الفصل الثالث: موقف عكسي. — سحلية _ مجنحة.
(إعدادات القراءة)
انتقال بين الأجزاء
- الجزء 1
آلَمَت ألَمَ الجحيم.
اندلع ألمٌ حاد عبر كامل جسد كاميجو توما، ولكنه ما مَلَكَ وقت الصراخ كالعادة.
«...!!»
على أن العشب الناعم كان أرضَهُ بدلاً من الأسفلت الصلب، إلا أن هناك خطبٌ فيه إذْ لا زال قادرًا على الحركة بهذه السرعة بعد أن طُرِحَ إلى الأرض من نافذة الطابق الثاني. كره الإعتراف، لكن ذلك الفعل أنقذه. كانت ليلةً مُظلمة ووَمَضَت أضواءٌ مختلفة تمامًا عن تلك الكهربائية وكانت تتجه نحوه من جميع أنحاء الغابة الصناعية. ربما كانت تلك الأضواء الشبحية مصابيح تستخدم نارًا حقيقية. ما حَمَلَ دليلًا على ظنه، لكنه رأى بأن النار لها جاذبيةً تستخرج عدوانية المطارد أكثر من المصباح اليدوي العادي. لم يعرف ما إذا عادت تلك لفرسان، أو سحرة، أو كهنة وراهبات، أو حتى خدم وخادمات، لكن أيًا من الإجابات لن تكون سببًا للاسترخاء. كانت مفاصله ساحكة كما لو أن شخصًا ما قد صبّ الغراء فيها، لكنه أجبرها على الحركة واستقام ثم ركض في اتجاه الأضواء الشبحية الأقل.
لم يكمل حتى ثلاث خطوات.
انطلقت نبتة شبيهة بالجزرة بطرف مشقوق عموديًا من الأرض مباشرة بجانبه.
واجتمعت عيناه بعيون الجذر المخيف.
(ماذا؟!)
«اطرحها بعيدًا يا إنسان!! لو كنت في مدى صراخها، فإن الاهتزاز سيمر من داخل أذنيك ويُفجّر قلبك!!»
وَثَقَ بالصوت وتصرف وفقًا لذلك.
لَوَّح يده الزرقاء السماوية ليلطم النبات الغامض الذي ارتفع إلى ارتفاع الوجه وأطلقه بعيدًا قبل أن يَدْلِع صوتًا عاليًا كمن يخدش الزجاج. سقطت الغربان والسَّبْديات على الأرض. لابد أن أعشاشها كانت ضمن مدى الصراخ. كان هذا أكثر وحشية من القنابل المسيلة للدموع التي صُمِّمَت لتهز الدماغ.
«...»
لكن كاميجو ارتجف من شيء غير قوة النبات.
خاف من التغيير في جسده الذي أتاح له التفاعل سريعًا في الوقت.
شَعَرَ أنه يستطيع صدَّ رصاصة بندقية بسيف لو كان معه دليل يتبعه.
في الوقت نفسه، دار شيءٌ ما حول رأسه بصوت أوراق تضرب الهواء. كان طيرًا جارحًا أكبر من غُرابٍ وسَبْدية. كان مُجهَّزاً بزمامٍ يدوي من أشرطة جلد رخيصة بحيث ستقدر جنيةٌ بحجم كف اليد أن تركبه وتقوده.
كان اسم الجنية أوثينوس.
«ما ظننتهم أبدًا سيُنتجون اليَبْروح بالجُملة في الدفيئة [1] ليستخدمونها ألغامًا مضادة للأفراد بسبب عجزهم في استخراج المكون الدوائي بشكلٍ صحيح. ولكن هذا هو بلد المعارك ضد السحرة، لذا أعتقد أنهم مستعدون لاستخدام أي شيء يعمل. أساسُ تفكيرهم مُختلف عن الساحر العادي.»
«أوثينوس، قد فَشِلتْ. لم أستطع إنقاذ أحد!»
«أرى ذلك. والآن هو وقت الانسحاب. يُفترض أن يكون هذا احتفالًا بنهاية الحرب، لذا لن أدعها تتفاقم كمثل مصيبة كاميساتو مرة ثانية.»
لا بد أن الانفجار القوي ل "اللغم الأرضي" قد كشف عن موقعهم.
ضغط كاميجو توما أسنانه وركض عبر العشب. أمرته الأصوات المُطاردة بالتوقف ونارت أشعة الضوء أكثر فأكثر عليه. الذين أعطوا تحذيرًا كانوا آخر من بقت لديهم حكمة، لكن ما أن عَلِم آخرون أنه عدو، لم يظهروا رحمة. وإنَّ أشعة ضوءٍ سحرية أرعَبُ من طلقات مسدس نارية طارت نحوه.
لمح يده اليمنى ونقر لسانه.
لم يرَ فيها سوى ضوءٍ أزرق سماوي.
«إذن بتّ تفهم.» بدت أوثينوس مُعجَبة إلى حد ما وهي تتحكم بحرية في الطائر الجارح الذي يصل باعُ جناحِهِ مترين. «يا إنسان، أنتَ لا تملك الإماجين بريكر حاليًا. خطر كل غرضٍ وكل شيء سحري أعظم بكثير مما كان عليه من قبل. لا تفقد حياتك قبل أن تستعيد ما سُرِقَ. وأنا لا أتحدث فقط عن يدك اليمنى.»
«...!!!»
«هناك أشخاص لا يمكن إنقاذهم إلا بك. في هذه المعركة الواحدة، هناك معنى في أن تكون كاميجو توما، وحتى زيوس أو أودين لن يكونوا خيرَ بديل. لذا إذا تذمرت وادَّعَيْتَ بأنك غير ضروري، فافعل ذلك لاحقًا. الآن ركِّز على النجاة.»
في مثل هذه الأوقات، لم تُظهر أوثينوس أيَّ رحمة.
لكن هذا ما جعلها مُتفهِّمتُه التي ستخبره فورًا مدى خطورة المشكلة. عَلِمت أن جعله يطمئن وإخفاء جُرح ظهرِهِ عنه سيؤدي إلى موتٍ وشيك أمكنهم تجنبه.
«من مكاني هنا عاليًا، أراهم أطلقوا كِلابًا مُدَرّبة إضافة إلى تلك الألغام الأرضية الجذرية. لا تدعهم يشتمونك. طالما لا يستطيعون متابعة أثرٍ مباشر، ستُضَيِّعُهُم. فهيّا!!»
تَجَمَّع شيءٌ ما حَوْله.
انفصلت ذراع كاميجو توما الزرقاء السماوية وضربَت الهواء كأجنحةِ خُفّاش. بعد أن فُتحت مثل فَكٍّ كبير، احتضنت تلك القشرة الخارجية الشبيهة بالألياف العضلية المُلونة الفتى الثانوي مرة أخرى.
كان لسطحها لَوْنٌ أزرق سماوي وخطوط صفراء ليمونية.
كان للسحلية المجنحة فكّي تمساح، وأجنحة نحيلة، وذيلٌ سَميك.
كانت ألوانها أكثر سطوعًا وسُمّية من ضفدع السهم السام.
أو ربما كان تنينًا لم يُرى في أيِّ أسطورة.
«يا للرعب!!»
«ولكن عليك أن تعتمد عليه. لا أعرف ما الذي سقط من الإماجين بريكر ودَمَّر التوازن، ولكنها شكلٌ آخر من قوتك!»
أول مُهمة له كان التخلص من الكلاب. و أوّل فكرةٍ أتته كانت أن يقطع المسافات عبر الفناء المركزي ونحو الشمال حتى يصل إلى نهر التمز.
انفجرت خطوته.
لم يمشي أو يركض. قفز جسده أكثر وأكثر على مدار أقواسٍ مُنحنية ضحلة كصخرة مسطحة تتزحلق على طول النهر. ظهرت بضع يبروحات من الأرض على طول الطريق، لكنه تحرك بسرعة كافية ليبتعد عنها قبل أن تنفجر في الهواء.
ترك الغابة الصناعية واتجه نحو مدينة مليئة بالمباني المربعة.
بهذه السرعة، لم يرَ فرقاً بين الأرض والماء.
كان قصر وندسور هو القصر الملكي على ضفاف التمز. كان هذا النهر الممثل لإنجلترا عريضًا بمقدار خمسين متراً مما جعله أوسع من حوضٍ مدرسي، لكن الأرجل السماوية الزرقاء خطت مباشرة على الماء وقفزت مرتين أو ثلاث دون أن تغرق.
بعد وصوله إلى الجانب الآخر، أمسك بالعمود المعدني لإشارة المرور بيد واحدة واخترق جزئيًا السطح الخرساني للسد بمخالبه ليتوقف.
انثنت الإشارة قطريًا.
وحقيقة أنه لم يمزقها مباشرة بمخالبه قد تكون إشارة إلى أنه حاول تقليل الضرر قدرما استطاع.
تجمَّعت القشرة الزرقاء السماوية حول ذراعه اليمنى، وانتشرت كأجنحة نحيلة كصقرٍ على الصَقّارة، وكشفت وجه الفتى مرة أخرى.
لكن النظرة على وجهه كانت بعيدة كل البعد عن الإثارة بامتلاك قدرةٍ جديدة.
كانت له نظرة اشمئزاز كمن غرس يده في بالوعةٍ دبقة.
شيءٌ في هذا أزعجه.
استغرقته لحظاتٍ أطول ل "يعود" بعد الاعتماد عليه هذه المرة. إذا استمر هذا "التأخير" في الزيادة كثر ما استخدمها، فماذا سيحدث في النهاية؟
تنين.
رمزٌ تجاوز التقسيمة البسيطة بين الخير والشر.
(عليّ أن أعتادها بسرعة. وإذا لم أفعل شيئًا، فلن أقدر على إزالتها.)
«هل أُزيلت قيودها، أم نَمَت سريعًا بعد كسرها؟» تحدثت مُتفهِّمتُه من فوق. «أم أنها كنواة الذرة وفقدان قطعة منها تسببت في تفاعلها سريعًا أثناء تفككها؟ أهي كإزالة البتلات من زهرةٍ مُكتملة؟ علينا دراسة هذه الحالة اكثر.»
رفرفت أجنحة الطائر الجارح التي تحكمه أوثينوس بشكل مسموع عندما هبطت على الإشارة المنثنية قطريًا.
«حتى أنتِ لا تعرفين ما هذا؟»
«لا. ولكني أعلم أن ماذرز تعمد زعزعة استقرار الانسجام الموجود في عُنصرٍ ليستخدمه هجومًا قويًا.»
للوهلة الأولى، قد لا يبدو ذلك بمثابة اعتراف كبير.
ولكن لا تنسى، فقد دمَّرَت العالم كله باكتمال غونغير. وهذا ليس مجازاً أو تشبيه بسيط للكوكب الصغير المعروف باسم الأرض. كانت حقًا وحقيقة.
«عندما أعدتُ بناء العالم، أطلقتُ صيغةً واحدة فقط وتَوَسَّع العالم بلا نهاية بدءًا منها. تمامًا مثل حبة الغبار الواحدة بعد أن امتصت الرطوبة لتنشئ بلورة ثلج. حتى أنا لا أفهم تمامًا كل جزيءٍ من البلورة.»
«ولكن ذلك...»
«نعم.»
بدت أوثينوس نفسها قد فشلت في محاولتها التباهي.
بدت حرجة إلى حد ما، ولكن ربما لأنها كانت مع مُتَفهِّمِها أذعنت هذه الإله المتعجرفة بخطئِها ولم تُخفِه.
«هذا لا يتعلق بأطراف البلورة، وبذلك أعني أبعد نقاط الكون التي لم يَرَها أحدٌ قبلًا. لقد أعدتُ بناء هذا العالم أسره بنقطته المرجعية، أي: الإماجين بريكر. الإماجين بريكر كانت النواة التي سَمَحتُ لها بحمل مصير العالم، لكن هذا يعني أن هناك صندوقاً أسودَ داخلها لا يمكنني حتى أنا، إلهُ السِّحر أوثينوس، من تفسيرها.»
«...»
«أوعيت خطورة الوضع الآن؟ هذا يعني أن تلك دالّة لم تكن موجودة في النقطة التي أنشأت فيها غونغير. على الرغم من أنني لا أستطيع القول ما إذا كانت نتيجة تَوَسُّعٍ أو انهيار.»
كان كفه مصنوعًا من ألوانٍ مُخدرة الآن، ولا زال يشعر بعرقٍ باردٍ فيها.
وهذه الإنسانية جعلتها أكثر اشمئزازاً.
لم يعرف ما إذا أُضيف شيءٌ أو ما إذا أُزيل شيء، ولكنه عَلِمَ أن هناك شيئًا يحدث في جزءٍ لا يراه من جسده. لم يشعر بأي ألم، ولكن ذلك لم يُرخي قلبهُ كثيراً. شَعَرَ بنفس الخوف المجهول كمثل شخصٍ رأى شكلًا غريبًا على صورة الأشعة السينية ثم يُخبره الطبيب أن يستريح في بيته ويقول له «الله يشفيك» دون شرح.
شعر بالرعب من قِلة حيلته ونقصان معرفته.
وكان دربه مجهول.
«(تنين، أزرق سماوي، أصفر ليموني، ذراع أيمن. حارس الكنز، حاكم الأعماق، الشيطان، رمز لما يجب هزيمته، شِعارُ آلٍ، فاصل، الذي يكسر التوازن.)»
تمتمت مُتفهِّمتُهُ الصغيرة ببضع أمور تحت أنفاسها.
ربما كانت أوثينوس تستخدم كل المعرفة في رأسها لتبحث عن أي دلالةٍ صغيرة.
من هذا المنظور، تَحَسَّر حقًا لغياب إندِكس. كانت مكتبة السِّحر تلك قد حفظت 103,001 جريمواراً أصليًا. [2]
تنهدت أوثينوس من أعلى الطائر الجارح الواقف على الإشارة المنبعجة قطريًا.
«على أي حال، لقد ضيّعناهم. ويعني ذلك الأمان في الوقت الحالي. الآن لن تُلقى في برج لندن ليُجرى عليك عملية تشريح لاكتشاف طبيعة ما يحدث معك. لكن من ناحية أخرى، أنت في مواجهة قصرٍ ملكي لا يُتيح للغزاة الدخول إليه سهوًا وهو مليء بالمحاربين الأشاوس الذين نجوا من نهاية تلك الحرب. أنا إلهُ حربٍ غلبت الكثير والعديد من الحروب المختلفة، وأرى أن هذه لن تكون معركة ممتعة.»
«أعلم ذلك. كل هذا يتعلق بالصدأ المطرود من جسدي: يدي اليمنى.»
إندِكس وميساكا ميكوتو.
كان هناك أيضًا شخص لم يستطع تذكر ملامِحِه ولا اسمه. لكنه رأى برَيْبٍ دموعًا سقطت من عيني فتاة لها شَعْرٌ أشقر عسلي.
«أمرٌ يجب أن يَتِم...»
سرقوا منه الكثير، ومع ذلك لا زال قادرًا على قول تلك الكلمات.
كانت كلمات عنيفة، وحشية، وبرّية بدت وكأنها تُلقي ماءً باردًا على إمكانيات إنسانية مُشرقة، لكن الفتاة مُتَفهِّمَتُه ابتسمت وزفرت ضحكًا. وكأنها تقول أنها ستضربه لو ما زال يحاول التصرف إفتِداءً [3] تامًا ويعامل نفسه بأنه زائدٌ غير ضروري بعد كل ما تمَّ من أجله.
لذا.
بينما راقبته إله الحرب والسِّحر والخداع، نظر كاميجو توما –فتى المدرسة الثانوية العادي الذي تراه في أي مكان– إلى القمر وأعلن الحرب.
تمامًا كتنينٍ شرير يرفع رأسه ويزأر في السماء.
«...وأنا من سيُتِمُّها.»
الآن.
أصغر معركة في العالم على وشك البدء، وقد حان وقت استعادة كل ما سُرِق.
- الجزء 2
توقفت كل الأصوات.
أم أن الزمن نفسه توقف؟
«...»
الفتاة ذات الشعر الأشقر العسلي التي ربطت شعرها إلى الوراء في طبقتين صارت شاحبةً تمامًا.
لابد أن الصداع المخفق والموجع في رأسها كان الثمن الذي اشترته لدفعها قوتها إلى حدودها وفقدان السيطرة.
لكن ردود أفعال شَوكُهو ميساكي كانت مملة.
كما لو أن الألم كان أقل ما يقلقها.
هل أدركت أخيرًا جدية ما فعلته؟ لم تبدو مهتمة بالألم الحاد الذي مر أحيانًا عبر خصرها الآن بعد أن فقدت داعمها. حسَّت بالألم، لكن الجزء من عقلها الذي عَمَلَ على تجنبه كان خامدًا. تمامًا كشخصٍ قَبِلَ الإساءة باعتباره جزءًا من الحياة بعد تعرضه له لفترة طويلة جدًا.
حَمَلَت صفارة طوارئ رخيصة في يدها، لكنها لم تُفِد في تهدئة قلبها.
ماءَ القط إليها وهي تقف ساكنة.
أكان الوحيد الذي نجا؟ لكنها كانت مُضطربة للغاية لتنحني وترعاه.
«همم.»
أثناء ذلك.
سَمِعَت صوت تكسير قادم من مكانٍ ما.
الفتى في البدلة الرسمية الغير مألوفة تحدث بصراحة.
الملكة الحاكمة إليزارد وقائِدُ الفرسان.
فِليان والفارسة.
ستَيْل ماغنوس وكانزاكي كاوري.
إتسوا وتاتيميا.
حتى الخادمات والراهبات.
كان ذلك عالمًا مثاليًا ولكن مجمدًا. من هذا المنطلق، ربما صارت شَوكُهو ميساكي ديكتاتورًا تضع سقفًا صلبًا فوق رؤوس الجميع.
من ناحية أخرى...
«أظن أنك لا تستطيعين السيطرة على كل شيء، ها؟ يبدو أنكِ تظاهرتي السيطرة على حوالي عشرين في المئة فقط.»
نظر الصبي ذو الشعر الأشْوَكِ حوله ليفحص الأشخاص المتجمدين مع التأكد من ألا يلمسهم وتحدث بنبرةٍ محايدة تمامًا.
«أتاني الفضول حول أيهما كان مُتَفوِّق: الجانب العلمي أو الجانب السحري، لكن هذا معقول. قد صقلوا قوتهم الحيوية إلى قوةٍ سحرية (مانا). لا أعرف كيف يعملونها بالضبط، لكن يبدو أن السَّحرة ككل يعرفون كيفية التعامل مع المشاكل التي تؤثر على العقل. لابد أن لهم صمامات آمان تلقائية تُغلِقُ عقولهم فور محاولة "شيء ما" غزْوَهم.»
«...»
«أكانت نيانغ-نيانغ من قالت أنها نَظَّمَت جنازتها لتُزيِّفَ وفاتها ولتحصل على الحرية؟ قد يكون هناك سِحرٌ مماثل في الغرب.»
لكن هذا ليس سببًا للراحة.
حتى أعظم المحاربين سيفشلون لو طُعِنوا وهم سَرْحى. من هذا المنطلق، قد حققت #5 المدينة الأكاديمية شيئًا مخيفًا حقًا.
«سيكون من السهل كسرها بيدي اليمنى، لكنها ليست مثالية للتحكم الدقيق. سيضيع هدرًا لو دمرت تأثيرات المِنتل-آوت مع نظام السلامة السحري. والأسوأ، ما إن ألمسهم، لن أستطيع القول بالنظر وحده ما إذا كانوا لا يزالون تحت سيطرتكِ أم لا. ... لذا سيكون من الأفضل ألا ألمِسهُم.»
ولكن مهما بلغت ال#5 من قوة، كانت هذه الكلمات كافية لقهر غددها الدموعية.
عندما يقرر القتال، لم يهم كيف بدا الوضع سيئًا. سيجمع كل المعلومات التي لديه وسيبحث عن نقطة ضعف. شخصيته المشرقة والودودة تخفي جانبًا فطِنًا أعظم من شَوكُهو ميساكي ولا علاقة لها بإنجازاته الأكاديمية على الظاهر. كان صبيًا صعبًا القراءة.
حتى خلال أعظم المخاطر، لطالما أعطاها ابتسامةً نقية.
تذكرت أيام الصيف تلك.
لم تستطع منع نفسها من رؤية نفس ما رأته في الشخص الحاضر هنا.
«شَوكُهو.»
«آه.»
انتصب شَعْرُ القط عند قدميها.
كان هناك سببٌ لفعله هذا عندما يتعلق الأمر بميساكا ميكوتو.
قوتها تُطلِقُ باستمرار موجات إلكترومغناطيسية خافتة تكرهُها الحيوانات.
لكن.
ماذا عن هذا الصبي؟
«أم تفضلين أن أناديكِ شَوكُهو-سان؟ ها ها. هو مذهلٌ كيف يكبر الناس. تبدين أكبر مني الآن.»
زَهْرِيٌّ فاقِعٌ و زُمُرُّدي.
الفتى في البدلة الرسمية الغير مألوفة غطى وجهه بيد كما لو أنه يحاول معرفة كيف يشعر. كان هناك صوتٌ ما جاف يأتي من خلف يده أحيانًا.
«لكن، طيّب، من كان يظن أن كعب حذاء الفارسة كان أوجع من الوحش؟ ...على أي حال، أرجو أنها لم تكسر شيئًا.»
للحظة وجيزة، رأت شَوكُهو ميساكي تلك الألوان الغير طبيعية ترقص في مكان ما في مجال رؤيتها. على الرغم من أن الشيء الوحيد الذي كان أمام عينيها كان وجه الصبي ذو الشعر الأشْوَكِ. بدا وكأنها تأتي من زوايا عينيه وفمه.
لكن ما إن رمشت عينيها، اختفت.
أخبرت نفسها أنه محض خيالها لا أكثر.
«إذا بغيتي الأكل، فافعلي الآن. أوه، نعم. لن تفضلي شيئًا فيه إضافات صناعية ومواد حافظة، صح؟ ولكن العشاء الذي أُعِدَّ في حضرة العائلة الملكية البريطانية يجب أن يكون كله طعامًا صحيًا ذو أعلى جودة، لذا حتى الهمبرغر والبطاطس مقلية من أعلى مستويات الصحة، ولطالما أحببتي هذا النوع من الأطعمة، أليس كذلك؟»
طقطقت أسنان الفتاة مُرتجفة.
وانفك جزء من تسريحتها وسقط بعض الشعر على رقبتها وتشكلت تجاعيد في فستانها الذي صُمِّمَ خصيصًا لهذا اليوم، لكنها لم تهتم بإصلاح أيٍّ منها.
فكرت في نفسها وهي تبدو تدريجيًا شعثاء. [4]
لم تأتي هذه الأمور من الخارج. شَعَرَت بدفءٍ ساحق يغزو قلبها. لكنها لم تستطع السماح له بسحبها. عليها أن تقاومه. لو استسلمت ولو تهاونت، فهي تعلم أنها ستسقط ولن تتعافى أبدًا.
«من الصعب القول ما إذا سيكون السحرة مفيدين أم لا. وبصراحة، عشرون في المئة ليست كافية. مما يجلب انتباهي إلى ميساكا. ففي الآخر، هي ليست بساحرة. سحقاً، يا لحظي العفن. لو كان هناك وجود أكبر للجانب العلمي هنا... لكن، طيّب، سيُفيدنا كثيرًا بقاء المصنفة #3 من توكيواداي إلى جانبنا، لكن هل يمكنك حقًا فعل ذلك؟ لابد أن هناك فجوة بين ال #3 و ال #5، لكن هل يمكنك التحكم بها؟»
«...لا أعرف.»
قبعتها الزينة الصغيرة – التاج المزيف – تأرجح مع حركة رأسها.
هزت رأسها من جانبٍ لآخر.
وسقط المزيد من الشعر على رقبتها.
أكسِلَريتر، كيهارا نوكان، هامازورا شياغي، وتاكيتسوبو ريكو. لم يكن لشَوكُهو أن تعرف بعضهم، لكن هل كان هذا من حسن الحظ أم سوءه أن تلك الشخصيات الرئيسية في الجانب العلمي كانوا غائبين هنا؟
«بصراحة، ربما يعتمد ذلك على ميساكا-سان نفسها. لو خاب أملها مني إلى نقطة اللاعودة، فمن المحتمل أن تكون شقوق قدرتها على الرفض قد اتسعت كثيرًا. في هذه الحالة، قد تتظاهر بأنها دمية وتنتظر فرصتها للهجوم. استخدامها أساسًا لقواتنا القتالية لهي فكرة سيئة ربما، ألا تعتقد؟»
«خاب أملها إلى نقطة اللاعودة؟» الفتى ذو الشعر الأشْوَكِ ميَّلَ رأسه وانبعث ضوءٌ زُمرُّدي من زاوية عينه. «لِما؟»
«خ.» كان لتلك الفتاة التي سعت للخلاص أكتافًا تبدو أكثر هشاشة من الزجاج، وكانت ترتعش بشدة الآن.
سرعان ما وضعت يديها أمام صدرها الوفير وارتعشت كطفلة خَجُول مُجْبَرة على اللعب حارسة للمرمى في رياضة لم تلعبها من قبل.
في الواقع، شَوكُهو ميساكي كانت إنسانة، ولديها هدفٌ في الاعتبار. أرادت أن تصدق أنها لم تفقد السيطرة واستخدمت قوتها ال #5 ذات المستوى 5 عشوائياً.
مِنتل-آوت. [5]
حسب علمها، لن تعمل على هذا الصبي. أو بدقة أكثر، يمكنها أن تغيّر عقله، لكن التغييرات ستُزال بمجرد أن يلمس رأسه بيُمناه.
لذا.
ماذا سيحدث إذا تظاهرت بطاعت الصبي ذو البدلة وربطة العنق، وسحبت ريموتها، واستخدمت قوتها على الصبي نفسه؟ إذا انتهى الأمر بغيابه عن الوعي واقفاً، أفلن تُثبت أنه كان وحشاً بشعًا لا علاقة له بأحداث ذلك الصيف؟
هذه كانت خطتها.
ولكن...
«شَوكُهو، لقد اتخذتي القرار الصائب ودفعتي ذلك الوحش البشع بعيدًا. لا لميساكا سببٌ ليخيب أملها منكِ.»
«...»
ارتعشت مرة أخرى.
لم تعمل مِنتل-آوت على هذا الصبي. أو بالأحرى، عمل الهجوم في البداية لكن تم إبطاله بقوة يده اليمنى. لهذا السبب أمكنه التجوال بحرية.
والفتى الآخر قد هرب دون استخدام يده اليمنى.
لذلك...
في هذه الحالة...
فَقَدَت سببًا آخر لتُمَزِّق الأعمدة التي تدعم هذا الوضع المستحيل ودعتهُ ينهار. القنبلة التي أملت في استخدامها للتخلص من هذا الحلم العابر قد صارت رطبة ولا فائدة منها.
أحب الجميع أن يحلموا.
ولم يُرِد أحدٌ الاستيقاظ من حُلُمٍ مُمتع.
لكلٍّ له واقِع في قلبه يَوَدُّ لو كان حقيقيًا، وسوف يستمر هذا الاعتقاد حقيقيًا طالما لم يُقَدَّم دليلٌ قاطع معاكس.
عينا شَوكُهو ميساكي لم تتوقف عن التذبذب.
ربما كان ذلك بسبب أنها عبرت نقطة اللاعودة.
...ما مَلَكَ هذا الصبي ليكون كاميجو توما؟
أهي الذكريات التي تشاركوها معًا؟
أم هي القوة في يده اليمنى؟
«ذاك كان وحشًا لعينًا.»
بدا الصبي باصقًا الكلمات.
وكان هناك وميضٌ سريع من الوردي الساطع في زاوية فمه.
تجاهل مواءَ القط ولَوَّح يده اليمنى.
«أراهن أنه كان يخطط لطلب مساعدتك، أن يُجبركِ على استخدام قواكِ، ثم يقول "آسف، لا أتذكرك" ويغادر سريعًا. وله عنجهية وغطرسة مقيتة أن يأتي لهنا كما لو أنه جاء ل "يستعيد ما هو له"؟ لا تضحكوني. لو لم يظهر، لما حدث شيء ولأمكننا أن نستمتع بالحفلة.»
«...»
«ملاحقة ذاك الدخيل لن يوصلكِ إلى أي مكان. لن يعيدك إلى ذلك الصيف. انفخي تلك الصفارة الفضية كما شئتي، لكنه سيُمَيّل رأسه مستغربًا ولا أكثر. لأنه لا يشاركك تلك الذكريات.»
كانت كتفي الفتاة تهتز، لكن الصبي ذو الشعر الأشْوَكِ أخذ زيتونة من طبق كبير متروكة في قاعة الحفل.
كان يتحدث إليها كما فعل دائمًا.
بنفس الصوت والابتسامة في تلك الذكريات التي لم تُرِد فقدانها أبدًا.
«أنا وحدي من يتذكر.»
- الجزء 3
وندسور كانت في ضواحي لندن، لكنها لم تكن في تلك البلدة الكبيرة. كان سكانها يُقَدّرون بحوالي ثلاثين ألف نسمة. ربما لم يكن هذا غرضها الأوّلي عندما بُنيَت القلعة، ولكن بالنسبة للعائلة الملكية التي تتنقل بين قصر باكنغهام وقلعة وندسور، كانت الأخيرة كالبيت الثاني للاسترخاء بعيدًا عن صخب العاصمة خلال عطلة نهاية الأسبوع.
«أه يا ربّي. استولوا على قلعة وندسور؟ أولاً سفينة الملكة بريطانيا والآن هذا؟ آمل فقط أن مرافق أمتنا لم تُصِبها هَوَسٌ للخيانةِ غريب.»
...وهذا بطبيعة الحال قَيَّد الأماكن التي يمكن للناس أن يتجمعوا فيها.
وكانت الآن مكانًا للاجتماعات في حالات الطوارئ.
كاميجو توما، أرنب قد يموت من الوِحدة، وأوثينوس-تشان، الفايكنغ التي تُحَسِّنُ مزاجها بالأكل والنوم (نفس عملية التفكير كإندِكس!)، وَصَلا إلى مطعمٍ مفتوح في آخر الليل ليعقدا اجتماعًا استراتيجي، لكنهما تذكرا بعد ذلك أن محفظتهم بها فقط بضع ينّاتٍ يابانية وبطاقة نقاط لمتجرٍ ما.
رصدت الأميرة الأولى ريميا، التي بدلت ملبسها بلبسٍ مريح، الصبي المحبط من خلال النافذة، لذا خرجت من الحانة المليئة بالاحتفالات الصاخبة بنهاية الحرب.
«حسنٌ، لم يُبَلِّغوني بالتفاصيل، ولكن يبدو أنك تورطت في مشاكِلَ كثيرة.»
«هذه قصة حياتي، حقّاً.»
«إذن الصبي الذي رأيتُهُ في قلعة وندسور لم يكن أنت، أيا ترى؟ ...قد كان نسخةً عالية الجودة حيث أنني دردشتُ معه دون أن ألاحظ غرابةً فيه.»
أهكذا ستراها لو نظرت إليها كمحرك بحث ذكاء اصطناعي؟
لبست ريميا جاكيتاً جلديًا وبنطالًا ضيقَ. كانت لتتناسب لو ركبت دراجةً نارية كبيرة ولقالوا أنها من بلد الصخور (باستثناء عدستها المونوكلية)، ولكن بعد ذلك ضَحِكَ [دراج كُوِين] [6] مُلتحي بفستانٍ مُطَرّز نصفه مكشوف وتحدث إليها بصوتٍ زائفٍ فالسيتو. [7]
«ما هذا، ما هذا؟! اصدتي لنفسج شابًا، مم؟! لكن شكله وكأنه في سن المراهقة! امبيه، لا يكون خطفتيه؟! وييه، لازم أسمع الموضوع كامل!»
«اخرس وإلا قتلتك، أيا سكران☆»
الابتسامة والبيان كانا نقيض ما عرفه الناس عن ريمَيّا العادية.
فكّر كاميجو في أنها ربما ارتاحت أكثر في أماكن كهذه.
حاول في البداية إخفاء ذراعه الزرقاء السماوية داخل جَيْبِ هوديه، لكن الناس هنا لم يبدون مُهتمين. ففي الآخر، كانوا جميعًا سكارى من كثرة الاحتفال. رأى في الحانة شبابًا كُثُر يترنحون من جانبٍ إلى آخر بالعَلَم البريطاني المرسوم على وجوههم. كان مشهدًا مشابهًا لما يحدث بعد الفوز في بطولة كأس العالم لكرة القدم.
«ما هذا الشيء؟ بلوع... بلو (أزرق)؟ أنت جابانيزي، ديس-ني؟ لماذا بلو؟ لما لا تكون وايت أو ريد؟ هينومارووو!»
«أخخ، ابتعد! لا تقترب نحوي وتنطق هراءً إنجليزيًا فجأة! تراك تُخَوِّفني!!»
«أوه، هذا لفريقكم الفوتبول (كرة قدم)؟ أهو مثل زرقاء الغيشا؟ ههههههههه!!»
كان رجلٌ في منتصف العمر بوجهٍ أحمر يتحدث إليه ويضحك كالمجنون، لذا دفعته ريمَيّا لتُرسِلهُ يتدحرج عبر الأرض.
وقد أمسك الأحمق ذو الذراع الزرقاء رأسه عند سماعه كلمة التقطها من هذا الاختبار العملي المفاجئ للّغة الإنجليزية.
«ما قصة كرة قدم؟»
«لم يقصد "الفوتبول" الأمريكية. بل ما نسميه "سَكّر" هنا.» [8]
...هذا جعله يتساءل لماذا لا يُسَمّيها "سَكّر" إذا كان هذا ما قصده، لكنه قرر أنه من الوقاحة أن يسأل أكثر. وما كان واثقاً من كيف سيرد لو سأله بريطاني أن يفسر له لماذا يُسَمّون اللون الأحمر "أكا" في اليابانية.
أطلقن ريمَيّا تنهدًا ناضجًا.
«لا أعرف ما حدث، لكنك محظوظ أن ذراعك هذه ليست حمراء دموية أو شيء من هذا القبيل. هكذا، ستبدو مزيفة للناظرين.» كما أعطته تحذيرًا. «وبما أنني متأكدة أنك لن تشرب أي شيءٍ كحولي، فتأكد على الأقل من أن تطلب شيئاً له قاعدة من الطماطم أو الزنجبيل حتى يبدو كأنه كحولي. في هذه الحانة، لو رأوك جالسًا وتشرب كوبًا من عصير البرتقال أو عصير التفاح، لخلعوك وجرَّدوك بالقوة من ملابسك في وقت قصير. وستقبض عليك أذرع من كل الأجناس ومن كل اتجاه.»
«أأنتِ جادة؟»
«وفي ليلةٍ احتفالية كمثل هذه الليلة، سترى فيها العجب خاصة. ما لم تكن من معجبي النساء المنحرفات اللاتي سيهتمن بكل احتياجاتك بسرور، فأنصحك بتجنب ذلك.»
«بالتأكيد لا!! فهذا نعيم مديرات المسكن بالنسبة لي!!»
على أي حال، يبدو أن ريمَيّا قد شربت حقّاً الكثير، لكنها لا تزال عاقلة بما يكفي لئلا توصي بالشيء نفسه لمراهق المدرسة الثانوية. قرّبت له طبقًا كبيرًا مليئًا بالوجبات السريعة التي لن تجدها في قلعة وندسور: شرائح سميكة من لحم الخنزير المقدد، رقائق البطاطس، فشار، إلخ. ولكن بدلاً من فتح كيس وإفراغه على الطبق، بدا أن كل شيء كان مطبوخًا يدويًا في الحانة. ورقائق البطاطس المقلية حرفيًا باليد لم تكن شيئًا تتناوله كل يوم، كانت تجربة مثيرة للاهتمام.
«لماذا تستخدمين ملح الطحالب؟ نحن في إنجلترا.»
«لقد تعلمنا كيف نستخدم ملح الطحالب وبطارخ البولوك من أُمَّتِكُم الشرقية العظيمة البطاطسية. كانت نكهة الزبدة وصلصة الصويا سهلة الصنعة، ولكن طعم الداشي صعب جدًا الإتيان به.» مدَّت يدها نحو المكسرات المختلطة على الطبق، وأردفت. «فما الذي جلبك لهنا في هذه الساعة؟ التقيتَ بي صُدفة، فهل كان عندك خُطَطٌ أخرى؟»
«أمم، ما كان لدينا وجهة محددة في الاعتبار، وسأكون كاذبًا لو قلت أنني لستُ بجائع. كان لدي خطط لمقابلة شخص ما في هذه الشارع.»
«أكان شابًا آسيويًا آخر؟ لأنني رأيت واحدًا يتعرى هناك.»
«وشو؟!»
نظر إلى الاتجاه التي أشارت إليه بإبهامها ورأى شاحب الوجه هامازورا شياغي يُرمى في الهواء من قبل مجموعة من الرجال والنساء السُّكارى بعد أن خلعوه حتى ما بقى معه إلا ملابسه الداخلية. كانت عشيقته ذات البدلة الرياضية الوردية والكنزة الصوفية تقف بالقرب منه بوجهٍ شارد، وكان كل هذا مكشوفًا لمن أخذت حيّز ال #1 في قلب الفتى الآسيوي، ولم يرغب أبدًا في أن تراه هكذا. كانت فتاةٌ صهباء الشعر قصير وذات فستانٍ أبيض زخرفي تقف أيضًا بالقرب منهما، لكن بدلاً من المساعدة، ضغط صندوقها الأسود ببطنها وضحكت بأعلى صوتها.
و.
كلمة "#1" جلبت فكرة مشؤومة إلى عقل كاميجو.
حتى الطالب الثانوي الغبي أمكنه فهم هذا. راهن أنه حتى أستاذته الإنجليزية ستجد صعوبة في تفسير الصَّيْحات والبكاء التي لا معنى لها، لكنه سَمعَ أيضًا سلسلة من أصوات التكسير والتهميش تأتي من الباب المكتوب عليه "حمّام".
خَرَجَ وحشٌ أبيض من ذلك الباب وسَرى.
«...تأخرت. اضطررت إلى اختراق كل جدران الحمام.»
‹«رائعٌ ما فعلت يا سيدي.... لا أحد أروعُ مِنكَ في معارك الحمامات، أنت كامبراطور العالم السفلي!»›
تَعَوَّدت الشيطانة الشفافة أن تمدحه لأي عرضٍ أبداهُ قويًا، وقد ثنت يديها أمام صدرها ذو الحجم العجيب بالنسبة لارتفاعها القصير وامتلأت عينيها بنظرة مسحورة. وقد حَمَلَت قلوبًا في عينيها. ربما كان هناك بعض المخمورين الطائشين ممددين متهالكين في الحمام. لم يكن هناك أي قيّد لهذا الأحمق الأقوى عندما كانت فتاةٌ ظريفة كهذه تمدحه استنادًا إلى نظامِ قِيَمٍ محدود.
...لم يبدو أحدٌ مُهتمًا بأن فتاةً شفافة كانت تطفو، وربما ظنّوا أن شخصًا ما يستغل المزاج الاحتفالي ليُصَوِّر فِديو كاميرا خفية. ترنح بعض الرجال في منتصف العمر من جانب إلى آخر وهم يحملون أكواب بيرة أكبر بكثير من أي شيء يُرى في اليابان وخلقوا ضجة خلف أكسِلَريتر والفتاة الشيطان. على ما يبدو، افترضوا أن هناك كاميرا تصوّر هذين الاثنين لذا أرادوا وضع أنفسهم في هذا الإطار الخيالي. وربما يخلطون بين ذكرياتهم عندما يستيقظون في الصباح التالي مع صداع السكْر، لكن من المحتمل أن يفترضوا أنهم شربوا حتى السكْر بحيث كان كله خيال.
«اغغ، انقلعوا عني يا سكارى!!»
كانت أوثينوس حذرة مثل قطة متجهمة وهي تجلس على كتف كاميجو. على ما يبدو، ظنّ بعض "السادة" المخمورين أنها شيءٌ مثل روبوتٍ أليف عالية الجودة وكانوا فضوليين لمعرفة أين كانت علامة "صُنِعَ في اليابان". إذا لم تكن حذرة، فربما تُسرق وكأنها محفظة أو حقيبة.
جديرٌ بالذكر، كان كاميجو توما بلا هاتف لظروفٍ مختلفة، لذا عمومًا لم يملك وسيلة للاتصال بالناس. وقد تطلب استخدام هاتف عمومي قديم بعض النقود المحلية. نَجَحَ في ترتيب لقاءٍ هنا بربط الرسائل بأرجل الطائر الجارح التي تركبه أوثينوس. كانت وسائل اتصال التي لا تعتمد على الكهرباء نادرة في العصر الحديث. ولابد أن المُستَلِمُون شعروا بأنهم يتعرضون لهجوم من الأعلى، قد كانت تجربةً نادرة حتى بالنسبة لهم أيضًا.
ألأنها مطبوخة يدويًا أم لأنها على الطريقة البريطانية؟
تسربت من رقائق البطاطس السميكة شحومًا عندما قضمها كاميجو وتنهد قائِلًا.
«من هذه التي معك مرة أخرى؟ وأنت أيضًا يا هامازورا. أرى وجوهًا جديدة هنا.»
«أرى أنك أكثر من عليه الشرح.»
نقر أكسِلَريتر لسانه وجلس على كرسيٍّ فارغ.
كانت عينيه على تلك الذراع الزرقاء السماوية.
كان ال #1 قد تذوق المأكولات المحلية، لذا أعطى الطبق الكبير من الوجبات الخفيفة نظرةً مغتاظة واختار ألا يأكل شيئا.
«قُل ما عندك يا حشرة. واستخدم عقلك صفري المستوى لما يسوى.»
«ألا ينبغي لأحدٍ أن ينقذ صبي البوكسر من أولئك السكارى أولاً؟» سألت ريمَيّا. «ربما يضرب رأسه بتلك المروحة لو استمروا في رميه لأعلى أكثر.»
«لو أزعجكِ ذلك كثيرًا، فاذهبي وافعليها بنفسك»، ردَّ #1. «ما هو شغلي-يو.»
«أوه، هكذا؟»
صفقت بيديها بصوت عالٍ إشارةً إلى صاحب الحانة الشايب حيث بدأ يُوَزّع جولة من الويسكي الإيرلندي المعروفة بخفّتها ولكن قوية. بدا هذا كدرسٍ من حكاية [رياح الشمال والشمس]. [9] بمجرد أن شرب السكارى السائل العنبري الذي بدا كشراب السعال، فقدوا الطاقة لمواصلة رمي الصبي في الهواء وسقطوا أرضاً.
كاميجو توما، أكسِلَريتر، وهامازورا شياغي قد اجتمعوا معًا.
ومع ذلك.
مع ثلاثتهم هنا، كانت برفقتهم جنية بحجم اليد تدعى أوثينوس على كتف كاميجو، والشيطانة الاصطناعية لُغْزُ قُلَيْفة 545 تطفو جوار أقوى مستوى 5، ومجموعة بطاقات التاروت الثمانية والسبعين والساحرة الذهبية دِيون فورتشن تتدحرج على الأرض وتشير إلى صبي البوكسر بدموعٍ تملي عينيها، وكانت أنيري على الهاتف داخل جيب الملابس المُزالة. خَمَّن كاميجو توما أن فتاة البدلة الرياضية الوردية والكنزة الصوفية تاكيتسوبو ريكو لم تكن فتاةً عادية إذْ أنها نجت حتى الآن. أدرك أن نصف الأشخاص الجالسين على هذه الطاولة معه تقريبًا كانوا ليسوا بشرًا بالمعنى، على الرغم من أنه لم يُعاد تجسيده إلى عالمٍ آخر. كان التنوع هنا عجيبًا وجنونيًا قليلاً.
(ولكن لا يحق لي أن أطلق على أي أحدٍ آخر اسم الوحش عندما أكون الشخص الذي يتحول إلى سحلية.)
ولابد أن الفتى أصابه إرهاق من كثرة الأكل التي زادت نسبة السُكَّرِ في دمه حيث أنه استند إلى كرسيه وبدا كمن يندب سوء حظّهِ.
«هذه الفوضى لها سببين وأنا أحدهما.»
ولربما كان من الأدق أن يُقال أن جزءًا من قدرته كانت أحدهما.
كانوا قد شهدوا بعض الحالات التي تكتسب فيها قدرةٌ ما تفكيرًا مُستقِلًا، مثل الفتاة ذات النظارات التي تدعى كازاكيري هيوكا أو المصنف #2 كاكيني تيتوكو.
«لقد انفجرت ذراعي اليمنى أثناء حادثة سفينة الملكة بريطانيا، لكن كل شيء منذ ذلك الحين أصبح غريبًا للغاية. اكتسبت هذه الذراع الغريبة الزرقاء السماوية وهناك لعينٌ يُشبهني تمامًا يتجول في الأرجاء.»
«أرغب في لعن نفسي لأنني شكرته على أفعالك أنتَ في قلعة وندسور. ولكن ما تلك الذراع العجيبة؟ هل سميتها زرقاءَ سماوية؟»
لم يحمل كاميجو إجابةً على سؤال ريمَيّا.
كانت يده اليمنى تتحرك وهي منفصلة عن جسده.
لم يستطع الفتى حتى أن يتصور ما يحدث له.
«أقل ما أعرفه هو أنّ الإماجين بريكر لم يعد معي. ربما كان هذا الشيء الأزرق السماوي هو بقاياه ومعظمه ذهب لذلك الشخص. ما عاد هناك شيءٍ يُمَيّزني.»
«...»
مَلَئَ غَضَبٌ حادٌ عَيْني أكسِلَريتر.
لكن كاميجو فشل في أن يُلاحظ وأخذَ نفسًا عميقًا.
«إذا لم تصدقني، فجرِّب لما لا؟ أمم، هل فيه أحد عنده قدرة خارقة بارزة هنا؟ أي شيء... أوه، ماذا عن هذه الشيطانة الغريبة الطافية هناك؟»
‹«شنو، شنو؟! تقول عني غريبة؟ أنت ورأس المسامير هذا، طالع كأنك صبّار.»›
«شوفي. لن أستطع فعل هذا لو كان لدي الإماجين بريكر.»
‹«هويه...؟»›
كان الفتى ذو الشعر الشائك غارقًا في التفكير بينما مدّ يده اليمنى في ذلك الاتجاه.
حرك ذراعه الزرقاء السماوية نحو كتفها الشفاف.
لكن كان ينبغي عليه أن ينظر إلى ما كان يعنيه صوت ال "هويه".
‹«هَتشو!»›
سَمِعَ صوت عَصْرٍ غريب.
قد غيّرت عطسة الشيطانة مكان طَوْفِها.
ولذا لمست يده مباشرة صدر لغز قليفة 545 غير المتوازن.
صرخت فتاة ثوب الجرائد وحَرَّك الوحش الأبيض يده بصمت مُلَوِّحًا كمن يلطم أحدًا... لا، بل كانت حركة مخلب تقطع الهواء.
ما كان لكاميجو توما شيءٌ لينفي هذا الآن، لذلك تَفَجَّر هو وكرسيه لأكثر من خمسة أمتار للوراء.
«أفهوابواهه!؟»
«.....ما معنى هذا؟! هل ضربتك حقّاً؟»
لسببٍ ما، كان الذي ضربه يرتعش.
منطقيًا، كانت عظام كاميجو توما لتتكسر ما أن يصطدم بالأرض، لكنه بدلاً من ذلك وَجَدَ نفسه عالقًا معلقًا رأسًا على عقب من شجرة كريسماس اصطناعية.
«اف-افتهمت الخيين؟ غنذي~ مشكلة~ في~ يذي اليمين.. يا لخظي..»
بعد أن رأت حالته المشفقة، تحدثت الجنية أوثينوس (التي حافظت بمهارة على موقعها في كتف الفتى كمهرجةٍ تُوزِنُ نفسها على كُرة) بانزعاج شديد في نبرتها:
«لا يحق لك الحديث عن الشقاء والنحس بعد نجاتك من هجومٍ كذلك.»
«أه! اختفاء الإماجين بريكر يعني نهاية الشقاء....!؟»
أضاءَ وجهُ كاميجو عندما أدرك هذا متأخرًا.
لذا لم يكن كل شيء سيئًا بالمرّة.
حسَّ نفسه يُركز كثيرًا على الجوانب الإيجابية، لكن...
‹«أ-أوه، لا. إذا استمرت المحادثة، فسأفقد فرصتي في الشكوى على ما حدث.»›
ومن يقدر أن يلوم هذه الشيطانة الشفافة والدموع في عينيها؟
الآن بعد أن تَحَرَّرَ من أغلال الشقاء، كان كاميجو توما بكامل عافيته. كانت أخلاق العالم تدخل في أراضي لا تُتَوَقّع بتحَرُّرِ هذا الوحش البري.
‹«ألستِ الأميرة الأولى؟! إذن قولي شيئًا! هذا اختبار لأخلاق بلدك!!»›
«لا تفضحيني أيا شيطانة عاهرة.»
كانت ريمَيّا امرأة عادية الآن فقط، لذا ردت بصوت منخفض للغاية.
وأعطى صبي البوكسر رد فعل متأخرًا.
«نواه؟ أمير—ها؟ حقًا؟ أم وجه مكتئب هذه؟!»
«كل تبن! ما أني مكتئبة!!»
وجدت السيدة ذات المونوكل نفسها تحت النيران بسرعة، ولكن لحسن الحظ، يبدو أن المخمورين المحيطين لم يسمعوا شيئًا من ذلك. وأيضًا، شملت الحفلة في هذا البار العديد من الأشخاص الذين يدّعون أنفسهم أرانب رمادية وأطلسيين، لذا ادعائها بالأميرة ليست بذلك التأثير.
على أي حال.
«إن الإماجين بريكر لا يعمل. هذا ما أعرفه»، قال كاميجو وهو يسحب كرسيه مرة أخرى إلى الطاولة.
قد نجا مَحظوظُ اليومِ الوغدُ دون أن يتعرض لانتقاد حقيقي.
وهذا ترك سؤالًا جوهريًا حول ما هي تلك الذراع الزرقاء السماوية، ولكنهم لم يعرفوا ما إذا دخل شيءٌ أو ما إذا أُزال شيء. لن يعثروا على الإجابة إذا لم يعرفوا تفاصيلها أو العملية التي تقف وراء التغيير.
«بدلاً من الثقة في أحد الخيارين، بدا الجميع في قلعة وندسور في شكٍّ ورَيْب في الوضع عمومًا. ربما يعني ذلك أنه ليس جميعًا أعداء، ولكن كان هناك شخص. أمم.....؟»
«شَوكُهو. شَوكُهو ميساكي.»
بعد توقف طفيف وغير طبيعي، تعبت الصغيرة أوثينوس من الانتظار وقدمت الإجابة من على كتفه.
ظهر امتعاضٌ على وجه #1 عند ذلك.
«مستوى 5؟ هي أحد الآخرين في تلك الفئة السخيفة التي أنتمي إليها، هِه.»
«صح. صح، كانت هي... المِنتل-آوت. أقوى نفسانية. لقد انضمَّت إلى جانب شبيهي، لذا من المستحيل أن نتخيل كيف ستبدو الصورة الكلية. وربما كان جميع السحرة في قلعة وندسور تحت سيطرتها وحتى قد تُحَوِّل الناس العاديين في هذه المدينة إلى جنود.»
حتى المخمورين الفرحين في هذا البار يمكن أن يصيروا أعداءً في وقتٍ ما.
سيجعلها معركةً صعبٌ الفوز فيها بالطريقة المعتادة من خلال إعداد تفسير منطقي لإقناع معظم الناس. شَوكُهو ميساكي. تلك... الفتاة؟ إنها فتاة، أليس كذلك؟ على أي حال، تلك الإسبرة التي صَعُبَ عليهِ تخيُّلُها في رأسه يمكن أن تغير بالكامل أجواء هذا المكان.
«لم أرهُ بعد، لكن ما الذي يُريده ذلك الشرير؟» سأل صبي البوكسر. «ما الذي يحاول فعله؟»
كان هذا سؤالًا بسيط ولكن مهم.
كانت لديه ذكريات لا يمتلكها كاميجو توما.
لماذا؟
وما الذي يأمل في تحقيقه بهذه الذكريات؟
(هل هناك طريقة لاستخراج ملامح الذكريات المفقودة، كرؤية ظلٍّ لاحق أو فجوة لآخر قطعةٍ من أحجية الصور؟ أم أن هذا ليس له علاقة بدماغي وكان يُراقب كل ما فعلته من الداخل؟)
تفكر كاميجو لفترة قبل أن يتحدث مرة أخرى.
«هُوَ ماضيي.»
«ماضيك؟»، سألت تاكيتسوبو ريكو بتعبير غير مفهوم ومَيّلت رأسها.
تلك الكلمة الواحدة قطعت مباشرة إلى جوهر الشخص وعَمَلَت دليلًا لأولئك الذين سمعوها.
لكن عَسُرَ على كاميجو أن يُفسِّرها.
لم يعرف كيف.
ولكن على الأقل، ادّعى ذاك الصبي الآخر عِلْمَهُ بالماضي المفقود لكاميجو توما.
«الماضي المنسي أمر ثقيل حقًا لأنه يشير إلى أشياءٍ فعلتها وأنا جاهل تمامًا بها. وبدا وكأنني أتلقى انتقادات حول كل صغيرةٍ فعلتُها. كما لو كنتُ مجرد وهم لافتقاري ذلك الأساس الصلب.»
لكن أياً كان ما يقوله كاميجو توما قد لا يهم لتلك الدرجة.
بل خافَ من سماع مثل هذه الكلمات نفسها من شخص آخر.
مثل فتاةٍ مُعَيّنة لها ارتباط بذلك الماضي المفقود.
«أشعر أن الأصدقاء القدامى والأشخاص ذوو الصلة بماضيّ سيرون فيها معنىً وقيمةً أكثر مني. ...اعتقدتُ أنني تجاوزت كل ذلك أخيرًا بكوني صادقًا بشأنها، ولكن حتى لو ادّعوا غفرانهم لي، كيف سأعلم أبدًا ما إذا كان هذا هو ما يعتقدونه حقًا وبصدقٍ في أعماقهم؟ يخيفني أن أظن أنني أُخيب آمال ناسٍ أعزهم.»
يُمكن للصبي الآخر ربما أن يتتبع بإصبعه بيانات الماضي وينشر حلقته من الحلفاء بقدر ما يشاء. يُمكن أن يتصرف مثل كاميجو توما ويسرق الأشخاص والأشياء التي بناها كاميجو.
هذا يثبت مقدار الوزن الذي حمله الماضي والذكريات.
لو طُلِبَ منه إثبات ادعائه بشكلٍ موضوعي، فإن كاميجو سيخرج خاسرًا دائمًا.
«مم،» قاطع صوت فتاة. «تبدو في حيرةٍ من أمرك، فدعني أساعدك في التعامل مع كل هذه البيانات. ولكن فقط إذا جئت باكيًا مُنحنيًا إلى العظيمة فورتشن!!»
احتفظت مُقدِّمة النصيحة بمنظورٍ ثابت دون أن تعتبره شيئًا ثقيلًا أو خفيفًا.
ربما كانت هذه الساحرة أشبه بعَرّافة مُحترفة في هذا المعنى.
وقد كانت تمضغ بعض حلقات البصل في تلك اللحظة.
«أنا الساحرة الذهبية دِيون فورتشن من الحب والجمال، لذا سأراها من هذا المنظور. سيتمركز قولي على الجانب السحري في معظمه، لكن الجوهر الفعلي لهذه المسألة قد لا يكون في الواقع على ذلك الجانب. لا تنسى أن العِلم قد يستخدم كلماتٍ مختلفة لكل هذا.»
كانت فتاة ذات شعر أحمر قصير وفستان أبيض.
كان كاميجو يتذكرها فقط من الصدام في المركز التجاري، لذا بدا له الأمر غريبًا أن يحصل على نصيحة منها.
على أي حال، تورّطت الفتاة المتفاخرة وبدأت.
إندِكس، بيردواي، أوثينوس، وأليستر كانوا جميعًا على نفس النهج. إن الرغبة في تعليم الناس قد تكون سمة الساحر التقليدية.
«تشتهر بطاقات التاروت غالبًا بأنها أدواتُ عِرافة، ولكنها أيضًا جريموار ودستة من البطاقات تكشف عن قلب المُعَزِّم.» [10]
«جريموار؟ مثل كتب إندِكس؟»
ردت ديون فورتشن على سؤال كاميجو بوضع سبّابتها على ذقنها النحيف.
«همم، الفهرس الكتب المحظورة؟ قد أخبروني عن تلك الفكرة...»
«ولقد استخدموها فعلًا، ولهذا تفوقت بلادنا على كل البلدان الأخرى في مجال مكافحة السحرة. ولكن، حسنًا، من المحتمل أن يتضرر هذا التفوق الدولي الآن بعد أن اتضح أن لُولا كانت كُرونزون.»
لم ترى فورتشن الفتاة بنفسها، ولكنها اضطُرت لقبول ذلك عندما تحدثت الأميرة الأولى ريمَيّا.
ارتشفت الصهباء رشفة غاضبة من جعة الزنجبيل وتجهَّم وجهها، بدا أن النكهة الجافة لم تَرُق لها.
«لابد أنكِ عشتِ حياةً جنونية لتتحدثي عن شيء كهذا وكأنه أمرٌ عادي. ...لنعد إلى موضوعنا، كُلُّ تاروتٍ فريد. على سبيل المثال، هذه الكائن المجيد الجالسة أمامك هي جريموار تلَوَّن بخصائص فورتشن الفردية! لذا، سواء تحدثنا عن التاروت أو الأبراج الفلكية، فإنه ليس أمرًا غريبًا تمامًا أن تسحب مخططًا لنفسك وتفحص مصيرك. أو على الأقل ليس في مجالنا.»
أخيرًا، أطلق هامازورا زفيرًا.
ربما كان يواجه صعوبة في دراسة ما إذا كان سحرًا أم علمًا.
هل نسي صفعة بيردواي بهذه السرعة؟
«مهلًا، ما علاقة كل ذلك بالمشكلة التي يواجهها الزعيم هنا؟»
«اهدأ واستمع أيها الصبي العجول. لو كنتُ مثل سيّدتي، لقَطَّعتُك بمخالب القطط لقولك هذا.... مهما كان الشكل الذي اتخذه، لو امتلكت مخططًا بشريًا يغطي كامل صفات المرء الفردية وملأته بشكل من أشكال القوة، فسوف يتصرف مثل الإنسان. جسدي الآخاذ الجميل هو خير مثال، ألا تتفق؟»
«مم... يا إنسان، ينبغي عليك أن تفهمها من حقيقة أن أمثلتها كانت التاروت والأبراج الفلكية، ولكن هذا لا يتطلب مخططًا كبيرًا مرسومًا على الورق.»
قاطعت أوثينوس ساقيها على كتفه وقدمت النصح.
هذا عندما فتحت الفتاة ذات البدلة الرياضية الوردية والسترة المنفوشة فمها.
«تذكرت كلام آنا سبرنجل أن كرة الكريستال التي أعطتني إياها لا تحتاج إلى أفكار مستقلة.»
كانا هذا تصريحًا غريبًا.
هل كان الجو المتوتر المتنامي حولهم نتيجة لشيء مثل اندلاع الغضب من هامازورا شياغي؟
على أي حال، ذكرت الفتاة آنا سبرنجل. قد سَمِعَ كاميجو هذا الاسم فيما يتعلق بمعركة طريق بلايث، ولكن ألم تكن إبتداعًا من وستكوت؟
كان لديه فضول، لكن ديون فورتشن لم تقل شيئًا عن ذلك على الرغم من معرفتها الأكبر بالعصبة الذهبية.
لم يكن لدى كاميجو الكثير من الاتصال بها، لكن يبدو أن فورتشن كانت في مجموعة هامازورا وتاكيتسوبو في نهاية تلك الحرب. ربما قد تبادلوا كل تلك المعلومات في الملكة بريطانيا قبل غرقها.
على أي حال، بدأت فورتشن تمد أصابعها النحيلة نحو المكسرات المختلطة على الطبق الكبير.
«يجب أن تحمل ذراعك اليمنى سرًا من هذا القبيل. لكن هل هو المخطط، أم مصدر الطاقة؟ بما أننا لا نعرف ما إذا كان يمكنها التجديد أم لا، فقِطّةٌ سيئة واحدة قد تقتلك، لذا فإن قطعها بطريقةٍ متهورة لتتحقق من الداخل ربما ليست أفضل فكرة. وبالتفكير بها، ربما كانت تجديدات ذراعك اليمنى في الماضي متعلقة بهذا السر.»
«تجديدات ذراعي؟»
نظر كاميجو إلى جسده.
تلك الذراع اليمنى كانت شيئًا غريبًا أزرق سماوي وأصفر ليموني.
وفي الوقت نفسه، لم تقدم فورتشن أي دعم زائد ولعقت عفويًا الملح من أصابعها. حافظت على موقف المُحايدة كشخص تُقدم النصح دون تحيز.
«ما يحدث لك ربما كان مرتبطًا بكل ذلك. ففي المقام الأول، إعادة تركيب ذراعٍ مفصولة ليست بأي حال من الأحوال شيئاً طبيعيًا. لنأمُل أنك لست في حالة مثل حالة دستة بطاقات التاروت المتبعثرة عشوائيًا بعد أن تناثرت على الأرض.»
‹«.....إذن سيكون الترتيب مُلخبطًا؟ تُذكرني ببطاقة #0 الأحمق.»›
تحدثت لُغْزُ قُلَيْفة 545 كلمتها (بأخذها الحيطة والحذر من مُمسِك الأثداء الجالس على نفس الطاولة)، لكن #1 المدينة الأكاديمية لم يقل شيئًا.
كما العادة، كان موقفه دائمًا ألا يقلق بشأن مشكلةٍ حتى يجد لها حلاً.
أومأت فورتشن موافقةً رأي الشيطانة الشفافة التي لها بنية متشابهة ولكن مختلفة عنها.
«هذا صحيح. يرجع موضوع التاروت عادةً إلى [وايت]، لكن تلك البطاقة المزعجة لا تزال مَحَلَّ جدلٍ كبير حتى الآن. أعتقد أن [غيبلن] من وضعها في بداية البداية قبل [وايت]. وضعها [ليفاي] بين #20 و #21 وأعطاها [وستكوت] المرتبة النهائية #22. اعتمادًا على النظرية المتبعة، يمكن ل [الأحمق] أن يتمركز في مكان بين [الساحر] و[العالم] في الأركانا الكبرى وحتى في نهاية النهاية بعد الأركانا الصغرى أيضًا. إنها #0 المُتجوِّلة وتبدو كأنها تسافر حول العالم. لا أحد يعرف أين يجب أن تذهب. و-ولأوضِّح أمرًا، هذه ليست نقصانًا في خبرتي. حتى كراولي لم يعرف عندما صنع تاروته التحوت!!»
قالت ديون فورتشن ذلك وهي من صُنع التاروت.
التي وَسَّعت عينها على هذا القول كانت أوثينوس، مُتفهِّمَتُه التي لطالما دعمت كاميجو في مجال السحر.
«مُتَجَوِّل...؟ لحظة، ما الذي تتحدثين عنه؟!»
«احم. يبدو أن الإماجين بريكر نفسه يتحرك بين الناس والأشياء من حقبة لأخرى. قد يبدو مُتمسكًا بك بشكلٍ ثابت جدًا، ولكن أمكنه دائمًا أن ينتقل إلى مكان آخر بمجرد أن تتدمر يدك اليمنى، صح؟ والآن، كِلا النسختين منك لهما جسد وقدرة. هذا لا يتعلق بالأخلاق أو التفوق. كلٌّ منكما يعتبر الآخر أحمقًا يائسًا ويظن أن من حقه أن يستعيد فورًا ما لديه. وفي آخرها، يشمل ذلك وجودهما نفسه. ألم تفكر بالأمر من هذا الجانب؟»
«لكن القدرة على إلغاء الخوارق ذهبت إليه.»
انخفضت نبرته قليلاً. ذاك الوحش رآهُ على أنه الأحمق. من وجهة نظر هذا الكاميجو، كانت النسخة الأخرى من بدأت النزاع معه ثم سرقت منه كل شيء، لكنه فكَّر أنه في ذاك الوقت ربما أمكنه أن يأتي بشيء قد يفعله للشخص الآخر.
«(بصراحة، حقيقة أنه ظهر من العدم ووقف على قدم المساواة معك لا تستقيم. قد تبدو عادلة، ولكنها ليست كذلك بالمرة.)»
«؟»
هزّت ديون فورتشن كتفيها مستاءة من كيف بدا هذا الفتى غير جدير على الرغم من أنهم يتحدثون عن حياته.
«من ظاهرها، يبدو أنه استولى على تلك القدرة بالكامل، ولكن من يعلم حقًا ما إذا كان يمتلك كامل الإماجين بريكر؟ ربما افتقد شيئًا ما تمامًا كما تملك أنت ذراعًا زرقاء سماوية. وقد يكون جاهلًا بذلك حتى. وذلك الضوء الوردي الذي انبثق منه كما وصفته هو بالتأكيد ليس طبيعيًا، أليس كذلك؟ على الأقل، لم أسمع أبدًا شيئًا عن ذلك من الأشياء التي قرأتها المتعلقة بمعركة طريق بلايث حيث حُفِظت العناصر الروحية لطرد الأرواح.»
«كِلانا هو... الرقم #0 المتجول...»
نظر كاميجو إلى يده اليمنى.
نظر إلى هذه الذراع الغريبة ذات الألوان الزرقاء السماوية والصفراء الليمونية.
«إذن ماذا عن تلك السحلية الغريبة... أو التنين؟ سواء كانت تفتقد شيئًا أم لا، هل الأزرق السماوي أو الوردي الفاقع هو لونها الصحيح؟»
رفعت دِيون فورتشن يدها لتوقفه.
كانت تخبره أن يتوقف عن الميل إلى الأمام فوق الطاولة.
«بالطبع سأسمح لك بالانحناء أمام الجميلة والحكيمة والفطنة فورتشن العظيمة، لكن لا تنسى أن هذه كلها نظريات. الإماجين بريكر كان أعظم سر في مبنى الذهب في طريق بلايث وثقتي ضعيقة من أنني قرأت كل شيء دقيقاً. وحتى لو فعلت، فكل ما أقوله متحيز لصالح الجانب السحري للموضوع. ليست سوى شيء تضعه في عين الاعتبار. وقد ترى منها جانبًا مختلفًا تمامًا إذا نظرت إليها من الجهة المقابلة.» غمزت ديون فورتشن بينما تحتضن الصندوق الأسود. «ولكن مهما كانت الحال، عليك أن تحل هذا، صح؟ لا أظنها مسألة من على حق ومن على باطل. ...أصلًا، من منا على هذه الطاولة عاش عمره معصومًا عن الخطأ؟ لستُ أنا.»
لكن.
مع ذلك.
«انطق ما عندك. ما الذي تريده؟» قال أكسِلَريتر غاضبًا. «فقدت أثرك؟ وتعرضت لهجوم بسبب ذلك؟ من يهتم يا قمامة؟ عن نفسي، لستُ بمترصد، فَلَمْ أحفظ كل خطوة خطَيْتها في الماضي. لم أعرف أيًّا من ذلك عنك. فما يهم إذا اختفت؟ كيف يؤثر ذلك عليك وأنت تحادثنا هنا والآن؟»
«...»
«لأوضح أمرًا، أنا لم أخبرك بأي شيء أيضًا. لم أخبرك أي مدرسة دخلت أو ما كان عملي. هِه، أنتَ لا تعرف حتى اسمي الحقيقي، أليس كذلك؟ هذا كل ما تسواهُ الحقيقة. نعيش في عصرٍ مجنون حيث يمكن لأي شخص إخفاء اسمه ومظهره عبر الإنترنت وبناء علاقة تصل إلى حد الزواج، لذا القلق بشأن المسار الذي سلكته منذ الولادة لهو أمرٌ مبتذل جدًا.»
«أعلم أن هذا قولٌ غريب، لكن لماذا صدقتموني؟ ما عندي الإماجين بريكر ولا أستطيع تفسير ماضيي بنفسي. حتى أن هناك خطبًا واضحًا في جسمي. لا أحد سيعتبر هذا طبيعيًا.»
«لماذا أهتم حتى؟»
اِختار كاميجو كلماته بعناية، لكن ردّ هامازورا شياغي كان جاهزًا.
«كل الأمر يتعلق بمن تتعاطف معه أولاً. لو أنني التقيت بنسختك الأخرى أولاً، لربما وقفت معها. ولكن هذا لا ينطبق عليكما.»
«حقًا؟»
بدا #1 غاضبًا قليلاً، وهذا قد يكون رأ هامازورا شياغي الشخصي وليس الرأي العام للجميع على الطاولة.
«هل نسيت؟ وقفتُ مع الشيطانة العظيمة كُرونزون لأحقق هدفي. وكنتَ تُقاتل لحماية أليستر. لو رأى شخص ما ذلك دون مقدمات، لربما ظن أننا أصبنا بالجنون. ...لكن لدينا أسبابنا وخاطرنا بحياتنا من أجلها. أليس هكذا كيف نقرر القتال؟ لا تحتاج إلى حجة جيدة أو قبول عالمي. فدائمًا ما تجد أعذارًا أثناء قتالك.» كان تعبير صبي البوكسر جادًا 100% بينما ضغط كتفه بكتف الفتاة ذات البدلة الرياضية الوردية والسترة المنفوشة. «بالإضافة إلى ذلك، من هو كاميجو توما أصلًا؟ يا زعيم، قد زرت مسكنك مرة، ولكن هذا كل ما أعرفه عن حياتك. ومع ذلك، تقاتلنا في معركة جادة، واعتمدنا على بعضنا البعض، وتقاتلنا أكثر وأكثر... وها نحن نواجه بعضنا البعض مرة أخرى. هذا كل ما تحتاج إليه لتبني علاقة، أليس كذلك؟»
لم يكن هناك تيار يحمله إلى حيث شاء أبدًا.
لم يكن هناك اتصالٌ مسبق.
كان كاميجو توما يجد فتاة محتاجة، ثم يجمع المعلومات، وبعد ذلك يقاتل الشرير في مركز كل هذا. ربما كان #1 المدينة الأكاديميّة وهذا الصبي الذي ينتمي إلى مجموعة سكيل-آوت قد تم تضمينهما في قائمة الأشرار. وبينما بدت له كخطٍّ متصلٍ منفرد، كيف بدت بالنسبة لهم؟
رأوا فتى ذو شعر شائك دخل فجأة الساحة وسرق الأضواء.
هذا كان كل شيء بالنسبة لهم واستمرت الأرض في الدوران طبيعيًا.
الناس من حوله لم يكترثوا كثيرًا بنقطة بدايته.
«ألا بأس معكم...؟»
كانت هناك فترة زمنية قد فقدها وأخرى قد أنشأها من جديد.
كان كل الأمر يتعلق به، لذا قد يكون من الخطأ ترتيب أحدٍ فوق الآخر.
لكن.
مع ذلك.
«لا أستطيع أبدًا تذكر ما حدث. لا أستطيع تقدير قيمة أيٍّ من ذلك. عندما تنظر إلى المسار الذي سلكته منذ ولادتي، الجزء الذي أعرفه هو فقط آخرها. هي لا تزيد عن نصف عام.»
«إنسانٌ غبي»، همست متفهمته من على كتفه. «ما المعنى في الخوف من ما لا تعرفه وإنكار أمورٍ تعرفها؟ هذه حياتك. ما يمكن أن يأخذ أولويةً أعلى من العيش كما شئت؟»
ثم جاءت الضربة القاضية.
جاءت من الشخصين اللذين لم يكن لهما أي ارتباط حقيقي به.
‹«مساء الخير، أنا لغز قليفة 545، شيطانٌ اصطناعي أنشأه كُرونزون. هذا ليس كالموت الفلسفي التي تحبذه مجموعة عالية مُعَيّنة، ولكن هذه أول مرة ألتقي بك، لذا لا أعرف شيئًا عنك حتى لثانية قبل أن نلتقي هنا. ...أليس هذا هو كل ما في الأمر؟»›
«إدخال الذكريات كبيانات لن يغير جوهر الإنسان أساسيًا. يمكنني أن أضمن ذلك بصفتي كيانًا أُنشِأ كنظامٍ دفاعي تمامًا مثلها. أنشئت لأكون فورتشن، لذا إعطائي ذكريات كراولي لن تجعلني أتصرف مثل ذلك المنحرف. ليس وجود الذكريات أو نقصانها هي ما تغير الناس. تأتي هذه التغييرات من الإيمان والحب.»
بشكل مفاجئ، ربما كانت كلمات الغرباء الذين لا علاقة لهم بالمشكلة قد وصلت مباشرة إلى جوهر المسألة. ما بدت أنها مشكلة عظيمة بالنسبة له لم تكن مسألة كبيرة للأشخاص من حوله.
أرخى كاميجو توما كتفيه.
التفكير بهذا النهج قد يكون جحدانًا. وربما جرح شخصًا كثيرًا لا يستطيع حتى تذكره.
ولكن.
حلُّها ليس في الماضي. لأنه لا يستطيع إرجاع الوقت وإعادة الأمور. حتى لو كان ذلك سيؤذي أناس، ويجلب لهم الدموع، ويملأهم باليأس، يجب على هذا الفتى أن يمضي للأمام.
عليه أن ينظر إلى المستقبل.
عليه أن يجد تلك العيوب ويعتذر.
لذلك.
«سأضع نفسي في المقام الأول. وأعني هذا الأنا الذي هنا.»
أتته إجابته.
قد تكون إجابة بسيطة يمكن لأي شخص الوصول إليها، ولكنها لا تزال تحمل قوةً عظيمة لكسر القيود التي تربط روحه.
وبمجرد أن قرر دربه، كان سريعًا في التصرف.
فعلا كان كذلك.
سواء كان خصمه الفرد الأقوى أو وحشًا على شكل جماعة، فسيخترقهم. بأي ثمن. هذه كانت طينته.
«بعد التفكير في الأمر، لم يفعل شيئًا معقدًا على الإطلاق. حتى أوثينوس حاولت تدميري عن طريق التلاعب بعلاقاتي مع الآخرين. وفعلها كاميساتو أيضًا. لا أعرف ما ينويه، لكنه استغرق كل هذا الوقت الطويل ليقرر خطوته.»
هذا يعني أن هذا الخصم كان مختلفًا عن الشيطان العظيم كُرونزون أو الإنسان أليستر كراولي.
ما مَلَك خطة رئيسية أو استراتيجية.
وَجد نفسه في العالم فجأة، لذا كان عليه أن يتصرف بما يقدر وقتها.
إذا كان هذا هو مدى تخطيط ذاك الشخص، فكيف لكاميجو أن يسمح له بأخذ كل شيء؟
«لا أعرف ماذا حدث في ماضيَّ.»
هذا لم يكن عن الخير أو الشر.
هذا كان عن كبرياء الفتى. لم يكن يهتم إذا حكموا عليه في النهاية شريرًا.
كانت نبرة صوته توضح ذلك واضحًا.
«ربما فعلت شيئاً يستحق السَّب والشتم، لكنه ليس أحدًا من الماضي من يحق له انتقادي. لو أستحق لكمة على الوجه، فعلى أحدٍ آخر فعل ذلك. لن أسمح له بادعاء أنه بديلي وأن يفعل ما يشاء بحياتي.»
وكان هؤلاء الذين يمكنهم انتقاده وشتمه هم الضحايا.
إندِكس وميساكا ميكوتو.
وتلك الفتاة الشقراء العسلية التي كان متأكدًا أنها كانت هناك ولكنه عجز على أن يتذكر اسمها أو مظهرها.
«تبّاً له.»
لم يقاوم كاميجو توما رغبته الثوّارة في صدره.
كان بائسًا.
كان قبيحًا.
لكنه قد تعلم أن هذه هي طبيعة الإنسان. كان هناك الكثير من الأزمات العالمية بعد الحرب العالمية الثالثة: أوثينوس، الآلهة السحرية العديدة، كاميساتو كاكيرو، وأليستر وكُرونزون. كان قد خاطر بحياته ضدهم ولن يسمح لأي شخص بقول أنه لم يكتسب شيئًا من ذلك.
قد يبدو ذلك مبتذلًا، لكنه وجد أشخاصًا يريد استعادتهم بأي ثمن.
وجدهم في الوقت القصير الذي يتذكره.
«تبّاً له واللعنة!! ربما كان مفتاحًا مذهلًا لأسرار هذا العالم وربما كان دعامة أعماق الشخص المسمى كاميجو توما، ولكن لا يهمني! لا يهمني أي من ذلك للأنا الجالس هنا!! لا أحتاج سببًا جيّدًا! ما إن أرى وجهه، سأضربه حتى يصير كتلة من الدماء! لن أقاتل في مسعى لإجابة نعم أو لا. لا أهتم إن كنتُ مخطئًا!! سأقاتل من أجل الناس الذين وثقوا بي وجعلوني أصل لهذا الحد!! وأنا على استعداد لوضع حياتي على المحك لفعل ذلك!!!!!»
«كِه»، بصق أكسِلَريتر بفضاضة ووضع قدميه على نفس الطاولة التي كانت عليها الطعام والمشروبات. «ألن تخرس أبدًا يا حشرة؟ إذا كنت تعرف الإجابة، فما فائدة كل هذا الحديث؟ لم تحتج إلينا جميعًا.»
*«أوه؟ بصفتي مُعجبتك الأكبر يا سيّدي، أنا متأكدة تمامًا أنني رأيت ابتسامةً سعيدة في زاوية عيني–غعغقق!؟ لا، سيّدي، لا تلمس ذيلي! لا تضغط عليه بقوة غياااااا!!؟»*
لم يكترث أكسِلَريتر بشيطانة الجرائد التي كانت تلوث الهواء مثل بالون هيليوم في يومٍ عاصف.
«كنت تُقدِّم المعلومات اللازمة لا أكثر. قد يحدث هذا على الجانب الآخر من العالم، لكن ينتابني احساس أن المدينة الأكاديمية قد تُجَرّ في المشكلة إذا لم يتم حلها قريبًا.»
«صرت تخاف بشأن المدينة الأكاديمية ككل؟» سأل كاميجو. «هذا غريبٌ منك.»
«......لا تتصرف وكأنك تفهمني.»
«ها أنت تفعلها مرة أخرى يا سيّدي! تراني أرى مدى سعاد—آخخ! ليش اصبع رجلي؟!»
هذه كانت غلطتها لطوفها عارية القدمين.
تجاهل كاميجو التي كانت تتلقى تدليك القدم(؟) وطرح سؤالًا.
ولكن ليس لأكسلريتر. بل للصبي الآخر هنا.
«وأنت؟ هل لديك أي سبب لدعمي في هذه المشكلة؟»
«إنها مسألة بسيطة من الأخذ والعطاء،» قال هامازورا. «سأجعل هذا الشخص هنا يَعِدُني بحماية حياتنا اليومية.»
«؟»
استغرب كاميجو من تصريحه هذا لأن هامازورا كان يشير إلى الكارثة البيضاء المعروفة باسم أكسِلَريتر.
هل كان يقصد أن أكسِلَريتر سيحميهم بصفته #1 المدينة الأكاديمية من المستوى 5، أم بطريقة أخرى؟
لابد أن هامازورا شياغي قد توصل إلى ذلك وانتهى ولم يكن مهتمًا بالنقاش في ذلك كثيرًا لأنه غيّر موضوع الحديث.
«لكن لماذا ظهر ذلك الكائن الآخر الآن؟»
«كان ظهوره نفسه شذوذًا، أعتقد أن يدي اليمنى كانت في حدودها أو شيء كهذا.»
إجابة كاميجو جعلت من هامازورا يُمَيّل رأسه أكثر.
«أعلم أنني سألت عن هذا من قبل، ولكن ماذا يحاول تحقيقه بالتظاهر أنه أنت؟ هل هناك أي سبب يجعله يلعب دور كاميجو توما؟ يمكن للناس دائمًا إخفاء نفسهم عندما يمتلكون نوعًا معينًا من القوى الخاصة. أعني، هذه هي الأميرة الكئيبة وهو الرقم وا—»
نزّل أكسلريتر بخفة إحدى قدميه التي كانت تستريح على الطاولة.
بدا أنه يخبره بالسكوت.
ولكن هامازورا واصل بصوتٍ أخفض بكثير.
«فلماذا يجب على نفسك الأخرى حتى العناء بالقتال؟ لو تنكر وهرب، ألن يمكنه الوصول إلى الجانب الآخر من الكرة الأرضية ويخلق عالمه الخاص هناك؟»
ربما كانت فكرة أن الفرار يعني الفوز في هامازورا أتته من القيم المحفورة أثناء وقته في سكيل-آوت.
لا يوجد اثنان متماثلان.
باستخدام هذه النقطة النفسية العمياء، لن يكون عليه أبدًا أن يقلق بشأن المطاردة بمجرد أن ينجح في الهروب. قد يبدو أنه حصل على الميزة بعد الاستيلاء على قلعة وندسور، ولكنه كان يتحمل أيضًا مخاطر كبيرة بمجرد أن أنشأ صراعًا بين شخصين متطابقين.
لو لم يفعل شيئًا على الإطلاق، لكان على ما يرام.
علّقت الجنية على كتف كاميجو على ذلك.
«قد تكون هذه في الواقع طريقةً لتضييع المطاردة. حتى لو لم يعرف أحد آخر في العالم أنه موجود، كان هناك دائمًا احتمال أن يتذكر مُتفهّمِيَ الإنسان ما حدث ليده اليمنى. ليس من الصعب تصور أنه كان يرغب في التخلص من هذا القلق قبل أن يهرب ويخلق حَرمًا خاصًا به على جزيرة استوائية ما.»
«لكن...»
لم يبدو هامازورا مقتنعًا تمامًا، لكن أوثينوس لم تكن مهتمة بالاتفاق المطلق.
ربما كان مُتفهِّمٌ واحدٌ كافيًا بالنسبة لها.
«كل ما لدينا هو تخمينات بدون دليل موضوعي يدعمها، لذا يجب علينا النظر في أي وجميع الاحتمالات. ربما قرر ميكانيكيًا قائمة بالأشياء التي يجب تدميرها وهو ينتقل ببساطة عبر هذه القائمة، أو ربما تدفعه رغبةٌ عجيبة لا يمكن لشخص عادي أن يفكر فيها أبدًا. كل ما نعرفه هو أن أفعاله ستؤذي هذا الإنسان هنا فقط، وسينتشر هذا الضرر عبر العالم بأسره إذا لم يتم اتخاذ إجراء. تمامًا كما أن تناول كمية كبيرة من الدواء هي طريقةٌ أكيدة لتسميم نفسك.»
ثم تنهدت ريمَيّا.
حَكَمت على هذه الحادثة من وجهة نظر مختلفة عن الآخرين.
«طيّب، لو قررتم الخطة، فعلينا العمل عليها في أقرب وقت ممكن بدلاً من التأخير. تأجيلها لن يحسن من وضعنا بأي شكل من الأشكال.»
«هل هناك شيء خطير حقًا مخبأ داخل ...أوممم، قلعة وندسور؟»
جاء هذا السؤال من هامازورا (الذي حقّق الإنجاز الرائع بإعادة بناء ديون فورتشن من الصفر) وردت الأميرة الأولى ذات اللباس المريح التي امتزجت مع ليل وندسور.
«رأيت أُمّي في القلعة، صح؟ ...في هذه الحال، الأشياء داخل قلعة وندسور ليست المشكلة الحقيقية.»
«؟»
«لطالما ظننت أن تلك اليد اليمنى يمكنها فعل بعض الأشياء المروعة إذا استُخدمت بطريقة خاطئة ...كما في الطوفان، التطهير يعني الدمار. خصوصًا عندما تحاول تطهير انسدادٍ ما لتفتح مسارًا نحو هدفك. ربما كان ضميرك وحده هو الذي عرقلك من اعتبار ذلك من قبل.»
- الجزء 4
«اغغ...»
ضحكت الملكة الحاكمة إليزارد بصمت عندما اكتشفت متأخرًا أن هذا التأوّه جاء منها. لا يمكنها أبدًا أن تدع الشعب البريطاني يسمع ذلك.
ماذا حدث منذ فقدانها الوعي؟
قبل أن تبدأ حتى في التفكير في ذلك، قطعت ومضة فضية من اليمين إلى اليسار أمامها.
كان السيف المراسيمي ذو الرأس المسطح المسمى كُرتانا الثاني.
كان الصبي ذو الشعر الأشْوَك جاثمًا أمامها وفي يسراه حَمَلَ السيف عفويًا.
تناثر ضوءٌ زهري من زاوية فمه وتحدث بنبرة مريرة في صوته.
«هلا.»
«!؟»
«فكرت وقررت أن تحريركم جميعًا سيكون هدرًا، لذا سأستفيد منكم. على الرغم من أنني كنت قلقًا من أن تُدمر يدي اليمنى مِنتل-آوت شَوكُهو مع صمامك العقلي التلقائي.»
«أتعي ما فعلته؟»
الوحيد القادر على الحركة بحرية كان القط الكاليكو.
لسوء الحظ، لم يكن كافيًا تمامًا ليُعتبر حارسًا للملكة.
«تقولينها وكأنني الشرير هنا. إنه هو من كسر النافذة ليدخل هذه القلعة عُنْوَة.»
كانت كلمات الفتى دقيقة وصريحة.
ولربما صدّقته إليزارد لو كانت تقرأ تقريرًا عن شيء حدث على الجانب الآخر من الكوكب. كانت كلماته دقيقة، لكنها كانت مُتحَدَّثة بخبث نيّة. أمكنها التعرف على هذا النوع من الرائحة السلبية.
هذا كان محورًا ما كان عليه أن يتخذه لو كان حقًا بريئًا.
يبدو أنهم في غرفة أخرى غير قاعة الرقص. الصبي الشرير الذي يرتدي بدلة توكسيدو غريبة وربطة عنق كان قد غلب إليزارد والآن يحاول الاستفادة من سلطتها.
«ما الذي يحدث هنا؟» تأوهت الملكة.
«لا شيء حقًا. كاميجو توما كان هنا منذ البداية. وأليس هذا الوقت المناسب لتُسدّدي لي ثمن كل ما قمتِ به؟»
«...»
«لا تريدين خراب الحفلة، صح؟ إذًا أطلب منكِ المساعدة. علينا قتل اللعين الذي سبَّبَ هذه الكارثة.»
كان هناك صوت فرقعةٍ عالي.
قد أطلقت شعاعًا من السحر بدون كُرتانا، لكنه لم يصل إلى الصبي ذو الشعر الأشْوَك.
ومع ذلك، استطاعت أن ترى شيئاً يشبه التشققات تمر عبر أصابع يده اليمنى الممدودة. ظهرت ألوان غريبة من خلال الفجوات.
كانت تلك الخطوط ملونة بلون وردي فاقع وزمردي لن تراها في الطبيعة.
بدت التشققات وكأنها تتمايل قبل أن تختفي بصمت أمام عينيها.
«تريدين حقًا المواصلة؟»
«...»
«هيّا، أتحسبين حقًا أنه يمكنكِ جعل جسمكِ كاملًا يتوهج وتُحدثين انفجارًا كبيرًا أسرع من أن تصل أصابعي إلى كُرتانا الثاني؟»
توقفت إليزارد عن الحركة هناك، كما لو شهقت.
نعم.
كان يحمل السيف في يده اليسرى غير المُهَيمنة لأنه عَلِمَ ما سيحدث في حالة أمسكها بيده اليمنى.
«تلقيتُ استقبالًا ولا أروع في برج لندن، أتدرين؟ ولكن بصراحة، بكل تلك الفوضى التي عمّت البلاد، لا أظن الخبر وصلك.»
لم تكن مِنتل-آوت شَوكُهو ميساكي التهديد الوحيد.
في الواقع، ربما كان من الأفضل لو كانت تُسَيْطَرُ بشكلٍ ميكانيكي من قبل قدرة تلك الفتاة.
تسرب ضوءٌ نيوني من زاوية فم الصبي ذو الشعر الأشْوَكِ بينما واصل.
«ولكن الأمور بدت متشابهة كثيرًا في قلعة إدنبرة والملكة بريطانيا، لذا أقدر أخمن عن قلعة وندسور. فيها شيءٌ مخبأ يلزم حماية المملكة المتحدة ككل، أليس كذلك؟»
«أتظن نفسك مقتدرًا على فهم ذلك؟ هذا يتطلب أن تكون مُتسللًا في لندن لعقدٍ من الزمان كامل.»
«أوه، لا تهمني كل تلك التفاصيل المزعجة.»
مد الصبي يُمناه ليمنع الملكة من القول المزيد.
هذا لم يمكن مقصد الحديث بالكامل.
«عليَّ فقط أن أعرف أنه موجود هنا وأن يدي اليمنى يمكنها تدميره. ففي الآخر، هذه منطقة سكنية خاصة لن يُسمح لي بالدخول إليها عادة. أراهن أنني سأعثر على جميع أنواع الأشياء القيمة لو بحثتُ في الأرجاء.»
«تمهل،» قالت إليزارد، لكنه لم يكن يستمع.
لا.
أدار ظهره للملكة الحاكمة وراحَ عفويًا نحو الموقد الموجود على الجدار. بالتحديد، كان يقترب من الأشياء الصغيرة الموجودة على شريط النجارة فوقه.
«لا أهتم إن كان لها لونٌ مُعَيّن، أو شكلٌ مُعَيّن، أو كيف تستخدم، أو آثارها.»
كان على وشك لمسها.
كان على وشك تمرير أصابعه عبر العصا، والكرة البلورية، والمزهرية، واللوحة على شريط النجارة.
وما زال يحمل كُرتانا الثاني بكَسَلٍ في يده الأخرى.
«أعني، ستتدمر جميعًا في اللحظة التي تلامس فيها يدي اليمنى، صح؟ وتدميرهم سيكون ضربة كبيرة للمملكة المتحدة ككل، صح؟»
«تمهل. خلاص فهمت، تمهل!!»
«طافكِ القطار، وتأخرتي كثيرًا.... أوه، ما ذلك الشيء؟»
«...»
«ربما يجب أن أدمر المزيد لأظهر لكِ جدّية موقفي. تذكري أنه لا يمكن إصلاحها.»
«اكك. هذه الأشياء هي عناصر روحية مستخدمة لحماية الغواصين الذين يستردون معدات بلدنا من السفينة المغمورة، الملكة بريطانيا. على وجه التحديد، سيُطلَقُ عقابٌ إلهي مُعدلٌ صنعاً لأي شخص يلمس الكنوز الملكية دون إذن، لذلك فإن وظيفة تلك الأشياء هي أن تتدخل في الأمان لتعطل تلك الدالّة! إذا استؤنفت تلك الدالّة وبدأت تعمل بشكلٍ طبيعي مرة أخرى، سيموت جميع السحرة على الفور بفشلٍ قلبي!!»
بَيَّن شرحها السريع موقعهما هنا.
لقد تغلبوا للتو على حرب كبيرة.
لم يعد هناك مطران يقود الأنجليكان، لذا كان الفصيل غير فعّالٍ في الوقت الحالي. كانت سلسلة القيادة لمكافحة السحرة في حالة من الفوضى التامة.
فماذا سيحدث إذا تدمرت أسس الدفاعات الوطنية هذه؟
سيراها العديد فرصة، فهذه دولة كبيرة كسبت العديد من العداوات الداخلية والخارجية. لا يمكن إلا للقليل جدًا من الأفراد والمنظمات الفعلية استغلال تلك الفرصة، ولكن بمجرد أن يبدأ هؤلاء القلة الأولى في التحرك، ستنتهي الاحتفالات فُجائياً وستعود الفوضى المشابهة لمخاطر الكراولي.
لم يكن هناك خطرٌ يُذكر من أن يشكل هذا الدمار الفوضوي أي تهديد لإليزارد وبناتها.
كان المواطنون العاديون هم الذين كانوا عرضة للهجمات الاستغلالية التي ستنجم عن ذلك. ولا يمكن لإليزارد تعيين حارسٍ شخصي ذي بدلة لكل واحدٍ منهم على مدار الساعة.
رصّت أسنانها عاجزة.
الدول يجب أن تُدعَم. السلام لن يستمر إلى الأبد من تلقاء نفسه.
قدم الصبي اقتراحاً صريحاً عندما عاد إلى إليزارد.
«حسنًا، فهمتِ الفكرة. لذا أعطيني يد المساعدة هذه المرة. أريد هزيمة ذلك الوحش. سيكون العكس تمامًا لكيف استخدمتيني للتغلب على أزمتكم الوطنية. ...قدرة شَوكُهو يمكنها التحكم فقط في حوالي عشرين في المئة من الناس هنا، لذا أريد شيئًا يتعامل مع الثمانين في المئة الأخرى. وظيفتك هي أن تقنعي أولئك السحرة بريطانيوا الأصل بعد أن تنقطع صماماتهم التلقائية.»
«أتهدِّدُني؟ أنا؟ الملكة الحاكمة!؟»
«لطالما كنتُ لا أكثر من إنسانٍ ضعيف. كاميجو توما كان طالبًا عاديًا ترينه في أيِّ مكان، لذا دائمًا ما كنتُ مضطرًا أن أستلهم من أولئك الأبطال الذين نسميهم سحرة وأسابر لأغلب معضلاتي. لا أظنني دخلتُ قتالًا يمكنني حله بسهولة بمفردي.»
لم يلقِ كاميجو توما —أو هذا الفتى الذي يبدو مثله تمامًا— أي نظرة
كان هذا جانبًا منه أحيانًا ما يظهر.
كان الأمر على العكس تمامًا من الاندفاع العاطفي أو الاصرار الحاد الذي يدفع الشخص إلى الوقوف مرة أخرى مهما ضربه القدر. عندما يقف على شفا الهاوية، سيحلل هجمات خصمه بعناية ويجد ثغرة توصله إلى النصر. كانت نواة التفكير الباردة هذه بالتأكيد جزءًا منه.
بالطبع، كان هذا خيارًا يائسًا يستخدمه عندما يُدفَعُ حقًا إلى الحافة.
ولكن ماذا لو تعلم كيفية استخدامها بوعي؟
ظهرت خطوط زمردية في زاوية عين هذا الصبي للحظة فقط.
«لذا سأستخدم كل ما في وسعي. في السابق، عندما كان عليّ أن أساعد إندِكس المصابة، لم أتردد في الاعتماد على كوموي-سينسي الجاهلة. إليزارد، بالتأكيد تفهمين لأنك استخدمتي العديد من الأشخاص لحماية بلدك. لستُ شخصًا مثاليًا يمكنه حل كل شيء بمفرده.»
«لم أكن أستخدمهم...»
«كفاكِ هراءً. ما علاقة الانقلاب البريطاني بحياتي؟ لقد سرقتي إندكس لمصلحتك وجذبتني إلى صراعكم وأنا جاهلٌ بما يحدث. ولو مت، أراهن أنك لن تفعلي شيئًا سوى سفك دموع تماسيح أمام الكاميرات. ولم تعطيني شيئًا بعد نجاتي. لقد رتّبتي كل شيء بحيث لن تخسري شيئًا مهما صار. هل أنا مخطئ؟»
على الرغم من كلماته الحادة، لم يبدو الصبي أنه يحمل أي كراهية قوية بسبب هذا.
في الواقع، بدا أنه يستخدم ذلك لصالحه.
كما لو أنه يقول أنه هذه هي الطريقة الوحيدة للعيش مع نحسه.
«كل ما لدي هو قوتي كفرد، فكيف وجدتُ نفسي في موقف يمكنني من خلاله التأثير في معارك جماعية ضخمة مثل الهالوين البريطاني أو الحرب العالمية الثالثة؟ أعثر على الضعف في الناس وأنشر تأثيري من هناك كالدومينو. في النهاية، هذا كل ما يفعله كاميجو توما. سواء اعتبرتي ذلك جيدًا أم لا، يعتمد ذلك على ما إذا كان مفيدًا أم لا. أراهن أن أعدائي يرونني منافقاً يَعِظُهُم ويستخدم أقذر الطرق المتاحة.»
«.....»
«خذيها.»
أتى صوت ارتطام مكتوم.
كان صوت الصبي ذو الشعر الأشْوَكِ يلقي كُرتانا الثاني إلى أقدام إليزارد دون تردد. وكان يتحدث مع انبعاث ضوء وردي فاقع من زاوية فمه.
«على أي حال، لا أستطيع فعل أي شيء بهذا العنصر الروحي، لذا سأعطيك إياه. ودعيني أوضحها كثيرًا جدًا يا إليزارد. إذا أردتي حماية شعبك، فعليك العمل لصالحي. استخدمي سلطتك وما يلزم للسيطرة على جميع السحرة في هذه القلعة ليكونوا بيادقي. على عكس ذلك الآخر، أعلم كل شيء. حتى حفظتُ نقطة ضعفك في عقلي هنا».
كان كل هذا من أجل دعم بلادها.
لحماية الجميع.
«هذا لن يدوم يا فتى».
«هاها. تنتهي صداقتنا بمجرد أن أعمل ضد مصالح بلدك الثمينة، هَا؟ قد خاطرت بحياتي مقاتلًا من أجلك، لكن لا شيء يستحق أن تخاطري بحياتك لأجلي، صح؟ كانت الحالة نفسها عندما هربتُ مع أوثينوس في الدنمارك. لم تقولوا كلمة حتى علمتم أنني قد أفوز. الصداقة الأبدية بالتأكيد لشيءٌ زائل».
عندما ألقت إليزارد كلمتها، لم يقدم الصبي ذو الشعر الأشوك سوى ابتسامة ساخرة.
لكن يد الملكة وصل إلى مقبض كُرتانا الثاني على الأرض و، الأهم من ذلك، كانت تتحدث باليابانية. بدا أن هذا قد حدد التسلسل الهرمي هنا.
«حتى لو فزتَ بهذه المعركة، فلن تفوز بالمستقبل الذي تريده. اعتبارًا من الآن، أنت عدو للمملكة المتحدة ككل. وهذا صحيح سواء كنت كاميجو توما أم شيئًا آخر».
«ستنتقمون؟ كيف؟»
ضحك مستهزئاً.
انفجر ضحكًا بينما تسرب لونٌ زمردي من زاوية عينه.
«هناك اسم واحد ووجه واحد هذه المرة فقط. فقط لليوم، عدوك وحليفك هما كاميجو توما. لذا إذا لعبتُ بطاقاتي بشكلٍ صحيح، فسألقي باللوم كله على ذاك الملعون وسأطلب مستقبلُا أبتغيه. هذا هو الهدف الأساسي لهذه المعركة.»
شَوكُهو ميساكي كانت لطيفة جدًا.
لأنها استسلمت بمجرد أن فشلت قواها في السيطرة عليهم.
ربما كان هذا المنطق تطور داخل شخصٍ ذو هِبة كبيرة. ولكن الفتى ذو الشعر الأشوك لم تكن لديه هذه الرفاهية. إذا لم يجد طريقة ليجعل كل شيء يتحقق، فإن هلاكه محتوم.
القوة والضعف لا تقاس دائمًا بمقياسٍ بسيط.
فكّر أيضًا في كم عدد التذاكر المستمرة التي تُمنَحُ لك لاستخدامها عندما تخطئ.
ليس لدى المستوى 0 أي فرصة للتقدم.
لم يكن لديه قدرة رياضية لا تصدق، أو عقل أكاديمي عظيم، أو موهبة فنية.
لم ينعم بالثروة أو بعائلة ذات سُلطة.
كان يعلم تمامًا أنه عندما يرتكب شخص مثل ذلك خطأ واحدًا، فإنه لن يُعطى فرصة ثانية.
لذلك.
قد طوّر شخص ضعيف مثله نوعًا فريدًا من القوة التي تسمح له أن يَسْمَرَّ ثابتًا حتى عندما يكون تحت الضغط. شخص مثل الملكة لن تفهم أبدًا تلك القوة المكافحة.
«...لأين تذهب؟»
«عندي مسارٌ عام مرسوم، لذا بات الوقت لأفك عُقَدَ بعض المشاكل العسيرة.»
فكّر الصبي ببعض المقاتلين هنا.
عندما يُدرك ستيل ماغنوس وكانزاكي كاوري أن البقاء مع كاميجو توما سيعمل ضد إندِكس، فبالتأكيد سيوافقان على القتال.
إذا وافقت كانزاكي كاوري، سيَلحقُها تاتيميا وإتسوا من الأماكوسا أو على الأقل سيترددون في قتالها إن وصل الأمر.
لن تستطيع أورسولا وأغنيز والرومان الكاثوليك السابقين الحفاظ على توازن قلوبهم إذا كان وطنهم الجديد الذي اعتقدوا أنهم استردوه أخيرًا يُخطف منهم مرة أخرى.
كلها بهذه.
عندما تمسك الملكة إليزارد كُرتانا الثاني ضد إرادتها، ستبدأ الدومينو بالسقوط في كل اتجاه من حولها.
نعم، لقد قالت بنفسها أن الأمم يجب أن تُدعَم.
وهكذا يؤدي وضع أحد الدعائم إلى انهيارها.
عن تجربةٍ ذاقوها، بدأ كل شيء بمخاطر الكراولي، لكنهم كانوا على الأقل على علم بأن لُولا ستيوارت قد تسببت في ذلك بقدر ما فعل أليستر إذا تتبّعت المصدر. وانتشرت المشكلة إلى العالم بأسره. بصفتها رأس العائلة الملكية، كانت إليزارد تعرف جيدًا أن أعذارًا مثل "كان كل شيء من فعل الشيطان" و "لم نعرف شيئًا عن ذلك" لن تُقبل أعذارًا مُقنِعة.
كانوا في مثل حالة الكنيسة الكاثوليكية الرومانية بعد أن استخدم فياما اليمين سُلطتهم.
نجحت تلك الكنيسة في تجنب اللوم، ولكن إذا فشلوا في تنظيف الفوضى بعد ذلك بشكل صحيح، فستُسحب جميع أصولهم من الدول والمنظمات حول العالم.
لا فائدة في الفوز بالحرب إذا انهار بلدك بعدها.
ماذا عن كنيسة الأماكوسية، وقوات أغنيز السابقة، وحتى المواطنون العاديون الذين لا يعرفون شيئًا عن السِّحر؟
كان عليها حماية الجميع الذين يعتمدون على الأرض البريطانية حتى لو أدى ذلك إلى تلويث يديها. اختارت ذلك واجبًا أولويًا كونها من تدعم هذا الوطن.
ومع ذلك.
كان الشيطان أمامها على دراية تامة بكل ذلك، ومع ذلك استغلها.
«إتسوا، أورسولا، و... نعم، من المؤسف أن ليسّار وأوريانا لَيْسا هنا. أيًا يكن، قد يكون من الممتع محاولة التعامل مع الأمور من زاوية مختلفة عن الاستفادة من منظمتهم. يصير الناس مضطربين عندما تُحَمَّلُ قدرة معالجتهم للمعلومات إلى أقصى حدِّها، حينها سيفعلون أشياءً لم يكونوا ليتخيلونها أبدًا».
«الويل لك...»
أضاف الصبي بجرأة أناسًا إلى الدائرة من حوله وبنى شبكة كبيرة من الأشخاص. في بعض الأحيان، كان ذلك ليتدخل في قلوبهم الملتوية ويمنعهم من فقدان السيطرة. والآن، بات نفسُ هذا الشخص يدوس على تلك الكنوز الثمينة حقًا.
ومع ذلك.
يمكنه تحويل تلك الانتهاكات إلى أسوأ أنواع الشفرات الصدئة.
بدلاً من القَطْع، ينشر الفساد.
«أنتِ تعرفين كل شيء عن ذلك، صح؟ قد تعلمتُ الكثير من كيف دفعتيني إلى ذلك الانقلاب والحرب العالمية لأغراضك ومصالحك. ...أوه، صحيح. كان لدي سؤال لك كونك أمّاً لفِليان. هل هي سريعة الوقوع في الحب؟ إذا عرَّضتيها للذعر بإعداد سيناريوهات أ، ب، ج، فهل ستنسى كل ما يتعلق بالشخص الذي تكن له بمشاعر وتقع في حبٍّ آخر بدلاً؟»
«إياك!!»
صاحت به، لكن الصبي في البدلة السوداء مَدَّ يده اليمنى والتفت.
لم يكن جادًا بهذا. الأميرة الثالثة دائمًا ما تعطي الأولوية لمشاعر الناس وتواجه صعوبة في اتخاذ القرارات العملية، لذا لن يكون من السهل أن تُغوى بأي وسيلة عادية. ...ولكنه وجد الأمر مثيرًا للاهتمام في ماذا ستفعل لو أخبرها أن أكوا على وشك أن يُعدم في برج لندن.
كان قد تعرض لكثير من الشر، لذا شعر بأنه يعرف جيدًا كيف يتحكم به بنفسه.
كان يعرف ما يمكنه قوله لإيذاء الناس. لأن الناس كثيرًا ما استخدموه، واستغلوه درعًا، ورموا الشر عليه.
كان يريد أن يرى مدى قوة "أغلال" إليزارد.
«بصراحة.»
سيستخدم كل شيء في وسعه.
لذا.
بشكلٍ آخر، لن يسمح لأي أحدٍ آخر بأن يستخدمه.
حتى لو فقد السيطرة على #5 المدينة الأكاديمية، شَوكُهو ميساكي، لن تكون هذه نهاية قصته.
تسرب ضوء وردي فاقع طفيف من زاوية فمه.
وتحدث للفراغ.
«كان كل هذا غير ضروري، إليزارد. يا ليتك سمحتي للمِنتل-آوت بالسيطرة عليك، حينها لن تُدفعي إلى الحافة هكذا.»
- الجزء 5
كانت قاعة الرقص في قلعة وندسور في حالة خراب.
كانت شَوكُهو ميساكي حانيةً ظهرها لتحتضن ركبتيها بين ذراعيها أثناء جلوسها على الأرض المفروشة بالسجاد.
ربما كان الصوت الصريري المسموع يأتي من مفصل خصريها تَحُكُّ الأرض.
سقطت بضعة خصلات من شعرها المفكوك على عنقها الأبيض اللبني، وكانت هناك تجاعيد كبيرة تغطي فستانها الحريري بالكامل الذي كان مستوحى من تصميم زي الفتاة الأرنبية. انحطاط. كان فيها جاذبية غريبة كالمعبد المدمر أو تمثال إلهة مُتهاوية.
كانت قوتها كاملة ومثالية حتى ركدت.
كانت الديكتاتور التي ينبغي الإطاحة بها.
كانت وضعيتها هذه بعيدة على أن تكون مريحة من آلام وركها التي اكسبتها في الحرب، لكنها بدت أيضًا وكأنها تبحث عن الألم.
بدأت تضغط صفارتها الفضية الرخيصة... وأدركت أنها بدأت تتردد حتى في القيام بهذا الإجراء البسيط.
لكن ليس لأن أصابعها كانت ترتعش.
بل لأنها علمت أنها لم تعد تستحق ذلك.
ال A.A.A. ذو الشكل الصندوقي الذي تركته ميكوتو كان يحكّ بها كحيوانٍ أليف، لكنها لم تتمكن من إقناع نفسها بالجلوس عليه لتُخفِّف من الألم.
قيل أن الشعور بالذنب يمكن أن يكون دافعًا لقَطْع الرسغ بمشرط.
جاءت تلك من الرغبة في إيذاء النفس هربًا من الجُرم لخوفك أن يعاقبك شخص آخر عليها.
على الرغم من أن القيام بذلك لا يغير شيئًا من واقع الوضع.
كانت تلك الفتاة قد وقعت في مكان مظلم للغاية حيث كانت تبحث عن الألم وتُرحب بالقذارة.
«هلا.»
تحدثت.
على الرغم من أنها كانت تعلم أنه لن يأتيها رد.
كان صوتها مبحوحًا غير طبيعي وكانت عينيها حمراوان من كثرة الفرك. همست وتحدثت إلى شخص ما على بعد متر واحد منها في تلك الغرفة.
كانت الفتاة ذات الشعر الأشقر العسلي قد انحنت منكمشة مباشرة أمام راهبة ذات شعرٍ فضّي طويل متروكًا للوراء. كانت تلك الفتاة النحيفة ترتدي فستان أميرة قصصي باللون الأبيض مع خطوط بنفسجية مُحْمَرّة. من المحتمل أن تلك الفتاة قد قضت وقتًا معه، الذي لم تكن تعرف عنه شَوكُهو ميساكي شيئًا. وتلك الفتاة تحمل المكانة التي كان يمكن أن تكون لها لو لم تحدث أمورٌ سيئة مُعَيّنة.
ماءَ القط الصغير بمحبّة ووحدانية أيضًا.
لم تستجب الفتاة ذات الشعر الفضي برأسها المائل.
«أحسدك، حقّاً، حقّاً.»
و.
إذا أردت الحكم في قضيتها، فعليك الأخذ بالاعتبار أنه من الخطأ أن تتوقع من شَوكُهو ميساكي أن تُقَيّم الوضع صحيحًا تمامًا. ففي الآخر، كانت هذه الحرب هي أول معركة واسعة النطاق ضد السحرة تخوضُها. كان كاميجو توما مثلها في زمنٍ مضى. بعد أن دافع عن نفسه ضد ذلك الشخص الغامض المسمى ستَيل ماغنوس وثم حَمَلَ إندِكس المصابة خلال ليلة المدينة الأكاديمية بدون أي فكرة عن ما يجب القيام به، هل كان هادئًا حقًا كما عرفتموه في ذلك الظرف المتطرف؟ على سبيل المثال، ألم يُقحم أستاذته الجاهلة والصغيرة في الأمر؟ عندما يكون شخص ما تحت ضغط أكبر مما يدركه، ويؤديه ذلك إلى اتخاذ قرارات خاطئة لم يكن ليتخذها عادة، فإنه من القسوة أن تطالبه بتحمل المسؤولية جرّاء ذلك.
قد يكون من السهل نسيان ذلك عندما تألف كثيراً مع المخلوقات الغريبة المعروفة بمسمى الأسابر في المدينة الأكاديمية. لكن على المستوى الجوهري، كان البشر ليفقدوا هدوئهم عندما يواجهون الخوارق لأول مرة.
قد يتجلى ذلك في شكل جنون أو اكتئاب.
في حالة كاميجو توما، حدث أن انتهت لصالحه. في حالة شَوكُهو ميساكي، أدى ذلك إلى خطأٍ فظيع.
ولكن سواء اقتحموا شقة كوموي-سينسي مع شخص جريح أم أفسدوا حفلًا وطنيًا (على الرغم من أنه خاص)، فإن تصرفاتهم قد كانت مُتحفّزة من انفجارات عواطف غير متوقعة.
كانت شَوكُهو ميساكي تعمل مع ميساكا ميكوتو من خلال مشاركتها A.A.A.
لكنها كانت تلاحق حقًا ذلك الفتى.
كانت قد وصلت بهذا الحد لأنه كان هنا.
كانَ نورَ أرضٍ تراهُ بالكاد من بعيد وهي تائهة في بحرٍ عاصف لصراعها السحري الأول الذي حسَّت فيه بالحصار تمامًا. فماذا لو قيل لها فجأة أن هذا النور قد يكون مزيفًا؟
هل كان الأمر حقًا صوابًا أن تتوقف وتسمح للأمواج بسحبها تحت سطح الماء؟
هل كان حقًا خطأً بالغًا أن تقترب من ذلك الضوء، مهما صار، لتعرف ما إذا كانت هناك أرض فعلًا؟
أزرق سماوي وأصفر ليموني.
قد قالت لنفسها أن تلك الألوان لا يمكن أن تكون له.
وذلك بينما تغض بصرها عن الوردي الفاقع والزمردي الوامض أمام عينيها.
«لماذا...؟»
في النهاية، كانت تلك هي الضغوط التي تحيط بالفتاة الشقراء العسلية.
حدث أن قوتها كانت قوية جدًا.
كان صوتها مبحوحًا.
كانت ملفوفة بقماش لامع وجذاب يشبه طلاء المينا، لكن عينيها وأنفها كانتا حمراوين كطفلة صغيرة.
«لماذا كان عليّ أن أفسد كل شيء؟»
كانت مرعوبة من أن ينساها.
كانت تعلم أن ذلك سيحدث في النهاية، ولكن تلك المعجزة الصغيرة استمرت رغم ذلك.
كان الحفل واضحًا منذ البداية أنه غير طبيعي، لكنها خافت من أن الإشارة إليها قد تتسبب في تفجير ذلك الحلم السعيد كالبالون المفرط من التضخم.
و.
هل كانت تدرك أن هذا العذاب هو نفسه الذي تجرعه ذلك الفتى عندما واجه فتاة الشعر الفضي التي كان عليها أن تمسح ذاكرتها اصطناعيًا كل عام؟
من المرجح أن لا أحد سيُحَمِّلُها ذنبًا.
حتى ذلك الفتى الآخر، الذي انطرد بعد أن عومل مثل الوحش، لن يقول شيئًا يجرح الفتاة ذات الشعر الأشقر العسلي.
لكن.
هذا كان بالضبط المقصد.
كان كل شيء كاملاً ومثاليًا حتى ركدت ولم تعد قادرة على الحركة.
الفتاة التي تبحث عن الألم لم تستطع سوى دفن وجهها في ركبتيها، والنحيب كالطفلة الضائعة، والتحدث إلى نفسها.
«.....أنا غبية، غبية.»
لم يأتِها جواب.
لأنها صنعتها هكذا.
هذا هو السبب في أنها الملكة وهذا هو السبب في أنها وحيدة.
تمامًا كالعادة.
فقط القط الصغير من ظلّ هنا ووضع كف يده على قدمها.
هذا يكفي من سبب، ألا تظن؟
من يهتم إلى كل هذا الكلام الكبير عن الجانب السحري والجانب العلمي؟
قد حان وقت إنقاذ تلك الأميرة التي سقطت في أعماق الأرض.
وهذه المرة، افعلها صح.
- ما بين السطور 3
كانت هناك مرآة كبيرة في حمام قلعة وندسور خلف الحوض.
«...آه.»
الصبي ذو الشعر الأشوك في بدلة توكسيدو غير مألوفة وربطة عنق أسكوت يتأوّه بهدوءٍ من الألم.
الوجه الذي انعكس في المرآة لم يكن بحالة جيدة.
لم يتعرض لأي ضرر جسدي واضح بعدما اعترضه التنين الأزرق السماوي والأصفر الليموني علي شرفة الطابق الثاني.
لذا هذا لم يكن من ذلك.
مهما غسل وجهه بالماء البارد من مرات، رفضت الحرارة التي تحرق تحت طبقة واحدة من البشرة أن تختفي. وكان بوسعه أن يدرك تدريجيا أن جميع حواس جسده كانت تتبهّتُ تدريجيا.
صدى صوت كتكسر الجليد الرقيق في الحمام.
كان هذا تعبيرًا دقيقاً. مرّت بضعة شقوق مستقيمة عبر بشرته الناعمة حول يُمناه.
خطوط اللون التي تظهر من خلال تلك الشقوق كانت زهريّاً فاقعًا.
وزمردي.
أكان هذا المعكوس التام للغلاف الخارجي الذي ارتداه المُهاجم؟ كانت فاقعةً بشكلٍ غير طبيعي لأي شيء وُلِدَ في الطبيعة، لكن كان لها لمعانٌ مفرط لتُسمى سلاحًا أو آلة.
كان هناك أكثر من نمط.
همس فتى بدلة التوكسيدو إلى المرآة.
«القط.»
الشقوق امتدت عبر ظهر يده وارتفع وميضٌ ورديٌّ إلى السطح.
«الفارسة.»
تمامًا كما اختفت خدوش القط، ظهرت شقوق أخرى حول جسر أنفه.
«لكمة كانزاكي كاوري، كرسي ال A.A.A. الذي كانت شَوكُهو تستخدمه، وتعويذة إليزارد.»
كانت هذه تاريخ جروحه.
ابتسم الصبي كلما ظهرت واحدة بدورها.
«لكن، حسنًا، قد وصلت هذا الحد وما زلت لم أتعرض لهجومٍ واحد منه. ساخِرٌ حقّاً، هَه؟»
بالطبع لم يكن هناك أحد ليجيبه.
كان هو الشخص الوحيد هنا. انسحبت الشقوق المخدرة من على أطراف أصابعه بصمت.
«مستحيل.»
كان وحده.
حَمَلَ كل شيء في يده، لكن ما كان عنده أحدٌ يستمع.
حاولت الشقوق الزهرية الفاقعة والزمردية أن ترتفع إلى السطح مع أصوات تكسُّرٍ وكأنها طرقات الساعة، لكنه دفعها للأسفل. كان لا يزال بخير وعافية. لم يكن عليه أن يقلق بشأن اختراقها.
لم يكونا مرآتين متناظرتين لبعضهما البعض.
كان خصمه أزرق سماوي وأصفر ليموني بينما كان لونه زهريًا فاقعًا وزمردي، لكن أي شخص ملم بنظرية الألوان سيعرف أن تلك ليست أضدادًا لبعض.
ولا بأس بذلك.
لم يبحث عن مُتفهِّمٍ أو شريك. أراد العكس. كان يقترب من كمال فردانيةٍ لن تندمج أبدًا مع أيِّ شخصٍ آخر.
تنين.
كان حاكم الأعماق وحارس الكنز. كان رمزاً غريبًا يقطع الحدود بين الخير والشر عن طريق رَمْزِهِ بالشيطان وكذلك يَرمُزُ إلى آل العوائل والمنظمات.
كانت هناك مزهرية خزفية في أحد أركان الحوض. تزيّنت بالورود على جانب. كانت رمزاً وعلامةً شقت طريقها إلى العالم بحيث توجد في كل مكان دون ارتباط بأي عُصبةٍ أو قُوّة.
كان لها أهداف مختلفة، لكن احداها كانت كالتالي:
...يتصرفون استنادًا إلى أخلاقٍ ومعاييرٍ وعدالة. لكنهم يدركون أن قواعد الجيل السابق للحكم بالخير والشر البشري ليست بالضرورة صحيحة. لذا إذا وجدوا تلك القواعد ناقصة، فيجب عليهم أن يُبطلوا جميع القوانين والمعاهدات ليُصلِحوا جروح العدالة.
أو على الأقل هكذا قيل.
«...»
(أنا هنا بسبب أمنية، مم؟)
كانت فكرةً سخيفة.
ولم تكن لها علاقة بالصبي ذي البدلة الذي يغسل وجهه أمام مرآة.
«أكيدٌ أنك لا تحسب أن جوهرك لا أكثر من قشرةٍ مُلَوّنة تُسَيْطِرُ عليها، كاميجو توما»
الناس لا يرون كل جزء من أنفسهم بالضرورة. حتىٰ في مجال السِّحر، يُحَذّرون الناس أن عليهم اتباع خطوات مُعَيّنة لتحقيق فهمٍ صحيح، وإلا فقدوا السيطرة وفعلوا أشياءً لم يتخيلوها عندما يحاولون اتباع السِّفِروث لتنقية أرواحهم.
أعلِمَ ذلك، أم لا؟
على أية حال، فكّر هذا الصبي بصمت في نفسه.
اِسْتَفْسِر عن ما كان موجود. وإن وَجدْتَ شيئًا ناقص، فأصلح جروح العدالة بيديك.
البشر والقدرات.
الآن، دعونا نُبَدّل مواقع المُمَثّل والمُراقِب.
اختر اسم وأكتب شيء جميل :)