الفصل الرابع: أكثر ما تكرهه تلك الساحرة كراولي — عدالة.
(إعدادات القراءة)
انتقال بين الأجزاء
- الجزء 1
بالمناسبة، كان هامازورا شياغي في ورطةٍ خطيرة.
"وااااااااااااااااااااااااااهههههه!!!؟؟؟"
كان قد أوصل الراهبة ذات النظارات والآخرين الى المتحف البريطاني، لكن البقاء في السيارة الرباعية بعد ذلك كان خطأً. كان ينتظر جزئياً في حالة إذا احتاجوا إلى توصيلةٍ أخرى، لكنه لم يتوقع أبدًا أن ينبعث ضوءٌ مشعٌ منبثقٌ من المتحف الأبيض النقي محطمًا كل نافذة قريبة. كان يعتقد بصدق أن المبنى انفجر، لذا غطّى حبيبته تاكيتسوبو ريكو محاولًا حمايتها.
ما كان هذا؟
ما الذي يحدث بحق الجحيم؟
"هامازورا."
"أغغ."
"هامازورا. لا أستطيع التنفس."
على الأقل، لم تتناثر عظامهما في كل مكان داخل حطام السيارة المحترقة. سحب هامازورا وجهه أخيرًا من صدرها الكبير البهي ونظر خارج السيارة بترددٍ وما يزال متشبثًا بها.
أراد أن يهدأ نفسه عن طريق جمع أكبر قدر من المعلومات الممكنة، ولكن بمجرد أن التقت عينيه بشيء ما، أمسك برأسها ذو الشعر القصير وأنزلها.
لابد أن مقعد الراكب في السيارة المسروقة قد انكسر بما أنه انحنى للوراء بمفرده دون أن يضطر إلى التلاعب برافعته.
أخذت الفتاة ذات الفستان الصيني الصغير والمرأة الملفوفة رؤوسهما إلى الأمام من المقعد الخلفي.
"مهلاً، إذا كنت ستسمح لهرموناتك بأخذ السيطرة، على الأقل دعنا نغادر أولاً. فقط قل الكلمة وسنضيع بعض الوقت في مكانٍ آخر. يجب أن تكون 45 دقيقة كافية لجولةٍ واحدة، أليس كذلك؟ ولكن تأكد من تعقيم السيارة بعد انتهاءك. وتخلص من الرائحة أيضًا !!"
"لا تكوني وقحة هكذا، نيانغ-نيانغ. إذا أرادا منا المشاهدة، فسنفعل ذلك لهما. ألا يبدو ذلك مثيرًا؟"
وضعت نِفثيس يدها بأناقة فوق فمها وابتسمت، ولكن ما قالته كان بمثل السوء. بالإضافة إلى ذلك، كان هامازورا مشغولًا جدًا ليهتم بما تقوله هاتين البذيئتين.
كان تركيزه خارج السيارة.
كان أمرًا سيئًا.
أياً كان ذلك، كان سيئًا.
ربما قد فات الأوان بالفعل. يمكنه سماع خطواتـ ’ـهم‘، ربما لأنـ’ـهم‘ كانوا يسيرون حافيين على الرمال الفضية المتطايرة في الخارج. لا، حتى في هذا الحال، لم يكن ينبغي له سماعـ’ـهم‘ من وراء الزجاج على هذا البعد. قد ركن السيارة الرباعية بجانب المتحف، لذا وبينما كان مختبئًا، فتح باب الراكب وخرج مع تاكيتسوبو ليجعل السيارة نفسها درعًا. لم يهمه كيف أظهره ذلك وشَكَّ في قدرته على مساعدة آلهة السحر للخروج أيضًا.
هذا كان مختلفًا عن موغينو شيزوري.
كان هذا الخوف...خفيًا.
كان مختلفًا عندما يقترب منك العنكبوت السام أو الديناصور اللاحم.
كان الأمر كما لو طُلب منك أن تضع يدك في صندوقٍ مشؤوم أنذر بحدوث شيءٍ سيءٍ ما إن تفعل ذلك. كان خوفًا ميئوسًا يثقل عليك كالجدار السميك كونك لا تستطيع رؤيته أو تعريفه.
"هذه مزحة، صحيح؟ أتمزح، صحيح؟! أحاول مساعدة الناس لمرة واحدة وهكذا أُجزى؟ ماذا تفعل تلك الراهبات؟"
"هامازورا. ألم تكن هناك اثنتين في المقعد الخلفي؟"
"تلك المرأة الملفوفة والفتاة ذات الفستان الصيني الصغير؟ أوه، اللعنه."
قرر أن يتخلى عنهما، لكنه لم يستطع تنفيذ ذلك. كان يدرك تمامًا أن هذا الفعل كان ناتجًا عن ضعف، وليس عن بطولة. وبينما كان ما زال متشبثًا خلف السيارة، دق على الباب. كان ذلك وحده كافيًا لجعل قلبه ينبض بشكل هستيري في صدره، ولكن فُتح الباب الخلفي بطريقة مستهترة تقريبًا. يبدو أن نِفثيس ونيانغ-نيانغ كانتا بلا وعي تمامًا مثلما اختارتا ملابسهما حيث لم يظهر عليهما أي علامة على اخفاء رؤوسهما. لم تهتما بالاحتماء بالسيارة كغطاء. كانتا بارزتين كالإبهام الملتهب.
"(يا غبيات! سيرونكم من خلال النافذة. انحنوا!! روعة، لم تُصَمَّم هذه الأزياء لتُرى من الأسفل، أليس كذلك؟!)"
بفضل تعليق الأحمق الغير ضروري، قرصت تاكيتسوبو على خده وبدت نِفثيس ونيانغ-نيانغ مستمتعتين إلى حدٍّ ما أثناء دعس أقدامهما على وجهه.
ظلت آلهة السحر على غير اهتمام تمامًا. كانتا في الطور الكامل للاستمتاع بالمشهد. بدتَ وكأنهما تنتظران موكب الليل في منتجع.
"لقد بدأت، يا نِفثيس."
"نعم بدأت، نيانغ-نيانغ."
كان رأس هامازورا مليئًا بعلامات الاستفهام في هذه المرحلة.
تذكر أن هاتين الاثنتين كانتا متحمستين أيضًا عندما رأوا العمود الحجري والتمساح العملاق يُلحقان الفوضى في لندن.
"بُوَه، بُوَه! م-ماذا؟ أستقاتلون ايتها الآلهة السحرية ذلك الشيء وتطردونه؟"
"... أواثق أنك تريد ذلك؟"
"توقفي يا نيانغ-نيانغ. من الواضح عليه جَهْلُه. سحب الكلمات منه لن تُحسب."
للحظةٍ وجيزة، شعر بأجواء مشؤومة كما لو أن شخصًا ما قد ألقى قطعة من اللحم الأحمر أمام ملك الغابة.
ومع ذلك.
لم يستمر ذلك طويلاً.
عندما لم تتحقق نبوءة [نوستراداموس] في نهاية القرن الماضي، ربما كان هذا هو الشعور في قلوب الأشخاص الذين فاتهم ذلك الحدث الكبير. لم يرغبوا فعليًا في ذلك الدمار، ولكنه لا يزال مُخَيبًا للآمال. هذا ما شعر به من تنهد نِفثيس الملفوفة بالضماد.
"لا جدوى. تلك الفتاة لا تُبدي اهتمامًا بنا."
"تلك الفتاة...؟"
لم يكن متأكدًا من معنى ما قالته.
كان صحيحًا أن عينيه قد التقت بشيءٍ ما خرج من الباب الرئيسي المُدمر، ولكن ماذا كان ذلك؟ هل كان حقًا عاديًا بما يكفي ليُطلق عليه "تلك الفتاة"؟ مهما بحث هامازورا في ذاكرته، لم يستطع العثور على أي تفاصيل. كل ما تبقى هو خوف تلاقي أعينهم.
"أشعر بالغثيان." شعرت تاكيتسوبو، الشاردة وعديمة الأحاسيس عادةً، بألمٍ وهي في ذراعيه. "الضوضاء سيئة حقًا. يفترض أنها قريبة جدًا، لكن هناك شيئًا خاطئًا في الإشارة. لا أستطيع معرفة اتجاهها..."
"أوه. لم تبدي مهتمةً جدًا بمحيطنا، لكن هل أنتِ من النوع الإتصالي؟ إذا كنتِ كذلك، فلا أوصيكِ بالتركيز على ذلك. لا يمكن تسمية ذلك بـ ’الطبيعي‘ حتى لو بلسان إله، لذا فإن يقظتك العادية لن تكون كافية. [1] يمكن أن تؤذيك أذية الأجهزة عند قراءة ملفٍ تالف."
بدت نيانغ-نيانغ في الفستان الصيني الصغير مستهترة، لكن هامازورا لم يكن لديه فكرة عن ما كانت تتحدث.
جَعَّد جبينه. كان الأمر كما لو أن معولًا ثلجيًا قد تم رفعه فوق رأسه مباشرةً، ولكنه الآن حَوَّل وجهته تدريجيًا إلى مكانٍ آخر.
...شيء ما كان يغادر.
لم يفهم شيئًا عن هذا. لا يمكنه أن يُفلت حذره. إذا لم يظل مركزًا، فلربما يفقد وعيه من الشعور المتسارع بالراحة. لم يدرك حتى الآن مدى التوتر الذي كان يعيشه. لا يمكنه أن يتحمل ذلك مرة أخرى. تمامًا كما أن لدغة الدبور تكون أسوأ في المرة الثانية، لا يمكنه أن يتخيل محاولة ذلك مرة أخرى بعدما انغمس الخوف في نخاعه. ببساطة، مجرد التفكير في الاحتمالية بدا وكأنه يسبب رد فعل تحسسي شديد.
في الوقت نفسه.
كانت نِفثيس قد عرضت جسدها الجذاب كطعم، ولكن تم تجاهلها تمامًا. عبَّرت عن استياء بتعبيس شفتيها بطريقة طفولية، والتي بدت غير ملائمة نظرًا لملابسها الملفوفة وبشرتها البُنّية المكشوفة.
"يجب أن تكون مهتمة فقط بتدمير عدو المملكة المتحدة: أليستر كراولي."
- الجزء 2
كان الوميض الأول من الضوء مرئيًا أينما كنت.
حتى مع معرفته المحدودة بالسحر، فإن كاميجو توما فهم شيئًا عندما رأى ذلك.
كان هذا يختلف بشكل هائل عن العمود الحجري أو التمساح العملاق اللذين رأاهما من قبل. جاءت كلمة "حقيقي" إلى ذهنه. كان يركض بسرعة كاملة، لكنه لم يصل إلى المتحف البريطاني بعد. لم يصل في الوقت المناسب. صرَّ أسنانه. كان يعلم مدى خطورتها، ولكنه لن يتوقف.
كان الضوء الساطع قد أرعب فيلًا أفريقيًا ركض منطلقًا برأسه على الجدار.
اِنهار حُطام الطوب من فوق.
تحطمت قطعة واحدة من الحطام أكبر من دراجة نارية من الأعلى مباشرةً من قبل فتاة كانت تطير بحرية على مكنستها.
"لا تمت عليَّ. تذكر كم يدك اليمنى قيمة."
"تبا لك يا أليستر!! لمتى ستستمرين في ممارسة الضغط النفسي على هؤلاء الناس؟! لا أعرف ما الذي استخدمته وحدة أغنيس، ولكن لماذا تدفعين اولئك المدافعين نحو الإقتتال؟! بمجرد أن ينتهي هذا، سأصفعك صفعة قوية!"
"أنا على دراية بأنني بالغت كثيرًا في ذلك، ولكن لا تستهن بمنحرف. لأن ذلك يبدو أكثر كمكافأة لي."
عندما وضعت الفتاة الفضية قدميها بلطف على الأرض، نظرت الفارسة على ظهر الفرس بفزع.
"أقلت أليستر؟! هذا هو، أمم... آه؟ انتظر، أعتقدت أن أليستر كان...؟"
"أخيرًا، ردة فعل محترمة. أقدر ذلك، يا سيدتي الفارسة. على الرغم من أنني أعتقد أنني قد أنقذتك بالفعل مرةً عند شاطئ دوفر."
نظر كاميجو وأوثينوس إلى الأفق. كانت نظراتهم تسأل كيف يمكن لأليستر قول ذلك عندما كانت هي التي أرسلت مخاطر الكراولي في المقام الأول.
"هذه هي مبتكرة السحر الذهبي، صحيح؟ إذن افعل شيئًا بشأنها!"
"ليس لي علاقة بتلك المنحرفة. وسأغادر الآن."
في حين كانت الموظفة الحكومية مشغولة بتوجيه التحقيق إلى هدفٍ جديد، قام الجناة الحقيقيون ليسَّار وبيردواي بالفرار سريعًا. الشيء التالي الذي عرفوه، ان كلتاهما اختفتا.
"(ضوء مطلع الفجر، همم؟ هذه العصبة السحرية لديها أيضًا خبرة في علوم الحواسيب الحديثة، لذا يمكنني القول أنهم ورثوا بشكل كبير ما تركتُه.)"
"ماذا؟ أين ذهبت بيردواي وليسَّار؟ أليستر، ساعديني في إيقافهم!"
"آمل أن يتطورا إلى عصبة جيدة ومنحرفة."
"إن قول مثل هذه الأمور لا تساعد!"
بدا أن شخصًا آخر كان يرافق أليستر على سطح الشقة في وقت سابق، ولكن يبدو أنه قرر البقاء هناك. والفتاة الفضية لم تبدو قلقة من انفصالهما.
"لقد دمرتُ بعض الخلائط الإلهية. وتلك التي أعلم بأنني دمرتها بالتأكيد هي: رع-زيوس، أوزيريس-هاديس، وتفنوت-آرتيميس."
"دمرتُ واحدة تدعى واجت-ليتو."
"وبلا تردد؟ ممتاز كالعادة. على الرغم من أن عليك أن تقرر بنفسك ما إذا كان المديح مني شيء جيد."
"توما"، قالت إنديكس. "عندما يتعلق الأمر بمزج اليونانية مع المصرية، لن تتناسب جميع الآلهة بشكل مرتب. كان هذا مجرد محاكاة من اليونانيين لمطابقة الآلهة الرئيسية بحيث يشعرون انهم فهموها. من الممكن أن يكون إمدادهم محدودًا."
"...همم"، وأكملت أليستر. "تخميني هو أن الخطير الوحيد الآخر هو إيزيس-ديميتر."
"لا يهمني ذلك"، صاتَ كاميجو. "ولكن كن صادقاً معي. من تعتقد أصبح منهم؟"
"هذا ما لا أستطيع قوله"، قالت أليستر. "للجميع قلوبٌ لها حدود مختلفة. سيجب عليَّ أن ألقي نظرة لأعرف."
"فران، ساعديني. سنسرع هناك، ولكن هل يمكنك ان تسبقينا وتراقبي من الأعلى؟ أريد أن أعرف من أصبحت من [وحدة أغنيس السابقة] جزءًا من هذه الوحوش."
"بالتأكيد. ...ذلك الاتجاه يبتعد قليلاً عن المركز السياسي. المتحف البريطاني هناك. نعم، هؤلاء الأشخاص الذين كانوا يخططون لوضع الأرنب الرمادي في الفورمالديهايد. ارتجاف، ارتجاف..."
بعد أن ارتفعت فتاة الأذني الأرنبية الاستشعارية الى سماء الليل ببالونها، ركض كاميجو والآخرون نحو موقع الانفجار. الفارسة في الدرع الفضي والمعطف الأحمر الفروسي غمرتها حالة من الذعر لأن كاميجو وفران ومجموعة ليسَّار قد انفصلوا جميعًا، ولم تكن متأكدة مِن مَن تتبع. وبصراحة، كان سيكون أكثر أمانًا إذا لم تتبع أيًا منهم.
لم يصلوا إلى المتحف البريطاني.
أظهرت "الظاهرة" نفسها قبل وصولهم.
عبر نهر [التمز] في لندن، ظهرت هناك عدة جسور بأحجام متفاوتة. ربما بسبب المعارك أو الفخاخ الموضوعة، تحطم الكثير منها. كان أحد الجسور الباقية هو جسر حديدي.
كان بجانبها [عجلة فيريس] ذات سمةٍ خاصة. كانت مرتبطة بمنطقة محطة [واترلو]، وهي منطقة تجارية وسكنية، بالمركز السياسي الذي يتضمن مباني البرلمان و[كنيسة وستمنستر].
كان هناك شيء في المركز.
في البداية، بدا كنجمة قد تحررت من سماء الليل وسقطت على الجسر.
همس كاميجو بنفسه بنظرة من الدهشة المطلقة في عينيه.
"...أورسولا أكويناس...؟"
إذا كان صريحًا.
إذا كان صريحًا تماماً.
فقد كان متحيزًا عندما حاول التخمين بشأن أي من الراهبات الرومانيات قد استخدمت ذلك العنصر الروحي. على سبيل المثال، كان يتوقع أن تكون أغنيس أو لوسيا أو راهبة أخرى من الراهبات الشرسات والتي تمتلك مهارات قتالية قوية. كان ليشعر بالإغماء عند رؤيتها، لكنه سيتفهم.
ولكن هذا كان مختلفاً.
كان مختلفاً تمامًا.
حدث شيء مروع. فقدت جوهرها. كان الأمر كما لو كنت تنظر إلى منظمة غير ربحية تزور المناطق الفقيرة حول العالم باسم الإحسان، وتجد أنها في الواقع تستفيد من الحروب وتشارك في تجارة الأسلحة والإتجار بالبشر. كانت تلك صدمة حقيقة مؤلمة ضربته في وسط الصدر.
كانت لديه مشكلة في التنفس، لكنه حاول بشدة إخفائها.
وإلا لن يستطيع المضي قدمًا.
لن يستطيع إنقاذ الراهبة المأسورة.
كانت هذه واحدة من الخلائط الإلهية: إيزيس-ديميتر.
"إيزيس من الأساطير المصرية هي إلهة الحياة والبعث. اشتهرت بإحياء أوزيريس بعد أن قُتِل على يد سِت، وبإنجاب حَوْرَس الذي سيهاجم لاحقًا سِت."
كإلهة بذاتها، همست إله السحر في أذنه وهي جالسة على كتفه.
ضحت هذه الإلهة بعين من أجل المعرفة وافتخرت بمهاراتها التحليلية الباردة.
"من ناحية أخرى، ديميتر من الأساطير اليونانية هي إلهة الربيع. هي أُم بيرسيفوني وحاكمة الزراعة حيث يجب على النبات أخذ الإذن ليبرع. دعنا نضع جانبًا كيف ستستخدم هاتين الإلهتين في هجوم، لدي نصيحة واحدة لك بما أن اليابانيين لديهم مخيلات ممتازة ولكن متحيزة للغاية: فقط لأن هذا مستند إلى الأساطير المصرية، لا تفترض بسذاجة أن هذه إلهة تحكم في أرض جافة من الرمال المحترقة. تحمل المسؤولية إن فعلت."
لم يكن هناك أثر لرهبانية أورسولا الكاثوليكية الرومانية. كانت بشرتها البيضاء الجميلة معرضة مباشرة لهواء ليل لندن. لم يكن هناك رداء أسود يرمز إلى الزهد، بل كانت ترتدي فقط بعض الحرير الأبيض العريض وزينات من الذهب النقي. كانت تحمل سوارًا من الذهب على معصمها الأيمن. بالرغم من أنه بدا وكأنه مصري، هل كان حقًا أصليًا؟ ربما كان هذا ما تخيله الإغريق عن مظهر الكاهنة المصرية. بالمثل، كانت وجهة نظره الخارجية كياباني لا تسمح له بتحديد ما إذا كان دقيقًا أم لا.
بغض النظر، بدت ملتوية وغير مناسبة.
كان الأمر كما لو أن شخصًا قد قدم تمثيلًا لكليوباترا وبعد ذلك ترى امرأة شقراء تخطو على المسرح.
بالإضافة إلى الزينة الذهبية النقية والحرير الأبيض الذي يغطي بالكاد عريها، كانت هناك دائرة ضخمة خلفها. كانت زهرة خلابة مصنوعة من خليطٍ معقد من الذهب والألماس، لكنها بدت وكأنها الأشعة المقدسة المُصَوّرة خلف الشخصيات المقدسة في الفن الديني.
بقي أثر واحد من ذاتها السابقة، وهو الصليب المعلق على صدرها.
لمع هذا الرمز في ضوء القمر، لكنه بدا هشًا وباهتًا الآن.
"لماذا..؟"
ربما كان ليتفهم لو أنها تلوثت بالشر.
ولكن هل بدت تلك الصورة مقيتةً منفرةً للنظر لشخصٍ تلوث بنظامِ عدالة مختلف؟
"لماذا اخذتيها أنتِ من بين الجميع، أورسولااااا !!!؟؟؟"
و.
وكان الرد.
حدث توقفٌ مزعج، كما لو كانت خطوة وراء. وقبل أن تتحرك المرأة التي ترتدي ما يشبه مزيجًا بين كاهنة وراقصة، قامت الهالة المضيئة العملاقة خلفها بحركة مربكة. ثم شبّكت يديها أمام صدرها الكبير، ومالت رأسها قليلاً، وابتسمت.
وتحدثت أورسولا أكويناس.
"ياه، ياه. التقينا مرة أُخرةٍ إذن، يا كاميجو."
بالنسبة لافتتاحية معركة الجبهة، كانت ملتوية ومفاجئة للغاية.
لكن في الواقع، أصبح منظر لندن ككلٍّ مُشَوَّهٌ. على جانبي الجسر الحديدي العملاق، انشقت مياه نهر التمز الداكنة وانبثقت العديد من الأشياء الملونة منها. كانت هذه الكرمات الاستوائية [2] الغريبة أكثر سمكًا من جذع أورسولا. حَوَّطت [3] الكتل الملونة بعضها بعضًا لتشكل شيئًا يشبه البليزيوصور. ولم يكن هناك واحد فقط، بل ظهرت المزيد والمزيد والمزيد منها على جانبي الجسر الحديدي.
من الناحية الفنية، لم تكن فعلاً بليزيوصور.
كانت مجرد مجموعات من النباتات الملونة والاستوائية. ولكن من الخطأ الفادح أن نفترض أن النباتات البسيطة ستكون بريئة وغير مهددة.
كانت هناك أفواهٌ كبيرة وعظيمة.
عُلقت أشكال بيضاوية من جميع أنحاء الشكل البليزيوصوري. انفتحت مثل الخزانات الحديدية وكشفت عن أشواك ومسامير شريرة بداخلها.
هذه الأشياء الرهيبة يمكن أن تبتلع شاحنة كبيرة بأكملها.
"آه."
كانوا خناق الذباب. (اسم نبتة)
دُمِجت الكتل الملونة معًا كمجسمات من السكر لتشكل نباتات لاحمة عملاقة بارتفاع مبان وأبراج البث.
"آهااااااااااااااااااااهههههههههههههههه!؟"
لم يكن هذا الوقت مناسبًا للتفكير في ضربهم بالإماجين بريكر.
فورما قفزت النباتات اللاحمة الملونة نحوه من الجانبين كما لو كانت تلقي بجثثها عليه، اجتاحته رائحة حلوة وتحطم الجسر الحديدي بأوزانهم.
بدت الهندسة المعمارية الحديثة والخرسانة المسلحة الموثوقة أضعف من مجسم سكري الآن.
" تُوه! "
لو لم تمسكه فران المرتدية للهودي والبيكيني التي اخرجت صوتًا سخيفًا وهي تتدلى من بالونها الكبير، لسقط مباشرة في نهر التمز الداكن. إلى هذا النهر الذي تحول إلى عالم سفلي قد يكون مليئًا بأي شيء.
"واه، واهه!"
"غه..."
بينما كان كاميجو يصرخ، أنَّت [4] أوثينوس كما لو كانت تعاني من صداع.
"ما هذه الصورة؟ كما لو أنها طُبِعَت في عقلي من مكانٍ ما. لُفَّت لُفة حول نواة مبسطة. لُفتان على اليمين...؟"
سواء وُجِدَت هذه الأداة فعلياً أم لا، نادتهم أليستر بعفوية من على مكنستها في الهواء كساحرة في كتابٍ مصور.
"إنه عنب وزيتون. أعاني من صعوبة في فهم التفاصيل، ولكن الترميز يميل كثيرًا نحو اليونان. ...لست واثقة ما إذا كان العنب قد عبر البحر الأبيض المتوسط خلال العصر الإغريقي القديم، ولكن، حسنًا، قد يكون الأمر مشابهًا لقصة الثعلب وابن آوى. كل ما يهم هو أن يكون سهلاً للفهم والقبول بالنسبة للإغريق."
"؟"
"والأهم، هل لاحظت؟"
"ألاحظ ماذا؟! كل ما أعرفه هو أن الوضع يمكن أن يسوء أكثر!!"
"هذا الفهم كافٍ. صحيح أن هذه الخليط الإلهي هو تهديد أكبر بكثير من سابقه. أتخيل أنهم أقاموا اتصالًا مناسبًا هذه المرة. ومع ذلك." توقفت الفتاة الفضية وقفةً دراماتيكية، وثم اكملت: "هذا ليس المقصد. لا تنشغل بلمعان الربيع البهي أو بالنباتات اللاحمة الملونة. محور المشكلة والنواة التي يجب علينا فهمها تكمن في مكان آخر."
"؟"
لم يكن هذا هو الوقت للتشبث بالبالون يائسًا بينما يحدق بتساؤل في أليستر.
ماذا سيحدث إذا نظر بلا حذر بعيدًا عن أورسولا أكويناس الآن؟
طفت.
بعد تدمير الجسر الذي كانت تقف عليه بسهولة، ارتفعت قدمي الكاهنة الجذابة معًا في الهواء الفارغ وطفت هناك. كانت خفيفة كالريشة ولكنها ثابتة. وكانت تلك الإلهة البهية محاطة بنبتات الكروم الملونة بألوان قوس قزح والكبيرة المنبثقة من الماء وبعض الأشياء التي تشبه فرش الأسنان بكرات صغيرة على أطراف الشعيرات. ربما كانت شيئًا مثل نبتة الندية التي تلتقط الحشرات بسائلها اللزج، لكنها لم تلتقط نفسها بها.
بفرض انها لم تستخدم خدعًا بأسلاك، كانت تتحدى جاذبية الأرض بمفردها.
الطيران.
الفصل بين الطبيعي والخارق أدى إلى ظهور نوع معين من العجائب، وكانت هذه أوضح أنواع المعجزات. كانت إعلانًا فاخرًا لمجد الآلهة في السماء.
"أطراف أصابعها... ثلاث لُفّات حول الإبهام الأيسر وثمانية لُفّات حول الإصبع الأوسط الأيمن."
مسترشدًا بصوت أوثينوس المتأنق، رأى كاميجو فعلاً خيوطًا من الذهب الخالص تلتف حول أطراف أصابع أورسولا العائمة.
"عندما تنظر إلى جميع زخارفها، فستجد تلك الراهبة هي نفسها شجرة الزيتون بينما الخيط الذهبي حول أطراف أصابعها هي كرمة العنب. نعم، هذا هو. ولكن ما الذي تعنيه العلامات المحددة؟ أهي بركة أم جنون؟ إن معاني السلام والدماء جديدة جدًا عليّ. قد سمعت أن غصن الزيتون كانت تُستخدم للعرافة لفترة طويلة."
"إنها مثل لعبة التركيز"، قالت أليستر. "ابتعدي عن محاولة فهمها على الفور وركزي على تخزينها في الذاكرة. يمين - 2، يسار - 3، يمين - 8. بالتناغم مع فخاخ نبات خناق الذباب، ونبتة الندية، والطيران. تذكرها. والا ستندم إذا مشيتها عنك الآن."
"همبف،" قالت أوثينوس. "لنأمل في أنه لا توجد بها خدع إضافية. مثل أي اصبع ستستخدم او ما اذا كانت هناك حركات محددة لها. أو ربما تكون الأصابع مجرد تشتيت ليشغلوا انتباهنا في حين تهمس بشيء تحت أنفاسها."
حديث العنب والزيتون قد ذكَّر الفتى ذو الشعر الشائك بطهي أورسولا، لذلك لم يتمكن من مواكبة هذا الحديث.
"هناك العديد من التعاويذ لإسقاط الطيران السحري"، أشارت فران.
"أنسيتِ أن هذه هي قاتلة الكراولي الخاصة بهم؟ بالتأكيد وضعوا بعض الدفاعات للتصدي عن ما شابه ذلك."
استسلم كاميجو في فهم النقاش عالي المستوى بين أليستر والآخرين وركز على مراقبة أورسولا بينما كان يتشبث بالبالون.
بدا أن لديها قدرات نباتية وكانت تطير، فهل هذه الهالة المضيئة خلف ظهرها تجمع الهواء كنبتة زغب الهندباء؟ يمكن تمديد الذهب الخالص حتى يصبح سمكه مُقاسًا بالمجهر، فهل هناك حيلة مع الهالة المضيئة أو الزينة على جسمها؟ ...لا، قد يكون هذا التفكير العقلاني علامة على أنه قد وقع ضحية فخ التصورات المسبقة المحددة في الأرض.
كان هذا طيرانًا. حتى بعد مرور ألفية، لم يتغير البشر.
حتى في العصر الحديث، سيرتجف الناس خوفًا عند رؤيتهم صورًا وفيديوهات غامضة لمركبات مجهولة. (صحن طائر)
(هذا سيء...)
قد قضى وقتًا كافيًا مع الإماجين بريكر ليلاحظ عيبه بالفعل. أعظم عدو ليده اليمنى هو المسافة. لا يوجد شيء يمكنه فعله إذا فرّ خصمه خارج مدى ذراعه. لذا كانت ساقيه مهمة قبل قبضته اليمنى. الهضاب والحفر وغيرها من الفوارق في الارتفاع كانت خارج الحدود لأنها ستمنعه من الاقتراب بمدى المضاربة. إذا كان بإمكان أورسولا الطيران عبر الهواء وتحت سيطرة إيزيس-ديميتر، فإنها كانت تقريبًا أسوأ خصم بالنسبة له.
أما أورسولا أكويناس نفسها، فظلت تبتسم بسعادة كما لو أنها تتحدث بشكل هادئ في حفلة شاي لطيفة.
هذا اللامتناسب أخافه.
لم تظهر أي عدوانية على الإطلاق، وهذا جعلها لا تُقرأ. لا يمكنه حتى التحضير مُسبقًا لأي ألمٍ قادم.
"آ
"ياه، ياه. لندن خطيرة جدًا في الليل."
"ها هي آتية، يا إنسان."
"كفاك يا فتى، لا تفر. تعال هنا وامسك بيدي، يا كاميجو. عادةً لا يُسمح للأولاد، لكنك استثناء. هيي هيي هيي. سآخذك سرًا الى جولةٍ في مسكننا. تعال وانظر إلى مسكننا المريح حيث يعيش الجميع بابتسامة على وجوههم ولا يوجد شيء على الإطلاق يدعو للقلق."
"ثمانية لُفّات على اليمين! تجنب هذا بكل ما لديك!!"
أرادت فران البقاء مع بالونها، ولكن كاميجو ركلها بلطف واستخدم القوة للقفز في الاتجاه المعاكس.
هجوم مرعب شبيه بمقصلة الإعدام كشَّط عبر الفراغ بينهما.
عندما ينقطع سلك حبل مشدود لأقصاه مفرجًا عن توتره، فسيبدو وكأنه يطير بشكل همجي كشريطٍ مطاطي وسيكون قادرًا على قطع ذراعٍ أو ساقٍ بشرية. ومضت هذه الحقيقة البسيطة في ذهن كاميجو. عندما قطعت نبتة الندية الملونة عبر الهواء كالسوط، لم يعد مجرد فخٍ يلتقطك بسائلها اللزج. أصبح سلاحًا فتاكًا بمقاومةٍ أكبر. سيمر ذلك الرأس الآن عبر الهدف كسوط مصنوع من خشونة السندان. وكانت لديها قوة كافية لتمزيق سفينة حربية ضخمة مثل الورق المقوى.
لتصور مستوى الألم، تخيل نفسك تقلب دلوًا من الغراء الفوري فوق رأسك ثم مزق التيشيرت الذي تصلب على الجلد واللحم أسفله. كان هذا أسوأ بآلاف المرات من مجرد سكين في المعدة.
"واحدة أخرى."
كاد كاميجو أن يسقط في نهر التمز المليء بالمخاطر دون التفكير في العواقب، لذلك اقتربت الفتاة الساحرة أليس-تان منه بمكنسة الطيران. كانت هذه حادثته المرورية الثانية لهذا اليوم. بتأثير قوي، تغير مسار كاميجو في الهواء بشكل كبير وسقط في شجرة على طول النهر. فروع عديدة سهَّلت سقوطه.
"كحح، اغغ…"
"قف يا إنسان. فهذا ليس وقتًا للنوم. عليك أن تقاتل. يمين – 8 هي نبتة الندية. إذا هل اليسار – 3 هو الطيران واليمين – 2 الأولية كانت فخاخ نبتة خناق الذباب؟ ...الكروم ملفوفة حول شجرة الزيتون. يمكنني التنبؤ بالموضوع التالي، لذا لن أسمح لك بتضييع هذه الفرصة."
يمكن أن تكون إله الحرب قاسيةً في بعض الأحيان.
وهذه المُتفهّمه تعرف كيف تُحفزه.
"لم يعد يهم ما إذا كنت تطيع أليستر أم لا. أليست لديك رغبة في إنقاذ تلك الفتاة الواقعة في مشكلة أمام عينيك؟"
"..."
صَمَتَ ولكنه لم يقدم شكوى إضافية.
الفتى ذو الشعر الشائك استقام بقوة باستخدام قوة عضلات بطنه.
ولكن الشيء الذي رأاه بعد ذلك دمر الأجواء الجادة. صاح كاميجو وهو ينظر إلى سروال أليس-تان بينما كانت تحلق.
"... هِااااي، يا غبية!! ما هذا؟ اشرحي كل شيء لي. هل هذا مشابه لما حدث مع أي. أو. فرانسيسكا؟"
"أنتما قطبان متناقضان، ولكنكما تصلان إلى استنتاجات متشابهة. الكائنات العليا على مستوى أيواس وكورونزون ليست بتلك الشيوعة."
"هل هذه أورسولا؟ أم لا؟"
"ما زلت لا أفهم ماذا تعنيه رموز العنب والزيتون. لا أعرف كيف ترى العالم من حولها، لكن استنادًا إلى حركة عينيها، يمكنها استشعار المحفزات الخارجية. ولكن بعد ذلك، هناك نوع من إعادة الاتصال الغير منطقي بين أفكارها وأفعالها. إذا كنت تأمر شخصًا بضرب شخص آخر، قد لا تعجبه هذه الفكرة، ولكن إذا أخذت بعض الأفعال المعدة مسبقًا مثل 'طرق الباب قبل دخول غرفة أحدٍ ما' أو 'كسر بيضة على حافة الطاولة' و شَوَّهتها، فإنه سيكون أقل استعدادًا. وهذا قد يفسر الفارق الكبير بين ما تقوله وما تفعله هذه الراهبة."
أثناء استماعه إلى محاضرة أليستر سينسي، انزلق كاميجو من فوق الزهور في أسفل الشجرة التي هبط فيها. وتوجه مباشرة إلى صلب الموضوع.
"إذن فهذا تنويم؟"
"لا تبسطها لهذه الدرجة ولنكن واقعيين. فأنت تذكرني بأولئك الصحفيين الأغبياء التي لَخَّصت حياة أليستر كراولي بأنه 'شرير'... بجدية أكبر، لم أرى أثرًا لحالة تنويم مغناطيسي، لذا سيكون من الصعب الحكم."
تعريفها كرئيسة مجلس الإدارة لمدينة الأكاديمية بدأ يظهر هنا.
"هذا صعب لأنها وفي حين تتلقى حوافز خارجية، هناك جهلٌ كثير حول كيف ترى العالم، لذا ليس لدي أي فكرة عما سيحدث إذا ما حاولتُ استخدام [التعثر الروحي] عليها. تلك التقنية تستخدم التمثيل الإيمائي وعلم التنجيم لربطي بالهدف، ولكنها تستغل أيضًا من الطريقة التي يقوم بها الدماغ بملء الفجوات عندما يتلقى معلوماتٍ ناقصة."
"تمهلي لحظة، هل أنت جادة؟ الآن أشعر وكأنني أحمق لمواجهتي ذلك مباشرةً في المبنى الخالي من النوافذ!! ...أخخ، يا ليتني فقط انغمست بذيل مينا القططي بدلاً من ربط عملة خمس ينات بحبل..."
"إذا كان هذا المستوى من الوعي الذاتي كافيًا للتغلب على ذلك، لما دمَّرتُ جميع الوحوش بمفردي في تلك العصبة الذهبية. أعلم أن إطلاق أسماء غبية على أسلحة وعمليات العدو هي خدعة عسكرية قديمة، ولكنني حقًا سأبكي إذا استمريت في تبسيط هذا إلى مجرد تنويم مغناطيسي بسيط."
كان هناك زئير عميق كما لو أن الغلاف الجوي كله يتمزق. كان ذلك كافيًا لجعل كاميجو ينخفض، ولكن أورسولا كانت تنظر في اتجاه آخر أثناء تحليقها في سماء الليل. انتشرت الألوان الاستوائية حول الهالة الذهبية الخالصة خلف ظهرها. مدت يدها التي تلمع بياضًا مغريًا تحت ضوء القمر. أطلقت الهالة سيلًا من الألوان قوس قزح يمكن رؤيتها ككروم نباتية أو أعضاء داخلية غريبة. يبدو أنها قصفت منطقة مختلفة تمامًا على بعد عدة كيلومترات.
أطلقت العديد من الطلقات بسرعة.
في جانب النهر المتعرج، ارتفع برج ساعة عملاق من بيوت البرلمان. اِعتقد كاميجو أنه كان يسمى [بيغ بن]، لكنه تذكر بشكل غامض أنهم غيَّروا اسمه. بصرف النظر عن ذلك، كانت أورسولا تطفو وظهرها إلى ذلك البرج، لذا بدت الهالة خلف ظهرها وكأنها وجه الساعة.
"ماذا تفعل...؟"
"غغه." أمسكت أوثينوس برأسها الصغير. "يسار–3، يمين–2، يسار–5، يسار–6... هل هناك المزيد؟ اللعنة، إنها تضع اللفائف حول كل إصبع في كلتا يديها وتخلط بها الرموز. هناك الكثير من الضوضاء...!"
"هذا ما يحدث عندما تحاولين رؤيتها كلها في آن واحد ايتها الإله الحكيم. حسب ما أرى، فمن الواضح أنها تصدر عشرة أوامر متزامنة باستخدام جميع أصابعها العشرة. وبدلاً من أن تأمر عشرة أشخاص مختلفين، فإنها تأمر عشر كوارث مختلفة. يجب أن تظلي هادئة بما يكفي لترمي هذا مؤقتًا في صندوق يحمل علامة 'مختلط'." العبقرية المعروفة بالحُمق حافظت على تعبيرٍ هادئ. "أولوية أوزيس–ديميتر يجب أن تكون أليستر كراولي. وهذا يعني كلَّ من غزا لندن: الكراوليات العديدة وأنا الموازية الموجودة هنا. افترض أن كل طلقة تدمر متوسطًا من خمسين إلى مئة مني. بالطبع، ستؤدي هذه التضحية بالدم إلى تحسين 'هذا الأنا'، لذا ليس هناك مشكلة حقيقية."
وقف شخص قِبَلَ النهر.
كانت الفارسة بدرعها الفضي وردائها الفروسي.
"آه، آاهه..."
كان حصانها مدربًا على أداء دوريات في قصر باكنغهام، وكانت تتشبث برقبته أكثر من سرجه.
أكانت مصدومة من هذه القوة القاهرة وذلك المنظر اليائس؟
أم أن شعور الذنب أثقلها عند رؤيتها لجنون الحرب التي سببها زميلها الفارس السِّير ميراتيس؟
تحدثت الفتاة على المكنسة بابتسامة مهتمة، وتوجهت إلى الإنسان وإله الحرب على كتفه.
"لقد رأيت تلك السيدة عدة مرات، لكن... فهمت. هل هي النقطة السوداء لهذا الجيش الكبير؟"
"..."
"هذا جزء من نظريات المعارك، يا إنسان." شرح إله الحرب من على كتفه "عندما يتخذ عدد معين من الجنود إجراءًا جماعيًا، سيكون هناك بالضرورة من يعصون الأوامر بحسن نية أو لاتباع ضميرهم. عندما يشكل مجموعة من الجنود خطًا ناريًا، فإن البعض سيتظاهر بالنيران فقط، والبعض الآخر سيطلقون طلقات تحذير من الواضح أنها تهدف إلى عدم الإصابة. حتى بالنسبة للفرسان والمحاربين المحترفين، فإن القتل كالسباحة ضد تيار عنيف."
"ورغم ذلك ومن خلال الإنتفاضات التي يقودها المدنيون الغاضبون أو حملات السحر القائمة على الخوف، حتى النساء والأطفال وكبار السن سيمدون أيديهم نحو الأسلحة ويقتلون بسهولة. ففي النهاية هذا هو الإنسان. فإن اتباع الثيليما – إرادتكم الحقيقية – ليست بالأمر السهل. على أي حال، يمكنكم أن تقولوا أن هذه الفارسة حافظت على وعيها حتى في الجو الحربي الميئوس منه الذي وُجِّه ونُشِر عمدًا عبر إنجلترا. خلال المواقف الملحة، عندما تقوم البلاد أو الحقبة الحالية بتغيير الناس، يبرز الأشخاص الذين لديهم إحساس قوي بأنفسهم."
إذا فكر شخص ما في عائلة أحد جنود العدو أثناء مواجهتهم في ساحة المعركة، فقد يعني ذلك أنه شخصٌ طيب الطباع بشكل لا يصدق. يمكن اعتبار شخص مثل هذا بمثابة أمل للبشرية جمعاء، ولكن في الوقت نفسه، لم يغيروا التاريخ أبدًا بأفعالهم في الحرب.
إن الوقوف ساكناً في ساحة معركة شرسة لن يؤدي بك إلا إلى قتلك.
"هل هناك أي طريقة لحملها على الانسحاب؟" سأل كاميجو. "طلقة واحدة طائشة وسينتهي أمرها !!"
"همم. إنها محظوظة لأنها على ظهر الحصان. قد تكون في حالة ذهول، ولكن افزع الحصان وسَيَفر بها إلى برّ الأمان بمفرده. لا تعني أفكار الخير والشر شيئًا للحيوانات ولا يمكنها كبح أنفسها ولا لديها ضبطٌ ذاتي، لذا يمكننا ائتمانها للهرب بعيدًا."
ثم فرقعت الفتاة الفضية أصابعها. كلا، بل شخطت نوع من أنواع البودرة المجففة بين اصبعيها ودعت الرياح تحملها، أعطى الحصان وضعية استعداد للإنطلاق حيث رفع كلتا قدميه الأمامية مثل تلك الرسمة لنابوليون. هرب بعيدًا وهو يحمل الفارسة المتشبثة بقوة على ظهره.
"زيت، شمع، عصا، بودرة، ضباب. إن البخور المبسطة هي المعيار لبناء أرضية مراسيمية. ومع ذلك، يمكننا فقط الاعتماد على غرائز الحيوانات البرية الآن. ولكن ما عسانا كبشرٍ أن نفعل حيث نفتقر إلى تلك الغرائز؟"
"لا نملك وقتًا لنضيعه يا منحرفة. اذا طارت أورسولا بعيدًا عن هنا، سنخسرها. وسنكون في مشكلة اذا اضطررنا للحاقها. يمكنها إتعابنا فقط بترك مسافةٍ بيننا وإلقاء القذائف نحونا."
"ولهذا سألت ما سألت: ما عسانا نفعل؟"
أجاب كامبجو على سؤال الفضية بالإشارة إلى زاوية من شوارع لندن بينما لا يزال جالسًا على الأرض.
وعندما رأت العلامة هناك، أومأت أليستر فاهمةً.
"...فهمت. هل هذا هو شعور أن يكون لديك طالب متفوق؟"
"لا يمكننا ترك أورسولا هكذا. وقد أنقذتِ تلك الفارسة للتو، أليس كذلك؟ ليس لدي واجب للقيام بما تريدينه، ولكن هذا مختلف. ومع ذلك، دعيني أوضح شيئًا: أنا من سيُوَجِّه الضربة النهائية،" قائلاً كاميجو. "ومع ذلك، قد لا تأتي إليّ إذا ناديتها. لحسن الحظ، قلتِ بالفعل أنك ستكونين صيدًا مثاليًا. هل يمكنك القيام بذلك بالنيابة عني؟"
"إذا كنت تصر، لا أعرف ما إذا كان هذا متعمدًا أم لا، ولكنني لا أستطيع التقدم بوجود إيزيس-ديميتر معيقًا للطريق. لا يمكنني الاقتراب من [دير وستمنستر] على الضفة الأخرى لنهر [التمز]."
طبيعة ابتسامة أليستر تغيرت قليلاً هنا.
تحدثت كما لو كانت تحاول دفع شخص ما بعيدًا.
"أيضًا، هذا شيء قلته بالفعل للرقم 1."
"؟"
"لا داعي منك أن تبقى معي حتى النهاية. فافعل ما تمليه ارادتك تكن القانون كله. وبمعنى آخر، لا تثقلك الالتزامات الغير ضرورية، ولا تقيّد نفسك بدون سببٍ جيد، ولا تقع في فخ نتائج البحث وكمية التوافق الموجودة على وسائل التواصل الاجتماعي، وفقط افعل ما هو صحيح لك. فتلك هي أفضل إجابة في كل عصر. على الرغم من أنها تمهد لك طريقًا شائكًا."
"إذًا سأقوم بتنظيف كل هذه الفوضى وأعيدكِ أنت ولولا إلى ليليث ومينا. والخطوة الأولى هي أورسولا. إذا تخليت عنها، فكل شيء قد انتهى. لن أسمح بإجابةٍ أخرى غير ذلك. لن أسمح إطلاقًا !!"
- الجزء 3
كانت هناك صورة أخرى.
صورةً بيضاء لا تنتمي إلى بريطانيا ولا مصر وكانت تغلب المشهد برمته.
بالقرب من ساحة [بيكّاديلّي]، التي اشتهرت بمسارحها ومراكز التسوق، ارتفع عمود نيلسون لأكثر من خمسين مترًا من حي [ترافالجار]. وقف الرقم 1 من المستوى 5 في المدينة الأكاديمية، أكسيلَريتور، بجانب التمثال على قمة العمود. ما إن غادرت أليستر لتفعل ما تشاء، بدأ هذا الوحش أيضًا في فعل ما يشاء.
"..."
صوت صراخ مثير للشفقة أفسد هدوء الليلة الصحراوية.
أمسك أكسيلَريتور كاحل رجلٍ بدين في منتصف عمره وتدلى به من على قمة العمود.
"إذن."
رغم أنه من فعل ذلك بنفسه، ولكن صوت #1 الغاضب جعله يبدو وكأنه يحمل قطعة من القذارة.
"هذا الجو يفتح بابًا لذكرياتي أُفضل نسيانه حقًا. أفترض أنك العجوز اللعين المسمى هوليغريس ميراتيس. وهذا يعني أنك أقذر القذارة وألعن اللعناء الذي أنجب هذه الفوضى الملعونة."
كان قد قبض على هذا الأحمق في قصر القديس جيمس.
كانت مدينة لندن بالطبع كبيرة جدًا، ولكن إذا ركزت جيدًا، فسيمكنك تحديد المواقع الهامة. أولاً: لسبب ما، يحب البريطانيون الهامون البقاء في المباني التاريخية. ثانيًا: كانت لندن العجائبية هذه مليئة بالعقارب والكوبرا والجِمَال والفيلة الأفريقية وغيرها من الآفات والحيوانات، ولكنها ابتعدت بشكل غير طبيعي عن المواقع التي تمتلكها الشخصيات المهمة التي ذكرناها سابقًا.
لم يهتم أكسيلَريتور إذا انغمسوا في عقدة التفوق التي تجدها عادةً في المدن الكبرى، ولكن إذا أشعلت دخانًا طاردًا للحشرات في الغابة، فسوف تكشف عن موقع معسكرك السري.
هوليغريس ميراتيس.
يبدو أن الفرسان النبلاء سيظهرون راياتهم وشعارهم خلال الحرب، مما يخبر الجميع بالضبط أين ومن هم. لم يدرس أكسيلَريتور شعارات النبالة، ولكنه من خلال النظر حوله وجمع بعض البيانات العينة، يمكنه استخراج نمطٍ أولي بسرعة. لم يكن ذلك كافيًا لتسميته كودًا (شيفرة). في النهاية، كانت مجرد مجموعة من الألوان والرموز المحدودة. وبمجرد أن علم ذلك، كان الباقي سهلًا. كان للعربة المتوقفة خارج المبنى رمزًا بارزًا، لذلك لم يكن هناك شكٌ حول مكان الهجوم.
للأسف، كان هذا الرجل فارسًا فسادًا أكثر من نبيل. لقد نما حتى أصبح سمينًا بحيث ربما اشتكى صانعوا الدروع منه. تمامًا كما يمكن أن تبدو البعوض الصغيرة والطعام الفاخر والقضبان الذهبية ساحقة ومربكة إذا زادت أعدادها، فإن النظر إلى ملابسه القديمة والمغطاة بالجواهر والحرير كان يثير غضب أكسيلَريتور.
"ماااهه… بب… ما هذا... هل... هل تعرف من أكون...؟"
حاول الرجل استعادة هيبته حيث أنه لم يمتلك سوى فخره ليتشبث به، ولكنه توقف فجأة عن الكلام.
وجه، معدة، صدر، وأكثر.
ركله أكسيلَريتور عدة مرات بينما كان جسم الرجل البدين يتدلى رأسًا على عقب ككيس رمل.
"يمكنك أن تبول على نفسك إذا أردت، ولكنك ستؤذي نفسك فقط هنا."
"..."
"كيف يمكننا إيقاف ذلك الشيء؟ ألست من صمم هذه المهزلة؟"
"إ-يييك. هل أنت صديق اولئك الراهبات أم ماذا؟ فهن لا يملكن دماءًا نقية من المملكة المتحدة في أوردتهن. دخل هؤلاء الناس علينا عنوةً، وسرقوا ثقافتنا وعاداتنا وتقاليدنا، وأكلوا أموال ضرائبنا، واحتلوا الأراضي الإنجليزية. كيف لي أن أقبل الذين ... إيه هيه ، إيه هيه هيه، آااههه ..."
أخذته العاطفة وانقطع حديثه في منتصفه. لابد أنه قد لاحظ أخيرًا الإستياء المتزايد في الوحش الذي يحمل حياته في يديه.
"إذن فأسرعت في هذه الحرب حتى تلقي بالذين لا تحبهم الى الموت؟ كل ذلك لتحيط نفسك بأناس ذي أفكار متطابقة وأذواق متطابقة وابتسامات متطابقة تُلَوِّن هذا البلد بلونٍ واحد؟"
ربما تكون كل الدهون المحيطة به قد أضعفت غرائزه.
"أتعلم أمرًا؟"
"نعم؟"
"لا يهم ما إذا كنتُ صديقهم، أيها المغفل!! ألا يمكنك التفرقة بين خير وشر الناس بالنظر لأفعالهم؟! وما الذي تعرفه حتى عن حياة الناس يا ابن العاهرة!!"
بعد أن قدم له خمس ركلاتٍ أو عشرة أخرى، فتح أكسيلَريتور فمه مرة أخرى.
"هل فهمت الآن؟ هذا ما يفعله الشرير. الناس الذين لا يفعلون ذلك هم الأشخاص الطيبون. هل فهمت؟ الآن، منذ أنك لم تخبرني بشيء بعد، هل يجب أن أفترض أنه حتى أنت لا تستطيع إيقاف هذه بمجرد أن بدأت؟"
" . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .هيي، اههيي!"
"اتسمعني؟"
" . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .أنا آسف، آزفف. لا أعلم ماذا أقول. ماذا أقول لأجعلك تتوقف؟"
لم تتبقى كرامة في هذا الرجل. إذا عاد إلى قصره، كان ليجد لوحة زيتية عملاقة مرسومة لوجهه، لكنه الآن يتصرف كمن يتشبث ببنطلون جامع الديون مُترجيًا أن يُغيّر رأيه.
ربما ظنَّ نفسه ذكيًا للغاية.
ولكن في النهاية، لم يكن سوى دمية أخرى تأثرت بالأجواء الحربية. إذا لم يكن قد حدث كل هذا، لبقيت أوهامه أوهامًا. ولن يفكر حتى في جعلها حقيقة.
بالطبع.
لم يهتم أكسيلَريتور لكل ذلك.
"إذن فكل هذا كان ضياعًا للوقت؟ لن أهدر المزيد من بطارية قلادتي، وقد نلتُ كفايتي منك."
"إيه؟ أتعني ...؟"
ابتسم هوليغريس المضروب بسعادةِ زهرة الربيع، ولكنه أساسًا كان مخطئًا في أمرٍ.
لنفترض أننا قمنا باستطلاع وسألنا مئة شخص في الشارع.
...هل سيكون هناك حتى شخص واحد على استعداد لمسامحة هذا الرجل المبتسم؟ ألن يشعر الكثير بيقين أنه سيفعل بالضبط نفس الأشياء مرة أخرى إذا تم الإفراج عنه؟
"لستُ ملمًا بكيفية عملها ولابد أن يكون شيئًا جنونيًا لدرجة أنه حتى أنا استسلمت عن محاولة فهم أي شيء فيه، ولكنك تبدو على ما يرام بعد تلقي عشر أو عشرين ضربة من #1. دروعك مثيرة للإهتمام، أليس كذلك؟ وهي بالتأكيد أفضل بمراحل من بدلات الطاقة تلك التي في المدينة الأكاديمية."
"إيه؟ أه؟ هِه. إيه هيي هيي. لا أعتقد أنني 'أبدو على ما يرام' ..."
"أنت كذلك إذا كنت تستطيع الرد. مذهل. أنتَ حقًا مذهل."
وأخيرًا.
أخذ الإحساس السيء أخيرًا بالرجل.
كان ليُفضّل الشتائم عن هذه المجاملات التي تشبه الخنق بالحرير.
شدَّ هوليغريس ميراتيس جسده السمين أكثر من قبل وواصل أكسيلَريتور.
"كنتُ غاااااااااااااااااااااااااااااااااااااضبًا طوال هذا اليوم، ولكن إذا هاجمت أحدًا، سأقتله فقط. وهذا أمرٌ مزعج، ألا تتفق معي؟ حسنًا، لقد كبرت عن مثل هذه الأمور. تعلمتُ الدرس، لذا تأكد من أن تخبرني ما إذا اقتربتَ من الموت. لذا كما ترى..."
"ت-ت-انتظر، ارجوك اعفو–"
"أنا حقًا، حقًا شاكرٌ لأنني وجدتُ شخصًا لن يموت من ضرباتي ولن أشعر بندمٍ لو هاجمته!! ليس لدي سوى الشكر لك، يا ملعون!!!!"
استخدم كل قوته ليوجه ركلة كانت كفيلة بكسر باب ملجأٍ نووي.
أصبح الرجل كالشهاب.
طار جسم هوليغريس ميراتيس أفقيًا لأكثر من ألف متر. ارتطم بعدة قمم بينما اجتاح سماء الليل وضرب أخيرًا في إحدى وجوه ساعة لندن الشهيرة.
ومع دويٍّ يصم الآذان، سجلت أجهزة رصد الزلازل في جميع أنحاء المدينة خطأ طفيفًا.
طقطق أكسيلَريتور رقبته، ومد يده نحو زر قلادة عنقه، وتحدث إلى نفسه بأكثر صوتٍ منزعج.
"والآن، ماذا سأفعل؟"
هل سيستمر ببساطة في مراقبة أليستر كراولي وهي تحلق حول لندن؟
كانت لندن مدينة مليئة بكاميرات المراقبة. لذا هل سيجمع المعلومات الأمنية؟ أم يفسد بعضها حسب مصالحه؟
أو...
هل هناك خيار يفوق مراقبة أليستر؟ هل سيمكنه حقًا تجاوزها باتباع الطريق الذي وضعته له؟ لا يمكنه فقط اتباع القوانين بطريقة مطيعة. لكن إذا انحرف عن الطريق وتُرِكَ في الخلف، لن يحصل على شيء.
عليه التمسك بهذه. حان الوقت ليأخذ المبادرة.
وكرر الوحش نفس الشيء مرة أخرى.
"ماذا سأفعل...؟"
- الجزء 4
سحب كاميجو جسمه المتوجع خارج نهر التمز.
نظرًا لأنه لا يستطيع التحليق بحرية في السماء، سيواجه مشكلة في القتال في معركة يكون النهر فاصلاً بينه وبين خصمه.
محاولة افتعال قتال في مجال أورسولا التي قَوَت بإيزيس–ديميتر لن ينتهي على خير له.
لا، لم يكن الطيران هو المشكلة هنا.
كانت المشكلة هي المسافة التي قدمها فرق الارتفاع.
"اسرع يا إنسان"، صرخت أوثينوس على كتفه. "لقد أثبتت بالفعل أنها ستهاجم الأهداف غير الأولوية إذا دخلت مجال رؤيتها."
"أعلم ذلك... اللعنة، هل ستهجم أورسولا على إنديكس أو بيردواي أو الآخرين؟"
"اهتم بنفسك أولاً، أيها الأحمق."
كان لهذا الجانب من نهر التمز المزيد من الأعمال التجارية والمساكن، لذا كان يحتوي على أقل عدد من المعالم مقارنة بالمركز الإداري. الأشياء الوحيدة التي كانت بارزة هي قصر لامبيث، حيث كانت رئيسة الأساقفة تُقيم، وبعض المتاحف الصغيرة.
وبالتالي، كانت المعالم الأكثر زيارةً شيئًا آخر غير المواقع السياحية.
على سبيل المثال، محطة واترلو، التي كانت واحدة من أكبر المحطات حتى في لندن.
وكما هو معروف، كان لدى هذه المدينة أقدم نظام مترو في العالم.
"اركض! الى الداخل!!"
"ألا ينبغي أن يكون لدى الإله نصائح أكثر فائدة؟"
كاد كاميجو توما أن يتعثر للأمام حينما حاول اتباع لافتة المترو وأمسك بشكل عشوائي بالمصراع المعدني فوق مدخل المحطة العملاقة. كانت المحطة تشبه قطعةً من الفن أو معبدٍ من الحجر الأبيض، لذلك بدت آلات الأمن الحديثة في غير محلها. بالطبع، لم يكن لديه المفتاح، لذا كان يعتزم تجاهل أي إنذارات واستخدم مبدأ الرافعة لكسر القفل.
لم يستطع أيقاف أورسولا أكويناس عن التحليق.
ولكن ذلك يعني فقط أنه كان عليه أن يجذبها إلى مجال ذو ارتفاع منخفض جدًا لا يخلق الكثير من الفارق في الارتفاع. وأيضًا، يجب أن يكون الموقع أكثر صلابة من منزل أو مكان عمل سهل الهدم. كان ذلك لا يزال خطيرًا للغاية، ولكن من خلال إجبارها على الذهاب تحت الأرض، ستكون فرصه أفضل من الصفر على أقل تقدير. ستصل يده اليمنى إليها إذا تقاطعت مساراتهم.
ومضت نقطة في سماء الليل.
"انزل يا إنسان!!" صاحت أوثينوس.
وصل الصوت الانفجاري بعد فترة قصيرة من التأخير. وسبقه شيء يطير داخل مدخل المحطة ويمزق المصراع المعدني كما لو كان مصنوعًا من الورق. كانت هناك "قذيفتان". الأولى كانت أليستر كراولي تركب المكنسة والثانية كانت أورسولا أكويناس بوردة ذهبية عملاقة خلف ظهرها. سحب كاميجو رأسه للوراء في الوقت المناسب ليتجنب قطعه من بقايا حديدٍ مدمر.
"سحقًا، هذا لا يسير كما كان مخططًا. هل سبقتنا؟!"
"طالما دخلت مجالًا ذو ارتفاعٍ قليل، فلا يهم كيف وصلت إليه. بدلاً من محاولة أن تسبقها، عليك اتباع آثار الدمار ومطاردتها. كن جاهزًا لاستخدام يدك اليمنى في أي لحظة. إذا أرادت إيزيس-ديميتر استعادة حريتها المضمونة وحاولت العودة بنفس الطريق الذي جاءت منه، فعليها تخطيك أولًا. لذا لا تضيع هذه الفرصة."
لم يكن الأمر مفاجئًا، ولكن عندما نظر إلى الداخل، رأى محطة حديثة مبلطة.
عند مقارنتها بالشكل الخارجي الذي يشبه المعبد، بدت محطات إعادة الشحن لبطاقات التذاكر والآلات الأخرى غريبة.
"عندما لَفَّت الخيط الذهبي حول أصابعها، كانت ثلاث لُفّات على اليسار ترمز للطيران. اضرب ذلك بيدك اليمنى وقد تكون قادرًا على منعها من الطيران."
"ألم تري كيف كانت تتحرك بسرعة؟! آمل فقط ألا تفقد أورسولا توازنها وتسقط فوقي..."
لم يكن للندن مناظر ليلية كثيرة وحتى ضوء القمر كان ذو قيمةٍ هنا، ولكن المحطة المغلقة ذهبت أبعد وبدت ككهفٍ غامض. بدأ كاميجو يندم على اقتراح هذه الخطة. ولكن أليستر و أورسولا قد دخلا بالفعل، لذا لا يمكنه الهروب. كان عليه الاعتماد على ضوء شاشة هاتفه نظرًا لعدم قدرته على ايجاد دربه في هذا الوضع، ولكن حَملُ هذا المصدر الواضح للضوء في مثل هذا الظلام بمثابة طلب القتل. كلما فكر في ذلك، شكك في ماهية الإجابة الصحيحة.
إحدى نقاط كاميجو توما القليلة الجيدة هي أنه كان يسأل ببساطة عندما لا يجد الإجابة.
وفي مثل هذه الأوقات، كان يعتمد على إلهِهِ الحربي.
"لضمان قدرتك على استخدام يدك اليمنى للهجوم، احمل الهاتف في يدك اليسرى. وابعد مصدر الضوء لأقصى مسافة ممكنة عن جسمك. إذا استهدفت إيزيس-ديميتر الضوء من الظلام، يمكنك على الأقل تجنب أن تصيب إحدى تلك النباتات المُلونة رأسك أو جسمك."
"ولماذا ضوء شاشة الهاتف؟ لماذا لا استخدم ضوء الكاميرا الخلفي؟"
"سأشرح لاحقًا، ولكن يجب عليك تشغيله وإيقافه. إذا ضغطت على الزر أو الشاشة، فستنير الضوء على وجهك. هل تريد أن تكون هدفًا لجميع تلك النباتات الملونة؟"
"...حسنًا، ولكن ألن تُقطع أصابعي إذا هاجمت النباتات الضوء؟"
"أيضًا، لا تبقي الضوء شاغلاً طوال الوقت. شغّله كل ثلاث ثوانٍ مرة ثم كل خمس ثوانٍ مرةٍ بعد أن تعتاد عليه. يمكن للخبراء الانتظار عشر ثوانٍ أو أكثر بين الومضات."
"لماذا؟ للحفاظ على البطارية؟"
"أحمق. إذا كنت لا تريد أن تتعرض لهجمات تلك النباتات اللامعة والمخيفة، فلا تشع بالضوء على محيطك طوال الوقت. استخدم كومضة الكاميرا لحرق كل لحظة في دماغك. إن تقليل أشعة الضوء ي
بجعل من الصعب استهدافك. وهذا تحذير لك أيضًا: حتى إذا ومضت الضوء للحظة، يجب أن لا تظل في نفس المكان. انتقل بعدما تقوم بعمل الومضة وانتظر ما إن تبدأ الصورة ذهنك بالتلاشي قليلاً قبل أن تقوم بومضة أخرى. وإذا اخترت التوقف لفترة قصيرة، تجنب استخدام الضوء."
"فهمت. لقد فكرتي في ذلك حقًا."
"لا ينبغي عليّ أن أقول هذا، ولكن لا تشع الضوء مباشرة على الزجاج، المرايا، أو الفولاذ المقاوم للصدأ. هذه واحدة من أسهل الطرق لإرسالك إلى الموت عند قتالك في منطقة مظلمة. إذا أضأت جسمك بالكامل مثل ذلك، ستُقَطَّع إلى لحمٍ مفروم بهجمات نباتاتها الملونة."
...ومع ذلك، كل هذا اعتمد على افتراض أن حواس أورسولا لا تزال كحواس الإنسان العادي. لو أن عينيها قد تطورت إلى مستوى خارج البشر أو تم منحها نوعًا من الحس السادس، فلن تكون لديها مشكلة في تحديد مكانه في الظلام.
عندما بدأ استخدام طريقة الوميض بإضاءة الهاتف (حتى وإن كان لا يعرف حقًا ما إذا كان يفعلها بشكل صحيح أم لا)، بدأ في التساؤل عما إذا غزت أورسولا الظلام حقًا. رأى مقاعد مقلوبة، وآلات بيع مطعوجة، وآثار خدوش على جدران البلاط، وأنابيب الإضاءة الفلورية المحطمة. قد يكون ذلك بسبب حركتها السريعة في مساحة محدودة، لكنها كانت ندوبًا خامة من اصطدامها بكل أنواع الأشياء. كان ذلك يصنع مسارًا واضحًا للمتابعة، ولكنه كان يقلقه أيضًا.
بناءً على تلك الندوب العديدة، يبدو أن أليستر قد جذبت بنجاح أورسولا إلى المنطقة السفلية.
"آمل أن تكون أورسولا بخير... أنا لا أفهم تلك الأمور المتعلقة بالزيتون والعنب، لكنها ترتدي ملابس راقصة، صحيح؟ هل ينوي ذلك الإيزيس–ديميتر حماية مضيفته حقًا؟"
"اسمع يا إنسان. ألا يمكنك إغلاق خيالاتك المراهقة حتى الآن؟"
"هذا يشملك أيضًا، يا حمقاء. نِفثيس ونيانغ-نيانغ أيضًا. هل لدى الآلهة الإناث كره لارتداء الدروع؟"
سحبت إله الحرب الصغيرة أذنه بينما هبطت على سلم كهرماني متوقف ودخل منطقة المترو. كانت الخدوش على الجدران تؤدي إلى المنصة وداخل النفق.
"كن حذرًا."
"أوثينوس. هل تعتقدين حقًا أن القطارات تعمل؟"
"أشك في ذلك، ولكن من الممكن أن يقوم الفرسان أو الأنجليكان باستخدامها لنقل الإمدادات. بغض النظر، كنت أتحدث عن الكهرباء. في المترو، ستُحَمَّص إذا وقعت على قضيب سكة إمداد الطاقة، المعروف أيضًا بالقضيب الثالث."
"…"
"في الغالب لا يصل إلى ألف فولت، ولكنه ليس لعبة مثل مسدس الصعق الذي استخدمته الحمقاء أليستر في البالونة. هذا التيار القوي المستخدم لتحريك القطار، لذا لمسه عادة ما يقتلك."
كلما تقدم، أدرك أكثر فأكثر مدى جهل اقتراحه كان. لم يكن لديه سوى الصلاة لكي لا يجد جثتي أليستر وأورسولا واقعة على الأرض.
ليس لديه فكرة عن كم قانون بريطاني كان يكسره، ولكنه نزل بتردد إلى المسار.
يبدو أن جوًا سميكًا من الموت كان يزحف نحوه.
بعد المشي عشرين أو ثلاثين خطوة بعيدًا عن المنصة، كان الندم قد دخل بالفعل.
"أهذه مزحة؟ ليست مسلية بالمرة. مسار ثاني؟ ألم يكن واحدًا فقط؟"
تأوه كاميجو عندما لاحظ بعض الزهور الصغيرة تظهر من خلال الشقوق في الخرسانة وشعر بالإعجاب لقدرتها على النجاة هنا تحت.
في هذه الأثناء، تحدثت أوثينوس.
"لندن لديها أقدم نظام مترو في العالم. لقد تم تعديلها كثيرًا حتى امتدت في جميع أنحاء المدينة مثل شبكة العنكبوت. هناك العديد من الخطوط والمحطات المهجورة التي لا يعرفها حتى عمال صيانة المترو، لذا لنفترض أن الأنجليكان قد أعادوا تدوير بعضها إلى مساحات تدريب أو خزائن للكنوز."
...كانت خطته هي متابعة أورسولا وضربها بيده اليمنى عندما تتقاطع مساريهما. مع مسار ضيق واحد، يمكنه فعل ذلك عندما تعود هي من دربها، ولكن صعوبة توقع أفعالها زادت بشكل كبير إذا كانت متاهة تنتشر في كل اتجاه، وإن كان حتى عموديًا. يمكنه محاولة مطاردتها ولكن قد ينتهي به الأمر بتلقي ضربة مفاجئة من الخلف.
"أوثينوس، هل يمكنك تتبع موقع أورسولا وأفعالها بهذا الصداع العجيب الذي يأتيك؟"
"لا تكن غبيًا. هذا ليس تخاطرًا أو قناة. إنها فقط تحذيرات في العقل الباطن عندما أدرك بشكل غامض صورة من العنب المتشابك حول فرع زيتونة من حركة أصابع تلك الراهبة. وهو يشبه إلى حد كبير الهيروغليفيات التي تحتوي على معانٍ ومشاهد مختلفة في رمز واحد. وهذا يعني أنه لا يمكنني الإحساس بأي شيء دون رؤيتها أولاً."
بالطبع، يجب أن تكون هذه الحالة غير متوقعة أيضًا بالنسبة لأورسولا.
هذا الهجوم المفاجئ لن يعمل مرة أخرى.
سينتهي كل هذا إذا غادرت أورسولا نفق المترو، وأدركت الميزة التي يوفرها الاختلاف في الارتفاع، وهربت الى سماء الليل. حينها لن يسع كاميجو سوى النظر.
"يمينًا أم يسارًا؟ أي نفق؟ ...همم، هناك ندوب على الجدار. آمل فقط ألا تكون أورسولا قد دارت حولي لتقترب مني من الخلف..."
"(يا أحمق! لا تقف هنا وتلوّح بالهاتف!)"
ولم يكن أبدًا مسيطرًا على الوضع.
ومض شيء عميقًا داخل أحد النفقين.
ثم اندلعت العديد من الكروم الملونة والمتشابكة لتملأ النفق بأكمله.
وفتحت العديد من نباتات خناق الذباب أفواهها العملاقة.
اقترب مظهر الدمار هذا بينما كان يسحق كل شيء في طريقه.
لم يكن هذا هو الوقت المناسب للتفكير فيما كان يفعله العدو أو نوع الهجوم الذي سيشنه. كان هذا أسوأ من هجوم مفاجئ من القطار. كان الأمر أشبه برش عش النمل بخرطوم مياه. كان هذا يسحق كل زاوية وركن في النفق، لذا لم يكن الضغط على الحائط كافيًا لتفاديه.
"وااااااااههه؟!!!"
لم يكن لديه الوقت للتفكير في يده اليمنى.
لو كان هناك مسار واحد، لكان قد أصبح لحم مفروم. لحسن الحظ، نجح في الجري إلى النفق الآخر. تجنبها بأعجوبة، لكن الضغط على الهواء أرسل تيارًا هوائيًا إلى تقاطع النفق الذي هرع فيه وتجاوزته ككتلة صلبة. كاد أن يطير بفعل الهواء المضغوط.
"آغغ، لقد أخطأت! هل أورسولا في ذلك النفق الآخر؟"
"توقف! أي أحمق سينطلق مباشرة نحوها؟ في مسار مستقيم لا يوجد فيه مكان للهروب، ستنهك عبطًا دون الأمل في الاقتراب منها. يمكن أن تفعل يدك اليمنى القليل فقط. هل نسيت أنه لا يمكنك تحمل أن تصاب حتى مرة واحدة، سواء بخطأ غير محسوب أو صدفة مروعة؟"
هذا يعني أن عليه التركيز على تلك الوجهة أثناء التجول في الطرق المعقدة لأنفاق المترو.
ومع ذلك...
"ها هي آتية، استعد يا إنسان!"
"ماذا، مرة أخرى!؟"
سواء كانت لا تزال قيد الاستخدام أم لا، دخل نفقاً صغيراً تمت إزالة القضبان المعدنية منه، قفز فوق نقطة خطيرة حيث تتقاطع المسارات على الرغم من أن هذا كان متروًا، وهرب عبر فرع منشعب على شكل حرف Y. خرج من كل نفق قبل أن يملأها سيل من النباتات اللاحمة. كان الركض هو أقصى ما يمكنه القيام به وكان قلقًا من أن يفقد توجيهاته مع كل منعطف.
عندما قام بتشغيل إضاءة هاتفه المحمول بجانب الحائط، رأى شيئًا يعكسه بلمعان مبلل.
"آه، ماذا؟!"
"لا تقلق. إنه مجرد غطاء (قماش؟). يبدو أن هذا القسم قديم نسبيًا."
أبدت أوثينوس إحباطًا ودهشة في صوتها. على ما يبدو، اختارت كل من اليابان وإنجلترا استخدام قماشٍ أزرق.
"كنتُ محقة"، قالت. "جزء من السقف مغطى. قد تكون مجرد حماية مؤقتة من المطر بينما ينتظرون الإصلاحات."
"أُزيلت القضبان في بعض الأماكن. إذا لم يعودوا يستخدمون هذا القسم، هل سينفقون حقًا الكثير من المال على البناء؟"
"لازالت متصلة بالمناطق التي يستخدمونها، أليس كذلك؟ إذا تركوها كما هي، ستصبح مركزًا لنمو العفن والتآكل. دع الماء يتسلل ويمكن أن تصبح بحيرة تحت الأرض. حتى الخرسانة المسلحة يمكن أن تتكسر إذا وصل الماء إلى حديد التسليح من خلال الشقوق الصغيرة."
كانوا محظوظين بأن النفق الضيق صدَّ النباتات اللاحمة من التلويح كما فعلوا في الهواء فوق نهر التمز.
لا، شيءٌ ما لم يبدو متناسبًا إذا كانوا يتعرضون للهجوم من العديد من الاتجاهات فقط.
"…مهلاً، يا أوثينوس."
"(اصص.)"
"ألسنا نهاجم من اتجاهات كثيرة جدًا؟ حتى لو أن أنفاق مترو لندن قد انتشرت مثل شبكة العنكبوت وحتى لو كانت أورسولا تنطلق من مكان إلى آخر! قد يكون مظلمًا، ولكننا لاحظنا على الأقل لمحة عن أورسولا!؟"
"(صحيح أن الصور لم تدخل رأسي منذ دخولنا النفق. ولكن أكثر من ذلك، كيف تتعقب موقعنا بدقة داخل هذه المتاهة؟ بما أنها تطلق علينا قذائف من خلف منحنيات الأنفاق، فإنها لا يمكن أن تعتمد فقط على إضاءة الهاتف. ومع وجود العديد من الأنفاق لتصدوا فيها كل الأصوات، أشك في أنها تعتمد على الصوت أيضًا.)"
ربما كان لديهم سوء فهم جوهري.
ربما استخدمت أورسولا أكويناس طريقة أكثر بشاعة.
"…"
كسر كاميجو توما وعده لأوثينوس وقام بتشغيل إضاءة هاتفه المحمول حوله بينما كان واقفًا ثابتًا. بدلاً من مجرد ومضه، خاطر بتشغيله. حاول مراقبة محيطه أثناء تحريك الضوء حوله، لكنه لم يرى أورسولا بزي الراقصة البراقة تختبئ في أي مكان. لم يرى سوى الأرض الخرسانية، والقضبان الصدئة، وسقف مغطى بالسواد (ربما من أيام محرك البخار)، وبعض الأعشاب المنبثقة من الشقوق في الجدران، وبعض العلب المطحونة التي وصلت إلى هنا بطريقة ما.
"؟"
توقفت عيني كاميجو عند شيء بين كل ذلك.
"يا أوثينوس. أحيانًا ما تنشر بعض المدونات صورًا دافئة لـ 'نباتات الهندباء الشجاعة' التي تنمو من شقوق الطريق، صحيح؟"
"وما أمرها، ايها إنسان؟ هذا ليس الوقت المناسب حقًا."
"...لن أقول أنه لا يمكن للأشياء أن تنمو من الأسفلت أو الخرسانة. ولكن هل ستنمو الأعشاب حقًا في نفق مترو؟ في الأماكن التي لا تحصل فيها أبدًا على أشعة الشمس؟"
"مهلًا" أوثينوس الإلهة الصغيرة فكرت بينما جلست على كتف الفتى. "أهذا ما تفعله هذه النباتات المسلحة؟"
- الجزء 5
"فهمت، تمتمت ليفينيا بيردواي بينما فرشت شعرها الأشقر عن كتفها. تضايقت قليلاً من الرمل الفضي الذي دخل شعرها.
لم تخطو تهورًا داخل محطة واترلو.
كانت مرتاحة طالما لم تطاردها الفارسة. كانت تنظر إلى بوابة معدنية في الطريق. كان مصرفًا للهواء الراكد في القطار.
كانت هناك أشياء مثل البراعم وتشبه اللحية البيضاء النحيفة متشابكة في جميع أنحائها.
أكانوا جذورًا أم كرمات؟
كان من شبه المستحيل أن تكتشف نوعها بالضبط بالبحث في الموسوعة النباتية.
على أي حال، حقيقة أنها تستطيع رؤية ذلك كان ذو معنىً عظيم.
همست بردواي بنبرة منزعجة يمتزج نصفها بالاستياء.
"تبًا لتلك الإيزيس–ديميتير. هل نشرت جذورها وكرمات نباتاتها اللاحمة في جميع أنفاق مترو لندن؟"
كانت مصداقية هذا الادعاء غير واضحة، ولكن يُقال أن هيكل مترو لندن يمكنه قطع الكرة الأرضية مرتين ونصف إذا وُضِعَ كله مستقيمًا من بدايته لنهايته. ويُقال أن إلهة مصرية معينة قد أعادت إحياء إله مختلف، وإلهة يونانية معينة كان لديها سلطة عظيمة لدرجة أن حتى فصل الربيع سيطلب إذنها. ولكن إيزيس–ديميتير لم تعد أيًا منهما. كانت إلهة الواحة المزينة بالحرير والذهب تسيطر على كل المياه والمساحات الخضراء على الكوكب، لذا كان لديها القدرة على التحكم على الفور في منطقة تغطي مجرد مرتين ونصف محيط الأرض.
"آخخ!"
"...نعم."
بعد إعادة التجمع مرة أخرى، أصدرت إنديكس وكاراسوما فران أنينًا في وقت واحد.
الآن، هل أدركت بيردواي أن هاتين الاثنتين كانتا مرتبطتين عميقًا بالكنيسة الأنجليكانية وأنه قد تم تعديلهما من قبل لُولا ستيوارت بحيث يمكنها التحكم بهما مباشرة؟
وكان مرتين ونصف محيط الأرض لا شيء. بغض النظر عن المكان الذي كانت فيه أورسولا أكويناس نفسها، يمكنها وضع "برج" [5] في أي مكان في شبكة الأنفاق ورش النيران أينما أرادت.
الأوراق النامية هنا وهناك تعمل كعيونها وآذانها. يمكنها الشعور بالصوت باهتزازات الأوراق الرفيعة تمامًا مثل طبلة الأذن، وباستخدام البناء الضوئي، يمكنها الشعور بالضوء وحتى الشعور بالنفس من كمية الأوكسجين والكربون في الهواء. كل ذلك يمنحها طرقًا متعددة للبحث عن موقع هدفها بدقة.
"ربما اخترتِ النفق الذي يحتوي على سقف منخفض لتتخلصي من فارق الارتفاع."
أي جانبٍ كان قد حوصر بذلك القرار؟
إلقاء ورقة جديدة على الطاولة قد غيّر بشكل كبير حقل اللعب.
"لكنك ستجدين جحيمًا حقيقيًا هناك. حقًا، حقًا."
- الجزء 6
برزت الممرات المتعرجة في الجدران السميكة كما لو كان الخلد يحفر من خلالها.
لم تعد قيود النفق جارية.
تمامًا كبروز جذور الشجر على جانب الطريق، اُختُرِقَت الجدران والسقف، تحطمت الأقمشة السميكة المستخدمة لمنع المطر، وانفجرت الكرمات التي يزيد سمكها عن ذراع كاميجو. كانت هناك حقائب أكبر من كرات التوازن وكان لديها غطاء يشبه قدر الحليب فوقهم.
"تلك هي نباتات الإبريق! لا تدعها تلمسك والا ذوَّبتك!!"
هتفت أوثينوس من كتف كاميجو فورما نزع الأعشاب المتنامية من الجدار.
فتحت أعلى حقيبة النبتة الثقيلة. رشت سائلًا غريبًا حولها، كمن يُلَوِّحُ بوعاءٍ مليء بالدم والأحشاء. ربما كان شيئًا مثل الحمض المعدي الوحشي. بمجرد أن رش بعضه على الأرض، اندلع دخان كيميائي أبيض غريب. كان يذيب قضبان السكك الحديدية والخرسانة.
ضربة واحدة من ذلك وسترى عظمك.
كانت هذه الأعشاب تعمل على الأرجح كعيونها وآذانها. كان قد نزع تلك الأوراق للتو قبل الهجوم، لذا فقد ضيّعت هدفها. ولكن هذه الطريقة لن تعمل بالضرورة إلى الأبد. على سبيل المثال، لم يكن يعرف كم من تلك الأوراق كانت مختبأة حول كل منطقة.
"أنت تمز—"
"لا تلقي حذرك خلال هذه الوقفة التي خلقتها! انتبه لقدميك يا إنسان!!"
تمامًا كما استعد للهرب، صاحت إليه إله الحرب مرة أخرى. لو يسمع لتحذيرها وغيَّر فورًا عمله، لكان قد وقع على بروز حاد قوي ليخترق نعل حذائه الرياضي والقدم التي بداخلها. كانت الأرض مليئة بثمار البذور بحجم القبضة تحمل أشواكًا تغطي قشرها الصلب.
اُشتُقَّت كلمتكم اليابانية [رباعي الأرجل] (caltrops) من قرنة البذور الصلبة، بعد كل شيء. وكنتَ على وشك أن تقع ضحية للفخ بشكله الصحيح، يا إنسان. إذا فقدت حركيتك الآن، فأنت هالك."
"لا يمكنني أن أسمح لنفسي بالارتياح في كل مرة أنجو فيها. إنها مثل غابة مميتة مكونة من نباتات لاحمة. إنها متاهة أدغال استوائية. اللعنة، أين أنتِ يا أورسولا، أين تختبئين؟"
انبعثت روائح حلوة من كل اتجاه.
الهواء نفسه كان يُغزَى.
إذا امتدت هذه الجذور والكرمات إلى كامل الأماكن السفلية في لندن، كان من الممكن أن تقوم أورسولا حتى بإسقاط أو تدمير العاصمة البريطانية بأكملها. كان من غير المرجح أن تفعل ذلك فعليًا بما أن إيزيس–ديميتر كان على جانب المدافعين، ولكنها توضح قوة أورسولا. لقد تخطت أكثر من أن تكون قوةً فردية.
الهروب من التهديدات المباشرة والمرئية لم يكن كافيًا لضمان السلامة.
كونه في شبكة الأنفاق كان مثل أن يكون داخل معدة أورسولا.
"ما هو هذا المكان...؟"
بينما كان يهرب قدر استطاعته، دخل كاميجو في نهاية المطاف إلى منطقة أكثر اتساعًا.
في الأصل، يجب أن تكون هناك مسارات متعددة تعمل بالتوازي. كان يجب أن تكون بحجم ملعب كرة القدم، ولكنها لم تعطي ذلك الشعور بالضخامة بسبب الأعمدة الحجرية المتساوية التي تحمل السقف. كانت هناك مسارات متعددة مرتبة مثلما في ساحة التبديل (switchyard)، وفُتِحت هناك عدة أنفاق نصف كروية على الجدران. لابد أن تكون قديمة جدًا لأن السقف كان قد اِسْوَدَّ بطبقة سميكة من السخام. وكان ذلك ناتجًا عن الدخان الصاعد من محركات البخار. وجعل هذا من شكل غطاء الأمطار الأزرق غير مناسبٍ بالمرة.
وثم.
أضاءت شاشة هاتف كاميجو شكلًا صغيرًا متكأً بظهره على أحد الأعمدة المربعة.
"أليستر!؟"
"..."
الفتاة الفضية رفعت رأسها ببطء عند سماعها لصيحة كاميجو. لم يكن لديها الروح المعتادة في هذا الوقت. لم يكن لديه علم كم كانت إصابتها سيئة لأنه لم يملك وقتًا ليفحصها، ولكنها لم تبدو بحالة جيدة.
كانت هناك عدة أشياء أكبر من كرات السلة مرتبطة بردائها وسترتها الزرقاء. بدت مثل الكرات الحديدية المستخدمة لحبس السجناء والعبيد في العصور الغابرة. بدت تلك النباتات الشبيهة بالكوكلبر (أو شائكة العشب؟) قد أبطأتها بما يكفي لتصلها الضربات الأخرى. كان من الاستثنائي أن تظل في قطعة واحدة بعد أن أخذت الصدمة الكاملة من هجمات أورسولا الشرسة التي كسرت الجسر الحديدي. كانت أليستر وحشًا بحد ذاتها.
كان تنفس الفتاة الفضية ضحلًا، وكانت تُغلق عين واحدة بينما كانت تحرك شفتيها الجميلتين.
"...لم تكن..."
"ماذا؟"
"لم تكن جسدية. كن حذرًا. هذا أكثر..."
"هِااي، أيمكنك سماعي؟ أليستر، بالكاد أسمعك، لذا أعطني ايماءة أو حركي رأسك! هِااااي!!"
لم يبدو أن صوته يصل إليها.
انحرفت الفتاة الفضية إلى الجانب ثم انهارت على الأرض كدمية مكسورة.
ذراعيها، رجليها، وتنورتها كانت منتشرة. إلتَوَت خواصرها بطريقة بدت مؤلمة للناظرين، وتوقفت عن الحركة.
لم تكن جسدية.
"... بجدية، أهذا أفضل ما في وسعها بعد أن اِغترت بنفسها لتوَّجه نصيحةً لإله حول العنب والزيتون؟ أهي ذكية بزيادة، أم أن هذا بسبب لعنتها المقيته حيث لن تحصل أبدًا على ما تريد؟"
ما معنى ذلك؟ وهل كان حقًا يستحق القول بصوت عال؟ كانت أورسولا أكويناس ممسوسة من قبل إيزيس–ديميتر. كان ذلك عنصرًا سحريًا، لذا ألم يكن لديهم بالفعل معلومات تؤكد أنه لم يكن شيئًا جسديًا؟
"يبدو أنها مصابة ببعض التمزقات، وبعض الحروق الكيماوية، وضربة على الرأس. لا تهزها. إنها معجزة أنها لم تتعرض لإصابةٍ أكبر. وأنها لمعجزة أحدثتها بنفسها."
حذرته أوثينوس عندما أمسك بكتف أليستر ليسندها.
حتى أليستر كراولي نفسه وصل به الحال هكذا.
لم يعد الاختباء وراء ظهر البالغ خيارًا. من هنا فصاعدًا، سيتعين على كاميجو توما فعلها بنفسه حقًا.
"أوثينوس، ليس لدينا أي ضمان من هنا فصاعدًا. انتظري الفرصة وثم اهربي إلى السطح. يجب أن تكون هناك العديد من طرق الهروب بحجمك."
"لا تكن سخيفًا يا إنسان. مكاني هنا على هذا الكتف. إذا أردت أن تنقذني، فابحث عن وسيلة للبقاء على قيد الحياة بنفسك."
سمعوا صوت حاد لتمزيق الهواء.
شيءٌ كان يتربص في الظلام.
"يمين – 8 . ولكن هناك البعض لم نره بعد."
لم يكن لديه وقت لتوجيه الهاتف الخلوي في ذلك الاتجاه. لا بد أنه كان نوعًا من الطحالب التي تحتوي على نفس إنزيم اللوسيفيراز ذو الإضاءة الحيوية الموجود في اليراعات. كانت المساحة الكبيرة بحجم ملعب كرة القدم مضاءة بواسطة ضوء أخضر فاتح لزج. ولكن أوثينوس همست له دون الاعتماد على ذلك الضوء.
"كن حذرًا."
"..."
"يسار – 6 . تذكر أن ضوءًا مقدمًا من العدو يمكن أن يُسحب في أي وقت. إذا أردت ألا تقع في الظلام فجأةً وتتعرض للضرب من جميع الاتجاهات، فحافظ على مصدر ضوءك جاهزًا."
مع الضوء الباهت يملأ المساحة الكبيرة، يمكنهم رؤية شيء يخرج من احدى القنوات العديدة. كانت إلهة الزهور ومعها عدة سياط من أزهار الندية تحميها. كان جسد الفاتنة المثير مزينًا بالحرير والذهب وكأنه يرمز إلى واحة ملونة.
"ياه، ياه، ياه."
مع يديها الملتفتين أمام صدرها الكبير وزهرة ضخمة خلف ظهرها، ابتسمت وتقدمت قدمًا بعد قدم. كان هناك سوار ذهبي خماسي يتلألأ على معصمها الأيمن.
مع كل خطوة، تأرجح الصليب في صدرها.
لم تستخدم الطيران الذي اعتمدت عليه في السابق.
كانت خيوط الذهب ملتفة حول السبابة والوسطى في يدها اليمنى وحول الوسطى والبنصر في يدها اليسرى.
يسار – 4.
لابد أنها تعلمت أنها لن تتمكن من الاستفادة من أكبر ميزة لديها وهي الطيران في الفضاء المحدود تحت السقف الخفيف للنفق. أو ربما لم تعد تشعر بأنها تحتاج إليها الآن بعد أن سيطرت على هذه المنطقة السفلية بأكملها؟ بصوتٍ مزعج، سُدَّت جميع الأنفاق المتوازية بأزهار ضخمة.
حذرت أوثينوس بهدوء من كتفه.
"...عشبة الدهن. إذا كانت زهورها بهذا الحجم، فيجب أن تغطي الأوراق اللزجة كامل الأنفاق في الداخل. إذا حاولت الهروب إلى هناك في الأسفل، ستقبض بك الفخاخ."
وبهذا، أنشأت كولوسيوم تحت أرضي لا مهرب منه.
"التجول في الليل لن يجديك نفعًا يا كاميجو. جميع المواقع السياحية الرئيسية مغلقة. ولكن إذا أخذت حمامًا دافئًا ولطيف ونمت تحت لحافٍ طري، فسيأتيك الصباح مسرعًا. لا تقلق. سأبقي كل الأشياء المخيفة بعيدةً عنك."
"..."
"هيي هيي هيي. ما رأيك أن نبدأ بعلاج ساعتك البيولوجية التي اختربت من الرحلات؟ وإذا احببت، يمكنني أن أغني لك تهويدة."
إيزيس–ديميتر.
لماذا ظهرت مباشرة عندما كان بإمكانها وضع "برج" في أي مكان تريده والهجوم من أي اتجاه؟ حتى أنه من الممكن أن تكون الإلهة نفسها قد خرجت إلى السطح.
الجواب كان بسيطًا.
بينما كانت أليستر مستلقية بلا وعي على الأرض، كانت تحمل نباتًا في يدها. كانت الإلهة قد زرعت النباتات كعيون وآذان لها وهذه كانت احداها. قامت أليستر بنزع جميع نباتات الحواس التي كانت تغطي هذا المكان الكبير. لقد خلقت صندوقًا أسودًا يُجبر إيزيس–ديميتر نفسها للخروج شخصيًا.
لقد تركت خلفها فرصة.
كاميجو لا يمكن أن يدعها تذهب هباء.
"(هل هي تمويه، أم أنها تشن هجمات متعددة في نفس الوقت؟ كن حذرًا يا إنسان. أصابعها الزيتونية بالفعل ملفوفة بعدة كروم من العنب.)"
كاميجو نظر نحو الأمام بينما كان يستمع إلى نصائح أوثينوس الهامسة.
"...أورسولا أكويناس..."
"نعم. رجاءًا استمتعوا بلندن، مدينة الضباب والسحر والشاي."
لم تكن ابتسامتها المتواجدة على وجهها تتناسب مع الوضع.
الصليب على صدرها تمايل قليلاً، كقلبٍ محبوس.
كانت النباتات الملونة متشابكة حول الهالة التي خلفها وقُذِف عددٌ لا يحصى من الكروم بقوة غريبة تشبه إندفاع الأحشاء.
- الجزء 7
منذ البداية، ربما لم يحظى كاميجو توما بفرصة كبيرة ضد أورسولا أكويناس حتى في مواجهة مباشرة. وماذا لو فقدت أفضليتها في السماء؟ عندما تقوم بلف النباتات الملونة كقوس قزح حول الهالة خلفها، ستستطيع أرجحت العديد من الكرمات النباتية الشبيهة بالبليزوصور.
أتت ضربة أفقية.
كانت الدومينو التي عمل الجميع بجد لترتيبها قد ضُرِبَت بلا رحمة. اخترقت إحدى "البليزوصور" العديدة الأعمدة الحجرية التي تدعم الفضاء الواسع أثناء أرجحتها نحو جسم كاميجو.
تدفقت كرمات خناق الذباب ككتلٍ أو فقاعات وفتحت جميعها مثل العذراء الحديدية.
"آااااااههههههه!!!؟؟؟"
لم يتمكن سوى من الصراخ والتلويح بيده اليمنى.
ذبلت الكتل الملونة من النباتات اللاحمة وتمزقت وطارت عند اتصالها بيده اليمنى، لكنه لم يستطع أن ينسى أن اثنتي عشرة منها قد انبثقت من الهالة. هل سيؤثر حقًا على المعركة ككل إذا ماتت واحدة أو اثنتين منها؟
"إثنتي عشرة؟"
"لا تنخدع! انظر إلى النوع وستراهم جميعًا هجومًا واحدًا! يمكنها فعل كل ذلك فقط لفتين حول إصبعٍ واحد!!"
انفجر صوت باهت.
واحدة تلو الأخرى، تسارعت ثلاثة "بليزوصورات" مثل اللكمة المستقيمة في الملاكمة. بعد أن تجنب اثنتين وطرد الثالثة بيده اليمنى، وصل واحدٌ آخر على طول قوس كبير.
فشل في التنبؤ بهذا.
بمصطلحات الملاكمة، كانت تدعى لكمة خطافية. لا، كانت ضربة للجسم تستهدف جانبه. تجنب بالكاد أن يُعض من قبل بعض الأوراق التي تشبه فخ الدب، لكنه لم يستطع تجنب الاصطدام. أرسلت الضربة القوية كاميجو توما ليطير كورقة حملتها الرياح.
انفجر صوت كشط باهت من ضلوعه وأُخرِجَ كل الأكسجين من رئتيه، لذلك لم يتمكن حتى من الصراخ. ارتد وتدحرج على الأرض الخرسانية. ورغم ذلك، فقد اُعتُبِرَ محظوظًا إذ أنه لم يجد "انحناءات" تثير القلق. لو ازداد هذا الهجوم قوةً، لهمش جذعه كما حدث للأعمدة الحجرية.
"آه... بهاه، بواهاهه...!!"
تدحرج وحاول بيأس التنفس، لكن لديه مشاكل أكبر للقلق حيالها.
لم تكن أورسولا قد انتهت بعد من هجماتها الأولى.
"أوه، إلهي."
بصوتٍ غير مكترث، نظرت الفاتنة الجذابة إليه.
تأرجح الصليب على صدرها.
فعلت ذلك بينما كان هو مستلقي بوجهه على الأرض. كانت هذه الجميلة الشقراء المزينة بالحرير والذهب تقف رأسًا على عقب على السقف المنخفض. لابد أن صوت السحق كان نابعًا منها وهي تدوس على القماش الأزرق المانع للمطر.
الطيران. يسار – 3. لم تتخلى عن ذلك الخيار.
أُطلِقَت كرمات خناق الذباب اللاحمة الباقية من الهالة خلف ظهرها. قد يكون هذا مثل الاقتراب إلى مدى قريب قبل إطلاق النار لزيادة الضرر الذي تتسبب فيه البندقية. بالطبع، لا يمكنه إيقاف كل الهجمات السبع التي تقترب بيده اليمنى الواحدة.
"تجنبها يا إنسان!!"
"...!!!؟؟؟"
لم يستطع إلا أن يتدحرج بيأسٍ إلى الجانب. واحدة تلو الأخرى، اخترقت حزم الكروم الكثيرة الأرض الخرسانية بحثًا عنه. وقد أحدث ذلك خطًا متقطعًا من الدمار، شبيهًا برذاذ نيران مدافع فولكان الرشاشة.
بالنسبة لأورسولا أكويناس، كانت تلك حركة واحدة.
يمكن لرمز كرمة العنب الملفوفة حول شجرة الزيتون أن تأخذ أشكالًا لا حصر لها.
لابد أنها شعرت بأنه لا حاجة إلى إنهاء الأمور بسرعة. أو بالأحرى، كان من غير واضح ما إذا كانت حتى تدرك أنها تقاتل. كيف بدى العالم في ناظري هذه المرأة المبتسمة التي كانت تكشف الكثير من بشرتها البيضاء؟
"أورسولا!!"
"يسار – 8؟ لا تزل حذرك يا إنسان! هذا رقمُ لُفةٍ جديد!!"
حتى لو حاول الهجوم في اللحظة التي هبطت فيها، فإن الأوراق العملاقة لدرع نبتة الرافليسيا حالت [6] من حركته.
بالطبع، لم ينته الأمر هنا.
"هيي هيي هيي."
بينما حوَّلت أورسولا من نظرها ببطء نحوه، بدا وكأن السقف المنخفض ينشق ويتدلى منه العديد من الكائنات العملاقة.
أحضرت الراهبة الضاحكة يديها معًا أمام صدرها. حافظت على فجوة صغيرة بين راحتيها بلمس أطراف أصابعها فقط مع حبال العنب الذهبية ملفوفة حول تلك الأصابع.
(ماذا؟ يمين – 6 ويسار – 7 ؟!)
"ما رأيك أن أقودك إلى مكان آخر؟ نعم، ما رأيك أن نترك هذا المكان المظلم ونتجه نحو السطح؟"
الرمان وبلسم الحديقة.
تضخمت الفواكه العملاقة أكبر من أورسولا ثم انفجرت كألغامٍ اتجاهية.
لم يكن هناك مجال ليده اليمنى.
مئات "الرصاصات" الصغيرة غطت ليس فقط نقطة أو خطًا ولكن سطحًا كاملاً. ضربوا جسم كاميجو توما بأكمله كحائطٍ اصطدم به.
"يا إنسان، أيها الأحمق!!"
اهتز الفتى ذو الشعر الشائك بينما تدحرج على الأرض وصرخت أوثينوس الصغيرة التي كانت تتشبث بملابسه في وجهه.
"لماذا تحميني وأنا لا أستطيع حتى القتال؟! بالإضافة إلى ذلك، لن يكون لدي أملٌ إذا هُزِمت بسهولة!!"
لم يستطع كاميجو حتى النهوض، لذلك يمكنها الاحتجاج طوال اليوم ولن تأتيه فرصة لإعادة الموقف. حاول الفتى بيأسٍ تخفيف تشنجات جسمه حيث ارتفعت قدمي الفاتنة الشقراء عن الأرض الملمسة بالخرسانة مع ابتسامتها اللطيفة لا تزال على وجهها.
حول الهالة الذهبية خلفها تشابكت الكرمات الملونة. مختلطة. وفي حين أنها غير قادرة على مواكبة العلامات المتزامنة المتعددة، عبست أوثينوس عن تألم وكأنها تعاني من صداع.
"...فكر."
لكن في مثل هذه الأوقات، كانت إله الحرب والسحر سريعة في تغيير قطار أفكارها.
بغض النظر عن مدى عنف ضوضائها العاطفية، استمرت أفكارها الرشيدة كعادتها.
"فكر يا إنسان!! ما هو دور العنب؟ ما هو دور الزيتون؟ لا يمكنك خلق شيء من لا شيء، لذا يجب أن يكون هناك سر في قوتها. لابد أن تلك الفتاة قد أخذت شيئًا ذو قيمة مساوية. هل يمكننا حقًا السماح لذلك أن يحدث؟ لن تستطيع أليستر إنقاذ ابنتها، وقد أُخِذَ شيءٌ من تلك الفتاة البشرية، وأنت ستموت ببساطة دون أن تتمكن من فعل أي شيء، وسأكون وحدي مرة أخرى. ...لن أسمح بذلك أبدًا. لن أسمح أبدًا بأن يسير كل هذا تمامًا كما أراد ذلك الشيطان العظيم!!"
"..."
هذه الكلمات هزت شيئًا داخل كاميجو وهو يستلقي متهاويًا على الأرض.
توقفت الرجة في أطراف أصابعه للحظة.
هذا سمح له بفرك رأس مُتَفهِّمَتِه الصغيرة التي كانت تتشبث بمعطفه وتنوح.
"إنسان...؟"
كان هناك شيء أزعجه.
لا شك في أن الخليط الإلهي كان قويًا. يمكن أن تفعل آيزيس–ديميتر هذا بمفردها، ولكن كان هناك أيضًا رع–زيوس، أوزيريس–هادس، تفنوت–آرتيميس، وادجيت–ليتو. ماذا كان سيحدث إذا تم دمجهم جميعًا بشكل صحيح مع مضيف بشري وإرسالهم للقتال؟ بغض النظر عن عدد الكراولي الغزاة، لأمكنهم سحقهم جميعًا حرفيًا دون أن تسقط قطرة عرق.
ولكن لم يحدث ذلك.
وفقًا لليسَّار وبيردواي اللتين تم تعيينهما كساعِيَّيْن، أدت العجلة وسوء الفهم إلى إزالة الخلائط الإلهية من المتحف البريطاني دون استخدامها بشكل صحيح. كانت متصلة بخطوط لاي في الأرض بدلاً من مضيف إنسان وتم التعامل معها بهيئة غير كاملة.
إذن.
في هذه الحالة.
"...ما الذي كان... خطئًا...؟"
حتى الآن، كانت المزيد والمزيد من الكرمات الملونة تغطي الهالة العملاقة خلف ظهر أورسولا. تمامًا كما لو كنت تراقب تعبئة رسم بياني دائري ببطء ويقين. استمرت النباتات اللاحمة في التحميل، كقوسٍ يتم سحبه إلى الحد الأقصى. لا، كان هناك العديد من الخيوط الذهبية المتشابكة حول أصابعها. كان من الممكن أنها كانت تهاجم أيضًا بعض الأشخاص الواقعين في مكانٍ آخر.
من المحتمل جدًا أن تكون هذه مدمرة. ضربة واحدة وستنتهي اللعبة.
سيُحطم كاميجو توما إلى قطع.
"لماذا تشتهي الخلائط الإلهية البشر تحديدًا؟؟؟"
السحر ليس مجال كاميجو، ولكن هناك شيئًا يمكنه أن يتصوّره هنا. عند مقارنة القوة التي تجري في جسم إنسان والقوة التي تجري في الأرض، سيبدو الأخير أقوى. ومع ذلك، اختارت آيزيس–ديميتر الأولى. لماذا؟ وعلى عكس أغنيس أو لوسيا، لم تتخصص أورسولا أكويناس في القتال.
هذا يعني أن هدفها ليس قوة الطاقة التي ستحصل عليها.
ليس أملًا في الحصول على دفعة قوة كما في القديسين مثل كانزاكي كاوري أو أكوا الخلف، أو الآلهة السحرية مثل أوثينوس أو نِفثيس.
"أوي، أورسولا."
"نعم؟"
"لماذا أنتِ هكذا؟"
"مم؟ أهناك ما هو غريب بي؟ يمكن أن يمر قطار عبر نفق المترو هذا في أي وقت، لذا أليس من الطبيعي ترغب في الانتقال إلى مكان آخر وتجنب هذا الخطر؟ إذًا، ما رأيك بالصعود إلى السطح والذهاب إلى مسكن النساء؟"
أمالت رأسها ببطء وكانت هذه الحركة سببًا في تأرجح الصليب عند صدرها.
لم تبدو أورسولا تتسائل حول عُريها الكامل أو أفعالها القاتلة. قد تكون الروابط في رأسها قد تم تعديلها لإنشاء نوع من التناسق المتناقض هنا.
نعم، وكان لديه سؤال حول ذلك.
لم يكن لدى كاميجو توما معرفة دقيقة بالوضع الذي دفع أورسولا أكويناس إلى استخدام إيزيس–ديميتر. ولكن إذا لم تكن قد تم استخدامها بالقوة كأضحية حية، فإنها قد فعلت ذلك بمحض إرادتها الحرة لمقاومة مخاطر الكراولي.
في هذه الحالة…
لماذا وكيف تشوهت وجهة نظرها؟ إن هذا كان مختلفً تمامًا عن أي. أو. فرانسيسكا التي تم التحكم بها بالقوة وأُمِرَ بإلحاق الأذى بأشخاص لا ترغب في محاربتهم. كان أيضًا مختلفًا تمامًا عن إنديكس التي كان لديها آلية دفاعية ذاتية تهدف إلى حماية مكتبة السحر. يفترض أن لدى أورسولا أكويناس إرادة للقتال، لذا لماذا تشوه عقلها؟
بالإضافة إلى ذلك، كانت هناك كلمات من بعض الكائنات المتعالية.
قالت أليستر كراولي إنه لم يكن جسديًا.
قالت أوثينوس إنه لا يمكنك خلق شيء من لا شيء، لذا لابد من أنها اتخذت من شيء ما له قيمة مساوية.
"..."
ربما كانت كلها موَّجهة نحو إجابةٍ واحدة.
وإذا كان كل ذلك متصل بخط مستقيم دون أي إضاعة...
"لا يمكن أن يكون."
خليط. أطلقت أورسولا أكويناس اثنتي عشرة هجومًا ملونًا متتاليًا.
- الجزء 8
حَنَّت أغنيس سانكتيس إلى التحرك.
ركضت خارج البوابة الرئيسية للمتحف البريطاني، ولكن الكارثة لم تكن مرئية في أي مكان.
هل طارت إلى سماء الليل أم هبطت تحت الأرض؟
كانت لندن بالفعل غير مستقرة مع المشهد المصري الخيالي المختلط، ولكن هزة باهتة أخرى هزت المدينة من الأسفل. حافظت أغنيس على توازنها وألقت نظرة حتى رأت سيارة رباعية الدفع متوقفة حيث لا ينبغي.
"هِاااي!"
"إيييككك؟! ماذا، ماذا؟! اللغات الأجنبية تخيفني!"
بالنسبة لـ هامازورا شياغي، الذي كان يضغط على الباب الجانبي للسائق بعد مغادرة السيارة، لم يهتم ما إذا كانت فتاةً صغيرة. كان حاجز اللغة إلى جانب النظرة التهديدية كافيًا لتخويفه.
"هل رأيت... أمم، كيف أصوغها؟ هل رأيت امرأة هنا؟! امرأة متألقة ترتدي ثوبًا مثل إلهة وثنية!!"
"أنت تتحدثين بسرعة كبيرة جدًا!!!!!!"
عندما خذله ذكاءه، لم يتبقى له سوى الصراخ بدموع.
وعندما اقتربت الراهبة أغاتا ذات النظارات ولاحظت المشهد الكارثي، تدخلت بسرعة.
"من فضلك، انتظري، أيتها الأخت أغنيس! قد يبدو، امم، متخلفًا للغاية، لكنه رغم ذلك أنقذ حياتنا. بدونه، لقضت مخاطر الكراولي علينا. لا يمكننا معاملته بالسوء هكذا !!"
"أررغغ، الأخت أورسولا تبتعد أثناء حديثنا...!!"
"الحذر هو أكثر ما نحتاجه وقت العجلة! أليس من الأفضل أن نتأكد من حصولنا على معلوماتٍ دقيقة؟"
في هذه الأثناء، لم يستطع هامازورا شياغي سوى أن يرتعش مثل حيوان صغير.
كان واثقًا من أنه سيُبلل نفسه في هذه اللحظة.
"ما هذا؟ أنا في بلد غير مألوف ومحاطٌ بالأجانب وهم يناقشون شيئًا بلغة أجنبية. إنه مخيف للغاية. هل يتحدثون عن ما إذا كانوا سيسلقوننا أم يقلونا؟"
وحينها.
...لو نظروا في النافذة الخلفية للسيارة ذو الدفع الرباعي ورأوا المرأة الملفوفة بالضمادات والفتاة بالفستان الصيني القصير مسترخيتين هناك، لربما كان سيتغير مسار أغنيس وأغاتا بشكل كبير.
ولكن سواء كان ذلك للأفضل أو للأسوأ، لم يخترهم القدر.
أولاً، ركضت أغاتا نحو الحيوان الصغير هامازورا، مما جعل تاكيتسوبو ذات البدلة الوردية والسترة تحدق به بصمت.
نقرت أغنيس لسانها بهدوء ونظرت إلى سماء الليل. بناءً على من كانوا يبحثون عنها، فإن البحث البسيط في الشوارع الظاهرة لن يكون كافيًا. كان من الممكن أنها كانت تُحَلّق ببساطة.
لم تستطع أغنيس تجاهل هذا.
فَهِمَت بألم، بألم، بألم جيدًا.
عندما رأوا جميعًا إيزيس–ديميتر في ذلك الوقت، كان هناك فعلاً بعض الحركات المختلفة. رأت أغنيس حركة من أوريانا تومُسون، وهي ساعية لا تمتلك إيمانًا حقيقيًا يذكر، وأورسولا أكويناس، التي شعرت بالدافع نحو ذلك بشكل خاص لأنها كانت جزءًا من الشخصيات الغير قتالية.
وكانت هناك أيضًا أغنيس نفسها.
إذا لم يتطوع أحد آخر، كان عليها أن تفعلها بنفسها، على الأقل هكذا رأت الأمور. قادت تلك الفتيات ال 250، لذا لا يمكنها فرض ذلك على لوسيا، أنجيليني، أو الآخرين في نفس البيئة. ولكنهن لا يستطعن أيضًا ترك إنجلترا التي قبلتهن. إذا كان استخدام إيزيس–ديميتر هو السبيل الوحيد لحماية ما تعتز به، لاستخدمته أغنيس بالفعل. حتى وإن كانت قِيَمُها كراهبة تُحرم عليها ذلك.
كان الفارق طفيفًا في التوقيت.
لو اختلف أي شيء بشكل طفيف، لربما كانت أغنيس سانكتيس أو أوريانا تومُسون هي من استخدمتها.
وهكذا...
(لا أستطيع أن أفرض هذا عليها...)
رصَّت أغنيس أسنانها لأنها لم تملك دليلًا أو تلميح يساعدها في البحث.
(إذا كان هذا حدثًا غير طبيعي مدعومًا بشيءٍ ما، لا يمكنني فرض كل شيء عليها وحدها!! إنني أفهم. حقًا أفهم. إنني أفهم تمامًا مدى ثقل وألم هذا الضغط، ولهذا لا يمكنني السماح بحدوث ذلك!!)
"هامازورا". قالت الفتاة الشاردة ذات الشعر القصير شيئًا باللغة اليابانية. "إذا لم يكن هناك شيء نقوم به، فربما يجب أن نهرب."
وفي تلك اللحظة، قُذِفَت بوابة معدنية على الطريق مباشرة إلى الأعلى. ربما كانت غطاء لفتحة مترو الأنفاق. سقط هامازورا المرعوب وأمسكت أغاتا ذات النظارات به في ذراعيها لحمايته. ومن ثم... ارتفع شيء ببطء من تحت الأرض. كان شكله العام يشبه جسمًا ذا وجه وأربعة أطراف، ولكن رأت أغنيس فورًا أنه عبارة عن مجموعة من الأحشاء الملونة. الرائحة الحلوة بشكل غريب جعلتها تشعر بالغثيان، لكن نظرة أقرب جعلتها تبدو وكأنها خليط معقد من تجمع النباتات اللاحمة مثل نبتة خناق الذباب والندية.
"إييك!"
حاول هامازورا شياغي قول شيء في أحضان أغاتا الحامية.
ثم أطلقت أغاتا صرخة.
"أيتها الأخت أغنيس!! أرجوكِ اهربي!!"
ماذا كان في قلب أغنيس سانكتيس في تلك اللحظة؟ هل فكرت أنها قد وجدت أثرًا قد يقودها إلى أورسولا أكويناس؟ أم أنها فكرت أنها لا يمكنها السماح بأن يقتل شيءٌ متصلٌ بأورسولا أكويناس مدنيًا؟
حتى هي لم تعلم.
فتحت نباتات خناق الذباب اللاحمة أفواهها واسعة وتحركت لابتلاع رأس أغنيس. انفتحت احدى تلك الأفواه الشوكية بقوة كافية لابتلاعها حتى الخصر وقطعها إلى نصفين.
بلحظة لاحقة، حدث شيء.
كان هناك صوت انفجار جاف.
"إيه...؟"
كانت أغنيس هي التي أطلقت تلك الأصوات المندهشة.
للحظة قبل أن يلامس فم النبات اللاحم العملاق بشرتها الناعمة، تم صدُّهُ على ما يبدو بحائطٍ غير مرئي ودفعه إلى الوراء. استقبل كل الضرر، تمامًا كما لو كان إنسانًا يحاول أن يعض في كتلة خرسانية.
ولكن أغنيس سانكتيس لم تفعل أي شيء بنفسها.
ليس لديها الإماجين بريكر ككاميجو توما.
إذن ماذا حدث؟
- الجزء 9
"كك."
صدى صوت جاف يتردد في نفق المترو.
أطلقت أورسولا أكويناس سلسلة هجمات متسارعة من الهالة وراء ظهرها.
لا يمكن ليد كاميجو اليمنى التعامل مع جميعها، ولكن لم يكن هناك جروح جديدة على هذا الفتى الذي لم يستطع حتى النهوض من الأرض.
"...ما...هذا...؟"
من انقطع نفسها كانت أورسولا.
صُدَّت كل تلك الهجمات المميتة بواسطة قوةٍ مجهولة.
"ها؟ لا، ليس هناك حاجة للتفكير. لا بأس. لا بأس. نعم، يجب أن أدعوه لهنا. بما أنه قطع كل هذه المسافة من اليابان..."
حدث شيء غير عادي.
بدا وكأن وعيها يرتفع وينخفض ككرة تطفو في المحيط المضطرب.
لم يكن من الواضح كيف أدركت ذلك، لكن أورسولا أكويناس أمالت رأسها ببطء بينما كانت تطفو على مسافة قصيرة.
ظهر شيءٌ للعيان. قد يكون نتيجة لجهود كاميجو توما وقد يكون إنجاز شخصٍ آخر "يقاتل" في موقعٍ تمامًا مختلف.
على أي حال، شيء ما ظهر عند أطراف أصابعها للحظة فقط.
...خمسة.
"لا يمكنك... أن تستمري هكذا."
أجبر كاميجو توما جسده الذي كاد يكون مكسورًا تقريبًا على الحركة ووقف ببطء. كان تنفسه ضحلًا، ولكنه لم يكن ميتًا بعد. وإذا كان على قيد الحياة، كان هناك شيء يمكنه فعله.
"يا إنسان؟"
"كنت اعتقد أنه يبدو معقدًا بشكل غير ضروري. لماذا ستقبل إيزيس–ديميتر بأورسولا التي ليس لديها قدرة على المقاومة؟ وكانت قد قررت بالفعل القتال، لذا لماذا تعبث بوجهة نظرها هكذا؟ ولكن كانت هذه هي الطريقة السيئة للنظر الى الأمور."
ظلَّ رأس أورسولا مائلًا بينما انشقت الأرض تحت قدميها. كانت الخيوط المتشابكة حول أصابعها النحيلة تحمل ستة لفّات على اليد اليمنى وسبع لفّات على اليد اليسرى. لقد رأوا ذلك من قبل. تدفقت المزيد والمزيد من نبتة الرمان العملاقة وبلسم الحديقة وكبرت مثل الفقاعات. كان هذا الانفجار هو ما دفع كاميجو الى حافة الموت تقريبًا.
لكن الأمور كانت مختلفة هذه المرة.
حتى عندما انفجرت أمامه وقذفت العديد من "الرصاصات" نحوه، لم يكن الفتى بحاجة حتى إلى رفع يده اليمنى بينما كان واقفًا بثبات على قدميه. أو ربما كان من الأفضل أن نقول أنه لم يشعر بالخوف منها.
كانت تقريبًا حربة البازوكا بالمعنى الحرفي.
"لم تكن جسدية."
بدأ باستعارة كلمات أليستر كراولي.
وبعد ذلك...
"الخليط الإلهي لا يمكن أن يكشف عن قوته الحقيقية بينما يكون غير مأهول. كان بحاجة إلى رابطة مع أحدٍ ما."
"...انتظر يا إنسان. إذن هكذا يكمن سرّها. كل هؤلاء الخلائط، رع-زيوس، أوزيريس-هاديس، تيفنوت-أرتميس، وادجت-ليتو، كانوا عبارة عن مقارنات قام بها الإغريق دون الاهتمام بالأساطير المصرية الأصلية. لم يكن لديهم أي نية لدراسة وتعلم ثقافةٍ أجنبية ولم يكن لديهم أي نية لقبول هذه الآلهة الجديدة التي اكتشفوها. منذ البداية، كانت هذه الخلائط الإلهية عناصر روحية تضمنت تمزيق التحيز والتصور المسبق!!"
سُمِعَ شيءٌ يقطع الهواء مُنطلقًا.
يمين – 8 . عدة سياط عنكبوتية قامت بهجمات أفقية حول أورسولا أكويناس. "انحنت" هذه الهجمات لتُكَوَّن قوةً أكبر تمزق بها القماش الأزرق السميك والعمود الحجري وحتى ناطحة سحاب.
ومع ذلك.
ومع ذلك.
لم يرفع كاميجو توما يده اليمنى. لم يكن هناك حاجة عندما يكون هجوم أورسولا عديم المعنى. ضربت شظايا محطمة جسده، ولكن السياط نفسها مرت فوق رأسه.
وهذا ما حدث:
"رفضٌ للفهم. تعصب. تأخذ الخلائط الإلهية عداء شخصين تخلى كلٌّ منهما عن الآخر وتحوله إلى هجومٍ جسدي."
"أوه. حسنًا، إذا قلت أننا لا نفهم بعضنا بما فيه الكفاية، فلماذا لا نتحدث بصبر حتى نتفهم؟" قالت أورسولا. "والآن، ماذا سيكون؟ أسنلعب الشطرنج أم نحل لغز الصور المتقاطعة لنُعمق فهمنا لبعض؟ أسيكون من الأفضل أن نقضي على هذا الحرج الغير مبرر قبل ذهابنا لمسكن النساء؟"
"كما قلت! قد نستخدم نفس الكلمات وندعي أننا نفهم بعضنا، ولكن كلما اختلفت الأفكار في رؤوسنا، كلما اكتسب هذا العنصر الروحي المزيد من الحرية!! تمامًا كتاريخ البشر الطويل في القتال بسبب كلمات اتفق عليها الجميع: الحرب، السلام، الحب، الهدوء، المستقبل، والازدهار!!"
لم تفهم أورسولا، التي كان جسدها الجذاب مغطى بالحرير والذهب، ما كان يقصده. فقط مالت رأسها كالطفلة.
"بناءً على تلك النظرية، سيكون مثل مولد أو مكثف... لا، ربما يكون المحول أقرب،" قالت مُتَفَهِّمَة كاميجو الصغيرة من على كتفه. "وأعني ذلك النوع الذي يتعامل مع التيارات الكهربائية، وليست الروبوتات."
كان الأمر حقًا مختلفًا.
بين كاميجو وأورسولا وبين كاميجو وأوثينوس.
ربما لم يملك الفتى دليلًا على ما قاله، ولكن ذلك لا يعني أنه لا يستحق الثقة. فبعد كل شيء، كانت أوثينوس موجودة لتؤكد على كلامه.
لم يكن لينجح بهذا الشكل لو أن متفهمته قررت ألا تثق به وتبقى بجانبه.
تشبثت أوثينوس بحجم راحة يده على سترته وواصلت حديثها.
"يغير الجهاز تيارًا كهربائيًا عن طريق تمريره عبر لفتين متصلتين بأحجام مختلفة، ويفعل هذا الشيء ذاته مع قوى الحياة المتداولة بين شخصين. فكر بها كاللفائف حول أصابع يدها اليمنى واليسرى. بالطبع، ذلك لا يعني شيئًا مباشرًا من حيث الهندسة الكهربائية، ولكنه مدرج في رمزية كرمة العنب الذهبية وفرع الزيتون البشري. بهذه الطريقة يمكنه ضبط الطاقة وتحويلها إلى الهجوم الذي يناسب الوضع بشكل أفضل."
إذا كانت هذه النظرية صحيحة، فإن أورسولا لا تطلق الهجمات بوعي؛ بل يتم إطلاق الهجمات تلقائيًا بسبب التناقض في حجم اللفائف. كل ما يمكنها فعله هو تغيير عدد اللفائف وإلحاق الضرر بخصمها بواسطة الكلمات الضارة أو الأفعال المباشرة.
لم يكن واضحاً ما إذا كانت أورسولا أكويناس قد نَوَت الهجوم.
لاستخدامها لهذا الهدف المدمر، كان هناك شيءٌ آخر ألزمها في اختيار الهجمات.
“من ناحية أخرى، فإن ترتيب اللفائف المتطابقة يكون عديمًا للمعنى خارج بعض التطبيقات الخاصة. لأنه عمومًا مثل تغيير نسبة التروس في السيارة. ...إنه يجعل المستخدم يتحاور مع الهدف بحيث يُجبره على فقدان الأمل. وسيعتقد أن الشخص الآخر لا يستمع. تعتبر الخلائط الإلهية عناصر روحية ذواقة للغاية وغير مريحة إذا كان بإمكانها فقط امتصاص الطاقة التي تم ضبطها على "جهد" معين بواسطة المحول السحري. سأعترف على الأقل بأن تأثيراتها تستحق تلك الأنانية."
لا.
يبدو أن هذا يصل أيضًا إلى أورسولا أكويناس. قالت أليستر إن حركات عينيها تشير إلى أنها تستطيع إدراك المحفزات الخارجية. وقد قالت أن هذا ليس تنويمًا.
كان يصل الى أورسولا، ولكنها ترفضه.
هذه هي الحالة التي رغب بها الخليط الإلهي.
إنشاء محول عملاق، ضبط كل تلك الطاقة كما يحلو لها، وإنتاج قوة تدميرية مباشرة. كان يدوس على العقل البشري ليستفيد بكل برود.
"...إذا فهذه هي الحيلة التي خبّئها الإنجليكان،" قالت أوثينوس بانفعال. "أتوقع أن كورونزون فهم كل هذا وأخفاها كألغامٍ أرضية. خُبِّئوا كقتلة للكراولي. لو استُخدموا في وقتٍ سابق، فإن الهالوين البريطاني، والحرب العالمية الثالثة، وخاتمة كل ما يتعلق بالغريملين قد اختلفت تمامًا.”
لم يكن للفتى سوى الاعتماد على إلهامه الشخصي، ولكن معرفة متفهمته دعمت نظريته. عنى ذلك الكثير أن يكون هناك طرف ثالث، ألا يكون وحيدًا، وأن يكون مقبولًا من قبل شخص ما.
كانت تدعمه.
لذلك اِتّهم كاميجو توما شخصًا آخر غير أورسولا أكويناس مباشرةً.
“في تلك الحالة، الطريقة الوحيدة للحفاظ على هذا المحول السحري سليمًا كانت بمنع وصول كلماتي إلى أورسولا! إن إيزيس–ديميتر نفسه ليس سوى جهازًا بدون تحيز ولا تحامل. وجهة النظر البسيطة هذه لا تكفي.
مهما كان مقدار الطاقة التي امتصتها من خطوط لاي أو أي شيء آخر، فستضيع كلها هباءًا إذا لم يكن من الممكن ضبطها إلى القيمة المناسبة! لذلك قمتَ بهذا! احتاج إيزيس–ديميتر إلى إنسان، لذا قام بتشويه تصوّر أورسولا حتى وإن قررت بالفعل القتال!! لم تُحَيِّطها بالشر، بل ضبطتها في موقف لجعلنا نعتقد أن هناك شيئًا خاطئًا فيها عندما نراها!!"
"لا، ليس هناك خطبٌ في تصوّري. أستطيع أن أرى كل شيء تمامًا. الآن، لا حاجة للحديث عن السحر. الجميع في انتظارنا في مسكن الفتيات، لذا دعنا نقيم حفلة عيد ميلاد مبكرة ونستمتع قليلاً."
تحدثت كما لو كانت أمًا لطيفة أخذت لتوها سكينًا من يد طفلها الصغير الذي كان يحاول مساعدتها في الطهي.
في الظروف العادية، كانت رؤيتها على ما يرام.
زارها أحد معارفها، لذا ربما لم يكن هناك أي خطأ في تنحية كل ما يتعلق بالكنيسة الأنجليكانية ونيسيساريوس جانبًا للاستمتاع بالسياحة في إنجلترا بدلاً من ذلك. ولكن هذه ليست ظروفًا عادية. ألا تستطيع أورسولا أن ترى أن لندن قد تحولت وأن أليستر قد ضُرِبت ضربًا شديدًا؟
هل انحرفت أفكار أورسولا إلى حد رؤيتها لكل هذا وتجاهله؟
تنهدت أوثينوس بإحباط من كتف الفتى.
"...حسنًا، يمكنني أن أرى لماذا سقطت المتعجرفة أليستر كراولي أولاً. عندما كتب الصحفيون أنواعًا مختلفة من الانتقادات التي لا أساس لها عنها، عادت تلك الشخصية الغريبة لتصبح بالضبط الشريرة كما وصفوها، وحتى انها استمتعت بإرهاب الناس بهذه الهوية. هي لم تبحث أبدًا عن فهم أو تسامح من الآخرين. إذا كان المحول الداعم لـ إيزيس-ديميتر يعمل بشكل أفضل كلما ازداد الانقسام بين شخصين، فإنه بالفعل سيكون أكبر قاتلٍ للكراولي. بغض النظر عن ما يمكن أن يفعله أي شخص آخر، لن تتمكن أبدًا من قبوله!"
"333... والتشتت؟ العبارات المتعلقة بذلك الشيطان من السهل نسيانها جميعًا."
"رقم كورونزون وجوهره. هاا هاا! فهمت، فهمت. إن هذا مُعَدًا جيدًا. ظننته غريبًا أن تظهر هذه الآلهة الأجنبية بشكل مفاجئ، لكن كله يتلاقى هناك. مزيج الأساطير بالكاد يهم. ما المهم حقًا كان المحول السحري الذي يستخدم أجسام البشر كلفائف ويثبت قوته كلما زاد الاختلاف بين اثنين. رمزية العنب والزيتون جعلتها تبدو وكأنها جهازٌ واحد، لكن هذا لم يكن سوى الجوهر السخيف لذلك الشيطان العظيم الذي يعيق روابط العالم!!"
- الجزء 10
ربما كان هذا هو السبب.
ظلت أغنيس سانكتيس هناك في حالة ذهول لفترة من الوقت.
كان لديهم عدد قليل جدًا من الأمثلة للتَّيقُّن بينما تحولت لندن لمسرح خط الدفاع وتكتيكات التأخير. لم يكن هذا كافيًا ليخاطروا بحياتهم. كانت تعلم ذلك. ولكن الراهبة الشابة لا تزال تتحدث وهي تواجه تلك الكتلة من النباتات اللاحمة التي مُزِّقت وبُعثِرت بعيدًا لوحدها.
"لو لم نتخلى عنها..."
لا يمكنها حتى أن تسميها بنظرية.
ولكن كلماتها كانت لا تزال حاسمة.
"لو لم نراها كوحش ولم نفقد رؤية ابتسامتها العادية... فلن يكون هنالك ما يدعو للخوف؟"
لم تكن هناك تلميحات.
لم تكن أورسولا أكويناس أمامهم.
ولكن بشكل غريب، وجدت أغنيس سانكتيس الإجابة الصحيحة، تمامًا مثل سحب بطاقتين متطابقتين فورًا في لعبة التركيز.
يمين—
- الجزء 11
بمجرد أن فَهِمَها، كان يجب أن يكون الأمر سهلاً.
لم يحتج كاميجو توما إلى أن يقبض يُمناه بقوةٍ هنا. بغض النظر عن ما فعلته أورسولا، لا يوجد شيء يستحق الخوف. في الواقع، كلما عارضها، وتخلى عن فهمها، وظن أنه سيكون من الأسهل احتجازها بالقوة، كلما زادت القوة من المحول الذي يستغل سوء الفهم بين اثنين. كلما استقرت تلك القوة، كلما كانت قادرة على التفوق عليه وكلما قَـلّت خياراته. سيرسل إيزيس-ديميتر قوة تفوق الكوارث الطبيعية.
إذن كيف له التخلي عن الحديث مع أورسولا فقط لأنها لا تستطيع رؤية ما يحدث؟
أكان من الصحيح الصمت فقط لأن أيَّما يقوله سيوسع الجرح؟
تبًا لذلك.
كيف لمثل هذه الخيارات المطيعة أن تصل لدرب التفاهم؟
"أورسولا..."
كان مخطئاً.
قد أساء الفهم.
وربما ضللته سابقة السيطرة الكاملة على أي. أو. فرانسيسكا، ولكن حتى ولو. هل كان كاميجو توما ليرفض خصمه حقًا قبل أن يتحدث معه ويحاول حسم كل شيء بالعنف؟ كان قد افترض أنه لن يغفر أحدٌ لأليستر كراولي حتى لو شرح معاناة هذا الإنسان. كان قد افترض أنه لن يفهم أحد حتى لو كشف سر لُولا ستيوارت. كان قد أقفل الجسر قبل أن يحاول حتى، نظر إلى صديقه المتعثر على الجانب الآخر من الوادي، وادَّعى أن هذا كله كان خطأهم. ألم يكن هذا هو النهج الخاطئ تمامًا؟
وضع يده على عمود مكسور ليدعم نفسه.
ليس لديه فكرة عن مدى استمرار هذا المكان الكبير. يمكن أن ينهار في أي لحظة.
ومع ذلك، نظر كاميجو توما مباشرةً إليها.
نظر إلى ذلك الرمز لحرب لندن الحالية التي شكّلها المحول السحري العملاق الذي ارتدى التعصب ورفض الفهم لكي يمزق كل ما اعتبره الناس عزيزاً.
"أورسولا، هذا يكفي. صحيح أنه سيكون من الصعب أن أسمي أليستر شخصًا جيدًا، لكن لا داعي للخوف. لن تأخذ إنجلترا منكِ. أليستر كراولي تريد فقط أن تنقذ ابنتها. وللقيام بذلك، تحتاج إلى العثور على سر مخبأ في لندن!!"
سار نحوها.
كان يترنح غير ثابت على قدميه. قد رأى فرصة، ولكن جروحه السابقة لا تزال قائمة. ومع ذلك، لا يمكن أن يخون نفسه في مثل هذه الأوقات. لقد عانى من فقدان الذاكرة وعاش جحيم إله السحر من معاناة لا تنتهي حيث فُتِّتَ جسده مراتٍ حتى فَقَدَ احصاءها، ولكن حتى بعد كل ذلك، سيستجيب جسده عندما يحتاج إلى التحرك وجمع قوته.
سيُنقذها.
عليه إنقاذها.
محولًا كان أم لفائف مُلَوّنة، فهو لن أسمح أبدًا بأن تقطع دائرة الفهم التي تعتز أورسولا بها كثيرًا.
لن يسمح بمزيدٍ من التناقضات.
إذا نُظِر الناس كلفائف مختلفة، واستُخدِمَ هذا الاختلاف لكسب القوة، فعليه فقط الاقتراب منها. بمجرد أن تتطابق حجم اللفائف، سيتوقف المحول عن العمل!!
ولذلك.
ظلّت أورسولا مُبتعدة وارتفعت قدماها العاريتين عن الأرض ووضعت سبابتها على ذقنها النحيف وتحدثت.
"مم، لست متأكدة من ماذا أقول لذلك. لا أعرف إلى أي مدى تعرف ذلك الشخص، ولكن بقولك كراولي، أتقصد ذاك الكراولي؟"
يمين – 8 ويسار – 2. لُوِّحَت العديد من نباتات الندية أفقياً وتحطم السقف عندما سقطت نباتات الجرة الحمضية. بعد ذلك، أتى اليمين – 7 واليسار – 5. شيء مثل الدود الأخضر العملاق حلق في الهواء ولوى بجسمه أثناء اقترابه. قد تكون نوعًا من أنواع نباتات [الساقية] أو [حامول الماء]. قدَّم كل هجوم نباتًا لاحمًا قاتلًا جديدًا إلى المتاهة الملونة. أخذ كاميجو نفسًا عميقًا تمامًا كما اندلع واحدٌ منهم من الأسفل ليضربه في منتصف المعدة. كان للنبات [الساقية] قوة لكمة خفيفة، لكن تمامًا كما اتجه تركيزه نحو يده اليمنى رغميًا، وجهت نبتة [حامول الماء] ضربة أفقية لترسل الفتى يطير. كان الأمر مثيرًا للشفقة. بعد قول كل ذلك، فقد فشل في التخلص من خوفه.
رفضٌ للفهم. تعصب.
عرف الجميع كلمات السلام والهدوء، لذا لماذا تؤدي هذه الكلمات إلى أفعال عدوانية هنا؟ لماذا كانت مُبتعدة كثيرًا عن كاميجو رغم رؤيتها لنفس الأشياء؟ هذا ليس أمرًا لا يُفهم أو مستحيلاً للفهم. كان عليه أن يقرأ ما يدعم أورسولا هنا. كان دافعها أكثر من مجرد غضب أو كراهية.
تأرجح الصليب بشكل غير مستقر على صدرها.
أمسك بالضوء وعكسه مثل دمعةٍ مُلقاة.
بدا وكأنه قلبٌ مأسور.
لا يمكن أن يكون هناك تغيُّـرٌ كبير داخلها. حتى لو مَدَّت يدها نحو هذه القوة العظمى، لا تزال أورسولا ترتدي هذا الصليب حول عنقها. لم تتخلى عنه بعد. لم تتلوث بعد. في أعماقها، لا تزال تحمل روح الراهبة المتدينة.
(إذن هكذا كان...)
"الخوف والقلق."
"نعم، ربما هذا هو الأمر،" أجابت أوثينوس بشكل فظ بعد أن صعدت إلى كتفه مرة أخرى. "لو كان طموحًا لتحقيق الهيمنة العالمية، فلربما استطاعت فقط كبت رغباتها، ولكن بخوفها لفقدان شيءٍ ما، فلا عساك شيءٌ لمنعها من الهجوم. مثل هذا يُشعرك باليأس."
لم تكن أورسولا أكويناس قد اهتمت أبدًا بالصورة الكبيرة.
مكان اختفاء لُولا ستيوارت واقتحام مخاطر الكراولي لم يكونا الاهتمام الرئيسي لديها.
أرادت أن تحمي.
أرادت ببساطة حماية مسكن الفتيات حيث يعشن جميعًا.
هذا كان كل شيء.
وقد استغل شخصٌ ما ذلك الشعور، وأساء استخدامه، ودفعها في الاتجاه الخاطئ.
قادها إلى الاعتماد على القوة الفورية لإيزيس–ديميتر!!
"تبًا لذلك..."
"إذا استطعت التوصل لهذا الاستنتاج بسرعة وواجهت العدو الحق هذه المرة، فيجب أن تكون بخير. كراهيتك لا يجب أن تكون موجهة إلى أورسولا أكويناس. يجب أن تكون موجهة إلى شيءٍ آخر. لا يزال ممكنٌ إنقاذُها. وذلك المنقذ يسمى كاميجو توما."
لم تزل روح أورسولا أكويناس قائمة.
طالما أنها لم تتخلص من ذلك الصليب على صدرها، فإنها ستظل بالكاد قائمة.
فما الذي نقصه؟ قد وقف مرة أخرى، ولكن كيف سينقذها؟
عليه بالنظر إلى الخوف والقلق داخل أورسولا أكويناس. كانت مُتأكدة من أن الأشخاص الذين تعتز بهم سيتأذون ويفقدون منزلهم. يجب أن يكسر ذلك الخوف اللا مُبرر.
يجب أن يصلها قول أن أليستر كراولي ليس هكذا.
والشخص الوحيد الذي يمكن أن يفعل ذلك هو الفتى الذي صعد المبنى الخالي من النوافذ واختبر أسرار العصبة الذهبية!!
"بدأ كل شيء عندما قام الساحر المسمى ماثرز باستدعاء الشيطان العظيم كورونزون. طُلِبَ من الشيطان إسقاط وقتل أليستر كراولي وأدى هذا الأمر في النهاية إلى استحواذ ابنة أليستر الثانية، لُولا ستيوارت. يا أورسولا، هذا يؤثر عليكِ. لن تستطيعي حماية إنجلترا أبدًا إذا لم تُحرري لُولا ستيوارت من سيطرة كورونزون!!"
"أحقاً تقول؟"
كانت كلمة عابرة. كانت كلماته تدخل بوضوح من أذنٍ وتخرج من الأخرى.
تشابكت الألوان الزاهية حول الهالة خلف ظهرها. حثَّ كاميجو نفسه على عدم الخوف. إذا لم يشعر بالخوف، فلن تكون لهجمات إيزيس-ديميتر أيُّ تأثير.
لا تستسلم. لا تستسلم. استمر في التفسير، بغض النظر عن عدد المرات التي تأخذها.
ليست القضية في كمية الجهد المبذول. السؤال هو كم فهمت. إذا شعر بالغضب لضياع جهوده، فإن إيزيس-ديميتر ستستعيد قوتها التدميرية.
سيكون بخير طالما واجه أورسولا مباشرةً وتقدم نحوها خطوةً بخطوة. ستتحطم وتُدمر جميع هجماتها الكثيرة عند الاتصال.
يمكنها إدراك المحفزات الخارجية.
بغض النظر عن مظهر الأمور، فإنه من غير الممكن أن كلماته لا تصل إليها في أعماقها. حتى لو كان ذلك قليلًا في كل مرة، يجب أن يسحب روح أورسولا أكويناس إلى السطح. عندما تعود رؤيتها المشوشة إلى التركيز، فإن كلماته ستصل إليها. وستفهم.
لنراجع شيئًا بديهيًا.
كاميجو وأورسولا كانا يفكران في معاني مختلفة تمامًا عند تبادل كلمات متطابقة مثل السلام والهدوء والدفاع. أورسولا أرادت حماية سكن الفتيات المريح ولا تحتمل رؤية منزلهن يُدمر. تم استخدام تلك المشاعر لربطها بالتعصب ورفض الفهم، ولكنها بنفسها ليست شخصًا عدوانيًا وشريرًا.
من هنا فصاعدًا، لن يفارقها بصرًا عمَّا كانت عليه، مهما قالت!!
"أليستر كراولي ليست على خطأ."
"لما لا؟"
"قد عانيت أكثر بعشرات الآلاف من المرات، ولكنّي سأقولها: أليستر كراولي كان إنسانًا يُرثى له ومثيرًا للشفقة."
"مم، هل نحن حقا بحاجة إلى مناقشة هذا؟ أريد أن أعود إلى السكن لأفاجئ الجميع ونصنع بعض الذكريات الممتعة. وبالطبع، فإن كراولي يقوم بغزو إنجلترا الآن وبينما نتحدث، أليس كذلك؟"
"كك، قامت الكنيسة الأنجليكانية بإخراج هذه الخلائط الإلهية وأجبرتك على استخدامها! وكانوا يعلمون ما سيحدث وما سيتم دوسه!! هل تعتقدين حقًا أن هذه أول وآخر مرة؟ جذور المشكلة ليست في أليستر. إنها فقط سلّطت الضوء على المشكلة. كما قُلت، الطريقة الوحيدة التي يمكنكِ بها حماية الحياة السلمية لكل من تهتمين به هي أن تفعلي شيئًا بشأن الشخص الذي في القمة!!"
"كيف لهذه أن تكون مشكلة؟ استخدمتُ إيزيس-ديميتر لأنني أردت."
"أكنتِ لتبتسمين بهذا الشكل لو أن أغنيس أو لوسيا من استخدمتها؟"
توقفت للحظة.
لا، لنصف لحظة.
تأرجح الصليب على صدرها كما لو أنه يظهر اضطراب قلبها.
"ولكن إذا لم تهاجم مخاطر الكراولي، لما اتخذ أحدهن هذا القرار."
"كانت إنجلترا التي أنشأت الإنسان المعروف بأليستر كراولي!!"
لَوَّحت أورسولا برمحي الزيتون والعنب حيث اقتربت بشكل خطير من فقدان التركيز مرة أخرى، ولذا هزها مرة أخرى. لن يسمح لها بالهروب. لن يسمح لها بأن تبتعد بسهولة.
ثبِّت موقفك.
لا تخشى.
إذا لم تفهم، استمر حتى تفهم. بغض النظر عن مدى الألم، بغض النظر عن مدى اليأس، وبغض النظر عن مقدار الضربات التي تتلقاها. الاستمرار في الحديث ليس عملًا مضيعًا!!
"في المدرسة، كان يتعرض باستمرار للتنمر والاعتداء من قبل المؤمنين المتدينين، لذا كره الإله الذي يحميهم!! وبعد أن تعلم السحر فقط لإحراجهم، اكتشف أن ذلك فقط يضر عائلته! اتخذ مسؤولية تدمير العصبة الذهبية وماتت طفلته الرضيعة كما كان مُنبأً!! والصحفيون، الذين كانوا يتحكمون بقوة وسائل الإعلام في ذلك الوقت، كلهم أشاروا وضحكوا عليه. دعوه بالشرير والمنحرف والغول!! وتقولين أنه وحده من يتحمل اللوم؟ طُرِدَ من بلده لأكثر من مرة عندما صدَّق الناس في جميع أنحاء العالم كل ما قيل في الصحف وبدأوا في رميه بالحجارة. ولم يكن هناك مكان آمن له. ولكن ألا زال بإمكانك القول أن أليستر هو الملام بنسبة 100٪؟ ألا يمكنك لوم الطرفين على ذلك؟!"
"تاريخيًا، قام أليستر كراولي بأشياء تبرر تلك المسميات. اذهب فقط إلى المكتبة وسترى. اقرأ الصحف المخزنة كأفلام ميكرو وسترى قطعًا وقطع منها. وإذا قارنت ذلك بسجلات الكنيسة الإنجليكية، فستعلم ما حدث خلف الكواليس."
"هذا ليس أليستر الحقيقي... قد تتضمن هذه المقالات بعض ’الحقائق‘، لكنها لا تقول شيئًا عن مشاعر أليستر!!"
"سأعترف أن الصحف في ذلك الوقت لم تكن الأكثر موثوقية."
شعر أن الأمور قد تركزت فجأة.
ربما بدا الأمر وكأنه كان يتجادل بقوة أكبر، لكن الأمر لم يكن كذلك. فَصَّل إيزيس–ديميتر ما فكر به الاثنان عند استخدام كلمات مثل الحب والسلام، لكن هذا "التشتيت" التعصبي ربما بدأ يفقد تأثيره.
كان الجدال المباشر بين بعضهما البعض أمرًا سعيدًا. وهذا يعني أنهم وصلوا إلى النقطة التي يمكنهم فيها وضع حججهم على نفس الطاولة. لقد كان أفضل بكثير من التجاهل والرفض بابتسامة وعدم القدرة على النظر في أعين بعضهما البعض.
في نقطةٍ ما، بدأت أورسولا أكويناس بحمل الصليب المتدلي من رقبتها.
هل كانت علامة على القلق اللاواعي؟
بينما كانت تتمايل من جانب إلى آخر قليلاً ولكن تشاهد كل شيء وجهاً لوجه، فتحت أورسولا فمها مع تعديل تركيزها لحماية المحول الذي يعمل بالطاقة من خلال التناقضات بين الأشخاص.
"لكن هذا يعني أنه ليس لديك سجلات دقيقة لإثبات أي نوع من الأشخاص كان كراولي. مجلات شخصية متحيزة؟ حسابات من الأصدقاء والمعارف؟ تقارير من المدرسة أو العصبة؟ ...ولا واحدٌ منهم حاسم بدرجة كافية لبناء حجة. في النهاية، ألن تجد أخطاءًا أقل في استخدام وجهات النظر المنتشرة عن كراولي؟"
"لن أشطب شخصًا باعتباره خطأً تقريبيًا !! لم يكن هناك مكان له مع عائلته أو في سكن مدرسته. الساحر الإنسان أليستر كراولي لم يكن لديه أحدٌ مثلكِ لحماية منزله اللطيف!! حاولت زوجته روز أن تصبح كذلك، لكن كل شيء تلاشى عندما ماتت ابنتهما ليليث!! كيف يمكن لشخص ألا يشعر بأي شيء بعد ذلك؟! كيف يمكن أن تكون تلك التقارير هي مُجمل حياته وأنه لا توجد أكثر من ذلك؟ لا تتخلي عنها. لا يجب على شخص طيب وقوي مثلك أن يتخلى عنها. من فضلك!! هل لأنه حدث منذ فترة طويلة؟ هل هو بسبب أنه لا علاقة له بحياتك الآن؟ أليس من المفترض أن يكون هذا قاسيًا لطلب من أليستر أن تقبل مثل هذا المنطق؟ أليس هذا مجرد إخبارها بإنها لا تستطيع الشكوى حتى ولو لم يتغير شيء لأكثر من مئة عام؟ كل شيء يعتمد على ذلك الأساس. عودتها اليوم مرتبطة مباشرة بكل هذا. هذه ليست مجرد كارثة طبيعية أو هجوم عشوائي في الشوارع!!"
"أفهم. ولكن لا شيء مما يمكنك قوله سيغير من أعمال الساحرة كراولي الشريرة."
فرقعت مُتفهمته كاميجو إصبعيها من على كتفه.
بعد تأخير قصير، جرت قشعريرة على عموده الفقري. كان بيان أورسولا القصير واسعًا للغاية. بدون تدخل أوثينوس، لربما أسقطت كل شيء قد بناه.
صوت إله الحرب بدا متحمسًا إلى حد ما أثناء حديثها.
"لم يكن ذلك عادلاً. لقد كان غامضًا جدًا لدرجة أنه يمكنك استخدامه لمهاجمة نوبل، أو الأخوين رايت، أو أيِّ شخصٍ آخر حقًا. آسفة لجعل هذا اثنين ضد واحد، ولكن هذا الإله سيسأل سؤالًا ليضع وزنًا على الميزان. إلى أي أفعال شريرة تُشير؟: تلك التاريخية الموجودة في السجلات، أم تلك التي تحدث الآن؟"
"أتحدث عن الحاضر، ليس الماضي مع سجلاته الهشة التي يمكن تأويلُها لإثبات أي شيء اعتمادًا على التفسير."
"هذا من حسن الحظ. حتى كإله، لست واثقة من أنه يمكنني الدفاع عن حياة بتلك التعاسة."
كانت هذه كلمات مخيفة أيضًا.
ومع ذلك، ربَّعت أوثينوس ساقيها النحيلتين على كتف كاميجو.
"صحيح أن أليستر كراولي قد انقسمت إلى أكثر من مليار خطر كراولي يشن هجومًا متزامنًا على 53 عضوًا في الكومنولث البريطاني. وجُرَّ كل جزء من العالم إلى الحرب، مما أدى إلى مشهد جحيمي يلطخ الكوكب نفسه بالدماء."
"أتقول أن هناك سببًا خاصًا لذلك؟ وهل تقول أن التضحيات مقبولة إذا كان هناك سببٌ؟"
"هل يُفترض أن يكون هذا انتقادًا؟ ألم يكن موقفك أنكِ ستحمين مسكن الفتيات مهما كلف الامر؟ مقصدي هو، أليستر كراولي لم تقتل شخصًا واحدًا."
"ما—؟"
"وهذا يشمل ميناء كاليه. أعتقد أنه كان كله وسيلة لتحقيق أقصى كفاءة لقوتها السحرية، تمامًا كمُوَصِّل فائق. هدفها هو هزيمة كورونزون وهذا يتطلب فقط التضحية بالدم التي ذَكَرَتها بنفسها. لذا لم يكن لديها سبب حقيقي لإيذاء الناس. استدعاء مليار خطر كراولي والسماح لهم بالهزيمة كان كافيًا لتسجيل رقمٍ عالمي. حتى الحرب العالمية الأولى ستُبْهَتُ بالمقارنة. هذا يكفي لتأمين أكبر عدد قتلى في التاريخ من الحروب، أليس كذلك؟"
#1 في المدينة الأكاديمية، وإله الحرب والسحر والخداع.
عندما نظر هذين الاثنين إلى أليستر كراولي وحالة العالم، ذكرا أن الإنسان أصبح رقيقًا. هذا هو السبب.
"هل هذا منتج آخر من التعصب أو رفض الفهم الذي يقوي مُحَوِّلكِ السحري؟ اتهام شخص دون التحقق من حقيقة الأمور يعتبر أمرًا، ولكن ألم تفكري أبدًا في حقيقة أنكِ وضعتِ الحبل حول عنقك بعد أن كُشِفت الحقيقة؟"
ليس هناك ما يدعو للخوف.
سيكون كل شيء على ما يرام.
هذه المرة، واجه كاميجو توما حقًا أورسولا أكويناس.
قال الفتى لنفسه أن يطابقها.
كانا بشريان، لُفافتان. يقيس المحول الفرق بينهما كقوة ويحوله إلى هجمات متنوعة. يمين-2، يمين-8، يسار-3، يسار-2، يمين-6، يسار-5، يمين-7، ويسار-7. لَفّت أورسولا ذلك الخيط الذهبي حول أصابعها بطرق متنوعة، لكن هناك شيئًا واحدًا لم تستخدمه أبدًا للهجوم: معصمها.
يمين-5.
هذا كان أورسولا نفسها. كل شيء تم نقله من هناك لإنشاء القوة القاتلة. ولكن إذا كان متزامنًا مع أورسولا، وتعمَّق فِهْمُهُما، وتطابق عدد اللفائف، سيختفي الفارق بين هذين اللُفّتين. أقسم ألا يدع محولها السحري يستمر في العمل. لن يتركها وحيدة!!
"النظر إلى ما حدث في مدينة الأكاديمية يكفي لمعرفة أن أليستر كراولي قد جرح العديد من الناس" قال. "وأليستر تخلت عن مدينتها وتحررت في العالم. من منظور خارجي، قد يبدو من المستحسن دفع ذلك الرمز المريب بعيدًا لتكون في مأمن. لكن لا يمكنكم فعل ذلك... لا يمكن تطهيرها إلا إذا غُفِرَ لها من قبل هذا البلد الذي ولدت وتربت فيه. لا يمكن أن ينقذها أحد آخر! هذا ليس مثل أوثينوس التي لم يكن لديها حقاً مكان للعودة إليه. لن تُنْقَذَ حقًا حتى لو أصبحتُ مُتَفهِّمَها!!"
"هل قالت كراولي ذلك؟ وحتى ولو، فإن كلمات كراولي لا يمكن الوثوق بها."
"نعم، لا يمكنك الوثوق بأليستر كراولي. إنها متناقضة ولم تلاحظ حتى نوع السعادة التي ترغب فيها حقًا، لذا فإن قبول كلماتها في ظاهرها لن يؤدي إلا إلى الجحيم. هذا ليس المستقبل الذي أخاطر بحياتي مقاتلاً لأجله!!"
"ولماذا علينا إتعاب أنفسنا من أجل سعادةً لا ترغب بها كراولي حتى؟"
"لا يهمني ما إذا كانت تريد السعادة أم لا! أنا أريد أن أعطيها ذلك. وكما قلتُ من قبل، أورسولا، هذا يشملكِ أيضاً!!"
"وكيف ذلك؟!"
"أليس واضحًا؟ دعيني أكون واضحًا بشأن أمرٍ واحد، يا أورسولا. من بين جميع الأشخاص الذين قابلتهم، كُنتِ الأكثر أنانية. ليس فياما اليمين، ولا إله السحر أوثينوس، ولا كاميساتو كاكيرو، ولا حتى أليستر كراولي! إنها أنت، أورسولا أكويناس!! لهذا أُعجِبتُ بك وكنت أريد حمايتك حتى وإن عنى ذلك محاربة الكنيسة الرومانية!!"
سوط نبتة الندية اللامع ضرب بقوة وجنتي الفتى.
كاميجو توما لم يجفل حتى.
انتهى اهتزازه أخيرًا. الخوف والتجنب ستُحَوَّل فقط إلى قوةٍ تدعم الهجوم. لتجريدها من قوتها القاتلة وللبقاء حيًا، كان عليه أن ينظر إليها بتحدي ويَقْبَلها. ولا حتى اليمين-8 كان مقبولاً. كان يجب أن يكون اليمين-5. سيُطابق نواة أورسولا أكويناس. افعل ذلك وسيمكنه بالفعل من رؤيتها بشكل حقيقي.
خطى خطوة إضافية.
وقف الآن أمام إلهة الربيع والبعث التي لمعت بالذهب.
"لكن..."
كانت حركة لطيفة.
لامست يد كاميجو توما اليمنى وجنة أورسولا أكويناس الناعمة.
"هل لديكِ أدنى فكرة عن مقدار القوة الموجودة في تلك الأنانية؟"
وثم بيده الأخرى.
أمسك وجهها الدافئ بين يديه وضغط جبهته على جبهتها. وصاح كاميجو توما بها من مسافة صفرية. لم يكن مهتمًا بإلهة خُلِقت. ولم يكن يسعى إلى القوة للقتال. كان يريد أن يُذكِّرها بالقوة الأقوى والأنبل التي لديها فقط، والتي لا تمتلكها سوى أورسولا أكويناس.
لن يتركها تهرب بعد الآن.
لا يهم مدى محاولات إيزيس-ديميتر لتشتيت تركيز محادثتهما بواسطة رفض الفهم والتعصب، فَقَدْ حافظ كاميجو توما على وجوده حرفيًا أمام عينيها حتى لا تستطيع الهروب.
كان الأمر كما لو كان يُعيد تشغيل محركٍ بارد.
لم يتردد الفتى في ضربها بكلماته.
"تخلصي من العنف وحاربي بكلماتك!! أورسولا أكويناس هي الشخص التي نشرت المسيحية في جميع أنحاء العالم حتى وإن لم يعلم أو يسمع هؤلاء الناس بالخلاص!! وكل هذا لأنها أرادت ذلك!! لقد كرَّست نفسها لتلك الأنانية العظمى والنهائية، لذا ألا يجب عليها فهم ذلك أكثر من أي أحدٍ آخر!!!؟؟؟"
استخدم إيزيس–ديميتر الاختلافات بين الناس.
إذن، ماذا سيحدث إذا مُسِحَت هذه الاختلافات كليًا؟
وصلتهم الإجابة بالفعل.
كان هذا شيئًا آخر غير اليمين-5.
لربما بدت أليستر كراولي مشمئزةً منه.
لكن الصليب المعلق حول عنق أورسولا أكويناس لم يكن رمزًا يهدف إلى تعزيز النزاع. أورسولا حاولت البقاء مع هذا الصليب حتى في هذا الحال، فإذا استطاعت إظهار قوة مختلفة عن الأشخاص الذين رأتهم أليستر طوال حياتها، فإن تلك الحواجز لا معنى لها!!
"إذا لم تفهم شخصًا ما، فلا تطرحه بعيدًا. واتجه صوبه."
لم يكن هناك وميض ضوء دراماتيكي أو صوت رعد هائل.
كان فقط صوتًا هادئًا كصوت شقٍّ في طبقة رقيقة من الجليد.
لم تكن تلك مجرد مُثُل نبيلة. لقد حققت أورسولا أكويناس ذلك بالضبط. تصاحبت أورسولا وأغنيس معًا في سكن النساء الأنجليكان متناسين نار الماضي، ولكن أمكنها اختيار دربٍ مختلف. وصلت أورسولا أولاً ووصلت وحدة أغنيس في وقتٍ لاحق، لذا كان يمكنها أن تقول شيئًا مثل: لا يمكنني تحمل أن أعيش محاطة بأناس حاولوا قتلي. أرفض أن تعيش وحدة أغنيس السابقة في هذا السكن. من فضلكم اختاروا مكانًا آخر.
ولكنها لم تفعل.
قبلتهم. كانت قد ابتسمت ودعت الأمور تمضي.
لربما كان كاميجو توما هو الذي أنقذ حياة جماعة أغنيس بعد أن استُخدِموا من قبل بياجيو بوسوني، لكن كانت أورسولا هي التي رعتهم بعد ذلك. فقط لأي مدى أُنقِذت تلك الفتيات بواسطة هذه الابتسامة النقية على محياها؟ هذا كان شيئًا يمكن لهم فقط أن يفهموه وهذا كان جيدًا. ولكن المهم هو أن لدى أورسولا أكويناس قوتها للإنقاذ. وكانت هذه القوة أنبل بكثير مقارنة بكاميجو توما الذي لا يمكنه سوى أن يقبض قبضته، ويضرب الناس، ويرفض جهودهم عن طريق إبطال قواهم الخارقة.
"لا تلعبي معي، أورسولا..."
كيف يمكنه أن يسمح لشخصٍ ما بنكران هذا؟
كيف يمكنه أن يسمح لأي أحدٍ أن يدوس على هذا الاحتمال؟
"هذا شيء يمكن أن تفعليه أنتِ فقط يا أورسولا! إنها قوةٌ فقط لديكِ! ليست لدي، ولا لفياما، ولا لأوثينوس، ولا لباقي آلهة السحر، ولا لكاميساتو، ولا لأليستر، ولا لكورونزون!! قد يتحدث بقيتنا بكلماتٍ كبيرة ورنانة، ولكننا ننتهي دائمًا بالقتال! إنما أنتِ من تعلمتِ ترك السلاح!! لقد تجاوزتِ أيًا منا في الفضيلة والقوة!! ...لابد أنه كان صعبًا عليكِ. كنتِ أشرف من أي احدٍ منا وقمتِ بشيء لا يمكن لأحد أن يفعله، لذا لا تتخلي عن ذلك عبثًا!!"
لن يتركها تهرب.
لا، يجب أن يكون كاميجو وأورسولا في نفس المكان الآن. الآن بعد أن اختفت الفجوة بينهما، يمكن لكلماته الوصول إليها ولن تسيء فهم المعنى.
لابد أنه كان صعبًا.
لابد أنه كان مؤلمًا.
كان من الأسهل تجاهل الواقع. ولكن كان كاميجو واثقًا أن ذلك لن يحدث. لأن أورسولا أكويناس كانت أقوى بكثير من كاميجو توما الذي لا يمكنه التوقف عن القتال. هذا ليس مجرد خيال لا أساس له. كانت حقًا تمتلك القوة للتقرب من شخص يحمل سكينًا وهي بدون سلاح.
"آه، آه."
انتهى الصوت التصدع.
فقدت إيزيس-ديميتر دعمها. كان واضحًا ما كان يحدث.
نطقت شفتيها المرتعشتين بكلمات ترفض هذه القوة الفورية.
وعكس الصليب الذي ترتديه على صدرها بعض الضوء.
"ماذا فعلت؟"
- الجزء 12
هل تم دمج إيزيس-ديميتر معها في المقام الأول؟
يمكنك تقريبًا أن تضع هذا تحت الشك بناءً على مدى سهولة ووضوح الحدوث. سقطت جميع رموز التعصب الحريرية والذهبية بسهولة عن أورسولا أكويناس.
بمجرد أن قبلت خطأها، رمت تلك القوة للقتال.
الآن بعد أن فقدتها، يمكنها المضي قدمًا دون النظر إلى الوراء.
قد يكون هذا الإنجاز خارج نطاق الصبي الذي يعرف فقط كيف يواجه العالم ببحثه عن عذر ليعتمد على قوة قبضته اليمنى للقتال.
- الجزء 13
بعد فقدان قوة الخليط الإلهي المؤقت إيزيس–ديميتر، انهارت أورسولا أكويناس على الأرض.
"هذا لم ينتهِ بعد أيها الإنسان. لم يحن وقت العيش بسعادة إلى الأبد بعد."
نطقت متفهمته الصغيرة تلك الكلمات القاطعة من على كتفه.
ذهبت جميع قوى إيزيس-ديميتر، بدأً من عشبة الدهن العملاقة التي تحجب الممرات إلى الطحالب التي تضيء المكان بخفة. كان الشاب يعتمد الآن فقط على إضاءة هاتفه المحمول. ومع ذلك، لم يكن هذا بالضرورة شيئًا جيدًا.
نعم، فُتِحَ طريق للهروب.
والأسوأ، أن هذه كانت منطقة قديمة مغطاة بأقمشة زرقاء على السقف لمنع دخول المطر. ربما كانت هناك حفرة كبيرة في مكان ما. كانت أقل صلابة مما يبدو.
"إيزيس-ديميتر ليست خيرًا ولا شرًا. إنها ليست موهبة أو خصلة طبيعية. ليست سوى عنصرًا روحيًا—أداة. ...لا تسمح لها بالهروب إلى الخارج. إذا وجد الخليط الإلهي خليفة جديدة، ستستعيد كرمة العنب الملفوفة حول أغصان الزيتون قوتها الأصلية."
"نعم."
عرف كاميجو توما من هو عدوه.
لم تكن قبضته المشدودة تهدف أورسولا أكويناس.
"أعلم. لن أسمح لها بفعل ذلك مرة أخرى لأي شخص."
امتدت الكرمات الذهبية في جميع الاتجاهات من زخرفات الذهب والألماس المزيفة المُمزقة من جسد أورسولا العاري، وتحركت كأرجل للهروب عبر أنفاق المترو. كانت كالعنكبوت العملاق أو الأخطبوط. بدون مفاصل محددة، انحنى وترنح كل جزء منها بطرق مختلفة أثناء تحركها وسرعان ما أصبحت مثل اختبار الرورشاخ الذي يُظهر شكلًا مختلفًا لكل من ينظر إليه.
ولكن في جوهرها، كانت مخصصة لتكون مع إنسان.
حتى من دون شيء يهجم عليها، اِلتَوَت الكرمات، وانكمشت مثل البلاستيك المعرض للنار، وتدهورت. ستعود قريبًا إلى أن تكون قطعة فن ثابتة، ولكن لا يمكنه أن يُخفض من حذره في النهاية.
"إيزيس-ديميتر."
لا يستطيع أن يعرف إذا كان لديها خدعة أخرى في الجعبة.
يُقال إن الجرذ المحاصر سيعض القط.
لذا، همس كاميجو توما الكلمات السحرية.
"سأقْبَلُك. لذا استخدم جسدي. "
ارتعشت الأرجل الذهبية بطريقة مختلفة عن السابق. بدت مغمورة بإغراءٍ أجدر مقاومته. وكان الخليط الإلهي ليس أكثر من أداة. ليس لديها مفهوم للخير أو الشر، وليس لديها غرائز لتجنب الخطر.
اتخذت أقصر مسار ممكن.
قفزت إلى الأمام في لحظة، كما لو أنها تتجاهل المسافة بينها وبين الهدف. نشرت أرجلها الكرومية على نطاق واسع، مغيرة مرة أخرى مظهرها. اصبحت هذه الآن شكلًا للافتراس. كما لو كانت فمًا عملاقًا غريبًا أو عذراء حديدية.
نعم.
تجاهلت تمامًا كاميجو توما الذي كان مضادًا مطلقًا للخوارق، وقفزت بدلاً من ذلك نحو أليستر كراولي المستلقية بجوار عمود قريب.
" تشه، في اللحظة الأخيرة، ها؟"
غيَّر كاميجو اتجاهه بسرعة، لكن كان فقط قريبًا قليلاً. لم يكن قادرًا على حماية أليستر العاجزة وستستعيد إيزيس-ديميتر قوتها.
ومع ذلك.
هذا فقط لو ظلّت الفتاة الفضية عاجزة حتى النهاية
"هه!!"
كانت الفتاة الفضية ثابتة كالموت، لكنها دحرجت جسدها فجأة جانبًا.
بعد أن أخطأت هدفها، هبطت الكتلة العنكبوتية الضخمة المصنوعة من الذهب والألماس بقوة على الأرض الخالية.
كتذكير، لا يمكن للخليط الإلهي الاندماج إلا مع إنسان إذا قبلوه وأمسكوا به بإرادتهم الحرة. قد تكون هناك رغبة في القوة، سواء كانوا قريبين من الموت أم لا. لذا لا يمكن أن يتصل بشخص غير واعٍ.
واحتاج كاميجو فقط للحظة من الزمن.
"كف عن الإزعاج..."
هذه المرة، غرس كاميجو توما كف يده اليمنى في واحدة من أفرع إيزيس-ديميتر التي انكمشت مثل البلاستيك المعرض للنار.
"لسنا بحاجة إلى إله مونتاج. نحن البشر لسنا بذلك الضعف لنحتاجك!"
رنَّ صوت فرقعةٍ غريب، ولكن لم تنتهي الأمور بعد.
تحركت الأداة كأداة بكل قوتها وحركت أفرعها المرتعشة حول الفتاة الفضية للإمساك بها.
"إنه بالتأكيد مثيرٌ للإعجاب أنك على استعداد لبذل مثل هذا الجهد لتحقيق هدفك! بالكاد سأتعاطف معك تمامًا مثلما أفعل مع روبوت التنظيف!!"
انفجر صوت عالٍ من أليستر بينما كانت مُثَبَّتة أسفل الكرمات. كان الأمر تقريبًا كما لو كانت قد وضعت مسدسًا على بطن الشيء.
لكن كانت الفتاة الفضية هي من نقرت بلسانها.
كان ينبغي أن تكون لديها القوة المناسبة، لكنها لم تخترق الشيء.
"استعملتُ [التعثر الروحي]...ولكن ألا يمكنني إنشاء رابطٍ قوي عندما لا يكون لخصمي شكلٌ بشري؟"
تفككت الروابط بين الذهب والألماس وظهرت بها تشققات.
ولكن هذا لم يكن كافياً.
قوى كاميجو توما وآليستر كراولي المشتركة لم تكن كافية لسحقها تمامًا.
كانوا بحاجة فقط لمساعدة إضافية.
ألا يمكن لأحد - أي شخص - أن يقدم يد المساعدة؟
"خذي هذا !!!"@@@
وبعد ذلك ، أغلق شخص ما عينيه وألقى قطعة من الطوب التي يجب أن تكون قد انكسرت عند انهيار أعمدة الحجر.
كانت أورسولا أكويناس التي ارتدت إحدى الأقمشة الزرقاء ولفتها حولها مثل منشفة حمام.
لم تعتمد على أي شخص آخر.
وقفت أمام كابوس خلقته بنفسها حتى تستطيع إنهائه.
كاميجو توما، أليستر كراولي، والآن أورسولا أكويناس.
إضافة الشخص الثالث حسمت الأمور.
لم تعد اللفائف الخمس على المعصم الأيمن ضرورية.
كانت بحاجة فقط إلى الصليب على صدرها.
ستعتقد أن شخصًا ما قد صب سائل النيتروجين على هذا.
ملأت الشقوق بالفعل الآيزيس-ديميتر، ولكن الآن توقفت عن العمل وانهارت.
"وأنا التي اعتقدت أنكِ ستظلين أميرة في ورطة حتى النهاية."
حتى أن هذا الإله الحربي قد تفاجأت.
على الرغم من أن تلك الشابة اللطيفة لن ترغب في مديح من إله وثني، خاصة وإن كان إلهًا وحشيًا يستمتع بالدم والصراع.
ولكن حتى ذلك، لم تستطع أوثينوس إلا أن تتحدث بابتسامة شرسة على وجهها.
"...أنتِ قوية جداً. أنتِ نوعي المفضل من النساء، أيتها الأخت."
- ما بين السطور 4
كانوا على جزيرة بالي الإندونيسية.
"همم، الآن بعد أن وصلنا هنا، فهي لا تبدو بتلك الروعة. ربما كان يجب أن نختار منتجعًا حيث يمكنك حقًا شرب الماء."
كان هذا التعليق قد جاء من فتاة تستلقي على كرسي شاطئ خاص تحت مظلة وتشرب عصير المانجو من خلال قشة. وغنية عن التعريف، كانت هذه هي الملكة شوكوهو ميساكي في ملابس السباحة. ربما لأنها لم تعد داخل الحديقة المدرسية، كانت ترتدي بيكيني أبيض عادي فوق ملابس السباحة الضيقة التي لم تكن في الأساس سوى خيوط.
وكانت ميساكا ميكوتو ترتدي ملابس سباحة ذي قطعة واحدة مختلفة عن ملابس المدرسة و ردَّت بإحباط مع إنزعاجها من مدى ضيق ملابس السباحة بمؤخرتها.
"كيف يمكنك الشكوى عندما تقوم فتيات زمرتك بخدمة كل احتياجاتك؟"
عندما أغلقت مدينة الأكاديمية، ذهب سكانها البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة إلى أماكن أخرى، لكن طلاب مدرسة توكيواداي الثانوية بقوا معًا طبيعيًا حتى بدون أن يخبرهم الأستاذة بذلك. في هذه الفوضى، كانوا عرضة للخطر سواء داخل أو خارج اليابان. لم تعد مدينة الأكاديمية تعمل، ولكن لمواصلة تعلمهم "بمعايير توكيواداي"، كان من الأفضل البقاء مع الآخرين على نفس المستوى الفكري.
(تمنيت لو امكنني إحضار أويهارو-سان وساتين-سان معنا أيضًا...)
كان من المفترض أن عائلتي هاتين الفتاتين قد جاءتا لاستلامهما تقريبًا فورًا. وكان من الصعب الطلب منهما أن يبقيا مع أصدقائهما عندما تكون العائلة معارضة.
نعم.
لم تعتقد ميكوتو وشوكوهو أن هذه الفوضى ستستمر طويلاً. تفتت توقعات الناس المتفائلة بالسلامة خلال موجة الحر، لذلك تم التوصل إلى هذا الاستنتاج بعد مراقبة الوضع بشكل رشيد.
"كنت أعتقد أنه سيكون هناك هلع من تسرب التقنية، لذا هذا أمر مفاجئ إلى حد ما." [7]
"نحن نتحدث عن 53 دولة. وهناك أقل من مئتين في الأمم المتحدة، أليس كذلك؟ هذا يظهر مدى أهمية الأمر."
"نعم، أظن."
بدت شوكوهو ميساكي لا تهتم كثيرًا حيث قامت بتمديد شعرها الأشقر الطويل وتربيع ساقيها الطويلتين وهي تستلقي على ظهرها.
جلست مؤخرتها المشدودة على شيء غير عادي.
كانت دمية من الصفيح كبيرة جدًا وبها رأس ثور مضافًا إلى الجسم العملاق العضلي.
#5 في المدينة الأكاديمية من المستوى الخامس، مينتل-آوت.
الفتاة الشقراء في ملابس السباحة كانت تلعب بجهاز التحكم للتلفاز بيدها.
"يبدو أن هناك البعض مما يمكنني التحكم والبعض لا، لذلك أفترض أن بعضها لا يزال إنسانًا وبعضها قد تخلى عن إنسانيته... أتمنى أن أستطيع معرفة قدرتها بشكل محدد."
"لا تنظري إلي. هزيمة تلك الأشياء ليست بالسهلة."
تنهدت ميكوتو بألم وانتشر الشرر الأزرق الأبيض من شعرها.
"حار، حار، حار! أنتِ تحرقين ظهري على هذا القصدير!"
"حسنًا، لماذا تستلقين على الشواية؟ أتحاولين تقديم نفسك كطبق شَوي على شاطئ؟؟؟"
فتاة قادرة على التحكم بتيارات الكهرباء البالغة مليار فولت كانت خطرة للغاية على الشاطئ حيث يمتد المحيط مدَّ النظر. لم تستهدف تلك الأشياء [جزيرة بالي] مباشرة، لذا ربما ضلت الطريق إلى سنغافورة التي كانت متصلة عسكريًا بإنجلترا. كان "الجيش" الذي سافر فوق المحيط قد واجه مصيرًا مدمرًا،
حيث أصبحوا عاجزين في عرض البحر، وظهرت أسماك ذات وجوهٍ بشرية أكبر من الغواصات وتجمع لأذرعٍ مجسية لا حصر لها تتلاطم على الشاطئ.
"إذن ماذا سنفعل الآن؟" سألت شوكوهو.
"هل نحن حقًا في وضع يمكننا فيه اتخاذ قرارات؟ القوة كفرد والقوة كمجموعة أمران مختلفتان تمامًا. وقد لا ينطبق توازن القوة في توكيواداي خارج مدينة الأكاديمية. ...نن."
بينما كانوا يناقشون ذلك، شعرت ميكوتو بهزّةٍ خفيفة من هاتفها المحمول المقاوم للماء الذي رُبِطَ أسفل حزام الكتف لملابس السباحة ذات قطعة واحدة. وكانت على ما يبدو مكالمة بدلاً من بريد إلكتروني. عندما سحبت الهاتف وضعته على أذنها، سمعت صوتًا مألوفًا.
"أوه، هناك الكثير من التأخير. هل صوتي يمر؟ سمعت أن الأمور لا تسير على ما يرام لمدينة الأكاديمية، فهل غادرتي اليابان؟"
"بابا؟"
"...تمنيت حقًا لو بقيتي في اليابان. حسنًا، لا فائدة من البكاء على الحليب المسكوب. اركضي إلى أقرب سفارة أو قنصلية. هذا أمر سيء. من هنا فصاعدًا، ستصل نقطة الغليان للعالم على الأرجح الى أقصاها قريبًا."
بصراحةً، لم تكن ميكوتو تعرف الكثير عن عمل والدها أثناء فترة إقامته في الخارج، ولكنه كان على الأقل يعمل كفاية لجعل ابنته تلتحق بمدرسة فتيات مرموقة. كان يسافر حول العالم على مدار السنة، لذا إذا كان يقول هذا، فإن موجةً كبيرة كانت في الطريق.
ركزت ميكوتو أثناء الاستماع.
"إنجلترا سيئة بشكل خاص. ابتعدي عن لندن بأي ثمن. مذهل! ماذا حدث لتلك السيدة الشقراء؟ إيه؟ ماذا؟ أهي عارية؟! يا إلهي، ذلك الياباني ذو الشعر الشائك يعيش الحلم حقًا. يا إلهي، أتمنى أن أكون مكانه. لا مهلًا، لا! لا تخبري أمك أنني قلت هذا! على أي حال، عليكِ أن تبتعدي عن هنا! ربما يكون مركز كل—آاااههه!!"
انقطعت المكالمة فجأة.
عرض التطبيق رقمًا طويلاً لمكالمة دولية. عندما قامت بتحليل الأرقام الإضافية المرفقة برقم والدها المعتاد، اكتشفت أن رمز المكالمة الدولية ورمز البلد ورمز المدينة يشيران جميعًا إلى: مكالمة من لندن، إنجلترا.
"..."
"أوه، ما الذي حدث؟" سألت شوكوهو. "هل وجدتِ شيئًا مثيرًا للاهتمام؟"
"إياكِ والانضمام معي. أفهمتِ ذلك؟"
"آه، إلى أين تذهبين بهذا؟"
اختر اسم وأكتب شيء جميل :)