-->

الفصل الثاني: العقار الرابع

(إعدادات القراءة)

انتقال بين الأجزاء

  • الجزء 1

«كله تمام، فلقد تخلصنا من الدمى السادية.»

«تقول هذا. لكنك لم تترك. أي علامة. تُشير إلينا، صح؟»

«أحلف أني ما تركت.»

ابتسم الفتى بمرارة وهو يستمع إلى الصوت الاصطناعي المبتهج الصادر من هاتفه. بدا الصوت أقرب إلى مُمَثّلة صوتية.

كان نقاشهما مثيراً للريبة أقصى ما يكون، لكنهما ما كانا غبيّين ليتكلما مكالمة عادية، بل استخدما بدلاً من ذلك تطبيق ناسخ الصُوَر الرمزية. كانت تلك خدمةً صناعية تتيح للبوتيكات أو محلات التجميل عرض موظف ثلاثي الأبعاد على شاشة LCD كبيرة ويُجيب على أسئلة العملاء، ولكن لم يكن معروفًا أن أي أحدٍ يمكنه استخدام الخدمة بهاتفه أو جهازه اللوحي طالما مَرّ بعملية صحيحة. باستخدام حسابات مؤقتة، كان أسهل على الطرفين التظاهر بالجهل ما إذا اكتُشِفت محتويات الاتصال يومًا ما.

كانت الخدمة التي تسمح للطرفين بالتواصل دون كشف وجوههم أو أصواتهم الحقيقية مفيدة للغاية.

للصحفيين، كان البحث عن طرق متنوعة للاتصال بالناس جزءًا من عملهم. فيه تُتيح لهم إنشاء بيئة يرتاح فيها المُبلِّغون في مشاركة معلوماتهم وتُمنح لهم وسائل الاتصال بالناشرين المختلفين أنفسهم.

كان الفتى في الحي 4.

كان حَيّاً فريدًا بتركيزهِ على الطعام، لكن الفتى كان في شارعٍ صيني أكثر غرابة.

ولتندمج في المناظر الطبيعية، حتى عنفات الرياح ثلاثية الشفرات صُبِغت بالأحمر هنا.

رأىٰ زهورًا ملونة مزروعة في تربة داكنة حوله، لكن المرء لن يرىٰ المكان حديقةً صغيرة. جلس الفتى داخل سقيفةٍ مظللة [1] حيث يمكن لأي أحدٍ الراحة. كان الجو باردًا حيث كان الصباح باكر، ولن يزور الحر المكان أبدًا إذْ أنّ مستشعرات السقف ستكشف الحرارة تلقائيًا وقت النهار فتُبرّد.

كان مرفقاً عامًا يهدف إلى جعل الناس يستمتعون بالزهور، ويحتسون شايًا صيني، وربما يلعبون لعبة [ڠو] مستمتعين بالراحة والفراغ. لكن لن يأتيها أحدٌ قبل أن تبدأ القطارات في العمل لليوم.

كان صباحًا باكرا من يوم 30 أغسطس.

وبالتحديد، كانت الساعة 4:30 صباحًا.

كان الفتى في المدرسة الإعدادية يُدعىٰ كاغياما ساسكي يستخدم تطبيق موظف الصورة الرمزية للتواصل مع أحد ما بينما كان رابضاً منخفضاً وهو يؤدي عملاً ما.

كان يحفر حفرة في التربة.

كان يحمل في يده الأخرى شفرة بيضاء ناعمة. كانت بطول 30 سم أو يزيد. بدت السكينة اللا معدنية سيراميكاً، لكنها ما كانت.

«إن استخدام قدرة إسبر. للقتل يمكن أن تُتتبع إليك. بعد البحث في البنك. ولكن بإضافة سلاح. أنت تخلق دليلاً ماديًا.»

«فكرنا في ذلك، بالطبع. أه ههه هه. لن يبقى عندهم أي دليل.»

قد يبدو مصطلح "البلاستك القابل للتحلل الحيوي" وكأنها تقنيةٌ مُتقدمة، ولكن يمكن حتى صُنعه من الكِريمة.

ومادمت تمتلك المادة، يمكنك صنع أي شيء منها تقريبًا.

على سبيل المثال، يمكنك إنشاء سكين كبير بطابعة ثلاثية الأبعاد ثم شحذه بحجر شحذ. وإذا قتلت بها نَفْسًا، سيكون السكين أكبر دليل، ولكن إذا دفنته ببساطة بعيدًا عن مسرح الجريمة في الحي 9، فسوف يتحلل تحت الأرض حيث تستهلكه مختلف الميكروبات.

«نحن في جانب العدالة، لذا لا يُفترض بنا اللجوء إلى هذه التدابير الاستثنائية» قال الفتى كاغياما. «فتخصصنا هو قتل الناس مَدَنيّاً بالصور.»

«مَدَنياً؟»

«ماذا، أعندكِ مشكلة؟»

أطلقوا على أنفسهم اسم الأحرار.

كاتب حُر، مصور حُر، ومشغل طائرات درون حُر.

عمل ثلاثتهم معًا باعتبارهم مجموعةً صحفية دون ضغوط.

وكانوا بلا رَيْبٍ يعملون في جانب العدالة.

في الحالة المثالية، يمكنهم التقاط صور حاسمة تكفي للقضاء على شرور المجتمع. ولكن كصحفيين فخورين، لن يدفعوا أنفسهم شديدًا أو يطاردوا عدوًا بعيدًا. ومع ذلك، في وجه شرٍّ قوي يغطي الصُوَر الحاسمة التي قدموها، كانت "التدابير الاستثنائية" ضرورية.

وهذا يعني قتلهم للشر مباشرةً بأنفسهم لإنهائه.

كانت الصور تمنح عدوهم فرصة لإعادة النظر في حياته بعد فقدان كل شيء. القتل أخذ حياتهم فقبضها، فأولىٰ الأحرار لهذه الحقيقة اهتمامًا عند تحديد مصير أعدائهم.

ربّت كاغياما على التربة الداكنة ومسح يديه بمنديل بلل. لاحظ تربة تحت أظافره، لكنه قال أنها لن تمنعه من التعامل مع معداته الكاميرا.

الآن اختفى الدليل.

مع مرور الوقت، سيُمحىٰ السكين تمامًا ببكتيريا التربة، لذا يمكنه تجاهل أي وجميع المخاطر، بما في ذلك أي بصمةٍ تُرِكت على السكين.

«في هذه الحالة. عليك الاستمرار. في العمل على الوظيفة الرئيسية.»

«سنواصل العمل على القضية التي اهتممتم بها. وأعني تزويد المعلومات، وليس القتل.»

سَجّل كاغياما خروجه من تطبيق موظف الصورة الرمزية وداس على التربة السوداء بنعل حذائه.

سيختفي السكين المدفون من نفسه.

والآن...

«إذا قمنا بكل ما تريده جماعة النبلاء أولئك منا، فلن ينتهي صيفنا وعملنا أبدًا. ما الذي تنويه أيتم؟»

«إنّي أراقبهم.»

أجابتهُ فتاةٌ ذات بدلة زاهية الألوان.

كان اسمها سايتاني ميلوسِن.

فتاة الثانوية الشقراء كانت نصف فرنسية. حملت أنبوبًا بلاستيكيًا بطول 30 سم، لكنه ما كان زجاجة قهوة تراه عند سيدات الأعمال ذوات التنانير الضيقة.

كانت هذه أداة أخرى من أدوات تجارتهم: ميكروفون بندقية عالية الاتجاهية.

‹‹في النهاية، قُتلت عازفة القيثار من الدمى السادية من شخص آخر من جانب العدالة، صح؟ ولا حتى [صوت الهاتف] تعرف من كان في جانب العدالة؟››

كان الجهاز مخصصًا لالتقاط تسجيلات عالية الجودة لأصوات الطيور البرية من مسافة بعيدة إذْ أنها طيورٌ حذرة. بوضع ميكروفون البندقية على الطاولة الخشبية وتوجيهه في الاتجاه الصحيح، يمكنه التقاط الأصوات بدقة عبر الزجاج المقوى السميك لمتجر بقالة على بعد أكثر من 30 متراً.

لسبب ما، بدا أن الأيتم ليس لديهم مخبأ محدد، بل يتنقلون متكررًا بين مختلف المحلات التي تعمل على مدار الساعة. كانوا يتصرفون كالهاربين في عطلة الصيف، وحاليًا يمكثون في قسم الطعام في متجر بقالة.

الفتاة التي كانت تجلس على كرسي بجانب النافذة وتنام بخدها على الطاولة من الملل كانت بوضوح فريندا. كانت تحدق بلا مبالاة في هاتفها المنسدح كذلك لتُشاهد شيئاً ما عليه. بدت حقّاً فتاةً بريئة لا تريد انتهاء عطلة الصيف فهربت من سكنها الصارم لتقضي وقتها في أي مكان بهِ خدمة إنترنت مجانية.

لكن ما نطقته كان أبعد عن البراءة ما يكون.

‹‹هل تعتقدين حقّاً أن أحدًا يتفوق على [صوت الهاتف] دَهاءً؟ في النهاية، أراها تتحكم فينا.››

«خطأ،» تمتمت سايتاني بابتسامة صغيرة.

كاغياما ساسكي وسايتاني ميلوسِن كانا من مدرستين مختلفة، لكن كلاهما من نادي الصحافة المدرسية.

كما كان العضو الثالث في مجموعتهم.

«تمويلنا ينفد.»

«ماذا عن ناشرينا المعتادين؟ فومياكي صار مملًا، فما رأيك أن نرسل لهم بعض صُوَرِنا في المخزون؟»

كانت نوادي الصحافة المدرسية شيئًا من الماضي.

في عصر يرىٰ للناس فيه ما يريدون على هواتفهم، من سيكلف نفسه عناء التوقف في الممر ليقرأ صحيفة مدرسية على الحائط؟ وحتى إذا جاروا التطور ولحقوا بالنسخ الرقمية على الإنترنت، ما أمكنهم الكثير. والقواعد الجديدة التي تهدف إلى منع الطلاب من بدء لوحات رسائلية مدرسية سرية كانت تعرقل أيضًا الصحفيين المدرسيين.

لكن هذا جعل من النادي مثالياً للتمويه.

من خلال إنشاء شبكة سرية من نوادي الصحافة المدرسية، يمكنهم استغلال بِنية كل مدرسة التحتية لملاحقة فضائح التنفيذيين في الشركات والمشاهير وتوجيه الضربة القاضية بإرسال الصور بشكل مجهول إلى قسم التحرير في مجلة صور أسبوعية.

«أي أخبار عن تجنيد نادي الصحافة في توكيوداي؟»

«لا، لكنهم لن يُأخروا كل هذا الوقت إلا وأنهم يُقلّبون الأمر على أوجهٍ ويعتبرون. عندهم نزعات تمردية في مدرستهم، هذا أكيد. تبدو الأوضاع فوضوية هناك، فمن يدري إن كانوا ينضمون إلينا في النهاية أم لا.»

السعي وراء الحقيقة كان حياة الصحفيين.

وهذا يعني أنه لن يكفيهم الإبلاغ عن المجرمين. بل أنهم سيُنقبون عن كل ما يعثرون عليه حول الضحايا أيضًا.

شَغّل كاغياما تطبيق التسجيل الذي استخدمه لأخذ الملاحظات وبدأ تسجيلًا لصوت رجل مسن.

كان ذلك الرجل والد عامل ساحة الخردة الذي كان يُعتقد أنه وقع في القتل الجماعي الذي ارتكبته فرقة الدمى السادية.

‹‹أرجوكم اذهبوا. لا أعرف من أنتم، لكننا ما نريد منكم إلا أن تتركونا بسلام. أرجوكم لا تستخدموا موت ابننا ذريعةً لتبرير جرائمكم!!››

مع تطبيق التسجيل ما زال مفتوحًا، أغلق كاغياما عينيه برفق.

وتأمل فيما سمع.

‹‹هو يؤلمنا بقدر ما يؤلمك.››

‹‹نعم. لكن إذا أخبرناهم بهذا، فسنجعل من هؤلاء الآباء شركاءً لنا.››

‹‹هكذا هي طريقة أهل الضحايا في إخبارنا أن نفعل دون أن يقولوها علانية. العدالة الحقيقية تعرف كيف تصطاد تلك التلميحات وتتصرف بناءً عليها.››

كان الأحرار يؤمنون بالتصرف نيابة عن الضحايا.

سيفعلون المستحيل إن عنى هذا الأخذ بثأر العاجزين عن الانتقام بأنفسهم.

ما سعوا للشكر والثناء. في حالات الانتقام الجَلِيّة، لطالما كان الأقارب أوّل من يُشتبه بهم، فكان أفضل للأقارب ألّا ينطقوا شيئاً أبدا. يكفي [للأحرار] أن يعلموا أن غيرهم حامدون لفعلهم وإن لم يَرَونهم.

انتهت مهمة الدمى السادية دون حادث.

حان الوقت لمواجهة المأساة التالية.

عدّلت سايتاني موضع ميكروفونها البندقية.

كانت قوتها هي قراءة الكهرباء.

بهذه القوة، استطاعت اكتشاف صوت الكهرباء الساكنة التي تتطاير على سطح أجسام الناس بدقة، مما يسمح لها بتوقع حركة عضلاتهم ومفاصلهم. بينما يمكنها توقع الحركة التالية لأحدٍ ما بدقة كاملة وإعداد هجوم مضاد، كان صوت الكهرباء الساكنة ضعيفًا لدرجة أنها لن تسمعه دون أن تضع أذنها على صدر عدوها. هذا جعل قوتها غير عملية بدون دعم ميكروفون البندقية.

(بالطبع، قوتي ليست أفضل بكثير بهذا وحده.)

«هناك أمرٌ يحدث بالتأكيد مع المشهور #1، أكسِلَريتر، لكن الوصول إليه مباشرة سيكون صعبًا.»

«نعم.»

«لذا علينا إثبات أنفسنا أولاً. وما إن نُثبت قدرتنا على قتل من في المستوى 5 بقوة حشود الإعلام، حينها سيكون الكبار أقرب في أن يتعاونوا معنا. لحسن الحظ، لقد كسب #1 أعداءً كُثُر. نتعامل معه لاحقاً.»

نظر كاغياما من خلال عدسته الكاميرا SLR. كانت مجهزة بعدسة مُقرّبة كبيرة لدرجة أنها بدت قادرة على التقاط صورة لبصمات الأقدام على سطح القمر.

«أولاً، علينا بالأفضلية إن تعلق الأمر بالمعلومات. على وجه التحديد، علينا معرفة مقدار المعلومات التي تمتلكها أيتم عنا.»

«ثم ماذا؟»

«إذا كانت معهم معلومات عنا، فلا فائدة من الاختباء. سنُغتال بغتة، مثلما حدث مع شخصٍ مُعَيّن.»

«وإذا ما امتلكوا شيئاً عنا، أنختبئ بسلام؟»

«أجل.»

«لا تضحكيني. نعلم جيدًا أنكِ ستنشرين صورهم وأصواتهم على الإنترنت بأسرع ما يمكن. ما لهم مستقبل بأي حال.»

في تلك اللحظة، سمع كاغياما صوت ارتطام مكتوم وشعر باهتزاز.

(ما كان هذا؟)

نظر بعيدًا عن سايتاني الجالسة بجانبه ثم تجمد في مكانه.

‹‹أغغ، مُكَيف ذاك المتجر قوي حد الموت. وطَيّر عني النوم. سأتجمد إذا ما شممت هواءً نقي أولا.››

كانت موغينو شيزوري.

تلك الفتاة الخطيرة الوحش جلست عند مقعدٍ آخر في السقيفة المظللة المكشوفة، حيث باتت على بُعد مترٍ واحدٍ فقط.

  • الجزء 2

كانت موغينو في مزاج سيئ وهي تجلس على مقعد السقيفة.

كان هاتفها هو مصدر هذا المزاج السيئ.

تلقت مكالمة من عائلة الموغينو خارج مدينة الأكاديمية.

‹‹يا له من وضعٍ بائس... كيف لابنة عائلة الموغينو المجيدة أن تجد نفسها بلا مأوى وتقضي لياليها في مطاعم للوجبات السريعة؟››

«اصمت يا موجيناياما. أين اختفى احترامك لسيدتك؟» تمتمت موغينو.

كان الخادم موجيناياما يتحدث بلطفٍ شديد، وهي تعي جيدًا أنه لا عليها أن تأخذ ما يقوله على محمل الجد.

ما كان معتادًا أن يتصل مباشرة على هاتف موغينو. لكن لابد أنه اتخذ هذا القرار بعد استخدامه طرقاً غير مباشرة مختلفة ليستنتج أخيرًا أن هناك خطبًا.

ظهرت شفقة في صوته.

ما كان هذا شعورًا يُوَجّهه الخادم نحو سيده.

كان هذا طارئًا لفتاةٍ مُخملية. [2]

‹‹إذا لزم الأمر، يمكننا إرسال المَدد لدعمك. ونرسل حتى عربة سكنية أو شاحنة ترفيهية كبيرة بها عُدّة لبناء منزل بسيط بمواد 2×4 بنائية. تُغلق المدينة الأكاديمية على نفسها بإحكام، ولكن هناك خدمات توصيل تستخدم الطرق الرسمية.››

«أكيد أنك تمزح. إذا قبلتُ مساعدة من العائلة، سأكون محط السخرية حتى نهاية الزمان.»

‹‹أراحني كثيراً سماعك تقولين هذا. حتى لو كنتِ تعيشين حياة بائسة بدون سقف يحميكِ، أرىٰ أنك لم تنسي أنكِ ابنة عائلة الموغينو الفخورة.››

«موجيناياما.»

أعَدّت لتوبيخه بجدية، لكنها اكتشفت أنه قد أغلق المكالمة.

لَعَلّه يكون رئيس الخدم، لكنه خادم وهي السيدة.

«ابن اللعين.»

كادت أن تسحق هاتفها في قبضتها لكنها أوقفت نفسها في اللحظة الأخيرة. تجاوز موجيناياما القيود ليُشجّعها. وقد أخبرها بإيجاز عن الأوضاع الحالية في عائلة الموغينو.

كان المنزل أكثر من مجرد مكان للنوم.

بالنسبة لعلية القوم، كان رمزاً للمكانة كما ساعة اليد أو الحقيبة اليدوية.

(إنه لطيفٌ وزيادة. آغغ، علينا إيجاد مخبأ جديد في أقرب وقت.)

  • الجزء 3

نعم، كان لأيتم أربعة أعضاء.

إن ركّز الأحرار على واحدة، قد يغفلون الأخرى.

الصحفيّان المُذنبان كانا يرتجفان بوجود مجرمة شرسة تجلس عبر طاولة السقيفة قبالتهما.

«(م-م-م-ما الذي أتى بموغينو شيزوري هنا فجأة؟ حسبتُهُم أربعتهم كانوا في ذاك المتجر!)»

«(لا تسألني! ما أنا إلا المسؤولة عن الاستماع. أنتَ المُصَوّر، لذا هي غلطتك أنك ركزت كثيراً على هاتفك! حسبتُ أن إحداهن تُثرثر أكثر من الأخريات!)»

ما كان صوتهما عالٍ بالطبع.

هذا لم يكن خيارًا وموغينو على بُعَيد متر منهما. جلس كاغياما وميلوسِن جنبًا إلى جنب، وضغطا بسبّابتَيْهما على الآخر وتواصلا بسرية باستخدام النقر على شفرة مورس.

اختارا هذا المكان لأنه لم يكن مغطى بكاميرات الأمان، والممر المتشقق قليلاً أبعد الروبوتات الأسطوانية المخصصة للتنظيف والأمان، لكنهما الآن تمنيا وجود كل تلك الأشياء. الآن ما عاد لتلك المجرمة سبب للمغادرة.

«-تثااااؤب-...»

متر واحد فقط، وضعت موغينو هاتفها بعيدًا وتثاءبت بهدوء.

شعروا وكأنهم دخلوا قفص حديقة حيوانات غريبة بدون أسوار، والأسد كان يرقد أمامهم ويفتح فمه الكبير مَلولاً. لكن على الأقل لم تبدو موغينو حذرة.

أما كانت تعرف؟

لم يبدو أنها تسللت إليهم عن قصد. لابد أنها غادرت المتجر دون أن يلاحظوا ثم صادفت مقعد السقيفة الخارجية فقررت الجلوس.

كانوا بخير.

كل شيء تمام.

ما كان من رابطٍ مباشر بين موت الدمى السادية والأحرار. سلاح الجريمة كان سكينًا بلاستيكيًا قابل للتحلل الحيوي وقد كان يتفتت تحت الأرض. بدون أي دليل قاطع، لن يكون لدى موغينو سبب للشك بهم.

كانت خطيرة.

لكن قراءة وجوه الناس ما بدا تخصصها.

بدت أقرب لإنسانةٍ تعتمد على العنف وتحل كل شيء بالمعارك!

كان من المقلق أنها تبدو من النوع الذي يقتل كل من تشك فيه، لكن حتى فريق الجانب المظلم لن يُسمح له بإيذاء العوام عشوائياً.

لذا كانوا آمنين. ما لم تثبت عليهم شيئاً بطريقة ما.

كان هذا يسير لصالحهم.

بحث كاغياما عن كل صغيرةٍ تُشعره بالتحسن والطمأنينة، لكن بعد ذلك...

«هل خرجتِ لوحدكِ يا موغينو؟»

«بلى، وأنتِ؟»

ظهرت أخرى.

(تاكيتسوبو...ريكو.)

لم تشارك مباشرة في معارك أيتم، ولكن زُعِمَ أنها تُوَفّر الدعم العقلي واستهداف الأهداف.

مما يعني أن تخصصها كان تحليل البيانات.

  • الجزء 4

‹‹قد وَلّت أيام تنافس الفرق الكبرى ضد المستقلة! وحاضرنا الآن كله يتعلق بالفنانين العوام الذين يجمعون بين مواقع الفيديو والموسيقى! وكبيرهم كلهم لا بد أن يكون [الدُمىٰ السّادية]. أغنيتهم الجديدة [صبغة السوط] بتلك الروعة حقاً وأراهم يخططون لبثٍّ موسيقي في آخر يوم عطلة الصيف! أتحرق شوقاً☆ أوه، نعم! ما رأيكِ لو شاهدتِها معي؟››

«إيه؟»

لم تستطع موغينو أن تخبر ممثلة الصف شيراتوري-تشان أن الفرقة ماتت.

ليس وهذه الفتاة تتحدث بحماس وسلام عبر الهاتف.

‹‹بدخول ثقافة الهواتف في أعمالهم، بدأت مقاهي الإنترنت تُأجر المسارح المنزلية، لذا لا أراها بتلك الكلفة أن تعثري على بيئة مشاهدة مباشرة رائعة. ألا تشاركيني ونستمتع ببث الدمى السادية على شاشةٍ كبيرة؟››

«أه، امم، ألوو. تسمعين؟ لا أسمعك؟ تباً، الإشارة خربانة. (نقرة)»

كان إنهاء المكالمة بهذه الطريقة فظاً إلى حدٍّ ما، كان غريبًا نادرًا من موغينو أن تمثل وتتعذر هكذا. يبدو أن حتى الوحوش تسعى في الحفاظ على المظاهر.

«موغينو.»

انتظرت تاكيتسوبو حتى أغلقت تطبيق الدردشة للتحدث.

كانت مهذبة بالنسبة للجانب المظلم.

«هل خرجتِ من برودة المتجر؟ إبقاء التكييف قويًا ذاك الحد لا يمكن أن يكون صديقًا للبيئة.»

«نعم، وفريندا وكينوهاتا هما من لديهما دهون قليلة حتى ما بات منطقيًا أنهما تحتملان.»

«لا تقولي هذا. لا فائدة. ولا أرىٰ لحجم الصدر علاقة بتحمل البرد.»

«لا يسمعنك تلكما الغبيتان وإلا بكيا دموع الدم.»

وهما تتحدثان، جلست فتاة البدلة الرياضة بجانب موغينو.

الآن صارت 2 ضد 2.

والجانب الآخر كان أيتم، مجموعة متخصصة في القتال المباشر.

كانت هذه سقيفةً آمنة قبل 5 دقائق فقط، فغدت الآن سقيفةً من جهنم.

تعرق كاغياما ساسكي بشكل كبير.

«(ماذا نفعل؟ هَيي، ماذا نفعل؟ هَيي!؟)»

نقر على ظهر الفتاة الشقراء ليتواصل، لكن نذيرًا خطيرًا شعر به. لا بد أنه نقر بشدة فانفكّ مشبك صدريتها. ومع ذلك، لم تتفاعل سايتاني ميلوسِن البتة.

لا بد أن أفكارها قد غادرت جسدها مؤقتاً وبدأت تطفو من الإيثير. [3]

بينما أخرجت موغينو هاتفها من جيبها بغيظ وفعلت بها شيئًا، مالت تاكيتسوبو برأسها دون تعبير.

«موغينو، نحن في الجانب المظلم ننتقم إذا أبدانا أحدٌ أغبياء، صحيح؟»

«من يدخل دارنا يعلن الحرب علينا. لا أعرف أيّ كلبٍ سرق أكلتنا الثانية، لكنني سأُدفعهم الثمن. ...أوه، ألوو. نادي بالجانحين المنظفين! نادهم كلهم، وقدرما استطعت! لأن جمع كل الشظايا المبعثرة وتنظيف كل شيء سيتطلب الكثير من الناس!!»

ركلت موغينو الطاولة وهي تحادث الهاتف في يدها، مما جعل الزوج الإعلامي يتقلصان أكثر من ذي قبل.

بدأا اجتماعًا استراتيجيًا مليئاً بالعرق على بعد متر واحد فقط.

«(مهلا، مهلا. يمكننا مناداة أنتي-سكيل بناءً على ما قالوه هنا، أليس كذلك؟)»

«(لا، لم تقل بالضبط ما سينظفون. بالكاد وَصَفَت.)»

لكن كاغياما أراد النجدة بغض النظر.

أمن طريقة للإبلاغ عن هذا للأنتي-سكيل أو جدجمنت حتى ينهوا القضية بدلاً منهم؟

أخذ بهاتفه تحت الطاولة وكأنه يصلي لنجاته، لكنه ما وَجَدَ إشارة.

(لا إشارة؟ في المدينة الأكاديمية، مدينة العلوم المتطورة في وسط طوكيو؟)

«اخرس! قلتُ كلهم!! نادي بالعاملين الخارجيين أيضًا. نعم، جميعهم!! ولا تنسوا الخبير الذي يُدعى [هاناتسويو كوتشيكوسا] أو أيًا كان اسمه!!»

ومع ذلك، كانت موغينو تصرخ في هاتفها طبيعي.

كانت إشارتها تصل. عكس البعض.

(أهي تعيق إشارات الهواتف العادية؟)

«هفف. لطالما كان الاتصال بالناس متعبًا.»

«أُشفق على الجانحين عندما تصرخين عليهم هكذا.»

«نعم، ونحن من أخطأنا هذه المرة. ربما أشتري لهم شيئًا ليأكلوه لاحقاً... عليّ أن أوجّه هذا الغضب نحو الكلاب الذين سرقوا عملنا.»

«موغينو.»

بهذا المعدل، قد ينتهي الأمر بجميع فتيات [أيتم] الأربعة في هذه السقيفة. كان [الأحرار] خبراء في جمع المعلومات، لكنهم لن يتمكنوا من شن هجوم مباشر بالمَيكرفون. خاصة أمام وحش مُهيب. فضلوا إثارة الفوضى دون الكشف عن هوياتهم.

هذا يعني أن عليهم مغادرة هذه السقيفة المميتة والهرب إلى مكانٍ آخر. إذا تمكنوا، فلا حيلة لأيتم–

«أنت يا هذا.»

«!»

قفزت كتفا كاغياما.

كان صحفيًا خبيرًا يحرص دائمًا على التقاط الصور المُخرِّبة والسرّية، لذا لم يكن من المثالي أن يكون هدفه في متناول اليد. حس بورطة – ورطة كبيرة.

«سندفع، لذا ساعدنا. تعمل في مجال الإعلام، صح؟ وأرىٰ أنك لست صحفياً كبيرًا مشاركًا في نادي صحافة فاخر.»

لاحَظَتْ.

وكانت غرائزها تخدمها جيدًا هنا؟!

«دعني أخمن – صحفي مستقل يستغل حريته ليتوغل في الجانب المظلم حيث تُصَوّر بؤس الناس لتبيعها قصصًا غير مؤكدة للصحف الرياضية والمجلات الأسبوعية؟ أو ربما صحفي غير أخلاقي يفضل كسب المال بتهديد التنفيذيين في الشركات والمشاهير بالصور الفاضحة لأسرارهم الدفينة؟»

«...»

عجز كاغياما ساسكي وسايتاني ميلوسِن عن الإتيان برد.

أمالت فتاة البدلة الرياضة تاكيتسوبو رأسها دون تعبير.

«كيف عرفتي يا موغينو؟»

«مَيكرفون البندقية الفاخر نراه فقط مع مجانين البثوث، لكننا لا نرى هُوّاةً كُثر يستخدمون هذا مع كاميرا SLR التي تلتقط الصور الثابتة فقط. وأشك في أنهم يراقبون الطيور في منطقة المطاعم هذه حيث لا فيها إلا غربان.» قالت موغينو بنبرةٍ ملولة. «لا أعرف أعمارهما بالضبط، لكن حتى الطلاب المستقلين الذين وقّعوا عقدًا حصريًا مع صحيفة كبرى سيستخدمون المعدات التي تُعيرها لهم الصحيفة. والأطفال خاصّة سيعتمدون على المعدات المستعارة إن أمكنهم. وتلك المعدات سيكون عليها ملصقات مضادة للماء مع رقم إدارة الأصول عليها. حتى العدسة وحدها تكلف الكثير.»

«أتقصدين مثل النساء ذوي البدلات على القطار وفي ظهر هواتفهن وحواسيبهن رقمٌ غريب مسجل؟»

«تقريبًا.»

رمشت تاكيتسوبو مرتين.

ثم نظرت حولها.

«أمِن مشاهير هنا؟ ربما في موعدٍ سري في الحي الصيني؟»

«فريندا تعرف الجميع، لعلها تُخبر.»

دردشت موغينو وتاكيتسوبو عفويًا قبل أن يتوجها معًا لمواجهة الأُخرَيَين.

تصبب العرق من ظهر كاغياما، لكنه بذل الجهد ليبقيه بعيدًا عن وجهه.

تذكر الوقت الذي حاول فيه التقاط صورة لعلاقة سرية بين مشهورَيْن في منتصف الليل؛ إذْ بهما يكتشفانه فحاولا دهسه بمركبة رباعية الدفع ضخمة. تذكر الأضواء الأمامية والدعّامية السميكة التي كانت تتجه نحوه كالموت نفسه.

لكن هذا أسوأ.

لن يتمكن من الهروب من موغينو شيزوري بالركض إلى حديقة بها حواجز تحمي المدخل.

«هَه هَه... مم، صُوَرنا أهم من حياتنا، لذا ما نقدر أن نُعَلّق حتى تُنشر. قد انتهينا لتوّنا من مهمةٍ؛ وكنا الآن نُصَوّن معداتنا.»

(تبًا. لأمكننا دحرهم الآن لو اتصلنا بأميكاوا!!)

ابتسم كاغياما وهو يفكر في عضوهم الثالث وكاد ينقر بلسانه "تشه".

لَعِبَ أميكاوا سوجي دورًا مهمًا في القضاء على آخر عضو من الدمى السادية. قدرته هي "القتل عن بُعد"، وكانت مثالية لتسوية النزاعات.

لكن حاليًا، كان كاغياما خائفًا مرتعشاً ليخرج هاتفه حتى. إذا نظر ولو نظرة واحدة إلى الشاشة الصغيرة، لربما يصير ومن معه مشبوهَين. ولتلك عواقب وخيمة.

«أتعرف فريندا أي أحدٍ من التلفاز؟» سألت فتاة البدلة الرياضة، وعيناها تجول الفضاء الفارغ.

«أظنني سمعتها تُتمتم بشيءٍ عن عدم حاجتها "لنجم كان" عندما كانت تنظف هاتفها. تعرفين لَمّا تصيبها تلك الحالة وتبدأ تمسح أصدقائها من وسائل التواصل بجنون.»

«أحسن لنا ألّا نخبر كينوهاتا بذلك. قد تتشاجران.»

قدرة سايتاني على قراءة الإلكترونيات لم تكن كافية لتدحر مزيج الميلتداونر ومتتبع AIM.

قدرة كاغياما لم تكن أفضل حالاً.

ربطٌ نمّام. [4]

كانت قدرة عقلية تعتمد على "الخوف من أن تُكتشف". عندما يلتقط صورة شخصٍ ما، سيُعرّض ذلك الشخص لضغطٍ نفسي غير مرئي ويسمح له بالتحكم فيه عن بُعد كما يشاء. ولكن، ليس أي صورة تفي. ما كان موهوبًا حتى يغزو بلدًا كاملاً مع طائرة درون مراقبة في زمنٍ قياسي.

علىٰ الصورة أن تفي ببضعة شروطٍ مختلفة.

  1. يجب أن يكون الهدف غير مدركٍ أنه يُصَوّر.
  2.  يجب أن يكون الهدف ينظر مباشرة إليه.
  3.  يجب أن يُصَوّر الهدف وهو يرتكب فضيحة شخصية يَرىٰ أنها ستكون مدمرة لمسيرته إذا انكشفت.

لذلك كان من المستحيل تقريبًا على كاغياما التحكم في موغينو أو تاكيتسوبو الآن وهما معه. أن يُوَجّه كاميرا SLR الضخمة نحوهما من هذه المسافة القريبة دون أن تلاحظا وفي نفس الوقت تنظران إليها أمرٌ تطلب المستحيل. وزيادة، كان عليه أن يلتقط منهما صورة تكون فضيحةً شخصية مدمرة.

ضغط كلٌّ من سايتاني وكاغياما (بقوة) ظهر بعضهما البعض بأصابعهما.

«(لهذا دائمًا أخبرك أن تجلب كاميرا قلم في حالة الطوارئ!)»

«(تلك تلتقط فيديو بعد الضغط على الزر، هي لا تتناسب مع قدرتي!)»

وهكذا.

لا شك في ذلك.

إذا فرّا بتهور من السقيفة أو صرخا وهاجما الاثنين الأخريين، فسوف تدمرهما موغينو المتثائبة.

(لكن ما انتهىٰ أمرنا بعد. لا زال بإمكاني أن أربط وأتحكم في فريندا سَيفِلُن وكينوهاتا ساياي في المتجر. ثم لِتُدَمر أيتم نفسها!)

نظرت تاكيتسوبو بفضول ودون تعبير إلى الكاميرا الموضوعة على الطاولة.

«روعة. أما زالت تُباع كاميرات SLR رغم أن كاميرات الهواتف قد تحسنت كثيرًا؟»

«بما أن معظم الناس عندهم نفس الهواتف، أصبح ذلك هو المتوسط الجديد، لذا هو ضروريٌّ أن نعمل بجد لنبرز بين الحشود. وهذا يعني ضرورة الحاجة إلى معدات متخصصة لأي عمل احترافي.»

نظرت موغينو نظرة مستاءة إلى حقيبة الكاميرا والبطارية الكبيرة والمَيكرفون البندقية الموجود على الطاولة.

«حتى لو كنا في نهاية أغسطس، فهو لا يزال الصيف. لِمَ تتكبد عناء الجلوس منتظرًا اللحظة المثالية مع تلك الكاميرا الضخمة والمَيكرفون البندقية؟ في هذه الأيام؛ تُزَوّر كل المقاطع الفيديو والأصوات والصور كما يشاء المرء.»

«نعم، صحيح أن الحواسيب يمكنها حتى إنشاء مقالاتٍ وصور مزيفة.»

ابتسم كاغياما قليلاً وهز إصبعه.

لاحظ أوساخاً داكنة تحت ظفره، مما أحبطه قليلاً.

«دائمًا ما تُدفن معظم الاستنتاجات والآراء مع الحقيقة عندما ينشر سياسيٌّ مرعوب مقالاتٍ مزيفة ويشير إليها على أنها دليل تعرضه لحملة تشهير.»

«نعم، قد سمعت أن مصداقية الفيديوهات الحقيقية توضع موضع الشك عندما تُحقن بأكواد وتكون مرتبطة بذكاء اصطناعي توليدي.»

«صحيح. نحن نقترب من عالمٍ حيث المصداقية ليست إلا مسابقة شعبيّة.»

قد يُبدي هذا الأمر وكأن الصحفيين والمُصورين ما عادوا ضروريين.

لعَلّ تلك مِهنٌ مهددة بالانقراض.

لكن...

«هذا يُقوي الصورة الحقيقية، ولا أكثر.»

«أهكذا ترىٰ؟»

«الصورة الحقيقة الملتقطة بالطرق التقليدية تحمل قوةً فريدة تخترق كل المزيفات. كلما ازدادت حيل ذوو المنصب والمكانة في إخفاء الباطل، زادت قوة الحق في إظهاره وكشفهم. هذا ما نؤمن به.»

وهي لا تزال جالسة على المقعد، ألقت موغينو بجسدها العلوي على الطاولة، راصّة صدرها الكبير تحتها. اتخذت من ذراعيها ونهديها وسادة وابتسمت.

«مُثير.»

أوه، لا. أن أُبدي من نفسي ذا قيمة جعل من الهروب أصعب، فكر كاغياما.

الفتاة الشقراء زرقاء العينين استسلمت عن شيفرة مورس وقرصت ظهره بشدة. وكانت قويةً جدًا ليعتبرها مكافأة.

ثم تحدثت معه مرة أخرى بنقر إصبعها بقوة على ظهره.

«(دَبِّر نفسك وساعدهم. أما أنا، سأدعي المرض وأرجع إلى البيت!!)»

«(غبية أنتِ؟ إذا غادرتِ هكذا، ستشك هذه الوحش فيَّ وينتهي أمري! أنتِ تعرفين أن قوتي لا تُحسن المواجهات المباشرة!!)»

«على أي حال يا تاكيتسوبو، أقول أن نستعين بعونهم إن كانوا مفيدين.»

«أواثقة من أنها فكرة جيّدة؟»

«لا يهم أي صور يأخذون طالما أنها لا تُبَثّ مباشرة أو تُرسل إلى السحابة. وضعنا أمان طالما نتحقق من أجهزتهم وندمرها إذا وجدنا فيها ما لا يعجبنا.»

بالصَّمِيم أصابت.

هذا يفسر التشويش القوي. مما يعني أن الأوان قد فات!

«غير هذا، الصحفيون اللاأخلاقيون الذين لا يعلمون ما إذا كانوا سيتعاملون مع مجلة أو مع مشهور صَوّروه؛ هم جزء من الجانب المظلم. أيّ أنهم مثلنا.»

«لكن يا موغينو، هم كذلك جزء من وسائل الإعلام، يعني أنهم كذلك في جانب العدالة. ألا يخيفك هذا؟»

«الشائعات تندثر.» همست موغينو لتاكيتسوبو التي كانت تسحب معطفها بدون تعبير. «لكن عندما تختفي فضيحة كانت في كل وسائل الإعلام والمدونات الشخصية فجأةً في يوم ما، لا يكون ذلك من توقف الناس عن الاهتمام، بل لأن أحدًا رسم خطًا مُعَيّناً وحَظَرَ على الناس تجاوزه.

«وأنا لا أقصد نادي الصحافة» أضافت موغينو بابتسامة. «الشركات الكبرى لن تحميهم، لذا يشتم الصحفيين الصغار دائمًا رائحة الخسارة فيتراجعون. ومن لا يستطيعون هم الخاسرون. وأعني بكلامي أنهم سيُقادون داخل سياراتهم إلىٰ سدٍّ أو ينتهي بهم الأمر داخل محرك طائرة عملاقة في المطار.»

«أتقولين ما أظنه يا موغينو؟»

«يُفترض بكما أنتما أن تلتقطا الصُوَر سراً، ولكننا بتنا نعرف وجهيكما. أعلم أنك تعلم أننا سننزِلُ بالدم عليكم لو رأينا تسرب هذه المعلومات.»

«هه هه هه هه...هه...» ضحكت سايتاني مُتصلبة.

عرفها كاغياما منذ زمن، لكنه لم يعرف ما إذا كانت تمثل أم لا.

لم يهم كم هددتهم موغينو. سيمكنهم إطلاق هجومٍ مفاجئ طالما ابتعدوا عن هذه السقيفة بأمان.

«إذن كم ستدفعين لهم؟ ادفعي الكثير وستزعل فريندا مرة أخرى» قالت تاكيتسوبو مستاءة.

«ليست بالمشكلة. لدينا المال – كل ما في الأمر أنه ما لدينا شيء ننفق عليه»، ردت موغينو وهي تخرج لسانها قليلاً.

ثم همست موغينو في الهاتف الذي تركته على الطاولة.

«هَي، صوت الهاتف.»

‹‹لا تحسبيني أرد في أي وقت من اليوم. دائمًا هكذا الأمر معك. حتى! نحن! تشغلنا! أشغال! أنا من تُرسل المهام لكم وتتحكم في كل شيء من فوق. أو هل نسيتِ؟››

بدت موغينو مستاءة وهي تتحدث في هاتفها.

«هل حصلتِ على تسجيلات كاميرات المراقبة من ذلك المبنى؟»

بالطبع قد خطط [الأحرار] لهذا الحد.

وسيبدو غريبًا إذا لم يقولوا شيئاً لفترة طويلة.

ما رغبوا في أن يعطوا انطباع أنهم يستمعون بحذر، لذا تبادل الاثنان نظرة ثم تحدثت سايتاني أولاً.

«هل لكِ أن تبدئي شرح نوع القضية التي تحققين فيها؟»

بدأوا بحذر.

سواء كان ذلك عن قصد أم لا، لم تذكر موغينو وتاكيتسوبو أي تفاصيل محددة عن القضية.

إذا ذكر [كاغياما] أو [سايتاني] سَهوًا أجراس الموي أو السكين أو جريمة قتل، فسوف يكونون في خطر مؤكد.

«هناك أنواع مختلفة من الجرائم. لو كَفّت كاميرات المراقبة، لأصبحت وسائل الإعلام عاطلة.»

«هذا صدق. لا يمكنك تعقب المجرم من كاميرا إلى أخرى لتحديد موقع منزله إذا كان على دراية بمواقع الكاميرات، وهو يخفي وجهه، ويغير معطفه باستمرار أثناء الاختباء خلف الأعمدة» أضاف كاغياما.

ذلك أعدّ حواراً مستمراً.

كانوا يُمثلون قليلاً، لكنهم يقدرون أن يمزجوا معلوماتٍ دقيقة ولكن مكشوفة بأمان. في الواقع، هذا كان أكثر طبيعية.

ولكن...

«إنها جريمة قتل. ...على أي حال، مبنى تجاري ترفيهي كبير مثل ذلك سيحمل أكثر من مجرد كاميرات واضحة على السقف، صح؟ حتى يُصَوّر مشاهد المقالب لأصحاب البثوث. مثل كاميرات دقيقة بقياس 2 ملم مخفية في فجوات الجدار.»

«!»

(ما علمنا بوجود تلك الكاميرات!؟)

  • الجزء 5

«موغينو، ملابسك كلها عرق.»

«تبا لهذا الجسد المتطلب. وبعدما غادرت ذاك المتجر البارد جدًا.»

«هي هي هي. حتى أن حمّالتك بَيّنت من ملابسك. لهذا السبب لا يجب أن ترتدي طبقة واحدة من الأبيض في الصيف.»

كان كاغياما ساسكي مرعوبًا للغاية ليركز على هذا.

كاد أن يشهق عاليا. ما كان موضوع كاميرات 2 ملم في الجدران ذاك؟ سايتاني ميلوسِن استمرت في محاولة لفت الانتباه. تجلى ارتباكها واضحًا وهي تبحث عن توجيه.

كان صوت المرأة القادم من الهاتف مرتفعًا كفاية ليصل إليهما أيضًا.

‹‹لا حَظّ هناك. كانت في أجراس الموي، تذكرين؟ كل الشخصيات الكرتونية بحجم الانسان والبالونات العملاقة تحجب كاميرات المراقبة أغلب الوقت. قاعة المصعد المعنية كان بها نموذج طائرة ضخم معلق من السقف بأسلاك، لذا ما استطعنا رؤية شيء. إخفاء هذه الكاميرات السرية عن العمال العاديين أدى إلى نتائج عكسية حيث أنهم غطوا مرماها عن غير قصد. وربي الأمر دائمًا هكذا.››

(ل-لا تخوفيني هكذا.)

«ماذا عن البصمات؟»

«موغينو، الضحية انطعنت 19 مرة، لكن لم يرَ أحدٌ أحدًا يفر من المكان وهو مغطى بالدماء. لابد أنهم أعدوا لها جيدًا، لذا أشك أنهم أهملوا كفايةً لأن يتركوا أي بصمات.»

أجابت تاكيتسوبو قبل أن تتمكن صوت الهاتف.

كانت تتصرف كقطة أليفة تجذب انتباه صاحبها بعيدًا عن الفيديو الذي شَغَله.

وكانت على حق بالطبع.

كانت البصمات أول ما يُفَكر فيه. شعر كاغياما وسايتاني بالارتياح، لكن...

«يا صوت الهاتف، هل تركوا شَعْراً على الأرض؟ آثار أقدام؟ إذا فحصنا آثار الأحذية، قد نعرف الشركة المصنعة والمقاس. فنتعقب المتجر الذي بيعت فيه الأحذية حتى نضيّق نطاق المشتبه بهم.»

...هل كانوا بتلك المقدرة؟

راحَ القلق يزداد رويدًا داخل الأحرار.

عرف كاغياما أن الأمر خطير، لكنه سأل سؤالًا استقصائيًا رغم قرصِ ميلوسِن لظهره.

حاول الحذر.

«مم، لكن، حتى لو وجدتم شعرات على أرضية... قاعة المصعد، قلتم؟ على أي حال، ذلك لن يكفي لتحديد القاتل. فكثير من الناس مرّوا من هناك بالتأكيد، ولعلّ تكييف الهواء قد نفخ الشعرات لمكان آخر.»

«إذا جئنا بقائمة تضم 100 أو حتى 1000 شخص، فيمكننا التحقيق فيهم جميعًا ببساطة. وبالطبع، سيكون فريقنا الداعم هو من يقومها.»

«موغينو، لن يكونوا بهذا العدد الكبير. الروبوتات التنظيفية تمر دوريًا في القاعة، لذا لن نجد شيئًا من أكثر من ساعة قبل القتل.»

أومأ كاغياما بابتسامة.

«وكم عدد الذين يعنيهم ذلك؟»

«من يعلم. ما عندنا إحصائيات دقيقة، لكن إذا افترضنا عدم وجود الكثير من الذين يفقدون شعرهم عند المصعد، فأحسب العدد سيكون عشرة على الأكثر.»

«هه هه. أوه، هذا جيد. يبدو أنكم تستطيعون تضييق النطاق كثيرًا...»

المَيكرفون البندقية على الطاولة كان لا يزال شغالاً. وسماعة الأذن اللاسلكية لسايتاني كانت لا تزال تبث المحادثة البعيدة داخل المتجر.

‹‹‹حَيل بالمناسبة، ماذا نفعل بشأن معدات فريق الدعم؟›››

‹‹حاليًا، ضعي طلبًا عبر الإنترنت عند ذاك ذو الأسلحة الذي يطبع أسلحةً ثلاثية الأبعاد. لسنا في وضع يسمح لنا بصنعها بأنفسنا الآن.›››

‹‹‹أتثقين بأسلحة مصنوعة من بلاستيك خارق؟ أهي متينة كفاية؟›››

‹‹‹أوه؟ إذن في النهاية، بتِّ تقلقين بشأن أولئك الجانحين؟ لقد نضجت. إذن اطلبي فقط السكاكين والأسلحة الثقيلة من بياع الأسلحة واطلبي ألعابًا انفجارية من "ترسانة الحرب".›››

كانت فريندا سَيفِلُن تبتسم وحاسوبها المحمول داخل قسم أكل المتجر.

مالت نظرة كينوهاتا من اكتئاب لارتباك.

‹‹‹لمَ لا تطلبينها بنفسك؟›››

‹‹‹لأن شغلي الشاغل أهم.›››

‹‹‹؟›››

‹‹‹في النهاية، الأمر يتعلق بك.››› أشارت فريندا مباشرة إلى كينوهاتا. ‹‹‹المدارس تبدأ بعد أغسطس، صح؟ لكن في النهاية، كنتِ حبيسة المختبر لزمنٍ طويل لذا ليس لديك سجلٌ أكاديمي.›››

‹‹‹الآن بعد أن حيل ذكرتِ هذا.›››

‹‹‹سجلك سيبرز هكذا، مما قد يعوق عملك في الجانب المظلم. سيكون أأمن لنا أن نعيد كتابة بعض الوثائق لنُبديها كأنكِ كنتِ تنتقلين من مدرسة لأخرى.›››

‹‹‹حتى موغينو حيل ما تقدر أن تتجنب مواضيع مدرستها؟›››

وهكذا كانت فريندا تكتب طلب عمل لعامل آخر مشبوه.

‹‹‹كينوهاتا، سأجعلهم يصنعون لكِ بطاقة تعريف، لكن في النهاية، أعندك مدرسة ابتدائية محددة في البال؟›››

‹‹‹ما تهمني التفاصيل، فقط اجعليها مدرسة إعدادية خارقة!!›››

بينما كانت تلكما تصرخان في المتجر، تحدثت صوت الهاتف بهدوء.

‹‹‹تسعة عشر طعنة تجعل من القتل عملًا عنيفًا للغاية، لكن الجاني لم يترك أي عرق أو لعاب على الأرض. ولا أظننا نجد شعرةً أيضًا. إذا كان يرتدي معطفًا مطريًا رقيقًا أو سترة ريح قابلة للطي ليبعد الدم، لغطى رأسه بقلنسوة.›››

لا.

هذا لم يكن صحيحًا أبدًا، لكن كاغياما ليس بالغبي ليُصححهم.

معرفة أنهم لم يجمعوا شعرةً من الأرض كانت كافية.

‹‹‹ولا أتوقع وجود أي آثار أقدام أيضاً. بما أن هذا كان أمام المصعد مباشرة، حتى مع وجود الروبوتات التنظيفية، ستكون هناك آثار أقدام أكثر بكثير من الشعر المتساقط.›››

وتدخلت سايتاني بهدوء. كانت تعرف المخاطر، لكن الأمر يستحق لو وجّهت هذه المحادثة بعيداً عن الحقيقة. «حتى لو وجدتم بعضها، فإن آثار الأحذية ليست حاسمة كبصمات الأصابع أو الحمض النووي. قد لا تتمكنوا من تتبع الشخص الذي اشترى الأحذية إذا كانت من نوع رخيص ومنتجة بالجملة.»

«صحيح»، قال كاغياما محاولاً التعزيز.

قاوم نفسه في أن يقوم بإيماءة انتصار، لكن ما بدا على أيتم الصدمة من هذا.

كانوا ببساطة يستعرضون الأساسيات.

موغينو وتاكيتسوبو بَدَتا وكأنهما وصلتا إلى جُلّ الحديث.

نظرت موغينو إلى هاتفها.

كل شيء تمحور حول نقطة واحدة.

«إذن المفتاح هو سلاح الجريمة.»

‹‹بالضبط،›› قال صوت الهاتف. ‹‹‹اعثروا على ذلك وكل ما يُعيقنا سيُمحى. الأمر هكذا دائمًا. وما إن نكشف هويتهم، سنلاحقهم أينما كانوا. وبما أن الجثة معنا، يمكننا التحقق في الجروح والسكين لنُحدد بسرعة ما إذا كانت هي المستخدمة.›››

نُحدد.

بسرعة.

«لـ-لكن، ألم يكن القاتل يرتدي قفازات؟» سأل كاغياما مبتسمًا.

‹‹‹وماذا في ذلك؟››› ردّت صوت الهاتف ببرود. تحدثت بصوت أكثر حزماً من المتوقع، مانعة مقاطعة الحديث وتوجيهه. ‹‹‹القفازات ستمنعنا فقط من الحصول على بصمات الأصابع أو بصمة الكف. ولكن يمكننا أن نعرف أين لمست يد القاتل. ...وأيضًا يا موغينو، إن كنتِ ستجنّدين ناسًا يعونوك، فعليكِ أن تشتريهم بأموالك أنتِ. الأمر دائماً هكذا معكِ.›››

كان نبرة صوتها خفيفة، لكن بها تحذيرًا صارمًا.

‹‹‹إني مسؤولةٌ فقط عن أيتم، كما حال الجانحين في فريقكم الداعم. ليست مهمتي أو مسؤوليتي أن أحمي معلومات الغير.›››

«وكأن أحد الأثرياء ذوي القلوب الشريرة سيحمي أحدًا أصلاً.»

امتلأت الأجواء بتوتر خطير، لكن ذلك لم يكن كافياً لإرباك المستوى 5.

وضعت موغينو رأسها في يدها، وبدت نصف قنوعة. [5]

«قفازات، ها؟»

‹‹‹وجدنا قطعًا من الجلد أقل من ملليمتر واحد على الأرض، أفترض أنه ارتدىٰ قفازات جلدية رخيصة››› قال صوت الهاتف. ‹‹‹ومن الواضح أنها كانت من الجلد الحقيقي، وليس الصناعي. مثل هذه النوعية، سطحها يتشقق سريعًا جدًا. الآن، بما أنها رخيصة، هناك احتمال كبير بوجود الكثير منها، لذا تتبع القاتل عبر سجلات الشراء ربما لا يكون ممكناً.›››

«إذا لم نحصل على بصمات مباشرة ولم نقدر تتبع مشتريات القفازات، أيعني هذا أن نبحث عن الحمض النووي؟ كأن نحصل على المعلومات الجينية من العرق الذي امتصه القفاز ووصل إلى مقبض السكين؟»

أخذت تاكيتسوبو زاوية منديلٍ مَطويٍّ مُرتب لتمسح قطرات العرق من خدي موغينو ثم أعادتها إلى خدِّها، مما أدىٰ إلى تشاجر كلتيهما علىٰ المنديل.

«أهذا ممكن حقاً؟»

كان كاغياما يُمَثّل ليستخرج المعلومات، لكن هذا السؤال كان في الغالب صادقاً.

لم يمكنه أن يكون متأكدًا بأي شكل.

ليس وتقنيات المدينة الأكاديمية تتطور سريعًا سريعًا، خاصة في الجانب المظلم.

المنطقة الآمنة التي كانت في الأمس قد لا تكون كذلك غداً.

‹‹‹ربما لا››› قال صوت الهاتف. ‹‹‹استخراج الحمض النووي من العرق وحده ليس بممكن. ما نريده حقاً هو خلايا الجلد لأكثر من ملليمتر. هذه الخلايا تأتي مع العرق، ولكن القفاز سيعمل مُصَفّياً (فلتر) ليمنعها. وكذلك، يَصُد الجلد الماء.›››

«...»

هذا الإرتياح كان عنيفاً.

كادت دموع ميلوسِن تظهر. علىٰ أنها كانت تعلم أن البكاء سيفضح أمرهم.

لكن...

«فحص الكاميرا، فحص الكاميرا.»

لم تكن موغينو هي من قفزت دهشةً – بل سايتاني.

تستطيع أن تراه، لكنها لم تلتفت إليه. ربما لم تتوقع منه أن يستخدمها عليها.

يجب أن ينظر الهدف إليه دون أن يلاحظ ما يفعله ويجب أن تلتقط الكاميرا صورة الهدف وهو في موقف محرج. إذا تلبّت هذه الشروط، سيُربط جسم الهدف ماديًا. بما في ذلك على مستوى معدل نبض القلب والتعرق.

هذه كانت قدرة كاغياما ساسكي – ربطٌ نمّام.

بالنسبة لسايتاني، كان استخدامها للشيفرة المورسية على ظهر رفيقها للتواصل دون أن تلاحظ موغينو وتاكيتسوبو يعتبر موقفاً محرجًا. مما يعني أن كاغياما كان في موضعٍ يتحكم بها.

«(ما الذي–؟)»

«(عليكِ أن تشكريني لحذري.)»

إذا استطاع أن يمنع دموع سايتاني من التسرب، فقد ينجوان من هذا.

لكن...

‹‹‹ولهذا كان صيادو الفيديو في الجانب المظلم يستخدمون العظام.›››

حَوّلت [صوت الهاتف] اتجاه الحديث في صوبٍ آخر غريب.

شعر كاغياما ببرودة جلد وجهه.

حاولت سايتاني الشقراء استعادة هدوئها بسرعة كبيرة وفشلت.

«العظام– ماذا؟»

‹‹‹قلت أنه يمكننا العثور على آثار القفاز، صح؟ سنفحص ذلك على مقبض السكين ونستخدم توزيع الضغط على المقبض لنحدد شكل عظام يد الجاني. هذه ممارسة شائعة في المدينة الأكاديمية. التحقيقات دائمًا هكذا.›››

«موغينو، أليس عظام اليد ومفاصلها معقدة خاصّة في الإنسان؟»

«نعم، بما يكفي حتى يكسر الجانحون الجُهال أصابعهم وهم يلكمون بقوة.»

‹‹‹بالضبط››› قالت صوت الهاتف. ‹‹‹لا تُحدد الهوية من خلال الأوردة فقط. بكل هذا التعقيد محصورٌ في مكان واحد، فمن الممكن تحديد هوية الفرد من عظام يده بنفس مستوى تحديد هوية المرء من أسنانه☆›››

بعد أن استمعت لكلِّ هذا ونظّمت أفكارها، تحدثت موغينو بصوت منخفض.

«وهذا سبب آخر وزيادة لأن يجعل سلاح الجريمة أولويتنا العليا.»

‹‹‹ما نبحث عنه حاد جدًا وثقيل. ربما شيءٌ مثل سيف كبير يُستخدم في الأدغال؟ أو مثل سكين الجزار تلك التي تُحطم عظام البقر؟ سواء كان من الفولاذ المقاوم للصدأ أو السيراميك، فسيكون مصنوعًا من مادة متينة ومقاومة للحرارة، لذا لا يمكن إزالته بسرعة في حريق كأنه ورق أو بلاستيك.›››

«مدينة الأكاديمية مدينة تحيطها الجدران، لذا لا بد أنه لا يزال موجودًا في مكان ما. فهل أفضل خطة البحث المتأني في مكبات النفايات، والأنهار، وغير ذلك؟ التريّث هو أفضل اختصارٍ للعثور على دليلٍ قوي» قالت سايتاني، وهي تدعوا أن تميل كفّتُها للأفضل.

كانوا أيتم قريبين، ولكنهم انحرفوا قليلاً.

متابعة خط التحقيق هذا؛ لن يقودهم إلى الأحرار. لم يعرفوا بعد أن سلاح الجريمة مصنوعٌ من البلاستيك وأنه يتحلل ببطء في طريقه للتلاشي أثناء حديثهم.

كان على سايتاني أن تُرَيّثهم.

كان عليها أن تقنعهم بأن لديهم وقتًا كافيًا حتى تُضَيع وقتهم. كما أثبتته الخدمات العديدة المجانية عبر الإنترنت، يمكنك تضييع وقت الناس إذا اتبعت النهج الصحيح والمنطق.

‹‹‹هَه، يبيعون الخارق نيكومان في نهاية أغسطس هنا؟ ألهذا سَمّوا المكان بالحي الصيني؟›››

‹‹‹-مضغ- -مضغ- في النهاية، أتساءل هل لحم نيكومان هو نفسه لحم خنزير هوكايدو الشهير؟ من حظنا، عند فريندا-تشان هذه طقم التحقيقات الجنائية اللازمة للتحقق من الحمض النووي!!›››

‹‹‹حَيل بَعّديها عني!›››

كانت محادثة المتجر لا تزال تعمل من سماعة سايتاني اللاسلكية بفضل المَيكرفون البندقية.

لا شيء مما سمعته هناك يبدو أنه سيؤدي إلى حل.

ولكن تريثهم هناك وبطئهم قد يرجع بالفائدة عليها. مع رائحة الموت تحيطها داخل السقيفة (شرفة مراقبة)، كل صغيرة استشعرتها جعلتها تهلع وتركز أكثر فأكثر. بذلت قصارى جهدها لتظهر عفوية ولتركز (أو على الأقل حاولت) على حديث تلكما البعيدتين.

ميّلت تاكيتسوبو رأسها.

«لكن قد يُسَد طريقنا في النهاية إذا تم التخلص من السكين.»

«كيف يفعلون بسكين معدني؟ إذا امتلكوا قدرةً تُذَوّب المعدن الصلب كقدرتي، لاستخدموها لقتلها بالنيران بدل السكين. لا أفهم لما قد يُضيّعون وقتهم بسكينٍ لا يَسْوى.»

«موغينو، لم يقل أحدٌ أن السكين يجب أن يكون معدناً.»

قفز قلب كاغياما إلى حلقه.

فجأة، باتوا على مقربة من الحقيقة.

هذه الصدفة المفاجئة تعني أنه لا يمكنك أبدًا الاسترخاء عند التعامل مع الجانب المظلم.

كان كاغياما مغمورًا بالعرق، لكن بعد ذلك ريّح أحدٌ رأسه على كتفه.

كانت سايتاني.

وضعت رسالة على ظهره، بشفرة مورس.

«(اهدأ واكبح مشاعرك.)»

«...»

«(خذ نفسًا. وركز كم مرة ترمش. ولا تعر انتفاخ خديك اهتمامًا. طالما تحافظ على عينيك ثابتة وعلى نَفَسِكَ مستمرًا، فلن يلحظوا.)»

كانت استشاراتها دائمًا مثالية.

لأنها كانت تستطيع مسح حالة الهدف الجسدية فورًا وإدراك حالتهم العقلية.

كانت [قراءتها الكهربائية] تتيح لها "سماع" الكهرباء الساكنة المارة على جلدهم لاكتشاف حركة عضلاتهم ومفاصلهم بدقة. وطالما كانت تستطيع وضع أذنها على جلدهم العاري دون أن تثير الشكوك، فإنها لم تكن بحاجة إلى الميكروفون البندقية.

وكانت محقة.

لم ينته الأمر بعد.

(نظريًا، قد يقتربون فجأة من الحقيقة، لكننا ما نزال نستطيع إبعادهم عنا. لم ينتهِ الأمر. ما من شيءٍ نخاف منه طالما لم تكتشف أيتم شيئًا قاطعًا. طالما نتجاوز هذا ونغادر السقيفة سالمين، سنحظى بفرصة للانتقام غير هذه.)

ما زالت موغينو لا تفهم، لذا أعبست شفتيها كطفلةٍ صغيرة.

لم يمكن لكاغياما أن يسمح لها بالاقتراب أكثر من الحقيقة، لذا اختار الكلام هنا. بهذه الطريقة يمكنه توجيه أفكارهم بعيدًا عن الحقيقة. لن يعطيهم إجابة – بل تلميحًا على الأكثر. كان من المهم أن يُقنعهم أنه من ابتكر هذه بنفسه.

«إذا لم يكن معدناً، أيمكن أن يكون صخرةً أو زجاج؟»

«لديها نقطة انصهار بين 1400 و 1500 درجة، لذا لا جدوى بالمرة.»

«هاا؟ فهل هناك شيءٌ آخر؟»

كانت الغاضبة موغينو تصير طفولية تدريجيًا.

ريّحت رأسها على كتف تاكيتسوبو واتكئت على الفتاة بقوة ثم قدّمت أفكارها.

«سكين من الخشب ربما لا يجرح، ولكن يمكن استخدامه للطعن. ويمكن التخلص منه بسهولة في النار. ولكنه في الأخير لعبة.»

«وقد يكون كذلك بلاستيك قابل للتحلل يا موغينو. ربما يبدو فاخراً، لكنه ممكن أن تُستخدم الكريمة لصنع واحد في المطبخ. وسيكون قادرًا على الجرح والطعن.»

«...»

راحت عليهم.

إذا حاول كاغياما الكلام هنا، فراحت عليهم أكيد.

«ولكن حتى لو دُفِنت السكين لتتحلل تحت الأرض، فإن بقع الدم لن تختفي. ربما ما كان للشفرة أيُّ دم؟ فربما يا موغينو، كان هذا هجومًا عن بُعد يلحق الضرر بالهدف عن طريق إلحاق الضرر بدميةٍ ما أو صورة مثلاً؟»

...يا لبداهة هذه الفتاة ذات البدلة

هل حقاً توصلت إلى نتيجة البلاستيك القابل للتحلل والهجوم عن بُعد بدون أي تلميحات

سواء كان تخميناً أم قدرةً ما، الآن بوجود الفكرة على الطاولة، لن يُمكن تجاهلها.

كان على كاغياما استخدام كل قوته ليجنب النظر إليها بعينين مُحمرتين. بمجرد أن يضمنوا وضعيةً آمنة ويهجموا من بعيد، ستكون هي أول هدف.

القتل عن بعد.

العضو الثالث في الأحرار كان مشغل طائرات الدرون حُر يُدعىٰ أميكاوا سوجي. كانت قوته في ضرب أو طعن "ظل" الهدف بسلاح ما ليُسبب نفس الضرر للهدف. من الناحية التقنية، استخدم فكرة أن "العقل يحكم الجسد" لإحداث إصابة جسدية من خلال تأثير الدواء الوهمي أو المُنَوّم المغناطيسي. بمجرد أن يكون الأمر قائمًا، سيظل يعمل حتى لو كان كاغياما أو غيره هو من يقوم بالطعن. من السهل تجنبها ما إن تعلم طريقتها، ولكن لن يقدر أحدٌ توقعها في المرة الأولى.

كان مفيدًا كثيرًا أن لا يُعثر على دمٍ أو لحمٍ يمكن استخدامه كدليل على السلاح المستخدم في الهجوم على الظل.

يا ليتهم فقط استطاعوا التواصل مع أميكاوا سوجي أينما كان الآن.

ويا ليتهم إن ردّ عليهم أن ينثروا المسامير والبراغي في صندوقه عبر الأرض بحيث تلامس هذه "الأسلحة الحادة" ظل موغينو شيزوري.

حتى هذه الوحش ذات المستوى 5 ستُقتل على الفور.

لو أمكنهم، سينتهي الأمر فورًا. فأين كان ذلك الرجل الآن؟!

«(ربما رأىٰ ما حدث في هذه السقيفة من بعيد فعاد إلى بيته. ففي آخر الأمر، هو متخصص طائرات درون.)»

«(إذا فعل، فلن يسلم مني لاحقاً.)»

دون الحديث بصوت عالٍ، تحدث كاغياما وميلوسِن بأصابعهما على ظهور بعضهما. كانت إمكانية علم متخصص الدرون ذاك واردة بشكلٍ كبير. ولكن ربما كان من الأفضل أن يختبئ أحدهم في مكانٍ ما بدل أن يتجمعوا معًا محاصرين.

عبر الطاولة، عبست موغينو ورفعت رأسها من كتف تاكيتسوبو.

بدت فتاة البدلة الرياضية الوردية خائبة قليلاً عندما التفّت لتواجهها.

«سلاح قابل للتحلل، ها؟ لا أحب وقعه. إذا دُفِن، فسيختفي تدريجيًا لوحده.»

أوه، لا.

باتوا يقتربون تدريجياً في الاتجاه الصحيح.

«لـ-لكن...»

انحنى كاغياما إلى الأمام.

أراد توجيههم إلى قطار أفكار مختلف قبل أن يستقروا على هذه الفكرة. أراد أن يوجههم في اتجاه خاطئ.

«هذه مدينة محاطة بالجدران، قد لا تجدون السلاح ولو حفرتم في كل أنحاء المدينة. ربما تكون في ملكية خاصة، أو في الصرف الصحي، أو حتى في مبنى إذا استخدموا نباتًا في وعاء. وإذا نويتم أن تحفروا كل شيء، فسوف تحتاجون إلى أوراقٍ تبرر هذا. كمثل، التخلص من القنابل غير المتفجرة أو إصلاح أنابيب الصرف العتيقة أو مثل هذا.»

«لا داعي،» قالت فتاة البدلة الرياضية، وهي تشير بلا تعبير إلى مكان قريب.

إلى الأرض.

كانت هناك بضعة أشياء بحجم كرات التنس تتحرك هنا وهناك.

كانت قوارض، وليست هامسترات، وكانت من فئة لا ظريفة.

«واه!؟»

«ليسوا نادرين في مناطق الأطعمة.»

قفزت موغينو بدهشة لم تعهدها منها، لكن تاكيتسوبو لم تبدو تهتم بوجودهم.

في الواقع، بدت سعيدة قليلاً.

«هيهي. وجدت إحدى نقاط ضعفكِ يا موغينو. لعلّه يكون سرنا الصغير.»

«اخرسي. أخبرتني مُمثلة الصف كثيراً من قصص الرعب عن الجرذان. مثل أنها تنقل الطاعون وأنها تحمل جراثيمًا لا تحصى بحيث تكون لدغتها خطيرة على الحياة. على ما يبدو يمكنهم عض حتى أسلاك الدبابات، وتوقفها عن العمل تمامًا. وإذا قالتها مُمثلة الصف، فهو صحيح!!»

«...»

أخذت تاكيتسوبو عودَين لتُمسك جرذاً قذراً وترميه نحو المستوى 5. صرخت موغينو.

بدت مستاءة للغاية من أن شريكتها تثق في أيّ كلام تقوله ممثلة صفها.

ثم واصلت تاكيتسوبو المحادثة بلا تعبير.

«هناك أنواع مختلفة من البلاستيك القابل للتحلل الحيوي، لكن يمكن صنعها عن طريق تغيير الكريم كيميائيًا. وإذا صُنِعت من ذاك، فلن أتفاجئ إن تمكنت حيوانات صغيرة من شَمِّها. يبدون قاردين على حفر أنسجة الشجيرات للأكل والشرب. والحي 4 بعيدٌ بعيد عن مسرح الجريمة، ولهذا اختاره الجاني مكانًا عامًا هنا ليخبئ في السكين بسرعة مُمحيًا أي ارتباط يعود إليه.»

لم تتفاعل موغينو على الإطلاق مع هذا التفسير (حيث أنها انشغلت برفع قدميها عند المقعد لتبتعد قدر الإمكان عن الأرض)، لذا ميّلت تاكيتسوبو رأسها واستخدمت عودًا لتطرد الجرذان بعيدًا.

تحدثت سايتاني إلى فتاة البدلة الرياضية المائلة نحو الأرض.

«ربما كانت نفاية كلب بلا مأوى قد دفنها. وقد تجدان القذارة ولا غيرها. وحتى لو استخدم القاتل بلاستيكًا قابل للتحلل، فإننا لا نعرف ما إذا كانوا استخدموا الكريم.»

«سيكون صعبًا الإتيان بأيِّ مُكوّنٍ غير الألبان. وما عندهم سبب لئلا يستخدمونه.»

طعنت تاكيتسوبو نهاية العود على الأرض وتحفر.

أكانت أصوات انقطاع الخيوط النحيفة قادمة من جذورِ العشب الرقيقة؟

بدت موغينو مرتبكة، وقدماها ما تزال مرفوعة عن الأرض.

«انتظري، أحقاً تحفرين هنا؟ لا نعرف حتى عمق الحفرة المدفونة.»

«لن يكون بذاك العمق إذا استطاعت الجرذان شمّه.»

لم يكن على موغينو شيء لتفعله ولكنها لم ترغب في وضع يدها حيث كانت الجرذان تجتمع، لذا تحدثت وكأنها تضيع الوقت فقط.

«إذن ماذا، هل طبعوا سكين ثلاثية الأبعاد ببلاستيك قابل للتحلل مصنوع من الكريم؟ وَي، يمكن لأي أحدٍ إتيان كل هذا، لذا سيكون من الصعب تعقبهم.»

«ولكن يا موغينو، ما ينفعهم قتل عازفة القيثار؟»

«إذا كانوا محترفين، فلن يهتموا بمن كان. لا فائدة من قبول عملٍ يضعك ضد أحدٍ آخر في نفس مجالك إذْ أن هذا يرميك إلى مشاكل لا نفعة منها.»

«إذا ما امتلك القاتل نفسه دافعًا، ربما كان يفعلها لصالح أحدٍ آخر» اقترحت سايتاني بلطف.

«أتقصدين أنها كانت جريمة مأجورة؟» سألت موغينو وأومت الشابة الشقراء.

«لكن ربما لم تُوَضّح لتلك الدرجة. من الممكن أن القاتل تأثر فتحرك للقيام بشيء بعد أن رأىٰ المساكين الذين قُتل أهلهم أمام أعينهم،» أضافت سايتاني مع ابتسامة خفيفة.

«همم.» أومأت موغينو (وقدميها لا تزال مرفوعة عن الأرض). «لكن إن كان هذا سبب سعيه لقتل عازفة القيثار، فهو غبيٌّ مغفل.»

«؟»

«هيّا، فكري فيها. لم يطلب منه أحدٌ القيام بذلك وحتى الأقارب الذين نجوا حثوه على ألّا يفعل، لكن القاتل رفض الاستماع. لن أنكر أن الأخبار الزائفة التي غمرت العالم مشكلة، لكن الأغبياء الذين يرون معلوماتٍ دقيقة ويُشوّهونها غلطًا حسب ما يرون هم في مشكلة أعظم.»

حاولت سايتاني أقصى ما يمكنها لتحفظ وجهًا جادًا.

تساءل كاغياما إذا نجح في فعل المثل.

وفي النهاية، توقفت تاكيتسوبو أثناء استخدامها العود في حفر التربة الداكنة.

كان لدى كاغياما وسايتاني نذيرٌ مشؤوم بشأن هذا، لذا حاولا امساك كاميرا SLR وميكروفون البندقية على الطاولة، فاصطدمت أيديهما.

«(ما هو بوقت رومانسيةٍ مريرة! ولم أنسَ أنك فككت حمالة صدري قبل قليل! أتحبني أنت أم ماذا؟!)»

«(ما فات مات يا غبية– أوه، لا! فقدنا فرصتنا!!)»

مع قدميها لا تزال مرفوعة عن الأرض وفي المقعد، نظرت موغينو إلى الفجوة المحفورة في التربة الداكنة.

«عجبًا. ها هو.»

  • الجزء 6

هذا سيئ.

وما كان ليكون أسوأ.

فهم كاغياما ساسكي هذا عقلانيًا، لكنه لم يستطع أن يجبر نفسه على التحرك.

لم يستطع سوى أن يشاهد فتاة البدلة الرياضية وهي تلف منديلًا حول يدها وتدخلها الحفرة.

أمسكت تاكيتسوبو ريكو بالمقبض ورفعت شيئًا إلى مستوى عينيها.

كان سلاحًا بشفرة بلغ طولها أكثر من 30 سم. ما صُنِعت من معدن، لكنها كانت ثقيلة جدًا. ولأنها مطبوعة ثلاثية الأبعاد، فقد كانت قطعة واحدة؛ من طرف الشفرة إلى أسفل المقبض. لم تتكون من عدة قطع لتُثبت معًا بالمسامير.

بدأ السكين البلاستيكي الأبيض يتشقق.

بدا قد يتفتت في أي لحظة.

«ووه.»

«تشه. لا تؤذي نفسك يا تاكيتسوبو. إن امتزج حمضك النووي عليه سيزيد من الأمر تعقيدًا فقط.»

(هذا صحيح. لم ينته الأمر بعد.)

بذل كاغياما قصارى جهده ليلفت انتباه سايتاني ميلوسِن.

(لا تستسلمي! ما حددوا عدوهم بالكامل بعد!!)

صوت الهاتف، التي بدا أنها تشاهد عبر كاميرا الهاتف، بدت محبطة وتقول.

‹‹‹مهلا، حقاً؟ أعلم أن الشفرة هي الجزء الأرق والأكثر هشاشة، لكن كيف لها أن تكون هكذا؟ لو أكلت البكتيريا جزءًا كبيرًا منها، فلن نتمكن من مقارنتها بجروح الجثة.›››

«ماذا عن علامات القفاز؟ قد قلتِ إنه يمكننا تحديد أحدٍ ما من طريقة توزيع عظام يده.»

‹‹‹يمكننا المحاولة، لكني لا أضمن نجاحها. نظرًا لأن الحي 4 متخصص بالأطعمة، تنتشر ميكروبات التربة التي تأكل النفايات هناك بشكلٍ صناعي. إذا تآكل سطح المقبض، فستختفي معها علامات القفاز أيضاً.›››

«يليل، ما منك فائدة.»

‹‹‹لماذا دائمًا الأمر هكذا معك!؟›››

لو لم يكن هناك أحد يشاهد، لربما احتفى كاغياما مع شريكته.

سينتصران.

سيهربان.

بدافع الغريزة، توجه كاغياما نحو كاميرته ذات العدسة الأحادية على الطاولة. ليس بعد. لا تبتسم بعد. ما إن يغادروا السقيفة، سيكون دورنا أخيرًا للهجوم.

(أولويتنا يجب أن تكون تاكيتسوبو ريكو حيث إنها ذكية فَطِنة. بعدها موغينو شيزوري لأنها الأقوى. أما الآخران فسأقتلهما بقدرة أميكاوا! سأطعنهما مرات ومرات من كثرة المتاعب التي سبباها. نحن العدالة. نحن الأخيار. يعرف الأحرار متى يستخدمون الصور ومتى يستخدمون العنف، فكيف عسانا نخسر أمام أشرار لا يعرفون سوى العنف؟!)

في تلك اللحظة...

«الذي دفن هذا السكين هو الذي قتل عازفة القيثار، صح؟»

«؟»

مقارنة السكين بجروح الجسد وتحديد عظام يد الفاعل من علامات القفاز على المقبض سيكون كلاهما صعبًا.

لكن تاكيتسوبو كانت تنظر إلى شيء آخر.

وأبدت من الأمر بسيطًا وواضحًا.

«إذن هذا يحسم. أمسكنا بقاتل الجانب المظلم.»

  • الجزء 7

«وحيل تفضلي! هاكِ اختبار جريمة نفسية خارقة وخطيرة☆»

«ها!؟ في النهاية، لا تشتري كل مجلة يعرضونها فقط لأنكِ ملولة. اختبري أولاً لِكَمْ يمكنك الاستفادة من الخدمات المجانية التي يقدمونها، لكن بهذا أنتِ تقعين في حِيلة المتاجر الرخيصة!»

«إجابتك على هذه الأسئلة تحدد وبقوة مدى إجراميتك. لنرىٰ...»

«في النهاية، استمعي إلي...»

«يلا بدينا!! السؤال 1: قُتِل شخصٌ في مطعم إيزاكايا. لكن لسبب ما، رَجُلٌ لم يكن حتى في المطعم قبضوا عليه وهو في بيته البعيد. والآن، كيف ارتكبت الأنتي-سكيل (الشرطة) مثل هذا الخطأ الخرافي؟»

«همم؟»

«أوه، وهل لازم أن أضع حدًا زمنيًا فائقاً لهذه الأسئلة؟»

«في النهاية، السبب هو أن هذا الرجل أكل الياكينيكو.» [6]

«...»

«مهلاً، ما بك؟»

«مم، أه... حيل صدق ما أدري ما أقول...»

«أعطيني الجواب وخلصينا. ما مدى إجراميّتي، كينوها– هَيي، لا تبعدي النظر دون أن تقولي شيئًا!!»

  • الجزء 8

دوّرت تاكيتسوبو عودها.

كان العود الذي حفرت به في التربة الداكنة وكشفت عن السكين الأبيض.

لمست مقبض السكين بها.

ثم...

«موغينو، هل ترين هذا الشيء الأسود هنا؟ أظنها قطعةً من قفاز الجلد.»

«أه.»

بدون قصد، أصدر كاغياما صوتًا بدلاً من موغينو.

«يمكننا الحصول على الحمض النووي من خلايا الحيوان كما مع خلايا البشر.»

ألم تُحدِث فريندا سَيفِلُن ضجة حول هذا في المتجر؟

شيءٌ عن استخدام طقم التحقيقات الجنائية لتنال خريطة الحمض النووي من لحم [نيكومان] ولترىٰ ما إذا كان حقاً لحم خنزير هوكايدو الشهير؟

وقد قالت [صوت الهاتف] إن الحمض النووي يجب أن يُؤخذ من قطع الجلد، وليس من العرق نفسه. وما كان الجلد؟

«بلاستيك المُتحلل سيتحلل بمرور الزمن وهو مدفون، لكن هذا الشيء على المقبض لن يتحلل، بل يبقى.»

المَيكرفون البندقية الذي تُرك على الطاولة أرسل أصوات المتجر البعيدة إلى أذني سايتاني من خلال السماعة اللاسلكية.

‹‹‹اضغطي عليّ كما تريدين، جوابك الخارق هذا حَيل ليس في المَجلّة! كل ما تُقدمه هو إجاباتٌ مثل: "كان يدين مالاً للضحية" أو "لديه توأم" أو "الأنتي-سكيل ليسوا بالكفؤ". ما مدى التواءك الإجرامي إذا لم يستطع حتى خبراء علم النفس قياس إجراميتك!؟›››

‹‹‹إجابتي عادية تمامًا! في النهاية، في البقرة الواحدة مئات الكيلوغرامات من اللحم. كل اللحم المأخوذ من نفس البقرة سيكون له نفس الحمض النووي، لذا بينما كان الرجل يخمر في بيته، افترضت الأنتي-سكيل أنه كان في مطعم إيزاكايا!›››


سواء عرفت عن تلك المحادثة الأخرى أم لا، كانت تاكيتسوبو تتحدث بلا تعبير عن نفس الموضوع تقريبًا.

«لا أعرف بالضبط كيف تُصنع قفازات الجلد، لكنني أفترض أنهم يستخدمون جلد نفس الحيوان للداخل والخارج. لذا إذا حَمَلَ أي أحد قطعًا جلدية بنفس الحمض النووي الموجودة على مقبض السكين، سوف نستنتج أنهم كانوا يرتدون نفس القفاز بالضبط.»

نظر كاغياما إلى يديه.

كانت أطراف أظافره داكنة قليلاً.

لا، كان هناك شيء تحت أطراف أظافره. عالقٌ بحيث لا يكفي الصابون لإزالته.

صار وجه موغينو فارغًا.

لن تجد ابتسامة في عينيها.

ولا لمحةً حتى.

«أوحقاً؟»

التقت أعينهم.

أشاح كاغياما بنظره. كان وجهه مغطى بعرق لا يمكن السيطرة عليه.

ما عادوا يحتاجون حتى إلى فحص الحمض النووي.

  • الجزء 9

اِنقضّ وحش الجانب المظلم من فوق الطاولة وأكلتهم أكلاً.

  • الجزء 10

اتصلت موغينو بفريق الدعم وطلبت منهم تنظيف الجثث وبقع الدم المتناثرة حول السقيفة.

«إيه؟ في النهاية، كان عليك أن تتصلي بي لانضم إليكِ.»

«ألا ترينها حيل سيئة أن وسائل الإعلام كانت تتجسس علينا بشكلٍ مريب؟»

تذمرت فريندا وكينوهاتا من استبعادهما.

‹‹‹تتصرفين وكأن الأمر انتهى››› قال صوت الهاتف. ‹‹‹ألم يكونوا ثلاثة؟›››

«مهلاً. كان الأخير مشغل طائرات درون، صح؟ إذا اختفى، فمن المحتمل أن يبدأ بمهاجمتنا عن بُعد، فأين ذهب بحق!؟»

«هو هنا.»

أُجيبت موغينو من شخص من الجانب.

هذا كان بوضوح دخيلاً.

انرمى عليهم جِسمٌ كبير. كان جزء فتىً علوي، ارتطم بأعلى طاولة السقيفة وسقط على الأرض؛ مُناثِراً بقعًا حمراء وسوداء على المشهد الذي تعب فريق الدعم بجد لتنظيفه.

موغينو نظرت بغضب إلى من فعل هذا ثم تجمدت.

كان هذا غير معتاد بالنسبة لها.

«ما... الذي تفعلينه هنا؟»

«غرر.»

بدا صوت زئير الوحش المنخفض ككلب ضال، لكن هذا لم يكن كلبًا. الشريك الذي رافق الدخيل الجديد كان ذئباً يابانياً يُفترض أنه منقرض.

«(حيل ما رأيك في هذا؟)»

«(لن تجدي حيوانًا غامضًا في مدينة الفولاذ والخرسانة هذه. في النهاية، من الأفضل أن نفترض أنهم تعبّثوا بجينات كلبٍ ضال لإحداث تأسُّلٍ.)»

هذه يمكنها العبث بالتكنولوجيا إلى هذا المستوى.

كانت بلا شك جزءًا من الجانب المظلم.

مالكة الذئب الياباني كانت فتاةً بشعر أسود طويل. بدت في الثانوية. جسدها الكاعب [7] غطّاه زي بحارة قصير الأكمام باللونين الأبيض والأزرق مع تنورة قصيرة مطوية. على الأرجح كان زيًا لمدرسة ما. على قدميها، انتعلت أحذية بيضاء، وحمالات خاصة للجوارب القصيرة تتصل أسفل الركبة، وجوارب سوداء قصيرة. فوق كل ذلك، كانت ترتدي معطفًا رقيقًا وقبعة صيد.

بالرغم من أن الجو قد بَرُدَ كثيرًا، إلا أنهم لا زالوا في أواخر أغسطس. لعلّ في داخل معطفها منتجات تبريد كهربائية وأدوات تنتهك قوانين مكافحة الأسلحة.

«موغينو. هل تعرفينها؟» سألت تاكيتسوبو بهدوء.

لعل فتاة البدلة الوردية تسأل عما إذا كانت تلك الفتاة تقدم خدمة على الجانب المظلم، مثل طبيبة غير مرخصة أو تاجرة أسلحة.

لكن بالنظر إلى محادثة فريندا وكينوهاتا السابقة، كان هناك احتمالٌ آخر.

حتى لو كان ذلك لتجنب لفت الأنظار إلى سجلاتهن، لكلِّ فتاةٍ من أيتم مدرسةٌ تسجلت فيها.

إذن...

«شيراتوري أوكيبي. لكنكِ ممثلة الفصل في مدرستي العادية»

وردًا على ذلك، ضحكت الفتاة المصحوبة بذئبٍ ياباني.

شيراتوري أوكيبي.

كانت بالفعل ممثلة الفصل ذات الدرجات الممتازة.

«أنا مُحققة.»

كان هذا تعريفًا نمطيًا آخر.

كان هذا اسمًا آخر للعدالة التي تعارض جميع الأشرار.

«وأنا أيضًا الخاسرة التي سُرِقت أكلتُها – الأحرار – أمام عينيها مباشرة☆»

(صفحة المجلد)

<<الفصل السابق                        الفصل التالي>>

تعليقات (0)