-->

الفصل الأول: هنا المعركة الحقيقية. — مستشفى_الوطن.

(إعدادات القراءة)

انتقال بين الأجزاء

  • الجزء 1

وجد كاميجو توما نفسه على السرير.

وهو الصباح.

كما أنه شم رائحة قوية للمطهر. وللأسف، وجدها مألوفةً كثيراً. اعتاد على مثل هذا الاستيقاظ.

كان في المستشفى.

في الواقع، كان نفس المستشفى المعتاد حيث يعمل ذلك الطبيب ذو الوجه الضفدعي.

كم مرة تحقق من هاتفه يا ترى؟ ومع ذلك الزمن ليس براجعٍ له أبدا.

أيْ...

«الخامس والعشرين... ديسمبر... أنا في المستشفى في يوم الكرسماس»

الشكوى لن تغير من هذا شيئًا.

الفجر قد بزغ ووجوده في المستشفى يعني أنه نجا.

هذا الموقع يحمل ضمانًا لا ينكسر للأمان.

يُدرك ذلك ليس فقط على مستوى المعرفة العقلية، بل أيضًا من تجربته الشخصية.

وبالتفكير في الأحداث، كانت عشية الكرسماس سيئةً بحق. جسده تحت الأغطية كان ملفوفًا بالضمادات لدرجة أن حركاته كانت متيبسة وغير مريحة كأنه روبوتٌ مصنوع من الطين في حضارة قديمة. لم يُرِد أن يعرف عدد إصاباته بالكامل، وبالتأكيد لم يُرِد رؤيتها. وباحتساب فقط ما كان يعرفه، فقد طُعن في جنبه بسكين، وتعرض لجروح من شظايا معدنية وزجاجية، وأطاحت به انفجارات سحرية من الجيل القادم، وتلقى لكمةً مباشرة في خده من عضو سابق في فرقة إنقاذ قويٍّ وجَذّاب.

وفوق كل ذلك...

...،

بصمت، جلب أصابعه إلى شفتيه. لا يزال الإحساس عالقًا، لذا لم تكن هذه هلوسةً جاءت من غثيان يصيبه من فقدان الدم. ولكنه لم يدري ما يفكر فيه بشأن ذلك. جاءه احساسٌ أنه سيأكل الأرض من ‹إندِكس› و ‹أورسُلا› وبعض الأخريات إذا اعتبر الأمر مجرد صورة نمطية قديمة عن أن الغرب أكثر تحررًا في موضوع القُبلات.

(قديس جيرمان....)

وبغموضٍ، تذكر الفتى الغِر هذا الاسم.

بدت كحَبّةٍ سوداء، لكنها في الأصل كانت ساحِرًا.

(إذن قبلتي الأولى كانت بطعم القديس جيرمان؟ لحظة، أيعني ما في بالي؟ أن طعمها طعم مُسِنٍّ قذرٍ من الماضي؟ يا ربي، لماذا؟ كيف أصنف هذا حتى؟ هل أسعد؟ أكتئب؟ لا أفهم ولا أدري كيف أفهم!!)

س: امرأة جميلة مليحة فاتنة غامضة جاءت إليك فطلبت منك قُبلة ومعها جورب قديم لرجل عجوز محشو في فمها. ماذا ستفعل؟ ولا تنسى، هذه قبلتك الأولى، لذا أياً كانت الظروف، ستحفر هذه الذكرى في ذهنك مدى الحياة☆

وجد كاميجو توما نفسه يتصبب عرقًا غير مريح.

«آه لا لا، لا أظنني أتخلص من هذا الطعم!! كيف لتأثير جورب الشايب أن يكون بهذه القوة!؟»

على أي حال.

شعر وكأن دموعًا دموية تكاد تنهمر من عينيه، ولا تزال ذكرياته عن تلك اللحظات الأخيرة مبهمة، لكنه يعرف أنه تقيأ دمًا كثير. وكان مذهولاً أنه لم يمت من فقدان الدم، مما جعله يتساءل عن كم دمٍ باقٍ في عروقه.

ولكنه كان بخير. لا بد أنه بخير. روحه لا تزال قوية كما كانت دائمًا. لم يسمع أي أخبار عن الفحوصات التي أُجريت في المستشفى، لكنه لم يشعر بأي ألم في أي مكان، وكان يُحرك عضلةٍ فيه طبيعيًا. وكذلك، لم يتقيأ دمًا أكثر. الأزمة انتهت. بل كان حتى يلمس عضلات بطنه دون ألمٍ إطلاقًا!

لكن العجز يُصيبك دون رحمة ما إن تُدركه.

ضربه غثيانٌ وهو لا يزال على السرير.

(آه، آااه... أ-أحتاج حديد. وقد ألتهم الآن كبدًا أو سبانخ حتى.)

هذا ليس طلبًا يصدر عادة عن شهية فتًى مراهق في الكرسماس، ولكن حتى هذا قد يكون حلمًا لن يتحقق. فبعد كل شيء، هذا مستشفى وقد لا يسمحون له باختيار أكله بناءً على خطورة إصاباته. أي يوم من الأسبوع كان؟ ما إن تذكر الجواب، أدرك أنه سيُعطى عصيدة أرز بلا ملح طَعمُها طعم الغراء مُسخّن في مايكرويف، وقطعة سمك سلمون مشوية رقيقة لدرجة تبدو من البلاستيك.

«....يا رجل، ليتني دخلت المستشفى يوم الجمعة. على الأقل سيعطونني كاري بحري»

أحزنه إدراكه أنه قد اعتاد هذا المستشفى بما يكفي ليعرف ما يقدمونه كل يوم من طعام.

ثم...

‹ ‹هيهيهيهي. عجبني حديث النفسي، كامي-يان. الحين عرفت بالضبط وضعك هني.› ›

«ها؟ هذا الصوت!»

جاء الصوت من خلف الستار. هذه المرة، كان على ما يبدو في غرفة كبيرة بها عدد من الناس تفصلهم الستائر بدلاً من غرفة خاصة.

وفُتح الستار المجاور له من الجهة الأخرى.


«مواهاهاها!! حياك معي في حياة الكرسماس الكئيبة في المستشفى، يا أخوي المكروه!!» [1]

«أكون عالقًا هنا ورفيقك في المستشفى؟! لأي درجة أحرقت نفسك مع وسادة الفأرة أم صدر المايكرويفية؟!»


كان زميله في الصف أوغامي بيرس.

سمع أنه أحرق يديه بعد تجاهله كل تحذيرات الاستخدام ووضع وسادة الفأرة في المايكرويف يوم 24، لكنه لم يتوقع أن يجد ذراعيه مغطاة بالضمادات والجبائر. ما بعد مرفقيه بَدَا وكأنه قد ينطلق كصاروخ.

أيضًا، لا يزال الثلج يتساقط في الخارج.

حقًا كان كرسماسًا أبيض. لكن لهذين الصبِيَّين، ما هذا إلا أن الجو أصبح أبرد قُرب النافذة.

نظر كاميجو الروبوت بنظرة مشفقة إلى زميله أوغامي الصاروخ.

«تبدو فظيعًا حقًا. أعني، لن تفعل الكثير من الأشياء دون أصابعك. كيف تأكل؟»

«ما عليك. عندي خدعة قديمة أَسميها "حك الأرض". انسدح على بطنك كذا، ثم حك بين جسمك والأرض كذا»

«كل تبن! لا! لم أسأل عن هذا!!»

«فيه شائعات تقول إنك لو تعودت على هذا فراح (فسوف) يتغير جسمك لدرجة أنك ما راح تستمتع بـ "الفعل الحقيقي"، لكن ذي خرافة، فلا تخاف»

«كفى عرضًا توضيحيًا! الشيء الوحيد الذي يخيفني الآن هو عقلك يا دودة الأرض!! الساعة السابعة صباح وسريرك قرب النافذة! الناس في الخارج سيرونك!!»

«يا ويلك تستهين يا كامي-يان!! وش (ما) فايدة العيش إذا حرمت مهووس مثلي من هذا النشاط العقلي المتفرد!!!؟؟؟»

«هذا ليس موضوعًا يلزم الصراخ الرجولي! لن أطلب منك أن تكف عن هوسك وانحرافك، لكن ألا تكون مهووسًا يبتكر نوعًا جديدًا من أنظمة التشغيل أو مثل هذا القبيل!؟»

«تشه. أبدًا ما كنت من محبي المُوي [2] الأمريكي، تدري؟ خلّك (كن) صريح، وش رايك كيف أنهم يحولون أبطال الكوميكس الأمريكيين لبنات؟ وهو الرسمي مو من الفان!! لذا مدري وش أقول عنه»

«أنا واحدٌ لا يسخر من جهود الناس في خلق شيءٍ جديد»

«لا تنحش (تهرب) وراء هالكلام المثالي الفاضي. آه، عرفت. خايف أنت، ها!!؟ أكره اللي يسمي نفسه "مؤثر" وعناوين أعماله كلها كليك-بيت حتى يسحب الناس له ويتكسب من ورا انتقاداتهم فلوس!! احظرهم، احظرهم، احظر كل واحد منهم!!»

«فقط لتعلم، حياتك منتهية ما إن تعرف أنه حتى نحن —الفشلة المنبوذين— نجدك كريه الجوار»

«بقتلك!!»

«هيّا تعال. جاء وقتك لأن تغادر هذا العالم يا كريه!!»

اختلاف المهووسين لا يتوافقون أبدًا. هذا التاريخ الحزين للصراع تَجَسَّد هنا مرة أخرى حيث بدأت أكثر المعارك عبثاً في العالم. تلكما الحشرتَين لم يقدرا على أن يظلا ملتفَّين تحت نفس الحجر بسلام. وفوق ذلك، أحدهما كان صبيًا صاروخيًا بكلتا يديه مغطاة والآخر روبوتًا من الطين ملفوفًا كامل جسده بالضمادات. لم يكن أي منهما قادرًا على ثني مفاصله كثيرًا، لذا على الرغم من إعلانهما نية القتل، صار شجارهما أشبه بمعركة بين وحوش «توكوساتسو» القديمة. ما كان بمشهدٍ يثير الإعجاب صراحةً.

في خضم الفوضى، انزلق شيء من جيب أوغامي بيرس: جهاز لوحي بحجم دفتر.

«بس، بس!! وقف، كامي-يان! هذا الجهاز هو شريان حياتي الوحيد الباقي!»

«هَي يا سيري!! اجمعي كل البحث في تاريخ المتصفح وكل المحفوظات والفيديوهات على الجهاز وفي السحابة ثم انشريها كلها عبر الإنترنت!!»

«لااا!! لا تعطيها أوامر مجنونة وقذرة!!!»

لحسن الحظ أو للأسف، يبدو أن أوامر الصوت الحديثة بها بصمة صوت للمالك، لذا نجا أوغامي بيرس من فضيحة العمر.

هذا الصديق الفظيع نزل على الأرض واحتضن الجهاز بقوة كما لو كان طفلاً يحمي جروًا من والديه اللذين رفضا السماح له بتربيته.

«ما تدري لأي درجة تعبت حتى ألقى جهاز مدفوع مقدم بالكامل؟ الجهاز نفسه ما فيه معلومات شخصية، لذا ما دام أني مطفّي (إيقاف تشغيل) الواي فاي، فمستحيل لأي أحد يلقى (يجد) الأشياء الّي بحثت عنها!! تفهم الحين يا كامي-يان؟! يلا يا ملعون، ماذا ستكتب على مثل هالجهاز!!!؟؟؟»

«أثق أن إجابة هذا السؤال هي انعكاس لقلبك الخربان»

«طبيبات؟ لا. ممرضات؟ لا، ولا حتى هذه. ...هـء! هذي هي! أخصائية أسنان!!»

أغلق أوغامي بيرس الستار بالقوة مجددًا.

ترك كاميجو وحيدًا على الطرف الآخر، ثم أدرك أن الصبي الآخر كان مستلقيًا في سريره يعمل على الجهاز. وكان يأمره بأوامر صوتية.

‹ ‹هَي سيري. خذيني في رحلة الحرية. نعم، نعم، أوافق، أوافق!! عجيب مثل هذا موجود على صفحة أشهر الفيديوهات؟!› ›

«لحظة، لحظة! تكفى لحظة!! هنا تتابع المقطع؟ نعم بيننا ستار، لكننا لا نزال في نفس الغرفة. تكفى يا أزرق الشعر لا تجعلني أقضي الكرسماس هكذا!»

أوغامي بيرس لم يكن يستمع.

لم تصل إليه كلمات كاميجو. في الواقع، كان ذلك اللعين على الأرجح يرتدي سماعات أذن لاسلكية أو شيئًا مثل هذا.

وفجأة، سمع كاميجو خطوات واثقة تأتي من الممر. كأنها أصوات شخص انتعل كعبًا عاليًا. لا يزال الوقت مبكرًا، لذا شك أن ساعات الزيارة قد بدأت بعد. هذا يعني على الأرجح أن هذه كانت ممرضة تتجول في غرف المستشفى لتقيس درجات الحرارة وتُقدم الإفطار.

مما يعني أنها آتية إلى هنا.

وإذا كان بإمكانه سماع خطواتها، فلا بد أنها كانت قريبة للغاية.

«أوغامي! يا أزرق الشعر!!» [3]

‹ ‹لا، ليس هذا. لا أريد شيئًا مظلمًا، ولا أبغى أشوف وجوه تبكي. ودّي مَّرَة (أود امرأة) شابة لطيفة وحنونة، ولكن مو تكون خالعة مهووسة تبحث عن المتعة وبس. ودي بعلاقة أدفئ إذا ممكن.› ›

«سيري لن تفهم أمرًا طويلاً كهذا!! وكيف انقلب لسانك وصار أكثر تهذيبًا مع سيري مني؟ ولكن أيا يكن، أنت في مشكلة خطيرة يا أوغامي بيرس!!»

لكن الوقت فات.

قد وصلت الخطوات أمام غرفتهما. كانت خطوات خفيفة كفاية ليفترض كاميجو أنها امرأة.

(وداعًا يا صديقي. أرقد بسلام!!) صلى كاميجو توما بينما أغلق عينيه بإحكام.


«صباااحوۤ، كاميجو-سان. لا مشاكل في قدرة حالتك، لاااه؟ وقتُ الفطوۤر☆»


غريب.

كانت تلبس بالتأكيد زي الممرضات في هذا المستشفى.

ولكن.

على أن شكلها كان جذابًا، إلا أنها كانت بوضوح فتاة من المدرسة الإعدادية، لذا ما بدا الزي مناسبًا عليها. وفي منشأة طبية حيث النظافة هي الأولوية، كان من الغريب أن يُترك شعرها الطويل، الأشقر العسلي، يتدلى على ظهرها بهذا الشكل.

وكاميجو شعر على الفور بانزعاجٍ من تحليله هذا.

(هـ-هل كنتُ في المستشفى طويلاً لدرجة أنني صرتُ خبيرًا في الممرضات؟ لم ألاحظ من قبل، ولكن ربما تجاوزتُ نقطة اللاعودة.)

فمن كانت هذه الفتاة؟

كانت تتحدث كما لو كانا أصدقاء، لكنه لم يستطع أن يتذكرها.

ومع ذلك، لم يدري كيف أمكنه نسيان فتاةٍ بهذا المظهر.

ضحكت الممرضة شقراء الشعر العسلي.

«نعم، أعلم أنك لا تعرفني. اسمي شوكُهو ميساكي. ليس وأنك ستتذكر إن أخبرتك»

«...شوكهو....؟»

يا للاسم الغريب.

شعر أنه لن ينسى اسمًا كهذا لو سَمِعه.

قالت الشقراء وهي تشير إلى صدرها الكبير، حيث تثبتت هناك شارة صغيرة بحجم علكة، لكن معاني الحروف المكتوبة عليها بدت وكأنها تمتنع دخول دماغه. كان الأمر أشبه بمحاولة تمييز وجه واحد في جمهور ضخم في ملعب مكتظ.

«إذن حتى النصوص لا تعمل، همم؟»

تنهدت الفتاة الشقراء تنهدًا.

بَدَت كمن لم يرفع آماله كثيرًا، ولكن النتيجة المتوقعة لا تزال تؤلم.

«إيه، المشكلة في دماغك، لذا أظن هذا منطقي. سيُربكني الأمر أكثر إذا كانت هناك ثغرة عجيبة ما مثل أن تعمل الفيديوهات بينما الصور لا»

«لا أدري ما الحكاية، لكنني آسف»

«اعتذاراتك هي أكثر ما يؤلم»

قالتها بصوتٍ خفيض وسريع لا يُسمع.

لا تزال تبتسم، لكنها على ما يبدو احتاجت إلى إخراج تلك العبارة.

وما لكاميجو إلا أن يحتار.

«أجل، ما الذي جاء بك إلى هنا، آنسة أياً كان اسمك؟»

«فكرتُ لو أزيل عنك هذه الضمادات. ما شبعت منها~؟»

«هه، كلا! لا أريد أي علاج من ممرضة مزيفة!!»

«لقد تحققت من عقول بعض الناس واتضح أنهم تعمدوا إعطائك كمية زائدة من الضمادات ليخوفونك. لأنه لَوْ لا ذلك، لركضت وفتحت جروحك التي لم تلتئم بعد. في الواقع إصاباتك ما هي بذاااك السوء»

هل كانت تلك الضمادات مثل الطوق البلاستيكي الذي يُوضع حول رأس قطة أو كلب لمنعهم من حك آذانهم؟ لم يصدق كاميجو، لكن الفتاة شقراء الشعر العسلي أزالت شرنقة الضمادات العملاقة بمهارة مذهلة.

بمجرد أن أُزيل الغلاف، بدأ جسده يرتجف.

«أ-أتحرك.... أطرافي التي كانت مثل الروبوت الطيني تتحرك بسلاسة الآن!!»

«مرونتك هي تذكـيۤـرٌ دائم بأن جسم الإنسان غامض» قالت وهي تجلس جواره في السرير «استخدمتُ قدرتي المنتل آوت —وهي أقوى قوة ذهنية— لأتسلل إلى المستشفى، لذا أتمنى أن تُظهر تقديـ~ـرًا وامتنان. إضافةً إلى أنني جئت هنا أنتقم»

«تنتقميـ....؟»

«لا تخف. ليس منك»

انتفخت وجنتاها بصمت، بدت كملكة فاتنة، لكنها من الداخل طفولية بشكل مفاجئ.

«(....لا أصدق أن ميساكا-سان تخلت عني وتركته يعيش كرسماسًا كئيبًا. بماذا كانت تفكر؟ ثم ارتكبت مثل ذلك الخطأ الفادح بأن تترك امرأة غامضة تأتي وتسرق شفتيه! لو لم تتركي حالك مكشوفة كذلك، لما انصرفتِ عن لعّوبة كسولة تفعل ما تشاء أمامك!!)»

«ع-عذرًا، لكن ماذا تقصدين بالانتقام؟ بصراحة، يخيفني أن يذكر أحدهم الانتقام ثم يبدأ يتمتم مع نفسه بظلالٍ على وجهه. مهلا، قلتِ أنكِ إسبرة قوية أو ما شابه، لا؟ هل تعملين مع نيوكا؟!»

«آاه، اخرس!! إيه، اكتفيت. ربما تلك المرأة سرقت قبلتك الأولى، لكن ما يزال الباب أمامي لأن آخذ كل "الأوائل" الأخرى بنفسي!!!!!!»

«ما هذا التصرف اليائس؟! وهل بات كل الناس الآن يعرفون ما حدث لي؟!»

ولحظتها، بدأ الشخص المختبئ خلف الستارة يتحدث.

‹ ‹اللعنة، ما لقيت فيديو واحد عن أخصائيات الأسنان. وكأن القدر يقولي أنه ما هو وقت نزع سروالي. ويبدو هذا التصنيف مخصص لناس معينة قليلة، ما لي إلا أنتظر انتشارها بعدين في المستقبل› ›

«؟»

«آه، لا» قال شائك الشعر متخوفًا. «لا أدري أين سيؤدي هذا، ولكن عليكِ الاختباء!!»

كيا، أطلقت الفتاة صرخة هادئة قبل ثانية واحدة فقط من افتتاح الستارة بعنف.

«هِه؟ وربي كأني سمعت صوت ممرضة هنا، كاميان. متى الفطور؟؟؟»

«آمل بصدق أنكَ توقفتَ قبل أن تفعل ذلك، ولكني لن ألمسك حتى تتعقم بأقوى مطهرات المستشفى»

بدا صوت كاميجو توما عاديًا، لكنه يخفي سرًا عن صديقه.

كان يعرف أن الممرضة المزيفة لا تريد من أي أحد أن يكتشف وجودها هنا، لذلك سحبها إلى السرير وأخفاها تحت الغطاء.

«(مغمغ، عذرا، ولكن ماذا يحدث؟!)»

«(اصمتي. أم تريدين من هذه أن تصير مشكلة كبيرة؟!)»

«(آه، مم، يعني، لا أرى في ذلك مشكلة إذا استخدمتُ قدرتي المنتل آوت لأحل الأمور، ولكن—آآآه!! هـ-هذا—أوه، مَهْ!—صدر صبيّ!؟ آآه. لا بأس، ما عدت أهتم. ولا لأي شيء....)»

من الصعب تمييزها، ولكن الممرضة الغامضة بدأت تتمتم لنفسها، ثم توقفت عن المقاومة وكأن بطاريتها انطفأت. تمامًا مثل شخص استسلم لإغراء الدفء للكوتاتسو.

أوغامي بيرس أمال رأسه بتعجب.

«ماذا تفعل، كاميان؟ عادي تشيل (تزيل) ضماداتك كذا؟»

«أ-أنا ألعب لعبة محاكاة حياة. توني أمسكت بهذا الشيء الظريف، لكنها جامحة المزاج ولا تسمع الكلام فصارت صعبة التعامل»

«أوه، أجل عندك جهاز بعد، ها؟ لكن النور ما عاد هو مطفي الحين، لذا عادي لو تطلع (تخرج) اللعبة من تحت البطانية»



«(إيه، أعذرني لأنني "جــۤـامحة".)»

«(آهخ، لا تقرصيني!)»

«(لن أطيع أوامرك، تذكُــۤــر؟)»

كان كاميجو يحرك يديه كثيرًا تحت الغطاء، لكن أوغامي بيرس لم يشتبه في شيء.

«الحين بعد ما فكرت، سمعت أنك ما تحتاج تسجل رقم الجوال (هاتف) مع أنظمة الألعاب المحمولة، وتقدر تعدلها لتجعل "عمليات البحث سرية" بالظبط (بالضبط) مثل الجوال المدفوع مسبق. لكن تقدر تستخدم بس الشبكات اللاسلكية، مو أي نوع من الشبكات الثانية»

«لمَ تكلف نفسك وتخبرني بهذا؟»

كاميجو لم يكن مقتنعًا بأن تلك الحيلة ستعمل كما يدّعي أوغامي. إذا عرف الجميع عن هذا الخلل، فأكيد أنه سيتم إصلاحه بسرية. إضافةً إلى أن مدينة الأكاديمية مليئة بالتكنولوجيا الغريبة والأسابر. قد يستخدم الدفاعيين كل الحِيَل المتاحة. ولم يحسب أن شخصًا صفري المستوى قد يخرج منتصرا في هذا العالم.

لكن الولد الساذج بدا فخورًا جدًا بنفسه.

«هَهَه هَهَه. يمكن أعلمك طريقتها بعدين. جاء الوقت لتدخل عالم الكبار يا كاميان. ما صرنا في السكن الآن، وما صارت قواعده وقوانينه تلزمنا. إيه نعم حنا محبوسين في هذه الغرفة، لكن العالم لنا هنا!!»

«(مم؟ عمَّ يتحدث؟؟؟)»

«(أحسن لك ألّا تعرفي. وبصراحة أنا مرتاح ومصدوم بعد ما عرفت أن هذه الفتاة الشقراء الغامضة هي في الحقيقة نقية.)»

«(....مصدوم؟)»

«(آهخ!؟ ما هذا الشعور الغريب الجديد!؟ هل... عضضتِ صدري!؟)»

«(غوو غوو☆)»

بعد كل ما فعله لإخفاء الفتاة الشقراء وحمايتها، بدأت تخرج عن السيطرة. وبالوتيرة الحالية، خشِيَ أن تتطور بسرعة فتصير طاغية طفلة صغيرة. ما عساه إلا أن يأمل ألّا تتطور إلى شكلٍ أكثر عنفًا.

«وش فيك، كاميان؟ وجهك وجه واحد اكتشف ميول غريبة وجديدة»

«ولا ثي»

  • الجزء 2

ساعات الزيارة كانت من العاشرة صباحًا حتى الرابعة مساءً.

كان على الزائرين ملء الحقول المطلوبة في نموذج وتقديمه إلى مكتب الاستقبال العام في الطابق الأول.

تنهدت ميساكا ميكوتو تنهدًا خفيفًا وهي تعيد القلم المقدم إلى مكانه. لم تكن هذه أول مرة تزور فيها مصابًا في المستشفى، لكنها لم تعتد بعد على مثل هذه الإجراءات. ألا يتركون الناس يدخلون بما أنهم حصلوا تلقائيًا على معلوماتهم الشخصية المطلوبة من هواتفهم كما عند بوابة تذاكر محطة القطار؟

(لا. إذا فعلوا، فسيأتي أمثالي ويدخلون بسهولة.)

بات كل شيء يُدار تلقائيًا ورقميًا هذه الأيام، لكن إدراج بعض الخطوات التناظرية القديمة داخل هذه العملية الكبيرة قد يزيد من مستوى الأمان العام. وفي مكان يعمل على علاج حياة الناس، زيادةٌ في الكفاءة لا تهم مقارنة بالأمان.

من ناحية أخرى...

«مثل هذه العلاقة صعب ومزعج تفسيرها»

ثمانون بالمئة من سكان مدينة الأكاديمية طُلاب، لذا من المرجح أن معظم الناس يختارون خياراتٍ مرتبطة بالمدرسة مثل "صديق"، "زميلي الأكبر" أو "زميلي الأصغر". والخيار الصغير الذي يقول "عضو في النادي، زميل في الفصل، إلخ" ربما يكون فريدًا لهذه المدينة. ولكن لعل هذا الخيار يثير الشك إن كنت من مدرسة مختلفة، وخاصة إن كنت من المرحلة الإعدادية وتزور أحدًا من المرحلة الثانوية. لكنها لم تستطع اختيار أي من الخيارات الأخرى لتجنب الشكوك. ميساكا ميكوتو بالطبع لم تكن أخت ذلك الفتى شائك الشعر ولا ابنته. لذا كان من الصعب تحديد ما يجب أن تقوله.

وانحصرت خياراتها في واحدٍ يُرَيّحها من كل هذه المتاعب حتى مع وجود مدارس وأعمار مختلفة: عشيق/عشيقة.

تجمدت في مكانها بينما ارتسم في ذهنها تلك اللحظة التي تركت أثرًا لا يُمحى في ذاكرتها—تلك اللحظة حيث تلامست فيها الشفاه.

(هذا لا يزعجني.)

والآن، أوكانت تدرك أن عبوسًا قد ارتسم على وجهها في هذه اللحظة؟

(القبلة ليست بالشيء العظيم! فسابقاً أعطيتُه حِجري لينام عليه!!)

ثم شهقت.

كانت أفكارها تتجه إلى اتجاه غريب، لذا كان عليها أن تهدئ نفسها وتعيد التركيز.

(لحظة، لحظة، لحظة.)

ميساكا ميكوتو رفضت الاستسلام حتى وهي ترى نظرة الاستغراب على وجه موظفة الاستقبال الشابة ذات لبس أحمر يشبه لباس ماما نويل.

(لحظة، لحظة، لحظة!! كيف حوّلتها إلى منافسة؟! أصلا ما فيها هدف محدد، هذا وكأني أقود مباشرة نحو الهاوية في لعبة التحدي، فلماذا آخذ كل هذا بجدية؟! كل الذي أفعله أنني أُحَدّد خيارًا على نموذج.)

«ص-صديقة؟!»

ضغطت بقوة كبيرة وهي ترسم الدائرة، فانزلق القلم. أحدث صوتًا مسموعًا على الورق وانتهى برسم شكلٍ بيضاوي كان معظمه يحيط بخيار "صديق/صديقة" لكنه لمس أيضًا خيار "عشيق/عشيقة".

لم تصدق أن هذا ما كانت تفعله في يوم الكرسماس.

أهذه طريقتها في الاعتراف بأنها أكثر من صديقة وأقل من حبيبة؟

في الأثناء، كانت الراهبة بثوبها الأبيض والتي وصلت معها تقفز ذهابًا وإيابًا أمام شجرة الكرسماس الكبيرة في بهو الاستقبال.

«يا أم شعر قصير، هل نذهب الآن إلى توما؟ تعبت من هذا»

«لماذا تعرفين الطريق في المستشفى لهذه الدرجة؟ ولماذا تحملين ذلك القط فوق رأسك!؟ أمسموحٌ لنا حقًا أن ندخله!؟»

«لقد قررت ما سأقوله لتوما: ألّا يدع كل من هب يأتي ويُقبّله خصوصًا إذا كانت ستعقد الأمور كثر ما هي معقدة. غرر، غرر»

انزعجت ميكوتو فصرخت عليها، لكن ممرضةً قريبة مرّت بابتسامة ولوحت بيدها وكأن الأمر عادي. «أوه، عدتِ بسرعة؟» قالت بتودد وكأنها تمازحها. «المستشفى ليس مكانًا للعب، تمام؟» كانت الممرضة اللطيفة تبدو كربّة منزل فاتنة بعلامة الخال بجانب شفتها، ويبدو أنها كانت من قسم الأطفال لأنّها قدمت للراهبة الصغيرة قطعة حلوى.

وما هذا إلا أن يُلهم ميكوتو أسئلةً أكثر.

«لماذا الناس هنا يعرفونك؟؟»

«بدون طبخ توما، سأموت من الجوع. وتلك مصيبة ومأساة لو تدرين!!»

لا يسمح للأطباء والممرضات بارتداء أزياء موسمية لأن زيَّهُم رسميٌّ مُوَحّد، إلا أن موظفي الاستقبال والعاملين الإداريين قد غيروا جميعًا ملابسهم إلى الأحمر. بدا أن ذلك يعطيك لمحةً عن المعايير والتراخيص التي عادة ما تكون خفية للناس العاديين. كما أن زخارف عيد الميلاد اكتملت. وشجرة الكرسماس في بهو الاستقبال كانت أبرز مثال، لكن صور بابا نويل والرنة من ورقٍ ملون كانت ملتصقة على الجدران، والأبواب تزينت بأكاليل زهور مستديرة، وجلس رجل ثلجٍ محشو صغير على مكتب الاستقبال.

كانت الشجرة طويلة لدرجة عليك أن ترفع رأسك لترى قِمتها، لكنها مصنوعة بالكامل من كتل بناء بلاستيكية للأطفال.

موسيقى الكرسماس التي تُعزف بهدوء أبدت من المستشفى جزءًا من متجر كبير خلال موسم الأعياد.

بالطبع، كل هذا لصالح المرضى، ومنهم الأطفال خاصة، حتى لا يشعروا بفقدان أجواء المناسبات الموسمية. فقط تخيل الأمر وكأن عطلة الصيف قد أُلغيت، فكيف ستشعر؟ لهذا بذل المستشفى جهدًا كبيرًا ليضمن ألّا يفوت الأطفال هذا الحدث الكبير.

إلى جانب الرقم المعروض لمن ينتظر الدفع أو لاستلام وصفة طبية، كان هناك شاشة كبيرة مسطحة ساعدت في تعزيز أجواء الليلة المقدسة.

‹ ‹هذا العام وبِغرائبنا الحقيقية، سنصطاد بابا نويل! يقدم لكم هذا البرنامج من شركة خفيانية R&C› ›

«......»

كان سخيفًا لدرجة أن ميكوتو كادت تضحك عاليا.

ومع ذلك، استغرق الأمر جهدًا لتصد نظرها بعيدًا عن الشاشة.

ثم توجهت الفتاتان عبر البهو إلى صالة المصعد.

تحدثت إندكس بنبرة غنّائة وهي تذوق قطعة الحلوى بنكهة الفراولة.

«في أي غرفة توما؟»

«تسعمئة وأربعة. ويه، إنها أقرب غرفة إلى محطة التمريض ووحدة العناية المركزة. ربما هي صعبة أن ترين لأنه بدا معافًا، لكن ربما تكون إصاباته أسوأ مما حسبنا»

«محطة التمريض؟»

كان توما في أقرب غرفة للأطباء والممرضات حيث سيهرعون إليه في أي لحظة. قد تراها معاملة خاصة للشخصيات الهامة، لكنها في الواقع "غرفة الموت" حيث تكون حالات المرضى الأكثر حرجًا الأقرب للموت.

«وكذلك الغرفة بعيدة تمامًا عن مخرج الطوارئ... همم همم، كأنني فهمت ما يجري هنا،» أضافت ميكوتو.

«؟»

دخلتا المصعد وضغطت زر الطابق التاسع.

كان هذا المستشفى في مدينة العلوم، لذا تجاهلوا تلك الخرافات عن الأرقام الأربعة والتسعة والثلاثة عشر.

(خرافات، هَه؟)

«مم؟ ما خطبك يا أم شعر قصير؟؟؟»

«لا شيء،» قالت ميكوتو وهي تهز رأسها في هذه العلبة الضيقة المربعة.

لم تستطع حقًا اعتبارها نذير شؤم إن كانت أمام عينيها طوال الوقت. لقد رأت السحر، ورأته قبل ظهور هذا العملاق الجديد الغريب التكنولوجي المسمى خفيانية R&C. لكن الجواب أمامها لم يُسجل في ذهنها. لقد تخطت عينيها ذلك.

وصل المصعد إلى الطابق الذي يهدفان إليه وفتح الباب على الجانبين.

مالت إندكس برأسها نحو صوت ضجيج.

«يا أم شعر قصير، لماذا أحضرتِ الزهور؟»

«هكذا الزيارات تكون، لا؟»

«يا غبية من يأكل الزهور؟ أما أنا جئت بهذا—كعكة التفاح!!»

«هالبنت فقط تفكر بالأكل»

بدت ميكوتو منزعجة قليلاً وهي تسير في الممر. قد تاكدت من مكان غرفته، فلا داعي أن تسأل موظفي التمريض عن المكان.

بس...

‹ ‹......،لحظة— أخبرتك.............!!› ›

«؟»

سمعت صوتًا مألوفًا جاء من مكان آخر قبل وصولها إلى الغرفة المعنية. مرتبكةً، نظرت إلى الغرفة الملحقة.

كلمة "ملحق" تشير تقنيًا إلى أشياء "مريحة"، لكن هذا الاسم وحده لا يكفيك لتعرف ما كانت عليه الغرفة. أوكانت ربما غرفة لممارسة تمارين خفيفة للذين تقيّدوا بالسرير طويلاً في إقامتهم في المستشفى؟

‹ ‹أقول لكِ، هذا غريب!! أستطيع فعلها بنفسي! حقًا أقول!!› ›

مهما كانت، يبدو أن الفتى كان في الداخل.

ومع إحساسها بنوع من الضغط الخفي وشعورها بجرس إنذار غير محدد يدق في رأسها، شعرت ميكوتو بشعورٍ مقلق في صدرها، لكن إندِكس على ما يبدو لم تشعر بأي من ذلك. وهي تحمل علبة الكعكة، فتحت الباب المعدني المنزلق دون حتى أن تطرق.

«جئت يا توما!! تعال نأكل كعكة التفاح هذه!!»

مع فتح الباب، ظهروا أمام عينَي ميكوتو.


نعم، بصيغة الجمع.

كان الفتى شائك الشعر مغمورًا في حوض استحمام كبير مخصص للتمريض، وكانت أربع فتيات يشبهنها نُسخًا تَحُطنَهُ من كل الجهات.


تجمد عقلها.

كانت مفاهيم الزمن والمكان تُطرد من ذهنها في تلك اللحظة.

لكن مهما استصعبت وحاولت الفتاة المراهقة إنكار ما يحدث أمامها، فالواقع ليس بهارب.

كان أرضية الحوض الكبير المستدير مزودة بدرجات على حافتها المستديرة وكان هناك درابزين من الفولاذ المقاوم للصدأ لتجعل الوصول إليه أسهل. ماذا كانت تحاول قوله هنا؟ هذا حوض استحمام عادي، وليس بمائل كما في مياه الينابيع الساخنة. كل شيء تحت السطح كان مرئيًا تمامًا وغير مخفي!!

ولا واحدة منهن تغطت بأي قطعة من الملابس. ما رأته هنا سوى بشرة بيضاء مشرقة، بفقاعات صابون بيضاء تغطي بعض البعض. حتى بيكيني الصَدَفَة أو حتى الضمادات الرقيقة ستوفر حماية أكبر.

اِحْمرَّ وجه ميكوتو.

«ف-ف-ف-فقاعات!؟ جُننتِ!؟»

«"لا عليكِ. هذه الفقاعات توفر الحماية المثالية في نظام تُسميه ميساكا 'فقاعات البيكيني'،" كما تقول ميساكا عشرة آلاف اثنين وثلاثين وهي تضع يديها على وركيها وتنفخ صدرها مفتخرةً مرتاحة البال»

«من فضلك لا تسمينها هذا!! الناس سيفهمونها خطأً!!»

«؟»

على أي حال، كانت الغرفة مليئة بالبشرة الناعمة والفقاعات.

وكانت الجنرالات الأربعة الغامضات (اللاتي كُنَّ متطابقات ولهن نفس قوى البرق) ذو تعبيرات فارغة وهن بلا ملابس أو مناشف استحمام.

«"أفيكَ حكة في أي مكان؟" تسألك ميساكا عشرة آلاف اثنين وثلاثين بأسلوب سؤال احترافي لتأخذ المبادرة وهي تستعرض قلادة القلب لتذكرك بأوقاتنا معًا»

«"الآن بعد أن صرت في المستشفى، بت في ميدان المسياكا،" كما تقول ميساكا عشرة آلاف وتسعة وثلاثين لتظهر حماسها وهي تضع مقدارًا صغيرًا من الفقاعات البيضاء على طرف أنفها مظهرة ظرافتها»

«"لكن هذه الميساكا في الواقع تغطي أهم أجزائها بضمادات لتناسب أجواء المستشفى، لكنها الآن غرقت بالفقاعات فما عاد بممكن رؤيتها،" كما تقول ميساكا ثلاثة عشر ألف وخمسئة وسبعين وهي تعمل على تحفيز خيالك»

«"ميساكا متشككة إن كان لأيٍّ من هذا علاقة بالكرسماس،" كما تقول ميساكا تسعة عشر ألف وتسعة وخمسين وهي بصراحة تجد أسلوب 'تقول ميساكا' أمرًا مزعجًا وتأمل لو أننا نرميه»

سمعوا صوت فقاعات غريب يثرثر وسط كل هذا.

وكان كاميجو توما —شيطان الشغف والرغبة— على ما يبدو في حالة لا تسمح له فعلاً بالاستمتاع بالبشرة الناعمة المحيطة به. بعد كل شيء، كان مغطى بجروح مختلفة وكان ماء الحمام يزيد كل واحدة منها ألمًا. وعلى ما يبدو ما كانت تلك المستنسخات مدركات أن الذين يأملون في الانتحار بشق المعصم يُنقعون الجرح في الماء ليمنعوا إغلاقه.

أيضًا، أدركت ميكوتو أن لديها شيئًا أهم تقوم به من الانغماس في المشاعر.

(اخ.)

غطت على الفور عيني إندكس بيدها. لكن ليس لأنها أرادت التقاط صورة سيلفي بوقفةٍ بذيئة.

(سوف تدرك أن أولئك نسخ بشر!!! إنهن حتى يُسمّين أنفسهن ميساكا رقم كذا وكذا! قد أتمكن من تبرير واحدة منهن كأختٍ، لكن ذلك لا ينطبق إذا ظهر العديد منهن بنفس الوجه جميعا!!)

«آاه!! انسي ما رأيته هنا!! لا شيء هنا إطلاقا!! طيب، طيب!؟»

«مذهل، حقًا لا شيء هناك»

«اوفف»

غرر، غرر!! لماذا ما وجدتُ أي شيء كإسفنجة أو صابون للجسم أو حوض غسيل أو قبعة للشامبو في الداخل؟ وهناك أربع منهن، فلماذا لم تأخذ أي منهن الشامبو؟ بهذا سيتصلب شعره. أيضًا، على تلك الفتاة التي تدعى عشرة آلاف اثنين وثلاثين أن تخلع تلك القلادة وقت الحمام لأن الفضة سريعة الصدأ!! لكن لا تقلقي! سأعلمك خدعة من معرفتي بصيانة العناصر الروحية! إذا تشوهت القلادة كثيرا، فيمكنك تلميعها بعصير الليمون!!»

«قلتُ انسي ما رأيته، لا أن تذكريه بتفاصيل!! شوفي شوفي، هاكِ حلوى الغومي إذا وعدتِ بنسيان كل ما رأيته هنا! وتراها بنكهة الجليكوسيد السيانيد!!»

«هَمب. لذيذ! سأقبل أيّما تعطيني، لكن اعلمي أنني لا أنسى شيئًا رأيته. مضغ، مضغ»

بالمناسبة، تلك الحلوى السامة غير الفاكهية ومُثيلاتها قد حققت نجاحًا مؤقتا بين الناس بسبب نكهتها العجيبة الأقرب للسموم ولأمانها 100%. ليس أن هناك واحدٌ (أو على الأقل، أي واحد لا يزال حيًا) قادرٌ على اثبات أن طعمها طعم السيانيد أو الوولفسين أو التيتردوتوكسين.

قد هدّأ الطعام الوحش الأبيض مؤقتًا، لكن الأمور ما انتهت بعد.

«لا أريدك تفعلين أشياء مثل هذه وأنتِ تشبهينني!!»

«"بين نعومة هذه الطروة، ولا ليونة هذه الرخوة، ولا خضخضة هذه الأستة.... أيُّهم تفضل يا وغد؟" تسألك ميساكا رقم عشرة آلاف اثنين وثلاثين وهي توسع الفارق بينها وبين المنافسة رويدا رويدا، وتكشف جسمها أيضًا»

«يَ! ـكِـ! ـفي!!»

ثم رصدت ميكوتو لونَين لم ترهما على الجنرالات الأربعة.

رأت شعرًا أشقر عسلي ولباس ممرضة وردي في زاوية الغرفة الكبيرة.

«آه آه، ياه. ما لكم إلا تتحرشون به، ها يا المشاغبات؟»

«أنتِ بعد، شوكُهو؟! كنتِ واقفة طول الوقت هناك!! استخدمي المِنتل آوت عليهن وأوقفيهن..!!»

«أوه هــيّـــا عنك. هن أنانيات، لكنها قسوة أن أوقفهن الآن بعد أن وجدن شيئًا يرغبن في فعله. حتى ولو كنتُ مستاءة من سرقتهن مني الوقت الذي جهزته لأحتفظ بالولد لنفسي☆»

«ابعدي هذه القلوب عن عينيك يا عجوز! ولمَ تتصرفين كأم مفرطة الدلال؟؟؟»

«عجوووز؟! يا ويلك تناديني بهذا يا الغوريلا ميتة العقل ومنعدمة الأمومة!!»

رمت شوكهو ميساكي وعاءً بلاستيكي، لكنه طار بعيدًا عن مساره بأكثر من تسعين درجة وارتطم برأس كاميجو توما. كيف صار؟ كان لميساكا ميكوتو تفسير موجز لهذه الظاهرة الغامضة.

«غير أنكِ تعبانة في الرياضة وعمياء بعد؟»

«لا هذا ولا ذاك!! أنا، أهخ، أصلا تعمدتُ ذلك!!»

ذلك أشار أن شوكهو ميساكي أرادت أن تهاجم ذلك الأحمق على مستوى عميقٍ غير واعٍ في نفسها. وهذا ما شعرت به ميكوتو وحَسَّت، لذا أطلقت شرارات من جسدها.

«ولا تحسب أنك خارج من هذه المشكلة فقط لأن كل شيء حدث دفعةً واحدة. لا تخف، فما نسيتك»

«لحظة لحظة، ما ذنبي أنا؟! هذه الجماعة عديمة التعابير انتزعوني من السرير، وحملوني في الممر، ورموني هنا! وأيضًا، الحمامات والبرق لا يجتمعان إذا ما تدرين!! هذا كأنك ترمين عليّ مجفف شعر في الحمام!!»

أشارت شوكهو ميساكي إلى الفتيات الجنرالات الأربع فغادرن الحمام التمريضي بتناسقٍ تام كأنه مُعد.

لابد أن الفتاة شقراء الشعر العسلي حملت شيئًا من الظلام في أعماقها إذْ أنها لم تحاول الدفاع عن الصبي شائك الشعر.


«أرى أن العنف مجالك، ميساكا-سان»

«هيه لا أريد أن أُعرف بذلك!!!!!»


وبالضبط ما إن توترت بشدة من هذا التعليق، تحول الحمام إلى مشهد من الدراما التشويقية.

  • الجزء 3

«إذن»

كان كاميجو توما يرتدي بيجاما الآن ولا يزال فكيّ إندِكس غارسةً في مؤخرة رأسه.

«ما بال الدنيا؟ هل كل الناس جاؤوا يقتلونني الآن؟؟؟»

كانوا في المطعم عند مدخل المستشفى.

على ما يبدو، كانت جماعة المستنسخات راضية، لذا عدن إلى قسم البحث حيث لا يُسمح للمرضى العاديين بالدخول. ومع ذلك، كان عليه أن يظل متيقظًا إذْ قد يظهرن في أي لحظة.

«توما، أحضرتُ كعكة التفاح، فلنأكلها!»

«وبأي مال اشتريتيه؟! أراهن أنكِ أخذتِ أموالاً كنتُ قد أخفيتها لأصرفها فترة نهاية العام وقتما تخترب أجهزة الصراف الآلي...... إندِكس، أقسم أنكِ رأيتِ الظرف الذي ألصقته خلف الغسالة؟!! ألم يَكفِكم كل النزيف والكهرباء؟! ماذا، هل العالم مصمم على قتلي حتى بالطرق اللامباشرة بتدمير دراهمي أيضاً؟!»

من المحتمل أن يقتصر طعام كاميجو توما خلال إقامته في المستشفى على طعام المرضى، ولكن هناك ثغرات. يمكن للزوار أن يحضروا له الطعام، وأمكنه زيارة هذا المطعم للتحدث مع الزوار.

بالطبع، سيكتشف المستشفى أنه كان يُهرّب الطعام ما إن يجروا عليه أي فحصٍ، ولكن بما أنه هنا من جروح وكدمات وليس من مرض داخلي، لم يكن عليه القلق كثيرًا بشأن القيود الغذائية. وبما أنه كان طالبًا في الثانوية وفي طور النمو، فقد ابتغى أكل اللحوم والكربوهيدرات واللحوم والملح والدهون واللحوم. لم ينوي قضاء الكرسماس بأكل الحساء اللزج فقط.

أمسك بالقائمة من على الطاولة المستديرة.

«فهل تكون الأسعار معقولة بما أن هذا مستشفى؟»

«ماذا، خلصت أموالك؟ بما أنها حالة طارئة، قد أقرضك البعض»

«محال أن أكون طالب ثانوية مديون لتلميذة في الإعدادية!! أَ بَـ ـدًا! بهذا سأتاجر بكرامتي مقابل المال!»

« «تغيظنا بهذا الكلام؟» » قالت كلتا فتاتا الإعدادية وهما تقرصان خدّيه.

كان كاميجو توما مصممًا على إقامة وليمة لأنه الكرسماس، لهذا طلب الدجاج المقلي. لم تستطع لا ميكوتو ولا شوكهو في البداية أن ترى الرابط بين نواياه وأفعاله، لكن الصورة اتضحت لهما تدريجيًا ما إن استوعب خيالهما. كان للخيال بطءٌ مع هذا الجيل الذي يبحثون عن أي شيء يجهلونه على هواتفهم.

«دجاج مقلي... هذه فكرتك عن الوليمة؟؟؟» سألت الفتاة ذات الشعر الأشقر العسلي بنبرة شبه مذهولة. «م-مم. لا أسخر، لكن أوحقاً تحسب تلك الوجبة العادية هي المعيار في الكرسماس؟»

«لا، لا أقصد به أن يكون الديك الرومي. شوفي عندهم عرض خاص لبروست الكرسماس في المتاجر الصغيرة، صح؟ إذا بغيت بروست، فهذا خياري الوحيد! وكل شيء آخر مكلف وغالي!!»

«آاه، لاه؟»

لوحت الفتاة المخملية يديها مرتبكةً وبدت أفكارها وكأنها توقفت. لا بد أنها تتمنى بشدة أنها أساءت فهم ما قاله، لكن محاولتها لتوضيح سوء الفهم جعلها تدعس لغمًا أرضيًا.

والفتاة المخملية الأخرى ميكوتو —والتي امتلكت فهمًا أفضل متناقضًا لحياة العامة— انضمت إلى الحديث بنبرة تعجب في صوتها.

«هذا بالأسلوب الياباني، لذا لن تجد فيها عظمًا حتى....»

«كفى سخافة!! من يأكل العظم حتى يحتاجه؟!! وأصلا محال أدفع من جيبي وأشتري شيئاً فاخراً فيه زينة عبثية وضعوها فقط ليرفعوا السعر!!!!!!!»

ولمّا تحدث بهذه الصراحة، ما عسى حتى لميكوتو إلا أن تتلعثم فتضيع عنها الكلمات.

كان طالبٌ في الثانوية ببساطة أكثر مما تقدر عليه طالبة في الإعدادية.

كما ذكرنا، تولي المستشفيات اهتمامًا خاصًا بالأحداث الموسمية. وفي القائمة العديد من الأطباق الخاصة بعيد الميلاد، ولكن عقل كاميجو توما قد تخطى هذه العناصر تمامًا. ويبدو أن هذا الكائن عاجزٌ فعليًا على رؤية أي عنصرٍ في القائمة تجاوز سعره الألف ين.

إندِكس هي الوحيدة التي ظلت مبتهجة.

«المهم أنه يؤكل!! لأنك تحتاج الطعام لتحيا!!»

«صحيحٌ تمام، إندِكس. ونعم التربية!»

«لذا أريد وجبة مشوية كبيرة ثلاثية فيها خنزير بالزنجبيل ورُبيان مقلي وشرائح اللحم المفروم!!»

«لماذا يقدمون شيئاً غير صحي كهذا هنا في المستشفى؟ وأنتِ اثبتي مع كعكة التفاح التي اشتريتها بأموالنا الثمينة. أكيد أن في تلك الكعكة ما يكفيك من السكر لتبقي حية ولو ضعتِ في جبل مغطى بالثلج»

وما عسى الفتاتان الأخريان إلا التنهد وهما تشاهدان كاميجو وإندِكس يُقسِّمان غنائمهما على أطباقٍ ورقية صغيرة.

تبادلا النظرات ثم تواصلا بصمتٍ عن طريق قراءة شفاه بعضهما.

«(يبدو أن لا آثار جانبية فيه)»

«(كدتُ أن أجزم أن قدرة تلك الحبة السوداء تهدف إلى مضرته. فما كان غرضها أســـۤــٰاسًا؟)»

تمامًا لمّا توصلا إلى هذا الاستنتاج،

حَدَث


تقطر دمٌ أحمر لزج من أنف كاميجو توما.


ظهر مثلثان صغيران.

نَشَأ من أفواه الفتاتين ذوات المستوى 5.

وصوت بدا وكأنه يصعد من أعماق الجحيم.

«مهْ مهلا. أوتضع المايونيز على دجاجك، يا سيد السعرات العالية؟»

«هِه؟ وما غيرها أضع؟ من فضلك لا تقولي شيئاً مثل ملح الماتشا! ولا تتصرفي وكأنكِ أفضل مني لمجرد أنكِ تضيفين رشة من الملح الفاخر إلى طعامك!!»

شعر كاميجو توما بالإهانة، ولكن لم يكن هذا هو السبب الحقيقي الذي دفع ميكوتو للكلام.

«لا أهتم بما تختار من صلصات—وليكن في علمك أنني أفضل عصير الليمون. والآن، ماذا كان في ذهنك توًا؟ أوكنت تفكر في تلك القبلة؟ تلك القبلة الرومانسية التي حصلت عليها في عشية الكرسماس!!؟»

«ولماذا لم تخبرني أنكَ موافق على أن تأتيك غريبة فتُــقبّلك؟! آهغـ قعقع، كنتُ لأصير الغريبة الغامضة والجذابة فأخطفك في قدرة عشية الكرسمـــۤــٰاس!»

  • الجزء 4

شَوكُهو ميساكي أعبست شفتيها.

لم تكن في غرفة مستشفى خاصة أو غرفة فحص. في الواقع، كانت في ممرٍ عادي تمامًا. والذين ساروا في الممر مَرّوا جوارها دون أن يُركزوا على تلك الفتاة الشقراء في زي الممرضة.

لم تخف ولم تلقي بالا إطلاقا أن يكتشفوها متسللة.

ما كان في ذهنها إلا شيءٌ واحد: الندم. كرهت كيف أن امرأة غريبة غامضة ظهرت من العدم فسرقت ما كان يمكن أن يكون ذكراها المميزة لتلك الليلة المقدسة، ولكن ما يهم؟ نعم أن تلك المرأة سرقت تقدمًا بسيطًا، لكن شوكهو لم تكن بتلك البرائة حتى تستسلم.

(ما يجب عليّ الآن واضحٌ تمامًا: سأستعيده. هِهِه هِهِه هِه. وأيُّ زيٍّ سيكون الأفضل لهذا؟)

«هم همهم، هم همهم، هم هم هـــــمــــمم~»

كانت تدندن فعلاً عندما وصلت إلى غرفة انتظار صغيرة في الممر، وهناك آلات بيع وأريكة صغيرة، والفتاة الممرضة لم يفصلها جدار ولا غطاء عن بقية الناس، فلا تزال في مرمى بصر جميع الممرضات والمرضى المارين. لم تكن الغرفة مصممة لإخفاء أي شيء، لذا لم تُبنى لذلك.

ورغم ذلك فجأةً فتحت الفتاة شقراء الشعر العسلي أزرار لبسها التمريضي كاشفةً عن بشرتها الناعمة في وضح النهار. وحدثت اهتزازات خلال العملية.

لم تكترث لأنظار من حولها.

أو بالأحرى، ما كان أحدٌ منهم ينظر إليها. لأنها تلاعبت بهم حتى لا يفعلوا.

(غرف تبديل الملابس عادةً ما تكون موصدة، فلا أستطيع دخولها. ولِكُلِّ قسم مفتاحه، لذا لعل البحث عن ممرضة صاحبة المفتاح مزعجًا حقًا.)

«إيه، أيُّ زيٍّ أختار؟ مَه، ما بي أسأل نفسي؟ ما غير لبس السانتا سأختار اليوم.....»

«هَي» ناداها أحدهم.

شوكهو ميساكي كانت فتاةً تختار ملابسها الداخلية لتتناسب مع مظهر زيّها، ولذا كانت الآن عارية تمامًا وتمسك زيها الجديد بكلتا يديها. نظرت بدهشةٍ خفيفة لتجد #3 المدينة الأكاديمية عديمة الأدب تحدق بها.

«بحقك ماذا تفعلين؟ من متى وأنتِ مستعرية؟»

«أغيّر ملابسي بسرعة ولا أكثر☆»

ملكة توكيواداي تذكرت متأخرة أن #3 يمكنها تحييد تأثير المِنتل آوت إن "لم تسمح"

«ولكن إيه، لا أحسبكِ تألفين هذا المفهوم يا ميساكا-سان بما أنك لا تبدلين زيك الرسمي حتى في الشتاء، ما تدرين أنه مسمــــــٙــوح؟»

«اخرسي. كنت أسألكِ ماذا تأملين فيه بلبسك هذا»

«لأنني أريد الاستمتاع بالكرسماس بطريقتي. وبطرق تتجاوز أحلامكِ الجامحة، ميساكا-سان»

«نعم، هذا كلامْ توقعتهْ منك. ذاك الأحمق في المستشفى، لذا اتركيه يستريح!! إذا تلاعبتِ به الآن فربما تُفتح جروحه من جديد!»

«وهذا كلامٌ توقعتهُ منكِ☆ بالمناسبة، هذا ما فكرتُ فيه لأمنعكِ وإزعاجك عني»

كيااا-!! ضربت طبلة أذن ميكوتو صرخةٌ تصم الآذان، وكأن أحدًا تعثر بمشهد جريمة قتل.

كانت ممرضة حقيقية في الممر تنظر باتجاههم، ووجهها أحمر كالشعلة ويدها على فمها. كانت عيناها مفتوحتين عرضَ طبقَي عشاء ويبدو أنها كانت مرتبكة جدًا حتى ضاعت عنها الكلمات.

بدا أن الممرضة جديدة في العمل ولها مظهر امرأةٍ انحشر في حلقها كرة هواء بحجم كرة البيسبول.

«مـ-مـ-ما......»

«أرأيتِ يا شوكهو؟ أخيرًا لاحظ أحدهم انحرافـ


«لماذا تتجولين دون أي ملابس؟! لا أعرف ما الذي دفعكِ لهذا، ولكن تعالي إلى هنا فورًا! نعم، أنتِ! يا فتاة الشعر القصير!»


«هَا؟» قالت ميكوتو بعينين أوسع ما تكون.

لكن فتاة البيجاما بقَصّةِ شعر البوب، والطبيبة، والناس في الممر توقفوا جميعًا مُحمرّين الوجوه وهم يرمون النظرات الخجولة نحو ميساكا ميكوتو، وليس شوكهو ميساكي.

كانت الملكة المبتسمة تُدَوّر ريموت تلفاز في يدها وهي لا تزال تستعرض بشرتها المشرقة.

«ل-لا، لا تقولي.....»

«أنا من ترتدي الملابس وأنتِ من تعرَّيتِ في العلن، ميساكا-سان☆»

هكذا بدا المشهد لكل الناس.

كانت خدعة مثل هذه يسيرةً سهلة للمصنفة الخامسة.

«وبالطبع، هم فقط يرون ما أتخيله، وليس أنهم يرونكِ عاريةً فعلاً. مثله كمثل من يُعدّل صورتك على صورة فتاةٍ عارية، فمِمّا أنتِ قلقة؟»

«~~~~~!!!؟؟؟»

«حتى أنني أضفت لكِ زيادة صغيرة في قسم الصدر، لذا حقا عليكِ أن تشكريني»

«يا ملعونااااااااااة!!»

لم تتعرض ميكوتو لهجوم جسدي، لكنها فتاةٌ وصلت حَدّها. ما عادت تتحمل نظرات هؤلاء الغرباء.

بتوَرُّدِ وجهها واحمراره كالشمندر، فتحت النافذة، وقفت على حافتها، وصاحت على شوكهو وارءها.

«لا تحسبينه فوزك يا الحمقاء!! لقد غيرتِ ما يرونه الناس، ولكن الكاميرات الآن بها تسجيل أنكِ عارية!!»

«يَه يَه. ربما أهتم بذلك لاحقًا»

دوّرت شوكهو الريموت مرة أخرى، وما بدا عليها القلق أبدا.

ومسح تلك اللقطات كذلك ستكون سهلةً يسيرة للمصنفة الخامسة.

  • الجزء 5

أحب كاميجو صحبته كباقي الناس، لكن زواره اليوم قد تجاوزوا الحدود كثيرا.

«صدقا لم أتوقع منهم أن يهددوني بالشوكة والسكين،» شكا وهو يسير ببطء في الممر، شعره بلل وكان بمفرده.

لا يزال الوقت في آخر الصباح، ولكنه كان عائدًا إلى غرفته في المستشفى. أراد من الفتيات أن يبقين خارجًا حتى لا يمنحنه عذرًا يغادر به الغرفة مرة أخرى. كان سهلا منه أن ينسى أنه في المستشفى وأن عليه أن يبقى في السرير قدر الإمكان إلا بشأن الروتينات التأهيلية والتمارين التي أعدها له الأطباء. ولكن هذا تركه في حالة من الملل رهيب. خاصةً لصبي مراهق مليء بالطاقة الشبابية!!

ولكنه ابتغى استرجاع شيء من غرفته.

«حذائي، حذائي، أين ألقاه؟ لن أخرج وأنا منتعل هذه النعال»

اعتاد حدوث هذا كثيرًا أثناء إقامته في المستشفى.

كانت مفاصله تؤلمه بعد البقاء في السرير طويلاً، لذا أراد أن يتنزه عبر الفناء. وإذا كان هناك كرة قدم، فلربما يلاحقها طوال اليوم.

أطل برأسه داخل الغرفة فوَجد أوغامي بيرس قد انزلق من سريره.

«ما خطبك، أوغامي؟ من بداية اليوم وأنت غريب»

«هيهيهي. ما أدري وين اختفيت يا كاميان، لكن اعتبر نفسك محظوظ. طول الوقت وأنا أشوف زوجا الطيور ذولا (ذلكما) يتغزلون في ذيك (تلك) الغرفة. وحاجز عالمهم السعيد هذا شوي ويذبحني!!»

وما كان كاميجو أسعد منه وقتما كان في المطعم.

«لييشش الناس كثير ما يحبون تلصيق الشفايف ببعض؟؟!!» قال أَوْغامي بيرس بظلالٍ على وجهه. «من يشتهي فم انسان ثاني أول شيء بعد النوم؟ حنا الّي تركنا هذه المواضيع أذكى الناس! ولا لا يا كاميان؟!»

«.......»

«هيه، ما داعي هالصمت الغريب.......؟ وليه يقتل فيني الفضول لهالدرجة؟؟؟؟»

ومع هذا، صَمْتُ كاميجو توما ما كان لأنه تذكر قُبلة تلك المرأة الجذابة في عشية الكرسماس.

ولا لأنه كان يحارب الحقيقة المًرة أن أول قُبلةٍ له كانت بطعم القديس جيرمان.


بل لأن ماما نويل بتنورة قصيرة وشعر أشقر عسلي كانت تستند على صدره.


«(هاااي، كاميجو-سان. تأخرت، ولذا قلتُ أن آتي وأرى حالك.)»

«مهلا، هاا؟!»

«(إيه، واثقةٌ أنك قد نسيت ما حدث قبل عشر دقائق، ولكن بما أن ميساكا-سان ومعها تلك الراهبة وكل الإزعاجات الأخرى صاروا بعيدين، كنتُ آمل بفرصة أخرى لأزوٙورك☆)»

وكانت تستند على صدره بطريقة أبدت من صدرها الكبير —باختلاف هذا وذاك حجمًا— مضغوطًا محشور. اندهش بصراحة. هل تلك القبلة قد دمّرت محرمات العالم أم ماذا؟!

حاول كاميجو أن يعرف كيف يرد على هذه المتطفلة المفاجئة، ولكن أَوْغامي بيرس اكتفى بالنظر إليه حيرةً.

نعم، كان ينظر إلى كاميجو، وليس إلى ماما نويل (وإن كانت ذات قوام مُلفتٍ كبير) بلباسها السانتا الأحمر ذي التنورة القصيرة والتي من الواضح أنها لا تنتمي لهذا المكان.

«ما بك مرعوب؟ هَئء!! لحظة، كاميان، لا يكون أنك صنعت لنفسك حبيبة خيالية؟! أخيرًا دخلت أعمق أعماق الموي؟!»

«ها؟ لا! ألا ترى....؟!»

توقف كاميجو عن الكلام.

كيف يفيده إخبار صديقه بوجود فتاة مغرية لا تصدق هنا؟

الفتاة الشقراء العسلية ضحكت.

«(إيه، إيه. لا داعي أن تخبر أي أحدٍ عن هذا. الآن، كاميجو ســــــٙـــان، أوليس أنك لا تريد من كرسماسًا مملا؟ دعنا نجعل من اليوم يوما حقا لا يُنسى.)»

«(هل استخدمت قدرةً عليه؟)»

«(تُدعى مِـ ـنـ ـتـ ـل - أ و ت. هل تذكر مُسمّاي الإسبري حتّٰـىٰ~؟ حتى لو فعلت فلا أظنني أرتاح كثيرًا)»

دخلت نبرة من الحزن صوتها في هذا.

يبدو أن أوغامي بيرس حقًا لا يراها. ولكن إذا كان الضوء مثلا ينحني فيزيائيًا ليجعلها خفية، فإن كاميجو أيضًا لن يقدر على رؤيتها. بهذا استنتج أنها ربما أثرت على عقل الصبي الآخر بطريقة ما.

وكذلك...

«(لماذا تلبسين هذا الزي؟؟؟)»

«(لأنه الكرسماس☆ ولكن بما أنك لم تسألني لماذا بدلت ملابسي إلى هذا، فأرى أن ذاكرتك عني فعلاً تختفي بمجرد أن أخرج عن بصرك.)»

«؟»

«(ولأوضح لك، ليس لقدرتي المِنتل-أوت علاقة. ...ولا بأس إن لم تعرفني. سواء تذكرت أم لا، فالحقيقة أنك ستقضي كرسماس ممتع للغاية. فهيـــٙــــا نتشارك حُبًا حميــــــٙــمي☆)»

يبدو أن هذا ما خططت له.

كان سعيدًا جدًا بحق أنه لا يرى قياس ضغط دمه أو معدل نبضاته، فحتى هو استشعر بأنهما قد وصلا إلى نقطة قد تقلق فيها الممرضات فيهرعن إليه. ما حكاية فتاة الإعدادية هذه الناضجة والمغرية؟!

في الوقت نفسه، كان أوغامي بيرس يتمتم شيئا في نفسه مُريبًا.

«الكرسماس مثله مثل باقي الأيام. كله ملل في ملل ولا فيه شي. وشخصية تلبس الأحمر وتطير على زلاجة تخترق رادارات المطارات؟ كلها عبط!! هِه... هِهِ هِهِهِه! وحتى بنات السانتا بالتنانير كلهم خيال!! لا لا، أنا ما أبكي!!»

«مم؟»

«ترى يا كاميان، لمتى تعيش في عالم الخيال؟ واجه الواقع! السنتاوات الشقروات  (خصوصا إن كانوا أصغر منك) ما هم حقيقة!! كلهم بالخيال مثلهم مثل أم دويس وأبو رجل مسلوخة!!» [4]

«.....»

يبدو أن أوغامي بيرس فعلا لم يدري من كانت تستند على كاميجو، وتلمس صدره بإصبعها المغطى بالقفاز، وتضحك مغريةً وساحرة. ثم أخرجت صندوقًا مغلفًا أصغر من الهاتف من مكان بصراحةٍ صَعُبَ عليهِ وصفه.

«(هاك، لهذا أن يكون بداية يومنا المتعة.)»

«هَه؟ هِه؟»

«(بصراحة إنه يغيظني كيف أنك تنساني كل مرة، لذا أريد أن أترك فيك شيئًا ملموس. لذا هاك.)»

«هدية؟»

شعر كاميجو بدفئ الصندوق قليل.

ربما بابا نويل لا يزور إلا الأطفال ذوي القلوب النقية.

وبينما يتساءل عمّا قد يكون داخل الصندوق، بدأ يزيل الورق الرفيع المغلف. أوغامي بيرس نظر إليه وكأنه أدى أمامه خدعة سحرية. لكن أصابع كاميجو لم تستعد مرونتها بالكامل بعد، لذا آل به الأمر يُمزق الورق المغلف أكثر مما نوى.

والآن.

هل لاحظ الفتى كيف نظرت الفتاة الشقراء العسلية بلطفٍ شديد إلى سلوكه الطفولي؟

نظر إلى محتويات الصندوق محتاراً.

«ناي؟»

«(بل صفّارة. إيه، لا أحسبك ستفهم أهميتهـٙا.)»

  • الجزء 6

اليس

«....»

الفتاة فضية الشعر بلباس الراهبة الأبيض التصقت بها رائحة صابون خفيفة، ربما لأن طرف زيها الرهباني قد امتص ماءً على أرضية غرفة الاستحمام خلال زيارتها غرفة الملحق.

في هذه المدينة العلمية، ستبدو إندِكس ملفتة للنظر أينما حلّت. خاصة في مستشفى مليء بأحدث التقنيات. ولكن هذه كانت إحدى الأماكن القليلة التي لن يشكك فيها أحد في وجودها، حتى لو تسللت دون سبب واضح.

فهي في مُصَلّى. [5]

بما أنه كَمُنَ في الطابق السفلي من المستشفى، كان باردًا بُرد الشتاء القارس. ولقد شعرت إندِكس بالبرودة تُبرز الأفكار الدنيوية الجالية في رأسها.

الصورة التي ترسمها في ذهنها كانت من عشية الكرسماس.

شفاه التقت بشفاه أمام عينيها.

وبذاكرتها المثالية، لم تستطع أبدًا الهروب من الذكرى التي فضّلت نسيانها.

في الحقيقة، وَدّت على الأقل لو تظهر امتعاضاً قليل.

(......ذاك لا يزعجني.)

«هيه»

صوتٌ قطع أفكارها بينما كانت تضع يديها أمام صدرها تُصَلّي.

كان مصدر الصوت إله صغيرًا يبلغ طوله خمسة عشر سنتيمتراً جلس على كتفها، وكان لها اسمٌ أوثينوس.

ولكن ليس لأنها شعرت بالحرج أنها إلهٌ غير مسيحي في مصلى كنيسة نصرانية.

«أوحقا عليكِ أن تكوني هنا؟ إن لم أخطئ فهذه غرفةٌ للمرضى في مراحلهم النهائية؟»

عموما، كانت المدينة الأكاديمية مدينةً للتكنولوجيا العالية حيث سادت عبادة العلم، وهذا الزجاج الملون هنا كان على الأرجح مضاءً بمصابيح LED من الجهة الأخرى، لكن حرية العبادة كانت لا تزال مكفولة. فهو حقٌّ للمريض أن يجد الراحة بأي وسيلة يختارها في لحظاته الأخيرة. بالطبع، بدل احضار كاهن حقيقي، من المرجح أن يكون هناك معلمٌ متخصص في هذا المجال الأكاديمي.

«هي كذلك»

إندكس أبقت يديها مطويتين تُصلي.

لم تخجل، بل أجابت أوثينوس بإخلاص.

«وهذا سببٌ أنني أُصلي لتوما هنا»

«.....، إيه» [6]

أوثينوس لم تسأل أكثر.

كانت تعرف الصبي وميله الدائم في إخفاء ألمه بابتسامة. لطالما اهتم بآلام الآخرين أكثر من آلامه، وما تردد أن يضحي بنفسه حتى يخفف معاناة الغير. وعلى الجانب الآخر، كاميجو توما لم يعتد أن يهتم به الغير. وحقيقةً، كان يرتبك ويخاف إن حدث ذلك. كلما زاد اهتمام الناس به، كَبُرَ العبء في نَفْسِه.

ولقد أغاظت شخصيته هذه مُتَفِّهَمَته أوثينوس أقصى ما يكون.

جلست أوثينوس بتكبر على كتف الفتاة فضية الشعر، لكنها قفزت بفزع ما إن سمعت صوت قط الكاليكو الجالس على رأس إندكس.

«فهل لاحظتِ؟»

«عن القديس جيرمان؟ حسب ما أعرف، لا أظنه يختفي من نفسه»

«لا نريد "ظنونا" في الأمر»

أوثينوس أبقت ذراعيها متقاطعتين وزفرت بسخط من أنفها الجميل المتناسق.

كانت تلك الفتاة مكتبةً حية تحفظ مِئةً وثلاثة آلاف وكتاب (103,001) جريموار، لذا كان من المضحك أن تتصرف غير متأكدة من شيءٍ سحري. التغاضي عن حقيقة مُرّة ما عساه إلا يزيد الأمور سوءا.

لذا، كانت استجابة أوثينوس الباردة هنا تهدف إلى قطع الأمل الواهم من جذوره.

كان رد فعلها القاسي هذا لا يهدف فقط إلى توجيه الآخرين، بل إلى إبقاء نفسها على الطريق الصحيح.

إذا كان السبيل الوحيد لاستعادة روح ذلك الفتى هو النزول إلى أعماق الجحيم، فما عساهم غير أن يفتحوا أبواب الجحيم رميًا؟

«لا، لن يختفي من نفسه. مهما حدث»


ميساكا ميكوتو كانت تعرف أنه ليس وقت الهرب عبر النافذة.

المستنسخات ما زلن يتسللن في الخفاء وكان أكيدًا أنهن سيهاجمن غرفة المستشفى مرة أخرى إذا لم يتم إيقافهن. وما إن استوعبت، ما عندها خيار غير أن تسحبهن إلى منطقة الأبحاث في المستشفى.

تلكن الفتيات المتطابقات نظرن إليها بعيون خالية تمامًا من التعبير وقالت إحداهن.

«"لكن ميساكا آملت أن تستمتع بالكرسماس،" تقول ميساكا رقم عشرة آلاف اثنين وثلاثين بنبرة محبطة»

«اعع... لا، لن تخدعيني! ما علاقة التعري في الحمام بالكرسماس؟»

«"المعلومات التي وجدناها تقول أنّ في الكرسماس علينا أن نظهر أجسامنا قدرما نستطيع أكثر من أي وقت آخر في السنة. فقط فكري في مامات نويل بالتنانير القصيرة أو بالفتيات اللواتي يرتدين شريطًا فقط وقليلا من الكريمة المخفوقة فوق—»

«من جد، كيف وجدتِ مثل تلك الصورة عن الكرسماس؟ لا تصدقي أي شيء ترينه على النت وافعلي شيئا يخص الكرسماس!!»

شعرت ميساكا ميكوتو وكأنها ستنفجر من الحرارة.

تنهدت بعد أن دفعت الفتيات المتطابقات بعيدًا.

كالعادة، بدا أن حياتها تخرج عن السيطرة وهي حول ذلك الفتى. صورتها عن نفسها نجمةً في مدرسة توكيواداي دائمًا ما تنهار جواره. لم تعرف كيف تتعامل مع الأمر، لكن ليس أنها لم تكن تستمتع كذلك.

(لا أرى فيهِ خطبًا غير الإصابات الواضحة. تلك الآنا سبرنجل بدت واثقة، ولكن هل ممكن أن خطتها فشلت ربما؟)

ذلك ليس بمستبعد.

ميساكا ميكوتو كانت من بين الأفضل في مدرسة توكيواداي درجاتاً، لكنها حتى الآن لم تتمكن من تحليل ماهية قوة كاميجو توما بشكل دقيق.

ما كانت تعرف إلا أن قوته قادرة على إبطال قدرة #3 في المدينة الأكاديمية.

.......في الواقع بدا أن في قوته تلك سِرٌّ أكبر وكانت أشبه بصندوق أسود غامض.

وذلك يعني أنها كانت أعقد من قوة "الأقوى" ذو المصنف الأول الجليّة.

فلو كان يحمل شيئًا قوي القوة بداخله، فلا عجب أن تخفق خطط وتوقعات آنا سبرنجل.

هذه خلاصة تفكير ميساكا ميكوتو.

لكن أفكارها قُطعت من ضجيج عجلات صغيرة تدور.

عدة أطباء وممرضين كانوا يدفعون مريضًا في حالة طارئة إلى غرفة العمليات على نقالة.

«أفسحوا!! من فضلكم، أفسحوا الطريق!!»

«ضغط الدم نازل. تحققوا من البنك وائتوا بنوع دمه وما يتحسس منه!! أوه، لا. دخل في حالة صدمة. أعطوه محلول ملحي الآن ولا تتركوا ضغط دمه ينزل أكثر!! على الأقل نحتاج أن نعرف نوع دمه بأسرع ما يمكن! هيا عجلوا!!»

وكأن عاصفة قد اقتحمت المكان.

حدث حادث؟ جاءت هجمة؟ نحن في الكرسماس، لكن المشاكل تحدث على مدار السنة. مع الثلوج والفعاليات، كان من المؤكد أن الطرق ازدحمت بالمرور، ولابد أن سيارات الإسعاف تعاني في التنقل. وبناءً على ما يقوله الأطباء، كانت هذه الحالة سيئة بحق.

(......الوضع جِدي.)

مع هذه الملاحظة الصامتة، قررت ميساكا ميكوتو أن تعود إلى غرفة مستشفى كاميجو. رؤية هذا قد ساعد على تهدئة غضبها غير المنضبط وأدخلها في حالة من الجدية.

ركبت المصعد إلى الطابق التاسع ومشت في الممر.

في الطريق، لمحت فتاةً شقراء تتكئ على الجدار. يبدو أنها قد غيّرت ملابسها مرة أخرى لأنها الآن لبست لباس المدرسة الرسمي.

أيضًا، ذلك ليس بجدار تتكئ عليه. كان باب غرفة فحص.

«شوكهو......؟»

اصص، همست الفتاة الشقراء وإصبعها على شفتيها.

وها هي أقوى إسبرة نفسية كعادتها لا تحترم خصوصيات الغير. فكرت ميساكا أن تصعقها برمحٍ من البرق، لكن الوضع تغير ما إن أمسكت بياقة الفتاة الأخرى وشدّتها.

رأت فتى شائك الشعر عبر الباب الموارب.[7]

كان يحادث طبيبًا وجهه وجه ضفدع.

«أخبرتني الفحوصات بمعظم ما أحتاج معرفته»

«وبعد؟»

قفز قلبها إلى حلقها.

أدركت أنها لم تكن أفضل من شوكهو عندما لم ترفع صوتها وتطرد الفتاة الأخرى بعيدًا.

إذا بقيت هنا، فسوف تعرف نتائج اختبار الفتى. هي تعلم أن هذا خطأ، لكن فضولها غلب عليها.

أرادت التخلص من قلقها المتبقي.

صرّت أسنانها لأنها شعرت أن هذا لا يختلف عن الأذى التي سببته ليلةً بعد ليلة لأجل تلك الفتيات المستنسخات.

غير مدركين لوجودها، استمرت المحادثة في غرفة الفحص.

«قلتَ أنك رأيت حَبّة، ها؟ مهما كان، أرى أنها صعبةٌ على يدك اليمنى أن تُبطل مفعولها»

«اخخ»

«اسمح لي أن أغير القول. يدك اليمنى تدمرها صحيح، لكنها تتكاثر داخل جسمك أسرع من دمارها. هو أشبه بموقف لا يُشفي فيه الجسم نفسه بالسرعة الكافية»

لو كانت إندِكس هنا، لربما تتذكر تعويذة إنوكينتوس.

لكن شوكهو ميساكي وميساكا ميكوتو هما من كانتا تسمعان.

ولم تألفا بقواعد السحر.

«قلتَ أنك كنتَ تنزف، ها؟ أكان نزيفًا في الأنف؟»

سأل الطبيب ذو الوجه الضفدعي ليُأكد.

بدا جادًا. على الأقل، ما كانت تلك حالة صبيٍّ مراهق يصيبه نزيف أنفي من الإثارة.

«هناك بضعة حالات فيها تنفجر الشعيرات الدموية من كثرة التركيز الشديد، لكن علينا أن نتبنى وجهة نظر أكثر تشاؤمًا هنا. جسمك الآن يتعرض لإصاباتٍ أكثر فأكثر ونحن نتحدث. لا أعلم عن لقاح أو ترياق لهذا، وأشك في أن مضخة المعدة أو غسيل الكلى يمكن أن تقضيا عليه بالقوة»

«.......»

«إن الإماجين بريكر ينجح في إبطاء تقدم هذه المرض الذي لا يقدر العلم وحده تفسيره، لكنه لا يعمل بالسرعة الكافية ليزيله كاملاً. فيكَ جراثيمٌ تنتشر ببطء الآن عبر جسمك، ولذا ستُدمر كل أنسجة جسمك بمعدل متسارع ما لم نفعل شيئًا نوقفها. لا أدري كم من الوقت بقي عندك. أراهُ أشبه للبكتيريا المميتة، وأظنها مختلفة على مستوى أساسي»

«إذن....»

كان صوت الفتى بالكاد مسموعًا.

ميكوتو لم ترى وجهه من موقعها، لكن صوته كان يشبه صوت طفل ضائع شعر بنسيان الجميع له.

«إذن، ماذا عليّ أن أفعل؟»

«من المحتمل أن يكون أسرع شيء هو أن تتحدث مع من تسبب في هذا. لم أرَ ميكروبًا كهذا قط، لكن بما أنه مثل السلاح يُستخدم، فلا بد أن عند صاحبها طريقة لمنع إصابته وقتله، ولا؟ ولذا أكيد أن عنده طريقة لإيقافه أو محاربته»

«هل تدري كم بقي لي؟»

«يومين على الأكثر، وبصراحة، أتعجب كيف أنك لا تزال واعيًا صاحيًا حتى الآن. وكذلك أكره كيف أبدو وكأنني أدفع طفلاً نحو الخطر»

«إذن... سأموت إذا استمر هذا؟»

«أنت قاصر، لذا لا يُسمح لي أن أُجيب على هذا؛ ما لم يُوقع والداك على نموذج الموافقة»

صدرت أصوات تنبيه إلكترونية رتيبة.

سحب الطبيب ضفدع الوجه جهازًا محمولاً قديم من جيبه، لكنه كان جزءًا من البنية التحتية الفريدة للتواصل التي لا تزال قيد الاستخدام في بعض أماكن العمل. كانت المستشفيات إحدى تلك الأماكن.

«همم، كثيرٌ من المرضى الطارئين اليوم»

«مم..»

«أوه لا عليك منهم، كاميجو-كن. أعراضهم مختلفة عنك. ولحسن الحظ، لم نشهد بعد انتشار تلك الجراثيم من أحدٍ لآخر. تمامًا مثل خلايا الخميرة وأرز الكوجي، فإنها لا تصيبك إلا إذا أكلتها مباشرةً. ....ويعني، لنقل أن هذا له من نفس المصدر»

بدى الطبيب الضفدعي قد نهض من مقعده.

الحالات الطارئة تمثل مشكلة كبيرة لا ريب، لكنه كذلك قرر أنه ما عادت عنده نصائح أكثر يقدمها.

«خفيانية R&C. أسمع أن كثيرًا من الأطفال يُبربرون عن شيء أقرب للهراء. وهذا يجعلك تتساءل عما نوع الحيل السحرية غير العلمية التي كانوا يتعاملون معها......»

لم يكن الفتى في حالته المعتادة.

بدى صغيرًا ضئيلاً وهو جالس على الكرسي والباب وراه.

مَيّل رأسه وهمس بشيء هادئًا.

ومع ذلك، كانت هذه ردود فعل طبيعية.

لقد أكل حبة غريبة، وسعل الدم وسقط، ونقلوه إلى المستشفى. كيف عساه يكون في حالته المعتادة من بعد ذلك؟ كان يعرف أفضل من غيره أنه ليس وقت الابتسام.

«يا طبيب»

«نعم؟»

لا تسمعي، فكرت ميكوتو في نفسها وهي تُعبس شفتيها.

كانت تعرف أنه عليها أن تُجنب السمع. استوعبت أنه كان يجبر البسمة على نفسه حتى الآن لأنه لم يُرد من أحد أن يراه هكذا. وبتجسسها عليه، كانت تدوس على تلك الجهود بوقاحة.

ومع ذلك، ما استطاعت أن تُحَرّك نفسها.

ولذا سمعت.

سمعت الفارق.

أدركت مدى صعوبة ما كان يفعله ليبقى مبتسمًا وحتى يُجنب القلق للآخرين.

"ذلك" الكاميجو توما انكمش وحَنَى ظهره وتحدث بأفكاره الصادقة بصوت خافت يكاد لا يُسمع.

كلمتان بسيطتان بدت كأنهما تحطمان عالمها.

 

«......أنا خائف»

«أعلم. كلنا هكذا في أوقات كهذه»

 

كان هناك مخرج واحد فقط.

ولكن عندما فتح الطبيب ضفدعي الوجه الباب ليرى المريض الطارئ الجديد، لم يكن هناك أحد.

اختبئت الفتاتان خلف زاوية قريبة في الممر، وتبادلتا النظرات.

كان الهواء بينهما مشحونًا.

«ميساكا-سان، أسمعتِ؟»

كادت تنقر لسانها.

أرادت لو تضرب وجهها سخطًا أكثر من مجرد تقديم تأكيد واضح.

وبما أن ميكوتو كانت فقط تصرصر أسنانها، استمرت شوكهو في الحديث.

«إني واثقة أنكِ ستخرجين الآن وتبحثين عن تلك الآنا سبرنجل بعد أن عرفتِ، فما رأيك لو نُسهل الدرب لكلينا؟ إذا عملنا معًا، فلنا أن نسغل كل الناس والآلات فيسهل علينا البحث. سنجدها مهما اختبأت وكانت في المدينة، وإلا ما رأيك؟»

«.......»

آنا سبرنجل قد شرحت كيف يستسلمون. إذا عجزوا عن كل شيء بأنفسهم، فما عليهم إلا أن يتصلوا بخفيانية R&C.

لكن ماذا بعد ذلك؟

ليس لديهم ورقة مساومة يبادلون بها ليحصلوا على مساعدة آنا وهم مُستسلمون. كانت آنا بالتأكيد ستضحك عليهم إذا استسلموا دون أي خطة البتة. وعلى هذا المنوال، ربما تعتبرها آنا منهم خدعةً فلا تظهر، ووحده ذلك الفتى من سيتأذى.

لذا كان عليهم هزيمة آنا وسرقة أي ترياق أو لقاح كانت تملكه مباشرة.

فذلك أفضل رهان لهم.

أخذت ميكوتو نفسًا عميقًا.

وسألت سؤالاً.



«من أين نبدأ؟»

«من كل فكرةٍ في ذهنك. وسأفعل المثل»



خَطَت الفتاتان خارج المستشفى في برد الشتاء القارص.

ذلك الفتى قد عانى وانضرب مُقاتلاً الجانب المظلم من المدينة الأكاديمية.

ولذا حان دورهما الآن.

انتهى اليوم الرابع والعشرين، وسيتأكدان أن الخامس والعشرين سيكون مختلفًا. قد جاء وقت أن يُنقَذ الفتى من أحدٍ آخر هذه المرة.

  • ما بين السطور 1

اليس

خفيانية R&C كانت شركة تقنية معلومات ضخمة ظهرت على الإنترنت فجأة.

كانت موقعًا هائلاً يجمع الناس من كل البقاع، لكنها قدمت أيضًا جميع أنواع الأسرار السحرية التي يُفترض أن تبقى خفية.


«خطةٌ لإفشاء السحر الغربي الحديث؟ أيُفترض بهذا أن تكون عودة إسرائيل ريجاردي؟ كله هراء»

كان الفارق الزمني مع اليابان حوالي تسع ساعات.

لقد تلاشى الحماس الناتج عن العد التنازلي أخيرًا واستقرت الاحتفالات الصاخبة إلى مستويات طبيعية.

وباتت ظلمة الليل تحترق بلونٍ برتقالي.

كان الهواء الرطب القادم من [نهر التمز] متقطعًا، تاركًا فقط هواءً ساخنًا جافًا يذكرنا بالفرن الذي يلهب الجلد.

مع ارتفاع يصل إلى مترين، وشعر طويل مصبوغ بالأحمر، ووشم باركود تحت عينه، وسجارة في فمه، ما بدا ستَيْل ماغنوس كرجل دين، لكنه كان في الحقيقة قسيسًا أنجليكاني. وفوق ذلك، كان ينتمي إلى جزء سري من الكنيسة: الأبرشية الصفرية — نِسِسَريوس.

كانت مهمته محاربة السحرة.

ومسرح الجريمة السحري هذه المرة كان في مدينة لندن. ومن بين جميع المواقع، أزهرت زهرة سحرية سامة في وسط بورصة لندن المتطورة حيث تُجرى الصفقات بمعدل عشرة آلاف في الثانية.

كانت صرخات الأكسجين المستهلكة من نارٍ تدوي في حي المال المصقول. وبدا ضوء النجوم وحتى الزينة اللامعة والألعاب النارية باهتةً بالمقارنة.

لكن تلك النار لم تكن من فعل ستيل.

لقد كانت موجودة عندما وصل. يبدو أن أحد العوام الهواة قد تَعَلَّم تعويذةً أثناء بحثه في الإنترنت آخر الليل ثم جاء هنا يحاول شيئًا لم يفقه، فباتت عليه وعلى جهله أن يُشعل نفسه ناراً. أوضحت شدة اللهب للعيان أنه لن ينجو.

تجهم القسيس الطويل.

بخُطةٍ معقدة، عندك فرصة لإخمادها في مهدها سرًا كأن تمنع الدومينو الموضوعة بعناية من السقوط، لكن ما كانت له حيلة مع ذئبٍ وحيد أفسد الأمر بنفسه. كانت الصرخات والهتافات تتردد في الليل وكانت زجاجات البيرة الصغيرة متناثرة على الرصيف النظيف خارج نافذة تقديم الطعام في حانة صغيرة أنيقة.

كان هناك عدد هائل من الناس في المنطقة المالية بعد منتصف الليل. ربما لم يساعد أن الصباح كان قد بدأ في عيد الميلاد. تجمع الكثير من العشاق يشاهدون الألعاب النارية الملونة التي أُطلقت عبر النهر.

وبالتالي، رأوا جميعًا.

رأوا الخفاء، رأوا ما كان من الغرائب، وهو مرعب.

(لن أستطيع تنظيف كل هذا. فهل خطتهم هي بخلق حوادث صغيرة في جميع أنحاء العالم حتى يُرهقوا قدرة نِسِسَريوس على التعامل مع كل هذا؟!)

إيه نعم، أمامهم سبعة مليارات مشتبه.

كانت طريقتهم التقليدية هي العثور على كل من يشكل تهديدًا كبيرًا أو متوسطًا أو حتى صغير و "يتولونهم"، لكن ذلك لن ينجح هنا. تمامًا كما لا يمكن لمجموعة نخبة من القوات الخاصة قمع شغب كبير بما يكفي لزعزعة أركان الأمة بأكملها.

‹ ‹هييه!!› ›

كان أفضل ما يفعله ستيل في هذه اللحظة هو أن ينشر بطاقاته المصفحة ويبنيَ تعويذة تصفية الناس من المكان ليمنع الفوضى من الانتشار أكثر، لكن ثم ناداه أحد.

كان صوتًا شابًا.

ما كان للفتاة أن تكون أكبر من الثانية عشرة.

لكن القس لم يُخفض حذره. خاصة عندما التفت نحو الصوت فوجد لا أحد هناك. تمامًا كقناصٍ، تلك الفتاة قد وجدت موقعًا تراقبه دون أن يراها. وعلى مستوى سخيف بحيث تحادثه دون أن تكشف عن موقعها.

‹ ‹نظرًا لأنكم أيها الأنجليكان تظنون أنفسكم شرطةً، فكيف لكم أن تتعاملوا مع هذا؟ ذلك الرجل المشتعل هناك يُدعى جورج اكلوز. بناءً على ما توصلت إليه منظمتنا ضوء مطلع الفجر، يبدو أنه قمامة تافهة نتنة تمامًا عُميت بالجشع لدرجة أنه أعاد كتابة الوثائق ليُدرج خفيانية R&C هنا في هذه المدينة. فلولاه، ما كان لتلك الشركة الورقية أن تسيطر عليها طائفة إلكترونية مشبوهة بلا مقر يُعرف فتصل إلى بورصة لندن!› ›

نَقَرَ القسيس ستيل لسانه عاليا بينما يعمل على تأمين كل المعلومات هنا.

ما كان بساذجٍ ليظن أن عدو عدوه صديقه.

فهذا يتطلب أقصى درجات الحذر.

(لا بد أنها ليفينيا بيردواي، زعيمة أكبر عصبة سحرية ذهبيةٍ باقية. ما حسبت أنني سأعيش اليوم الذي أتلقى فيه النصح مِمَّن عَلَت أعلى قائمتنا للمطلوبين.)

‹ ‹ويلك، هذا لا يسوى الأجر أبدًا! لاحقًا سأرسل إلى ضوء مطلع الفجر فاتورة أجر إضافي!› › صرخ صوت آخر. ‹ ‹هذا يستحق على الأقل مكافأة كرسماس وأجر الخطر!!› ›

‹ ‹أنهي عملك قبل حديث المال أيها المقاول الفرعي. فالعقد ينص أنكِ لن تحصلي على نصفك الثاني إذا أفسدتِ عملك› ›

‹ ‹لدي اسم، أم نسيتِ!؟ أنا ليسّار من النور الجديد! وقد التقينا، لذا محال ألّا تعرفي!› ›

‹ ‹إذا أردتِ مني أن أتذكر اسمك، فأريني النتائج هنا والآن› ›

ويبدو أن هناك المزيد من الناس العالقين يعملون أيضًا.

كان ستيل ونِسِسَريوس قد اكتشفوا أن جورج اكلوز كان مدفوعًا بالديون رغم أنه بدا مثقفًا يعمل في شركة وساطة. وكان حاليًا مشتعلاً لأنه حاول استخدام تلك النيران السحرية ليتخلص من كل البيانات التي تفضح فساده.

وبالطبع...

«أوخططت لكل هذا بحيث أن كل من تعاون معك يدمر نفسه، يا آنا سبرنجل»

‹ ‹أتخيل أن (ما يُسَمّون) بالمتعاونين في نيويورك وفرانكفورت ليسوا في وضع جيّد الآن أيضًا. وذلك سيُصعب تتبع أي خادم يقع عليه هذا الموقع الضخم. علينا أن نجهز. فإن لم نقطع هذا من مصدره، فسوف نرى حالات مثل هذه أكثر› ›

سقط شيء من السماء العالية.

تألق غبارٌ ذهبي عند قدمي ستيل. كان يعلم أنه لن يرى غير السماء الليلية إذا نظر للأعلى. لم يكن واضحًا أين سقط هذا، لكن أحدًا أكثر تدينًا قد يرى هذا عودة مُعجزة القديس نيكولاس.

‹ ‹أعلم أنكم أيها الأنجليكان لستم بالكفؤ، لكني لن أدعك تعلق هنا. لذا إليك هدية وداع. تلك أموالٌ يبدو أن ‹آنا› كانت تنشرها لبناء شركتها اللاشكلية. كانت تُجري صفقات بالياقوت القديم وصياغة الذهب النقي› ›

«.....إذن هي إرث الروزكروشيين؟»

‹ ‹عندهم كنوز مدفونة في كل بقاع العالم. وهذا بالكاد يلامس السطح. لنفترض أنك تستطيع إنشاء إمدادات غير محدودة من سبائك الذهب في زجاجةٍ أو كأس. ذلك من شأنه أن يخسف بسوق الذهب، ومعه الاقتصاد العالمي، قبل نهاية العام› ›

كان في صوت الفتاة نبرة هزلية، لكن لم يكن لدى ستيل أدنى شك في ذهنه أنها لم تكن مبتسمة في وجهها غير المرئي.

(التُّحَف. إذا كانت تتنقل بمبالغ كبيرة دون استخدام حسابات بنكية أو تحويلات إلكترونية، فقد لا يقدر الجانب العلمي من تتبع تدفق المال كله. اللعنة، فكيف تأمل المدينة الأكاديمية في تتبع وتدمير مقرهم؟ وهل يرون حتى هذا التهديد كما هو؟)

وفي الوقت نفسه، كان الناس العاديون يتواصلون مع السحر.

أمكنهم ذلك بالحواسيب والهواتف والأجهزة اللوحية وأنظمة الألعاب المحمولة وأنظمة الملاحة في السيارات والساعات الذكية والتلفزيونات الذكية وأجهزة الاتصال الداخلي وأنظمة المسرح المنزلي والروبوتات المرشدة البشرية وعدادات الخطوات وأجهزة التنبيه الطارئة والشاشات في مقاعد الطائرات والقطارات السريعة وأجهزة الترجمة المحمولة والعديد من الأجهزة المنزلية الذكية بما في ذلك الأفران والثلاجات وطباخات الأرز ومواقد الحث وغسالات الملابس والعصارات والمجففات.

بعبارة أخرى، من أي مكان في العالم.

لكن مجرد منح الناس السحر فجأة لن يحقق بالضرورة كل أمنانيهم أو يجلب لهم السعادة. كانت الأسلحة قوية، وربما تحل معظم المشاكل بها، لكن بدون فهم مدى خطورتها أو كيفية استخدامها، لعلك ترمي النار على نفسك بدلا من ذلك. كمن يترك صمام الأمان مفتوحا في السلاح وهو في جيبه، أو كمن ينظر بتهور إلى فوهة السلاح بعد أن فشل في إطلاقه.

وكان السحر قوة خفية، لذا كانت خطورته صعبة الرؤية، مما جعل تلك الخطوة الأولية الضرورية أسهل في الإغفال. كان السحرة المحترفون يقومون بذلك باختيار مُسَمّىً سحري ثم يُكملون طقوس الالتحاق ثم يكتسبون الحالة الذهنية المناسبة عبر تجربة الدينونة التي سيلقونها بعد الموت بشكل مصطنع.

لكن ماذا سيحدث مع من لم يمر بهذه العملية؟

ماذا لو وصلوا إلى السحر ورأوه أداةً سهلةً مريحة ولا أكثر؟ تذكر ستيل أساليب البائعين القذرة الذين يتحدثون عن جميع مزايا استثمار محفوف بالمخاطر لإقناع مغفلٍ مُسن بصرف كل مدخراته في ذلك.

(قد سببوا فوضى عظيمة.....)

كان ستيل يعرف من هو عدوهم.

واستمر في أفكاره وهو يتأكد ألا يظهر شيء على محياه.

(لكن الأمور لا بد أنها أسوأ بكثير في مدينة الأكاديمية. فهم عليهم التعامل مع قاعدتهم الخاصة تلك التي يُحرم على الإسبر استخدام السحر. لأنه إن استخدموه، فذلك يتسبب في انفجار أعصابهم وأوعيتهم الدموية.)


لا حاجة للقول إن السحر كان محفوفًا بالمخاطر.

لكن في نفس الوقت، كان هو الورقة الرابحة الأخيرة التي سيصل إليها الناس عندما يتخلى عنهم العالم. بغض النظر عن مدى تهور هذا الفعل أو مدى يأس الحلم الذي يحملونه في قلوبهم.

ما كان من المفترض أن يُنشر بهذا الشكل لغرض الإيقاع بالناس.

تعليقات (0)