-->

الفصل الثالث: يَرَىٰ اَلْظَّلامُ في الْعَتِيقِ لُعَبَاً جَدِيدا.

(إعدادات القراءة)

انتقال بين الأجزاء

  • الجزء 1

كان لموغينو شيزوري مدرسة.

مدرسةً تحضيرية، مدرسةً باردة وغير إنسانية.

ولم تجد لنفسها مكاناً في تلك المدرسة، لكن مدينة الأكاديمية كانت مدينة للطلاب، وكان تطوير القدرات الخارقة مخصصًا فقط للطلاب. حتى عند العمل في الجانب المظلم، كان مُحبذاً أن تتسجل في مدرسة وتحافظ علىٰ الحد الأدنى من الحضور بحيث لا تبرز سجلاتك الرسمية.

وكان هناك عدد محدود من المدارس التي يمكن لمستوى 5 أن يتسجل فيها دون أن "يبرز".

ولكنها حقاً حافظت على الحد الأدنى.

لم تظهر في معظم الأيام في أيّ أسبوع مُعَيّن، ولم يكن مستغربًا أن تغيب طوال الأسبوع. نادرًا ما عادت إلى مسكنها الطلابي الذي كان يُدار بشكل سيئ. حتى زملاؤها في الفصل لم يعرفوا شكلها. في معظم الأحيان، كانوا يغارون من الامتيازات التي تأتيها لكونها مستوى 5. وبالطبع، ما نَوَت موغينو التقترب منهم. ما كانت جواربها السوداء لتتناسب مع المظهر النقي لزي البحّارة الأبيض قصير الأكمام. ولقال الكل أنها لم تحاول حتى أن تُبديه حسناً. لم تكلف نفسها حتى عناء التفصيل على مقاسها الصحيح. لقد طلبت ببساطة زيًا بمقاس الخصر وحسب؛ فبات كاعِبُها يرفعه كفاية ليُظهر جزءًا من سِرتها.

ومع ذلك، كان هناك استثناء واحد.

فتاة واحدة كانت تُسرع وتُحادث موغينو كلما رأتها.

تلك الفتاة كانت شيراتوري أوكيبي.


«إني ممثلة الفصل، فطبعًا سأهتم بما يجري مع طالبة بالكاد تَحضُر.»


«انظري للأمر منطقيًا. اهتمامك بشعرك وأظافرك يدل على أنك لا تؤذين سعيًا للمال. بالمناسبة، ماذا تفعلين في أيام غيابك عن المدرسة؟»


«إيييه!؟ لا تحملي عطرًا باهظاً معك! ستكون مأساة إذا صادرتها المعلمة!»


ما كان لإزعاجها أن يكون أسوأ. أيُّ أحدٍ في الجانب المظلم سيرىٰ فقط خطرًا بتدخل المتطفلين في حياته، ولو كانوا قلقين وحسب أو فضوليين.

لِمَ كان عليها التدخل؟

«بصراحة، إني مُحققة ما» قالت شيراتوري أوكيبي بابتسامة.

طلب النصيحة قد يكون اختصارًا لحل المشاكل، لكنه قد يكون أيضًا بمثابة نقطة ضعف.

أحدٌ في الجانب المظلم لن يفكر أبدًا في توظيف مُحقق كثير الكلام، ولكن هل كان الناس العاديين مختلفين؟

«بصفتي ممثلة الفصل، أسمع الكثير من مشاكل الناس. لذلك إذا كنتِ في مشكلة عويصة، تعالي إليّ. سأفعل المستحيل لأساعدك!»

لكن شيئًا ما خطر ببال موغينو.

في وقتها المحدود في تلك المدرسة، حيث لم تألف أسماء ووجوه أيٍّ من المعلمين أو الطلاب، كان الاستثناء الوحيد هي شيراتوري أوكيبي.

عندها معارفٌ مُثمرة في الجانب المظلم.

ولكن عندما فكرت في الأمر، ربما كانت هذه الفتاة "صديقتها" الوحيدة خارج الجانب المظلم.

  • الجزء 2

أبكر الصباح بكيرا في حي المدارس 4 – الحي الصيني.

كانت أيتم والمحققة يواجهون بعض على طرفي السقيفة الدموية.

«قد تعتقدين أن الاستدلال لا مكان له في عالم اختبار الحمض النووي، وشبكات الكاميرات الأمنية، والتحقيق الجنائي، ولكنك حينها ستُخطئين.» ضحكت الفتاة المحققة بجانب ذئب ياباني شرس. «هي مفيدة عندما تضطر المجموعات الغامضة –التي لا يمكنها استخدام تلك الخدمات العامة– إلى تعقب من قتل أحد أفرادها أو لتكتشف الخائن بينهم. حتى في هذه المدينة عالية التقنية العديد من الأماكن المعزولة حيث لا قوة لقوانين ولوائح العالم الخارجي... طالما أن الطلب موجود، فلن أفقد عملي. ومن المفارقات أن الاستدلال أصبح لعبة للجانب المظلم، ولّا؟»

ما كان لهذه الفتاة أن تكون هنا.

آلفت موغينو التواجد في مسارح الجريمة في الجانب المظلم، وآلفت رؤية هذه الممثلة في المدرسة؛ لكن الجَمع بَين الأمرَيْن بدا غلطًا لدرجة أزعجها.

«مندهشة؟»

تحدثت شيراتوري بنفس الطريقة المعتادة.

كانت تبدو مثل ممثلة الفصل التي ترفض تركها وشأنها في الفصل المشمس.

«لا تستغربي حقاً من أنك فشلتِ في ملاحظة من أنا من قبل. نحن ننتمي إلى عوالم مختلفة، وكلانا في الجانب المظلم، ولكن منطقياً، أنا في جانب العدالة.»

«...»

«وظيفتي هي القيام بما عجزت عنه الأنتي-سكيل والجَجْمنت. ولذا أتأكد من ألا أُكشَف من قبل الأشرار الذين أتتبعهم. كوني محققة تلاحق الأشرار بشكل أحادي وتضع حدًا سريعًا لحياتهم الإجرامية، سأفقد عملي سريعًا إذا سمحت لهم بملاحقتي بدلاً من ذلك.»

«في النهاية، لماذا أنتِ هنا حتى؟»

«المحقق دائمًا ما يلاحق قضية.» ابتسمت شيراتوري بثقة ونظرت حول الطاولة الدموية في السقيفة. «أتخيل أن هذه القضية صعبة للغاية بالنسبة لك. أولاً قتلة الدمى السادية، ثم الأحرار من يقتلون بالصور، والآن أنا، المحققة. كلنا ننتمي إلى فئة مختلفة عن أيتم.»

ضحكت شيراتوري قليلًا وربتت على رأس الذئب الوفي.

«أعني، فئة العدالة.»

تغيّر شيء.

كان غريبًا أن لا يصدر أي صوت من وجه موغينو.

«هَههَه. مجرد سماع الكلمة فشّلتك؟ لكن سواء أدركتي ذلك أم لا، يمكنني القول أن أيتم لن ينجو في هذا المجال مهما قتلتم من أشرار.»

«تبدين حَيل واثقة من قوة عدالتك. هو غريبٌ من واحدة قتلت العضو الثالث دون أن تُسلم نفسها. ناهيك عن أنك تتمشين فوق قطع اللحم المنتشرة هنا.»

«لا أريد أن أسمع هذا من الفريق الذي قتل أوّل اثنين.»

بدت المحققة مذهولة أنهم طرحوا ذلك حتى.

رفضها حتى الدفاع عن أسباب معتقداتها بأنها على حق يبدو وكأنه قولٌ يقوله من يدافع عن العدالة.

«ولكن حقًا، ما كان لأيتم أن تتدخل في هذا الأمر. كان يجب أن تكون قضية القضاء على الدمى السادية وعدالتهم الناقصة قضيةً من قضايا العدالة ضد العدالة. وبما أن ذلك لم يحدث... مم، أتساءل ما إذا سيزيد الأمر.»

تحدثت المحققة شيراتوري أوكيبي مع نفسها للحظة ثم نظرت مجددًا.

«على أي حال، ما عندي كثيرٌ أفعله في هذه المرحلة. الأحرار... أوه، أولئك الجثث الثلاثة المعبأة في البلاستيك. كنت آمل أن أتحدث مع قائدهم، لكنكِ سبقتيني.»

بدا على المحققة الانزعاج، ولكن ندمها كان على مستوى اكتشاف أن البيض الذي كان معروضًا في محل البقالة قد نفد.

«إذن، انتهيت هنا. ولكن إذا منحتِ هذه المحققة وقتاً، سيمكنني تنظيم البيانات عن هذه القضية التي تورطتِ فيها منطقياً.»

«تمهلي.»

بصوتٍ مغتاظ، تقدمت موغينو خطوة للأمام.

لم تعرف وضع شيراتوري هنا، لكن إذا كانت في نفس المجال، ما كان لموغينو سببٌ للتراجع. ستُمزق هذه الفتاة وتقضي عليها بالميلتداونر في أي وقت.

نعم، يمكنها فعل ذلك.

طالما أنها تخلت عن الإنسانية التي وجّهتها نحو ممثلة الصف في مدرستها العادية.

«أتحسبين حقاً أننا ندعك ترحلين؟ لستِ بنينجا تهرب بإلقاء قنبلة دخان أو فلاش. في المعركة الحقيقية، أصعب شيء هو الهروب بأمان عندما تكونين في وضع غير موات.»

«أوه، صحيح. يبدو أنكِ توصلتِ إلى مؤامراتٍ ما متعلقة بالدمى السادية، لكن اعلمي أن رئيستكم [صوت الهاتف] لم تخفي معلوماتهن الشخصية لخبثٍ أو شر. لقد بحثت في الأمر حقاً وما وجدت شيئا.»

ازداد صمت موغينو أكثر حدة.

عدة نقاط هنا منعتها من الضحك استخفافاً.

أن شيراتوري كانت تعرف أن أيتم لاحقت الدمى السادية.

أنها ذكرت صوت الهاتف.

وأنها اِدّعت فِهم ما كانت تفعله صوت الهاتف حتى وأيتم تجهل به.

ابتسمت شيراتوري ابتسامة بريئة.

كانت ترى أفكار موغينو بوضوح.

«أه ههههه. أتحسبيني أُخادع؟ ربما لن أستطيع إثبات أيٍّ منها وأنتِ هكذا محاصرة في هذه القضية المتشابكة.»

«أيا الرَّذلة.»

«أوه، تستفزين؟»

ضحكت الفتاة المحققة ذات الشعر الأسود وتمتمت بشيء لنفسها.

-وهوو!!- بعد لحظة، اندفع جدارٌ من اللهب مُهيب نحو أيتم.

أول من ردت كانت كينوهاتا مع الأوفينس آرمر. ركلت أحد الأعمدة التي تدعم السقيفة، فكسرته وانهار السقف كاملاً.

عمل ذلك درعًا لحمايتهم الأربعة.

انقسم جدار اللهب قسمين حيث أن الانفجارات أخذت أقل الطرق مقاومة.

لكن هذا كان كل ما تمكنت كينوهاتا من فعله. -شششۤ- سمعن أصوات وشممن روائح فريقهم الداعم يُشوىٰ.

وصل صوت مبتسم من وراء الجدار البرتقالي السميك.

«لا تفترضوا أن كل ما أستطيعه هو إنشاء النار أينما شئت بقدرة مبعث النار. تعالوا بهذا الفهم السطحي ومآلكم الهلاك.»

«كك.»

لن يصد الميلتداونر جدار النار.

تقدر موغينو على إطلاق الشعاع عبر الجدار، لكن هل كانت شيراتوري فعلاً حيث كان صوتها؟ كان واردًا أنها هدّدت إنساناً بريئًا لحمل مكبر صوت أو غير هذا.

«(تاكيتسوبو، أين هي؟ أيمكنكِ استشعار أي شيء؟)»

«(هل استخدم البلورة؟)»

«لا تتعبي نفسك. فهو أصلا عبء على جسدك، ولّا؟» قاطعتها شيراتوري.

هل امتلكت أذنين حادتين، أم أنها توقعت ما كانوا يفكرون فيه ويفعلونه؟

«لا تتصلي بي –أنا من ستتصل بك. قلتُ إنني سأُنظّم البيانات حول هذه القضية منطقيًا إذا أعطيتموني الوقت، صح؟ ففي آخر الأمر، أنا محققة.»

بات حضورها يبتعد أكثر.

نقرت موغينو بلسانها، وجهت كفها نحو جدار النار، ثم توقفت.

سمعت شيئًا يشبه عجلات القطار المعدنية تنزلق على القضبان.

«كما قلت، انتهيت هنا. قد تكون عطلة الصيف، لكنها ما تفرق مع هؤلاء الرجال في البدلات. ساعة الذروة ستبدأ قريبًا ولن يمكنني القول إنني أعمل من أجل العدالة إذا تورط الناس العاديون في هذا. وماذا عنكم يا جانب الأشرار؟»

أبدت نبرة شيراتوري المرحة أنها مغادرة.

ما زالت أيتم لم تكتشف تفاصيل قدرتها. مما يعني أنها قد تكون قادرة على تقليل عدد أيتم ببغتةٍ.

«أين نلتقي؟!» صاحت موغينو.

«استدلي يا فتاة. ابدئي بالتحقيق عني.»

  • الجزء 3

انتقلت فتيات أيتم الأربعة إلى الحي 7.

لقد قُضي تمامًا على فريقهم الداعم، لكن كان عليهم الابتعاد عن مسرح الجريمة. والآن تجمعوا عند المغسلة. ومع ذلك، لم يكن هذا مكانًا رخيصًا مليئًا بالغسالات الصناعية المخصصة لأزياء البيسبول المتسخة والمليئة بالعرق. بل كان مكانًا جديدًا للاستراحة يضم مقهىً نظيفًا وعصريًا.

كانت أيتم في مساحة المقهى التي يفصلها جدار زجاجي سميك عن مساحة المغسلة المليئة بالغسالات الصناعية. الشيء الوحيد الذي ميّزها عن المقهى العادي هو شاشات LCD المعلقة من السقف والتي تعرض أرقام العملاء الذين انتهى غسيل ملابسهم للتو.

ربما تُفَسّر لافتة "للنساء فقط" وجود الرائحة الحلوة التي تملأ منطقة الانتظار على طراز المقهى وكذلك الملابس الداخلية المثيرة وملابس النوم التي تدور داخل الغسالات الصناعية. وكان بعض الناس يغسلون زي خادمة ذات تنورة قصيرة جدًا (ربما ليُوّزعوا المناديل على زاوية الشارع) مع مزيج غريب من زي سباحة مدرسي ومريلة.

ولكن...

«موغينو، لا تنامي.»

«لِمَ لا؟! ماذا، تريدين من يلتفت إليك؟! سأنام! الغسالة الكريهة ذي تأخذ ثمانين دقيقة تغسل وتجفف! فاضية أنا؟!»

بفضل قضية المترصدين المعروفين باسم الأحرار، عَمِلَ أيتم منذ الرابعة صباحًا. ليس من عادة الجانب المظلم الاجتهاد هكذا. وغطست موغينو في بحر النعس والغضب، فغلب عليها الثاني أكثر.

ولقد بدأ 30 أغسطس للتو.

أسندت كينوهاتا رأسها على وسادة مؤقتة الصنع من بدلة رياضية استعارتها من تاكيتسوبو. ولم تكن موغينو ترتدي أي أحذية بينما تتأرجح ساقاها أسفل الطاولة. كانت الفتيات أقرب للنوم من غيره.

لكن.

«إذا لم نجمع غسيلنا بعد نصف ساعة من انتهائه، سيأخذه المسؤولون ليفسحوا المجال للغسيل الآخر. إذا غفونا جميعًا، قد نفقد بقية ملابسنا.»

ساد الصمت.

ظهر مصدر جديد للصراع.

«يبدو لي أن على واحدة منا البقاء مستيقظة.»

«نعم، لكن من؟»

تبادلت الفتيات النظرات على الطاولة. رغبن جميعًا في النوم. وربما يخترن أضحية بشرية.

«أقول أن نختار بناءً على مدى فائدتنا اليوم! تاكيتسوبو وأنا قاتلنا الأحرار خارج المتجر. والآن يا كينوهاتا، ماذا كنتِ تفعلين حينها؟ آه، صح. كنتِ تضيّعين وقتك في قسم الطعام، لذا ابقي أنتِ مستيقظة. أنا سأنام!!»

«حيل انتظري! هذه المغسلة الخارقة في الحي 7 كانت مخبئي منذ البداية. إذا تحدثنا عن الفائدة، فعليكِ أن تشكريني!!»

«كينوهاتا، تعبتُ وأنا انتظر في الطابور لأحضر الأرز بالكاري.»

«وفي أي عالم يُعتبر هذا مكافئًا!؟ وحيل أيضاً، كان ذلك طعامك يا تاكيتسوبو! من يأكل الكاري في أبكر الصباح!؟»

«مم؟ هو الخيار الاعتيادي لفطور الفنادق.»

بهذا التعليق الخالي من التعبير، بدأت تاكيتسوبو تأكل بملعقتها الفضية. وكان لديها سبب لاختيارها. علىٰ أنه كان مقهى، لم يكن بإمكانهن قضاء الوقت بشرب القهوة أو الشاي. كن جميعًا يرغبن في النوم فورًا، لذا تناول أي شيء يحتوي على الكافيين كان بمثابة حكم بالإعدام.

«س-سأنام هكذا! ورأسي صار حيل ثقيل! أرجوكم ليُكلمني أحد! إذا لم تعطوني موضوعًا خارقاً لا ينتهي لأركز عليه، فإن غسيلنا في خطر!»

«اكلي خرا. العبي أنتِ وتاكيتسوبو لعبة انطباعات حجر-ورقة-مقص... أوه.»

«موغينو؟»

هدئت موغينو بشكل غريب.

لابد أنها تذكرت من عَلّمها تلك اللعبة. ولم يعد كون تلك الفتاة من مدرستها سببًا للثقة بها.

المحققة شيراتوري أوكيبي.

بعد صمتٍ وتعبيرٍ غير مفهوم، انهارت موغينو على الطاولة.

«...سأنام.»

«هذه المستبدة حيل غيرت القواعد علينا.»

«موغينو محتارة بشأن الكثير والكثير.»

«هذه الأجواء الجادة حيل لن تخدعني. ما لك حق في القول أن القواعد لا تنطبق عليك!»

ما كان لأيتم خيارات غير العصير البرتقالي الغالي والوجبات الخفيفة من القائمة. لم يحاول المقهى حتى إخفاء عبوات الورق ذي سعة 2 لتر في الثلاجة خلف المنضدة. كانت موغينو ذات ذوق راقي لكنها لم تنفق المال على أي شيء، لذا كانت حالتها المزاجية تزداد سوءًا. وفي هذه المرحلة، ودّت فقط لو تنام.

فجأة، أدركت كينوهاتا غياب أحدٍ عن كل هذه الفوضى.

«ها؟ حيل أين فريندا-سان؟»

«ربما هي الآن تعيش جحيمها في الجانب المشمس.»

  • الجزء 4

قد خرجت روح فريندا سيفيلون جزئيًا من فمها.

وهذا ليس تشبيهًا أو مبالغة، قد تدحرجت عيناها للخلف فعلاً.

كانت في مسكن طلاب ابتدائية في الحي 13. أكانت كل الألعاب المحشوة والمنتجات الشخصية تعكس ذوق شقيقتها الصغرى؟ أم أنها كانت أشياء اشترتها فريندا وآخرون لها حيث أنهم ظنوا أن هذا ما يعجب الأطفال الصغار؟ كانت هناك سمكة ذهبية وخنفساء وحيدة القرن تعيشان في الغرفة أيضًا، والمكتب الدراسي يحتوي على دفتر ملاحظات، كراسة رياضيات، كتاب مدرسي، ومفكرة لمراقبة زهرة الصباح.

كان ذلك كله من واجبات الصيف.

لكن لم تكن واجبات فريندا تتضمن مفكرة مراقبة زهرة الصباح. بل هو يخص شقيقتها ذات الصف الأول.

«طالعي، في النهاية، قلت لك إن هذا سيحدث. وقلت أيضًا إنني لن أساعد.»

«أوّل شيء، قلتِ لي ألا أعود إليك باكية عندما يحل يوم 31 أغسطس. واليوم هو 30، لذا لم أحنث بوعدي بعد!»

كانت الأخت الصغيرة أذكى من أن تكون ذات سبع سنين.

وكانت الأخت الكبيرة من الجانب المظلم قلقة بعض الشيء.

مالت الصغرى برأسها وقالت.

«أوّل شيء، لِمَ تمسكينني من الخلف؟»

«لأنني أعرفك تهربين ما لم أضعك في حِجري هكذا. في النهاية، ما يعجبني مظهر هذه الأحذية الخارجية الجاهزة عليك.»

«هِي هِي. اليوم يومي وأنا أجلس عند أفضل مقعد في البيت☆»

وهكذا كانت فريندا تضع ذراعيها حول خصر شقيقتها الصغيرة لتُثبتها في مكانها كقضبان الأمان في رحلة قطار الموت. كان هذا علامة على عدم الثقة لأنها افترضت أن أختها الصغرى ستهرب من الشرفة إذا أتيحت لها الفرصة، ومع ذلك كانت الصغرى تتكئ على أختها وتُلَوّح بساقيها كما لو كانت جالسة في أكثر العروش راحة.

«ألاحظ أنكِ بالكاد بدأتِ فيه. لماذا لم تنجزي أيَّ واجبٍ منزلي حتى اليوم؟»

«نويت هذا.» كانت الأميرة البالغة من العمر 7 سنوات تعبس بشفتيها في حِجر أختها. «لكن أيامي كَثُرت وما وجدت يومًا غير هذا اليوم. لذلك كانت خطتي في أن أنجزها رويدًا رويدًا تنهار باستمرار.»

إذن كان عندها خطة لكنها بالغت في تقدير ما يمكنها إنجازه في يوم.

أُحبِطت فريندا بينما تتابع أختها الصغيرة.

«لكن، لكن! تركت أيام الأحد أيام الرجعة، لذا كان من المفترض أن أُعَوّض كل ذلك حينها.»

اختيار يوم الأحد لمثل هذا التأمين كان خطأً. حتى في العطلة الصيفية، كانت الجداول المدرسية قد غرست فيها فكرة أن يوم الأحد هو يوم عطلة. كان من النادر أن تستطيع التركيز على العمل في ذلك اليوم.

«وبعد ذلك، أدركت فجأة أنه لا أمل.»

امتلئت عيون الأخت الصغرى بالدموع.

ثم مدت ساقيها وصرخت بيأس.

«أول شيء، ليس خطئي! إنه خطأ العطلة الصيفية لأنها ممتعة كثيراً!!»

«في النهاية، أرىٰ أنكِ تسيرين في درب مَرّ عليه الجميع مرةً.»

على أي حال، كان على الصغيرة إنجاز الواجبات.

وأنها نادت بأختها الكبرى الآن كانت علامة على الثقة. مدت فريندا ذراعيها تحت شقيقتها الصغيرة لتُقَسّم كومة الواجبات والكتب المدرسية على المكتب.

«حسنًا، سأحل عنكِ هذه المسائل الحسابية، وأنتِ اكتبي هذه الكانجي.»

«"اكتب اسمك بالكانجي." ...أوّل شيء، كيف لي أن أفعلها؟»

كانت الفتاة شقراء الشعر زرقاء العينين ذات الاسم المكون من حروف لاتينية في حيرة من أمرها.

لم تكن مسائل الرياضيات في المدرسة الابتدائية صعبة، لكنها كثيرة. ومع تكرارها لتلك العمليات الحسابية البسيطة مرة بعد مرة، بدأت فريندا تحتار فتحتار في اليابانية التي تنظر إليها. كانت تعاني من تدهورٍ إدراكي حقيقي. كما كانت تحت ضغط كبير لأن ارتكاب خطأ واحد في مسائل الصف الأول سيؤثر على شرفها كأخت كبرى.

(أوه، لا، لا، لا. في النهاية، القيام بهذا مرارًا وتكرارًا يشبه تعبئة القطع في صناديق على حزام ناقل في مصنع. من الآن دخت.)

ثم جاء تحفيز جديد. أخرجت الأميرة الصغيرة شريط قياس. وللتأكد من أن الطفلة ذات السبع سنين لم تقطع أطراف أصابعها، أعطتها مدرستها شريطًا قماشيًا بدلاً من شريط معدني.

«عليّ أن أقيس جسمي أيضًا!»

«؟»

«لجدول النمو الصيفي.»

...هل نَمَتَ هذه الطفلة ذات السبع سنين كما نَمَىٰ نبات زهرة الصباح؟

ما كانت فريندا متأكدة، ولكن فات الأوان الآن. قررت قياس طول شقيقتها الصغرى الحالي ثم تعد الأرقام الأسبوعية السابقة إلى بداية العطلة. طالما لم ينتهي عَدُّها بأن الفتاة أصبحت أقصر مما كانت عليه في الفصل الأول، فلن يعرف أحد الفرق.

حُرّرت الأخت الصغرى من "العرش" حتى تقف بجانب الحائط لتقيس.

«حسنًا، في النهاية، قفي مستقيمة وسأقيسك الآن. اثبتي.»

«ننه.»

«لا، لا تقفي على أطراف أصابعك.»

ظنّت فريندا أن الشبّان الرياضيين فقط هم من فضّلوا الطول، لكن هل كانت مخطئة؟ لم تستطع تذكر كيف كانت الحياة عندما كانت في السابعة.

«أوّل شيء، إني نحيفة كعارضة أزياء.»

«طيّب طيّب.»

من أين تعلمت هذا المصطلح؟

ثم بدأت الطفلة ذات السبع سنين تلعب بشريط القياس القماشي. لفته حول نفسها مرارًا وتكرارًا.

«في النهاية، ماذا تفعلين؟»

«هذا ما يفعله الكبار. يُسمى قياس الأبعاد!»

قررت فريندا أن تكتفي بمشاهدة أختها ذات السبع سنين وهي تستمتع بلعبتها.

كانت تعلم أنه لا شيء خاص بالكبار في هذا الشريط القياسي الموميائي.

  • الجزء 5

عندما عادت فريندا إلى المغسلة قبل الغداء، كان الوقت قد حان أخيرًا لعقد اجتماع استراتيجي.

حملت موغينو وعاءً من حساء الميسو البارد الذي بدا غير ملائم في مقهى على الطراز الغربي. قد يكون جزءًا من فعالية أو تعاون. وقد أوصت فريندا بقطع الإسقمري المشوي كإضافة، لكن ذلك لم يرق لموغينو.

«الآن علينا أن نقرر ماذا سنفعل.»

«عن تلك المحققة الخيالية تقصدين؟»

حدقت كينوهاتا في هاتفها، المائل على جانبه، لكن هذا لم يعني أنها استبدلت حبها للأفلام بالألعاب الهاتف. كانت تشاهد على ما يبدو فيتيوبر [1] متخصص في التوصية بأفلام غير معروفة.

قدّمت كينوهاتا اقتراحًا للبقية أثناء مشاهدة الشاشة.

«قالت أن نستدل، صح؟ لكن إذا فعلنا ما تقوله لنا، أشعر أننا سنقع في فخ حتى لو التقينا بها ثانيةً.»

طبعًا، الاتصال بهاتفها العام أو زيارة عنوانها الرسمي ربما لن يكون مجديًا.

لم يكن الوضع مع تلك المحققة مشابهًا تمامًا للوضع مع الدمى السادية والأحرار. لأنها لم تقتل أحدًا أمام أيتم أو تسرق هدفًا من أهدافهم.

ومع ذلك، لم يكن معروفًا عدد الأرواح التي أخذتها في الخفاء، والقول أنها لم تقتل أحدًا بالأمس ليس ضمانًا أنها لن تفعل ذلك غدًا.

إضافةً إلى ذلك، لا يمكنهم تجاهلها وهي لديها معلومات عن أيتم.

«في النهاية، هل سنلتقي بها حقًا؟» سألت فريندا، بنظرة متشككة. بدا أنها تقول إن هذا هو الموضوع الرئيسي هنا. «ما كان اسم ذلك العضو الثالث من الأحرار؟»

«كان أميكاوا سوجي، يا فريندا.»

«صحيح، هذا هو يا تاكيتسوبو. في النهاية، طلبنا من فريقنا الداعم التخلص منه، ولكن بعد ذلك أتت تلك المحققة ورمت بجثته علينا. إذن كيف تمكنت شيراتوري أوكيبي من سرقة الجثة من فريقنا الداعم؟»

«وفقًا لفريق الدعم، كانوا يحملونها إلى شاحنة متوقفة على الرصيف عندما اندفعت كمية كبيرة من الماء وجرفتهم والشاحنة بعيدًا.»

«هذا مختلف عن جدار النار الذي رأيناه» أضافت موغينو.

كان رأسها منخفضًا وصوتها أكثر انخفاضًا من المعتاد.


––‹‹لا تفترضوا أن كل ما أستطيعه هو إنشاء النار أينما شئت بقدرة مبعث النار. تعالوا بهذا الفهم السطحي ومآلكم الهلاك.››


هذه لم تكن خديعةً بسيطة.

لم تتذكر موغينو رؤية مثل تلك القوة في المدرسة أيضًا. كان من المفترض أن تكون قوة شيراتوري أوكيبي ضاغط الصدمات ذات المستوى 3، والتي يفترض أن تسمح لها فقط التلاعب بالهواء لتضرب المسامير دون مطرقة فعلية.

أكانت تخفيها؟

أكانت تخدع موغينو عمدًا، وهي تبتسم وتسمي نفسها ممثلة الصف البريئة؟

أكانت تنظر إلى موغينو مُزدريةً وهي تعلم أنها كانت من الجانب المظلم؟

«في النهاية، هذا ليس أسوأ جزء في استعراضها ذاك.»

قد خُدعت موغينو خلال حياتها المدرسية التي اعتقدت أنها كانت مجرد غطاء.

بماذا فكرت فريندا وهي ترىٰ موغينو في مشهدٍ لم تألفه؟ في نظرتها لمحة من الاستياء حين هزت رأسها، ثم تحدثت.

«كونها أخذت فقط الجزء العلوي من الجثة يسير. ففي الآخر، ليس ميلتداونر موغينو هو المصدر الوحيد للقوة الكبيرة. ولكن في النهاية، تحققنا ووجدنا أن إبهام الغبي القتيل قد قُطِع. يبدو ذلك مقصودًا إلى حد ما، ولّا؟ ومتاعبنا ستزيد لو أنها أرسلت ذلك إلى الأنتي سكيل. تلك المحققة هي من قتلت أميكاوا، ولكن التحقيق في ذلك سيعني دخول المزيد من التحقيقات بشأن أول قتلتين قتلتهما موغينو.»

فتيات أيتم ليسوا ساموراي من الجِدايغيكي أو رعاة غربيين، لذلك من أجل البقاء آمنين كان عليهم استرداد جثث من قتلوهم ويحفظوها بعيدًا من أن تكتشف أبدًا. أن تظل جثة كان عليها المحو ليس تهديدًا مباشرًا، لكنه يعني المتاعب.

العدالة.

المحققة شيراتوري أوكيبي.

كانت تعرف ما كان آخر شيء رغب فيه مجرم الجانب المظلم.

أمالت تاكيتسوبو رأسها بلا مشاعر.

«لكنها لم تُهددنا، صح؟»

«ليست غبية لهذا الحد. بدت تدري عن صوت الهاتف، تذكرين؟ تعرف أن هناك ضغطًا سيكون على الأنتي سكيل لوقف التحقيق إذا حاولت إرسالهم ورائنا. وبغض النظر عن مدى تمويهها للمسار الذي تستخدمه لترسل الأدلة، هناك دائمًا خطر أن يتم تتبعها، لذا لا يمكنها الإهمال.»

«إذن، ألا تزال تفكر وبقوة بطريقة خارقة لاستغلالها؟»

بمجرد أن أتمّت حساباتها المتنوعة، من المحتمل أن تتصرف تلك المحققة دون تردد. وأياً كان ما فعلته، سيسبب الكثير من المشاكل لصوت الهاتف لدرجة أنها قد تتوقف عن حماية أيتم.

تنهدت موغينو تنهدًا ثقيلا.

«لا أعرف كم من الوقت نملك، ولكن يجب أن نقرر بسرعة. سنموت إذا منحنا تلك المحققة زمناً للعمل.»

«في النهاية، ماذا سيحدث إذا يئست شيراتوري أوكيبي وأرسلت الإبهام وحده؟»

«لا مشكلة علينا إذا فشلت. سندين بدين كبير لصوت الهاتف، لكنه أفضل من جعل كل الكبار أعداءً لنا.»

وهكذا حُسِم الأمر.

لم يكن من الطبيعي على أيتم الفرار من الظلام خوفًا من فضيحة.

أسلوبهن كان في جعل العدو يندم على اليوم الذي اكتسب فيه أي معلومةٍ عنهن.

وكان معهن معلومات ليعملن عليها.

شيراتوري أوكيبي كانت مسجلة في نفس مدرسة موغينو، لذا كان على المحققة أن ترى الأول من سبتمبر على أنه الموعد النهائي. إذا لم تغادر المدرسة أو تتعامل مع موغينو بحلول ذلك الوقت، فلن يكون لديها وسيلة للحفاظ على سلامتها.

تمامًا كما موغينو.

(لذا سيحدث شيء قبل ذلك.)

اليوم كان الثلاثون. فكرت موغينو للحظة.

«أولاً، أريد أن أعرف من هذه المحققة حقاً.»

«ها؟ أليست زميلتك شيراتوري أوكيبي؟» سألت تاكيتسوبو.

«أنسيت كم مرة خُدِعنا بمكياج مميز؟ أريد خبيرًا ليُأكد هذا.»



لذا، بعد أن رتّبوا ترتيبات عبر الهاتف، توجهوا إلى الحي 9. كان الجو حارًا للغاية خارجًا، لذا كانت فريندا في مزاج متبجح خاصة بفضل شمسية الدش الشخصية لها. كان الجو الغريب لهذه المنطقة أوضح عند التمشي مما كان عليه عندما أخذوا مترو الأنفاق من قبل.

«هذا الحر يعرّقني.»

«موغينو. في النهاية، صدريتك بدت تتكشف☆»

تجمعت ثلاث فتيات من الجَجْمنت معًا في تلك المنطقة الملونة بألوان الأنمي. كانوا يثبتون ملصقات على دعامات العنفة الهوائية. أكان هذا جزءًا من واجباتهم الرسمية؟ ألقت فريندا نظرة خاطفة عليها واكتشفت، بدهشة، أنها ملصقات لأناسٍ مفقودين.

‹‹‹يا إيرينا-تشان. ألا تجدين الإجابة الحقيقية سريعًا باستخدام تنبؤاتك؟›››

‹‹‹هويييه؟ م-ما هي بهذه البساطة. لو أمكنني اختيار ما أريد رؤيته بقوتي، لما وقعت في الكثير من المشاكل في ذلك الكولوسيوم أو ذلك الكازينو.›››

‹‹‹صحيح، ألم تقولي أنكِ توقعتِ سقوط شهابٍ عملاق على الأرض بعد ثلاثين ألف عام؟ وأن شيئًا صغيرًا فعلتيه غيّر من المستقبل لتجنبه، لذا ما عاد الآن ممكناً أن نعرف ما إذا كان التنبؤ الأصلي دقيقاً حتى؟ تنهد، نادرًا ما أصادف قوة ESP أزعج حتى من استبصاري.››› [2]

وجهة أيتم كانت برج الإعلام والفنون للجيل القادم في وسط منظر المدينة.

هذا كان أجراس الموي الذي زاروه من قبل.

أطلت تاكيتسوبو بنظرة بلا عاطفة للفتاة التي كانت تحمل شمسية داخل البناء.

«فريندا، الناس لا يحبون شمسيتك. تجذبين الكثير من الانتباه.»

«؟»

«ألم تقولي إنها دش ماء شخصي؟ أراهم يعلقون ملصقات كبيرة خارقة وإعلانات كرتونية بحجم البشر أمام المتاجر، لذا ربما حيل لا يحبون الرطوبة. على الرغم من أن زبائنهم المعتادين يعرقون كثيراً.»

في طرف من طابق مليء بشركات إنتاج الأنمي والألعاب كان هناك استوديو بث لفيديوهات الفيتيوبر. يحتوي على استوديو بحجم الفصل الدراسي، وغرفة مزج الصوت/الفيديو بنفس الحجم والتي تقع خلف زجاج عازل سميك، وغرفة مبردة مليئة بالحواسيب بحجم أجهزة البيع.

هذا كان المعقل لمحققٍ فيديوهات مُعَيّن.

«مـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــن~؟»

استُقبِلن أيتم بشابٍ حليق اللحية خفيف [3] يرتدي تيشيرت فاحش وجينز مهترئ. كان يشرب سيجارة كذلك مهترئة مُستَخدَمة في زاوية فمه.

كونها الأجدد، كانت كينوهاتا الوحيدة التي لم تلتقِ به من قبل. نظرت بصدمة إلى الملصق العملاق على الحائط وإلى الشاب حليق اللحية.

«إيه؟! أليس هذا استوديو بث الفيتيوبر الخيالي؟ لا تخبرني أن ناتسونو كاكاو من قناة توصيات الأفلام الثانوية هي في الواقع أنت...»

«ههههه، لا لا، إني فقط مصمم الرقص. هنا مصنع إعادة تدوير لممثلات الأصوات الأيدول اللاتي ارتكبن أخطاءً كبيرة حتى ما عاد اسمهن يُذكر بعد الآن.»

ربما كان ذلك جزءًا من كونه من الجانب المظلم، لكن الشاب ابتسم ووصف المكان بطريقة غير ودّية كثيراً.

«اعتدتَ العمل في الحي 15، حيث كل أمور التلفاز هناك.» بدت نبرة موغينو مستاءة. «كان عليك إعلامنا بانتقالك.»

«ما عاد التلفزيون مركز عالم الموي بعد الآن. لكن إذا كنتِ غضبانةً هذا الحد، فلا بد أن عندكم عملٌ عاجل لي كوني محقق فيديو.»

منظر ابتسامة الشاب بالتيشيرت الفاحش والجينز المهترئ جعلت موغينو تنقر بلسانها حنقاً «تشه»، ثم رمت عليه فلاشة ذاكرة بحجم أحمر شفاه. مهاراتها في إدارة الأزمات لم تكن سيئة لدرجة أن تعطي هاتفها لخبير بيانات.

أمسك محقق الفيديو الذاكرة بيدٍ ودفع بأحد أعضاء فريق الفيديو الشباب جانبًا.

«سأستخدم هذا الجهاز. ... لحظة يا أحمق؟! لِمَ عدّلت تعديلات صغيرة هنا؟! علىٰ الرنين أن يأتي من العمود الفقري، ليس الصدر! وظيفتنا هي ضبط القِيَم عندما تبدو البيانات الحركية الخام أكثر وهمية فعليًا. مفتاح الشهرة هو ما إذا كان غزل هذه الفيتيوبرة يبدو طبيعيًا أم لا. إذا لم تَشعُر بأي وزن خلف الحركة، فإن الجميع سيرونها بيانات مُجَرّدة مهما أنفقنا من أموال على نموذج عالي الجودة!!»

صدت شكوى لا معنى لها في الغرفة.

«يبدو سخيفًا الآن، ولكننا قد نكون في ورطة إذا استولى الذكاء الاصطناعي على أحد هذه، ثم أعلن نفسه إلهًا خارقًا وأصبح شديد الشهرة»، قالت تاكيتسوبو مُتنهدة.

«إيه؟ ظننتُ أن استراتيجية الذكاء الاصطناعي هي الهجوم بجيش من الرجال الأقوياء جدًا. حيل ما شفت أي فيلم عن نهاية العالم عن أن الآلات كانت ظريفةً جدًا حتى تركهم البشر يستولون».

أدخل الشاب الذاكرة الفلاشية في وحدة التصوير، واستخرج الفيديو منها، ونظر إلى أحد الشاشات السائلة (LCD).

«همم. عندكم وجهها وصوتها، ومازلتم لا تعرفون من هي؟ ولذا قررتم الاعتماد عليّ؟»

«هل لك أن تخبرنا أي شيء من عظامها؟»

بالإضافة إلى الوجه والبصمات الأصابع، يمكن تحديد الأشخاص بناءً على كيفية وقوفهم ومشيتهم.

كانت تقنية التقاط حركة الفيتيوبر تتضمن حركات بشرية. إذا لم تتصرف الهياكل والمفاصل بشكلٍ صحيح، فإن النماذج لا يمكن أن تكون لطيفة ورقصهن سيبدو مرعبًا بحق.

ومع ذلك...

«هناك علامات على تعديلات.»

«...»

«لم أجد أي شيء عن طريق السجلات الأسنان، وما عندي تطابقات من التعرف على الوجوه العشوائية في السجلات الآلية. إما أنها تعتني جيدًا بأسنانها وتتجنب المشروبات الغازية، أو أنها تُحَدّث تحديثاتٍ عشوائية لأسنانها وهيكل عظمي بشكل دوري.»

كانت هناك قصص عن مجرمين هاربين يزيلون إحدى أسنانهم الخلفية متعمدًا في محاولة يائسة لتجنب هذا البحث، لكن إعادة صنع جسمك بأكمله بشكل متكرر كانت نادرة حتى في الجانب المظلم.

وكان لدى طبيبة غير مرخصة يعرفونها قولاً عندما اتصلوا بها من خلال خدمة استشارات وسائل الإعلام الاجتماعية: ‹‹‹حسنًا، لقد قلتم أنها ماهرة كفاية لتعبث بجينات كلب لتصنع منه ذِئباً يابانياً، لذا لا أستغرب أنها استطاعت العبث بأسنانها وعظامها لتتجنب تتبع معلوماتها الشخصية.›››

عبست فريندا.

«في النهاية، هي تحضر مدرسة عادية، صح؟ إذن سنجد عنها في البنك.»

«موغينو. إذا تغيّر هيكلها العظمي في هويتها كل تلك المرات، فلربما يؤدي هذا إلى إنذار تعديل البيانات. وإذا لم يحدث هذا، أيمكن أن لديها تكنولوجيا لإعادة عظامها إلى طبيعتها عندما يأتي وقت قياساتها الرسمية؟»

فمن كانت حقًا؟

أكانت ممثلة الفصل تُغيّر عظامها بانتظام، أم أن غريبًا ما تنكّر في نمط عظام الممثلة؟

ارتعشت كتفا محقق الفيديو.

«إذا انقطعت الأدلة عن تتبع الفرد، فابحثي عن مقرهم. اجمعي كل الأوراق والبيانات في غرفتها وتتبعي مدفوعاتها، كمثل استئجارها للغرفة وأكلِها.»

«...»

«لابد أن تجدي شيئاً. عندكِ هذا الفيديو، لذا لابد أن تجدي في فعلها وكلامها لممحةً إلى مكانها.»

  • الجزء 6

«على طاريها، ما هو حلمك؟»

طرحت شيراتوري أوكيبي هذا السؤال في فصل دراسي بعد المدرسة، مُلونٌ ببرتقالي غروب الشمس.

قد حَسَبت موغينو الأيام القليلة التي كان عليها الحضور في المدرسة، لذا لم تعرف أسماء زملائها ولا حتى مُعلّمها. لا مشكلة إذا لم يهتموا بها أيضًا، لكن لسوء الحظ، اسم شهرة المستوى 5 له وزن كبير في هذه المدرسة العادية.

«مم، تأخذين حلمك على محمل الجد؟» سألت موغينو، وبدت مستاءة.

«مقصدي هو أن عليك أن تكتبي حلمًا في نموذج الخطط المستقبلية.»

لذا كانت المشكلة مع المدرسة. كان من المفترض أن تكون هذه مدرسةً تحضيرية، لذا فكرت موغينو أنه أفضل عليهم أن يجمعوا بيانات أكثر قيمة من طلابهم.

ابتسمت شيراتوري.

«لأعطيك مثالاً، حلمي هو أن أغدو محققة رائعة. لا أريد أن أكون مبتدئة أو هاوية. أريد أن أستخدم منطقي في وظيفة فعلية.»

«محققة محترفة، ها؟ أوتعرفين ما يتطلبه هذا العمل؟»

«ههههه. أعلم على الأقل أنه لا يشمل حل الألغاز الدراميّة المعقدة كالغرف المغلقة وألغاز الجدول الزمني وما شابهها.»

ضحكت شيراتوري بخجل ورمت الموضوع. بدت أنها تعرف أن أكثر الوظائف شيوعًا للمحققين في مدينة الأكاديمية هي تتبع الأزواج والشركاء الرومانسيين المشتبه بهم في الخيانة.

«لكنني سأقدر على فعل الأكثر إذا امتلكت اللقب حقاً. بعض الأمور لن تصليها وأنتِ مجرد هاوية، ولكن ذلك سيتغير إذا كنت محترفة.»

«مثل؟»

«يومًا ما، سأنقذك من الظلام.»

«...»

«لا أعرف ما العالم الذي تورطتِ فيه! لكن أعلم أن عندك أمرٌ ما يحدث خارج المدرسة، وإني أُخمن أنه ليس شيئًا مسالمًا مثل العمل بدوام جزئي في متجرٍ ما بعد المدرسة.»

لو كانت تعرف حقاً، لأنتهى كل شيء ذلك الحين.

كان ذلك الحلم ذا قيمة فقط لأنه كان غير واقعي وغير عملي.

في فصل دراسي مسالم بلا صلة بالجانب المظلم، ضحكت شيراتوري.

«هيي هيي. لذا سأعيدك إلى ضوء الشمس وأصنع منكِ إنسانة صادقة!»

  • الجزء 7

«أوه؟ وهكذا قررتِ زيارة فصلي؟»

كانت هذه الجملة كافية لجلب توترٌ خطير إلى الجو.

جاء ذلك من امرأة في العشرينيات من عمرها ترتدي كيمونو. ولبدت خلّابة لو أنها جلست في غرفة الشاي تصنع الماتشا بفرشاة الشاي.

بدلاً من ذلك، فاحت منها رائحة الموت.

كانت فريندا محبة للمعارك والقنابل، ولكن حتى هي استقام ظهرها.

موغينو بدت مستاءة.

«تعرفين أنها عذراء سفّاحة، صح؟»

«أعرف عقليًا، لكن في النهاية...»

«هي فقط تعطي هذا الهالة بأخلاقياتها وتنفُّسها. ولكن إذا أمكنها خداع محترفة، فلربما تستحق أن تكون معلمة أخلاقيات.»

كان "فصل الأخلاقيات" هذا في منزلٍ تقليدي عتيق حيث تناسبت فيها احتفالات الشاي والزهور. كان الأمر يتعلق بخلق صورة وكان لابد أن تكون الصورة الأكثر ملاءمة لجذب العملاء.

في الواقع، كانوا في ناطحة سحاب عالية التقنية في الحي 3 التي كانت تقع فوق العديد من عنفات الرياح.

بشكل أدق، كان منزلاً تقليديًا كاملاً، مع حديقته، في سطح ناطحة السحاب.

المرأة الجميلة التي ترتدي الكيمونو كانت تبعث هالةً خطيرًا.

...ولكن، وجدت موغينو نفسها مسترخية حيث أن الأمر بدا لها مألوفًا للغاية. كانت عائلة الموغينو عصابة تمتزج فيها الأساليب اليابانية والغربية، كنظرةٍ رومانسية تراها في عصر ميجي أو تايشو. كان عالمًا غريبًا حيث تُرىٰ فساتين الدمى الفاخرة والكيمونو جنبًا إلى جنب دون غرابة.

«انظري هنا.»

سلّمت موغينو نفس ذاكرة الفلاش التي أعطتها لمحقق فيديو الفيتيوبر، فأشارت المرأة إلى نقطة على جهازها اللوحي.

«أترين كيف تأخذ هذه خطوة إلى الوراء وتُحرك أطراف أصابعها عندما أومأت؟ عادةً، سنُركز على وجهها عندما تُخفض رأسها، لكن هذه الفتاة تستغل تلك الحقيقة جيدًا لترسل إشارات خاطئة للخبير الذي يفهمها.»

هذا الفصل الخاص بالأخلاقيات كان في الواقع مكاناً لكشف العلامات المستخدمة من قبل المنظمات الإجرامية.

وإذا دفعت ما تُريده، فإنها ستُصمم إشارة تستخدمها. ربما كانت مثل المحترفين الذين يصممون تواقيع المشاهير.

«هناك أيضًا أوقات أثناء حديثها حيث يتغيّر تنفسها الطبيعي من الأنف إلى الفم. تلك إشارةٌ أخرى. باستخدام نقاط التغيير كخطٍ فاصل مثل رمز مورس، سنرىٰ فيها نصًا مختلفًا تمامًا في محادثتها.»

عبست موغينو.

«ومن بالضبط يستخدم تلك الإشارة؟»

«خدمة توصيل الدراجات البشرية.»

جاء هذا الجواب بسهولة.

«لافتة مكتبهم جدًا ماصخة لدرجة يسهل تجاهلها، لكنهم في الواقع وسطاء الأعمال الجزئية الإجرامية. كما أنهم يعملون خدمةً تحصيلية حيث يجمعون العديد من المُرابين [4] ويتعاملون مع القضايا المُثقَلة بالديون. هُم خبراء في التعامل مع الناس العالقين في ديونٍ بلا مال. يقومون بذلك من بعيد ويأمرون المديونين بسرقة متجر مجوهرات أو ساعات.»

بصفتها زميلة في الجانب المظلم، قد تعرفت موغينو على الاسم.

«هذا يعني أن قاعدة المحققة في الحي 16.»

  • الجزء 8

تمامًا كما فضّلت محلات الدراجات أن تكون قريبة من المدارس الابتدائية والإعدادية، وكما فضّلت محلات الزهور أن تكون قريبة من المستشفيات، وكما فضّلت محلات الرامن والمطاعم الأخرى التي تستخدم حجم الوجبات الكبيرة ميزةً للبيع أن تكون قريبة من المدارس المشتهرة بالرياضة، هناك موقع مثالي لكل عمل.

فضّل المحققون التعامل مع الجوانب الأقل جمالاً في الناس، مثل الخيانة الزوجية وقضايا الميراث. لذا إذا أرادوا العملاء، فهم كغيرهم من الأعمال سيقيمون متاجرهم في منطقة مرتبطة برغبات البشر.

كانت منطقة الترفيه في حي المدارس 16 أوضح مثال.

كان في المكتب نبتة كبيرة داخل وعاء، وطاولة مكتبية، وطاولة استقبال زجاجية، أريكة جلدية، وآلة لصنع القهوة باهظة الثمن إلى حد ما.

لا يبدو أن صورة "مكتب المحقق" قد تغيرت كثيرًا منذ زمن الدراما القديمة. بات بهذا الشكل بطلبٍ من مصمم الديكور الداخلي "بأن يجعله يبدو كمكتب محقق". من ناحية أخرى، بدا أيضًا مثل مجموعة من المستلزمات المكتبية غير المباعة في مستودع تاجر الجملة.

من كان يتوقع أن في الأريكة بطانية ملفوفة حيث تحولت بشكلٍ أو بآخر إلى سرير؟ كانت الحقيبة المعدنية الفضية على الأرض عبارة عن مجموعة أدوات بسيطة للطب الجنائي، وكانت هناك طائرة درون للمراقبة. لكن إذا أردت استخدام تلك الألعاب في موقع الجريمة، فأفضل لك أن تُوَظّف خبير.

أشار التقويم الموجود على الحائط إلى خطط لاستئجار معمل للتحقيق في حوادث الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية. وذلك لأجل إعادة إنتاج الحِيَلِ الفيزيائية على نطاق واسع.

ولكن مع المحقق، لم يكن الأمر يتعلق باستخدام وسيلة مُعَيّنة للتحايل بنفسك بقدر ما يتعلق بفهم كيفية عمل جميع الأجهزة بالضبط لمحاكاة الطرق الضارة التي قد يستخدمها المجرم.

ومع ذلك، لم تكن أيُّ من ذلك السمة الأبرز في المكتب.

كل شيء كان مغطى.

الصور والملاحظات المكتوبة بخط اليد لم تكن فقط ملصقة على الجدار، بل غطت الأرضية والسقف أيضًا. ارتبطت جميعها بخيوطٍ ملونة؛ لتعطي انطباع أن كل شيء مُرتبط ببعض.


ترىٰ مجموعة مكونة من صور لأعضاء الدمى السادية الخمسة ومذكرة مكتوبة من قبل أحدٍ ما في شركتهم.

ترىٰ مجموعة أخرى تضمنت صورًا لرئيسة الطائفة العلمية ومبنى مجمع الاستنساخ الزراعي.

ترىٰ صُوَراً لأعضاء أيتم الأربعة بين هاتين المجموعتين.

وعلىٰ مسافة قصيرة، ترىٰ صُوَراً لثلاثة أفراد من الأحرار.

وامتدت خيوطٌ ملونة من هناك، لكنها لم تتصل بأي شيء بعد.


(الموعد النهائي هو على الأرجح 1 من سبتمبر. منطقيًا، ليس من الممكن أن نتظاهر بأننا أصدقاء في الفصل الآن بعد أن عَرَفنا هوية بعض. علينا تسوية هذا بطريقة أو بأخرى خلال أغسطس.)

...من الغريب أن موغينو كانت تنظم المعلومات بنفس طريقتها عندما تلاحق قضية. لم يكن واضحًا من منهما أخذ عن الآخر.

«هم، هم♪»

كانت المحققة عارية. لتوها خرجت من الحمام. وكان في المكان باب يؤدي إلى جميع الغرف التي تحتوي على مياه جارية: المطبخ، الحمام، وحمام الاستحمام. ارتشفت من قهوةٍ باردة تُركت على الطاولة ثم بحثت عن وجبة خفيفة تُسلي بها نفسها.

استشعرت الذئبة اليابانية الطعام، فرفعت رأسها من الوسادة على الأرض استلقت عليها بملل.

كان أول من يحل لغزاً تركه رجل عجوز ثري سيحصل على كامل إرثه، لكن بدلاً من كومة ضخمة من النقود، كان الإرث عبارة عن ذئبة يابانية وبعض ملاحظات الأبحاث عن التأسُّل. يبدو أن شايبًا رومانسيًا مُعَيّناً [5] رأىٰ أن هذا الشيء الذي لا يمكن تحويله إلى كومة من النقود كان كنزاً أكبر بكثير. أفراد عائلةٍ مُعَيّنة الذين اقتتلوا بشراسة من قبل اتفقوا فجأة على أنهم لا يريدون الذئبة، فأخذتها المحققة المستأجرة.

الفتاة ذات الشعر الأسود التي ارتدت فقط منشفةً فوق شعرها البلل فتحت الثلاجة وانحنت لتبحث بداخلها.

«أغغ، أكل أحدٌ ما كل طعامي. أكنتُ الجانية؟ لا، لن أحافظ أبدًا علىٰ هذا القوام الجميل لو أنني أكلت كل ذلك اللحم المقدد ولحم الخنزير. مما يعني... هممم.»

همست شيراتوري أوكيبي لنفسها ثم وَجّهت عدسة مكبرة نحو الثلاجة.

من الناحية التقنية، كانت تلك عدسة متعددة الأغراض مع إطار مليء بالكاميرات وأجهزة الاستشعار التي يبلغ قطرها 2 ملم. يمكنها التكبير والتصغير وأيضًا تُصَوّر جميع أنواع البيانات: بصمات، بقع الدم، آثار أقدام، رذاذ العرق واللعاب، وأكثر.

بدأت بتعيين الطول الموجي إلى 385 و 455 نانومتر. هذا كشف عن أثر شيء سُحِبَ من الثلاجة.

كانت هناك علامات على فتح الأغطية البلاستيكية على الأرض.

متابعة الأثر أكثر قادت شيراتوري للنظر بين النبتة الكبيرة المزروعة والحائط حيث دُفِعَت أغلفة اللحم المقدد والخنزير بشكل خشن.

أعطت الفتاة ذات المنشفة فوق رأسها إيماءة كبيرة واحدة.

كان الجاني هو مساعدها.

الحقائق التي يكشفها المحقق دائمًا ما تكون مصدرًا للحزن.

«روزيكي! تباً، حتى لو أخفيتِها، سأرىٰ ما فعلتِه بجهازي مصدر الأضواء البديلة!!»

حاولت الذئبة الياباني التغابي، لذا احتضنتها شيراتوري وهي عارية وفركت خدها بها، مما جعلته تصرخ بألمٍ. لم تكن بشرة شيراتوري وشعرها مبللتين وحسب، بل لم تعجب الذئبة أيضًا الرائحة الحلوة جدًا لصابون الجسم والشامبو.

في عالم الاستدلال، لا يمكنك أبدًا أن تقول أبدًا.

الكلاب والقطط يمكنها فتح الأبواب والصنابير بمهارة مفاجئة، ويمكنها حتى ضغط الأزرار على ريموت التلفاز أو المكيف. وبالطبع، كان من المستحيل القول ماذا يمكن أن تفعل الذئاب اليابانية نظرًا لقِلّة العينات المتاحة.

بعد إنهاء عقوبة الذئب بابتسامة، أبعدت شيراتوري أوكيبي (العارية) وجهها عن الفراء الكثيف.

«حسناً يا روزيكي، لنخرج ونشتري طعامًا من المكان الرخيص.»

«هووف!» نبحت الذئبة بسعادة. فضّلت روزيكي المتاجر المخفضة على المتاجر الصغيرة ومحلات البقالة بسبب كمية طعام الحيوانات الأليفة والألعاب المتوفرة هناك. كان هناك متجر ضخم بشكل خاص قد أصبح مَعْلَمًا في هذا الحي الترفيهي.

ألقت شيراتوري المنشفة من على رأسها وارتدت أدنى حدٍّ من الملابس للخروج. ارتدت مزيجًا من الجوارب الخاصة تحت الركبة وجوارب سوداء قصيرة أنيقة وجميلة، لكنها أتعبتها في اللبس. وإذا لم تكن حذرة، ستتمزق الجوارب. ترددت بين الأحذية الجلدية أو الأحذية الطويلة، لكنها اختارت الأخيرة.

«في حياة الفتاة، تكلف الأناقة الكثير من المال والوقت والعمل.»

أخذت هاتفها ودخلت إلىٰٖ مجموعة شجرة الهاتف المدرسية على وسائل التواصل الاجتماعي. أن تبقىٰ في وضعٍ جيد في المدرسة أظهر أنها أفضل من موغينو شيزوري في الحفاظ على كِلا جانبي حياتها.

كاد الصيف ينقضي. وباء عليها الآن أن تبدأ حقاً في التفكير في الأول من سبتمبر.

(سأنشغل مرة أخرى بعد انتهاء العطلة. ولا أنسىٰ، المدرسة كنزٌ من الوظائف بها أناسٌ وحدهم من يؤدون تلك الوظائف ولا يُستغنى عنهم.)

غادرت شيراتوري مكتبها التحقيقي مع روزيكي الذئبة اليابانية.

كان مكتب المحقق يقع في مبنى متعدد المستأجرين القذر في حي الترفيه الممتلئ بلافتات النيون وشاشات سائلة (LCD). كان فيها مؤسسة جنسية ومكاتب تمويل مستهلكين جيراناً لها. وكانت المؤسسات الأخرى في المبنى محل رهونات يشترون الأثاث والأدوات من جامعي الديون ومتجر للهواتف المحمولة يستخدم إصلاح الهواتف غطاءً لسرقة المعلومات الشخصية للناس. كل الإضافات الغريبة للمبنى جعلت من الصعب التنقل فيه.

«-تثااااؤب-. صباحو~، آنستي المحققة.»

امرأة شابة كاعب ترتدي قميصًا رقيقًا فركت عينيها بكسل وهي تمشي مُتمايلة في الممر الضيق. كم بلغ صدرها بالضبط؟ تخطى 100 سم. لم تحتج شيراتوري أن ترفع القميصول [6] لتتحقق؛ حيث أنها شكّت في ارتداء تلك المرأة ملابس تحتية.

كانت المرأة عاملة جنسية تعمل في هذا المبنى.

«هاه؟ لم أدري أنكِ بدأت العمل مبكراً.»

«هناك مساحة لأخذ قيلولات في الخلف. والجو بااااردٌ في الخارج.»

كانت بائعة الهوىٰ التي تمشت بقميصول فقط مهتمةً بالذئبة أكثر من المحققة نفسها. أضاء وجه المرأة بمجرد أن رأت روزيكي لأن روزيكي قد أصبحت شيئاً مثل تميمة حظ المبنى.

«مساعدتك معك☆ أوه، جدًا ظريفة!»

كان عمل المحقق هو حل مجموعة متنوعة من المشاكل، لكن غالبية تلك المشاكل جاءت من العلاقات البشرية: التحقيق في الخيانة الزوجية المشتبهة، البحث عن فتاة هاربة، العثور على أشخاص يتجنبون السداد للمرابين، وما إلى ذلك. أياً كان الحال، كان المحقق يتعامل أساسًا مع مهام التتبع التي لن عجزت عنها الأنتي-سكيل و الجَجْمنت، لذا كانت حاسة الشم الحادة لدى الذئبة اليابانية سلاحًا قويًا. في بعض الأحيان، كان أنف الذئبة أفيَد من جهازها مصدر الأضواء البديلة الذي يكشف عن بصمات الأصابع أو بقع الدم.

ابتسمت بائعة الهوىٰ ابتسامةً مشرقة بعد زوال نعاسها.

«هل لي أن أداعب روزيكي-تشان؟»

«تفضلي.»

مع صرخات حول مدى ظرافة الذئبة، امتدت الأيدي من جميع الجوانب لمداعبتها. بمجرد أن مُنحت واحدةٌ الإذن، ظهر حشد من النساء من الأبواب المجاورة. سيعطون الذئبة كل أنواع الطعام والوجبات الخفيفة والألعاب إذا تركتها شيراتوري دون مراقبة للحظة، لكنها اشتهرت أكثر بعد أن طردت شخصًا ثملًا كريهًا. رغم أنه لم يكن واضحًا تمامًا ما إذا كانت النساء يرون روزيكي فارسة بدرعٍ لامع أم يرونها مانيكي-نيكو. [7]

كانت عيون الحيوان المتوسلة تقول، «سأدعكِ ترسمين فيني حواجب بقلم لا يزول، لكن أرجوكِ أنقذيني من هذا.» وكان ذيلها مدسوسًا بين ساقيها.

(هفف، خافت منهن تمامًا. سيدفع بعض الناس الكثير ليحصلوا على مثل هذه المعاملة.)

لكن لم يكن من العدل أن نتوقع من الحيوانات أن ترىٰ الأشياء كما يراها البشر.

بحثت المحققة عن وسيلة لمساعدة رفيقتها المسكينة.

«أوه؟ أسمع ضوضاء كثيرة قادمة من هناك. هيّا روزيكي.»

اختلقت شيراتوري عذرًا وصفّرت بأصابعها. تركت الذئبة أيدي بائعات الهوى وركضت نحو شيراتوري. ركضت بسرعة كبيرة، وعبرت عيناها المستديرتان عن شكر وامتنان.

زارت شيراتوري مستأجرًا آخر في نفس المبنى.

خدمة توصيل الدراجات البشرية.

كانت اللافتة جدًا ماصخة بشكل يجعل من السهل تجاهلها، لكنه كان في الحقيقة وسيطًا للأعمال الجزئية الإجرامية. بدلاً من توصيل الأشياء، كانت الخدمة تتيح للناس استخدام هواتفهم ليطلبوا توصيل الشخص المطلوب.

أدخلت المحققة رأسها عبر الباب.

«ما الذي يحدث؟ أعندك وظيفة أخرى لي؟»

«لا. أنا مشغول بتحطيم هذا الرجل الذي اكتشفته السيدات.»

«إيوااااااااااااااااه!! أوووووهراااااااااااااااااغغغغ!!»

اخترقت صرخة مزعجة جدران المبنى. على ما يبدو، لم يعد المرابين في هذه الأيام يطالبون ببيع أعضائهم.

بالطبع، لا ينتهي كل "زبائن" المرابين نهاية كهذه.

أو بالأحرى، كانت أفضل طريقة لعمل المرابين هي عندما يظل القائد مخفيًا على الجانب الآخر من مكالمة هاتفية ويهدد الخدم المؤقتين للقيام بالعمل الفعلي. لذا حتى لو تحدث هذا الخادم بعد أن قُبِض عليه، فلن يكشف عن من يقف وراءه.

كانت إحدى وظائف المحقق هي البحث عن أولئك الخدم الذين تجاهلوا أوامرهم وهربوا في منتصف الليل.

وهناك متخصصون في سحبهم إلى غرفة مظلمة ويكسرون فوق رؤوسهم عصا العصيان.

الهاربون كهؤلاء لم يكونوا شائعين حقاً، ولكن إذا انتشرت كلمة واحدة عن هروب أحدهم بسلام، فالكثير منهم سيخاطر بذلك.

لم يكن هناك تعاطف حقيقي في صوت المحققة.

كان هناك سبب واحد فقط لسقوط هذا الرجل هذا الحد.

«التعليم المنزلي، ها؟»

أشار هذا المصطلح إلى التعديلات الدماغية التي تتم في الأزقة الخلفية باستخدام الأقطاب الكهربائية والتنويم. على عكس المنهج الرسمي الذي يُقَدّم في المدارس. لم تعرف شيراتوري ما إذا كان هذا يشبه شَمّة من المخدرات غير قانونية أو شكلًا متقدمًا من المنشطات.

«يبدو أنه أفسد عقله حتى ما عاد قادرًا على كسب المال اللازم لدفع تكاليف المختبر غير القانوني المبني في شاحنة معدلة، لذلك لجأ إلى خطف الحقائب في الشوارع.»

«لقد اعتاد السرقة، لكنه عارض سرقة متجر المجوهرات حينما أُمِر؟» سألت شيراتوري، وهي مندهشة بعض الشيء.

ثم...

«هل قررتَ خطة بعد؟»

«بصراحة، سأعتمد على اقتراحكِ يا آنسة.»

«فكرة حسنة. يبدو أن ذاك متجر غير قانوني يشتري المجوهرات المسروقة من الناس. سرقة كل مجوهراتهم لجذب انتباه الأنتي-سكيل قد تجعلهم يتفحصون المكان بشكل أقرب.»

«وسيُقبض على سارق الحقائب مرة أخرى أيضًا.»

كانت المحققة تعرف آخر ما يريده المجرمون.

أكان ذلك لأنهم في جانب العدالة؟

ربما، استنتج شيراتوري.

كانت مهنة التحري كلها تتعلق باتباع نهج مختلف لحل القضايا التي تفلت من أيدي الأنتي-سكيل وتسليم المجرمين إلى السلطات. كانوا مثل المُصلِحين الذين يستخدمون كل الحِيَلِ المُمكنة لملء الفجوات المظلمة في العالم المسالم.

وهكذا كانت شيراتوري أوكيبي، محققة العدالة، تحل جميع أنواع الألغاز والقضايا، لكنها لن تتحمل أي مسؤولية عما يحدث نتيجة لذلك.

المحقق الذي يعمل على قضية القتل المتسلسل الغامضة، والصحفيون، والخادمات المشهورات لم يهتموا بأن من يتعرفون عليه على أنه قاتل سيُحكم عليه بالإعدام حتمًا.

الرجل ذو المظهر التهديدي الذي يرتدي بدلة مبهرجة، ربما كان جزءًا من فريق دعم أو آخر، تنهد بسخط وقال: «حقاً، لن يأتينا مالٌ كثير مقابل أعضاءٍ تَلُفَت من سنوات التدخين والشرب والمخدرات. إرسالهم إلى متاجر المجوهرات والساعات أكثر فعالية من حيث التكلفة.»

«حقا؟ قد تكون الأعضاء القذرة والمتضررة أكثر ندرة وبالتالي أكثر طلبًا كعينات بحثية. كما تعلم، مثل الرئتين التي اِسْوَدّت من النيكوتين والقطران التي تراها على الملصقات في العيادات.»

«بالحديث عن هذا، لا أعرف من أين يحصلون على الصور، لكن مدينة الأكاديمية تقوم بتحديث الملصقات كل عامٍ لسبب ما. إذا كان مبتغاهم هو تخويف الناس من التدخين بصورة رئة مقززة، فيمكنهم أن يعيدوا استخدام الصورة من العام أو العقد الماضي.»

«أتساءل عما إذا كان المجلس سيجري اختبارًا لذلك. لنرى من لديه أقذر رئة هذا العام.»

وفي لحظتها...

«أوه.»

تحدث أحد الجانحين الآخرين في زاوية الغرفة.

الشاب (حرفيًا) عضّ أحد الرجال في البدلات الفاخرة، وحرر نفسه، وركض نحو مخرج المكتب.

مما يعني أنه كان يقترب من شيراتوري إذْ أنها كانت الأقرب للباب.

«ابتعدي!!»

«لا.»

مدّ الرجل يده إلى كمه وسحب شيئًا كأنه عصا التتابع.

بصوت النابضات والتروس تعمل، امتدت العصا إلى أكثر من 60 سم. نظرة قريبة ستظهر أن هناك سلكًا معدنيًا رفيعًا مشدودًا مثل قوس الكمان.

توهجت الشفرة الرقيقة جدًا باللون البرتقالي وأحرقت الهواء.

أكان منجلًا كهروحراري؟

امتلك منظراً فريدًا من البلاستيك المطبوع ثلاثي الأبعاد، ربما كان طلبًا عبر الإنترنت من متجر الأسلحة.

«لن أقوم بأعمالكم الإجرامية. لِمَ عليّ أن أتبع "قواعدكم"؟ لستم إلا جماعة من المجرمين!! سأرجع إلى البيت! ولن أسمح لأي منكم بإ–»

«باو واو!!!!»

زئرت روزيكي زئيراً متفجراً أسقطت من المجرم سلاحه.

توقف الزمن وسقط على إستِه.

تشكلت دموع في زوايا عينيه.

كان هذا مختلفًا تمامًا عن كلب اُشتُرىٰ من متجر الحيوانات الأليفة. حتى وإن لم تدري أن هذا الكلب قد تَعَدّل وراثيًا ليصبح ذئبًا يابانيًا، فإن غرائزك الحيوانية ستتعرف على الترهيب الحقيقي لهذا الوحش الذي هو أسطورة بحد ذاته.

كان هذا الفهم الغريزي متجذراً.

الشرطة في مجال الأسلحة النارية لا تستخدم مُصَوّبات الليزر حتى تُحَسِّن دقتها. من خلال تسليط النقطة الحمراء على صدر أو بطن المشتبه به، يمكنهم إقناع المشتبه به بالاستسلام دون الحاجة إلى إطلاق النار.

(لأنه وبقوتي، يمكنني تحويل المجرم إلى لحم مفروم قبل أن يملك وقتاً لتهديدي.)

ما كان على زميل المحققة إلا أمرَين.

1- أن يكون تميمة حظ يتمتع بمهارات تواصلية لتلطيف الأجواء بدل المحققة غير الاجتماعي، 2- أن يقمع جسديًا مجرمًا لا يعرف متى يستسلم.

طالما استطاع الزميل القيام بهذين الشيئين، فلا داعي حتى إلىٰ أن يكونوا بشرًا.

«وأهم مهارات المحقق هي الملاحظة الدقيقة والذاكرة الحادة.»

ابتسمت شيراتوري بينما ربتت بلطف على رأس الذئبة.

ابتسمت برقةٍ وقسوة.

«الفرق بين المحقق والضحية التعيسة التي صادفت الحقيقة هو القدرة على الحفاظ على منطقةٍ آمنة حيث لن يمكن قتلهم حتى بعد الوصول إلى الإجابة الصحيحة. لا تنتهي القضايا الحقيقية عندما تحل اللغز، بل في الواقع هنا يكون خط البداية. لن تكون محققاً حقاً إلا إذا استطعت التحكم وقمع القاتل بأمان. الاستجواب المباشر للقاتل وجهًا لوجه هو أمر خارج الحسبة☆»

انسحب الشاب إلى زاوية الغرفة مرة ثانية وأُغلِقَ عليه الباب.

بائعة الهوىٰ ذات القميصول أخرجت رأسها من الباب المجاور.

«خلصتووو~ الأمور المخيفة؟ إذن دعيني أرىٰ الحلوة. أوه، فرْوُها علاج. طالعي يا روزيكي-تشان، جلبتُ إليك علكة عظام☆»

حاولت الذئبة اليابانية التهرب.

بدت غريزة الإحساس بالخطر لدى المرأة الشابة المبتسمة معطلة بشدة.

  • الجزء 9

«صدق؟» قالت كينوهاتا ساياي بنبرة مندهشة.

كان حي الترفيه في أواخر أغسطس مغطى بالثلج الأبيض.

أُعِدّت مجموعة من آلات الثلج التي تشبه المراوح العملاقة للتأكد من أن كل شيء مغطى. يبدو أنها كانت مؤامرة واسعة النطاق من قبل إحدى العلامات التجارية الكبرى للبيرة. لقد أعادوا تصميم الحي 16 ككل ليصير حديقة بيرة ضخمة وكانوا يديرون حدث ترويج للمبيعات. كانت الشابات ذي ملابس ضيقة يُدْعَون "ببنات البيرة" وهن يوزعن علب البيرة الجديدة في الشارع. كان على ما يبدو الحدث الثالث أو الرابع، لكن كينوهاتا لم تولي اهتمامًا كافيًا لتعلم أيُّ الرقمين أصح.

«آغغ. في النهاية، الجو ثلج.»

ارتجفت فريندا فأغلقت شمسِيّتها المميزة برذاذ الدش.

كانت حبات الثلج الصغيرة المتناثرة في الريح قد سلبت كل الحرارة، لذلك كان الجو مقشعرًا حتى في ضوء الشمس المباشر في الظهيرة.

«هذا خطر. يُشَرّبون الناس البيرة وهم يمشون في الثلج الاصطناعي. لا داعي لقشور الموز حتى يتعثر الناس هنا.»

«موغينو، ربما الروبوتات الأمنية لا تستطيع التحرك في هذا الثلج أيضًا.»

«هذه المنطقة كلها تتعلق بالكحول والحياة الليلية، صح؟ إن كان الأمر بهذا السوء في النهار، فكيف في الليل؟»

كان الحي 16 مليئاً بالأعمال الجزئية ذات الأجور العالية بشكل غامض، لذلك لم تظهر طبيعتها الحقيقية إلا عندما أُضيئت جميع العلامات النيونية وشاشات LCD.

كان حيّاً فوضوياً يختلف عن مصدر الاتجاهات في الحي 15.

لم يُبذل أي جهد لإخفاء العلامات والرغبات الفاحشة هنا.

في هذا الحي الترفيهي حيث ترىٰ الكثير من السكارى حتى خلال النهار، كانت ياماغامي إيرينا من الجَجْمنت تُوَزّع منشورات على زاوية الشارع الثلجي. لقد رأوها في وقت سابق، لذا لابد أنها كانت تتحرك كثيرًا.

«عذرًا. اسم هذه الفتاة ميناميوكي ساروسا-تشان. هل رأىٰ أحدكم هذه الفتاة؟»

«حالياً، علينا نشر معلوماتها. هذا يعني تعليق الملصقات في جميع الأحياء الـ 23 بنهاية اليوم.»

«ستتغير عيشة الناس بانتهاء الإجازة، لذا علينا أن نحصل على معلومات الشهود المفيدة قبل ذلك.»

كان عدد لا بأس به من الناس يستخدمون الزلاجات على الأرصفة المسطحة كما لو كانوا يتزلجون على الجبال أو يتجولون بأحذية الثلج الحديثة. في الواقع، كانت هناك حتى مركبات الثلج تسير ذهابًا وإيابًا على الشارع. على ما يبدو، كانوا يستخدمونها مثل عربات السياحة. (توك توك)

«كلها تبدو غالية» عَلّقت تاكيتسوبو وهي تشاهد كل ذلك ببرود.

«حَيل مخيف كيف يتحمس الناس لهذه الأحداث.»

«كينوهاتا، هذا مثل فشار السينما. مثل بضائع المعجبين في مباريات كرة القدم الكبرى، لن تعرفي أبدًا مدى انخفاض القيمة ما إن تذهب عنك.»

«هو حيل سيئ أن تستخدمي الأفلام مثالًا سلبيًا يا تاكيتسوبو-سان. لا تجعليها عادة!»

بينما كانت أيتم تسير كمجموعة، كانت فريندا أثبت على قدميها من الثلاثة الآخرين. خبرتها على ما يبدو أكبر في المشي على الثلج. حِيلتها على ما يبدو كانت في الخطو بثبات فوقه.

«في النهاية، أظنني عَمِلتُ مع تلك المحققة من قبل في مكان ما.»

«ها؟»

«أخبرتكم أنني أعمل في مجال الأدلة الجنائية منفصل عن أيتم، صحيح؟ نحن نعمل بشكل منفصل ولا نلتقي مباشرة، ولكني قد أكون أحيانًا أرسلت لها بيانات الأدلة الجنائية عبر الإنترنت أثناء مطاردة الخونة في الظلام.»

لم يبدو أن فريندا لديها أي نية لتكون لطيفة معها بسبب ذلك.

لفريندا، كانت المحققة مجرد شخص آخر مرّت به في الجانب المظلم.

في الواقع، كان من غير المعتاد أن لموغينو، مدمنة القتال والقَتْلات، أن تبدو غير متأكدة هذا القدر.

عندما كانوا ينتظرون إشارة المرور عند تقاطع، اقتربت بنات البيرة مبتسمات وطردتهن موغينو بيدها، ثم قالت.

«كانت خدمة توصيل الدراجات البشرية، صح؟»

«في النهاية، أعتقد أننا سنتبع الخائن ذو البدلة الفاخرة في مكتب المعلومات. ربما يُعَرّفنا إلىٰ العديد من الأعمال غير المشروعة بجانب أمور المتعة والهوى.»

وواصل أيتم تجاه وجهتهم بينما يمرون بقصر ضخم وعملاق كايجو مصنوع من كتل الثلج.

وصلوا إلى مبنى متعدد السكان متسخ.

«موغينو.»

«أعلم. ليس كل البناية لُعبةً للجانب المظلم.»

بوجود "الأبرياء" (الذين كانوا في الواقع مجرد سكارى يسيرون في الحي الترفيهي) حول المكان، لن تتمكن موغينو من تفجير المبنى من الخارج.

لذا دخلوا من الطابق الأول الرئيسي واقتحموا مكتب المدير.

«طيّب، طيّب. في النهاية، علينا فحص كاميراتهم الأمنية ونظام التكييف الذكي. حسنًا، نراقب لقطات جميع الطوابق و... هذه تبدو كخطوط خالية من الناس.»

أوصلت فريندا الحاسوب بهاتفها وأومأت. نظرت تاكيتسوبو من الجانب وأشارت ببعض الأخطاء. حدسها البسيط هزم البيانات الدقيقة.

«وييه. حيل ما ودي أن أرىٰ تاكيتسوبو-سان عدواً لي يومًا.»

«ماذا؟ الآن عرفتِ؟»

قررا تجاهل نظرة فتاة البدلة الرياضية المستاءة.

صَوّبت موغينو يدها للأعلى.

أطلقت عدة أشعة ميلتداونر بسرعة فائقة.

اخترقت الأشعة السميكة عموديًا المبنى، لكن لم يبدو أن أحدًا لقي حتفه.

بينما كان البشر –أياً كان اسمهم– يندفعون ذعراً، صعدت كينوهاتا على جدران المبنى بذراعيها المدرعتين بالأوفينس آرمر وانزلقت إلى المكتب (الذي امتلئ بالثقوب) من خلال النافذة.

ركلة صوب الأقدام أسقطت الرجل المسؤول ذو الوجه المخيف.

وضعت كينوهاتا قدمها على صدر الرجل ضاغطةً على قلبه وهو ساقط.

إذا وضعت وزنها على القدم وفعّلت الأوفينس آرمر، فسوف يسحق الأرض بسهولة.

«عندي لك رسالة تُوَصّلها، للمحققة أقصد. افعلها وسأتركك تعيش.»

«الآنسة الشابة؟ م-ما هي الرسالة؟»

«زمانٌ ومكان نلتقي فيه. أخبرها أننا حيل نعرف أين تعيش، فمن الآن نحن من نُسيطر.»

  • الجزء 10

كانت العاشرة مساءً في الثلاثين من أغسطس. وقت البدء.

ارتاحت أيتم في غرفة الغسيل العصرية حتى وقت الإغلاق، والآن أخيراً تحركوا.

«موغينو، ماذا نفعل بخصوص قدرة شيراتوري أوكيبي؟»

«...»

ما كانت موغينو نائمة طوال الوقت.

لقد قضت وحدها الوقت كله تُفكر كثيراً حول هذا الموضوع.

«نحن نعلم أنها قادرة على خلق جدار من النار وإحداث فيضان مفاجئ. ولابد أنها قادرة أيضًا على طرق المسمار بواسطة الهواء إذْ أن هذه هي قوتها التمويهية.»

«مهلاً. في النهاية، القاعدة تقول أن لكل شخص قدرة واحدة.»

«لكننا ناقشنا هذا كثيرًا ولا زلنا لم نجد إجابة.»

كانوا يتجهون نحو معركة جاهلين فيها بقوة العدو.

تلك القوة الوحشية كانت قد هزمتهم مرةً، والآن كانوا يتحدونها مجددًا.

كان ذلك مثل اختيار الغطس في متاهة مميتة. لربما تنجو واحدة من أيتم من هذا الصراع.

«سنحوط حول تاكيتسوبو. هو أمرٌ مزعج، لكننا نحتاجها لجمع المعلومات!»

«في النهاية، أعتقد أن هذا هو الخيار الوحيد.»

ابتسمت فريندا نصف ساخطة وأدخلت ذراعها النحيلة في معطفها الرقيق. كُنّ على موعد مع معركة شرسة حيث أُجبرن على الدفاع عن أنفسهن، لذا ربما كانت ترغب في التأكد من عدد وتنوع المتفجرات ليطمئن نفْسُها.

وتحدثت موغينو إلى الآخرين وهي تتجه نحو مركبة دعم رباعية الدفع عند الرصيف.

«فريندا وأنا سنتقدم لإجبار المحققة على الهجوم، وأنتِ يا تاكيتسوبو، ركّزي على تحليل قوتها. وأنتِ يا كينوهاتا ركّزي على حماية تاكيتسوبو. لا تدعي أحدًا يقترب من محللتنا.»

«مفهوم.»

«حَيل واضح.»

نقطة اللقاء كانت قصر الجليد في الحي 16.

قد صُنِّفَ قاعة أحداث متعدد الأغراض.

كان بحجم مبنى مدرسي ومصممًا على شكل معبد يوناني. صُنِّع بالكامل من خلال تكديس كتل الجليد الأكبر من أجهزة البيع ونحتها بنعومة.

لم يكن الأمنُ صارمًا تمامًا، ولهذا السبب كانوا يستخدمونه لاجتماعهم السري. طالما لم يكن هناك حدث في هذا اليوم، فإن قصر الجليد كان هادئاً. لن تجد أضواءً داخله، وما غير الظلام تراه مُهَيمِن داخله. أُضيء الممر بالحد الأدنى من الإضاءة الليلية، كما أن الأخضر لعلامات مخارج الطوارئ والأحمر لأضواء إنذار الحريق صَبَغا الجدران والأرضيات في بعض الأماكن. وترىٰ في أعمدة الجليد السميكة إعلانات فيديو مرئية وكذلك في الجدران المستوية، لعلها جزء من روتين الصيانة التلقائية للمعدات.

أحد الإعلانات المعروضة على عمود دائري كان لحفل آيدول قادم.

عُرِف قصر الجليد باسم مسرح بُلويسر آيسيكل.

«لِمَ عليهم أن يفسدوا اسمًا حسناً كهذا بإضافة علامة تجارية للبيرة؟ هذا يخرب جماليتها.»

«بل يظهر مقدار ما يكسبوه خلال الإعلانات يا كينوهاتا. تأتيهم أموالٌ طائلة وكل ما عليهم فعله هو السماح للشركة بتسمية المكان.»

تأكدت أيتم من الوصول قبل خصمهم.

تمعنوا في قصر الجليد، وفحصوا الفخاخ والقنابل والكاميرات الخفية، وحتى بحثوا في احتمالية الهجمات الخفية أو القناصة، لكنهم لم يجدوا شيئًا.

بعد حوالي نصف ساعة من البحث، نظرت تاكيتسوبو إلىٰ الأعلى.

«موغينو.»

انطفأت جميع الأضواء دون سابق إنذار.

الحد الأدنى من الإضاءة الليلية، والإعلانات المعروضة على الأعمدة، ولافتات مخارج الطوارئ، وأضواء إنذار الحريق – كلها انطفأت.

وكان من المحتمل أن الكاميرات والأجهزة الأمنية الأخرى قد تعطلت أيضًا.

سمعوا خطوات صلبة.

كانت اثنتان، لكن إحداهما لم تبدو بشرية.

«هلا، هلا.»

فتاة ذات شعر أسود ترتدي معطفًا رقيقاً فوق زي بحري أبيض وأزرق قصير الأكمام من إحدى المدارس. لكنها ربما لم تخفي أية منتجات تبريد داخل المعطف هذه المرة. ابتسمت إليهم بينما كانت تلعب مع ذئبة يابانية تمشي بجوارها وساقاها مغطاة بأحذية بيضاء وجوارب سوداء قصيرة تمسكها حزامات خاصة تحت الركبة.

عدالة.

المحققة شيراتوري أوكيبي تعرف آخر ما يتمناه المجرمون.

«جئتم مبكرًا. ألم نتفق على الثانية عشرة؟ من الغريب أن تأتوا أبكر بساعة وأنتم أصحاب الوقت.»

«أتريننا كلاب الأساتذة المطيعة؟»

«ولا من قريب☆»

«في النهاية، أنتِ تعرفين آخر ما يرغب فيه المجرمون، صحيح؟ إذا ظهرنا في الوقت المحدد، من يعرف كم فخاخ أو كمائن نجدها تخرج في وجوهنا.»

كان هناك انزعاج طفيف في ابتسامة المحققة.

كما لو أن محققاً خبيرًا أُجبر على الاستماع إلى تخمينات فارغة من مُحققٍ هاوي.

فقالت شيراتوري أوكيبي: «بعيدًا عن ذلك، قلت لكم أنني سأتصل.»

«وهل حسبتينا ننتظر حقاً؟»

ردّت المحققة على موغينو بابتسامة ثم مدت يدها إلى جيبها.

توترت الأجواء حول أيتم، لكنها لم تُخرج مسدسًا أو سكين. بل استخرجت دفترًا مغلقاً.

«قلتُ أنني سأنظم المعلومات حول القضية التي أدخلتم أنفسكم فيها إذا أعطيتموني الوقت، أم نسيتم؟»

ويبدو أن هذا كان حقا كان كل الموضوع.

ثم، بدأت عاطفة غريبة في التشكل على وجهها.

شفقة.

«لكن يبدو أن أيتم تواجه مصيرًا أسوأ من الموت. هَهَهَه. لقد تجاوزتم مرحلة الحكم بالإعدام البسيط. ولو أدركتم ما يحدث من نفسكم، فلا أظنكم ستبقون هنا تضيعون الوقت في الدردشة معي. لو كنتُ مكانكم، لحاولت الهرب من فوق جدار المدينة ولو كان انتحاراً. فذلك سيكون الخيار الأكثر منطقية.»

في رأس موغينو، برزت بعض الأفكار.

على الرغم من غياب دليل متين، شعرت بأن الأمور تتجه نحو اتجاه خطير حول أيتم. ولكن على أي جانب كان عدوهم؟ مع الأشرار؟ العدالة؟ أم مع الكبار مثل صوت الهاتف الذين تجاوزوا الأخلاقيات؟

كان للمحققة إجابة.

«تمام، بيِّنيها مهمة قدرما تشائين، ولكن ما الذي اكشتفيه بالضبط؟»

«نعم، عن هذا.» رمت المحققة غلاف دفترها المقفل. «بما أنكم أعطيتموني الوقت، تمكنت من القيام بالكثير من الأعمال التحقيقية. لقد اكتشفت الحقيقة الكاملة للقضية التي وقعتم فيها.»

في ذلك الوقت، طرحت شيراتوري أوكيبي سؤالًا جوهريًا.

«لكن متى قلت أنني سأعطيها لكم؟»

«...»

صدر رنين معدني هادئ من طوق الذئبة اليابانية، تعلّق شيء في الطوق التي عادة ما تحمل الحبل؛ كان مفتاحًا صغيرًا.

أعادت المحققة دفتر الملاحظات المقفل إلى جيبها.

ما كانت هذه مفاوضة فاشلة.

شيراتوري لم تكن تتفاوض في المقام الأول.

إنما كان هذا تحديًا وإعلاناً للحرب.

«تمهلي لحظة! أنا حيل لا أفهم لماذا تُحاربيننا حتى! إذا نظرتي في كل شيء خارق حدث، لن تجدي أنكِ كنتِ جزءًا منه حتى!»

«آه هَهَهَه. أنا محققة، نسيتِ؟ أعرف أفضل من الجميع أنواع المنطق التي يكرهها المجرمون. أنتم من ستواجهون المتاعب إذا طَوّلتم في هذا.»

«أتقصدين موعد الأول من سبتمبر؟»

«صحيح. حياتنا المدرسية في خطر☆»

هذا يعني أن كل من موغينو شيزوري وشيراتوري أوكيبي لا يمكنهما التراجع.

إذا تحول جارك إلى شررٍ ساقط، فهو عدوك. وإذا لم تكترث به، فسوف يحرقك وتفقد كل شيء محترقاً مشتعلاً.

كان على موغينو أن تقبل أن هذه الفتاة كانت عدوًا مميتًا.

هذا العدو كان محققاً، ولسوف تتمسك بهذه اللمحة الوحيدة حتى النهاية حتى لو تخلت عن حياتها المدرسية لتعيش مختبئة. الشرير ما حمل سوى طريقة واحدة للبقاء آمناً: قطعها.

كانت الأمور بهذا السوء فقط لأن موغينو كانت شريرة.

لو كانت عادية أو بطلة، لما انتهى الأمر هكذا.

«أيضًا، لا يحتاج المحقق إلى سبب لمطاردة الشرير. هي مثل الغريزة لي.»

شيراتوري ابتسمت.

لكن هذه الابتسامة كانت مختلفة. كأنها رأت ما بداخل موغينو، التي كان عالمها ينهار بمعدل متسارع.

ممثلة الصف تحدثت ببساطة بابتسامة تملوها القسوة.

«جربي وخذيها مني، يا شريرة.»

  • الجزء 11

للحظة قصيرة، نَسَت موغينو شيزوري أين كانت.

سمعت صوتًا في خلفية عقلها.


«بصفتي ممثلة الفصل، أسمع الكثير من مشاكل الناس. لذلك إذا كنتِ في مشكلة عويصة، تعالي إليّ. سأفعل المستحيل لأساعدك


هذا من المدرسة.

كانت حقاً تحتاج فقط إلى أدنى حد من الحضور. لذلك لم تعرف أسماء الطلاب أو المعلم، إلا واحدًا.

ممثلة الفصل.

في نظر موغينو، كانت فتاةً غير ضارة وغير مثيرة للاهتمام تمشي في دربٍ لن تصل إليه موغينو أبدًا.


«لأعطيك مثالاً، حلمي هو أن أغدو محققة رائعة. لا أريد أن أكون مبتدئة أو هاوية. أريد أن أستخدم منطقي في وظيفة فعلية.»


أو هكذا اعتقدت.

إذن، ما كان هذا؟

ما هذا الذي تراه الآن؟


«لكنني سأقدر على فعل الأكثر إذا امتلكت اللقب حقاً. بعض الأمور لن تصليها وأنتِ مجرد هاوية، ولكن ذلك سيتغير إذا كنت محترفة.»


كان للأشرار شكلٌ خاص من الفخر.

أو هكذا اعتقدت.


«يومًا ما، سأنقذك من الظلام.»


ثم.

أعساها تُهاجم أحدًا من العالم المشرق؟

أتسمح لنفسها بمثل هذا الفعل؟


«لا أعرف ما العالم الذي تورطتِ فيه! لكن أعلم أن عندك أمرٌ ما يحدث خارج المدرسة، وإني أُخمن أنه ليس شيئًا مسالمًا مثل العمل بدوام جزئي في متجرٍ ما بعد المدرسة.»


و.

ماذا لو كانت هذه الفتاة ضائعة؟

ماذا لو أن الخيط الرفيع الذي يربطها بالعالم العادي قد زال؟


«هيي هيي. لذا سأعيدك إلى ضوء الشمس وأصنع منكِ إنسانة صادقة


«موغينو!!»

صفعت فريندا ظهر قائدتها ثم تقدمت مع كينوهاتا.

قد بدأ الأمر.

صوت المحققة شيراتوري أوكيبي المبتسم بقسوة وصل إلى أذني موغينو بتأخير.

«روزيكي، انطلقي!»

فتحت الذئبة اليابانية فمها عريضًا، مبعثرة لعابًا لزجًا حولها. انطلقت وقدميها تخطوان الأرض كحجر مسطح على نهر، ثم قفزت مستهدفةً حنجرة موغينو.

ما امتلكوا رفاهية الوقت ليروا ما أرادته موغينو.

«!!»

رفعت كينوهاتا فورًا ذراعيها أفقيًا ودفعت نفسها بين موغينو والذئبة.

قضمت الفكوك بقوة هائلة.

ولربما تمزقت أعصاب الإنسان العادي قبل أن يسحب إلى الأرض، لكن كينوهاتا امتلكت الأوفينس آرمر.

بدلاً من ذلك، رفعت الذئبة بذراعها المعضوضة.

«فريندا، حيل استخدمي مسدس أو قنبلة لتتخلصـ–!!»

لم تنهي حتى.

استرخت مبكرًا كثيرًا.

دوّرت المحققة ذات الشعر الأسود إصبعها. الشيء الدوار على حلقة مفتاح بدا وكأنه صفارة أمان لطفل صغير، لكنه في الواقع كان مسدس صعق صغير.

افتتحت أبواب الجحيم.

تفتت الجليد السميك تحت قدمي موغينو فجأة؛ ليندلع اللهب وموجة الصدمة لتلقي بالفتاة ذات المستوى 5 في الهواء تدور.

«حيل موغيـ–»

صاحت كينوهاتا ومدت يده، لكن جسمها الصغير أوقِف بإحساسٍ قوي.

سمعت أصوات تكسير متصلبة.

لم تكن لديها فكرة عما حدث. لكن لَوْ لا الأوفينس آرمر، لتحطمت كوردة غُمرت بالنيتروجين السائل.

«~ ~ ~! أنتِ حيل جمدتيني؟!»

«احذري.»

كانت تحذيرات فتاة البدلة الرياضية متأخرة جدًا.

أو هكذا اعتقدت فريندا، لكن بعد لحظة ندمت على تجاهل كلمات تاكيتسوبو.

رمت المحققة مسدس الصعق جانبًا وأمسكت بشيء آخر. مدت يدها في جيبها الرفيع وسحبت مفتاح إنجليزي عملاق.

لكنها لم تضرب الأيتم به.

تحررت قدما فريندا من الأرض الجليدية.

حتى وأنها كانت على بعد مسافة معقولة.

ضربت بظهر يدها الكتلة الجليدية.

«به؟!»

للحظة فقط، ظنّت فريندا أنها قد أُمسِكت وأُلقيت بواسطة تحريكٍ ذهنيٍّ قوي، لكن لم يكن الأمر كذلك.

«قصور ذاتي؟ في النهاية، هل رميتِني عن طريق إزاحة قصر الجليد بأكمله!»

«أه هههه. أصغيرة مثل هذه تكفي لمفاجئتك؟ ماذا تظنين أنها قوتي؟»

شيراتوري أوكيبي.

ما رأت مشكلة في مواجهة كل الأيتم دفعةً واحدة.

حتى وإن كان هذا يشمل موغينو شيزوري، إحدى سبعة المستوى 5 في المدينة!

«غااااه!» صاحت كينوهاتا.

قبل أن يكون لديها الوقت للتحقيق في الظاهرة الباردة الغامضة، ضربها ضغط خفي من كل الجهات. كانت تواجه صعوبة في التنفس حتى مع الأوفينس آرمر، لذا لابد أن هذا الضغط كافي لسحق مركبة خفيفة.

كانت شديدةً حتى أطلقت سراح الذئبة التي كانت تأسرها.

نست فريندا تمامًا النهوض من الأرض الجليدية ونظرت بعينين واسعتين.

«في النهاية، أتستخدم قدرات متعددة في آن واحد؟ غاه! وهذه كلها هجمات شاملة تُغطي قاعة الحدث بأكملها!»

«يمكنني توظيف قوات دعم هجومية وقناصة إذا أردت. لذا ألم يُخبرك المنطق بأنه من الغريب أنني اخترت ملاقاتكم وحيدة؟»

دون أن تلقي نظرة على الذئبة التي انضمت مجددًا إليها، رمت شيراتوري المفتاح الرباعي إلى الذئبة كما لو كانت عظمة لعبة.

وختمت مقصِدها.

«ولو أنني جلبتُ آخرين معي، فمآلهم جميعًا الهلاك بقوتي.»

«!؟»

شعرت ذات المستوى 0 فريندا بجفاف حلقها.

قوةٌ جِدُّ كبيرة. قوةٌ مميتة.

المحققة وضعت كفيها معًا أمام وجهها وابتسمت بخجل.

«أه هَهَه. أدعي أنني على جانب العدالة، لذا سيكون عَيْباً أن أدمر جميع حلفائي خطأً، أليس كذلك؟ لذا هذا هو عدد المقاتلين الأفضل والأمثل لي. وحيدة، أستطيع استخدام قوتي الكاملة☆»

على عكس الشرطة أو الأنتي-سكيل، يواجه المحققون عادة الأشرار بمفردهم. لن تُساعدهم القوى التنظيمية وربما تكون عائقاً لهم.

شيراتوري اتخذت ذلك إلى أقصاه.

مواجهتها مباشرة دون معرفة قوتها كانت خطأً.

الأدوات مثل مسدس الصعق الصغير والمفتاح الرباعي كانت مشبوهة، لكن أيتم لا يعرفون أكيدًا. قد تكون هذه مجرد أدلة مضللة تهدف إلى جذب انتباههم.

لذا لم تتردد موغينو في الصراخ.

«انتشروا! اتبعوا الخطة!!»

«موغي-»

«حيل مفهوم!»

حاولت تاكيتسوبو أن تقول شيئاً، لكن كينوهاتا سحبت معصمها بقوة.

لا يزالون جاهلين بقوة المحققة شيراتوري، لذا ستتحرك موغينو وفريندا للجبهة لإجبارها على الهجوم بينما تُركز تاكيتسوبو على التحليل وكينوهاتا تحرسُها. قد قررت أيتم هذه الخطة قبل وصولهم إلى مسرح بُلويسر آيسيكل.

إذا استطاعت تاكيتسوبو تحليل العدو وتوفير دعم التوجيه فقط، فليس ضروريًا أن تكون في الخط الأمامي.

يمكنها البقاء في مكان آمن والاتصال بالآخرين عبر الهاتف.

  • 1الجزء 2

«حيل من هنا يا تاكيتسوبو-سان!!»

«قادمة.»

اندلعت عدة انفجارات أخرى خلف كينوهاتا وتاكيتسوبو وهما تهرولان بعيدًا. لم يكن واضحًا ما إذا كانت تلك بسبب قنابل فريندا أو بسبب قوة المحققة المجهولة. امتدت الشقوق عبر أعمدة الجليد السميكة وسقطت قطع من الجليد أثقل من البشر من السقف.

ومع ذلك، سمعوا استجابة مستمتعة.

لكن بدلاً من مجنونة المعارك موغينو، جاء هذا من المحققة شيراتوري أوكيبي.

«روزيكي، انطلقي!»

تلاها زئيرٌ عميق. لابد أن موغينو وفريندا مشغولتين بالكامل في التعامل مع هجوم شيراتوري العنيف. الذئبة اليابانية قد اخترقت خط دفاعهم.

وكانت الآن تُسرع نحو كينوهاتا وتاكيتسوبو.

استدارت كينوهاتا سريعًا واستعدت للصد.

وبنَفَسٍ حادٍ ومُصَفّر، قمعت الخوف الغريزي من هذا المخلوق الضخم.

«تاكيتسوبو-سان، ابقي حيل ورائي!!»

«لا، كينوهاتا.»

لسبب ما، لم تطع الفتاة تعليمات حارستها.

شعرت كينوهاتا بالغمرة، كادت أن تنفجر غضبًا على الفتاة الأكبر، لكن...

«الوقت مورد محدود. إذا ضيّعناه في التعامل مع ذلك الذئب، ستُهزم موغينو وفريندا. يجب علينا أن نكتشف قوة تلك المحققة أسرع ما يمكن.»

سمعت كينوهاتا صوت انفجار رطب.

جاء من زجاجة الصودا بالليمون التي ألقتها تاكيتسوبو.

بفضل حاسة شمهم الحادة، يكره الذئاب رائحة الحمضيات القوية. هذه كانت طريقة غريزية لتجنب الطعام المتعفن والمواد الكيميائية المستخدمة لابتعاد الحيوانات البرية في مواقع التخييم والكبائن الجبلية.

«مهما تدرَّبَ، الحيوان حيوان»، قالت تاكيتسوبو بلا تعبير وهي تستخرج شيئًا آخر: زجاجة كريم اليدين.

هذه المرة لم تكن الرائحة. الحيوانات البرية أيضًا تكره الأسطح اللزجة بشكل غير طبيعي. قد يكون ذلك غريزة لتجنب العشب الرطب الذي قد يقتلها بلمسة.

«ذلك الشيء تَعَدّل جينيًا ليصبح ذئبًا يابانيًا، لذا علينا استخدام هذه الحقيقة ضده.»

بصرخة مشوهة، هربت الذئبة إلى الظلال.

«كينوهاتا، ابقي عينيك على محيطنا احتياطاً. أشك أنه سيطاردنا حتى يتخلص من تلك اللزوجة من أرجله، لذا كوني حذرة.»

بدلاً من التركيز على الذئبة، أخرجت تاكيتسوبو زوجًا صغيرًا من نظارات الأوبرا.

رأت جَيّدًا معركة موغينو وفريندا والمحققة شيراتوري على بُعدٍ مناسب. مما يعني أنه حان الوقت أخيرًا لأداء وظيفتها.

«موغينو، فريندا. تسمعاني؟» قالت في هاتفها.

«في النهاية، أسمعك بوضوح!»

«خلّصينا وجهّزي البيانات!!»

كانوا بالفعل على علم بأن شيراتوري يمكنها إنشاء جدار من النار، وإنتاج فيضان فجائي، وطرق مسمار بواسطة الهواء دون مطرقة فعلية، والتسبب في العديد من الظواهر الخارقة الأخرى. من هذا فقط، يبدو أنها امتلك "مهارة مزدوجة" تتجاهل فيها قاعدة أن لكل شخص قوّة.

ومع ذلك.

تجلّت أشياء الآن بعد أن خرجت تاكيتسوبو عن المعركة وبات يمكنها أن تبقى هادئة.

«تَدّعي شيراتوري أوكيبي أنه يمكنها جلب العديد من قوات الهجوم والقناصة معها، ولكنها جاءت وحيدة لأن قوتها قوية جدًا ولا تستطيع تجنب هلاك رفاقها، صحيح؟»

«فماذا؟» صاحت موغينو.

«إذن، لماذا لا يتأثر ذِئبها؟»

أشغل هذا الأمر تاكيتسوبو.

اِدّعت المحققة شيراتوري أنه كان الأفضل لها أن تقاتل وحدها، لذا هل مساعدها الذئب لا يُحسب؟

واضحٌ أنها كانت على استعداد لأن تأتمن بحياتها إلى الذئب في هذا القصر المظلم. ومع ذلك، هل كانت حقاً على استعداد لقتل الذئب جنبًا إلى جنب مع عدوها فقط لأنه لم يكن إنساناً؟

«هذا يعني أن شيراتوري أوكيبي كانت تعلم منذ البداية أن شريكها الذئب لن يتأثر بقوتها مهما كان عَلَت الهجمات التي تشنها وكَثُرت عبر هذه المنطقة بأكملها.»

«في النهاية، أتقولين ما أعتقد؟»

«قوة المحققة لها تأثير نفسي فقط على أدمغة البشر، لذا لا يمكنها إلحاق الضرر بذئب غير بشري.»

«أَيْ أن الجدار الناري والفيضان والتسمير – في النهاية – كلها كانت أوهام؟ أوه، فهمت! إذا كانت قوتها تظهر لنا فقط أوهامًا، فيمكن تفسير كل ذلك على أنه قوة واحدة!!»

«فهل الضرر الذي نتلقاه هو عبارة عن شكل سلبي من تأثير الدواء الوهمي؟ تباً!!» أضافت موغينو شاتمة.

كانت قوة شيراتوري في النهاية نفسية. هل دقّها للمسامير في لوحة المدرسة آنذاك كان عن طريق إخفاء أداة صغيرة في يدها؟ فهناك أسواق نشطة بشكل غريب للأدوات المصغرة مثل السكاكين متعددة الأغراض ومفكات النظارات.

هذا سيعكر الأوضاع قليلاً.

ولكن كان ذلك فقط الحد الأدنى.

تاكيتسوبو لن تهدأ حتى تُهزم المحققة شيراتوري ويكون جميع الأيتم في أمان.

«ولكن هذا حيل يساعدنا–»

شعرت كينوهاتا بالتفاؤل وتلفظت، لكنها توقفت فجأة.

سمعت صوت خرسانة صلب. كانت خطوة. ولكن ليست خطوة بشرية.

لكنها ليست أيضًا خطوة ذئب ياباني.

كانت الأرضية الجليدية تُمزق من قبل مخالب قصيرة وسميكة تشبه فتّاحات العلب من الصلب التنغستن. كانت تنتمي إلى درونات قتالية أرضية بأربعة أرجل بحجم الذئب تقريبًا. انضمت أصوات الخرسانة الأخرى إلى الأولى عندما خرجت 5، 10، 15، 20 وحشاً معدنياً. تجمعوا حول الذئبة، كأنهم لخدمتها.

نطق صوت المحققة من جميع المكبرات الداخلية لهذه الدرونات.

حتى بعد كل ما فعلته، لم تنتهي بعد.

جاءت ضحكات الخبير الساخرة كأنها آخر ما يريده المجرم أن يحدث.

«أها ههههه. يخطئ الناس في هذا كثيراً بفضل مصطلح "ذئب منفرد"، لكن الذئاب هي حيوانات اجتماعية للغاية تعمل في مجموعات. لذا هذه القدرة موجودة في زوايا رأس روزيكي.»

«...»

«للأسف، روزيكي هي الذئبة اليابانية الوحيدة التي أنشِئت من خلال التأسُّل الجيني. خسارة، صح؟ منطقيًا، ما رغبتُ في أن أدع هذه القدرة تضيع هباءًا ولست جيدة في التعامل مع الدرونات بنفسي.»

حمل صوتها نبرة ضاحكة لزجة.

«لذا وَصَّلتُ أسلاكاً إلى دماغ روزيكي حتى يسمح لها بالتحكم في مجموعة من الدرونات القتالية الأرضية باستخدام الترددات فوق الصوتية والغيغاهرتز. الآن ستختبرون بأنفسكم نسخة ميكانيكية من مجموعة ذئاب الصيد المنظمة. ولا مفر فيها. تذكروا أن هذا سيكون أسوأ بكثير من هجوم برنامج بسيط.»

«تعالي حيل ورائي يا تاكيتسوبو-سان! بسرعة!»

«لن يكفيكِ درع النيتروجين لحماية صاحبتك والذئاب تهاجمها من كل اتجاه.»

ما كان لديهم خيار سوى أن يبتعدوا عن القطيع، ولو كان هروبًا. لكن...

«!»

«تاكيتسوبو-سان؟»

بدت كينوهاتا مرتبكة، لكن تاكيتسوبو لم تكن لديها الوقت للإجابة. فتاة الزي الرياضي لم تكن مسؤولة عن الأعمال البدنية أو القتال المباشر.

وطبعًا، لن يحترم خصمهم شجاعتها على القدوم.

تجول قليلٌ من الدرونات الوحشية الأرضية أمامهم واندفعت واحدة نحوهم. جاءت منخفضة قريب الأرض، ثم استهدفت حنجرة تاكيتسوبو.

تحركت بالضبط مثل ذئب ياباني.

كينوهاتا كانت مستعدة للصد بأوفينس آرمر، لكن جسمها الصغير تَصَلّب.

صدر -صعق!- وحشي من تيار عالي الجهد (فولت).

صُنِع أوفينس آرمر عن طريق ضغط النيتروجين في الهواء بشكل صلب، لكنه كان سميكاً بضعة مليمترات فقط. لذا مثلاً، إذا حدث انهيارٌ كهربائي واخترق تيار قوي هذا الهواء المضغوط، فإنها لن تمتلك حيلة على إيقافه.

«كينوهاتا؟»

لم تسمح رَدّاً.

انهارت كينوهاتا على الأرض الجليدية. دعمتها تاكيتسوبو من الخلف، لكن هذا أقصى ما استطاعت.

لم يكن لديها خيارات أخرى.

بوصفها خبيرة في تحليل المعارك ودعم الاستهداف، كانت تاكيتسوبو تفهم وضعها تماماً. اختفى حاجز النيتروجين. وحتى مع صغر حجم كينوهاتا، كانت تاكيتسوبو تشك في أنها قادرة على حمل الفتاة الخاملة والهروب من الدرونات القتالية الأرضية العشرين تقريبًا المُنظَّمة بواسطة غرائز ذئب ياباني.

ما زالت تسمع الانفجارات والاهتزازات من بعيد، لذا علمت أن موغينو وفريندا لم تكونا في وضع يمكنهما فيه أن يأتيا لمساعدتهما على الفور.

جذبت زميلتها بكلتا اليدين ورفعتها بقوة. بوضع جسم كينوهاتا الخامل فوق آلة بيع صندوقية داخل قصر الجليد، أملت أن لا تستطيع الذئاب الوصول إليها.

لكن هذا كان كل ما يمكنها فعله.

كان لتاكيتسوبو تعبيراً حادّاً على وجهها وهي تنحني إلى الأرض.

شعرت بخطبٍ في ساقها اليمنى. لهذا السبب لا يلعب لاعبو البيسبول المحترفين في الشتاء. كونها فتاة لم تتمرن كثيراً، ما كان عليها أن تجري كثيراً في ثلج القصر الجليدي.

كانت ساقها تنتفض منذ فترة.

شكت في أن تمنحها الذئاب وقتاً كافياً لتُداعب كاحلها.

فكرت فتاة البدلة الرياضية بهدوء في نفسها.

(أهذه هي النهاية؟)

لم يأتوا عليها فوراً.

هل كانت الوحوش تنسق لقطع جميع طرق الهروب الممكنة قبل توجيه الضربة النهائية، أم أن هذا هو "التوقف" أو "التسوية" الفريدة الموجودة في القطيع الصياد؟

اِمتدّت آخر لحظاتها ببطء مروع.

لم تغلق عينيها.

كانت كينوهاتا أحدث الأيتم. إذا تركتها تاكيتسوبو تموت لتنجو، فلن تستطيع النظر إلىٰ موغينو مجددًا. ولكن ربما كان من غير العادل أيضًا إجبار كينوهاتا على العيش مع ألم البقاء على قيد الحياة وزميلتها الأكبر سناً ميتة.

«أوه، حقاً...»

تنهدت تاكيتسوبو برفق.

وابتسمت وساقها اليمنى المتشنجة لا تزال ممدودة بلا فائدة.

«...الأشرار مخلوقات أنانية.»

و.

اخترق شعاعٌ مخيف من الضوء الدرونات القتالية الأرضية الوحشية في وقت واحد.

«ها؟»

خرج الصوت من فم تاكيتسوبو بلا إرادتها.

ويبدو أنها لم تكن الوحيدة التي لم تفهم.

موغينو لم تفعل هذا. لم تقدر.

فكيف؟

فكيف لمجنونة المعارك هذه، التي تمتلك أشعة ضوء عنيفة، أن تقف هناك؟

صوت شيراتوري خرج من مكبرات الصوت الداخلية للدرونات.

«ماذا؟»

بدت مرتبكة.

تصرفت تلك المحققة كما لو أنها قادرة على قراءة أفكارهم حتى الآن، ولكن صوتها انزلق هنا.

«ماذا تفعل موغينو شيزوري هناك؟ -كشش-. هي لا تزال– تباً، أنتِ هنا أمامي تقاتلين! -كسسششش!!!-»

شعاع قوي انطلق من كف أحدٍ أخرست الدرونات القتالية الأرضية.

«بسيطة.»

هذه كانت إحدى السبعة من المستوى 5 في المدينة الأكاديمية.

ميلتداونر.

موغينو شيزوري... لكنها لم تكن؟

«كل ما احتجتم إليه هو وحشٌ آخر مثلها، صح؟ حقاً، الأمر دائمًا هكذا مع أمثالكم.»

بعد تمعُّنٍ دقيق في المظهر تتجلى الاختلافات.

بدلاً من كف يدٍ فتاة ممدودة، جاء الشعاع من مكان أدنى، من كُمِّها.

وكان الهجوم القاتل في الواقع قاطع بلازما يُستخدم لقطع الألواح الفولاذية.

أطلقت المزيد من الأشعة. انفجرت البطاريات الضخمة والمكثفات داخل الدرونات الوحشية، مما تسبب في انفجارات داخلية. لم تستطع تاكيتسوبو ملاحظة ما حدث للذئبة الحقيقية. كان تخصصها في البشر، ليس الحيوانات. علىٰ أنها لم تكن متأكدة مما سيحدث إذا تَطَوّر دماغ الحيوان إلى درجة يبعث بحقل انتشار AIM ضعيف كما الانسان.

كانت متخصصة في قراءة حقول الانتشار AIM لأهدافها، لذا كانت قادرة على إحساس شيء غريب دون اللجوء إلى [بلورة القدرة].

هذه لم تكن موغينو شيزوري.

وكانت تعرف أحدًا قادرًا على تحويل مظهره دون الاعتماد على قوة إسبرية.

«ها-» تكلمت فتاة الزي الرياضي تاكيتسوبو ريكو مذهولة. «هانانو؟»

امتلأت رؤيتها بالأبيض.

جاءت من انفجار فلاش. بشكلٍ أدق، جاءت من قنبلة صاعقة رُمِيَت على الأرض.

لكن قبل أن تؤخذ حواسها، لمحت تاكيتسوبو لمحةً لشخص يزيل شعره الزائف، ويرمي حاجبيه ورمشيه، ويكشف وجهًا أملس كالدمية.

التوى الفم على ذلك الوجه التوائةً كأنها تبتسم.

الوميض الساطع الناتج عن الألومنيوم والمغنيسيوم لم يستمر حتى 10 ثوانٍ. ولن يستغرق حتى 180 ثانية ليتخلص من الصورة الثابتة في عيني تاكيتسوبو.

وبعد ذلك، لم يكن هناك أحد.

لم يكن هناك أحد إلا تاكيتسوبو الواقفة وقفة لحماية كينوهاتا المغشية.

  • الجزء 13

شيراتوري نقرت بلسانها.

لابد أن الذئبة كانت شريكةً مميزة لهذه المحققة الهادئة دومًا؛ إذْ بدا عليها رغبة الذهاب لنجدتها الآن بعد حدوث شيء غير متوقع.

«[اتصالٌ إجرامي]»، قالت.

تلك الكلمة الواحدة أسرت العدو والحليف كُلهم في نفس المحيط.

نعم، حتى نفسها.

بالنسبة لقوة نفسية، كان الإعلان عن التأثير يُسهل من السيطرة.

«النار × الموت = ديزل 25. أجهزة تبريد النقاط المستخدمة للحفاظ على قصر الجليد تعمل بمولد، ووقود ذلك المولد يمكن أن يشغل انفجارًا كبيرًا!!»

حِيَلُ القاتلة سيطرت على عالمها المباشر.

قد بدأت هجماتها الحُرة.

لكن تاكيتسوبو قد كشفت معظم أسلوبها.

أطلقت مهوسة المعارك موغينو زئيراً وحشياً.

«لغز الجدول الزمني، وشكلٌ غامض في النافذة، وعذر غيابي؟ كلها نفسية، وهذا يعني أن هناك مصدرًا نفسيًا للألم الذي نشعر به. ما إن أفهم كيفية عملها، لن يبقى عندي ما أخشاه!!»

«هيي هيي. تقولين هذا، ولكنك قد تعرضت لأضرارٍ شديدة ولا تزالين معتقدة بهذا.»

ظَلّت ثقة المحققة سليمة.

حتى لو كانت خطتها القاتلة مُجَرّد خطة، فإن قوتها القاتلة تظل موجودة.

«بقوتي، الإقناع والفعالية هما واحدٌ ونَفْس. الالتباس × الإنسان = مرآة 03. إذا استخدمتُ مرآة كبيرة، فأكيدٌ أن يلتبس عليكِ موقع هدفك. الحركة × التحكم عن بعد = سلك 19. وبسلكٍ رفيع؛ أُغَيّر موقع مفتاح صغير أو سكين. كلما كان المنطق أبسط وأوسع نطاقا، صَعُبَ رَجُّه. فمثلاً...»

«ها!؟» صرخت فريندا.

شيءٌ قد حدث لأن خبيرة المتفجرات أدخلت بيدها بحذر إلى لبسها البونشو الرقيق.

والآن، حملت المحققة قنبلة يدوية.

«هذه. للحِيَلِ التي لا تتطلب أدوات، لن أحتاج حتى إلى إعداد أي شيء مسبقاً. يمكنني نشلُكِ وسرقتك دون فشل. كِهْ هِه هِه. وكلتاهما مفيدة بشكلٍ مفاجئ عندما يتعلق الأمر بتدمير العلاقات الشخصية للمشتبه بهم كأسلوبٍ لضغطهم حتى يرتكبوا الخطأ.»

ضحكت شيراتوري وقَبّلت القنبلة الدائرية.

كأنها تلهو بثمرة مُحرمة.

«والآن عندي الإقناع الذي أحتاجه. هذا يمنحني حيلة جديدة لاستخدمها. لدي كل ما يلزم للنار × الموت = ديزل 25. بغض النظر عن مدى متانة تصميم المولد، القنبلة كافية لتفجيره.»

إذن في الواقع، لم ينفجر خط الغاز الممتد أسفل قدمي موغينو.

لم تُجَمِّد أجهزة التبريد الموضوعة في قصر الجليد كينوهاتا بالهواء البارد الجليدي، ولم تُبتر قطعة من الثلج على الفور لتوليد ضغط ساحق ببخارها.

ولم يتزحزح قصر الجليد بأكمله ليُلقِ فريندا بعيدًا.

«إذن، اخترقتِ وعدّلتِ الحِيَل بنفسك أيتها المحققة؟»

بمسدّس الصعق الصغير، يمكنها توجيه صدمة كهربائية لتُفجر الغاز من دون أن تُنشط أنبوب الغاز المُدفون في الثلج.

وبمفتاح إنجليزي، يمكنها إزالة البراغي التي تثبت الهيكل الفولاذي في الأرض لينزلق كامل القصر الجليدي.

بتوفير أدوات كتلك، زادت المُحقِّقة من خياراتها المتاحة. رغبت في إنهاء هذا بأسرع وقت ممكن، لذا أعادت تشكيل ساحة المعركة لتصبح مكاناً أكثر خطورة.

ربما كان هذا مثل أن يصرخ أحد المحققين عالياً عن تفسير لم يكن خاطئاً تمامًا ولكنه ليس صحيحًا تمامًا أيضًا ليثير غضب القاتل الذي كان الوحيد الذي يعرف كيف تعمل الحيلة حقاً.

شزرت موغينو وعاينتها ممثلة الفصل بهدوء.

«فماذا لو فعلتُ؟»

«أي مُحققة تحضر معها أدواتها؟ وظيفتك هي شرح ما حدث بما هو متاح أصلاً. عليك أن تُحددي ما هي الحِيَل التي حصلت في الغالب، ثم تحددين الشخص الوحيد الذي اقتدر على ذلك وقتها. حسبتُ أن وظيفتك هي إيقاف القطار القتل مع الشرير الذي يقوده.»

«في القضايا الحقيقية، يمكن استخدام أي عدد من الحِيَل في موقع الحدث. ولن تجدي غالبًا قائمة بسيطة بالمشتبه بهم لتُسهل العمل. عذر غيابي مثالي؟ لا وجود لمثل هذا حيث أن ذاكرة الناس غير موثوقة ويمكن تزوير سجلات الكاميرات بسهولة في هذا الزمن.»

«ومع ذلك، يفترض أن يضع القاتل القضبان، وليس أنتِ. المحققون يُفترض أن يقفوا ضد من سَبّب القضية. لا يفترض على حلّال الألغاز أن يصيد حيلة خبيثة ثم يقرر الاستيلاء عليها لأغراضه.»

«أوحقاً؟ لكن ظهور المحقق تعني أن أحدًا قد مات، صح؟» ضحكت شيراتوري. «دور المحقق هو أن يحكم على القاتل ويحمل مصير القاتل بين يديه. تمامًا كما يُمسك القاتل بحياة الآخرين جميعًا. وإن حوصر القاتل وما لقى مخرجًا غير القتل ليأمن مالاً أو ليرضي ضغينة، حينها يبقى خياران للمحقق: تحديد القاتل وإرساله ليُعدم، أو ألّا يفعل.»

«يا ملعونة...»

«فمهما كانت القضية استثنائية، هي مجرد عملٍ أخرى للمُحقق. تمامًا كرجل إطفاء عجز عن إطفاء حريق، فإن المحترفين لا يخسرون حياتهم بفشل عملهم. لذا وبشكلٍ غير مباشر، أُمسِكُ بحيوات كل من في الساحة بيدي. وكل تلك المسائل حول الخير والشر هي هنا، بين يدي.»

لم تنتهِ القضايا الحقيقية عندما يكشف المُحقق القاتل بلمحة من الفطنة المثيرة للإعجاب. خصوصًا في موقع معزول حيث لا تستطيع المؤسسات العامة التدخل أو عند التعامل مع المجرمين من الجانب المظلم.

ماذا لو لم يؤمن أحد بحجة المُحقق حيث كان القاتل أكثر شعبية؟

ماذا لو كان الجاني خائفاً جدًا من القبض عليه حتى راهن بكل شيء واستخدم سلاحًا مميتاً ليذبح الجميع؟

ماذا لو ضيّع المجرم المحقق في جدالٍ لا معنى له بحيث ترك مسألة الأدلة وراء؟

«حتى عندما يجمع المُحقِّق الجميع في مكان واحد، هناك العديد من الطرق للتحرر من ذلك "النقاش الآمن".»

«...»

«في أقصى الحالات، قد يصرخ القاتل عن أن هذا النقاش مهينٌ لمن ماتوا، وأن أي أحدٍ سَوي سيغضب من هذه المعاملة ومن ثم يلكم وجه المُحقق قبل أن يكشف القاتل. وإن إسكات المُحقق لن يضع الناس شبهةً على الفور. في القضايا الحقيقية، ليس القاتل وحده من سيعتمد على العنف في المواقف الصعبة. وإذا ظنّ الجميع أن المُحقِّق يستحق هذا، فقد فقدوا الحق في سماع أي حقيقة صادمة مُكتشفة. هذه المواقف غير السارة لطالما حدثت في العالم الحقيقي لأن هذا ببساطة الواقع.»

وهناك طريقة أكثر كفاءة.

وسيلة أكثر كفاءة تُوقف تقدم القضية وتحمي حياة الجميع.

«لذا لا داعي لإعلان حيلة القاتل حتى لو اكتشفها. علىٰ المحقق أن يستبدل تلك الحيلة ويستخدمها غير حتى لا يعود القاتل الذي وضعها في المقام الأول مُسَيْطِراً. فبخلق ضحيةٍ ثانية؛ سيُقَيّدُ الجميع – ومعهم القاتل – بخوفٍ من الموت يُعجِزُهُم عن فعل أي شيء. لا حاجة لحل كل شيء بمفردك. إذا لم تُرِد موت أحدٍ آخر، فأولويتك العليا هي أن توقف استمرار تقدم القضية بالقوة. أما أمر كشف القاتل فهذا يأتي بعد أن تتحرر من البيئة المغلقة والضيقة؛ أي عندما يترك ضباط الأنتي-سكيل ساحة الجريمة.»

«دعيني أخمن: وإذا لم يتوقف القاتل بالخوف، يمكن للمُحقق أن يحافظ على سلامة الجميع بقتل القاتل سرًا وجعله "يترك رسالة إعتذار" أو ما شابه ذلك؟ حينها يكون المُحقق قد حل القضية ولن يُعتقل بسببها؟»

«صحيح.»

أعطت شيراتوري موافقتها الواضحة والفورية، وهذا أحنق موغينو.

«لقد فاتك شيءٌ مهم هنا. لاستبدال الحيلة –التي استُخدِمَت مرةً– ولتقييد الجميع –ومعهم القاتل– بخوفٍ من الموت، فإن القاتل سيكون على الأقل ثالث قتيل. مما يعني أنكِ ستقتلين بريئاً في القتلة الثاني التي تستخدمينها للتخويف والتقييد.»

«لا أحد بريء بالمرة. وعلىٰ هذا، ربما كان شخصًا استحق الموت أكثر من القاتل المسكين. هذا شائعًا بحد ذاته عند البحث عن مجرمي الجانب المظلم.»

هكذا كانت عدالتها.

لذا دَرّبت ممثلة الفصل نفسها لتصير محققةً تقتدر على هذا.

حتى [واقعها الشخصي] الذي أنتج قوتها قد انحرف إلى هذا الشكل.

«هِيي هيي. ما يهم حقاً هو الإقناع. حتى الأدلة المادية ليست إلا طريقة أخرى لتعزيز ذلك.»

«إذا كانت الحيلة الأصلية بسيطةً مثل خنق الضحية بسلك، يمكن للمحقق تطوير الحيلة ليجعلها أكثر تعقيدًا، كأن يدمر مثلاً إطار النافذة ليُبديها كالسلك الذي استُخدم لإرسال مفتاح إلى داخل الغرفة من خلال فجوة صغيرة، مما يخلق وهم "الغرفة المغلقة"؟ [8] أتضيفين فرعك الخاص إلى القصة وقد بدأت القضية حينها؟»

«تَه هَهَهَه. قوتي ليست بهذه السهولة التي ترينها.»

لم تخفي شيراتوري ذلك.

أظنّت أن شرح تفاصيل قوتها سيمنع اللأيتم من محاولة أي شيء ضدها؟

«لن تعمل جَيّدًا إذا اعتقدتِ ببساطة أنه يمكن أن يحدث أو أنه ممكن. هو بريء حتى تثبت إدانته، مع الأسف. لذا، اضطر لمثل هذه الأمور.»

أزالت المُحققة دبوس القنبلة.

حتى بعد سماع صوت موغينو المنخفض، لم تنزع الابتسامة من شفتي شيراتوري.

«أحتاج إلى رفعها إلىٰ مستوى اليقين. عليّ أن أظهر أدلة محددة حتى نتشارك نفس المعلومات.

أفلا يتراجع العدل أمام تهديدات الشر؟

بطريقة ما، أبداها هذا أغرب من أشرار الجانب المظلم.

-بوووم!!- وقع انفجار.

لكن شيراتوري ظلّت سليمة حتى وهي تحمل القنبلة اليدوية.

وكان لحِيلتها الأسبقية.

كما أعلنت، تبسمت المُحققة ورفعت كتلة من النار تبدو كوقود لزج.

«لكن الضرر الذي تتلقيه حقيقي للغاية. الإقناع هو الفعالية، لذا يمكنني تعزيز حيلتي بقدر ما يلزم بتوسيع المزيد من الأدوات حولي. إذا وصلتكِ هذه النيران، فسوف تحترقين حتى الرماد!!»

خلق [اتصالها الإجرامي] تأثيرًا نفسيًا من خلال مشاركة نفس المعلومات بين العدو والحليف.

أكبر مهارة لدى المُحققة شيراتوري لم تكن ذاكرتها أو عقلها الحسابي. هل كانت في الواقع مهاراتها اللفظية التي تسمح لها بجمع مجموعة في مكان واحد وجذب انتباههم في عرضها الفردي لفضح القاتل؟

مَدّت موغينو يدها مستقيمًا.

«لكن [اتصالك الإجرامي] هذا لا يزال نفسيًا! لن يخلق جدارًا ماديًا يمنع هذا!!»

كان الشعاع أسرع.

قبيل أن يصل في لحظته الأخيرة، انصهرت المُحققة في خطوطٍ مُشوشة. ربما تحركت حتى أسرع من الذئبة.

تالي ما علمته موغينو، أن شيراتوري كانت تحمل أنبوبًا قصيرًا وسميكًا في فمها.

«تشه. ما الذي تدخنينه!؟»

«لا أدخن يا فتاة. أهتم كثيرًا بصحتي لدرجة لن أحول نفسي إلى جندية مخدرة. ولكن بجعلك تعتقدين أن هناك شيئًا ليتشتت انتباهك، أنشأت فيكِ منطِقاً يمكن أن يجعل هجومك يُضَيّع إذا تراخى تركيزك. لا أعرف عن الأماكن الأخرى، ولكن هذا ممكن حصوله هنا في المدينة الأكاديمية. أنتِ بنفسك من قررتِ ذلك. وكان عليَّ فقط أن أجعل الأمر مقنعًا كفاية ليقتنع كلانا بأن هذا ما سيحدث.»

اتصال إجرامي. [9]

أتسمح تلك القوة بالحِيَل التي تهدف إلى البقاء حيّاً بالإضافة إلى الحِيَل المخصصة للقتل؟ فبدل أن تتجنب شيراتوري ذلك، هل خدعت موغينو لتضيّع الرمية تمامًا؟

ستعمل فقط إذا صَدَّقت موغينو، ولكنه أمر يغيظها لتقبله.

«الآن، أنزيد من اتصالي الإجرامي؟ ...يمكنني القتل بالمروحة الكبيرة المستخدمة التي تنظم حرارة قصر الجليد. بمعنى آخر، يمكنني التحكم في الوقود المتبخر بالرياح الاصطناعية. وبمجرد أن تملأ هذه المساحة المغلقة، لن يقدر هدفي هربًا مهما كانت سرعته!!»

آلفت فريندا بالمتفجرات، ولذلك انفتحت عيناها على مصراعيها.

إن معرفة وقوعك في التأثير النفسي لم تكفي للقضاء على ردود أفعالك اللاإرادية تمامًا. في بعض الأحيان، قد تؤدي محاولة نسيان شيء ما إلى جعله عالقاً في رأسك لفترة أطول.

ولم تتردد موغينو في إطلاق الميلتداونر.

جانبيًا، وعفويًا.

كان ذلك كافياً للقضاء على انفجار البخار على الفور وبدقة تامة.

«ما-؟!»

«إنها قوة نفسية. الإقناع هو الفعالية، وقد أتت من المعلومات المشتركة بين العدو والحليف. القنبلة التي استخدمتيها لم تنفجر فعليًا. الأمر أبسط من هذا. قد نثرتي بعض الأدوات حول المكان حتى تُعطي حيلة قاتلة خيالية تماماً نسبة 100 قوةً قاتلة حقيقية، صح؟»

ابتسمت موغينو بخساسة.

«لذا كل ما علي هو تدمير الموقع أو الموقف الذي يعتمد عليه السيناريو الخاص بك. قد يعني هذا تفجير فجوة في الجدار أو إسقاط جسرٍ لإفساد جدولك الزمني.»

«...فهمت.»

«لستِ الوحيدة القادرة على لعب هذه اللعبة. سواء كنتِ في بيت فيلا بعيد في الجبال أو نائمة على قطار يتبع جدولًا صارمًا، فإن خطتك الأولية لن تعني شيئاً إذا جاء شخصٌ لا علاقة له ومعه مشعل ناري في حقيبته. مهما عقّدتِ الحيلة التي خططتِ لها، فإن "غرفتك المغلقة" ليست مغلقة ذاك الحد إذا كان الباب مفقودًا، وأن حجة غيابك الكاذبة ستنهار إذا توقف القطار. أعظم عدو للمحققين المُتصيّدين الأذكياء هو عاملٌ بَنّاء مفتول العضلات. هذا كل ما يلزم للقضاء على أساس حيلتك الخرقاء!!»

مدّت موغينو كف يدها مباشرة نحو الأمام.

ردت شيراتوري بسرعة بتحريك كلتا يديها بمهارة الساحر على المسرح لتُنتِجَ شمعةً يمكن استخدامها بمثابة مؤقت؛ ودليل هاتف يمكن أن يعمل بمثابة سلاحٍ ماصخٍ ثم يحترق.

ومضت عدة أشعة وانطلقت الكثير والكثير من الحيل القاتلة.

لكن ولا واحدة تفاعلت.

لأن فريندا قد رمت قنابلها لتفتت أعمدة قصر الجليد، وتحدث ثقوبًا في جدرانه، وتُغيّر الموقع الذي كانت تعتمد عليه تلك الحِيَل.

كانت صدفةً بحتة.

لو أن خيالات شيراتوري تفوقت على فريندا، لربما قُتِلت أيتم.

تمزق اللحم بصوت عالٍ.

مع فشل كل هجماتها، احترق جانب المحققة.

رنّ صوتٌ مستحيل في رأس موغينو.


«هيي هيي. لذا سأعيدك إلى ضوء الشمس وأصنع منكِ إنسانة صادقة


ربما عنى هذا أن شيئاً انتهى داخل ممثلة الفصل.

  • الجزء 14

انتهت المعركة.

مشت كينوهاتا بخطى غير ثابتة لتلتحق مجدداً بالآخرين، وتاكيتسوبو تدعمها.

كانت موغينو وفريندا تنظران إلى المحققة المستلقية على أرض الجليد.

وحولها انتشر الحَمَار والسَّواد.

«هل... هل حَيل قتلتِها؟ ربما كانت لتقول شيئاً.»

«مثل أنه كان لدينا خيار؟ لو تساهلنا عليها، لقتلتنا»، تلفظت موغينو.

ردّ عليها صوت.

كان صوت ممثلة الفصل، حيث افتقرت إلى جزءٍ كبير من جنبها.

ضحكت.

«أه هَهَه. هل أعتبرُها... مدحة؟»

كان لفريندا أصدقاءٌ كُثُر في الضوء والظلام، لذا كانت تعرف أن شيراتوري أوكيبي تتحدث هنا بصوت فتاةٍ طالبة عادية – وليس المحققة. مما يعني أن هذا نبع من أعماقها.

هذه كانت العدالة. نقيض الشر الباحث عن المعنى في الظلام، نقيض الأشرار الذين وجدوا عُلّيّةً في تفوقهم المعرفي الظلامي التي جهلها العوام.

«م-ماذا فعلتِ بالإصبع؟»

لكن باعتبارها شريرة، لا يزال على فريندا أن تتحقق.

«في النهاية، ماذا فعلتِ بإبهام يد أميكاوا سوجي، العضو الثالث في الأحرار؟»

«سحقته بالمطرقة وأطعمته لروزيكي، فما بقي منه شيء.»

«...»

«لأنني أعلم آخر ما يرغب به المجرمون. إذا أرسلته إلى الأنتي-سكيل، ستعرفون مكانه سواء كان للأفضل أو للأسوأ. لكن منطقياً، سيفزعكم الأمر كثيرًا إذا لم تتمكنوا من العثور عليه أينما بحثتم. ليس وكأنني صادقة في كلامي هذا أيضاً، أه هَهَهَه. -كحح-

أنَّ صوتٌ حزين.

كانت الذئبة. بدلاً من شراستها السابقة، تصرفت الآن كجرو رضيع مع أمه. ربما اهتمت فقط بالتواجد مع المحققة ولا شيء آخر يهم. ولا حتى المفهوم الأخلاقي البشري.

«روزيكي... عطيهم المفتاح.»

ابتسمت المحققة وربتت على الذئبة التي تدفعها بأنفها.

ظلت الذئبة جالسةً مميلةً رأسها للأعلى لتكشف عن طوقها لأيتم. وهذا يعني الكشف عن حَلقِها، وهو الجزء الأكثر ضعفا في جسدها.

بعد أن رأت موغينو تزيل المفتاح عن الطوق، أومأت شيراتوري برأسها من الأرض.

«وهذا وداعي لكِ أيضًا... روزيكي، عيشي حرة. لا حاجة لكِ أن ترافقيني في الموت أيضًا.»

الذئبة لم تُطِع كلمات شيراتوري الهادئة.

وضعت شيراتوري أطراف أصابعها على عينيها.

وجدت فيها دموعًا.

فحملتها إلى فم الذئبة.

ووضعتها على لسان الذئبة وجعلتها تبتلع.

«الآن سنكون دائمًا معًا. وسنمشي إلى الأبد معًا. فاذهبي.»

ثم.

هذه المرة، ذهبت الذئبة اليابانية –المفترض أنها منقرضة– إلىٰ مكانٍ ما.

اختفت في ظلام المدينة الأكاديمية الغامض.

بعد أن رأت ذهاب الذئبة، سعلت المحققة كتلة من الدم، كبيرة. لكنها ما تزال قادرة على سحب دفترها المغلق بيد ترتعش، ثم ترميه نحو موغينو.

كما لو أنها لم تنوي أبدًا إبقاء هذا سرًا.

«في النهاية، لماذا فعلتِ كل هذا؟»

«لأنني محققة العدالة» قالت شيراتوري.

ألهذا لم تستطع مسامحة موغينو شيزوري ومجموعة الأشرار أيتم؟

هذا كان افتراض موغينو، لكن...

«ولذا حسدتُك.»

قالت ذلك بوضوح.

«عملتُ محققةً للعدالة منذ زمنٍ سحيق، لكن، هِه، لا أرىٰ في الشرِّ شينة. كانت أمتع مما تصورت.»

«...»

«ليس أنني اخترت هذا بمنطقي.»

شفتاها الدموية أظهرت نكرانًا ذاتيًا طفيفًا.

الجانب الحقيقي لممثلة الفصل رفض إخفاء جانبها القبيح حتى على شفا الموت.

«كما تعلمين، والديّ كانا صارمين... كوني جبانة فقدت فرصتها لتمرح في المرحلة المتمردة، ما كان لي اختيار عدى الوقوف مع العدالة. ولو صدقت مع نفسي، اخترت محاربة الأشرار وأنا محققة لأن في الأمر مُتعةً كبيرة أن ألمح لمحة في عالم الشر وأنا من جانب العدالة.»

«هذا ليس بعالمٍ يُتاق إليه.»

«أوه، لكنه كذلك... أمكنك اختيار درب الشر بإرادتك الحرة. وأنا أردت الحرية التي رأيتُها فيك.»

أدخلت موغينو المفتاح الذي أخذته من طوق الذئبة.

كانت الصفحات في الداخل تحمل مساحة محفورة وكانت تحتفظ بذاكرة فلاش بحجم أحمر شفاه داكن.

«ما هذا؟»

«الرقم 000.»

سال سائلٌ دموي داكن من زاوية فم المحققة.

لكنها ما زالت تبتسم.

«هُم قادمون. كنتِ تنظرين إلى سطح عالم العدالة فيَّ، والآن ستأتيك قِمَّتهم.»

لكن موغينو لم تنوي إدخال الذاكرة الفلاشية مباشرة في هواتف أيتم. كان عليهم أن يأتوا بحاسوبٍ من مكان ما. وأكثر من ذلك، لم تكن في مزاج لتركز في شاشة مستطيلة بعيداً عن الواقع أمامها.

المحققة.

أو ممثلة الفصل.

شيراتوري أوكيبي لن تدوم. وكانت موغينو سببًا في هذا.

«لكن، نعم، آسفة لإزعاجك مع أنانيتي هذه. أنا راضية بهذه النهاية لأنني لطالما تُقت لعالم الأشرار، لكن ربما تكون مشكلةً لك.»

«كيف؟»

«لأنكِ الآن فقدتِ أخر اتصالاتك بالعالم العادي.»

بدت شيراتوري متضايقة.

كما لو كان هذا أكبر همومها من نزيف دم كل جسدها.

ما وجدت موغينو إجابة لها.

«ولكن لا تعزلي نفسك في العالم الذي تعرفينه. قد يبدو ذلك الخيار الأكثر فعالية في البداية، ولكن كل ما ستفعلينه حقاً هو تقييد إمكانياتك. كلما طَوِّلتِ، زاد تمسكك بسلوكك القديمة وزادت صعوبة البدء بأي شيء جديد.»

مستلقية بدون حراك في بركة دمائها، حركت ممثلة الفصل عينيها لتنظر إلى أحدٍ آخر.

إلى فريندا والآخرين.

«هذا الأمر ليس عن منطق. إنها زميلة عزيزة علي... هل أثقن بكن في رعايتها؟»

«بالطبع.»

فقط هذا.

لم تشكو، لم تلعنهم، ولم تتوسل لحياتها.

ربما ما احتاج الذي مات راضيًا صدقاً إلىٰ مثل هذه الأشياء.

  • الجزء 15

ضحكت العدالة وهي تستنشق أخر أنفاسها. كانت نقيض الأشرار. عندما يثق شخص ما في الطريق الذي يسلكه وينظر دائمًا إلى المستقبل، هل تظهر قيمته الحقيقية فقط ساعة موته؟

لن تقدر أيتم على الموت هكذا.

كان أربعتهن يعلمن ذلك جيدًا.

«...»

كانت هذه الأولى.

قد قتلت موغينو عدالة نقية بيديها.

تلك الفتاة كانت محققة.

وكذلك ممثلة الفصل غير المهددة من مدرستها العادية.

قد علمت موغينو أن مآلها الجحيم.

لكن هذا كان مفترق طرق. لقد تجاوزت بهذا أعماق الجحيم. لم تتخيل أبدًا أن هناك عمقاً أعمق لتصل إليه، لكنها شعرت أنها وجدته الآن.

«الرقم 000.»

انقضى الصمت الثقيل بكلام فتاة البدلة الرياضية تاكيتسوبو.

هي وحدها من تجرأت على هذا فقط لأنها عرفت موغينو كثر المدة التي عرفتها الميّتة.

«أرىٰ أن شيراتوري أوكيبي قد نَوَت اخبارنا مهما كانت نهاية الأمر. وبكونها محققة، لا أعتقد أنها اهتمت ما إذا ماتت في العملية.»

«أتقولين أن هذا جاء من روح التضحية بالنفس؟ كيف عساكِ تكونين واثقة وقد رأيتها تقاتل بشدة؟»

«لأنه إذا كان كل ما اهتمت به هو البقاء على قيد الحياة، لم يكن لديها سبب لتكشف وجودها إلينا أبدًا. كانت تعطي الأولوية للتحقيق في حقيقة هذه القضية على حساب بقائها. لأنها أرادت أن تحذرك بالخطر حتى تُجهزي.»

سكتت موغينو للحظة.

اقتربت نهاية أغسطس. وفي الأول من سبتمبر، ستبدأ المدرسة مرة أخرى سواء أحبت ذلك أم لا.

ولكن في نهاية المطاف، وحدهم الأشرار من اتخذوا من المعارك جِدّية. ألم تقل شيراتوري أن المحققين يمسكون بالخير والشر في قبضتهم ويقرروا من بينهما يموت؟ هذا يعني أيضاً أنهم سيقررون من يعيش.


«يومًا ما، سأنقذك من الظلام.»


أكانت هذه إجابتها؟

ما استطاعت أن تترك نفسها تنجو على حساب صديقة، لكنها أجبرت آخر على تجربة ذلك بدلاً منها.

(أنتم يا أخيار بحق كريهون.)

«موغينو، لنتحقق من هذه الذاكرة الفلاشية. لا أظن ما نجده سيُعجبنا، لكن عدم النظر سيعني خيانة توقعات هذه المحققة.»

«...أنت على حق. اللعنة،» تلفظت موغينو وقد عزمت.

في حين أنها اشمئزت بعمقٍ من شرّها الذي سمح لها فعلها بسهولة.

لقد أبلغت عن تأخر فريق الدعم عندما وصلوا لتنظيف الجثة وأخذوا منه جهاز كمبيوتر محمولًا رفيعًا.

لَوّحت لجانح من فريق الدعم الذين وصلوا لتنظيف الجثة وأخذت منه حاسوبًا محمولاً رقيقًا.

كانت الذاكرة الفلاشية بحجم أحمر شفاه مليئة بكمية كبيرة من الملفات.

كانت هذه الملفات مرتبطة معًا بنصٍ كتبته المحققة.

«الرقم 000: أحد الأكواد المستخدمة عبر الراديو من قبل الأنتي-سكيل والجَجْمنت.»

تعتمد الإشارات الرقمية عادةً على تشفير معقد ومتقدم، لكن الراديو الطارئ لا يزال يستخدم اختصارات وأكوادًا خاصة لمنع اعتراض محتوى الرسالة.

ومع ذلك، بدا الأنتي-سكيل والجَجْمنت مجموعات بعيدةً مختلفةً عن أيتم.

تافهةً حتى.

وسيكونون إذا كان هذا كل شيء.

«لفهم أهمية الرقم 000، يجب أولاً أن تفهم كيفية عمل مجموعات إنفاذ القانون في المدينة الأكاديمية.

«هناك مجموعتان: الكبار في الأنتي-سكيل، والصغار في الجَجْمنت.

«يعرف الجميع هذا. جَجْمنت يحلون المشاكل داخل المدارس، والأنتي-سكيل يتعاملون مع الجرائم في جميع أنحاء المدينة. من ذلك، قد يبدو أن للأنتي-سكيل قوةً أكبر وحماية أقرب للناس.

«ولكن هذا ليس الحال.»

آخر البيان قلب كل التوقعات.

وواصل النص.

«كما يوحي الاسم، المدينة الأكاديمية هي مدينة طلابية.

«في الواقع، يشكل الطلاب 80% من السكان. يأخذ مجلس الإدارة أبناء الناس تحت رعايتهم ويستخدمونهم لأبحاث تطوير الأسابر بينما يديرون أيضًا اقتصاد المدينة.

«يُحفظ هذا سرًا لمنع الطلاب من التفاخر، ولكن في الواقع، يُمنح للجَجْمنت أولوية أعلى من الأنتي-سكيل.

«إذا حضر كلا المجموعتين في موقع جريمة عنيف، فإن الأنتي-سكيل سيخاطرون بحياتهم لحماية الجَجْمنت.

«ولن يحدث العكس أبدًا.

«هكذا يعمل جانب العدالة.»

«؟»

أمالت تاكيتسوبو رأسها مستغربة وهي تقرأ النص.

قد يكون من الصعب تصديق ذلك بالنسبة لمن أُلقِيَت لتكون فأرة تجارب، لكن كينوهاتا بدت متشككة أيضًا.

«فهل هكذا تعمل الأمور في جانب العدالة؟ حَيل ما تصلح للأشرار.»

«يجب أن يُأخذ ما ذُكِر أعلاه في الاعتبار عند التفكير في معنى الرقم 000.

«الرقم 000 هو رمز الوفاة المؤكد لعضو جَجْمنت.

«يتم استخدامه لنقل ذلك فقط.

«هذا يعني أن شيئًا لا يجب أن يحدث في هذه المدينة قد حدث فعلاً. لذا سيعمل كل من الأنتي-سكيل والجَجْمنت تحت نظام استجابة طارئة لالتقاط الجاني بأي ثمن. لا يُسمح بترك القضية. هذا هو الموضوع العام للرمز (كود).

«لكن هذا ليس دقيقاً فعليًا.

غالبًا لا يعلم أعضاء الأنتي-سكيل والججمنت الذين يبلغون عن الرمز عبر الراديو مغزاه الحقيقي.

«مغزى الرمز الحقيقي هو لإرسال فرقة إعداميةٍ نُخبة من الجَجْمنت. وسوف تتجاهل كل القوانين والأنظمة حتى يُقتل كل متورطٍ في الحادث الذي أدى إلى وفاة عضو من الججمنت – بأي جانب من الصراع كان – إلّا إذا قدّم غالبية أعضاء مجلس الإدارة طلبًا في إلغاء الرقم 000.

«المهاجمون، الشهود، وحتى أي شخص حاول إنقاذ عضو الجَجْمنت المقتول سيُعاملون مشتبهين. لا يجب أن يبقى أي متورط على قيد الحياة، ولو امتلكوا علاقات مخفية خلف الكواليس. بالتالي، يجب قتلهم جميعًا بسرعة وتأكيد ليُعيدوا النظام.

«هذه هي القواعد التي تعمل عليها العدالة.»

«في النهاية... فرقة إعدام؟»

عبست فريندا من هذه الصياغة المباشرة.

كما كانوا، الجَجْمنت لا مُهمّين. لكن لابد أن العدو رأى نفس الشيء أيضًا. تمامًا كما كانت أيتم تتربص في ظلال المدينة، فإن هذا العدو الجديد كان قوة قوية بقيت مختبأة داخل تلك المنظمة الخيرية.

هذا لم يكن قاتِلًا، أو وسيلة إعلام، أو محققاً.

شيراتوري أوكيبي قالت إن "قمة" عالم العدالة قادم. أهذا ما كانت تقصده؟

«سواء عاشت أو ماتت، أرادت تلك المحققة أن تُظهر لنا أن أيتم كان جزءًا من هذا.»

«تم إصدار الرقم 000.» هذا الجزء من النص يحمل معانٍ كبيرة. «تم استئجار الصحفيين غير الأخلاقيين المعروفين باسم الأحرار من قبل فرقة إعدام الجَجْمنت لجمع المعلومات حول أولئك الذين وُضِعت عليهم علامة الموت. لكن الأحرار تسببوا أبدئوا انهيار كل شيء عندما أعدموا إحدى الدمى السادية بشكل مباشر.»

«الدمى السادية»، همهمت تاكيتسوبو.

قاتلت أيتم مباشرة أولئك الفتيات الخمسة.

إذا كانوا هدفاً للرقم 000، فهل وقع عضو منحوس من جَجْمنت في صراعهم؟ أهكذا جُرَّت أيتم في هذه الفوضى؟ ولكنهم لم يتذكروا أي شخص آخر أُصيب في [أجراس الموي] في الحي 9.

في هذه الحالة...

هل يمكن؟

«كلها بدأت في المجمع الاستنساخي في الحي 4.»

حدثت في بداية البداية.

في مقر طائفة العلوم ذاك.

لكن أكانت أيتم حقاً غير مدركة لذلك بالمرة؟ كانت المعلومات دائمًا في أعينهم ساعتها.

أعيدت لقطات بعض المشاهد في رأس موغينو.


—«هاه؟ أما كان يُفترض أن نلتقي على الطابق العلوي لدوريتنا؟»

سمعت أيتم صوتًا غريبًا من فوق. المتحدث كان ينزل على السلم الكهربائي الطويل بينما كانت أيتم تصعدنه. ثلاث فتيات ارتدين زيهن المدرسي حتى خلال الإجازة.


—تجمعت ثلاث فتيات من الجَجْمنت معًا في تلك المنطقة الملونة بألوان الأنمي. كانوا يثبتون ملصقات على دعامات العنفة الهوائية. أكان هذا جزءًا من واجباتهم الرسمية؟ ألقت فريندا نظرة خاطفة عليها واكتشفت، بدهشة، أنها ملصقات لأناسٍ مفقودين.


—في هذا الحي الترفيهي حيث ترىٰ الكثير من السكارى حتى خلال النهار، كانت ياماغامي إيرينا من الجَجْمنت تُوَزّع منشورات على زاوية الشارع الثلجي. لقد رأوها في وقت سابق، لذا لابد أنها كانت تتحرك كثيرًا.

«عذرًا. اسم هذه الفتاة ميناميوكي ساروسا-تشان. هل رأىٰ أحدكم هذه الفتاة؟»

«حالياً، علينا نشر معلوماتها. هذا يعني تعليق الملصقات في جميع الأحياء الـ 23 بنهاية اليوم.»

«ستتغير عيشة الناس بانتهاء الإجازة، لذا علينا أن نحصل على معلومات الشهود المفيدة قبل ذلك.»


فما الذي حدث لتلك الفتاة التي لم يُعثر عليها حتى الآن؟

أمكن لموغينو أن تُخمن جيدًا.

قد ذكرتها أيتم بأنفسهن.

ما الذي قالوه عفويًا عندما كانوا داخل مقر طائفة العلوم – فُلك البحر الإلكتروني؟


—«تضحية، ها؟»

«آغغ... كيف عساهم يبررون ذلك علميًا خارقا؟»

«كينوهاتا، هناك ناسٌ في الخارج يُطلقون علىٰ الرماديين الصغار والذاكرة السلفية "عِلمًا". هذا "الِعلم" لهو كلمةٌ لا أكثر، فالناس يُعَرّفونها كما يشاؤون.»


«لا أصدق.» كانت فريندا مندهشة. «إذن في النهاية، كان هناك شخص آخر في ذلك المبنى الزراعي؟»

«...»

كانت هناك أجزاء من المجمع الاستنساخي التي لم يُحقق فيها أيتم بفضل تدخل الدمى السادية.

على سبيل المثال، وراء الباب المعدني المؤدي حيث ماتت فيها زعيمة الطائفة.

لم يضع أيتم قدمًا هناك، ولكن ماذا لو كانت تلك الغرفة مليئة بقطع من جثة فتاةٍ مُعَيّنة؟

أتتهم الإجابة.

قد انتهى الأمر منذ البداية.

واستمر النص: «اكتشفتُ أن زعيمة الطائفة العلمية غير الأخلاقية ستُثبت وضعها الخاص من خلال إجراء طقوس التضحية التي اخترعتها.

«قد اقتحمت الدمى السادية وأيتم المجمع الاستنساخي في نفس الوقت تقريبًا، لكن التضحية كانت قد تمّت.

«قُتِلت ميناميوكي ساروسا من الجَجْمنت.

«وكانت علامة "كل من شارك في الحادث" تشمل الطائفة نفسها والفرقتين التان لم تصلا في الوقت المناسب لإيقاف الطائفة أو لإنقاذ الفتاة.

«لقد تسجلت الفرقتين بالفعل ليكونا أهدافاً للرقم 000.»

لا يكفي الظلم لوصف الأمر.

ربما هذا هو السبب في أن المحققة شيراتوري أوكيبي قامت بالتحقيق في القضية.

وعلىٰ الرغم من أن كلاهما يعرف كذب الآخر الآن، إلا أنها سمحت لموغينو بأن تحتفظ بحياتها المدرسية العادية. ولو كلفها هذا حياتها.

كُشِفت الحقيقة.

هذه كانت قواعد العدالة.


«الرقم 000 يطالب بإعدام أي متورطٍ في موت الجَجْمنت دون استثناء.

«سواء قصد أولئك المتورطون الأذى أم لا.»

  • ما بين السطور 2

«ال-الوضع خطير جدًا، ساروسا-تشان.»

«لا عليك. أنا أيضًا في الجَجْمنت. لدي معلومات تشير إلى مجمع الاستنساخ في الحي الرابع. علىٰ أحدٍ الذهاب والتحقق منه.»

«لكن هذا عملٌ للكبار في الأنتي-سكيل...»

«أنتِ تعرفين أن عددًا أطفال مدرستنا ما عادوا يحضرون، أليس كذلك؟ تلك الطائفة العلمية تكيد أمرًا في مدرستنا. وهذا عملٌ للجَجْمنت.»

«لكن، لكن.»



«لقد تسللتِ إلى ذلك الكازينو غير القانوني. بطلبٍ من الأنتي-سكيل.»

«أغ.»

«وأيضاً يا إرينا، أسمعُ أنك كنتِ تقضين وقتاً مع ذاك الجَجْمنت من الثانوية. وهذا يحزنني كطالبة في الإعدادية. لكني لن أسمح لكِ بتركي وحيدة. أحتاج إلى فعلٍ كبير لأثبت أن لدي ما يلزم.»

«ع-أعمالُ الجَجْمنت ليست هكذا!»

«لن تفهمي يا إيرينا! ليس وأنتِ تؤدين عملاً حقيقياً على الرغم من أنك تبدين كجروٍ صغير!»



«يا إرينا، اسمعيني.»

«نعم؟»

«ألا تستشعرين شيئاً بتنبؤك؟»

«أمم، لا.»

«إذن سأكون بخير! ما كانت عندكِ تنبؤات مخيفة وقت عملك في الكازينو، صح؟ لهذا السبب خرجتِ بسلام. لذا لن تأتيني مشكلة أيضًا!!»

«تمهلي، ولكن، قدرتي على التنبؤ ليست مريحة هذا القدر. وكنتُ حقاً على بُعد خطوة واحدة من الهلاك في الكازينو!! آااه...»

«ها ها ها! ربما لا تكونين، ولكني أثق في قدرتكِ على التنبؤ يا إرينا.»



وبعد وقت قصير، تلقت الفتاة التي تُركت وحيدة درسًا مؤلمًا.

يبدو أن قوتها لا تستطيع حماية أي شخص سواها.

(صفحة المجلد)

<<الفصل السابق                        الفصل التالي>>

تعليقات (0)