الفصل الرابع: اِغْلِبْ حَٰاجِزَ اْلذّات. — حَطِّم _ الجِدار.
(إعدادات القراءة)
انتقال بين الأجزاء
- الجزء 1
لن تُسَجَّل هذه المعركة في التاريخ.
ولكنها كانت أيضًا معركةً لا مفر منها من أجل التحرر.
كان قصر وندسور وجهةً سياحية وأيضًا بيتاً فعليًا للملكة.
كان يحتوي على الاحتياجات اليومية إضافةً إلى فَخّارٍ عتيق وآلاتٍ موسيقية.
«...»
وقفت إليزارد وحيدة في غرفتها.
كان الكمبيوتر باللون الشوكولاتة على المكتب الأبنوسي نموذجًا شاملاً حتى لا يُعيق وكان يعرض حاليًا قائمة تزيد عن 500,000 بريد إلكتروني غير مقروء.
ولقد نُشِرَ عنوان بريد العائلة الملكية للعامة.
أدارَ الفاتيكان شحنًا مخصصًا لتوصيل بطاقات الكريسماس المرسلة من جميع أنحاء العالم، ولكن هذا كان أكثر حداثة قليلاً. عندما يحل موسم الكريسماس، سيأتيهم عددٌ لا يصدق من رسائل البريد الإلكتروني وعبر وسائل التواصل الاجتماعي. لكن تلك الرسائل اليوم كانت مختلفة قليلاً.
لم تكن هذه الرسائل من الفرسان أو الخادمات أو السحرة أو الراهبات.
هذه الرسائل كانت من أشخاص لا يعرفون شيئًا عن ما يحدث حقًا.
‹‹كيف حالكِ يا جلالة الملكة؟ ارتاحت نُفُوسنا لوصول الكريسماس على خير هذا العام.››
‹‹اخترعتُ كعكةً من نوعٍ جديد. هي لفافة كعكة بنفقٍ عبر المركز. هل توافقين وتسمحين لي بتسميتها باسمك، يا جلالة الملكة إليزارد؟››
‹‹أرىٰ الألعاب النارية من الحديقة. واو! آمل أنك ترينها أيضًا يا جلالة.››
لم تقل شيئًا.
لم تستطع سوى أن تضع يدها على جبينها.
أدركت أنها لم تكن تستحق استلام هذه الكلمات. ليس بعد أن تخلت عن صبيٍّ بريء من أجل بلدها ووضعت مقاتلين محترفين في طريقه بعد أن تعرضت للتهديد. كان كاميجو توما والسحرة الذين تم أمرهم بالقتال يعضون شفتيهم في هذا الوضع. وكان ذلك نتيجة للأوامر التي أعطتها. كل هذا يحدث بسبب أمرها الخاطئ.
لن تحسب نفسها ذاهبة إلى الجنة بعد هذا.
ستُلعن روحها وتحترق في الجحيم.
لكن.
ومع ذلك.
«.....لا أستطيع تركهم.»
تعذبت منها.
ولكن وجدت فقط إجابةً واحدة.
لن تجرأ وتصف شعبها بالضعف، لكنها لن تسمح بهذا الضغط الكبير أن يقع على ظهورهم أيضًا.
بعد أن أكدت ما عليها حمايته، ضغطت كُرتانا الثاني بقوة، وصرخت بمفردها.
«لن أترك شعب هذا البلد، مهما كان مصيري!!»
هبّت نفحة ديسمبر الباردة وأتى نسيمٌ غريب من الغابات الصناعية المحيطة بقلعة وندسور.
تَعَزّز الأمان.
كل ذلك بأمر الملكة الحاكمة إليزارد.
تحركت الكثير من الأضواء المتلألئة كما لو كانت نيران الآماني الشبحية تتجول في العالم الدنيوي. كان لكل واحدة منها فانوسًا تحملها راهبة كاثوليكية سابقة. كانت الأشكال الغريبة التي تنتج الأصوات المنشقة للمفاصل الصناعية والبكرات ترجع لخادمات الشرف. قد تجاوزن الأجواء الاحتفالية وتجهزن بالمعدات القتالية.
لم ترغب واحدة منهن في القتال.
ومع ذلك تجمعت وِحدَةٌ قتالية معها أدواتٌ روحية قاتلة.
(لا أصدق هذا.)
كن جميعًا تُفكرن في نفس الشيء: كيف حدث هذا؟
(لماذا يجب أن نقاتله هو من جميع الناس لحماية المكان الذي نسميه بيتنا؟! كم من ابتلاء سنمتحنه يا أبانا في السماء؟!)
كانت كالخلية. بَدَيْنَ كمجموعة كبيرة واحدة من النظرة الأولى، لكنهن في الواقع كُنّ مقسمات إلى "غرف" صغيرة، لِكُلٍّ بظروفٍ مُختلفة. قد تكون الظروف كما رأتها كانزاكي كاوري مختلفة عن الظروف كما رأتها أغنيز سانكتيس. وكذلك، حتى أغنيز ولوسيا ربما لم تدفعهما نفس الظروف. ولكنهن جميعًا تُوجهن العنف في نفس الاتجاه، لذا قد يكون هذا بمثابة شهادة على منطق الغوغاء [1] الغاضب.
لماذا؟
الجواب واضح.
الأنجليكان التي كانت أغنيز والآخرون يعملون معهم مؤقتاً قد فازوا بالحرب وخسروا أيضًا. سبب الصراع الأصلي بأكمله كانت لُولا ستيوارت، المعروفة أيضًا بكُرونزون الشيطان العظيم، التي كانت تشغل منصب رئيس أساقفة الكنيسة. كانت أغنيز والآخرون على الجانب الذي سبَّبَ الصراع والذي في نهاية المطاف "خسر"، لذا لا حق لهن في مقاومة أوامر إليزارد، ملكة المملكة المتحدة، بتحمل المسؤولية عن إنهاء الفوضى الحالية.
انغلبت ظروفهم الشخصية على مصالح الأمة.
(يا ليتني على الأقل أزلت هذه السلاسل عن الأخت أورسولا!!)
ربما كان ليكون أسهل عليهن لو كانت شَوكُهو ميساكي هي الشريرة وكانوا جميعًا تحت حُكمِها. لكن كانت أغنيز، أورسولا، والآخرين هُن من اخترن الارتقاء إلى هذه المرحلة الكابوسية بالهرب من سيطرة تلك الفتاة باستخدام الصمّامات التلقائية التي استخدمت رمز جنازةٍ مُؤقّت.
وبينما تفكر أغنيز في ذلك، انفجرت قطعة من جذع شجرة كما لو كانت ناجمة عن جرح عضة.
نقرت لسانها.
«قناص؟! انتباه جميعًا، ابتعدوا عن مصادر الضوء!»
لكن انفجارٌ آخر وَصَلَ قبل أي استجابة. لكن هذه المرة لم تتوقف عند انفجارٍ واحدٍ فقط. رشاش متواصل ربط بين كُلِّ الانفجارات وأبداها سَلِسَة. سَمِعَت أصواتًا مُتعددة ككسر فروع الشجيرات الأرق من عيدان الطعام. استنتجت أن شخصًا ما قد خُطِفَ.
(هل كانت الطلقة الأولى تَهْدِفُ إلى تحديد خط أساسي يمكنهم استخدامه للتكيف مع الرياح والجاذبية؟!)
ربما كانوا على الجانب الآخر من نهر التمز، ولكنها لم تستطع تحديد موقعهم بالضبط. كانت وميضات النار تختفي وربما كانوا يستخدمون لوحات انعكاس ليُحَجِّموا مصدر الضجيج.
في لحظات، انفجر العشب ولحاء الشجر وطارت في الهواء. امتلأ الهواء بالتراب والغبار كجليدٍ جاف، وانحجبت رؤية أغنيز والآخرين.
أرادت أن تعتقد أن هذا سيعمل ضد العدو أيضًا، لكنها استطاعت أن ترى المزيد والمزيد من مصادر الضوء تسقط على الأرض من خلال غيمة الغبار. تركت زميلاتها الراهبات فوانيسهن بعد أن تعرضن للإصابة.
«يا أخت لوسيا، أنجِلِني!»
«أنجِلِني سقطت!! لكن فيه غلط! إنها لا تنزف بعد ضربة من هذا العيار––!!»
انقطع صوت الراهبة الطويلة.
كادت أغنيز أن تقسم أنها شعرت بأصابع باردة تزحف على عمودها الفقري.
بلحظةٍ لاحقة، انهارت راهبة مألوفة إلى الجانب بعد تعرضها لهجوم.
ومع ذلك...
(لم تتطابق الطلقة من الضفة المقابلة مع وقت انهيار الأخت لوسيا.)
وكما قالت لوسيا، لم يشتموا رائحة صدأ.
زحف صوتٌ كالموجة عند قدميها. غيمة الغبار المُتصرِّفة كالجليد الجاف في حفلة زفاف فاخرة قد تَسمَّكت كثيرًا وارتفعت حتى وصلت إلى منتصف فخذيها. ولم تكن هذه نهايتها.
(لم يُهزموا بالطلقات.)
هناك شيء.
هناك شيءٌ يقترب مُنخَفِضاً كالحيوان.
سمعت طنينًا كهربائيًا منخفضًا مشابهًا لجهاز قتل الحشرات في منتصف الصيف، هل كان مسدس صاعق؟
(الرشاش الثقيل على الضفة المقابلة كان مشتتاً! الهجوم الحقيقي هنا معنا!!)
عندما أدركت ذلك أخيرًا، تقدم هامازورا (بمساعدة أنيري) والعضو الذهبي ديون فورتشن من اليسار واليمين ليُدَغدِغا الفتاة في خصرها النحيل.
جاء مهاجمٌ آخر في مواجهة غريبة.
نقر أكسِلَريتر لسانه بخفة عندما رأى حالَ بعض سحرة أماكوسا بعد أن أسقطهم بركلةٍ واحدة.
«ما الذي تفعله يا ملعون؟»
«لا أدري عن نفسي حتى. كنتُ أصادر سلاح هذه السيدة حتى لا تتعثر وتطعن ساقها بالغلط، ثم حدث هذا.»
رأى فارسًا سمينًا.
كان هولغريس ميراتس.
لكنه بدا مختلفًا منذ أن علّقه أكسِلَريتر رأسًا على عقب من أعلى برج. كانت راهبة بقوام لطيف يُرى حتى من خلال زيها الرهباني مُستلقية برفقٍ عند قدميه. من المحتمل أن صرخة الراهبة وانهيارها بدلاً من الرجل البدين نفسه هي التي دعت الناس هنا. أحاطه الفرسان ذي الدروع الفضية العتيقة.
ولكن لم يكن هناك ذعر على وجهه.
وبأي حال، كانت مهمة أكسِلَريتر وهامازورا شياغي هنا العمل كمشتت للانتباه.
لتلك المعركة وحدها، يجب على ذلك الفتى إنهاءها بنفسه.
(ذاك الحشرة أدخلني في وظيفة كريهة ملعونة بكل بجاحة. لستُ طعمًا جيدًا لأن بطاريتي لا تدوم طويلاً. سأشتري وقتًا إضافي عن طريق إيقاف بطاريتي كلما استطعت.)
«ما بك يا فتى؟ تبدو سعيدًا بشكلٍ غريب بالنظر إلى الظروف.»
«تبيني أقطع دهونك يا قمامة؟» سأل الوحش #1 وهو يمد يده إلى عنقه ليُعيد حساب طاقة البطارية المتبقية في قلادته. «فكمٍّ منكم لا يزالون عقلاء؟»
«بصراحة، ليس كثيرون. تمكنت الأميرة فِليان من إقناعي وقائد الفرسان وفارسة أخرى كانت تركب أليكس، فرس الحرب للأميرة الثانية، ولكن معظم الآخرين استسلموا للخوف والذل. حتى لو كان لحماية الناس، فإن استسلام جلالتها لكانت لكمةً موجعة.»
«خدّيك حقّاً مشدودة لشخصٍ يتصرف بثقة كهذه. قد كان لديك عذرٌ مثالي مُعَد، أفلَيْسَ من الأسهل لك أن تكون تحت السيطرة؟»
ابتسم هولغريس قليلاً.
«قد واجهتٌ الهزيمة مرة، لذا ما عدتُ أخاف من الخسارة.»
فور أن سحب سيفه، انفتح بنابض.
كان خنجرًا للدفاع.
كان خنجرًا يساري دفاعي يُستخدم للامساك بسيف الخصم خلال مبارزة.
وبالطبع، كان يوجهه نحو خصم آخر غير الوحش الأبيض.
«[نِكس إفربلايند] الذي يضم أجسامًا صناعية داخل جسده، [آنج كاتاكومبز] التي تُدير التوابيت المحمولة، و[كوتيا فيرجنرود] التي تتخصص في استخدام مزيج من الدم النبيل وأدوات الإعدام.»
«هل تحمل دليلًا على ذلك؟ كيف لك أن تكون متأكدًا هكذا وأنت لا تراهم؟»
«المحظورات تُغَيّر الأجواء. تمامًا كتلك الشيطانة التي تخدمك.»
نقر أكسِلَريتر لسانه وثم طارت الأوراق الساقطة حوله كالإعصار في شهر ديسمبر.
وفَوْرَ انفجارها، ظهرت فتاةٌ شفافة وضمت ذراعيها حول عنق الـ #1.
«ويحك... صار هذا الرجل أحَدَّ بكثير عن ما سبق. لا أعتقد أن جنونيَ الحرب سيؤثر فيه بعد الآن.»
لم يرمش الرجل السمين المتوتر حتى مرة.
كلمات الشيطان الحلوة لن تهز عزمه.
كانت عيناه صَوْبَ هدفٍ أهم بكثير.
«ومن واجب الفرسان أن يدعموا جلالتها وقت عجزها. لذا، حتى تقف مَلِكَتُنا إليزارد على قدميها مرة أخرى، يجب عليّ أنا، هولغريس ميراتس، أن لا أوجِّه سيفي بالاتجاه الخطأ.»
خطوات مدوية أحاطت بهم كدوامةٍ مُكثفة.
العدو يعتزم على ما يبدو إعادة تشكيل حلقتهم الدائرية ليحاصروا أكسِلَريتر أيضًا. سيواصلون استخدام طرقهم القذرة خوفًا من الخسارة. لكن يبدوا أن هؤلاء النخب لم يدركوا أنهم قد خسروا هذه الجولة.
«ني هي هي. ما الذي تعتزم فعله يا سيّدي؟»
«وظيفتي هي إحداث ضجة.»
لكُلٍّ طريقته في القيام بذلك.
وقف الوحش الأبيض ظهرًا لظهر مع أبو شحمةٍ الرهيب (رائع) في مركز دائرة التهديدات المحيطة.
«لكني متأكد أنك فهمتني الآن. لا شيء يثير اشمئزازي أكثر مثل كلاب الأساتذة المطيعين-يَو!!»
بدأت المعارك في كل مكان.
في ظل كل هذا، انطلق الوحش الغريب عبر الليل المظلم.
كان لونه أزرق سماوي وأصفر ليموني.
حَمَلَ فكّي تمساح، وأجنحة رفيعة، وذيلًا سَميك.
تحدثت أوثينوس بحجم راحة اليد إليه من خلف طائرٍ جارح كبير.
«بشكل عام، لهم اليد العليا. كما قالت ريمَيّا، كلما مر الوقت، زاد عدد العمالة على مستوى الدولة التي سيستخدمونها لصالحهم. لا تدعهم يجعلون هذا اختبارًا للتحمل. لن تملك فرصة للفوز ما لم تُنهِها سريعًا.»
هذه كانت معركة كاميجو توما.
لن يكسب أي شخص شيئًا إذا فاز، وسيفقدون حياتهم بلا رحمة إذا خسروا، ومع ذلك وافق بعضٌ على مرافقته في هذه المعركة السخيفة.
لن تأتيه فرصةٌ أفضل.
قد ينتظر ألفَ عامٍ ولن تأتيهِ فُرصةٌ أفضل للانتصار.
«قد ننجح حقًا يا إنسان.»
«نعم.»
وَضَحَ صوت الصبي بارزاً من بين صوت فكّي التمساح.
مالت أوثينوس رأسها وهي تتحكم في الطائر الجارح.
«هل هذا بسبب فقدانك للإماجين بريكر؟ الحظ مُرحب به أكيد، لكنه لا يُنبِؤ بالخير. الاعتماد على الناس من حولك جيّد، لكن بهذا المعدل، قد تفترض أن الناس سيتجمعون حَوْلك ويمنحونك الفرصة.»
قد قالت ديون فورتشن أنه ليست الذكريات من تعطي الشخص هويته، بل الإيمان والحب الذي يُغيرهم.
لكن.
في تلك الحالة، يجب أن يكون أكثر حذرًا ضِعْفَ.
لَوْ تغيّر قلبه هنا، فلن يبقَ له شيء ليَدَّعي أنه كان كاميجو توما.
«سقوطي من شرفة الطابق الثاني دون أن أتأذى لم يكن بسبب تغييرات في جسدي. قد كنتُ محظوظًا ونجَوْتُ بسلام. تمامًا كالطفل الذي لا يُصاب بأذى بعد سقوطه من مكان مرتفع.»
«أتدري، لن أستغرب من قبولِكَ مثل هذا الحظ.»
«لا أريد أن أكون ذاك الشخص الذي يغضب من الناس لعدم ظهورهم وقت الحاجة. لذا عليّ أن أستعيد نحسي قبل أن يحدث ذلك. بهكذا سأستعيد حياتي التي أعرفها.»
«عندك مشاكل. أن تكون محظوظًا لا تمحو مهارتك، أتعلم؟»
لم يستطع أن ينسى كم كان ممتنًا لما قاله هامازورا شياغي وأكسِلَريتر عند تلك الطاولة:
‹‹—أنتَ تُقاتل لاستعادة نفسك، صحيح؟ أفهم ما تعانيه. فأنا سبّبتُ متاعبَ كثيرة لكم جميعًا بتحالفي مع كُرونزون في تلك الحرب.››
‹‹—لكننا سنعمل مُشتّتين للانتباه. اختراق تلك القلعة هي وظيفتك.››
«أدري.»
تذكر الناس الذين أُقحِموا في هذا القتال والفتيات المحاصرات داخل القلعة.
و.
تذكر تلك الفتاة الشقراء العسلية التي لم يبدو أنه يستطيع ربطها بأي صورة واضحة في عقله.
ربما كانت القدرة على تحويل تلك الأفكار إلى روحٍ قتالية هي ما مكّنت هذا الوحش الأزرق السماوي والأصفر الليموني من أن يطلق على نفسه اسم كاميجو توما.
سيستعيدها كلها حتى لو زحف في الوحل.
سيقبض عليها بأسنانه العجيبة.
ما عَرَفَ ما سيحدث لجسده، ومع ذلك أعلنها بصوت خفيض.
«هذا شيءٌ عليّ أن أفعله بنفسي!!!!!!»
أطلق روحك.
توجه كاميجو توما نحو قلعة وندسور التي صارت سجنًا يربط حرية الكثير.
- الجزء 2
هذه كانت قلعة وندسور.
كانت معارك فتاكة تتفاقم في جميع أنحاء أراضيها المُظلمة.
لكن بمجرد دخوله القلعة نفسها، استشعر جلد كاميجو توما الأزرق السماوي بتغيّرٍ في الأجواء.
وَمَضَ ضوءٌ برتقالي ببطء في نهاية الممر الطويل والمديد.
اشتم رائحةً دُخانية من مكانه، فهل كان هذا تغييرًا آخر في جسده الغامض؟ على أنّ التنفس الجلدي كان شيئًا ثانويًا بالنسبة للإنسان، إلا أنه يُقال أنه يُشكّل ثلاثين إلى خمسين في المئة من التنفس لبعض الحيوانات.
تلاقت عيناه بعيني عدوه.
«ستَيْل ماغنوس.»
الوحش الأزرق السماوي أدرك شيئًا بعد نطقه الاسم.
كانت البطاقات المغلفة مخبأة بذكاء عبر كل سطح لبناء مملكة ذاك الصبي: في أسفل الزهور، تحت السجاد، وربما فوق السقف أيضًا.
ما هي التهديدات أو الإغراءات التي عُرضت عليه؟
لم يعرف كاميجو ولم يحتاج إلى إجبار الصبي على الكشف عنها. إن ذلك الكاهن الأصهب لطالما كان من النوع الذي سيبتلع الطين ويمضي إن كان ذلك سيعطي بسمةً على شفاه فتاةٍ مُعَيّنة.
في هذه الحالة...
«أما من طريقة لتتجنبه يا إنسان؟»
«ولما أريد ذلك؟»
تجنب الصراع بالتوصُّلِ إلى حلٍّ وسطي ليست الشكل الوحيد للصداقة.
عندما فكر في الأمر، لطالما تفاهم هكذا مع هذا الكاهن منذ أن طُرِح إلى العالم الواسع بلا ذاكرة. ولن يمكنه تغيير ذلك الآن.
كان لديه شكلٌ عجيب.
قد تحوّل غصبًا عنه وحتى أنه فقد الإماجين بريكر.
ولكن كاميجو توما أحكم قبضته اليمنى بإستعداد.
«هَلُمَّ يا ساحر. ولا تكبح.»
كان واثقاً تقريبًا أنه وُضِعَت ابتسامةٌ خفيفة على وجهه.
بلحظةٍ لاحقة، ثارت نيرانٌ برتقالية. ثار سيفان مستقيمان من النيران الجحيمية من كلتا يدي الكاهن.
كان متخصصًا في اصطياد الساحرات.
عند مواجهته لشكل غير معروف من الخوارق، سيجمع المعلومات ويَضَعُ تدابير مضادة بدقة في الوقت الفعلي ثم سيستخدم ذلك لأخذ حياة صاحبها. كان يستخدم كل من المواهب الأكاديمية والعسكرية أدواتاً للقتل.
ولكن.
تجاهل كاميجو توما الكاهن الطويل في نهاية الردهة وبدلاً من ذلك قذف لكْمَةً جادة نحو الجدار إلى جانبه.
كان الأمر تقريبًا كما لو أن كل جانبين قد وقّتا توقيتهما.
انهار الجدار الداخلي السميك مع ظهور امرأة ذات سابّة (شعر ذيل فرس) سوداء. دخلت كانزاكي كاوري وضَرَبَت شفرتها الطويلة مِخلَبَيْهِ اْلسَّمِيكَيْن.
«هل استخدمت حواسك المُتَحَوِّلة؟»
أُوقِفت الضربة بمثالية قبل أن تتوقع، ولابد أنها تألّمت كألم ضرب البيسبول في جدارٍ خرساني. عبست كانزاكي قليلاً من الألم الغير متوقع.
«لا، لم يكن هذا الأمر. هل لاحظت التغيير في حركة الطائر الجارح الذي يركبه إله الحرب يا كاميجو توما؟!»
حتى بعد هذا الهجوم المفاجئ المخيف، كان كاميجو توما يبتسم داخل قشرته الخارجية السماوية الزرقاء.
«قلتُ لا تكبح.»
قد دمَّر ستيل سيفيه ليخلق انفجارًا ناري... ولكنه كان أبعد من أن يكون فعالًا.
إضافة لذلك، لم يظهر أي علامة على استخدامه أعظم سحره: إنوكينتوس.
مما يعني...
«لا يمكن أن تنتهي بمعركة واحدة بسيطة!! لديكم قديسة ورقةً رابحة واضحة، لذا بالطبع ستستخدمونها في البداية بدلاً من جعلي أتسلق الأعداء إليها. حتى لو وُصِمتُم بالجبناء!! أليس كذلك يا ستَيل!؟»
ومع ذلك، لم يغير الكشف عن هذا الفارق في المهارة.
قد تجاوز الهجوم الأول باستخدام حواس الطائر الجارح وجسده المعزز، لكن هذا لن يعمل مرة أخرى. كما أنه لم يكن متأكدًا حقًا مما يحدث لجسده. ولن يكون مستغربًا إذا ما حرك ذراعه بقوة فتمزقت.
ولكن.
هذا كله تحت الظروف العادية.
قبل أن تستطيع شفاه كانزاكي تشكيل كلمة "ناناسِن"، هجمات الأسلاك السبعة من كل اتجاه بشكلٍ متزامن، كان هناك صوت لشيء طري يلتوي.
الزرقاء السماوية والصفراء الليمونية تفككت.
تَعَرّضَ الفتى ذو الشعر الشائك للهواء الخارجي، لكنه لم ينزع سلاحه.
حَمَلَ شيئًا على صدره.
كان وعاء بستنة أسود مصنوعًا من البلاستيك الرقيق.
وكان فيهِ نباتٌ غريب يشبه الجزرة بنهاية مشقوقة ولكنه أيضًا كان يحمل نمطًا يشبه وجهًا بشريًا.
«ما—؟»
«كان يُطلق عليها ألغام اليَبْروح، ها؟»
شدّ الحبل في أسفل الوعاء ليوقظه كما لو كان يُنشط مفرقعة الحفلة. النبات المستيقظ(؟) اليَبْروح قفز أمام وجه كانزاكي كاوري.
في الوقت عينه، غطى كاميجو نفسه ثانيةً بالأزرق السماوي وكسر نافذة قريبة.
امتلأ الفضاء الداخلي بصراخ أعلى حِدَّة من الزجاج المتكسر.
«غه!؟»
كان كاميجو من أطلق هذه الصرخة الغريبة، واهتزت جمجمته فظيعًا. وصلت هذا السوء حتى مع القشرة السماوية الزرقاء التي تغطي كامل جسمه. أكانت أوثينوس من قالت أن الصراخ يسافر من داخل الأذن إلى القلب؟ ما كان سيحدث له بدون القشرة؟
وبجانب ذلك...
(قد شددت الحبل، وأطلقت اليبروح، وهربْتُ إلى الخارج).
بدت بسيطة كفاية، لكنه أدّى ثلاثة أفعال أمام قديسة تقتدر الحركة بسرعة الصوت.
كانت للحظة واحدة فقط، لكنه واكب سُرعة كانزاكي كاوري.
لم يكن هذا الوقت مناسبًا للتفكير بلا مبالاة في الحظ. قد لا يعود إلى حالته الإنسانية الآن. ففي الآخر، لا يمكن لأي طبيب شرح ما يحدث له هنا. هذا يتجاوز القدرات الرياضية البسيطة. حسَّ بأن هناك خطبًا ما في العالم الذي يراه ويسمعه وحتى في تدفق الزمن. زحف الخوف الهائل على طول عموده الفقري.
أوثينوس صاحت من على ظهر الطائر الجارح الكبير الذي كان يحلق فوقهم.
«لا تُبعد حذرك يا إنسان!»
سمع صوت كسر المواد الإنشائية من المنطقة التي ضربتها الصرخة حيث كان يفترض أن يُهزم الجميع. كان هذا صوت قبضةً لا ترحم تسحق الجدار الخرساني بالقرب من حافة النافذة التي وقفت لقرون.
كانت تنهض.
كانزاكي كاوري ستعود قريبًا إلى العمل داخل تلك الردهة.
«إنها واحدة من أقل عشرين قديسًا في العالم. من المستحيل أن يقتلها يَبْروحٌ واحد وُلِد من سوائل جسم مذنب بسهولة!»
«!»
«قد نجح هذا فقط لأنه جاءها بغتة، لكنها ستقضي عليك ما أن تبدأُ في الجدية. رمزك هو التنين. سواء كانت قشرتك الخارجية تؤهلك كمثل إله الماء الياباني أو الشيطان الغربي، فمن يعرف ماذا ستفعل ضربة [يويسِن] بها. قد تقطعك حتى الداخل. لذا أوقفها على الفور. تذكّر ما أعطتك ريمَيّا!!»
حان الوقت لاتخاذ قرار.
إذا لم يكن ذلك كافيًا لإسقاطها، فسيضطر إلى استخدام بطاقته الرئيسية الحقيقية.
أمسك كاميجو بجيبه وسحب أسطوانة شفافة أسمك من القلم. ثم لَواها بين يديه وخلط الكيماويات الموجودة في الداخل لتنتج ضوءًا لزجًا مماثلاً لدهان الفسفور المضيء في الظلام.
ترى هذه الأشياء شائعة في حفلات الأيدول، لكنه سيستخدمها استخدامًا مختلف.
رماها كاميجو صوب حيث كانت كانزاكي كاوري تتعافى.
انقطع الضوء المتألق إلى نصف قبل وصوله إلى الأرض، ولكنه ليس وقت الخوف من ضياع رمْيَتِه. رفع صوته بدلاً من ذلك.
«أعتمد عليك!!»
فستانٌ أبيض ممتلئ بالهواء حلق عبر السماء.
الشخص الذي سقط فوق القديسة مثل قذيفة مدفعية كان استثناءً آخر متطرفاً على الجانب السحري: ديون فورتشن، الجريموار الأصلي البشري.
«تستعبط؟! كان هؤلاء الكاثوليك السابقين الذين اكتفوا بالتحدث بالأرقام كريهين بما يكفي، والآن تستدعيني امام واحدة هنا؟! ما هو بأسلوب لتتعامل مع الساحرة العظيمة الحكيمة فورتشن من عُصبة الذهب!!»
«آسفة يا أوثينوس، ممكن تترجمين كلامها الإنجليزي؟!»
«قالت أن الوَحدة غمرتها لأنك تجاهلت كل محاولاتها الكثيرة للتباهي.»
إن كان كاميجو "عالقًا" في مأزق، فهذه كانت إشارته لإبلاغ الآخرين بالعدو ذو الأولويو، لكن لديه فقط عددٌ محدود من تلك الإشارات. سواء كان ذلك أكسِلَريتر أو هامازورا شياغي، سوف يضطرون إلى التخلي عن خصمهم الحالي ويُحَدِّدوا الأولوية لمن كان يشير إليه، لذا لا يمكنه استخدامها بفرط.
كان لهم خطة.
لكن ما إذا نجحت أم لا كان يعتمد جزئيًا على الحظ.
وها هي تعمل.
حظه كان جيدًا مُجَدَّدًا. حتى أنه بدأ يتوقع ذلك لاستمرار الأمر في الحدوث.
لا يمكن لقلبه أن يتراخى.
كان وحشًا أزرق سماوي وأصفر ليموني الآن. قد تحول إلى درجة لا يمكن لوالديه حتى التعرف عليه. لو ترك قلبه يتعفن أيضًا، فسينتهي أمره حقّاً.
إذا أراد أن يستمر في مناداة نفسه كاميجو توما، عليه أن يظل وفيًا لذاته العادية. مهما حدث له.
«لا تعتمد ببساطة عليهم يا إنسان. قد قررت ذلك بنفسك، تذكر؟ يمكنك استدعائهم إلى الحرب الكلية إن أردت، لكنك أنتَ من سيدفع الثمن في النهاية!»
«أعلم ذلك! ولم أأت هنا لأجلس وأتفرج الأحداث من بعيد!»
كانزاكي كاوري وديون فورتشن كانتا تتصارعان في الردهة.
لكن هذا ليس عدوه الحقيقي هنا.
هذا اللقب ينتمي إلى ستيل ماغنوس.
انحنى كاميجو وجرى عبر العشب على طول الجدار الخارجي وأمسك بشيء موجود بجوار الحائط وكَسَرَ نافذة أخرى ليندفع إلى الداخل حيث كان ستيل ينتظر.
صاح الكاهن الأصهب مُعتَمِدًا على بطاقاته الرونية المخفية بذكاء حوله.
«إنوكينتوس!!»
لن يستفيد كاميجو من الهجوم مباشرة على عملاق اللهب. فهو يتجدد باستمرار مهما تدمّر، لذا قد كان مأزقاً عسير حتى مع الإماجين بريكر. وفي حالته الحالية، فإنه سيُحرق فقط من كتلة اللهب التي تصل درجة حرارتها إلى ثلاثة آلاف درجة.
لا فائدة من البقاء هنا طويلاً.
كان قد التقط شيئًا خارجًا، لذا سيستخدم قوة قشرته السماوية الزرقاء اللامعة ليرميه على إنوكينتوس.
كان كيسًا من الأسمدة الاصطناعية.
تحديدًا، كان فيهِ كبريتيد الأمونيوم.
«تش!»
كان مثل جدار من الرائحة المفاجئة تهاجم عيون الساحر الحساسة وأنفه.
لم تكن مادةً على الناس أن يتنفسوها. ولكن بصراحة، لم يفكر كاميجو كثيرًا في الخصائص المحددة. أي سماد أو مبيد حشري كان سيعمل.
ففي الآخر، كان خصمه كتلة من اللهب تصل درجة حرارتها إلى 3,000 درجة.
معظم المواد ستترك بعض الغبار في الهواء عندما تُقطع، لذلك من المحتمل أن يكون ستيل قد زاد من قوته النارية بما يكفي للقضاء على ذلك. ولكن، لم يكن ذلك دائمًا شيئًا جيدًا. ربما كان لديه مقاومة ضد الحرارة ونقص التأكسج، لكن الهجوم القادم من اتجاه مختلف قد يكون دائمًا استثناء. وحتى لو استطاع الكاهن حقًا صدها كلها، كانت هناك طرق للاستفادة من ذلك، كما صار مع أكسِلَريتر. [2]
كان من المشكوك فيه أن يستخدم عينيه أو أنفه تمام في الوقت الحالي.
وأذناه وحدها لن تعطيه موقعًا دقيقًا لعدوه.
استطاع ستيل ماغنوس أن يُلَوِّح بسيوفه اللهبية حتى مع حواسه التي سُلبت منها الحس بسبب الألم الشديد الشبيه بغاز الدموع، لذا كان يستحق الإشادة لحِسِّهِ القتالي. أدنى خطأ قد يؤديه للحرق، لكنه بقي متركزاً بقوة على النصر.
وكان كل ذلك من أجل فتاةٍ مُعَيّنة.
«غااااهههههه!!»
لكن.
لم يستغرق الأمر سوى لحظة واحدة.
سقط ستيل للخلف ليس بسبب سيوفه اللهبية ولكن لأنه خاف من الإصطدام بإنوكينتوس الذي يقاتل تلقائيًا. وما إن فعل ذلك، حصل كاميجو على مُرادِه.
ذاك الصبي الطويل لم يكن كانزاكي.
كان ماهرًا في السِّحر، لكن قدراته الرياضية لم تكن أعلى من الشخص العادي. قد تكون شفتريه اللهبيتين كافية تمامًا كتهديد لو لم يكن لدى كاميجو شيءٌ سوى يده اليمنى العادية، لكنه كان مغطى بالأزرق السماوي والأصفر الليموني.
وقد واكبت تلك القشرة لفترة قصيرة مستوى كانزاكي.
لم يهتم ما إذا كان يدفع نفسه بشدة هنا.
ركض وأسرف مُلَوِّحًا ذراعه اليمنى التي تحمل مخالب سميكة.
انبثقت أصواتٌ باهتة مكتومة.
أُلقيَ ستَيْل ماغنوس على أرض قلعة وندسور.
كان كاميجو مستعجلًا جدًا حتى ليفكر في كبح نفسه.
حتى لو كان الكاهن يضرب بهم عُميًا، لكانت ضربة واحدة من احدى سيفي اللهب كافية لحرق جسده.
هل كان هذا مثالًا آخر على الحظ؟
«لهاث، لهاث!!»
«لم ينتهي هذا بعد يا إنسان.»
نزلت أوثينوس على كتف كاميجو السماوي الأزرق.
قد رفض الطائر الجارح الذي كانت الجنية تركبه من الاقتراب مع كل المواد الكيميائية القوية المبعثرة حوله. أم أن الطائر لم يكن ميزة كبيرة داخل مبنى؟
«إذا لم تصل إلى المركز قبل نفاد بطاقاتك يا إنسان، فسينتهي الأمر هنا. أنت تقف ضد المملكة المتحدة نفسها. يمكنهم استدعاء كل أنواع التعزيزات الاستثنائية، لذا الوقت ليس في صالحك هنا.»
«أدري يا أوثينوس.»
راحَ كاميجو إلى الدرج وفي عقله دوخة طفيفة من رائحة الأسمدة والتوتر المفرط الذي رفض مغادرته.
لم يعرف بالضبط أين سيعثر على الشخص الذي ارتدى لباس ماضيه.
لكنه عَلِمَ من أين يبدأ البحث.
كما فعل دائمًا منذ فقدان ذاكرته، سيعتمد على القليل من المعلومات التي جمعها بعينيه وآذانه.
«لنتحقق من قاعة الرقص التي تعمل رمزاً لنجاحه.»
- الجزء 3
تاكيتسوبو ريكو، فتاة البدلة الرياضية الوردية والكنزة الصوفية، جلست على ضفاف نهر التمز. كانت تحدق من خلال منظارٍ كبير يُوَفّر رؤية ليلية بملحق إلكتروني. كانت قاعدة على الأرض وانثنت ركبتيها وانفرجت. وكانت تلك الوضعية غير اللائقة (كمثل شخص انهارت أردافه أثناء اختبار الشجاعة) من أجل أن تحمل الرشاش الثقيل الموجود على حامل ثلاثي بين ساقيها.
بالنظر إلى الحجم وحده، كان تلك الكتلة الفولاذية أكبر من طولها.
كان من المعتاد أن يتطلب تشغيل سلاح كبير مثل هذا فريقًا من أربعة أشخاص، ولكنها كانت تتعامل معه تمام بالنسبة لهاوية. وربما لأنها كانت تعتبر مُشتتة، لذا لم تكن الدقة مطلبًا.
كانت على بعد ثلاثمائة متر أو يزيد عن أهدافها.
بناءً على مدى الرشاش الثقيل، كان يجب عليها أن تقتدر ضرب هدف ثابت عشر مرات تلك المسافة، لكن الأبنية الصندوقية والغابات الاصطناعية في الطريق لم تعطها دائمًا خط ضرب.
«همم، ما عندي سبب حقيقي للقتال.»
اجتاحت الاهتزازات العميقة للرشاش الثقيل جسدها بأكمله وهزت صدرها العارم بشكلٍ غير ضروري، لكنها لا تزال تفكر بشُردٍ في نفسها بحالة غفلتها المعتادة. ربما يرجع الفضل لتجربتها العميقة في الجانب المظلم.
ومع ذلك، كانت أيضًا على حق في طريقة ما.
هذه كانت مشكلة كاميجو توما ولم تكن مرتبطة مباشرة بمصير العالم أو سعادة مجموعتها. كانت على استعداد لتقديم واجباتها، لكن المبالغة قد تعني فقدان الاستقرار الذي وجدوه أخيرًا.
كانت على استعداد لقول شيء أساسي جدًا هنا: أرفض الموت موتاً سقيمًا بعدما وصلت هذا البعد.
«ديون فورتشن اختفت، صح؟ ربما أتاها طلبٌ، ولكن عليكِ زيادة القصف. فذلك كثير على ذاك الآسيوي وحده.»
التي كانت تستخدم منظارًا بصريًا محسنة إلكترونيًا بجانبها كانت الأميرة الأولى ريمَيّا. كانت قريبة بما يكفي لتميل على الفتاة، لكنهما لا تزالان تستخدمان سماعات الراديو المشتركة للتحدث. وكان الرشاش الثقيل ليُغطي أصواتهما خلاف ذلك.
أيضًا، كانت الأميرة البريطانية هي التي أقرضتهم كُلَّ هذه المعدات.
كانت تاكيتسوبو حذرة للغاية لئلا تضرب الراهبات والخادمات الآئي رأتهن يركضن في الغابة الاصطناعية.
«همم. هذا يعني أن هامازورا وحده هناك. همم، همم.»
«هل أتيتِ بقواعد شخصية لاتباعها أثناء القتال؟ يسعدني أن أرى أن هذا يحفزك بطريقة غريبة ما... يا ربي، البشر حقًا كائنات مخيفة. هل هو حقًا مستحيل الحفاظ على الصداقة والرومانسية في نفس الوقت؟»
في ذلك الوقت، قطع شيء عبر رؤية تاكيتسوبو الخضراء المحسنة إلكترونياً.
سحبت رأسها على الفور لإزالة عينها من المنظار، ولكن كان ذلك لا معنى له في هذه الحالة. تفاعلت كما لو أن حشرة طارت بالقرب من وجهها، لكن بالعين العارية، كانت المنطقة الموجودة على بُعد ثلاثمائة متر ملفوفة بالظلام.
ومع ذلك.
رأت تعبيرًا مريرًا على وجه الأميرة الأولى المجاورة لها.
«ها قد أتت.»
بعد ذلك التعليق لنفسها، اتصلت بالراديو بشخص ما بينما أرسلت إشارات متطابقة من العديد من طائرات الدرون في الهواء لإخفاء مصدر الإشارة.
«حسنًا يا فِليان!! إذا استطعتي الرد، فشرحي ما يحدث في قلعة وندسور الآن. وأنا واثقة من أن الإجابة لن تسعدني!!»
توسعت عينا تاكيتسوبو بدهشة بينما أبقت تعبير وجهها بلا عاطفة.
رمشت عدة مرات.
«ما كان ذلك؟»
بدت كما لو أنها لا تستطيع أن تصدق ما رأته عينيها.
«هل تحرك شخصٌ ما عمدًا في خط النار وصدَّ الرصاص بسيف؟»
«أبقى القصف مستمرًا. سيُقتل الفتى على الضفة المقابلة في وقت قصير جدًا لو استمرت هكذا.»
انصدمت تاكيتسوبو من كلام ريمَيّا.
كانت تعلم أنهم ليسوا أقوياء كفاية. لذلك كان هدف مساعدتهم هو أن يعملوا مُشتتين لملء الفجوات. ولكن لا زال تأثيرها كبيرًا سماع شخص آخر يتحدث عن الموت والقتل. خاصة عندما يكون ذلك استنادًا إلى حسابات منطقية بدلاً من العاطفة.
«تريدين أن تعرفي من فعلت ذلك؟ جَهلُكِ بها كالكفر [3] بالملكية،» شرحت الأميرة الأولى ريمَيّا وأردفت.
«هذه أصغر من حَمَلَت الدمار بين يديها وآخر من نتمناها تُمسِكُ كُرتانا.»
- الجزء 4
هزّ صوتٌ منخفض متقطع أرضية قاعة الرقص.
الصبي ذو الشعر الأشوك ذو بدلة التوكسيدو الرسمية السوداء وربطة العنق الأسكوت نظر إلى السقف بتعبيرٍ مريح.
«نعم، يبدو تمام.»
كان للطريقة التي تحدث بها تأكيد على عدم توقعه لمشاركة الكثير من الأشخاص في القتال. كان يعلم أنهم أعداء وَجَبَ هزيمتهم في النهاية، لذا ربما كان يرغب فقط في إرهاقهم قدر الإمكان قبل حدوث ذلك.
«سأذهب لتحفيز إليزارد اكثر قليلاً. وربما أُدَمِّرُ بعض الكنوز الوطنية بيدي اليمنى لأتأكد من أنها تتبع أوامري حرفيًا.»
هذا الصبي لم يعرف الكثير عن السحر، لكن كان هناك شيء واحد يمكنه استنتاجه من خبرته.
«الأشياء الخطيرة لا تُعلق كعلامة أو رمز بارز مثل جرس كبير، أو تمثال، أو نافورة، أو لوحة. مقصدي، هُمْ يخافون من أن يدرك شخص ما مدى أهميتها.»
«...»
«إنه كنفْسِ المنطق المستخدم عند نقل الفنون والأثاث القديم. لذلك، ستكون العلامات الحمائية الحقيقية مخبأة في الثنايا، الأنماط، الأطر، وأماكن أخرى ليست واضحة في النظرة الأولى. فهذه الأشياء هي التي دمرها الإماجين بريكر في برج لندن. إذا واجهتُ مشكلة، فقط عليّ أن أتذكر ذلك. أكيدٌ أنني سأجد الجواب هناك.»
تحدث مع نفسه وكأنه يُراجع طبخة مُعَيّنة.
كان هناك كاميجو توما لم تعرفه شوكوهو ميساكي. كان أحدهما أزرق سماوي وأصفر ليموني والآخر وردي فاقِعٌ وزمرُّدي. ما مَلَكَت شيئًا لتستخدمه في الحكم عليه الآن. كانت في حالة من الارتباك شديد حتى أن موجات العاطفة قد ماتت. ظنّت أنها لن تندهش كثيرًا لو ظهرت شخصية ثالثة أو رابعة الآن.
ثم وجَّه هذا الفتى تركيزه إلى الخارج بينما انتشر ضوءٌ زُمُرُّدي من ركن عينه.
«شَوكُهو، ضبّطي الأوضاع هنا. بطريقتك المثالية.»
كان الباب مفتوحًا.
يمكنها أن تهرب لو ركضت.
لكنها لم تتمكن من التحرك.
لم تستطع أن تخطو حتى الخطوة الأولى خارج الستارة المتطايرة فوق النافذة.
لم تكن هناك سلاسل، لكن وزناً خفيًا بدا يجرّها إلى أعماق الماء.
أطلقت نفسًا هادئاً ثم أمسكت بالريموت مرة أخرى.
كانت لديها بطاقتان رابحتان: إندِكس وميساكا ميكوتو.
قد قيل لها ما يجب عليها فعله مع كلٍّ منهما. ربما يمكنها التحكم في كليهما، لكن ميكوتو ستكون الأسهل. لذا سارت الفتاة ذات الشعر الأشقر العسلي المُصَفّف على درجتين نحو تلك الفتاة أولاً.
عضت شفتيها.
لكن بعد أن دُفِعت إلى حافة الحافة، لم تتمكن من إيقاف خطأها بقوتها الخاصة.
«آسفة.»
شهقت.
لم تقدر حتى من رفع رأسها.
استمر صوت النحيب البَللِ أبديًا.
كانت كرامتها قد تضررت فظيعًا لدرجة أن عينيها لم تبدو نفس الحجم، لكنها لا تزال تتحرك كالدمى. خرج فخذيها بعيدًا بشكلٍ خطير من فتحات فستانها.
اشتد وسط فستانها الذي يلمع كمادة المينا أثناء تحركها.
لم تكن الفتاة ذات الشعر الأشقر العسلي المصفف في مرحلتين قادرة على النهوض تحت جبل الأوزان الخفية التي تضغط عليها، ولكن وزناً آخر من الانتهاكات أُضيفَ فوق ذلك الجبل.
كانت كمثل كونها مدفونة تحت ثقل ديون كُثُرة.
«أنا آسفة يا ميساكا-سان.»
بهذه الكلمات السقيمة، لمس إبهامها الزر.
بينما كان القط الكاليكو يموءُ عند قدميها، لكن ذلك لم يكن كافيًا لإيقافها.
على عكس السحرة البريطانيين(؟)، ميساكا ميكوتو كانت مستوى 5 نقية من المدينة الأكاديمية.
لم يكن من المعروف بعد مدى قدرة الريلغن على صدّ قوتها، ولكن لابد أن هناك نقطة وصول متبقية مفتوحة لهما بعد أن عملا معًا على الـ A.A.A. . كانت الفرص كبيرة كفاية أن تتحكم في الفتاة بواسطة المِنتل-آوت الآن.
لم تظهر الفتاة أي قلق بشأن المادة الشفافة التي تشبه الملابس الداخلية أو من ظهرها المكشوف.
كان تبشرتها بيضاء حليبية بلا مشاعر.
الكتلة السوداء ذو حجم المقعد التي تشبه عربة ترام أو سيارة شرطة صغيرة اقتربت من الفتاة ذات الشعر القصير وهي تقف بثبوتٍ تام. لابد أنه تلقى أمرًا من سيّدها الحقيقي لأن الـ A.A.A. غيّر شكله مع عدة أصوات ميكانيكية. استعاد شكله الأصلي الذي شكّل فيه ظل الفتاة إلى شيطانٍ مُجنّحٍ معدني.
بذلك، اكتمل التسليح.
أصبحت تلك الفتاة الآن مقاتلة ستسحق ذلك الفتى الآخر.
ولكن.
بلحظةٍ لاحقة، أطلقت إحدى الأذرع القتالية صوت زئير ورمت النار على الصبي الواقف بالقرب منها.
«...!؟»
كانت شوكوهو أكثر من مندهشة من هدف إطلاق النار.
لم يستطع القط "الصراخ"، لذلك أصدر نوعًا ملتويًا من المواء.
ما زالت ميساكا ميكوتو فاقدة للوعي. يجب أن تكون كذلك.
ومع ذلك، تطايرت طرحتها الزرقاء كالستار بينما تتحرك ذراعيها وساقيها بقوة خارجية، كما لو كانت مرتبطة بخيوط غير مرئية. كشف فستانها اللانجري الأزرق بوضوح خطوط جسدها، لكنها لم تبذل محاولة لإخفاء البشرة البيضاء اللبنية المنظرة من خلال الدانتيل ولم تحْمَرّ وجنتاها حتى.
وثم.
تطايرت بضع كتل سوداء من الشعر في الهواء.
سوداء.
كان الهجوم سريعًا جدًا للتجنب لو تفاعلت فقط بعد بدء الغرابة.
هل يعني ذلك أن الصبي توقع هذا الاحتمال في ركنٍ من عقله؟ كان عديم القوة، ضعيف، وغير قادر على البقاء من ضربة واحدة. ولكن لهذا السبب يجب عليه أن يكون حذرًا على الدوام.
ومضت ومضة خفيفة من الوردي الفاقع.
جاءت من زاوية فمه.
«شَوكُـ...ـهو!!»
«لا! لم أكن أنا!!»
حتى وهي تصرخ، عَمَلَ عقلها الذكي على الإجابة بسرعة تُقزِّزُها.
(الـ A.A.A. هو منتج ميكانيكي بحت، لذا لا يعمل عليه المِنتل-آوت. فهل غيّرت ميساكا ِبعضًا من إعدادات برمجياته مسبقًا حتى يُهاجم بمجرد أن تُوَصَّلَ به!؟)
تلك الفتاة لن تكون مفيدة بهذه الحالة.
شَوكُهو لا يمكنها سوى التحكم في ميساكا ميكوتو التي كانت تتدلى من الآلة كدمية غير حية. إذا كان الـ A.A.A. الخارجي قد سيطر على وِحْدَةِ الإنسان والآلة، فإن أي أمر توقف تُرسِلُهُ شَوكُهو سيكون لا معنى له. ستكون كمباراة أذرع ميؤوس منها حيث تحاول ميكوتو استخدام عضلاتها لإيقاف تحرك الأذرع الميكانيكية.
كان من الممكن أن يكون هذا هو الفرع النهائي في الطريق.
أمكنها اغتنام هذه الفرصة بمساعدة الـ A.A.A. لتدفع ظهر الصبي ذو البدلة الرسمية حيث كان يقف أقرب من أي شخص آخر.
ولكن.
«ساعديني يا شَوكُهو!!»
دعا باسمها.
بنبرة توسل.
قد لا يبدو ذلك كافيًا لمعظم الناس، ولكن لها، كان شيئًا قد فقدت الأمل في سماعه مرة أخرى.
لذلك.
تحركت اليد التي تحمل الريموت.
عضت شفتيها الآخاذة بقوة حتى ذاقت الدم.
كانت تعلم أن هذا خطأ، لكنها لم تستطع الهروب منه.
حك القط ركبتها وماءَ كأنه يحاول إيقافها.
(الورقة الرابحة الأخرى!!)
استهدفت الفتاة ذات الشعر الفضي.
تلك التي ترتدي فستان أميرةٍ قصصي مُلَوَّنٌ بالأبيض مع خطوط بنفسجية مُحْمَرّة.
على ما يبدو كانت تعمل لكنيسة الأنجليكان؟(؟) كساحرة(؟؟؟)، لذا لا تعرف شَوكُهو ما إذا كان بإمكانها فعليا التحكم فيها. كان الصمام التلقائي الذي يستخدم نظامًا مُعَيّناً مرتبطًا بالجنازة أو شيئًا ما ساري المفعول حاليًا، لكن الصبي ذو الشعر الأشوك الذي يرتدي بدلة التوكسيدو قال أن فيها ثغرة.
«قَلَمُ يُوحَنّا.» [4]
كان من المفترض أن ذلك النظام الدفاعي قد فُقِد وراح، لكن لو بقت معها ذكريات، فسيُمكن لمِنتل-آوت شَوكُهو ميساكي استعادتها داخل عقل الفتاة الفضية. لا يمكنها التحكم المباشر في الفتاة، لكن ذلك قد يتغير إذا قامت بإعادة تثبيت الباب الخلفي المثبت فيها مسبقًا. كان الأمر مشابهًا لاستعادة بيانات جهازك الكمبيوتري الذي به خلل إلى حالته القديمة لتُعيد فيروسًا ظننت أنك أزلته.
«أوقفي ميساكا-سان! هيّا!!»
‹‹‹تحذير: الفصل 0، البيت 0.›››
ظهرت دوائر سحرية مرعبة في أعماق عينيها الحُلْوَتَيْن.
الفتاة ذات الشعر الفضي ذات فستان أميرة القصص تحركت بطريقة غير إنسانية قد تكون أكثر غير حيوية حتى من ميساكا ميكوتو بطرحتها الزرقاء ترفرف كالستار.
(هل... نجحت؟؟؟)
و.
و.
ومن ثُمَّ.
‹‹‹اكتشاف اتصال غير مشروع. مستوى الاستجابة: أولوية قصوى. تدمير جميع المشتبه بهم المحتملين لاستعادة استقرار الأمان.›››
قد يكون هذا محظورًا لم ينبغي لها لمسه أبدًا.
شوكوهو ميساكي كانت تعلم أنها لم تعد تستحق، ومع ذلك مدّت يدها إلى صدرها.
مدّت إلى الصفارة الفضية الرخيصة التي لم تستطع التخلص منها.
(آه.)
ولكن هل ساعدت حقًا؟
بدأ الاستنتاج الذي لا يمكن السيطرة عليه أخيرًا.
- الجزء 5
هزّ زلزالٌ عنيف قلعة وندسور بأكملها.
- الجزء 6
فوق الفكين الزرقاء السماوية الشبيهة بفكّي تمساحٍ عنيف، تأرجحت ثريّا عملاقة كساعَةِ البندول فوق رأس كاميجو توما وكان في النوافذ شقوق حتى وإن لم يلمِسْها.
«ما هذا؟!»
«هذه ليست فوضى خططنا لها. هناك أمرٌ يحدث يا إنسان. ولا أظنها مبالغة من رفاقنا الأغبياء في الخارج!!»
لابد أن الأسلاك الكهربائية داخل الجدران السميكة من الحجر قد تمزقت لأن جميع أضواء القلعة الداخلية كانت تومض وتنطفأ بشكلٍ غير موثوق.
بدا أنه اختار الاتجاه الصحيح.
وبجانب ذلك، سمع صوتًا باهِتًا، ممزقًا للآذان.
«ما ذلك؟»
لم تعتد أوثينوس أن تعبر عن رَيْبةٍ واضحة.
وواصلت والشكُّ في صوتها.
«أكانت صفارة؟؟؟»
«................................................................................»
كان لدى كاميجو توما فجوة في ذاكرته لا يمكنه أن يتذكرها.
لكنه بالتأكيد شعر بشيء في قلبه. أليس هذا الصوت –ذلك الصفير– إشارة إلى خطر كان يأمل ألا يسمعه أبدًا؟
(اهدئ. لا ترتبك.)
شعر بنَفَسِهِ يضيق من هذا الحدث غير المتوقع الذي لم يستطع أن يفهمه بمفرده.
لا يمكنه أن يفترض أن الحظ سيكون دائمًا في صفه. لو فعل، فسيصير وحشًا حقيقيًا.
(لن أسمح لهذا القلق غير المفهوم بالسيطرة عليّ. يجب أن أظل مُسَيْطِرًا. هذا ليس حظًا أو نحسًا. عليّ أن أذهب نحو مصدر الضجيج. هذا كل شيء.)
أخذ نفسًا ببطء بفكّي التمساح وفحص نفسه فحصًا ذاتياً.
«ستفهمها خطوة بخطوة.»
«نعم.»
يبدو أن الهزة الغامضة المتقطعة أتت من الطابق الثاني. صالة الرقص التي دخلها من قبل تقعُ هناك.
صعد السلالم ليتوجه إليها.
لم تكن هناك فخاخ غريبة أو كمائن غير متوقعة في انتظاره.
لكن التوتر الشديد الذي كان يضغط على صدره لم يختفِ. تذكر عبطًا أن الجن في البيوت المسكونة لا يُظهرون أنفسهم دائمًا، فغالبًا ما يُضيفون بقصدٍ طرقًا طويلة وزوايا حيث مهما سرت ومشيت؛ لن يحدث لك شيء.
«هنا الباب.» بدت أوثينوس وكأنها لاحظت شيئًا وهي في كتفه. «لكني أستشعر خطبًا. أهو مفتوحٌ نحونا قليلًا؟ لا، الباب نفسه منبعج في صَوْبنا. هل تحطم هيكل مقبض الباب كله؟؟؟»
كأن شخصًا ما قد هاجمه بكل قوته.
لا، ستحتاج إلى انفجار كبير داخل قاعة الرقص لتُسَبِّبَ ذلك.
ويبدو أن هذا مرجح كفاية بناءً على مقدار الاهتزاز الذي تعرضت له القلعة الحجرية بأكملها.
«...»
بلع كاميجو ريقه وواصل التقدم في الممر داخل غلافه الخارجي السماوي الأزرق والليموني الأصفر.
تحرك ببطء، على الرغم من أنه لم يكن لديه أي فكرة عن ما كان يخاف منه تمامًا.
أوثينوس كانت على حق. سواء كان مصنوعًا من النحاس أو الذهب، فإن المقبض المتلألئ بالذهب كان مكسورًا ومنبعجًا. كان القفل المستطيل المقصود لفتح وإغلاق الباب عندما تُدَوِّرُ القبضة قد انكسر بقوة هائلة وكان ملقى هناك على الأرض المفروشة. كانت الأبواب المزدوجة مُنتفخة نحوه خارجًا، لكن يبدو أنها قُصِدَت بالأصل لتفتح داخلًا.
ما رأى شيئاً يمسكه أو يُدَوِّرُه.
دفع كف يده المخلبية ضد الباب المنبعج واستخدم وزنه ليفتحه نحو الداخل.
شيء ما قفز فورًا إلى مجال رؤيته.
فستانين بيضاء وزرقاء تطايرتا في الهواء.
فتاتان محاطتان بتبلورات من السِّحر والعِلم كانت تُحلقان في كل مكان في الفضاء الواسع وتتصارعان مرارًا وتكرارًا. كان الأمر كما لو أنه دخل كابوس.
كاد أن ينسى سبب مجيئه حتى هنا.
لم تظهر الفتاتان أي علامة على القلق بشأن تطاير تنانيرهما أو من كشف بشرتهما. لكن لم يكن هناك وقت للنظر في جاذبيتهما الأخّاذة وهما تبدوان على وشك أن يختنقا بعضهما بأذرعٍ ميكانيكية بهذا الوتيرة.
صاح وحاول التحرك بينهما.
ولكنه لم يرى عمق هذا الجحيم بعد.
فورما دخل دون أن ينتبه لتحذير أوثينوس، شعرت قدمه الزرقاء السماوية بشيء لزج.
سمع أيضًا صوتًا متمددًا من جانب الباب المنبعح.
كانت فتاة شقراء عسلية جالسة هناك ومتكئة على الحائط. لابد أن الصوت كان من احتكاك فستانها الصلب الذي يشبه زي الفتاة الأرنبية الصفراء. حتى أنه لم يلاحظ الشقوق في تنورتها. كان جسمها مائلًا غير طبيعي وتأرجح تاجها الصغير الزّينة على رأسها كعُشبٍ مَيّت. انسكب سائل أحمر داكن من المكان الذي تمسك فيه يدها الضعيفة جانبها.
كان دمًا أحمر.
الطريقة التي تناقضت فيها بشرتها البيضاء مع السائل الأحمر أبدتها وكأنها رَوْنَقُ الموت.
تدلت يدها الأخرى أسفل بشيءٍ بين أصابعها نحيفة.
«صَفّــــۤارة.....؟»
كان القط الكاليكو يموء بلا توقف بالقرب منها.
ربما ساعدها على البقاء واعية. ليس للقط قِوىً خارقة أو فكرًا استراتيجيًا، ولكن كم ساعدت هذه الحياة الصغيرة تلك الفتاة حينما ضاقت عليها الدنيا وانكسرت وحيدة دون أحدٍ لتتّكئ عليه؟
وما إن يموت احد، ستكون النهاية.
لا يوجد بعثٌ في هذه الحياة كما أعلنها رب السماء.
ما عاد كاميجو توما يمتلك تلك اليد اليمنى التي خلعت كل حظه.
ولكن هل كان هذا شكلًا آخر من الحظ؟
هل وصوله قبل فقدانها الكامل للوعي لا يزال يندرج تحت "الحظ"؟
(لا، تبّاً لهذه الفكرة!!)
«عَلِمْت...»
خرج نَفَسٌ ضعيف من شفتي الفتاة الحلوة.
الدم الذي يتدفق من جبينها منعها من فتح عين واحدة.
لكن عندما رأت تلكما الفكّين وتلك الألوان الزرقاء السماوية والصفراء الليمونية العجيبة التي لن تراها في الطبيعة، مَكّنَت بَسمة وإن غمر الدم فستانها.
«عَلِمْتُ أنني سأعاقب على ما فعلت... حتى لو كان هذا شيئًا لا يجب على مستوى 5 من صُنعِ مدينة العلوم أن تقوله.»
«هَيۤي!!»
«ما بالُ النظرة؟»
أكانت في ألمٍ أم لا؟
ربما كان كَمَثَلِ شخصٍ ما مُحاصر في جبلٍ ثلجي يستشعر دِفئاً غريبًا قُرَيْبَ نهايته.
ماذا رأت في تعبير ذاك الوحش المُسنن؟
«لا تقلق. ما له داعي أن تصرخ. قد يؤلمك الآن، لكن هذا الحزن لن يبقى في قلبك. ستنساه في النهاية.»
«لماذا...؟»
الشخص أمامها ليس ببطلٍ أو فتى في المدرسة الثانوية الأكبر سنّاً.
في الواقع، شعر هذا الفتى بضغطٍ حتى كشف عن ضعفه.
«كيف حدث هذا؟! هذا حق –لا أتذكر اسمك أو ما بَدَيْتِ عليه! لهذا لا أفهم لماذا فعلتِ هذا وأشك في أنني سأتذكر ولَوْ شرحتيه لي!! فلماذا... لماذا ابتسمتِ الآن من بين كل الأوقات؟!»
«نعم، صح.»
ومع ذلك.
بدت كلماته قد خلّصت ابتسامة الفتاة الشقراء العسلية من تصلُّبِها.
«عرفتُ حقًا منذ البداية. عرفت أن هذا هو أنت الحقيقي. لهذا صفّرت لأنادي شخصًا آخر على الرغم من أنّهُ كان أمامي. أنا جِدّاً حَمقاء. لو أردتُ تجاهل الواقع وأن أحلُمَ حُلُمًا لطيفًا ومريحًا-يوكو، فلربما ضغطتُ الريموت على رأسي بنفسي. وأنا التي قلت في البداية أن ذلك سيكون سقيمًا...»
«هَيۤي، تماسكي!»
«ولكنني وددتُ لو أسمعك تنطق اسمي مرةً أخيرة... مهما اتخذ من شكل.»
«لا تتصرفين وكأنها النهاية!! طالعيني! عينك بعيني، تبّاً!!»
كانت ابتسامة طبيعية.
بدت أكثر نضجًا من كاميجو، وكانت بسمتها هذه مُنشَرِحَة قدرما تكون.
كانت ابتسامةً دافئة ذكّرته بشمس الصيف.
كان تعبيرًا عابرًا من المؤكد أنه سينساه قريبًا.
«قد ضللت طريقي تمامًا، نعم فعلت. أنا حقّاً... حمقاء...»
انحنى رأسها بضعف إلى الجانب.
سقطت صافرة الطوارئ الفضية من يدها إلى الأرض.
وهكذا.
مهما ماءَ القط ومهما أصدر من ضجيج وهو يدفع باطنه الصغير بها، لم تستجب.
اهتزت كتفيها النحيلة بالاهتزازات التي تندلع بشكلٍ متقطع في هذه المساحة، وما كانت فيها إرادةٌ بشرية تحركها. كانت كمثل الوردة في موردية.
ما كان الصواب هنا؟
أدرك كاميجو توما مدى افتراضية تلك المشاهد الدرامية والسينمائية التي تضحك وتبكي فيها. وعندما تواجهُها فعليًا، لن تقدر أن تُنَظّم مشاعرك بشكلٍ صحيح. عندما تأتيك صدمةٌ غير منظمة كالجدار الصلب، سَتَسْمَرُّ ثابتاً في مكانك غائِباً. لن تقدر على مواكبة العالم من حولك وستصير جمادًا. أدرك أن هذا هو الواقع.
ما كان في وسعِهِ شيء.
تكرنك عقله مُخترِبٰا ولم تأتِهِ فكرة واحدة!!
«ظهَرَت زُرقة في بشرتها من انخفاض ضغط الدم.» قفزت الأوثينوس الصغيرة من على كتفه. «سأفعل ما أستطيع، لكن ذلك لن يكون كثيرًا. تمديد الحدِّ الزمني حتى وفاتها هو كل ما أقتدر عليه. وكل شيء سينتهي إذا تعرضت لطلقة عابرة من هاتين الخبلتين التين تملئان كل الغرفة بقوةٍ نارية على مستوى السفن الحربية. افعل شيئًا أو تَوَلّىٰ أمرهُما وإلا ستضيع فرصتها الضئيلة المتبقية وتتفتّت إلى أشلاء.»
«افعل شيئًا؟»
كرر تلك الكلمات وكأنها وصفة غريبة.
ببساطة كررها دون فهمها.
«تمديد الحد الزمني؟؟؟»
شيءٌ ما تدحرج نحوه.
جاء من إندِكس التي كانت تَتَحَكّمُ بها قوّةٌ غريبة، على الرغم من أنها لم تفعلها عمدًا. كانت تحمل رمز وردة في مركز صليب. فتحت أوثينوس العبوة البلاستيكية التي تبدو كمجموعة فرشاة أسنان ليلية وسحبت الضمادات وأنبوب المطهر الذي كانا كالدرع والرمح بحجمها.
«أقول لك أن لديها فرصة إذا وضعناها في سيارة إسعاف حيث فيها أدوات نقل الدم والغرز. لا يوجد شيءٌ كالبعث الكامل في هذه الدنيا، لذا فحتى جثة كريستيان روزنكروس لم تتحلل أصلًا. حتى شيجي-شيان الصينية أقامت جنازةً مزيفة لتقطع روابطها بهذا العالم، لذا فهم لم يموتوا وعادوا إلى الحياة. الموت أرضٌ مقدسة، بدخولها تمحو طريق العودة.»
كان هذه الإله قد دمرت العالم بأسره مرة، وشكّلته كيفما شاءت، وخلقت عالمًا حيث أُنقِذَ جميع الأموات في العالم لتدفع كاميجو إلى الحافة، لذا عليها الآن وصف الإزعاج الذي جلبته بنفسها.
«ولكن من ناحية أخرى، لا تزال هناك فرصة للخلاص إذا حوفِظوا أحياءَ. وأيضًا، لا تنسى أن طبيبًا مُعَيّناً ما زال هنا في المملكة المتحدة. أم أنك صرت مغتراً بنفسك لدرجة أنك على استعداد للتخلي عن حياة شخصٍ آخر، يا إنسان؟»
مع ذلك، عادت العديد من التروس المتباينة إلى مكانها مرة أخرى.
أو هكذا شعر.
«باناسيا» [5] قالت أوثينوس فجأة. «كان شرح فورتشن للتاروت مثيرًا للإعجاب، ولكن تلك البطاقات هي وسيلة وليست هدفًا. تمامًا مثلما استخدمها أليستر كمحاكاة وكُرونزون كنظام دفاع. لذا فكرت في هذا الأمر من الجانب السحري لمعرفة ما الذي يعمل كقوة دافعة وراء ذلك.»
باناسيا.
لم يعرف كاميجو ما عنتهُ تلك الكلمة أو حتى بأي لغة كانت.
«هذه كانت احدى الأهداف القليلة التي حملتها عصبة السِّحر القديمة الروزيكروشِن. يشير عمومًا إلى دواءٍ لجميع الأغراض. بينما كنت أفكر في ذلك، أتتني فكرة أن ذلك قد يكون دَوْر يدك اليمنى.»
«يدي... دواء؟»
لم يسمعها قبلًا.
تحدث أليستر وآخرون عن الإماجين بريكر بأنه حاكم أو نقطة مرجعية لا يمكن تشويهها أبدًا. بدا من الخطأ أن يسمع فجأة قول أنه كان شيئًا تفركه على جرح أو تبتلعه ليُداوي.
ولكن أوثينوس كان لها المزيد لتقوله.
«من قال أنه دواء للاستخدام البشري؟»
«؟»
«الكون الكبير وجسد الإنسان الصغير مرتبطان ببعض. هذا فهم مشترك بين الذهبي والروزن... لذا، لاستخدام تفسيرٍ أوسع، إن إنشاء دواء يعمل على الإنس سيقدر أيضًا على شفاء العالم. يا إنسان، هذا هو نوع الدواء لجميع الأغراض الذي أتحدث عنه. يمكنه إما شفاء الأجزاء السيئة من العالم بلطف أو يقطعها ببرود.»
يمكنه التطهير.
أو يمكنه النّحر.
«هذا المخدر الرائع يمكنه أيضًا أن يصف خبراء الروزيكروشِن. إذا كان من الضروري شفاء العالم، فسيكسرون غطاء قبرهم الزجاجي ويسافرون خارج العالم، لكن بمجرد أن يكتمل هدفهم، سيعودون إلى حيث أتوا. اعتقدت أن ما يأتي من ذراعك اليمنى قد يكون مماثلًا.»
بدت مُتفهِّمَتُه عبسة للغاية لما كانت تقوله.
لم يعرف كاميجو كل هذا الحديث عن الكون الكبير والصغير، لكن إذا كان هناك حقّاً دواء يعمل على أي شيء، فأراد استخدامه على الفتاة الشقراء العسلية التي كانت تتوجه نحو الموت أمامه. ومع ذلك، لم تقل أوثينوس شيئًا عن القيام بذلك.
«لكن كنتُ مخطئة.»
أنهت بتنهُّدٍ.
في حدث نادر للغاية بالنسبة لتلك الإله السحري، أعلنت فشلها فعلًا.
«أنا متأكدة إلى حدٍّ ما أن هذه الإجابة خاطئة. هذا يعني أنه حتى إلهًا سحريًا مثلي لا تفهمُها! يا إنسان، قد يكون الإماجين بريكر نقطة العالم المرجعية وقد يكون العنصر الروحي النهائي للرُّقي [6] الذي قيل أنه أُدير بواسطة الذهبيين في مخبأهم في طريق بلايث... لكن يجب أن يكون فيه أكثر من ذلك. أليستر قد رحل، لكنه اكتشف شيئًا آخر داخل يدك اليمنى! لا تتشتت. ذلك ليس [باناسيا]. مهما بدت مريحة، هذا الدواء يأتي مع آثار جانبية مرعبة تتآكلك قبل أن تلاحظ حتى!!»
«لا يهمني ما يعنيه هذا لي»، قال كاميجو حانقًا.
لم يتحدث عن نفسه هنا.
حمل في نفسه الكثير عليه الشغل فيه: الفتاة التي يُتَحَكّم بها، الفتاة التي فقدت السيطرة، والفتاة التي انهارت في بركة من الدم بابتسامة على وجهها.
ما الأفكار التي احتاجها إذا أراد أن يُفكك كل تلك الخيوط؟
لن يفكر في حل كل شيء دفعةً واحدة.
إذا فككها واحدة تلو الأخرى، كان واثقاً من حل المشكلة في النهاية. قد يبدو أنه يسير في طريق طويل، لكن يجب أن يكون هذا هو الطريق الأسرع لفهمها كلها.
لذا...
«سنحصل على إجابة لكل تلك الأسئلة ما أن أضرب ذاك الداعر. لا أعرف ما إذا كانت من الروز أو ما شابهها، لكننا نتحدث عن سحر صنعه البشر، صح؟ بمجرد أن أستعيد إندِكس، ستشرح كل شيء لنا طالما يتعلق بالجانب السحري. إذا أتتنا بإجابة، فتمامٌ وضعنا. وإذا لا، فعلينا النظر إلى الجانب الآخر. بعبارة أخرى، لابد أن يكون له علاقة بالجانب العلمي مثل ميساكا أو تلك الفتاة.»
«فهرس الكتب المحظورة، مم؟ حتى وإن لم تُلاحظ ذلك بعد أن كانت معك لفترة طويلة؟»
«لكن هل ظهر هذا التغيير فيّ من قبل؟ ربما تُخبرنا شيئًا لم تقتدر قوله من قبل.»
إن إنقاذ الجميع كان هدفاً لا مفاوضة فيه.
لقد ارتكب الكثير من الأخطاء ليَصِلَ إلى هنا.
لكن كلما ازداد ما أُخِذَ منه وكلما انحسر، رأى أكثر وضوحًا جوهر كيانه الذي لن يتحمل خسارة رؤياه.
رأى فتاةً لم تستسطع حتى أن تطلب المساعدة.
لكنه كان حرًا ليُمَدّ يده للمساعدة بغض النظر. لذا لن يتراجع عن ذلك. مهما كانت الظروف.
«....لا أصدق هذا.»
اقتحم صوتٌ غليظ الحديث.
كان ذلك الذي حَمَلَ ماضي كاميجو توما المنسي وقد سرق الإماجين بريكر.
هذا الكلب كان يقبض ويفكّ يده اليمنى من مسافة قصيرة.
مع صوت يشبه تمزيق الطفل الصغير لتغليف الهدية، انغمر الوردي الفاقع والزمردي في ذراعه اليمنى بأكملها.
هو أيضًا كان غير طبيعي.
ولكن هذا كان عكس الأزرق السماوي لكاميجو.
بدلاً من أن يغطيه ويبتلعه من الخارج، اندفع من الداخل.
تمزق كُمُّ قميصه وبدلته الرسمية ليكشف عن ذراعه العجيبة وتضخمت عضلاته النيونية، ولكن الصبي تحدث بنفس التعبير السابق.
«فقدتُ المِنتل-آوت الآن؟ يا ولد، امتلاكي لهذا حقّاً يجلب لي النحس، ها؟»
«...»
هل تجرأ وقالها هنا؟
عندما تحطمت الأجواء الاحتفالية، وحدثت أضرارٌ كثيرة، وكان الجميع يعض على شفاههم حسرةً وكان بعضهم غارقًا في أعماق البؤس وخيبة الأمل؟
هل كانت كلمة النحس حقًا أصحَّ وصفٍ لهذا؟»
«لماذا...؟»
سحقت كاميجو توما عاطفةٌ جيّاشة نبعت من أعماقه.
على أنه عَلِمَ أن هذه العاطفة يجب ألا يُكشف عنها أبدًا أمام أحدٍ كتلك الفتاة المنهارة خلفه بابتسامة على شفتيها.
«لماذا ما زِلْتَ حيّاً؟»
«هَهَه. أتظنني أملك منطقة آمنة مُخصصة لنفسي هنا؟! لا، قد حدث أن لدي هذه اليد اليمنى. أعني، مع كل هذا النحس حولي، أراهن أنني أكثر من غيري ستصيبني الطلقات العشوائية.»
«إذن لماذا؟! إذا كان لديك مثل هذه القوة المُبْهِرة، فلماذا لم تستخدمها لحمايتهااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا؟؟؟!!!»
لا يمكن إثبات وجود الإماجين بريكر بالجسم نفسه.
تكشف تلك القوة قيمتها الحقيقية فقط بمُواجهة الخوارق.
وهذا لا يتعلق بالقدرة وحسب. كيفية استخدامها تكشف الكثير عن مستخدمها.
- الجزء 7
«لهاث، لهاث!»
كان هامازورا شياغي يركض عبر الغابة الاصطناعية. الآن لم يكن الوقت مناسبًا للقلق بشأن عدم ترك أي أثر على ساحة المعركة.
في المقام الأول، كانوا يعملون بمنطقٍ مختلف.
لم يحاولوا إخفاء خشخشة الأشجار حوله وهم يحاصرونه. الأنوار العائمة الشبيهة بالأضواء الفسفورية الشبحية عادت لفوانيس تحملها خادمات وراهبات.
قد أعطته الأميرة ريمَيّا الأولى مسدسًا صعق، لكن الإلكترونيات التي لا تنتمي لمدينة الأكاديمية كانت ذو جودة أدنى. فقدت بطاريتها في وقتٍ قصير جدًا. كانت مسدسات الصعق من تلك المنتجات الدفاعية الحساسة نادرًا ما تستخدم ولكنك سترغب دائمًا في أن تكون بطاريتها ممتلئة. قد تُجبر على إبقاء الشاحن موصولًا على مدار الساعة، وسيؤدي ذلك إلى تآكل البطارية.
كان ذلك خطأً شائعًا لجانحيّ الأزقة الخلفية، لكن هل كان ذلك معقدًا جدًا بالنسبة لأميرة فخمة أيضًا؟!
«أيُّ خططٍ أخرى يا أميرة؟! مستحيلٌ عليّ ذلك!!»
كانت أنيري على هاتفه، وبدا أن الجهاز يمكن أن يلتقط إشارات على ترددات أخرى أيضًا. تلقى أمرًا من راديو ريمَيّا. وفقًا للترجمة التي قامت بها أنيري الذكية:
...تواصل مع الأميرة الثالثة فِليان التي يجب أن تكون داخل قلعة وندسور واعثر على طريقة لتربطها بالاتصالات الخارجية. من المفترض أن يُحقق ذلك معجزة في تقليل الفوضى في إنجلترا.
«مستحييييييل!!»
خَرَّبَها.
كان دوره هو التسبب بالفوضى ليشتت الأنظار بينما يتلقى الدعم من تاكيتسوبو قِبَلَ نهر التمز. كانوا ينتظرون الفتى ذو الشعر الشائك ليُنهي الأمور في وقتها المناسب، لذا لم يكن لديه مقصد نهائي لتحقيقه أو هدف لتدميره. وبصراحة، كان ليفعل أي شيء يريده طالما اشترى لهم الوقت. ومع ذلك...
(حوصرت! اللعنة، ولا أستطيع الاعتماد على مساعدة رشاشات تاكيتسوبو الثقيلة من هذه الزاوية!!)
‹‹وظيفتك فقط الإلهاء ولم تعد معك فورتشن لتقودك!›› قالت عشيقته من خلال هاتفه. ‹‹هامازورا، ألم يحن وقت الانسحاب؟››
«كيف لي أن أفعل ذلك الآن؟! وأيضًا، لن أنسحب عن هذا!!»
‹‹لما لا؟››
لم بحمل بُغضاً تجاه أيِّ مُتورط، لكنه حَمَلَ فكرة واحدة في خلفية عقله.
«لأن أليستر انسحبت قبل أن تنفذ جزءها من الصفقة! وتعرفين من هو رئيس مجلس الإدارة الحالي، صح؟ يقول أنه قد يحترم صفقة أليستر إذا كانت الشروط مناسبة. هذا يعني أن سلامتنا مضمونة دون الحاجة إلى قائمة المَعَلّمٰات!!»
كما قالت تاكيتسوبو، اختفت ديون فورتشن في وقت ما، لابد أنها تلقت نداء استغاثة الفتى ذو الشعر الشائك. تركت صفري المستوى هذا بمفرده وهو حقًا ليس أكثر من متورط.
«أنيري!! أنتِ أملي الوحيد، فرجاء افعلي شيئاً بشأن هذا!!»
بالكاد يُمكِنُ أن يُلامَ هامازورا لرغبته في الاعتماد على أنيري، ولكن تشغيل إضاءة هاتفه في الظلام قد يكون خطأً.
تحدث صوت جِدِّي في ذلك الظلام.
«سأعطيك تحذيرًا واحدًا.»
ربما كان عَجْزُهُ الأبله في فهم الإنجليزية جزءًا من المشكلة.
تسسس!!!!
وبهذا، انقطعت كل الأشجار الكثيفة في تلك المنطقة عند نفس الارتفاع.
وكان هذا الارتفاع بالضبط ارتفاع هامازورا.
انقطعت جذوع الأشجار الأسمك من جذعه بسهولة كمثل سكين مُسَخّن يعبر الزبدة وبارتفاع يكاد يلامس قمة رأسه.
لم يكن لديه فكرة عما حدث.
تشابكت ساقيه تحته وسقط على الأرض.
وفي حين كان محاطًا بأصوات الطبيعة تنكسر وتنبعج، تقدمت شخصية تحمل سيفًا بطرف مسطح ببطء نحوه.
لكن هل أدرك أنهم كانوا يظهرون له لطفًا هنا؟
وليس فقط بسبب ما كان سيحدث لو كانت القَطْعَة أقل بعشرة سنتيمترات.
لم تكتفي القَطْعَة بالبعد الثالث، بل وصلت ما بعده.
لو أنها قَطَعَت كل الأبعاد في وقتٍ واحد، لشكّلت قِطْعَةً ضَخمة من المواد المدمرة التي ستسقط مثل السقف المعلق لتسحق جسده بالكامل.
«لا فرصة ثانية. سَلِّم نفسك وسلاحك فورًا. أن تخطو في قلعة الملكة بدون إذن لهي جريمةٌ بحدِّ ذاتها.»
«...!؟»
عندما رأى ترجمة أنيري على الشاشة، شعر بضغط أكبر على قلبه.
عادةً ما يميل الناس إلى جمع المعلومات ليُهَدِّئوا أعصابهم إذا قلقوا، ولكنه ندم على ذلك هذه المرة لأن الجهل لكان أفضل بكثير. كانت هذه النزعة عديمة الفائدة إذا طغت عليك المعلومات ببساطة. ...الآن، هل كان يدرك أن عصبةً سحرية منذ قرون عدّة قد حذّرت من أن الظلمة والبذخ توجد في جميع الميادين إلى أن صَعُبَ حتى على رَجُلٍ حَكيم أن يجد الدرب المناسب؟
الملكة الحاكمة إليزارد.
السيف الذي كانت تحمله على الأرجح كان مختلفًا عن سيف الولاية الذي سرقه هامازورا لفترة قصيرة من اسكتلندا، لكن أمكنه أن يتصور بسهولة أن لديه قدرات لا يتمنى التلاعب بها. ليس من منطلق عقلاني، ولكن من ارتعاش في عموده الفقري. كانت قوته التدميرية على الأرجح على نفس مستوى ميلت-داونر موغينو شيزوري، إن لم تكن أقوى بكثير. كذلك، لم يعلم ما إذا كانت القوة التدميرية البسيطة حقًا كافية لوصفها.
(يـ-يُفترض بي أن أجد الابنة الصغرى، والآن الأم المجنونة القوية ظهرت!)
عندما لم يَرُدّ باللغة الإنجليزية، هل فهمتها رفضًا؟
لم تقل الملكة أي شيء بعد ورفعت ببساطة سيفها إلى الجانب.
هل ستبقيه على حافة الحياة بحيث تجذب صرخاته حلفاءه، أم ستقطع رأسه ببساطة وتبحث عن هدفٍ آخر؟
«أنيري.»
الاعتماد عليها كان الخيار الوحيد لديه، ولكن عندما نظر إلى الشاشة الصغيرة، كانت جميع طرق الهروب المتوقعة التي عرضت هناك تتبع مسارات خارقة للإنسان لا يمكنه متابعتها.
(رحت فيها؟) [7]
وما إن جفّ حلقه، حدث شيء آخر.
طُفف!!!!
ظهر ظلٌّ كبير وطَيَّر جسد إليزارد بعيدًا كما لو خطفها من الجانب.
سمع نقرة لسان.
انزلقت إليزارد جانبًا وحفرت كعبيها في الأرض لتُفرمل بقوة. واليد التي لم تكن تحمل كُرتانا الثاني حَمَلَتَ فتاةً ذات لباس خادمة كلاسيكية.
تحدثت بهديرٍ عميق عندما رأت الفتاة اللاواعية التي كانت تحملها من ياقتها الخلفية.
«خادمة شرفية...؟»
كان للخادمة وِحْدَةٌ عنكبوتية على ظهرها وألقت إليزارد بها في الأشجار جانبًا.
الذي رمى الخادمة خرج ببطء من الظلام.
كان له شعرٌ أبيض وعينين حمراوين.
كان مع ذلك الوحش الذي اتكأ على عصًا ذاتُ تصميمٍ حديث شيطانةٌ شفافة تطفو جواره وترتدي ثوبًا من الصحف المُهترئة.
«لن تسألي عن هويتي؟»
«لا يَهُم من تكون.» الملكة الحاكمة إليزارد أمسكت مرة أخرى كُرتانا الثاني بكلتي يديها. «احتقرني وازدرني إن أردت، لكن لدي واجب حماية شعب هذه البلاد.»
تذكرت التقارير التي أعربت عن الراحة الكبيرة في النفوس المرسلة إلى عنوان البريد الإلكتروني للعائلة الملكية البريطانية.
لا داعي أن تقول أن العالم قد انحدر ذاك الحدَّ.
«لشعبي قُوَّةٌ لإعطاء شكلٍ للأمة، لكنّي لا أقدر أن أُلْزِمَهُم بهذه السخافة. عليهِ الهلاك، لكن الشعب سينهار إذا لم يُعطى أولاً فرصة للتعافي من كل الفوضى التي بدأتها مخاطر الكراولي. لذلك سأدعمهم. سأدعم هذه الأمة مهما اشتريت. ارتكبت خطأ، لكنّي لن أترك هذه الأمة!!»
«...»
لم يكن الـ #1 غبيًا بما يكفي ليُبعد عينيه عن العدو هنا.
لكن هامازورا شياغي بالتأكيد اختفى من اللوحة في نقطةٍ ما. أكانت هذه مهارة الفتى في القدرة على اغتنام أي فرصة تُعطى له؟
«هذا فارق في المواقف، لذا سامحني. لن أصِفَكَ بالشرير. سأتأكد تذكركما يا من حملتما شكلاً مختلفاً من العدالة عني. وفي كل تقرير، سأقول أننا كنا متساوِين.»
«...كلاكما...؟»
«بمجرد أن أنتهي منك، سأنظف القلعة. لستُ فرحةً بهذا، ولكن وضع حد لهذه الفوضى تأخذ الأولوية القصوى. لا أعرف من منكما الأكثر خطورة وربما كلاكما يحمل نفس الخطر. وإذا لزم الأمر، سأقطع كل منكما.»
«سيدي، ها هي آتية!!»
أطلقت الوحش الأبيض شهيقًا ضاحكاً.
بلحظةٍ لاحقة، أُسقِطَ كُرتانا الثاني بقوة صاعقة.
لم تهُمَّ المسافة الظاهرية بينهما.
ليس عندما تستخدم تلك الملكة قوتها الكاملة.
ذلك السيف كان عنصرًا روحيًا متطرفًا يُوَحِّدُ تمامًا الفصائل الثلاث والمناطق الأربعة للمملكة المتحدة والذي يمكن أن يستدعي جزءًا من قوة رئيس الملائكة مايكل حيث تنطبق حدوده على أرض المملكة المتحدة. إذا قام مستخدم مؤهل بتحرير تلك القوة ولَوْ للحظة واحدة، فإن أرجحة السيف ستفصل جميع الأبعاد في وقتٍ واحد وستُنشَئُ مَواد مُدَمِّرة عِملاقة على طول خط القطع.
نعم، جميع الأبعاد.
بافتراض أنها تصل، يمكن أن تخترق تلك القوة الاستثنائية الحاجز بين العوالم وتقتل كائنًا يتربص في مرحلة مختلفة ...على سبيل المثال، الملاك الحارس المقدس أيواس الباقي في طبقة القوانين الفيزيائية في قاع القاع.
مع ذلك.
بعدها فورًا، ملأ صريرٌ معدني مدوٍّ الهواء وضرب كُرتانا الثاني صعودًا.
«!؟»
(هل غيَّرَ مسار الشفرة عن طريق ضرب كُرتانا مباشرة بقذيفة بدلاً من التوجه إلى خط القطع؟)
بقول هذا، تقدر إليزارد أن تردع رصاصات رشاش ثقيلة مباشرة بهذا السيف.
لخلحلة توازنها بهذا الشكل سيتطلب شيئًا على مستوى قصف استراتيجي.
في الواقع.
عندما كانت الأميرة الثانية كاريسا تحمل كُرتانا الأصلي، طلبت إطلاق صواريخ كروز على نفسها واستخدمت السيف لتهرب بلا خدش.
حركة السيف الغير طبيعية سَحَبت ذراعي إليزارد للأعلى كما لو كانت تهتف، لكنّ أكسِلَريتر لم يشن هجومًا إضافي. حتى ولو أمكنه أن يركل حصاة ليُوَجِّه مُتّجَهَهٰا لتُمَزّق أعضائها بينما كان جذعها مكشوفًا.
«فارق في المواقف؟ حماية أمتك؟ ...لذا فإن ظروف الآخرين لا تهم؟ لا تستعبطي عليّ يا عجوز الطبقة المخملية. ما هذا المنطق إلا خراء.»
«أنت لا تفهم—»
«قولي "هذه الضغوط" وسأضربك حتى تفتحي عينيك. واضحٌ أنكِ تفترضين أن لا أحدًا آخر يفهم مشاكلك. أنتِ تستصغرينا دون أن تدرين.»
أعادت إليزارد كُرتانا إلى مكانه.
كما أخذت خطوة للخلف لتعيد ضبط المسافة بينهما.
كانَ أكسِلَريتر محاطًا بأصوات خشخشة الأشجار الجافة. خدم، راهبات، فرسان، وكهنة. إعصار من الأعين العدائية تتجه نحوه من مجموعة متنوعة واسعة من الأعداء الذين ربما كانوا جميعًا أتباعًا شرفاء للخير والصلاح.
«قد قلت أنني سأفعل ما يلزم. لا أقاتل هذه الحرب بناءً على ما سيكتبه المؤرخون عني. أقاتل لحماية أنوار بيوت شعبي العادية!!!!!»
كان الوحش الأبيض معزولًا.
لكن ابتسامته الواثقة لم تفارق وجهه.
«أهذا كل ما لديك من نظرة؟ ألا يُفترض أن تكوني ممثلًا للمملكة المتحدة؟ وها أنا ظننت أنني سأتعلم شيئًا منك، سينباي.»
«ماذا...؟»
«لم تكن مصالح وجشع البالغين القذرة من جعلت من المدينة الأكاديمية تكون ما تكون. بل كان أنا. كنت أقف على القمة كوني #1، لكنني لم أستطع أن أعطيهم رؤية حقيقية. خنقتُهُم. سلبتُ منهم أحلامهم وتركتُهُم هناك ليتعفنوا. درسوا ودرسوا ودرسوا وملأوا رؤوسهم بالخراء والهراء، لكنهم عجزوا أن يصيروا شيئًا أكثر من سَفَلةً قاتلين. بدأت أستوعب أخيرًا أن هذه هي المشكلة الحقيقية لتلك المدينة.»
بعد أن طرح كل هذا، انبثقت أجنحة بلاتينية فاتحة اللون من ظهره.
«هل ستقطعيننا لأنكِ رأيتِ إمكانية أن نكون خطرًا؟ يا لتفاهتك. لا تضعي حياة الناس على ميزان من باب الحيطة والخوف، يا زبالة! أراهن أن شعبك الثمين ليبكي لو رأوكِ الآن، يا #1 المملكة المتحدة!!»
«؟!»
«عندما تقفين على القمة، عليك مراقبة أفعالك.»
وسّع هذا الوحش أجنحته أثناء حديثه.
«أنا أكسِلَريتر، أوّل (#1) المدينة الأكاديمية. وأنا أيضًا عليّ أن أكون قدوة للجانب العلمي كُلّه. لذا سأسئلُك. هيّا، أريني كيف يتصرف القائد على القمة!!»
- الجزء 8
كانت تلك المعركة جحيمًا على الأرض.
رغم وسع قاعة الرقص، إلا أنها لم تكن سوى غرفةٍ واحدة داخلية. إندِكس وميساكا ميكوتو كانتا تستهدفان بعضهما البعض وتطلقان النار في جميع أنحاء ذاك الفضاء، إحداهما بطور قَلَمِ يُوحَنّا والأخرى A.A.A. على التوالي. لم تظهرا أي ردود فعل عادية مثل القلق بشأن انتشار تنورتها القصصية أو ظهور تفاصيل صدرها المسطح من خلال فستانها اللانجري الشبيه بالملابس الداخلية. كان المشهد كمثل أن تُحاصَر بين سفينتي حرب تتقاتلا. حتى لو لم تنوِيا ذلك، فإن ضربة واحدة منهما ستقتلك على الفور. وحقيقةً، قد لا تدوم قلعة وندسور ذاتها إذا تفجَّر جدارٌ أو سقف. يمكن أن ينهار المبنى ويُدفَنوا جميعًا في لمحة.
لكن.
حتى لو.
«...،»
«...,»
أزرق سماوي وأصفر ليموني.
وردي فاقع وزمردي.
لم تفارق أعينهما بعضهما ولو للحظة.
حتى لو كان هناك ملايين الألغام مدفونة وبلايين الفخاخ مُعَدَّة، كان كاميجو مشغولًا جدًا ليذهب حيث الفتاتان.
بالطبع، لم يعني ذلك أن إندِكس وميساكا ميكوتو لم تكونا في باله.
لكن كل المشاكل ترتبط بذلك الصبي الآخر.
كل لحظة وحتى كل جزء من الثانية كانت ضياعا.
كلما اقترب من هزيمة هذا الداعر، أسرَعَ في تحرير الفتاتان وأنقذ حياة الجميع.
لطالما كانت الأمور هكذا.
عندما يرى حياةً مُهَدَّدة، يمكن لفتى المدرسة الثانوية العادي أن يصير بطلاً يغلب أيَّ تهديد ويهزم أي عدو.
صوت مواءِ قط الكاليكو كان كطلقة البداية.
« « أووووههههههههههه!!!!!! » »
ثارَ زئيرٌ انفجاري واندلع.
الأزرق السماوي والوردي الفاقع انزلقا عبر وابل الضوء القادم فوضويًا من كلا الجانبين وتسابقا على أقصر مسافة عبر قاعة الرقص.
كلُّ صغيرةٍ رأاها في الصبي الآخر أغضَبَت كاميجو توما.
تحوّلُ العدو لا يزال يُغَطّي جانب جسده الأيمن فقط.
أطلق كاميجو زئيراً من فكّيه التمساحية، لكنه لم ينتظر خصمه حتى يصل إلى قوته الكاملة. إذا تراجع الآن، فلعلّهُ يكون أفضل أن ينغمس في أعماق الأرض ويحتضن مجموعة البطاقات الثمينة بصدره.
بقول هذا.
القشرة الزرقاء السماوية كانت صراحةً واهنةً حتى لا يمكن تسميتها بورقةٍ رابحة.
ليست إلا بقايا ولابد أن معظم القوة أخذها الصبيُّ الآخر.
لم يكن كاميجو واثقاً إلى أي مدى ستفيد قشرته ويمكن لعدُوِّهِ أن يُبطِلَ جميع الخوارق بالإماجين بريكر. هذه البدلة الخارقة اللحمية المخيفة ستنكسر اللحظة التي يلمسها ذاك الصبي بإصبعِهِ. عَسُرَ عليه أن يتخيل نفسه منطلقًا نحْوَهُ مباشرة ويحقق فوزاً لا تشوبه شائبة. وهذا يعني أنه يجب عليه الإتيان بخطة تنجح حتى بعد تلقيه الضرب وفقدانه كل شيء.
(ابقَ منخفضًا.)
كان صحيحًا أن الإيماجين بريكر قد سُرق منه.
لكن كاميجو تعلم جيدًا كيف يعمل.
(عليَّ أن أندفع بأقصى سرعة ووزن ممكن!!)
ربما تراها هجومًا مُتهَوِّراً، ولكن في جعبته المزيد.
إيماجين بريكر سَكَنَ فقط في اليَدِ الْيُمْنىٰ.سيسي
إذا أبقىٰ حوضه منخفضًا حتى الزحف تقريبًا واندفع على طول خطٍّ مُستقيم، فإن الخيار الوحيد للشرير سيكون إسقاط تلك اليد عليه. نعم، سيُجبَرُ على أن يضرب هجومًا غير عملي يشبه كسر البلاط في عروض الكاراتيه.
تطلّبَ مِنهُ تصويبًا دقيقًا يمكن أن يضرب فقط من علىٰ بعد عشر سنتيمترات.
وعليه أن يضرب لأعلىٰ بدل لكمةٍ مستقيمة. حتى لو أنجح واحدةً دقيقة في رأسه التمساحي، فسيصْعُبُ عليه إيقاف كاميجو وهو صاعِدٌ كقذيفة مدفعية.
وهذا يعني...
«لو استعديت لتلقّيها، فبالتأكيد سأصِلُ إليه!!»
«يا إبن الكلب!»
شَعّ ضوءٌ ورديٌّ فاقع من زاوية فم الصبي الآخر.
في بدلته التوكسيدو الغير مألوفة وربطة العنق الأسكوت، قَلَبَ كَوْمَةً من الصحون على طاولةٍ قريبة ورمىٰ زجاجاتَ الشراب الممتلئة، لكن كاميجو لم يقلق بشأنها. اندفع مباشرة من خلالها بقشرته التمساحية المصنوعة من خطوط الزرقاء السماوية والصفراء الليمونية. عضّ بقوة فكيه ليتجاهل الألم الباهت.
عليه فقط أن يبقىٰ واعيًا.
عليه فقط أن يصل إلى الصبي الآخر.
«!!»
طعع!!
انفجر هديرٌ هائل.
كما كان متوقعًا، أسقط الصبي الآخر يُمناه لأسفل.
لكن بدلاً من قبضة، كان مخلبًا.
كانت كصاعقةٍ وردية فاقعة.
جرت حرارة غريبة عبر قفا كاميجو وانغثّت نَفْسُه. [8]
الغلاف الأزرقُ السماوي الذي تمكن جزئيًا من مواكبة سرعة كانزاكي كاوري اختفى في لحظة كما لو تفكك.
لكن سرعة الفتى المكشوفة لم تتراجع.
عضّ شفتيه بقوة ورَطَم كَتِفهُ بخصمه. استهدف منطقة الضفيرة الشمسية. صَبَّ كُلَّ وزنه في ذلك وهو ينوي سحق أعضاء ذلك الصبي.
طارَ الاثنان أفقيًا.
وقد تحررا لحظة من الجاذبية.
«غعع!!»
«...!؟»
ضربا الأرض.
واستمرا في الدحرجة وارتطما بالأرض كالصخور القافزة على سطح النهر. ربما لاستطاع كاميجو أن ينقضّ حلق الصبي الآخر بمخلبه السميك لو كانت قشرته السماوية الزرقاء والليموني الصفراء لا تزال، لكن الإماجين بريكر قد ألغتها. بالنسبة لـ "فتى ولا أكثر"، كان الإماجين بريكر "مخلبًا ولا أكثر".
استمرَّ صوتُ تشققٍ غريب بلا توقف.
لم يأت من كاميجو أو قشرته الخارجية المُدَمَّرة. لابد أن الأضرار الناجمة عن ارتطامه بالأرض عدّة مرات قد أثرت على هدفه إذْ أنّ الورديَّ الفاقِع والزمرُّدي انبثقا من جميع أنحاء جسده وتمزقت بدلته التوكسيدو لشرائح وأحاطته الألوان من كُلِّ حَدب.
لا، هذا ليس دقيقًا بالمرة.
بينما كان كاميجو محاطًا بالأزرق السماوي، كان ذاك الصبي يكشف الوردي الفاقِع داخله.
قد كشف كاميجو وجهَهُ الفتى بينما زمجر الوحشُ قِبَلهُ بفكّيه الورديتين العملاقتين. لقد تبادلا المظهر تمامًا.
كان الفرق في القدرة مجهول.
لكن إن امتلك نفس القدرة أو حتى أكبر من كاميجو، فسيقتدر على سرعات كانزاكي للحظةٍ واحدة على الأقل.
لَوْ أُعطِيَ لذلك الوحش الحرية، فكاميجو توما المكشوف سيكون لعبةً للتمزيق.
(لن أدعه... يَستغِلُّها!!)
من هنا فصاعدًا، ستكون معركةً نظيفة بلا حِيَل.
لم يهمَّهُ كم كان ظُلمًا. سيُلقيان الضربة القاضية من البداية، ومن يبقى واقفاً سيأخذ أو يستعيد كُلَّ شيء.
الوحش الوردي الفاقع وصل إلى الأعلى أولاً، لكن الفتى البائس المسحوق أسفله ما قَدَرَ إلا أن يَضرب بيده اليمنى الزرقاء والصفراء يائسًا. استهدف الساق التي تدعم طاولة. سقطت الطاولة وأسقطت فرن بخار نحو رأس خصمه. سَقَطَ الماء المغلي من الفجوات وانهمر على ذلك الوحش.
«غآآهه!»
رأى أن الوردي الفاقع المكشوف تألم. أو هل كان أكثر حساسية؟ ما عسى كاميجو سوى التكهن.
بأيِّ حال، لَوَّح بذيله السميك بصرخة وتمكن كاميجو من الهرب مُتجنبًا.
كان فيه أمرٌ مختلف تمامًا.
أدرك كاميجو توما مرة أخرى أن البشر لا يمكن أن يستخلصوا العواطف العادية في بعض الأحيان. الجميع يعانون، انجبرت إندِكس وميساكا ميكوتو على معركة لا معنى لها، وكانت فتاةٌ شقراء عسلية مغمورة بالدماء بعد أن لوّثت يديها ضد إرادتها.
كان كل ذلك بسبب الصبي الآخر.
قد تجاوزا منذ زمن النقطة حيث أراد أن يسكب عليه الماء المغلي ليذوقَهُ الألم.
«أوووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووه!!»
زئر.
زئر ليحرق تأسّفهُ الذي حسّ فيهِ تجاه هذا العنف.
لم يكن هذا بالضبط كصُراخِ رامي المطارق أو رافع الأثقال بصوتٍ عالٍ ليطلق قيود عقله مُتعَمِّداً.
(حتى لو استطاع الوصول إلى سرعات كانزاكي، فهو شيء مثل سرعة الرياح القصوى الفورية. لا يمكنه فعلها طوال الوقت. إذا حجبت عنه الفرصة، فلا يزال قتالي مُمكِنًا!!)
أمْسَكَ الشريرُ الوردي الفاقع والزمردي ذو فكّي التمساح مجموعةً من أسياخ الطهي المعدنية بين مخلبيه بينما أمسَكَ كاميجو توما ذو الشعر الشائك والمكشوف طبقَ طهي مغناطيسي موصولًا بقابس الكهرباء وأسقطها صوب وجه الوحش.
كان المجال المغناطيسي للتيار المتناوب قادرًا علىٰ غلي وعاءٍ من الماء، لذلك سخّنت سريعًا أسياخ المعدن.
«~~~!؟»
جَفَلَ الوحشُ مرتين وتخلى عن الأسياخ. كما فتح جناحيه مُهَدِّداً بها.
راحَ كاميجو يضرب ضربة أخرى.
كان مترددًا في استخدام طبق الطهي المغناطيسي، ومع ذلك وَجَّهَهُ أُفقيّاً نحو وجه الوحش وكأنه يضرب بخَمّس. [9] لابد أنه بذلك قد سحب القابس. لم يُوَفّر تسخينًا هذه المرة، لكنه لا يزال ثقيلاً متين. كانت هذه الكتلة الثقيلة من المعدن كالطوب أو ككتلة خرسانة وقد أسقطت الشرير الوردي الفاقع إلى القاع عندما اصطدمت بذراعه التي رفعها لحماية وجهه.
انجبرت اندِكس وميساكا ميكوتو على القتال بدون سبب.
وإنّ فتاةً بَسِمة حَزِنة كانت تعتذر مُتكررًا لأمرٍ بعد أن تخلت عن نجاتها.
فكر في الأشياء التي سحقها هذا الذي أمامه.
«...لأقتلك.»
ارتعشت حنجرته بلعنةٍ لم يكن كاميجو توما ليُطلِقها أبدًا في ظروفٍ طبيعية.
لو كان حولهما ناسٌ آخرين في جدلٍ حَوْل من هو كاميجو توما الحقيقي، لتركت تلك الكلمات انطباعًا سيئًا تعمل ضده.
لكنه لم يعد يخشى نظرة أي أحد أو أن يُراقب ما يقوله وما يفعله.
تلك الكلمات وليدةُ قلبه.
هكذا شعر كاميجو توما وعقله يغلي غضبًا.
لم يهتم بثنائية الخير والشر.
زئر غاضبًا. مثل التنين.
«لأقتلنك!! أنتَ ولا غيرك!!!!!»
رفع طبق الطهي المغناطيسي المسحوب من قابسه عاليًا. إذا استغل الجاذبية ليُسقِطها بكل قوته، فكان واثقاً من تحطيم جمجمة هذا الداعر وهو ساقطٌ أرضاً.
لكن هذا الخصم أعطى ابتسامةً بيّنة بفكّي التمساح الكبيرتين.
ابتسم ورمى ما بقيَ من أسياخ في ذراعه الوردية الفاقعة.
لكن هذا لم يكن أكثر من مجرد مُشتتٍ رخيص بالنسبة لكاميجو توما الذي لم يملك الآن سوى بشرة ناعمة. وإن كانت بشرته ناعمة؟ حتى القنبلة الصاعقة المتخصصة لم تكن لتعمل ضد هذا الفتى الذي كان متوترًا لدرجة أنه لم يرمش من حُرقة غضبه بينما كان الماء المغلي يتدفق عليه كما عدوه.
(لا تُعطِهِ ثغرة! لن أقدر مواكبته إذا أتته فرصة للتسارع!!)
لذا كان لهذه الأسياخ هدفٌ مختلف.
سَمِعَ كاميجو صوتًا من اتجاه غير متوقع بينما استمر في الميل للأمام.
‹‹‹تحذير: الفصل 5، البيت 2. اكتشاف هجوم العدو؛ سيُضاف إلى قائمة الاعتراضات. أَزِلْ المسمار اللازم لتُحَرِّر الوردة من الصليب.›››
«إندِكس!؟»
حدث تغيير في القصف المتبادل بين الفتاتين.
أحد الأسلحة التي تُشَكِّلُ الـ A.A.A. المحيط بميساكا ميكوتو –مدفع مسامير عملاق أطول منها– تجاوزت العتبة التي واجهتها من قبل وأطلقت مسمارًا مباشرة جوار وجهِ إندِكس، لكن الفتاة فضّية الشعر في طور قلم يُوحَنّا لم تُحَرّك عينيها.
وتَوَجَّهَت هجمتها المنحرفة في صَوْبٍ آخر.
كان الأمر كما لو كان شعاعًا تدميريًا يجتاح المكان.
انطلق شعاعٌ سميك من الضوء عبر الفضاء وبخّر الأسياخ المعدنية المتطايرة إلى ضوءٍ برتقالي. نجح كاميجو في التجنب بالكاد. تخلص من الوزن الزائد وانحنى للأسفل قُبَيْلَ محو طبق الطهي المغناطيسي من العالم. لو تأخر ولَوْ لثانيةِ الثانية في ترك الطبق، لتبخرت أصابعه مع رأسه.
وكان فعلاً ممتناً لهذا.
لو صارَ هذا الهجوم لصالحه، لاغتر وظنه "حظّاً مُريحًا". ولفقد رؤية كل شيء.
لافترض أنه أُنقِذ.
لصار وحشًا متعجرفًا يغضب لرحيل "حظه" بعد أن اعتاد عليه.
(لكن هذا أكسبه الوقت. هل سيأتي هذا الوحش بسرعته الكاملة؟)
«تبدو مخلوقًا سريع النسيان كثيراً.»
سمع نبرةً ساخرة.
انفتحت وأغلقت الفكوك الوردية الفاقعة.
«مهما قالوا وفعلوا، لطالما تصرفت وكأن شيئًا لم يحدث أبدًا!! إنْ لم تهتم أبدًا بأيٍّ من هذا، فأنتَ لا تستحق أيّاً منها!!»
سيُخرِجُ كل ما في جعبته ليفوز.
فهل رأى هذا الوحش المجنح أنّ الفتيات المُتلاعَب بهن ليسوا أكثر من وسيلةٍ للتحايل!؟
«ابعد عني هالهراء!»، دَمْدَمَ كاميجو.
«أدري ما يجول في خاطرك.» ردّ الوحش.
تَبِعَهُ صوتٌ باهت.
كان صوت اختياره سلاحًا مُختلف. لكن هذا لم يكن مسمارًا طويلًا يهدف لاختراق اللحم، أو فرنًا بخارًا، أو طبق طهي مغناطيسي.
استخدم كلتا يديه الورديتين الفاقعتين ليرفع طاولة الطعام الطويلة بأكملها. تحطمت أطباق كبيرة من السندويشات والأسماك على الأرض.
رفع هذا السلاح الثقيل المُدَبَّب مثل سُلَّمٍ ومداه البعيد تقريبًا وصل إلى السقف.
زئر الداعر بمخالبه تغرس الطاولة.
«والجواب هو نعم!! لا شيء تفعله سيُغَيّر حقيقة أن الفوز هو خياري الوحيد!!»
كان سلاحًا أضخم من أن يُلَوَّح، لكن بمجرد أن اكتسب السرعة، فسيكون أقوىٰ من مضربٍ معدني. كان ذلك واضحًا نظرًا لوزنه مع قوّة الطرد المركزي.
على كاميجو أن يجد شيئاً ليحجبه.
كانت يديه العاريتان أبعد من أن تكون كافية. أمسك أحد الأطباق الكبيرة من الفولاذ المقاوم للصدأ من الأرض، لكنه استوعب أن أخطأ نوايا عدوه.
هرب القط الكاليكو بمواءٍ مُشَوّه.
لم تُستَخدَم الطاولة سلاحًا لتضربه. مقصدها كان السقف.
وَجَدَ ثريا بلّوْرية عملاقة تتأرجح فوق رأسه الشائك.
بصوت تكسُّر، تمزق الخطاف العملاق الذي حَمَلَ أكثر من مِئتي كيلوغرامًا وسقطت بقسوة نحوه.
- الجزء 9
«ترجم، بسِّط، وأنشئ جديدًا.»
السجادة في ردهة قلعة وندسور كانت ممزقة، والنوافذ محطمة، ولم تسلم اللوحات والمزهريات السيراميكية من الضرر.
وخاض اثنان معركةً شرسة في وسط هذه الفوضى.
الأولى كانت كانزاكي كاوري، قديسةٌ آسيوية ذاتُ تسريحةٍ سـٰابّةٍ سَوْداءَ طَويلة.
الأخرى كانت دِيون فورتشن من عصبة الذهب التي تضخمت صورتها الظلّية بفستانها الأبيض الزخرفي.
«معالج النموذج الأصلي!!»
وبينما وَمَضَت سَبْعَةُ أسلاكٍ ومزقت الهواء، مدّت فورتشن كفّها. عمليًا، كانت تُمسِكُ صندوقًا أسودَ عائمًا. فتح الصندوق فمه، فتمزقت الأسلاك، وابتلعها، وأعاد تشكيلها إلى شكلٍ مختلف كليًا.
كان [ناناسِن] جزئيًا عبارة عن مراسم تهدف إلى استخدام الشفرات لتقطع فضاءً باعتبارها أرضاً مقدسة لتُشَكِّل نوعًا من الجدار الرافض أو دائرة سحرية دفاعية.
بإضافة هجوم جسدي إلى هذا الرفض واستبدال السَّيف بالأسلاك، أمكنها دمج سَحْبُ سَيْفِها لتُطلِقَ قَطْعٰات في تواقيت غير متوقعة. خَلَقَت حافةً قاطِعة جَعَلَت من الفضاء كله حليفها.
لكن الآن باتت مُشَوَّهة.
من اليابانية إلى العربية، وهكذا تعيد الكَرّة بالمعكوس.
فهذه العملية تشبه إعادة ترجمة النص مرارًا وتكرارًا؛ حيث تُحَوَّلُ المعاني والرموز في قِطْعَةٍ سحرية إلى شيءٍ آخر تمامًا غصب. [10]
هذه كانت ديون فورتشن.
هذه تقنية إعادة الترتيب اللاواعية المُسْتَخْدَمَة من قِبَلِ واحدة كان جريموارها فريدًا لدرجة شكك بقية الذّهب أنها خلقٌ أصلي لا يرتبط بالخط الذهبي الرئيسي.
نتيجة لذلك، قُذِفت العديد من دمى الشمع المكسورة ذات الأحجام المختلفة من الصندوق الأسود بأصواتٍ لزجة. ليس أنهم لم يكونوا أسلاكًا فحسب، بل لم يكونوا حتى معدناً. وبطبيعة الحال، تُجوهِلَ مبدأ حِفظ الكتلة بالكامل. اُحتُفِظَ فقط بخصائص سفك الدماء والرفض حيث تشكّلت إلى شيءٍ مختلف تمامًا.
ظهرت مئات الإبر من الفراغ وثَقَبَت الدمى.
في تلك اللحظة، صارت الدمى الشمعية وكانزاكي كاوري مرتبطين.
كان من المفترض أن يتدفق الضرر الذي لحق بتلك الدمى، التي انفصلت أذرعها وأرجلها ورأسها عن جذعها، نحو المرأة السيّافة ذات السابّة، لكنها لم ترمش.
«ناناسِن.»
وَمَضَ ضَوْء.
اللعنة التي وَجَبَ أن تُهاجمها تشابكت بخيوطٍ لا ترىٰ وتبددت في أماكن أخرىٰ.
هذه كانت دائرةً سحرية مصنوعة من سبعة أسلاك.
وكانت قديسةٌ تتحكم فيها بحرية.
نقرت ديون فورتشن لسانها وسقطت إلى الوراء مع صندوقها الأسود.
«أظنّكِ استوعبتيها، ها؟»
«أنتِ جريموار أصلي. لن أستطيع قتلك بالوسائل العادية، لكن لأنكِ لا تملكين طاقة حيوية، فلا يمكنك تكريرها (تصقيلها) إلى قوّةٍ سحرية. هذا يعني أنه يجب أن تستمدّي الطاقة من خطوط لاي الأرضية لتستخدمي أي شيء يشبه السِّحر.»
«أنا واثقةٌ أنه حتى القديسة ستواجه عُسْراً في تغيير هذه الحالة تمامًا.»
«نعم، لكن إمدادك بالطاقة من الأرض ليس دائمًا من نفس النقطة. تمامًا كما أن الغاز والماء لهما مصادر مختلفة في أجزاء مختلفة من المدينة، يجب أن تتغير نقطة إمدادك بالطاقة اعتمادًا على موقعك وظروفك. وإذا ضربت في اللحظة التي تُغَيّرين فيها بين المصادر لأزعزع إمدادات طاقتك ....لن تقدري على الحفاظ على شكلك المادي وستعودين إلى أن تكوني مجرد دَستةٍ من البطاقات. ينبغي أن يكون حاجزٌ مصنوع من جسم قديس وسبعة أسلاك كافيةً لذلك.»
(أبدَيْتيها سهلةً كثيراً،) اشتكت فورتشن في قلبها.
قد وَجَدَت فورًا حلاً لهزيمة ساحرة من الذهب الذين يبدون لا يُقهرون.
ومع ذلك.
«يجب عليّ...حمايتهم.»
كان صوتها منخفضًا، كما لو شعرت بأنها محاصرة.
ولكن هذا الغضب وقع على الجانب الصالح من الثنائية.
«ربما يكون ذلك شيئًا تافهًا مقارنة بالمملكة المتحدة كُلها وربما لا تكون منظمةً كبيرة مقتدرة على تغيير تاريخ العالم... ولكن. بالنسبة لي، يستحق أهل كنيسة أماكوسا أن أفدي حياتي لهم.»
«هوو؟»
أبقت ديون فورتشن صوتها محايدًا أثناء طرح سؤال.
ربما كان هذا صوتها بصفتها عرّافة محترفة.
«حتى وإن عنى ذلك قتل صبيٍّ بري؟»
«...»
«علاوة على ذلك، لو نوَيْتي حقًا قتله، لقَطَّعْتيهِ بسبعتك أو بواحدك [11] قبل وصولي. بغض النظر عما قد تقولينه، فأنتِ مُترددة بوضوح. لن تقتل ذلك الصبي أو ذاك الآخر في وسط القلعة هكذا.»
لم يكن هناك رد.
ليس وكأن فورتشن توقعت ذلك وهي تُدَوِّر صندوقها الأسود على سبّابتها.
«لا أظنها حكاية تَرَدُّد. بل وُوجهتي بالسؤال النهائي غصبًا حول من ستقتلين بينهُمٰا. لكن الوضع يتطور كما نتحدث. الفتى الذي يتلقى مساعدتي الإلهية يبدو أنه يريد إنقاذ نَفْسٍ. لذا إذا انهزم ذاك الآسيوي الضعيف قبل أن يتمكن من ذلك، فماذا سيحدث للفتيات المُحتجزات في هذه القلعة برأيك؟»
سَمِعَت صرير أسنانٍ عنيف.
نعم، كانزاكي كاوري بدت صالحة من النظرة الأولى، لكنها كانت تُناقض نفسها.
ربما تأثرت القوات البريطانية بجنون الحرب من قبل، لكن كانزاكي بالتأكيد عادت إلى وعيها منذ ذلك الحين.
ضيّقت ديون فورتشن عينيها مُحَدِّقة.
لم تكن حكايةً بسيطة لتُوَجِّه سيفها في بطنها وتُطَبِّق السيبوكو بعد انتهاء كل شيء. فركت ديون إصبعها النحيل من يدها الفارغة على صدغها.
«هل تتعمدين الضرر لجسدك؟»
«....ولما ينبغي عليَّ أن أجيبك؟»
تجلّت نبرة مؤلمة تُذكِّرُ بنزيف الدم في صوت كانزاكي.
تنهدت الفتاة ذات الفستان الأبيض الزخرفي.
«العطالة.[12] يمكن للقديسين كسر حاجز الصوت فوريًا أثناء حركتهم في ساحة المعركة. ولكن سيضغط عبءٌ أجسادهم. إذا لم يتتبعوا مسارات الحركة الأمثل، فستُدَمَّرُ أوعيتهم الدموية ومفاصلهم في لحظاتٍ قصيرة جدًا. فهي كمثل أن تتعرض لضغطٍ بطيء في جميع أنحاء الجسد تحت سَقفٍ ساقط أو آلة ضغط.... تبدين لي وكأنك تعاقبين نفسكِ. ولكن لو خفتِ من القتل، فخيار ترك السيف دائمًا متاح.»
حتى بعد كل هذا، لا تزال كانزاكي كاوري تُبغِضُ قتل ذلك الصبي.
عندما وَصَلَ إلى نفس السرعة وشَهِدَ تدفق الزمن نفسه، لابد أنها عضّت شفتيها. لابد أنها ارتعبت من خطورة ما كان يقوم به. ولَوْ قطعت ببساطة قدميه ليتعثر، لمات بسهولة، لكنها لم تتمكن من توجيه ضربة قاضية إلى الفتى الذي دخل عالمًا لم يألفه.
«الآن لا يمكنني أن أخسر هذا بالتأكيد. ذاك الطفل لا يبدو أنه يستطيع التعامل مع المآسي.»
«...؟»
قد قالت القديسة أنها ستُشَوِّشُ هذا الموقع تمامًا لتسلُبَ الجريموار من قوته.
ستستخدم سرعتها فائقة الصوت لتستهدف لحظة اختلال عندما تُغَيّرُ فورتشن مصادر الطاقة.
ربما كانت قدرتها على القيام بشيء من هذا القبيل هي التي جعلتها واحدة من صانعي المعجزات المعروفين بالقدّيسين.
«قديس، ها؟ ستستخدمين حقّاً القوة الخام، صح؟ الاعتماد على موهبتك وحدها لا تظهر ذكاءً تحبذ أن تراه العظيمة فورتشن.»
«ساحرة ذهبية وجريموار أصلي ليس لها الحق في انتقاد اِمْرءٍ لكونه غير طبيعي.»
«أنتِ أشبه بالإسبرة.»
ديون فورتشن ألقت قنبلة عفويًا.
«لكنكِ في الواقع لستِ واحدة. يتشابه هيكلكِ العظمي وترتيب أعضائكِ الداخلية مع ابن الإله، لذلك نُعِمْتِ بقوىً خاصّة.ولكن إذا أُجرِيَت تربيةٌ انتقائية للوصول إلى تلك النتيجة، فسيجب الاعتماد على مفاهيمٍ علمية كالجينات والحمض النووي. تمامًا كمثل تزامن التوأمين حيث لمن لديهم ساعات داخلية متطابقة أفكارٌ مماثلة، ربما اكتسبتِ عالمًا ترينه وحيدًا أو واقعًا تفهمينه وحيدًا من خلال الاعتماد على الإيقاعات الحيوية التي رزقك إياها الرب بدلاً من تعلم المعرفة أو اكتساب التقنية. كل ذلك أتى من التشوُّهات التي أصابت عقلك وتصوُّرُك. ...يُزعجني حقًا كوني احدى من حاولوا إنشاء طقم أدواتٍ يُمكن لأي أحدٍ استخدامها.»
«فماذا؟ لا تزالين عاجزة عن فعل أيِّ شيء بشأني.»
«هوو هوو؟ كل هذا القتال لم يكن كافيًا لتفهمي؟ يمكن لسحري أن يُعيد أي تعويذة أو عنصرًا روحي إلى شكلٍ لا يمكن لأحدٍ أن يتخيله أبدًا. إنها كالسحابة – شيءٌ يحجب الحقيقة. ...فحتى لو بدت لكِ كسحرٍ عادي، ألا تعتقدين أنني أقتدر ترجمتها خطأً إلى عِلمٍ شاذ؟»
«...»
سَمِعَت صوتاً مشدودًا.
أجاءت من الأسلاك المحيطة بديون فورتشن، أم كان صرير أسنان كانزاكي؟
«وبينما أنتِ قديسةٌ مزعجة متسلطة في المجال السحري بالموهوبة وحدها، من يعلم لكم ستهتزين إذا ضربتُكِ بأعلى قمة التسلسل الهرمي العلمي. فكري بها، منذ متى وُجِدت مفاهيم العِلم؟ قد تكونين من نخبة النخبة، ولكنكِ لم تنجحي إطلاقاً في القضاء على مفهوم العِلم، صحيح؟ ما عاد الأمان مفترضاً لكونكِ قديسةً فقط. لا تُكسب الرتب العليا المحددة مسبقًا بالنصر ضرورةً. بالتأكيد رأيتِ معارك أكثر تحررًا حيث يُمكن لأيٍّ كان أن يخترق ويسعى نحو النصر!»
ديون فورتشن كانت مُختلفة على مستوى الجوهر.
لم ترَ حَرامًا أو محظور في تجاوز الخط بين العِلم والسِّحر.
جعَّدت كانزاكي جبينها بألمٍ.
«ألا يُصيبُكِ خوف؟»
«لا تضيعني في نفس الفئة معك استنادًا إلى تحيزاتك. أنا الساحرة الذهبية ديون فورتشن، مُعَلِّمَةُ الحُبِّ والجمال وصاحبة لمن يحتاج النصح. أنا واحدة من أولئك الذين بذلوا جهودًا جبّارة لاستبدال ذلك السِّحر المُربِك بطقم أدوات يُمكن لأيٍّ كان فهمها. عندما تُترَكُ تلك النصوص القديمة بأشكالها الأصلية، فلن يعود الحديث عن السِّحر بعد الآن. كتبي السحرية المليئة بالحُب اِستَخْدَمَت الإنجليزية الحديثة، وليس اللاتينية أو العبرية، واستخدمتُ الرسائل والتعليم عن بُعد لنقل معرفتي بالسِّحر إلى طلابي. ...لا تدعيها توقِعك أيتها الشابة. كان من المفترض دائمًا أن يستخدم الناس كل ما هو متاح. التقسيمات العامة بين السِّحر والعِلم هي خطوط غير ضرورية تعوق استيعاب كل المعرفة التي نرغب بها.»
هل ستقطع كانزاكي كاوري الجريموار بقوة؟
أم أن ديون فورتشن ستعيد ترتيب حتى سمات خصمها القديسة؟
وبلا إشارة.
طخخ!!!!
سيف الشيچتن شيچتو والصندوق الأسود. بسلاحيهما الفعالة بين يديهما، اصطدمت الساحرتان مرة ثانية.
«...،»
«...,»
لفترة من الزمن لم تنطقا شيئًا.
كان الصندوق الأسود العائم أمام كف ديون فورتشن قد فتح غطاؤه كما لو كان فمًا كبيرًا، لكن حركات كانزاكي بصفتها قديسة كانت مُتفوِّقة. فشل الصندوق في التقاط وابتلاع الشيچتن شيچتو.
إذا لم تقدر إيقاف حركات كاهنة الأماكوسا، فلن تتمكن من إيقاف الأسلاك السبعة أيضًا.
كانت تلك دائرة سحرية دفاعية بحافة قاطعة.
كمثل الغاز والماء، فإن النقطة التي تتلقى فيها إمدادات طاقتها من الأرض تتغير اعتمادًا على موقعها ووضعها. إذا تعرضت للهجوم خلال إحدى تلك التغييرات السريعة، فستفقد شكلها الحالي وتتفكك إلى مجموعة من ثمانية وسبعين بطاقة.
ومع ذلك...
«أسرتها. ربما أكون أكثر عظمةً ليتحمَّلني هذا العالم.»
«...»
التي ابتسمت في النهاية كانت الصهباء ذات القوام النحيف التي تَوَسَّع بقوة بفستانها الأبيض الزخرفي.
«خوفك من أن تُبتَلَعَ خصائصُكِ القديسة قيّد من أفعالك. ومع ذلك لو كنتِ حقًا، حقًا تكرهين تلك الخصائص، فلربما تستبشرين بهذه الفرصة لفقدها وللتحرّر منها. ففي الآخر، هذه هي الهبات. مهما تعقدتي منها ومهما كرهتي نفسك، فلن توافقي على رميها بسهولة. تمامًا مثلما قضيتُ أنا وقتًا طويلًا أتشبث باللقب العظيم لأكبر عصبة سحرية في العالم. هذا ليس عيبًا فيكِ؛ كل البشر كذلك.»
كان صحيحًا أنها فشلت في الوصول إلى الشيچتن شيچتو.
لكنها لم تنوي ذلك أبدًا.
أولًا وقبل كل شيء، لم تسحب كانزاكي سيفها بعد. لقد انقض صندوق ديون فورتشن الأسود واجتاح وقَطّعَ إحدى الأسلاك السبعة المُعدّة حولها. لو ظنّت بصدق أن ضربة السيف قادمة، فلضَيَّعت توقيتها ولقطعت في تلك اللحظة القاتلة.
لقد استفادت من السحابة لصالحها.
كانت تفسيراتها فريدة لدرجة أن البعض قال عنها مُبتَكَرة بالكامل ولا تنتمي حتى إلى الذّهب، والآن تستخدم الصندوق الأسود الذي أكملته حتى دون قصد.
وثم.
ماذا سيحدث لو انتهت التحضيرات بالفشل؟
حدثت عن قرب. ديون فورتشن دارت بسرعة كافية حتى انقلب تنورة فستانها وتجنبت الضربة المروعة التي استخرجتها كانزاكي كاوري أخيرًا من حزامها. تحركا بمسافة قريبة لدرجة أنها تشبه دخول وخروج بابٍ دوّار مرتين. عند سحب السيف، فإن اللحظة بعد سحبه هي الأخطر. كانت أسلاك الـ ناناسِن بطاقةً وضعتها في الدستة لتُزعزع ذلك التوقيت في المقام الأول.
طُغغغ!!!!! وقبل أن تعيد كانزاكي كاوري وضع سيفها الكاتانا الطويل في غمده، انبثق صوتٌ باهت من صدغها.
كان بفعل الصندوق الأسود.
ضربته ديون بزاويته الحادة.
«القديسين لهم خصائص مماثلة لابن الإله، صح؟»
تمايلت كانزاكي كاوري جانبًا، لم تستعد توازنها، فسقطت.
«لذا مهما استخرجتِ من معجزات، فلا يزال مُمكناً أن تُحاصَري وتُأسَري، يُمكن أن يخونك صديق، ويقتلكِ بشر، فَقَدْ ورثتِ كل الجوانب الهشة مع القوية. كل ما استغرقه هو ثلاثون قطعة من الفضة. فبالتأكيد تفهمين معناها.»
لم يأتِ رد.
هجعت كانزاكي كاوري بلا حياة على جانبها، لكن بطريقة ما بدت كأن فيها ابتسامة على شفتيها.
كأنها تفضل أن تُقتَل على تَقتُل.
تنهدت فورتشن ونفضت شعرها الأحمر بتعبٍ من المدى الذي وصلت إليه هذه القديسة.
«خصائص مماثلة، ها؟»
(ربما لهذا السبب تُخدَعُ بسهولة. القديسين أشبه بالإسبر؟ نعم، أكيد.)
كانت هذه سحابةً أخرى.
ولكن مرة أخرى، كان كل شيء يعتمد على كيفية استخدامها. لم يَندُب سحرة العصبة العتيقة الروزيكروشية الأحكام المسبقة التي تعرضوا لها. بدلاً من ذلك، استخدموها للحفاظ على سرية عُصبتهم.
«أن تمزق جسدك بنفسك بمبدأ العطالة (القصور الذاتي)، ها؟ أتساءل ما إذا كفّى سِحْرِيَ الشافي. بأي حال، ربما يكون لدى دم القديس تأثيرًا علاجيًا.»
ولن تسمح لها بالانتهاء هنا.
انحنت ديون فورتشن لتتفقد وجه كانزاكي المُنهار.
«طيّب، أنا ساحرة من عصبة الذهب. التغلب على هكذا تهديد سيُكسِبُني احترامًا وتبجيلا!»
- الجزء 10
ومرَّ وعيه بتقلّبات.
مالت رؤيته على جانبه واحْتَرّ كامِلُ جسده. لكن عندما تركَّز كاميجو توما بعناية على الإحساس في جلده، استدرك أن الحرارة أتت من عدة جروح تنبض بقوة.
لابد أنه تفادى سقوط الثريا مباشرة.
لكن عندما تدحرج جانبًا، كانت قطع البلورة التي تحطمت على الأرض قد اخترقته بعُنفِ أُفُقي. كان كل جزء من جلده وملابسه مُتشبعة بالدم. بدون الوحش المُجنَّح المُكوَّن من قشرة زرقاء سماوية وصفراء ليمونية، كان فتىً لا أكثر.
بطبيعة الحال، كان يفتقد إلى ذلك الدرع اللحمي المريح بعد أن تدمرت بالإماجين بريكر وأمكنه أن يدافع سوى القليل بذراعه الزرقاء السماوية والصفراء الليمونية.
لكن تذكر الفتى ذو الشعر الشائك أن الحظ كان حليفه اليوم. حتى في أسوأ الحالات، سيظل يجد جانبًا إيجابيًا. الغضب المغلي في أوردته منعت عنه شعور الوجع كالعادي.
لذا أمكنه الوقوف.
أمكنه القتال.
وما كان كل ذلك إلا لأجل الفتيات المأسروات.
«ماذا، لم ينتهِ بعد؟»
سمع صوت الطاولة الثقيلة وهي تسقط على الأرض.
كان الوحش الوردي الفاقع والزمردي سحليةً مُجَنّحة بفكّين تمساحيّتيْن وأجنحة خفافيش عملاقة. بدا أنه لم ينجو سالمًا أيضًا. إنّ تلك العاصفة من القطع الزجاجية قد انتشرت في جميع الاتجاهات بالتساوي، لذا فقد تعرَّض لضربات ككاميجو.
لكن ما بدا عليهِ الإهتمام.
لهذا السبب، لم يتردد الشرير في إسقاط الثريا.
انبثق ضوءٌ وردي فاقع من جسم الوحش الآخر بأكمله حينما فتح فكّيه عريضًا ليزئر.
«خلِّصنا وكفى!! إذا مت، سينتهي كل هذا!! أم أن هذا هو النحس الذي قرر مطاردتي؟»
«ما أنتَ حتى؟»
كان لكاميجو توما سببٌ للتمسك بهذا حتى الحدِّ التي تدبّقت فيه ملابسه دمًا.
كان عليه أن ينقذ الفتيات اللاتي أُجبِرْنَ على القتال حتى الموت ويمهّد الطريق للّتي تقف على حافة الموت لتَصِلَ إلى سيارة الإسعاف. كان عليه أن يفعل ذلك أسرع ما يمكن، لذا حَرَق الألم والخوف من عقله ليقف ضد هذا العدو.
حياةٌ أخرى كانت مُعلّقة هنا، لذا ما ترك مساحةً للخسارة.
ولكن ماذا عن هذا الشيء؟
ما دفعه وهو يقترب ببطء؟
«ماذا تأمل أن تحققه بجعل الكثيرين يعانون؟»
«حتى أُنقِذهُم بهذه الطريقة.»
بدت كانت كلماته لعنة.
عمل كاميجو توما على قدم وساق للبحث عن أي نقطة ضعف أو ثغرة في حتى أدق تعليق، لكن...
«لو انتهت المعركة في هذه اللحظة، فسيمكنني إنقاذ شَوكُهو، أليس كذلك؟»
«ما––؟»
لم يتمكن حتى كاميجو من الرد على ذلك.
لكنه سمع بلا ريب. سمعها من فكّي ذلك الوحش الشرير بالتأكيد يقيناً.
«وكذلك إندِكس!! كان ينبغي أن يكون ممكناً التحكم بقلم يُوحَنّا بالمِنتل-آوت. وميساكا! لَوْ لا تدخل الـA.A.A.، لما كانت في أي خطر!! ...أين الخطأ؟ لو لم يشكك أحدٌ فيّ وأطاعوني، لانتهى كل هذا بلا مشاكل!!!!!»
انعكس أساسُ الأمور.
أو على الأقل هذا ما بدا عليه الأمر لكاميجو توما.
«بجانب ذلك، يا ليتك بذلت مجهودًا أكبر، لما كان عليك التخلي عن تلك الأرواح لو استخدمت يدك اليمنى صح!! ماذا عن سحرة الذهب؟ أو أليستر وكُرونزون؟ أتجرؤ حقًا أن تقول أن تلك كانت أفضل خاتمة؟! ها، أتجرؤ؟!»
حتى لو حدث المفاجئ، لم يمكنه الانسحاب الآن. لم يمكنه الاعتراف بأنه كان فشلًا.
«أليس هذا هو كاميجو توما كما يفترض أن يكون؟»
فلَعِبَ دَوْرَ الشرير.
ادّعى أنها كانت نيّته دائمًا أن يفعل ذلك بينما يحاول بجدية إصلاح الأوضاع.
وكل ذلك بثقة أنه سيجد طريقة لإصلاح الأمور إذا مُنِح ما يكفي من الوقت.
«عندما ضاقت بك الدنيا، لم تتردد في الاعتماد على الأستاذة كوموي. عندما لم تستطع الفوز بذراعك، أبعدت السحرة بمناشدة مشاعرهم. لم تهتم بالحدِّ الزمني للفتاة المُعانية؛ كنت تخاف من فقدان كل شيء لنفسك. مثيرٌ للشفقة، لكن أليس ذلك جزءًا من كاميجو توما؟»
قد فَقَدَ كاميجو ذكرياته وعجز أن يتذكر متى التقى بالفتاة الكهربائية الإعدادية أو بمكتبة السحر لأول مرة، فكيف تصرف ذاك الصبي في تلك الأوقات؟
هل كان المرء يراقب القدرة، أم كانت القدرة تراقب المرء؟
شعر وكأن كل شيء قد انقلب أمام عينيه.
(أنت أيضًا؟)
طار عقله للفراغ.
قد شَهِدَ كاميجو في السابق قدرةً تكتسب عقلاً ذاتيًا وتترك سيطرة المرء: المصنف 2 في المدينة الأكاديمية، دارك ماتر. ولكن بمجرد أن حدثت له، كان الضغط على قلبه لا يُصدّق.
(أردت إنقاذهم أيضًا؟)
يمكن للبشر مراقبة بيئتهم لتغيير الاحتمالات متعمدًا، وتوليد مختلف القدرات، والتحكم في الأشياء. وكانت هذه القدرة قد نمت إلى حدِّ الوقائع الشخصية التي تُغَيِّر العالم الذي يُراقبونه. كان هذا هو المنطق الأساسي وراء أسابر العلوم في المدينة الأكاديمية.
ومع ذلك.
ماذا لو كانت القدرات تراقب البشر أيضًا؟ إذا امتلكوا قدرة المراقب على تغيير الاحتمالات، فهل يمكن لتلك القدرة المجهولة أن تتحكم ليس فقط في كاميجو نفسه ولكن في الداخل والخارج لكل كائنٍ مُفكر من الجنس البشري؟
على سبيل المثال، حتى كائنًا مثل الإله السحري أوثينوس يُمكن تغييرها كاللغز.
هل كان رئيس الكهنة الذي قال أن الآلهة السحرية هي تروس العالم الحاسمة وكان كاميجو هدّافهُم؟ وإذا لزم الأمر، يمكنه ضبط كيفية تجانس التروس؟
تنين، حارس الكنوز.
كائنٌ تجاوز ثنائية الخير والشر.
بعبارة أخرى...
(الذي يُطَهِّرُ الإلهَ ويَنْحُرُ الشّياطين؟)
[كاميجو نو توما]
دواء يشفي العالم.
شيء يُستخدم لتطهير الأشياء السيئة في العالم بلطف أو لنحرها ببرود.
نظرية الباناسيا.
...كان يجب أن يكون خيالًا سقيمًا إذْ أنّ أوثينوس نفسها رفضته على الفور بعد اقتراحه، لكن شيئًا فيه التصق به. لم يستطع نسيانه بسهولة كما فعل مع ما تغدّاه قبل ثلاثة أيام. حسَّ أن فيهِ شيئاً يجب عليه أن يتذكره بأي ثمن.
تيرّا اليسار، خبيرٌ في باب إعدام ابن الإله، تصرّف وكأنه فَهِمَ حقًا حقيقة الإماجين بريكر.
...إذا كانت قوة تلك اليد اليمنى مرتبطة بهذا، هل كان ذلك الرجل يبحث عن قوة شفاء لطيف، أم قوة تدمير باردة؟
الوردي الفاقع والزمردي.
كان ذلك الوحش حقًا معكوس كاميجو توما.
بينما تحوّل كاميجو إلى تنينٍ بألوان أزرق سماوي وأصفر ليموني أحاطت به من الخارج، كان الوحش يخفي هويته بألوان الوردي الفاقع والزمردي تحت بشرته.
هذا يُلخِّصُها تمام.
أكان الفتى من يتحكم في القدرة، أم كانت القدرة تُعَرِّفُ نفسها الفتى؟
بأسلوبه، حاول أن يتحمل كل شيء على عاتقه.
لكن كل شيء انهار أمام عينيه.
هل لعب دور الشرير وتظاهر أنه بلا قلب لأنه لم يعرف كيفية قبول ذلك؟ تمامًا مثلما فعل أليستر وتظاهر أنه توقع كل شيء قادمًا؟
«أنت لا تظن أن هذه القدرة ليست أكثر من قشرةٍ مُلونة تغطي جسدك، صح؟»
«...»
«أنا هنا لأنك تمنّيتني، يا كاميجو توما. هذا هو سبب امتلاكي هذا الشكل. أنت من صنع هذه الأمنية. كنتَ تعلم أن الفكرة سخيفة، ولكن خلال تلك الحرب تمنّيت لو أنك صنعت أفضل بالإماجين بريكر. كنت قد تساءلت ما إذا كانت الطريقة الحقيقية لاستخدامها مخبأة في ذكرياتك المفقودة. لو لم تحمل ندمًا آنذاك، لما كان عليّ الإتيان بشيءٍ سخيف مثل استغلال ذكرياتك المفقودة لأداء دور كاميجو توما واستخدام الإماجين بريكر بشكلٍ أكثر ذكاءً منك!!!!!»
«ما كان عليك... الإتيان بذلك؟»
«لستُ إلا قدرة –– شيءٌ يشوه الفيزياء الكمية. كان من المفترض ألا يكون لدي شيءٌ خاص. إنَّ وعيي، وشخصيتي للتغلب على أي مصاعب، وذكرياتي التي تفتقرها؟ كلها موجودة فقط لأنك تمنّيتها.»
إذن...فما هذا بالضبط؟
هذا يتعارض مع كل ما شرحته إله السحر أوثينوس والإنسان/ـة أليستر.
هل قرأوا شيئًا ما خطأ عن الإماجين بريكر في يده اليمنى؟
لا.
إن لم يكن...
«أنت...»
فياما اليمين رأى كل شيء من منظور المسيحية، لذا لم يكن فعّالًا ضد أليستر الذي رأى كل السِّحر وكل العِلم.
عندما فشل كاميجو في قبول أمنيات الآلهة السحرية المهووسة بالقتالات مثل رئيس الكهنة ونِفثيس، تسرَّب جزء من قوتها واكتسبت طبيعة مختلفة تمامًا التي هي وورلد ريجيكتر لكاميساتو كاكيرو.
فماذا عن منطق أليستر؟
تنين.
حاكم الأعماق وحارس الكنز.
ما كانت المثل العليا لذلك الإنسان الذي كره الوعظ الأخلاقي البسيط ولم يسمح لذلك بتحديد خياراته؟
ما الذي أرادته نِفثيس ونيانغ-نيانغ من كاميجو توما؟
قد قالتا إن يده اليمنى كانت شيئًا إضافيًا وأن "الذي يُطَهِّرُ الإله ويَنْحُرُ الشّياطين" كانت تشير إلى الصبي نفسه وليس يده اليمنى.
فكّر في كل تلك الأفكار التي تبدو كأنها خاطئة بناءً على ما يحدث هنا. كان رئيس مجلس المدينة الأكاديمية قد ضحَّى كثيرًا من أجل تحقيق خطته العظيمة. لقد اِستخدم كل شيء ليرفع شيئاً ما، ولكن...
«لم يكن الإماجين بريكر، ها؟»
«أظننت فعلًا أن هذا يمكن أن يُفَسَّر بشيءٍ رخيص مثل ذاك، أيها القذر؟»
- الجزء 11
زادت الأصوات الانفجارية أكثر وأكثر.
لم تعد معركة أكسِلَريتر وإليزارد مقتصرة على الأرض. انطلقا من جدران القلعة الحجرية، وقفزا إلى السطح المسطح، وواصلا الصراع المستمر.
من كان الأكثر رعبًا هنا؟ إليزارد لتصديها المستمر هجمات أكسِلَريتر التي بها قدرة الانعكاس التي يمكن أن تقتل الإنسان بلمسة، أم أكسِلَريتر لمواجهته تقطيع كُرتانا الثاني لجميع الأبعاد دون حتى أن يتعرض لخدش واحد؟
تحدثت الفتاة التي ترتدي فستانًا من صحفٍ إنجليزية مُهترئة بينما تلف ذراعيها حول عنق الوحش الأبيض.
‹‹....الوصول إلى كلونوث. بدأ استبدال الحسابات.››
نعم.
حتى استخدام السحر الغريب لن يؤذي الـ #1 بانعكاسه المشوه غير طبيعي.
ولم تأخذ اعتراضاته شكل الحصى الفيزيائي والمسامير المعدنية فحسب.
‹‹لا تفترضي أنكِ وحدك من تستخدِمُ السِّحر. فلقد حَلّلَ ذلك العالم!!››
حتى مسار السيف الفعلي نفسه اِلتوى لحظة الاصطدام.
ومع ذلك...
«يبدو أنكَ لا تستطيع منع التقطيع الفعلي متعدد الأبعاد.»
«تش.»
نقر الطفل لسانه على تعليق البالغ.
«سيأخذ كُرتانا الثاني الأولوية على كل شيء ويقطع كل الأبعاد في طريقه طالما كان في هذا البلد. لم أفهم تمامًا انعكاسك هذا، لكن إذا قَطَعْتُ صوب الإحداثيات حيث يوجد الحاجز، فسيلحقك الضرر. صح؟» قلبت إليزارد السيف ذو الطرف المسطح لتغير وقفتها. «معرفة أنكِ لا تُلْمَس هي كافيةٌ لي. ...الآن يرجع الأمر إلى ما إذا اقتدرتُ إيجاد الفرصة أم لا.»
شُفف!!! بصوت شيءٍ يقطع الهواء، اختفت إليزارد.
لم يلتفت أكسِلَريتر حتى.
رجع خطوة عفوية قبل أن يتأرجح السيف العملاق ليقطع الأبعاد المتعددة نحوه من الجانب. لمحت طرف أنفه، لكنه ليس بأحدٍ يُظهر أي شيء على وجهه.
«أشكُّ في أنكِ لَوَّحتي ذلك الشيء عشوائيًا.»
«كانت حركتكَ أبطء هنا.» ربما احترامًا لملاحظته، تحدثت الملكة الحاكمة بكُرتانا الثاني جاهزاً. «لن يصل شيءٌ فعلتُهُ في وقته المناطق التي حَسَبْتَها، لكن المعلومات تأتيك من خلال عينيك وأذنيك وأنفك ولسانك وبشرتك المحضة. هذا يعني أن الاتجاه الذي تواجهه عامِلٌ مُهم. قد يكون الفارق صغيرًا، ولكن إذا استمريت، فسيتمَدَّدُ امتدادًا لا يمكن تجاهله.»
«أوه، أهكذا ترينها؟»
قد تصير هذه الوضعية قاتلة له قريبًا.
بغض النظر عن قوته، لم يكن لدى أكسِلَريتر سوى قدرة واحدة يمكنه استخدامها، لذا كان كشف تفاصيلها الفريدة ونقاطها العمى لمخاطرة كبيرة.
ومع ذلك.
سحب هاتفًا من جيب بنطلونه وشغّله عفويًا بإبهامه.
دززز!!! بلحظةٍ لاحقة، سقط شعاعٌ إلكتروني كالبرق نحو رأس الملكة الحاكمة إليزارد.
وبالطبع.
لم يكن هذا كافيًا لقتل إليزارد.
«آاههه؟!»
زئرت ولَوَّحَت بكُرتانا الثاني فوق رأسها. أطلقت قَطْع الأبعاد المتعددة على شكل هلال لتُمَزّق الهجوم الإلكتروني الذي يقدر بسهولة على أن يفصل مأوى نووي تحت أرضي.
تبدّد شعاع الضوء الأزرق المُبْيَض كالرذاذ.
«لا تتفاجئي بهذا»، قالَ أكسِلَريتر. «إذا فعلتُها، فسأستخدم كل ما لدي. إذا استغلّيتي قوة المملكة المتحدة بأكملها للفوز، فسأستغل قوة المدينة الأكاديمية... لا، بل الجانب العلمي كله. كل هذا من أجل هذا الانتصار الواحد!!»
«...وَيْلٌ لك...!!»
ولكن لم ينته الأمر هنا.
لم يكن الشعاع الإلكتروني الضخم أكثر من ستارٍ دخاني. في الحقيقة، كانت هناك حفرة أسطوانية في الوسط كما لو كانت قطعة عملاقة من المعكرونة. وهذا يعني أن فيها مساحة لإرسال شيء عبر هذا الفضاء الفارغ.
كان العنصر قد رُميَ من محطة الفضاء إلى الأرض.
«ألم أقل لكِ؟ إنّ هذا صراع بين أوَّلَيْن يَقِفان في القمة. يمكنكِ مضاهاة قوتي الإسبرية؟ فماذا؟ ليست إلا نوعًا واحدًا من القوى يحتويه الجانب العلمي!!»
«ما زلتَ قطعةً واحدة؟ حتى وإن كنت قويًا بما يكفي لصَدِّ كُرتانا الثاني!؟»
«أقولها ثانية، هذا صراع بين القمم. يحمل سيفك وزر المملكة المتحدة بأكملها، ومع ذلك تريدين مني القتال دون أن أستعين بجانبي العلمي؟ هل الفوز في الحرب أفسد عقلك؟ لا تتوقعي من كل شيء العمل في صالحك يا عجوز!!»
«كك.»
«تريدين حماية وطنك؟ فستفعلين كل ما يلزم؟ أتعتقدين حقّاً أن شعبكِ سيذرف دموع الفرح إذا عَلِموا أنهم يُستَخدَمون ذريعةً لجبنك؟ إن لم تملكِ ما يلزم لحمل المسؤولية لوحدك، فإياكِ والبدء حتى في طريق الشر!!»
كان هذا استعراضًا.
أمكنه تشغيل الهاتف مُخبّئاً تحت لباسه، لكن الوحش الذي أطلق على نفسه عنوان #1 المدينة الأكاديمية دعاها ترى الهاتف الذي كان يعمل مفتاحًا.
«سوف أعود إلى المدينة الأكاديمية بأي ثمن.» ربما كان قمة الشر، ولكنه كان صريحًا وتجنب كل الجبن. «وسأُغيّر نظام الجانب العلمي كله. سأخلق عالمًا لن لهذا الهراء أن يحدث مرة ثانية. كلانا يحمل وزنًا على كتفيه، لذا لن أتراجع يا ملكة. سأستخدم كل ما لدي لأهزمك. ففي الآخر، هذه مواجهة فردية – واحد ضد واحد.»
«...»
«لا تفترض أن هذا كانت كومةً من الضوء. قلتُ إنني سأستخدم كل شيء وأعنيها. بتدمير النفق، فرّقْتيهِ في كل مكان. ...أظنها في المدينة الأكاديمية كانت تُدْعَىٰ ميموزا.»
ززززز!!!! كانا محاطين بصوت يشبه خشخشة الأشجار. لكنهما كانا على سطح قلعة وندسور الحجري. على عكس الغابات الصناعية، لن ترى أوراقاً تتختخش.
وكانت هذه بقع مجهرية من المعدن.
سوف تستجيب تلك الأسلحة الدقيقة للموجات الكهرومغناطيسية بفتح وغلق أذرعها الصغيرة وستُمَزِّقُ خلايا الإنسان الواحدة تلو الأخرى.
«تش!!»
هل أدركت إليزارد ما كانت عليه؟
أم أنها قررت أن تقطع الفضاء بقاطع الأبعاد المتعددة كُرتانا لتسُدَّ المسافة بينهما بموادٍ مُدَمَّرة بغض النظر عما يقترب؟
«أتريد تغيير العالم بحمل قوّة عظيمة؟» صاحت إليزارد. «لا تضحكني أيا وحش! إنها قوة الشعوب من تُغَيِّرُ العالم!! وكل ما عسانا هو أن نُرِيَهُم الطريق! أظننت فعلاً أن قوّة فردانية ستُغَيِّرُ التاريخ؟»
أرجحت الملكة الحاكمة مرة ثانية كُرتانا الثاني بكلتا اليدين.
«أرفض مراهنة رهان تغيير العالم بمفردي. لن أدخل معارك أجهل فوزي فيها. لأنه في هكذا مراهنة، عليّ أن أستخدم حياة شعبي الأحباء قِطَعًا!!»
لم تعتقد أنها تقتدر تدمير جميع الأسلحة الدقيقة بهذه الطريقة، ولكن إذا دمرت أبراج الهوائي القريبة، فإن خصمها سيفقد على الأرجح السيطرة على أسلحته المدارية والمجهرية.
كان كالقطن المبعثر في الهواء.
ولم ينتهِ بعد. مع فقدان سَيْطرة الميموزا، تَدَمَّر سجن القطن. وظهر التهديد الحقيقي من الداخل.
اتخذ شكل زهور حُلْوَة.
ومع ذلك، كانت هذه النباتات المفترسة ذاتُ المناجل الحادة والفكوك القوية مصنوعة من زهور ونباتات الأخرى.
بدت تشبه كثيراً السرعوف السحلبي. [13]
ولكنها لم تواكب الألوان لتتخفّىٰ، بل صُنِعَت هذه الحشرات حقّاً من مواد نباتية.
«!؟»
«مقاومة الزهور. التكاثر والتلاعب الجيني ليس حكرًا على الحيوانات فحسب. في الواقع، التربية الانتقائية أكثر شيوعًا مع النباتات. ...يقززني منظرها حقّاً، ولكن مثل هذا الهراء سيتجول حرّاً في المدينة إذا لم أعد. وحينها، لن يكون هناك تغيير في العالم.»
سيقدر سِربٌ من السراعف أكل لحوم البشر ومع ذلك كانت جميلة كالجواهر. هاجموا إليزارد بقوة عاصفة رملية. تحركت هذه النباتات أسرع من الحيوان، وكانت أقوى من الحيوان، وستفترس الحيوان. ......لهكذا وصل حَدُّ الغرابة الذي صار حقيقةً.
«لا عليكِ. لن يُفسدوا بيئة بلدك. يبدو أنهم يُطيعون كل أمرٍ بواسطة جهاز تحكُّمٍ عن بعد لتأثرهم بالموجات الكهرومغناطيسية.»
ظهرت ابتسامة واسعة على شفاه حاملة كُرتانا الثاني.
ربما كانت قدرتها على الابتسام في مثل هذا الوقت هي التي جعلتها ذاتُ كاريزمة.
«هذا يُبَسِّطُها أكثر إذا عرفت ما أواجهه!!»
ومع ذلك.
الصوت الآخر انزلق برفق إلى أذنيها.
«أوه؟ هل هو أكثر بساطة؟ إذن لماذا تنظرين بهذه الطريقة؟»
«!؟»
«ألم أقل لك؟ قوتي أنا أكسِلَريتر هي تقنية واحدة من جانب العلوم. لذا لا تتوقعي أن تري ما يحدث حقًا بالنظر إلى الظاهر وحده. أحمل وزن الجانب العلمي بأكمله. وهو نصف الكوكب.»
كان #1 المدينة الأكاديمية.
لكن أكان أيضًا... أكثر من ذلك؟
«أنا رئيسُ مَجْلِسِ إدارة المدينة الأكاديمية، أكسِلَريتر.»
أعلنها.
واندفع الوحش مباشرة نحوها.
تحرك مباشرةً نحو تلك المقاتلة الأمامية ليصل إليها بلمح البصر مهما المخاطر.
أطلق سرعة هائلة حتى انفجر الصوت بتأخُّرٍ قصير.
ما كان للمنطق مجال.
وكان من المقبول أن يبدأ من هنا.
يُمكن أن يعمل ليصير شخصًا قد يحترمه الناس فعلًا.
ولهذا السبب كان لعب هذه البطاقة الأخيرة في جعبته: المصنف #1 أكسِلَريتر. ليس السلاح الفضائي، ولا ميموزا، ولا النباتات اللاحمة. حتى بوجود كل هذه الأسلحة من الجيل القادم تحلق حوله، لن يتردد في توجيه الضربة النهائية إذا كان يحمل أكبر قوةٍ تدميرية مناسبة.
لأن.
لأن هذا كان تصوره للذي أيقظ وحشاً مُعَيّناً. هذا هو الشخص الذي كان يُطاردُ ظهره حينما كان يسلك دربًا مختلفاً!!
«لو وضعتي يدكِ على طُلّابي لأسبابٍ شخصية، فلا تعتقدي أنكِ ستفلتين من ذلك دون عواقب!!!»
طفف!! ضرب الأرض مندفعًا صوبها مستقيمًا دون خدع أو حِيَل ورمى لكمة يمينية نحو الملكة الحاكمة إليزارد.
لم يُسْمَع صدى صدمة عالية.
ذلك لأنه تحكم في المُتّجهات كلّيًا.
ذهب كل تأثير الهجوم داخل جسد إليزارد، لذلك كانت نهاية هادئة.
لكن ضربته كانت جحيمًا مختلفاً تمامًا عن الصبي ذو الشعر الشائك.
بدلاً من أن يطرحهم إلى الوراء، يَهْدِمُهُم ببساطة في مكانهم.
«......همبف»
‹‹مم، ألن تُنهيها يا سيّدي؟››
«كفاكِ سخفاً. إن قَتلْتُها، فسأصير مَرْؤًا يقتل الجمعٰاءَ سَوَاء.»
بَلَغَ أكسِلَريتر جانب عنقه بانزعاجٍ واضح.
قلب مفتاح طَوْقِه.
«أنا رئيس مجلس إدارة المدينة الأكاديمية، لذلك ستؤثر أفعالي على صورة المدينة عمومًا. من هذا المنطلق، هذه مهمتي الأولى وظهوري الدبلوماسي. سمَّوْها مخاطر الكراولي، صح؟ إذا طالبت المملكة المتحدة بتعويضات لا تنتهي للأضرار التي سبّبتها، فلن يكون للمدينة الأكاديمية مستقبل. يجب علي أن أعاقب الطرفين لإلغاء أيِّ دَيْن. هذا أفضل من السماح بحدوث صراع طويل ومديد.»
‹‹تنهد، اليوم حَدِّك بالغ يا سيدي.››
«...»
‹‹س-سيّدي؟››
لفترة، ظلّ رئيس مجلس الإدارة يحدق بالقمر وهو يتكئ على عصاه ذات التصميم الحديث.
في غضون ذلك، فتحت كُوّة قريبة لأعلى. [14]
تسلق كائنٌ صغير على شكل أميرةٍ شقراء طويل كما لو تسلق فتحة غواصة.
ارتدت خوذة صفراء مكتوبٌ عليها "السلامة أولاً" باللغة اليابانية، لذا ربما كانت من منتجات المدينة الأكاديمية. بدا كبيرًا جدًا عليها حيث انزلق بزاوية ولم يثبت.
«أ-أنا الأميرة الثالثة فِليان! جئتُ لأعتقل مثيري الشغب. ل-لا أحد أُصيب أو تأذى، كما أتمنى؟»
«أصيب لمن؟ لو قصدتي والدتك، فهي بخير.» أشار أكسِلَريتر برأسه نحو إليزارد المنهارة. «الباقون مشغولون جدًا لأتعامل معهم، لذا هلّا استخدِمُكِ نُقطة اتصال لنناقش كيف سنمضي بدءًا من هنا؟»
«كـ-كما تشاء.»
«لا تستغبي. لم تكن تكتيكات إليزارد خاطئة. لا أستطيع الوصول إلى أسلحتي بواسطة هاتفي بعد تدمر كل الأبراج الهوائية في المنطقة. لقد كانت رَعِيّتكِ من أعدّت قطع إتصالاتي، أليس كذلك؟»
طفىٰ شيءٌ أمام القمر.
كانت كاراسوما فران، فتاة الأذنين الأرنبية المتدلية من بالونها الفضائي.
«مع تلك البطاقة، سيصعب القول أن هذا كان فوزًا لتكنولوجيا المدينة الأكاديمية وحدها. بعبارة أخرى، نجحتم بالكاد في السماح للمملكة المتحدة بحفظ ماء وجهها. تتصرفين كالبريئة، لكنكِ تبدين الفطنة يا أميرة.»
لم يشاهد أكسِلَريتر كامل الختام، لكن إذا كانت الشيطان العظيم كُرونزون وراء كل شيء، فستكون فتاة الهودي والبيكيني والأذنين الأرنبية في موقفٍ حرج. سابقًا في مدينة الأكاديمية، رأى أيضًا كيف تلاعبت بها جوهرة على جبينها.
ستحتاج إلى منظمةٍ تدعمها إذا أرادت تجنب عيشة الهرب.
لَوْ اتصلت بالوحش الأبيض مسبقًا، فلعتبرها جزءًا من الجانب العلمي ولأمكنه الفوز فوزاً ساحقاً بقوة مدينة الأكاديمية. لكن ولكن هكذا، أثبتت أن هناك أشخاص معقولين متبقين في المملكة المتحدة وأن الفوز لم يكن يمكن ليتحقق لَوْلا مساعدتهم.
(إذن العنف ليس الدرب الوحيد للتسلل داخل أُمّة أو منظمة. لا أريد لهذا أن يكون مضيعة للوقت، لذا سأتعلم ما يمكن منها.)
زفر أكسِلَريتر الهواء وطرق السطح تحت قدميه بعصاه ذاتُ التصميم الحديث.
كان #1 المدينة الأكاديمية ورئيس مجلس الإدارة.
ولكن هذا كان كل ما عسىٰ أن يقوم به الوحش الأبيض الأقوى.
«الباقي عليه.»
- الجزء 12
تلقى كاميجو توما استجابة فورية من الوحش الذي يواجهه.
كان تنيناً.
حارسُ الكنز. رمزٌ غريب يمثل الشيطان ولكن استخدمته العوائل والمنظمات.
كان هذا شيئًا آخر قيّدهُ الإماجين بريكر.
بالطبع، لم تكن فكرة حسنة أن يُقبل ببساطةٍ كُلُّ ما قيل من قبل الذي كان يحاربه حاليًا. كان يعلم أنّ عليه التفكير في هذا الأمر بعناية.
قالت فورتشن أنها لم تستطع سوى الحديث عنها من منطلق السِّحر.
وقد عبّرت أوثينوس بين السِّحر والعِلم، ولكن حتى هي اعترفت بأنها علقت في نظرية الباناسيا واحتارت.
ثم.
أيُّ الجانبين ترىٰ فيه قوة كاميجو توما؟
«أنا هنا لأنك تمنيت ذلك.....»
كرر الوحش كلماته اللعنة.
«لو لم تتدخل ووقفت في طريقي، لبقت تلك السعادة سليمة. لو سمحت لي بأن أتخذ مكانك لهذا اليوم فقط ومن ثم سمحت لي بالرحيل، لما أصاب الأذى أحدٌ. حتى لو كنتُ ورديًا زمردي بغلافٍ إنسي، لأمكنني كسب تلك اللحظة القصيرة. في تلك اللحظة الواحدة ما كان ينبغي عليك الظهور أبدًا!! إن ذلك حقًا وفعلًا لم يكن إلا غرورًا مِنكَ مقيت!!!!!»
من المستحيل أن يعرف كاميجو توما أيَّ شيء عن ذلك، ولكن عندما رأت تلك الفتاة الشقراء العسلية أنّهُ تذكّرها واسمها، صلّت بشدة أن تستمر هذه المعجزة.
كان هذا سببًا كافيًا للقتال.
«لذلك سأحمي هذا.»
ما عاد يهتم بكيف تناقضت أفعاله.
حتى كاميجو توما ذو الشعر الشائك لم يصل إلى هذا الحد بينما كان يتأكد من أن كل أفعاله صحيحة.
لم يتحدث أحد عن الأمور على هذا المستوى.
«منذ أنني هنا بسبب رغبتك، سأحقق تلك الرغبة. كل ما سبق كان مجرد كابوس مضنك والسعادة تنتظرنا في المستقبل. قد تنعكس مواقعنا، لكن عليَّ أن أحمي هذا!! عليَّ أن أجمع كل شيء تركتهُ يسقط من بين أصابعك!!»
«...أحقّاً؟»
بعد ذلك، استنشق كاميجو ببطء متجاهلًا أجزاء البلورة التي اخترقت جلده الناعم.
كرررش، أتت أصوات تكسر البلورات من الأرض.
«لا يهمني كلام أي أحد أو كيف تصف موقفك العاطفي هنا. لو لم تفعل ما فعلت، لما حدث هذا كله. ربما لعبتُ دورًا، لكنها بدأت معك. لا يمكنك تمرير قائمة الفضل السِنمائية في نهاية العرض سريعًا وتنسبها كلها لك. أرىٰ خوفك يتجلىٰ في محاولتك تبديل المشكلة المطروحة وبحثك عن الأمان وحدك!!»
وربما يشيران إلى عيوب بعضهما طوال اليوم.
لأنهما، من حدبٍ، كانا يراقبان بعضهما تمحيصًا أكثر من أي أحدٍ آخر.
ومع ذلك.
قد تجاوزا منذ أمدٍ طويل خطَّ تقديم الحجج ليضربا بوجهة نظريهما المثل.
حاولا إنقاذ الأقربون إليهم بطرقهم، لكن طرقهم لم تتقاطع أبدًا.
كانا عَجيبَيْن ومُخَدِّرَيْن.
وكلاهما قبض بقبضته الملطخة بالدم.
الماضي والحاضر، الوهم والواقع، القسوة والشغف، المُغتصب والمُطالب، المُخرِّب والخاتِم. المُخْلِص والمُنجد.
الخير والشر.
حتى مع تلك النقطة المرجعية للعالم أمام عينيهما، دارت كُلُّ قِيَمِ العالم حولهما كفلكٍ في مداراتها.
هل المرء يراقب القدرة، أم العكس؟
بدا كل شيء يعكس نفسه.
تصادمت النظرات وصرخا معًا سطرًا واحدًا أخير.
ليصلا إلى خاتمةٍ نهائية.
««أنا!! لن أعفوَ عنك أبدًا!!!!!»»
تبعها زئيرٌ مدويٌّ آخر.
هرب قط الكاليكو على طول الأرض مذعورًا.
ركض كاميجو توما إلى الأمام وذراعه الزرقاء السماوية تفككت وأحاطت بجسده كُلِّه. لو كانت مواصفاتهما الأساسية متماثلة، فإن ذلك الصبي الآخر لن يتمكن من صد المخالب السماوية الزرقاء والليمونية الصفراء بيده العارية. محاولة ذلك ستُبْتِرُ ذراعه بأكملها، لذا كان مضطرًا للتعويض بالإماجين بريكر.
بدلاً من ضرب ضربة قوية، تدفق الضوء الوردي الفاقع بهدف أن تتصل وتُلغي الأزرق السماوي والأصفر الليموني. تحركت اليد اليمنى حركة لطم بدلاً من لكمة وتفككت قشرة كاميجو توما.
ولكن هذا لا يهم.
ما قاله الصبي الآخر؟
انتهت إندِكس بهذا الشكل لأن المِنتل-آوت فشلت في التحكم بقلم يُوحَنّا كاملًا. لكن ماذا عن ميساكا ميكوتو؟ ألم يقل أنه لن يفقد السيطرة لَوْلا تدخل الـ A.A.A.؟
بعبارة أخرى...
(إندِكس وحدها من فقدت السيطرة. السلاح الميكانيكي مُحَصَّنٌ ضد المنتل-آوت وميساكا نفسها لا تهاجم الجميع بأمره!!)
«A.A.A.! ساعدني إذا أردتَ حماية ميساكا!!»
ارتعشت كتفي الشرير عند سماع ذلك.
سَمِعَ الفتى ذو الشعر الشائك ضجيجًا غريبًا ونظر لأعلىٰ، أمَلاً في أن يكون شيئًا يمكنه استخدامه، لكنه تعجب بالكاد لما رأىٰ. زيادةً علىٰ مخالب ذراعيه، ظَهَرَ للصبي الآخر مخالبَ اخترقت أسفل قدميه كشوكات الأحذية الرياضية القاسية واستغلّ ذلك ليضمن قبضة أقوى يستخدمُها للهرب إلى أيِّ جانب بسرعة أكبر.
قد يبدو وكأنه كاميجو، لكنه حقًا كان مختلفًا.
أحد الصبيَّين ابتلعته زرقةٌ سَماوية والآخر انبثق منه ورديٌّ فاقِع.
«أنت...»
لكن.
مع ذلك.
«يا ابن الكلب!»
لَوَّح بذيله السميك حوله وزأر.
نعم، لن يستجبب الـ A.A.A. أمْرَ أحدٍ غير ميساكا ميكوتو.
لكن هذا لا يهم.
لم يحتج لأي مساعدة.
أراد أن يخنق خصمه إمكانياته بنفسه خوفًا من الاحتمالية.
كاميجو توما لن يتوقع حظّاً وفير.
قد مشى كل هذا الطريق ليستعيد مكانته ويُحَرِّر أولئك المحاصرين هنا.
السحلية الوردية الفاقعة والزمردية كان لديها فكوك كبيرة، وأجنحة رقيقة، وذيلٌ سميك، لكن هذه لم تكن المرة الأولى التي يرىٰ فيها كاميجو توما أي من هذا. لبس نفس اللباس واستخدمه سلاحًا.
عَرِف كيف يعمل.
وعَرِف نقاط ضعفها وعيوبها.
أكيد يعرف!!
«أووه!!»
بصوت عال، ألقى الصبي العادي بقسوةٍ لكمةً بقبضة يده اليمنى المغطاة بألياف سماوية زرقاء.
أرسلها نحو تلك الفكوك التمساحية التي كانت أكبر من أن يُخطِئها.
وبطبيعة الحال، انغمست ذراعه داخل الفكوك.
انفجرت وجعٌ لا يصدق في رأسه كالشرر.
لكن تلك الذراع اليمنى الغريبة لم تكن أبدًا لحمًا ودمًا بسيط.
وهل ظنّ أيُّ أحدٍ حقّاً أنه لن يضع خطة منذ لحظة سقوط الثريا حتى نهض وأحكَمَ بقبضة الدموية هنا؟
لم يتسرب الدم الأحمر الداكن فقط من ذراع كاميجو توما التي ابتلعتها الفكوك.
«غهه!؟»
تسرَّب الدم من تلك الفكوك أيضًا.
تدفق الدم غير التي جاءت من كاميجو بلا نهاية من بين تلك الأسنان القاسية.
ترنح كاميجو توما إلى الوراء مُنغثاً مع عرقٍ بارد يغمره، لكنه ابتسم ببساطة.
«كيف طعمها، يا وحش؟»
لم يملك الإماجين بريكر.
لكنه لا زال عليه الفوز بأي ثمن.
يجب عليه تحرير الفتيات بأي شكلٍ رخيص كان أو مُضلِّل.
لذا.
«كيف طعم لكمة مليئة بشظايا البلّور؟ لهاث، لهاث. قد فات أوان بصقِها الآن. ولابد أن حلقك ومعدتك قد تمزقتا...!»
لقد استخدم يده اليمنى.
استخدم تلك القبضة لتدمير ما هو خارق للطبيعة.
«آغغ، أنت، كه....»
ذو الشعر الشائك كاميجو توما حَمَلَ شيئًا في يده اليسرى الخاوية. ربما كانت هذه الأداة هنا للطهي. ولربما استُخدِمَت سكين النحت الكبيرة لصنع شرائح رقيقة من لحم البقر المشوي أو شيء كهذا. وبدلاً من تلك التي يحملها السفاح معه دائمًا، كانت هذه الشفرة المشحذة جيدًا مستخدمة من قبل المحترفين.
هذه كانت يده اليسرى، عكس تلك التي اعتمد عليها طوال هذا الوقت.
ولكن تدمير القوة الخارقة لم يكن كافيًا لإنهاء هذا.
كان عليه أن يأخذها خطوةً أبعد.
هذه المرة، كان عليه أن يدمر الجسم المادي كذلك.
قالت أوثينوس إن قوته ليست في كمية العنف المباشر ولكن في قدرته على التواصل مع الناس دون التخلي عنهم.
لكن مرة واحدة فقط، كان عليه أن ينهي الأمور مرة واحدة وإلى الأبد.
«فهمت، إذن لهذا السبب اختارتك ...ولماذا طارت خار—»
قد تمزق الوحش العجيب من الداخل والآن هاجمته هجمة من الخارج تخترق وسط صدره.
لم يَحتَجْ كاميجو إلى استخدام الكثير من القوة.
كان عليه فقط أن يتكئ على خصمه وينهار عليه بينما يضعف تدريجيًا.
«هِهْ.»
لم ينهر الوحش.
حتى مع الشفرة الكبيرة تخترق صدره، فتح جناحيه بعرض واسع ليمسك كاميجو وكأن الصبي يتكؤ بضعف على جدار.
«لم تنتهي بعد.»
«أدري...»
«أنا هنا لأنك رغبت. ولقد رفضت هذا الجواب الواضح لتفعل ما تريد. لا تدعهم يموتون ...لو أنك استخدمت هذا الشيء صحيحًا، لعلّك أنقذت سحرة الذهب. وعلى الأقل، لم يكن على أليستر أن يموت ويترك ابنته خلفه. لا ترتكب مثل هذا الخطأ مرةً ثانية.»
سُمِع صوت التواء شيء.
الصبي الآخر تفتت إلى اللونين الوردي الفاقع والزمردي الذين دارا في الهواء وتجمعا حول كتف كاميجو توما الأيمن.
كما لو تذكرت مكانها الدائم.
عادت يده اليمنى وحدها إلى طبيعتها.
انسجمت مثاليًا حيث كان الأزرق السماوي ولم تترك مجالًا لفقدان حتى قطرة دمٍ واحدة.
كان هذا مختلفاً عن القشرة المُخَدِّرة.
كانت هذه ذراع الصبي اللحمية التي تحمل الإماجين بريكر في قبضتها.
امتلكت يده المستردة شيئًا: الهاتف الذي فقده.
لم يعلم أبدًا أن البلاستيك العادي يمكن أن يكون مريحًا هذا القدر.
«تنهد.»
زفر مرتاحًا.
انحسر الألم وأمكنه أن يشعر بذراعه الطبيعية مرة أخرى.
لكن هذا لم ينتهِ.
هزت دورة منخفضة قاعة الرقص في قلعة وندسور.
لم يكن قتل الصبي الآخر هدفه.
كان قد دخل القلعة لإنقاذ الفتيات المسجونات.
لذا.
«هنا حيث يبدأ عملي الحقيقي.»
فتاة المِنتل-آوت ما تزال غائبة ويبدو أن أوامرها لا تزال سارية حتى تزيلها. كانت إندِكس وميساكا ميكوتو مستمرتين في الصراع، لذا كان عليه أن يقف وينهي النزاع قبل تحديد المنتصر بينهما.
بالتحديد، كان عليه أن يوقف قلم يُوحَنّا والـ A.A.A.
عجزت الكلمات عن وصفهما.
ما عاد مهمًا ما كان غرضهما الأصلي. ما عاد مهمًا أن تلك الخُطَط الضخمة قد فشلت وأن الأدوات لم تكن ذات فائدة لأحد.
نقصتهُ دماء.
لقد عادت يده اليمنى، لكن الشظايا البلورية ما تزال تخترق بقية جسده.
ومع ذلك، حرك جسده المضطرب ليخطو خطوته الأولى نحو موقع الانفجار.
سرعان ما زاد من سرعته مُهَرْوِلًا وصار يركض بالقصوى في لحظات.
قبض قبضته بكل ما مَلَك.
الخير والشر لا يهمان.
لم يكن هذا يتعلق بمصير العالم أو مستقبل الجنس البشري.
هذا الصبي يمكنه المخاطرة بحياته من أجل أمور أصغر بكثير.
«إنهاءُ هذا لن يمنع الكارثة؟ ألا يمكن لصبي عادي في المدرسة الثانوية أن يُغَيّر أي شيء؟ إذا كان هذا ما أقنعت نفسك به...»
فبعد كل شيء،
هذه هي القوة التي أعطت شكلا ملموسًا لتلك الأفكار.
«إذن، سأدمر ذلك الوهم!!!!!!»
- الجزء 13
كانت إندِكس تحت تحكُّمِ طور قلم يُوحَنّا، وكانت ميساكا ميكوتو مغمىٰ عليها داخل الـ A.A.A.
السِّحر والعِلم.
إذا تُركتا تواصلان القتال، فسوف تستمرّان حتى تتوقف إحداهما تمامًا عن الحركة... وبالعربي، حتى تموتا. ومن يعلم إلى أي مدى سينتشر الضرر بينما تواصل تلك العاصفة المُشَوّشة من الرصاص العشوائي بالطيران.
كان لكاميجو توما القليل مما يقدر.
عادت يده اليمنى.
لكن ذلك يعني أنه لم يعد قادرًا على استخدام تلك القشرة الزرقاء التي تغطي كامل جسمه.
وكان مُتقبلًا لهذا.
شعر برَيحة أكثر مئات المرات لاعتماده مجددًا على قوة يده اليمنى لإبطال الخوارق بدلاً من كتلة العنف تلك التي يمكن أن تقتل خصمه لَوْ أخل بتحكمه قليلًا.
ظهر أحدٌ بناءً على رغبة في نَفْسِه.
ولقد أُعْطِي لذلك الواحد ذكريات وشخصية، لكنه لم يرضى بذلك وحسب. قد حاول أيضًا حماية أحدٍ ما في هذا العالم المضطرب. ولقد أزاح جانبًا ليعطيه مقعده، لذا لا يمكنه أن يفشل في هذا.
وبهذا، نظر كاميجو توما إلى المشهد بأكمله وركض فورًا في صَوْبٍ مُعَيّن.
كان لديه هدف واحد:
«إندِكس!!!!!!»
ركض نحو الفتاة ذات فستان الأميرة القصصي الملون بالأبيض مع خطوط بنفسجية محمرة.
كانت إندكس فتاةً لا تحب القتال. لم يعرف من أين أتت بها، لكن لابد أن قلقها على من حولها قد دفعها إلى البحث عن تلك الحقيبة الطبية الأولية التي تشبه مجموعة فرشاة الأسنان الليلي. وقد وصلت هذه الإمدادات إلى أوثينوس حيث كانت بالكاد تحافظ على الفتاة الشقراء العسلية حيّة.
وأكيد، كان جزءٌ من السبب يكمن في حقيقة أن الإماجين بريكر لا يفيد ضد بنادق الـ A.A.A. وشفرات معدنها الثقيلة.
ولكن كان هناك سبب أساسي أكثر من ذلك.
كانت ميكوتو بفستانها اللانجري وبظهرها المكشوف مجرد راكبة مع الـ A.A.A. وكانت هذه الآلة تستجيب وتقاوم أي خطر على راكبها، لذا لم تتعطل أجهزتها أو برمجياتها لتُفلت عن السيطرة.
بعبارة أخرى.
عاد قلم يُوحَنّا بطريقة ما بعدما دمرته مينا ماذرز، لكن إذا تمكن من وقف إندكس عن الهجوم، فإن الـ A.A.A. سيتوقف أيضًا. وهذا ليس شيئًا يمكنه أن يُنجحها بالحجة.
شيء لا يستطيع تذكره تمامًا وَجَعَ في عقل كاميجو توما.
طوق. [15]
كان مصدر كل المآسي الذي سرق من الفتاة حرّيتها وكرامتها بالسيطرة عليها لتكون أداةً لا أكثر.
شيء في عقله قال له إن هذا شيء يجب عليه الدمار مهما كلف الأمر.
«أووه!!»
رفع صوته وركض.
ركض نحو الراهبة التي ميّلت جسدها لتتجنب هجوم الـ A.A.A. المباشر وحاولت إرسال هجومًا قاتلًا على جانب الفتاة الـ #3 في المدينة الأكاديمية التي لم تحاول إخفاء فستانها اللانجري الأزرق أو ظهرها الأبيض اللبني.
لابد أن حارسة الموت قد سمعت خطواته الانفجارية لأنها أدارت رأسها.
أدارت نحوه.
‹‹‹تحذير: الفصل 43 ، البيت 625. البحث في بيانات الذاكرة. عثرنا على تدابير احتياطية محفوظة. بداية الهجوم المضاد بالتدابير المضادة الموجودة في قِطعة الاحتياطيات.›››
ظَهَرَ الضوء في كلتا عينيها وانبثق دوائر سحرية في الهواء.
جرى شق أسود عموديًا على موضع تقاطعهما ولمح شيءٌ ما نظره.
هذه ورطة.
أخبره شيء ألا يستخدم يده اليمنى هنا.
لكن.
لهذا السبب عليه أن يفعل ذلك.
لم يفهم أي شيء من هذا وكان يتّبع ذاكرةً مخفية وراء طبقة سميكة من التشويش ، لكن...
(عليّ فعلها.)
حسَّ بنفسه يعصر قبضته اليمنى بقوة أكبر من أي وقت مضى.
لم يقاوم كاميجو توما حُنقة قلبه.
(هذه المرة، عليّ أن أتحداه وأتغلب عليه!!)
كما انطلق شعاع الضوء الأبيض النقي، دفع كاميجو جسده دفعةً جانبية بكل قوته.
ولكنها تبعته.
تحرك الشعاع المدمر ككشّاف ضوء، مدمرًا جدار القلعة. كان هجومًا أفقيًا مُتأرجحًا، لكن...
(إذا كانت هذه كل ما عليه، فيمكنني تفاديها!!)
كان عليه فقط أن يحني ركبتيه وينخفض أثناء الركض حتى يمر الضوء فوق رأسه.
ضبط مساره بحيث ركض هنا وهناك بنمط حرف S.
ما كان هدفه إندِكس، بل هوامش التقاطع للدائرتين السحريتين. كان الوحش المجهول يطل من أعماق ذلك الشق العمودي الأسود.
«لن أترك أي شيء مُعَلّقاً.»
لم يتذكرها، لكن هذا كان شيئًا قد أدى إلى هزيمته مرةً.
كان شيئًا عليه غلبُه في نهاية المطاف.
«بهذا ينتهي كل شيء!!!!!»
انفجر للأمام مُنطَلِقاً.
مهما كان، إذا كانت إندِكس تعتمد عليه، يجب أن يكون سحرًا... وبالتالي قوةً خارقة. يمكنه تدميره إذا اتصل به. يمكنه استعادة تلك الفتاة الطماعة والأنانية التي لا تزال تقلق بشأن الناس أكثر من أي أحدٍ آخر.
أراد أن يرى ابتسامتها مرة أخرى. هذا يكفي بالنسبة له. ولَوْ كان ذلك أنانيًا!!
‹‹‹تصحيح: الفصل 91 ، البيت 55. استبدال التدابير المضادة الموجودة في قِطعة الاحتياطات بناءً على البيانات الجديدة المُحصلة. تعزيز التدابير المضادة واستئناف الهجوم.›››
«!!!؟؟؟»
تَضَبَّطَ الشُعاع ليكون على مستوى الورك.
كان هذا أصعب ارتفاع للتجنب. إذا حاول القفز، فسيصيب ساقيه. إذا نزل، سيتبخر رأسه. ولكن إذا استخدم يده اليمنى، فسيعلق في طريقٍ مسدودٍ ميئوس. حتى لو نزل أرضاً لتجنب الأرجحة الأولى، فإن الشعاع سيُوَجَّهُ صَوْبَهُ تاليًا. وهذا يعني كش مات.
ولا يزال بعيدًا كثيرا.
لكن في هذه اللحظة، انفجر صوتٌ معدني باهت من مكان مباشرة إلى جانبه.
كانت ميساكا ميكوتو.
لا، كانت الأيدي الآلية تحميها. تحركت الأذرع العديدة وانتشرت مثل الأجنحة وهي تندفع نحو إندِكس التي كانت في قبضة قلم يُوحَنّا. كانت تعمل على إيقافها حتى لو للحظةٍ واحدة لإعطاء الصبي وقتًا.
عطر حلو خافت يدغدغ أنفه.
هل جاء ذلك من عنق الفتاة ذات الشعر القصير المربوط إلى الوراء؟
«توقفي يا ميساكا.»
تحدث دون تفكير.
لقد عادت يده اليمنى ومعها نحسها، ومع ذلك...
«لستُ معتادًا على حدوث الأشياء الجيدة. ستهزين عزيمتي.»
لم يكن كاميجو يعرف كيفية عمل القوة التي تسيطر على عقلها، لكنه شك في أن هناك فرصة كبيرة لسماعها أي شيء الآن.
ومع ذلك.
على مستوى يتجاوز المنطق، أحدثت أكتاف الفتاة ذات الفستان اللانجري الأزرق النحيلة ارتجافًا بسيطًا. كانت هذه بالتأكيد حركة الفتاة نفسها وليست الأيدي الآلية.
وهذا كان كافيًا.
بمساعدة شخص مقرب منه، وصل إلى مكان لم يستطع الوصول إليه بمفرده.
أخذ كاميجو توما خطوة أخيرة.
هذه المرة، وصل إلى الراهبة الروبوتية التي كان شعرها الفضي يُرَفرِفُ خلفها.
حانت اللحظة ليعصر قبضته اليمنى بكل ما يملك من قوة.
«لنُنهِهٰا يا إندِكس.»
سينهيها حقًا هذه المرة.
سينظف كل شيء.
لن يخسر أي شيء أكثر.
حتى ذكرياته. لن يسمح بوجود ثمنٍ لها.
«لا عليكِ. يمكننا جميعًا أن نبتسم معًا ونعود إلى المدينة الأكاديمية.»
رنّ رنين الخاتمة وانعكست في قاعة الرقص.
هذا كل ما احتاج إليه.
تحطَّم الشق الأسود مباشرة في الفضاء نفسه. لا، وصلت يده بوضوح إلى الشيء الذي كان يكمن في الداخل ويُحاوِلُ الخروج. مع صوت تحطم شيء صلب، تدمَّرت الدوائر السحرية، والشق، والشيء غير المرئي كله في نَفَسٍ واحد.
لم يبقَ منها شيء.
أمسك كاميجو الفتاة ذات الشعر الفضي التي انهارت بلا حياة نحوه كدمية قُطِعَت خيوطها.
طفى شيءٌ حولهم.
ريش بيضاء، ملائكية، تسقط كالثلج.
لكن.
حتى بهذا.
صدى صوت فرقعةٍ هادئ.
قبل أن تلامس احداها قذال كاميجو توما، رفع يده اليمنى ودفع جانبًا ذلك الشر الأخير دون أن يلتفت حتى.
فعل بالضبط ما كان ينبغي عليه فعله في زمنٍ مضى في مكانٍ آخر.
«كما قلت، انتهى.»
تعليقات (1)
اختر اسم وأكتب شيء جميل :)