لم أستطع حتى تجنب لكمة كاميجو توما؟ هناك إجابة لسؤالكم. ولو بقيَ في بالكم البسيط أيُّ فكرة، فتمتعوا بالتخمين بها، فهذا هو أعظم ترفٍ للبشر."

كانوا في منتصف معركة وحرب.

لذلك لم ترد كانزاكي كاوري أو قائد الفرسان لكلماتها.

حدث حقًا في لحظة.

في أقل من ومضة عين، مزّق رُمْحٌ الظلام في طريقه نحو صدر خائنة الوطن.

كان قائد الفرسان قد امسك رمحًا ألقاه له فارسٌ آخر وشن به هجومًا آخر.

الحروب تدور حول السيوف، ولكن تنفيذات الاعدام كانت مسألة مختلفة. يمكن لفأس إزالة الرأس أو يمكن للرمح اختراق القلب. في عاصمة لندن، كان هناك الكثير من الأشياء التي أخذت حياة المرء أكثر من الحرب العادية.

كان هذا يرمز إلى مآسي الأثرياء، وليس حرب المحتاجين.

قاتلَ قائد الفرسان على قدم المساواة مع ويليام أورويل، الملقب بأكوا الخلف، الذي احتل مكانةً فريدة حتى بين القديسين. وفي الوقت نفسه، كانت كلتا يديّ الفتاة الفضية مشغولتين بالفعل. يجب أن لا يكون لديها وسيلة لصد الرمح الموجه نحو قلبها. كان وزن هذا الرمح قد تم زيادته سحريًا، لذلك سيكسر جسدها إلى قطع.

"مرة أخرى"، همست الساحرة أليستر كراولي بصوت ملحن. "سأسأل إذا كان ينقصكم جنود."

برنينٍ ثقيل، صُدَّ طرف الرمح بقوة. حدث هذا عند بضع سنتيمترات فقط من ظهر الفتاة ذات الشعر الفضي. بعد أن أخطأ هدفه، اصطدم الرمح بإحدى أعمدة الإنارة الفولاذية القريبة. وانكسر العمود.

كان أكسيلريتور يقف على مقربة، ولكنه لم يتدخل بتحكمه في القوى المُتجهية.

في وقتٍ ما، اختفى المنجل الضخم بشكل غير واقعي ولمست أليستر الرمح بيدها اليمنى العادية تمامًا.

اتخذت كانزاكي كاوري خطوة خلفية بحذر.

أو ربما كانت تخلق المسافة اللازمة لشن هجومها التالي.

"ما الخطب، يا مُقاتلوا الجبهة؟"

أعطت أليستر ابتسامة قاسية، ولكن لمن كانت مُوَجّهة؟ إلى القوة القتالية الفخورة للوطن الذي تكرهه بشدة، أم إلى نفسها للجوء مرة أخرى إلى السحر بعد أن تقدمت بهذا القدر؟

"بالتأكيد لن تُخطئوا بهذا الشيء البسيط بالاماجين بريكر. لو كنتم سذجًا لهذا الحد، فلن اتعب نفسي بالاهتمام بكم. سأدهسكم وامضي في طريقي"

"السحر الغربي الحديث."

سُكِب شيء ما من شفاه كانزاكي كاوري.

رشته بصوتٍ كاره بشكل غير طبيعي لم يسمعه أحد من قبل.

" أأنتِ هي الساحرة التي خلقت كل هذا؟ "

بغض النظر عن عدد الأخطار الكراولي التي قاتلتها كانزاكي كاوري عند وصولها من المحيط، لن يساعد ذلك في هذه المعركة.

كان لدى جماعة الكراولي الكثيرة أشكالًا مختلفة تمامًا إذ انهم سلكوا مساراتٍ مختلفة تمامًا. تخلى بعض الكراولي تمامًا عن السحر، واحترفه بعضهم الآخر.

"أنا مندهشة من أنك ستـرَيْـنـي بهذه الطريقة. لم يكن أي شيء فعلته مثيرًا للإعجاب. لقد أخذت ببساطة ما كان موجودًا بالفعل، وقطعته، وأعدت ترتيبه في شكل أكثر قابلية للفهم. تمامًا مثل ألوان القوس قزح أو مقياس دو-ري-مي المستخدم لتعليم الأطفال. ...بالطبع، الحمقى الذين ظنوا  أن هذا كل ما في الأمر قد اقتنعوا بسهولة بأن العالم منقسم بين العلم والسحر. رغم أن هناك في الواقع تدرجًا لا نهائيًا تقريبًا بين هذين القطبين. "

وجَّه قائد الفرسان ضربة رمح أخرى، لكنه كان يقصد ذلك في الغالب كاختبار لتأكيد ما كان يشتبه به بالفعل. استخدمت أليستر يدها اليمنى لضربها بعيدًا وكأنها حشرة مزعجة، وانحرف طرف الرمح القاتل في الهواء الفارغ.

"ولذلك."

لم تحتج إلى سلاح أو عنصر روحي.

أكثر شريك موثوق لها كان داخل رأسها.

"لا اهتم كم مليارًا يعيش على هذا الكوكب. حتى لو كرهوني جميعًا، ستكون نسبة صغيرة فقط قادرة على استخدام السحر على مستوى عملي. ولن يمكن لأحدٍ ايذائي إذا اتّبعوا نظرية السحر الغربي الحديث الذي بنيته وأعدتُ توزيعه. اختفت الحرية من العالم مع وصول كتاب القانون في عام 1904. بغض النظر عن مدى محاولتك، سيستمر ظلّ أليستر كراولي في مطاردتك في أساس تعويذاتك. يمكنني التدخل بقدر ما أريد. كمُطورة، أنا على دراية بالأبواب الخلفية [7] والثغرات الأمنية في النظام التقني المعروف باسم السحر الغربي الحديث. في الوقت الحالي، أنا فقط أرفض لك الخدمة. ربما يجب علي أن أجعلها تنفجر في يدك بعد ذلك."

لم يكن من المهم بشكل خاص إذا كانت المواد السحرية التي يعتمدون عليها تعود إلى فترة قبل استدعاء أيواس - أو لوضعها بمصطلحات كراولي، في وقت الدينونة الأخير عندما تقدم الدهر. حتى إذا كنت تستمع إلى [نوه] أو [كيوغين] اليابانية، ستُفسَدُ إذا حاولت فهمها باستخدام مقياس دو-ري-مي المستورد من الغرب.

"لماذا يمكنني الطيران على مكنسة دون الخوف من ان يتم اسقاطي؟ لأنكم لا تستطيعون ذلك."

بعبارة أخرى، الأشخاص الوحيدين الذين يمكنهم الأمل في التغلب على أليستر في مجال السحر هم الآلهة السحرية الاستثنائية أو ساحر بميول مستقلة على مستوى ويستكوت وماثرز اللذين تنافسوا مع أليستر لتطوير شكل عالمي لأساس السحر أثناء كونهما جزءًا من العصبة الذهبية.

الاماجين بريكر لم يكن مطلوبًا إذا كنت تحتاج  فقط الى إبطال السحر.

كان ذلك واضحًا من حقيقة أن مكتبة الكتب السحرية احتلت موقعًا مركزيًا في المعارك المضادة للسحرة. وكان ماثرز يريد بشدة أن يكون محررًا للسحر الغربي الحديث لأنه كان يريد إقامة قواعد تعمل لصالحه. تمامًا كما قام محرك بحث مُعَيّن ومتجر إنترنت مُعَيّن بتغطية الكوكب، أراد أن يقف على أساس البنية التحتية.

كان لدى أليستر شيء يسمح لها بمواكبة حركاتهم الأسرع من الصوت.

ويمكنها إبطال كل سحرهم الغربي الحديث.

"ايتها—!!"

بدأ الفرسان المجهزون بالعتاد الكامل في التحرك. يبدو أنهم لم يرغبوا في اعاقة كانزاكي أو قائد الفرسان اللذين كانا يتحركان بسرعات تفوق سرعة الصوت، لذا اختاروا مهاجمة أكسيلريتور.

استغرقت لحظة فقط.

أمسك #1 وجه أحد الفرسان ورفعه من الأرض.

"أنا لستُ في صف تلك القذارة. لن أقف في طريقكم."

لم تكن هناك نار واضحة في نبرته.

لكن كانت تلك البرودة الفائقة هي التي عصفت بقلوبهم.

" لذا اتركوني وحدي. ...والا قتلتكم "

"توقف."

والمثير للدهشة أن أليستر هي من طرقت بأصابعها.

"عدوك هنا، لذا لا تقلق. إن مهاجمة الغرباء سيُعيدك فقط إلى دربك القديم. أتريد العودة إلى كونك هائجًا مهووسًا بالمعارك كما كنت عليه قبلًا؟"

"تشه."

نقر أكسيلريتور بلسانه وترك وجه الفارس.

لم يستخدم التحكم في المتجهات ليعبث بداخل جسده، لكن الفارس المجهز بالكامل لم يتحرك بعد انهياره على الأرض.

حدقت أليستر بتمعن، ولكن ليس على الفارس الذي كُسِرت إرادته في المعركة بطريقة مثيرة للشفقة. كانت مُرَكّزة على الفرسان الآخرين الذين لم يحاولوا إنقاذه.

ألقى قائد الفرسان الرمح جانبًا وتحدث بنبرةٍ باردة.

"تحركوا. أنتم في مداي الهجومي."

هذا كان كل ما قاله لزملائه الفرسان الذين كانوا في ورطة.

إذا اتاهم سببٌ، فيمكنهم قبوله.

سيكون من الأسوأ جعلهم يعتقدون أن ذلك كان خطأهم.

"سنقوم بالتعافي هنا، لذا لا تقلقوا وانسحبوا حالًا."

بدا صوت كانزاكي كاوري الغاضب إلى حدٍّ ما مفيدًا، ولكن كان في الواقع عكس ذلك.

شيء ما لم يكن صحيحًا.

نظرت أليستر إلى كل شيء من وجهة نظر ساخرة، لذا فقد فهمت الطبخة كلها. قد يبدو الميل إلى ترقية الخبراء الذين لا يملكون عيبًا بمثابة فضيلة، ولكن هذا يعني أيضًا طرد أي شخص لديه ولو أدنى عيب.

"...أهذا كل شيء؟"

هي (هو؟) لم تثق  أبدًا بالإله. ولم تثق أيضًا بالذين يثقون في الإله أو بأولئك الذين يُصرون بصوت عال على أنهم يطيعون أوامر الرب بحفظهم للنظام.

"في حين قمتم بتنفيذ هذه المهام الروتينية وتكرار هذه القصص المؤثرة والمسيلة للدموع للغاية حول القهر العاطفي، ألم يتضرر شخص ما بريء من الارتدادات السحرية المنتشرة في كل مكان؟ ولأنكم تستخدمون الآخرين لأجل إنجازاتكم العظيمة؟ إذا كان الأمر كذلك، فأنتم أبعد ما يُمكن عن الخلاص. اظننتم أنني بدوت متعجرفة حين تحدثت عن إعادة توزيع كل هذا؟ إنه أكثر من ذلك. وحقيقة أنكم لم تستفسروا عن نظام السحر نفسه حتى تختاروا التوقف عن استخدامه هو دليل على أنكم حقًا ابعد عن الخلاص."

وما ان علمت ذلك، لم يكن هناك حاجة للتحفظ.

إذا أعلنت أليستر كراولي أنها ستدهسهم وتمضي قدمًا، فهذا بالضبط ما ستفعله. ستسحقهم تحت أقدامها وتستمر في التقدم وكأنهم لا يعنون أكثر من حشرة.

ولكن في هذه اللحظة، حدث تغيير.

لم يكن من الواضح ما نوع العاطفة التي احتوتها، ولكن ابتسامةً خفيفة غمرت قائد الفرسان.

"كنا نعلم بذلك."

تبع ذلك ضجيج ثقيل.

كانت قطعة حجر أكبر من حاوية ميناء. كان الحجر قد تم قطعه بدقة وأسقط في لندن من الجو. ولم تحدث هذه الظاهرة الغير طبيعية مرة واحدة فقط. في البداية كانت هنا وهناك، ولكنها ازدادت تدريجياً حتى أصبحت عاصفة كاملة. كانت تشبه إلى حد كبير الظاهرة الغريبة لسقوط الأسماك الصغيرة أو الضفادع فجأة من السماء، ولكنها كانت أساساً مختلفة. لو اردنا تشبيهها، فقد تكون أكثر مثل لعبة ألغاز حيث تسقط المزيد والمزيد من القطع.

"فهمت."

إذا ضربتها واحدة، فستموت على الفور، ولكن أليستر بدت وكأنها لا تهتم. نعم، يمكن لتلك الإنسانة أن تعرف أنها لن تموت هنا.

كانت القطع تتساقط بترتيب منظم.

تراكمت قطع الحجارة لتُشكل بسرعة هياكل عملاقة. مُسح منظر لندن الليلي بسرعة حيث ازدهرت ثقافة مختلفة تمامًا فيها.

اتخذ قبر الملك شكلًا هرميًا مربعًا يجمع بين الهندسة المعمارية الحجرية واسعة النطاق وعلم الفلك رفيع المستوى.

ارتفع عمود حجري بحدة في السماء لتمجيد إله الشمس.

تضمنت قطع لا حصر لها من الفن الجداري رسومًا بيانية وكتابات مع تجاهل المنظور الدارج في اللوحات الغربية.

الملوك التاريخيين المعروضين كتماثيل عملاقة كانوا جميعًا فراعنة لا علاقة لهم بالعائلة المالكة التي حكمت إنجلترا. كانت لندن معروفة باسم مدينة الضباب، لكن جوها قد تغير تمامًا. شعرت الفتاة الساحرة بالبرد القارس للصحراء الجافة ليلاً. كان من الممكن أن يبدو طبيعيًا للغاية أن تنفجر الأرض مخرجةً جثة ملفوفة بالضمادات تزحف خارجًا.

وصل شمال أفريقيا إلى لندن.

في النهاية، حدقت أليستر بعينيها مُعجبةً بتلك المناظر المتباينة.

لشخص كره المسيحية بعد حياة كاملة من الإساءة والاتهامات الزائفة والاضطهاد من "المؤمنون التُقات"، قد يكون هذا في الواقع أكثر راحة وان كانت مصيدة نصبها العدو.

"الأساطير المصرية، همم؟ على الرغم من أن هذا هو المنظر المصري كما يتخيله الأوروبي. هل استخدمت حجر الرشيد كمصدر؟ يمكنني ان أتخيل أنك حفرت في المتحف البريطاني حتى وجدته. لكنني أعتقد أنني أوضحت بالفعل أنه حتى الموارد السحرية التي تعود إلى ما قبل عام 1904 لا معنى لها إذا حاولت فهمها من خلال مُرَشّح (فلتر) السحر الغربي الحديث."

"ولهذا السبب لن نقوم بأي محاولة لفهمها."

عَلِمَ كلٌّ من أليستر وكانزاكي كاوري الجواب بالفعل.

فلم تكن تصريحاتهم إلا لعنات تهدف إلى ضرب خصمهم بعواطف مؤذية.

"نأخذ ما هو موجود ونطلقه كما هو. هذا كل شيء."

"وتسمين ذلك إدارة لساحة المعركة؟ أعتقد أن معظم الناس سيشيرون إلى ذلك على أنه سلاح هارب."

"لا نهتم."

ظلَّ قائد الفرسان ثابتاً.

ولم ترمش له عين.

"عندما يُقاتل الفارس على متن سفينة، يمكن أن يؤثر وجود عاصفة على معركته."

شعرت الفتاة الجميلة بسحب خفيف على خدها الأيمن ثم ظهر خدش طفيف هناك. كان قد انكسر قطعة من الحجر المتساقط والتراكم واخترقت قطعة صغيرة جلدها. أنتجت قطرة دم واحدة فقط، ولكن تلك القطرة كانت تحمل معنىً كبيرًا.

كانت حالتها "الغير قابلة للمس" قد تحطمت.

لا يمكن أن تُقتل أليستر بالسحر الذي طورته.

لكن يمكن قتل أليستر بالغموض الذي لا يُرى من خلال المُرَشِّح (الفلتر) الذي بَنَتهُ.

إن هذه لطُرُقٌ قديمة من قبل الحقبة الحديثة. سواء كانت أسلحة هاربة أو كوارث، يمكن لضربة غير متوقعة في العاصفة أن تكسر روح هذا الشخص الذي اتخذ شكل فتاة.

...كان من المفترض أن يكون قائد الفرسان وكانزاكي كاوري حماة، لكنهما بحثا، وبنا، وابتهجا بنجاح طريقة قتل الإنسانة التي وُلدت وماتت في إنجلترا.

(تقريبًا مثل عام 1947...)

"فماذا إذن؟"

ومع ذلك.

استمرت أليستر كراولي في السخرية حتى مع سلبها ميزتها.

كانت نظرتها نظرة إنسانة لم تخشى الفشل في المقام الأول.

"بالتأكيد لم تعتقدوا أنني انا، من بين الجميع، توقعت أن أنهي هذا دون أي خدش عليّ. الساحر أليستر كراولي لم يخف من سفك الدماء. أنا اللعين الذي اختار عمله العظيم ان يكون صبغ العالم كله بالدماء، ورغم توقعه باندلاع الحرب العالمية الأولى الا انه اختار التركيز على بحثه السحري بدلاً من القيام بأي محاولة لإيقافها."

كانت هذه مقدمة المعركة.

لم تكن هناك حاجة حتى لاعتبار هذه الجولة الثانية. كانت هذه هي البداية الحقيقية عندما يستنزف الطرفان حياة بعضهما البعض أخيرًا.

"الآن، حان الوقت لأعلمكم شيئًا."

ابتسمت.

في شكلها الجميل كفتاة، استخدمت أليستر إبهامها لمسح قطرة الدم عن خدها ثم تحدثت بالطريقة المبالغة لفنان مسرحي.

"سأعلمكم الطبيعة الحقيقية للتضحية بالدم التي اُستُخدِمَت لقتل كل عضو في العصبة الذهبية. أو إذا كنتم تفضلون، يمكنكم تسميتُها بتوقيعي الدموي."

  • ما بين السطور 2

كان برج لندن في حالة من الذعر أيضًا.

تم اختراق العديد من الأماكن بسهولة: الباب المعدني السميك، والقضبان التي تحجب الممر، وحتى الجدار الخارجي الحجري الذي كان يُعتبر منيعًا.

ولا حاجة للقول، تم تدمير كل ذلك بالإماجين بريكر.

أدى اختفاء سجين واحد إلى ترك المكان بأكمله يعج كخلية نحل نشطة.

"سيأخذ البرج الأبيض الأولوية القصوى! عجلوا وأغلقوه وأجروا عدًّا للسجناء الدائمين. وإذا اضطررتم، يمكنكم القضاء على أي شخص يخرج حتى خطوة واحدة خارج زنزانته!!"

"الجدران حول المنشأة بأكملها أكثر أهمية. حتى إذا وصلوا إلى الحديقة، لن يستطيع أحد الهرب إذا قوينا البوابة النهائية!"

"تحققوا من المفاتيح. لا تدعوا أيًا منها تُستنسخ!!"

في حين كان حراس السجن المتخصصون المعروفون بالـ "بيفيتر" يركضون هنا وهناك بجنون، حاولت راهبة لطيفة البقاء بعيدة عن طريقهم متكئة على جدار ممر مُهوى حديثًا.

كانت تضع يدها بأناقة على وجنتها وتحدثت بصوتٍ مضطرب.

"يالها من فوضى، ياااه، يااه، ياااه..."

"ها أنتِ هنا، ايتها الأخت أورسولا. هل أنتِ بخير؟"

الفتى الطويل ذو الشعر المصبوغ بالأحمر الذي تقدم كان ستِايل ماغنوس. في الحقيقة، لم تُحرم الديانة فعل ذلك، ولكن الوقوف بجوار كاهن يحمل سيجارة في فمه ذكّرها بمدى التنوع الكثير الموجود في الكنائس المسيحية.

"ل-لا" قالت أورسولا، "أنا بخير تمامًا. أمم..."

"لقد هرب. كاميجو توما هرب." أعطى ستِايل رده المُبغض بقوة تكاد تجعله يبتلع ما تبقى من مُصفي (مرشح) سيجارته. "لقد استخدمتُ عمدًا كرسيًا عاديًا مع قيود عادية أُزيلت منها جميع العناصر السحرية... ولكن بمعرفة حظه السيء، أشك في أن القفل انكسر بمحض الصدفة. وكان الحزام قد قطع بوضوح. اللعنة، هل ذلك يعني أنه حصل على المساعدة؟"

...كان ستِايل يتظاهر فعليًا بأنه على جانبها ليُلاحظ ردة فعل أورسولا، لكنه لم يجد ما كان يبحث عنه.

ولكن ليس لأنها جيدة في إخفاء الأمور. كانت أورسولا تُمسك بالصليب على صدرها وتتحدث كما لو كانت تصلي من أجل سلامة الفتى.

"تطورت الأمور إلى حادثة كبيرة، ولكن هل تعتقد أن كاميجو سيكون بخير؟ أتمنى فقط ألا يقاوم ويتعرض للعنة..."

لم يكن بإمكان ستِايل إلا أن ينقر بلسانه على ذلك.

إذا كانت سيئة لهذا الحد في الكذب، فإنه يشك في جدية قدرتها على مساعدة كاميجو توما في الهروب. في الواقع، لو انها ساعدت، فلربما كانت لتذهب وتبلغ عن ما فعلته.

في أيامها الكاثوليكية الرومانية، ظلّت هذه المرأة وفية لفكرتها بعدم العنف رغم استهداف وِحدة أغنيس لحياتها، وقررت أن استلام الضرب كان أفضل من رفع يدها لإيذاء شخص آخر. وبتقلب القدر، انتهى بها الأمر بالعيش تحت نفس السقف الأنجليكاني الذي كانت تعيش فيه وحدة أغنيس السابقة، لكنها كانت فاضِلة بما يكفي لتعيش في وئام معهم. كانت ستكون آخر من يُخفي الحقيقة خوفًا من الألم.

شعر فعليًا بالذنب لأنه شكك فيها، ولكنها أيضًا ذكّرته بشخصٍ ما.

كانت تشبه إلى حد كبير فتاة الكتب السحرية التي حَرَسها ذات يوم.

(ما زلتُ رقيقًا جدًا...)

"ستِايل، هل ستذهب للبحث عنه؟"

"كلنا نملك واجبات. سأنتظر هنا وأعمل على إعادة تشغيل التحقيقات الاعتيادية. وعندما يكون لدي بعض وقت الفراغ، سأساعد في إصلاح هذه الثقوب في برج لندن."

"في هذه الحالة، أمم، أهناك ما استطيع القيام به؟"

"لا تخطئي. لم تُعطِ الكنيسة الانجليكانية ذلك الصليب لكي نضعكِ في الخطوط الأمامية كبيدقٍ لنا."

"..."

"ابحثي عن السعادة وتمسكي بها بنفسكِ. لا تضيعي هذه الفرصة التي خاطرت تلك الفتاة بحياتها لتمنحكِ إياها، ايتها الأخت أورسولا. ولسنا بحاجة حتى إلى النظر إلى توبيخ يوحنا للفيلسوف. الثروة عاجزة، ولكن إلقاؤها في خندقٍ ليس كالفقر الشريف."

لابد انه عَلِم أن هذا ليس الدور المناسب له بما ان ستِايل مسح يده بإحراج عبر شعره الطويل المصبوغ بالأحمر.

"لم ننتهي بعد من فحص عدد السجناء الهاربين من زنازينهم. برج لندن مكان مميت الآن، لذا يجب أن تنسحبي خارج الجدران في الوقت الحالي. ...أُفضل ان اعتقد في أنه لم يتجاوز تلك الخطوط النهائية، لكن الخطر ما زال موجودًا. كوني حذرة."

"أمم، ولكن..."

"سيكون من الأفضل أن تدعي الحراس يرشدونك، ولكن كوني حذرة منهم أيضًا. ربما سرق أحد السجناء الدائمين أحد الأزياء الخاصة بهم. تأكدي من أن أكمامهم وأطرافهم وأحذيتهم جميعها بالحجم الصحيح. هل فهمتِ ذلك؟"

لم يتح لها الفرصة للتعبير عن رأيها. بعد تعليماته السريعة، ابتعد ستِايل ماغنوس عن تلك الواحة اللطيفة واختفى في ظلام برج لندن.

في الوقت نفسه، تُركت أورسولا أكويناس وحيدة.

"أليس هناك شيء؟"

كانت تتجول هنا وهناك.

كان إيقاعها أبطأ بكثير من الحركة المنفعلة حولها. قد يبدو إصرارها اليائس مؤلمًا.

"أليس هناك شيء يمكنني القيام به للمساعدة؟ لا اهتم بما..."

"اوي."

ناداها صوت من الجانب.

جاء من فتحة الطعام الطويلة والنحيفة على إحدى الأبواب المعدنية عسيرة الوصف. القول بأنك لم تتعرف على هذا الصوت الأنثوي ربما كان بمثابة إهانة للذات الملكية في هذه المملكة.

كانت هذه أميرة إنجلترا الثانية، لكنها في الوقت نفسه كانت السبب وراء محاولة الانقلاب المعروفة بالهالوين البريطاني.

"الأميرة... كاريسا؟"

"الاوضاع صاخبة هناك بالتأكيد. أحاول أحد الأغبياء الهرب؟"

كان برج لندن عمومًا يتخلله الجانب السلبي للتاريخ، ولكن هناك من يبقى في زنزانته بمحض اختياره الشخصي. لكبح نفسها، ولمنع الجماعات السحرية من التحالف لقتلها، ولتحرير نفسها من التزامات الحياة... ولمعاقبة نفسها حتى لو كان ذلك يعني رفض العفو.

كانت الأميرة الثانية كاريسا معروفة رسميًا بأنها طاغية عسكرية، لكن أورسولا كانت تعلم أن كل ذلك تجذر في رغبتها لحماية مملكتها. كان هدف كاريسا من الانقلاب هو الحفاظ على سمات إنجلترا الفريدة وإثرائها بأي وسيلة ضرورية، ثم كسر كارتينا لإعادة المملكة إلى شعبها.

"إذا كنتِ بحاجة للمساعدة، فافتحي هذا الباب. يمكنني اصطيادهم مثل كلب الصيد الخاص بك. "

"ه-هاه."

"على أي حال، ربما سيكون من الأفضل لو بقيت في مكاني الآن."

شعرت أورسولا برغبة في إمالة رأسها عند سماع تلك الجملة السلبية. كانت كاريسا طاغية عسكرية وربما كانت بمثابة علبة مسحوق في فستان، لذلك اِفترضت أورسولا أنها تريد أن تتحرر من زنزانتها مع وجود مخاطر الكراولي تجتاح إنجلترا.

جاءت ضحكة استنكار للذات من وراء الفتحة.

"أمثالي وأمثال ذلك الوغد المرتزق الذي يلتزم الصمت في الزنزانة المجاورة هم نوعٌ من الرموز. يمكنك أن تسميتنا بواسل أو أبطالًا. من السهل الدخول إلى ساحة المعركة عند استخدام كلمات بطولية من هذا القبيل، ولكن ذلك يمكن أيضًا أن يفرض ضغطًا كبيرًا على الأجواء بشكل عام."

"ضغط؟"

"هذا صحيح." شرحت من وُلِدت محاربة قواعد الحرب لداعية السلام. "العدو الخارجي ليس هو الشيء الأكثر رعبًا في الحرب. في الواقع، يجب أن تكوني أكثر قلقًا بشأن الأشخاص الذين يدفعون بظهور الجنود من داخل الخط الدفاعي. إذا اكتسبوا زخمًا كبيرًا، فلن تتمكني من إيقافهم أبدًا. ...عند العيش في عصر الحروب، دائمًا فكري في الضغط الداخلي، ايتها الأخت. في كل عصر، سيظهر المتحدثون المُلهِمون للجنون داخل حدودكم."

تذكرت أورسولا أكويناس أن الأميرة الثانية كاريسا قد اعتمدت فقط على المقاتلين الاحترافيين مثل الفرسان والجيش الحديث خلال انقلابها. انتهى الهالوين البريطاني بالفشل عندما انحازت الجماهير إلى جانب الملكة، ولكن قد تكون كاريسا قد وضعت حدًا وتأكدت من ألا تسمح للمدنيين بأن يُصابوا بجنون الحرب.

"حافظي على ضبط نفسك. الحرب تتطلب أكثر من مجرد جيش. إن كل شيء سيكون باطلًا إذا سقطت كل الأشياء في عصر من الجنون بغض النظر عن مدى مطالبتك للجميع بالحفاظ على أخلاقهم. الأشخاص أمثالك هم أيضًا مهمون."

"أمم، ماذا تقصدين... بهذا؟"

وكما سألت أورسولا أكويناس ذلك، اقتربت عدة خطوات.

"ها أنتِ هناك، ايتها الأخت. المكان خطر. انسحبي خارج الساحة حتى يتم إكمال فحص السجناء الدائمين وضمان السلامة!"

لم يكن لديها الوقت لتُصر على الحصول على إجابتها.

أغلقت كاريسا هادئة الفتحة التي كانت تُمسكها وأدلت بتصريح أخير.

"...انظروا إلى ذلك الواقف في الخلف بشكل غير ملحوظ. مقاس حذائه خاطئ."

تقدم الحراس الآخرون نحو الشخص المشبوه وقيدوه. من أجل الحفاظ عليها بعيدة عن الفوضى، قاد حارس السجن فارغ اليدين أورسولا بعيدًا وهي تحمل الصليب على صدرها. فجأة، خرجت من البرج الأبيض وأُخِذت خارج الجدران السميكة المحيطة بالمنشأة بأكملها.

"هذه أورسولا أكويناس، عاملة مؤقتة. يرجى فحصها!"

"انتهى فحص اللعنة على عينة الشعر. تأكيد الهوية. هيا عجلي بالخروج!"

أزال الحارس الذي أخرجها السكين الكبيرة المغلفة من حزامه ودفعها في ذراعي الراهبة.

"كما يشير ذلك الصليب، أنتِ بالفعل إنجليزية كأي واحد منا. أتمنى أن أتمكن من مرافقتك طوال الطريق للعودة إلى السكن الآمن، ولكن هذه حالة طارئة ويجب علينا إكمال الإغلاق في أسرع وقت ممكن. آسف!!"

لم يكن لديها الوقت لقول أي شيء.

عندما تُركت وحيدة مرة اخرى، استخدمت أورسولا كلتا يديها لوضع السكين على صدرها ونظرت حولها بقلقٍ.

"ماذا أفعل الآن؟"

كانت ترغب في المساعدة في برج لندن، ولكن هذا لم يعد خيارًا. ولكن إذا وقعت في مشكلة ما في ليل لندن الموحش، فستسبب المشاكل للآخرين أثناء حالة الطوارئ.

تذكرت كلمة "المسكن" الذي ذكره البيفيتر.

"ربما هذا هو ما سأفعله."

يتغير الناس عندما يكون لديهم هدفًا حتى وإن كان مؤقتًا. تمامًا مثل الطفل الذي لا يريد الذهاب إلى المدرسة ولكن يتجه هناك تدريجيًا مع ركله للحصاة الصغيرة.

توجهت أورسولا عبر شوارع لندن.

كانت الرمال الفضية تعلو في الهواء كالضباب، وتسامت الأهرامات الضخمة والتماثيل في تحدٍ للتاريخ. كانت عاصمة إنجلترا تتآكل بعيدًا. ولكن كان ذلك ضروريًا إذا أرادوا حمايتها. كان للمشهد تأثير غير سار يتمثل في رؤية تَحَوّل او تَغيّر العصر نفسه أو تجد نفسك لم تعد قادرًا على التفكير في السلام باعتباره حالة طبيعية.

"تنهد."

ألقت أورسولا أكويناس نفساً ثقيلة، ولكنها وصلت في النهاية إلى مسكن النساء.

كان ذلك رمزًا دافئًا لحياة هادئة.

ولكن الآن لا توجد أضواء. ولا يوجد أي صوت للحياة أو الدفء. حتى بعد فتح الباب الأمامي ودخولها، وجدت فقط جواً كئيبًا لا يختلف عن الخارج. كان كالمبنى المهجور والموحش.

وضعت السكين المستعار على طاولة قريبة وتوجهت إلى المطبخ. الجميع اعتمدوا على مهاراتها في الطهي، لذا كان ذلك أقوى نقطة لها.

ولكن حتى بعد العودة إلى المنزل، فإن الزهرة الذابلة لن تتفتح مرة أخرى.

كان المطبخ هو بالضبط كما تركوه. كان هناك العديد من أكياس الطحين على الرخام. كان فتح الثلاجة سيُظهر عبوة ورقية من الكريمة وديك رومي مغلفًا. ولا حاجة للقول اننا كنا بالفعل في ديسمبر. إن تقديم طلب في اللحظة الأخيرة لن يكون كافيًا لخدمة هذا العدد الكبير من الأشخاص، لذا كانت الخطة هي أن يكون هذا هو اليوم الذي يعمل فيه الجميع معًا لضمان توفر جميع المكونات اللازمة.

عيد ميلادٍ مجيد. (Merry Christmas)

كانت اللافتة التي تحمل هذه الكلمات وزينة الشجرة جميعها جالسة في انتظار أن تعلق. لن تنظر أورسولا، ولكنها كانت تعلم أنه سيكون هناك حقائب وصناديق ملفوفة بشكل مرتب وجميل أسفل الأسرّة في كل غرفة.

كل شيء قد تم التخلي عنه وهو نصف مكتمل وكل الدفء قد ذهب.

هل هذه حقًا النهاية؟

هل سيسرق جنون الحرب تلك اللحظة اللطيفة منهم؟

هل يمكنها فقط مشاهدتها تحدث؟

"حسنًا."

أورسولا أكويناس عقدت قبضتيها أمام صدرها الكبير وأخرجت الهواء من أنفها.

"سأفعل ما أستطيع. وان كان الشيء الوحيد."

فكّري دائمًا في الضغط الداخلي.

هل وصلت كلمات الأميرة الثانية كاريسا، خبيرة الحرب، إلى تلك الراهبة التقية أم لا؟

(صفحة المجلد)

<<الفصل السابق                        الفصل التالي>>

تعليقات (0)