-->

الفصل الثاني: (بلا عنوان) — فوق _ الكش _ مات.

(إعدادات القراءة)

انتقال بين الأجزاء

  • الجزء 1
  • رُكِنت مركبة ترفيهية متنقلة (RV) بجوار واحة مصرية لا اسم لها في الصحراء.

    كانت المركبة مليئة بأجهزة تجريبية مختلفة أُنشِئت عن طريق تفكيك وتجميع أدوات متنوعة من طهي ومعدّات وأغراضٍ يومية. قد يبدو منظرها سخيفاً نوعًا ما لأن شكلها الأصلي يمكن التعرف عليه، ولكن كل جهاز هنا كان سيكون في مَحَلّهِ في جامعات ومعاهد أبحاث المدينة الأكاديمية الحديثة. ولربما اعتقلت بعض البلدان صاحب هذه الأشياء بناءً على شكّ من كونها أغراض إرهاب بيولوجي أو كيميائي.

    كانت مينا ماذرز، الساحرة القطة السوداء بملابس حدادية سوداء داكنة، تحدق في شيء. هَبَطَ وقامَ ذيلها الشبيه بذيل القط. عَنَت حركات ذيول الكلاب والقطط أمورًا مختلفة. من وجهة نظر القطط، كانت هذه علامة على أن شيئًا ما أثار فضولها. وكان قط الكاليكو الحقيقي عند قدميهاً يموء.

    كانت مُرَكِّزة على جهاز صُنِعَ عن طريق إلحاق بعض الأشياء بكيس ذي قاع دائري. كان الكيس ممتلئًا بالماء الساخن وكان يحتفظ بدرجة حرارة محددة بينما كان هناك محرك يُدَوّره ببطء. كان هناك سائل لزج وشفاف يشبه العجين يطفو في الداخل، ولكن تغيرات صغيرة قد بدأت

    كان غريبًا.

    كائن لين عجيب يطفو بالمقلوب في الداخل بلمعانٍ يتراوح بين الأبيض والوردي.

    «أعتقد أن هذا يعني أن المرحلة الأولى قد نجحت.»

    لم يبدي الطبيب ذو الوجه الضفدعي تحمسًا أو اندهاشًا على الإطلاق. في الواقع، كان مُنشَغِلًا مع جهازٍ مختلف ولم ينظر حتى إلى الزجاجة.

    كانت مينا، من ناحية أخرى، تحدق في الحاوية الزجاجية من وراء حجابها الرفيع.

    «كم من الوقت سيستغرق لأن يصير هذا طفلاً؟»

    «لقد بدأت تكاثر الخلايا، لذا لم تبقى سوى خطوتين. سنضطر إلى نقلها إلى حاويات أكبر في كل مرحلة، ولكن ما يهم هنا هو الحفاظ على خلو الحاويات من أي شوائب كالعفن والبكتيريا. هذا أمر أساسي ولكنه صعب. في حالة الفشل هنا، سنصنع طفلًا عفناً وردياً أو أخضر.»

    «...»

    كان يمزح، ولكن هذا لم يكن موضوعًا للضحك.

    «فهمت. تقصدين حاجز سيف اللهب.»

    «مم؟»

    «يجب أن تعرفي سيف اللهب أكثر مني أنا، آلان بينيت.»

    قرر الطبيب ذو الوجه الضفدعي الحفاظ على وجه البوكر.

    كان ذلك ضروريًا لكسب ثقتها، ولكنه حَسَّ بِمُبالَغتِهِ كثيرًا.

    وسواء كانت على علم بأفكاره أم لا، فإن الساحرة القطة السوداء تنهدت بخفة خلف حجابها.

    «في العصبة الذهبية، هو رمز للسيف الموضوع بجوار تِترَغرَمّاتون لحماية أعلى ثلاثة سُفَيْرات من السِّفيروث بعد أن انتشرت خطية آدم وحواء عبر العالم. إنه يفصل ويقطع الروابط ليحمي. جدول مكافآت كراولي يشرح بالضبط نوع القوة الهجومية التي يوفرها. أليس تلميذك من كتب ذلك؟»

    تآوهت الطفل بحزن من عند سرير الأطفال الذي وُضع على بُعد قصير من معدات التجربة.

    كانت تلك ليليث ابنة أليستر كراولي. ولكن في وضعها الحالي، كانت روحها العزلاء مكشوفةً للهواء الطلق. كان ذلك يحررها من الخطيئة الأصلية، مما سمح لها بأداء جميع أنواع المعجزات، ولكن كان من المتهور البقاء بلا جسد في سطح العوالم الأربع لفترة طويلة. ستتفكك معظم الأشباح وبقايا الأفكار لوحدها مع مرور الوقت. حتى الملائكة والشياطين الذين لا يملكون أجسادً تخصهم سيسكنون في وعاء لحمي مُقادً بسلسلة من النصوص أو يمكن أن يتواجدوا مؤقتًا في الحدود المحدودة للغاية لدائرة سحرية. ولكن حتى هذه الأشياء ليست دائمة. إذا لم تُعطى ليليث وعاءً قريبًا، فستختفي. وستضيع جهود الملاك الحارس المقدس أيواس في إنقاذ حياة ليليث التي قُتِلت بظلم على مدى قرن.

    (إنها تحفظ وجودها بقوة المعجزات، ولكن من يعرف كم ستستمر هكذا.)

    مضغت مينا شفتها دون أن تلاحظ.

    في هذه اللحظة، ارتعشت أذنيها الشبيهة بالقطة وتأرجح ذيلها القططي ببطء يميناً ويسارًا.

    مرة أخرى، عَنَت حركات ذيول الكلاب والقطط أمورًا مختلفة.

    من وجهة نظر القطط، كانت الأرجحة من جانبٍ لآخر علامة على السخط.

    «فضة المعادن السبع، والأنثى، والأرض من العناصر الأربع. بعبارة أخرى، نور القمر المتزايد.»

    «؟»

    لماذا أشارت إلى ضوء القمر في الصباح؟ عندما نطقت هذا البيان الغريب، عبّر الطبيب ذو الوجه الضفدعي عن استغرابه، توقف التآوه الطفولي في سرير الأطفال تمامًا، وقام الكلب المسترد الذهبي بصمت من سرير الأريكة.

    ما الذي تلقته؟

    تحدثت الفنانة مينا ماذرز برسمية، كما لو تلقّت نوعًا من الإلهام الإلهي.

    «أثير أفاتار – 15: OXO.»

    حدث ذلك فجأة.

    في حين أن أذنيها الشبيهة بالبوق تدور في كل اتجاه، سحبت الساحرة القطة السوداء سكين اللوحة من صدرها وألقتها نحو مقعد السائق. كانت محظوظة لأنهم أبقوا المحرك يعمل لتشغيل مكيف الهواء. كان زر تأمين عصاة السرعات مكسورًا منذ البداية، لذا كان عليها فقط أن تصيب عصا التحكم (قير) لتحريكها من وضع الوقوف إلى وضع القيادة. تحركت المركبة الضخمة بسهولة للأمام كما لو كانت عربة لعب في مدينة ترفيه.

    ضربهم الهواء كما مرّوا.

    على عكس المركبات العادية، لا تحتوي الشاحنات الكبيرة والمركبات الترفيهية على مرآة خلفية للتحقق من الخلف. نظرت مينا إلى الشاشة الصغيرة بالكاميرا المثبتة لهذا الغرض ورأت واحة الصحراء تمزق من الأسفل حيث انبثق برج ذهبي عملاق.

    عندما رأى الطبيب الضفدع ذلك من النافذة، تعرّف على الفور مما كان مصنوعًا.

    «شَعْر... بشري؟»

    «باستخدام نص مكتوب لتقسيم المنطقة الروحية التي ذَكَرَها [أخنوخ] [1] إلى إجمالي ثلاثين منطقة، عليك بخلق لوحة ألوان توفر استخدامًا أسهل للخوارق. بعبارة أخرى، ستحصل على الأثير. بامتصاص ضوء القمر في شَعْرِها على مرور فترةٍ طويلة وتهجئة النص به، سيَقْدِرُ ذاك على التَّحَكُّمِ في هيئاتِهم (أفاتاراتهم). أهذا هو ما تفعله أيها الشيطان العظيم كورونزون؟! بالضبط، كنتَ أصلًا الملاك الشرير الذي وُجِدَ في ZAX، أثير العاشر!»

    «كي كي.»

    صدى صوت.

    ومع ذلك، لم يكن صوتًا حيويًا. اهتز زجاج مركبة RV الأمامية مُنشِأً صوتاً كمُكبّر صوت.

    «كي كي. كي كي إي هي هي!»

    لم يكن هناك وقت لانتظار ردة فعل.

    ركضت مينا ماذرز عبر المركبة الترفيهية لتصل إلى مقعد السائق وتنورتها ترفرف خلفها. وما إن وصلت، داسَ قدمها بقوة على دواسة الوقود.

    ازدادت حِزَمُ الشعر أكثر فأكثر تنبثق من الأرض كرماحٍ حادة، باستثناء أنها كانت بحجم أبراج عملاقة.

    «لقد حُرِّرتُ. نعم، نعم، أنا الآن حُر!! يا مينا ماذرز، أيتها ساحرة القطة السوداء، رابط زوجك سامويل لم يعد يُقيدني!!»

    «خ.»

    «لكن إذا رغبتي في معرفة من قتل من، اسألي معلمكِ لاحقًا. بالطبع، ذلك إن كان في لقائكما فرصة ثانية!!»

    كميّة هائلة من الشعر انبثقت من الأرض مُهاجمة.

    (لابد أنه دعى خطوط لاي في المملكة المتحدة تمتص قوته المتراكمة ليُرسلها هنا إلى مصر، ولكن لماذا يهتم باستهداف ليليث؟ هل يُعطي الأولوية لقسوته على مصير أمة أو العالم كورونزون هذا؟!)

    هذا كانت أفكار مينا ماذرز في البداية.

    لكن أثناء تحريكها للعجلة، ارتفعت فكرة أكثر غموضًا في خلف عقلها.

    كانت مثل سُمٍّ أو قيح خلقه جسمها.

    (لا، لا يمكن...)

    كورونزون يمكنه مهاجمة مصر مباشرة من بريطانيا.

    خطوط لاي كانت تُمثّل أعصاب أو أوعية الدم للكوكب كله. وبما أن تيار الطاقة تُغطي الكوكب كله كشبكة عنكبوتية، فلا يُستغرب أن توفر مسارًا لتصل هنا.

    لم يكن هذا المسار الواحد المهم. بغض النظر عن المكان الذي تمتد فيه كابلات الألياف الضوئية، كان الناس متصلين على قدم المساواة بجميع البيانات في العالم. ما لم يكن تاجرًا أو متداولًا يعقد عشرات الآلاف من الصفقات رفيعة المستوى في كل ثانية، فلن يلاحظ أحد أي خسارة للوقت هناك. وطالما كان العالم متصلا، كانت النتيجة متساوية للجميع.

    لذا...

    ( أليست هنا فقط؟ أيها الشيطان العظيم كورونزون، كم جزءًا مختلفًا من الكوكب تُهاجم الآن؟!)

    على سبيل المثال، سلسلة الصراعات التي بدأت مع مخاطر كراولي كانت قد أثرت بالكوكب كله نظرًا لنطاقها الواسع.

    ولكن في هذه الحالة، كانت طبيعة التهديد غير واضحة تمامًا.

    طبعًا، سينتهي أمرهم إذا توقفوا عن الحركة وخُزِقت المركبة الترفيهية، ولكن...

    (إذا كان قادرًا على التسبب في اهتزاز الزجاج عن بُعد، فقد يكون هذا سيئًا. هذا تهديد للمعدات التجريبية المخصصة لإنشاء جسم ليليث!!)

    كانوا بحاجة إلى تدابير مضادة جذرية هنا.

    لكن هذا لم يكن وقتًا لتُركّز الساحرة القطة السوداء في مكان آخر.

    تزحلقت المركبة الترفيهية عبر الصحراء بينما انبثق شعرٌ أشقر من الأرض قربها. لم يبدو أنها أخطأت ببساطة، ولم يبدو أنها وُضعت هناك مسبقًا.

    لم تتمكن من معرفة الغرض وراء الهجوم.

    لذلك صُدمت عندما لاحظت جسمًا شبيهًا بصينية يدور في الهواء بعد أن ضربه الرمح الذهبي على حافته.

    وتذكرت قَوْلاً سَمِعته.

    حتى في العصر الحديث، كانت هناك بعض الحوادث فجَّر فيها شخص ما لغمًا مضادًا للأفراد أو للدبابات وضعه الألمان في [الصحراء الكبرى] خلال الحرب العالمية الثانية.

    «أوه، لا!!»

    أثقل ضغطٌ كبير معدتها، لكن الصراخ لن يغير أي شيء.

    لم تكن كل الألغام مدفونة في الأرض. بعض الألغام المضادة للأفراد ستحتوي على نابض تُطلق من الأرض لتبث كرات معدنية قاتلة على مساحة أوسع. أطلق كورونزون هذا اللغم المضاد للدبابات للغرض نفسه.

    انفجر اللغم في الهواء وأطلق موجة صدمةٍ مميتةٍ حقًا في كل اتجاه.

  • الجزء 2
  • «غه...».

    تَوَجَّع كاميجو توما وأدرك حينها أنه لا زال يملك فمًا قادرًا على الأنين.

    لدغت رائحة المطهر أنفه.

    بدا أنه مستلقٍ في مكان ما تحت سقف، ولكن عندما حاول النهوض، فَقَدَ دعمه لسبب ما. كانت رؤيته مُغَيّمة وترفض التركيز. لم يشعر بأيّ ألم، لكنه شعر وكأن يدًا غير مرئية تمسك وترجّ دماغه. شعر بالغثيان، ولكنه كان شعورًا ممتعًا لحدٍّ ما. لا يستطيع الوثوق بإشارات جسده في الوقت الحالي.

    لا يظن نفسه قادرًا على الحركة لفترة.

    لَفّ رأسه وهو مستلقٍ على ظهره ليرى فتاةً ذات قصة شعر بوب في بدلة رياضية وردية تستلقي في السرير الذي يليه. الشخص الذي يليها كان فيه دستة من الأنابيب مُتصلة به، أكانت أليستر؟ وبحسب ترتيب هذه الأسرة بشكل لطيف، اِفترض أنه كان راقدًا على واحد أيضًا. على الرغم من أن هذه الأسرة كانت فعلاً مجرد أوراق صناعية سميكة وُضِعَت فوق هيكل أنابيب معدني. قد تكون أكثر كشباكٍ مصنوعة من القماش بدلاً من خيوط.

    لم يكن المكان هادئًا تمامًا.

    أمكنه سماع طنين إيقاعي لجهاز تخطيط القلب وضخ الهواء.

    «هل قمت يا إنسان؟»

    «أوثينوس...؟»

    «الآن، ماذا سنفعل؟ أدَّعي بأنني مُتفهمتك، لكني لا أعرف الإجابة الصحيحة هنا. ستنجرف في أفعالك إن مدحتك، لكنني أشك في أن أي نوع من التوبيخ سيدخل عقلك.»

    «ماذا...حدث؟»

    «لا عليك. استنتجها بنفسك. فلا دواء يُصلِحُ حماقتك.»

    بدت الجنية أوثينوس مستاءة، لذا مد يده اليمنى ليُربّت رأسها الصغير.

    أو حاول على الأقل.

    بالتفكير بها، لماذا فشل في النهوض عندما استيقظ أول مرة؟ كان قد حاول رفع نفسه بيده، لكنه لم يجد الدعم الصحيح أسفله. لماذا؟

    الجواب كان أمام عينيه.

    نعم.

    كانت يده اليمنى قد اختفت.

    اختفى كُلُّ ما بعد المرفق.

    «..............................................................................................................................................»

    لفترة.

    لفترة طويلة جدًا، نسى الفتى ذو الشعر الشائك الكيفية الصحيحة للتنفس.

    ما حسَّ بألم.

    وهذا أبرز مدى غير واقعية الصورة أمامه.

    كانت هذه يده المُهَيْمنة. [2]

    أكان يجب حقًا أن تكون يده المُهَيْمنة!؟

    «أنا لا أفهم أيضًا.» تنهدت أوثينوس بلطف بجوار وسادته. «هل يرجع ذلك إلى أن الجرح قد حُرِق لوقف النزيف، أم أن هجوم كورونزون أو أليستر قد وضع تأثيرًا خاصًا ما؟ بأي حال، يدك اليمنى لم تنمو بمفردها هذه المرة. ...بالطبع، لم أعرف أبدًا لماذا كانت تنمو سابقًا. ولأنني لا أستطيع أن أشرح لك لماذا، فلا يمكنني اخبارك بالضبط لماذا اختلفت هذه المرة.»

    «ها...ها...»

    حتى كلمات متفهمته بدت وكأنها تأتي من أقاصي الأرض.

    كان هناك أكثر في كاميجو توما من مجرد إماجين بريكر.

    اِسْتَخْدَمَها ولم تَسْتَخدِمه.

    كان يعلم ذلك. كان مدركًا لذلك تمامًا.

    ولكن.

    ومع ذلك.

    لم يكن هذا يتعلق بالمعارك الخارقة أو القيمة التكتيكية. كان أمرًا أكثر شخصية وإنسانية بكثير. بطريقة ما، قد وَثَقَ في يده المُهَيْمنة أكثر من أي شيء آخر، لذا فإن صدمة فقدانها ضربته أشد مما أمكنه أن يتصور.

    «ما...حدث؟ ماذا حدث هناك بالضبط؟!»

    «مَضَت بالضبط كما تتذكر.»

    اللطف ليست السمة الوحيدة التي تجعلك [مُتفهّمًا].

    في الواقع، أن تكون متفهمًا عَنَى أيضًا أن تقدر على قول هذه الأشياء دون أن تدمر العلاقة.

    «أتصوّر أن ذكرياتك انقطعت فجأة، ولكن هذا هو الواقع الذي أنت الآن فيه. ليس وكأنك كنتَ مرتبكًا أو أن بياناتٍ خاطئة كُتِبَت في عقلك، لقد كنت عاجزًا حقاً وانتهت هكذا. استخدمت أليستر سحر شفاء، ولكن كان ذلك أشبه بالإنعاش القلبي الرئوي من أي شيء آخر. يا إنسان، لقد دُمِّرت إلى حدٍّ كان مستحيلًا أن نعرف مكان ذراعيك وساقيك ووجّهك. لقد خسرت أمام الشيطان العظيم كورونزون. وتطلَّب ذلك هجومًا واحدًا فقط.»

    «...»

    «من تلك الناحية، كورونزون أعظم حتى من ماذرز. أمكنك التصارع مع جماعة الذهب على نفس المستوى، ولكنّ الاقتراب طَيْشاً من ذلك الشيطان العظيم كان كافيًا لقتلك فورًا. عليك بالتفكير قبل التصرف في المرة القادمة. لم تعد تملك يدك اليمنى السهلة بعد الآن. ولا عندك معالج بالغ يمنحك استمرارًا مجانيًا في القتال. فمرحبًا يا طفل، مرحبًا بك في حربٍ حقيقية. من هنا فصاعداً، ستعيش واقعًا قاسي حيث أن ثغرة واحدة بقطر 9 مم تعني الموت.»

    كانت هذه كلمات إله يحكم الحرب.

    لا يستطيع فتى المدرسة الثانوية تجاهلها. فِعلُ ذلك سيكون تهورًا كمن يرى كتلة مشبوهة على الأشعة السينية ويراهن على إمكانية خلل الجهاز.

    وحتى لو قرر كاميجو توما أن يرثيَ حاله، فإن الواقع لن يتوقف لخاطره.

    لا تزال الساعة تُدق.

    ولن يتحسن الوضع ببقاءه جالسًا.

    إذن، ماذا سيفعل؟

    تغيرت الأوضاع. ما وُجَب على كاميجو توما فعله الآن وهو لا يملك شيئاً على الإطلاق؟

    عليه أن يفكر.

    عليه أن يفكر ويفكر ويفكر.

    أخيرًا، استخدم الفتى ذو الشعر الشائك يده اليسرى بحذر للنهوض ببطء. شَعَرَ بغرابة لا تصدق. كان شعورًا مُضنِكًا [3]، كما لو كان يشغل ذراعيه وساقيه باستخدام عجلة القيادة وعصا التحكم.

    تنهدت أوثينوس نفسًا ساخطًا.

    «ما فائدة النهوض؟»

    «......سأوقف كورونزون.»

    «لقد دمَّرتك بهجومٍ واحد من قبل، فما الذي تأمل في تحقيقه بمثل هذه الحالة؟»

    «هل كنتُ الوحيد الذي تعرض لهجومها؟ ماذا حدث للآخرين؟»

    «...»

    «إذا كانوا لا يزالون هنا، فسأحمي هذا الخط بحياتي. لا يمكنني أن أدع هذا الهجوم يصل إلى إندِكس أو ميساكا أو... أي أحدٍ آخر. وهذا يتضمنك أيضًا يا أوثينوس. هذه ليست مسألة خبراء وهواة. يمكنني قولها لأنني عِشتُها بنفسي. لا يمكنني الوقوف ومشاهدة نفس الشيء يحدث للآخرين. من يعرف من سيصيبه المرة القادمة.»

    «آخ منك...»

    تسلقت أوثينوس على بطنه ومن صدره لتصل إلى المكان الذي ألُفَت له على كتفه. مهما أغضبها، كانت متفهمته تعلم أنه لا يوجد ما يوقفه.

    شعر بنغزة ألم في صدره لأنها اضطرت لتسلق جسده بدلاً من ذراعه.

    طريقها الاعتيادي لم يعد موجودًا.

    «ظننت ربما أن مرصك هذا كان قادمًا من تلك اليد اليمنى، ولكن يبدو أنها أتت من الروح. حتى بعد هروبنا في الدنمارك، يبدو أنني لا زلت لا أفهمك كاملاً. بدأت أعتقد أنه حتى الموت لن يصلحك.»

    «آسفٌ لإقلاقك.»

    «أيها الأحمق. لو كنت حقًا آسفًا، فلا تسمح بتكرار ذلك مجددًا. القلق وما شابهه ليس نتاج الخطر أو التهديدات، هي ليست سوى فائض غير ضروري تتشاركه مع أحدٍ آخر بدلاً من حمله في صدرك.»

    ببطء وضع قدميه على الأرض ووقف.

    لقد فقد كل شيء أسفل مرفقه الأيمن. هذا الإجراء البسيط تسبب في انحراف جسده إلى الجانب قليلاً. لم يكن الأمر مسألة وزنٍ بقدر ما كان فقداناً للتوازن.

    عندما نظر حوله مرة أخرى، وجد أن الجدران كانت مصنوعة من نفس المادة الاصطناعية السميكة كما الأسرّة. كانت هذه خيمة أكبر من الفصل المدرسي وكان بها في الغالب أناس بريطانيون بالإضافة إلى الفتاة ذات البدلة الرياضية الوردية وأليستر. لا يمكنه التفريق بين الفرسان والأنجليكان، ولكنه تعرّف على وجوهٍ مألوفة مثل تلك الفارسة التي لم يعرف اسمها بعد.

    لم يبدو أن أحدًا سواه تعرض لإصابة خطيرة لدرجة صار جسده بأكمله غير معروف. وإذا استثنينا الاحتمال الكابوسي بأن القتلى نُقِلوا إلى مكان آخر، بدا أنه من تلقى أسوأ الإصابات.

    «فرحك بعد استيعابك لهذا هو السبب في أنك دائمًا صاحب النصيب الرديء.»

    «لا بأس عندي. لو لم أتلقّاها، فسيحصل عليها أحدٌ غيري.»

    ربما كان هذا المنطق مشابهًا لأليستر كراولي حينما انفصل عن العصبة الذهبية بسبب غضبه من فكرة أن يصيب ارتداد السحر وآثاره الجانبية شخصًا بريئاً عشوائياً.

    «هل أنت مستعد يا إنسان؟» طرحت أوثينوس هذا السؤال على الفتى الذي وقف مرة أخرى عند خط البداية. «ستترك هذه الخيمة الطبية بمحض إرادتك. وعندما تفعل ذلك، لن يُعاملك أحدٌ مُصاب. الوضع في بريطانيا مُلِحٌّ للغاية. إذا امتلكت القوة للمشي، سيُحاول الجميع استخدامك بَيْدقاً. في المرة القادمة، سيحدث الأسوأ حتمًا. إذا لم تكن مستعدًا لتذوق الألم من جديد، فعُد إلى ذلك السرير.»

    «سأكون بخير. شكرًا على القلق بشأني يا أوثينوس.»

    «مهما حَنَيْت رأسك، يبدو أنك لا تزال غافلاً. بدلاً من شكري لشيء كهذا، عليكَ أن تتقدم وتطمئنني، أيها الأحمق.»

    كان كما لو يدفع ستارًا.

    ترك كاميجو توما الخيمة الاصطناعية السميكة التي غمرتها رائحة المطهر وخرج.

    وفي الحال...

    «لقد أكّدنا الأضرار في مصر وبراغ وأثينا!!» «نعمل على تحديد مكان الشيطان العظيم بتتبُّعِ خطوط لاي ابتداءً من الأماكن التالفة، ولكن لا فائدة. أقصى ما حدّدناه دقّةً هو أنه "في مكان ما في بريطانيا"!» «جاءنا اتصال من كنيستيّ الرومان الكاثوليك والروس الأرثوذكس.» «ماطلوا لكسب الوقت!! لن نحتمل مزيدًا من التعقيدات الآن!!» «تقريباً ثمانون في المئة من الأغراض الروحية الأنجليكانية والمعابد والأجسام الطبيعية صارت مُعطّلة. يبدو أنها قُفِلَت باستخدام سلطة رئيس الأساقفة!!» «كم قديسًا يمكننا إرسال؟» «اختفت [أشراف اسكتلندا] كذلك. تركت الملكة إليزارد سيف الولاية مع مدني، ولكن إن وقع في يدي كورونزون، فلربما خسرت العائلة الملكية والفرسان جميع معداتهم!! هذه مسألة ذات أهمية قصوى!!» «اتركوا الصراخ وفكروا في شيءٍ نقدر عليه.» «لن نقدر بعد الآن من استخدام فتى الإيماجن بريكر الذي يتعالج هنا!!»

    كانت الضجة قوية لدرجة أنه لم يصدق أنه لم يسمعها إلا الآن. ضرب جسمه بأكمله بموجة صوتية تبدو وكأنها تهز الأرض كما في الملاعب أثناء مباريات البيسبول أو كرة القدم.

    كان في الخارج، ولكن بدت الأمور شديدةً كثيرًا، ونَسِيَ أنه كان في فضاءٍ مفتوح. كان من المستحيل أن يعلم أن هذه هي نفس الصدمة التي شعرت بها أورسولا أكويناس مرةً من قبل.

    كان كاميجو توما في باحة قلعة إدنبرة القديمة في اسكتلندا. كانت آثار اصطدامه مع كورونزون واضحة – تربة ممزقة، وجدران حجر منهارة، وجروح أخرى مرئية. كان الفرسان والكهنة المجهزين بكامل العتاد يعملون بجد ويقدمون تقارير بلغةٍ لم يفهمها كاميجو، ولكن عجلتهم كانت واضحة.

    في وسط الفوضى، رَصَدَ وجهًا مألوفًا.

    كانت كانزاكي كاوري، المرأة ذات التسريحة السابّة، تحدق في خريطةٍ فُرِشَت سريعًا على صندوق خشبي. وعندما رأته، نظرت إلى ذراعه وبدت راغبة في أن تقول شيئًا، ولكن الكلمات خارتها. وبعد لحظات، غمرتها التقارير من جميع الراهبات حولها.

    لم تبدو أوثينوس منزعجة وهي تجلس على كتفه.

    قدمت تعليقًا من منظور إله الحرب.

    «لا تقل شيئاً قد يعوقهم. إنهم يقاتلون لحماية وطنهم في حالة طوارئ وطنية.»

    «أعلم ذلك...»

    نظر كاميجو حوله ورأى خيمًا مشابهة لتلك التي تركها. كان واضحًا أنها صُنِعَت في عجلة.

    ألم يجدوا مكاناً للعمل داخل قلعة إدنبرة؟

    أم أن الأضرار الناجمة عن كورونزون جعلتها غير قابلة للاستخدام؟

    همست أوثينوس بلطف في أذنه.

    «ستصل مكتبة الكتب السحرية التي تركتها في لندن قريبًا.»

    «إندِكس قادمة هنا؟»

    «يحتاجون كل أحدٍ مُتوَفّر. عليكَ بِلَوْم إهمال بريطانيا. ولأنهم كانوا بطيئين في خلع سلطة كورونزون، اِستغلّت سلطتها المطرانية لتتدخل في جميع المرافق السحرية في البلاد. سيستمر ذلك حتى يتمكن أفراد العائلة الملكية والفرسان من إزالة تلك السلطة بقوة. لم يعد مهمًا ما إذا كانت مكتبة الكتب السحرية في لندن أم في إدنبرة. لا يمكنهم استخدام أي استدلال صحيح أو استقبال أيَّ وحيٍّ إلهي، لذا ستكون معرفتها المِئة وثلاثة آلاف وكتاب (103,001) المفتاح الفعّال الوحيد لمقاومة كورونزون.»

    ...بدا الوضع أكثر ضيقًا مما كان يعتقد.

    إذا كانت إندكس في خطر، فهو يريد إنهاء الأمور مع كورونزون قبل وصولها. بالطبع، كانت تلك مُثُلاً وأن اندفاعه دون تفكير سيُحَوّله إلى لحمٍ مفروم مرة أخرى، ولكن تلك المعرفة لم توقف جَزعهُ وحُرقته.

    «بجانب ذلك، بدا البريطانيون مهتمون أكثر بالـ A.A.A. التي ترتديها فتاة ملابس السباحة تلك المسماة ميساكا ميكوتو.»

    «...حتى أكثر من قديسيهم؟»

    «حتى أكثر منهم. حقيقة أنهم يرون أملًا في التعزيزات غير المتوقعة أكثر من قواتهم الثابتة تظهر مدى الضعف الذي هم فيه. سمعتُ أنه مجرد منتجٍ ميكانيكي من المدينة الأكاديمية، ولكنها تفوح برائحة سحر كراولي: سڅر. رغم أن تلك الطفلة قد لا تكون واعية بذلك. يبدو أنهم يبتغون دمج ذلك في قواتهم القتالية للآن، ولكن ما إن تستقر الأمور، سيُثار على الأرجح صراعٌ جديد بين المملكة المتحدة والمدينة الأكاديمية.»

    لا يمكن أن يسمح بذلك.

    لا يمكن أن يسمح بفرض ذلك الألم على أي شخص آخر.

    «هل يعني ذلك أن كورونزون قد تُركّز هجومها على إندِكس وميساكا لقدرتهما على المقاومة ضدها؟»

    «لستُ واثقة.»

    لم تكن إجابة أوثينوس كما كان يتوقع.

    «اسمع يا إنسان، هل تتذكر ما يَحكُم الشيطان العظيم كورونزون؟ 333، تشتت. إذا كانت تعمل تمامًا استنادًا إلى هذا الغرض الأساسي، فربما لا تهدف النصر المطلق أو الهيمنة على العالم.»

    «ما تقصدين؟»

    «ما أكثر ما يكرهه كورونزون؟ أتصوّر أن الإجابة هي الميكروبلاستيك.»

    غيّرت متفهمته الحديث فجأة.

    أو هل فعلت؟

    «إنها تجسيد التحلل الطبيعي. إنها تفكك كل شيء إلى حالته الصحيحة. لذا لا يمكنها أن تسمح بوجود أي شيء يظل في حالة غير طبيعية لفترة طويلة، سواء كان مركبًا كيميائيًا أو حضارة أو كائنًا حيًا. وإذا كان هدفها الدمار الكامل والتام، فإنها بذلك تترك عملاً غير مكتمل بفوزٍ نظيف يترك الأشياء وراءها. ستكون أكثر شدّة وشمولة. كانت لتهدم العالم تاركةً خلفها الفراغ.... إن كان هاجسي صحيحًا، فنحن حقا في ورطة. ستحاول شيئًا على بُعدٍ مختلف تمامًا عن الفوز أو الخسارة.»

    توقفت أوثينوس عن الحديث هنا.

    كان شخص آخر يقترب من كاميجو بعد أن لاحظته هناك.

    «(كاميجو-سان؟ واه، واه! هل أنت بخير الآن؟!)»

    بعد أن همست إليه، أمسكت بيده اليسرى وسحبته وراء جدار قريب. ربما كانت قلقة من أن يُأخذ في فرقة قتال إذا وجده شخص آخر.

    كانت فتاة ذات شعر أشقر طويل.

    أكانت طالبة سنة متوسطة، ثانوية، أم أكبر حتى؟ من الصعب تخمين عمرها فقط بالنظر إليها.

    بطريقة ما، كانت تُذكّره برائحة العسل وكانت ترتدي معطفاً مطرياً فوق ملابس سباحة لسبب ما.

    و.

    أمالَ كاميجو توما رأسه ببطء وتحدث بتعبيرٍ مستغرب على وجهه.

    «آمم؟»

    سبّب هذا السؤال الصغير بتَوْسيع عينيّ الفتاة كاملاً وكأنها تلقت ضربة مباشرة في القلب.

    «أوي، يا إنسان.»

    عبست أوثينوس من على كتفه، ولكن فتاة العسل الشقراء مدّت يدًا لتوقفهما من قول المزيد.

    وثم أجبرت الفتاة ذات المنحنيات التي تتجاوز عمرها نفسها على الابتسام.

    «إيه هيه هيه، سررت بالتعرف عليك يا كاميجو-سان. اسمي شوكُهو ميساكي. آمل أن نكون أصدقاء.»

    خرجت الكلمات منها جَبْراً.

    تمامًا كما فعلت دائمًا، كلعنةٍ لا تنتهي.

  • الجزء 3
  • «ني هي هي.»

    ملأت ضحكة الهواء.

    الصوت وحده كان حلوًا كالحلوى، لكن الضحكة كانت ضحكة امرأةٍ عجوز.

    لُغْز قُلَيْفة 545.

    منحنيات جسدها لم تُطابق وجهها الطفولي وشكلها الصغير...وكانت شيطاناً اصطناعيًا خلقه كورونزون.

    ظهرت بضوضاء غليظة، ولكنه كان ظهورًا فظّاً حيث خرجت من حاوية قمامة على جانب الطريق.

    بدت وكأنها تلعب بصدف المحار وزجاجات الويسكي الفارغة.

    أكسِلَريتر، أوَّلُ (#1) المدينة الأكاديمية، نظر بريبة إليها وهو يتكئ بعصاه ذات التصميم الحديث ومعه كيسٌ ورقي في يده الأخرى.

    «أعلم أنني أخبرتكِ بالخروج، لكن لا تلعبي مع القمامة في وقت الإفطار.»

    «أوه، أفسدتُ شهيّتك؟ لا يملك الشياطين عادةً جسمًا، لذلك أحتاج إلى طقوس ولادة للظهور في العالم الظاهر لأُلَبّي طلباتك السخيفة. كم مرةً عليَّ شرحُها لك؟»

    كانت ساعة الذروة في مدينة إدنبرة.

    كانت هذه واحدة من أكثر المناطق اكتظاظًا في اسكتلندا، وكانت الأمور مختلفة تمامًا عن حالة التأهب الشديدة خلال الليل. لابد أن الناس استرخوا الآن بعد أن انتهت تهديدات مخاطر الكراولي.

    التهديد الفعلي كان يزداد بمعدلٍ مُتسارع، ولكن الناس لم يملكوا عذرًا للبقاء في المنزل الآن بما أنه لم يكن في شكل مرئي.

    كان الرقم 1 يتصرف وحيدًا دون سببٍ حقيقي.

    في المقام الأول، كانت أليستر قائدة مجموعتهم الصغيرة، ولكنها حاليًا فاقدة للوعي. شكك في أن الانتظار ببساطة لتعليماتها سيحسن أي شيء... أو كان ذلك عذره على الأقل.

    حقًا، ربما كان عمله مع مجموعة حتى الآن أمرًا غريبًا.

    ولم يأتِ لهذه المدينة مع هدفٍ مُعَيّن في باله.

    كما أشار اسمها، كانت قلعة إدنبرة تقع في وسط عاصمة اسكتلندا. بغض النظر عن الاتجاه الذي توجه إليه عند مغادرة القلعة، كان سينتهي في هذه المدينة.

    سحبت لغز قليفة 545 نفسها من الحاوية وانقلبت في الهواء. أظهرت نبرة أكسِلَريتر انزعاجًا وهو يكلمها.

    «خذي هذه المناديل.»

    «طبعًا. أوه، هذه بها إيثانول، أليس كذلك؟ همف، أعلم أنها لتنظيفي، ولكنني مغطاة بورق الصحف وأخاف أن تلتصق بيَّ.»

    حتى عندما (يُفترض أنها) تنظف وتعقم نفسها، لا تستطيع تلك الشيطانة التوقف عن تدنيس الأمور.

    لكن على أي حال.

    شيطان شفاف يتناول وجبة الإفطار على جانب الطريق خلال ساعة الذروة. يجب أن يكون ذلك ملفتًا، ولكن التفاعل من حولهم كان جافًا مفاجئاً.

    أن تضع وجهًا طبيعيًا كان مهمًا بشكلٍ مفاجئ.

    هل كان العاملون في المكاتب المارّين في مدينة الرماد هذه مشغولون جدًا ليهدروا وقتهم في هذا؟ أم أنهم يعتقدونها هولوغرامًا [5] سخيفاً أُنتِج من تكنولوجيا ما؟ ربما خشوا أن يكون مقلبًا تلفزيونيًا حيث تُسجّل ردود أفعالهم المضحكة وتنشر في النت.

    لم يعد الناس يرفعون أياديهم ويندفعون مذهولين عند حدوث شيء غير عادي قليلًا، مثل صحن طائر يأخذ مسارًا متعرجًا عبر السماء أو امرأة مُتعرية تمشي في الشوارع الرئيسية. لا أحد يبتغي إرباحهم المال بتصوير أنفسهم من كاميرا خفية. خاصةً عندما تكون موظفًا تَعِبَ من النقل اليومي ويعمل بجد للحصول على راتب شهري.

    اتّكأ الـ #1 على الجدار وسحب زجاجة قهوة من الكيس الورقي.

    (هذا طبيعي أكثر من المتوقع. ألا يَرَوْن التهديد؟ إذا احتاجوا دفعةً إضافية، فيمكنني خلق أعمال شغب سريعة وأتأكد ألا أُضر أحدًا فعليًا.)

    «ني هي هي. أواثقٌ من رغبتك في ذلك؟»

    «ماذا تعنين؟»

    «الأنجليكان ليسوا الوحيدين الذين يرغبون في إبقاء السحر خفيًا. في الواقع، الكنيسة الأرثوذكسية الروسية ترغب في القضاء على أي وكل الكيانات الفائقة، لذا أظنّك ستقع ضحية مُطاردة عالمية.»

    «لا يهمني. أريد فقط إخراج الجميع من السفينة ريثما يقدرون، كالجرذان الهاربة.»

    «أوه؟»

    «حتى الآن، كان ذلك الشيطان العظيم كورونزون يتحكم في كنيسة الأنجليكان، صحيح؟ وهذا يعني أنها تعرف بدقة طُرُقَ بحثِ هذا البلد عن الناس. نقاط التفتيش والتتبع وجمع المعلومات وتكتيكات الهجوم البشرية وتنميط المَصيد والتشريح الجنائي وتحليل الفِديو... أو ربما يملكون طرقاً فريدة؟ بغض النظر، ستعرف هي كيفية تجنبها كلها. هذا هو السبب في أنني أحتاج إلى هزّ الأوضاع وإنشاء حالة لم تعتدها المملكة المتحدة. لو تركوا كُتَيّباتهم القياسية ومخططات تدفقهم، فلن يتمكن ذلك الشيطان من تفاديها بِرَوِيَّة. وسيرتكب خطأ.»

    اُستُخدِمت طريقة مماثلة لتحديد مكان شرطي فاسد عن طريق وضع بيانات اختلاس كاذبة على الخادم. يمكن مراقبة اتهامات رجال الشرطة وإنكاراتهم لتحديد من كان بينهم الفاسد الحقيقي. لذا، إذا حُوفِظ على التحكم السليم طوال الوقت، يمكن استخدام إزعاج السلام العام كشكل من أشكال التطهير.

    عمومًا، يَمْسَسُّ الشياطين أجسام البشر، وذلك لأنها لا تملك أجسامًا فيزيائية خاصة بها. ولكن هل لهم حاجة للطعام؟ أم أنها مسألة تتعلق بالتمتع بالنكهة والشعور بالامتلاء؟ كانت لُغْز قُلَيْفة 545 تتناول فطورًا لذيذًا يتألف من بيض البندكت وكعكة مَفِن إنجليزية، مخلوطة ببيضة مسلوقة مع صلصة كريمية تشبه الكربونارا، وعدة شرائح سميكة من لحم الخنزير المقدد. (الجزء المذهل كان أن الناس هنا اعتبروا هذا وجبةً صباحية منعشة لطيفةً على اللسان والمعدة في أوِّل الصباح). نظرت حَوْل منطقة التحميل الحافلات السياحية المتجهة إلى قلعة إدنبرة أثناء أكلِها.

    «أواثق أنك لم تُرِد البقاء مع تلك المجموعة؟»

    «همم؟»

    «عندهم تاريخٌ كبير. بعد كل شيء، تُلوعِبَ بـ[إليزابيث الأولى] من قبل عرّافٍ يُدعى [جون دي] حتى أنهم قبلوا التاريخ الذي قدَّمه لتتويجها. إضافةً لذلك، كان [جون دي] دائمًا برفقة نصابٍ واضح يُسمى [إدوارد كيلي]. ميول كيلي الأنثوية لم تصل أبدًا إلى الملكة، ولكن هذه المملكة لا تزال مميزة عن أخرى عندما يتعلق الأمر بالقلق بشأن تأثير ساحرٍ غريب في السياسة الرسمية. ألن يكون مفيدًا أن نستعير خبراتهم؟»

    «لا تكوني غبية. انتهى بهم الأمر مع كورونزون، أنسيتِ؟ صاروا فاسدين تمامًا.»

    «نعم، وهذا الفساد أدى إلى خلقي السريّ للغاية: الشيطان الاصطناعي لُغْز قُلَيْفة 545!! ني هي هي. ولا حتى [راسبوتن] بالغ حتى كهذا. ولكنني لا أظن أن لك حقّ الحديث عندما كانت مدينتك الأكاديمية مركزاً لكراولي.»

    «بما أننا لا نعرف كم من الحِيَل تركت المطران وراءها، فلا نقدر على رؤية الصورة الكاملة بالنظر إليها من زاوية واحدة. سواء انضممنا إلى جماعة الملكة أو أي أخرى، سنكون عالقين في وجهة نظرٍ واحدة إذا فعلنا ما تمليه لنا تلك المجموعة. ثم لن نقدر على العثور على ما قد نجده.»

    «وكلُّ ما علينا هو إنقاذهم من كورونزون. وربما يُعينونك فارسًا بعد انتهاء كل هذا.»

    «لا أريد تمثالًا مُحرِجًا في الساحة العامة. لستُ هنا لأكسب أصدقاءً. وهناك الكثير من الأوغاد النَّشِطين سيقبلون كلَّ الوظائف المتعبة. يمكننا ترك كل ذلك لهم بينما نسلك دربًا أكثر ذكاءَ.»

    «هي هي هي.»

    في تلك اللحظة، ضَحِكت فتاة فستان الصحف بطريقة مختلفة عن السابق وانحنت برفق على أكسِلَريتر.

    «ماذا تفعلين؟ هذا كريه.»

    «أوه، لا عليك. هي هي هي. هذا يعني أنني سأمضي وقتاً مع سيّدي لوحدنا ☆»

    «ألم أقل لتوي أنني لستُ هنا لأكسب أصدقاء؟»

    «هي هي هي هي هي هي ☆»

    اِستمرّت الشيطانة في ضغط وزن جسمها عليه، ولكنه اختار تجاهلها. كان قد تعلّم أن التفاعل مع أناسٍ مثلها سيزيدهم ازعاجًا وعنادًا.

    عندما حاول شخص عادي توجيه هاتفه نحو هذا المشهد الحميمي، خَوّفهم بنظرةٍ حادة ثم رشف من زجاجة القهوة التي كان يحملها.

    «غع...؟»

    «؟»

    أتاهُ شعورٌ غريب في مركز صدره.

    أياً كان ما فعله كورونزون لا يزال يؤثر فيه. على الرغم من أنه قد لا يكون شيئًا يظهر على الأشعة السينية.

    أيضًا، لم يكن شيئاً يستحق الذّكر.

    لأن ذِكرهُ لن يُغَيّر شيئاً من الوضع.

    «ما هذا الهراء؟ كان أحسن لي آخذ علبة قهوة عادية. وهناك الكثير منها. طلبتُ كوبًا صغير، فلماذا أعطوني الكثير؟»

    «برأيك هذا يُصَعِّبُ عليَّ معرفة ما إذا كنتَ ذوّاقاً صعب الإرضاء أم إذا كان تذوقك قد بَهُتَ من نقصك للزنك.»

    «اخرسي. والأهم من ذلك... اسمها كورونزون ها؟ هيّا، أيها الشيطان اللعين، حان وقت اختبار الأداء. قولي لي باعتقادك لماذا اِنسحبت بسهولة؟»

    «آمم؟ حسنًا، يرجع ذلك إلى وجودك ووجود قُواتٍ غير بريطانية أخرى. وجود ثلاثة أسابر من المستوى 5 في المدينة الأكاديمية و البدلة المضادة للسحر A.A.A. كذلك. على الرغم من أن فتى الإماجين بريكر الصغير قُتِلَ تقريبًا فورًا، لذا فهو صعبٌ عليّ أن أضمن فعالية أيّ من ذلك. بيه هيه.»

    «............................................................................................................................................................ ها؟»

    «أخ، يبدو أنني دستُ على لغم! وليس مجرد لغمٍ مضاد للأفراد أو للدبابات!! من الواضح أن هذا كان لغمًا نوويًا، أنا حقاً حقاً آسفة جدًا لما بَدَرَ مني!!!! أ-أحمم، يحتاج كورونزون فقط إلى أخذ الكنوز الثلاثة وحَجَر السْكُون المخفي في قلعة إدنبرة، لذا لا يبدو مستبعدًا أنها قررت ألا تخاطر بمواجهة عوامل غير معروفة مثلك. ما أعنيه، يبدو أنها استخدمت كاراسوما فران لإرسال كاميساتو كاكيرو إلى المدينة الأكاديمية لإثارة الفوضى هناك وللقضاء على تلك العوامل الغير معروفة قبل وصولها لمبنى رئيس مجلس الإدارة.»

    «...»

    بدا هذا معقولًا.

    أكسِلَريتر، رِايلغن، مِنتل-أوت. كان من الغامض حقًا كيف اجتمع هؤلاء الثلاثة في نفس المكان في الجهة الأخرى من الكرة الأرضية، ولكنهم كانوا جميعًا مُشاركين غير متوقعين. كان من غير المرجح أن يكونوا جزءًا من خطة كورونزون. وإن كان للشيطان هدفٌ آخر، فكان من الحكمة أن يُعطي الأولوية لما هو أهم.

    ومع ذلك.

    كان #1 يُكافح لشرب القهوة التي تُخالف ذوقه.

    «لقد قضت على أكبر عقبة لها بهزيمة أليستر. يجب أن يكون ذلك جزءًا من استعداداتها، صح؟ نحن زوار هنا ولا تزال الأوضاع غير الاعتيادية قائمة. إذا ظهر عامل غير متوقع فجأة على الساحة، أليس أفضلًا لها سحقه سريعًا قبل أن يُخرب خططها؟»

    «آاهه.»

    اِسْتَطْعَمَت قهوته ككُتلةٍ من الوحل اللزج وهي تنزل في حنجرته. الشعور الغريب في صدره منعها من الانزلاق بسهولة.

    يميل الناس إلى التركيز على الأطعمة الصحية عندما يشعرون بشيءٍ بوجود خطأٍ ولكنه لا يظهر في الفحوصات الطبية. وكان معه بالفعل عنصرٌ فاحص كذاك.

    «آغغ، لا أستطيع التحمل بعد الآن. تعالي يا شيطانة وافعلي شيئًا لهذا. هذا أمر.»

    «هااااااااا؟!»

    توسعت عيني لغز قليفة 545 عندما دفع فجأة زجاجة القهوة في يدها وأخذ مشروبًا آخر من الكيس الورقي الذي كانت تحمله.

    وفي محيا الوحش غضبٌ لا يُحتمل.

    «ما هذا؟ عصير الخضار؟ ألا عند أحدٍ منكم مشروبٌ لائق هنا؟»

    «آااه، أو، أو، أو...»

    «ماذا؟»

    «لا، ولا شيء!! فقط أُطالِبُ بتعويضي قبل أن تحاول استرجاعه!!»

    قفزت الشيطانة القنديل من مكانها، وعصرت عينيها مُغلقة، وشربت من الزجاجة بوجهٍ مُحمر.

    أبدى أكسِلَريتر ملامِحَ تقول أنه آخر شخص في العالم سيشرب مشروبًا صحّيًا، لكنه مجبور على شرب ذلك الطين ذو اللون الغريب ثمناً لخيانته القهوة. كان من المتأخر كثيرًا أن تلجأ إلى الأطعمة الصحية ما إن يُصِبك المرض، لكن الناس غالبًا ما يحاولون ذلك على أي حال.

    «كان واضحًا أننا سنستمر في التخطيط وفعل الأمور لو تركتنا أحياء. كلما مرّ الوقت، ابتعدت الأمور عن خططها الأوّلية. كانت مُدْرِكة لذلك بالتأكيد، فلما تركتنا نعيش؟ كان لها اليد العليا، فلما خرجت عن أساليبها لتُغَيّر ذلك؟ لا معنى لذلك. هل يُحاول كورونزون الفوز حتى؟»

    «....لشراب اليوم نكهة بالِغين. أحمم، أمم، قد يكون فظّاً مني، ولكن أليس هذا منطق العبقري الأقوى الذي عاش حياة رائعة حيث افترض دائمًا فوزه المؤكد ونجاحه المتوقع؟»

    «ماذا، وهل يختلف كورونزون عن هذا؟»

    أطلق أكسِلَريتر تنهدًا منزعجًا بوصفها هذا.

    ما النجاح الذي حققه؟ الانتصارات المستمرة في حياته لم تؤدي إلا إلى الفشل. ويبدو أنه سيستغرق وقتًا أطول للغز قليفة 545 حتى تفهم تلك التفاصيل.

    هزّ #1 عصير الخضراوات الذي جعله أكثر حُنقاً حتى من القهوة السابقة. كَرِهَ كيف أنها كانت أكثر ثُخناً مما توقع.

    «لا أعرف الكثير عن ذلك الشيطان العظيم كورونزون، ولكنك تجعلينها تبدو كما لو أن العالم يزدريها. بالتأكيد لم تبدو مثل شخصٍ مُعَيّن تعلم الحذر بعد تذوق مرارة النكسات والندم عديدًا من المرات.»

    «بلع، بلع. إذاً، لماذا تعتقد أنها فعلت ذلك؟»

    «...»

    الشيطان العظيم كورونزون.

    مَقَتَهُ أليستر كراولي كما مَقَتَ [5] ماذرز. رغم أن وجهة نظر أكسِلَريتر المتفرج الخارجي لم تكن كافية ليُخَمِّنَ نوع الصِّلة التي ربطتهم. وكذلك، حسّ بأن أولئك الثلاثة انتابهم الإحساس نفسه. بدوا وكأنهم ينتمون إلى نفس الفئة. ...بالطبع، ربما سيُمزق أليستر حنجرته لو سمعته يقولها بصوتٍ عالٍ.

    حسّ بنفس القسوة فيهم كما رأى في الجانب المظلم للمدينة الأكاديمية.

    قد تكون تلك الظلمة نفس الجحيم الذي عاشه أليستر مرةً منذ زمنٍ طويل. عند النظر في ماضي قتلة متسلسلين، كان شائعًا مع الأسف أن نجد أنهم كانوا ضحايا عُنفٍ مُروّعٍ في طفولتهم.

    في تلك الحالة، ذلك المنطق القاسي الذي تربى في الجانب المظلم قد ينطبق هنا.

    «عندما ينبذ الوغد فريسته أمامه ويتجه حدرًا آخر، ستجدين دائمًا سببًا بسيطًا.»

    «نعم؟ وما هو؟»

    أكمل أكسِلَريتر بينما حَمَلَت لغز قليفة 545 زجاجتها القهوة.

    «لقد وجدوا لعبة تثير اهتمامهم أكثر، ولذا تخلصوا من القديمة. هذا لم يكن من باب الضمير، والرحمة ليست في قاموسهم.»

    ألم يكن #1 كذلك في وقتٍ مضى؟

    كان هناك فتى صفري المستوى عاجز القدرة كما ادّعى وَقَف في طريقه عندما حاول قتل #3 لمحاولتها إيقاف التجربة في ذلك الفناء. وما إن وقعت عينيه على ذلك الفتى، اختفت #3 من ذهنه تمامًا.

    هكذا عَمِلت الحيوانات.

    يشتهون فقط شيئاً واحدًا كلَّ مرة.

    ليسوا أذكياء كفاية لمطاردة فريستين في وقت واحد.

    تذكر أكسِلَريتر ماضيه، لكنه لا يزال ينطق كلماته.

    وتمكن الوحش بطريقة ما إنهاء مشروبه الصحي كاملاً وأخرج لسانه المُلَوّن وسحق الزجاجة الفارغة بيده.

    «هذا يتركنا بسؤالٍ واحد: ما الذي جذب انتباه كورونزون؟»

  • الجزء 4
  • «إلى ماذا تنظرين؟»

    «قوارب،» كان كل ما قالته.

    لم تلتفت المرأة في الرداء البيجي حتى نحوه بينما اِقتلعت شعرها الأشقر الطويل والمديد حيث كان مغروزاً في الأرض. لم يملك همازورا شياغي فكرةً عن كيف فعلت ذلك بالضبط، ولكنه حاول الابتعاد عن هذا الشَّعر إذ كان يشبه ذيل العقرب أكثر من ذيل الكلب في تحرّكه. وما عساه سوى التنهد وراء كورونزون.

    أكان ركوب القوارب هوايتها أم شيئاً من هذا القبيل؟

    عندما نظر فوق كتف الشيطان العظيم كورونزون، رأى لافتة إلكترونية تعرض نفس المصطلح مرارًا وتكرارًا. عندما صَوَّرها بالهاتف الذي يحتوي على أنيري، اكتشف أن معناها كان "مَلغي".

    كانت حركة شعرها مقلقة للغاية، ولكن أمكن أن يكون الأمر أسوأ. زعمت أنها شيطان وكانت قواها ربما حقيقية. ربما تكون محاولتها الإندماج في المجتمع البشري منعت من ظهور الذيل والأجنحة خلف عبائتها البَيْجية.

    كانت إدنبرة في شرق اسكتلندا ويحدها خليج يقطع عميقاً داخلها. عندما ساروا نحو المرفأ، ملأت صرخات النوارس ورائحة البحر الهواء. على الرغم من أن البحر لم يبدو مُجذبًا كثيرًا في ديسمبر.

    اختفت تهديدات مخاطر الكراولي، ولذا كان الناس الخائفين يغادرون مساكنهم بحذر. ...وكانوا على علم بأن جذور الخطر كانت هنا جوارهم. وبقول ذلك، كان الأشخاص في القمة، من يعلمون حقاً ما يحدث، لا يزالون في حالة تأهبٍ للقتال. ولذا، لم يكن مستغربًا تمامًا أن تظل القوارب والطائرات متوقفة.

    ولابد أن المُتسبب على علمٍ بذلك.

    طبعًا لم تنزعج لدرجة الهروب من المملكة المتحدة.

    قد عاش هامازورا في مدينةٍ محاطةٍ بالجدران في دولةٍ جزيريّةٍ أخرى، لذلك علم مدى خطورة وتهور محاولة هذا. الأوضاع هنا كانت مختلفة عن صحراء خاوية أو سهل شاسع حيث لن تكون متأكدًا من مكان الحدود. سيكون انتحارًا محاولة عبور الحدود بعد تسبُّبِها بمتاعب وضعت فيه الجميع في حالة تأهب.

    ومع ذلك.

    «جيد، في وقته.»

    «ما هو؟»

    «حقّقنا تقدمًا سلسًا نحو القدرة على استخدام هذه.»

    طَق.

    نظرت كورونزون صَوْب متجرٍ رخيص وركلت بابه بصوت ارتطام. كان منظرًا رائعًا أن يرى شخصًا يُعرف بـ "الشيطان العظيم" يكسر بابًا ويسرق حقيبة خضراء، ولكن كان على هامازورا أن يكبت ضحكه لئلا تقتله. بدا أنها اختارت هذه لمتانتها.

    كانت الحقيبة تهتز بثقل أكبر مما كان يُتَوَقّع لاحتوائها على حجرٍ عملاق إلى جانب التاج والصَوْلجان. كان وجود حجر السْكُون عظيمًا ليُتَجاهل.

    تحدثت كورونزون وصرخات النوارس تصلهم من فوق.

    «ما عندي عملٌ آخر هنا ما إن أحصل على المعلومات التي أحتاجها. ولا لي سببٌ للبقاء في هذه المدينة.»

    تُرِك هامازورا مع سيف الولاية وحَوَّطه بخشونة في معطف. ولن يكون في جعبته شرحٌ وافي ومبرر لو سأله شرطي مار في مثل هذا الصباح الصافي، ولكنه لا يستطيع أن يدخلها في خزنة محطة القطار ويحمل المفتاح فقط.

    ومع ذلك، لم يبدو أن كورونزون تهتم.

    «هذا جيد. استمر في حمله معك. ستعاني من القلق إذا لم يكن لديك أحد مفاتيح مراسم [مُو آثايا]، أليس كذلك؟ إن لم يعجبك سيف الولاية، فلربما أسحقك بحجر السْكُون البالغ 230 كيلوجرامًا.»

    «هِنن...»

    «أنا شيطانٌ عظيم، إن كنت تذكر. لا تدع صغائر الأمور تفاجئك.»

    إذا سُئِلَ عن السيف، حتمًا ستقتل السائل.

    أخبرت نظرتها بذلك.

    «هذه مسألة بسيطة.» ابتعدت كورونزون عن شاشة جدول العائدين والمغادرين المعروضة في رصيف الميناء. «إذا شرحت كل شيء عن السحر وخطوط لاي فأنا واثقة من أنها ستدخل في أُذُن وتخرج من الأخرى، لذا سأقدم لك فقط المعلومات التي تهم حقًا. بطاقات التاروت الثمانية والسبعين التي تحملها بحذرٍ تمثل جسمًا بشريًا. تقدم البطاقات لوحدها إطارًا غامضًا لـ 'الإنسانية' فقط، ولكن يمكن إضافة سِمات وخَواص فردية لتعطيها هُوِيّةً شخصية. ...ببساطة، إنها مثل الأخاديد في سِجِل القرص الدَوّار. تعرف ما هو السِّجل، أليس كذلك؟ فقط افهم الفكرة العامة. لا أهتم ما إذا كان شكل القرص قد تغير، لذا لا داعي لتزعجني حول ذلك.»

    «من يستخدم الأقراص في يومنا هذا؟ هذا عصر البث. بفف، أنتِ حقاً قديمة.»

    «ما رأيك أن أنزع دماغك وأفركه بصوفٍ فولاذي؟»

    وما عساه سوى الخرس بسماعِهِ هذا؟

    هو لا يعلم ما إذا كانت مازحة أم جادة. هذه العذراء الشيطان، التي تنزعج من إشارات العمر، غمزت ورفعت يدها عفويًا.

    «على أي حال، الخدوش التي لا تُرى هي من تشكل ديون فورتشن. هذه لا غنى عنها.»

    «الخدوش على هذه...؟»

    «جميع أدوات العِرافة كهذه. الكرة البلورية لا تفيد إن كانت جديدة. لابد أن تُستَخدَمَ مرّاتٍ كثيرة حتى يأتيها خدوش وبقع صغيرة من يَدِ العرّاف، ويَطَّلِعَ داخِلَها، ويَصْقِلُها، ويعيش حَياتهُ مَعَها، حينها فقط، ستصبح طقمًا يتيح لهم [الحديث مع جانبهم الداخلي]. ومِثلُها في التاروت. وهل تعتقد أنه بوضعنا للبطاقات حسب العادة ستأتي بنتيجةٍ مُشابهة؟ إطلاقًا. بعد سنوات من الاستخدام، ستنبعج الأوراق وتُخدَش مما يُغير بشكلٍ طفيف فرص ظهور بطاقة مُعَيّنة بغض النظر عن مدى محاولتك خلطها بالتساوي. دستة من بطاقات التاروت الجديدة لا تعني شيئًا. فقط عندما تُستَخدم وتتناسب مع ظروف وأغراض المستخدم الفردي تصبح [شريكًا يُحادثك].»

    كانت كل بطاقة من البطاقات مُهِمَّة.

    إذا خَلَطَ هامازورا دستة البطاقات بعناية، لن يكون لديه فكرة عما يعنيه الرسم أو الرقم، فكيف سيفهم الخدوش والبعجات الصغيرة التي لا ترصدها العين البشرية؟ ولكن إذا كانوا مثل الأخاديد في القرص أو الدوائر على أشباه الموصِّلات، كان عليه أن يعتني بها بأقصى عناية. لا تزال دستة الأوراق في جيبه، ولكن بدا نسيم البحر اللزج سُمًّا قويًّا الآن.

    سم لعقل ديون فورتشن، جسدها، ذكرياتها، شخصيتها، ابتسامتها، ووعدها.

    تَذَكَّر عصا العلكة في جيبه. قد وَعَدَ بتعليمها كيف تنفخ فقاعةً بها، لذا لن يسمح بضياع أيّ شيء من جسدها أو عقلها حتى يفعل ذلك. ولا شيءٌ واحد.

    ومع ذلك...

    «للتوضيح، الكتاب السحري لا يزال كتابًا سحريًا حتى لو فقد شكله البشري. لا يمكنك إتلاف البطاقات حتى وإن لكمتها بقوةٍ تكسر عظامك فيها.»

    «إيه؟ هاه؟ أهكذا هو الأمر؟؟؟»

    «لا داعي للقلق هناك. وبما أن هذه كانت متخصصة للدفاع، النظر إلى البطاقات لن ينقل معرفتها إليك. وهذا يعني أنه لا خطر ولا ضرر عليك من سُمّية كتابٍ سحريٍّ أصلي. ...ولكن هذا قولٌ سقيم لشخصٍ لا يعرف كيف تعمل الكتب السحرية العادية. اعذرني.»

    ولكن مع ذلك.

    كانت كورونزون تجر الحقيبة الخضراء الثقيلة معها. حتى لو اتفقوا على العمل معًا، لم يتوقع منها أن تشرح له كل هذا. خاصةً وهي تقدر بسهولة على أن تقتله وتأخذ سَيْف الولاية لنفسها تمامًا كما هددت به في البداية.

    لابد أنها لاحظت ما كان يفكر فيه إذ أن الشيطانة ذات الرداء البيجي قَرَّبت وجهها نحوه بابتسامة تتسع.

    «أنا شيطان، أتعلم؟»

    «ط-طَيّب؟»

    «الشياطين وَسَوَسَة وعراقيل. الشيطان لا يُهاجم ويطرد الناس عُمْيًا. الشيطان يَدْعو، ويُغْري، ويُساعِد، ويُوَفّر الكثير من النجاح والازدهار قبل أن يسلبك كل شيء ويُلقيك في الجحيم. فكّر بنفسك حول ما يعنيه ذلك. لكنني سأقول شيئًا واحدًا: هذا أمر طبيعي بالنسبة لي. لم تدفعني العاطفة نحو فِعْلٍ غير اعتيادي هنا. هكذا أنا أُسْقِطُ الناس

    قد يكون الأمر كذلك في أي مجال تقريبًا، سواء كان التداول اليومي، أو القمار في الكازينو، أو الوقوف في الأراضي أو الشقق، أو حتى سطو مصرفي والقتل من أجل مبلغ التأمين.

    بإمكان الجميع أن يرى أنها لا تسوى عند النظر إلى الأرقام الكُلّية. يعلم الجميع أن المقامرة السهلة أقرب أن تكون كذبًا. ليس كُلُّ من جرّبها وَجَد السّعادة. في الواقع، معظمهم جُفّت عظامهم فقط ليكسبوا شُطَيْراً [6] من الفوائد.

    ومع ذلك، دائمًا ما يُفكر الجميع أنهم وحدهم المختلفون وأنهم سيجدون وسيلة ذكية للفوز.

    حتى وإن لم يكن هناك استثناء.

    يظن الناس أن بقراراتهم الشخصية يُمكنهم قلب الاحتمالات الباردة والإحصائيات. افترضوا بدون أساسٍ أن لديهم نوعًا من التلهم الإلهي. وكانوا غافلين عن حقيقة أن افتراضاتهم الساذجة كانت فعلاً بوابة شيطانية إلى حياة جحيم عميق أبديٍّ من الديون.

    لم يكن لهامازورا شياغي وسيلة ليعلم ذلك لأنه كان يتجول على الحواف الخارجية للأحداث، ولكن كورونزون كانت تُخبِرُهُ أنها ابتلعت بلا رحمة أشخاصًا على مستوى كراولي وماذرز.

    لم تكن مفترسة كاشفة تنشر الخوف ببساطة.

    كانت تُوَسْوِسُ بعذبٍ.

    كانت 333، وهو ما يعني التشتت.

    كانت تُفَرّق الفهم المتبادل بين الناس وتعرقل روابط العالم.

    «ما تحاولين تحقيقه؟»

    «مراسم [مُو آثايا]. وإذا فهمت ما هو ذلك، هل ستحاول إيقافي؟ اسأل كثيرًا وستفقد فرصتك في إعادة ديون فورتشن.»

    «خ.»

    «هَهَهَ. أضحك معك. إنه ليس شيئًا يستحق الإخفاء. أبتغي إعادة كل الأشياء الطبيعية إلى حالتهم الطبيعية، تمامًا كتدوير الكوكب. هذا هو هدفي الوحيد.»

    «كل الأشياء الطبيعية...؟»

    «نعم. 333، التشتت. المعنى الحقيقي لاسمي يشير إلى تفكك طبيعي لكل الأشياء.»

    ضحكت كورونزون.

    صارت الأجواء أكثر رعبًا بطريقة ما بسبب الموسيقار القريب الذي كان يبحث عن شيء يقضي به وقته منذ وصوله قليلاً مبكرًا ولم يستطع أن يبدأ في عزف مزمار القربة التقليدي بعد. وتواجدت هناك نهاية العالم وشخص يحاول ألا يكون عبئاً مُشَكِّلةً نمطًا من الرخام.

    وَعُزِلَ الشيطان عن مدينة إدنبرة التي كانت حركتها مُقلقة وحذرة.

    «كُلُّ ما في هذا العالم – سواء كانوا ناسًا أو أشياءً أو ظواهر – سيُدَمَّر يومًا من الأيام. أوه، ولكن لا تحسبه دمارًا عنيفاً. بقولي 'يومًا من الأيام'، لا أقصد أن هناك يومًا مُعَيّناً مُحَدّدًا.»

    «إذن لن تُخبري بموت الجميع اليوم؟»

    «بالضبط. فهل قولي هذا غريبٌ حقًا؟ يا صبي، أنت كذلك ستموت يومًا ما. قد يحدث ذلك من شيخوخةٍ في آخر حدٍّ من عمرك الإفتراضي، أو قد تأتيك فجأةً من حادث أو مرض. في الواقع، من غير الطبيعي وغير الواقعي لأن يفتقر أي شيء لمثل هذه العملية.»

    كان الموت كما تَصَوَّرهُ هامازورا شياغي لنفسه شيئاً فُجائياً وعنيفاً. لم يكن يبلغ عُمرًا كافياً ليَتصَوّر صورة واضحة عن نفسه ميّتاً بسعادة كرجلٍ طاعن.

    ومع ذلك.

    إذا كان كل هذا طبيعيًا، فلماذا كانت كورونزون مهووسة بها؟

    ستأتي النهاية من نفسها، بدون مساعدتها.

    وما زال بالكاد يفهم أيّاً من هذا، ولكن أليست هذه المرأة في الرداء البيجي قد صنعت عَدُوًّا من الناس كثير؟

    شرحت وهي تجر حقيبة السفر الخضراء وراءها.

    «ببساطة، الأشياء الغير طبيعية والغير واقعية تُعيق تدفق العالم.»

    «لحظة، لا تقولي...»

    «قد لا تفهم لأنك تعيش داخل الدورة الطبيعي والعادي، ولكن العالم مليء بالأشياء التي لا يُمكن تدميرها. خاصةً بأمور الغوامض والغرائب كالسِّحر. أسلحة لا تصدأ أبدًا، وكتب لا تتلف أبدًا، وحضارات لم تُظهر بطريقة ما علامات انهيار رغم استمرارها بارتكاب الأخطاء! إنه بسببكم أنتم أيها البشر، تستمرون في خلق المزيد والمزيد من الأشياء التي لا تتحلل وتنشرونها في كُلِّ مكان!!»

    صاحت عاليًا بحيث اعتقد هامازورا أن صوتها سيقسم الكوكب.

    تلك المرأة، التي كانت ترتدي ملابس توحي بأنها لا تزال في وظيفتها، وضعت يدها على جبينها.

    «لقد اِختبر العالم أزمات عديدة: الحرب العالمية الثالثة، وهياج إله السحر أوثينوس، وظهور استثنائيات كاميساتو كاكيرو. وهذه إحدى أشكال التفكك الطبيعي وكان لابد أن يتدمّر هذا العالم بمفرده. ولكن هذا لم يحدث، واستمر التاريخ حتى يومنا هذا. لماذا؟ بسبب أشخاص رفضوا الخنوع "للجريان الطبيعي" ووقفوا بشكلٍ "غير طبيعي" مُناهضين!!»

    ربما كان هذا الحديث على مستوى يفوق فهم هامازورا شياغي.

    أوثينوس، أليستر، وإماجين بريكر.

    كل النقاط التحوّيلة التي أشارت إليها كانت تقف في مواقع تؤثر على ما حدث لأولئك الذين لا يزالون في هذا العالم بعد تجاوزهم عمرهم الطبيعي وتاريخ انتهائه. قد يبدون أبطالاً لأولئك من تمنوا البقاء أحياء، ولكن كيف بدوا لشخصٍ تمنى الموت؟

    حاول أليستر كراولي صنع عالمٍ أفضل عن طريق القضاء على كُل أشكال الغرائب والخفاء.

    لكن لكورونزون الشيطان رأيٌّ مُغايرٌ تمامًا. حاوَلَ حماية "طبقة العِلم" التي تدعم كل شيء في قاعِ قاعِ القاع، ولكنها لم تهتم حتى إذا ضاعَ ذلك.

    هل يحمونها أم يهاجمونها؟

    قد يكون الفارق الأساسي بينهما هو انعدام اهتمامها الكامل بالحياة التي انبثقت في هذا العالم.

    «هل تظن حقًا أن عالمًا مليئاً بالتجلطات كهذا يمكن أن يظل في حالةٍ طبيعية؟ أبدًا! لا يهتم البشر إذا هلك العالم معهم. أنتم أيها البشر حفنة من الجهلة الغابرين تخلطون بين [دمار الإنسان] و[دمار العالم]. ولكن بالنسبة للمراقبين في الخارج، فَهُم لا يَرَوْنها هكذا. إن وددتم أيها البشر هلاككم، فافعلوا، ولكن لا تجروا العالم معكم. هذا قولي.»

    دُفعةً واحدة، حسَّ هامازورا شياغي بأن بُعْدَهُ عن هذه المرأة طارَ بلا حد.

    لم يشعر بحقيقة أيّ من هذا.

    كان يتبعها لحماية شخصٍ مقرب. أراد أن إبعاد عشيقته، تاكيتسوبو ريكو، إلى مكان آمن ويعيد ديون فورتشن إلى حالتها الطبيعية. أراد العودة إلى المدينة الأكاديمية ومُلاقاة موغينو، كينوهاتا، فريميا، هانزو، كُرويورُ، يوميكاوا، وكُلَّ من طَرا على باله. والأهم من ذلك كله، أراد عيش حياة سعيدة مع تاكيتسوبو والآخرين للمئة سنة الوحيدة التي لديهم. أراد سعادة حقيقية دون ندمٍ وبضميرٍ صاف. لم يكن يتحدث عن ما إذا كان ذلك ممكنًا أم لا. كان يظن نفسه دائماً "أسعد ما يمكنه تخيله" وهذا أكفاه.

    كان يخاطر بحياته الوحيدة لشيءٍ بهذا الحجم.

    إذن، ما كان هذا؟

    الجنس البشري؟ العالم؟؟؟ أيُّ مسطرةٍ تستخدم لتقيس مثل هذا المدى؟

    «سأعيد العالم إلى حالته الطبيعية.»

    كانت كورونزون على الأرجح على عِلم بكيف شَعَر.

    كانت تعلم بالقشعريرة المارة على عموده الفقري.

    «وأليس مناسبًا وغريبًا أن أبدأ الدمار في بريطانيا؟ جون دِي، الذي كان قريبًا من إليزابيث الأولى، قَدَّمَ السِّحر الأخنوخي [7] إلى العالم. التعويذة المهمة التي سأستخدمها مرتبطة بشكلٍ وثيق بـ ZAX، الأثير العاشر، وهو في الواقع أنا. ولكن هناك نظرية تقول بأنها قوةٌ مُرَوِّعة ستستخرج قوّةً قادرة على تدمير عالم السِّحر.»

    وعلى كُلٍّ، أعطت نظرة محبة إلى الفتى العاجز الذي لم يملك خيارًا سوى قبولها. بدت موافقة على وُجودِهِ كائناً ضِمن الدَّوْرة الطبيعية حيث سيموت ويتحلل في التربة.

    «....إماجين بريكر [قاتل الأوهام]، [8] لقد تجوّل هذا الوجود بين فجوات التاريخ بصفته نقطة العالم المرجعية. ولقد وُجِدَ في أشكالٍ متنوعة عديدة: في الناس والأشياء والأماكن والمباني. لكن لماذا يقتل؟ إن كان يشير ببساطة إلى عالمٍ غير مُلَوّث، فستكون عنده العديد من التفاعلات المختلفة مثل الصدِّ والتحريف والانزلاق. ومع ذلك، اختار تدمير الخوارق التي لا يقبلها. هذا ما أبحث عنه. في حالته الطبيعية، يُكَشّر العالم عن أنيابه ضد كل شيء. إذا كانت الظروف مناسبة، فإن الموت هو المصير الطبيعي لكل أشكال الحياة. ما لا يُفَكّك يجب أن يُعاد كتابته إلى شيءٍ يُفَكّك وإن عنى ذلك تحطيمه لقِطَع. هذه هي الدورة الطبيعية التي تجدها في هذا العالم.»

    «...»

    «الآن، قد منحك الشيطان "مُطيعًا" علمًا وفيراً.»

    ابتسمت.

    كانت بسمةً لزجة ولكنها بطريقة ما طفولية كذلك.

    «هل صار عندك الآن الأساس الذي يلزم لتُحدِّدَ مدى مصداقية وَساوِسيّ العذبة؟»

    «ماذا؟»

    «إذا لا، فلستَ سوى فردٍ آخر يُلْتَهَم.»


    والآن.

    ما طينة الناس الذين تواصلوا مع الشيطان العظيم كورونزون في الماضي؟ وما مدى موهبتهم؟ لم يستطع هامازورا شياغي أن يجد إجابة. ولم يقدر تخيلها. ولكنهم لم يصبحوا إديسون أو أينشتاين. وكان هناك سبب بسيط لذلك.

    «لذا كيف ستَحكُمُ على هذا التحذير؟ هل الكذب فوق كذب يصنع الحقيقة؟؟؟ إذا قَبِلت ببساطةٍ كُلَّ قولي، فستلقى ذات المصير الذي واجهه ماذرز. ولذلك يا صبي، حاول أن تكافح على الأقل بقدر ما فعل كراولي الذي رفضني بعد أن استدعاني وهو برفقة نويبورج.»

    فَشِلَ كُل هؤلاء الخبراء المُمَيَّزين.

    غرقوا في أعماق التاريخ دون أن يتركوا أسمائهم ذِكرى.

    كراولي؟ ماذرز؟

    أيُّ شخصٍ عادي سَمِعَ بهما؟

  • الجزء 5
  • «ما رأيك» سأل أكسِلَريتر.

    «لا مصلحة لكورونزون في إدنبرة»، ردّت لُغز قُلَيْفة 545. «إذا ابتغت استخدام الكنوز الثلاثة وحَجَرَ السْكُون هنا، لفعلتها في قلعة إدنبرة. لذا أيّاً كان هدفها، كان أفضل عليها المغادرة هناك بأسرع ما يمكن.»

    «وكيف بالضبط ذلك؟»

    «هِيَ قادرة على إطلاق نفسها خارج الغلاف الجوي وتَتَّخِدّ مسارًا باليستيّاً إلى الجهة الأخرى من الكوكب، ولكن يبدو لي هذا غير وارد. المملكة المتحدة حاليًا في ضعفٍ مرير ولابد أنها قادرة على خطف البلاد منهم باستخدام [أشراف اسكتلندا]، ولكن عند تقييم العِلم مقابل السِّحر، السِّحر لا يزال صاحب اليد العليا. إذا استخدمت السِّحر للانطلاق، سترصدها الساحرات فورًا وستتحرك لمهاجمتها.»

    توقفت الشيطانة الشفافة للحظة وأشارت بإبهامها إلى صدرها الكبير.

    «أنا أيضًا شيطانٌ اصطناعي من خَلْقِ كورونزون نفسه. أعرف عاداتها، لذا يمكنني اكتشاف اِسْتِخْدامِها أيَّ سحرٍ بمقياسٍ كبير. لكنني لم أرصد شيئاً من هذا القبيل.»

    «يعني؟»

    «هي لم تستخدم أي سحر طيران فاخر☆»

    سَمِعُوا دقةً إيقاعيةً مُنْخَفِضَة.

    كانت حاليًا ساعة الذروة.

    ولم تكن القطارات في حالة تأهب مثل القوارب والطائرات.

  • الجزء 6
  • «سيُغادر قطار النموذج السريع من إدنبرة إلى غلاسكو قريبًا على المسار 9. العربات 14 هي عربات بمقاعد محجوزة والعربات من 5+ هي عربات بمقاعد شاغرة.»

    «تشه.»

    نظر موظف مار بدهشة إلى نقرة اللسان التي لم تتناسب على الإطلاق مع الزي البيجي.

    كانت الحشود التي تغمر رصيف القطار في الغالب من الركاب اليوميين وليس من السياح. نظر الشيطان العظيم حوله برَوَقان بينما يجر حقيبةً ثقيلة تبدو وكأنها تزن 230 كيلوغرامًا بكلتا اليدين.

    «.....إنهم يُريبونني. لكن لماذا لم يستخدموا سلطة الحكومة لإغلاق القطارات؟»

    «ماذا؟ الحكومة؟ ما الذي يحدث؟»

    «حان وقت الاختبار.»

    بدت المرأة ذات الشعر الأشقر الطويل بَهِجة نوعًا ما على الرغم من أن شيئًا غير متوقع كان يحدث.

    «علينا أخذُ الكنوز الثلاثة وحَجَرَ السْكُون بعيدًا عن حصارهم. يا فتى، حان الوقت لتُثبِتَ فائدتك بيدقاً. من المحتمل أن العدو أرسل وحدة صغيرة ولكن قوية. وسيكون أعضاؤها من النوع الذي يتجاهل إرسال التقارير لرؤسائهم الكبار. وباختصار، هُمْ مُتَمَكِّنون. لن تُنقِذَ أبدًا دِيون فورتشن ما لم تفلت من مطاردتهم.»

    «...»

    «إذا ابتغيت الوقوف على خط البداية، فأظهِر قُوّتك. هل تعتقد حقًا أنها ستنتهي لصالحك إذا رفضت؟»

  • الجزء 7
  • ومن ثُمَّ.

    كانت مهمة هامازورا شياغي الهروب.

    كورونزون ليست معه. وكذلك، كانت تلك الشيطانة الجميلة قد وصفت هذا بالاختبار. إذا خَيَّب أملها هنا، فلن يقدر على إنقاذ دِيون فورتشن.

    كان يعلم أن المطاردة قادمة وليس لديه سبب حقيقي للبقاء ساكِناً. أراد الخروج من مدينة إدنبرة إن أمكنه ذلك، لذا كانت خياراته الوحيدة هو ركوب القطار الذي أعدَّهُ له كورونزون.

    من هناك، كان عليه أن ينظر إليها بنفس منطق لعبة الخادمة العجوز.

    عندك خمس بطاقات لتختار بينها، وخِفتَ من اختيار الوسطى والأطراف لِشُبْهَتِها، [9] ولذا حَصَرْتَ خياراتك بين البطاقتين الثانية والرابعة التي تبدو آمنة. دخل القطار المزدحم وبقى بالقرب من الباب بينما كان الحشد بالكاد يطحنه.

    بدأ القطار في الحركة.

    لو ظَنَّ المُطارِدون برَيْبة هذا القطار، فمن المؤكد أن يبدأوا البحث من أحد الطرفين. وإن لزمه الأمر، كان سيُجبر على النزول في المحطة التالية أو يضغط على زر التوقف الطارئ وينزل إلى المسارات. بَذَلَ قُصارى جهده ليُهدئ من نفسه بإقناعها أنه رأى كُلَّ الاحتمالات (بغض النظر عمّا إذا كانت قابلة للتنفيذ).

    وعلى كل حال.

    رأى هامازورا قماشاً أبيض يتطاير خارج النافذة.

    ولم يتحرك أفقيًا مع حركة القطار.

    لقد عَلَى من أسفل.

    سَمِعَ صريرًا معدنيًا هادئًا من السقف.

    (آه.)

    ظهرت صورة فَضَّل ألا يتخليها مُطلقاً خلف عقله. انبثق عرقٌ من ظهره وانتشر إلى بقية جسده.

    (آآآآآآآآآآآآاااااااااااااااااهه! كان ذلك أكسِلَريتر! أتمزح معي؟!)

    لم يقدر هامازورا أن يفهم كيف تورط ذلك الوحش هنا. ربما كان يُطارد لُولا ستيوارت بما أنه كان يتبع أليستر منذ وصولهم لأول مرة إلى المملكة المتحدة، ولكن لابد أن شيئًا آخر حدث في الطريق. لابد أن تَحَوُّلاً كبيرًا قَسَّمَ بين الجماعات.

    مهما كانت الأحوال، كان أفضلاً على هامازورا أن يفترض أن جميع الأفراد والمنظمات تعارض كورونزون تقريبًا.

    وكان هناك شيءٌ واحد فقط يعلمه يقيناً.

    (لن يمكنني إنقاذ دِيون فورتشن ما لم أتخلص من مطاردته.)

    مع وجود عدوٍّ مثل هذا، شكَّ في إمكانية الهروب بالركض عند المحطة التالية أو الضغط على زر التوقف الطارئ والقفز على المسارات. فكان الـ #1 ذاك قادرًا على لعب الغميضة مع طائرة إذا أراد.

    شعر بحرارةٍ تتزايد في جيبه، لذا نَقَرَ هاتفه من خلال بنطاله.

    «(أنيري، لن تجدي حلاً بحساباتك، لذا ضعي ذلك جانبًا وانتقلي إلى المشكلة التالية. لا تُركزي على مقارنة المواصفات والبحث عن وسيلة للتغلب على أكسِلَريتر. لا يهمني إن كان مثيرًا للشفقة. جِدي لي طريقةً أخرى.)»

    وبقوله هذا. كان الأمر كما لو حسَّ بألمٍ في ضرسه العقل. لا يريد أن يقبل حقيقة تَسَوُّسِهِ، ولكن تأجيله لن يزيده إلا سوءًا.

    (عندي وقت لأُفكِّر. عليَّ ذلك. إنه أسوأ وحش ممكن، ولكن هذه العربة بها أكثر من 250٪ من الركاب المفترضين. لن يُمزق العربة ويُحَوِّل كُلَّ من فيها إلى لحمٍ مفروم. عليَّ مراقبة الوضع وثم أتجه إلى عربة أخرى.)

    كانت الخطة التي استخدمها هامازورا لتهدئة قلقه تتفكك أمام عينيه، ولكنه لا يستطيع أن يستسلم ويرمي المنشفة. رصَّ أسنانه وبدأ في إعادة في مراجعة الأوضاع مرةً ثانية. ومع ذلك...

    «(نه، هه...)»

    سَمِعَ صوتًا أنثويًا حُلوًا يُقْمَع.

    ومن مكانٍ قريبٍ مُفاجئ.

    في الواقع، كانت الفتاة تضغط عليه مباشرة.

    «(أر-أرجوك توقف. وإلا سأصرخ... آااه.)»

    «إيه؟ إيه؟ ماذا يحدث؟ إيه؟»

    عندما حاول الابتعاد داخل القطار المزدحم، شعر بمقاومة تأتي من طرف غمد السيف الذي لَفّه بمعطف، ورافق ذلك صرخةً قصيرة من الفتاة. كان هذا سيئًا. كان متأكدًا من ورطته. هل تَسَلَّلَ سيف الولاية الخبيث لمكان لا ينبغي!؟ مثل بين ساقي فتاةٍ غريبة!!؟

    ولكن حينها أدرك شيئًا.

    ( لحظة، لماذا تتحدث اليابانية؟؟؟ )


    «حسنٌ، آمل أنك استمتعت بأداء مصيدة العسل الخلّابة هذه من قبل فاتنة الجميع المفضلة: ليسّار.»


    سَمِعَ صوتاً مُمَزِّقاً من خلال عظامه أكثر من أذنيه. بينما كانت مُحاطة بالعديد من الناس، أمسكت سرًّا بيده ولفّتها في اتجاهٍ لا ينبغي.

    عندما نظر لأسفل مجددًا، لاحظ شيئًا يشبه الذيل يمتد من خلف وسطها ويلتف حول غمد السيف.

    على الظاهر، بدت مجرد فتاة شيطانية تهمس إليه وتفرك خَدَّها بصدره وتنظر إليه بحرارةٍ غريبة في عينيها.

    «(استسلم. فلا أحد يهزمني في الحِيَل والمكر☆)»

    «تباً...»

    «(انتظر يا أحمق. ستنزل في المحطة التالية معي. بصراحة، كان شكّي في محله عندما ظَهَرت دِيون فورتشن من بين كل الناس في محطة الوقود تلك. شكّي في الذي كان معها، وليس ديون فورتشن نفسها. في الجانب السحري، ليس الأشخاص الذين يرسمون مؤامرة واسعة يجب أن تحترس منهم؛ بل الهواة الذين يتخذون اختصارات ويصلون إلى جوهر القضية سريعًا للغاية. ينتهون بالتفكير في أنهم يمكنهم فعل أي شيء وينتهون بتوجيه اللوم إلى العالم للوقوف في طريقهم. إذا رغبت في التفاصيل، ابحث عن مصطلحات مثل "عالمٍ مُصَغَّر" و "الوعي الذاتي المفرط" و "قِوى قليفوثية"!)» [10]

    مهما قالت، لا يمكنه تركها تقبض عليه.

    لا تزال تُمسِكُ مِعْصَمَه ومرفقه في قفلٍ مُثبَّت، وكانت يده الأخرى تبحث بعمى في محاولة للعثور على حل. لن يُحقق ضرب وجهها الكثير إذ كانت تعصر مباشرةً جسمه حيث المسافة صفرية. والأهم من ذلك، يمكن لليسّار أن تكسر بالتأكيد ذراعه لو زادت القوة قليلاً. لذا لم يحاول مهاجمتها. كان يبحث في الجدار. مسحت يده على طول ذلك السطح بحثًا عن بروز مميز.

    أراد فتح القفل لفتح النافذة.

    «بواه!؟»

    فور أن فتح النافذة بيدٍ واحدة، اندلعت رياحُ ديسمبر الباردة بقوة. كانت الرياح كالحائط الصُّلب؛ ولذا تذبذب توازن ليسّار. لا، في الواقع أخافت الرياح المفاجئة كُلَّ الركاب الآخرين وسحبوها في تلك الموجة البشرية.

    «غه!!»

    لم يفلت هامازورا شياغي من دون أذى أيضًا. شعر بألم حاد في عظم معصمه ومرفقه. هل أرادت ليسّار استخدام كلتا يديها لتدعم وتحمي نفسها، أم أنها أطلقت سراحه من دافع اللطف؟ أيّا كان، أفرَجَت عنه قبل أن تُكْسَرَ مفاصله، وانتزع سَيْفُ الولاية الذي كانت تُمسكه بذيلها (؟).

    «هَيه، توقف!! كدت تمزق مؤخرتي!!»

    كان هراءُها المذعور باليابانية، لذا لم يبدو أن عُمال المكاتب من حولهم يفهمونها. وقد أنقذه ذلك من أن يُهجَمَ عليه من قبل الركاب ذوي النيّة الحسنة. تحرك ضد التيار، ثم صعد إلى النافذة التي فتحها.

    غادر نافذة عربة الركاب وتسلق الجدار ووصل إلى السقف.

    كان يخاطر بحياته للهرب من تلك القاتلة، ولكن هذا لم ينتهِ بعد.

    في الواقع، هنا حيث تبدأ حقًا.

    «يَو.»

    «.........................................................................................................................»

    كان قد توقع هذا.

    كان قد تنبأ بهذا، لكنه رغم ذلك كان كافيًا ليوقف قلبه بالكاد.

    كان لينتهي أمره لو كان وحيدًا.

    امسك هامازورا شياغي السَّيْف الملفوف بالمعطف بإحكام في ذراعيه.

    (فورتشن!!)

    لا يمكنه الموت حتى ينقذها ويعود إلى تاكيتسوبو.

    مهما صار.

    هناك فقط سبعة من المستوى 5 وأكسِلَريتر كان أعلاهم تصنيفاً. لم تكن هذه قضية أن هجمات هامازورا لم تعمل ضِدَّه أو أن إنعكاسَهُ قد يَرُدُّ الأذى عليه بدلاً من ذلك، إذا اصطدما وجهًا لوجه بكامل قوتهما؛ فموته كان حتميًا حتى قبل أن يرى الضربه.

    شَعَرَ بنفسه فريسة أمام مُفترسه.

    وكيف سيَصِفُها غير ذلك؟

    فجأة، ألقى هامازورا المعطف في الرياح وأمسك بسيف الولاية كاشفًا. سحب الشفرة من غمدها الخشبي ووجه طرف السيف المُتَوِّهج ذهبًا نحو الـ #1.

    «هَاه.»

    اِسْتَهْزأ خَصْمُه.

    وهبت رياح عنيفة على السطح المهتز. ولم يُبدي أكسِلَريتر قلقًا رغم وجود السطح المنحني الذي أنشأته وحدات تكييف الهواء الصناعية والفواصل بين المركبات.

    كان هذا كافيًا ليُلمِّح لهامازورا.

    لم يظنّ نفسه يهزم الـ #1 بهذا. ربما يقدر لو استخدمه صحيحًا، ولكنه ليس كورونزون أو ليسّار. الفتى الجانح لا يعرف حتى كيف يستخدم سيفًا عاديًا، وكانت العصا المعدنية أو الهراوة أكثر أُلفةً له. لقد سحب السلاح أملاً في أن يستخدمه رهينة. كان يأمل أن يجعل خصمه يحتار ويتردد في مهاجمته.

    كانت تلك الضحكة إجابته.

    اِهتم أكسِلَريتر فقط بحل المشكلة المباشرة.

    ببساطة، لم يهتم بكسر السيف وجسم هامازورا معه.

    لم يكن هناك مجال للتفاوض هنا.

    (أليس هناك شيء؟)

    بلع هامازورا ريقه.

    (أليس هناك أي شيء أقدر على فعله؟! لا يمكنني الاستسلام بسهولة فقط لأنه ليس هناك شيء يمكنني فعله. إذا لم أفعل الأشياء صحيحًا من البداية، فسأموت!! أنا ضد الوحش الـ #1، لن تكون هناك حركة ثانية!!)

    «جاهزٌ لذلك؟»

    «!!»

    سمع شيئًا يقطع الهواء.

    دَهَسَ أكسِلَريتر بأحذيته السقف وانطلق نحو الأمام بسرعة مدفعية. ردّ هامازورا على الفور بتوجيه السيف نحو قدميه. على وجه التحديد، نحو وحدة وحدة تكييف الهواء الصناعية التي غيّر مكانها تصميم سطح العربة وجعلته غير مُستوي.

    كان الضجيج المربك كالحيوان البري يُمزق علبة ألومنيوم فارغة.

    اِنفَجَرَ المُبرد الكيميائي المضغوط والمسال على الفور على شكل بخار أبيض.

    بالطبع، لم يعتقد هذا كافياً لإيذاء من لديه السّيطرة على جميع المُتّجهات.

    ورغم ذلك، ضرب الوحش #1 السطح لزيادة سرعته.

    بمعنى...


    «يمكنني إزاحة موطئ قدميه دون اختراق حاجز انعكاسه!!»


    تَلَوّن جزءٌ من السقف بالأبيض سريعًا. وصل المبرد الهيدروفلوروكربوني السائل إلى درجات حرارة تصل عشرات الدرجات تحت الصفر، ويمكن أن تجمد حتى المعدن. لم يقدر سطح السقف تحمل التغيُّر الحراري السريع، لذا بدأت طبقة رقيقة من السطح تتقشّر. تمامًا كما يتقشر الدهان من معدات اللعب في حديقة مهجورة لزمنٍ طويل.

    فجأة، فَقَدَ نعل حذاء أكسِلَريتر سيطرته.

    كانت كإنزلاق إطارات الدراجة على أوراق مبللة في يوم ممطر. لا يمكن لقدرة الـ #1 في السيطرة على المُتجّهات التأثير على شيء إذا كان هناك طبقة بينهما.

    «يا...ملعون...»

    «خ.»

    زُعزِعَت قبضة أكسِلَريتر قليلاً عن المسار وتجاوزت هامازورا، لكن هامازورا نزل لأسفل ولم يحاول أو ينوي لمسه. بغض النظر عن الوضع، الوصول إلى ذلك الوحش كان انتحارًا وهو لديه انعكاس. لم يقدر الـ #1 التخلص من زخمه، ولذا تدحرج من فوق سقف القطار حتى وَقَع.

    «هل نلتُ منه!؟»

    سحب هامازورا سيف الولاية من وحدة تكييف الهواء ونظر إلى الخلف، ولكنه لم يرى شيئًا هناك.

    لم يسمع سوى قعقعة القطار الإيقاعية ولم يرى سوى المَركَبات المُتّصلة تتذبذب في حركة موجية.

    «...»

    هل،

    نجحت؟

    لم يتمنى حقًا رؤية جُثةٍ مُشَوّهة، ولكنه لم يكن يشعر بحقيقة اختفاء خصمه هكذا. أهذا هو شعور المرء الذي يفقد عُضوًا ويستمر في الإحساس فيه أمَدَ العُمُر؟ اختفت التهديدات، ولكن القلق الغامض بقى.

    وَمِن ثُمَّ...


    سَمِعَ أضواجًا معدنيةً عالية وبعضها الصغار تليه.

    كان واثقًا من سمعها.

    شَبّه الصوت المشؤوم بمخالب عملاقة تمزق جدارًا من الصلب. وذلك التشبيه قد لا يكون خاطئاً تمامًا. لقد مزق وحدة تكييف الهواء بسيفٍ عتيق، ولذا بالطبع يستطيع الـ #1 استخدام يديه العاريتين لتمزيق جدار القطار الذي به الكثير من الألمنيوم لتقليل الوزن وتحسين كفاءة الوقود.

    لم يسقط #1 بعد.

    لكن جزءًا من هامازورا لم يتفاجأ. ربما كان استخدام التصنيفات الرقمية لقياس قوتهم خاطئًا، ولكن هذا لم يكن #4 موغينو أو #2 كاكيني. هذا كان #1. كان جحيمًا أعظم بكثير من هذين الاثنين. كان من الخطأ أن تعتقد بهروبك بإيقاعه في فخ.

    وصل صوت همس الموت إليه من مكان ما.

    «...يَو...؟»

    لكن ما عساهُ يفعل؟

    ما كان يفترض أن يفعل؟

    إذا فشل هجومه الأول، فَقَدْ خَسِرَ خَسِرْ. ولا يمكنه تَصَوُّر أو الإتيان بهجومٍ ثان. استوعب هامازورا هذه الحقيقة. واستوعب فشله في الهرب سريعًا. يمكنه الجلوس هنا واستيعابها كما يشاء، ولكن ما عساه حقًا أن يفعل؟

    في تلك اللحظة، اقتحم شيء لامع اللون من زاوية رؤية هامازورا. رأى شعرًا فضيًا رقيقًا وبشرة بُنّية بدت فاتنة تَسْحَرُ ناظريها، ورأى ضمادات بيضاء ملفوفة بكسلٍ حول جسمها.

    «ياهوو☆»

    «نِفـ ... ـثيس؟ كيف وصلتِ هنا؟»

    «اسكت. أعلم أن جاذبيتي لا تُتجاهل، ولكن هذه ليست اللحظة المناسبة للدردشة. اذهب وابدأ هروبك الآن.»

    بأكثر الطرق عفويةً على الإطلاق، استخدمت نِفثيس كعبًا عاليًا مصنوعًا من الضمادات بيضاء لركل هامازورا. لم تضع وزنها عليه واحتفظت به على مستوى مكافأة لطيفة، ولكنه لم يملك وقتاً للاستمتاع بها.

    لقد ركلته لأسفل، أسفل...؟ لأين؟

    بالطبع، أسفل القطار.

    «ها...؟ إيه؟»

    ما خاف.

    ما كان عنده الوقت لهذا. كما لو أن ترسًا كان مفقودًا؛ واصلَ عَقْلُهُ في الدَّوَران.

    أكان القطار يجري 70/كم أم 80/كم؟

    لم يستطع ربط مشاعره بالرؤية الظاهرة أمامه.

    «آآآآآآآآآآآآآآآآآااااااااااااااااااااااااااااااااهههههههههههههههههههههههه!!!؟»

  • الجزء 8
  • عندما صَعَدَ أكسِلَريتر حائط القطار ليعود إلى السقف، نقر لسانه بـ «تشه» لما وَجَدَ هناك. لا يزال يشعر بوَخزٍ في صدره من هجوم كورونزون، ولكن هذه ليست اللحظة المناسبة للقلق بذلك.

    جاء شيءٌ غريب من العالم الخارجي المار سريعًا خارج القطار.

    كان هناك ما اخترق الباب للخروج من القطار. كان شيئًا... ذهبي. بدا وكأنه نباتٌ لاحم عملاق مصنوع من خيوط أو شعر وفتح فمه لالتقاط هامازورا الساقط. ثم سقط الشيء على الأرض المارّة كشفرةِ مِنشارٍ لا يرحم.

    لم يعرف أكسِلَريتر ما حدث، لكن هدفه لا يزال على قيد الحياة.

    وبيده عناصر نوعًا ما هامة.

    وأيضًا...

    «من أنتِ؟»

    «لنُوَضّح أمرًا، لستُ في جانبه بشكلٍ صارم.» لمست المرأة البُنّية الملفوفة بالضمادات شفتيها بسبّابتها. «أنا نِفثيس، إحدى آلهة السحر، ولكن سَمِّني بالمُتفرجة للآن. ومن وجهة النظر هذه، هذا يذبحني مَلَلاً. من يريد مشاهدة معركةٍ يَعرِفُ نتيجتها منذ البداية؟ أود تسريع الأمور، ولكن إن لم أستطع ذلك، فعليّ إشعالُها بنفسي. أعتذر على ما يعادل رمي الفشار على شاشة السِّنِما.»

    «...»

    «نعم. ربما يكون أفضل لك أن تعتبرني عدوًا مشتركًا للجميع التي تستهزئ وتتباهى. والآن بعد دخولي الحلبة، ما رأيك أن تُسلّيني بمعركة أيها المُمَثّل الخشبي.»

    شيءٌ آخر تحرك في انتهاك للجاذبية.

    أوراق الشجر الجافة المُلتَقَطة في الرياح القارسة الباردة تجاهلت تلك التيارات الهوائية القوية وشكّلت دوامة بجوار أكسِلَريتر. تمامًا كما اجتمعت في مكانٍ واحد، انفجرت بصوتٍ يُسْمَع.

    أقدام عارية لفتاة مع تناقض خطوط جسمها الناعم عَلَت في الهواء دون لمس سقف القطار.

    كانت هذه الفتاة قد كشفت عن نفسها للعالم الخارجي من خلال مراسم ولادة اصطناعي.

    «هيي هيي.»

    يشبه هذا الشيطان الشفاف اندماج فتاة بشرية، وقنديل بحرٍ قاتل، وصُحُف. لفّت ذراعيها حول رقبة أكسِلَريتر لتتشبث به.

    «أوه، هذا ليس جيدًا. هذا إلهٌ سحريٌّ حقيقي، أليس كذلك؟ لا فائدة من قتال أحد أولئك المجانين المهووسين بالقتال الذين ارتقوا إلى رتبة الآلهة ورغم ذلك لا يعتزمون إرشاد الناس!! نِفثيس ليست هدفنا، لذا أنصح بالبحث عن وسيلة ذكية للخروج من هذه المعركة!!»

    «وهل تحسبينها ستتركني حقًا يا حماره؟»

    «نعم، تلك مُشكلة بالنسبة لك، أليس كذلك؟» قالت نِفثيس.

    ابتسمت المرأة البُنّية وسحبت سبّابتها عن شفتيها. ثم خطت للوراء صامتة، ووضعت يدها على وسط صدرها العامر، وتحدثت.

    «قلادة عنقك تلك تعطيك حدّاً مُحَدّدًا، لذا إطالة الوقت هي أكبر تهديد لك. إذا حاولتَ الهروب وواصلتُ مطاردتك، ستنفق في الواقع مزيدًا من بطاريتك. لذا من الأأمن لك أن تذبح فوراً التهديد الذي يقف أمامك، أليس كذلك؟»

    «...أتقولين أنه عليَّ قتلك؟»

    «نعم، بالضبط☆ لا يمكنك تجاهلي الآن ما إن أظهرت علمي ببطاريتك. الأُسُود والقروش وغيرها من المرشحين لأقوى حيوان عادةً ما يكونون جبناء يكرهون أيّ شيء يقتحم أراضيهم.»

    «لغز قليفة 545.»

    «يُستَخدَمُ اسم الشيطان للأوامر اللفظية والعقود الورقية، لذا أُفَضِّلُ حقًا ألا تستخدم اسمي أمام شخص يعرف كيف ي––غياااااهه!!؟ طيّب، ماذا تريد؟!»

    لم يطلب أكسِلَريتر منها أن تهزم إله السحر أو أن تصير درعًا.

    مَدَّ الوحش الأبيض يده إلى عنقه وتحدث.

    «سأفعلها على طريقتي، ولكن هناك الكثير لا أعلمه عن السحر وما إلى ذلك. لذا أخبريني ما يجب أن أعرفه وقتما تَرَيْن حاجتي لمعرفته.»

    «أكيدٌ طبعًا☆ ني هي.»

    دارت عاصفة عنيفة حَوْلَ أكسِلَريتر. كان من الواضح أنها ناجمة عن شيء آخر غير القطار الذي يندفع بسرعة على القضبان. كان ذلك مختلفًا عن الهجوم الذي شنه ضد هامازورا في وقت سابق. احتل #1 المدينة الأكاديمية رتبة الأقوى، لكنه أيضًا يُحلل أخطائه بمرونة ويتعلم منها. فكرته في [الأقوى] لم تكن موقفًا ثابتًا؛ بل تطورًا مستمرًا. وربما كان هذا هو السبب وراء كونه الـ #1.

    حطَّم أكسِلَريتر ضعفه وأخذ بخطوة أخرى نحو أعلى السُّلَّم، ولكن نِفثيس قهقهت أكثر فأكثر.

    لا تنسى أنها تحب القتال إلى حدِّ اعتبارها العالم البديل؛ من المعارك الدائمة غير المنقطعة؛ لُعبةً مُثلى.

    «هُوَ...»

    غَلَقت عينيها برفق.

    وهمست كما لو أنها تتأمل في شيءٍ فات.

    «هو لم يُخطئ في دربه. افتَقَرَت وسائله للثُقلِ لا أكثر. ولذلك سأظهر لك الإجابة الحقيقية. وآمل أن تستفيدَ وتكسُبَ مني قوةً أعظم.»

    وهنا تغيّر شيء. قطرة واحدة كالجوهرة سقطت من زاوية عين نِفثيس اليمنى. لا داعي للقول أن هذه القطرة حملت معنى.

    «نِفثيس هي إلهة البكاء. هي شقيقة إله العالم السفلي أوزيريس وزوجة إله الموت سِت. قُتِلَ أخوها أوزيريس من آثام زوجها، وطَهَّرَت تلك الخطيئة بفيضٍ من دموعها. أنا تجميع للذين دُفِنوا مع الفراعنة الميتين الذين رغبوا في الرفقة وأُرى كوجهٍ آخر لتلك الإلهة. ولذلك، يمكنني إطلاق قوة تلك الإلهة الأصلية لأنني بالفعل نِفثيس.»

    نِفثيس كانت الإلهة التي بكت على جنازة أوزيريس في الأساطير المركزة على إله العالم السفلي. ولكنها كانت أيضًا إلهة غامضة لم يكن لها قصص كبيرة أخرى عنها. ولهذا السبب، كانت هويتها إلهًا سحريًا تتمثل في دموعها بالكامل.

    دموع الفرح، دموع الغضب، دموع الحزن، ودموع المرح.

    وفي هذه الحالة...

    «دموع النقل؟ هل تتيح لها تعزيز أي سحر تستهدفه؟»

    كانت لغز قليفة 545 هي التي شعرت برجفة عمودها الفقري إذ كانت تعرف جيدًا السِّحر.

    رفرف ذيلها البحري مستاءًا.

    «إنها كسحر آني هورنيمان، لكن نِفثيس وحدها هنا. فما فائدة سحر التعزيز؟»

    «أوه، إنها تفيد في شيء. فلدي هدفٌ واقفٌ هناك بعد كل شيء.»

    قهقهت نِفثيس.

    فتحت عينيها المبللتين بالدموع، ووجَّهت نظرتها نحو الهدف الذي سيُعَزّز.


    «الهدف: لُغْزُ قُلَيْفة 545 – تعزيز.»


    «ماذا؟!»

    بحلول الوقت الذي أعلنت فيه الشيطانة استغرابها، كان الأمر قد فات وكانت الحالة تتغير بشكلٍ متفجر. كانت لغز قليفة 545 تُسَيْطِرُ بحُرِّية على [جنون الحرب] وكانت تأثيراتها قوية بما يكفي لتغلّف مملكة السحر لبريطانيا العظمى بأكملها. ولكن هذا تَضَخَّمَ أكثر الآن. لا، كانت مُشَوّشة بشكل هائل وخارجة عن السيطرة بفعل مصدر خارجي. نِفثيس كانت حقًا إله سحر. كان التعزيز منها أكثر من مجرد دفعةٍ خفيفة. عندما يحصل البطل أو المحارب على دعم من إله، فإن نجاحه الهائل يدفع ثمنه بحياةٍ قصيرة. ويأتي الموت المبكر فجْعةً، كالموت في معركة أو الإعدام.

    استخدمت نِفثيس ذلك هجومًا.

    كل ذلك لإغاظة أكسِلَريتر الذي كان الأقرب إلى تلك الشيطانة الاصطناعية.

    «أوه، لا! اهرب يا سيّدي!»

    مرة أخرى، كان الوقت قد فات.

    لا يُمكِنُ عَكْسُ النتيجة.

    «كح...»

    هل كانت هذه الكتلة الحمراء المُتحركة حلزونيًا التي بصقها جلطةً من الدم؟

    «بفف؟!»

    لم تكن مُنعكسات ومُتّجهات #1 ذات جدوى ضد قوى لُغز قليفة 545. كان مثل دبابة أو سفينة حربية انفجرت قذيفة مُحتجزة داخلها. وكلما كان أكسِلَريتر أكثر قوة، كانت الضربة أقوى عليه. أُطلِقَت كل القوة التي يمتلكها أكسِلَريتر عن جسده ودخل في سقوطٍ لولبيٍّ مُتسارع من القطار.

    «مم؟ إذن، هل هذا كُلَّ ما يقدر عليه؟»

    وضعت نِفثيس يدها على وركها ودَعَت الرياح الصباحية القاسية تغسل جسدها بينما أطلقت تنهُّدًا أبيضَ.

    يبدو أن فتاةً من عصبةٍ طموحة كانت تختبئ داخل القطار، لكن نِفثيس قررت أنه لا حاجة لهزيمتها. في الغالب لم تملك وسيلةً للقفز من على قطار ذي سُرعة عالية.

    كانت الإلهة بلون الشوكولاتة مجرد مُتفرجة.

    لن تدعم أحد وستهاجم أيَّ أحد.

    لكن في الوقت نفسه، لن تتصرف إلا إذا لَفَت شيءٌ انتباهها وأظهر قوة كافية ليُلهِم عاطفة هذا الإله السحري.

    كانت هذه هي القواعد.

    ومع ذلك.

    بعد التفكير في كل ذلك، مسحت نِفثيس الدموع من عينيها. ظهر فتىً مُعَيّن في ذهنها.

    كان يقاتل من أجل فتاة لم يعرفها سوى ليلة واحدة.

    لم يعرف شيئًا عنها سوى اسمها.

    ولكن هذا البطل الحقيقي قد تخلى عن وضعه مُتفرجًا واختار أن يخاطر بحياته حتى يرى مرة أخرى تلك البسمة التي تناثرت في الهواء ببطاقاتٍ كثيرة.

    كانت تعرف أن هذه هي عادتها السيئة.

    ولكن...

    «هذه الأمور دائمًا ما تدفعني للدموع.»

    قُدِّمَت النِّعَم والعُقوبات الإلهية لأسبابٍ أنانية بدلاً من مجموعة من الظواهر والقوانين المنهجية. وربما كان هذا هو سبب كُره أليستر كراولي العميق.

  • الجزء 9
  • وَ.

    وَ.

    وَثُمَّ.

    «...غع...اغ...»

    طافَ شَكْلٌ شفافٌ غير طبيعي فوق حواف الحصى للمسارات ونزل صَوْبَ صخرةٍ هناك. لا، لابد أنهم كانوا في حالة ذعر إذ أنهم سقطوا برأسهم على الأرض. لم يستطيعوا النهوض وراحوا يُلَوّحون بأيديهم حولهم للامساك بالتراب والزحف للأمام.

    سُمِع صوت بكاء فتاة.

    كان نحيبها مؤلمًا وبائسًا وقبيحًا للغاية لدرجة أنه لا يمكنك القول أنها هدفت جذب الشفقة.

    «لا، لا يمكن أن يكون صحيحًا! لا يمكن! سيّدي!!»

    كانت هذه هي لغز قليفة 545.

    كانت تتشبث بشخص سقط على الأرض هناك. كان البياض المُمَثّل لهذا الشخص قد تلوث بالحَمَرِ الفاسد ولون الطين. هي من فعلت هذا به. لو تصرف #1 كـ #1 ولم يعتمد أي شيء آخر، لم يكن هذا الأمر ليحدث أبدًا.

    لقد قال أنه جاهل بالسِّحر.

    قد يبدو هذا بسيطًا بما فيه الكفاية، ولكن هذا الوحش العظيم كَشَف عن ضعفٍ لها واعتمد عليها.

    ورغم ذلك.

    رغم ذلك!!

    هكذا انتهى الأمر. لم يرتكب أيّ خطأ. كانت هذه الشيطانة التي لا ينبغي لها أن تأمل في أي شيءٍ جميل. هل بالفعل نَسَت أنها حُدِّدَت بمصطلح كائن لا يُنقذ؟ الشياطين يحملون الخراب فقط بوجودهم شياطين. سيُسحب أي شخص يدعمهم إلى أعماق الأرض. كان يجب عليها أن تعي هذا القانون.

    ومع ذلك...

    «اخرسي. لا تبدأي في البكاء بسبب خدوشٍ صغيرة. آمل أن لا تصير عادةً لديكِ.»

    «سيّدي...؟»

    «لا تبكي.»

    رمى أكسِلَريتر هذه الكلمات ووقف بسهولة.

    كان قد فَقَدَ السيطرة على قِواه، لذا حاجزه الانعكاسي لم يعني شيئًا. لا يزال اللون الأحمر يتساقط من زاوية فمه، ولكنه لم يعش حياةً يخاف فيها من قليلٍ من الدماء.

    حَمَلَت الدموع وزنًا أكبر من الدم.

    كانت هذه النتيجة الوحيدة التي أمكنه الوصول إليها بعد رؤية تلك النسخ تطيع أوامرها وتتخلى عن حيواتها دون أن يُسمح لهن بالبكاء.

    (تباً لها...)

    لكن الـ #1 أحسَّ أيضًا بشيءٍ آخر.

    اختفى الإحساس الغريب في صدره. بالتفكير بها، عندما فَعَلَ كورونزون ذلك له، ألم تقل له بأنه سيشعر بالتحسن إذا بَصَقَ الدم؟

    (هل أزالت الانسداد مُتَعَمَّدًا كشكلٍ من أشكال الصيانة؟ إن كان كذلك، فهِيَ ليست فقط متحالفة مع ذاك العنصر الغير اعتيادي المسمى هامازورا شياغي. إنها تُشوّش علينا جميعًا بطرقٍ أكثر إزعاجًا.)

    «اسمعي، لم تكن أبدًا لتسير على هذا النحو السلس منذ البداية. علينا فقط أن نتعلم من أخطائنا ونجِدَ حلاً بينما نمضي. وإياكِ أن تنفعلي من النتيجة واتخذي دائمًا قراراتٍ باردة.»

    «أوه...»

    «أنا خلف كورونزون بخطوة في كل شيء هنا. ويبدو أنني مُتأخر خطوتين أخرتين عن جميع العناصر الغير اعتيادية هنا. أحتاج إلى مساعدتك لتعويض تلك الخطوات الثلاث. لذا سأقولها مرة أخرى يا لغز قليفة 545: ساعديني. أحتاج قوتك. أما زلتِ على استعداد لمساعدة إنسان؟»

    «نغغم! سأتأكد من أنني مفيدة في المرة القادمة يا سيّدي! أعدك!!»

    نقر لسانه بخِفّه. ولكن ليس للغز قليفة 545 التي لا تزال عيونها دمعة.

    ماذا سيفعل ذاك المستوى 0 في أوقاتٍ كهذه؟

    كان أكسِلَريتر جيدًا في ضرب الأشياء بقبضته وتمزيق الأشياء بأصابعه، ولكنه لا يعرف كيف يوقف دموع شخص بتلك الطريقة. ولكن يمكن للمستوى 0 ذاك أن ينظر إلى عيني أي شخص ويصل إلى اتفاق.

    ببساطة، لم يكن لهذا الوحش الأبيض الحق في التصرف بتعالٍ هنا.

    وهذا كان أقصى ما وصل إليه كونه الأقوى.

    وقد حان الوقت للنظر في القضية المباشرة. القطار قد ذهب. بالإضافة إلى ذلك، كان هامازورا شياغي قد غادر القطار قبل ذلك بكثير. ربما كان عليه أن يتتبع المسارات، لكنه شكّ في قدرته على تحديد هدفه على الفور. كان من غير الطبيعي أن يتجول الشيطان العظيم كورونزون بمفرده على قدمين.

    بالطبع، قد يكون هناك شيء يُمكن أن يتعلمه من الآثار التي تركوها. إذا لم يملك ما يكفي من المعلومات ليتقدم عليهم، فإن خياره الوحيد الحقيقي هو العودة والتحقيق.

    «إذن عندي سؤال: ما كان ذلك؟ سَمِعتُ مصطلح إله السحر في مدينة الأكاديمية أيضًا.»

    «كانت إله السحر نِفثيس. إله السحر هو إنسان صار إلهًا بإتقان مجال السِّحر. إنها مُكَوَّنة تحديدًا من مجموعة عبيد وخدم دُفِنوا أحياء مع الفراعنة القدامى ومستندة إلى الأساطير المصرية. ماذا عنها؟»

    «...لا شيء حقًا.»

    لم يستطع أكسِلَريتر فهم كل ذلك في الوقت الحالي. ولكنه كان واثقًا من أن المستوى 0 ذو اليد اليمنى كان أمرًا مختلفاً. قد يَرَوْن نفس الشيء، ولكنهما اتخذا مساراتٍ مختلفة للوصول إلى هنا. كان على أكسِلَريتر تعويض تلك الاختلافات.

    ومع ذلك...

    كان قد أصيب في هجوم من العدو. كان هناك خط واضح بين المهاجم والضحية، ولكن هذه الفتاة كانت ترتجف لأنها اعتقدت أنه كان ذنبها.

    ماذا كان سيفعل ذلك الفتى؟

    كان عليه أن يُذَكّر نفسه بما قاله للشيطانة: لن تسير على نَحْوٍ سَلِس منذ البداية. كان عليه أن يملأ قطع اللغز التي يعرفها ويعمل نحو إكمال الصورة.

    عليه أن ينظر إلى نفس العالم كما فعل كاميجو توما.

    ولكن متابعة خطى ذلك الفتى ستكون عقيمة. كان عليه تأمين وجهة نظر مختلفة، وأن يأتي برؤيةٍ لم يَرَها ذاك الفتى، وفِعل ما لا يقدر على فعله ذاك الفتى.

    لم تكن هذه الحادثة عقبة للغز قليفة 545 وحدها.

    وحش المدينة الأول، أكسِلَريتر، كان يأخذ خطوته الأولى في رحلةٍ جديدة.

  • الجزء 10
  • «تشه.» نقر الشيطان العظيم كورونزون لسانه دون تفكير.

    شيء مثل برعم ذهبي أكبر من سيارةٍ صغيرة كان ينفتح ببطء كبرعمٍ يزدهر كاشِفاً عن امرأة في رداء رهبانية بيجية وهامازورا شياغي في ذراعيها.

    كانوا على جانب المسارات.

    «كان من المفترض أن يكون هذا اختبارًا، ولكنني لستُ متأكدةً حقًا من كيف أقُيّمُها. إن ذاك الإله السحري سرق العرض في اللحظةِ الأخيرة.»

    (حسنًا، لم يهرب عند مواجهتِهِ خصمًا يعلم أنه لا يستطيع هزمه، لذا أعتقد أن هذه درجة نجاح لبيدقٍ أضحية. القفص الخفي الذي بنيته له يُؤدي جيّدًا.)

    كم كان عليه أن يخمن ما تركته غير منطوق؟

    ولا يزال بين ذراعيها، رَفَع هامازورا وجهه من صدر رهبانيتها البيجية ونظر بحذر في اتجاه القطار الذي ذهب.

    «ماذا تحاول نِفثيس أن تفعله؟ ما عندها سبب لتُحارب الـ #1.»

    لم يكن لهامازورا شياغي وسيلة لتخيّل كيان لها القوة الكافية لتدمير العالم ولكنها تستخدمها فقط لتسليتها. لم يستطع تخيل عقلاً مُشوّهًا كفاية ليرى فيه وحشاً مثل الـ #1 ويقرر بأنه هدرٌ للوقت.

    «إذن ماذا الآن؟ لقد ضيّعناهم، ولكن منذ كانوا يعلمون بوجودكِ على ذلك القطار، يجب أن يعلموا كذلك ما تحاولين القيام به. آمل فقط ألا ينتظرونا في نهاية وجهتنا.»

    «سيبحثون في جميع أنحاء المملكة المتحدة، لذا لا يهم حقًا إلى أين نذهب. في الواقع، وجهتنا ليست غلاسكو كما كان القطار ذاهبًا.»

    «؟»

    «كل هذا لأجل مَراسِمَ [مُو آثايا]. لم أحتج سوى وسيلة للذهاب غربًا. هيّا، قف على قدميك. سنصل إلى المحيط بوسائل أخرى.»

    «المحيط؟ في ديسمبر!؟»

    «أيها الأحمق الجاهل. هل المايوهات هي الوحيدة التي تربطك بالمحيط؟»

    في هذه الأثناء، فكَّر كورونزون مع نفسه.

    (نِفثيس، همم؟ هل استطاع أن يلتقطها في مكانٍ ما كما فعل بدِيون فورتشن؟ إن كان الأمر كذلك، فأظنه حقًا قادرًا على إنقاذ فورتشن عبر إله السحر ذاك بدلاً من الاعتماد علي. لابد أن ذلك يعني أنها ليست تحت سيطرته بالكامل. ولكن لا يبدو أن خيط العاطفة قد قطع بشكل كامل أيضًا. مثير للاهتمام. إذا استغللتُهُ جيدًا كَوِحْدَةِ تَحَكُّم، قد أقدر ربما من التحكم غير المباشر في إله السحر. وفوضى هذا البلد ستزيد وتكبر أكثر فقط.)

    وبتفكيرها بهذا، سَمِعَت صوت خطوة في الحصى.

    «أذلك أكسِلَريتر؟»

    صاح هامازورا والتف للوراء بينما كان يحمل سَيْفَ الولاية، رغم علمه بعدم جدوى ذلك كثيرًا.

    ومع ذلك، توقف قبل أن يستله تمامًا.

    لم يتوقع رؤية هذا الشخص هنا.

    كانت فتاة صغيرة ذات تسريحة شعر بوب سوداء، وعَلَّقت في جبهتها عَلامة (ورقة)، وكان جلدها شاحبٌ مُريع. أعطت كُفّة فستانها الصيني القصير لمحة فاضحة لساقيها العاريتين، وأخفت الأكمام الكبيرة يديها حتى أطراف أصابعها.

    كما نِفثيس، كانت إله سحرٍ أيضًا.

    «...نيانغ-نيانغ...؟»

    «أوه، فقط لأُوّضِّحها، هذا ليس لقاءًا عاطفيًا. لستُ حساسةً كما نِفثيس.»

    شَعَرَ هامازورا بأن جسده كُلّه يغلفه بردٌ غريب كما لو كانت هناك الكثير من الحشرات الصغيرة تتسلل تحت جلده. لم يكن هذا نفس الحال مع أكسِلَريتر، الذي كان عِداؤه الواضح كالسيف المكشوف. كانت هذه النية القاتلة كسوطٍ مُظلمٍ يأخذ وقته طويلًا لتعذيبك. وأدرك أيضًا أنها كانت لطيفة بما يكفي للإعلان عن وجودها بدلاً من تحطيمه إلى قطع بهجومٍ مفاجئ. نيانغ-نيانغ ليست نِفثيس. قد تكون أكثر ما يشبه إله السحر النقي.

    كانت تنوي بوضوح القتال.

    كما لو كانت تفترسُ حياةً أفلتت من نِفثيس.

    لم يتمكن من قراءتها.

    هل كان آلهة السحر هؤلاء إلى جانبه أم لا؟

    «انتبه للحقيبة يا صبي.»

    ألقت كورونزون تلك الكلمة وبدأ شعرها الأشقر الطويل والمديد بالتحرك ذاتياً. هذا الشيطان العظيم أخبره بالتراجع، فهل اجتاز الاختبار؟

    ظهر وجهٌ خبيث شبيه بالظل في ذلك الشعر الطويل.

    «يبدو أنني لا أستطيع استخدامه وحدة تحكم على الإطلاق. حسنًا، كُنتُ لأنصَدِمَ لو عَمِلَ ذلك حقاً.»

    ومع ذلك.

    لم يتمكن هامازورا من إيقاف نفسه عن السؤال أثناء حمايتها له.

    «لماذا؟ أحد آلهة السحر أنقذتني للتو، فلماذا؟!»

    «مم؟ أولاً وقبل كل شيء، إياك وتفترض أننا جميعًا متشابهين، ولكن بجانب ذلك، ألم تشرح لكَ نِفثيس؟ سَبَبُ فعلنا هذا لا يَسْوَى السِّرّية. نبتغي المتعة بالقتال لا أكثر، ولا تهمنا خططكم الذكية والمعقدة. ومع ذلك...»

    بدت فتاة الفستان الصيني حائرة بعض الشيء.


    «جئنا مُتفرجتين، ولكنه ممل حدَّ الموت عندما تعلم يقيناً من سيفوز.»


    تبع ذلك سلسلة طويلة من القعقعات المعدنية.

    ظَهَرَ سَيْفٌ ورُمْحٌ وفأسٌ وقوْسٌ وعَصاةٌ وعَجَلَةُ الرياح-والنار وهَراوَةٌ وشبكةٌ وسلسلةٌ وبندقيةٌ وحَسَكٌ وسَوْطٌ وحَلَقةٌ ومخالبٌ ومطرقةٌ وسهمٌ ومسمارٌ وقرصٌ وخُطّافٌ ومنْجَلٌ وحَرْبَةٌ ومَقاصٌ ومِطْرَدٌ وسِنْجَةٌ وغيرها الكثير.....


    انبثقت كُلُّ هذه الأسلحة من أكمام نيانغ-نيانغ الفارغة.

    انبثقت بالتأكيد من هناك.

    وكان هذا تهديدًا آخر لا يمكن لأحد السيطرة عليه.

  • الجزء 11
  • «الإشارة تتزايد! إذا ارتفعت أكثر، سَتَدْخُل في حالةِ صَدْمة!»

    «جسمها مصاب بشدة وبالكاد تصمد. إذا تشبَّعَت، [11] فلن تكون قادرة على المقاومة أطول. تحتاج إلى تخدير مَوْضعي. أضف خمسة مليجرامات من الإثِلفين!»

    خمسة أصابع أمسكت بمعصم الطبيب العسكري.

    عبّرت الفتاة الفضية عن صوت تعبٍ خشن وهي مستلقية على ظهرها.

    «لا تُخدر. سيُرهق ذهني لا أكثر. كم مليجرامًا أعطيتني حتى الآن؟»

    «أ-أتمزحين؟! لابد أن الكولـينـرَيـس الذي أعطيناه لكِ قد انتشر في كامل جسمك الآن!!»

    «تشه. هل حَدَّدتَ الكمية بناءً على وزني؟ ما عندي وقت انتظر حتى يخرج مني طبيعيًا. ما عندكم سِتِلْمِين؟ سأُفككه في دمي.»

    قامت الفتاة الفضية وأمسكت بأنبوب من الطاولة. ربطت إبرة وطعنتها في معصمها قبل أن يتمكن الطبيب العسكري من إيقافها.

    «مجنونة!؟ إذا تجنبتِ التخدير في حالتك هذه، ستموتين من الصدمة.»

    «في حالتي؟ لم أكن لأعيش هذه المدة لو كان هذا كافيًا لقتلي. لقد قاتلتُ مرةً جميع آلهة السحر دُفعةً واحدة ونَجَوْتُ بنصف جسمي محروقاً بشدة.»

    شَعَر جسدها وحلقها بالحرارة والجفاف كما لو أنها حقنت نفسها بعامل تباين الإشعاع، ولكنها استطاعت تجاهلها. ما أن تترك المادة المحايدة جسدها على شكل عرقٍ وبول، فسيتلاشى طبيعيًا. تحقَّقت أليستر من أن الجرح في جنبها قد خُيِّطَ قبل أن يضعوها فوق طاولة الفحص.

    غادرت خيمة المستشفى الميدانية المصنوعة من مواد صناعية سميكة ووجدت نفسها على أراضي قلعة إدنبرة.

    ولكن لماذا كانت تتلقى العناية الطبية؟

    هذه لا تزال المملكة السحرية. حتى ولو أُخْلِيَت وظيفة المطران، شَكَّت في أن قدرتهم على محاربة السِّحر قد توقفت تمامًا. هم بالتأكيد يعلمون أنها هنا، فماذا سيحدث إذا أدركوا أن رئيس مجلس المدينة الأكاديمية وأليستر كراولي هما نفس الشخص؟ كانت مندهشة بصدق أنها لم تُغتل في نومها.

    شككت في أن هذا كان من دافع لطف.

    وهذا يعني...

    (الأزمة مستمرة. يريدون تعزيز قوتهم القتالية بأي وسيلة ممكنة.)

    هذا كان تخمينًا معقولًا، ولكن هذا الفكر وضع بسمةً على شفاه الفتاة الفضية.

    من كان يظن أنها ستظل على قيد الحياة بفعل أعمال كورونزون الشريرة؟ ماذا يمكن أن يكون أكثر سُخفًا؟


    «أوه، أوه... هكذا؟ هل يعمل هذا كمهبط مروحيات؟؟؟»

    «لا!! هذه ليست قريبة حتى لتكون دائرة. كلها متعرجة!!»

    «لا أهتم حقاً. يا ميساكا-سان، ألا تقدرين على رسم دائرة مثالية عن طريق القيام بمنحنيات زلقة بدراجتك المزعجة تلك؟»

    «كيه كيه كيه. أتقصدين تلك الدرّاجة التي أقفزتكِ وضربت نقطة ضعفك مباشرة من الأسفل؟ لهذه الدرجة مُتحمسة تجربينها مرة أخرى يا ممحونة؟ بدتِ تحبينها أكثر فأكثر، همم؟»

    «هل يمكنك من فضلك ألا تُوَجِّهي اتهامات باطلة سخيفة؟! و-وأيضا، ميساكا-سان، ه-ه-هذا حقًا ليس شيئًا تقولينه أمام فتى!»

    «؟»

    «آخخ، لا تُميّل رأسك بظرافة واستغراب هكذا يا كاميجو-سان! لن أشرح، طيّب؟ ما له داعي تعرف!!»

    كانت الفتاة الشقراء تحمرّ وتُلَوِّح بإجتهاد يديها، ولكن ميكوتو لم تبدو مهتمة بذلك.

    عبست ووَجَّهت ذقنها نحو ما كانت تحمله شوكُهو.

    «هَيه، ما ذلك؟»

    «دوران، دوران، دورااااان... المحرك يُبقي الأسطوانة الخارجية تدور، ويبدو أن هذا هو السرّ للحفاظ على المحتويات باردة. تمام، يبدو أنه لا يزال يعمل.»

    «تشربـين الشاي المثلج وأنتِ ترتدين ملابس السباحة في ديسمبر؟ أنتِ حقًا غريبة. أيضًا...»

    «نعم؟»

    «أمم، أهه.... أحس أنني نسيتُ شيئاً يتعلق بك. مم...»

    قالت ميكوتو وهي ترفع كتفيها مُستغربة، ولكن شوكُهو أومأت راضية بعد التأكد من أن الحاوية ذات الطبقتين التي تُحتَفظ بين أوراق التبريد تعمل. ثم وضعت الأسطوانة الكبيرة مرة أخرى داخل شنطتها ذات العلامة التجارية.


    على أي حال، كان بإمكان أليستر سماع أصوات الفتى والفتاتان ما أن تركت خيمة الإسعاف. كانوا يستعدون على ما يبدو لوصول مروحية نقل. الفتى ذو الشعر الشائك ربما كان يرغب في لقاء مكتبة السحر، لكن الفتاتان في الملابس السباحية حوله كانت تلقيان عليه نظرات مُعقدة وأحيانًا تنزعج احداهما وتركله في ظهره.

    ولكن بعد ذلك، لاحظت الفتاة الفضية أليستر شيئًا.

    كان جزءًا مُعَيّنًا من جسم كاميجو توما بمثابة رمز.

    لكن ذلك الرمز كان مفقودًا أسفل مرفقه الأيمن.

    «يا...»

    شهقت أليستر بقوة ثم صاحت عاليًا.

    «يا أغبياء! ألم يَختُمْها أحد؟! لا تتركوه مكشوفًا! احبسوا يده اليمنى فورًا!»

    الذعر والصراخ بالجزء الأكثر أهمية ربما كان خطأً. الفتى والفتاتان أعطوها نظراتٍ مرتبكة فقط، ولكن ببساطة لم يكن هناك وقتٌ كافي لشرح كل شيء من البداية.

    أحيانًا، لا يبدأ الشعور بألم جُرح الظهر حتى تدرك وجوده.

    بدا غريبًا أن هذا لم يحدث حتى الآن.

    بصوت فقاعات، انبثق شيءٌ من نهاية الذراع اليمنى المقطوعة.

    «أوه.»

    لم يكن دمًا.

    لم يكن لحمًا أو عظمًا.

    بدا أن شيئًا أكثر شرًا، أكثر قُدسًا، بل أكثر من ذلك سَيْطَرَ على كاميجو توما وهو يصرخ ويمسك ذراعه بيده الأخرى.

    أكان تنين؟

    لا، ليس ذلك حتى.

    «آآآآآآااااااااااااااااااااااااااااااااااااااههههههههههههههههههههههه!!!؟؟؟.»

    قد يقدرون على فِهمِهِ تهديدًا لو كان في شكلٍ واضح، مثل كائن فضائي برأس ضخم أو وحش أسطوري مُكَوّن من اندماج عدة حيوانات.

    ولكن هذا كان مختلفًا.

    كان هذا شيئًا آخر.

    ميساكا ميكوتو لم تستطع وصفه، لكنه بدا بطريقة ما أسوأ من كل ذلك!

    استمرت الفقاعات الحمراء الداكنة في الظهور من الجرح. وبدلاً من كُرات عادية، كانت هذه مجموعات من الأسطح المثلثة. كانت تشبه إلى حد كبير المُضلعات من ألعاب الفِديو، بدت رمزًا للمُصطنع. كانت بأحجام مختلفة وأكبرها كان أطول من الفتى نفسه. ثم ظهرت المزيد من الفقاعات ذات الأسطح المثلثة من الفقاعات الحالية كأنها تُشَكِّلُ خطًّا ثُعبانيًا عملاقًا واحد. حتى وميكوتو تُراقب عن قرب، فإنها فشلت في رؤيا هذا "ذراعًا". حتى ولو أنها انبثقت من ذراعٍ مقطوعة.

    كان أحْمَرَ عميق، شديد العمق، ولكن كان أيضًا شفافًا طفيف.

    ما كان ذلك الظل الزاحف والمُتسلل داخلها؟؟؟

    «ما-ماذا؟»

    هل فوجِئَت؟

    أم أنها شعرت كما لو أنها رأت ذلك في مكانٍ ما قبلًا؟ على أي حال، اتسعت عينيّ ميكوتو واسعًا.

    ( لم تكن هكذا عندما رأيتُها سابقًا. )

    «لحظة، ماذا يحدث؟! نختمه... ولكن كيف؟»

    ومع ذلك، نظرت الفتاة الفضية إلى #5 بدلاً من #3.

    أو ربما كانت أليستر أكثر تركيزًا على قوة شوكُهو ميساكي من الفتاة نفسها.

    «مِنتل-آوت! استخدمي الفئة 061: تشويش الهوية الحسي. يجب أن يكون مؤقتًا فقط، لكن اخدعي دماغه ليعتقد أن يده اليمنى لا تزال موجودة!!»

    «خ.»

    «يده اليمنى غير موجودة الآن، لذا لا تقلقي حيال إلغائه لهذا، هيّا!!»

    زئرت الرياح بعنفٍ، كاندفاع الهواء هربًا من قطار عبر الأنفاق.

    لو تأخرت شوكُهو ميساكي لحظة في سحب الريموت من شنطتها، لربما قُذِفت الفتاتان يمينًا ويسارًا.

    هل كان يُعرَفُ بالألم الشبحي؟

    يشعر الناس بالألم حيث فقدوا طَرَفاً من الجسم.

    فجأة، اختفت المجموعة المرتبطة من الفقاعات ذات الأسطح المثلثة كما لو تبخرت في الهواء.

    كما اختفى الظل الغامض الزاحف داخلها.

    أو ربما خُتِمَ بقفلٍ خفي.

    «غعه...»

    «تمهل، هل أنت بخير؟!»

    سقط كاميجو توما على ركبتيه، ولذلك هرعت الفتاتان بسرعة نحوه.

    (هذه خدعة رخيصة لا أكثر. لن تدوم إلى الأبد.)

    عضّت الفتاة الفضية شفتيها.

    وأكملت بعضًا من حساباتها.

    (من المبكر كثيرًا أن نسمح بخروجه. سيُطمَسُ كاميجو توما الخارجي إن استمرّت الأوضاع كما هي.)

  • الجزء 12
  • «إدنبرة إلى غلاسكو؟ فهمت. أطلقوا الكلاب. لا نزال جاهلين بخُططها، لذا علينا متابعتها وانتظار زَلَّةٍ منها. كونوا حذرين.»

    لم يكن الجميع في أراضي قلعة إدنبرة داخل أو حول الخِيَم المُرَكّبة.

    قادوها إلى كنيسة القديسة مارغريت؛ حيث أحاطتها جدرانٌ حجرية غليظة. وقد يكون ذلك إشارة إلى حذرهم من هذه الفتاة ذات البدلة الوردية والسترة الفضفاضة. لم يكونوا واثقين مما يفعلون بها. لقد ساعدت في علاج الملكة إليزارد، ولكن بعد ذلك هَرَبَ شريكها الفتى بسَيْف الولاية. وبسبب ذلك، شَكَّت فيما إذا كانوا سيُعاملونها حسنًا. لا حقّ لها في الشكوى إذا وصفوها بالخائنة.

    كانت تجلس داخل غرفة الإعتراف على الحائط.

    كانت هناك غرفتين تشبه كشك الهاتف مُتَّصِلَتَــيْن بنافذة شبكية لا تسمح برؤية وجوه بعضهم البعض. كانت عادةً ما تُستخدم للاعتراف بالخطايا والتحرر من هذه الروابط الدنيوية، لكنها اُستخدمت الآن لغرضٍ مختلف. أولاً، المُستَمِع هنا ليس كاهنًا أو راهبة.

    كانوا بوضوح من الجيش.

    كان هذا استجوابًا احترافيًا.

    كان للصوت الذكري نغمةٌ عتيقة ذَكَّرتها بالفُرسان.

    «أعتذر يا آنسة، ولكن عليّ المغادرة للحظة. شخصٌ آخر سيحل محلي، لكننا نتبادل المعلومات، لذا لا تترددي في إخبارنا كُلَّ ما تعرفينه.»

    «...»

    «لا يزال لدينا العديد من الأسئلة حول كيفية حدوث كل هذا بالضبط، لكننا قررنا أنكِ شخصيًا غير ضارة. بالطبع، دخولك لبلادنا دون جواز سفر وسرقة سيارة هو انتهاك لسيادتنا واستقلالنا، ولكننا نتفهم أن لديك أسبابك. وأن تلك الأسباب كانت لمساعدة الآخرين. نأمل أن تستمري في التصرف بهذا الإحسان. وداعاً.»

    سَمِعت صوتًا يقول «شكرًا لك يا قائد الفرسان» خارج الكشك. تُرِكَت تاكيتسوبو ريكو وحدها في المكان المُقفر لفترة. أكان ذلك الصوت الذي تسمعه من بعيد لمزمار القربة؟ غَمَر الضجيج المكتوم المكان بالوِحدة مثلما المدرسة بعد انتهاء الدوام، لذا كان أسوأ حتى من الصمت التام.

    سَمِعت صوتًا يشبه صوت امرأة يابانية مختلطًا مع التقارير التي تُعطى. ألم ترى هذه المرأة بتسريحة السَّابة والكاتانا حول أراضي القلعة عدة مرات؟

    (هامازورا...)

    أخيرًا، يبدو أن شخصًا ما دخل الغرفة الأخرى.

    هذه المرة، كان صوت امرأة.

    فارسة أخرى؟

    «أعتذر لجعلك تكررين الكلام مرارًا وتكرارًا. هذا جزء من العملية، لذا لا تدعيها تؤثر عليك. أولاً، أعطيني اسمك.»

    «تاكيتسوبو ريكو...»

    «كنتِ تسافرين مع شخص آخر في نفس ظروفك وانضممتم إلى من ادّعوا أنهم [ساحر ذهبي] و [آلهة سحرية]. ما هي أسماؤهم؟»

    «...»

    «أوه؟ لا ترغبين في الحديث بعد الآن؟ بالطبع لن تقولي أنكِ لا تعرفين. أم أنكِ تجذبين عمدًا غضب الجميع لتُوَجِّهي الانتباه عليكِ؟ أحب طريقة التفكير هذه. أعتقد أن مواصلة تعذيبك أكثر سيُقلل من كرامتي

    فجأة حدث تغيير.

    تغير الصوت تمامًا.

    عبست تاكيتسوبو عند سماعها لتلك النغمة المستمتعة.

    كان هناك شيءٌ خاطئ.

    ولم يكن الأمر يتعلق بمن كان في الجانب الآخر من غرفة الإعتراف، فلم تكن تعلم شيئاً عن شخصٍ لم تلتقيه قبلًا. كانت تاكيتسوبو مركزة على الأمور خارج الغرفة. قد سمعت الناس يُحيون بعضهم بعضًا من قبل. حيث أن الغرفة لم تُبنى لتكون عازلة للصوت. ومع ذلك، لم تعد قادرة على سماع أي شيء على الإطلاق.

    شعرت بنفس الشعور المُتعب كمن يجرب ملابس مختلفة في غرفة تجربة الملابس عند إطفاء أضواء المتجر وإيقاف الموسيقى فجأة. ومع ذلك، لم تشعر برغبة في فتح الباب الذي لا يمكن قفله والتحقق من الأوضاع خارجًا. هذا لم يكن تغييرًا بقدر ما كان تهديدًا غير مرئي يتسلل نحوها. شعرت أن فتح الباب سيؤدي إلى اندفاع غزير من الثعابين السامة نحوها.

    «هل تريدين إنقاذ الهارب صفري المستوى، هامازورا شياغي؟»

    حقيقة أن هذه الغريبة تعرف ذلك الاسم الغالي كانت مثل لعنة مروعة.

    كانت هذه مختلفة.

    لم تعرف من كانت، لكنها لا يمكن أن تكون مثل الفرسان أو الجنود؛ لأنهم لن يشيروا إلى شخصٍ بالمستوى 0. وكذلك، كانت تشك في معرفتهم بالاسم "هامازورا شياغي". شيء ما تغيّر. قد غادرت الحالة سِكِّتها الحديدية السميكة. لا تعرف متى اُستبدلت الفارسة، ولكنها شعرت بأن "غريبةً" تتحدث لغة البشر جلست الآن في الغرفة المجاورة!!

    «أم تريدين التحدث مع تلك الكائنات المعروفة باسم آلهة السحر مرة أخرى؟ أتريدين إنقاذ ساحرة الذهب؟»

    «من...أنتِ؟»

    «جئتُ للمتعة فقط.»

    وصلت حلاوة الزهرة السامة من خلال نافذة الشبكية، ولكن هذا كان مختلفًا مرة أخرى عن نِفثيس.

    كانت تاكيتسوبو تستطيع أن تدرك أنها تُفسِدُ الهواء.

    «أنا من تظهر أحيانًا في هوامش التاريخ. أنا الاسم الذي يُرى فقط في الرسائل. ولكن نظرًا لتورط عصبة الذهب في هذا الحدث، أتحمل بعض المسؤولية بصفتي من وافق على إنشائها.»

    «...»

    خارت الكلمات تاكيتسوبو.

    استخدمت حواسها. ركزت عقلها على الإحساس الغريب الذي كان يشبه الصداع وليس بالألم تمامًا وليس بالمتعة أيضًا. كان هذا مختلفًا مرة أخرى عن ما شعرت به من سحرة الذهب أولئك أثناء ركوبها في السيارة ذات الدفع الرباعي المسروقة. الإحساس القادم من الجهة الأخرى لتلك النافذة الشبكية كان أكثر لطفًا ولكنه لا يزال يبدو وكأنه يعصر دماغها بيدٍ خفية.

    هذا كان خطرًا.

    ومع ذلك، ستظل محاصرة وعاجزة إذا بقت دائمًا في الأماكن الآمنة.

    «أريد أن أنقذهما. بالطبع أريد. هل تعرفين ماذا يفعل هامازورا الآن؟!»

    «ممتاز. سعيدة لسماعك تقولين ذلك. سأساعدك الآن في الهروب. سأخبرك بالمزيد في وقتٍ لاحق، ولكني سأقول هذا الآن.»

    وصل الصوت برفق عابرًا النافذة الشبكية.

    «اسمي آنا سبرنجل. أنا حاكمة المعبد رقم 1 في ألمانيا وأعطيتُ الإذْنَ لإنشاء معبد إيزيس-يورانيا رقم 3 في إنجلترا.»

  • ما بين السطور 2
  • قبل اكتساب عُصْبَةِ الذَّهَبِ سُمعتها الأشهر عالميًا، كانت هناك الروزيكروشِن.


    لا، تقنيًا، حتى العصبة الذهبية بُنِيَت تحت ظلِّ الروزيكروشِن.

    كان للعصبة الذهبية عِدّة مستويات ومجموعات، مثل [التنظيم الأول] و[البوابة] و[التنظيم الثاني] و[التنظيم الثالث] والعصبة داخل العصبة المسماة [سفير]. صُنِّفَ [التنظيم الأول] من 0=0 إلى 4=7 ويتخصص أساسًا في السحر الطقوسي مع التركيز على الآلهة المصرية، ولكن [التنظيم الثاني] الذي بدأ من 5=6 كان يُمثل بطقوسٍ أُخِذَت من قصة مُسْتَكْشِفٍ اِسْتَكْشَفَ قبر كريستيان روزنكروس. وفي المقام الأول، أُشيرَ إلى [التنظيم الثاني] بـ : R.R.etA.C [12] ومعناها: «زهرة الياقوت الأحمر والصليب الذهبي». بغض النظر عن مدى انتشار سُمعة العصبة الذهبية، لم يكن ممكنًا أبدًا أن يُفلتوا من هذا الأساس.

    بالطبع، كان من المنطقي أن نفترض أن معبدَي الألمان رقم 1 ورقم 2 الذان أنْشَأا هذا الأساس كانا روزيكروشان نقيّان. روزنكروس. تمعّن بهذا الاسم. حتى وإن كنت لا تفقه في السِّحر شيئاً، فمن السهل أن تتوقع من أيِّ بلدٍ كان جذره. كانت الأوضاع للروزيكروشيين مُعقدة تمامًا كما كانت للذهبيين ، لذلك دعونا نركز فقط على الجزء الأكثر حرجًا.

    لم يكن هناك مُتَطلَّب لارتداء زيٍّ مُحَدّد أو الكشف عن أي من أفعالهم خارج مساعدة المرضى. كان يتعين على الأعضاء الاختباء والعيش بين الجمهور وألا يتركوا علامات تُشير إليهم خاصّة بدلاً من جماعة الروزيكروشن ككل. ومع ذلك، لا يُمكن إنكار مهارتهم وتأثيرهم، لذا ولتجنب الصراعات العقيمة، كانوا يُعِدّون خَلَفاً مسبقًا وتُعقد اجتماعات سنوية لتعزيز الروابط بين الأعضاء.

    كان هناك أيضًا متطلب للحفاظ على سرّية مُنظّمة الروزيكروشِن لمئة عام بعد نشئتها، ولكن هذا الحد قد مر منذ زمنٍ طويل منذ وفاة روزنكروس نفسه.

    الآن.

    قد يجعل هذا وحدهم يبدون منظمةً غير ضارة، ولكن لا تنسى. القوانين ليست أكثر من مُثُل. ومع ذلك، يجب وضع القوانين مسبقًا لكبح من سيَكسِرُها.

    إليك مثال من منظمة مختلفة.

    يجب أن لا يُستخدم السحر لأغراض قذرة تستند إلى رغباتٍ دنيوية، مثل البحث عن كنوز مدفونة أو الانتقام الشخصي. يجب على السحرة أن يسعوا إلى قُوَّةٍ مُطلقةٍ ظاهِرة من خلال اكتساب أكبر قدر من المعرفة والمهارة ويجب أن يُحارِبوا بلا كَلَلٍ قلوبهم ليعيشوا حياةً صادقة. كان للعصبة الذهبية مُثُلٌ سامية، ولكنهم في الواقع وقعوا في حَدَثٍ مَشؤوم حيث تبادل بعضهم بعضًا هجمات السحر من الغيرة والحسد والشك. تذكّر معركة طريق بلايث وسترى حقًا كم كانوا صادقين صريحين. أشعل أليستر الفتيل ودعاها ويستكوت وماذرز تحترق. ولقد قام هذا الأخير على وجه الخصوص بتطهير إخوته بقوة بعلزبول الشيطانية وتيفون-سِت.

    ولا يجب أن تنسى.

    لنراجع قليلًا ولنقرأ قوانين الروزيكروشِن مرة أخرى.


    لن يترك الأعضاء أي علامات تُشير إليهم خاصّة بدلاً من الروزيكروشِن ككل.


    هذا يثير سؤالًا. إذا كانت هذه هي القاعدة، فلماذا ظهر اسم تلك المرأة آنا سبرنجل في عِدّة مناسباتٍ مُختلفة؟

    إليك إجابة واحدة ممكنة:

    مهما بَلُغ جبروتها، كانت تلك السّيدة واحدة من السحرة الذين اختاروا كسر القوانين.

    (صفحة المجلد)

    <<الفصل السابق                        الفصل التالي>>

    تعليقات (0)